(الْــفرْقَة) الِافْتِرَاق
(الْــفرْقَة) الِافْتِرَاق
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.
وفي حديث ابن عمر: وشَعْبٌ صَغِـيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه
فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ
بمعنى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، * شَعْبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ
قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
وفَرَّقَه.وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:
إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي
يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وفي الحديث:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه.
والشَّعّابُ: الـمُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والـمِشْعَبُ: الـمِثْقَبُ الـمَشْعُوبُ به.
والشَّعِـيبُ: الـمَزادةُ الـمَشْعُوبةُ؛ وقيل: هي التي من أَديمَين؛
وقيل: من أَدِمَينِ يُقابَلان، ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ
في الـمَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى، ثم يُزادُ في جَوانِـبِها
ما يُوَسِّعُها؛ قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، * شَعِـيبَ أَدِيمٍ، ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما؛ وقيل: التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ
بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وقيل: هي التي من قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ
إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ؛ وقيل: هي الـمَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ؛ وكلُّ ذلك من الجمعِ.
والشَّعِـيبُ أَيضاً: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ
ذلك شُعُبٌ. والشَّعِـيبُ، والـمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ
واحدٌ، سمي بذلك، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ.
ويقال: أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.
ويُسَمَّى الرحلُ شَعِـيباً؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:
إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها(1)
(1 قوله «من عن يمينها» هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.)
يعني الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.
وتقول: التَـأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ
شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب
كلامِهم؛ قال الطرماح:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ.
وفي الحديث: ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ؟ أَي فرَّقْتَهم.
والـمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ، في تحليلِ الـمُتْعةِ،
والـمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم.
والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ.
والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ.
يقال: قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ
للكثرة.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد
يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.
والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه،
وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول: هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ.
وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.
والشُّعْبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ من أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه
الـمُتَــفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ؛ وقيل: ما بين كلِّ
غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بالضم: واحدة الشُّعَبِ، وهي الأَغصانُ. ويقال: هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قال الأَزهري: وسَماعي من العرب: عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ، بغير تاء.
والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ على ورَقة، ثم يُشَعِّبُ.
وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ.
والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه.
وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة. وانْشَعَبَ
النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ. وانْشَعَبَ به القولُ: أَخَذَ
به من مَعْـنًى إِلى مَعْـنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وقول ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِـكَ، تَشْعَبُ
قيل: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وقيل: لا تجيءُ على القصدِ.
وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. الشُّعْبةُ:
دون الشِّعْبِ، وقيل: أُخَيَّة الشِّعْب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.
والشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِـيلُ الماء في
بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.
والشُّعْبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.
والشُّعْبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: الـمَسِـيلُ
الصغيرُ؛ يقال: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً. والشُّعْبةُ: ما
صَغُرَ عن التَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل:
الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الــفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ. وفي الحديث: الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وفي حديث ابن مسعود:
الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ. وقوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ؛ قال ثعلب: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.
وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: ما أَشرَفَ منه، كالعُنُقِ والـمَنْسِج؛
وقيل: نواحِـيه كلها؛ وقال دُكَينُ ابنُ رجاء:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِـيفٌ شُعَبُهْ، * يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وقد يكون الخصِـيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه.
والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من
القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ؛ قال ذو الرمة:
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى
الليث، فقال: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد البيت، وفسّره فقال: أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثم قال: لم
يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت، ومعناه: أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ، فلما قَصَدُوا الـمَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم المياه؛ وشُعَب القومِ نِـيّاتُهم، في هذا البيت، وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِـيَّة غيرُ نِـيّة الآخَرينَ، فقال: ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِـيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِـيَّةً مُجْتمعةً. وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِـيَّةٍ واحِدةٍ، فلما هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم
الـمَحاضِرُ، وأَعْدادُ الـمِـياهِ؛ فهذا معنى قوله:
ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل
لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على
الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.
والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.
والشُّعوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على
غيرِهم. وأَما الذي في حديث مَسْروق: أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم، فكانت تؤخذُ منه الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه، قال ابن الأَثير: الشعوبُ ههنا العجم، ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب، أَو العجم، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل.
وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم
الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ،
ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.والشعْبُ، بالكسرِ: ما انْفَرَجَ بينَ جبلين؛ وقيل: هو الطَّريقُ في الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وفي الـمَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ؛ وقيل: الشِّعْبُ مَسِـيلُ الماءِ، في بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الــفُرْقة؛ تقول: شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم، ومنه سميت المنية شَعُوبَ، وهي معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الأَلف
واللام. وقيل: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما الـمَنِـيَّة، لأَنها
تُفَرِّقُ؛ أَمـّا قولهم فيها شَعُوبُ، بغير لامٍ، والشَّعوبُ باللام، فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً، لأَنه، من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كان كذلك، فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والـحَسَنِ والـحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِـيَّةَ فيها، وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً. ومَن قال شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً، وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فلذلك لم يُلْزمْها اللام، كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ، إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ، وإِنْ لم تكن فيه لامٌ، أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه، وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذلك قولهم: واسِطٌ؛ قال سيبويه: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ
والبَصْرَة، فمعنى الصفةِ فيه، وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ.
وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الـحَياةَ
وذَهَبَت؛ قال النابغة الجعدي:
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، * رَهِـيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه:
سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه.
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ. وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعره: وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. ويروى: من شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.
