حرد: الحَرْدُ: الجِد والقصد. حَرَدَ يَحْرِد، بالكسر، حَرْداً: قصد.
وفي التنزيل: وغدوا على حرد قادرين؛ والحَرْدُ: المنع، وقد فسرت الآية على
هذا، وحَرَّد الشيءَ: منعه؛ قال:
كأَن فِداءها، إِذا حَرَّدوُه
أَطافوا حولَه. سلَكٌ يتيم
ويروى: جَرَّدوه أَي نقوه من التبن. ابن الأَعرابي: الحَرْدُ: القصد،
والحَرْدُ: المنع، والحَرْدُ الغيظ والغضب، قال: ويجوز أَن يكون هذا كله
معنى قوله: وغدوا على حرد قادرين؛ قال: وروي في بعض التفسير أَن قريتهم كان
اسمها حَرْدَ؛ وقال الفراء: وغدوا على حرد، يريد على حَدٍّ وقُدْرة في
أَنفسهم. وتقول للرجل: قد أَقبلتُ قِبَلَكَ وقصدت قصدك وحَرَدْتُ
حَرْدَكَ؛ قال وأَنشدت:
وجاء سيْل كان من أَمر آللهْ،
يَحْرِدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّهْ
يريد: يقصد قصدها. قال وقال غيره: وغدوا على حرد قادرين، قال: منعوا وهم
قادرون أَي واجدون، نصب قادرين على الحال. وقال الأَزهري في كتاب الليث:
وغدوا على حرد، قال: على جدّ من أَمرهم، قال: وهكذا وجدته مقيداً
والصواب على حَدٍّ أَي على منع؛ قال: هكذا قاله الفراء.
ورجل حَرْدانُ: متنحٍّ معتزل، وحَرِدٌ من قوم حِرادٍ وحَريدٌ من قوم
حُرَداءَ. وامرأَة حَريدَةٌ، ولم يقولوا حَرْدَى. وحيّ حَريد: منفرد معتزل
من جماعة القبيلة ولا يخالطهم في ارتحاله وحلوله، إِما من عزتهم وإِما من
ذلتهم وقلتهم. وقالوا: كل قليل في كثير: حَريدٌ؛ قال جرير:
نَبني على سَنَنِ العَدُوِّ بيوتنا،
لا نستجير، ولا نَحُلُّ حَريدٍا
يعني إِنَّا لا ننزل في قوم من ضعف وذلة لما نحن عليه من القوة والكثرة.
وقد حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً، الصحاح: حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً أَي تنحى
وتحوّل عن قومه ونزل منفرداً لم يخالطهم؛ قال الأَعشى يصف رجلاً شديد
الغيرة على امرأَته، فهو يبعد بها إِذا تزل الحيُّ قريباً من ناحيته:
إِذا نزل الحيُّ حَلَّ الجَحِيشُ
حَرِيدَ المَحَلِّ، غَويّاً غَيُورا
والجَحِيش: المتنحي عن الناس أَيضاً. وقد حَرَدَ يَحْرِدُ حُروداً إِذا
ترك قومه وتحوّل عنهم.
وفي حديث صعصعة: فرفع لي بيت حَريدٌ أَي منتبذ متنح عن الناس، من قولهم:
تحرّد الجمل إِذا تنحى عن الإِبل فلم يبرك، وهو حريد فريد. وكَوْكَبٌ
حريدٌ: طلع منفرداً، وفي الصحاح: معتزل عن الكواكب، والفعل كالفعل والمصدر
كالمصدر؛ قال ذو الرمة:
يعتسفان الليلَ ذا السُّدودِ،
أَمّاً بكل كوكب حَرِيدِ
ورجل حَريد: فَريد وحيدٌ.
والمُنحَرِد: المنفرد، في لغة هذيل؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنه كوكب في الجوّ منحرد
ورواه أَبو عمرو بالجيم وفسره منفرد، وقال: هو سهيل؛ ومنه التحريد في
الشعر ولذلك عُدَّ عيباً لأَنه بُعْدٌ وخلاف للنظير، وحَمرِدَ عليه
حَرْداً: كلاهما غضب؛ قال ابن سيده: فأَما سيبويه فقال حَرِدَ حَرْداً.
