باب لف
فلا تلغى لغيرهم كلاب * (*) أي لا تُقَتنى كلابُ غيرهم. ولَغِيَ بالكسر يَلْغى لَغاً مثله. وقال :
عن اللَغا ورَفَثِ التَكَلُّمِ * واللَغا: الصوت، مثل الوَغا. ويقال أيضاً: لَغِيَ به يَلْغى لَغاً، أي لهج به. ولَغِيَ بالشراب أكثر منه. وألغيت الشئ: أبطلته. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يلغى طلاق المكره. وألغاه من العدد، أي ألقاه منه. واللاغِيَةُ: اللَغْوُ. قال تعالى: (لا تَسمَعُ فيها لاغِيَةً) ، أي كلمة ذات لغو. وهو مثل تامر ولابن، لصحاب التمر واللبن. والغو في الايمان: ما لا يُعقَد عليه القلب، كقول الرجل في كلامه: بَلى والله: ولا والله! واللغو: مالا يعد من أولاد الابل في ديةٍ أو غيرها لصِغرها. وقال : ويَهْلِكُ بينها المَرْئِيُّ لَغْواً * كما ألْغَيْتَ في الدِيَةِ الحُوارا واللغة أصلها لغى أو لغو، والهاء عوض، وجمعها لغى مثل برة وبرى، ولغات أيضا. وقال بعضهم: سمعت لغاتهم بفتح التاء، وشبهها بالتاء التى يوقف عليها بالهاء. والنسبة إليها لُغَويٌّ ولا تقل لغوى.
لغا: اللَّغْو واللَّغا: السَّقَط وما لا يُعتدّ به من كلام وغيره ولا
يُحصَل منه على فائدة ولا على نفع. التهذيب: اللَّغْو واللَّغا واللَّغْوى
ما كان من الكلام غير معقود عليه. الفراء: وقالوا كلُّ الأَولاد لَغاً
أَي لَغْو إِلا أولاد الإِبل فإِنها لا تُلْغى، قال: قلت وكيف ذلك؟ قال:
لأَنك إِذا اشتريت شاة أَو وليدة معها ولد فهو تبع لها لا ثمن له مسمى
إِلا أَولاد الإِبل، وقال الأَصمعي: ذلك الشيء لك لَغْوٌ ولَغاً ولَغْوَى،
وهو الشيء الذي لا يُعتدّ به.
قال الأَزهري: واللُّغة من الأَسماء الناقصة، وأَصلها لُغْوة من لَغا
إِذا تكلم.
واللَّغا: ما لا يُعدّ من أَولاد الإِبل في دية أَو غيرها لصغرها. وشاة
لَغْو ولَغاً: لا يُعتدّ بها في المعاملة، وقد أَلغَى له شاة، وكلُّ ما
أسقط فلم يعتد به مُلْغًى؛ قال ذو الرمة يهجو هشام بن قيس المَرَئي أَحد
بني امرئ القيس بن زيد مناة:
ويَهْلِكُ وَسْطَها المَرئيُّ لَغْواً،
كما أَلغَيْتَ في الدِّيةِ الحُوارا
عَمِله له جرير، ثم لَقِيَ الفَرَزْدَقُ ذا الرّمة فقال: أَنشِدني شعرك
في المَرَئِيِّ، فأَنشده، فلما بلغ هذا البيت قال له الفرزدق: حَسِّ
أَعِدْ عليَّ، فأَعاد، فقال: لاكَها والله من هو أَشدُّ فكَّين منك. وقوله عز
وجل: لا يُؤاخِذُكم اللهُ باللَّغْوِ في أَيمانكم؛ اللَّغوُ في
الأَيمان: ما لا يَعْقِدُ عليه القلب مثل قولك لا واللهِ وبلى واللهِ. قال