ويقال للمَيِّتِ: قد انْشَعَبَ؛ قال سَهْم الغنوي:
حتى تُصادِفَ مالاً، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
ويقال: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم
نَجَا. وفي حديث طلحة: فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى
أَزَرْتُه شَعُوبَ؛ شَعُوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،
وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.... ...
وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والـمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الـحَقِّ: طَريقُه الـمُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ؛ قال الكميت:
وما لِـيَ، إِلاَّ آلَ أَحْمَد، شِـيعةٌ، * وما لِـيَ، إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بينهما؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ ما بينهما؛ وقد شَعِبَ شَعَباً، وهو أَشْعَبُ.
وظَبْـيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً، وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً، والجمع شُعْبٌ؛
قال أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، * نَـبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ ما بين الـمَنْكِـبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِـبانِ: الـمَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِـيَةٌ. وفي الحديث: إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عليه الغُسْلُ. شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وقيل: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بذلك عن تَغْيِـيبِه الـحَشَفَة في فَرْجِها.
وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، والجمع شُعُوبٌ؛ قال:
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِـي فِراخَها * بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قال:
وسِرْتُ، وفي نَجْرانَ قَلْبـي مُخَلَّفٌ، * وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِـيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدار: بُعْدُها؛ قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حتى يَشِفَّـنِـي، * مَخافة شَعْبِ الدار، والشَّمْلُ جامِـعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي
تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ الـمِـياهِ، وقيل في الغاراتِ. وقال ثعلب: قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْباناتٌ، وشَعابِـينُ، كرمضانَ ورَمَاضِـينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِـيُّ، رحمه اللّه، على طَرْحِ الزائدِ. وقيل: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الشَّعْبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الشَّعْبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الشَّعْبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ
والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ. قال ثعلبٌ، قال النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له، يقولُ: أَبِـيعُكَ،
هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه.
وما شَعَبَك عني؟ أَي ما شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِـي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ الـمِحْجَنِ وصُورَتِه، بكسر الشين وفتحها.
وقال ابن شميل: الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ، في طُولِها خَطَّانِ،
يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: * الـحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،
مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.
وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والشَّعْبُ: موضعٌ.
وشُعَبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:
أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْماً، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!
قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛
وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلاً شَعْبـي لَكْ، * مُرَجَّلاً، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ
قال: معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.
وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ.
والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولاً، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِـيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه.
وشَعُوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِـيبا
قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَشْعَبَ.
وشُعَيْبٌ: اسمٌ.
وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ من الجَنادِب، أَو الجَخادِب.
وشَعَبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي، قال ابن
بري: كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وهو القُشَيْرِي
لا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْياناً، من الـحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه.
شيع: الشَّيْعُ: مِقدارٌ من العَدَد كقولهم: أَقمت عنده شهراً أَو
شَيْعَ شَهْرٍ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: بَعْدَ بَدْرٍ بِشهر أَو
شَيْعِه أَي أَو نحو من شهرٍ. يقال: أَقمت به شهراً أَو شَيْعَ شهر أَي
مِقْدارَه أَو قريباً منه. ويقال: كان معه مائةُ رجل أَو شَيْعُ ذلك، كذلك.
وآتِيكَ غَداً أَو شَيْعَه أَي بعده، وقيل اليوم الذي يتبعه؛ قال عمر بن
أَبي ربيعة:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا
أَو شَيْعَه، أَفلا تُشَيِّعُنا؟
