علم أصول الدين
المسمى بالكلام يأتي في الكاف.
وقال الأرنيقي: هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها.
وموضوعه عند الأقدمين: ذات الله تعالى وصفاته لأن المقصود الأصلي من علم الكلام معرفته تعالى وصفاته ولما احتاجت مباديه إلى معرفة أحوال المحدثات أدرج المتأخرون تلك المباحث في علم الكلام لئلا يحتاج أعلى العلوم الشرعية إلى العلوم الحكمية فجعلوا موضوعه الموجود من حيث هو موجود وميزوه عن الحكمة بكون البحث فيه على قانون الإسلام وفي الحكمة على مقتضى العقول.
ولما رأى المتأخرون احتياجه إلى معرفة أحوال الأدلة وأحكام الأقيسة وتحاشوا عن أن يحتاج أعلى العلوم الشرعية إلى علم المنطق جعلوا موضوعه المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا.
ثم إن علم الكلام شرطوا فيه أن تؤخذ العقيدة أولا من الكتاب والسنة ثم تثبت بالبراهين العقلية انتهى.
ثم ذكر الإنكار على علم الكلام نقلا عن الأئمة الأربعة وفصل أقوالهم في ذلك وأطال في بيانها وبيان حدوث الاعتزال ورد أبي الحسن الأشعري عليه قال: وعند ذلك ظهرت العقائد الواردة في الكتاب والسنة وتحولت قواعد علم الكلام من أيدي المعتزلة إلى أيدي أهل السنة والجماعة انتهى.
ثم ذكر حال أبي منصور الماتريدي وكتبه في العقائد.
قلت: والكتب في هذا العلم كثيرة جدا وأحسنها كتب المحدثين في إثبات العقائد على الوجه المأثور عن الكتاب والسنة.
وفي الرد على المتكلمين منها: كتب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وكتب تلميذه الحافظ ابن القيم وكتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم للسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير اليمني.
وكتاب السفاريني وهو مجلد كبير وقد من الله تعالى بتلك الكتب النافعة علي منا كافيا وافيا. وكتبت قبل ذلك رسالة سميتها قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل وهي نفيسة جدا وليس هذا الموضوع بسط القول في ذم الكلام ومدح العقائد أهل الحديث الكرام.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: أما وجه تسميته ب الكلام فإنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات أو لأن أبوابه عنونت أولا بالكلام في كذا ولأن مسئلة الكلام أشهر أجزائه حتى كثر فيه التقاتل قال:
وسماه أبو حنيفة - رحمه الله - ب الفقه الأكبر.
وفي مجمع السلوك ويسمى ب علم النظر والاستدلال أيضاً. ويسمى أيضا ب علم التوحيد والصفات.
وفي شرح العقائد للتفتازاني: العلم المتعلق بالأحكام الفرعية أي العلمية يسمى علم الشرائع والأحكام وب الأحكام الأصلية أي الاعتقادية يسمى علم التوحيد والصفات انتهى.
ثم ذكر تعريف هذا العلم على ما تقدم وأبدى فوائد قيود حده المذكور آنفاً.
قال: وموضوعه: هو العلوم.
وقال الأرموي: ذات الله تعالى.
وقال طائفة منهم الغزالي: موضوعه الموجود بما هو موجود أي من حيث هو غير مقيد بشيء
وفائدته وغايته: الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان وإرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة لهم وإلزام المعاندين بإقامة الحجة عليهم وحفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبهة المبطلين وأن تبنى عليه العلوم الشرعية فإنه أساسها وإليه يؤول أخذها وأساسها فإنه ما لم يثبت وجود صانع عالم قادر مكلف مرسل للرسل منزل للكتب لم يتصور علم تفسير ولا علم فقه وأصوله فكلها متوقفة على علم الكلام مقتبسة منه فالأخذ فيها بدونه كبان على غير أساس.