ورجل حَرِدٌ وحارد: غضبان. الأَزهري: الحِرْدُ جَزْمٌ، والحَرَدُ لغتان.
يقال: حَرِدَ الرجل، فهو حَرِدٌ إِذا اغتاظ فتحرش بالذي غاظه وهَمَّ به،
فهو حارد؛ وأَنشد:
أُسودُ شَرًى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
تَساقَيْن سُمّاً، كلُّهُنَّ حَوارِدُ
قال أَبو العباس، وقال أَبو زيد والأَصمعي وأَبو عبيدة: الذي سمعنا من
العرب الفصحاء في الغضب حَرِدَ يَحْرَدُ حَرَداً، بتحريك الراء؛ قال أَبو
العباس: وسأَلت ابن الأَعرابي عنها فقال: صحيحة، إِلا أَن المفضَّل أَخبر
أَن من العرب من يقول حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً، والتسكين أَكثر والأُخرى
فصيحة؛ قال: وقلما يلحن الناس في اللغة. الجوهري: الحَرَدُ الغضب؛ وقال
أَبو نصر أَحمد بن حاتم صاحب الأَصمعي: هو مخفف؛ وأَنشد للأَعرج المغني:
إِذا جياد الخيل جاءت تَرْدِي،
مملوءةً من غَضَبٍ وحَرْدِ
وقال الآخر:
يَلُوكُ من حَرْدٍ عليَّ الأُرَّمَا
قال ابن السكيت: وقد يحرك فيقال منه حَرِدَ، بالكسر، فهو حارد
وحَرْدَانُ؛ ومنه قيل: أَسد حارد وليوث حوارد؛ قال ابن بري: الذي ذكره سيبويه
حَرِدَ يَحْرَدُ حَرْداً، بسكون الراء، إِذا غضب. قال: وكذلك ذكره الأَصمعي
وابن دريد وعلي بن حمزة؛ قال: وشاهده قول الأَشهب بن رميلة:
أُسُودُ شرًى لاقتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ،
تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأَساوِدِ
وحارَدَتِ الإِبل حِراداً أَي انقطعت أَلبانها أَو قلَّت؛ أَنشد ثعلب:
سَيَرْوِي عقيلاً رجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ،
تَمَطَّتْ به، مَصْلُوبَةٌ لم تُحارِدِ
مصلوبة: موسومة. وناقة مُحارِدٌ ومُحارِدَة:
بَيِّنَةُ الحِرادِ؛ واستعاره بعضهم للنساء فقال:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها؛
وحارَدْنَ إِلاَّ مَا شَرِبْنَ الحَمائما
يقول: انقطعت أَلبانهنّ إِلا أَن يشربن الحميم وهو الماء يُسَخِّنَّه
فيشربنه، وإِنما يُسَخِّنَّه لأَنهنّ إِذا شربنه بارداً على غير مأْكول
عَقَر أَجوافهن. وناقة مُحارِدٌ، بغير هاء: شديدة الحِراد؛ وقال الكميت:
وحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكن،
لعُقْبَةِ قِدرِ المُسْتَعيرينَ، مُعْقِبُ
النكد: التي ماتت أَولادها. والجلاد: الغلاظ الجلود، القصار الشعور،
الشداد الفصوص، وهي أَقوى وأَصبر وأَقل لبناً من الخُورِ، والخُورُ أَغزر
وأَضعف. والحارد: القليلة اللَّبن من النُّوق. والحَرُودُ من النوق:
القليلة الدرِّ. وحاردت السنة: قلّ ماؤها ومطرها، وقد استعير في الآنية إِذا
نَفِدَ شرابها؛ قال:
ولنا باطيةٌ مملوءةٌ،
جَونَةٌ يتعها بِرْزِينُها
فإِذا ما حارَدَتْ أَو بَكَأَتْ،
