Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: آثار

قُبِّينُ

قُبِّينُ:
بالضم ثم الكسر والتشديد، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: اسم أعجمي لنهر وولاية بالعراق، ذكر عن الأقيشر واسمه المغيرة بن عبد الله الأسدي أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف بالقباع أخرجه مع قومه لقتال أهل الشام ولم يكن عند الأقيشر فرس فخرج على حمار فلما عبر على جسر سوراء نزل بقرية يقال لها قبّين فتوارى عند خمّار نبطيّ تبذل زوجته الفجور فباع حماره وجعل ينفقه هناك إلى أن قفل الجيش، فقال عند ذلك:
خرجت من المصر الحواريّ أهله ... بلا نيّة فيها احتساب ولا جعل
إلى جيش أهل الشام أغزيت كارها ... سفاها بلا سيف حديد ولا نصل
ولكن بسيف ليس فيه حمالة، ... ورمح ضعيف الزّجّ منصدع الأصل
حباني به ظلم القباع ولم أجد ... سوى أمره والسير شيئا من الفعل
فأزمعت أمري ثم أصبحت غازيا، ... وسلّمت تسليم الغزاة على أهلي
جوادي حمار كان حينا لظهره ... إكاف وآثار المزادة والحبل
فسرنا إلى قبّين يوما وليلة ... كأنّا بغايا ما يسرن إلى بعل
مررنا على سوراء نسمع جسرها ... يئطّ نقيضا من سفائنه العصل
فلما بدا جسر الصّراة وأعرضت ... لنا سوق فرّاغ الحديث إلى الشغل
نزلنا إلى ظلّ ظليل وباءة ... حلال برغم القلطبان وما يغلي
بشارطة من شاء كان بدرهم ... عروسا بما بين المشبّه والفسل
فأتبعت رمح السّوء سنّة نصله، ... وبعت حماري واسترحت من الثّقل
مهرتهما جرديقة فتركتها ... طموحا بطرف العين شائلة الرجل
تقول طبانا قل قليلا ألا ليا، ... فقلت لها: اصوي فإني على رسلي

قَرْقَنّةُ

قَرْقَنّةُ:
قال أبو عبيد البكري: ويقابل سفاقس في البحر جزيرة تسمّى قرقنّة، هكذا يكتب أهل الدراية، ويتلفظ بها أهل تلك البلاد بالتخفيف فيقولون قرقنة، وهي في وسط البحر بينها وبين سفاقس في ذلك البحر الميّت القصير القعر عشرة أميال، وليس لبحر هناك حركة في وقت، وبحذاء هذا الموضع في البحر على رأس هذا القصر بيت مشرف مبنيّ، بينه وبين البرّ الكبير نحو أربعين ميلا، فإذا رأى ذلك البيت أصحاب السفن الواردة من الإسكندرية وغيرها أداروها إلى مواضع معلومة، وفي هذه الجزيرة آثار بنيان وصهاريج للماء كثيرة، ويدخل أهل سفاقس إليها دوابهم لأنها خصبة.

عَذْبَةُ

عَذْبَةُ:
بالفتح ثم السكون، وباء موحدة، يقال:
عذب الماء يعذب فهو عذب، وبئر عذبة أي طيبة:
وهو موضع على ليلتين من البصرة فيه مياه طيبة، وقيل: لما حفروها وجدوا آثار الناس بعد ثلاثين ذراعا، قال:
مرّت تريد بذات العذبة البيعا

