Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: برانية

فاران

فاران:
بعد الألف راء، وآخره نون، كلمة عــبرانية معربة: وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة، قيل: هو اسم لجبال مكة، قال ابن ماكولا:
أبو بكر نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني سمعت أن ذلك نسبته إلى جبال فاران وهي جبال الحجاز، وفي التوراة: جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من فاران، مجيئه من سيناء تكليمه لموسى، عليه السلام، وإشراقه من ساعير، وهي جبال فلسطين، هو إنزاله الإنجيل على عيسى، عليه السّلام، واستعلانه من جبال فاران إنزاله القرآن على محمد، صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: وفاران جبال مكة. وفاران أيضا: قرية من نواحي صغد من أعمال سمرقند، نسب إليها أبو منصور محمد بن بكر ابن إسماعيل السمرقندي الفاراني، روى عن محمد بن الفضل الكرماني ونصر بن أحمد الكندي الحافظ، روى عنه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الكاغدي السمرقندي، وقال أبو عبد الله القضاعي:
فاران والطور كورتان من كور مصر القبلية.

عَوَرْتا

عَوَرْتا:
كلمة أظنها عــبرانية، بفتح أوله وثانيه، وسكون الراء، وتاء مثناة من فوق: بليدة بنواحي نابلس بها قبر العزير النبي، عليه السّلام، في مغارة وكذلك قبر يوشع بن نون، عليه السّلام، ومفضّل ابن عمّ هارون ويقال بها سبعون نبيّا، عليهم السلام.

