Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جسر

الفُسْطَاطُ

الفُسْطَاطُ:
وفيه لغات وله تفسير واشتقاق وسبب يذكر عند ذكر عمارته، وأنا أبدأ بحديث فتح مصر ثم أذكر اشتقاقه والسبب في استحداث بنائه، حدث الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر وعيّاش بن عبّاس القتباني وبعضهم يزيد على بعض في الحديث: وهو أن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، لما قدم الجابية خلا به عمرو بن العاص وذلك في سنة 18 من التاريخ فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي في المسير إلى مصر فإنك إن فتحتها كانت قوّة للمسلمين وعونا لهم وهي أكثر الأرضين أموالا وأعجز عن حرب وقتال، فتخوّف عمر بن الخطّاب على المسلمين وكره ذلك فلم يزل عمرو بن العاص يعظّم أمرها عنده ويخبره بحالها ويهوّن عليه أمرها في فتحها حتى ركن عمر ابن الخطاب لذلك فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عكّ، قال أبو عمر الكندي: إنه سار ومعه ثلاثة آلاف وخمسمائة ثلثهم من غافق، فقال له: سر وأنا مستخير الله تعالى في تسييرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله تعالى، فإن لحقك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره، فسار عمرو بن العاص بالمسلمين واستخار عمر بن الخطاب الله تعالى فكأنه تخوّف على المسلمين فكتب إلى عمرو يأمره أن ينصرف فوصل إليه الكتاب وهو برفح فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه حتى نزل العريض فقيل له إنها من مصر فدعا بالكتاب وقرأه على المسلمين وقال لمن معه: تعلمون أن هذه القرية من مصر؟ قالوا: نعم، قال: فإن أمير المؤمنين عهد إليّ إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع، وقد دخلت أرض مصر فسيروا على بركة الله، فكان أول موضع قوتل فيه الفرما قتالا شديدا نحو شهرين ففتح الله له وتقدم لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوا من الشهر حتى فتح الله عز وجل له ثم مضى لا يدافع إلّا بأمر خفيف حتى أتى أمّ دنين وهي المقس فقاتلوه قتالا شديدا نحو شهرين وكتب إلى عمر، رضي الله عنه، يستمدّه فأمدّه باثني عشر ألفا فوصلوا إليه أرسالا يتبع بعضهم بعضا وكتب إليه:
قد أمددتك باثني عشر ألفا وما يغلب اثنا عشر ألفا من قلّة، وكان فيهم أربعة آلاف عليهم أربعة من الصحابة الكبار: الزّبير بن العوّام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلّد، رضي الله عنهم، وقيل إن الرابع خارجة بن حذافة دون مسلمة، ثم أحاط المسلمون بالحصن وأمير الحصن يومئذ المندفور الذي يقال له الأعيرج من قبل المقوقس بن قرقب اليوناني، وكان المقوقس ينزل الإسكندرية وهو في سلطان هرقل غير أنه حاصر الحصن حين حاصره المسلمون، ونصب عمرو فسطاطه في موضع الدار المعروفة بإسرائيل على باب زقاق الزّهري وأقام المسلمون على باب الحصن محاصري الروم سبعة أشهر ورأى الزّبير بن العوّام خللا مما يلي دار أبي صالح الحرّاني الملاصقة لحمّام أبي نصر السّرّاج عند سوق الحمّام فنصب سلّما وأسنده إلى الحصن وقال: إني أهب نفسي لله عز وجل فمن شاء أن يتبعني فليفعل، فتبعه جماعة حتى أوفى على الحصن فكبّر وكبّروا ونصب شرحبيل بن حجيّة المرادي سلّما آخر مما يلي زقاق الزمامرة، ويقال إن السلّم الذي صعد عليه الزبير كان موجودا في داره التي بسوق وردان إلى أن وقع حريق في هذه الدار فاحترق بعضه ثم أحرق ما بقي منه في ولاية عبد العزيز بن محمد بن النعمان، أخزاه الله، لقضاء الإسماعيلية وذلك بعد سنة 390، فلما رأى المقوقس أن العرب قد ظفروا بالحصن جلس في سفينة هو وأهل
القوة وكانت ملصقة بباب الحصن الغربي ولحقوا بالجزيرة وقطعوا الــجسر وتحصنوا هناك والنيل حينئذ في مده، وقيل: إن الأعيرج خرج معهم، وقيل:
أقام بالحصن، وسأله المقوقس في الصلح فبعث إليه عمرو عبادة بن الصامت وكان رجلا أسود طوله عشرة أشبار فصالحه المقوقس عن القبط والروم على أن للروم الخيار في الصلح إلى أن يوافي كتاب ملكهم فإن رضي تمّ ذلك وإن سخط انتقض ما بينه وبين الروم وأما القبط فبغير خيار، وكان الذي انعقد عليه الصلح أن فرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران على كل نفس في السنة من البالغين شريفهم ووضيعهم دون الشيوخ والأطفال والنساء وعلى أن للمسلمين عليهم النزول حيث نزلوا ثلاثة أيام وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يعترضون في شيء منها، وكان عدد القبط يومئذ أكثر من ستة آلاف ألف نفس والمسلمون خمسة عشر ألفا، فمن قال إن مصر فتحت صلحا تعلّق بهذا الصلح، وقال: إن الأمر لم يتم إلا بما جرى بين عبادة بن الصامت والمقوقس وعلى ذلك أكثر علماء مصر، منهم عقبة بن عامر وابن أبي حبيب والليث بن سعد وغيرهم، وذهب الذين قالوا إنها فتحت عنوة إلى أن الحصن فتح عنوة فكان حكم جميع الأرض كذلك، وبه قال عبد الله بن وهب ومالك بن أنس وغيرهما، وذهب بعضهم إلى أن بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صلحا، منهم: ابن شهاب وابن لهيعة، وكان فتحها يوم الجمعة مستهل المحرم سنة 20 للهجرة، وذكر يزيد بن أبي حبيب أن عدد الجيش الذين شهدوا فتح الحصن خمسة عشر ألفا وخمسمائة، وقال عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص: إن الذين جرت سهامهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفا وثلاثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت وكان قد أصابهم طاعون، ويقال إن الذين قتلوا من المسلمين دفنوا في أصل الحصن، فلما حاز عمرو ومن معه ما كان في الحصن أجمع على المسير إلى الإسكندرية فسار إليها في ربيع الأول سنة 20 وأمر عمرو بفسطاطه أن يقوّض فإذا بيمامة قد باضت في أعلاه فقال: لقد تحرّمت بجوارنا، أقرّوا الفسطاط حتى تنقف وتطير فراخها، فأقرّ فسطاطه ووكّل به من يحفظه أن لا تهاج ومضى إلى الإسكندرية وأقام عليها ستة أشهر حتى فتحها الله عليه فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في سكناها فكتب إليه: لا تنزل بالمسلمين منزلا يحول بيني وبينهم فيه نهر ولا بحر، فقال عمرو لأصحابه: أين ننزل؟
فقالوا: نرجع أيها الأمير إلى فسطاطك فنكون على ماء وصحراء، فقال للناس: نرجع إلى موضع الفسطاط، فرجعوا وجعلوا يقولون: نزلت عن يمين الفسطاط وعن شماله، فسميت البقعة بالفسطاط لذلك، وتنافس الناس في المواضع فولى عمرو بن العاص على الخطط معاوية بن حديج وشريك بن سميّ وعمرو ابن قحزم وجبريل بن ناشرة المعافري فكانوا هم الذين نزّلوا القبائل وفصلوا بينهم، وللعرب ست لغات في الفسطاط، يقال: فسطاط بضم أوله وفسطاط بكسره وفسّاط بضم أوله وإسقاط الطاء الأولى وفسّاط بإسقاطها وكسر أوله وفستاط وفستاط بدل الطاء تاء ويضمون ويفتحون، ويجمع فساطيط، وقال الفراء في نوادره: ينبغي أن يجمع فساتيط ولم أسمعها فساسيط، وأما معناه فإنّ الفسطاط الذي كان لعمرو ابن العاص هو بيت من أدم أو شعر، وقال صاحب العين: الفسطاط ضرب من الأبنية، قال: والفسطاط أيضا مجتمع أهل الكورة حوالي مسجد جماعتهم، يقال: هؤلاء أهل الفسطاط، وفي الحديث: عليكم
بالجماعة فإن يد الله على الفسطاط، يريد المدينة التي يجتمع فيها الناس، وكل مدينة فسطاط، قال: ومنه قيل لمدينة مصر التي بناها عمرو بن العاص الفسطاط، روي عن الشعبي أنه قال: في العبد الآبق إذا أخذ في الفسطاط ففيه عشرة دراهم وإذا أخذ خارج الفسطاط ففيه أربعون، وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: فلما فتحت مصر التمس أكثر المسلمين الذين شهدوا الفتح أن تقسم بينهم فقال عمرو: لا أقدر على قسمتها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمتها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم، فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج، ففتحت مصر كلها صلحا بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الجزية والخراج على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلح ولا ذمة، وحدث الليث بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال:
سألت شيخا من القدماء عن فتح مصر فقال: هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأنا محتلم وشهدت فتح مصر، وقلت: إن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد، فقال: لا يبالي أن لا يصلي من قال إنه ليس لهم عهد، فقلت: هل كان لهم كتاب؟ قال: نعم كتب ثلاثة: كتاب عند طلما صاحب إخنى وكتاب عند قرمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنّس صاحب البرلّس، قلت: فكيف كان صلحهم؟ قال: ديناران على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين، قلت: أفتعلم ما كان من الشروط؟
قال: نعم ستة شروط: لا يخرجون من ديارهم ولا تنتزع نساؤهم ولا كنوزهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم، وقال عقبة بن عامر: كانت شروطهم ستة:
أن لا يؤخذ من أرضهم شيء ولا يزاد عليهم ولا يكلفوا غير طاقتهم ولا تؤخذ ذراريهم وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم، وعن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم صبيّ ولا امرأة ولا شيخ على دينارين دينارين فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثلاثمائة ألف ألف، وذكر آخرون أن مصر فتحت عنوة، روى ابن وهب عن داود بن عبد الله الحضرمي أن أبا قنّان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرو بن العاص يقول: قعدت في مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر عليّ عهد ولا عقد إلا لأهل انطابلس فإن لهم عهدا نوفي لهم به إن شئت قتلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت، وروى ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عقد ولا عهد وأن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حبس درّها وصرّها أن يخرج منها شيء نظرا للإمام وأهله، والله الموفق.

