ويا: وَيْ: كلمة تعَجُّب، وفي المحكم: وَيْ حرف معناه التعجب. يقال:
وَيْ كأَنه، ويقال: وَيْ بِك يا فلانُ، تهديد، ويقال: وَيْكَ ووَيْ لعبدِ
الله كذلك؛ وأَنشد الأَزهريّ:
وَيْ لامِّها من دوِيِّ الجَوِّ طالِبة،
ولا كهذا الذي في الأَرضِ مَطْلُوبُ
قال: إِنما أَراد وَيْ مفصولة من اللام ولذلك كسر اللام. وقال غيره:
ويْلُمِّه ما أَشدَّه بضم اللام، ومعناه وَيْلُ أُمِّه فحذف همزة أُمّ
واتصلت اللام بالميم لما كثرت في الكلام. وقال الفراء: يقال إنه لَوَيْلُمِّه
من الرجال وهو القاهِرُ لقِرْنه؛ قال أَبو منصور: أَصله وَيْلُ أُمّه،
يقال ذلك للعِفْرِ من الرجال ثم جُعِلَ الكَلِمتان كَلِمةً واحدة وبنيتا
اسماً واحداً. الليث: وَيْ يُكْنَى بها عن الوَيْل، فيقال: ويْكَ
أَتْسْمَعُ قَوْلي قال عَنْتَرَةُ:
ولقد شَفَى نَفْسي وأَذْهَبَ سُقْمَها
قِيلُ الفَوارِس: وَيْكَ عَنْتَر أَقْدِمِ
الجوهريّ: وقد تدخل وَيْ على كأَنَّ المخففة والمشدّدة تقول وَيْ كأَن،
قال الخليل: هي مَفْصولة، تقول وَيْ ثم تبتدئ فتقول كأَنَّ، وأَما قوله
تعالى: ويْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمن يشاء؛ فزعم سيبويه أَنها
وَيْ مفصولة من كأَن، قال: والمعنى وَقَعَ على أَنَّ القوم انتبهوا
فتكلموا على قدر علمهم أَو نُبِّهُوا، فقيل لهم إِنما يشبه أَن يكون عندكم هذا
هكذا، والله أَعلم؛ قال: وأَما المفسرون فقالوا أَلم تر؛ وأَنشد لزيد بن
عمرو بن نُفَيْلٍ، ويقال لنبِيه بن الحَجَّاجِ:
وَيْ كَأَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ
ـبَبْ، ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضْرِّ
وقال ثعلب: بعضهم يقول معناه اعْلَمْ، وبعضهم يقول معناه وَيْلَك. وحكى
أَبو زيد عن العرب: وَيْكَ بمعنى ويلك، فهذا يُقَوِّي ما رواه ثعلب، وقال
الفراء في تفسير الآية: وَيْكأَنّ في كلام العرب تقرير كقول الرجل أَما
ترى إِلى صُنْع الله وإِحسانه. قال: وأَخبرني شيخ من أَهل البصرة أَنه
سمع أَعرابية تقول لزوجها أَيْنَ ابنُكَ ويْلَك فقال: ويْكَأَنه وراء
البيت؛ معناه أَما تَرِينَّه وراء البيت؛ قال الفراء: وقد يذهب بها بعض
النحويين إِلى أَنها كلمتان يريدون وَيْكَ أَنهم، أَرادوا ويلك فحذفوا اللام،
وتجعل أَن مفتوحة بفعل مضمر كأَنه قال: ويْلَكَ اعْلَمْ أَنه وراء البيت،
فأَضمر اعلم؛ قال الفراء: ولم نجد العرب تُعْمِلُ الظن مضمراً ولا العلم
ولا أَشباهه في ذلك، وأَما حذف اللام من قوله ويلك حتى يصير وَيْكَ فقد
تقوله العرب لكثرتها. وقال أَبو الحسن النحوي في قوله تعالى، ويْكأَنه لا
يُفْلِح الكافرون: وقال بعضهم أَما تَرى أَنه لا يُفلح الكافرون، قال:
وقال بعض النحويين معناه وَيْلَكَ أَنه لا يفلح الكافرون فحذف اللام وبقي
ويكَ، قال: وهذا خطأ، لو كانت كما قال لكانت أَلف إِنه مكسورة، كما تقول
وَيْلَك إِنه قد كان كذا وكذا؛قال أَبو إِسحق: والصحيح في هذا ما ذكره
سيبويه عن الخليل ويونس، قال: سأَلت الخليل عنها فزعم أَن وَيْ مفصولة من
كأَن، وأَن القوم تنبهوا فقالوا وي متندّمين على ما سلف منهم. وكُلُّ من
تَنَدَّم أَو نَدِمَ فإِظهارُ ندامته أَو تَنَدُّمُه أَن يقول وَيْ، كما
تُعاتِب الرجل على ما سلف فتقول: كأَنَّك قصدت مكروهي، فحقيقة الوقوف
عليها وَيْ هو أَجود. وفي كلام العرب: وي معناه التنبيه والتندم، قال: وتفسير
الخليل مشاكل لما جاءَ في التفسير لأَن قول المفسرين أَما ترى هو تنبيه.
قال أَبو منصور: وقد ذكر الفراء في كتابه قول الخليل وقال: وي كأَن
مفصولة كقولك للرجل وَيْ أَما ترى ما بين يديك، فقال وي، ثم استأْنف كأَنَّ
الله يَبْسُط الرزق، وهو تعجب، وكأَنَّ في المعنى الظن والعلم؛ قال
الفراء: وهذا وجه يستقيم ولو تكتبها العرب منفصلة، ويجوز أَن يكون كثر بها
الكلام فوصلت بما ليس منه كما اجتمعت العرب كِتابَ يابْنَؤُمِّ، فوصلوها
لكثرتها؛ قال أَبو منصور: وهذا صحيح، والله أَعلم.