زهق: زهَقَ الشيءُ يَزْهَقُ زُهوقاً، فهو زاهِقٌ وزَهوقٌ: بطَل وهلَك
واضْمَحَلّ. وفي التنزيل: إنَّ الباطل كان زَهوقاً. وزهَقَ الباطلُ إذا
غَلَبَه الحقّ، وقد زاهَقَ الحقُّ الباطلَ. وزَهَق الباطِلُ أي اضْمَحَلّ،
وأزْهَقَه الله. وقوله عز وجل: فإذا هو زاهِقٌ، أي باطِلٌ ذاهِبٌ. وزُهوقُ
النفسِ: بُطْلانُها. وقال قتادة: وزَهَقَ الباطلُ يعني الشيطان،
وزَهَقَتْ نفسُه تَزْهَقُ زُهُوقاً وزَهِقَت، لغتان: خرجت. وفي الحديث: إن
النحرَ في الحَلْق واللَّبّة وأقِرُّوا الأَنْفُسَ حتى تَزْهَقَ أي حتى تخرج
الروح من الذَّبيحة ولا يبقى فيها حركة، ثم تسلخ وتقطع. وقال تعالى:
وتَزْهَق أنْفُسُهم وهُمْ كافرون؛ أي تَخْرُج. وفي الحديث: دون الله سبعون ألف
حجاب من نور وظُلمة وما تَسْمَع نفسٌ مِنْ حِسِّ تلك الحجُب شيئاً إلا
زِهِقَتْ أي هلكت وماتت. وزَهَقَ فلانٌ بين أيدينا يَزْهَقُ زَهْقاً
وزُهوقاً وانْزَهقَ، كلاهما: سبق وتقدم أمام الخيل، وكذلك زهَق الدابّةُ،
والمنهزم زَاهقٌ. ابن السكيت: زَهَقَ الفرسُ وذَهَقَتِ الراحلة تَزْهَقُ
زهوقاً إذا سَبَقت وتقدَّمت، والجمع زُهَّق. وزَهَقَ مُخُّه، فهو زاهِق إذا
اكْتَنَزَ، وهو زاهِقُ المُخِّ. وفَرَسٌ زَهَقى إذا تقدَّم الخيل؛
وأنشد:عَلى قَراً مِنْ زَهَقى مِزَلِّ
والزَّاهِقُ من الدوابِّ: السَّمِينُ المُمِخُّ. وزَهَقَتِ الدابَّةُ
والناقةُ تَزْهَقُ زُهوقاً: انتهى مُخُّ عَظْمِها واكْتَنَزَ قَصَبُها.
وزَهِقَتْ عظامه وأزْهَقَتْ: سَمِنت؛ قال:
وأزْهَقَتْ عِظامُه وأخْلَصا
وقيل: الزاهِق والزَّهِقُ الذي ليس فوق سِمَنهِ سَمَنٌ، وقيل: الزاهِقُ
المُنْقي وليس بِمُتَناهي السِّمَن، وقيل: هو الشديد الهُزال الذي تَجِد
زُهومةَ غُثوثةِ لحمهِ، وقيل: هو الرقيق المُخّ. الأَزهري: الزاهِق الذي
اكْتَنَزَ لحمُه ومُخُّه. الأَزهري: الزاهِقُ من الأَضداد، يقال الهالك
زاهقٌ، والسمِينُ من الدوابّ زاهق؛ قال الشاعر:
القائدُ الخيلِ مَنْكُوباً دوابِرُها،
منها الشَّنُونُ ومنها الزاهِقُ الزَّهِمُ
وقال بعضهم: الزاهِق السَّمينُ والزَّهِمُ أسمَنُ منه. والزُّهومةُ في
اللحم: كراهية رائحتِه من غير تغيير ولا نَتْنٍ. وزَهَقَ العظمُ زُهوقاً
إذا اكْتَنَزَ مُخُّه. وزَهَقَ المُخُّ إذا اكْتَنَزَ، فهو زاهِق؛ عن
يعقوب؛ وأما قول عثمان بن طارق
(* قوله «عثمان بن طارق» في هامش الأصل هنا
وفما يأتي قريباً ما نصه صوابه: عمارة بن طارق اهـ. وكذلك نسبه في الصحاح
لعمارة في مادة مسد).