قُراقِرُ

قُراقِرُ:
بضم أوله، وبعد الألف قاف أخرى مكسورة، وراء، وهو علم مرتجل لاسم موضع إلا أن يكون من قولهم: قرقر الفحل إذا هدر، والقرقرة: قرقرة الحمام إذا هدر، والقرقرة:
قرقرة البطن، والقرقرة: نحو القهقهة، والقرقرة:
الأرض الملساء ليست بحدّ واسع فإذا اتسعت غلب عليها اسم التذكير فقالوا قرقر، قال عبيد بن الأبرص:
نزجي مرابعها في قرقر ضاحي وقال شمر: القرقر المستوي من الأرض الأملس الذي لا شيء فيه، وقراقر: اسم واد أصله من الدهناء، وقد ذكر في الدهناء، وقيل: هو ماء لكلب، عن الغوري، ويوم قراقر: وهو يوم ذي قار الأكبر قرب الكوفة، وقراقر أيضا: واد لكلب بالسماوة من ناحية العراق نزله خالد بن الوليد عند قصده الشام، وفيه قيل:
لله درّ رافع أنّى اهتدى، خمسا إذا ما سارها الجيش بكى ما سارها من قبله إنس يرى فوّز من قراقر إلى سوى وقال السّكوني: قراقر وحنو قراقر وحنو ذي قار وذات العجرم والبطحاء كلّها حول ذي قار، وقد أكثر الشعراء من ذكر قراقر، فقال الأعشى:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي وراكبها يوم اللقاء وقلّت هم ضربوا بالحنو حنو قراقر مقدّمة الهامرز حتى تولّت وقراقر أيضا: قاع ينتهي إليه سيل حائل وتسيل إليه أودية ما بين الجبلين في حق أسد وطيّء، وهو الذي ذكره سبرة بن عمرو الفقعسي في قوله وقد عيّر ضمرة بن ضمرة كثرة إبله وشحّه فيها فقال:
أتنسى دفاعي عنك إذ أنت مسلم، وقد سال من ذلّ عليك قراقر ونسوتكم في الرّوع باد وجوهها يخلن إماء، والإماء حرائر أعيّرتنا ألبانها ولحومها، وذلك عار، يا ابن ريطة، ظاهر نحابي بها أكفاءنا ونهينها، ونشرب من أثمانها ونقامر قال: نحابي من الحباء وهو العطاء، وإياه أراد النابغة حيث قال:
له بفناء البيت سوداء فحمة تلقّم أوصال الجزور العراعر بقيّة قدر من قدور تورّثت لآل الجلاح كابرا بعد كابر تظلّ الإماء يبتدرن قديحها كما ابتدرت كلب مياه قراقر وقال ابن الكلبي في كتاب الجمهرة: اختصمت بنو القين بن جسر وكلب في قراقر كلّ يدّعيه، فقال عبد الملك بن مروان: أليس النابغة الذي يقول:
يظلّ الإماء يبتدرن قديحها كما ابتدرت كلب مياه قراقر فقضى بها لكلب بهذا البيت.

