وحسب تجزئته هذه انتهى الجزء الثاني إلى حرف العين وكان تمام طبعه
في المطبع العالي لمنشي نو لكشور بالطبعة الأولى في شهر رمضان سنة
1283هـ، وبالطبعة الثانية في شهر رمضان سنة 1314هـ؛
وأما بالطبعة الجديدة بمطبعة دائرة المعارف العثمانية فهذا هو الجزء الثالث
ينتهي إلى حرف العين، وقد وقع الفراغ من طبعه بعد المعارضة
بنسخ الكتاب والتصحيح يوم الجمعة الرابع والعشرين
من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة
بعد الألف من الهجرة النبوية على صاحبها ألف ألف
صلاة وتحية= 18/ يونيو سنة 1971م.
ويتلوه في الجزء الرابع حرف الغين المعجمة.
(تم الجزء الثالث) بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الكمال والدوام، على سيد رسله العتام، صلاة تمحو السيئات، وترفع الحسنات، وتكفر الهفوات، وتزيد البركات؛ ونشهد أن لا إله إلا الله شهادة تزيل موجبات النقم، وتزيد مقتضيات النعم؛ وبعد فهذا ثلث ثالث من "مجمع بحار الأنواع في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار".
بابه مع الباء
عيا: عَيَّ بالأَمرِ عَيّاً وعَيِيَ وتَعايا واسْتَعْيا؛ هذه عن
الزجَّاجي ، وهو عَيٌّ وعَييٌ وعَيَّانُ: عجز عنه ولم يُطِقْ إحْكامه. قال
سيبويه: جمع العَييِّ أَعْيِياءُ وأَعِيَّاءُ، والتصحيح من جهة أَنه ليس على
وزن الفِعْلِ، والإعْلال لاسْتِثقالِ اجتماع الياءَينِ، وقد أَعْياه
الأمرُ؛ فأَمَّا قول أبي ذؤيب:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ، يأْوِي مَلِيكُها
إلى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونارِلِ
فإنما عَدّى أَعْيا بالباء لأنه في معنى برَّح، فكأَنه قال برَّح بِراقٍ
ونازِلٍ، ولولا ذلك لما عَدَّاه بالباء. وقال الجوهري: قوم أَعْياء
وأَعْيِياء، قال: وقال سيبويه أَخبرنا بهذه اللغة يونس ، قال ابن بري: صوابه
وقوم أَعِيّاء وأَعْيِياء كما ذكره سيبويه. قال ابن بري: وقال ، يعني
الجوهري، وسَمِعْنا من العرب من يقول أَعْيِياء وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّن؛ قال
في كتاب سيبويه: أَحْيِيَةٌ جمع حَياء لفَرْج الناقة، وذكر أَنَّ من
العرب من يُدْغِمُه فيقول أَحِيَّة. الأزهري: قال الليث العِيُّ تأْسِيسٌ
أَصله من عَين وياءَيْن وهو مصدر العَيِيِّ، قال: وفيه لغتان رجل عَيِيٌّ،
بوزن فعيل؛ وقال العجاج:
لا طائِشٌ قاقٌ ولا عَيِيُّ
ورجل عَيٌّ: بوَزْنِ فَعْلٍ، وهو أَكثر من عَييٍّ، قال: ويقال عَيِيَ
يَعْيا عن حُجَّته عَيّاً، وعَيَّ يَعْيَا، وكلُّ ذلك يقال مثل حَيِيَ
يَحْيَا وحَيِّ؛ قال الله عز وجل: ويَحْيا مَنْ حَيَّ عن بَيِّنَةٍ ، قال:
والرِّجلُ يَتَكَلَّف عملاً فيَعْيا به وعَنه إذا لم يَهْتَدِ لوجِه عَمَله.