حَلَبُ

حَلَبُ:
بالتحريك: مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه، والحلب في اللغة: مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا، والحلب أيضا: اللبن الحليب، يقال: حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها، قال الزّجّاجي: سمّيت حلب لأن إبراهيم، عليه السلام، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب، فسمي به، قلت أنا: وهذا فيه نظر لأن إبراهيم، عليه السلام، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل، عليه السلام، وقحطان، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن، فإن كان لهذه اللفظة، أعني حلب، أصل في العــبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم، وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف، وقال الشرقي: عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام، وقال غيره: عمليق بن لوذ بن سام، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل: من يطع غريبا يمس غريبا، يعنون عمليق ابن لوذ، ويقال: إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم، ومنهم الزّبّاء، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم، عليه السلام.
قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، طالعها العقرب، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، وخمس وثلاثون دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أبو عون في زيجه: طول حلب ثلاث وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم، عليه السلام، قال:
وفي سنة تسع وخمسين من مملكته، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة، وقال في موضع آخر:
كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور، وهو سريانيّ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكية، وكان بناها قبله، يعني أنطاكية، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان
يعرف بجبل بني صنم، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم، وقيل: إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق، فاختط مدينة سمّيت به، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما، وكان بناها بعد ورود إبراهيم، عليه السلام، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه، واسمه راميس، وهو الرابع من ملوك أثورا، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة، ومدة ما بينه وبين آدم، عليه السلام، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة، وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس، وكانت عمارتها بعد خروج موسى، عليه السلام، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى، وذلك أن يوشع بن نون، عليه السلام، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا، وهي قنّسرين، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود، عليه السلام، فانتزعهم عنها.
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم، عليه السلام، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها، فكانوا يقولون حلب أم لا؟
ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك، فسميت لذلك حلبا، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة، منهم: شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة، ومن جملة شعره قوله:
ولما التقينا للوداع، ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا، ففاضت مدامعي ... عقيقا، فصار الكل في نحرها عقدا
وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة:
خافت صوارم أيدي المازجين لها، ... فألبست جسمها درعا من الحبب
وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين، فمن قوله:
إذا هجوتكم لم أخش صولتكم، ... وإن مدحت فكيف الريّ باللهب
فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا ... رغبت في الهجو، إشفاقا من الكذب
وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة، وله أبيات إلى والده:
يا أبا العباس والفضل! ... أبا العباس تكنى
أنت مع أمّي، بلا شكّ، ... تحاكي الكركدنّا
أنبتت، في كل مجرى ... شعرة في الرأس، قرنا
فأجابه أبوه:
أنت أولى بأبي المذمو ... م بين الناس تكنى
ليت لي بنتا، ولا أنت، ... ولو بنت يحنّا
بنت يحنّا: مغنية بأنطاكية تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر، قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن، وما في حلب موضع خراب أصلا، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية، وبينها وبين حلب يوم وليلة، آخر ما ذكر ابن بطلان.
وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ظهرت سنة 435، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، رؤي فيه في النوم، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا، يزعمون أنهم رأوا عليّا، رضي الله عنه، في المنام في ذلك المكان، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام، بها مقام لإبراهيم، عليه السلام، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.
وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام، قال المؤلف، رحمة الله عليه: وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا
غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد، حسن العدل والرأفة برعيته، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم، قال لي الوزير الأكرم، أدام الله تعالى علوّه: لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه، وهو جملة أخرى كثيرة، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم، وقد ارتفع إليها في العام الماضي، وهو سنة 625، من جهة واحدة، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع، سبعمائة ألف درهم، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم، وهذا من بركة العدل وحسن النية.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري، وكان أبوه يسمّى عبد غنم، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال: أنا عياض بن غنم، فوجد أهلها قد تحصنوا، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد، وكان الذي صالحهم عياض، فأنفذ أبو عبيدة صلحه، وقيل: بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم، وقيل: إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.
وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره، والقلعة مبنيّة في رأسه، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة، وكان الملك الظاهر غازي بن
صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب: باب الأربعين، وباب اليهود، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر، وباب الجنان، وباب أنطاكية، وباب قنّسرين، وباب العراق، وباب السرّ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:
احبسا العيس احبساها، ... وسلا الدار سلاها
واسألا أين ظباء ال ... دّار أم أين مهاها
أين قطّان محاهم ... ريب دهر ومحاها
صمّت الدار عن السا ... ئل، لا صمّ صداها
بليت بعدهم الدا ... ر، وأبلاني بلاها
آية شطّت نوى الإظ ... عان، لا شطّت نواها
من بدور من دجاها، ... وشموس من ضحاها
ليس ينهى النفس ناه ... ما أطاعت من عصاها
بأبي من عرسها وسخ ... طي، ومن عرسي رضاها
دمية إن جلّيت كا ... نت حلى الحسن حلاها
دمية ألقت إليها ... راية الحسن دماها
دمية تسقيك عينا ... ها، كما تسقي مداها
أعطيت لونا من الور ... د، وزيدت وجنتاها
حبّذا الباءات باءت، ... وقويق ورباها
بانقوساها بها با ... هي المباهي، حين باهى
وبباصفرا وبابل ... لا ربا مثلي وتاها
لا قلى صحراء نافر ... قلّ شوقي، لا قلاها [1]
لا سلا أجبال باسل ... لين قلبي، لا سلاها
وبباسلّين فليب ... غ ركابي من بغاها
وإلى باشقلّيشا ... ذو التناهي يتناهى [1] قوله: نافر، بسكون الراء، هكذا في الأصل.
وبعاذين، فواها ... لبعاذين، وواها
بين نهر وقناة ... قد تلته وتلاها
ومجاري برك، يجلو ... همومي مجتلاها
ورياض تلتقي آ ... مالنا في ملتقاها
زاد أعلاها علوّا ... جوشنا لمّا علاها
وازدهت برج أبي الحا ... رث حسنا وازدهاها
واطّبت مستشرف الحص ... ن، اشتياقا، واطّباها
وأرى المنية فازت ... كلّ نفس بمناها
إذ هواي العوجان السا ... لب النفس هواها
ومقيلي بركة التّل ... ل وسيبات رحاها
بركة تربتها الكا ... فوز، والدّرّ حصاها
كم غراني طربي حي ... تانها لما غراها
إذ تلى مطبّخ الحي ... تان منها مشتواها
بمروج اللهو ألقت ... عير لذّاتي عصاها
وبمغنى الكامليّ اس ... تكملت نفسي مناها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن غيثا، وغراها
كلأ الراموسة الحس ... ناء ربي، وكلاها
وجزى الجنّات بالسّع ... دى بنعمى، وجزاها
وفدى البستان من فا ... رس صبّ وفداها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن، محلولا عراها
واذكرا دار السّليما ... نيّة اليوم، اذكراها
حيث عجنا نحوها العي ... س تبارى في براها
وصفا العافية المو ... سومة الوصف صفاها
فهي في معنى اسمها حذ ... وبحذو، وكفاها
وصلا سطحي وأحوا ... ضي، خليليّ، صلاها
وردا ساحة صهري ... جي على سوق رداها
وامزجا الراح بماء ... منه، أو لا تمزجاها
حلب بدر دجّى، أن ... جمها الزّهر قراها
حبّذا جامعها الجا ... مع للنفس تقاها
موطن مرسي دور ألب ... رّ بمرساة حباها [1]
شهوات الطرف فيه، ... فوق ما كان اشتهاها
قبلة كرّمها الل ... هـ بنور، وحباها
ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها
ومراقي منبر، أع ... ظم شيء مرتقاها
وذرى مئذنة، طا ... لت ذرى النجم ذراها
والنّواريّة ما لا ... ترياه لسواها
قصعة ما عدت الكع ... ب، ولا الكعب عداها
أبدا، يستقبل السّح ... ب بسحب من حشاها
فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها، أو إن سقاها
كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها
قبّة أبدع بانى ... ها بناء، إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا، ... فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قب ... بة كسرى ما ابتناها
فبذا الجامع سرو ... يتباهى من تباهي
جنّبا السارية الخض ... راء منه، جنّباها
قبلة المستشرف الأع ... لى، إذا قابلتماها
حيث يأتي خلفه الآ ... داب منها من أتاها
من رجالات حبّى لم ... يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه ... باع بالعلم السفاها
وعلى ذاك سرور ال ... نفس منّي وأساها
شجو نفسي باب قنّس ... رين، وهنا، وشجاها
حدث أبكي التي في ... هـ، ومثلي من بكاها
أنا أحمي حلبا دا ... را، وأحمي من حماها
أيّ حسن ما حوته ... حلب، أو ما حواها
سروها الداني، كما تد ... نو فتاة من فتاها
آسها الثاني القدود ال ... هيف، لمّا أن ثناها [1] هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.
نخلها زيتونها، أو ... لا فأرطاها عصاها
قبجها درّاجها، أو ... فحباراها قطاها
ضحكت دبسيّتاها، ... وبكت قمريّتاها
بين أفنان، تناجي ... طائريها طائراها
تدرجاها حبرجاها ... صلصلاها بلبلاها
ربّ ملقي الرّحل منها، ... حيث تلقى بيعتاها
طيّرت عنه الكرى طا ... ئرة، طار كراها
ودّ، إذ فاه بشجو، ... أنه قبّل فاها
صبّة تندب صبّا، ... قد شجته وشجاها
زيّنت، حتى انتهت ... في زينة في منتهاها
فهي مرجان شواها، ... لازورد دفّتاها
وهي تبر منتهاها، ... فضّة قرطمتاها
قلّدت بالجزع، لمّا ... قلّدت، سالفتاها
حلب أكرم مأوى، ... وكريم من أواها
بسط الغيث عليها ... بسط نور، ما طواها
وكساها حللا، أب ... دع فيها إذ كساها
حللا لحمتها السّو ... سن، والورد سداها
إجن خيرياتها بال ... لحظ، لا تحرم جناها
وعيون النرجس المن ... هلّ، كالدمع نداها
وخدودا من شقيق، ... كاللظى الحمر لظاها
وثنايا أقحوانا ... ت، سنا الدّرّ سناها
ضاع آذريونها، إذ ... ضاء، من تبر، ثراها
وطلى الطّلّ خزاما ... ها بمسك، إذ طلاها
وانتشى النّيلوفر الشّو ... ق قلوبا، واقتضاها
بحواش قد حشاها ... كلّ طيب، إذ حشاها
وبأوساط على حذ ... والزنابير حذاها
فاخري، يا حلب، المد ... ن يزد جاهك جاها
إنه إن لم تك المد ... ن رخاخا، كنت شاها
وقال كشاجم:
أرتك ندى الغيث آثارها، ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما أمتعت جارها بلدة ... كما أمتعت حلب جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي، ... فزرها، فطوبى لمن زارها!
وكفر حلب: من قرى حلب. وحلب الساجور:
في نواحي حلب، ذكرها في نواحي الفتوح، قال:
وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.
وحلب أيضا: محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط، رأيتها غير مرّة.

