من (ص ن ف) الكتاب المؤلَّف، والأشياء جعلت أصنافا.
من (ص ن ف) الكتاب المؤلَّف، والأشياء جعلت أصنافا.
دور: دَارَ الشيءُ يَدُورُ دَوْراً ودَوَرَاناً ودُؤُوراً واسْتَدَارَ
وأَدَرْتُه أَنا ودَوَّرْتُه وأَدَارَه غيره ودَوَّرَ به ودُرْتُ به
وأَدَرْت اسْتَدَرْتُ، ودَاوَرَهُ مُدَاوَرَةً ودِوَاراً: دَارَ معه؛ قال أَبو
ذؤيب:
حتى أُتِيح له يوماً بِمَرْقَبَةٍ
ذُو مِرَّةٍ، بِدِوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ
عدّى وجاس بالباء لأَنه في معنى قولك عالم به. والدهر دَوَّارُ
بالإِنسان ودَوَّارِيُّ أَي دائر به على إِضافة الشيء إِلى نفسه؛ قال ابن سيده:
هذا قول اللغويين، قال الفارسي: هو على لفظ النسب وليس بنسب، ونظيره
بُخْتِيٌّ وكُرْسيٌّ ومن المضاعف أَعْجَمِيٌّ في معنى أَعجم. الليث:
الدَّوَّارِيُّ الدَّهْرُ الدائرُ بالإِنسان أَحوالاً؛ قال العجاج:
والدَّهْرُ بالإِنسانِ دَوَّارِيُّ،
أَفْنَى القُرُونَ، وهو قَعْسَرِيُّ
ويقال: دَارَ دَوْرَةً واحدةً، وهي المرة الواحدة يدُورُها. قال:
والدَّوْرُ قد يكون مصدراً في الشعر ويكون دَوْراً واحداً من دَوْرِ العمامة،
ودَوْرِ الخيل وغيره عام في الأَشياء كلها.
والدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ في الرأْس.
ودِيَر به وعليه وأُدِيرَ به: أَخذهن الدُّوَارُ من دُوَارِ الرأْس.
وتَدْوِيرُ الشيء: جعله مُدَوَّراً. وفي الحديث: إِن الزمان قد
اسْتَدَار كهيئته يوم خلق الله السموات والأَرض. يقال: دَارَ يَدُورُ واستدار
يستدير بمعنى إِذا طاف حول الشيء وإِذا عاد إِلى الموضع الذي ابتدأَ منه؛
ومعنى الحديث أَن العرب كانوا يؤخرون المحرم إِلى صفر، وهو النسيء،
ليقاتلوا فيه ويفعلون ذلك سنة بعد سنة فينتقل المحرم من شهر إِلى شهر حتى يجعلوه
في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة كان قد عاد إِلى زمنه المخصوص
به قبل النقل ودارت السنة كهيئتها الأُولى.
ودُوَّارَةُ الرأْس ودَوَّارَتُه: طائفة منه. ودَوَّارَةُ البطن
ودُوَّارَتُه؛ عن ثعلب: ما تَحَوَّى من أَمعاء الشاة.
والدَّائرة والدَّارَةُ، كلاهما: ما أَحاط بالشيء.
والدَّارَةُ: دَارَةُ القمر التي حوله، وهي الهَالَةُ. وكل موضع يُدَارُ
به شيء يَحْجُرُه، فاسمه دَارَةٌ نحو الدَّاراتِ التي تتخذ في المباطخ
ونحوها ويجعل فيها الخمر؛ وأَنشد:
تَرَى الإِوَزِّينَ في أَكْنافِ دَارَتها
فَوْضَى، وبين يديها التِّبْنُ مَنْثُورُ
قال: ومعنى البيت أَنه رأَى حَصَّاداً أَلقى سنبله بين يدي تلك الإِوز
فقلعت حبّاً من سنابله فأَكلت الحب وافتضحت التبن. وفي الحديث: أَهل النار
يحترقون إِلا دارات وجوههم؛ هي جمع دارة، وهو ما يحيط بالوجه من جوانبه،
أَراد أَنها لا تأْكلها النار لأَنها محل السجود. ودارة الرمل: ما
استدار منه، والجمع دَارَاتٌ ودُورٌ؛ قال العجاج:
من الدَّبِيلِ ناشِطاً لِلدُّورِ
الأَزهري: ابن الأَعرابي: الدِّيَرُ الدَّارَاتُ في الرمل. ابن
الأَعرابي: يقال دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ لكل ما لم يتحرك ولم يَدُرْ، فإِذا تحرك
ودار، فهو دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ.
والدَّارَةُ: كل أَرض واسعة بين جبال، وجمعها دُورٌ ودَارَات؛ قال أَبو
حنيفة: وهي تُعَدُّ من بطون الأَرض المنبتة؛ وقال الأَصمعي: هي
الجَوْبَةُ الواسعة تَحُفُّها الجبال، وللعرب دارات؛ قال محمد بن المكرم: وجدت هنا
في بعض الأُصول حاشية بخط سيدنا الشيخ الإِمام المفيد بهاء الدين محمد
ابن الشيخ محيي الدين إبراهيم بن النحاس النحوي، فسح الله في أَجله: قال
كُرَاعٌ الدارةُ هي البُهْرَةُ إِلا أَن البُهْرَة لا تكون إِلا سهلة
والدارة تكون غليظة وسهلة. قال: وهذا قول أَبي فَقْعَسٍ. وقال غيره: الدارة
كلُّ جَوْبَةٍ تنفتح في الرمل، وجمعها دُورٌ كما قيل ساحة وسُوحٌ. قال
الأَصمعي: وعِدَّةٌ من العلماء، رحمهم الله تعالى دخل كلام بعضهم في كلام
بعض: فمنها دارة جُلْجُل ودارةُ القَلْتَيْنِ ودارةُ خَنْزَرٍ ودارةُ
صُلْصُلٍ ودارةُ مَكْمَنٍ ودارةُ مَاسِلٍ ودارة الجَأْبِ ودارة الذِّئْبِ
ودارة رَهْبى ودارةُ الكَوْرِ ودارةُ موضوع ودارةُ السَّلَمِ ودارةُ الجُمُدِ
ودارةُ القِدَاحِ ودارةُ رَفْرَفٍ ودارةُ قُِطْقُِطٍ ودارةُ مُحْصَنٍ
ودارةُ الخَرْجِ ودارة وَشْحَى ودارةُ الدُّورِ، فهذه عشرون دَارَةً وعلى
أَكثرها شواهد، هذا آخر الحاشية.
والدَّيِّرَةُ من الرمل: كالدَّارةِ، والجمع دَيِّرٌ، وكذلك
التَّدْورِةُ، وأَنشد سيبويه لابن مقبل:
بِتْنَا بِتَدْوِرَة يُضِيءُ وُجُوهَنَا
دَسَمُ السَّلِيطِ، يُضِيءُ فَوْقَ ذُبالِ
ويروى:
بتنا بِدَيِّرَةٍ يضيء وجوهنا
والدَّارَةُ: رمل مستدير، وهي الدُّورَةُ، وقيل: هي الدُّورَةُ
والدَّوَّارَةُ والدَّيِّرَةُ، وربما قعدوا فيها وشربوا. والتَّدْوِرَةُ.
المجلسُ؛ عن السيرافي. ومُدَاوَرَةُ الشُّؤُون: معالجتها. والمُدَاوَرَةُ:
المعالجة؛ قال سحيم بن وثيل:
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي،
ونَجَّدَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ
والدَّوَّارَةُ: من أَدوات النَّقَّاشِ والنَّجَّارِ لها شعبتان تنضمان
وتنفرجان لتقدير الدَّارات.
والدَّائِرَةُ في العَرُوض: هي التي حصر الخليل بها الشُّطُورَ لأَنها
على شكل الدائرة التي هي الحلقة، وهي خمس دوائر: الأُولى فيها ثلاثة
أَبواب الطويل والمديد والبسيط، والدائرة الثانية فيها بابان الوافر والكامل،
والدائرة الثالثة فيها ثلاثة أَبواب الهزج والرجز والرمل، والدائرة
الرابعة فيها ستة أَبواب السريع والمنسرح والخفيف والمضارع والمقتضب والمجتث،
والدائرة الخامسة فيها المتقارب فقط. والدائرة: الشَّعَرُ المستدير على
قَرْنِ الإِنسان؛ قال ابن الأَعرابي: هو موضع الذؤابة. ومن أَمثالهم: ما
اقْشَعَرَّتْ له دائرتي؛ يضرب مثلاً لمن يَتَهَدَّدُكَ بالأَمر لا يضرك.
ودائرة رأْس الإِنسان: الشعر الذي يستدير على القَرْنِ، يقال: اقشعرت
دائرته. ودائرة الحافر: ما أَحاط به من التبن. والدائرة: كالحلقة أَو الشيء
المستدير. والدائرة: واحدة الدوائر؛ وفي الفرس دوائر كثيرة: فدائرة
القَالِع والنَّاطِحِ وغيرهما؛ وقال أَبو عبيدة: دوائر الخيل ثماني عشرة دائرة:
يكره منها الهَقْعَةُ، وهي التي تكون في عُرضِ زَوْرِه، ودائرة
القَالِعِ، وهي التي تكون تحت اللِّبْدِ، ودائرة النَّاخِسِ، وهي التي تكون تحت
الجَاعِرَتَيْنِ إِلى الفَائِلَتَيْنِ، ودائرةُ اللَّطَاةِ في وسط الجبهة
وليست تكره إِذا كانت واحدة فإِن كان هناك دائرتان قالوا: فرس نَطِيحٌ،
وهي مكروهة وما سوى هذه الدوائر غير مكروهة.
ودَارَتْ عليه الدَّوائِرُ أَي نزلت به الدواهي. والدائرة: الهزيمة
والسوء. يقال: عليهم دائرة السوء. وفي الحديث: فيجعل الدائرة عليهم أَي
الدَّوْلَة بالغلبة والنصر. وقوله عز وجل: ويَتَرَبَّصُ بكم الدوائر؛ قيل:
الموت أَو القتل.
والدُّوَّارُ: مستدار رمل تَدُورُ حوله الوحش؛ أَنشد ثعلب:
فما مُغْزِلٌ أَدْماءُ نام غَزَالُها،
بِدُوَّارِ نِهْيٍ ذي عَرَارٍ وحُلَّبِ
بأَحْسَنَ من لَيْلَى، ولا أُمُّ شَادِنٍ
غَضِيضَةُ طَرْفٍ رُعْتُها وَسْطَ رَبْرَبِ
والدائرة: خشية تركز وسط الكُدْسِ تَدُورُ بها البقر.
الليث: المَدَارُ مَفْعَلٌ يكون موضعاً ويكون مصدراً كالدَّوَرَانِ،
ويجعل اسماً نحو مَدَار الفَلَكِ في مَدَارِه.
ودُوَّارٌ، بالضم: صنم، وقد يفتح، وفي الأَزهري: الدَّوَّارُ صنم كانت
العرب تنصبه يجعلون موضعاً حوله يَدُورُون به، واسم ذلك الصنم والموضع
الدُّوَارُ؛ ومنه قول امرئ القيس:
فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجَهُ
عَذَارَى دُوَارٍ، في مُلاءٍ مُذَيَّلِ
السرب: القطيع من البقر والظباء وغيرها، وأَراد به ههنا البقر، ونعاجه
إِناثه، شبهها في مشيها وطول أَذنابها بِجَوَارٍ يَدُرْنَ حول صنم وعليهن
الملاء. والمذيل: الطويل المهدّب. والأَشهر في اسم الصنم دَوَارٌ،
بالفتح، وأَما الدُّوَارُ، بالضم، فهو من دُوَارِ الرأْس، ويقال في اسم الصنم
دُوارٌ، قال: وقد تشدد فيقال دُوَّارٌ.
وقوله تعالى: نَخْشَى أَن تصيبنا دائرة؛ قال أَبو عبيدة: أَي دَوْلَةٌ،
والدوائر تَدُورُ والدَّوائل تَدولُ. ابن سيده: والدَّوَّار
والدُّوَّارُ؛ كلاهما عن كراع، من أَسماء البيت الحرام.
والدَّارُ: المحل يجمع البناء والعرصة، أُنثى؛ قال ابن جني: هي من دَارَ
يَدُورُ لكثرة حركات الناس فيها، والجمع أَدْوُرٌ وأَدْؤُرٌ في أَدنى
العدد والإِشمام للفرق بينه وبين أَفعل من الفعل والهمز لكراهة الضمة على
الواو؛ قال الجوهري: الهمزة في أَدؤر مبدلة من واو مضمومة، قال: ولك أَن
لا تهمز، والكثير دِيارٌ مثل جبل وأَجْبُلٍ وجِبالٍ. وفي حديث زيارة
القبور: سلامٌ عليكم دَارَ قَوْمٍ مؤمنين؛ سمي موضع القبور داراً تشبيهاً بدار
الأَحياء لاجتماع الموتى فيها. وفي حديث الشفاعة: فأَسْتَأْذِنُ على
رَبِّي في دَارِه؛ أَي في حضرة قدسه، وقيل: في جنته، فإِن الجنة تسمى دار
السلام، والله عز وجل هو السلام، قال ابن سيده في جمع الدار: آدُرٌ، على
القلب، قال: حكاها الفارسي عن أَبي الحسن؛ ودِيارَةٌ ودِيارَاتٌ ودِيرَانٌ
ودُورٌ ودُورَاتٌ؛ حكاها سيبويه في باب جمع الجمع في قسمة السلامة.
والدَّارَةُ: لغة في الدَّارِ. التهذيب: ويقال دِيَرٌ ودِيَرَةٌ وأَدْيارٌ
ودِيرَانٌ ودَارَةٌ ودَارَاتٌ ودُورٌ ودُورَانٌ وأَدْوَارٌ ودِوَارٌ
وأَدْوِرَةٌ؛ قال: وأَما الدَّارُ فاسم جامع للعرصة والبناء والمَحَلَّةِ. وكلُّ
موضع حل به قوم، فهو دَارُهُمْ. والدنيا دَارُ الفَناء، والآخرة دَارُ
القَرار ودَارُ السَّلام. قال: وثلاث أَدْؤُرٍ، همزت لأَن الأَلف التي
كانت في الدار صارت في أَفْعُلٍ في موضع تحرّك فأُلقي عليها الصرف ولم تردّ
إِلى أَصلها.
ويقال: ما بالدار دَيَّارٌ أَي ما بها أَحد، وهو فَيْعَالٌ من دار
يَدُورُ. الجوهري: ويقال ما بها دُورِيٌّ وما بها دَيَّارٌ أَي أَحد، وهو
فَيْعَالٌ من دُرْتُ وأَصله دَيْوَارٌ؛ قالوا: وإِذا وقعت واو بعد ياء ساكنة
قبلها فتحة قلبت ياء وأُدغمت مثل أَيَّام وقَيَّام. وما بالدّارِ
دُورِيٌّ ولا دَيَّارٌ ولا دَيُّورٌ على إِبدال الواو من الياء، أَي ما بها
أَحد، لا يستعمل إِلا في النفي، وجمع الدَّيَّارِ والدَّيُّورِ لو كُسِّرَ
دَواوِيرُ، صحت الواو لبعدها من الطرف؛ وفي الحديث: أَلا أُنبئكم بخير
دُورِ الأَنصار؟ دُورُ بني النَّجَّارِ ثم دُور بني عَبْدِ الأَشْهَلِ وفي
كلِّ دُورِ الأَنصارِ خَيْرٌ؛ الدُّورُ: جمع دار، وهي المنازل المسكونة
والمَحَالُّ، وأَراد به ههنا القبائل؛ والدُّورُ ههنا: قبائل اجتمعت كل
قبيلة في مَحَلَّةٍ فسميت المَحَلَّةُ دَاراً وسمي ساكنوها بها مجازاً على
حذف المضاف، أَي أَهل الدُّورِ. وفي حديث آخر: ما بقيتْ دَارٌ إِلاَّ
بُنِيَ فيها مسجد؛ أَي ما بقيت قبيلة. وأَما قوله، عليه السلام: وهل ترك لنا
عَقِيلٌ من دار؟ فإِنما يريد به المنزل لا القبيلة. الجوهري: الدار مؤنثة
وإِنما قال تعالى: ولنعم دار المتقين؛ فذكَّر على معنى المَثْوَى
والموضع، كما قال عز وجل: نِعْمَ الثوابُ وحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فأَنث على
المعنى. والدَّارَةُ أَخص من الدَّارِ؛ وفي حديث أَبي هريرة:
يا لَيْلَةً من طُولها وعَنَائِها،
على أَنها من دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
ويقال للدَّارِ: دَارَة. وقال ابن الزِّبَعْرَى: وفي الصحاح قال أُمية
بن أَبي الصلت يمدح عبدالله بن جُدْعان:
لَهُ دَاعٍ بمكةَ مُشْمَعِلٌّ،
وآخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنادِي
والمُدَارَات: أُزُرٌ فيها دَارَاتٌ شَتَّى؛ وقال الشاعر:
وذُو مُدَارَاتٍ على حَصِير
والدَّائِرَةُ: التي تحت الأَنف يقال لها دَوَّارَةٌ ودَائِرَةٌ
ودِيرَةٌ. والدَّارُ: البلد. حكى سيبويه: هذه الدَّارُ نعمت البلدُ فأَنث البلد
على معنى الدار. والدار: اسم لمدينة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم. وفي التنزيل العزيز: والذين تَبَوَّأُوا الدَّارَ والإِيمان.
والدَّارِيُّ: اللازِمُ لداره لا يبرح ولا يطلب معاشاً.
وفي الصحاح: الدَّارِيُّ رَبُّ النِّعَمِ، سمي بذلك لأَنه مقيم في داره
فنسب إِليها؛ قال:
لَبِّثْ قليلاً يُدْرِكِ الدَّارِيُّون،
ذَوُو الجيادِ الُبدَّنِ المَكْفِيُّون،
سَوْفَ تَرَى إِن لَحِقُوا ما يُبْلُون
يقول: هم أَرباب الأَموال واهتمامهم بإِبلهم أَشد من اهتمام الراعي الذي
ليس بمالك لها. وبَعِيرٌ دَارِيٌّ: متخلف عن الإِبل في مَبْرَكِه، وكذلك
الشاة والدَّارِيُّ: المَلاَّحُ الذي يلي الشِّرَاعَ.
وأَدَارَهُ عن الأَمر وعليه ودَاوَرَهُ: لاوَصَهُ.
ويقال: أَدَرْتُ فلاناً على الأَمر إِذا حاوَلْتَ إِلزامَه إِياه،
وأَدَرْتُهُ عن الأَمر إِذا طلبت منه تركه؛ ومنه قوله:
يُديرُونَنِي عن سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ،
وجِلْدَةُ بينَ العَيْنِ والأَنْفِ سَالِمُ
وفي حديث الإِسراء: قال له موسى، عليه السلام: لقد دَاوَرْتُ بني
إِسرائيل على أَدْنَى من هذا فَضَعُفُوا؛ هو فاعَلْتُ من دَارَ بالشيء يَدُورُ
به إِذا طاف حوله، ويروى: رَاوَدْتُ. الجوهري: والمُدَارَةُ جِلْدٌ
يُدَارُ ويُخْرَزُ على هيئة الدلو فيستقى بها؛ قال الراجز:
لا يَسْتَقِي في النَّزَحِ المَضْفُوفِ
إِلاَّ مُدَارَاتُ الغُرُوبِ الجُوفِ
يقول: لا يمكن أَن يستقى من الماء القليل إِلا بدلاء واسعة الأَجواف
قصيرة الجوانب لتنغمس في الماء وإِن كان قليلاً فتمتلئ منه؛ ويقال: هي من
المُدَارَاةِ في الأُمور، فمن قال هذا فإِنه ينصب التاء في موضع الكسر،
أَي بمداراة الدلاء، ويقول لا يستقى على ما لم يسمَّ فاعله. ودَارٌ: موضع؛
قال ابن مقبل:
عادَ الأَذِلَّةُ في دَارٍ، وكانَ بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاَّمُونَ للجُزُرِ
وابنُ دَارَةَ: رجل من فُرْسَانِ العرب؛ وفي المثل:
محا السَّيْفُ ما قال ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا
والدَّارِيُّ: العَطَّارُ، يقال: أَنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ فُرْضَةٍ
بالبَحْرَيْنِ فيها سُوق كان يحمل إِليها مِسْكٌ من ناحية الهند؛ وقال
الجعدي:
أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ من مِسْكِ دَا
رِينَ، وفِلْجٌ من فُلْفُلٍ ضَرِمِ
وفي الحديث: مَثَلُ الجَلِيس الصالِح مَثَلُ الدَّارِيِّ إِن لم
يُحْذِكَ من عِطْرِه عَلِقَكَ من ريحه؛ قال الشاعر:
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بفَأْرَةٍ
من المِسْكِ، رَاحَتْ في مَفَارِقِها تَجْري
والدَّارِيُّ، بتشديد الياء: العَطَّارُ، قالوا: لأَنه نسب إِلى
دَارِينَ، وهو موضع في البحر يؤتى منه بالطيب؛ ومنه كلام عليّ، كرّم الله وجهه:
كأَنه قِلْعٌ دَارِيُّ أَي شِراعٌ منسوب إِلى هذا الموضع البحري؛
الجوهري: وقول زُمَيْلٍ الفَزَارِيِّ:
فلا تُكْثِرَا فيه المَلامَةَ، إِنَّهُ
مَحا السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
قال ابن بري: الشعر للكُمَيت بن مَعْرُوف، وقال ابن الأَعرابي: هو
للكميت بن ثعلبة الأَكبر؛ قال: وصدره:
فلا تُكْثِرُوا فيه الضَّجَاجَ، فإِنه
مَحا السَّيْفُ ما قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
والهاء في قوله فيه تعود على العقل في البيت الذي قبله، وهو:
خُذُوا العَقْلَ، إِنْ أَعْطاكمُ العَقْلَ قَومُكُم،
وكُونُوا كمن سَنَّ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا
قال: وسبب هذا الشعر أَن سالم بن دارة هجا فَزَارَةَ وذكر في هجائه
زُمَيْلَ بن أُم دينار الفَزَارِيَّ فقال:
أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنِّي لن أُصالِحَها،
حتى يَنِيكَ زُمَيْلٌ أُمَّ دِينارِ
ثم إِن زميلاً لقي سالم بن دارة في طريق المدينة فقتله وقال:
أَنا زُمَيْلٌ قاتِلُ ابنِ دَارَهْ،
ورَاحِضُ المَخْزَاةِ عن فَزَارَهْ
ويروى: وكاشِفُ السُّبَّةِ عن فَزَارَهْ.
وبعده:
ثم جَعَلْتُ أَعْقِلُ البَكَارَهْ
جمع بَكْرٍ. قال: يعقل المقتول بَكارَةً.
ومَسَانّ وعبدُ الدَّار: بطنٌ من قريش النسب إِليهم عَبْدَرِيٌّ؛ قال
سيبويه: وهو من الإِضافة التي أُخذ فيها من لفظ الأَول والثاني كما أُدخلت
في السَّبَطْر حروفُ السَّبِطِ؛ قال أَبو الحسن: كأَنهم صاغوا من عَبْدِ
الدَّارِ اسماً على صيغة جَعْفَرٍ ثم وقعت الإِضافة إِليه.
