Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=42933#2418f8
المفهوم:
[في الانكليزية] Conceived ،idea ،conception ،notion ،concept
[ في الفرنسية] Conccu ،idee ،conception ،notion ،concept
هو عند المنطقيين ما حصل في العقل أي من شأنه أن يحصل في العقل سواء حصل بالفعل أو بالقوة بالذات كالكلّي أو بالواسطة كالجزئي، وهذا عند من يقول إنّ صور الجزئيات الجسمانية مرتسمة في النفس الناطقة إلّا أنّ ارتسامها فيها بواسطة الآلات أي الحواس. وأمّا من يقول بأنّها مرتسمة في الآلات لا في النفس فيفسّر المفهوم بما حصل عند العقل لا في العقل صرّح به السّيّد السّند.
ثم المفهوم والمعنى متحدان بالذات فإنّ كلّا منهما هو الصورة الحاصلة في العقل أو عنده مختلفان باعتبار القصد والحصول. فمن حيث إنّها تقصد باللفظ سمّيت معنى ومن حيث إنّها تحصل في العقل سمّيت بالمفهوم، هكذا يستفاد من بديع الميزان والصادق الحلواني وغيرهما.
وعند الأصوليين خلاف المنطوق وهو ما دلّ عليه اللفظ لا في محل النطق بأن يكون حكما بغير المذكور وحالا من أحواله كما يجيء، وهو ينقسم إلى مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة لأنّ حكم غير المذكور إمّا موافق لحكم المذكور نفيا أو إثباتا أو لا. والأول مفهوم الموافقة وهو أن يكون المسكوت عنه وهو المسمّى بغير محلّ النطق موافقا في حكم المذكور المسمّى بمحل النطق ويسمّى فحوى الخطاب ولحن الخطاب، هذا عند الشافعي رحمه الله تعالى. وأمّا الحنفية فيسمّونه دلالة النّص، مثاله قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ فعلم من حال التأفيف وهو محلّ النطق حال الضرب وهو غير محل النطق مع الاتفاق وهو إثبات الحكم فيهما. وقوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ فعلم منه عدم تأدية ما فوق الدينار. فمفهوم الموافقة تنبيه بالأدنى على الأعلى كالتنبيه بالتأفيف على ما فوق وهو الضرب أو بالأعلى على الأدنى كالتنبيه بالقنطار على ما دونه فلا عبرة في مفهوم الموافقة بالمساواة، هكذا في العضدي وحاشيته للسّيّد السّند. لكن في الإتقان مفهوم الموافقة هو ما يوافق حكمه المنطوق فإن كان أولى يسمّى فحوى الخطاب كدلالة فلا تقل لهما أفّ على تحريم الضرب لأنّه أشدّ، وإن كان مساويا يسمّى لحن الخطاب أي معناه كدلالة إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً على تحريم الإحراق لأنّه مساو للأكل في الإتلاف انتهى.
والثاني مفهوم المخالفة وهو أن يكون المسكوت مخالفا للمذكور في الحكم إثباتا ونفيا ويسمّى دليل الخطاب، وسمّاه الحنفية تخصيص الشيء بالذكر كما في كشف البزدوي، وهو أقسام:
الأول مفهوم الصفة مثل في الغنم السّائمة زكاة يفهم منه أنّه ليس في المعلوفة زكاة. والثاني مفهوم العدد الخاص مثل فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً فيفهم أنّ الزائد على الثمانين غير واجب، ومنه مفهوم الاستثناء مثل لا إله إلّا الله، ومفهوم إنّما مثل إنّما الأعمال بالنّيّات، ومفهوم الحصر مثل العالم زيد. وصاحب الإتقان أدخل مفهوم العدد في مفهوم الصفة حيث قال: مفهوم الموافقة أنواع: مفهوم صفة نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا، ومثّل للعدد بقوله تعالى فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً أي لا أقلّ ولا أكثر. والثالث مفهوم الشرط مثل وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ يفهم أنّهن إن لم تكن أولات حمل فأجلهنّ بخلافه.
والرابع: مفهوم الغاية مثل فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ أي فإذا نكحته تحلّ للأول. الخامس: مفهوم الاسم وهو نفي الحكم عمّا لم يتناوله الاسم مثل في الغنم زكاة، فتنتفي من غير الغنم، وسمّاه الحنفية بتخصيص الشيء باسمه العلم كما سمّوا مفهوم الصفة بتخصيص الشيء بالصفة، وكما سمّوا مفهوم الشرط بتخصيص الشيء بالشرط وتعليقه به وعلى هذا القياس.
فائدة:
مفهوم المخالفة لم يعتبره الحنفية، والشافعي اعتبره. وفي جامع الرموز في بيان الوضوء مفهوم المخالفة كمفهوم الموافقة معتبر في الرواية بلا خلاف، لكن في إجارة الزاهدي إنّه غير معتبر، والحقّ أنّه معتبر إلا أنه أكثري لا كلّي، كما في حدود النهاية وغيرها.