النطق بالهمزة على صورتها كاملة الصفات من مخرجها الذي هو أقصى الحلق.
للقاضي، أبي الفتوح: عبد الله بن أبي العقامة اليمني.
التحقيق
للإمام، محيي الدين: يحيى بن شرف النووي.
أتي: الإِِتْيان: المَجيء. أَتَيْته أَتْياً وأُتِيّاً وإِتِيّاً وإِتْياناً
وإِتْيانةً ومَأْتاةً: جِئْته؛ قال الشاعر:
فاحْتَلْ لنفسِك قبل أَتْيِ العَسْكَرِ
وفي الحديث: خَيْرُ النِّساء المُواتِيةُ لِزَوْجها؛ المُواتاةُ: حُسْنُ
المُطاوعةِ والمُوافقةِ، وأَصلُها الهمزُ فخفِّف وكثُر حتى صار يقال
بالواو الخالِصة؛ قال: وليس بالوجه. وقال الليث: يقال أَتاني فلان أَتْياً
وأَتْيةً واحدة وإِتْياناً، قال: ولا تَقُلْ إِتْيانة واحدة إِلاَّ في
اضطرار شعر قبيح، لأَن المَصادر كلَّها إِذا جعلت واحدة رُدَّتْ إِلى بناء
فَعْلة، وذلك إِذا كان الفِعْل منها على فَعَل أَو فَعِل، فإِذا
أُدْخِلَتْ في الفِعْل زياداتٌ فوق ذلك أُدْخِلَت فيها زيادتها في الواحِدة كقولك
إِقْبالةً واحدةً، ومثل تَفَعَّلَ تَفْعِلةً واحدةً وأَشباه ذلك، وذلك في
الشيء الذي يحسُن أَن تقول فَعْلة واحدة وإِلاَّ فلا؛ وقال:
إِني، وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ لِيَقْرِيَني،
كغابِطِ الكَلْبِ يَبْغي الطِّرقَ في الذنَبِ
وقال ابن خالَوَيه: يقال ما أَتَيْتَنا حتى اسْتأْتَيْناك. وفي التنزيل
العزيز: ولا يُفْلِحُ الساحِرُ حيث أَتى؛ قالوا: معناه حيث كان، وقيل:
معناه حيث كان الساحِرُ يجِب أَن يُقْتل، وكذلك مذهب أَهل الفِقْه في
السَّحَرة؛ وقوله:
تِ لي آلَ زيد فابدُهم لي جماعةً،
وسَلْ آلَ زيدٍ أَيُّ شيء يَضِيرُها
قال ابن جني: حكي أَن بعض العرب يقول في الأَمر من أَتى: تِ زيداً،
فيحذف الهمزة تخفيفاً كما حذفت من خُذْ وكلْ ومُرْ. وقُرئ: يومَ تَأْتِ،
بحذف الياء كما قالوا لا أَدْرِ، وهي لغة هُذيل؛ وأَما قول قَيْس بن زُهَير
العَبْسيّ:
أَلمْ يَأْتِيكَ، والأَنْباءُ تَنْمِي،
بما لاقَتْ لَبُون بني زِياد؟
فإِنما أَثبت الياء ولم يحذفها للجزم ضرورة، وردَّه إِلى أَصله. قال
المازني: ويجوز في الشعر أَن تقول زيد يرْمِيُك، برفع الياء، ويَغْزُوُك،
برفع الواو، وهذا قاضيٌ، بالتنوين، فتُجْري الحرْفَ المُعْتَلَّ مُجرى
الحرف الصحيح من جميع الوُجوه في الأَسماء والأَفعال جميعاً لأَنه
الأَصل.والمِيتاءُ والمِيداءُ، مَمْدودانِ: آخِرُ الغاية حيث ينتهي إِليه
جَرْيُ الخيل. والمِيتاءُ: الطريق العامِرُ، ومجتَمَع الطريق أَيضاً مِيتاء
وميداءُ؛ وأَنشد ابن بري لحُميد الأَرْقَط:
إِذا انْضَزَّ مِيتاءُ الطريق عليهما،
مَضَتْ قُدُماً برح الحزام زَهُوقُ
(* قوله «إذا انضز إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم في مادتي ميت وميد
ببعض تغيير).
وفي حديث اللُّقطة: ما وجَدْتَ في طريقٍ ميتاءٍ فعَرِّفْه سنةً، أَي
طريقٍ مَسْلوكٍ، وهو مفْعال من الإِتْيان، والميم زائدة. ويقال: بَنَى
القومُ بُيوتَهم على ميتاءٍ واحد ومِيداءٍ واحدٍ. وداري بمِيتاء دارِ فلانٍ
ومِيداءْ دارِ فُلان أَي تِلْقاءَ دارِه. وطريق مِئْتاءٌ: عامِرٌ؛ هكذا
رواه ثعلب بهمز الياء من مِئْتاءٍ، قال: وهو مِفْعال من أَتيت أَي يأْتيه
الناسُ. وفي الحديث: لولا أَنه وَعدٌ حقٌّ وقولٌ صِدْقٌ وطريقٌ مِيتاءٌ
لَحَزِنّا عليك أَكثر ما حَزِنّا؛ أَراد أَنه طريقٌ مسلوك يَسْلُكه كلُّ
أَحدٍ، وهو مِفْعال من الإِتْيان، فإِن قلت طريق مَأْتِيٌّ فهو مفْعول من
أَتَيْته. قال الله عزَّ وجل: إِنه كان وَعْدُه مَأْتِيّاً؛ كأَنه قال
آتِياً، كما قال: حجاباً مستوراً أَي ساتراً لأَن ما أَتيته فقد أَتاك؛ قال
الجوهري: وقد يكون مفعولاً لأَنَّ ما أَتاك من أَمر الله فقد أَتَيْته
أَنتَ، قال: وإِنما شُدِّد لأَن واو مَفعولٍ انقلَبت ياء لكسرة ما قبلها
فأُدغمت في الياء التي هي لامُ الفعل. قال ابن سيده: وهكذا روي طريقٌ
مِيتاءٌ، بغير همز، إِلا أَن المراد الهمز، ورواه أَبو عبيد في المصنف بغير
همز، فِيعالاً لأَن فِيعالاً من أَبْنِية المَصادر، ومِيتاء ليس مصدراً
إِنما هو صفةٌ فالصحيح فيه إِذن ما رواه ثعلب وفسره. قال ابن سيده: وقد كان
لنا أَن نقول إِن أَبا عبيد أَراد الهمز فتركه إِلا أَنه عَقَد الباب
بفِعْلاء ففضح ذاته وأَبان هَناتَه.
وفي التنزيل العزيز: أَينما تكونوا يأْتِ بكم الله جميعاً؛ قال أَبو
إِسحق: معناه يُرْجِعُكم إِلى نَفْسه، وأَتَى الأَمرَ من مأْتاهُ ومَأْتاتِه
أَي من جهتِه وَوَجْهه الذي يُؤْتَى منه، كما تقول: ما أَحسَنَ مَعْناةَ
هذا الكلام، تُريد معناه؛ قال الراجز:
وحاجةٍ كنتُ على صُِماتِها
أَتَيْتُها وحْدِيَ من مَأْتاتها
وآتَى إِليه الشيءَ: ساقَه.