قُسُّ النَّاطِفِ

قُسُّ النَّاطِفِ:
بضم أوله، والناطف بالنون، وآخره فاء: وهو موضع قريب من الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي، والمروحة: موضع بشاطئ الفرات الغربي كانت به وقعة بين الفرس والمسلمين في سنة 13 في خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأمير المسلمين أبو عبيد بن مسعود بن عمرو، قالت الفرس لأبي عبيد: إمّا أن تعبر إلينا أو نعبر إليك، فقال: بل نحن نعبر إليكم، فنهاه أهل الرأي عن العبور فلجّ وعبر فكانت الكسرة على المسلمين، وفي هذه الوقعة قتل أبو عبيد بن مسعود بن عمرو الثّقفي وكان النصر في هذه الوقعة للفرس وانهزم المسلمون وأصيب فيها أربعة آلاف من المسلمين ما بين غريق وقتيل، ويعرف هذا اليوم أيضا بيوم الــجسر.

قصرُ شِيرِينَ

قصرُ شِيرِينَ:
بكسر الشين المعجمة، والياء المثناة من تحت الساكنة، وراء مهملة، وياء أخرى، ونون، وشيرين بالفارسية الحلو، وهو اسم حظية كسرى أبرويز وكانت من أجمل خلق الله، والفرس يقولون:
كان لكسرى أبرويز ثلاثة أشياء لم يكن لملك قبله ولا بعده مثلها: فرسه شبديز وجاريته شيرين ومغنيه وعوّاده بلهبذ، وقصر شيرين: موضع قريب من قرميسين بين همذان وحلوان في طريق بغداد إلى همذان وفيه أبنية عظيمة شاهقة يكلّ الطرف عن تحديدها ويضيق الفكر عن الإحاطة بها، وهي إيوانات كثيرة متصلة وخلوات وخزائن وقصور وعقود ومتنزّهات ومستشرفات وأروقة وميادين ومصايد وحجرات تدلّ على طول وقوّة، قال محمد بن أحمد الهمذاني: كان السبب في بناء قصر شيرين، وهو إحدى عجائب الدنيا، أن أبرويز الملك وكان مقامه بقرميسين أمر أن يبنى له باغ يكون فرسخين في فرسخين وأن يحصّل فيه من كل صيد حتى يتناسل جميعه ووكل بذلك ألف رجل وأجرى على كل رجل في كل يوم خمسة أرغفة من الخبز ورطلين لحما ودورق خمر، فأقاموا في عمله وتحصيل صيوده سبع سنين حتى فرغوا من جميع ذلك، فلما تمّ واستحكم صاروا إلى البلهبذ المغني وسألوه أن يخبر الملك بفراغهم مما أمروا به، فقال: أفعل، فعمل صوتا وغناه به وسماه باغ نخجيران أي بستان الصيد، فطرب الملك عليه وأمر للصنّاع بمال، فلما سكر قال لشيرين:
سليني حاجة، فقالت: حاجتي أن تصيّر في هذا البستان نهرين من حجارة تجري فيهما الخمور وتبني لي بينهما قصرا لم يبن في مملكتك مثله، فأجابها إلى ذلك وكان السكر قد غلب عليه فأنسي ما سألته ولم تــجسر أن تذكره به فقالت لبلهبذ: ذكّره حاجتي ولك عليّ أن أهب لك ضيعتي بأصبهان، فأجابها إلى ذلك وعمل صوتا ذكّره فيه ما وعد به شيرين وغنّاه إيّاه، فقال: أذكرتني ما كنت قد أنسيته، وأمر بعمل النهرين وبناء القصر بينهما فبني على أحسن ما يكون وأحكمه، ووفت لبلهبذ بضمانها فنقل عياله إلى هناك، فلذلك صار من ينتمي إليه بأصبهان، وقال بعض شعراء العجم يذكر ذلك:
يا طالبي غرر الأماكن ... حيّوا الديار ببرزماهن
وسلوا السحاب تجودها ... وتسحّ في تلك الأماكن
وتزور شبديز الملوك ... وتنثني نحو المساكن
واها لشيرين التي ... قرعت فؤادك بالمحاسن
تمضي على غلوائها ... لا تستكين ولا تداهن
واها لمعصمها المليح ... وللسوالف والمغابن
في كفها الورق الممسّ ... ك والمطيّب والمداهن
وزجاجة تدع الحكي ... م، إذا انتشى، في زيّ ماجن
أنعظت حين رأيتها، ... واهتاج مني كلّ ساكن
فسقى رباع الكسروي ... ة بالجبال وبالمدائن
دان يسفّ ربابه، ... وتناله أيدي الحواصن
إنما قاله لأن صورتها مصورة في قصرها، كما ذكرناه في شبديز، وللشعراء فيها وفي صورتها التي هناك أشعار قد ذكرت بعضها في شبديز.

