جبي: جَبَى الخراجَ والماء والحوضَ يَجْبَاهُ ويَجْبيه: جَمَعَه. وجَبَى
يَجْبَى مما جاء نادراً: مثل أَبى يَأْبى، وذلك أَنهم شبهوا الأَلف في
آخره بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، قال: وقد قالوا
يَجْبَى، والمصدر جِبْوَةً وجِبْيَة؛ عن اللحياني، وجِباً وجَباً
وجِبَاوةٌ وجِبايةٌ
نادر. وفي حديث سعد: يُبْطِئُ في جِبْوَتهِ؛ الجِبْوَة والجِبْيَة:
الحالة من جَبْيِ الخراج واسْتِيفائه. وجَبَيْتُ الخراجَ جِبَاية وجَبَوْته
جِبَاوَة؛ الأَخير نادر، قال ابن سيده: قال سيبويه أَدخلوا الواو على
الياء لكثرة دخول الياء عليها ولأَن للواو خاصة كما أَن للياء خاصة؛ قال
الجوهري: يهمز ولا يهمز، قال: وأَصله الهمز؛ قال ابن بري: جَبَيْت الخراج
وجَبَوْته لا أَصل له في الهمز سماعاً وقياساً، أَما السماع فلكونه لم يسمع
فيه الهمز، وأَما القياس فلأَنه من جَبَيْت أَي جمعت وحَصَّلت، ومنه
جَبَيْت الماء في الحوض وجَبَوْته، والجابي: الذي يجمع المال للإبل،
والجَبَاوَةُ اسم الماء المجموع. ابن سيده في جَبَيْت الخراج: جَبَيْته من القوم
وجَبَيْتُه الْقَوْمَ؛ قال النابغة الجعدي:
دنانير نَجْبِيها العِبادَ، وغَلَّة
على الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قد تَمَهَّلا
وفي حديث أَبي هريرة: كيف أَنتم إذا لم تَجْتَبوا ديناراً ولا
دِرْهَماً؛ الاجْتِباءُ، افتِعال من الجِباية: وهو استخراج الأَموال من
مَظانها.والجِبْوة والجُبْوة والجِبا والجَبا والجِباوة: ما جمعتَ في الحوض من
الماء. والجِبا والجَبا: ما حول البئر والجَبا: ما حول الحوض،يكتب
بالأَلف. وفي حديث الحديبية: فقعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جَباها
فَسَقَيْنا واسْتَقَيْنا؛ الجَبا، بالفتح والقصر: ما حول البئر. والجِبَا،
بالكسر مقصور: ما جمعت فيه من الماء. الجوهري: والجِبا، بالكسر مقصور،
الماء المجموع للإبل، وكذلك الجِبْوة والجِباوة. الجوهري: الجَبا، بالفتح
مقصور، نَثِيلة البئر وهي ترابها الذي حولها تراها من بعيد؛ ومنه: امرأةٌ
جَبْأَى على فَعْلى مثال وَحْمَى إذا كانت قائمة الثَّدْيَيْن؛ قال ابن
بري: قوله جَبْأَى التي طَلَعَ ثديُها ليس من الجَبا المعتلّ اللام،
وإنما هو من جَبَأَ علينا فلان أَي طلع، فحقه أَن يذكر في باب الهمز؛ قال:
وكأَنّ الجوهري يرى الجَبَا الترابَ أَصله الهمز فتركت العرب همزة، فلهذا
ذكر جَبْأَى مع الجَبَا، فيكون الجَبا ما حول البئر من التراب بمنزلة
قولهم الجَبْأَة ما حول السرة من كل دابة. وجَبَى الماءَ في الحوض يَجْبِيه
جَبْياً وجَباً وجِباً: جَمَعَه. قال شمر: جَبَيْت الماء في الحوض أَجْبي
جَبْياً وجَبَوْت أَجْبُو جَبْواً وجِبايةً وجِباوةً أَي جمعته. أَبو
منصور: الجِبا ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من البئر، قال ابن
الأَنباري: هو جمع جِبْية. والجَبا، بالفتح: الحوض الذي يُجْبَى فيه الماءُ،
وقيل: مَقام الساقي على الطَّيِّ، والجمع من كل ذلك أَجباءٌ. وقال ابن
الأَعرابي: الجَبَا أَن يتقدم الساقي للإبل قبل ورودها بيوم فيَجْبِيَ لها
الماءَ في الحوض ثم يوردَها من الغد؛ وأَنشد:
بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ،
وبالجَبَا أرْوَيْتها لا بالقَبَلْ
يقول: إنها إبل كثيرة يُبطئون بسقيها فتُبْطئ فَيَبْطُؤُ ريُّها
لكثرتها فتبقى عامّة نهارها تشرب وإذا كانت ما بين الثلاث إلى العشر صب على
رؤوسها. قال: وحكى سيبويه جَبَا يَجْبَى، وهي عنده ضعيفة والجَبَا: مَحْفَر
البئر. والجَبَا: شَفَة البئر؛ عن أَبي ليلى. قال ابن بري: الجَبا،
بالفتح، الحوض والجِبا، بالكسر، الماء؛ ومنه قول الأَخطل:
حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالاَ
وقال آخر:
حتى إذا أَشرَفَ في جوفِ جَبَا
وقال مُضَرِّس فجمعه:
فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار عنها، وخَيَّمت
بأَجْباءِ عَذْبِ الماء بيضٍ مَحافِرُهْ
والجابية: الحوض الذي يُجْبَى فيه الماء للإبل. والجابِيَة: الحوض
الضَّخْم؛ قال الأَعشى:
تَرُوحُ على آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ،
كجابيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ
خص العراقي لجهله بالمياه لأَنه حَضَرِيّ، فإذا وجدها مَلأَ جابيتَه،
وأَعدَّها ولم يدرِ متى يجد المياه، وأَما البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا
يبالي أَن لا يُعِدَّها؛ ويروى: كجابية السَّيْح، وهو الماء الجاري،
والجمع الجَوابي؛ ومنه قوله تعالى: وجِفانٍ كالجوابي.
والجَبَايا: الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم؛ حكاها
أَبو حنيفة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ،
ولا تُسْقَى الحَوائِمُ من جَباها
فسره فقال: عنى ههنا الشرابَ
(* قوله «الشراب» هو في الأصل بالشين
المعجمة، وفي التهذيب بالسين المهملة) ، وجَبا: رَجَعَ؛ قال يصف الحمار:
حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا
يقول: إذا أَشرف في هذا الوادي رجع، ورواه ثعلب: في جوفِ جَبَا،
بالإضافة، وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَا، بالتنوين، وهي تكتب بالأَلف والياء.
وجَبَّى الرجلُ: وضع يديه على ركبتيه في الصلاة أَو على الأَرض، وهو
أَيضاً انْكبابه على وجهه؛ قال:
يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا،
مُجَبِّياً في مائها مُنْكَبّا
وفي الحديث: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُجَبُّوا، فقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه؛ أَصل
التَّجْبِيةَ أَن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: هو السجود؛ قال شمر: لا
يُجَبُّوا أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون، والعرب
تقول جَبَّى فلان تَجْبِيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه
على ركبتيه منحنياً وهو قائم.
وفي حديث ابن مسعود: أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون
فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين؛ قال أَبو عبيد:
التجبية تكون في حالين: إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو
المعنى الذي في الحديث، أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين؟ والوجه
الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً، وهو كالسجود، وهذا الوجهُ المعروف عند
الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون سُجَّداً لرب العالمين فجعل
السجود هو التَّجْبية؛ قال الجوهري: والتَّجْبية أَن يقوم الإنسان قيام
الراكع؛ قال ابن الأَثير: والمراد بقولهم لا يُجَبُّونَ أَنهم لا يصلون،
ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم: ولا خيرَ في دِينٍ
ليس فيه ركوع، فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها. وسئل جابر عن اشتراط
ثَقيف أَن لا صدقة عليها ولا جهاد فقال: علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا
أَسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت
الزكاة والجهاد؛ ومنه حديث عبد الله أَنه
(* قوله «ومنه حديث عبد الله أنه
إلخ» هكذا في النسخ التي بأيدينا). ذكر القيامة قال: ويُجَبُّون
تَجْبِيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين. وفي حديث الرؤيا: فإذا أَنا بِتَلٍّ
أَسود عليه قوم مُجَبُّون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار. وفي حديث جابر:
كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جاء الولدُ
أَحْوَل، أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود. واجْتَباه أَي
اصْطفاه. وفي الحديث: أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه. ابن سيده:
واجْتَبَى الشيءَ اختاره. وقوله عز وجل: وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا
اجْتَبَيْتها؛ قال: معناه عند ثعلب جئت بها من نفسك، وقال الفراء: معناه هلا
اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها وافْتَعَلْتها من قِبَل نفسك، وهو في
كلام العرب جائز أَن يقول لقد اختار لك الشيءَ واجْتَباه وارْتَجَله.