والأَتيُّ: النهر يَسوقه الرجل إِلى أَرْضه، وقيل: هو المَفْتَح، وكلُّ
مَسيل سَهَّلْته لماءٍ أَتِيٌّ، وهو الأُتِيُّ؛ حكاه سيبويه، وقيل:
الأُتيُّ جمعٌ. وأَتَّى لأَرْضِه أَتِيّاً: ساقَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي لأَبي
محمد الفَقْعسيّ:
تَقْذِفهُ في مثل غِيطان التِّيهْ،
في كلِّ تِيهٍ جَدْول تُؤَتِّيهْ
شبَّه أَجْوافها في سَعَتها بالتِّيهِ، وهو الواسِعُ من الأَرض.
الأَصمعي: كلُّ جدول ماءٍ أَتِيّ؛ وقال الراجز:
ليُمْخَضَنْ جَوْفُكِ بالدُّليِّ،
حتى تَعُودي أَقْطَعَ الأَتيِّ
قال: وكان ينبغي
(* قوله «وكان ينبغي إلخ» هذه عبارة التهذيب وليست فيه
لفظة قطعاً). أَن يقول قَطْعاً قَطعاء الأَتيِّ لأَنه يُخاطب الرَّكِيَّة
أَو البئر، ولكنه أَراد حتى تَعُودي ماءً أَقْطَع الأَتيّ، وكان
يَسْتَقِي ويَرْتجِز بهذا الرجز على رأْس البئر.
وأَتَّى للماء: وَجَّه له مَجْرىً. ويقال: أَتِّ لهذا الماء فتُهَيِّئَ
له طريقه. وفي حديث ظَبْيان في صِفة دِيار ثَمُود قال: وأَتَّوْا
جَداوِلَها أَي سَهَّلوا طُرُق المِياه إِليها. يقال: أَتَّيْت الماء إِذا
أَصْلَحْت مَجْراه حتى يَجْرِي إِلى مَقارِّه. وفي حديث بعضهم: أَنه رأَى
رجلاً يُؤتِّي الماءَ في الأَرض أَي يُطَرِّق، كأَنه جعله يأْتي إِليها أَي
يَجيءُ.
والأَتيُّ والإِتاءُ: ما يَقَعُ في النهر
(* قوله «والأتي والإتاء ما
يقع في النهر» هكذا ضبط في الأصل، وعبارة القاموس وشرحه: والأتي كرضا،
وضبطه بعض كعدي، والأتاء كسماء، وضبطه بعض ككساء: ما يقع في النهر من خشب أو
ورق). من خشب أَو ورَقٍ، والجمعُ آتاءٌ وأُتيٌّ، وكل ذلك من الإِتْيان.
وسَيْل أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ: لا يُدْرى من أَيْن أَتى؛ وقال اللحياني: أَي
أَتى ولُبِّس مَطَرُه علينا؛ قال العجاج:
كأَنه، والهَوْل عَسْكَرِيّ،
سَيْلٌ أَتيٌّ مَدَّه أَتيّ
ومنه قولُ المرأَة التي هَجَت الأَنْصارَ، وحَبَّذا هذا الهِجاءُ:
أَطَعْتُمْ أَتاوِيَّ من غيركم،
فلا من مُرادٍ ولا مُذْحِجِ
أَرادت بالأَتاوِيِّ النبيّ، صلى الله عليه وسلم، فقَتَلَها بعضُ
الصحابة فأُهْدِرَ دَمُها، وقيل: بل السَّيل مُشَبَّه بالرجل لأَنه غريبٌ مثله؛
قال:
لا يُعْدَلُنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم
نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّتِ
قال الفارسي: ويروى لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون، فحذف المفعول، وأَراد:
لا يَعْدِلَنَّ أَتاويُّون شأْنُهم كذا أَنْفُسَهم. ورُوي أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، سأَل عاصم بن عَدِيّ الأَنْصاري عن ثابت بن الدحْداح
وتُوُفِّيَ، فقال: هل تعلمون له نَسَباً فيكم؟ فقال: لا، إِنما هو أَتيٌّ
فينا، قال: فقَضَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بميراثه لابن أُختِه؛
قال الأَصمعي: إِنما هو أَتيٌّ فينا؛ الأَتيُّ الرجل يكون في القوم ليس
منهم، ولهذا قيل للسيل الذي يأْتي من بلَد قد مُطر فيه إِلى بلد لم يُمْطر
فيه أَتيٌّ. ويقال: أَتَّيْت للسيل فأَنا أُؤَتِّيه إِذا سهَّلْت سبيله
من موضع إِلى موضع ليخرُج إِليه، وأَصل هذا من الغُرْبة، أَي هو غَريبٌ؛
يقال: رجل أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ أَي غريبٌ. يقال: جاءنا أَتاوِيٌّ إِذا كان
غريباً في غير بلاده. ومنه حديث عثمان حين أَرسل سَلِيطَ بن سَلِيطٍ وعبدَ
الرحمن ابن عتَّاب إِلى عبد الله بن سَلام فقال: ائْتِياه فتَنَكَّرا له
وقولا إِنَّا رجُلان أَتاوِيَّان وقد صَنَع الله ما ترى فما تأْمُر؟
فقالا له ذلك، فقال: لَسْتُما بأَتاوِيَّيْن ولكنكما فلان وفلان أَرسلكما
أَميرُ المؤمنين؛ قال الكسائي: الأَتاويُّ، بالفتح، الغريب الذي هو في غير
وطنه أَي غريباً، ونِسْوة أَتاوِيَّات
(* قوله «أي غريباً ونسوة أتاويات»
هكذا في الأصل، ولعله ورجال أتاويون أَي غرباء ونسوة إلخ. وعبارة
الصحاح: والأتاوي الغريب، ونسوة إلخ)؛ وأَنشد هو وأَبو الجرَّاح لحميد
الأَرْقَط:
يُصْبِحْنَ بالقَفْرِ أَتاوِيَّاتِ
مُعْتَرِضات غير عُرْضِيَّاتِ
أَي غريبة من صَواحبها لتقدّمهنّ وسَبْقِهِنَّ، ومُعْتَرِضات أَي نشِيطة
لم يُكْسِلْهُنَّ السفر، غير عُرْضِيَّات أَي من غير صُعُوبة بل ذلك
النَّشاط من شِيَمِهِنَّ. قال أَبو عبيد: الحديث يروى بالضم، قال: وكلام
العرب بالفتح. ويقال: جاءنا سَيْلٌ أَتيٌّ وأَتاوِيٌّ إِذا جاءك ولم
يُصِبْكَ مَطَره. وقوله عز وجل: أَتَى أَمْرُ اللهِ فلا تسْتَعْجِلوه؛ أَي قرُب
ودَنا إِتْيانُه.
ومن أَمثالهم: مَأْتيٌّ أَنت أَيها السَّوادُ أَو السُّوَيْدُ، أَي لا
بُدَّ لك من هذا الأَمر. ويقال للرجل إِذا دَنا منه عدوُّه: أُتِيتَ
أَيُّها الرجلُ.