الفراء: كأَن قول عائشة إِنَّ اللَّغْوَ ما يجري في الكلام على غير عَقْدٍ،
قال: وهو أَشبه ما قيل فيه بكلام العرب. قال الشافعي: اللَّغوُ في لسان
العرب الكلام غير المعقود عليه، وجِماعُ اللَّغْو هو الخطأُ إِذا كان
اللَّجاجُ والغضب والعجلة، وعَقْدُ اليمين أَن تثبتها على الشيء بعينه أَن لا
تفعله فتفعله، أَو لتفعلنه فلا تفعله، أَو لقد كان وما كان، فهذا آثم وعليه
الكفارة. قال الأَصمعي: لَغا يَلْغُو إِذا حَلَفَ بيمين بلا اعتقاد،
وقيل: معنى اللَّغْوِ الإِثم، والمعنى لا يؤاخذكم الله بالإِثم في الحَلِف
إِذا كفَّرتم. يقال: لَغَوْتُ باليمين. ولَغا في القول يَلْغُو ويَلْغَى
لَغْواً ولَغِيَ، بالكسر، يَلْغَى لَغاً ومَلْغاةً: أَخطأَ وقال باطلاً؛
قال رؤبة ونسبه ابن بري للعجاج:
ورَبّ أَسْرابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ
عن اللَّغا، ورَفَثِ التَّكَلُّمِ
وهو اللَّغْو واللَّغا، ومنه النَّجْوُ والنَّجا لِنَجا الجِلد؛ وأَنشد
ابن بري لعبد المسيح بن عسلة قال:
باكَرْتُه، قَبْلَ أَن تَلْغَى عَصافِرُه،
مُسْتَحْفِياً صاحبي وغيره الحافي
(* قوله «مستحفياً إلخ» كذا بالأصل ولعله مستخفياً، والخافي، بالخاء
المعجمة فيهما أو بالجيم فيهما.)
قال: هكذا روي تَلْغَى عَصافِرُه، قل: وهذا يدل على أَن فعله لَغِيَ،
إِلا أَن يقال إِنه فُتح لحرف الحلق فيكون ماضيه لَغا ومضارعه يَلْغُو
ويَلْغَى، قال: وليس في كلام العرب مثل اللَّغْو واللَّغَى إِلا قولهم
الأَسْوُ والأَسا، أَسَوْتُه أَسْواً وأَساً أَصلحته. واللَّغْو: ما لا
يُعْتَدّ به لقلته أَو لخروجه على غير جهة الاعتماد من فاعله، كقوله تعالى: لا
يُؤاخِذُكم الله باللَّغْوِ في أَيمانكم؛ وقد تكرر في الحديث ذكر لَغْوِ
اليمين، وهو أَن يقولَ لا والله وبلى والله ولا يَعْقِد عليه قَلْبه،
وقيل: هي التي يحلفها الإِنسان ساهياً أَو ناسياً، وقيل: هو اليمين في
المعصية، وقيل: في الغضب، وقيل: في المِراء، وقيل: في الهَزْل، وقيل: اللَّغْو
سُقوط الإثم عن الحالف إِذا كفَّر يمينه يقال: لَغا إِذا تكلم
بالمُطَّرَحِ من القول وما لا يَعْني، وأَلغى إِذا أَسقط. وفي الحديث: والحَمُولةُ
المائرةُ لهم لاغيةٌ أَي مُلغاة لا تُعَدُّ عليهم ولا يُلْزَمُون لها
صدقة، فاعلة بمعنى مفعولة، والمائرةُ من الإِبل التي تَحمِل المِيرة.
واللاغِيةُ: اللَّغْو. وفي حديث سلمان: إِيّاكُم ومَلْغاةَ أَوَّلِ الليلِ،
يريد به اللغو؛ المَلْغاة: مَفْعلة مِن اللَّغْو والباطل، يريد السَّهَر فيه
فإِنه يمنع من قِيام الليل.