وتقول: لم أَره منذ شهر وشَيْعِه أَي ونحوه. والشَّيْعُ: ولد الأَسدِ
إِذا أَدْرَكَ أَنْ يَفْرِسَ.
والشِّيعةُ: القوم الذين يَجْتَمِعون على الأَمر. وكلُّ قوم اجتَمَعوا
على أَمْر، فهم شِيعةٌ. وكلُّ قوم أَمرُهم واحد يَتْبَعُ بعضُهم رأْي بعض،
فهم شِيَعٌ. قال الأَزهري: ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس
كلهم متفقين، قال الله عز وجل: الذين فرَّقوا دِينَهم وكانوا شِيَعاً؛ كلُّ
فِرْقةٍ تكفِّر الــفرقة المخالفة لها، يعني به اليهود والنصارى لأَنّ
النصارى بعضُهُم بكفراً بعضاً، وكذلك اليهود، والنصارى تكفِّرُ اليهود
واليهودُ تكفرهم وكانوا أُمروا بشيء واحد. وفي حديث جابر لما نزلت: أَو
يُلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بأْس بعض، قال رسول الله، صلى الله عليه
وسلم: هاتان أَهْوَنُ وأَيْسَرُ؛ الشِّيَعُ الفِرَقُ، أَي يَجْعَلَكُم
فرقاً مختلفين. وأَما قوله تعالى: وإِنَّ من شيعته لإِبراهيم، فإِن ابن
الأَعرابي قال: الهاءُ لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أَي إِبراهيم خَبَرَ
نَخْبَره، فاتَّبَعَه ودَعا له، وكذلك قال الفراء: يقول هو على مِناجه ودِينه
وإِن كَان ابراهيم سابقاً له، وقيل: معناه أَي من شِيعة نوح ومن أَهل
مِلَّتِه، قال الأَزهري: وهذا القول أَقرب لأَنه معطوف على قصة نوح، وهو قول
الزجاج. والشِّيعةُ: أَتباع الرجل وأَنْصارُه، وجمعها شِيَعٌ، وأَشْياعٌ
جمع الجمع. ويقال: شايَعَه كما يقال والاهُ من الوَلْيِ؛ وحكي في تفسير
قول الأَعشى:
يُشَوِّعُ عُوناً ويَجْتابُها
يُشَوِّعُ: يَجْمَعُ، ومنه شيعة الرجل، فإِن صح هذا التفسير فعين
الشِّيعة واو، وهو مذكور في بابه. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ شِيعةُ
الدَّجَّالِ أَي أَولِياؤُه وأَنْصارُه، وأَصلُ الشِّيعة الــفِرقة من الناس، ويقع
على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وقد
غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيًّا وأَهلَ بيته، رضوان الله عليهم
أَجمعين، حتى صار لهم اسماً خاصّاً فإِذا قيل: فلان من الشِّيعة عُرِف أَنه
منهم. وفي مذهب الشيعة كذا أَي عندهم. وأَصل ذلك من المُشايَعةِ، وهي
المُتابَعة والمُطاوَعة؛ قال الأَزهري: والشِّيعةُ قوم يَهْوَوْنَ هَوى
عِتْرةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُوالونهم. والأَشْياعُ أَيضاً:
الأَمثالُ. وفي التنزيل: كما فُعِلَ بأَشْياعِهم من قبل؛ أَي بأَمْثالهم من
الأُمم الماضية ومن كان مذهبُه مذهبهم؛ قال ذو الرمة:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِم خَبَراً،
أَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابِه طَرَبُ؟
يعني عن أَصحابهم. يقال: هذا شَيْعُ هذا أَي مِثْله. والشِّيعةُ:
الــفِرْقةُ، وبه فسر الزجاج قوله تعالى: ولقد أَرسلنا من قبلك في شِيَعِ
الأَوّلينَ. والشِّيعةُ: قوم يَرَوْنَ رأْيَ غيرهم. وتَشايَعَ القومُ: صاروا
شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إِذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً
وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ ومنهم من خَصَّ فقال: من
الرجال. وفي حديث خالد: أَنه كان رجُلاً مُشَيَّعاً؛ المُشَيَّع: الشُّجاع
لأَنَّ قَلْبَه لا يَخْذُلُه فكأَنَّه يُشَيِّعُه أَو كأَنَّه يُشَيَّعُ
بغيره. وشَيَّعَتْه نفْسُه على ذلك وشايَعَتْه، كلاهما: تَبِعَتْه
وشجَّعَتْه؛ قال عنترة:
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ كُنْتُ مُشايِعي
لُبِّي، وأَحْفِزُهُ بِرأْيٍ مُبْرَمٍ
(* في معلقة عنترة :
ذلُلٌ جِمالي حيث شِئتُ مشايعي)
قال أَبو إِسحق: معنى شَيَّعْتُ فلاناً في اللغة اتَّبَعْتُ. وشَيَّعه
على رأْيه وشايَعه، كلاهما: تابَعَه وقَوَّاه؛ ومنه حديث صَفْوانَ: إِني
أَرى مَوضِعَ الشَّهادةِ لو تُشايِعُني نفْسي أَي تُتابِعُني.
ويقال: شاعَك الخَيرُ أَي لا فارقك؛ قال لبيد:
فَشاعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهُم
أَسِرَّةُ رَيْحانٍ بِقاعٍ مُنَوَّرِ
ويقال: فلان يُشَيِّعُه على ذلك أَي يُقَوِّيه؛ ومنه تَشْيِيعُ النار
بإِلقاء الحطب عليها يُقَوِّيها. وشَيَّعَه وشايَعَه، كلاهما: خرج معه عند
رحيله ليُوَدِّعَه ويُبَلِّغَه مَنْزِله، وقيل: هو أَن يخرج معه يريد
صُحْبته وإِيناسَه إِلى موضع مّا. وشَيَّعَ شَهْرَ رمضان بستة أَيّامٍ من
شَوَّال أَي أَتبَعَه بها، وقيل: حافظ على سِيرتِهِ فيها على المثل. وفلان
شِيعُ نِساء: يُشَيِّعُهُنَّ ويُخالِطُهُنَّ. وفي حديث الضَّحايا: لا
يُضَحَّى بالمُشَيِّعةِ من الغَنم؛ هي التي لا تزال تَتبَعُ الغنم عَجَفاً،
أَي لا تَلْحَقُها فهي أَبداً تُشَيِّعُها أَي تمشي وراءها، هذا إِن كسرت
الياء، وإِن فتحتها فهي التي تحتاج إِلى من يُشَيِّعُها أَي يَسُوقُها
لتأَخّرها عن الغنم حتى يُتْبِعَها لأَنها لا تَقْدِرُ على ذلك. ويقال: ما
تُشايِعُني رِجْلي ولا ساقي أَي لا تَتبَعُني ولا تُعِينُني على
المَشْيِ؛ وأَنشد شمر:
وأَدْماءَ تَحْبُو ما يُشايِعُ ساقُها،
لدى مِزْهَرٍ ضارٍ أَجَشَّ ومَأْتَمِ
الضارِي: الذي قد ضَرِيَ من الضَّرْب به؛ يقول: قد عُقِرَتْ فهي تحبو لا
تمشي؛ قال كثير:
وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم
هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ
أَي ممن يُتبعُه طَرْفَه ناظراً.
ابن الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رجلاً فقال: هو ضَبٌّ
مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مثل الضَّبِّ الحقود لا ينتفع به. والمَشِيعُ: من قولك
شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأتَه. وتَشَيَّعَ في الشيء: اسْتَهلك في
هَواه. وشَيَّعَ النارَ في الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قال رؤبة:
شَداً كما يُشَيَّعُ التَّضْريمُ
(* قوله «شداً كذا بالأصل.)
