جزى جزأ وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام لأبي بردة بْن نيار فِي الْجَذعَة الَّتِي أمره أَن يُضحي بهَا: وَلَا تجزى عَن أحد بعْدك. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلك: قد جزى عَنى هَذَا الْأَمر فَهُوَ يَجْزِي [عني -] وَلَا همز فِيهِ وَمَعْنَاهُ لَا تقضي عَن أحد بعْدك. يَقُول: لَا تجزي لَا تقضي وَقَالَ اللَّه [تبَارك و -] تَعَالَى: {وَاتَقُوْا يَوْماً لَا تَجْزِيْ نَفْسٌ عَنْ نَفَسٍ شَيْئَا} . وَمِنْه حَدِيث يرْوى عَن عُبَيْد بْن عُمَيْر: أَن رجلا كَانَ يداين النَّاس وَكَانَ لَهُ كَاتب ومتجاز وَكَانَ يَقُول: إِذا رَأَيْت الرجل مُعسرا فَانْظُرْهُ فغفر اللَّه لَهُ. والمتجازي المتقاضي. قَالَ الْأَصْمَعِي: أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: أمرت فلَانا يتجازى ديني على فلَان أَي يتقاضاه. قَالَ: وَأما قَوْلهم أجزأني الشَّيْء إِجْزَاء فمهموز وَمَعْنَاهُ: كفاني وَقَالَ الطَّائِي:
[الوافر]
لقد آلَيْت اغَدِر فِي جَدَاعٍ ... وَإِن مُنِّيْتُ امَّاتِ الرباع
لِأَن الغدرَ فِي الأقوامِ عارٌ ... وَأَن المرءَ يُجْزَأ بِالكَراع
وَقَوله: يجزأ بِالْكُرَاعِ أَي يَكْتَفِي بِهِ. وَمِنْه قَول النَّاس: اجتزأت بِكَذَا وَكَذَا وتجزأت بِهِ أَي اكتفيت بِهِ [وجداع السّنة الَّتِي تجدع كل شَيْء أَي تذْهب بِهِ -] .
[الوافر]
لقد آلَيْت اغَدِر فِي جَدَاعٍ ... وَإِن مُنِّيْتُ امَّاتِ الرباع
لِأَن الغدرَ فِي الأقوامِ عارٌ ... وَأَن المرءَ يُجْزَأ بِالكَراع
وَقَوله: يجزأ بِالْكُرَاعِ أَي يَكْتَفِي بِهِ. وَمِنْه قَول النَّاس: اجتزأت بِكَذَا وَكَذَا وتجزأت بِهِ أَي اكتفيت بِهِ [وجداع السّنة الَّتِي تجدع كل شَيْء أَي تذْهب بِهِ -] .
جزى قَالَ أَبُو عبيد: أَلا ترى أَنه قد ألزمهُ بدائه أَن يردّه هَذَا ليعلم أَنه لَو مَاتَ كَانَ من مَال المُشْتَرِي فَلهَذَا طابت لَهُ الْغلَّة [قَالَ -] وَحَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام هَذَا أصل لكل من ضمن شَيْئا أَنه يطيب لَهُ الْفضل إِذا كَانَ ذَلِك على وَجه الْمُبَايعَة لَا على الْغَصْب. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام: لَيْسَ على مُسلم جِزْيَة. قَالَ: مَعْنَاهُ الذِّمِّيّ الَّذِي يسلم وَله أَرض خراج فَترفع عَنهُ جِزْيَة رَأسه وتترك عَلَيْهِ أرضه يودي عَنْهَا الْخراج. وَمن ذَلِك حَدِيث عمر وَعلي رَضِي اللَّه عَنْهُمَا أَن رجلا من الشعوب أسلم وَكَانَت تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة فَأتى عمر فَأخْبرهُ فَكتب أَن لَا تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الشعوب هَهُنَا الْعَجم وَفِي غير هَذَا الْوَضع أَكثر من الْقَبَائِل والشعوب الْمنية. وعَن الزبير بن عدي قَالَ: أسلم دهقان على عهد عَليّ رَحمَه اللَّه فَقَالَ لَهُ: إِن قُمْت فِي أَرْضك رفعنَا الْجِزْيَة عَن رَأسك وأخذناها من أَرْضك وَإِن تحولت عَنْهَا فَنحْن أَحَق بهَا. فَهَذَا وَجه حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجِزْيَة وَإِنَّمَا احْتَاجَ النَّاس إِلَى هَذِه الْأَحَادِيث فِي زمن بني أُميَّة لِأَنَّهُ يروي عَنْهُم أَن الرجل من أهل الذِّمَّة من أهل السوَاد كَانَ يسلم وَلَا يسقطون الْجِزْيَة عَن رَأسه ويأخذونها مِنْهُ مَعَ الْجِزْيَة من أرضه وَكَانَ الْحجَّاج يحْتَج فِيهِ [و -] يَقُول: إِنَّمَا هم قِنّنا وعبيدنا فَإِذا أسلم عبد الرجل فَهَل يسْقط عَنهُ الْإِسْلَام الضريبة وَكَانَ خَالِد بْن عبد الله [الْقَسرِي -] يخْطب بِهِ فِيمَا يحْكى عَنهُ على الْمِنْبَر وَلِهَذَا استجاز من استجاز من الْقُرَّاء الْخُرُوج عَلَيْهِم مَعَ ابْن الْأَشْعَث وَعَن يزِيد بْن أبي حبيب قَالَ: أعظم مَا أَتَت هَذِه الْأمة بعد نبيها ثَلَاث خِصَال: مقتل عُثْمَان وإحراق الْكَعْبَة وَأخذ الْجِزْيَة من الْمُسلمين. وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: الْمِكْيَال مكيال أهل الْمَدِينَة وَالْمِيزَان ميزَان أهل مَكَّة.