وأَتِيَّةُ الجُرْحِ وآتِيَتُه: مادَّتُه وما يأْتي منه؛ عن أَبي عليّ،
لأَنها تأْتِيه من مَصَبِّها. وأَتَى عليه الدَّهْرُ: أَهلَكَه، على
المثل. ابن شميل: أَتَى على فلان أَتْوٌ أَي موت أَو بَلاء أَصابه؛ يقال: إِن
أَتى عليَّ أَتْوٌ فغلامي حُرٌّ أَي إِن مُتُّ. والأَتْوُ: المَرَض
الشديد أَو كسرُ يَدٍ أَو رِجْلٍ أَو موتٌ. ويقال: أُتيَ على يَدِ فلان إِذا
هَلَكَ له مالٌ؛ وقال الحُطَيئة:
أَخُو المَرْء يُؤتَى دونه ثم يُتَّقَى
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصى كالجَمامِحِ
قوله أَخو المرء أَي أَخُو المقتول الذي يَرْضى من دِيَةِ أَخيه
بِتُيوس، يعني لا خير فيما يُؤتى دونه أَي يقتل ثم يُتَّقَى بتُيوس زُبِّ
اللّحَى أَي طويلة اللحى. ويقال: يؤتى دونه أَي يُذهب به ويُغلَب عليه؛
وقال:أَتَى دون حُلْوِ العَيْش حتى أَمرَّه
نُكُوبٌ، على آثارِهن نُكُوبُ
أَي ذهَب بحُلْو العَيْشِ. ويقال: أُتِيَ فلان إِذا أَطلَّ عليه
العدوُّ. وقد أُتِيتَ يا فلان إِذا أُنْذِر عدوّاً أَــشرفَ عليه. قال الله عز
وجل: فأَتَى الله بُنْيانَهم من القواعِد؛ أَي هَدَم بُنْيانَهم وقلَع
بُنْيانهم من قَواعِدِه وأَساسه فهدَمه عليهم حتى أَهلكهم. وفي حديث أَبي
هريرة في ا لعَدَوِيِّ: إِني قلت أُتِيتَ أَي دُهِيتَ وتغَيَّر عليك حِسُّك
فتَوَهَّمْت ما ليس بصحيح صحيحاً. وأَتَى الأَمْرَ والذَّنْبَ: فعَلَه.
واسْتأْتَتِ الناقة اسْتِئتاءً، مهموز، أَي ضَبِعَتْ وأَرادت الفَحْل.
ويقال: فرس أَتيٌّ ومُسْتَأْتٍ ومؤَتّى ومُسْتأْتي، بغير هاء، إِذا
أَوْدَقَت.والإِيتاءُ: الإِعْطاء. آتى يُؤَاتي إِيتاءً وآتاهُ إِيتاءً أَي أَعطاه.
ويقال: لفلان أَتْوٌ أَي عَطاء. وآتاه الشيءَ أَي أَعطاه إِيَّاه. وفي
التنزيل العزيز: وأُوتِيَتْ من كلِّ شيء؛ أَراد وأُوتِيَتْ من كل شيء
شيئاً، قال: وليس قولُ مَنْ قال إِنَّ معناه أُوتِيَتْ كل شيء يَحْسُن، لأَن
بِلْقِيس لم تُؤتَ كل شيء، أَلا ترَى إِلى قول سليمان، عليه السلام:
ارْجِعْ إِليهم فلنَأْتِيَنَّهم بجنودٍ لا قِبَل لهم بها؟ فلو كانت بِلْقِيسُ
أُوتِيَتْ كلَّ شيء لأُوتِيَتْ جنوداً تُقاتلُ بها جنود سليمان، عليه
السلام، أَو الإِسلامَ لأَنها إِنما أَسْلمت بعد ذلك مع سليمان، عليه
السلام. وآتاه: جازاه. ورجل مِيتاءٌ: مُجازٍ مِعْطاء. وقد قرئ: وإِن كان
مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ أَتَيْنا بها وآتينا بها؛ فأَتَيْنا جِئنا،
وآتَيْنا أَعْطَينا، وقيل: جازَيْنا، فإِن كان آتَيْنا أَعْطَيْنا فهو
أَفْعَلْنا، وإِن كان جازَيْنا فهو فاعَلْنا. الجوهري: آتاهُ أَتَى به؛ ومنه
قوله تعالى: آتِنا غَداءَنا أَي ائْتِنا به. وتقول: هاتِ، معناه آتِ على
فاعِل، فدخلت الهاء على الأَلف. وما أَحسنَ أَتْيَ يَدَي الناقة أَي رَجْع
يدَيْها في سَيْرِها. وما أَحسن أَتْوَ يَدَيِ الناقة أَيضاً، وقد
أَتَتْ أَتْواً. وآتاهُ على الأَمْرِ: طاوَعَه. والمُؤَاتاةُ: حُسْنِ
المُطاوَعةِ. وآتَيْتُه على ذلك الأَمْر مُؤاتاةً إِذا وافَقْته وطاوَعْته.
والعامَّة تقول: واتَيْتُه، قال: ولا تقل وَاتَيْته إِلا في لغة لأَهل اليَمن،
ومثله آسَيْت وآكَلْت وآمَرْت، وإِنما جعلوها واواً على تخفيف الهمزة في
يُواكِل ويُوامِر ونحو ذلك.
وتأَتَّى له الشيءُ: تَهَيَّأَ. وقال الأَصمعي: تَأَتَّى فلان لحاجته
إِذا تَرَفَّق لها وأَتاها من وَجْهها، وتَأَتَّى للقِيام. والتَّأَتِّي:
التَّهَيُّؤُ للقيام؛ قال الأَعْشى:
إِذا هِي تَأَتَّى قريب القِيام،
تَهادَى كما قد رأَيْتَ البَهِيرا
(* قوله «إذا هي تأتي إلخ» تقدم في مادة بهر بلفظ: إذا ما تأتى تريد
القيام).
ويقال: جاء فلان يَتأَتَّى أَي يتعرَّض لمَعْروفِك. وأَتَّيْتُ الماءَ
تَأْتِيَةً وتَأَتِّياً أَي سَهَّلت سَبيله ليخرُج إِلى موضع. وأَتَّاه
الله: هَيَّأَه. ويقال: تَأَتَّى لفُلان أَمرُه، وقد أَتَّاه الله
تَأْتِيَةً. ورجل أَتِيٌّ: نافِذٌ يتأَتَّى للأُمور. ويقال: أَتَوْتُه أَتْواً،
لغة في أَتَيْتُه؛ قال خالد بن زهير:
يا قَوْمِ، ما لي وأَبا ذُؤيْبِ،
كُنْتُ إِذا أَتَوْتُه من غَيْبِ
يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي،
كأَنني أَرَبْته بِرَيْبِ
وأَتَوْتُه أَتْوَةً واحدة. والأَتْوُ: الاسْتِقامة في السير والسرْعةُ.
وما زال كلامُه على أَتْوٍ واحدٍ أَي طريقةٍ واحدة؛ حكى ابن الأَعرابي:
خطَب الأَميرُ فما زال على أَتْوٍ واحدٍ. وفي حديث الزُّبير: كُنَّا
نَرْمِي الأَتْوَ والأَتْوَيْن أَي الدفْعةَ والدفْعتين، من الأَتْوِ
العَدْوِ، يريد رَمْيَ السِّهام عن القِسِيِّ بعد صلاة المَغْرب.
وأَتَوْتُه آتُوه أَتْواً وإِتاوةً: رَشَوْتُه؛ كذلك حكاه أَبو عبيد،
جعل الإِتاوَة مصدراً. والإتاوةُ: الرِّشْوةُ والخَراجُ؛ قال حُنَيّ بن
جابر التَّغْلبيّ:
ففِي كلِّ أَسْواقِ العِراقِ إِتاوَةٌ،
وفي كلِّ ما باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ
قال ابن سيده: وأَما أَبو عبيد فأَنشد هذا البيت على الإِتاوَةِ التي هي
المصدر، قال: ويقوِّيه قوله مَكْسُ دِرْهَم، لأَنه عطف عرَض على عرَض.