وحكي عن الفراء قال: يقال في فِعْلِ الجميع من عَيَّ عَيُّوا؛ وأَنشد
لبعضهم:
يَحِدْنَ عَنْ كلِّ حَيٍّ، كأَنَّنا
أَخاريسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالنَّسَبْ
وقال آخر:
مِنَ الذين إذا قُلْنا حديثَكُمُ
عَيُّوا، وإنْ نَحْن حَدَّثْناهُمُ شَغِبُوا
قال: وإذا سُكِّن ما قبل الياء الأُولى لم تُدْغَمْ كقولك هو يُعْيي
ويُحْيي. قال: ومن العربَ منْ أَذْعَمَ في مثلِ هذا؛ وأَنشد لبعضهم:
فكَأَنَّها بينَ النّساء سَبيكةٌ
تَمْشي بسُدَّة بَيتها، فتُعِيُّ
وقال أبو إسحق النحوي: هذا غيرُ جائزٍ عند حُذَّاق النحويين. وذكر أَنَّ
البيتَ الذي اسْتَشْهد به الفراء ليس بمعروف؛ قال الأَزهري: والقياس ما
قاله أَبو إسحق وكلامُ العرب عليه وأَجمع القُرّاء على الإظْهار في قوله
يُحْيِي ويُمِيتُ. وحكي عن شمر: عَيِيتُ بالأَمر وعَييتُه وأَعْيا عليَّ
ذلك وأَعياني. وقال الليث: أَعْياني هذا الأَمرُ أَن أَضْبِطَه وعَيِيت
عنه، وقال غيره: عَيِيتُ فلاناً أَعْياهُ أَي جَهِلْته. وفلان يَعْياه
أَحدٌ أي لا يَجْهَله أحدٌ، والأصل في ذلك أن لا تَعْيا عن الإخبارِ عنه إذا
سُئِلْتَ جَهْلاً به؛ قال الراعي:
يسأَلْنَ عنك ولا يَعْياك مسؤولُ
أَي لا يَجْهَلُك. وعَيِيَ في المَنْطِق عِيّاً: حَصِرَ. وأَعْيا
الماشي: كلَّ. وأَعْيا السيرُ البَعيرَ ونحوَه: أَكَلَّه وطَلَّحه. وإبلٌ
مَعايا: مُعْيِيَة. قال سيبويه: سألت الخليلَ عن مَعايا فقال: الوَجْه
مَعايٍ، وهو المُطَّرد، وكذلك قال يونس، وإنما قالوا مَعايا كما قالوا مَدارى
وصَحارى وكانت مع الياء أَثقلَ إذا كانت تُستَثقَل وحدَها. ورجلٌ
عَياياءُ: عَيِيٌّ بالأُمور. وفي الدعاء: عَيٌّ له وشَيٌّ، والنَّصْبُ جائِزٌ.
والمُعاياةُ: أَن تأْتيَ بكلامٍ لا يٌهتَدى له، وقال الجوهري: أَن تأْتي
بشيءٍ لا يهتدى له، وقد عاياهُ وعَيَّاه تَعْيِيَةً. والأُعْيِيَّةُ: ما
عايَيْتَ به. وفَحْلٌ عَياءٌ: لا يَهْتَدي للضراب، وقيل: هو الذي لم
يَضْرِبْ ناقةً قطُّ، وكذلك الرجل الذي لا يَضْرِبُ، والجمع أَعْياءٌ ،
جمَعُوه على حذف الزائد حتى كأَنهم كسَّروا فَعَلاً كما قالوا حياءُ الناقةِ،
والجمع أَحْياءٌ. وفَحْلٌ عَياياءُ: كْعَياءٍ، وكذلك الرجُلُ. وفي حديث
أُمّ زرع: أَنَّ المرأَة السادسة قالت زوجي عَياياءُ طَبافاءُ كلُّ داءٍ