وغاية هذه الأمور كلها: الفوز بسعادة الدارين ومن هذا تبين مرتبة الكلام أي شرفه فإن شرف الغاية يستلزم شرف العلم وأيضا دلائله يقينية يحكم بها صريح العقل وقد تأيدت بالنقل وهي أي شهادة العقل مع تأيدها بالنقل هي الغاية في الوثاق إذ لا تبقي حينئذ شبهة في صحة الدليل.
وأما مسائله التي هي المقاصد: فهي كل حكم نظري لمعلوم والكلام هو العلم الأعلى إذ تنتهي إليه العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاتها وحيثياتها فليست له مباد تبين في علم آخر شرعيا أو غيره بل مباديه إما مبينة بنفسها أو مبينة فيه فهي مسائل له من هذه الحيثية ومباد لمسائل أخر منه لا تتوقف عليها لئلا يلزم الدور فلو وجدت في الكتب الكلامية مسائل لا يتوقف عليها إثبات العقائد في الكتاب فمن الكلام يستمد غيره من العلوم الشرعية وهو لا يستمد من غيره أصلا فهو رئيس العلوم الشرعية على الإطلاق بالجملة فعلماء الإسلام وقد دونوا إثبات العقائد الدينية المتعلقة بالصانع وصفاته وأفعاله وما يتفرع عليها من مباحث النبوة والمعاد علما يتوصل به إلى إعلاء كلمة الحق فيها ولم يرضوا أن يكونوا محتاجين فيه إلى علم آخر أصلاً.
فأخذوا موضوعه على وجه يتناول تلك العقائد والمباحث النظرية التي تتوقف عليها تلك العقائد سواء كان توقفها عليها باعتبار مواد أدلتها واعتبار صورها.
وجعلوا جميع ذلك مقاصد مطلوبة في علمهم هذا فجاء علما مستغنيا في نفسه عما عداه ليس له مباد تبين في علم آخر هذا خلاصة ما في شرح المواقف انتهى.
وانظر في هذا الباب كتاب العواصم والقواصم للسيد محمد بن إبراهيم الوزير اليمني - رحمه الله - يتضح لك الخطأ والصواب.
المسمى بالكلام يأتي في الكاف.
وقال الأرنيقي: هو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ودفع الشبه عنها.
وموضوعه عند الأقدمين: ذات الله تعالى وصفاته لأن المقصود الأصلي من علم الكلام معرفته تعالى وصفاته ولما احتاجت مباديه إلى معرفة أحوال المحدثات أدرج المتأخرون تلك المباحث في علم الكلام لئلا يحتاج أعلى العلوم الشرعية إلى العلوم الحكمية فجعلوا موضوعه الموجود من حيث هو موجود وميزوه عن الحكمة بكون البحث فيه على قانون الإسلام وفي الحكمة على مقتضى العقول.
ولما رأى المتأخرون احتياجه إلى معرفة أحوال الأدلة وأحكام الأقيسة وتحاشوا عن أن يحتاج أعلى العلوم الشرعية إلى علم المنطق جعلوا موضوعه المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية تعلقا قريبا أو بعيدا.
ثم إن علم الكلام شرطوا فيه أن تؤخذ العقيدة أولا من الكتاب والسنة ثم تثبت بالبراهين العقلية انتهى.
ثم ذكر الإنكار على علم الكلام نقلا عن الأئمة الأربعة وفصل أقوالهم في ذلك وأطال في بيانها وبيان حدوث الاعتزال ورد أبي الحسن الأشعري عليه قال: وعند ذلك ظهرت العقائد الواردة في الكتاب والسنة وتحولت قواعد علم الكلام من أيدي المعتزلة إلى أيدي أهل السنة والجماعة انتهى.
ثم ذكر حال أبي منصور الماتريدي وكتبه في العقائد.
قلت: والكتب في هذا العلم كثيرة جدا وأحسنها كتب المحدثين في إثبات العقائد على الوجه المأثور عن الكتاب والسنة.
وفي الرد على المتكلمين منها: كتب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وكتب تلميذه الحافظ ابن القيم وكتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم للسيد الإمام محمد بن إبراهيم الوزير اليمني.