وقوله: وكذلك يَجْتَبِيك ربك؛ قال الزجاج: معناه وكذلك يختارك ويصطفيك، وهو
مشتق من جبيت الشيءَ إذا خلصته لنفسك، ومنه: جبيت الماء في الحوض. قال
الأَزهري: وجِبايةُ الخراج جمعه وتحصيله مأْخوذ من هذا. وفي حديث وائل بن
حُجْر قال: كتب لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا
شِغارَ ولا وِرَاطَ ومن أَجْبَى فقد أَرْبَى؛ قيل: أَصله الهمز، وفسر من
أَجْبَى أَي من عَيَّنَ فقد أَرْبَى، قال: وهو حسن. قال أَبو عبيد:
الإجباء بيع الحرث والزرع قبل أَن يبدو صلاحه، وقيل: هو أَن يُغَيِّب إبِلَهُ
عن المصَدِّق، من أَجْبَأْتُهُ إذا وارَيْته؛ قال ابن الأَثير: والأَصل
في هذه اللفظة الهمز، ولكنه روي غير مهموز، فإما أَن يكون تحريفاً من
الراوي، أَو يكون ترك الهمز للازدواج بأَرْبَى، وقيل: أَراد بالإجْباء
العِينَة وهو أَن يبيع من رجل سِلْعة بثمن معلوم إلى أَجل معلوم، ثم يشتريها
منه بالنقد بأَقل من الثمن الذي باعها به. وروي عن ثعلب أَنه سئل عن قوله
من أَجْبَى فقد أَرْبَى قال: لا خُلْفَ بيننا أَنه من باع زرعاً قبل أَن
يُدْرِك كذا، قال أَبو عبيد: فقيل له قال بعضهم أَخطأَ أَبو عبيد في هذا،
من أَين كان زرع أَيام النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هذا أَحمق
أَبو عبيد تكلم بهذا على رؤُوس الخَلْق وتكلم به بعد الخلق من سنة ثمانَ
عَشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدَّ عليه. والإجْباءُ: بيع الزرع قبل أَن
يبدو صلاحه، وقد ذكرناه في الهمز. والجابِيَة: جماعة القوم؛ قال حميد بن ثور
الهلالي:
أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك، وأَهْلُنا
بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ
والجابي: الجَراد الذي يَجْبي كلَّ شيءٍ يأكُلُه؛ قال عبد مناف بنُ
رِبْعِيّ الهذلي:
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة،
حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا
ويروى بالهمز، وقد تقدم ذكره. التهذيب: سُمِّيَ الجرادُ الجابيَ
لطُلوعِه. ابن الأَعرابي: العرب تقول إذا جاءت السنة جاء معها الجابي والجاني،
فالجابي الجراد، والجاني الذئب
(* قوله «والجاني الذئب» هو هكذا في الأصل
وشرح القاموس)، لم يهمزهما. والجابِيَة: مدينة بالشام، وبابُ الجابِيَة
بدمشق، وإنما قضى بأَن هذه من الياء لظهور الياء وأَنها لام، واللام ياءً
أَكثر منها واواً. والجَبَا موضع. وفَرْشُ الجَبَا: موضع؛ قال كثير عزة:
أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ
تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الجَبَا فالمَسارِبُ؟
ابن الأَثير في هذه الترجمة: وفي حديث خديجة قالت يا رسول الله ما
بَيْتٌ في الجنَّة من قَصَب؟ قال: هو بيتٌ من لؤلؤة مجَوَّفة مُجَبَّاةٍ؛ قال
ابن الأَثير: فسره ابن وهب فقال مجوَّفة، قال: وقال الخطابي هذا لا
يستتِمّ إلا أَن يجعل من المقلوب فتكون مجوَّبة من الجَوْب، وهو القَطْع،
وقيل: من الجَوْب، وهو نَقِير يجتمع فيه الماء، والله أَعلم.