القُرَى

القُرَى:
بضم أوله، وفتح ثانيه، والقصر، جمع قرية قد تقدم بالقريتين من اشتقاق القرية وأصلها، ونذكر ههنا ما يختص به فنقول: قال الليث هي القرية والقرية لغتان المكسور يمانية ومن ثم اجتمعوا في جمعها على القرى فحملوها على لغة من يقول كسوة وكسى، والنسبة إليها قرويّ، وأم القرى:
مكة، وقال غيره: هي بفتح القاف لا غير وكسرها خطأ، وجمعها قرى شاذّ نادر، قال ابن السكيت:
ما كان من جمع فعلة من الياء والواو على فعال كان ممدودا مثل ركوة وركاء وشكوة وشكاء وقشوة وقشاء، قال: ولم نسمع في جمع شيء من هذا القصر إلا كوّة وكوى وقرية وقرى جاء على غير قياس، قال المؤلف، رحمه الله: وزاد أبو عليّ بروة وبرى وقست أنا عليها قبوة وقبا، وقد ذكرت في قبا علّته ومعناه، ووادي القرى: واد بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر فيه قرى كثيرة وبها سمي وادي القرى، قال أبو المنذر:
سمي وادي القرى لأن الوادي من أوله إلى آخره قرى منظومة وكانت من أعمال البلاد وآثار القرى إلى الآن بها ظاهرة إلا أنها في وقتنا هذا كلها خراب ومياهها جارية تتدفق ضائعة لا ينتفع بها أحد، قال أبو عبيد الله السكوني: وادي القرى والحجر والجناب منازل قضاعة ثم جهينة وعذرة وبليّ وهي بين الشام والمدينة يمرّ بها حاجّ الشام، وهي كانت قديما منازل ثمود وعاد، وبها أهلكهم الله، وآثارها إلى الآن باقية، ونزلها بعدهم اليهود واستخرجوا كظائمها وأساحوا عيونها وغرسوا نخلها فلما نزلت بهم القبائل عقدوا بينهم حلفا وكان لهم فيها على اليهود طعمة وأكل في كل عام ومنعوها لهم على العرب ودفعوا عنها قبائل قضاعة، وروي أن معاوية بن أبي سفيان مرّ بوادي القرى فتلا قوله تعالى: أَتُتْرَكُونَ في ما هاهُنا آمِنِينَ في جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ 26: 146- 148، الآية، ثم قال: هذه الآية نزلت في أهل هذه البلدة وهي بلاد ثمود فأين العيون؟ فقال له رجل: صدق الله في قوله، أتحب أن أستخرج العيون؟ قال: نعم، فاستخرج ثمانين عينا، فقال معاوية: الله أصدق من معاوية، وكان النعمان بن الحارث الغساني ملك الشام أراد غزو وادي القرى فحذّره نابغة بني ذبيان ذلك بقوله:
تجنّب بني حنّ فإن لقاءهم ... كريه وإن لم تلق إلا بصابر
هم قتلوا الطائيّ بالحجر عنوة ... أبا جابر واستنكحوا أمّ جابر
وهم ضربوا أنف الفزاريّ بعد ما ... أتاهم بمعقود من الأمر قاهر
أتطمع في وادي القرى وجنابه ... وقد منعوا منه جميع المعاشر؟
في أبيات، وحنّ، هو بضم الحاء المهملة والنون المشددة: ابن ربيعة بن حرام بن ضنّة بن عبد بن كبير بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، وأبو جابر: هو الجلاس ابن وهب بن قيس بن عبيد بن طريف بن مالك بن جدعاء بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيّء وكان ممن اجتمعت عليه جديلة طيّء، ولما فرغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من خيبر في سنة سبع امتدّ إلى وادي القرى فغزاه ونزل به، وقال الشاعر:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادي القرى، إني إذا لسعيد
وهل أرين يوما به، وهي أيّم ... وما رثّ من حبل الوصال جديد؟

قَطالِيَة

قَطالِيَة:
بتخفيف الياء: مدينة على سواحل جزيرة صقليّة، ويقال قطانية، وهي مدينة كبيرة على البحر من سفح جبل النار وتعرف بمدينة الفيل، وهي قديمة البناء فيها آثار عجيبة وكنائس مفروشة بالرّخام المجزّع وفيها صورة فيل في حجارة وبه سميت مدينة الفيل.