بِئرُ أَرِيس

بِئرُ أَرِيس:
بفتح الهمزة، وكسر الراء، وسكون الياء آخر الحروف، وسين مهملة: بئر بالمدينة ثم بقبا مقابل مسجدها، قال أحمد بن يحيى بن جابر:
نسبت إلى أريس رجل من المدينة من اليهود، عليها مال لعثمان بن عفان، رضي الله عنه، وفيها سقط خاتم النبي، صلى الله عليه وسلم، من يد عثمان في السنة السادسة من خلافته، واجتهد في استخراجه بكل ما وجد اليه سبيلا فلم يوجد إلى هذه الغاية، فاستدلوا بعدمه على حادث في الإسلام عظيم، وقالوا:
إن عثمان لما مال عن سيرة من كان قبله كان أول ما عوقب به ذهاب خاتم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من يده، وقد كان قبله في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان، رضي الله عنهم.
والأريس في لغة أهل الشام الفلّاح وهو الأكّار، وجمعه أريسون وأرارسة وأرارس، في الأصل جمع أرّيس، بتشديد الراء، وأظنها لغة عــبرانية، وأحسب أنّ الرّئيس مقدّم القرية تعريبه.

أُورِيشَلَم

أُورِيشَلَم:
بالضم ثم السكون، وكسر الراء، وياء ساكنة، وشين معجمة مفتوحة، ولام مكسورة، ويروى بالفتح، وميم: هو اسم للبيت المقدس بالعــبرانية إلا أنهم يسكّنون اللام فيقولون أوريشلم، وقد قال الأعشى:
وطوّفت للمال آفاقه: ... عمان فحمص فأوريشلم
أتيت النّجاشيّ في داره، ... وأرض النبيط وأرض العجم
وحكي عن رؤبة أن أوريسلم، بالسين المهملة، وروي أوريشلوم وأوريشلم، بتشديد اللام، وأوراسلم، بفتح الراء والسين، كذا حكاه أبو علي الفسوي وأنشد عليه بيت الأعشى فقال فأورى سلم، بكسر اللام، قال: وقال أبو عبيدة: هو عبراني معرّب، والقياس في الهمزة إذا كانت في اسم أن تكون فاء مثل بهمي والألف للتأنيث ولا تكون للإلحاق في قياس قول سيبويه، وإذا كان كذلك لم ينصرف في معرفة ولا نكرة، وجاء من هذه الحروف في كلام العرب الأوار فقال:
كأنّ أوارهنّ أجيج نار
وقالوا في اسم موضع أوارة، وأنشد أبو زيد:
عداوية هيهات منك محلّها ... إذا ما هي احتلّت بقدس أوارة
وروى بعض أصحابه:
إذا ما هي احتلت بقدس وآرة
وهذا من لفظه الأول إذا قدّرت الألف منقلبة عن الواو، قال الأعشى:
ها إنّ عجزة أمّه ... بالسّفح أسفل من أواره
فإن قلت فهل يجوز أن يكون أورى أفعل فتكون الهمزة زائدة من أوريت النار وما في التنزيل من قوله تعالى: أفرأيتم النار التي تورون؟ قلت: ذلك لا يمتنع في القياس لأن الأعلام قد تسمّى بما لا يكون إلا فعلا نحو خضّم وبذّر، ألا ترى أنه ليس في العربية شيء على وزن فعّل؟