وكلُّ ما أُخِذ بكُرْهٍ أَو قُسِمَ على موضعٍ من الجِبايةِ
وغيرِها إِتاوَةٌ، وخص بعضهم به الرِّشْوةَ على الماء، وجمعها أُتىً
نادر مثل عُرْوَةٍ وعُرىً؛ قال الطِّرِمَّاح:
لنا العَضُدُ الشُّدَّى على الناسِ، والأُتَى
على كلِّ حافٍ في مَعَدٍّ وناعِلِ
وقد كُسِّر على أَتاوَى؛ وقول الجَعْدِيّ:
فَلا تَنْتَهِي أَضْغانُ قَوْمِيَ بينهم
وَسَوأَتُهم، حتى يَصِيروا مَوالِيا
مَوالِيَ حِلْفٍ، لا مَوالِي قَرابةٍ،
ولكنْ قَطِيناً يَسأَلون الأَتاوِيَا
أَي هُمْ خدَم يسأَلون الخَراج، وهو الإِتاوةُ؛ قال ابن سيده: وإِنما
كان قِياسُه أَن يقول أَتاوى كقولنا في عِلاوةٍ وهِراوَةٍ عَلاوى وهَراوى،
غير أَن هذا الشاعر سلَك طريقاً أُخرى غير هذه، وذلك أَنه لما كسَّر
إِتاوةً حدث في مثال التكسير همزةٌ بعد أَلِفه بدلاً من أَلف فِعالةٍ كهمزة
رَسائل وكَنائن، فصار التقدير به إلى إِتاءٍ، ثم تبدل من كسرة الهمزة فتحة
لأَنها عارِضة في الجمع واللام مُعْتلَّة كباب مَطايا وعَطايا فيصير
إِلى أَتاأَى، ثم تُبْدِل من الهمزة واواً لظُهورها لاماً في الواحد فتقول
أَتاوى كعَلاوى، وكذلك تقول العرب في تكسير إِتاوةٍ أَتاوى، غير أَن هذا
الشاعر لو فعلَ ذلك لأَفسد قافِيتَه، لكنَّه احتاج إِلى إِقرار الهمزة
بحالها لتصِحَّ بعدَها الياءُ التي هي رَوِيٌّ القافيةِ كما مَعها من
القَوافي التي هي الرَّوابيا والأَدانِيا ونحو ذلك، ليَزول لفظُ الهمزة، إِذا
كانت العادةُ في هذه الهمزة أَن تُعَلَّ وتُغَيَّر إِذا كانت اللام
معتلَّة، فرأَى إِبْدال همزة إِتاءٍ واواً ليَزُول لفظُ الهمزةِ التي من
عادتها في هذا الموضع أَن تُعَلَّ ولا تصحَّ لما ذكرنا، فصار الأَتاوِيا؛
وقولُ الطِّرِمَّاح:
وأَهْل الأُتى اللاَّتي على عَهْدِ تُبَّعٍ،
على كلِّ ذي مالٍ غريب وعاهِن
فُسِّر فقيل: الأُتى جمع إِتاوةٍ، قال: وأُراه على حذف الزائد فيكون من
باب رِشْوَة ورُشيً. والإتاءُ: الغَلَّةُ وحَمْلُ النخلِ، تقول منه:
أَتَتِ الشجرة والنخلة تَأْتو أَتْواً وإِتاءً، بالكسر؛ عن كُراع: طلع ثمرها،
وقيل: بَدا صَلاحُها، وقيل: كَثُرَ حَمْلُها، والاسم الإِتاوةُ.
والإِتاءُ: ما يخرج من إِكالِ الشجر؛ قال عبدُ الله بن رَواحة
الأَنصاري:هُنالِك لا أُبالي نَخْلَ بَعْلٍ
ولا سَقْيٍ، وإِن عَظُمَ الإِتاءُ
عَنى بهنالِك موضعَ الجهاد أَي أَستشهد فأُرْزَق عند الله فلا أُبالي
نخلاً ولا زرعاً؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:
وبَعْضُ القَوْلِ ليس له عِناجٌ،
كمخْضِ الماء ليس له إِتاءُ
المُرادُ بالإِتاء هنا: الزُّبْد. وإِتاءُ النخلة: رَيْعُها وزَكاؤها
وكثرة ثَمَرِها، وكذلك إِتاءُ الزرع رَيْعه، وقد أَتَت النخلةُ وآتَتْ
إِيتاءً وإِتاءً. وقال الأَصمعي: الإِتاءُ ما خرج من الأَرض من الثمر وغيره.
وفي حديث بعضهم: كم إِتاءٌ أَرضِك أَي رَيْعُها وحاصلُها، كأَنه من
الإِتاوةِ، وهو الخَراجُ. ويقال للسقاء إِذا مُخِض وجاء بالزُّبْد: قد جاء
أَتْوُه. والإِتاءُ: النَّماءُ. وأَتَتِ الماشيةُ إِتاءً: نَمَتْ، والله
أَعلم.
ثرد: الثَّرِيدُ معروف. والثَّرْدُ: الهَشْمُ؛ ومنه قيل لما يُهشم من
الخبز ويُبَلُّ بماء القِدْرِ وغيره: ثَريدة.
والثَّرْدُ: الفَتُّ، ثَرَدَهُ يَثْرُدُهُ ثَرْداً، فهو ثريد. وثَرَدْتُ
الخبز ثَرْداً: كسرته، فهو ثَريدٌ ومَثْرُود، والاسم الثُّردة، بالضم.
والثَّريدُ والثَّرودَةُ: ما ثُرِدَ من الخبز.
واثَّرَدَ ثريداً واتَّرَدَه: اتخذه. وهو مُتَّرِد، قلبت الثاء تاء لأَن
الثاء أُخت التاء في الهمس، فلما تجاورتا في المخرج أَرادوا أَن يكون
العمل من وجه فقلبوها تاء وأَدغموها في التاء بعدها، ليكون الصوت نوعاً
واحداً، كأَنهم لما أَسكنوا تاء وَتِدٍ تخفيفاً أَبدلوها إِلى لفظ الدال
بعدها فقالوا وَدٌّ. غيره: اثَّرَدْتُ الخبز أَصله اثْتَرَدْتُ على افتعلت،
فلما اجتمع حرفان مخرجاهما متقاربان في كلمة واحدة وجب الإِدغام، إِلاَّ
أَن الثاء لما كانت مهموسة والتاء مجهورة
(* قوله «التاء مجهورة» المشهور
أن التاء مهموسة.) لم يصح ذلك، فأَبدلوا من الأَول تاء فأَدغموه في
مثله، وناس من العرب يبدلون من التاء ثاء فيقولون: اثَّرَدْتُ، فيكون الحرف
الأَصلي هو الظاهر؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَلا يا خُبْزَ يا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ،
أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدَكِ لا يَنامُ
وبَرْقٍ لِلعَصيدَةِ لاحَ وَهْناً،
كما شَقَّقْت في القِدْرِ السَّناما
(* في هذا البيت إقواء).
قال: يَثْرُدانٍ غلامان كانا يثردان فَنَسَب الخُبزة إِليهما ولكنه نوّن
وصرف للضرورة، والوجه في مثل هذا أَن يحكى، ورواه الفراء أُثْرُدانٍ
فعلى هذا ليس بفعل سمي به إِنما هو اسم كأُسْحُلان وأُلْعُبانٍ؛ فحكمه أَن
ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة؛ قال ابن سيده: وأَظن أُثْرُدانَ
اسماً للثريد أَو المثرود معرفةً، فإِذا كان كذلك فحكمه أَن لا ينصرف لكن
صرفه للضرورة، وأَراد أَبى صاحب الحلقوم بعدك لا ينام لأَن الحلقوم ليس هو
وحده النائم، وقد يجوز أَن يكون خص الحلقوم ههنا لأَن ممرّ الطعام إِنما
هو عليه، فكأَنه لما فقده حنَّ إِليه فلا يكون فيه على هذا القول حذف.