والشَّيُوعُ والشِّياعُ: ما أُوقِدَتْ به النار، وقيل: هو دِقُّ الحطب
تُشَيَّعُ به النار كما يقال شِبابٌ للنار وجِلاءٌ للعين. وشَيَّعَ الرجلَ
بالنار: أَحْرَقَه، وقيل: كلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ. يقال:
شَيَّعْتُ النار إِذا أَلْقَيْتَ عليها حطباً تُذْكيها به، ومنه حديث الأَحنف:
وإِن حَسَكى
(* قوله «حسكى كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون
السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.) كان رجلاً
مُشَيَّعاً؛ قال ابن الأَثير: أَراد به ههنا العَجولَ من قولك شَيَّعْتُ النارَ
إِذا أَلقيت عليها حَطباً تُشْعِلُها به. والشِّياعُ: صوت قَصَبةٍ ينفخ فيها
الراعي؛ قال:
حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ
وشَيَّعَ الراعي في الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فيها. والشاعةُ:
الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بها وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ
بمعنى واحد: صاح بها ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قال لبيد:
تَبكِّي على إِثْرِ الشَّبابِ الذي مَضَى،
أَلا إِنَّ إِخإوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ
(* في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.)
أَتَجْزَعُ مما أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟
وأَيُّ كرِيمٍ لم تُصِبْه القَوارِعُ؟
فَيَمْضُونَ أَرْسالاً ونَخْلُفُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ
(* قوله «فيمضون إلخ في شرح القاموس قبله:
وما المال والأَهلون إلا وديعة * ولا بد يوماً أن ترد
الودائع)
وقيل: شايَعْتُ بها إِذا دَعَوْتَ لها لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قال جرير
يخاطب الراعي:
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها،
وشايِعْ بها، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا
يقول: صوّت بها ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قال الطرمّاح:
إِذا لم تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ
شمارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَرْيم ابنة
عِمْرانَ سأَلت ربها أَنْ يُطْعِمَها لحماً لا دم فيه فأَطْعَمها الجراد،
فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضاع وتابِعْ بينه بغير شِياعٍ؛ الشِّياعُ،
بالكسر: الدعاء بالإِبل لتَنْساق وتجتمع؛ المعنى يُتابِعُ بينه في الطيران
حتى يَتَتابع من غير أَنْ يُشايَع كما يُشايِعُ الراعي بإِبله لتجتمع ولا
تتفرق عليه؛ قال ابن بري: بغير شِياعٍ أَي بغير صوت، وقيل لصوت
الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الراعي يجمع إِبله بها؛ ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكسر
الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ؛ قال ابن الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ
الراعي، ومنه قول مريم: اللهم سُقْه بلا شِياعٍ أَي بلا زَمّارة راع.
وشاعَ الشيْبُ شَيْعاً وشِياعاً وشَيَعاناً وشُيُوعاً وشَيْعُوعةً
ومَشِيعاً: ظهَرَ وتفرَّقَ، وشاعَ فيه الشيبُ، والمصدر ما تقدّم، وتَشَيَّعه،
كلاهما: استطار. وشاعَ الخبَرُ في الناس يَشِيعُ شَيْعاً وشيَعاناً
ومَشاعاً وشَيْعُوعةً، فهو شائِعٌ: انتشر وافترَقَ وذاعَ وظهَر. وأََشاعَه هو
وأَشاعَ ذِكرَ الشيءِ: أَطارَه وأَظهره. وقولهم: هذا خبَر شائع وقد شاعَ
في الناس، معناه قد اتَّصَلَ بكل أَحد فاستوى علم الناس به ولم يكن علمه
عند بعضهم دون بعض. والشاعةُ: الأَخْبار المُنتشرةُ. وفي الحديث: أَيُّما
رجلٍ أَشاع على رجل عَوْرة ليَشِينَه بها أَي أَظهر عليه ما يُعِيبُه.
وأَشَعْتُ المال بين القوم والقِدْرَ في الحَيّ إِذا فرقته فيهم؛ وأَنشد
أَبو عبيد:
فقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا،
وأَيُّ زمانٍ قِدْرُنا لم تُمَشَّرِ؟
وأَشَعْتُ السِّرّ وشِعْتُ به إِذا أَذعْتَ به. ويقال: نَصِيبُ فلان
شائِعٌ في جميع هذه الدار ومُشاعٌ فيها أَي ليس بمَقْسُوم ولا مَعْزول؛ قال
الأَزهري: إِذا كان في جميع الدار فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها، قال:
وأَصل هذا من الناقة إِذا قَطَّعت بولها، قيل: أَوزَغَتْ به إِيزاغاً،
وإِذا أَرسلته إِرسالاً متصلاً قيل: أَشاعت. وسهم شائِعٌ أَي غير مقسوم،
وشاعٌ أَيضاً كما يقال سائِرُ اليوم وسارُه؛ قال ابن بري: شاهده قول ربيعة
بن مَقْروم:
له وهَجٌ من التَّقْرِيبِ شاعُ
أَي شائعٌ؛ ومثله:
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ فكلٌّ ناعُ
أَي نائِعٌ. وما في هذه الدار سهم شائِعٌ وشاعٍ مقلوب عنه أَي
مُشْتَهِرٌ مُنْتَشِرٌ.