داءٌ؛ قال أبو عبيد: العَياياءُ من الإبلِ الذي لا يَضْرِبُ ولا
يُلْقِحُ، وكذلك هو من الرجال؛ قال ابن الأثير في تفسيره: العَياياءُ العِنِّينُ
الذي تُعْييهِ مُباضَعَة النساء . قال الجوهري: ورَجلٌ عَياياءُ إذا
عَيِّ بالأَمْر والمَنْطِقِ ؛ وذكر الأزهري في ترجمة عبا:
كَجَبْهَةِ الشَّيخِ العَباء الثَّطِّ
وفسره بالعَبام، وهو الجافي العَيِيُّ ، ثم قال: ولم أَسْمَع العَباءَ
بمعنى العَبام لغير الليث، قال: وأَما الرَّجَز فالرواية عنه:
كَجَبْهَة الشيخ العياء
بالياء . يقال: شيخ عَياءٌ وعَياياءُ، وهو العَبامُ الذي لا حاجة له إلى
النساء، قال: ومن قاله بالباء فقد صَحَّف. وداءٌ عَياءٌ: لا يُبْرَأُ
منه ، وقد أَعْياه الداءُ ؛ وقوله:
وداءٌ قدَ أعْيا بالأطبَّاء ناجِسُ
أراد أَعْيا الأَطِبَّاءَ فعَدَّاه بالحَرْفِ، إذ كانت أَعْيا في معنى
بَرَّحَ، على ما تقدم. الأَزهري: وداءٌ عَيُّ مثلُ عَياءٍ، وعَيِيٌّ
أَجود؛ قال الحرث بن طُفَيل:
وتَنْطِقُ مَنْطِقًا حُلْواً لذيذاً،
شِفاءَ البَثِّ والسُّقْمِ العَيِيِّ
كأَن فَضِيضَ شارِبه بكأْس
شَمُول، لَوْنُها كالرَّازِقِيِّ
جَمِيعاً يُقْطَبانِ بِزَنْجَبيلٍ
على فَمِها، مَعَ المِسْكِ الذَّكِيِّ
وحكي عن الليث: الداءُ العَيادُ الذي لا دَواءَ له، قال: ويقال الداءُ
العَياءُ الحُمْقُ. قال الجوهري: داءٌ عَياءٌ أَي صعبٌ لا دواءَ له كأَنه
أَعْيا على الأَطِباء. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: فِعْلُهم الداءُ
العَياءُ؛ هو الذي أَعْيا الأَطِباء ولم يَنْجَعْ فيه الدواءُ. وحديث
الزُّهْري: أَنَّ بَرِيداً من بعض المُلوك جاءَه يسأله عن رجل معه ما مع المرأة
كيف يُوَرَّث؟ قال: من حيثُ يخرجُ الماءُ الدافِقُ؛ فقال في ذلك
قائلهم:ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضاةَ عَياؤُها
تَذَرُ الفقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهِلِ
عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذها بِشِوَائِها ،
وقَطَعْتَ مَحْرِدَها بحُكْمٍ فاصِلِ
قال ابن الأثير: أَرادَ أَنك عجلتَ الفَتْوى فيها ولم تَسْتَأْنِ في
الجواب، فشَبَّهه برجُلٍ نَزلَ به ضيفٌ فعَجَّل قِراهُ بما قَطعَ له من
كَبِدِ الذَّبيحة ولَحْمِها ولم يَحْبِسُه على الحَنيذِ والشّواء، وتَعْجيلُ
القِرى عندهم محمودٌ وصاحبُه ممدوح.