قَصْرُ ابن هُبَيْرَةَ

قَصْرُ ابن هُبَيْرَةَ:
ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة ابن معيّة بن سكين بن خديج بن بغيض بن مالك ابن سعد بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بن غطفان، كان لما ولي العراق من قبل مروان بن محمد بن مروان بنى على فرات الكوفة مدينة فنزلها ولم يستتمّها حتى كتب إليه مروان بن محمد يأمره بالاجتناب عن مجاورة أهل الكوفة فتركها وبنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا، فلما ملك السفّاح نزله واستتمّ تسقيف مقاصير فيه وزاد في بنائه وسماه الهاشمية، وكان الناس لا يقولون إلا قصر ابن هبيرة على العادة الأولى، فقال: ما أرى ذكر ابن هبيرة يسقط عنه، فرفضه وبنى حياله مدينة ونزلها أيضا المنصور واستتمّ بناء كان قد بقي فيها وزاد فيها أشياء وجعلها على ما أراد ثم تحوّل منها إلى بغداد فبنى مدينة وسماها مدينة السلام، قال هلال بن المحسّن في كتاب بغداد وذكر خرابها:
وأما قصر ابن هبيرة فإني أذكر فيه عدّة حمّامات وكثيرا من الناس منهم قضاة وشهود وعمّال وكتّاب وأعوان وتنّاء وتجّار، وكنت أحدّث بذلك شرف الدولة بن علي في سنة 415 على ضمان النصف من سوق الغزل بها وضمنته بسبعمائة دينار في كل سنة وضمن الناظر في الحساميّات من جهة الغرب النصف الآخر بألف دينار لأنّ يده كانت بسطى، وما بقي في هذا الموضع اليوم أكثر من خمسين نفسا من رجال ونساء في بيوت شعثة على حال رثّة، قال ابن طاهر: حدث من هذا القصر علي بن محمد بن علي بن الحسن المكنّى أبا الحسن وهو أخو أحمد بن محمد روى عن عبد الله بن إبراهيم الأزدي وغيره، روى عنه ابن أخيه أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد، وعبد الله بن إبراهيم بن محمد بن الحسن الأزدي القصري الضرير، حدّث عن الحسن الحلواني وأحمد الدّورقي، روى عنه أبو أحمد بن عدي وأبو بكر الإسماعيلي وغيرهما، وعبد الكريم بن علي بن أحمد ابن علي بن الحسين بن عبد الله أبو عبيد الله التميمي المعروف بابن السيني القصري، روى عن محمد بن عمر بن زنبور وأبي محمد الأكفاني، روى عنه أبو بكر الخطيب ووثّقه، توفي سنة 459، وأبو بكر محمد بن جعفر بن رميس القصري، ومحمد بن طوس القصري الذي ينسب إليه تعليق الكتاب عن أبي علي الفارسي، قاله أبو منصور المقدّر الأصبهاني في كتاب له صنفه في ثلب أبي الحسن الأشعري.

المَوْصِلُ

المَوْصِلُ:
بالفتح، وكسر الصاد: المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق وسعة رقعة فهي محطّ رحال الركبان ومنها يقصد إلى جميع البلدان فهي باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان، وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاثة:
نيسابور لأنها باب الشرق، ودمشق لأنها باب الغرب، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قلّ ما لا يمر بها، قالوا: وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق، وقيل وصلت بين دجلة والفرات، وقيل لأنها وصلت بين بلد سنجار والحديثة، وقيل بل الملك الذي أحدثها كان يسمّى الموصل، وهي مدينة قديمة الأسّ على طرف دجلة ومقابلها من الجانب الشرقي نينوى، وفي وسط مدينة الموصل قبر جرجيس النبي، وقال أهل السير: إن أول من استحدث الموصل راوند بين بيوراسف الازدهاق، وقال حمزة:
كان اسم الموصل في أيام الفرس نوأردشير، بالنون أو الباء، ثم كان أول من عظّمها وألحقها بالأمصار العظام وجعل لها ديوانا برأسه ونصب عليها جسرا ونصب طرقاتها وبنى عليها سورا مروان بن محمد بن مروان ابن الحكم آخر ملوك بني أميّة المعروف بمروان الحمار والجعدي، وكان لها ولاية ورساتيق وخراج مبلغه أربعة آلاف ألف درهم والآن فقد عمرت وتضاعف خراجها وكثر دخلها، قالت القدماء: ومن أعمال الموصل الطبرهان والسنّ والحديثة والمرج وجهينة والمحلبية ونينوى وبارطلّى وباهذرا وباعذرا وحبتون وكرمليس والمعلّة ورامين
وبا جرمى ودقوقا وخانيجار. والموصلان: الجزيرة والموصل كما قيل البصرتان والمروان، قال الشاعر:
وبصرة الأزد منّا والعراق لنا ... والموصلان، ومنّا الحلّ والحرم
وكثيرا ما وجدت العلماء يذكرون في كتبهم أن الغريب إذا أقام في بلد الموصل سنة تبيّن في بدنه فضل قوة، وإن أقام ببغداد سنة تبيّن في عقله زيادة، وإن أقام بالأهواز سنة تبين في بدنه وعقله نقص، وإن أقام بالنّبّت سنة دام سروره واتصل فرحه، وما نعلم لذلك سببا إلا صحة هواء الموصل وعذوبة مائها ورداءة نسيم الأهواز وتكدر جوه وطيبة هواء بغداد ورقته ولطفه، فأما التّبّت فقد خفي علينا سببه، وليس للموصل عيب إلا قلة بساتينها وعدم جريان الماء في رساتيقها وشدة حرها في الصيف وعظم بردها في الشتاء، فأما أبنيتهم فهي حسنة جيدة وثيقة بهية المنظر لأنها تبنى بالنورة والرخام، ودورهم كلها آزاج وسراديب مبنية ولا يكادون يستعملون الخشب في سقوفهم البتة، وقلّ ما عدم شيء من الخيرات في بلد من البلدان إلا ووجد فيها، وسورها يشتمل على جامعين تقام فيهما الجمعة أحدهما بناه نور الدين محمود وهو في وسط السوق وهو طريق للذاهب والجائي مليح كبير، والآخر على نشز من الأرض في صقع من أصقاعها قديم وهو الذي استحدثه مروان بن محمد فيما أحسب، وقد ظلم أهل الموصل بتخصيصهم بالنسبة إلى اللواط حتى ضربوا بهم الأمثال، قال بعضهم:
كتب العذار على صحيفة خدّه ... سطرا يلوح لناظر المتأمل
بالغت في استخراجه فوجدته: ... لا رأي إلا رأي أهل الموصل
ولقد جئت البلاد ما بين جيحون والنيل فقلّ ما رأيته يخرج عن هذا المذهب فلا أدري لم خصّ به أهل الموصل، وقال السريّ بن أحمد الرفاء الشاعر الموصلي يتشوّقها:
سقّى ربى الموصل الفيحاء من بلد ... جود من المزن يحكي جود أهليها
أأندب العيش فيها أم أنوح على ... أيامها أم اعزّي في لياليها؟
أرض يحنّ إليها من يفارقها، ... ويحمد العيش فيها من يدانيها
قال بطليموس: مدينة الموصل طولها تسع وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، طالعها بيت حياتها عشرون درجة من الجدي تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان في الإقليم الرابع، ومن بغداد إلى الموصل أربعة وسبعون فرسخا، وأما من ينسب إلى الموصل من أهل العلم فأكثر من أن يحصوا ولكن نذكر من أعيانهم وحفّاظهم ومشهورهم ما ربما احتيج إلى كثير من الوقت عند الكشف عنهم، منهم: عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث أبو القاسم الأزدي الموصلي، سمع الكثير ورحل فسمع بدمشق من هشام بن عمار ودحيم بن إبراهيم، وبحمص من محمد بن مصفّى، وبعسقلان الحسن بن أبي السري العسقلاني، وبمصر محمد بن رمح، وحدث عنهم وعن العباس بن سليم وأبان بن سفيان وإسحاق بن عبد الواحد ومحمد بن علي بن خداش وغسّان بن الربيع ومحمد بن عبد الله بن منير وأبي بكر بن أبي شيبة الكوفيين وأبي جعفر عبد الله بن محمد البقيلي وأحمد ابن عبد الملك وافد الحرّانيين، روى عنه ابناه أبو
جابر زيد وإبراهيم أبو عوانة الأسفرايينيّان، وقال أبو زكرياء يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب طبقات محدّثي أهل الموصل: عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث المعولي، ومعولة من الأزد، كان فيه فضل وصلاح، وطلب الحديث ورحل فيه وأكثر الكتابة، سمع من المواصلة والكوفيين والحرّانيين والجزريين وغيرهم وكتب بالشام وصنف حديثه وحدث الناس عنه دهرا طويلا، وتوفي سنة 261، وأبو يعلى أحمد بن علي بن المثنّى بن يحيى بن عيسى ابن هلال التميمي الموصلي الحافظ.