فُتّ عن حاجِبِ أُخرى طهينُها
البرزي: إِناء يتخذ من قشر طَلْعِ الفُحَّالِ يشرب به. والحَرَدُ: داء
في القوائم إِذا مشى البعيرُ نفَض قوائمه فضرب بهن الأَرض كثيراً؛ وقيل:
هو داء يأْخذ الإِبل من العِقالِ في اليدين دون الرجلين. بعير أَحْرَدُ
وقد حَرِدَ حَرَداً، بالتحريك لا غير؛ وبعير أَحْرَدُ: يخبط بيديه إِذا
مِشى خلفه؛ وقيل: الحَرَدُ أَن ييبس عَصَبُ احدى اليدين من العِقال وهو
فصيل، فإِذا مَشى ضرب بهما صدرَه؛ وقيل: الأَحْرَدُ الذي إِذا مشى رفع قوائمه
رفعاً شديداً ووضعها مكانها من شدة قَطافَتِه، يكون في الدواب وغيرها،
والحَرَدُ مصدره. الأَزهري: الحَرَدُ في البعير حادث ليس بخلقة. وقال ابن
شميل: الحَرَدُ أَن تنقطع عَصَبَةُ ذراع البعير فَتَسترخي يده فلا يزال
يخفق بها أَبداً، وإِنما تنقطع العصبة من ظاهر الذراع فتراها إِذا مشى
البعير كأَنها تَمُدُّ مَدّاً من شدة ارتفاعها من الأَرض ورخاوتها،
والحَرَدُ ابنما يكون في اليد، والأَحْرَدُ يُلَقِّفُ؛ قال: وتلقيقه شدّة رفعه
يده كأَنما يَمُدّ مدّاً كما يَمُدُّ دَقَّاقُ الأَرز خشبته التي يدُق بها،
فذلك التلقيف. يقال: جمل أَحْرَدُ وناقة حَرْداءُ؛ وأَنشد:
إِذا ما دُعيتمْ لِلطِّعانِ أَجَبْتُمُ،
كما لَقَّفَتْ زُبٌّ شآمِيَةٌ حُرْدُ
الجوهري: بعير أَحرد وناقة حرداء، وذلك أَن يسترخي عصب إِحدى يديه من
عِقال أَو يكون خلقة حتى كأَنه ينفضها إِذا مشى؛ قال الأَعشى:
وأَذْرَتْ برجليها النَّفيَّ، وراجَعَتْ
يَداها خِنافاً لَيِّناً غيرَ أَحْردِ
ورجل أَحرد إِذا ثقلت عليه الدرع فلم يستطع الانبساطَ في المشي، وقد
حَرِدَ حَرَداً؛ وأَنشد الأَزهري:
إِذا ما مشى في درعه غيرَ أَحْرَدِ
والمُحَرَّدُ من كل شيء: المُعَوَّجُ. وتَحْرِيد الشيء: تعويجه كهيئة
الطاق. وحَبْلٌ مُحَرَّد إِذا ضُفِرَ فصارت له حروف لاعوجاجه. وحَرَّدَ
حبله: أَدرج فَتْلَه فجاء مستديراً، حكاه أَبو حنيفة. وقال مرة: حبل حَرِدٌ
من الحَرَدِ غير مُستوي القُوَى. قال الأَزهري: سمعت العرب تقول للحبل
إِذا اشتدت غارةُ قُواه حتى تتعقد وتتراكب: جاء بحبل فيه حُرُودٌ، وقد حرّد
حبله.
والحُرْدِيُّ والحُرْدِيَّةُ: حياصة الحظيرة التي تُشَدُّ على حائط
القصب عَرْضاً؛ قال ابن دريد: هي نبطية وقد حَرَّده تحريداً، والجمع
الحَراديُّ. الأَزهري: حَرَّدَ الرجُلُ إِذا أَوى إِلى كوخ. ابن الأَعرابي: يقال
لخشب السقف الرَّوافِدُ، ويقال لما يلقى عليها من أَطيان القصب
حَرادِيُّ. وغُرْفَةٌ مُحَرَّدَةٌ: فيها حراديّ القصب عَرْضاً. وبيت مُحَزّد:
مسنَّم، وهو الذي يقال له بالفارسية كُوخ، والحُرْدِيُّ من القصب، نَبَطِيٌّ
معرَّب، ولا يقال الهُرْدِيُّ. وحَرِدَ الوَتَرُ حَرَداً، فهو حَرِدٌ
إِذا كان بعضُ قُواه أَطولَ من بعض.