وقوله: وبرقٍ للعصيدة لاح وهناً، إِنما عنى بذلك شدّة ابيضاض العصيدة
فكأَنما هي برق، وإِن شئت قلت إِنه كان جَوْعانَ متطلعاً إِلى العصيدة كتطلع
المجدب إِلى البرق أَو كتطلع العاشق إِليه إِذا أَتاه من ناحية محبوبه.
وقوله: كما شققت في القِدر السناما، يريد أَن تلك العصيدة بيضاء تلوح كما
يلوح السنام إِذا شقق، يعني بالسنام الشحم إِذ هو كله شحم. ويقال: أَكلنا
ثَريدة دَسِمَةً، بالهاء، على معنى الاسم أَو القطعة من الثريد. وفي
الحديث: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام؛ قيل: لم يرد عين
الثريد وإِنما أَراد الطعام المتخذ من اللحم والثَّريِد معاً لأَن
الثريد غالباً لا يكون إِلاَّ من لحم، والعرب قلما تتخذ طبيخاً ولا سيما بلحم.
ويقال: الثريد أَحد اللحمين بل اللذة والقوَّة إِذا كان اللحم نضيجاً في
المرق أَكثر ما يكون في نفس اللحم.
والتَّثْريدُ في الذبح: هو الكسر قبل أَن يَبْرُدَ، وهو منهيٌّ عنه.
وثَرَدَ الذَّبِيحَة: قَتَلها من غير أَن يَفْرِيَ أَوْداجَها؛ قال ابن
سيده: وأُرى ثَرَّدَه لغة. وقال ابن الأَعرابي: المُثَرِّدُ الذي لا تكون
حديدته حادَّة فهو يفسخ اللحم؛ وفي الحديث؛ سئل ابن عباس عن الذبيحة
بالعُودِ فقال: ما أَفْرَى الأَوْداجَ غيرُ المُثَرِّدِ، فكُلْ. المُثَرِّدُ:
الذي يقتُلُ بغير ذكاة. يقال: ثَرَّدْتَ ذَبيحَتَك. وقيل: التَّثْريدُ أَن
يَذْبَحَ الذبيحةَ بشيء لا يُنْهِرُ الدَّمَ ولا يُسيلُهُ فهذا
المُثَرِّدُ. وما أَفْرَى الأَوداجَ من حديد أَو لِيطَةٍ أَو طَرِيرٍ أَو عود له
حد، فهو ذكيٌّ غيرُ مُثَرِّدٍ، ويروى غيرُ مُثَرَّدٍ، بفتح الراء، على
المفعول، والرواية كُلْ: أَمْرٌ بالأَكلِ، وقد ردَّها أَبو عبيد وغيره.
وقالوا: إِنما هي كلُّ ما أَفْرَى الأَوْداجَ أَي كلُّ شيءٍ أَفْرَى،
والفَرْيُ القطع. وفي حديث سعيد وسئل عن بعير نحروه بعود فقال: إِن كانَ مارَ
مَوْراً فكلوه، وإِن ثَرَدَ فلا. وقيل: المُثَرِّدُ الذي يذبح ذبيحته بحجر
أَو عظم أَو ما أَشبه ذلك، وقد نُهِيَ عنه، والمِثْرادُ: اسم ذلك الحجر؛
قال:
فلا تَدُمُّوا الكَلْبَ بالمِثْرادِ
ابن الأَعرابي: ثَرِدَ الرجلُ إِذا حُمِلَ من المعركة مُرْتَثّاً.
وثوبٌ مَثْرُودٌ أَي مغموس في الصِّبْغ؛ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
فأَخذتْ خِماراً لها قد ثرَدَتْه بزعفران أَي صبغته؛ وثوب مَثْرُود.
والثَّرَدُ، بالتحريك: تشقق في الشفتين.
والثَّرْدُ: المطر الضعيف؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال: وقيل لأَعرابي ما
مَطَرُ أَرضك؟ قال: مُرَكَّكَةٌ فيها ضُروس، وثَرْدٌ يَذُرُّ بقلُه ولا
يُقَرِّحُ أَصْلُه؛ الضروس: سحائب متفرقة وغيوث يفرق بينها رَكاكٌ، وقال مرة:
هي الجَوْدُ. ويَذُرُّ: يطلعُ ويظهر، وذلك أَنه يَذُرُّ من أَدنى مطر،
وإِنما يَذُرُّ من مطر قدر وضَحِ الكف. ولا يُقَرِّحُ البَقْلُ إِلاَّ
مِنْ قَدْرِ الذراع من المطر فما زاد، وتقريحه نبات أَصله، وهو ظهور
عوده.والثَّرِيدُ القُمُّحانُ؛ عن أَبي حنيفة، يعني الذي يعلو الخمر كأَنه
ذريرة.
واثْرَنْدَى الرجل: كثر لحم صدره.
أذي: الأَذَى: كل ما تأَذَّيْتَ به. آذاه يُؤذِيه أَذىً وأَذاةً
وأَذِيَّةً وتَأَذَّيْت به. قال ابن بري: صوابه آذاني إيذاءً، فأَما أَذىً فمصدر
أَذِيَ أَذىً، وكذلك أَذاة وأَذِيَّة. يقال: أَذِيْت بالشيء آذَى أَذىً
وأَذاةً وأَذِيَّةً فأَنا أَذٍ؛ قال الشاعر:
لقَدْ أَذُوا بِكَ وَدُّوا لو تُفارِقُهُم،
أَذَى الهَراسةِ بين النَّعلِ والقَدَم
وقال آخر:
وإذا أَذِيتُ ببَلْدَةٍ فارَقْتُها،
ولا أُقيم بغَيرِ دَارِ مُقام
ابن سيده: أَذِيَ به أَذىً وتَأَذّى؛ أَنشد ثعلب:
تَأَذِّيَ العَوْدِ اشْتكى أن يُرْكَبا
والاسم الأَذِيَّةُ والأَذاة؛ أَنشد سيبويه:
ولا تَشْتُم المَوْلى وتَبْلُغْ أَذاتَهُ،
فإنَّك إن تَفْعَلْ تُسَفَّهْ وتَجْهَل
وفي حديث العَقيقة: أَمِيطوا عنه الأَذى، يريد الشعر والنجاسة وما يخرج
على رأْس الصبي حين يولد يُحْلَق عنه يوم سابعه. وفي الحديث: أَدْناها
إماطةُ الأَذَى عن الطريق، وهو ما يؤْذِي فيها كالشوك والحجر والنجاسة
ونحوها. وفي الحديث: كلُّ مُؤْذٍ في النار، وهو وعيد لمن يُؤْذِي الناس في
الدنيا بعقوبة النار في الآخرة، وقيل: أَراد كلّ مُؤذٍ من السباع والهوام
يُجْعَل في النار عقوبةً لأَهلها. التهذيب: ورجل أَذيٌّ إذا كان شديد
التأَذِّي، فِعْلٌ له لازمٌ، وبَعيرٌ أَذيٌّ. وفي الصحاح: بَعيرٌ أَذٍ على
فَعِلٍ، وناقة أَذِيَةٌ: لا تستقر في مكان من غير وجع ولكن خِلْقَةً كأَنها
تشكو أَذىً. والأَذِيُّ من الناس وغيرهم: كالأَذِي؛ قال:
يُصاحِبُ الشَّيطانَ مَنْ يُصاحِبُه،
فَهْوَ أَذيٌّ حَمَّةٌ مَصاوِبُه
(* قوله «حمة» كذا في الأصل بالحاء المهملة مرموزاً لها بعلامة
الإهمال).وقد يكون الأَذِيٌّ. وقوله عز وجل: وَدَعْ أَذاهم؛ تأْويلُه أَذى
المنافقين لا تُجازِهِمْ عليه إلى أَن تُؤْمَرَ فيهم بأَمر. وقد آذَيْتُه
إيذاءً وأَذِيَّةً، وقد تَأَذَّيْتُ به تَأَذِّياً، وأَذِيتُ آذى أَذىً، وآذى
الرجلُ: فَعَل الأَذى؛ ومنه قوله، صلى الله عليه وسلم، للذي تَخَطَّى
رِقاب الناس يَوْم الجُمُعَة: رأَيْتُك آذَيْتَ وآتَيْتَ.
والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال امرؤ القيس يصف مطراً:
ثَجَّ، حَتَّى ضاق عن آذِيِّه
عَرْضُ خِيمٍ فحِفاف فَيُسُر
ابن شميل: آذيُّ الماء الأَطباق التي تراها ترفعها من مَتْنهِ الريحُ
دونَ المَوْج. والآذيُّ: المَوْجُ؛ قال المُغِيرة بن حَبْناء:
إذا رَمى آذِيُّهُ بالطِّمِّ،
تَرى الرِّجالَ حَوْلَه كالصُّمِّ،
من مُطْرِقٍ ومُنْصِتٍ مُرِمِّ
الجوهري: الآذيُّ مَوْجُ البحر، والجمع الأَواذيُّ؛ وأَنشد ابن بري
للعَجّاج:
طَحْطَحَهُ آذيُّ بَحْرٍ مُتْأَقِ
وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى: وإذ أَخَذَ رَبُّك من بَني آدم
من ظُهورهم ذُرِّيَّاتِهم، قال: كأَنَّهم الذَّرُّ في آذِيِّ الماء.
الآذيُّ، بالمد والتشديد: المَوْجُ الشديد. وفي خُطْبَة علي، عليه السلام:
تَلْتَطِمُ أَو اذيُّ مَوْجِها. وإذا وإذْ: ظَرْفان من الزمان، فإذا لِمَا
يأْتي، وإذْ لِمَا مضى وهي محذوفة من إذا.
شجا: الشَّجْوُ: الهَمُّ والحُزْنُ، وقد شَجاني يَشْجُوني شَجْواً إذا
حَزَنَه، وأَشجاني، وقيل: شَجاني طَرَّبَني وهَيَّجَني. التهذيب: شَجاني
تَذَكُّرُ إلفِي أَي طَرَّبَني وهَيَّجَني.وشَجاهُ الغِناءُ إذا هَيَّجَ
أَحزانَه وشَوَّقَه. الليث: شَجاهُ الهَمُّ، وفي لغة أَشْجاهُ؛ وأَنشد:
إنِّي أَتاني خَبَرٌ فأَشْجانْ،
أَنَّ الغُواةَ قَتَلُوا ابنَ عَفّانْ
ويقال: بَكَى شَجْوَه، ودَعَت الحَمامةُ شَجْوَها. وأَشْجاني: حَزَنَني
وأَغْضَبني. وأَشْجَيْتُ الرجُلَ: أوْقَعْتهُ في حَزَنٍ. وفي حديث عائشة
تصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، قالت: شَجِيُّ النشِيجِ؛ الشَّجْوُ:
الحُزْنُ، والنَّشِيجُ: الصَّوتُ الذي يترَدَّدُ في الحَلْقِ. وأَشْجاهُ:
حَزَنَه. الجوهري: أَشْجاهُ يُشْجِيهِ إشْجاءً إذا أَغَصَّه
(* قوله «أغصه»
هكذا في الأصل، وفي المحكم: أغضبه)، تقول منهما جميعاً: شَجِيَ، بالكسر.
وأَشْجاكَ قِرْنُك: قَهَركَ وغَلَبَك حتى شَجِيتَ به شَجاً؛ ومثله
أَشْجاني العُودُ في الحَلْقِ حتى شَجِيتُ به شَجاً، وأَشْجاهُ العَظْمُ إذا
اعْتَرَض في حَلْقهِ. والشَّجا: ما اعْتَرَض في حَلْقِ الإنسانِ والدابَّةِ
من عَظْمٍ أَو عُودٍ أَو غيرهما؛ وأَنشد:
ويَرَاني كالشَّجا في حَلْقِهِ،
عَسِراً مَخْرَجُه ما يُنْتَزَعْ
وقد شَجِيَ به،بالكسر، يَشْجى شَجاً؛ قال المُسَيَّب بن زيد مَناةَ:
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وقد سُبِينا،
في حَلْقِكم عَظْمٌ، وقد شَجِينا
أَراد في خُلُوقِكم؛ وقول عديِّ بن الرقاع:
فإذا تَجَلْجَلَ في الفُؤادِ خَيالُها،
شَرِقَ الجُفُونُ بعَبْرَةٍ تَشْجاها
يجوز أَن يكون أَراد تَشْجَى بها فحذَفَ وعَدَّى، ويجوز أَن يكون عَدَّى
تَشْجَى نفْسَها دونَ واسِطةٍ، والأَوَّل أَعْرَف. وأَشْجَيْتُ فلاناً
عنِّي: إمّا غريمٌ، وإما رجُلٌ سأَلك فأَعْطَيَتَه شيئاً أَرْضَيْتَه به
فذَهب فقد أَشْجَيْتَه. ويقال للغَرِيمِ: شَجِيَ عنِّي يَشْجَى أي ذَهَب.
وأَشْجاه الشيءُ: أَغصَّه. ورجلٌ شَجٍ أَي حزين، وامرأَةٌ شَجِيَةٌ، على
فَعِلَةٍ، ورجلٌ شجٍ. وفي مثَلٍ للعرب: ويلٌ للشَّجِي من الخَلِي، وقد
تُشدد ياءُ الشَّجي فيما حكاه صاحب العين، قال ابن سيده: والأَول أَعرف.