وكلمة لاغِيةٌ: فاحشة. وفي التنزيل العزيز: لا تسمع فيها لاغِيةً؛ هو
على النسب أَي كلمة ذات لَغْو، وقيل أَي كلمة قبيحة أَو فاحشة، وقال قتادة
أَي باطلاً ومَأْثماً، وقال مجاهد: شَتْماً، وهو مثل تامِر ولابِن لصاحب
التمر واللبن، وقال غيرهما: اللاَّغِية واللَّواغِي بمعنى اللَّغْوِ مثل
راغِيةِ الإِبل ورَواغِيها بمعنى رُغائها، ونُباحُ الكلب
(* قوله« ونباح
الكلب إلى قوله قال ابن بري» هذا لفظ الجوهري، وقال في التكملة:
واستشهاده بالبيت على نباح الكلب باطل، وذلك أن كلاباً في البيت هو كلاب بن ربيعة
لا جمع كلب، والرواية تلغى بفتح التاء بمعنى تولع.)
لَغْوٌ أَيضاً؛ قال:
وقُلنْا لِلدَّلِيلِ: أَقِمْ إِليهِمْ،
فلا تُلْغَى لِغَيْرِهِمِ كلابُ
أَي لا تُقْتَنَى كلاب غيرهم؛ قال ابن بري وفي الأَفعال:
فَلا تَلْغَى بِغَيرِهِم الرِّكابُ
أَتَى به شاهداً على لَغِيَ بالشيء أُولِع به. واللَّغا: الصوت مثل
الوَغَى. وقال الفراء في قوله تعالى: لا تَسْمَعُوا لهذا القرآن والغَوْا
فيه، قالت كفار قريش: إِذا تَلا محمد القرآن فالغَوْا فيه أَي الغطُوا فيه،
يُبَدَّل أَو يَنسى فَتَغْلِبوه. قال الكسائي: لَغا في القول يَلْغَى،
وبعضهم يقول يَلْغُو، ولَغِيَ يَلغَى، لُغةٌ، ولَغا يَلْغُو لَغْواً: تكلم.
وفي الحديث: مَن قال يوم الجُمعة والإِمامُ يَخْطُبُ لصاحبه صَهْ فقد
لَغا أَي تَكلَّم، وقال ابن شميل: فقد لغا أَي فقد خابَ. وأَلغَيْتُه أَي
خَيَّبْتُه. وفي الحديث: مَن مَسَّ الحَصى فقد لَغا أَي تكلم، وقيل:
عَدَلَ عن الصواب، وقيل: خابَ، والأَصل الأَوَّل. وفي التنزيل العزيز: وإِذا
مَرُّوا باللّغْو؛ أَي مَرُّوا بالباطل. ويقال: أَلغَيْت هذه الكلمة أَي
رأَيتها باطلاً أَو فضلاً، وكذلك ما يُلْغَى من الحِساب. وأَلغَيْتُ
الشيء: أَبطلته. وكان ابن عباس، رضي الله عنهما، يُلْغِي طَلاقَ المُكْرَه أَي
يُبْطِله. وأَلغاه من العدد: أَلقاه منه. واللُّغة: اللِّسْنُ، وحَدُّها
أَنها أَصوات يُعبِّر بها كل قوم عن أَغراضِهم، وهي فُعْلةٌ من لَغَوْت
أَي تكلَّمت، أَصلها لُغْوة ككُرةٍ وقُلةٍ وثُبةٍ، كلها لاماتها واوات،
وقيل: أَصلها لُغَيٌ أَو لُغَوٌ، والهاء عوض، وجمعها لُغًى مثل بُرة
وبُرًى، وفي المحكم: الجمع لُغات ولُغونَ. قال ثعلب: قال أَبو عمرو لأَبي خيرة
يا أَبا خيرةَ سمعتَ لُغاتِهم، فقال أَبو خيرة: وسمعت لُغاتَهم، فقال
أَبو عمرو: يا أَبا خيرة أُريد أَكتَفَ منك جِلداً جِلْدُك قد رقَّ، ولم
يكن أَبو عمرو سمعها، ومن قال لُغاتَهم، بفتح التاء، شبَّهها بالتاء التي
يوقف عليها بالهاء، والنسبة إِليها لُغَوِيّ ولا تقل لَغَوِيٌّ. قال أَبو
سعيد: إِذا أَردت أَن تنتفع بالإِعراب فاسْتَلْغِهم أَي اسمع من لُغاتِهم
من غير مسأَلة؛ وقال الشاعر:
وإِني، إِذا اسْتَلْغانيَ القَوْمُ في السُّرَى،
بَرِمْتُ فأَلفَوْني بسِرِّك أَعْجَما
اسْتَلْغَوْني: أَرادوني على اللَّغْو. التهذيب: لَغا فلان عن الصواب
وعن الطريق إِذا مالَ عنه؛ قاله ابن الأَعرابي، قال: واللُّغَةُ أُخِذَت من
هذا لأَن هؤلاء تكلموا بكلام مالُوا فيه عن لُغةِ هؤلاء الآخرين.