وتَعَيَّا بالأمر: كَتَعَنَّى ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
حتى أَزُورَكُم وأَعْلَمَ عِلْمَكُمْ،
إنَّ التَّعَيِّيَ بأَمرِك مُمْرِضُ
وبنو عَياءٍ: حَيٌّ من جَرْمٍ. وعَيْعايةُ: حَيٌّ من عَدْوان فيهم
خَساسة. الأزهري: بَنُو أَعْيا يُنْسَبُ إليهم أَعْيَوِيٌّ، قال: وهم حَيٌّ
من العرب. وعاعَى بالضأْنِ عاعاةً وعِيعاءً: قال لها عا، وربما قالوا
عَوْ وعايْ وعاءِ، وعَيْعَى عَيْعاةً وعِيعاءً كذلك؛ قال الأَزهري: وهو
مثال حاحَى بالغَنَم حِيحاءً، وهو زَجْرُها. وفي الحديث شِفاءُ العِيِّ
السؤالُ؛ العِيُّ: الجهلُ، وعيِيَ به يَعْيا عِيّاً وعَيَّ، بالإدغام
والتشديد، مثلُ عَييَ. ومنه حديث الهَدْي: فأَزْحَفَتْ عليه بالطريق فعَيَّ
بشأْنِها أَي عَجَزَ عنها وأَشكل عليه أَمرُها. قال الجوهري: العِيُّ خلافُ
البيانِ، وقد عَيَّ في مَنْطِقِه. وفي المثل: أَعْيَا من باقِلٍ. ويقال
أَيضًا: عَيَّ بِأَمرِه وعَيِيَ إذا لم يَهْتَدِ لوجهِه، والإدْغامُ
أَكثر، وتقول في الجمع: عَيُوا ، مخَفَّفاً، كما قلناه في حَيُوا، ويقال
أَيضًا: عَيُّوا، بالتشديد، وقال عبيد بن الأبرص:
عَيُّوا بأَمرِهِمُ ، كما
عَيَّتْ ببَيْضتِها الحَمامَهْ
وأَعياني هو ؛ وقال عمرو بن حسان من بني الحَرِث ابنِ همَّام:
فإنَّ الكُثْرَ أَعْياني قَديماً ،
ولم أُقْتِرْ لَدُنْ أَنّي غُلامُ
يقول: كنت متوسطاً لم أَفْتَقر فقراً شديداً ولا أَمكَنني جمعُ المال
الكثير، ويُرْوى: أَغناني أَي أَذَلِّني وأَخْضَعني. وحكى الأَزهري عن
الأصمعي: عيِيَ فلان، بياءَين، بالأَمر إذا عَجَز عنه، ولا يقال أَعْيا به.
قال: ومن العرب من يقول عَيٌّ به، فيُدْغِمُ. ويقال في المَشْي: أَعْيَيْت
وأَنا عَيِيّ؛
(* قوله «اعييت وأنا عييّ» هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: أعييت اعياء،
قال: وتكلمت حتى عييت عياً ، قال: واذا طلب علاج شيء فعجز يقال: عييت
وأنا عيي.) قال النابغة:
عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبْعِ من أَحد
قال: ولا يُنْشَدُ أَعْيَتْ جواباً؛ وأَنشد لشاعر آخر في لغة من يقول
عيي:
وحتى حسِبْناهْم فوارِسَ كَهْمَسٍ،
حَيُوا بعدما ماتُوا من الدَّهْرِ أَعْصُرَا
ويقال: أَعْيا عليَّ هذا الأَمرُ وأَعْياني، ويقال: أَعْياني عَيَاؤه؛
قال المرَّارُ:
وأَعْيَتْ أَن تُجِيبَ رُقىً لِرَاقِ
قال: ويقال أَعْيا به بعيره وأَذَمَّ سواءٌ. والإعْياءُ: الكَلال؛
يقال: مَشَيْت فأَعْيَيْت، وأَعيا الرجلُ في المَشْيِ، فهو مُعْيٍ؛ وأَنشد
ابن بري:
إنّ البَراذِيِنَ إذا جَرَيْنَهْ ،
مَعَ العِتاقِ ساعَةً، أَعْيَيَنَهْ
قال الجوهري: ولا يقال عَيَّانٌ. وأَعْيا الرجلُ وأَعياهُ الله، كلاهما
بالأَلف. وأَعيا عليه الأَمْرُ وتَعَيَّا وتَعايا بمعنى.
وأَعْيا: أَبو بطن من أَسَدٍ، وهو أَعيا أَخو فَقْعسٍ ابنا طَريفِ بن
عمرو بن الحَرِثِ بن ثَعْلبة بن دُوادانَ بن أَسدٍ؛ قال حُرَيث بنُ عتَّابٍ
النَّبْهاني:
تَعالَوْا أُفاخِرْكُمْ أَأَعْيا، وفَقْعَسٌ
إلى المَجْدِ أَدْنَى أَمْ عَشِيرَةُ حاتِمِ
والنسبَة إليهم أَعْيَويّ.