القُلَيْسُ

القُلَيْسُ:
تصغير قلس، وهو الحبل الذي يصير من ليف النخل أو خوصه، لما ملك أبرهة بن الصبّاح اليمن بنى بصنعاء مدينة لم ير الناس أحسن منها ونقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسيفساء وألوان الأصباغ وصنوف الجواهر وجعل فيها خشبا له رؤوس كرءوس الناس ولكّكها بأنواع الأصباغ وجعل لخارج القبة برنسا فإذا كان يوم عيدها كشف البرنس عنها فيتلألأ رخامها مع ألوان أصباغها حتى تكاد تلمع البصر وسمّاها القلّيس، بتشديد اللام، وروى عبد الملك بن هشام والمغاربة القليس، بفتح القاف وكسر اللام، وكذا قرأته بخطّ السكري أبي سعيد الحسن بن الحسين، أخبرنا سلموية أبو صالح قال: حدثني عبد الله بن المبارك عن محمد بن زياد الصنعاني قال: رأيت مكتوبا على باب القليس وهي الكنيسة التي بناها أبرهة على باب صنعاء بالمسند:
بنيت هذا لك من مالك ليذكر فيه اسمك وأنا عبدك، كذا بخط السكري بفتح القاف وكسر اللام، قال عبد الرحمن بن محمد: سميت القليس لارتفاع بنيانها وعلوّها، ومنه القلانس لأنها في أعلى الرؤوس، ويقال: تقلنس الرجل وتقلّس إذا لبس القلنسوة، وقلس طعامه إذا ارتفع من معدته إلى فيه، وما
ذكرنا من أنه جعل على أعلى الكنيسة خشبا كرءوس الناس ولكّكها دليل على صحة هذا الاشتقاق، وكان أبرهة قد استذلّ أهل اليمن في بنيان هذه الكنيسة وجشمهم فيها أنواعا من السّخر، وكان ينقل إليها آلات البناء كالرخام المجزّع والحجارة المنقوشة بالذهب من قصر بلقيس صاحبة سليمان، عليه السّلام، وكان من موضع هذه الكنيسة على فراسخ، وكان فيه بقايا من آثار ملكهم فاستعان بذلك على ما أراده من بناء هذه الكنيسة وبهجتها وبهائها ونصب فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج والآبنوس، وكان أراد أن يرفع في بنيانها حتى يشرف منها على عدن، وكان حكمه في الصانع إذا طلعت الشمس قبل أن يأخذ في عمله أن يقطع يده، فنام رجل منهم ذات يوم حتى طلعت الشمس فجاءت معه أمه وهي امرأة عجوز فتضرّعت إليه تستشفع لابنها فأبى إلا أن يقطع يده فقالت: اضرب بمعولك اليوم فاليوم لك وغدا لغيرك، فقال لها: ويحك ما قلت؟ فقالت: نعم كما صار هذا الملك إليك من غيرك فكذلك سيصير منك إلى غيرك، فأخذته موعظتها وعفا عن ولدها وعن الناس من العمل فيها بعد، فلما هلك ومزّقت الحبشة كل ممزّق وأقفر ما حول هذه الكنيسة ولم يعمّرها أحد كثرت حولها السباع والحيّات، وكان كل من أراد أن يأخذ منها أصابته الجنّ فبقيت من ذلك العهد بما فيها من العدد والآلات من الذهب والفضة ذات القيمة الوافرة والقناطير من المال لا يستطيع أحد أن يأخذ منه شيئا إلى زمان أبي العبّاس السفّاح فذكر له أمرها فبعث إليها خاله الربيع بن زياد الحارثي عامله على اليمن وأصحبه رجالا من أهل الحزم والجلد حتى استخرج ما كان فيها من الآلات والأموال وخرّبها حتى عفا رسمها وانقطع خبرها، وكان الذي يصيب من يريدها من الجنّ منسوبا إلى كعيت وامرأته صنمان كانا بتلك الكنيسة بنيت عليهما، فلما كسر كعيت وامرأته أصيب الذي كسرهما بجذام فافتتن بذلك رعاع اليمن وقالوا:
أصابه كعيت، وذكر أبو الوليد كذلك وأن كعيتا كان من خشب طوله ستون ذراعا، وقال الحسم شاعر من أهل اليمن:
من القليس هلال كلما طلعا ... كادت له فتن في الأرض أن تقعا
حلو شمائله لولا غلائله ... لمال من شدّة التهييف فانقطعا
كأنه بطل يسعى إلى رجل ... قد شدّ أقبية السّدّان وادّرعا
ولما استتمّ أبرهة بنيان القليس كتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حجّ العرب، فلما تحدّث العرب بكتاب أبرهة الذي أرسله إلى النجاشي غضب رجل من النّسأة أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، والنسأة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية أي يحلونها فيؤخرون الشهر من الأشهر الحرم إلى الذي بعده ويحرّمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر، مثاله أن المحرّم من الأشهر الحرم فيحللون فيه القتال ويحرّمونه في صفر، وفيه قال الله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ 9: 37، قال ابن إسحاق:
فخرج الفقيمي حتى أتى القليس وقعد فيها، يعني أحدث وأطلى حيطانها، ثم خرج حتى لحق بأرضه فأخبر أبرهة فقال: من صنع هذا؟ فقيل له: هذا فعل رجل من أهل البيت الذي تحج إليه العرب بمكة
لما سمع قولك أصرف إليها حجّ العرب غضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك بأهل، فغضب أبرهة وحلف ليسيرنّ حتى يهدمه وأمر الحبشة بالتجهيز، فتهيأت وخرج ومعه الفيل، فكانت قصة الفيل المذكورة في القرآن العظيم.