وكتاب السفاريني وهو مجلد كبير وقد من الله تعالى بتلك الكتب النافعة علي منا كافيا وافيا. وكتبت قبل ذلك رسالة سميتها قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل وهي نفيسة جدا وليس هذا الموضوع بسط القول في ذم الكلام ومدح العقائد أهل الحديث الكرام.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: أما وجه تسميته ب الكلام فإنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات أو لأن أبوابه عنونت أولا بالكلام في كذا ولأن مسئلة الكلام أشهر أجزائه حتى كثر فيه التقاتل قال:
وسماه أبو حنيفة - رحمه الله - ب الفقه الأكبر.
وفي مجمع السلوك ويسمى ب علم النظر والاستدلال أيضاً. ويسمى أيضا ب علم التوحيد والصفات.
وفي شرح العقائد للتفتازاني: العلم المتعلق بالأحكام الفرعية أي العلمية يسمى علم الشرائع والأحكام وب الأحكام الأصلية أي الاعتقادية يسمى علم التوحيد والصفات انتهى.
ثم ذكر تعريف هذا العلم على ما تقدم وأبدى فوائد قيود حده المذكور آنفاً.
قال: وموضوعه: هو العلوم.
وقال الأرموي: ذات الله تعالى.
وقال طائفة منهم الغزالي: موضوعه الموجود بما هو موجود أي من حيث هو غير مقيد بشيء
وفائدته وغايته: الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان وإرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة لهم وإلزام المعاندين بإقامة الحجة عليهم وحفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبهة المبطلين وأن تبنى عليه العلوم الشرعية فإنه أساسها وإليه يؤول أخذها وأساسها فإنه ما لم يثبت وجود صانع عالم قادر مكلف مرسل للرسل منزل للكتب لم يتصور علم تفسير ولا علم فقه وأصوله فكلها متوقفة على علم الكلام مقتبسة منه فالأخذ فيها بدونه كبان على غير أساس.
وغاية هذه الأمور كلها: الفوز بسعادة الدارين ومن هذا تبين مرتبة الكلام أي شرفه فإن شرف الغاية يستلزم شرف العلم وأيضا دلائله يقينية يحكم بها صريح العقل وقد تأيدت بالنقل وهي أي شهادة العقل مع تأيدها بالنقل هي الغاية في الوثاق إذ لا تبقي حينئذ شبهة في صحة الدليل.
وأما مسائله التي هي المقاصد: فهي كل حكم نظري لمعلوم والكلام هو العلم الأعلى إذ تنتهي إليه العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاتها وحيثياتها فليست له مباد تبين في علم آخر شرعيا أو غيره بل مباديه إما مبينة بنفسها أو مبينة فيه فهي مسائل له من هذه الحيثية ومباد لمسائل أخر منه لا تتوقف عليها لئلا يلزم الدور فلو وجدت في الكتب الكلامية مسائل لا يتوقف عليها إثبات العقائد في الكتاب فمن الكلام يستمد غيره من العلوم الشرعية وهو لا يستمد من غيره أصلا فهو رئيس العلوم الشرعية على الإطلاق بالجملة فعلماء الإسلام وقد دونوا إثبات العقائد الدينية المتعلقة بالصانع وصفاته وأفعاله وما يتفرع عليها من مباحث النبوة والمعاد علما يتوصل به إلى إعلاء كلمة الحق فيها ولم يرضوا أن يكونوا محتاجين فيه إلى علم آخر أصلاً.
فأخذوا موضوعه على وجه يتناول تلك العقائد والمباحث النظرية التي تتوقف عليها تلك العقائد سواء كان توقفها عليها باعتبار مواد أدلتها واعتبار صورها.
وجعلوا جميع ذلك مقاصد مطلوبة في علمهم هذا فجاء علما مستغنيا في نفسه عما عداه ليس له مباد تبين في علم آخر هذا خلاصة ما في شرح المواقف انتهى.
وانظر في هذا الباب كتاب العواصم والقواصم للسيد محمد بن إبراهيم الوزير اليمني - رحمه الله - يتضح لك الخطأ والصواب.