ورجل مِشْياعٌ أَي مِذْياعٌ لا يكتم سِرّاً. وفي الدعاء: حَيّاكم اللهُ
وشاعَكم السلامُ وأَشاعَكم السلامَ أَي عَمَّكم وجعله صاحِباً لكم
وتابِعاً، وقال ثعلب: شاعَكم السلامُ صَحِبَكُم وشَيَّعَكم؛ وأَنشد:
أَلا يا نَخْلةً مِن ذاتِ عِرْقٍ
بَرُودِ الظِّلِّ، شاعَكُمُ السلامُ
أَي تَبِعكم السلامُ وشَيَّعَكم. قال: ومعنى أَشاعكم السلامَ أَصحبكم
إِيَّاه، وليس ذلك بقويّ. وشاعَكم السلامُ كما تقول عليكم السلامُ، وهذا
إِنما بقوله الرجل لأَصحابه إِذا أَراد أَن يفارقهم كما قال قيس بن زهير
لما اصطلح القوم: يا بني عبس شاعكم السلامُ فلا نظرْتُ في وجهِ ذُبْيانية
قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وسار إِلى ناحية عُمان وهناك اليوم عقِبُه
وولده؛ قال يونس: شاعَكم السلامُ يَشاعُكم شَيْعاً أَي مَلأَكم. وقد أَشاعكم
اللهُ بالسلام يُشِيعُكم إِشاعةً. ونصِيبُه في الشيء شائِعٌ وشاعٍ على
القلب والحذف ومُشاعٌ، كل ذلك: غير معزول. أَبو سعيد: هما مُتشايِعانِ
ومُشتاعانِ في دار أَو أَرض إِذا كانا شريكين فيها، وهم شُيَعاءُ فيها، وكل
واحد منهم شَيِّعٌ لصاحبه. وهذه الدار شَيِّعةٌ بينهم أَي مُشاعةٌ. وكلُّ
شيء يكون به تَمامُ الشيء أَو زيادتُه، فهو شِياعٌ له. وشاعَ الصَّدْعُ في
الزُّجاجة: استطارَ وافترق؛ عن ثعلب.
وجاءت الخيلُ شَوائِعَ وشَواعِيَ على القلب أَي مُتَــفَرِّقة. قال
الأَجْدَعُ بن مالك بن مسروق بن الأَجدع:
وكأَنَّ صَرْعاها قِداحُ مُقامِرٍ
ضُرِبَتْ على شَرَنٍ، فَهُنّ شَواعِي
ويروى: كِعابُ مُقامِرٍ. وشاعتِ القطرةُ من اللبن في الماء
وتَشَيَّعَتْ: تَفَرَّقَت. تقول: تقطر قطرة من لبن في الماء
(* قوله «تقول تقطر قطرة
من لبن في الماء كذا بالأصل ولعله سقط بعده من قلم الناسخ من مسودة
المؤلف فتشيع أو تتشيع فيه أي تتفرق.). وشَيّع فيه أَي تفرَّق فيه. وأَشاعَ
ببوله إِشاعةً: حذف به وفَرَّقه. وأَشاعت الناقة ببولها واشتاعَتْ
وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ، كل هذا: أَرْسَلَتْه متفَرِّقاً ورَمَتْه رَمْياً
وقَطَّعَتْه ولا يكون ذلك إِلا إِذا ضَرَبَها الفحل. قال الأَصمعي: يقال لما
انتشر من أَبوال الإِبل إِذا ضرَبَها الفحل فأَشاعَتْ ببولها: شاعٌ؛
وأَنشد:
يُقَطِّعْنَ لإِبْساسِ شاعاً كأَنّه
جَدايا، على الأَنْساءِ منها بَصائِر
قال: والجمل أَيضاً يُقَطِّعُ ببوله إِذا هاج، وبوله شاعٌ؛ وأَنشد:
ولقد رَمَى بالشّاعِ عِنْدَ مُناخِه،
ورَغا وهَدَّرَ أَيَّما تَهْدِيرِ
وأَشاعَتْ أَيضاً: خَدَجَتْ، ولا تكون الإِشاعةُ إِلا في الإِبل. وفي
التهذيب في ترجمة شعع: شاعَ الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً
كلاهما إِذا تفرَّقَ.
وشاعةُ الرجلِ: امرأَتُه؛ ومنه حديث سيف بن ذي يَزَن قال لعبد المطلب:
هل لك من شاعةٍ؟ أَي زوجة لأَنها تُشايِعُه أَي تُتابِعُه. والمُشايِعُ:
اللاحِقُ؛ وينشد بيت لبيد أَيضاً:
فيَمْضُون أَرْسالاً ونَلْحَقُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالِياتِ المُشايِعُ
(* روي هذا البيت في سابقاً في هذه المادة وفيه: نخلف بعدهم؛ وهو هكذا
في قصيدة لبيد.)
هذا قول أَبي عبيد، وعندي أَنه من قولك شايَعَ بالإِبل دعاها.
والمِشْيَعة: قُفَةٌ تضَعُ فيها المرأة قطنها.
والمِشْيَعةُ: شجرة لها نَوْر أَصغرُ من الياسمين أَحمر طيب تُعْبَقُ به
الثياب؛ عن أَبي حنيفة كذلك وجدناه تُعْبَق، بضم التاء وتخفيف الباء، في
نسخة موثوق بها، وفي بعض النسخ تُعَبَّقُ، بتشديد الباء. وشَيْعُ اللهِ:
اسم كتَيْمِ الله.