قِنَّسْرين

قِنَّسْرين:
بكسر أوله، وفتح ثانيه وتشديده وقد كسره قوم ثم سين مهملة، قال بطليموس: مدينة قنسرين طولها تسع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، في الإقليم الرابع، ارتفاعه ثمان وسبعون درجة، وأفقها إحدى وتسعون درجة وخمس عشرة دقيقة، طالعها العذراء، بيت حياتها الذراع تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وقال صاحب الزيج: طول قنسرين ثلاث وثلاثون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وفي جبلها مشهد يقال إنه قبر صالح النبي، عليه السّلام، وفيه آثار أقدام الناقة، والصحيح أن قبره باليمن بشبوة، وقيل بمكة، والله أعلم، وكان فتح قنسرين على يد أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، في سنة 17، وكانت حمص وقنسرين شيئا واحدا، قال أحمد بن يحيى: سار أبو عبيدة بن الجراح بعد فراغه من اليرموك إلى حمص فاستقراها ثم أتى قنسرين وعلى مقدمته خالد بن الوليد فقاتله أهل مدينة قنسرين ثم لجؤوا إلى حصنهم وطلبوا الصلح فصالحهم وغلب المسلمون على أرضها وقراها، وقال أبو بكر بن الأنباري: أخذت من قول العرب قنسريّ أي مسنّ، وأنشد للعجاج:
أطربا وأنت قنسريّ، ... والدهر بالإنسان دوّاريّ؟
وأنشد غيره:
وقنسرته أمور فاقسأنّ لها، ... وقد حنى ظهره دهر وقد كبرا
وقال أبو المنذر: سميت قنسرين لأن ميسرة بن مسروق العبسي مرّ عليها فلما نظر إليها قال: ما هذه؟ فسميت له بالرومية، فقال: والله لكأنّها قنّ نسر، فسميت قنسرين، وقال الزمخشري: نقل من القنّسر بمعنى القنسري وهو الشيخ المسن وجمع هو، وأمثاله كثيرة، قال أبو بكر بن الأنباري: وفي إعرابها وجهان، يجوز أن تجريها مجرى قولك الزيدون فتجعلها في الرفع بالواو فتقول هذه قنّسرون، وفي النصب والخفض بالياء فتقول مررت بقنسرين ورأيت قنسرين، والوجه الآخر أن تجعلها بالياء على كل حال وتجعل الإعراب في النون ولا تصرفها، قال أبو القاسم:
هذا الذي ذكره من طريق اللغة ولم يسمّ البلد بذلك لما ذكره، ولكن روي أنها سميت برجل من عبس يقال له ميسرة وذلك أنه نزلها فمر به رجل فقال له:
ما أشبه هذا الموضع بقنّ سيرين! فبني منه اسم للمكان، وقال آخرون: دعا أبو عبيدة بن الجراح ميسرة بن مسروق العبسي فوجهه في ألف فارس في أثر العدوّ فمر على قنسرين فجعل ينظر إليها فقال: ما هذه؟
فسميت له بالرومية، فقال: والله لكأنها قنّسرون، فسميت قنسرين، ثم مضى حتى بلغ الدرب فكان أول من جاوز الدرب من المسلمين، فهذا الخبر يدل على أن قنسرين اسم مكان آخر عرفه ميسرة العبسي فشبهه به، وقد روي في خبر مشهور عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أوحى الله تعالى إليّ أيّ هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك، المدينة أو البحرين أو قنسرين، وهي كورة بالشام منها حلب، وكانت قنسرين مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص بقرب العواصم، وبعض يدخل قنسرين في العواصم، وما زالت عامرة آهلة إلى أن كانت سنة 351، وغلبت الروم على مدينة حلب وقتلت جميع ما كان بربضها فخاف أهل قنسرين وتفرقوا في البلاد، فطائفة عبرت الفرات وطائفة نقلها سيف الدولة بن حمدان إلى حلب كثّر بهم من بقي من أهلها فليس بها اليوم إلا خان ينزله القوافل وعشار السلطان وفريضة صغيرة، وقال بعضهم: كان خراب قنسرين في سنة 355 قبل موت سيف الدولة بأشهر، كان قد خرج إليها ملك الروم وعجز سيف الدولة عن لقائه فأمال عنه فجاء إلى قنسرين وخرّبها وأحرق مساجدها ولم تعمر بعد ذلك، وحاضر قنسرين بلدة باقية إلى الآن، ذكرت في موضعها، وقال المدائني: خرج أعرابي من طيّء إلى الشام إلى بني عمّ له يطلب صلتهم فلم يعطوه طائلا وعرضوا عليه الفرض فأبى ثم قدم قنسرين فأعطوه شيئا قليلا وقالوا تفترض، فقال:
أقمنا بقنسرين ستة أشهر ... ونصفا من الشهر الذي هو سابع
فقال ابن هيفاء: دع البدو وافترض، ... فقلت له: إني إلى الله راجع
يؤمّون بي موقان أو يفرضون بي ... إلى الرّيّ لا يسمع بذلك سامع
ألا حبّذا مبدى هشام إذا بدا ... لارفاق زيد أو دعته البرادع
وحلّت جنوب الأبرقين إلى اللوى ... إلى حيث سارت بالهبير الدوافع
ثم خرج من الشام إلى العراق فركب الفرات فخاف أهوالها فقال:
وما زال صرف الدهر حتى رأيتني ... على سفن وسط الفرات بنا تجري
يصير بنا صار ويجذف جاذف، ... وما منهما إلّا مخوف على غدري
ثم أتى الكوفة وطلب من قومه فلم يصل إلى ما يريد فرجع إلى البادية فقالوا: أطلت الغيبة فما أفدت؟
فقال:
رجعنا سالمين كما بدأنا، ... وما خابت غنيمة سالمينا
وينسب إلى قنسرين جماعة، أثبتهم في الحديث الحافظ أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم بن الفرداج الحميري اليحصبي القنسريني المعروف ببرداعس، سكن حلب ثم قدم دمشق وحدث بها عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي ويوسف بن سعيد ابن مسلم وهلال بن أبي العلاء الرّقّي وأبي زرعة الدمشقي وخلق كثير سواهم، روى عنه عثمان بن خرزاذ، وهو من شيوخه، وعبد الله بن عمر بن أيوب بن الحبّال وعبد الوهاب الكلابي وأبو الخير أحمد بن علي الحافظ وأبو بكر بن المقري وغيرهم، سئل عنه الدارقطني فقال ضعيف، وقال ابن زيد:
مات سنة 328.