المُغَمَّسُ

المُغَمَّسُ:
بالضم ثم الفتح، وتشديد الميم وفتحها، اسم المفعول من غمست الشيء في الماء إذا غيّبته فيه:
موضع قرب مكة في طريق الطائف، مات فيه أبو رغال وقبره يرجم لأنه كان دليل صاحب الفيل فمات هناك، قال أمية بن أبي الصّلت الثّقفي يذكر ذلك:
إنّ آيات ربّنا ظاهرات ... ما يماري فيهنّ إلا الكفور
حبس الفيل بالمغمّس حنّى ... ظلّ يحبو كأنه معقور
كلّ دين يوم القيامة عند ال ... له إلا دين الحنيفة بور
وقال نفيل:
ألا حيّيت عنّا يا ردينا، ... نعمناكم مع الإصباح عينا
ردينة لو رأيت، ولن تريه، ... لدى جنب المغمّس ما رأينا
إذا لعذرتني ورضيت أمري، ... ولن تأسي على ما فات بينا
حمدت الله أن أبصرت طيرا، ... وخفت حجارة تلقى علينا
وكلّ القوم يسأل عن نفيل، ... كأنّ عليّ للحبشان دينا
قال السّهيلي: المغمّس، بضم أوله، هكذا لقيته في نسخة الشيخ أبي بحر المقيّدة على أبي الوليد القاضي بفتح الميم الأخيرة من المغمّس، وذكر السّكّري في كتاب المعجم عن ابن دريد وعن غيره من أئمة اللغة أن المغمّس، بكسر الميم الأخيرة، فإنه أصحّ ما قبل فيه، وذكر أيضا أنه يروى بالفتح، فعلى رواية الكسر هو مغمّس مفعّل كأنه اشتق من الغميس وهو الغميز يعني النبات الأخضر الذي ينبت في الخريف من تحت اليابس، يقال: غمس المكان وغمز إذا نبت فيه ذلك، كما يقال مصوّح ومشجّر، وأما على رواية الفتح فكأنه من غمست الشيء إذا غطيته وذلك أنه مكان مستور إما بهضاب وإما بعضاه، وإنما قلنا هذا لأن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، لما كان بمكة كان إذا أراد حاجة الإنسان خرج إلى المغمّس وهو على ثلثي فرسخ من مكة، كذلك رواه أبو علي بن السكن في كتاب السنن له، وفي السنن لأبي داود: أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، كان إذا أراد التّبرّز أبعد، ولم يبيّن مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن، ولم يكن، صلّى الله عليه وسلّم، ليأتي المذهب إلا وهو مستور متحفظ، فاستقام المعنى فيه على الروايتين جميعا، وقد ذكرته في رغال، وقال ثعلبة بن غيلان الإيادي يذكر خروج إياد من تهامة ونفي العرب إيّاها إلى أرض فارس:
تحنّ إلى أرض المغمّس ناقتي، ... ومن دونها ظهر الجريب وراكس
بها قطعت عنّا الوذيم نساؤنا، ... وغرّقت الأبناء فينا الخوارس
إذا شئت غنّاني الحمام بأيكة، ... وليس سواء صوتها والعرانس
تجوب من الموماة كلّ شملّة ... إذا أعرضت منها القفار البسابس
فيا حبّذا أعلام بيشة واللّوى، ... ويا حبّذا أجشامها والجوارس!
أقامت بها جسر بن عمرو وأصبحت ... إياد بها قد ذلّ منها المعاطس