الجوهري: قال المبرد ياءُ الخَليِّ مشددةٌ وياءُ الشَّجي مخففة، قال: وقد
شدِّد في الشعر؛ وأَنشد:
نامَ الخَلِيُّون عن ليلِ الشَّجِيِّينا،
شَأْنُ السُّلاةِ سِوى شأْنِ المُحِبِّينا
قال: فإن جعَلْت الشَّجيَّ فعيلاً من شَجاهُ الحُزنُ فهو مَشْجُوٌّ
وشَجِيٌّ، بالتشديد لا غير، قال: والنسبة إلى شَجٍ شَجَويٌّ، بفتح الجيم كما
فُتِحت ميم نَمِرٍ، فانقلبت الياء أَلفاً ثم قلبتَها واواً، قال ابن
بري: قال أَبو جعفر أَحمد بن عبيد المعروف بأَبي عَصيدَة الصواب ويلُ
الشَّجيِّ من الخَليِّ، بتشديد الياء، وأَما الشَّجي، بالتخفيف، فهو الذي
أَصابَه الشَّجا وهو الغَصَصُ، وأَما الحزينُ فهو الشَّجيُّ، بتشديد
الياء، قال: ولو كان المثلُ ويلُ الشِّجي بتخفيف الياء لكان ينْبغي أن
يقال من المُسِيغِ، لأَن الإساغَة ضدُّ الشَّجا كما أَن الفَرح ضدُّ
الحُزنِ، قال: وقد رواه بعضهم ويلُ الشَّجي من الخَلي، وهو غلط ممن رواه، وصوابه
الشَّجيّ، بتشديد الياء؛ وعليه قول أَبي الأَسود الدؤَلي:
ويلُ الشَّجيِّ من الخَليِّ، فإنه
نَصِبُ الفُؤاد لشَجْوهِ مَغْمُومُ
قال: ومنه قول أَبي دواد:
مَن لعَينٍ بدَمْعِها مَوْلِيَّهْ،
ولنَفْسٍ مما عناها شَجِيَّهْ
قال ابن بري: فإذا ثبت هذا من جهة السماع وجب أَن يُنْظَر توْجِيهُه من
جهة القياس، قال: ووجهه أَن يكون المفعولَ من شَجَوْتُه أَشْجوه، فهو
مَشْجُوٌّ وشَجيٌّ، كما تقول جرَحْته فهو مَجْروحٌ وجريحٌ، وأَما شَجٍ،
بالتخفيف، فهو اسمُ الفاعل من شَجيَ يَشْجى، فهو شَجٍ؛ قال أَبو زيد:
الشَّجي المشغول والخَلي الفارِغُ. ابن السكيت: الشَّجي، مقصور، والخَليُّ
ممدود؛ التهذيب: هو الذي شَجيَ بعَظْمٍ غَصَّ به حلْقه. يقال: شَجي يَشْجى
شَجاً فهو شَجٍ كما ترى، وكذلك الذي شَجيَ بالهمِّ فلم يَجِدْ مخرجاً
منه والذي شَجيَ بقِرْنهِ فلم يُقاوِمْه، وكلُّ ذلك مقصور. قال الأَزهري:
وهذا هو الكلام الفصيح فإن تجامَلَ إنسانٌ ومدَّ الشَّجيَّ فله مخارجُ
من جهة العربية تُسَوِّغُ له مذْهَبَه، وهو أَن تجعلَ الشَّجيَّ بمعنى
المَشْجُوِّ فعيلاً من شجاه يَشْجوه، والوجه الثاني أَن العرب تمدُّ
فَعِلاَ بياءٍ فتقول فلان قَمِنٌ لكذا وقَمِين لكذا، وسَمِجٌ وسَمِيجٌ، وفلان
كرٍ وكرِيٌّ للنائم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
متى تَبِتْ ببَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ،
تترُكْ به مثلَ الكَرِيِّ المُنَجدِلْ
وقال المتنخل:
وما إن صوتُ نائحَةٍ شَجيُّ
فشدَّ الياءَ، والكلام صوتٌ شَجٍ، والوجه الثالث أَن العرب توازِنُ
اللفظ باللفظ ازْدِواجاً، كقولهم إني لآتيه بالغَدايا والعَشايا، وإنما
تُجْمَع الغَداةُ غَدَواتٍ فقالوا غَدايا لازْدِواجهِ بالعَشايا، ويقال له ما
ساءَه وناءَهُ، والأَصل أَناءَه، وكذلك وازَنُوا الشَّجيَّ بالخَليِّ،
وقيل: معنى قولهم ويلٌ للشَّجِيّ من الخَليّ ويل للمهموم من الفارِغِ،
قال: وشَجِيَ إذا غصَّ. أَبو العباس في الفصيح عن الأَصمعي: ويلٌ للشَّجيّ
من الخَليِّ، بتثقيل الياء فيهما؛ وأَنشد:
ويلُ الشَّجيّ من الخَليّ، فإنه
نَصِبُ الفُؤاد، بحُزْنهِ مَهْمومُ
والشَّجْوُ: الحاجة. ومَفازَةٌ شَجْواءُ: صعبَةُ المَسْلَكِ مَهْمَةٌ.
أَبو عمرو بن العلاء: جَمَّشَ فتيً من العرب حَضَرِيَّةً فتَشاجَتْ عليه،
فقال لها: واللهِ ما لكِ مُلأَةُ الحُسْنِ ولا عَمودهُ ولا بُرْنُسهُ
فما هذا الامتِناعُ؟ قال: مُلأَتُه بياضهُ، وعَمودهُ طُولُه، وبُرْنُسهُ
شَعَرَهُ، تشاجَت أَي تَمنَّعَت وتحازَنَت، فقالت: واحَزَنا حينَ
يَتَعَرَّضُ جِلْفٌ لِمثلي قال عمرو بن بحر: قلت لابن دَبُوقاءَ أَيُّ شيءٍ أَولُ
التَّشاجي؟ قال: التَّباهُرُ والقَرْمَطة في المشي.قال: وتوصف مِشْية
المرأَة بمِشْية القَطاةِ لتَقارُب الخَطْوة؛ قال:
يَتَمَشَّيْنَ كما تَمْـ
شي قَطاً، أَو بَقَرات
والشَّجَوْجى: الطويلُ الظَّهْرِ القصيرُ الرِّجْلِ، وقيل: هو
المُفْرِطُ الطولِ الضَّخْمُ العِظامِ، وقيل: هو الطويلُ التامُّ، وقيل: هو
الطويلُ الرِّجْلَينِ مثلُ الخَجَوْجى، وفي المحكم: يُمَدُّ ويُقْصَر. وفَرَسٌ
شَجَوْجىً ضَخْمٌ؛عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وكل شَجَوْجىً قُصَّ أَسفلُ ذَيْلِهِ،
فشَمَّرَ عن نَهْدٍ مَراكِلُه عَبْل
وريحٌ شَجَوْجىً وشَجْوْجاةٌ: دائمةُ الهُبوب. والشَّجَوْجى: العَقْعَق،
والأُنثى شَجَوْجاةٌ. وفي حديث الحجاج: أَن رُفْقَةً ماتَتْ بالشَّجي؛
هو بكسر الجيم وسكون الياء مَنزِلٌ في طريق مكة، شَرَّفــها الله تعالى.
زيب: الأَزْيَبُ: الجَنُوبُ، هُذَلِـيّة، أَو هي النَّكْباءُ التي تَجْري بين الصَّبا والجَنُوب. وفي الحديث: إِن للّه تعالى ريحاً، يقال لها
الأَزْيَبُ،
دونها بابٌ مُغْلَقٌ، ما بين مِصْراعَيْه مسيرةُ خمسمائة عام،
فرياحُكم هذه ما يَتَفَصَّى من ذلك الباب، فإِذا كان يوم القيامة فُتِح
ذلك البابُ، فصارت الأَرضُ وما عليها ذَرْواً. قال ابن الأَثير: وأَهلُ مكة يَستعملون هذا الاسم كثيراً. وفي رواية: اسمُها عند اللّه الأَزْيَب، وهي فيكم الجَنُوبُ. قال شمر: أَهلُ اليمن ومن يَرْكَبُ البَحر، فيما بين جُدَّة وعَدَن، يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ، لا يعرفون لها اسماً غيره، وذلك أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ، وتُثيرُ البحر حتى تُسَوِّده، وتَقْلب أَسفلَه، فتجعله أَعلاه؛ وقال ابن شميل: كلُّ ريحٍ شديدة ذاتُ أَزْيَب، فإِنما زَيَـبُها شدَّتُها. والأَزْيَبُ: الماءُ الكثير، حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني؛ وأَنشد:
أَسْقانيَ اللّهُ رَواءً مَشْرَبُهْ،
ببطْنِ كَرٍّ، حين فاضت حِـبَبُهْ،
عن ثَبَج البحرِ يَجِـيشُ أَزْيَبُه
الكَرُّ: الـحِسْيُ. والـحِبَبَةُ: جمع حُبٍّ، لخابيةِ الماءِ.