وفي الحديث: الشِّياعُ حرامٌ؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم وفسره
بالمُفاخَرةِ بكثرة الجماع، وقال أَبو عمرو: إِنه تصحيف، وهو بالسين
المهملة والباء الموحدة، وقد تقدم، قال: وإِن كان محفوظاً فلعله من تسمية
الزوجة شاعةً.
وبَناتُ مُشيّع: قُرًى معروفة؛ قال الأَعشى:
من خَمْرِ بابِلَ أُعْرِقَتْ بمِزاجِها،
أَو خَمْرِ عانةَ أَو بنات مُشَيّعا
قزع: القَزَعُ: قطع من السحاب رقاق كأَنها ظلّ إِذا مرّت من تحت السحابة
الكبيرة. وفي حديث الاستسقاء: وما في السماء قَزَعةٌ أَي قِطْعةٌ من
الغيم؛ وقال الشاعر:
مَقانِبُ بعضُها يبْري لبعضٍ،
كأَنَّ زُهاءَها قَزَعُ الظِّلالِ
وقيل: القَزَعُ السحاب المتفرق، واحدتها قَزَعةٌ. وما في السماء قَزَعةٌ
وقِزاعٌ أَي لَطْخةُ غيم. وفي حديث علي، كرم الله وجهه، حين ذكَر يَعْسُوبَ
الدِّينِ فقال: يجتمعون إِليه كما يجتمع قَزَعُ الخريف، يعني قِطَعَ
السحاب لأَنه أَوّل الشتاء، والسحابُ يكون فيه متفرّقاً غير متراكِم ولا
مُطْبِقٍ، ثم يجتمع بعضه إِلى بعض بعد ذلك؛ قال ذو الرمة يصف ماء في
فلاة:تَرَى عُصَبَ القَطا هَمَلاً عليه،
كأَنَّ رِعالَه قَزَعُ الجَهامِ
والقَزَعُ من الصُّوفِ: ما تَناتَفَ في الربيع فسقط. وكبشٌ أَقْزَعُ
وناقة قَزْعاء: سقط بعض صوفها وبقي بعض، وقد قَزِعَ قَزَعاً. وقَزَعُ
الوادِي: غُثاؤه، وقَزَعُ الجملِ: لُغامُه على نُخْرَتِه. قال أَبو تراب حكايةً
عن العرب: أَقْزَعَ له في المَنْطِقِ وأَقْذَعَ وأَزْهَفَ إِذا تعدّى في
القول. وفي النوادر: القَزَعةُ ولَد الزنا. وقَزَعُ السهم: ما رقَّ من ريشه.
والقزع أَيضاً: أَصغر ما يكون من الريش. وسَهْمٌ مُقَزَّعٌ: رِيشَ
بِرِيشٍ صِغار. ابن السكيت: ما عليه قِزاعٌ ولا قَزَعَةٌ أَي ما عليه شيء من
الثياب.
والقُزَّعةُ والقُزْعةُ: خُصَلٌ من الشعر تترك على رأْس الصبي
كالذَّوائبِ متــفِّرقةً في نواحي الرأْس. والقَزَعُ: أَن تَحْلِقَ رأْس الصبي وتترك
في مواضعَ منه الشعر متفرقاً، وقد نُهِيَ عنه. وقَزَّعَ رأْسَه تقزيعاً:
حلق شعره وبقيت منه بقايا في نواحي رأْسه. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن
القَزَعِ؛ هو أَن يُحْلَقَ رأْسُ الصبي ويترك منه مواضعُ متــفرِّقةٌ غيرُ محلوقة
تشبيهاً بِقَزَعِ السحاب. والقَزَعُ: بقايا الشعر المُنْتَتِفِ، الواحدة
قزعة، وكذلك كل شيء يكون قِطَعاً متــفرقة، فهو قَزَعٌ؛ ومنه قيل لقطع
السحاب في السماء قَزَعٌ. ورجل مُقَزَّعٌ ومُتَقَزِّعٌ: رقيق شعرِ الرأْسِ
متفرِّقُه لا يُرَى على رأْسه إِلا شعراتٌ متــفرّقة تَطايَرُ مع الريح.
والقَزَعةُ: موضع الشعر المُتَقَزِّعِ من الرأْس. وقَزَّعْتُه أَنا، فهو
مُقَزَّعٌ. والمُقَزَّعُ من الخيل: الذي تُنْتَفُ ناصِيَتُه حتى تَرِقَّ؛
وأَنشد:
نَزائِعَ للصرِيحِ وأَعْوجِيٍّ
من الجُرْدِ المُقَزَّعةِ العِجالِ
وقيل: المُقَزَّعُ الرقيقُ الناصيةِ خِلْقةً، وقيل: هو المَهْلُوب الذي
جُزَّ عُرُفُه وناصيته، وقال أَبو عبيدة: هو الفرس الشديد الخَلْقِ
والأَسْرِ. وقَزَّعَ الشارِبَ: قصّه. والقَزَعُ: أَخذ بعض الشعر وترك بعضه. وفي
حديث ابن عمر: نهى رسول الله، عن القَزَعِ، يعني أَخذ بعض الشعر وترك
بعضه.والمُقَزَّعُ: السريع الخفيف من كل شيء؛ قال ذو الرمة:
مُقَزَّعٌ أَطْلَسُ الأَطْمارِ، ليس له،
إِلا الضِّراءَ وإِلا صَيْدَها، نَشَبُ
وبَشِيرٌ مُقَزَّع: جُرِّد للبشارة؛ قال مُتَمِّمٌ:
وجِئْتَ به تَعْدُو بَشِيراً مُقَزَّعا
وكل إِنسان جَرَّدْته لأَمر ولم تَشْغَلْه بغيره، فقد أَقْزَعْتَه.