كَرْنَبَا

كَرْنَبَا:
بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم فتح النون، وباء موحدة، وألف: موضع في نواحي الأهواز كانت به وقعة بين الخوارج وأهل البصرة بعد وقعة دولاب، قال الكلبي: كرنبا بن كوثى الذي حفر نهر كوثي بنواحي الكوفة من بني أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السّلام، وقرأت في ديوان حارثة بن بدر بخط ابن نباتة السعدي قال: لما اجتمعت الأزارقة وهزّمت مسلم بن عبيس اجتمع الناس بالبصرة فجعلوا عليهم حارثة بن بدر الغداني فلقيهم بــجسر الأهواز فخذله أصحابه وتركوه، فقال: من جاءنا من الأعراب فله فريضة المهاجرين، ومن جاءنا من الموالي فله فريضة العرب، فلما رأى ما يلقى أصحابه قال:
أير الحمار فريضة لشبابكم، ... والخصيتان فريضة الأعراب
عضّ الموالي جلد أير أبيكم، ... إنّ الموالي معشر خيّاب
ثم بلغه ولاية المهلب عليهم فناداهم:
كرنبوا ودولبوا ... واين شئتم فاذهبوا
قد ولّي المهلّب
فقال: المهلب أهلها والله يا حويرثة! فانصرف مغضوضا، فذهب يدخل زورقا فوضع رجله على حرف الزورق فانكفأ به الزورق فوقع في دجيل فغرق فصار ذلك مثلا، قال العقفاني الحنظلي يعيّر حارثة:
ألا بالله يا ابنة آل عمرو ... لما لاقى حويرثة بن بدر
غداة دعا بأعلى الصوت منه ... ألا لا كرنبوا والخيل تجري
فيا لله ما سحبت عليه ... ذيول العار من شفع ووتر!
وقد ذكرها عبد الصمد بن المعذّل يهجو هشاما الكرنباي فقال:
ولم تر أبلغ من ناطق ... أتته البلاغة من كرنبا
وقال جرير:
ولقد وسمت مجاشعا بأنوفها، ... ولقد كفيتك مدحة ابن جعال
فانفخ بكيرك يا فرزدق وانتظر ... في كرنباء هدية القفّال

زُرَارَةُ

زُرَارَةُ:
محلّة بالكوفة سمّيت بزرارة بن يزيد بن عمرو بن عدس من بني البكار، وكانت منزله فأخذها معاوية منه ثمّ أصفيت حتى أقطعها أبو جعفر محمد بن الأشعث بن عقبة الخزاعي، وكان زرارة على شرطة سعيد بن العاص إذ كان بالكوفة، وفي الحديث: نظر عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، إلى زرارة فقال: ما هذه القرية؟ قالوا: قرية تدعى زرارة يلحم فيها ويباع فيها الخمر، فعبر إليها الفرات على الــجسر ثمّ قال: عليّ بالنيران أضرموا فيها فإن الخبيث يأكل بعضه بعضا، قال: فاحترقت من غربيّها حتى بلغت بستان خواستابر حيرونا.

نهرُ رُفَيْل

نهرُ رُفَيْل:
بضم أوله، وفتح ثانيه، بلفظ التصغير:
نهر يصب في دجلة بغداد مأخذه من نهر عيسى، وهو الذي عليه قنطرة الشوك ويصب في دجلة عند الــجسر، منسوب إلى الرفيل واسمه معاذر بن خشيش بن أبرويز ابن خشين بن خسروان، وإنما سمي معاذر بالرفيل لأنه لما قدم على عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ليجدّد إسلامه وكان قد أسلم على يد سعد بن أبي وقاص ودخل على عمر وعليه ثوب ديباج يسحب على الأرض فقال عمر: من ذا الرّفيل؟ فصار له اسما علما، وهو جد الوزير رئيس الرؤساء وجد أبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن عمران بن الحسن بن عبيد بن خالد ابن الرفيل، وكان كثير السماع، مات سنة 465، ومولده في شهر ربيع الأول سنة 375.

إِخْمِيم

إِخْمِيم:
بالكسر، ثم السكون، وكسر الميم، وياء ساكنة، وميم أخرى: بلد بالصعيد في الإقليم الثاني، طوله أربع وخمسون درجة، وعرضه أربع وعشرون درجة وخمسون دقيقة، وهو بلد قديم على شاطئ النيل بالصعيد، وفي غربيّه جبل صغير، من أصغى إليه بأذنه سمع خرير الماء، ولغطا شبيها
بكلام الآدميين، لا يدرى ما هو. وباخميم عجائب كثيرة قديمة، منها البرابي وغيرها. والبرابي أبنية عجيبة فيها تماثيل وصور، واختلف في بانيها، والأكثر الأشهر أنها بنيت في أيام الملكة دلوكة، صاحبة حائط العجوز، وقد ذكرت ما بلغني من خبرها، وكيفية بنائها، والسبب فيه في البرابي من هذا الكتاب، وهو بناء مسقف بسقف واحد، وهو عظيم السعة، مفرطها، وفيه طاقات ومداخل، وفي جدرانه صور كثيرة، منها صور الآدميين، وحيوان مختلف، منه ما يعرف، ومنه ما لا يعرف، وفي تلك الصور، صورة رجل لم ير أعظم منه، ولا أبهى، ولا أنبل، وفيها كتابات كثيرة، لا يعلم أحد المراد بها، ولا يدرى ما هي، والله أعلم بها.
وينسب إليها ذو النون بن ابراهيم الإخميمي المصري الزاهد، طاف البلاد في السياحة، وحدّث عن مالك بن أنس، والليث بن سعد، وفضيل بن عياض، وعبد الله بن لهيعة، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، روى عنه الجنيد بن محمد وغيره، وكان من موالي قريش، يكنّى أبا الفيض، قال: وكان أبوه ابراهيم نوبيّا.
وقال الدارقطني: ذو النون بن ابراهيم روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، وكان واعظا، وقيل: إن اسمه ثوبان، وذو النون لقب له، ومات بالجيزة من مصر، وحمل في مركب حتى عدي به خوفا عليه من زحمة الناس على الــجسر، ودفن في مقابر المعافر، وذلك في ذي القعدة سنة 246، وله أخ اسمه ذو الكفل. وإخميم أيضا: موضع بأرض العرب، قال أبو عبد الله محمد بن المعلّى بن عبد الله الأزدي في شرحه لشعر تميم بن أبيّ بن مقبل، وذكر اسماء جاءت على وزن إفعيل، فقال: وإخميم موضع غوريّ نزله قوم من عنزة، فهم به إلى اليوم، قال شاعر منهم:
لمن طلل عاف بصحراء إخميم، ... عفا غير أوتاد وجون يحاميم

الحالَةُ

الحالَةُ:
واحدة الحال المذكور قبله: وهو موضع في ديار بلقين بن جسر عند حرّة الرّجلاء بين المدينة والشام.
حامِدٌ:
تلّ حامد، ذكر في تلّ، وحامد:
موضع في جبل حراء المطلّ على مكة، قال أبو صخر الهذلي:
بأغزر من فيض الأسيديّ خالد، ... ولا مزبد يعلو جلاميد حامد