والمُحَرَّدُ من الأَوتار: الحَصَدُ الذي يظهر بعض قواه على بعض وهو
المُعَجَّرُ.
والحِرْدُ: قطعة من السَّنام؛ قال الأَزهري: لم أَسمع بهذا لغير الليث
وهو خطأٌ إِنما الحِرْدُ المعى.
حكى الزهري: أَن بَريداً من بعض الملوك جاء يسأَله عن رجل معه ما مع
المرأَة كيف يُوَرَّثُ؟ قال: من حيث يخرج الماء الدافق؛ فقال في ذلك
قائلهم:ومُهِمَّةٍ أَعيا القضاةَ قضاؤها،
تَذَرُ الفقيهَ يَشُكُّ مِثلَ الجاهل
عَجَّلْتَ قبل حنيذها بِشِوائها،
وقطعتَ مُحْرَدَها بِحُكْمٍ فاصل
المحرَدُ: المُقَطَّعُ. يقال: حردت من سَنام البعير حَرْداً إِذا قطعت
منه قطعة؛ أَراد أَنك عجلت الفتوى فيها ولم تستأْن في الجواب، فشبهه برجل
نزل به ضيف فعجل قراه بما قطع له من كَبِد الذبيحة ولحمها، ولم يحبسه على
الحنيذ والشواء؛ وتعجيل القرى عندهم محمود وصاحبه ممدوح.
والحِرْدُ، بالكسر: مَبْعَرُ البعير والناقة، والجمع حُرود. وأَحرادُ
الإِبل: أَمعاؤها، وخليق أَن يكون واحدها حِرْداً لواحد الحُرود التي هي
مباعرها لأَن المباعر والأَمعاء متقاربة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ثم غَدَتْ تَنْبِضُ أَحرادُها،
إِنْ مُتَغَنَّاةً وإِنْ حادِيَهْ
تنبض: تضطرب. متغناة: متغنية وهذا كقولهم الناصاة في الناصية، والقاراة
في القارية. الأَصمعي: الحُرود مباعر الإِبل، واحدها حِرْدٌ وحِرْدَة،
بكسر الحاء. قال شمر وقال ابن الأَعرابي: الحُرود الأَمعاء؛ قال وأَقرأَنا
لابن الرِّقَاع:
بُنِيَتْ على كَرِشٍ، كأَنَّ حُرودَها
مُقُطٌ مُطَوَّاةٌ، أُمِرَّ قُواها
ورجل حُرْدِيٌّ: واسع الأَمعاء. وقال يونس: سمعت أَعرابيّاً يسأَل يقول:
مَن يتصدّق على المسكين الحَرِد؟ أَي المحتاج.
وتحرّد الأَديمُ: أَلقى ما عليه من الشعر.
وقَطاً حُرْدٌ: سِراعٌ؛ قال الأَزهري: هذا خطأٌ والقطا الحُرْدُ القصارُ
الأَرجل وهي موصوفة بذلك؛ قال: ومن هذا قيل للبخيل أَحْرَدُ اليدين أَي
فيهما انقباض عن العطاء؛ قال: ومن هذا قول من قال في قوله تعالى: وغدوا
على حَرْدٍ قادرين، أَي على منع وبخل. والحَريد: السمك المُقَدَّد؛ عن
كراع.
وأَحراد، بفتح الهمزة وسكون الحاء ودال مهملة: بئر قديمة بمكة لها ذكر
في الحديث. أَبو عبيدة: حرداء، على فعلاء ممدودة، بنو نهشل بن الحرث لقب
لقبوا به: ومنه قول الفرزدق:
لَعَمْرُ أَبيك الخيْرِ، ما زَعْمُ نَهْشَل
وأَحْرادها، أَن قد مُنُوا بِعَسِير
(* قوله «لعمر أبيك إلخ» كذا بالأصل
والذي في شرح القاموس:
لعمر أبيك الخير ما زعم نهشل * عليّ ولا حردانها بكبير
وقد علمت يوم القبيبات نهشل * وأحرادها أن قد منوا
بعسير)
فجمعهم على الأَحراد كما ترى.