ومَسَدٍ أمِرَّ مِنْ أيانِقِ،
لسن بأنْيابٍ ولا حَقائِقِ،
ولا ضِعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقُ
فإنَّ الفراء يقول: هو مرفوعٌ والشعر مُكْفَأٌ، يقول: بل مُخُّهنَّ
مُكتَنِزٌ، رفَعَه على الابتداء، قال: ولا يجوز أن يريد ولا ضِعافٍ زاهقٍ
مُخُّهنَّ كما لا يجوز أن تقول مررت برجل أبوه قائمٍ بالخفضِ؛ قال ابن بري:
يريد أنه لا يجوز لك أن ترفع مُخَّهن بزاهِق فتُقدم الفاعل على فعله،
وعلى أنه قد جاء ذلك عن الكوفيين، من ذلك قراءة من قرأ: ونَخْلٍ طَلْعُها
هَضِيمٍ؛ وقول الزَّبَّاءِ:
ما للجِمال مشيُها وَئِيدا؟
وقول امرئ القيس:
فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِ
وقيل: الزاهِق ههنا بمعنى الذاهب كأنه قال: ولا ضِعافٍ مُخُّهنّ، ثم
رَدَّ الزاهِق على الضِّعاف؛ والذي وقع في شعر عثمان:
عِيسٌ عِتاقٌ ذاتُ مُخٍّ زاهِقِ
والذي أنشده أبو زيد:
لقد تَعَلَّلت على أيانِقِ
صُهْبٍ، قليلاتِ القُرادِ اللاّزِقِ،
وذاتِ ألْياطٍ ومُخٍّ زاهِقِ
وبئرٌ زهوقٌ وزاهِقٌ: بعيدةُ القَعْرِ، وكذلك فَجُّ الجبَل المُشْرِفُ؛
وقال أبو ذؤيب يصف مُشْتار العسل:
وأشْعَثَ مالُه فَضَلاتُ ثوْلٍ
على أركان مَهْلكَةٍ زَهُوقِ
قال ابن بري: قوله وأشعث مخفوضٌ بواو رُبَّ، والبيت أول القصيدة، وجوابُ
ربَّ فيما بعده وهو قوله:
تأبَّطَ خافَةً فيها مسابٌ،
فأضْحى يقْتري مَسَداً بِشِيقِ
والثَّوْلُ: جماعة النحل، وكذلك المَفازة النائية المَهْواةِ.
والزَّهْقُ والزَّهَقُ: الوَهْدةُ وربما وقعت فيها الدواب فهلكت. يقال: أزْهَقَت
أيديها في الحُفَر؛ وقال رؤبة:
تَكادُ أيديها تَهاوى في الزَّهَقْ
وأنشد أيضاً:
كأنَّ أيديهنَّ تَهْوي في الزَّهَقْ،
أيْدي جَوارٍ يتَعاطَيْنَ الوَرَقْ
وقيل: معنى الزَّهَق التقدمُ في هذا البيت. وانْزَهَقَتِ الدابةُ:
تردَّتْ. ورجل مَزْهوقٌ: مضيَّق عليه. والقومُ زُهاقُ مائة وزِهاق مائة أي هم
قريبٌ من ذلك في التقدير، كقولهم زُهاءُ مائة وزِهاءُ مائة. وقال
المؤرّج: المُزْهِقُ القاتِل، والمُزْهَقُ المقتول. وزَهَقَ السهمُ أي جاوز
الهَدَف؛ وأزْهَقَه صاحبُه. وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه تكلم يوم
الشُّورى فقال: إن جابِياً خيرٌ من زاهِقٍ؛ فالزاهِقُ من السهام: الذي وقَع
وراءَ الهَدَف دون الإصابة ولا يُصيب، والحابي: الذي وقَع دون الهَدَف ثم
زحَفَ إلى الهَدَف فأصابه، فأخبر أنَّ الضعيف الذي يُصيب الحق خيرٌ من
القويّ الذي لا يُصيبه، وضَرَبَ الزاهق والحابي من السِّهام لهما مثلاً.
وأزْهَقْتُ الإناء: قَلبتُه. ورأيتُ فلاناً مُزْهِقاً أي مُغِذّاً في سَيرِهِ.
وفرسٌ ذاتُ أزاهيقَ أي ذاتُ جَرْيٍ سريعٍ. قال أبو عبيد في المصنَّف:
وليس في شيء منه زَهِقَ، بالكسر، وحكى بعضهم زَهِقَت نفسه، بالكسر،
تَزْهَقُ زُهوقاً لغة في زَهَقَت. قال ابن بري: قال الهروي زَهِقَت نفسُه،
بالكسر، وقال ابن القُوطِيّة: زهِقت نفسُه، بالكسر، والفتح لغة. وفلان زَهِقٌ
أي نَزِقٌ. والزَّهَقُ: المُطْمئن من الأَرض. وأزهقَت الدابةُ السَّرْجَ
إذا قدَّمته وألقتْه على عُنُقها، ويقال بالراء؛ قال الراجز:
أخاف أن تُزْهِقَه أو يَنْزرِقْ
قال الجوهري: أنشدَنيه أبو الغوث بالزاي. وانزهقَتِ الدابةُ أي طَفَرت
من الضرْب أو النِّفارِ.
والزُّهْلُوقُ، بزيادة اللام: السَّمينُ. قال الأَصمعي في إناث حُمرُ
الوَحْشِ إذا استوت مُتونُها من الشحم قيل حُمُر زهالِقُ. قال ابن بري:
يقال الزَّهالِقُ واحدها زِهْلِق وهو الأَمْلَس؛ قال عُمارة:
مِثْل مُتون الحُمُر الزَّهالِق
أبو عبيد: جاءت الخيل أزاهِقَ وأزاهيقَ، وهي جماعات في تَفْرِقة.