أَذَنَةُ

أَذَنَةُ:
بفتح أوله وثانيه، ونون بوزن حسنة.
وأذنة بكسر الذال، بوزن خشنة، قال السّكوني: بحذاء توز جبل يقال له الغمر شرقي توز، ثم يمضي الماضي فيقع في جبل شرقيه أيضا، يقال له أذنة، ثم يقطع إلى جبل يقال له حبشيّ، [1] قوله غنيت: هكذا في الأصل، ولعلها غدوت.
وقال نصر: آذنة خيال من أخيلة حمى فيد، بينه وبين فيد نحو عشرين ميلا، وقد جمع في الشعر، فقيل آذنات. وأذنة أيضا بلد من الثغور قرب المصّيصة مشهور، خرج منه جماعة من أهل العلم، وسكنه آخرون. قال بطليموس: طول أذنة ثمان وستون درجة وخمس عشرة دقيقة، وهي في الإقليم الرابع تحت إحدى وعشرين درجة من السرطان وخمس وأربعين دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي.
بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أحمد بن يحيى بن جابر: بنيت أذنة سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة، وجنود خراسان معسكرون عليها بأمر صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس، ثم بنى الرشيد القصر الذي عند أذنة قريب من جسرها على سيحان في حياة أبيه المهدي، سنة 165، فلما كانت سنة 193 بنى أبو سليم فرج الخادم أذنة، وأحكم بناءها وحصنها وندب إليها رجالا من أهل خراسان، وذلك بأمر محمد الأمين بن الرشيد، وقال ابن الفقيه: عمّرت أذنة في سنة 190 على يدي أبي سليم، خادم تركيّ للرشيد ولّاه الثغور، وهو الذي عمّر طرسوس، وعين زربة، وقال أحمد بن الطيب: رحلنا من المصّيصة راجعين إلى بغداد إلى أذنة في مرج وقرى متدانية جدا، وعمارات كثيرة، وبين المنزلين أربعة فراسخ. ولأذنة نهر يقال له سيحان، وعليه قنطرة من حجارة عجيبة بين المدينة وبين حصن، مما يلي المصيّصة، وهو شبيه بالربض، والقنطرة معقودة عليه على طاق واحد، قال: ولأذنة ثمانية أبواب وسور وخندق، وينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم أبو بكر محمد بن عليّ بن أحمد بن داود الكتّاني الأذني وغيره. وعديّ بن أحمد بن عبد الباقي بن يحيى بن يزيد بن ابراهيم بن عبد الله أبو عمير الأذني.
حدث عن عمه أبي القاسم يحيى بن عبد الباقي الأذني، وأبي عطية عبد الرحيم بن محمد بن عبد الله بن محمد الفزاري. روى عنه أبو بكر أحمد بن عبد الكريم ابن يعقوب الحلبي، وأبو الطّيّب عبد المنعم بن عبد الله ابن غلبون المغربي، وأبو حفص عمر بن عليّ بن الحسن الأنطاكي، مات في سنة 337. والقاضي عليّ ابن الحسين بن بندار بن عبيد الله بن جبر أبو الحسن الأذني قاضي أذنة، سمع بدمشق أبا بكر عبد الرحمن ابن محمد بن العباس بن الذّرفس وغيره. وبغيرها أبا عروبة الحرّاني وعلي بن عبد الحميد الغضائري ومكحولا البيروتي، وسمع بحرّان وطرسوس ومصر وغيرها، روى عنه عبد الغني بن سعيد وغيره، وقال الجبّائي: مات سنة 385.

أُسْوَانُ

أُسْوَانُ:
بالضم ثم السكون، وواو، وألف، ونون، ووجدته بخطّ أبي سعيد السّكرّي سوان بغير الهمزة: وهي مدينة كبيرة وكورة في آخر صعيد مصر وأول بلاد النوبة على النيل في شرقيه، وهي في الإقليم الثاني، طولها سبع وخمسون درجة، وعرضها اثنتان وعشرون درجة وثلاثون دقيقة، وفي جبالها مقطع العمد التي بالاسكندرية، قال أبو بكر الهروي: وبأسوان الجنادل ورأيت بها آثار مقاطع العمد في جبال أسوان وهي حجارة ماتعة، ورأيت هناك عمودا قريبا من قرية يقال لها بلاق أو براق يسمونها الصقالة، وهو ماتع مجزّع بحمرة ورأسه قد غطّاه الرمل فذرعت ما ظهر منه فكان خمسة وعشرين ذراعا، وهو مربّع، كل وجه منه سبعة أذرع، وفي النيل هناك موضع ضيق ذكر أنهم أرادوا أن يعملوا جسرا على ذلك الموضع، وذكر آخرون أنّه أخو عمود السواري الذي بالاسكندرية، وقال الحسن بن إبراهيم المصري: بأسوان من التمور المختلفة وأنواع الأرطاب، وذكر بعض العلماء أنه كشف أرطاب أسوان فما وجد شيئا بالعراق إلا وبأسوان مثله، وبأسوان ما ليس بالعراق، قال:
وأخبرني أبو رجاء الأسواني، وهو احمد بن محمد الفقيه صاحب قصيدة البكرة، أنه يعرف بأسوان رطبا أشدّ خضرة من السّلق. وأمر الرشيد أن تحمل إليه أنواع التمور من أسوان من كل صنف تمرة واحدة فجمعت له ويبة، وليس بالعراق هذا ولا بالحجاز، ولا يعرف في الدنيا بسر يصير تمرا ولا يرطب إلّا بأسوان، ولا يتمر من بلح قبل أن يصير بسرا إلّا بأسوان، قال: وسألت بعض أهل أسوان عن ذلك، فقال لي: كل ما تراه من تمر أسوان ليّنا فهو مما يتمر بعد أن يصير رطبا، وما رأيته أحمر مغير اللون فهو مما يتمر بعد أن صار بسرا، وما وجدته أبيض فهو مما يتمر بعد أن صار بلحا، وقد ذكرها البحتري في مدحه خمارويه بن طولون:
هل يلقينّي إلى رباع أبي ال ... جيش خطار التغوير، أو غرره
وبين أسوان والعراق زها ... رعيّة، ما يغبّها نظره
وقد نسب إلى أسوان قوم من العلماء، منهم: أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن أبي حاتم الأسواني حدث عن محمد بن المتوكل بن أبي السري، روى عنه أبو عوانة الإسقراييني وأبو يعقوب إسحاق بن إدريس الأسواني من أهل البصرة، كان يسوق الحديث، والقاضي أبو الحسن أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن الزبير الغسّاني الأسواني الملقب بالرشيد صاحب الشعر والتصانيف، ولي ثغر الإسكندرية وقتل ظلما في سنة 563. كذا نسبه السلفي وكتب عنه، وأخوه المهذّب أبو محمد الحسن بن عليّ كان أشعر من أخيه وهو مصنف كتاب النسب، مات سنة 561، وأبو الحسن فقير بن موسى بن فقير الأسواني حدث بمصر عن محمد بن سليمان بن أبي فاطمة، وحدث عن أبي حنيفة قحزم بن عبد الله بن قحزم الأسواني عن الشافعي بحكاية، حدث عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المقري الأصبهاني في معجم شيوخه.