ودارِين: موضع تُرْفَأُ إِليه السُّفُنُ التي فيها المسك وغير ذلك
فنسبوا المسك إِليه، وسأَل كسرى عن دارين: متى كانت؟ فلم يجد أَحداً يخبره
عنها إِلا أَنهم قالوا: هي عَتِيقَةٌ بالفارسية فسميت بها.
ودَارَانُ: موضع؛ قال سيبويه: إِنما اعتلَّت الواو فيه لأَنهم جعلوا
الزيادة في آخره بمنزلة ما في آخره الهاء وجعلوه معتلاًّ كاعتلاله ولا زيادة
فيه وإِلا فقد كان حكمه أَن يصح كما صح الجَوَلانُ ودَارَاءُ: موضع؛
قال:لَعَمْرُكَ ما مِيعادُ عَيْنِكَ والبُكَا
بِدَارَاءَ إِلا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ
ودَارَةُ: من أَسماء الداهية، معرفة لا ينصرف؛ عن كراع، قال:
يَسْأَلْنَ عن دَارَةَ أَن تَدُورَا
ودَارَةُ الدُّور: موضع، وأُراهم إِنما بالغوا بها، كما تقول: رَمْلَةُ
الرِّمالِ.
ودُرْنَى: اسم موضع، سمي على هذا بالجملة، وهي فُعْلى.
ودَيْرُ النصارى: أَصله الواو، والجمع أَدْيارٌ.
والدَّيْرَانِيُّ: صاحب الدَّيْرِ. وقال ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا
رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
عرض: العَرْضُ: خلافُ الطُّول، والجمع أَعراضٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاجِ الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ
وفي الكثير عُرُوضٌ وعِراضٌ؛ قال أََبو ذؤيب يصف برذوناً:
أَمِنْكَ بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه،
كأَنَّه في عِراضِ الشامِ مِصباحُ؟
وقال الجوهري: أَي في شِقِّه وناحِيتِه. وقد عَرُضَ يَعْرُضُ عِرَضاً
مثل صَغُرَ صِغَراً، وعَراضةً، بالفتح؛ قال جرير:
إِذا ابْتَدَرَ الناسُ المَكارِمَ، بَذَّهُم
عَراضةُ أَخْلاقِ ابن لَيْلَى وطُولُها
فهو عَرِيضٌ وعُراضٌ، بالضم، والجمع عِرْضانٌ، والأُنثى عَرِيضةٌ
وعُراضةٌ.
وعَرَّضْتُ الشيء: جعلته عَرِيضاً، وقال الليث: أَعْرَضْتُه جعلته
عَرِيضاً. وتَعْرِيضُ الشيء: جَعْلُه عَرِيضاً. والعُراضُ أَيضاً: العَرِيضُ
كالكُبارِ والكَبِيرِ. وفي حديث أُحُد: قال للمنهزمين لقد ذَهَبْتُمْ فيها
عَرِيضةً أَي واسعةً. وفي الحديث: لئن أَقْصَرْتَ الخُطْبةَ لقد
أَعْرَضْتَ المسأَلة أَي جِئْتَ بالخطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة واسعة كبيرة.
والعُراضاتُ: الإِبل العَرِيضاتُ الآثار. ويقال للإِبل: إِنها العُراضاتُ
أَثَراً؛ قال الساجع: إِذا طَلَعت الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ مَطَرا، فلا
تَغْذُوَنَّ إِمَّرةً ولا إِمَّرا، وأَرْسِلِ العُراضاتِ أَثَرَا،
يَبْغِيْنَكَ في الأَرضِ مَعْمَرا؛ السفَر: بياضُ النهار، والإِمَّرُ الذكر من ولد
الضأْن، والإِمَّرةُ الأُنثى، وإِنما خص المذكور من الضأْن وإِنما أَراد
جميع الغنم لأَنها أَعْجَزُ عن الطَّلَب من المَعَزِ، والمَعَزُ
تُدْرِكُ ما لا تُدْرِكُ الضأْنُ. والعُراضاتُ: الإِبل. والمَعْمَرُ: المنزل
بدارِ مَعاشٍ؛ أَي أَرسِلِ الإِبل العَرِيضةَ الآثار عليها رُكْبانُها
لِيَرْتادُوا لك منزلاً تَنْتَجِعُه، ونَصَبَ أَثراً على التمييز. وقوله
تعالى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ؛ أَي واسع وإِن كان العَرْضُ إِنما يقع في
الأَجسام والدعاءُ ليس بجسم. وأَعْرَضَتْ بأَولادها: ولدتهم عِراضاً.
وأَعْرَضَ: صار ذا عَرْض. وأَعْرَض في الشيء: تَمَكَّن من عَرْضِه؛ قال ذو
الرمة:فَعال فَتىً بَنَى وبَنَى أَبُوه،
فأَعْرَضَ في المكارِمِ واسْتَطالا
جاءَ به على المثَل لأَن المَكارمَ ليس لها طُولٌ ولا عَرْضٌ في
الحقيقة. وقَوْسٌ عُراضةٌ: عَرِيضةٌ؛ وقول أَسماء بن خارجة أَنشده ثعلب:
فَعَرَضْتُهُ في ساقٍ أَسْمَنِها،
فاجْتازَ بَيْنَ الحاذِ والكَعْبِ
لم يفسره ثعلب وأُراه أَراد: غَيَّبْتُ فيها عَرْضَ السيف. ورجل عَرِيضُ
البِطانِ: مُثْرٍ كثير المال. وقيل في قوله تعالى: فذو دُعاءٍ عَرِيضٍ،
أَراد كثير فوضع العريض موضع الكثير لأَن كل واحد منهما مقدار، وكذلك لو
قال طَوِيل لَوُجِّهَ على هذا، فافهم، والذي تقدَّم أَعْرفُ.
وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُود كاملة. وهو يمشي بالعَرْضِيَّةِ
والعُرْضِيَّةِ؛ عن اللحياني، أَي بالعَرْض.
والعِراضُ: من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ، قيل: هو خطٌّ في الفَخِذِ عَرْضاً؛
عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي، تقول منه: عَرَضَ بعيره عَرْضاً.
والمُعَرَّضُ: نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ؛ قال الراجز:
سَقْياً بحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ
تقول منه: عَرَّضْتُ الإِبل. وإِبل مُعَرَّضةٌ: سِمَتُها العِراضُ في
عَرْضِ الفخذ لا في طوله، يقال منه: عَرَضْتُ البعير وعَرَّضْتُه
تَعْرِيضاً.
وعَرَضَ الشيءَ عليه يَعْرِضُه عَرْضاً: أَراهُ إِيّاه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
وقدْ كانَ يوم الليِّثِ لو قُلْتَ أُسْوةٌ
ومَعْرَضَةٌ، لو كنْتَ قُلْتَ لَقابِلُ،
عَلَيَّ، وكانوا أَهْلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ
ومَجْدٍ، إِذا ما حوَّضَ المَجْد نائِلُ
أَراد: لقد كان لي في هؤلاء القوم الذين هلكوا ما آتَسِي به، ولو
عَرَضْتَهُم عليَّ مكان مُصِيبتي بابني لقبِلْتُ، وأَراد: وَمَعْرضةٌ عليَّ
ففصل. وعَرَضْتُ البعيرَ على الحَوْضِ، وهذا من المقلوب، ومعناه عَرَضْتُ
الحَوْضَ على البعير. وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ على البَيْعِ عَرْضاً،
وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم
عليك ونَظَرْتَ ما حالُهم، وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا
هم. ويقال: اعْتَرَضْتُ على الدابةِ إِذا كنتَ وقْتَ العَرْض راكباً، قال
ابن بري: قال الجوهري وعَرَضْتُ بالبعير على الحوض، وصوابه عَرَضْتُ
البعير، ورأَيت عِدّة نسخ من الصحاح فلم أَجد فيها إِلا وعَرَضْتُ البعير،
ويحتمل أَن يكون الجوهري قال ذلك وأَصلح لفظه فيما بعد.
وقد فاته العَرْضُ والعَرَضُ، الأَخيرة أَعلى، قال يونس: فاته العَرَضُ،
بفتح الراء، كما يقول قَبَضَ الشيءَ قَبْضاً، وقد أَلقاه في القَبَض أَي
فيما قَبَضه، وقد فاته العَرَضُ وهو العَطاءُ والطَّمَعُ؛ قال عدي ابن
زيد:
وما هذا بأَوَّلِ ما أُلاقِي
مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ الفَرِيبِ
أَي الطَّمَع القريب. واعْتَرَضَ الجُنْدَ على قائِدِهم، واعْتَرَضَ
الناسَ: عَرَضَهم واحداً واحداً. واعْتَرَضَ المتاعَ ونحوه واعْتَرَضَه على
عينه؛ عن ثعلب، ونظر إِليه عُرْضَ عيْنٍ؛ عنه أَيضاً، أَي اعْتَرَضَه على
عينه. ورأَيته عُرْضَ عَيْنٍ أَي ظاهراً عن قريب. وفي حديث حذيفة:
تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحَصِير؛ قال ابن الأَثير: أَي توضَع
عليها وتُبْسَطُ كما تُبْسَطُ الحَصِيرُ، وقيل: هو من عَرْض الجُنْدِ بين
يدي السلطان لإِظهارهم واختبار أَحوالهم. ويقال: انطلق فلان يَتَعَرَّضُ
بجَمله السُّوق إِذا عَرَضَه على البيع. ويقال: تَعَرَّضْ أَي أَقِمْهُ في
السوق.
وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً: قابَلَه، وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي
قابلته. وفلان يُعارِضُني أَي يُبارِيني. وفي الحديث: إِن جبريل، عليه
السلام، كان يُعارِضُه القُرآنَ في كل سنة مرة وإِنه عارضَه العامَ مرتين،
قال ابن الأَثير: أَي كان يُدارِسُه جمِيعَ ما نزل من القرآن من
المُعارَضةِ المُقابلةِ.
وأَما الذي في الحديث: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا اعتراضَ فهو أَن
يَعْتَرِضَ رجل بفَرسِه في السِّباق فَيَدْخُلَ مع الخيل؛ ومنه حديث سُراقة:
أَنه عَرَضَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَبي بكر الفَرسَ أَي
اعْتَرَضَ به الطريقَ يَمْنَعُهما من المَسِير. وأَما حديث أَبي سعيد: كنت
مع خليلي، صلّى اللّه عليه وسلّم، في غزوة إِذا رجل يُقَرِّبُ فرساً في
عِراضِ القوم، فمعناه أَي يَسِيرُ حِذاءَهم مُعارِضاً لهم. وأَما حديث
الحسن بن عليّ: أَنه ذَكَرَ عُمر فأَخذ الحسينُ في عِراضِ كلامه أَي في مثل
قوله ومُقابِله. وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عارَضَ جَنازَة أَبي طالب أَي أَتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق ولم يتبعْها
من منزله. وعَرَضَ من سلعته: عارَضَ بها فأَعْطَى سِلْعةً وأَخذ أُخرى.
وفي الحديث: ثلاثٌ فيهن البركة منهن البَيْعُ إِلى أَجل والمُعارَضةُ أَي
بيع العَرْض بالعَرْض، وهو بالسكون المَتاعُ بالمتاع لا نَقْدَ فيه.
يقال: أَخذت هذه السلعة عرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ في مقابلتها سلعة أُخرى.
وعارضَه في البيع فَعَرَضَه يَعْرُضُه عَرْضاً: غَبَنَه. وعَرَضَ له مِن
حقِّه ثوباً أَو مَتاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَضَ به: أَعْطاهُ إِيّاهُ
مكانَ حقِّه، ومن في قولك عَرَضْتُ له من حَقِّه بمعنى البدل كقول اللّه
عزّ وجلّ: ولو نشاءُ لجعلنا منكم ملائكة في الأَرض يَخْلُفُون؛ يقول: لو
نشاءُ لجعلنا بدلكم في الأَرض ملائكة. ويقال: عَرَّضْتُك أَي عَوَّضْتُك.
والعارِضُ: ما عَرَضَ من الأَعْطِيَة؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسيّ:
يا لَيْلُ، أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ
هلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟
قاله يخاطب امرأَة خطبها إِلى نفسها ورَغَّبها في أَنْ تَنْكِحه فقال:
هل لك رَغْبةٌ في مائة من الإِبل أَو أَكثر من ذلك؟ لأَن الهجمة أَوَّلُها
الأَربعون إِلى ما زادت يجعلها لها مَهْراً، وفيه تقديم وتأْخير،
والمعنى هل لك في مائة من الإِبل أَو أَكثر يُسْئِرُ منها قابِضُها الذي يسوقها
أَي يُبْقِي لأَنه لا يَقْدِر على سَوْقِها لكثرتها وقوتها لأَنها
تَفَرَّقُ عليه، ثم قال: والعارِضُ منكِ عائِضٌ أَي المُعْطِي بدلَ بُضْعِكِ
عَرْضاً عائِضٌ أَي آخِذٌ عِوَضاً مِنْكِ بالتزويج يكون كِفاءً لما عَرَضَ
منك. ويقال: عِضْتُ أَعاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً، وعُضْتُ أَعُوضُ
إِذا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ، فقوله عائِضٌ من عِضْتُ لا من عُضْتُ،
ومن رَوَى يَغْدِرُ، أَراد يَتْرُكُ من قولهم غادَرْتُ الشيء. قال ابن
بري: والذي في شعره والعائِضُ منكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ منك عِوَضٌ كما
تقول الهِبَةُ مِنكَ هِبَةٌ أَي لها مَوْقِعٌ. ويقال: كان لي على فلان
نَقْدٌ فأَعْسَرْتُه فاعْتَرَضْتُ منه. وإِذا طلب قوم عند قوم دَماً فلم
يُقِيدُوهم قالوا: نحن نَعْرِضُ منه فاعْتَرِضُوا منه أَي اقْبَلُوا الدية.
وعَرَضَ الفَرَسُ في عَدْوِه: مَرَّ مُعْتَرِضاً. وعَرَضَ العُودَ على
الإِناءِ والسَّيْفَ على فَخِذِه يَعْرِضُه عَرْضاً ويَعْرُضُه، قال
الجوهري: هذه وحدها بالضم. وفي الحديث: خَمِّرُوا آنِيَتَكم ولو بِعُود
تَعْرُضُونَه عليه أَي تَضَعُونَه مَعْرُوضاً عليه أَي بالعَرْض؛ وعَرَضَ
الرُّمْحَ يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَّضَه؛ قال النابغة:
لَهُنَّ عَلَيْهم عادَةٌ قدْ عَرَفْنَها،
إِذا عَرَّضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكَواثِبِ
وعَرَضَ الرامي القَوْسَ عَرْضاً إِذا أَضجَعها ثم رَمى عنها. وعَرَضَ
له عارِضٌ من الحُمَّى وغَيرها. وعَرَضْتُهم على السيف قَتْلاً. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ واعترَضَ: انتَصَبَ ومَنَعَ وصار عارِضاً كالخشَبةِ
المنتصبةِ في النهر والطريق ونحوها تَمْنَعُ السالكين سُلوكَها. ويقال:
اعتَرَضَ الشيءُ دون الشيءِ أَي حال دونه. واعتَرَضَ الشيءَ: تَكَلَّفَه.
وأَعرَضَ لك الشيءُ من بَعِيدٍ: بدَا وظَهَر؛ وأَنشد:
إِذا أَعْرَضَتْ داويَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقا
(* قوله «فلقا» بالكسر هو الامر العجب، وأَنشد الصحاح: إِذا اعرضت البيت
شاهداً عليه وتقدم في غرد ضبطه بفتح الفاء.)
أَي بَدَتْ. وعَرَضَ له أَمْرُ كذا أَي ظهر. وعَرَضْتُ عليه أَمر كذا
وعَرَضْتُ له الشيء أَي أَظهرته له وأَبْرَزْتُه إِليه. وعَرَضْتُ الشيءَ
فأَعْرَضَ أَي أَظْهَرْتُه فظهر، وهذا كقولهم كَبَبْتُه فأَكَبَّ، وهو من
النوادر. وفي حديث عمر: تَدَعُون أَميرَ المؤمنين وهو مُعْرَضٌ لكم؛ هكذا
روي بالفتح، قال الحَرْبيّ: والصواب بالكسر. يقال: أَعْرَضَ الشيءُ
يُعْرِضُ من بعيد إِذا ظهَر، أَي تَدَعُونه وهو ظاهر لكم. وفي حديث عثمان بن
العاص: أَنه رأَى رجلاً فيه اعتِراضٌ، هو الظهور والدخول في الباطل
والامتناع من الحق. قال ابن الأَثير: واعتَرَضَ فلان الشيءَ تَكَلَّفَه.
والشيءُ مُعْرِضٌ لك: موجود ظاهر لا يمتنع. وكلُّ مُبْدٍ عُرْضَه مُعْرِضٌ؛
قال عمرو ابن كلثوم:
وأَعْرَضَتِ اليَمامةُ، واشمَخَرَّتْ
كأَسْيافٍ بأَيْدي مُصْلِتِينا
وقال أَبو ذؤيب:
بأَحْسَن منها حِينَ قامَتْ فأَعْرَضَتْ
تُوارِي الدُّمُوعَ، حِينَ جَدَّ انحِدارُها
واعتَرَضَ له بسهم: أَقْبَلَ قِبَلَه فرماه فقتلَه. واعتَرَضَ عَرْضه:
نَحا نَحْوَه. واعتَرَضَ الفرَسُ في رَسَنِه وتَعَرَّضَ: لم يَسْتَقِمْ
لقائدِه؛ قال الطرماح:
وأَراني المَلِيكُ رُشْدي، وقد كنْـ
ـتُ أَخا عُنجُهِيَّةٍ واعتِراضِ
وقال:
تَعَرَّضَتْ، لم تَأْلُ عن قَتْلٍ لي،
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ
والعَرَضُ: من أَحْداثِ الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك؛ قال الأَصمعي:
العَرَضُ الأَمر يَعْرِضُ للرجل يُبْتَلَى به؛ قال اللحياني: والعَرَضُ
ما عَرَضَ للإِنسان من أَمر يَحْبِسهُ من مَرَضٍ أَو لُصُوصٍ. والعَرَضُ:
ما يَعْرِضُ للإِنسان من الهموم والأَشغال. يقال: عَرَضَ لي يَعْرِضُ
وعَرِضَ يَعْرَضُ لغتان. والعارِضةُ: واحدة العَوارِضِ، وهي الحاجاتُ.
والعَرَضُ والعارِضُ: الآفةُ تَعْرِضُ في الشيء، وجَمْعُ العَرَضِ أَعْراضٌ،
وعَرَضَ له الشكُّ ونحوُه من ذلك.
وشُبْهةٌ عارِضةٌ: معترضةٌ في الفؤاد. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضَةٍ من شُبْهَةٍ؛ وقد تكونُ
العارِضَةُ هنا مصدراً كالعاقبة والعافية.
وأَصَابَه سَهْمُ عَرَضٍ وحَجَرُ عَرَضٍ مُضاف، وذلك أَن يُرْمى به
غيْرُه عمداً فيصاب هو بتلك الرَّمْيةِ ولم يُرَدْ بها، وإِن سقَط عليه حجر
من غير أَن يَرْمِيَ به أَحد فليس بعرَض. والعَرَضُ في الفلسفة: ما يوجد
في حامله ويزول عنه من غير فساد حامله، ومنه ما لا يَزُولُ عنه، فالزّائِل
منه كأُدْمةِ الشُّحُوبِ وصفرة اللون وحركة المتحرّك، وغيرُ الزائل
كسَواد القارِ والسَّبَجِ والغُرابِ.
وتَعَرَّضَ الشيءُ: دخَلَه فَسادٌ، وتَعَرَّضَ الحُبّ كذلك؛ قال لبيد:
فاقْطَعْ لُبانةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه،
ولَشَرُّ واصِلِ خُلّةٍ صَرّامُها
وقيل: من تعرّض وصله أَي تعوّج وزاغَ ولم يَسْتَقِم كما يَتَعَرَّضُ
الرجل في عُرُوض الجَبل يميناً وشمالاً؛ قال امرؤ القيس يذكر الثريَّا:
إِذا ما الثُّرَيّا في السماءِ تَعَرَّضَتْ،
تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
أَي لم تَسْتَقِمْ في سيرها ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ أَثناؤه على
جارية تَوَشَّحَتْ به. وعَرَضُ الدنيا: ما كان من مال، قلّ أَو كَثُر.
والعَرَضُ: ما نِيلَ من الدنيا. يقال: الدّنيا عَرَضٌ حاضر يأْكل منها البَرّ
والفاجر، وهو حديث مَرْوِيّ. وفي التنزيل: يأْخذون عرَض هذا الأَدنى
ويقولون سيغفر لنا؛ قال أَبو عبيدة: جميع مَتاعِ الدنيا عرَض، بفتح الراء.
وفي الحديث: ليْسَ الغِنى عن كَثْرة العَرَضِ إِنما الغِنى غِنى النفس؛
العَرَضُ، بالتحريك: متاع الدّنيا وحُطامُها، وأَما العَرْض بسكون الراء
فما خالف الثَّمَنَينِ الدّراهِمَ والدّنانيرَ من مَتاعِ الدنيا وأَثاثِها،
وجمعه عُروضٌ، فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض وليس كل عَرَضٍ عَرْضاً.
والعَرْضُ: خِلافُ النقْد من المال؛ قال الجوهري: العَرْضُ المتاعُ، وكلُّ
شيء فهو عَرْضٌ سوى الدّراهِمِ والدّنانير فإِنهما عين. قال أَبو عبيد:
العُرُوضُ الأَمْتِعةُ التي لا يدخلها كيل ولا وَزْنٌ ولا يكون حَيواناً
ولا عَقاراً، تقول: اشتريت المَتاعَ بِعَرْضٍ أَي بمتاع مِثْلِه،
وعارَضْتُه بمتاع أَو دابّة أَو شيء مُعارَضةً إِذا بادَلْتَه به.
ورجلٌ عِرِّيضٌ مثل فِسِّيقٍ: يَتَعَرَّضُ الناسَ بالشّرِّ؛ قال:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ،
تَمَرَّسَ بي مِن حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
واسْتَعْرَضَه: سأَله أَنْ يَعْرِضَ عليه ما عنده. واسْتَعْرَض: يُعْطِي
(* قوله «واستعرض يعطي» كذا بالأصل.) مَنْ أَقْبَلَ ومَنْ أَدْبَرَ.
يقال: اسْتَعْرِضِ العَرَبَ أَي سَلْ مَنْ شئت منهم عن كذا وكذا.
واسْتَعْرَضْتُه أَي قلت له: اعْرِضْ عليّ ما عندك.
وعِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَته المحمودة، وقيل ما
يُمْدح به ويُذَمُّ. وفي الحديث: إِن أَغْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ
يومكم هذا؛ قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول
فيه؛ قال حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس. يقال: أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي
صُنْتُ عنه نَفْسي، وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو
يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع
فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو ساواه في الحسَب؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لي،
ولا أَجْني من الناسِ اعتِراضا
أَي لا أَجْتَني شَتْماً منهم. ويقال: لا تُعْرِضْ عِرْضَ فلان أَي لا
تَذْكُرْه بسوء، وقيل في قوله شتم فلان عِرْضَ فلان: معناه ذكر أَسلافَه
وآباءَه بالقبيح؛ ذكر ذلك أَبو عبيد فأَنكر ابن قتيبة أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباء، وقال: العِرْض نَفْسُ الرجل، وقال في قوله يَجْرِي
(*
قوله «يجري» نص النهاية: ومنه حديث صفة أهل الجنة إِنما هو عرق يجري،
وساق ما هنا.) من أَعْراضِهم مِثلُ ريحِ المسكِ أَي من أَنفسهم وأَبدانِهم؛
قال أَبو بكر: وليس احتجاجه بهذا الحديث حجة لأَن الأَعراضَ عند العرب
المَواضِعُ التي تَعْرَقُ من الجسد؛ ودل على غَلَطِه قول مِسْكِين
الدارِميّ:
رُبَّ مَهْزولٍ سَمِينٌ عِرْضُه،
وسمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ
معناه: رُبَّ مَهْزُولِ البدَن والجسم كريمُ الآباءِ. وقال اللحياني:
العِرْضُ عِرْضُ الإِنسان، ذُمَّ أَو مُدِحَ، وهو الجسَد. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، للحطيئة: كأَنِّي بك عند بعض الملوك تُغَنِّيه بأَعراضِ
الناس أَي تُغَني بذَمِّهم وذَمِّ أَسلافِهم في شعرك وثَلْبِهم؛ قال
الشاعر:ولكنَّ أَعْراضَ الكِرام مَصُونةٌ،
إِذا كان أَعْراضُ اللِّئامِ تُفَرْفَرُ
وقال آخر:
قاتَلَكَ اللّهُ ما أَشَدَّ عَلَيْـ
ـك البَدْلَ في صَوْنِ عِرْضِكَ الجَرِب
يُرِيدُ في صَوْنِ أَسلافِك اللِّئامِ؛ وقال في قول حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
أَراد فإِنّ أَبي ووالده وآبائي وأَسلافي فأَتى بالعُموم بعد الخُصوص
كقوله عزّ وجلّ: ولقد آتيناك سَبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم، أَتى
بالعموم بعد الخصوص. وفي حديث أَبي ضَمْضَم: اللهم إِنِّي تَصَدَّقْتُ
بِعِرْضِي على عبادك أَي تصدّقت على من ذكرني بما يَرْجِعُ إِليَّ عَيْبُه،
وقيل: أَي بما يلحقني من الأَذى في أَسلافي، ولم يرد إِذاً أَنه تصدَّق
بأَسلافه وأَحلّهم له، لكنه إِذا ذكَرَ آباءه لحقته النقيصة فأَحلّه مما
أَوصله إِليه من الأَذى. وعِرْضُ الرجل: حَسَبُه. ويقال: فلان كريم العِرْضِ
أِي كريم الحسَب. وأَعْراضُ الناس: أَعراقُهم وأَحسابُهم وأَنْفُسهم.
وفلان ذو عِرْضٍ إِذا كانَ حَسِيباً. وفي الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ
عُقُوبَتَه وعِرْضَهُ أَي لصاحب الدَّيْنِ أَن يَذُمَّ عِرْضَه ويَصِفَه
بسوء القضاء، لأَنه ظالم له بعدما كان محرماً منه لا يَحِلُّ له اقْتِراضُه
والطَّعْنُ عليه، وقيل: عِرْضَه أَن يُغْلِظَ له وعُقُوبته الحَبْس،
وقيل: معناه أَنه يُحِلّ له شِكايَتَه منه، وقيل: معناه أَن يقول يا ظالم
أَنْصِفْني، لأَنه إِذا مَطَلَه وهو غنيّ فقد ظَلَمه. وقال ابن قتيبة:
عِرْضُ الرجل نَفْسُه وبَدَنُه لا غير. وفي حديث النعمان بن بَشِير عن النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم: فمن اتقى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لِدِينِه
وعِرْضِه أَي احْتاطَ لنفسه، لا يجوز فيه معنى الآباءِ والأَسْلافِ. وفي
الحديث: كلُّ المُسْلِم على المسلِم حَرام دَمُه ومالُه وعِرْضُه؛ قال ابن
الأَثير: العِرْضُ موضع المَدْحِ والذَّمِّ من الإِنسان سواء كان في نَفْسِه
أَو سَلَفِه أَو من يلزمه أَمره، وقيل: هو جانبه الذي يَصُونُه من نفْسه
وحَسَبِه ويُحامي عنه أَن يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ، وقال أَبو العباس: إِذا
ذكر عِرْضُ فلان فمعناه أُمُورُه التي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذكرها
من جهتها بِحَمْدٍ أَو بِذَمّ، فيجوز أَن تكون أُموراً يوصف هو بها دون
أَسْلافه، ويجوز أَن تذكر أَسلافُه لِتَلحَقه النّقِيصة بعيبهم، لا خلاف
بين أَهل اللغة فيه إِلا ما ذكره ابن قتيبة من إِنكاره أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباءَ؛ واحتج أَيضاً بقول أَبي الدرداء: أَقْرِضْ من
عِرْضِك ليوم فَقْرِك، قال: معناه أَقْرِضْ مِنْ نَفْسِك أَي مَنْ عابك وذمّك
فلا تُجازه واجعله قَرْضاً في ذمته لِتَسْتَوفِيَه منه يومَ حاجتِكَ في
القِيامةِ؛ وقول الشاعر:
وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنى ومَعِي عِرْضِي
أَي أَفعالي الجميلة؛ وقال النابغة:
يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضهِمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،
ولَيْسَ جاهِلُ أَمْرٍ مثْلَ مَنْ عَلِما
ذو عِرْضِهم: أَشْرافُهُم، وقيل: ذو عِرْضِهم حَسَبهم، والدليل على أَن
العرض ليس بالنفْسِ ولا البدن قوله، صلّى اللّه عليه وسلّم: دمُه
وعِرْضُه، فلو كان العرض هو النفس لكان دمه كافياً عن قوله عِرْضُه لأَن الدم
يراد به ذَهابُ النفس، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة: فانْدَفَعْتَ
تُغَنِّي بأَعْراضِ المسلمين، معناه بأَفعالهم وأَفعال أَسلافهم. والعِرْضُ:
بَدَنُ كل الحيوان. والعِرْضُ: ما عَرِقَ من الجسد. والعِرْضُ: الرائِحة ما
كانت، وجمعها أَعْراضٌ. وروي عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه ذكر
أَهل الجنة فقال: لا يَتَغَوّطُون ولا يَبُولونَ إِنما هو عَرَقٌ يجري من
أَعْراضِهم مثل ريح المِسْك أَي من مَعاطفِ أَبْدانهم، وهي المَواضِعُ
التي تَعْرَقُ من الجسد. قال ابن الأَثير: ومنه حديث أُم سلمة لعائشة:
غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي إِنهن للخَفَر والصّوْن
يَتَسَتَّرْن؛ قال: وقد روي بكسر الهمزة، أَي يُعْرِضْنَ كما كُرِهَ لهن أَن
يَنْظُرْنَ إِليه ولا يَلْتَفِتْنَ نحوه. والعِرْضُ، بالكسر: رائحة الجسد
وغيره، طيبة كانت أَو خبيثة. والعِرْضُ والأَعْراضُ: كلّ مَوْضِع يَعْرَقُ من
الجسد؛ يقال منه: فلان طيب العِرْضِ أَي طيّب الريح، ومُنْتنُ العِرْضِ،
وسِقاءٌ خبيثُ العِرْضِ إِذا كان مُنْتناً. قال أَبو عبيد: والمعنى في
العِرْضِ في الحديث أَنه كلُّ شيء من الجسد من المغابِنِ وهي الأَعْراضُ،
قال: وليس العِرْضُ في النسب من هذا في شيء. ابن الأَعرابي: العِرْضُ
الجسد والأَعْراضُ الأَجْسادُ، قال الأَزهري: وقوله عَرَقٌ يجري من أَعراضهم
معناه من أَبْدانِهم على قول ابن الأَعرابي، وهو أَحسن من أَن يُذْهَبَ
به إِلى أَعراضِ المَغابِنِ. وقال اللحياني: لبَن طيّب العِرْضِ وامرأَة
طيّبة العِرْضِ أَي الريح. وعَرَّضْتُ فلاناً لكذا فَتَعَرَّضَ هو له،
والعِرْضُ: الجماعةُ من الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ ولا يكون في
غيرهن، وقيل: الأَعْراضُ الأَثْلُ والأَراكُ والحَمْضُ، واحدها عَرْضٌ؛
وقال:والمانِع الأَرْضَ ذاتَِ العَرْضِ خَشْيَتُه،
حتى تَمنَّعَ مِنْ مَرْعىً مَجانِيها
والعَرُوضاواتُ
(* قوله «العروضاوات؛ هكذا بالأصل، ولم نجدها فيما عندنا
من المعاجم.): أَماكِنُ تُنْبِتُ الأَعْراضَ هذه التي ذكرناها.
وعارَضْتُ أَي أَخَذْتُ في عَروضٍ وناحيةٍ. والعِرْضُ: جَوُّ البَلَد وناحِيتُه
من الأَرض. والعِرْضُ: الوادِي، وقيل جانِبُه، وقيل عِرْضُ كل شيء
ناحيته. والعِرْضُ: وادٍ باليَمامةِ؛ قال الأَعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه
نَخِيلاً، وزَرْعاً نابِتاً وفَصافِصا؟
وقال الملتمس:
فَهَذا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُه:
زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
الأَزْرَقُ: الذُّبابُ. وقيل: كلُّ وادٍ عِرضٌ، وجَمْعُ كلِّ ذلك
أَعراضٌ لا يُجاوَزُ. وفي الحديث: أَنه رُفِعَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، عارِضُ اليمامةِ؛ قال: هو موضعٌ معروف. ويقال للجبل: عارِضٌ؛ قال
أَبو عبيدة: وبه سمّي عارِضُ اليمامةِ، قال: وكلُّ وادٍ فيه شجر فهو
عِرْضٌ؛ قال الشاعر شاهداً على النكرة:
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ يُمسِي حَمامُه،
ويُضْحِي على أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ،
(* قوله «الغين» جمع الغيناء، وهي الشجرة الخضراء كما في الصحاح.)
أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رَنّةً
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
ويقال: أَخصَبَ ذلك العِرْضُ، وأَخصَبَتْ أَعراضُ المدينة وهي قُراها
التي في أَوْدِيتها، وقيل: هي بُطونُ سَوادِها حيث الزرعُ والنخيل.
والأَعْراضُ: قُرىً بين الحجاز واليمن.
وقولهم: استُعْمِلَ فلان على العَرُوض، وهي مكة والمدينة واليمن وما
حولها؛ قال لبيد:
نُقاتِلُ ما بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما
أَي ما بين مكة واليمن. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يقال: أَخذ فلان في
عَروضٍ ما تُعْجِبُني أَي في طريق وناحية؛ قال التَّغْلَبيّ:
لكلِّ أُناسٍ، مِنْ مَعَدٍّ، عَمارةٍ،
عَرُوضٌ، إِليها يَلْجَؤُونَ، وجانِبُ
يقول: لكل حَيّ حِرْز إِلا بني تَغْلِبَ فإِن حِرْزَهم السُّيوفُ،
وعَمارةٍ خفض لأَنه بدل من أُناس، ومن رواه عُروضٌ، بضم العين، جعله جمع عَرْض
وهو الجبل، وهذا البيت للأَخنس بن شهاب.
والعَرُوضُ: المكانُ الذي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وقولهم: فلان رَكُوضٌ
بلا عَرُوضٍ أَي بلا حاجة عَرَضت له.
وعُرْضُ الشيء، بالضم: ناحِيتُه من أَي وجه جِئْتَه. يقال: نظر إِليه
بعُرْضِ وجهه. وقولهم: رأَيتُه في عرض الناس أَي هو من العامة
(* قوله «في
عرض الناس أَي هو من العامة» كذا بالأصل، والذي في الصحاح: في عرض الناس
أَي فيما بينهم، وفلان من عرض الناس أَي هو من العامة.). قال ابن سيده:
والعَرُوضُ مكة والمدينة، مؤنث. وفي حديث عاشوراء: فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا
أَهلَ العَرُوضِ؛ قيل: أَراد مَنْ بأَ كنافِ مكة والمدينة. ويقال
للرَّساتِيقِ بأَرض الحجاز الأَعْراضُ، واحدها عِرْضٌ؛ بالكسر، وعَرَضَ الرجلُ
إِذا أَتَى العَرُوضَ وهي مكة والمدينة وما حولهما؛ قال عبد يغوث بن
وقّاص الحارثي:
فَيا راكِبَا إِمّا عَرَضْتَ، فَبَلِّغا
نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لا تَلاقِيا
قال أَبو عبيد: أَراد فيا راكباه للنُّدْبة فحذف الهاء كقوله تعالى: يا
أَسَفَا على يوسف، ولا يجوز يا راكباً بالتنوين لأَنه قصد بالنداء راكباً
بعينه، وإِنما جاز أَن تقول يا رجلاً إِذا لم تَقْصِدْ رجلاً بعينه
وأَردت يا واحداً ممن له هذا الاسم، فإِن ناديت رجلاً بعينه قلت يا رجل كما
تقول يا زيد لأَنه يَتَعَرَّفُ بحرف النداء والقصد؛ وقول الكميت:
فأَبْلِغْ يزيدَ، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذِراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا
يعني إِن مَرَرْتَ به. ويقال: أَخَذْنا في عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يعني
طريقاً في هبوط. ويقال: سِرْنا في عِراضِ القوم إِذا لم تستقبلهم ولكن جئتهم
من عُرْضِهم؛ وقال ابن السكيت في قول البَعِيثِ:
مَدَحْنا لها رَوْقَ الشَّبابِ فَعارَضَتْ
جَنابَ الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال: عارَضَتْ أَخَذَتْ في عُرْضٍ أَي ناحيةٍ منه.
جَنابُ الصِّبا أَي جَنْبُهُ. وقال غيره: عارضت جناب الصِّبا أَي دخلت
معنا فيه دخولاً ليست بمُباحِتةٍ، ولكنها تُرينا أَنها داخلة معنا وليست
بداخلة. في كاتم السرّ أَعْجما أَي في فعل لا يَتَبَيَّنُه مَن يَراه، فهو
مُسْتَعْجِمٌ عليه وهو واضح عندنا.
وبَلَدٌ ذو مَعْرَضٍ أَي مَرْعىً يُغْني الماشية عن أَن تُعْلَف.
وعَرَّضَ الماشيةَ: أَغناها به عن العَلَف. والعَرْضُ والعارِضُ: السَّحابُ
الذي يَعْتَرِضُ في أُفُقِ السماء، وقيل: العَرْضُ ما سدَّ الأُفُق، والجمع
عُروضٌ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَرِقْتُ له حتى إِذا ما عُروضُه
تَحادَتْ، وهاجَتْها بُروقٌ تُطِيرُها
والعارِضُ: السَّحابُ المُطِلُّ يَعْتَرِض في الأُفُقِ. وفي التنزيل في
قضية قوم عادٍ: فلما رأَوْه عارِضاً مستقبل أَوديتهم قالوا هذا عارض
مُمْطِرنا؛ أَي قالوا هذا الذي وُعِدْنا به سحاب فيه الغيث، فقال اللّه
تعالى: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أَليم، وقيل: أَي ممطر لنا لأَنه
معرفة لا يجوز أَن يكون صفة لعارض وهو نكرة، والعرب إِنما تفعل مثل هذا في
الأَسماء المشتقة من الأَفعال دون غيرها؛ قال جرير:
يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَعْرِفُكم،
لاقَى مُباعَدَةً مِنْكم وحِرْمانَا
ولا يجوز أَن تقول هذا رجل غلامنا. وقال أَعرابي بعد عيد الفطر: رُبَّ
صائِمِه لن يصومه وقائمه لن يقومه فجعله نعتاً للنكرة وأَضافه إِلى
المعرفة. ويقال للرِّجْلِ العظيم من الجراد: عارِضٌ. والعارِضُ: ما سَدَّ
الأُفُق من الجراد والنحل؛ قال ساعدة:
رأَى عارِضاً يَعْوي إِلى مُشْمَخِرَّةٍ،
قَدَ احْجَمَ عَنْها كلُّ شيءٍ يَرُومُها
ويقال: مَرَّ بنا عارِضٌ قد مَلأَ الأُفق. وأَتانا جَرادٌ عَرْضٌ أَي
كثير. وقال أَبو زيد: العارِضُ السَّحابةُ تراها في ناحية من السماء، وهو
مثل الجُلْبِ إِلا أَن العارِضَ يكون أَبيض والجُلْب إِلى السواد.
والجُلْبُ يكون أَضْيَقَ من العارِضِ وأَبعد.
ويقال: عَرُوضٌ عَتُودٌ وهو الذي يأْكل الشجر بِعُرْضِ شِدْقِه.
والعَرِيضُ من المِعْزَى: ما فوق الفَطِيمِ ودون الجَذَع. والعَرِيضُ:
الجَدْي إِذا نزا، وقيل: هو إِذا أَتَى عليه نحو سنة وتناول الشجر والنبت،
وقيل: هو الذي رَعَى وقَوِيَ، وقيل: الذي أَجْذَعَ. وفي كتابه لأَقْوالِ
شَبْوَةَ: ما كان لهم من مِلْكٍ وعُرْمانٍ ومَزاهِرَ وعِرْضانٍ؛
العِرْضانُ: جمع العَرِيضِ وهو الذي أَتَى عليه من المعَز سنة وتناولَ الشجر
والنبت بِعُرْضِ شِدْقِه، ويجوز أَن يكون جمعَ العِرْضِ وهو الوادي الكثير
الشجر والنخيل. ومنه حديث سليمان، عليه السلام: أَنه حَكَمَ في صاحب الغنم
أَن يأْكل من رِسْلِها وعِرْضانِها. وفي الحديث: فَتَلَقَّتْه امرأَة
معها عَرِيضانِ أَهْدَتهما له، ويقال لواحدها عَروضٌ أَيضاً، ويقال
للعَتُودِ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ: عَرِيضٌ، والجمع عِرْضانٌ وعُرْضانٌ؛
قال الشاعر:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ ييْعَرُ حَوْلَه،
وباتَ يُسَقِّينا بُطُونَ الثَّعالِبِ
قال ابن بري: أَي يَسْقِينا لبناً مَذِيقاً كأَنه بطون الثعالب. وعنده
عَرِيضٌ أَي جَدْي؛ ومثله قول الآخر:
ما بالُ زَيْدٍ لِحْية العَرِيضِ
ابن الأَعرابي: إِذا أَجْذَعَ العَنَاقُ والجَدْيُ سمي عَرِيضاً
وعَتُوداً، وعَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فاته النبتُ اعْتَرَضَ الشوْكَ بِعُرْضِ
فيه.والعَنَمُ تَعْرُضُ الشوك: تَناوَلُ منه وتأْكُلُه، تقول منه: عَرَضَتِ
الشاةُ الشوكَ تَعْرُضُه والإِبلُ تَعْرُضُ عَرْضاً. وتَعْتَرِضُ:
تَعَلَّقُ من الشجر لتأْكله. واعْتَرَضَ البعيرُ الشوك: أَكله، وبَعِيرٌ
عَرُوضٌ: يأْخذه كذلك، وقيل: العَرُوضُ الذي إِن فاتَه الكَلأُ أَكل الشوك.
وعَرَضَ البعِيرُ يَعْرُضُ عَرْضاً: أَكلَ الشجر من أَعراضِه. قال ثعلب: قال
النضر بن شميل: سمعت أَعرابيّاً حجازيّاً وباع بعيراً له فقال: يأْكل
عَرْضاً وشَعْباً؛ الشعْبُ: أَن يَهْتَضِمَ الشجر من أَعْلاه، وقد تقدّم.
والعريضُ من الظِّباء: الذي قد قارَبَ الإِثْناءَ. والعرِيضُ، عند أَهل
الحجاز خاصة: الخَصِيُّ، وجمعه عِرْضانٌ وعُرْضانٌ. ويقال: أَعْرَضْتُ
العرضان إِذا خصيتها، وأَعرضتُ العرضان إِذا جعلتها للبيع، ولا يكون العرِيضُ
إِلا ذكراً.
ولَقِحَتِ الإِبلُ عِراضاً إِذا عارَضَها فَحْلٌ من إِبل أُخرى. وجاءت
المرأَة بابن عن مُعارَضةٍ وعِراضٍ إِذا لم يُعْرَفْ أَبوه. ويقال
للسَّفِيحِ: هو ابن المُعارَضةِ. والمُعارَضةُ: أَن يُعارِضَ الرجلُ المرأَةَ
فيأْتِيَها بلا نِكاح ولا مِلْك. والعَوارِضُ من الإِبل: اللَّواتي يأْكلن
العِضاه عُرْضاً أَي تأْكله حيث وجدته؛ وقول ابن مقبل:
مَهارِيقُ فَلُّوجٍ تَعَرَّضْنَ تالِيا
معناه يُعَرِّضُهُنَّ تالٍ يَقْرَؤُهُنَّ فَقَلَبَ. ابن السكيت: يقال ما
يَعْرُضُكَ لفلان، بفتح الياء وضم الراء، ولا تقل مل يُعَرِّضك،
بالتشديد.
قال الفراء: يقال مَرَّ بي فلان فما عَرَضْنا له، ولا تَعْرِضُ له ولا
تَعْرَضُ له لغتان جيّدتان، ويقال: هذه أَرضُ مُعْرَضةٌ يَسْتَعْرِضُها
المالُ ويَعْتَرِضُها أَي هي أَرض فيها نبت يرعاه المال إِذا مرَّ فيها.
والعَرْضُ: الجبَل، والجمع كالجمع، وقيل: العَرْضُ سَفْحُ الجبل
وناحيته، وقيل: هو الموضع الذي يُعْلى منه الجبل؛ قال الشاعر:
كما تَدَهْدَى مِن العَرْضِ الجَلامِيدُ
ويُشَبَّه الجيش الكثيف به فيقال: ما هو إِلاَّ عَرْضٌ أَي جبل؛ وأَنشد
لرؤبة:
إِنَّا، إِذا قُدْنا لِقَوْمٍ عَرْضا،
لم نُبْقِ مِن بَغْي الأَعادي عِضّا
والعَرْضُ: الجيْشُ الضَّخْمُ مُشَبَّهٌ بناحية الجبل، وجمعه أَعراضٌ.
يقال: ما هو إِلا عَرْضٌ من الأَعْراضِ، ويقال: شُبِّه بالعَرْضِ من
السَّحاب وهو ما سَدَّ الأُفُق. وفي الحديث: أَن الحجاج كان على العُرْضِ
وعنده ابن عمر؛ كذا روي بالضم؛ قال الحربي: أَظنه أَراد العُروضَ جَمْعَ
العَرْضِ وهو الجَيْش.