كفرنَبُو

كفرنَبُو:
النون قبل الباء الموحدة، موضع له ذكر في التوراة، ونبو اسم صنم كان فيه: وهو موضع قرب حلب فيه آثار وفيه قبّة عظيمة باقية يقولون إنّها قبّة للصنم.

لَبْدَةُ

لَبْدَةُ:
مدينة بين برقة وإفريقية، وقيل بين طرابلس وجبل نفوسة وهو حصن من بنيان الأول بالحجر والآجرّ وحوله آثار عجيبة، يسكن هذا الحصن قوم من العرب نحو ألف فارس يحاربون كل من حاربهم ولا يعطون طاعة لأحد، يقاومون مائة ألف ما بين فارس وراجل، كانت به وقعة بين أبي العباس أحمد ابن طولون وأهل إفريقية، فقال أبو العباس يذكر ذلك:
إن كنت سائلة عني وعن خبري ... فها أنا الليث والصّمصامة الذّكر
من آل طولون أصلي، إن سألت، فما ... فوقي لمفتخر بالجود مفتخر
لو كنت شاهدة كرّي بلبدة إذ ... بالسيف أضرب والهامات تبتدر
إذا لعاينت مني ما تبادره ... عني الأحاديث والأنباء والخبر

مَارِدَةُ

مَارِدَةُ:
هو تأنيث الذي قبله: كورة واسعة من نواحي الأندلس متصلة بحوز فرّيش بين الغرب
والجوف من أعمال قرطبة إحدى القواعد التي تخيرتها الملوك للسكنى من القياصرة والروم، وهي مدينة رائقة كثيرة الرخام عالية البنيان فيها آثار قديمة حسنة تقصد للفرجة والتعجب، وبينها وبين قرطبة ستة أيام، ولها حصون وقرى تذكر في مواضعها، ينسب إليها غير واحد من أهل العلم والرواية، منهم: سليمان ابن قريش بن سليمان يكنى أبا عبد الله أصله من ماردة وسكن قرطبة، وسمع من ابن وضاح ومن غيره من رجالها ورحل فسمع بمكة من علي بن عبد العزيز كتب أبي عبيد وغير ذلك، وسمع قريش جعفرا الخصيب المعروف بسيف السّنّة ودخل اليمن وسمع تعسّفا من عبيد بن محمد الكشوري وغيره واستقضاه مروان ببطليوس ثم سار إلى قرطبة فسكنها وسمع منه الناس كثيرا، وكان ثقة، ومات بقرطبة في محرم سنة 329.

عَرْشُ بِلْقِيسَ

عَرْشُ بِلْقِيسَ:
حدثني الإمام الحافظ أبو الربيع سليمان ابن الريحان قال: شاهدت موضعا بينه وبين ذمار يوم وقد بقي من آثاره ستة أعمدة رخام عظيمة وفوق أربعة منها أربعة ودون ذلك مياه كثيرة جارية وحفائر، ذكر لي أهل تلك البلاد أنه لا يقدر أحد على خوض تلك المياه إلى تلك الأعمدة وأنه ما خاضها
أحد إلا عدم، وأهل تلك البلاد متفقون على أنه عرش بلقيس.

العَتِيكِيّةُ

العَتِيكِيّةُ:
اشتقاقه كالذي قبله لأنه مثله، وزيادة ياء النسبة وتاء التأنيث، ربض العتيكية: ببغداد من الجانب الغربي بين الحربيّة وباب البصرة، وقد خرب الآن، ينسب إلى عتيك بن هلال الفارسي، وله في دولة بني العباس آثار وأخبار، وله في المدينة أيضا درب ينسب إليه.

سَلُوقُ

سَلُوقُ:
قال أبو منصور: قال شمر السّلوقية من الدّروع منسوبة إلى سلوق قرية باليمن، قال النابغة:
تقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه، ... وتوقد بالصّفّاح نار الحباحب
وكذلك الكلاب السّلوقية منسوبة إليها، قال القطامي:
معهم ضوار من سلوق كأنّها ... حصن تجول تجرّر الأرسانا
وفي كتاب ابن الفقيه: سلوق هي مدينة اللّان، ينسب إليها الكلاب السلوقية، وقال الجوهري: مدينة بالشام تنسب إليها الدروع السلوقية، قال: ويقال إن سلوق مدينة اللّان ينسب إليها الكلاب السلوقية، وأنشد بيت القطامي، وقال ابن الحائك وهو يذكر اليمن: سلوق كانت مدينة عظيمة بأرض الجديد، واسم بقعتها اليوم حسل الزينة، وهي آثار مدينة قديمة يوجد فيها خبث الحديد وقطاع الفضة والذهب والحلي، وإليها كانت العرب تنسب الدروع السلوقية والكلاب السلوقية.