باجِسْرى

باجِسْرى:
بكسر الجيم، وسكون السين، وراء، والقصر: بليدة في شرقي بغداد، بينها وبين حلوان، على عشرة فراسخ من بغداد، وهي عامرة نزهة كثيرة النخل والأهل. خرج منها جماعة من أهل العلم والرواية، منهم أبو القاسم عبد الغني بن محمد بن حنيفة الباجسراوي، كان صالحا، وله شعر حسن ورغبة في الأدب، توفي سنة 531. وابنه أبو المعالي أحمد روى قطعة من كتب الأدب.
وقال عبيد الله بن الحرّ يذكرها:
ويوم بباجسرى هزمت، وغودرت ... جماعتهم صرعى لدى جانب الــجسر
فولّوا سراعا هاربين، كأنهم ... رعيل نعام بالفلا شرّد ذعر
ووجد على حائط مكتوب:
أقول، والنفس لهوف حسرى، ... والعين من طول البكاء عبرى،
وقد أنارت في الظلام الشعرى، ... وانحدرت بنات نعش الكبرى:
يا ربّ خلّصني من باجسرى ... وابدل بها، يا ربّ، دارا أخرى

بَنَاتُ قَين

بَنَاتُ قَين:
بفتح القاف، وسكون الياء، ونون:
اسم موضع بالشام في بادية كلب بن وبرة بالسماوة، وهي عيون عدّة، وسمّيت بذلك لأن القين بن جسر بن شيع الله بن أسد من وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان ينزل بها ويقول: هذه العيون بناتي، وقيل: سمّيت بقين ينزل عليها، وكان إذا انكسرت ممن يستقي عليها آلة دفعها إليه ليصلحها فيقول: هذه العيون بناتي لأنهن يكسرن آلات فيجلبن لي الرزق. والأول هو الصحيح، والله أعلم، قال الراعي:
فسيري واشربي ببنات قين ... وما لك بالسماوة من معاد
وكانت بنو فزارة أوقعت ببني كلب على هذا الماء في
أيام عبد الملك بن مروان وقعة مشهورة، فأصابت فيهم على غرّة، وذلك بعد وقعة أوقعتها بهم كلب يوم العاه، كان حميد بن حريث بن بجدل الكلبي اختلق سجلّا على لسان عبد الملك بن مروان على صدقات بني فزارة، فقدم عليهم بالعاه فقتلهم، فاجتمع بنو فزارة فاغترّوا كلبا على بنات قين فأكثروا القتل فيهم، كذا ذكر ابن حبيب، قال القتّال:
سقى الله حيّا، من فزارة دارهم ... بسبّى، كراما، حيث أمسوا وأصبحوا
هم أدركوا في عبد ودّ دماءهم، ... غداة بنات القين والخيل جنّح
كأنّ الرجال الطالبين تراتهم، ... أسود على ألبادها، فهي تمتح
وقال عويف القوافي:
صبحناهم، غداة بنات قين، ... ململمة لها لجب طحونا

بُنْيَانُ

بُنْيَانُ:
بالضم، كذا وجدته في شعر الأعشى، ووجدته بخطّ الترمذي الذي نقله من خطّ ثعلب بنيان، بالفتح، في قول الحطيئة:
مقيم على بنيان يمنع ماءه ... وماء وشيع، ماء عطشان مرمل
وهي قرية باليمامة ينزلها بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، قال الأعشى:
أجدّوا، فلما خفت أن يتفرّقوا ... فريقين: منهم مصعب ومصوّب
طلبتهم تطوي، بي البيد، جسرة ... شويقئة النابين وجناء ذعلب
مضبّرة حرف، كأنّ قتودها ... تضمّنه، من حمر بنيان، أحقب
شقا ناب البعير إذا طلع، وقال طفيل الغنوي:
وبنيان لم تورد، وقد تمّ ظمؤها ... تراح إلى برد الحياض وتلمع
وبنيان أيضا: رستاق بين فارس وأصبهان وخوزستان، وهو من نواحي خوزستان، وليس في عملها عمل يعد من الصرود غيره، وهي متاخمة للسّردان.

ثَجْرٌ

ثَجْرٌ:
بالفتح ثم السكون، وراء: ماء لبني القين ابن جسر بجوش، ثم بإقبال العلمين حمل، وأعفر بين وادي القرى وتيماء، وقيل: ثجر ماء لبني الحارث ابن كعب قريب من نجران وأنشد الأزهري لبعض الرّجّاز:
قد وردت عافية المدارج ... من ثجر، أو أقلب الخوارج
الخوارج: مياه لبني جذام، والثجر في لغة العرب:
معظم الشيء ووسطه، ويقال لوسط الوادي ومعظمه الثجر، وقال ابن ميّادة يذكر ثجرا التي نحو وادي القرى:
خليليّ من غيظ بن مرّة بلّغا ... رسائل منا لا تزيدكما وقرا
ألمّا على تيماء نسأل يهودها، ... فإنّ لدى تيماء من ركبها خبرا
وبالغمر قد جازت وجاز مطيّها، ... فيسقي الغوادي بطن بيسان فالغمرا
فلما رأت أن قد قربن أباترا، ... عواسف سهب تاركات بنا ثجرا
أثار لها سحط المزار، وأحجمت، ... أمورا وحاجات نضيق بها صدرا
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.