والعَرُوضُ: الطريقُ في عُرْض الجبل، وقيل: هو ما اعتَرَضَ في مَضِيقٍ
منه، والجمع عُرُضٌ. وفي حديث أَبي هريرة: فأَخذ في عَرُوضٍ آخر أَي في
طريق آخر من الكلام. والعَرُوضُ من الإِبل: التي لم تُرَضْ؛ أَنشد ثعلب
لحميد:
فما زالَ سَوْطِي في قِرابي ومِحْجَني،
وما زِلْتُ منه في عَرُوضٍ أَذُودُها
وقال شمر في هذا البيت أَي في ناحية أُدارِيه وفي اعْتِراضٍ.
واعْتَرَضَها: رَكِبَها أَو أَخَذَها رَيِّضاً. وقال الجوهري: اعتَرَضْتُ البعير
رَكِبْتُه وهو صَعْبٌ.
وعَرُوضُ الكلام: فَحْواهُ ومعناه. وهذه المسأَلة عَرُوضُ هذه أَي
نظيرُها. ويقال: عرفت ذلك في عَرُوضِ كلامِه ومَعارِضِ كلامِه أَي في فَحْوَى
كلامه ومعنى كلامه.
والمُعْرِضُ: الذي يَسْتَدِينُ ممَّن أَمْكَنَه من الناس. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، أَنه خَطَبَ فقال: إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ
جُهَيْنَةَ رَضِيَ من دِينِه وأَمانَتِه بأَن يقال سابِقُ الحاجِّ فادّان
مُعْرِضاً فأَصْبَحَ قَدْ رِينَ به، قال أَبو زيد: فادّانَ مُعْرِضاً يعني
اسْتَدانَ معرضاً وهو الذي يَعْرِضُ للناسِ فَيَسْتَدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه.
وقال الأَصمعي في قوله فادّانَ مُعْرِضاً أَي أَخذَ الدين ولم يُبالِ
أَن لا يُؤَدِّيه ولا ما يكون من التَّبِعة. وقال شمر: المُعْرِضُ ههنا
بمعنى المُعْتَرِض الذي يَعْتَرِضُ لكل من يُقْرِضُه، والعرب تقول: عَرَضَ
لي الشيء وأَعْرَضَ وتَعَرَّضَ واعْتَرَضَ بمعنى واحد. قال ابن الأَثير:
وقيل إِنه أَراد يُعْرِضُ إِذا قيل له لا تسْتَدِنْ فلا يَقْبَلُ، مِن
أَعْرَضَ عن الشيء إِذا ولاَّه ظهره، وقيل: أَراد مُعْرِضاً عن الأَداءِ
مُوَليِّاً عنه. قال ابن قتيبة: ولم نجد أَعْرَضَ بمعنى اعتَرَضَ في كلام
العرب، قال شمر: ومن جعل مُعْرِضاً ههنا بمعنى الممكن فهو وجه بعيد لأَن
مُعْرِضاً منصوب على الحال من قولك فادّان، فإِذا فسرته أَنه يأْخذه ممن
يمكنه فالمُعْرِضُ هو الذي يُقْرِضُه لأَنه هو المُمْكِنُ، قال: ويكون
مُعْرِضاً من قولك أَعْرَضَ ثوبُ المَلْبَس أَي اتَّسَعَ وعَرُضَ؛ وأَنشد
لطائِيٍّ في أَعْرَضَ بمعنى اعْتَرَضَ:
إِذا أَعْرَضَتْ للناظِرينَ، بَدا لهمْ
غِفارٌ بأَعْلى خَدِّها وغُفارُ
قال: وغِفارٌ مِيسَمٌ يكون على الخد. وعُرْضُ الشيء: وسَطُه وناحِيتُه.
وقيل: نفْسه. وعُرْضُ النهر والبحر وعُرْضُ الحديث وعُراضُه: مُعْظَمُه،
وعُرْضُ الناسِ وعَرْضُهم كذلك، قال يونس: ويقول ناس من العرب: رأَيته في
عَرْضِ الناس يَعْنُونَ في عُرْضٍ. ويقال: جرى في عُرْض الحديث، ويقال:
في عُرْضِ الناس، كل ذلك يوصف به الوسط؛ قال لبيد:
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّعا
مَسْجُورَةً مُتَجاوِراً قُلاَّمُها
وقول الشاعر:
تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِه طامِياً،
كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصالٍ نِصالا
يصِفُ ماءً صار رِيشُ الطيرِ فوقه بعْضُه فوق بعض كما تَعْرِضُ نصْلاً
فوق نَصْلٍ.
ويقال: اضْرِبْ بهذا عُرْضَ الحائِط أَي ناحيته. ويقال: أَلْقِه في
أَيِّ أَعْراضِ الدار شئت، ويقال: خذه من عُرْضِ الناس وعَرْضِهم أَي من أَي
شِقٍّ شِئتَ. وعُرْضُ السَّيْفِ: صَفْحُه، والجمع أَعْراضٌ. وعُرْضا
العُنُق: جانباه، وقيل: كلُّ جانبٍ عُرْضٌ. والعُرْضُ: الجانب من كل شيء.
وأَعْرَضَ لك الظَّبْي وغيره: أَمْكَنَكَ مِن عُرْضِه، ونظر إِليه مُعارَضةً
وعن عُرْضٍ وعن عُرُضٍ أَي جانب مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. وكل شيءٍ أَمكنك من
عُرْضه، فهو مُعْرِضٌ لك. يقال: أَعْرَضَ لك الظبي فارْمِه أَي وَلاَّك
عُرْضه أَي ناحيته. وخرجوا يضربون الناس عن عُرْضٍ أَي عن شقّ وناحية لا
يبالون مَن ضرَبوا؛ ومنه قولهم: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط أَي اعتَرِضْه
حيث وجدت منه أَيَّ ناحية من نواحيه. وفي الحديث: فإِذا عُرْضُ وجهِه
مُنْسَحٍ أَي جانبه. وفي الحديث: فَقَدَّمْتُ إِليه الشَّرابَ فإِذا هو
يَنِشُّ، فقال: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط. وفي الحديث: عُرِضَتْ عليّ الجنةُ
والنار آنِفاً في عُرْضِ هذا الحائط؛ العُرض، بالضم: الجانب والناحية من
كل شيء. وفي الحديث، حديث الحَجّ: فأَتَى جَمْرةَ الوادي فاستَعْرَضَها
أَي أَتاها من جانبها عَرْضاً
(* قوله: عَرضاً بفتح العين؛ هكذا في الأصل
وفي النهاية، والكلام هنا عن عُرض بضم العين.). وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: سأَل عَمْرَو بن مَعْدِ يكَرِبَ عن علة بن حالد
(* قوله «علة بن
حالد» كذا بالأصل، والذي في النهاية: علة بن جلد.) فقال: أُولئِكَ فَوارِسُ
أَعراضِنا وشِفاءُ أَمراضِنا؛ الأَعْراضُ جَمْعُ عُرْضٍ وهو الناحية أَي
يَحْمونَ نَواحِينَا وجِهاتِنا عن تَخَطُّفِ العدوّ، أَو جمع عَرْضٍ وهو
الجيش، أَو جمع عِرْضٍ أَي يَصونون ببلائِهم أَعراضَنا أَن تُذَمّ
وتُعابَ.
وفي حديث الحسن: أَنه كان لا يَتَأَثَّم من قتل الحَرُورِيِّ
المُسْتَعْرِضِ؛ هو الذي يَعْتَرِضُ الناسَ يَقْتُلُهُم. واسْتَعْرَضَ الخَوارِجُ
الناسَ: لم يُبالوا مَن قَتَلُوه، مُسْلِماً أَو كافِراً، من أَيّ وجهٍ
أَمكَنَهم، وقيل: استَعْرَضوهم أَي قَتَلوا من قَدَرُوا عليه وظَفِرُوا
به.وأَكَلَ الشيءَ عُرْضاً أَي مُعْتَرِضاً. ومنه الحديث، حديث ابن
الحنفية: كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً أَي اعتَرِضْه يعني كله واشتره ممن وجَدْتَه
كيفما اتَّفق ولا تسأَل عنه أَمِنْ عَمَلِ أَهلِ الكتابِ هو أَمْ مِنْ
عَمَلِ المَجُوس أَمْ مَنْ عَمَلِ غيرهم؛ مأْخوذ من عُرْضِ الشيء وهو ناحيته.
والعَرَضُ: كثرة المال.
والعُراضةُ: الهَدِيّةُ يُهْدِيها الرجل إِذا قَدِمَ من سفَر.
وعَرَّضَهم عُراضةً وعَرَّضَها لهم: أَهْداها أَو أَطعَمَهم إِيّاها. والعُراضةُ،
بالضم: ما يعَرِّضُه المائرُ أَي يُطْعِمُه من الميرة. يقال: عَرِّضونا
أَي أَطعِمونا من عُراضَتِكم؛ قال الأَجلح بن قاسط:
يَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ
حَمْراءَ مِنْ مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ
قال ابن بري: وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ، يقول: إِن هذه الناقة
تتقدّم الحادي والإِبل فلا يلحقها الحادي فتسير وحدها، فيسقُط الغراب على
حملها إِن كان تمراً أَو غيره فيأْكله، فكأَنها أَهدته له وعَرَّضَتْه.
وفي الحديث: أَن ركباً من تجّار المسلمين عَرَّضوا رسولَ اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه عنه، ثياباً بيضاً أَي أَهْدَوْا
لهما؛ ومنه حديث معاذ: وقالت له امرأَته وقد رجع من عمله أَين ما جئت به
مما يأْتي به العُمّال من عُراضةِ أَهْلِهم؟ تريد الهَدِيّة. يقال:
عَرَّضْتُ الرجل إِذا أَهديت له. وقال اللحياني: عُراضةُ القافل من سفره
هَدِيَّتُه التي يُهْدِيها لصبيانه إِذا قَفَلَ من سفره. ويقال: اشتر عُراضة
لأَهلك أَي هدية وشيئاً تحمله إِليهم، وهو بالفارسية راهْ آورَدْ؛ وقال أَبو
زيد في العُراضةِ الهَدِيّةِ: التعرِيضُ ما كان من مِيرةٍ أَو زادٍ بعد
أَن يكون على ظهر بعير. يقال: عَرِّضونا أَي أَطْعِمونا من ميرتكم. وقال
الأَصمعي: العُراضة ما أَطْعَمَه الرّاكِبُ من استطعمه من أَهل المياه؛
وقال هِمْيانُ:
وعَرَّضُوا المَجْلِسَ مَحْضاً ماهِجَا
أَي سَقَوْهُم لبناً رَقِيقاً. وفي حديث أَبي بكر وأَضْيافِه: وقد
عُرِضُوا فأَبَوْا؛ هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه أُطْعِمُوا
وقُدِّمَ لَهم الطّعامُ، وعَرَّضَ فلان إِذا دام على أَكل العَرِيضِ، وهو
الإِمَّرُ. وتَعَرَّضَ الرّفاقَ: سأَلَهم العُراضاتِ. وتَعَرَّضْتُ
الرّفاقَ أَسْأَلُهُم أَي تَصَدَّيْتُ لهم أَسأَلهم. وقال اللحياني:
تَعَرَّضْتُ مَعْروفَهم ولِمَعْرُوفِهم أَي تَصَدَّيْتُ.
وجعلت فلاناً عُرْضةً لكذا أَي نَصَبْتُه له.
والعارِضةُ: الشاةُ أَو البعير يُصِيبه الداء أَو السبع أَو الكسر
فَيُنْحَرُ. ويقال: بنو فلان لا يأْكلون إِلا العَوارِض أَي لا ينحرون الإِبل
إِلا من داء يُصِيبها، يَعِيبُهم بذلك، ويقال: بنو فلان أَكَّالُونَ
لِلْعَوارِضِ إِذا لم يَنْحَرُوا إِلا ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كسْرٌ خوفاً
أَن يموت فلا يَنْتَفِعُوا به، والعرب تُغَيِّرُ بأَكله. ومنه الحديث:
أَنه بعث بُدْنَه مع رجل فقال: إِنْ عُرِضَ لها فانْحَرْها أَي إِن أَصابَها
مرض أَو كسر. قال شمر: ويقال عَرَضَتْ من إِبل فلان عارِضةٌ أَي
مَرِضَتْ وقال بعضهم: عَرِضَتْ، قال: وأَجوده عَرَضَتْ؛ وأَنشد:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ،
فَلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وعَرَضَتِ الناقةُ أَي أَصابها كسر أَو آفة. وفي الحديث: لكم في الوظيفة
الفَرِيضةُ ولكم العارِضُ؛ العارض المريضة، وقيل: هي التي أَصابها كسر.
يقال: عرضت الناقة إِذا أَصابها آفةٌ أَو كسر؛ أَي إِنا لا نأْخُذُ ذاتَ
العَيْب فَنَضُرَّ بالصدَقةِ. وعَرَضَت العارِضةُ تَعْرُضُ عَرْضاً:
ماتتْ من مَرَض. وتقول العرب إِذا قُرِّبَ إِليهم لحم: أَعَبيطٌ أَم عارضة؟
فالعَبيط الذي يُنحر من غير علة، والعارضة ما ذكرناه.
وفلانة عُرْضةٌ للأَزواج أَي قويّة على الزوج. وفلان عُرْضةٌ للشرّ أَي
قوي عليه؛ قال كعب بن زهير:
مِنْ كلِّ نَضَّاخةِ الذفْرَى، إِذا عَرِقَتْ،
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
وكذلك الاثنان والجَمع؛ قال جرير:
وتلْقَى حبالى عُرْضةً لِلْمراجِمِ
(* قوله «وتلقى إلخ» كذا بالأصل.)
ويروى: جبالى. وفُلانٌ عُرْضةٌ لكذا أَي مَعْرُوضٌ له؛ أَنشد ثعلب:
طَلَّقْتهنّ، وما الطلاق بِسُنّة،
إِنّ النِّساءَ لَعُرْضةُ التَّطْلِيقِ
وفي التنزيل: ولا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضةً لأَيْمانِكم أَنْ تَبَرُّوا
وتتقوا وتُصْلِحُوا؛ أَي نَصْباً لأَيْمانِكُم. الفراء: لا تجعلوا الحلف
باللّه مُعْتَرِضاً مانِعاً لكم أَن تَبَرُّوا فجعل العُرْضةَ بمعنى
المُعْتَرِض ونحو ذلك، قال الزجاج: معنى لا تجعلوا اللّه عرضة لأَيمانكم
أَنّ موضع أَن نَصْبٌ بمعنى عُرْضةً، المعنى لا تَعْتَرِضُوا باليمين باللّه
في أَن تَبَرُّوا، فلما سقطت في أَفْضَى معنى الاعْتِراضِ فَنَصَبَ أَن،
وقال غيره: يقال هم ضُعَفاءُ عُرْضةٌ لكل مَتَناوِلٍ إِذا كانوا نُهْزةً
لكل من أَرادهم. ويقال: جَعَلْتُ فلاناً عُرْضةً لكذا وكذا أَي نَصَبْته
له؛ قال الأَزهري: وهذا قريب مما قاله النحويون لأَنه إِذا نُصِبَ فقد
صار معترضاً مانعاً، وقيل: معناه أَي نَصْباً معترضاً لأَيمانكم كالغَرَض
الذي هو عُرضةٌ للرُّماة، وقيل: معناه قوّةٌ لأَيمانكم أَي تُشَدِّدُونها
بذكر اللّه. قال: وقوله عُرْضةً فُعْلة من عَرَضَ يَعْرِضُ. وكل مانِعٍ
مَنَعَك من شغل وغيره من الأَمراضِ، فهو عارِضٌ. وقد عَرَضَ عارِضٌ أَي
حال حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ ومنه يقال: لا تَعْرِضْ ولا تَعْرَض لفلان أَي
لا تَعْرِض له بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه ويذهب مذهبه.
ويقال: سلكت طَريق كذا فَعَرَضَ لي في الطريق عارض أَي جبل شامخ قَطَعَ
عَليَّ مَذْهَبي على صَوْبي. قال الأَزهري: وللعُرْضةِ معنى آخر وهو الذي
يَعْرِضُ له الناس بالمكروه ويَقَعُونَ فيه؛ ومنه قول الشاعر:
وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً
يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ
أَي نَصْباً للقبائل يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وقال الليث:
فلان عُرْضةٌ للناس لا يَزالون يَقَعُونَ فيه.
وعَرَضَ له أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بنفسه. وعَرِضَتْ له
الغولُ وعَرَضَت، بالكسر والفتح، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ.
والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وقيل: هو أَن يَرْكَبَ رأْسه من
النَّخْوة. ورجل عُرْضِيٌّ: فيه عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ
وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ في الفرس: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. ويقال: عَرَضَ
الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً في عَدْوِه؛ قال رؤبة:
يَعْرِضُ حتى يَنْصِبَ الخَيْشُوما
وذلك إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مائلاً. والعُرُضُ، مُثَقَّل:
السيرُ في جانب، وهو محمود في الخيل مذموم في الإِبل؛ ومنه قول حميد:
مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ،
يُصْبِحْنَ في القَفْرِ أتاوِيّاتِ
(* قوله «معترضات إلخ» كذا بالأصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما
هنا.)
أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وقيل في قوله في هذا الرجز: إِن اعتراضهن
ليس خلقة وإِنما هو للنشاط والبغي. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ في سيره لأَنه لم
تتم رياضته بعد. وناقة عُرْضِيَّةٌ: فيها صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ:
الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وناقة عُرْضِيَّة: لم تَذِلّ كل
الذُّلِّ، وجمل عُرْضِيٌّ: كذلك؛ وقال الشاعر:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ
وفي حديث عمر وصف فيه نفسه وسِياسَته وحُسْنَ النظر لرعيته فقال، رضي
اللّه عنه: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ؛
قال شمر: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ من الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ
وسَطُها التي يُحْمَلُ عليها ثم تُساقُ وسط الإِبل المحمَّلة، وإِن ركبها
رجل مضت به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لراكبها، قال: إِنما أَزجر العَرُوضَ
لأَنها تكون آخر الإِبل؛ قال ابن الأَثير: العَرُوض، بالفتح، التي تأْخذ
يميناً وشمالاً ولا تلزم المحجة، يقول: أَضربه حتى يعود إِلى الطريق،
جعله مثلاً لحسن سياسته للأُمة. وتقول: ناقة عَرَوضٌ وفيها عَرُوضٌ وناقة
عُرْضِيَّةٌ وفيها عُرْضِيَّةٌ إِذا كانت رَيِّضاً لم تذلل. وقال ابن
السكيت: ناقة عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بعض الرياضة ولم تَسْتَحْكِم؛ وقال شمر في
قول ابن أَحمر يصف جارية:
ومَنَحْتُها قَوْلي على عُرْضِيَّةٍ
عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ
قال ابن الأَعرابي: شبهها بناقة صعبة في كلامه إِياها ورفقه بها. وقال
غيره: مَنَحْتُها أَعَرْتُها وأَعطيتها. وعُرْضِيَّةٍ: صُعوبة فكأَن كلامه
ناقة صعبة. ويقال: كلمتها وأَنا على ناقة صعبة فيها اعتراض.
والعُرْضِيُّ: الذي فيه جَفاءٌ واعْتِراضٌ؛ قال العجاج:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُّ
والمِعْراضُ، بالكسر: سهم يُرْمَى به بلا ريش ولا نَصْل يَمْضِي عَرْضاً
فيصيب بعَرْضِ العود لا بحده. وفي حديث عَدِيّ قال: قلت للنبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَرْمي بالمِعْراضِ فَيَخْزِقُ، قال: إِنْ خَزَقَ فَكُلْ
وإِن أَصابَ بعَرضِه فلا تَأْكُلْ، أَراد بالمِعْراضِ سهماً يُرْمَى به
بلا رِيش، وأَكثر ما يصيب بعَرْض عُوده دون حَدِّه.
والمَعْرِضُ: المَكانُ الذي يُعْرَضُ فيه الشيءُ. والمِعْرَضُ: الثوب
تُعْرَضُ فيه الجارية وتُجَلَّى فيه، والأَلفاظ مَعارِيضُ المَعاني، من
ذلك، لأَنها تُجَمِّلُها.
والعارِضُ: الخَدُّ، يقال: أَخذ الشعر من عارِضَيْهِ؛ قال اللحياني:
عارِضا الوجه وعَرُوضَاه جانباه. والعارِضانِ: شِعاً الفَم، وقيل: جانبا
اللِّحية؛ قال عدي بن زيد:
لا تُؤاتِيكَ، إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجْـ
ـهَدَ في العارِضَيْنِ مِنْك القَتِير
والعَوارِضُ: الثَّنايا سُميت عَوارِضَ لأَنها في عُرْضِ الفَم.
والعَوارِضُ: ما وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ من الأَسنان، وقيل: هي أَرْبع أَسْنان
تَلي الأَنيابَ ثم الأَضْراسُ تَلي العَوارِضَ؛ قال الأَعشى:
غَرَّاء فَرْعاء مَصْقُول عَوارِضُها،
تَمْشِي الهُوَيْنا كما يَمْشي الوجِي الوَحِلُ
وقال اللحياني: العَوارِضُ من الأَضْراسِ، وقيل: عارِضُ الفَمِ ما يبدو
منه عند الضحك؛ قال كعب:
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ، إِذا ابْتَسَمَتْ،
كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
يَصِفُ الثَّنايا وما بعدها أَي تَكْشِفُ عن أَسْنانها. وفي الحديث: أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لتنظر إِلى امرأَة
فقال: شَمِّي عَوارِضَها، قال شمر: هي الأَسنان التي في عُرْضِ الفم وهي
ما بين الثنايا والأَضراس، واحدها عارضٌ، أَمَرَها بذلك لتَبُورَ به
نَكْهَتَها وريح فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خبيث. وامرأَة نقِيَّةُ العَوارِض أَي
نقِيَّةُ عُرْضِ الفم؛ قال جرير:
أَتَذْكرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيْها،
بِفَرْعِ بَشامةِ، سُقيَ البَشامُ
قال أَبو نصر: يعني به الأَسنان ما بعد الثنايا، والثنايا ليست من
العَوارِضِ. وقال ابن السكيت: العارِضُ النابُ والضِّرْسُ الذي يليه؛ وقال
بعضهم: العارِضُ ما بين الثنية إِلى الضِّرْس واحتج بقول ابن مقبل:
هَزِئَتْ مَيّةُ أَنْ ضاحَكْتُها،
فَرَأَتْ عارِضَ عَوْدٍ قد ثَرِمْ
قال: والثَّرَمُ لا يكون في الثنايا
(* قوله «لا يكون في الثنايا» كذا
بالأصل، وبهامشه صوابه: لا يكون إِلا في الثنايا اهـ. وهو كذلك في الصحاح
وشرح ابن هشام لقصيد كعب بن زهير، رضي اللّه عنه.)، وقيل: العَوارِضُ ما
بين الثنايا والأَضراس، وقيل: العوارض ثمانية، في كل شِقٍّ أَربعةٌ فوق
وأَربعة أَسفل، وأَنشد ابن الأَعرابي في العارضِ بمعنى الأَسنان:
وعارِضٍ كجانبِ العِراقِ،
أَبَنْت بَرّاقاً مِنَ البَرّاقِ
العارِضُ: الأَسنان، شبه استِواءَها باستواء اسفل القرْبة، وهو العِراقُ
للسيْرِ الذي في أَسفل القِرْبة؛ وأَنشد أَيضاً:
لَمَّا رأَيْنَ دَرَدِي وسِنِّي،
وجَبْهةً مِثْلَ عِراقِ الشَّنِّ،
مِتُّ عليهن، ومِتْنَ مِنِّي
قوله: مُتّ عليهن أَسِفَ على شبابه، ومتن هُنّ من بغضي؛ وقال يصف
عجوزاً:تَضْحَكُ عن مِثْلِ عِراقِ الشَّنِّ
أَراد بِعِراقِ الشَّنِّ أَنه أَجْلَحُ أَي عن دَرادِرَ اسْتَوَتْ
كأَنها عِراقُ الشَّنِّ، وهي القِرْبةُ. وعارِضةُ الإِنسان: صَفْحتا خدّيه؛
وقولهم فلان خفيف العارِضَيْنِ يراد به خفة شعر عارضيه. وفي الحديث: من
سَعادةِ المرءِ خِفّة عارِضَيْه؛ قال ابن الأَثير: العارِضُ من اللحية ما
يَنْبُتُ على عُرْضِ اللَّحْيِ فوق الذقَن. وعارِضا الإِنسان: صفحتا خدّيه،
وخِفَّتُهما كناية عن كثرة الذكرِ للّه تعالى وحركتِهما به؛ كذا قال
الخطابي. وقال: قال ابن السكيت فلان خفيف الشفَةِ إِذا كان قليل السؤال
للناس، وقيل: أَراد بخفة العارضين خفة اللحية، قال: وما أَراه مناسباً.