وقَزَعَ الفرسُ يَقْزَعُ قَزْعاً وقُزُوعاً: مَرّ مَرّاً شديداً أَو مَهْلاً،
وقيل: عَدا عَدْواً شديداً، وكذلك البعير والظَّبْي؛ ومنه قولهم:
قَوْزَعَ الديك إِذا غُلِبَ فهرَب أَو فَرَّ من صاحبه. قال يعقوب: ولا تقل
قَنْزَعَ لأَنه ليس بمأْخوذ من قَنازِعِ الناس، وإِنما هو قَزَعَ يَقْزَعُ
إِذا خَفَّ في عَدْوِه هارباً الأَصمعي: العامة تقول إِذا اقتتل الديكان
فهرب أَحدهما: قَنْزَعَ الديكُ، وإِنما يقال قَوْزَعَ الديكُ إِذا غُلِبَ
ولا يقال قنزع؛ قال أَبو منصور: والأصل فيه قَزَعَ إِذا عدا هارباً،
وقَوْزعَ فَوْعَلَ منه. قال البُشْتيّ: قال يعقوب بن السكيت: يقال قوزع الديك
ولا يقال قنزع، قال البشتي: يعني تنفيشه بَرائِلَه وهي قَنازِعُه؛ قال
أَبو منصور: وقد غَلِطَ في تفسير قَوْزَعَ بمعنى تنفيشِه قَنازِعَه، ولو كان
كما قال لجاز قنزع، وهذا حرف لهج به بعض عوامّ أَهل العراق. يقول: قنزع
الديكُ إِذا فرّ من الديكِ الذي يقاتله فوضعه أَبو حاتم في باب المذال
والمفسد وقال: صوابه قوزع، ووضعه ابن السكيت في باب ما يلحن فيه العامة؛ قال
أَبو منصور: وظن البشتي بحدسه وقلة معرفته أَنه مأْخوذ من القنزعة فأَخطأَ
ظنه. الأَصمعي: قَزَعَ الفرس يَعْدُو ومَزَعَ يَعْدُو إِذا أَحْضَر.
والتقْزِيعُ: الحُضْرُ الشديد. وقزَع قزْعاً ومزَع مَزْعاً: وهو مشي متقارب.
وتقزَّعَ الفرسُ: تهيَّأَ للركض. وقَزَّعْتُه أَنا، فهو مُقَزَّعٌ.
والقَزَعُ: صِغار الإِبل.
وقال ابن السكيت: ما عليه قِزاعٌ أَي قطعة خرقة.
وقَوْزَعٌ: اسم الخِزْي والعار؛ عن ثعلب. وقال ابن الأَعرابي:
قَلَّدْتُه قَلائِدَ قَوْزَعٍ، يعني الفضائح؛ وأَنشد للكميت بن معروف، وقال ابن
الأَعرابي هو للكميت بن ثعلبة الفقعسي:
أَبَتْ أُمُّ دِينارٍ فأَصْبَحَ فَرْجُها
حَصاناً، وقُلِّدْتُمْ قَلائِد قَوْزَعا
خُذوا العَقلَ، إِن أَعطاكُم العَقْلَ قَوْمُكُمْ،
وكُونوا كَمَنْ سَنَّ الهَوانَ فأَرْبَعا
ولا تُكْثِرُوا فيه الضِّجاجَ، فإِنَّه
مَحا السَّيْفُ ما قال ابْن دارةَ أَجْمَعا
فَمَهْما تَشَأْ منه فَزارةُ تُعْطِكُمْ،
ومَهْما تَشَأْ منه فَزارةُ تَمْنَعا
وقال مرة: قَلائِدَ بَوْزَعٍ ثم رجع إِلى القاف. قال ابن بري:
والقَوْزَعُ الحِرْباء، وأَنشد هذا البيت الذي للكميت.
وقَزَعةُ وقُزَيْعةُ ومَقْزُوعٌ: أَسماء، وأَرى ثعلباً قد حكى في
الأَسماء قَزْعةَ، بسكون الزاي.
بذر: البَذْرُ والبُذْرُ: أَولُ ما يخرج من الزرع والبقل والنبات لا
يزال ذلك اسمَهُ ما دام على ورَقَتَيَنِ، وقيل: هو ما عُزِلَ من الحبوب
للزَّرْعِ والزِّراعَةِ، وقيل: البَذْرُ جميع النبات إِذا طلع من الأَرض
فَنَجَمَ، وقيل: هو أَن يَتَلَوَّنَ بلَوْنٍ أَو تعرف وجوهه، والجمع بُذُورٌ
وبِذارٌ. والبَذْرُ: مصدر بَذَرْتُ، وهو على معنى قولك نَثَرْتُ
الحَبَّ.وبَذَرْتُ البَذْرَ: زَرَعْتَه. وبَذَرَتِ الأَرضُ تَبْذُرُ بَذْراً:
خرج بَذْرُها؛ وقال الأَصمعي: هو أَن يظهر نبتها متفرّقاً. وبَذَرَها
بَذْراً وبَذَّرَها، كلاهما، زرعها. والبَذْرُ والبُذارَةُ: النَّسْلُ. ويقال:
إِن هؤلاء لَبَذْرُ سَوْءٍ. وبَذَرَ الشيءَ بَذْراً: فرَّقه. وبَذَرَ
الله الخلق بَذْراً: بَثَّهُمْ وفرّقهم.
