عسق: عَسِقَ به يَعْسَقُ عَسَقاً: لزق به ولزمه وأُولِعَ به، وكذلك
تَعَسَّق؛ قال رؤبة:
ولا ترى الدهر عَنِيفاً أَرْفَقا
مِنْهُ بها في غيره وأَلْبَقا،
إِلْفاً وحُباًّ طالما تَعَسَّقا
وعَسِقَ به وعَسِكَ به بمعنى واحد، والعرب تقول: عَسِقَ بي جُعَل فلانٍ
إِذا أَلحَّ عليه في شيء يطالبه وعَسِقَت الناقةُ بالفحل: أَرَبَّتْ،
وكذلك الحمار بالأَتان؛ قال رؤبة:
فَعَفَّ عن أَسْرارِها بعد العَسَقْ،
ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ
وفي خُلُقه عَسَقٌ أَي التواء وضيق. والعَسَقُ: العرجون الرديء،
أَسَدِيَّةٌ. وفي التهذيب: العُسُقُ عراجين النخل، واحدها عَسَقٌ. والعَسَقُ:
الظلمة كالغَسَقِ؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
إِنَّا لنَسْمو، للعَدُوِّ حَنَقا،
بالخيل أَكْداساً تُثِيرُ عَسَقا
كنى بالعَسَقِ عن ظلمة الغبار. والعَسَقُ: الشراب
(* قوله «والعسق
الشراب إلخ» كذا هو بالأصل مضبوظاً، والذي في القاموس: إنه العسيقة كسفينة.)
الرديء الكثير الماء؛ حكاه أَبو حنيفة. والعُسُق: المتشدّدون على غرمائهم
في التقاضي. والعُسُق: اللقَّاحون؛ فأَما قول سُحَيْم:
فلو كُنْتُ وَرْداً لوْنَه لَعَسِقْنَني،
ولكنَّ رَبي شَانَني بسَوادِيا
فليس بشيء، إِنما قلب الشين سيناً
لسواده وضعف عبارته عن الشين، وليس ذلك بلغة إِنما هو كاللَّثَغِ، قال
محمد بن المكرم: هذا قول ابن سيده والعجب منه كونه لم يعتذر عن سائر
كلماته بالشين، وعن شَانَني في البيت نفسه، أَو يجعلها من عَسِقَ به أَي
لَزِمَهُ، وقد مر في كتابه في ترجمة خبت، وقد استشهد ببيتِ شِعْرٍ للخَيْبَريّ
اليهودي:
يَنْفَعُ الطيّبُ القليلُ من الرِّزْقِ، ولا يَنْفَعُ الكثيرُ الخَبِيتُ
فذكر فيه ما صورته: سأَل الخليلُ
الأَصمعيَّ عن الخَبِيتِ في هذا البيت فقال له: أَراد الخَبِيثَ وهي لغة
خَيْبَر، فقال له الخليل: لو كان ذلك لغتَهم لقال الكَتِير، بالتاء
أَيضاً، وإِنما كان ينبغي لك أَن تقول إِنهم يقلبون الثاء تاءً في بعض
الحروف، ومن الممكن أَن يكون ابن سيده، رحمه الله، ترك الاعتذار عن كلماته
بالشين وعن لفظه شانَني في البيت لأَنها لا معنى لها، واعتذر عن لفظه
عَسِقْنَني لإِلْمامِها بمعنى لَزِقَ ولَزمَ، فأَراد أٍَن يُعْلِمَ أَنه لم
يَقْصد هذا المعنى وإِنما هو قَصَدَ العِشْقَ لا غير، وإِنما عُجْمته وسواده
أَنطقاه بالسين في موضع الشين، والله أَعلم.