وعارضةُ الوجه: ما يبدو منه. وعُرْضا الأَنف، وفي التهذيب: وعُرْضا أَنْفِ
الفرس مُبْتَدَأُ مُنْحَدَرِ قصَبته في حافتيه جميعاً. وعارِضةُ الباب:
مِساكُ العِضادَتَيْنِ من فوق مُحاذِيةً للأُسْكُفّةِ. وفي حديث عمرو بن
الأَهتم قال للزبْرِقانِ: إِنه لشديد العارضةِ أَي شدِيد الناحيةِ ذو جَلَدٍ
وصَرامةٍ، ورجل شديدُ العارضةِ منه على المثل. وإِنه لذُو عارضةٍ وعارضٍ
أَي ذُو جلَدٍ وصَرامةٍ وقُدْرةٍ على الكلام مُفَوّهٌ، على المثل أَيضاً.
وعَرَضَ الرجلُ: صار ذا عارضة. والعارضةُ: قوّةُ الكلامِ وتنقيحه
والرأْيُ الجَيِّدُ. والعارِضُ: سَقائِفُ المَحْمِل. وعوارِضُ البيتِ: خشَبُ
سَقْفِه المُعَرَّضةُ، الواحدة عارِضةٌ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها:
نَصَبْتُ على باب حُجْرتي عَباءةً مَقْدَمَه من غَزاة خَيْبَرَ أَو
تَبُوكَ فهَتَكَ العَرْضَ حتى وقَع بالأَرض؛ حكى ابن الأَثير عن الهرويّ قال:
المحدثون يروونه بالضاد، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت
عَرْضاً إِذا أَرادوا تسقيفه ثم تُلْقى عليه أَطرافُ الخشَب القِصار، والحديث
جاء في سنن أَبي داود بالضاد المعجمة، وشرحه الخطابي في المَعالِم، وفي
غريب الحديث بالصاد المهملة، قال: وقال الراوي العَرْص وهو غلط، وقال
الزمخشري: هو العَرْصُ، بالصاد المهملة، قال: وقد روي بالضاد المعجمة لأَنه
يوضع على البيت عَرْضاً.
والعِرَضُّ: النَّشاطُ أَو النَّشِيطُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي
محمد الفقعسي:
إِنّ لَها لَسانِياً مِهَضّا،
على ثَنايا القَصْدِ، أَوْ عِرَضّا
الساني: الذي يَسْنُو على البعير بالدلو؛ يقول: يَمُرُّ على مَنْحاتِه
بالغَرْبِ على طريق مستقيمة وعِرِضَّى من النَّشاطِ، قال: أَو يَمُرُّ على
اعْتراضٍ من نَشاطِه. وعِرِضّى، فِعِلَّى، من الاعْتراضِ مثل الجِيَضِّ
والجِيِضَّى: مَشْيٌ في مَيَلٍ. والعِرَضَّةُ والعِرَضْنةُ: الاعْتِراضُ
في السير من النَّشاطِ. والفرس تَعْدُو العِرَضْنى والعِرَضْنةَ
والعِرَضْناةَ أَي مُعْتَرِضةً مَرَّةً من وجه ومرّة من آخر. وناقة عِرَضْنةٌ،
بكسر العين وفتح الراء: مُعْتَرِضةٌ في السير للنشاط؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
تَرِدْ بِنا، في سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ،
مِنْها عِرَضْناتٌ عِراضُ الأَرْنُبِ
العِرْضْناتُ ههنا: جمع عِرَضْنةٍ، وقال أَبو عبيد: لا يقال عِرَضْنةٌ
إِنما العِرَضْنةُ الاعْتراضُ. ويقال: فلان يَعْدو العِرَضْنةَ، وهو الذي
يَسْبِقُ في عَدْوه، وهو يمشي العِرَضْنى إِذا مَشَى مِشْيةً في شقّ فيها
بَغْيٌ من نَشاطه؛ وقول الشاعر:
عِرَضْنةُ لَيْلٍ ففي العِرَضْناتِ جُنَّحا
أَي من العِرَضْناتِ كما يقال رجل من الرجال. وامرأَة عِرَضْنةٌ: ذهبت
عَرْضاً من سِمَنِها. ورجل عِرْضٌ وامرأَة عِرْضةٌ وعِرْضَنٌ وعِرْضَنةٌ
إِذا كان يَعْتَرِضُ الناس بالباطل. ونظرت إِلى فلان عِرَضْنةً أَي
بِمُؤَخَّر عَيْني. ويقال في تصغير العِرَضْنى عُرَيْضِنٌ تَثْبُتُ النونُ
لأَنها ملحقة وتحذف الياء لأَنها غير ملحقة.
وقال أَبو عمرو: المُعارِضُ من الإِبلِ العَلُوقُ وهي التي ترأَم
بأَنْفِها وتَمْنَعُ دَرَّها. وبعير مُعارِضٌ إِذا لم يَسْتَقم في
القِطار.والإِعْراضُ عن الشيء: الصدُّ عنه. وأَعْرَضَ عنه: صَدّ. وعَرَضَ لك
الخيرُ يَعْرِضُ عُروضاً وأَعْرَضَ: أَشْرَفَ. وتَعَرَّضَ مَعْرُوفَه وله:
طَلَبَه؛ واستعمل ابن جني التَّعْرِيضَ في قوله: كان حَذْفُه أَو
التَّعْرِيضُ لحَذْفِه فساداً في الصنْعة.
وعارَضَه في السير: سار حِياله وحاذاه. وعارَضَه بما صَنَعَه: كافأَه.
وعارض البعيرُ الريحَ إِذا لم يستقبلها ولم يستدبرها.
وأَعْرَض الناقةَ على الحوض وعَرَضَها عَرْضاً: سامَها أَن تشرب،
وعَرَضَ عَلَيّ سَوْمَ عالّةٍ: بمعنى قول العامة عَرْضَ سابِرِيّ. وفي المثل:
عَرْضَ سابِرِيّ، لأَنه يُشترى بأَوّل عَرْض ولا يُبالَغُ فيه. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ: بدا. وعُرَضَّى: فُعَلَّى من الإِعْراضِ، حكاه سيبويه.
ولقِيه عارِضاً أَي باكِراً، وقيل: هو بالغين معجمة. وعارضاتُ الوِرْد
أَوّله؛ قال:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ قَبْلَ شفاهِهِمْ،
لَهُمْ عارِضات الوِرْدِ شُمُّ المَناخِرِ
لهم منهم؛ يقول: تقَع أُنوفُهم في الماء قبل شِفاههم في أَوّل وُرُودِ
الوِرْدِ لأَن أَوّله لهم دون الناس.
وعَرَّضَ لي بالشيء: لم يُبَيِّنْه.
وتَعَرُضَ: تعَوَّجَ. يقال: تعرَّض الجملُ في الجبَل أَخَذ منه في
عَرُوضٍ فاحتاج أَن يأْخذ يميناً وشمالاً لصعوبة الطريق؛ قال عبد اللّه ذو
البِجادين المزنيُّ وكان دليلَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، يخاطب ناقته
وهو يقودُها به، صلّى اللّه عليه وسلّم، على ثَنِيّةِ رَكوبةَ، وسمي ذا
البِجادَيْنِ لأَنه حين أَراد المسير إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
قطعت له أُمّه بِجاداً باثنين فَأْتَزَرَ بواحد وارْتَدى بآخَر:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرَّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هو أَبُو القاسِمِ فاسْتَقِيمي
ويروى: هذا أَبو القاسم. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي
الثنايا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الجوزاء تمر على جنب
مُعارضةً ليست بمستقيمة في السماء؛ قال لبيد:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قال ابن الأَثير: شبهها بالجوزاء لأَنها تمرّ معترضة في السماء لأَنها
غير مستقيمة الكواكب في الصورة؛ ومنه قصيد كعب:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ في مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ.
وعَرَّضَ لفلان وبه إِذا قال فيه قولاً وهو يَعِيبُه. الأَصمعي: يقال
عَرَّضَ لي فلان تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بالشيء ولم يبيِّن. والمَعارِيضُ من
الكلام: ما عُرِّضَ به ولم يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه
ومَعارِيضُه: كلام يُشْبِهُ بعضهُ بعضاً في المعاني كالرجل تَسْأَله: هل
رأَيت فلاناً؟ فيكره أَن يكذب وقد رآه فيقول: إِنَّ فلاناً لَيُرَى؛ ولهذا
المعنى قال عبد اللّه بن العباس: ما أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ
النَّعَم؛ ولهذا قال عبد اللّه بن رواحة حين اتهمته امرأَته في جارية له،
وقد كان حلف أَن لا يقرأَ القرآن وهو جُنب، فأَلَحَّتْ عليه بأَن يقرأَ
سورة فأَنشأَ يقول:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ،
وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ،
وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ،
ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قال: فرضيت امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هذا قرآناً فجعل ابن رواحة، رضي
اللّه عنه، هذا عَرَضاً ومِعْرَضاً فراراً من القراءة.
والتعْرِيضُ: خلاف التصريح. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بالشيء عن
الشيء. وفي المثل، وهو حديث مخرّج عن عمران بن حصين، مرفوع: إِنَّ في
المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عن الكذب أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جمع مِعْراضٍ من
التعريضِ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَمَا في المَعارِيض ما يُغْني المسلم
عن الكذب؟ وفي حديث ابن عباس: ما أُحب بمَعارِيضِ الكلام حُمْر النعَم.
ويقال: عَرّض الكاتبُ إِذا كتب مُثَبِّجاً ولم يبين الحروف ولم يُقَوِّمِ
الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي للشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه،
بتَيماءَ، حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ في خِطْبةِ المرأَة في عدّتها: أَن يتكلم بكلام يشبه
خِطْبتها ولا يصرّح به، وهو أَن يقول لها: إِنك لجميلة أَو إِن فيك لبقِيّة
أَو إِن النساء لمن حاجتي. والتعريض قد يكون بضرب الأَمثال وذكر الأَلغاز
في جملة المقال. وفي الحديث: أَنه قال لعَديّ ابن حاتم إِن وِسادَكَ
لعَرِيضٌ، وفي رواية: إِنك لعَريضُ القَفا، كَنى بالوِساد عن النوم لأَن
النائم يتَوَسَّدُ أَي إِن نومك لطويل كثير، وقيل: كنى بالوساد عن موضع
الوساد من رأْسه وعنقه، وتشهد له الرواية الثانية فإِنّ عِرَضَ القفا كناية عن
السِّمَن، وقيل: أَراد من أَكل مع الصبح في صومه أَصبح عَريضَ القفا
لأَن الصوم لا يؤثِّر فيه.
والمُعَرَّضةُ من النساء: البكر قبل أَن تُحْجَبَ وذلك أَنها تُعْرَضُ
على أَهل الحيّ عَرْضةً لِيُرَغِّبُوا فيها مَنْ رَغِبَ ثم يَحْجبونها؛
قال الكميت:
لَيالِيَنا إِذْ لا تزالُ تَرُوعُنا،
مُعَرَّضةٌ مِنْهُنَّ بِكْرٌ وثَيِّبُ
وفي الحديث: من عَرَّضَ عَرَّضْنا له، ومن مَشى على الكَلاّءِ
أَلْقَيْناه في النهر؛ تفسيرُه: من عَرَّضَ بالقَذْف عَرَّضْنا له بتأْديب لا
يَبْلُغُ الحَدّ، ومن صرح بالقذف برُكُوبه نهر الحَدّ أَلقيناه في نهر الحدّ
فحَدَدْناه؛ والكلاَّء مَرْفأُ السفُن في الماء، وضرب المشي على الكلاَّء
مثلاً للتعريض للحدّ بصريح القذف.
والعَرُوضُ: عَرُوضُ الشعر وهي فَواصِلُ أَنصاف الشعْر وهو آخر النصف
الأَول من البيت، أُنْثَى، وكذلك عَرُوض الجبل، وربما ذُكِّرتْ، والجمع
أَعارِيضُ على غير قياس، حكاه سيبويه، وسمي عَرُوضاً لأَن الشعر يُعْرَضُ
عليه، فالنصف الأَول عَروضٌ لأَن الثاني يُبْنى على الأَول والنصف الأَخير
الشطر، قال: ومنهم من يجعل العَروضَ طَرائق الشعْر وعَمُودَه مثل الطويل
يقول هو عَرُوضٌ واحد، واخْتِلافُ قَوافِيه يسمى ضُرُوباً، قال: ولكُلٍّ
مقَالٌ؛ قال أَبو إِسحق: وإِنما سمي وسط البيت عَرُوضاً لأَن العروض وسط
البيت من البِناء، والبيتُ من الشعْر مَبنيّ في اللفظ على بناء البيت
المسكون للعرب، فَقِوامُ البيت من الكلام عَرُوضُه كما أَنّ قِوامَ البيت من
الخِرَقِ العارضةُ التي في وسطه، فهي أَقْوَى ما في بيت الخرق، فلذلك
يجب أَن تكون العروض أَقوى من الضرْب، أَلا ترى أَن الضُّروبَ النقصُ فيها
أَكثر منه في الأَعارِيض؟ والعَرُوضُ: مِيزانُ الشعْر لأَنه يُعارَضُ
بها، وهي مؤنثة ولا تجمع لأَنها اسم جنس.
وفي حديث خديجة، رضي اللّه عنها: أَخاف أَن يكون عُرِضَ له أَي عَرَضَ
له الجنّ وأَصابَه منهم مَسٌّ. وفي حديث عبد الرحمن بن الزَّبِيرِ
وزَوجتِه: فاعتُرِضَ عنها أَي أَصابَه عارض من مرَضٍ أَو غيره منَعَه عن
إِتيانها. ومضى عَرْضٌ من الليل أَي ساعةٌ.
وعارِضٌ وعرِيضٌ ومُعْتَرِضٌ ومُعَرِّضٌ ومُعْرِضٌ: أَسماء؛ قال:
لَوْلا ابْن حارِثةَ الأَميرُ لَقَدْ
أَغْضَيْتُ مِنْ شَتْمي على رَغْمي
(* قوله «لولا ابن حارثة الأمير لقد» كذا بالأصل.)
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّر بَكْرَه
عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
الكاف فيه زائدة وتقديره إِلا مُعْرِضاً. وعُوارضٌ، بضم العين: جبَل أَو
موضع؛ قال عامرُ بن الطُّفَيْل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارضاً،
ولأُقْبِلَنَّ الخيْلَ لابةَ ضَرْغَدِ
أَي بِقَناً وبعُوارِضٍ، وهما جبلان؛ قال الجوهري: هو ببلاد طيّء وعليه
قبر حاتم؛ وقال فيه الشماخ:
كأَنَّها، وقد بَدا عُوارِضُ،
وفاضَ من أَيْدِيهِنّ فائضُ
وأَدَبِيٌّ في القَتامِ غامِضُ،
وقِطْقِطٌ حيثُ يَحُوضُ الحائضُ
والليلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،
بجَلْهةِ الوادِي، قَطاً نَواهِضُ
والعَرُوضُ: جبل؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيّة:
أَلمْ نَشْرِهمْ شَفْعاً، وتُتْرَكَ منْهُمُ بجَنْبِ العَرُوضِ رِمّةٌ
ومَزاحِفُ؟
والعُرَيْضُ، بضم العين، مصغر: وادٍ بالمدينة به أَموالٌ لأَهلها؛ ومنه
حديث أَبي سفيان: أَنه خرَج من مكة حتى بلغ العُرَيْضَ، ومنه الحديث
الآخر: ساقَ خَلِيجاً من العُرَيْضِ. والعَرْضِيُّ: جنس من الثياب.
قال النضر: ويقال ما جاءكَ من الرأْي عَرَضاً خير مما جاءك
مُسْتَكْرَهاً أَي ما جاءك من غير رَوِيَّةٍ ولا فِكْر. وقولهم: عُلِّقْتُها عَرَضاً
إِذا هَوِيَ امرأَةً أَي اعْتَرَضَتْ فرآها بَغْتة من غير أَن قَصَد
لرؤيتها فَعَلِقَها من غير قصدٍ؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلاً
غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرى غيْرَها الرجُلُ
وقال ابن السكيت في قوله عُلِّقْتُها عرَضاً أَي كانت عرَضاً من
الأَعْراضِ اعْتَرَضَني من غير أَن أَطْلُبَه؛ وأَنشد:
وإِمّا حُبُّها عَرَضٌ، وإِمّا
بشاشةُ كلِّ عِلْقٍ مُسْتَفاد
يقول: إِما أَن يكون الذي من حبها عرَضاً لم أَطلبه أَو يكون عِلْقاً.
ويقال: أَعرَض فلان أَي ذهَب عرْضاً وطولاً. وفي المثلِ: أَعْرَضْتَ
القِرْفةَ، وذلك إِذا قيل للرجل: من تَتَّهِمُ؟ فيقول: بني فلانة للقبيلة
بأَسْرِها. وقوله تعالى: وعَرَضْنا جهنم يومئذ للكافرين عَرْضاً؛ قال
الفراء: أَبرزناها حتى نظر إِليها الكفار، ولو جَعَلْتَ الفِعْلَ لها زدْتَ
أَلفاً فقلت: أَعْرَضَتْ هي أَي ظَهَرَتْ واستبانت؛ قال عمرو بن كلثوم:
فأَعْرَضَتِ اليمامةُ، واشْمَخَرَّتْ
كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا
أَي أَبْدَتْ عُرْضَها ولاحَتْ جِبالُها للناظر إِليها عارِضةً.
وأَعْرَضَ لك الخير إِذا أَمْكَنكَ. يقال: أَعْرَضَ لك الظبْيُ أَي أَمْكَنكَ من
عُرْضِه إِذا وَلاَّك عُرْضَه أَي فارْمه؛ قال الشاعر:
أَفاطِمَ، أَعْرِضِي قَبْلَ المنايا،
كَفى بالموْتِ هَجْراً واجْتِنابا
أَي أَمكِني. ويقال: طَأْ مُعْرِضاً حيث شئت أَي ضَعْ رجليك حيث شئت أَي
ولا تَتَّق شيئاً قد أَمكن ذلك. واعْتَرَضْتُ البعير: رَكِبْتُه وهو
صَعْبٌ. واعْتَرضْتُ الشهر إِذا ابتدأْته من غير أَوله. ويقال: تَعَرَّضَ لي
فلان وعرَض لي يَعْرِضُ يَشْتِمُني ويُؤْذِيني. وقال الليث: يقال تعرَّض
لي فلان بما أَكره واعتَرَضَ فلان فلاناً أَي وقع فيه. وعارَضَه أَي
جانَبَه وعَدَلَ عنه؛ قال ذو الرمة:
وقد عارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كأَنَّه
قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافِرُ
ويقال: ضرَب الفحلُ الناقةَ عِراضاً، وهو أَن يقاد إِليها ويُعْرَضَ
عليها إِن اشْتَهَتْ ضرَبَها وإِلا فلا وذلك لكَرَمها؛ قال الراعي:
قلائِصُ لا يُلْقَحْنَ إِلاَّ يَعارةً
عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلاَّ غَوالِيا
ومثله للطرماح:
.......... ونِيلَتْ
حِينَ نِيلتْ يَعارةً في عِراضِ
أَبو عبيد: يقال لَقِحَتْ ناقةُ فلان عِراضاً، وذلك أَن يُعارِضَها
الفحلُ معارضةً فيَضْرِبَها من غير أَن تكون في الإِبل التي كان الفحلُ
رَسِيلاً فيها. وبعير ذو عِراضٍ: يُعارِضُ الشجر ذا الشوْكِ بفِيه. والعارِضُ:
جانِبُ العِراق؛ والعريضُ الذي في شعر امرئ القيس اسم جبل ويقال اسم
واد:
قَعَدْتُ له، وصُحْبتي بَيْنَ ضارِجٍ
وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ، فالعَرِيضِ
أَصابَ قُطَيَّاتٍ فَسالَ اللَّوى له،
فَوادي البَدِيّ فانْتَحى لليَرِيضِ
(* قوله «أصاب إلخ» كذا بالأصل، والذي في معجم ياقوت في عدة مواضع: أصاب قطاتين فسال لواهما)
وعارَضْتُه في المَسِير أَي سِرْتُ حياله وحاذَيْتُه. ويقال: عارض فلان
فلاناً إِذا أَخذ في طريق وأخذ في طريق آخر فالتقيا. وعارَضْتُه بمثل ما
صنع أَي أَتيت إِليه بمثل ما أَتى وفعلت مثل ما فعل.