وتفرّق القومُ شَذَرَ بَذَرَ وشِذَرَ بِذَرَ أَي في كل وَجهٍ، وتفرّقت
إِبله كذلك؛ وبَذَرَ: إِتْباعٌ. وبُذُرَّى، فُعُلَّى: من ذلك، وقيل: من
البَذْرِ الذي هو الزرع، وهو راجع إِلى التفريق. والبُذُرَّى: الباطلُ؛ عن
السيرافي.
وبَذَّرَ مالهُ: أَفسده وأَنفقه في السَّرَفِ. وكُلُّ ما فرقته
وأَفسدته، فقد بَذَّرْتَهُ. وفيه بَذارَّةٌ، مشدّدة الراء، وبَذارَةٌ، مخففة
الراء، أَي تَبْذِيرٌ؛ كلاهما عن اللحياني. وتَبْذيرُ المال: تفريقه
إِسرافاً. ورجلٌ تِبْذارَةٌ: للذي يُبَذِّرُ مالَه ويفسده. والتَّبْذِيرُ:
إِفسادُ المال وإِنفاقه في السَّرَفِ. قال الله عز وجل: ولا تُبَذِّرْ
تَبْذيراً. وقيل: التبذير أَن ينفق المال في المعاصي، وقيل: هو أَن يبسط يده في
إِنفاقه حتى لا يبقى منه ما يقتاته، واعتباره بقوله تعالى: ولا تَبسُطْها
كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحسوراً.
أَبو عمرو: البَيْذَرَةُ التبذير. والنَّبْذَرَةُ، بالنون والباء:
تفريقُ المال في غير حقه. وفي حديث وقف عمر، رضي الله عنه: وَلِوَلِيِّه أَن
يأْكلَ منه غَيْرَ مُباذِرٍ؛ المُباذِرُ والمُبَذِّرُ: المُسْرِفُ في
النفقة؛ باذرَ وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً؛ وقول المتنخل يصف
سحاباً:مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَهُ،
يَرْمِي بِعُمِّ السُّمُرِ الأَطْولِ
فسره السكري فقال: مستبذر يفرِّق الماء.
والبَذيرُ من الناس: الذي لا يستطيع أَن يُمْسِكَ سِرَّهُ. ورجلٌ
بَيْذارَةٌ: يُبَذِّرُ ماله. وبَذُورٌ وبَذِيرٌ: يُذيعُ الأَسرارَ ولا يكتم
سرّاً، والجمع بُذُرٌ مثل صبور وصُبُرٍ. وفي حديث فاطمة عند وفاة النبي، صلى
الله عليه وسلم، قالت لعائشة: إِني إِذاً لَبَذِرَةٌ؛ البَذِرُ: الذي
يفشي السر ويظهر ما يسمعه، وقد بَذُرَ بَذارَةً. وفي الحديث: ليسوا
بالمَسابيح البُذُرِ. وفي حديث علي، كرم الله وجهه، في صفة الأَولياء: ليسوا
بالمَذاييع البُذْرِ؛ جمع بَذُورٍ. يقال: بَذَرْتُ الكلام بين الناس كما
تُبْذَرُ الحبُوبُ أَي أَفشيته وفرّقته.
وبُذارَةُ الطعام: نَزَلُه ورَيْعُه؛ عن اللحياني. ويقال: طعام كثير
البُذارَة أَي كثيرُ النَّزَل. وهو طعام بَذَرٌ أَي نَزَلٌ؛ قال:
ومِنَ العَطِيَّةِ ما تُرى
جَذْماءَ، لَيْس لها بُذارَهْ
الأَصمعي: تَبَذَّر الماءُ إِذا تغير واصْفَرَّ؛ وأَنشد لابن مقبل:
قُلْباً مُبَلِّيَةً جَوائِزَ عَرْشِها،
تَنْفي الدِّلاءَ بآجنٍ مُتَبَذِّرِ
قال: المتبذر المتغير الأَصفر. ولو بَذَّرْتَ فلاناً لوجدته رجلاً أَي
لو جربته؛ هذه عن أَبي حنيفة.
وكَثِيرٌ بَثِيرٌ وبَذِيرٌ: إِتْباعٌ؛ قال الفراء: كَثيرٌ بَذِيرٌ مثلُ
بَثِير لغة أَو لُغَيَّة.
ورجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ وهَيْذارَةٌ بَيْذارَةٌ: كثيرُ الكلام.
وبَذَّرُ: موضعٌ، وقيل: ماء معروف؛ قال كثير عزة:
سَقى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْتُ مَكانَها:
جُراباً وَمَلْكوماً وبَذَّرَ والْغَمْرا
وهذه كلها آبار بمكة؛ قال ابن بري: هذه كلها أَسماء مياه بدليل إِبدالها
من قوله أَمواهاً، ودعا بالسقيا للأَمواه، وهو يريد أَهلها النازلين بها
اتساعاً ومجازاً. ولم يجئ من الأَسماء على فَعَّلَ إِلاَّ بَذَّرُ،
وعَثَّرُ اسمُ موضع، وخَضَّمُ اسم العَنْبَرِ بن تَمِيم، وشَلَّمُ اسمُ بنت
المقدس، وهو عبراني، وبَقَّمُ وهو اسم أَعجمي، وهي شجرة، وكَتَّمُ اسم
موضع أَيضاً؛ قال الأَزهري: ومثلُ بَذَّر خَضَّمُ وعَثَّرُ وبَقَّمُ شجرة،
قال: ولا مثل لها في كلامهم.