شَرَافٌ

شَرَافٌ:
بفتح أوّله، وآخره فاء، وثانيه مخفف، فعال من الشرف وهو العلوّ، قال نصر: ماء بنجد له ذكر كثير في آثار الصحابة ابن مسعود وغيره، قال الشماخ:
مرّت بنعفي شراف وهي عاصفة
وقال أبو عبيد السكوني: شراف بين واقصة والقرعاء على ثمانية أميال من الأحساء التي لبني وهب، ومن شراف إلى واقصة ميلان، وهناك بركة تعرف باللّوزة، وفي شراف ثلاث آبار كبار رشاؤها أقلّ من عشرين قامة وماؤها عذب كثير وبها قلب كثيرة طيبة الماء يدخلها ماء المطر، وقيل: شراف استنبطه رجل من العماليق اسمه شراف فسمي به، وقال الكلبي:
شراف وواقصة ابنتا عمرو بن معتق بن زمرة بن عبيل ابن عوض بن إرم بن سام بن نوح، عليه السلام، وقال زميل بن زامل الفزاري قاتل ابن دارة:
لقد عضّني بالجوّ جوّ كتيفة، ... ويوم التقينا من وراء شراف
قصرت له الدّعصى ليعرف نسبتي ... وأنبأته أنّي ابن عبد مناف
رفعت له كفّي بأبيض صارم ... وقلت التحفه دون كلّ لحاف

سَمِيرانُ

سَمِيرانُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وآخره نون، وبعد الميم ياء مثناة من تحت ثمّ راء مهملة: قلعة حصينة على نهر عظيم جار بين جبال في ولاية تارم، خربها صاحب الموت، رأيتها وبها آثار حسنة تدل على أنّها كانت من أمهات القلاع، قال مسعر بن المهلهل: وصلت إلى قلعة ملك الديلم المعروفة بسميران فرأيت من أبنيتها وعمارتها ما لم أره ولم أشاهده في غيرها من مواطن الملوك، وذلك أن فيها ألفين وثمانمائة ونيفا وخمسين دارا كبارا وصغارا، وكان محمد ابن مسافر صاحبها إذا نظر إلى سلعة حسناء أو عمل محكم سأل عن صانعه فإذا أخبر بمكانه أنفذ إليه من المال ما يرغب مثله فيه وضمن له أضعاف ذلك إذا صار إليه، فإذا حصل عنده منع أن يخرج من القلعة بقية عمره، وكان يأخذ أولاد رعيته فيسلمهم في الصناعات، وكان كثير الدخل قليل الخرج واسع المال ذا كنوز عظيمة، فما زال على ذلك حتى أضمر أولاده مخالفته رحمة منهم لمن عندهم من الناس الذين هم في زيّ الأسارى، فخرج يوما في بعض متصيداته فلمّا عاد أغلقوا باب القلعة دونه وامتنعوا عليه، فاعتصم منهم بقلعة أخرى في بعض أعماله، وأطلقوا من كان عنده من الصناع، وكانوا نحو خمسة آلاف إنسان، فكثر الدعاء لهم بذلك وأدركت ابنه الأوسط الحميّة والأنفة أن ينسبه أبوه إلى العقوق وأنّه رغب في الأموال والذخائر والكنوز فجمع جمعا عظيما من الديلم وخرج إلى أذربيجان فكان من أمره ما كان، وكان فخر الدولة بن ركن الدولة ملك هذه القلعة في سنة 379، وذلك أن ملكها انتهى إلى ولد نوح بن وهسوذان وهو طفل وأمّه المستولية عليه فأرسل إليها فخر الدولة حتى تزوّجها وزوّج ابنها بواحدة من أقاربه وملك القلعة، وكان الصاحب قد أنفذ لحصارها وأخذ صاحبة المسكن عبده أبا عليّ الحسن بن أحمد فتمادى أمره فكتب إليه كتابا في صفة هذه القلعة هذه نسخته أوردته ليعرف قدرها: ورد كتابك بحديث قلعة سميران وأنا أحسب أن أمرها خفيف في نفسك فلهذا أبسط القول وأشرح الخطاب وأبعث الرغبة وأدعو إلى الاجتهاد وأرهف البصيرة وأشحذ العزم، اعلم يا سيدي أن سميران ليست بقلعة وإنما هي مملكة وليست مملكة وإنّما هي ممالك وسأقول بما أعرف:
إن آل كنكر لم يكن قدمهم في الديلم ثابت الأطناب
حتى ملكوا من هذه القلعة ما ملكوا فصار السبب في اقتطاعهم الطرم عن قزوين وهي منها ومختلسة عنها ثمّ سمت بهم هماتهم إلى مواصلة حسنات وهسوذان ملك الديلم وقد ملك أربعين سنة فحين رأى أن سميران أخت قلعة الموت استجاب للوصلة وبهذا التواصل وتلك القلعة ملك آل كنكر باقي الاستانة أجمع فصار لهم ملك شطر الديلم فاحتاج ملوك آل وهسوذان إلى الانتصار على اللائحية، وهم الشطر الثاني بهذه الدولة، شجع المرزبان بن محمد على التلقب بالملك وتوغل بلاد أذربيجان وعنده أن سميران معونة متى ما نبت به الأرض وهذا وهسوذان على ما عرفت خوره وجزعه وكثرة إفساده على الأمير السعيد إنّما كانت تلك القلعة مادّة الباطنية وعيبه المناظرة وباسمها واصل عماد الدولة وتأكّل أبهر وزنجان وأكثر قزوين وجميع سهرورد وبنى القلاع التي خلصت اليوم للدولة القاهرة ثمّ من ملك سميران فقد أضاف إلى ملك الديلم ملك من أعلى أسفيذروذ من الجبل، وليست المزية في ذلك بقليلة ولا المرزئة للأعداء بيسيرة ولا النباهة بخفيفة، فاجتهد يا سيدي وجدّ وبالغ واشتدّ ولا تستكثر بذلا ولا تستعظم جزلا ولا تستسرف ما تخرجه نقدا وتضمنه وعدا، فلو وزنت ألف ألف درهم ثم تملك سميران لكنت الرابح، وأوردت هذا الفصل بهذا الذكر فلو كتبت فيه أحمالا من البياض لكنت بعد في جانب التقصير والاقتصار، والله خير ميسر، نعم يا سيدي إن أثرك في حسبك عظيم وذكرك فخم وحديثك كالروض باكره القطر وراوحه الصّبا ولكن ليس النجم كالشمس ولا القمر كالصبح ولا سميران كجناشك، ومتى تيسر هذا على يدك فقد حزت جمالا لا يمحى حتى تمحو السماء أثر الكواكب، والله حسبي ونعم الوكيل.