ويقال: لحم مُعَرَّضُ للذي لم يُبالَغْ في إِنْضاجِه؛ قال السُّلَيْك بن
السُّلَكةِ السعدي:
سَيَكْفِيكَ ضَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّضٌ،
وماءُ قُدُورٍ في الجِفانِ مَشِيبُ
ويروى بالضاد والصاد. وسأَلته عُراضةَ مالٍ وعَرْضَ مال وعَرَضَ مالٍ
فلم يعطنيه. وقَوْسٌ عُراضةٌ أَي عَرِيضةٌ؛ قال أَبو كبير:
لَمّا رأى أَنْ لَيْسَ عنهمْ مَقْصَرٌ،
قَصَرَ اليَمِينَ بكلِّ أَبْيَضَ مِطْحَرِ
وعُراضةِ السِّيَتَينِ تُوبِعَ بَرْيُها،
تأْوي طَوائِفُها بعَجْسٍ عَبْهَرِ
تُوبِعَ بَرْيُها: جُعِلَ بعضه يشبه بعضاً. قال ابن بري: أَورده الجوهري
مفرداً. وعُراضةُ وصوابه وعُراضةِ، بالخفض وعلله بالبيت الذي قبله؛
وأَما قول ابن أَحمر:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هل أَبِيتَنَّ ليلةً
صَحيحَ السُّرى، والعِيسُ تَجْري عَرُوضُها
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها
قَطا الحَزْنِ، قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
ورَوْحةُ دُنْيا بَينَ حَيَّينِ رُحْتُها،
أُسِيرُ عَسِيراً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
أُسِيرُ أَي أُسَيِّرُ. ويقال: معناه أَنه ينشد قصيدتين: إِحداهما قد
ذَلَّلها، والأُخرى فيها اعتراضٌ؛ قال ابن بري: والذي فسّره هذا التفسير
روى الشعر:
أُخِبُّ ذَلُولاً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
قال: وهكذا روايته في شعره. ويقال: اسْتُعْرِضَتِ الناقةُ باللحمِ فهي
مُسْتَعْرَضَةٌ. ويقال: قُذِفَتْ باللحم ولُدِسَت إِذا سَمِنَتْ؛ قال ابن
مقبل:
قَبّاء قد لَحِقَتْ خَسِيسةُ سِنِّها،
واسْتُعْرِضَتْ ببَضِيعِها المُتَبَتِّرِ
قال: خسيسةُ سِنِّها حين بَزَلَتْ وهي أَقْصَى أَسنانها. وفلان
مُعْتَرِضٌ في خُلُقِه إِذا ساءَكَ كلُّ شيءٍ من أَمره. وناقة عُرْضةٌ للحِجارةِ
أَي قويّةٌ عليها. وناقة عُرْضُ أَسفارٍ أَي قويّة على السفَر، وعُرْضُ
هذا البعيرِ السفَرُ والحجارةُ؛ وقال المُثَقِّبُ العَبْديُّ:
أَو مائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلادُها
لَغْواً، وعُرْضُ المائةِ الجَلْمَدُ
(* قوله «أو مائة إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلمد بغير هذا الضبط
والصواب ما هنا.)
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَو مائةٍ، بالكسر، لأَن قبله:
إِلا بِبَدْرَى ذَهَبٍ خالِصٍ،
كلَّ صَباحٍ آخِرَ المُسْنَدِ
قال: وعُرْضُ مبتدأ والجلمد خبره أَي هي قوية على قطعه، وفي البيت
إِقْواء.
ويقال: فلان عُرْضةُ ذاك أَو عُرْضةٌ لذلك أَي مُقْرِنٌ له قويّ عليه.
والعُرْضةُ: الهِمَّةُ؛ قال حسان:
وقال اللّهُ: قد أَعْدَدْتُ جُنْداً،
هُمُ الأَنْصارُ عُرْضَتُها اللِّقاءُ
وقول كعب بن زهير:
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مجهول
قال ابن الأَثير: هو من قولهم بَعِيرٌ عُرْضةٌ للسفر أَي قويٌّ عليه،
وقيل: الأَصل في العُرْضةِ أَنه اسم للمفعول المُعْتَرَضِ مثل الضُّحْكة
والهُزْأَةِ الذي يُضْحَكُ منه كثيراً ويُهْزَأُ به، فتقول: هذا الغَرضُ
عُرْضَةٌ للسِّهام أَي كثيراً ما تَعْتَرِضُه، وفلانٌ عُرْضةٌ للكلام أَي
كثيراً ما يَعْتَرِضُه كلامُ الناس، فتصير العُرْضةُ بمعنى النَّصْب كقولك
هذا الرجل نَصْبٌ لكلام الناس، وهذا الغَرضُ نَصْبٌ للرُّماة كثيراً ما
تَعْتَرِضُه، وكذلك فلان عُرْضةٌ للشرِّ أَي نصب للشرّ قويٌّ عليه يعترضه
كثيراً. وقولهم: هو له دونه عُرْضةٌ إِذا كان يَتَعَرَّضُ له، ولفلان
عرضة يَصْرَعُ بها الناس، وهو ضرب من الحِيلةِ في المُصارَعَة.
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً
ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ
الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله
ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به
وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
شعر: شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً
ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عن
اللحياني، كله: عَلِمَ. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَرْتُ
بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، وحكي عن الكسائي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما
عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام
العرب.
ولَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك أَي
ليتني شَعَرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة
للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذَرَتِها وهو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء
مع الأَب خاصة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْرِي لفلان ما
صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان ما صنع، وليتَ شِعْرِي فلاناً ما صنع؛
وأَنشد:يا ليتَ شِعْرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ،
وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،
وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْـ
ـرٍو، ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وفي الحديث: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ أَي ليت علمي حاضر أَو محيط
بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير في كلامهم.
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه. وفي التنزيل: وما
يُشْعِرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم. وأَشْعَرْتُه
فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ به: عَقَلَه. وحكى اللحياني:
أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَرَ
لكذا إِذا فَطِنَ له، وشَعِرَ إِذا ملك
(* قوله: «وشعر إِذا ملك إِلخ»
بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس). عبيداً.
وتقول للرجل: اسْتَشْعِرْ خشية الله أَي اجعله شِعارَ قلبك.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره.
وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به. ويقال: أَشْعَرَه الحُبُّ مرضاً.
والشِّعْرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل
عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ،
والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد
شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على
تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من
الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض. وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ
المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ
ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم. وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً
وشَعُرَ، وقيل: شَعَرَ قال الشعر، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ ورجل شاعر،
والجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه
بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم
وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون
أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه. ويقال: شَعَرْتُ لفلان
أَي قلت له شِعْراً؛ وأَنشد:
شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ
على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ
ويقال: شَعَرَ فلان وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وهو الاسم، وسمي
شاعِراً لفِطْنَتِه. وما كان شاعراً، ولقد شَعُر، بالضم، وهو يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر. وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه،
بالفتح، أَي كان أَشْعر منه وغلبه. وشِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه:
أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول
سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من
المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ
من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب
أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس
قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ
بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن
صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً
من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم
لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب
شِعْر، وقال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد
قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من
قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا،
اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَشْعَرُ
منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ
البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه. وفي الحديث: قال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ
عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف ولا وَبَرٍ
للإِنسان وغيره، وجمعه أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الواحدة من
الشَّعْرِ، وقد يكنى بالشَّعْرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛ يقال
رأَى
(* قوله: «يقال رأى إلخ» هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله
ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والاساس). فلان الشَّعْرَة
إِذا رأَى الشيب في رأْسه. ورجل أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كثير شعر
الرأْس والجسد طويلُه، وقوم شُعْرٌ. ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار،
وأَعْنَقُ: طويل العُنق. وسأَلت أَبا زيد عن تصغير الشُّعُور فقال: أُشَيْعار،
رجع إِلى أَشْعارٍ، وهكذا جاء في الحديث: على أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.
ويقال للرجل الشديد: فلان أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد وإِن لم يكن
ثمّ شَعَرٌ؛ وكان زياد ابن أَبيه يقال له أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير
شعر الصدر؛ وفي الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَشْعَرُ بَرْكاً.
وفي حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر أَي الذي لم يحلق شعره
ولم يُرَجّلْهُ. وفي الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَشْعَرُ: أَي كثير الشعر
طويله. وشَعِرَ التيس وغيره من ذي الشعر شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وتيس
شَعِرٌ وأَشْعَرُ وعنز شَعْراءُ، وقد شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كلما
كثر شعره.
والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بالكسر: الشَّعَرُ النابت على عانة الرجل
ورَكَبِ المرأَة وعلى ما وراءها؛ وفي الصحاح: والشِّعْرَةُ، بالكسر، شَعَرُ
الرَّكَبِ للنساء خاصة. والشِّعْرَةُ: منبت الشِّعرِ تحت السُّرَّة،
وقيل: الشِّعْرَةُ العانة نفسها. وفي حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من
هذه إِلى هذه، أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قال: الشِّعْرَةُ،
بالكسر، العانة؛ وأَما قول الشاعر:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلاً كَرِيتاً،
على شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بالشعراء خُصْيَةً كثيرة الشعر النابت عليها؛ وقوله
تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت
النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها. وأَشْعَرَ الجنينُ في بطن أُمه وشَعَّرَ
واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عليه الشعر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ وأَنشد
ابن السكيت في ذلك:
كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ في الغِرْسِ
وكذلك تَشَعَّرَ. وفي الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ،
وهذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته. وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت
جنينها وعليه شَعَرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ وقال ابن هانئ في قوله:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيـ
ـطَ في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا
أَراد: كأَن السليط، وهو الزيت، في شهر هذا الفرس لصفائه. والشِّعارُ:
جمع شَعَرٍ، كما يقال جَبَل وجبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعر الفرس وهو
كأَنه مدهون بالسليط. والمُوَارِي في الحقيقة: الشِّعارُ. والمُوارَى: هو
الأَديم لأَن الشعر يواريه فقلب، وفيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت
من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم
الشعر لأَن الشعر ينبت من اللحم، وهو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛
يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم وينبت منه الشعر، وإِذا
كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن
كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله. وداهية شَعْراءُ
وداهية وَبْراءُ؛ ويقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها
شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أَشبههما وشَعَّرَه
وشَعَرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌّ مُشْعَرٌ
ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ. وأَشْعَرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالشَّعر،
وكذلك إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والشَّعِرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الشعر فَيَدْمَيانِ،
وقيل: هي التي تجد أُكالاً في رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها. والشَّعْرَاءُ:
الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الشعر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب.
والشَّعارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو
مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا
يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها ولزم مَدْرَجَ السيل؛ وقيل:
الشَّعار ما كان من شجر في لين ووَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ
وما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء ويستظلون به في القيظ. يقال: أَرض
ذات شَعارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعار، بكسر الشين،
قال: وكذا روي عن الأَصمعي مثل شِعار المرأَة؛ وأَما ابن السكيت فرواه
شَعار، بفتح الشين، في الشجر. وقال الرِّياشِيُّ: الشعار كله مكسور إِلا
شَعار الشجر. والشَّعارُ: مكان ذو شجر. والشَّعارُ: كثرة الشجر؛ وقال
الأَزهري: فيه لغتان شِعار وشَعار في كثرة الشجر. ورَوْضَة شَعْراء: كثيرة
الشجر. ورملة شَعْراء: تنبت النَّصِيَّ. والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ،
وقيل: هو مثل المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ وأَشْجار؛ قال ذو
الرمة يصف ثور وحش:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه،
إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: وإِن جعلت المَشْعَر
الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والشَّعْراء:
الشجر الكثير. والشَّعْراءُ: الأَرض ذات الشجر، وقيل: هي الكثيرة الشجر.
قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء الروضة يغم رأْسها الشجر وجمعها شُعُرٌ،
يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ.
والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والشَّعَرُ: النبات والشجر، على التشبيه
بالشَّعَر.
وشَعْرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها
شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء وأَدخل الأَلف واللام، كما قال زهير:
حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ
أَي حُجْنٌ مخالبُه. وفي حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ:
حتى أَضاء لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ؛ هو اسم جبل لهم.
وشَعْرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ من أَكْنافِ شَعْرٍ،
ولم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا
وقيل: هو شِعِرٌ. والأَشْعَرُ: جبل بالحجاز.
والشِّعارُ: ما ولي شَعَرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، والجمع
أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ. وفي المثل: هم الشَّعارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم
بالمودّة والقرب. وفي حديث الأَنصار: أَنتم الشَّعارُ والناس الدِّثارُ أَي
أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. والدثار: الثوب
الذي فوق الشعار. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في
شُعُرِنا؛ هي جمع الشِّعار مثل كتاب وكُتُب، وإِنما خصتها بالذكر لأَنها
أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ ومنه الحديث
الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُرِنا ولا في لُحُفِنا؛ إِنما امتنع من
الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شيء من دم الحيض، وطهارةُ الثوب شرطٌ في
صحة الصلاة بخلاف النوم فيها. وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم،
لَغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَشْعِرْنَها إِياه؛ فإِن أَبا
عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعرها،
وجمع الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والشِّعارُ: ما استشعرتْ به من
الثياب تحتها.
والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من
الإِنسان. وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لبسه؛ قال
طفيل:وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَبِ
وقال بعض الفصحاء: أَشْعَرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرَه وتَقَبُّلَ
طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،
يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والشِّعارُ: جُلُّ الفرس. وأَشْعَرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق
الشِّعارِ من الثياب بالجسد؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك. وكل ما أَلزقه
بشيء، فقد أَشْعَرَه به. وأَشْعَرَه سِناناً: خالطه به، وهو منه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا
من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع
يريد أَشعرت الذئب بالسهم؛ وسمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعاراً فقال:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عنها،
مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعارُ
ويقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد وشِعارٍ واحد، فكنت لها
شعاراً وكانت لك شعاراً. ويقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه:
ناوَمَتْهُ في شِعارٍ واحد. والشِّعارُ: العلامة في الحرب وغيرها.
وشِعارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه.
وفي الحديث: إِن شِعارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في
الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ وهو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر
بالإِماتة. واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ وقال
النابغة:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد آلْفَوْا، في دِيارهِمُ،
دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بشعارهم. وشِعارُ القوم:
علامتهم في السفر. وأَشْعَرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعاراً.
وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم؛ كلاهما عن اللحياني. والإِشْعارُ:
الإِعلام. والشّعارُ: العلامة. قالالأَزهري: ولا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلاَّ
من هذا لأَنها علامات له. وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وهو أَن يشق
جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه،
وقيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم ويعرف أَنها هَدْيٌ، وهو الذي
كان أَو حنيفة يكرهه وزعم أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَحق بالاتباع. وفي حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً رمى
الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُشْعِرَ أَميرُ
المؤمنين، ونادى رجلٌ آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ:
ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة. ولهب: قبيلة من اليمن فيهم
عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وتشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُشْعر أَمير
المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة
كما يشعر الهدي إِذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب
كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وتقول لِسُوقَةِ الناسِ:
قُتِلُوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المُشْعَرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية
الملوك؛ فلما قال الرجل: أُشْعِرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلاً
فيما توجه له من علم العيافة، وإِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما
يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه،
لما صَدَرَ من الحج قُتل. وفي حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَشْعَرَ
عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُشعر فلا سلب له، أَي طعنه حتى يدخل
السِّنانُ جوفه؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بحديدة؛
وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،
وقد أَشْعَرَاها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَشعراها: أَدمياها وطعناها؛ وقال الآخر:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ:
لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه
فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ به؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلاً فَجِيلاً، تَراهُمُ
شَعائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ
وفي حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَشعره. وفي حديث مَعْبَدٍ
الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَشْعَرْتَ ابني في
الناس أَي جعلته علامة فيهم وشَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في
البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ. والشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك
لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر. وشِعارُ الحج: مناسكه وعلاماته
وآثاره وأَعماله، جمع شَعيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز وجل
كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَن جبريل
أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم
بالتلبية فإِنها من شعائر الحج.
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ
(* قوله: «والشعارة» كذا بالأصل مضبوطاً
بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها). والمَشْعَرُ:
كالشِّعارِ. وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة. وقوله تعالى:
فاذكروا الله عند المَشْعَرِ الحرام؛ هو مُزْدَلِفَةُ، وهي جمعٌ تسمى
بهما جميعاً. والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي
المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو
المَشْعَرُ الحرام والمِشْعَرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام. وفي
التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا لا تُحِلُّوا شَعائرَ الله؛ قال الفرّاء:
كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما
فأَنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ وقيل:
شعائر الله مناسك الحج. وقال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات
الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف
أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم
شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر.
والمشاعر: مواضع المناسك. والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قال:
وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ
الغادية: السحابة التي تجيء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد. والأَشْعَرُ:
ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الشُّعَيْرات حَوالَي الحافر.
وأَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعر أَرساغه، والجمع أَشاعِرُ
لأَنه اسم. وأَشْعَرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ
الحافرِ مِثْلُه. وأَشْعَرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الشعر. وأَشاعِرُ الناقة:
جوانب حيائها. والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وقيل: هما ما يلي
الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، ولطرفيهما: الشُّفْرانِ،
وللذي بينهما: الأَشْعَرانِ. والأَشْعَرُ: شيء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ
كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني. والأَشْعَرُ: اللحم
تحت الظفر.
والشَّعِيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِيرَةٌ، وبائعه
شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مما بني على فاعِل ولا فَعَّال كما يغلب في هذا
النحو. وأَما قول بعضهم شِعِير وبِعِير ورِغيف وما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من
الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق.
والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الشَّعيرة تُدْخَلُ
في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين والنصل، وقد أَشْعَرَ
السكين: جعل لها شَعِيرة. والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الشعير على
هيئة الشعيرة. وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَارِيرَ
الذهب في رقبتها؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الشعير.
والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، وقيل: الشَّعْراء ذباب
يلسع الحمار فيدور، وقيل: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب
الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراءُ نوعان: للكلب شعراء معروفة، وللإِبل
شعراء؛ فأَما شعراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ ولا تمس
شيئاً غير الكلب، وأَما شَعْراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، وهي أَضخم
من شعراء الكلب، ولها أَجنحة، وهي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: وربما
كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يجتلبوا بالنهار ولا أَن
يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، وهي تلسع الإِبل في
مَراقِّ الضلوع وما حولها وما تحت الذنب والبطن والإِبطين، وليس يتقونها بشيء
إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، وهي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها
دَوِيّاً، قال الشماخ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ
مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
والجمع من كل ذلك شَعارٍ. وفي الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن
خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الشُّعْرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه؛
الشُّعْر، بضم الشين وسكن العين: جمع شَعْراءَ، وهي ذِبَّانٌ أَحمر، وقيل
أَزرق، يقع على الإِبل ويؤذيها أَذى شديداً، وقيل: هو ذباب كثير الشعر. وفي
الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها
انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الشَّعارِيرِ؛ هي بمعنى الشُّعْرِ، وقياس واحدها
شُعْرورٌ، وقيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ
تطايرتْ عنها.
والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، وجمعه كواحده. قال أَبو
حنيفة: الشَّعْراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق ولها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها
الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً. والشَّعْراءُ: فاكهة، جمعه
وواحده سواء.
والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، وقيل: ضرب من الحَمْضِ
أَخضر أَغبر.
والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، وقيل: هو نبت.
والشَّعارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْرُور. وفي الحديث: أَنه
أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعاريرُ؛ هي صغار القثاء. وذهبوا
شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْرُور،
وكذلك ذهبوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعارِيرَ
بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقَِدْحَرَّةَ
وقَِذْحَرَّةَ؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت
القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ
والأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد. والشَّعارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛
يقال: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وهذا لَعِبُ الشَّعاريرِ.
وقوله تعالى: وأنه هو رَبُّ الشِّعْرَى؛ الشعرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له
المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، وطلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب:
إِذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى. وهما الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ التي
في الجوزاء، والغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا
سُهَيْلٍ، وطلوع الشعرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ. وعبد الشِّعْرَى
العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ ويقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً
ولم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وأَنه هو رب الشعرى؛
أَي رب الشعرى التي تعبدونها، وسميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت
في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ.
والذي ورد في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً وما لي غير شَعْرَةٍ واحدة ثم
أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم
أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ.
وأَشْعَرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَشْعَرِيُّ، ويجمعون
الأَشعري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري:
والأَشْعَرُ أَبو قبيلة من اليمن، وهو أَشْعَرُ بن سَبَأ ابن يَشْجُبَ بن
يَعْرُبَ بن قَحْطانَ. وتقول العرب: جاء بك الأَشْعَرُونَ، بحذف ياءي
النسب.وبنو الشُّعَيْراءِ: قبيلة معروفة.
والشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ،
وهو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، والمُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة
مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك امرؤ القيس، وكان قد طلب منه أَن يبيعه
فرساً فأَبى فقال فيه:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي
عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن
معاوية بن الحرب بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ وقال
الشويعر مخاطباً لامرئ القيس:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،
وقد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما
بأَنَّ امْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَثيباً،
على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ
لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُهُ،
وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
والشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو
العباس ثعلب له:
وإِنَّ الذي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ،
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فسمي الشويعر بهذا البيت.
مسح: المَسْحُ: القول الحَسَنُ من الرجل، وهو في ذلك يَخْدَعُكَ، تقول:
مَسَحَه بالمعروف أَي بالمعروف من القول وليس معه إِعطاء، وإِذا جاء
إِعطاء ذهب المَسْحُ؛ وكذلك مَسَّحْتُه. والمَسْحُ: إِمراركَ يدك على الشيء
السائل أَو المتلطخ، تريد إِذهابه بذلك كمسحك رأْسك من الماء وجبينك من
الرَّشْح، مَسَحَه يَمْسَحُه مَسْحاً ومَسْحَه، وتَمَسَّح منه وبه. في حديث
فَرَسِ المُرابِطِ: أَنَّ عَلَفَه ورَوْثه ومَسْحاً عنه في ميزانه؛ يريد
مَسْحَ الترابِ عنه وتنظيف جلده. وقوله تعالى: وامْسَحُوا برؤُوسكم
وأَرجلكم إِلى الكعبين؛ فسره ثعلب فقال: نزل القرآن بالمَسْح والسنَّةُ
بالغَسْل، وقال بعض أَهل اللغة: مَنْ خفض وأَرجلكم فهو على الجِوارِ؛ وقال
أَبو إِسحق النحوي: الخفض على الجوار لا يجوز في كتاب الله عز وجل، وإِنما
يجوز ذلك في ضرورة الشعر، ولكن المسح على هذه القراءة كالغسل، ومما يدل
على أَنه غسل أَن المسح على الرجل لو كان مسحاً كمسح الرأْس، لم يجز تحديده
إِلى الكعبين كما جاز التحديد في اليدين إِلى المرافق؛ قال الله عز وجل:
فامسحوا برؤُوسكم؛ بغير تحديد في القرآن؛ وكذلك في التيمم: فامسحوا
بوجوهكم وأَيديكم، منه، من غير تحديد، فهذا كله يوجب غسل الرجلين. وأَما من
قرأَ: وأَرْجُلَكم، فهو على وجهين: أَحدهما أَن فيه تقديماً وتأْخيراً
كأَنه قال: فاغسلوا وجوهكم وأَيديكم إِلى المرافق، وأَرْجُلَكم إِلى
الكعبين، وامسحوا برؤُوسكم، فقدَّمَ وأَخَّرَ ليكون الوضوءُ وِلاءً شيئاً بعد
شيء، وفيه قول آخر: كأَنه أَراد: واغسلوا أَرجلكم إِلى الكعبين، لأَن قوله
إِلى الكعبين قد دل على ذلك كما وصفنا، ويُنْسَقُ بالغسل كما قال
الشاعر:يا ليتَ زَوْجَكِ قد غَدَا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
المعنى: متقلداً سيفاً وحاملاً رمحاً.
وفي الحديث: أَنه تَمَسَّحَ وصَلَّى أَي توضأ. قال ابن الأَثير: يقال
للرجل إِذا توضأ قد تَمَسَّحَ، والمَسْحُ يكون مَسْحاً باليد وغَسْلاً. وفي
الحديث: لما مَسَحْنا البيتَ أَحْللنا أَي طُفْنا به، لأَن من طاف
بالبيت مَسَحَ الركنَ، فصار اسماً للطواف.