أَرِيحا

أَرِيحا:
بالفتح ثم الكسر، وياء ساكنة، والحاء مهملة، والقصر، وقد رواه بعضهم بالخاء المعجمة، لغة عــبرانية: وهي مدينة الجبّارين في الغور من أرض الأردنّ بالشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك، سمّيت فيما قيل بأريحا بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السلام، وقد حرّك جرير الياء منه ومدّه، فقال:
فماذا راب عبد بني نمير، ... فعليّ أن أزيدهم ارتيابا
أعدّ لها مكاوي منضجات، ... ويشفي حرّ شعلتي الجرابا
شياطين البلاد يخفن زأري، ... وحيّة أريحاء لي استجابا

إسرائيل

إسرائيل
اسم يعقوب عليه السلام. وكثر مخاطبة اليهود في صحفهم بإسرائيل، أي نسل إسرائيل. والكلمة عــبرانية مركبة من "إسر" وهو العبد، و "إيل" وهو الإله، كما في أسماء أخر. فإسرائيل معناه: عبد الله . والعبرانيون يقولون: هووكذلك قالوا: إنه ولد آخذاً بعقب أخيه عيسو، فسمي "يعقوب" . والقرآن يشير إلى كونه مبشّراً به بعد إسحاق، فسمّي "يعقوب" .

عَيْنون

عَيْنون
من (ع ي ن) تمليح وتدليل عَيْن.
عَيْنون:
بالفتح، كلمة عــبرانية جاءت بلفظ جمع سلامة العين، ولا يجوز في العربية، وهو بوزن هينون ولينون إلا أن يريد به العين الوبيئة فانه حينئذ يجوز قياسا ولم نسمعه، قيل: هي من قرى بيت المقدس، وقيل: قرية من وراء البثنيّة من دون القلزم في طرف الشام، ذكره كثير:
إذ هنّ في غلس الظلام قوارب ... أعداد عين من عيون أثال
يجتزن أودية البضيع جوازعا ... أجواز عينونا فنعف قبال
قال يعقوب: سمعت من يقول هي عين أنا وهي بين الصلا ومدين على الساحل، وقال البكري: هي قرية يطؤها طريق المصريين إذا حجوا، وأنا: واد، وقد نسب إليها عبد الصمد بن محمد العينوني المقدسي، روى عن أبي ميسرة الوليد بن محمد الدمشقي، روى عنه أبو القاسم الطبراني.

علم معرفة ما وقع في القرآن من غير لغة الحجاز

علم معرفة ما وقع في القرآن من غير لغة الحجاز
وقد أفردوه بالتصنيف ذكره السيوطي في الإتقان قال أبو بكر الواسطي في كتابه الإرشاد في القراءات العشر في القرآن: من اللغات العربية خمسون لغة وقد عدها السيوطي في الإتقان ومن غير العربية الفرس والروم والقبط والحبشة والبربر والسريانية والعــبرانية وقد فصلها السيوطي في الإتقان.

هدنا

(هدنا) : قال شيدلة والواسطي وغيرهما هدنا تبنا بالعــبرانية

ربانيون

(ربانيون) قال الجواليقي:) قال أبو عبيد: العرب لا تعرف الربانيين وإنما عرفها الفقهاء وأهل العلم، قال: وأحسب الكلمة ليست بعربية، وأنها عــبرانية أوسريانية،
وجزم بأنها سريانية أبو القاسم صاحب لغات القرآن وأبو حاتم في كتاب الزينة والواسطي في الإرشاد، وقال الراغب في المفردات: (قيل رباني لفظ سرياني وأخلق بذلك، فقل ما يوجد في كلامهم) .

أسفار

أسفار
قال السيوطي في الإتقان "قال الواسطي في الإرشاد هي الكتب بالسريانية وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: هي الكتب بالنبطية".اهـ.
قال محمد تقي الدين: يا لله للعجب؟ كيف يقال: إن الأسفار جمع سفر- بكسر فسكون-ليس بعربي وإنما هوسرياني أونبطي، لاجرم لا يقول ذلك إلاجاهل باللغات السامية، والحق الذي لاشك فيه أن السفر كلمة عربية خالصة وهي في الوقت نفسه عــبرانية وسريانية ونبطية فهي من الألفاظ المشتركة بين اللغات السامية ليست واحدة منها أولى بها من غيرها.
(أسفار) : قال الواسطي في (الارشاد) هي الكتب بالسريانية وقال الكرماني في؛ (غرائب التفسير) هو نبطي.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن منيب، حدثنا أبو معاذ، عن عبيد عن الضحاك في قوله تعالى: (يحمل أسفاراً) قال كتباً، والكتاب بالنبطية يسمى سفراً. 