سُمَيْرَةُ

سُمَيْرَةُ:
كأنّه تصغير سمرة: واد قرب حنين قتل فيه دريد بن الصمّة، قتله ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمّال بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة السّلمي، ويقال
له ابن الدّغنة وهي أمّه، فقالت عمرة بنت دريد ابن الصمة ترثيه وتنعى إلى بني سليم إحسان دريد إليهم في الجاهليّة:
لعمرك ما خشيت على دريد ... ببطن سميرة جيش العناق
جزى عنّا الإله بني سليم، ... وعقّتهم بما فعلوا عقاق
وأسقانا إذا عدنا إليهم ... دماء خيارهم يوم التّلاقي
فربّ عظيمة دافعت عنهم ... وقد بلغت نفوسهم التّراقي
وربّ كريمة أعتقت منهم، ... وأخرى قد فككت من الوثاق
وربّ منوّه بك من سليم ... أجبت وقد دعاك بلا رماق
فكان جزاؤنا منهم عقوقا ... وهمّا ماع منه خفّ ساق
عفت آثار خيلك بعد أين ... فذي بقر إلى فيف النّهاق
وسنّ سميرة مذكور في سنّ.

سَنَامٌ

سَنَامٌ:
بفتح أوّله، بلفظ سنام البعير، قال أبو الحسن الأديبي: جبل مشرف على البصرة إلى جانبه ماء كثير السافي، وهو أوّل ماء يرده الدّجال من مياه العرب، قال نصر: سنام اسم جبل قريب من البصرة يراه أهلها من سطوحهم، وفي بعض الــآثار أنّه يسير مع الدجّال. وسنام أيضا: جبل بالحجاز بين ماوان والربذة. وسنام أيضا: جبل لبني دارم بين البصرة واليمامة، قال بعضهم:
شربن من ماوان ماء مرّا، ... ومن سنام مثله أو شرّا
وحدث محمد بن خلف وكيع ورفعه إلى رجل من أهل طبرستان كبير السنّ قال: بينما أنا ذات يوم أمشي في ضيعة لي إذ أنا بإنسان في بستان مطروح عليه ثياب خلقان فدنوت منه فإذا هو يتحرّك ويتكلّم، فأصغيت إليه فإذا هو يقول بصوت خفيّ:
أحقّا عباد الله أن لست ناظرا ... سنام الحمى أخرى الليالي الغوابر؟
كأنّ فؤادي من تذكّره الحمى ... وأهل الحمى يهفو به ريش طائر
فما زال يردّد هذين البيتين حتى فاضت نفسه، فسألت عنه فقيل: هذا الصمّة بن عبد الله القشيري.
وسنام أيضا: قلعة بما وراء النهر أحدثها المقنّع الخارجي، وإيّاها عنى مالك بن الرّيب:
تذكّرني قباب التّرك أهلي ... ومبدأهم إذا نزلوا سناما
وصوت حمامة بجبال كسّ ... دعت مع مطلع الشمس الحماما
فبتّ لصوتها أرقا وباتت ... بمنطقها تراجعني الكلاما
ويجوز أن يكون أراد أنّه لما نزل قباب الترك تذكّر سناما الموضع الذي في بلاده.