وفلان يُتَمَسَّحُ بثوبه أَي يُمَرُّ ثوبُه على الأَبدان فيُتقرَّبُ به
إِلى الله. وفلان يُتَمَسَّحُ به لفضله وعبادته كأَنه يُتَقَرَّبُ إِلى
الله بالدُّنُوِّ منه.
وتماسَحَ القومُ إِذا تبايعوا فتَصافَقُوا. وفي حديث الدعاء للمريض:
مَسَحَ الله عنك ما بك أَي أَذهب. والمَسَحُ: احتراق باطن الركبة من
خُشْنَةِ الثوب؛ وقيل: هو أَن يَمَسَّ باطنُ إِحدى الفخذين باطنَ الأُخْرَى
فيَحْدُثَ لذلك مَشَقٌ وتَشَقُّقٌ؛ وقد مَسِحَ. قال أَبو زيد: إِذا كانت
إِحدى رُكْبَتَي الرجل تصيب الأُخرى قيل: مَشِقَ مَشَقاً ومَسِحَ، بالكسر،
مَسَحاً. وامرأَة مَسْحاء رَسْحاء، والاسم المَسَحُ؛ والماسِحُ من الضاغِطِ
إِذا مَسَحَ المِرْفَقُ الإِبِطَ من غير أَن يَعْرُكَه عَرْكاً شديداً،
وإِذا أَصاب المِرْفَقُ طَرَفَ كِرْكِرَة البعير فأَدماه قيل: به حازٌّ،
وإِن لم يُدْمِه قيل: به ماسِحٌ.
والأَمْسَحُ: الأَرْسَحُ؛ وقوم مُسْحٌ رُسْحٌ؛ وقال الأَخطل:
دُسْمُ العَمائمِ، مُسْحٌ، لا لُحومَ لهم،
إِذا أَحَسُّوا بشَّخْصٍ نابئٍ أَسِدُوا
وفي حديث اللِّعانِ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال في ولد
الملاعنة: إِن جاءت به مَمْسُوحَ الأَلْيَتَينِ؛ قال شمر: هو الذي لَزِقَتْ
أَلْيَتاه بالعظم ولم تَعْظُما؛ رجل أَمْسَحُ وامرأَة مَسْحاءُ وهي
الرَّسْحاء. وخُصًى مَمْسُوحٌ إِذا سُلِتَتْ مَذاكِيرُه. والمَسَحُ أَيضاً: نَقْصٌ
وقِصَرٌ في ذنب العُقابِ. وعَضُدٌ مَمْسوحة: قليلة اللحم. ورجل أَمْسَحُ
القَدَم والمرأَة مَسْحاء إِذا كانت قَدَمُه مستويةً لا أَخْمَصَ لها.
وفي صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: مَسِيحُ القدمين؛ أَراد أَنهما
مَلْساوانِ لَيِّنَتانِ ليس فيهما تَكَسُّرٌ ولا شُقاقٌ، إِذا أَصابهما الماء
نَبا عنهما.
وامرأَة مَسْحاءُ الثَّدْي إِذا لم يكن لثديها حَجْم. ورجل مَمْسوح
الوجه ومَسِيحٌ: ليس على أَحد شَقَّيْ وجهِه عين ولا حاجبٌ. والمَسِيحُ
الدَّجَّالُ: منه على هذه الصفة؛ وقيل: سمي بذلك لأَنه مَمْسوحُ العين.
الأَزهري: المَسِيحُ الأَعْوَرُ وبه سمي الدجال، ونحو ذلك قال أَبو
عبيد.ومَسَحَ في الأَرض يَمْسَحُ مُسُوحاً: ذهب، والصاد لغة، وهو مذكور في
موضعه. ومَسَحَتِ الإِبلُ الأَرضَ يومها دَأْباً أَي سارت فيها سيراً
شديداً.
والمَسيحُ: الصِّدِّيقُ وبه سمي عيسى، عليه السلام؛ قال الأَزهري: وروي
عن أَبي الهيثم أَن المَسِيحَ الصِّدِّيقُ؛ قال أَبو بكر: واللغويون لا
يعرفون هذا، قال: ولعل هذا كان يستعمل في بعض الأَزمان فَدَرَسَ فيما
دَرَسَ من الكلام؛ قال: وقال الكسائي: قد دَرَسَ من كلام العرب كثير. قال ابن
سيده: والمسيح عيسى بن مريم، صلى الله على نبينا وعليهما، قيل: سمي بذلك
لصدقه، وقيل: سمي به لأَنه كان سائحاً في الأَرض لا يستقرّ، وقيل: سمي
بذلك لأَنه كان يمسح بيده على العليل والأَكمه والأَبرص فيبرئه بإِذن
الله؛ قال الأَزهري: أُعرب اسم المسيح في القرآن على مسح، وهو في التوراة
مَشيحا، فعُرِّبَ وغُيِّرَ كما قيل مُوسَى وأَصله مُوشَى؛ وأَنشد:
إِذا المَسِيحُ يَقْتُل المَسِيحا
يعني عيسى بن مريم يقتل الدجال بنَيْزَكه؛ وقال شمر: سمي عيسى المَسِيحَ
لأَنه مُسِحَ بالبركة؛ وقال أَبو العباس: سمي مَسِيحاً لأَنه كان
يَمْسَحُ الأَرض أَي يقطعها. وروي عن ابن عباس: أَنه كان لا يَمْسَحُ بيده ذا
عاهة إِلاَّ بَرأَ، وقيل: سمي مسيحاً لأَنه كان أَمْسَحَ الرِّجْل ليس
لرجله أَخْمَصُ؛ وقيل: سمي مسيحاً لأَنه خرج من بطن أُمه ممسوحاً بالدهن؛
وقول الله تعالى: بكلِمةٍ منه اسمه المسيحُ؛ قال أَبو منصور: سَمَّى اللهُ
ابتداءَ أَمرِه كلمة لأَنه أَلقى إِليها الكلمةَ، ثم كَوَّنَ الكلمة
بشراً، ومعنى الكلمة معنى الولد، والمعنى: يُبَشِّرُكِ بولد اسمه المسيح.
والمسيحُ: الكذاب الدجال، وسمي الدجال، مسيحاً لأَن عينه ممسوحة عن أَن يبصر
بها، وسمي عيسى مسيحاً اسم خصَّه الله به، ولمسح زكريا إِياه؛ وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: المسيح بن مريم الصِّدِّيق، وضدُّ الصِّدِّيق
المسيحُ الدجالُ أَي الضِّلِّيلُ الكذاب. خلق الله المَسِيحَيْنِ: أَحدهما ضد
الآخر، فكان المسِيحُ بن مريم يبرئ الأَكمه والأَبرص ويحيي الموتى بإِذن
الله، وكذلك الدجال يُحْيي الميتَ ويُمِيتُ الحَيَّ ويُنْشِئُ السحابَ
ويُنْبِتُ النباتَ بإِذن الله، فهما مسيحان: مسيح الهُدَى ومسيح الضلالة؛
قال المُنْذِرِيُّ: فقلت له بلغني أَن عيسى إِنما سمي مسيحاً لأَنه مسح
بالبركة، وسمي الدجال مسيحاً لأَنه ممسوح العين، فأَنكره، وقال: إِنما
المسِيحُ ضدُّ المسِيحِ؛ يقال: مسحه الله أَي خلقه خلقاً مباركاً حسناً،
ومسحه الله أَي خلقه خلقاً قبيحاً ملعوناً. والمسِيحُ: الكذاب؛ ماسِحٌ
ومِسِّيحٌ ومِمْسَحٌ وتِمْسَحٌ؛ وأَنشد:
إِني، إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ
ذا نَخْوَةٍ أَو جَدَلٍ، بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذانٌ مِمْسَحُ
وفي الحديث: أَمَّا مَسِيحُ الضلالة فكذا؛ فدلَّ هذا الحديث على أَن
عيسى مَسِيحٌ الهُدَى وأَن الدجَّال مسيح الضلالة.
وروى بعض المحدّثين: المِسِّيح، بكسر الميم والتشديد، في الدجَّال بوزن
سِكِّيتٍ. قال ابن الأَثير: قال أَبو الهيثم: إِنه الذي مُسِحَ خَلْقُه
أَي شُوِّه، قال: وليس بشيء. وروي عن ابن عمر قال: قال رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، أَراني اللهُ رجلاً عند الكعبة آدَمَ كأَحْسَنِ من رأَيتُ،
فقيل لي: هو المسيح بن مريم، قال: وإِذا أَنا برجل جَعْدٍ قَطِطٍ أَعور
العين اليمنى كأَنها عِنَبَةٌ كافية، فسأَلت عنه فقيل: المِسِّيحُ
الدجَّال؛ على فِعِّيل.
والأَمْسَحُ من الأَرض: المستوي؛ والجمع الأَماسِح؛ وقال الليث:
الأَمْسَحُ من المفاوز كالأَمْلَسِ، وجمع المَسْحاء من الأَرض مَساحي؛ وقال أَبو
عمرو: المَسْحاء أَرض حمراء والوحْفاء السوداء؛ ابن سيده: والمَسْحاء
الأَرض المستوية ذاتُ الحَصَى الصِّغارِ لا نبات فيها، والجمع مِساحٌ
ومسَاحِي
(* قوله«والجمع مساح ومساحي» كذا بالأصل مضبوطاً ومقتضى قوله غلب
فكسر إلخ أن يكون جمعه على مساحي ومساحَى، بفتح الحاء وكسرها كما قال ابن
مالك وبالفعالي والفعالى جمعا صحراء والعذراء إلخ.)، غلب فكُسِّرَ تكسير
الأَسماء؛ ومكان أَمْسَحُ. قال الفراء: يقال مررت بخَرِيق من الأَرض بين
مَسْحاوَيْنِ؛ والخَرِيقُ: الأَرض التي تَوَسَّطَها النباتُ؛ وقال ابن
شميل: المَسْحاء قطعة من الأَرض مستوية جَرْداء كثيرة الحَصَى ليس فيها شجر
ولا تنبت غليظة جَلَدٌ تَضْرِبُ إِلى الصلابة، مثل صَرْحة المِرْبَدِ ليست
بقُفٍّ ولا سَهْلة؛ ومكان أَمْسَحُ.
والمَسِيحُ: الكثير الجماع وكذلك الماسِحُ.
والمِساحةُ: ذَرْعُ الأَرض؛ يقال: مَسَحَ يَمْسَحُ مَسْحاً.
ومَسَحَ الأَرضَ مِساحة أَي ذَرَعَها. ومَسَحَ المرأَة يَمْسَحُها
مَسْحاً ومَتَنَها مَتْناً: نكحها. ومَسَحَ عُنُقَه وبها يَمْسَحُ مَسْحاً:
ضربها، وقيل: قطعها، وقوله تعالى: رُدُّوها عليَّ فَطفِقَ مَسْحاً
بالسُّوقِ والأَعْناقِ؛ يفسر بهما جميعاً. وروى الأَزهري عن ثعلب أَنه قيل له:
قال قُطْرُبٌ يَمْسَحُها ينزل عليها، فأَنكره أَبو العباس وقال: ليس بشيء،
قيل له: فإِيْش هو عندك؟ فقال: قال الفراء وغيره: يَضْرِبُ أَعناقَها
وسُوقَها لأَنها كانت سبب ذنبه؛ قال الأَزهري: ونحو ذلك قال الزجاج وقال: لم
يَضْرِبْ سُوقَها ولا أَعناقَها إِلاَّ وقد أَباح الله له ذلك، لأَنه لا
يجعل التوبة من الذنب بذنب عظيم؛ قال: وقال قوم إِنه مَسَحَ أَعناقَها
وسوقها بالماء بيده، قال: وهذا ليس يُشْبِه شَغْلَها إِياه عن ذكر الله،
وإِنما قال ذلك قوم لأَن قتلها كان عندهم منكراً، وما أَباحه الله فليس
بمنكر، وجائز أَن يبيح ذلك لسليمان، عليه السلام، في وقتهِ ويَحْظُرَه في
هذا الوقت؛ قال ابن الأَثير: وفي حديث سليمان، عليه السلام: فطَفِقَ
مَسْحاً بالسوق والأَعناق؛ قيل: ضَرَبَ أَعناقَها وعَرْقَبها. يقال: مَسَحه
بالسيف أَي ضربه. ومَسَحه بالسيف: قَطَعَه؛ وقال ذو الرمة:
ومُسْتامةٍ تُسْتامُ، وهي رَخِيصةٌ،
تُباعُ بساحاتِ الأَيادِي، وتُمْسَحُ
مستامة: يعنني أَرضاً تَسُومُ بها الإِبلُ. وتُباعُ: تَمُدُّ فيها
أَبواعَها وأَيديَها. وتُمْسَحُ: تُقْطَع.
والماسحُ: القَتَّال؛ يقال: مَسَحَهم أَي قتلهم.
والماسحة: الماشطة.
والتماسُحُ: التَّصادُق.
والمُماسَحَة: المُلاينَة في القول والمعاشرة والقلوبُ غير صافية.
والتِّمْسَحُ: الذي يُلايِنُك بالقول وهو يَغُشُّك. والتِّمْسَحُ
والتِّمْساحُ من الرجال: المارِدُ الخبيث؛ وقيل: الكذاب الذي لا يَصْدُقُ
أَثَرَه يَكْذِبُكَ من حيث جاء؛ وقال اللحياني: هو الكذاب فَعَمَّ به.
والتَّمْساحُ: الكذب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
قد غَلَبَ الناسَ بَنُو الطَّمَّاحِ،
بالإِفْكِ والتَّكْذابِ والتَّمْساحِ
والتِّمْسَحُ والتِّمْساحُ: خَلْقٌ على شَكْل السُّلَحْفاة إِلاَّ أَنه
ضَخْم قويّ طويل، يكون بنيل مصر وبعض أَنهار السِّنْد؛ وقال الجوهري:
يكون في الماء.
والمَسِيحةُ: الذُّؤَابةُ، وقيل: هي ما نزل من الشَّعَرِ فلم يُعالَجْ
بدهن ولا بشيء، وقيل: المَسِيحةُ من رأْس الإِنسان ما بين الأُذن والحاجب
يَتَصَعَّد حتى يكون دون اليافُوخ، وقيل: هو ما وَقَعَتْ عليه يَدُ الرجل
إِلى أُذنه من جوانب شعره؛ قال:
مَسائِحُ فَوْدَيْ رأْسِه مُسْبَغِلَّةٌ،
جَرى مِسْكُ دارِينَ الأَحَّمُّ خِلالَها
وقيل: المَسائح موضعُ يَدِ الماسِح. الأَزهري عن الأَصمعي: المَسائح
الشعر؛ وقال شمر: هي ما مَسَحْتَ من شعرك في خدّك ورأْسك. وفي حديث عَمَّار:
أَنه دخل عليه وهو يُرَجِّل مَسائحَ من شَعَره؛ قيل: هي الذوائب وشعر
جانبي الرأْس. والمَسائحُ: القِسِيُّ الجِيادُ، واحدتها مَسِيحة؛ قال أَبو
الهيثم الثعلبي:
لها مَسائحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
لِينٌ، وليس بها وَهْنٌ ولا رَقَقُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده لنا مَسائح أَي لنا قِسِيٌّ. وزُورٌ: جمع
زَوْراء وهي المائلة. ومَراكِضُها: يريد مِرْكَضَيْها وهما جانباها من عن
يمين الوَتَرِ ويساره. والوَهْنُ والرَّقَقُ: الضَّعْف.
والمِسْحُ: البِلاسُ. والمِسْحُ: الكساء من الشَّعَر والجمع القليل
أَمْساح؛ قال أَبو ذؤَيب:
ثم شَرِبْنَ بنَبْطٍ، والجِمالُ كأَنْـ
ـنَ الرَّشْحَ، منهنَّ بالآباطِ، أَمْساحُ
والكثير مُسُوح.
وعليه مَسْحةٌ من جَمالٍ أَي شيء منه؛ قال ذو الرمة:
على وَجْهِ مَيٍّ مَسْحةٌ من مَلاحَةٍ،
وتحتَ الثِّيابِ الخِزْيُ، لو كان بادِيا
وفي الحديث عن إِسمعيل بن قيس قال: سمعت جَريراً يقول: ما رآني رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، مُنْذُ أَسلمت إِلا تَبَسَّم في وجهي؛ قال:
ويَطْلُع عليكم رجل من خيار ذي يَمَنٍ على وجهه مَسْحةُ مُلْكٍ. وهذا الحديث
في النهاية لابن الأَثير: يطلُع عليكم من هذا الفَجِّ رجلٌ من خير ذي
يَمَنٍ عليه مَسْحةُ مُلْك؛ فطلع جرير بن عبد الله. يقال: على وجهه مَسْحَة
مُلْك ومَسْحةُ جَمال أَي أَثر ظاهر منه. قال شمر: العرب تقول هذا رجل
عليه مَسْحةُ جَمال ومَسْحة عِتْقٍ وكَرَم، ولا يقال ذلك إِلا في المدح؛
قال: ولا يقال عليه مَسْحةُ قُبْح. وقد مُسِح بالعِتْقِ والكَرَم مَسْحاً؛
قال الكميت:
خَوادِمُ أَكْفاءٌ عليهنَّ مَسْحَةٌ
من العِتْقِ، أَبداها بَنانٌ ومَحْجِرُ
وقال الأَخطل يمدح رجلاً من ولد العباس كان يقال له المُذْهَبُ:
لَذٌّ، تَقَيَّلَهُ النعيمُ، كأَنَّما
مُسِحَت تَرائبُه بماءٍ مُذْهَبِ
الأَزهري: العرب تقول به مَسْحَة من هُزال وبه مَسْحَة من سِمَنٍ
وجَمال.والشيءُ المَمْسوحُ: القبيح المَشؤُوم المُغَيَّر عن خلقته. الأَزهري:
ومَسَحْتُ الناقةَ ومَسَّحْتُها أَي هَزَلْتُها وأَدْبَرْتُها.
والمَسِيحُ: المِنْديلُ الأَخْشَنُ. والمَسيح: الذِّراع. والمَسِيحُ
والمَسِيحةُ: القِطْعَةُ من الفضةِ. والدرهمُ الأَطْلَسُ مَسِيحٌ.
ويقال: امْتَسَحْتُ السيفَ من غِمْده إِذا اسْتَلَلْتَه؛ وقال سَلَمة بن
الخُرْشُبِ يصف فرساً:
تَعادَى، من قوائِمها، ثَلاثٌ،
بتَحْجِيلٍ، وواحِدةٌ بَهِيمُ
كأَنَّ مَسيحَتَيْ وَرِقٍ عليها،
نَمَتْ قُرْطَيْهما أُذُنٌ خَديمُ
قال ابن السكيت: يقول كأَنما أُلْبِسَتْ صَفِيحةَ فِضَّةٍ من حُسْن
لَوْنها وبَريقِها، قال: وقوله نَمَتْ قُرْطَيْهما أَي نَمَتِ القُرْطَيْنِ
اللذين من المَسيحَتَين أَي رفعتهما، وأَراد أَن الفضة مما يُتَّخَذُ
للحَلْيِ وذلك أَصْفَى لها. وأُذُنٌ خَديمٌ أَي مثقوبة؛ وأَنشد لعبد الله ابن
سلمة في مثله:
تَعْلى عليه مَسائحٌ من فِضَّةٍ،
وتَرى حَبابَ الماءِ غيرَ يَبِيسِ
أَراد صَفاءَ شَعْرَتِه وقِصَرَها؛ يقول: إِذا عَرِقَ فهو هكذا وتَرى
الماءَ أَوَّلَ ما يبدو من عَرَقه. والمَسيح: العَرَقُ؛ قال لبيد:
فَراشُ المَسِيحِ كالجُمانِ المُثَقَّبِ
الأَزهري: سمي العَرَق مَسِيحاً لأَنه يُمْسَحُ إِذا صُبَّ؛ قال الراجز:
يا رَيَّها، وقد بَدا مَسِيحي،
وابْتَلَّ ثَوْبايَ من النَّضِيحِ
والأَمْسَحُ: الذئب الأَزَلُّ. والأَمْسَحُ: الأَعْوَرُ الأَبْخَقُ لا
تكون عينه بِلَّوْرَةً. والأَمْسَحُ: السَّيَّارُ في سِياحتِه.
والأَمْسَحُ: الكذاب. وفي حديث أَبي بكر: أَغِرْ عليهم غارَةً مَسْحاءَ؛ هو فَعْلاء
من مَسَحَهم يَمْسَحُهم إِذا مَرَّ بهم مَرًّا خفيفاً لا يقيم فيه
عندهم.أَبو سعيد في بعض الأَخبار: نَرْجُو النَّصْرَ على من خالَفَنا
ومَسْحَةَ النِّقْمةِ على من سَعَى؛ مَسْحَتُها: آيَتُها وحِلْيَتُها؛ وقيل:
معناه أَن أَعناقهم تُمْسَحُ أَي تُقْطَفُ.
وفي الحديث: تَمَسَّحُوا بالأَرض فإِنها بكم بَرَّةٌ؛ أَراد به التيمم،
وقيل: أَراد مباشرة ترابها بالجِباه في السجود من غير حائل، ويكون هذا
أَمر تأْديب واستحباب لا وجوب. وفي حديث ابن عباس: إِذا كان الغلام يتيماً
فامْسَحُوا رأْسَه من أَعلاه إِلى مُقَدَّمِه، وإِذا كان له أَب فامسحوا
من مُقَدَّمه إِلى قفاه؛ وقال: قال أَبو موسى هكذا وجدته مكتوباً، قال:
ولا أَعرف الحديث ولا معناه. ولي حديث خيبر: فخرجوا بمَساحِيهم
ومَكاتِلِهم؛ المَساحِي: جمعُ مِسْحاةٍ وهي المِجْرَفَة من الحديد، والميم زائدة،
لأَنه من السَّحْوِ الكَشْفِ والإِزالة، والله أَعلم.
عمر: العَمْر والعُمُر والعُمْر: الحياة. يقال قد طال عَمْرُه وعُمْرُه،
لغتان فصيحتان، فإِذا أَقسموا فقالوا: لَعَمْرُك فتحوا لا غير، والجمع
أَعْمار. وسُمِّي الرجل عَمْراً تفاؤلاً أَن يبقى. والعرب تقول في
القسَم: لَعَمْرِي ولَعَمْرُك، يرفعونه بالابتداء ويضمرون الخبر كأَنه قال:
لَعَمْرُك قَسَمِي أَو يميني أَو ما أَحْلِفُ به؛ قال ابن جني: ومما يجيزه
القياس غير أَن لم يرد به الاستعمال خبر العَمْر من قولهم: لَعَمْرُك
لأَقومنّ، فهذا مبتدأٌ محذوف الخبر، وأَصله لو أُظهر خبره: لَعَمْرُك ما
أُقْسِمُ به، فصار طولُ الكلام بجواب القسم عِوَضاً من الخبر؛ وقيل: العَمْرُ
ههنا الدِّينُ؛ وأَيّاً كان فإِنه لا يستعمل في القسَم إِلا مفتوحاً.