بَالَامُ

(بَالَامُ)
(س) فِي ذِكْرِ أُدْم أَهْلِ الْجَنَّةِ «قَالَ إدَامُهم بَالام والنُّون. قَالُوا: وَمَا هَذَا؟
قَالَ: ثَورٌ وَنُونٌ» هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مفسَّرا. أَمَّا النُّونُ فَهُوَ الْحُوتُ، وَبِهِ سُمّي يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَا النُّونِ. وَأَمَّا بَالَامُ فَقَدْ تمحَّلُوا لَهَا شَرْحًا غيرَ مَرْضيّ. ولَعلَّ اللَّفْظَةَ عِــبرانية. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَعَلَّ الْيَهُودِيَّ أَرَادَ التّعْمِية فَقَطَعَ الْهِجَاءَ وَقَدَّمَ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهِيَ لَامُ أَلِفٍ وَيَاءٌ، يريدُ لَأْيٌ بِوَزْنِ لَعْيٍ، وَهُوَ الثَّوْرُ الوحْشِي، فَصَحَّفَ الرَّاوِي الْيَاءَ بِالْبَاءِ. قَالَ: وَهَذَا أَقْرَبُ مَا وَقَعَ لِي فِيهِ.

طور سنين

طور سنين
معروف، ولكن صورة الكلمة تستدعي بياناً، فاعلم أن القرآن ذكره في موضع آخر باسم "طور سَيناء" . فمرةً أتى بها على التأنيث، ومرّةً على جمع السلامة، فدلّ على أن التأنيث إنما هو لكونه وصفاً للجمع، كما تقول: جمعاء وأجمعون.
وفي التوراة جاء "سِينَا" و "سِينِيم" . وفي العــبرانية "يم" علامة الجمع. وقال بعض علماء أهل الكتاب إن "سينيم" اسم أرض الصين بدليل أنه اسم أرض بعيدة عن فلسطين . وهذا الدليل كما ترى.

البارئ

البارئ
البَرْءُ يشبه الخَلْقَ من بَرَأَ يبرَؤه، ومنه البريّة، وترك همزها. واعلم أن البَرْءَ ليس مرادف الخلق إلا على التجوز، فإنّ الخلق أصله التقدير، والبَرء إصلاحه، والتصوير إتمامه. ولذلك قال تعالى:
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} .
كما قال:
{الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} .
وزعموا أن "البَرَا" بغير الهمز كلمة أخرى، ومعناها التراب. قال الجوهري: "البَرَا: التراب. قال الراجز:
بفيكِ من سارٍ إلى القوم البرا
والبريَّة: الخلق، وأصله الهمز، والجمع: البَرَايا والبَرِيّات. قال الفرّاء: إن أخذت البريّة من البرا -وهو التراب- فأصلها غير الهمز ، تقول منه: براه الله يبروه بَرواً، أي خلقه" .
وهذا قول مضطرب، فإن البَرء حينئذٍ يكون فعلاً من التراب، وجعله بمعنى الخلق تكلف ظاهر مبني على أن الخلق إنما يكون من التراب. وهذا كما ترى. ثم الفعل من التراب يكون بمعنى: جعله تراباً، لا خلقه من التراب. ثم لا دليل في قول الراجز على أن البرا هو التراب .
والأولى بالصواب أن المادة الواحدة اتخذت صورتين: بَرَأَ مهموزاً وبَرَى ناقصاً يائياً، فإنا نجد معناهما في غاية التشابه. تقول: بَرَيت القلم، وبَرَيت السهم بَرْياً لِنَحتِهما. والمِبْرَاة: الحديدة التي يُبرى بها السهام. فهذا هو أشبه بمعنى الخلق. وهذه المادة موجودة في العــبرانية ففي أول التوراة: "بارا إلُوهِيم هَاشَّمَيِم" ، أي خلق الله السموات.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.