سِيرافُ

سِيرافُ:
بكسر أوّله، وآخره فاء، في الإقليم الثالث، طولها تسع وتسعون درجة ونصف، وعرضها تسع وعشرون درجة ونصف، ذكر الفرس في كتابهم المسمى بالابستاق، وهو عندهم بمثابة التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى: أن كيكاوس لما حدّث نفسه بصعود السماء صعد فلمّا غاب عن عيون الناس أمر الله الريح بخذلانه فسقط بسيراف فقال: اسقوني ماء ولبنا، فسقوه ذلك بذلك المكان فسمّي بذلك لأن شير هو اللبن وآب هو الماء، ثمّ عرّبت فقلبت الشين إلى السين والباء إلى الفاء فقيل سيراف: وهي مدينة جليلة على ساحل بحر فارس كانت قديما فرضة الهند، وقيل: كانت قصبة كورة أردشير خرّه من أعمال فارس، والتجار يسمونها شيلاو، بكسر الشين المعجمة ثمّ ياء مثناة من تحت وآخره واو صحيحة، وقد
رأيتها، وبها آثار عمارة حسنة وجامع مليح على سواري ساج، وهي في لحف جبل عال جدّا، وليس للمراكب فيها ميناء فالمراكب إذا قدمت إليها كانت على خطر إلى أن تقرب منها إلى نحو من فرسخين موضع يسمى نابد هو خليج ضارب بين جبلين، وهو ميناء جيد غاية، وإذا حصلت المراكب فيه أمنت من جميع أنواع الرياح، وبين سيراف والبصرة إذا طاب الهواء سبعة أيّام، ومن سيراف هذه أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي النحوي، وشرب أهلها من عين عذبة، ووصفها أبو زيد حسب ما كانت في أيّامه فقال: ثمّ ينتهي إلى سيراف، وهي الفرضة العظيمة لفارس، وهي مدينة عظيمة ليس بها سوى الأبنية حتى يجاوز على نظر عملها وليس بها شيء من مأكول ولا مشروب ولا ملبوس إلّا ما يحمل إليها من البلدان، ولا بها زرع ولا ضرع ومع ذلك فهي أغنى بلاد فارس، قلت: كذا كان في أيّامه فمنذ عمّر ابن عميرة جزيرة قيس صارت فرضة الهند وإليها منقلب التجار، خربت سيراف وغيرها، ولقد رأيتها وليس بها قوم إلّا صعاليك ما أوجب لهم المقام بها إلّا حبّ الوطن، ومن سيراف إلى شيراز ستون فرسخا، قال الإصطخري: وأما كورة أردشير خرّه فأكبر مدينة بها بعد شيراز سيراف، وهي تقارب شيراز في الكبر، وبناؤهم بالساج وخشب يحمل من بلاد الزنج، وأبنيتهم طبقات، وهي على شفير البحر مشتبكة البناء كثيرة الأهل يبالغون في نفقات الأبنية حتى إن الرجل من التجار لينفق على داره زيادة على ثلاثين ألف دينار ويعملون فيها بساتين، وإنّما سقيها وفواكههم وأطيب مائهم من جبل مشرف عليهم يسمّى جمّ وهو أعلى جبل به الصرود وسيراف أشدّ تلك المدن حرارة، قلت: هكذا وصفها، والجبل مضايق لها إلى البحر جدّا ليس بين ماء البحر والجبل إلّا دون رمية سهم فلا تحتمل هذه الصفة كلّها إلّا بأن يكون كان وغيّره طول الزمان.

سِيرَوَان

سِيرَوَان:
بكسر أوّله، وآخره نون، قال الأديبي:
بلد بالجبل، وقال غيره: السيروان كورة بالجبل، وهي كورة ماسبذان، وقيل: بل هي كورة برأسها ملاصقة لماسبذان، قال أبو بكر بن موسى:
السيروان من قرى الجبل، بلغ سعد بن أبي وقّاص أن الفرس قد جمعت وعليهم آذين بن الهرمزان بعد فتح حلوان وأنّهم نزلوا بسهل فأنفذ إليهم ضرار بن الخطاب الفهري في جيش فأوقع بهم وقتل آذين فوزّروا قائدا آخر، فقال:
أقول له، والرّمح بيني وبينه: ... أآذين ماذا الفعل مثل الذي تبدي
فقال، ولم أحفل لما قال: إنّني ... أدين لكسرى غير مدّخر جهدي
فصارت إلينا السيروان وأهلها ... وماسبذان كلّها يوم ذي الرّمد
قال: والسيروان أيضا من قرى نسف، ينسب إليها أبو علي أحمد بن إبراهيم بن معاذ السيرواني، ومات
بها، روى عن إسحاق بن إبراهيم الدبري وأقرانه، وقال الأديبي: سيروان موضع بفارس، وشيروان موضع، يروى بالشين المعجمة، وقد ذكر.
والسيروان أيضا: موضع قرب الري كان المهدي نزله في حياة المنصور حين وجّهه إلى خراسان وبنى فيه أبنية آثارها إلى الآن باقية بها وولد فيها الهادي أيضا في سنة ست وأربعين.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.