واللَّغْو: النُّطق. يقال: هذه لُغَتهم التي يَلْغُون بها أَي
يَنْطِقُون. ولَغْوى الطيرِ: أَصواتُها. والطيرُ تَلْغَى بأَصْواتِها أَي تَنْغَم.
واللَّغْوَى: لَغَط القَطا؛ قال الراعي:
صُفْرُ المَحاجِرِ لَغْواها مُبَيَّنَةٌ،
في لُجَّةِ الليل، لَمَّا راعَها الفَزَعُ
(* قوله« المحاجر» في التكملة: المناخر.)
وأَنشد الأَزهري صدر هذا البيت:
قَوارِبُ الماء لَغْواها مبينة
فإِما أَن يكون هو أَو غيره. ويقال: سمعت لَغْو الطائر ولَحْنه، وقد
لَغا يَلْغُو؛ وقال ثعلبة بن صُعير:
باكَرْتُهم بسباء جَوْنٍ ذارِعٍ،
قَبْلَ الصَّباح، وقبْلَ لَغْو الطائر
ولَغِيَ بالشيء يَلْغَى لَغاً: لهِجَ. ولَغِيَ بالشراب: أَكثر منه،
ولغِي بالماء يَلغَى به لَغاً: أَكثر منه، وهو في ذلك لا يَرْوَى. قال ابن
سيده: وحملنا ذلك على الواو لوجود ل غ و وعدم ل غ ي. ولَغِيَ فلان بفلان
يَلغَى إِذا أُولِعَ به.
ويقال: إِنَّ فرَسَكَ لمُلاغِي الجَرْيِ إِذا كان جَرْيُه غيرَ جَرْيٍ
جِدٍّ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
جَدَّ فَما يَلْهُو ولا يُلاغِي
اللَّغْوُ من الكلام: ما لا يعتدّ به، وهو الذي يورد لا عن رويّة وفكر، فيجري مجرى اللَّغَا، وهو صوت العصافير ونحوها من الطّيور، قال أبو عبيدة: لَغْوٌ ولَغًا، نحو: عيب وعاب وأنشدهم:
عن اللّغا ورفث التّكلّم
يقال: لَغِيتُ تَلْغَى. نحو: لقيت تلقى، وقد يسمّى كلّ كلام قبيح لغوا. قال: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً [النبأ/ 35] ، وقال: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص/ 55] ، لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً [الواقعة/ 25] ، وقال: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون/ 3] ، وقوله: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الفرقان/ 72] ، أي: كنّوا عن القبيح لم يصرّحوا، وقيل: معناه: إذا صادفوا أهل اللّغو لم يخوضوا معهم. ويستعمل اللغو فيما لا يعتدّ به، ومنه اللَّغْوُ في الأيمان. أي: ما لا عقد عليه، وذلك ما يجري وصلا للكلام بضرب من العادة. قال: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ [البقرة/ 225] ومن هذا أخذ الشاعر فقال:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله إذا لم تعمّد عاقدات العزائم
وقوله: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً
[الغاشية/ 11] أي: لغوا، فجعل اسم الفاعل وصفا للكلام نحو: كاذبة، وقيل لما لا يعتدّ به في الدّية من الإبل: لغو، وقال الشاعر:
كما أَلْغَيْتَ في الدّية الحوارا
ولَغِيَ بكذا. أي: لهج به لهج العصفور بِلَغَاه. أي: بصوته، ومنه قيل للكلام الذي يلهج به فرقة فرقة: لُغَةٌ.