والأَزْيَبُ، على أَفْعَل: السُّرعة والنشاط، مؤَنث. يقال: مَرَّ فلانٌ وله أَزْيَبٌ مُنْكَرةٌ إِذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من النَّشاط. والأَزْيَبُ:
النَّشيطُ. وأَخذَه الأَزْيَبُ أَي الفَزَعُ. والأَزْيَبُ: الرجلُ الـمُتقارِبُ
الـمَشْيِ. ويقال للرجل القصير، الـمُتقارِبِ الخَطْوِ: أَزْيَب.
والأَزْيَبُ: العَداوة. والأَزْيَبُ: الدَّعِـيُّ. قال الأَعشى يَذْكُر رجلاً
من قَيْس عَيْلانَ كان جاراً لعمرو بن المنذر، وكان اتَّهمَ هَدَّاجاً،
قائد الأَعشى، بأَنه سَرَقَ راحلةً له، لأَنه وَجَد بعض لحمها في بَيْتِه، فأُخِذَ هَدَّاجٌ وضُرِبَ، والأَعْشى جالسٌ، فقام ناسٌ منهم، فأَخَذوا من الأَعْشى قيمةَ الراحلة؛ فقال الأَعشى:
دَعا رَهْطَه حَوْلي، فجاؤُوا لنَصْرِه، * ونادَيْتُ حَـيّاً، بالـمُسَنَّاةِ، غُيَّبا
فأَعْطَوْهُ مِني النِّصْفَ، أَو أَضْعَفُوا له، * وما كنتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
أَي كنتُ غَريباً في ذلك الموضع، لا ناصر لي؛ وقال قبل ذلك:
ومن يَغْتَرِبْ عن قَوْمِه، لا يَزَلْ يَرَى * مَصارِعَ مَظْلومٍ، مَجَرّاً ومَسْحَبا
وتُدْفَنُ منه الصالحاتُ، وإِن يُسئْ * يَكُنْ ما أَساءَ النارَ في رأْسِ كَبْكَبا
والنِّصْفُ: النَّصَفة؛ يقول: أَرْضَوْه وأَعْطَوه النِّصْفَ، أَو فَوْقَه. وامرأَةٌ إِزْيَبَّة: بخيلة. ابن الأَعرابي: الأَزْيَبُ: القُنْفُذ.
والأَزْيَبُ: من أَسماءِ الشيطان. والأَزْيَبُ: الداهية؛ وقال أَبو
المكارم: الأَزْيَبُ البُهْثةُ، وهو وَلَدُ الـمُساعاة؛ وأَنشد غيره:
وما كنتُ قُلاًّ، قبل ذلك، أَزْيَبا
وفي نوادر الأَعراب: رجل أَزْبة، وقوم أَزْبٌ إِذا كان جَلْداً، ورجل زَيْبٌ أَيضاً.
ويقال: تَزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّم إِذا تَكَتَّلَ واجْتَمع، واللّه أَعلم.
مدن: مَدَنَ بالمكان: أَقام به، فِعْلٌ مُمات، ومنه المَدِينة، وهي
فَعِيلة، وتجمع على مَدَائن، بالهمز، ومُدْنٍ ومُدُن بالتخفيف والتثقيل؛ وفيه
قول آخر: أَنه مَفْعِلة من دِنْتُ أَي مُلِكْتُ؛ قال ابن بري: لو كانت
الميم في مدينة زائدة لم يجز جمعها على مُدْنٍ. وفلان مَدَّنَ المَدائنَ:
كما يقال مَصَّرَ الأَمصارَ. قال وسئل أَبو عليّ الفَسَوِيُّ عن همزة
مدائن فقال: فيه قولان، من جعله فَعِيلة من قولك مَدَنَ بالمكان أَي أَقام
به همزه، ومن جعله مَفْعِلة من قولك دِينَ أَي مُلِكَ لم يهمزه كما لا
يهمز معايش. والمَدِينة: الحِصْنُ يبنى في أُصطُمَّةِ الأَرض، مشتق من ذلك.
وكلُّ أَرض يبنى بها حِصْنٌ في أُصطُمَّتِها فهي مدينة، والنسبة إِليها
مَدِينّي، والجمع مَدائنُ ومُدُنٌ. قال ابن سيده: ومن هنا حكم أَبو الحسن
فيما حكاه الفارسي أَن مَدِينة فعيلة. الفراء وغيره: المدينة فعيلة، تهمز
في الفعائل لأَن الياء زائدة، ولا تهمز ياء المعايش لأَن الياء أَصلية.
والمدينة: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة غلبت
عليها تفخيماً لها، شرَّفــها الله وصانها، وإِذا نسبت إِلى المدينة فالرجل
والثوب مَدَنيٌّ، والطير ونحوه مَدِينّي، لا يقال غير ذلك. قال سيبويه:
فأَما قولهم مَدَائِني فإِنهم جعلوا هذا البناء اسماً للبلد، وحمامةٌ
مَدِينيَّة وجارية مَدِينيَّة. ويقال للرجل العالم بالأَمر الفَطِنِ: هو ابن
بَجْدَتِها وابنُ مَدِينتها وابن بَلْدَتها وابن بُعْثُطها وابن
سُرْسُورها؛ قال الأَخطل:
رَبَتْ ورَبا في كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ
يَظَلُّ على مِسْحاته يتَرَكَّلُ
ابنُ مَدِينةٍ أَي العالم بأَمرها. ويقال للأَمة: مَدِينة أَي مملوكة،
والميم ميم مَفْعُول، وذكر الأَحولُ أَنه يقال للأَمة ابنُ مَدِينة،
وأَنشد بيت الأَخطل، قال: وكذلك قال ابن الأَعرابي ابنُ مَدِينة ابنُ أَمة،
قال ابن خالويه: يقال للعبد مَدِينٌ وللأَمة مَدِينة، وقد فسر قوله تعالى:
إِنا لمَدِينُون؛ أَي مملوكون بعد الموت، والذي قاله أَهل التفسير
لمَجْزِيُّون. ومَدَنَ الرجلُ إِذا أَتى المدينة. قال أَبو منصور: هذا يدل على
أَن الميم أَصلية. قال: وقال بعض من لا يوثق بعلمه مَدَن بالمكان أَي
أَقام به. قال: ولا أَدري ما صحته، وإِذا نسبت إِلى مدينة الرسول، عليه
الصلاة والسلام، قلت مَدَنيٌّ، وإِلى مدينة المنصور مَدِينيّ، وإِلى مدائن
كِسْرَى مَدائِنيٌّ، للفرق بين النسب لئلا يختلط.
ومَدْيَنُ: اسم أَعجمي، وإِن اشتققته من العربية فالياء زائدة، وقد يكون
مَفْعَلاً وهو أَظهر. ومَدْيَنُ: اسم قرية شعيب، على نبينا وعليه أَفضل
الصلاة والسلام، والنسب إِليها مَدْيَنِيٌّ. والمَدَانُ: صنم. وبَنُو
المَدَانِ: بطْنٌ، على أَن الميم في المَدَان قد تكون زائدة. وفي الحديث
ذِكْرُ مَدَان، بفتح الميم، له ذكر في غزوة زيد بن حارثة بني جُذَام، ويقال
له فَيْفاءُ مَدَانَ؛ قال: وهو وادٍ في بلاد قُضاعَة.