وفي التنزيل العزيز: لَعَمْرُك إِنّهم لفي سَكْرتِهم يَعْمَهُون؛ لم يقرأْ
إِلا بالفتح؛ واستعمله أَبو خراش في الطير فقال:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيْرِ المُرِنّة عُذْرةً
على خالدٍ، لقد وَقَعْتَ على لَحْمِ
(* قوله: «عذرة» هكذا في الأصل).
أَي لحم شريف كريم. وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: لَعَمْرُك أَي
لحياتك. قال: وما حَلَفَ الله بحياة أَحد إِلا بحياة النبي، صلى الله عليه
وسلم. وقال أَبو الهيثم: النحويون ينكرون هذا ويقولون معنى لعَمْرُك
لَدِينُك الذي تَعْمُر وأَنشد لعمربن أَبي ربيعة:
أَيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيّا سُهَيْلاً،
عَمْرَكَ اللهَ كيف يَجْتَمِعان؟
قال: عَمْرَك اللهَ عبادتك اللهَ، فنصب؛ وأَنشد:
عَمْرَكِ اللهَ ساعةً، حَدِّثِينا،
وذَرِينا مِن قَوْلِ مَن يُؤْذِينا
فأَوْقَع الفعلَ على الله عز وجل في قوله عَمْرَك الله. وقال الأَخفش في
قوله: لَعَمْرُك إِنهم وعَيْشِك وإِنما يريد العُمْرَ. وقال أَهل
البصرة: أَضْمَر له ما رَفَعَه لَعَمْرُك المحلوفُ به. قال: وقال الفراء
الأَيْمان يَرْفعها جواباتها. قال الجوهري: معنى لَعَمْرُ الله وعَمْر الله
أَحْلِفُ ببقاء الله ودوامِه؛ قال: وإِذا قلت عَمْرَك اللهَ فكأَنك قلت
بِتَعْمِيرِك الله أَي بإِقرارك له بالبقاء؛ وقول عمر بن أَبي ربيعة:
عَمْرَك اللهَ كيف يجتمعان
يريد: سأَلتُ الله أَن يُطيل عُمْرَك لأَنه لم يُرِد القسم بذلك. قال
الأَزهري: وتدخل اللام في لَعَمْرُك فإِذا أَدخلتها رَفَعْت بها بالابتداء
فقلت: لَعَمْرك ولَعَمْرُ أَبيك، فإِذا قلت لَعَمْرُ أَبيك الخَيْرَ،
نَصَبْتَ الخير وخفضت، فمن نصب أَراد أَن أَباك عَمَرَ الخيرَ يَعْمُرُه
عَمْراً وعِمارةً، فنصب الخير بوقوع العَمْر عليه؛ ومَن خفض الخير جعله
نعتاً لأَبيك، وعَمْرَك اللهَ مثل نَشَدْتُك اللهَ. قال أَبو عبيد: سأَلت
الفراء لمَ ارتفع لَعَمْرُك؟ فقال: على إِضمار قسم ثان كأَنه قال وعَمْرِك
فلَعَمْرُك عظيم، وكذلك لَحياتُك مثله، قال: وصِدْقُه الأَمرُ، وقال:
الدليل على ذلك قول الله عز وجل: اللهُ لا إِله إِلا هو لَيَجْمَعَنّكم،
كأَنه أَراد: والله ليجمعنكم، فأَضمر القسم. وقال المبرد في قوله عَمْرَك
اللهَ: إِن شئت جعلت نصْبَه بفعلٍ أَضمرتَه، وإِن شئت نصبته بواو حذفته
وعَمْرِك
(* قوله: بواو حذفته وعمرك إِلخ» هكذا في الأَصل). الله، وإِن شئت
كان على قولك عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً ونَشَدْتُك الله نَشِيداً ثم
وضعتَ عَمْرَك في موضع التَّعْمِير؛ وأَنشد فيه:
عَمَّرْتُكِ اللهَ أَلا ما ذَكَرْتِ لنا،
هل كُنْتِ جارتَنا، أَيام ذِي سَلَمِ؟
يريد: ذَكَّرْتُكِ اللهَ؛ قال: وفي لغة لهم رَعَمْلُك، يريدون
لَعَمْرُك. قال: وتقول إِنّك عَمْرِي لَظَرِيفٌ. ابن السكيت: يقال لَعَمْرُك
ولَعَمْرُ أَبيك ولَعَمْرُ الله، مرفوعة. وفي الحديث: أَنه اشترى من أَعرابي
حِمْلَ خَبَطٍ فلما وجب البيع قال له: اخْتَرْ، فقال له الأَعرابيّ:
عَمْرَكَ اللهَ بَيْعاً أَي أَسأَلُ الله تَعْمِيرَك وأَن يُطيل عُمْرك،
وبَيِّعاً منصوب على التمييز أَي عَمَّرَك اللهُ مِن بَيِّعٍ. وفي حديث
لَقِيط: لَعَمْرُ إِلَهِك؛ هو قسَم ببقاء الله ودوامِه. وقالوا: عَمْرَك اللهَ
افْعَلْ كذا وأَلا فعلت كذا وأَلا ما فَعَلْتَ على الزيادة، بالنصب، وهو
من الأَسماء الموضوعة موضع المصادر المنصوبة على إِضمار الفعل المتروكِ
إِظهارُه؛ وأَصله مِنْ عَمَّرْتُك اللهَ تَعْمِيراً فحذفت زيادته فجاء على
الفعل. وأُعَمِّرُك اللهَ أَن تفعل كذا: كأَنك تُحَلِّفه بالله وتسأَله
بطول عُمْرِه؛ قال:
عَمَّرْتُكَ اللهَ الجَلِيلَ، فإِنّني
أَلْوِي عليك، لَوَانّ لُبَّكَ يَهْتَدِي
الكسائي: عَمْرَك اللهَ لا أَفعل ذلك، نصب على معنى عَمَرْتُك اللهَ أَي
سأَلت الله أَن يُعَمِّرَك، كأَنه قال: عَمَّرْتُ الله إِيَّاك. قال:
ويقال إِنه يمين بغير واو وقد يكون عَمْرَ اللهِ، وهو قبيح.
وعَمِرَ الرجلُ يَعْمَرُ عَمَراً وعَمارةً وعَمْراً وعَمَر يَعْمُرُ
ويَعْمِر؛ الأَخيرة عن سيبويه، كلاهما: عاشَ وبقي زماناً طويلاً؛ قال
لبيد:وعَمَرْتُ حَرْساً قبل مَجْرَى داحِسٍ،
لو كان للنفس اللَّجُوجِ خُلُودُ
وأَنشد محمد بن سلام كلمة جرير:
لئن عَمِرَتْ تَيْمٌ زَماناً بِغِرّةٍ،
لقد حُدِيَتْ تَيْمٌ حُداءً عَصَبْصَبا
ومنه قولهم: أَطال الله عَمْرَك وعُمْرَك، وإِن كانا مصدرين بمعنًى إِلا
أَنه استعمل في القسم أَحدُهما وهو المفتوح.
وعَمَّرَه اللهُ وعَمَرَه: أَبقاه. وعَمَّرَ نَفْسَه: قدَّر لها قدْراً
محدوداً. وقوله عز وجل: وما يُعَمَّرُ مِن مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَص من
عُمُرِه إِلا في كتاب؛ فسر على وجهين، قال الفراء: ما يُطَوَّلُ مِن عُمُرِ
مُعَمَّر ولا يُنْقَص من عُمُرِه، يريد الآخر غير الأَول ثم كنى بالهاء
كأَنه الأَول؛ ومثله في الكلام: عندي درهم ونصفُه؛ المعنى ونصف آخر، فجاز
أَن تقول نصفه لأَن لفظ الثاني قد يظهر كلفظ الأَول فكُنِيَ عنه ككناية
الأَول؛ قال: وفيها قول آخر: ما يُعَمَّر مِن مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَص مِن
عُمُرِه، يقول: إِذا أَتى عليه الليلُ، والنهار نقصا من عُمُرِه، والهاء في
هذا المعنى للأَول لا لغيره لأَن المعنى ما يُطَوَّل ولا يُذْهَب منه
شيء إِلا وهو مُحْصًى في كتاب، وكلٌّ حسن، وكأَن الأَول أَشبه بالصواب، وهو
قول ابن عباس والثاني قول سعيد بن جبير.
والعُمْرَى: ما تجعله للرجل طولَ عُمُرِك أَو عُمُرِه. وقال ثعلب:
العُمْرَى أَن يدفع الرجل إِلى أَخيه داراً فيقول: هذه لك عُمُرَك أَو
عُمُرِي، أَيُّنا مات دُفِعَت الدار أَلى أَهله، وكذلك كان فعلُهم في الجاهلية.
وقد عَمَرْتُه أَياه وأَعْمَرْته: جعلتُه له عُمُرَه أَو عُمُرِي؛
والعُمْرَى المصدرُ من كل ذلك كالرُّجْعَى. وفي الحديث: لا تُعْمِرُوا ولا
تُرْقِبُوا، فمن أُعْمِرَ داراً أَو أُرْقِبَها فهي له ولورثته من بعده، وهي
العُمْرَى والرُّقْبَى. يقال: أَعْمَرْتُه الدار عمْرَى أَي جعلتها له
يسكنها مدة عُمره فإِذا مات عادت إِليَّ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية
فأَبطل ذلك، وأَعلمهم أَن من أُعْمِرَ شيئاً أَو أُرْقِبَه في حياته فهو
لورثته مِن بعده. قال ابن الأَثير: وقد تعاضدت الروايات على ذلك والفقهاءُ
فيها مختلفون: فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكاً، ومنهم من
يجعلها كالعارية ويتأَول الحديث. قال الأَزهري: والرُّقْبى أَن يقول الذي
أُرْقِبَها: إِن مُتَّ قبلي رجعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قبلك فهي لك. وأَصل
العُمْرَى مأَخوذ من العُمْر وأَصل الرُّقْبَى من المُراقبة، فأَبطل
النبي، صلى الله عليه وسلم، هذه الشروط وأَمْضَى الهبة؛ قال: وهذا الحديث
أَصل لكل من وهب هِبَة فشرط فيها شرطاً بعدما قبضها الموهوب له أَن الهبة
جائزة والشرط باطل؛ وفي الصحاح: أَعْمَرْتُه داراً أَو أَرضاً أَو
إِبِلاً؛ قال لبيد:
وما البِرّ إِلاَّ مُضْمَراتٌ من التُقَى،
وما المالُ إِلا مُعْمَراتٌ وَدائِعُ
وما المالُ والأَهْلُون إِلا وَدائِعٌ،
ولا بد يوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
أَي ما البِرُّ إِلا ما تُضْمره وتخفيه في صدرك. ويقال: لك في هذه الدار
عُمْرَى حتى تموت.
وعُمْرِيُّ الشجرِ: قديمُه، نسب إِلى العُمْر، وقيل: هو العُبْرِيّ من
السدر، والميم بدل. الأَصمعي: العُمْرِيّ والعُبْرِيّ من السِّدْر القديم،
على نهر كان أَو غيره، قال: والضّالُ الحديثُ منه؛ وأَنشد قول ذي الرمة:
قطعت، إِذا تَجَوَّفت العَواطِي،
ضُروبَ السِّدْر عُبْرِيّاً وضالا
(* قوله: «إِذا تجوفت» كذا بالأصل هنا بالجيم، وتقدم لنا في مادة عبر
بالخاء وهو بالخاء في هامش النهاية وشارح القاموس).
وقال: الظباء لا تَكْنِس بالسدر النابت على الأَنهار. وفي حديث محمد بن
مَسْلمة ومُحارَبتِه مَرْحَباً قال الراوي
(* قوله: «قال الراوي» بهامش
الأصل ما نصه قلت راوي هذا الحديث جابر بن عبدالله الأنصاري كما قاله
الصاغاني كتبه محمد مرتضى) لحديثهما. ما رأَيت حَرْباً بين رجلين قطّ قبلهما
مثلَهما، قام كلُّ واحد منهما إِلى صاحبه عند شجرة عُمْرِيَّة، فجعل كل
واحد منهما يلوذ بها من صاحبه، فإِذا استتر منها بشيء خَذَم صاحبُه ما
يَلِيه حتى يَخْلَصَ إِليه، فما زالا يَتَخَذَّمانها بالسَّيْف حتى لم يبق
فيها غُصْن وأَفضى كل واحد منهما إِلى صاحبه. قال ابن الأَثير: الشجرة
العُمْريَّة هي العظيمة القديمة التي أَتى عليها عُمْرٌ طويل. يقال للسدر
العظيم النابت على الأَنهار: عُمْرِيّ وعُبْرِيّ على التعاقب. ويقال: عَمَر
اللهُ بك منزِلَك يَعْمُره عِمارة وأَعْمَره جعلَه آهِلاً. ومكان
عامِرٌ: ذو عِمَارةٍ. ومكان عَمِيرٌ: عامِرٌ. قال الأَزهري: ولا يقال أَعْمَر
الرجلُ منزلَه بالأَلف. وأَعْمَرْتُ الأَرضَ: وجدتها عامرةً. وثوبٌ
عَمِيرٌ أَي صَفِيق. وعَمَرْت الخَرابَ أَعْمُره عِمارةً، فهو عامِرٌ أَي
مَعْمورٌ، مثل دافقٍ أَي مدفوق، وعيشة راضية أَي مَرْضِيّة. وعَمَر الرجلُ
مالَه وبيتَه يَعْمُره عِمارةً وعُموراً وعُمْراناً: لَزِمَه؛ وأَنشد أَبو
حنيفة لأَبي نخيلة في صفة نخل:
أَدامَ لها العَصْرَيْنِ رَيّاً، ولم يَكُنْ
كما ضَنَّ عن عُمْرانِها بالدراهم
ويقال: عَمِرَ فلان يَعْمَر إِذا كَبِرَ. ويقال لساكن الدار: عامِرٌ،
والجمع عُمّار.
وقوله تعالى: والبَيْت المَعْمور؛ جاء في التفسير أَنه بيت في السماء
بإزاء الكعبة يدخله كل يوم سبعون أَلف ملك يخرجون منه ولا يعودون إِليه.
والمَعْمورُ: المخدومُ. وعَمَرْت رَبِّي وحَجَجْته أَي خدمته. وعَمَر
المالُ نَفْسُه يَعْمُرُ وعَمُر عَمارةً؛ الأَخيرة عن سيبويه، وأَعْمَره
المكانَ واسْتَعْمَره فيه: جعله يَعْمُره. وفي التنزيل العزيز: هو أَنشأَكم من
الأَرض واسْتَعْمَرَكم فيها؛ أَي أَذِن لكم في عِمارتها واستخراجِ
قومِكم منها وجعَلَكم عُمَّارَها.
والمَعْمَرُ: المَنْزِلُ الواسع من جهة الماء والكلإِ الذي يُقامُ فيه؛
قال طرفة
بن العبد:
يا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ
ومنه قول الساجع: أَرْسِل العُراضاتِ أَثَرا، يَبْغِينَك في الأَرض
مَعْمَرا أَي يبغين لك منزلاً، كقوله تعالى: يَبْغُونها عِوَجاً؛ وقال أَبو
كبير:
فرأَيتُ ما فيه فثُمَّ رُزِئْتِه،
فبَقِيت بَعْدَك غيرَ راضي المَعْمَرِ
والفاء هناك في قوله: فثُمَّ رُزِئته، زائدة وقد زيدت في غير موضع؛ منها
بيت الكتاب:
لا تَجْزَعِي، إِن مُنْفِساً أَهْلَكْتُه،
فإِذا هَلكتُ فعِنْدَ ذلك فاجْزَعِي
فالفاء الثانية هي الزائدة لا تكون الأُولى هي الزائدة، وذلك لأَن الظرف
معمول اجْزَع فلو كانت الفاء الثانية هي جواب الشرط لما جاز تعلق الظرف
بقوله اجزع، لأَن ما بعد هذا الفاء لا يعمل فيما قبلها، فإِذا كان ذلك
كذلك فالفاء الأُولى هي جواب الشرط والثانية هي الزائدة. ويقال: أَتَيْتُ
أَرضَ بني فلان فأَعْمَرْتُها أَي وجدتها عامِرةً. والعِمَارةُ: ما
يُعْمَر به المكان. والعُمَارةُ: أَجْرُ العِمَارة. وأَعْمَرَ عليه:
أَغناه.والعُمْرة: طاعة الله عز وجل. والعُمْرة في الحج: معروفة، وقد اعْتَمر،
وأَصله من الزيارة، والجمع العُمَر. وقوله تعالى: وأَتِمُّوا الحجَّ
والعُمْرة لله؛ قال الزجاج: معنى العُمْرة في العمل الطوافُ بالبيت والسعيُ
بين الصفا والمروة فقط، والفرق بين الحج والعُمْرةِ أَن العُمْرة تكون
للإِنسان في السَّنَة كلها والحج وقت واحد في السنة كلها والحج وقت واحد في
السنة؛ قال: ولا يجوز أَن يحرم به إِلا في أَشهر الحج شوّال وذي القعدة
وعشر من ذي الحجة، وتمامُ العُمْرة أَن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا
والمروة، والحج لا يكون إِلاَّ مع الوقوف بعرفة يومَ عرفة. والعُمْرة: مأَخوذة
من الاعْتِمار، وهو الزيارة، ومعنى اعْتَمر في قصد البيت أَنه إِنما
خُصَّ بهذا لأَنه قصد بعمل في موضع عامر، ولذلك قيل للمُحْرِم بالعُمْرةِ:
مُعْتَمِرٌ، وقال كراع: الاعْتِمار العُمْرة، سَماها بالمصدر. وفي الحديث
ذكرُ العُمْرة والاعْتِمار في غير موضع، وهو الزيارة والقصد، وهو في
الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة. وفي حديث الأَسود قال:
خرجنا عُمّاراً فلما انصرفنا مَرَرْنا بأَبي ذَرٍّ؛ فقال: أَحَلَقْتم
الشَّعَث وقضيتم التَّفَثَ عُمّاراً؟ أَي مُعْتَمِرين؛ قال الزمخشري: ولم
يجئ فيما أَعلم عَمَر بمعنى اعْتَمَر، ولكن عَمَر اللهَ إِذا عبده، وعَمَر
فلانٌ ركعتين إِذا صلاهما، وهو يَعْمُر ربَّه أَي يصلي ويصوم. والعَمَار
والعَمَارة: كل شيء على الرأْس من عمامة أَو قَلَنْسُوَةٍ أَو تاجٍ أَو
غير ذلك. وقد اعْتَمَر أَي تعمّم بالعمامة، ويقال للمُعْتَمِّ:
مُعْتَمِرٌ؛ ومنه قول الأَعشى:
فَلَمَّا أَتانا بُعَيْدَ الكَرى،
سَجَدْنا لَهُ ورَفَعْنا العَمارا
أَي وضعناه من رؤوسنا إِعْظاماً له.
واعْتَمرة أَي زارَه؛ يقال: أَتانا فلان مُعْتَمِراً أَي زائراً؛ ومنه
قول أَعشى باهلة:
وجاشَت النَّفْسُ لَمَّا جاءَ فَلُهمُ،
وراكِبٌ، جاء من تَثْلِيثَ، مُعْتَمِرُ
قال الأَصمعي: مُعْتَمِر زائر، وقال أَبو عبيدة: هو متعمم بالعمامة؛
وقول ابن أَحمر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
فيه قولان: قال الأَصمعي: إِذا انْجلى لهم السحابُ عن الفَرْقَدِ
أَهَلّوا أَي رفعوا أَصواتهم بالتكبير كما يُهِلّ الراكب الذي يريد عمرة الحج
لأَنهم كانوا يهتدون بالفَرْقَد، وقال غيره: يريد أَنهم في مفازة بعيدة من
المياه فإِذا رأَوْا فرقداً، وهو ولد البقرة الوحشية، أَهلّوا أَي
كبّروا لأَنهم قد علموا أَنهم قد قربوا من الماء. ويقال للاعْتِمار: القصد.
واعْتَمَر الأَمْرَ: أَمَّه وقصد له: قال العجاج:
لقد غَزَا ابنُ مَعْمَرٍ، حين اعْتَمَرْ،
مَغْزًى بَعِيداً من بَعيد وضَبَرْ
المعنى: حين قصد مَغْزًى بعيداً. وضبَرَ: جَمعَ قوائمه ليَثِبَ.
والعُمْرةُ: أَن يَبْنِيَ الرجلُ بامرأَته في أَهلها، فإِن نقلها إِلى
أَهله فذلك العُرْس؛ قاله ابن الأَعرابي.
والعَمَارُ: الآسُ، وقيل: كل رَيْحانٍ عَمَارٌ. والعَمّارُ: الطَّيِّب
الثناء الطَّيِّب الروائح، مأْخوذ من العَمَار، وهو الآس.
والعِمَارة والعَمارة: التحيّة، وقيل في قول الأَعشى «ورفعنا العمارا»
أَي رفعنا له أَصواتنا بالدعاء وقلنا عمَّرك الله وقيل: العَمَارُ ههنا
الريحان يزين به مجلس الشراب، وتسميه الفُرْس ميُوران، فإِذا دخل عليهم
داخل رفعوا شيئاً منه بأَيديهم وحيَّوْه به؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده
«ووَضَعْنا العَمارا» فالذي يرويه ورفعنا العَمَارا، هو الريحان أَو الدعاء
أَي استقبلناه بالريحان أَو الدعاء له، والذي يرويه «ووضعنا العمارا» هو
العِمَامة؛ وقيل: معناه عَمّرَك اللهُ وحيّاك، وليس بقوي؛ وقيل:
العَمارُ هنا أَكاليل الرَّيْحان يجعلونها على رؤوسهم كما تفعل العجم؛ قال ابن
سيده: ولا أَدري كيف هذا.
ورجل عَمّارٌ: مُوَقًّى مستور مأْخوذ من العَمَر، وهو المنديل أَو غيره،
تغطّي به الحرّة رأْسها. حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: إِن العَمَرَ
أَن لا يكون للحُرّة خِمار ولا صَوْقَعة تُغطّي به رأْسها فتدخل رأْسها في
كمها؛ وأَنشد:
قامَتْ تُصَلّي والخِمارُ مِن عَمَرْ
وحكى ابن الأَعرابي: عَمَر ربَّه عبَدَه، وإِنه لعَامِرٌ لربّه أَي
عابدٌ. وحكى اللحياني عن الكسائي: تركته يَعمرُ ربَّه أَي يعبده يصلي ويصوم.
ابن الأَعرابي: يقال رجل عَمّار إِذا كان كثيرَ الصلاة كثير الصيام. ورجل
عَمّار، وهو الرجل القوي الإِيمان الثابت في أَمره الثَّخينُ الوَرَعِ:
مأْخوذ من العَمِير، وهو الثوب الصفيق النسجِ القويُّ الغزلِ الصبور على
العمل، قال: وعَمّارٌ المجتمعُ الأَمر اللازمُ للجماعة الحَدِبُ على
السلطان، مأْخوذ من العَمارةِ، وهي العمامة، وعَمّارٌ مأْخوذ من العَمْر، وهو
البقاء، فيكون باقياً في إِيمانه وطاعته وقائماً بالأَمر والنهي إِلى
أَن يموت. قال: وعَمّارٌ الرجل يجمع أَهل بيته وأَصحابه على أَدَبِ رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، والقيامِ بسُنّته، مأْخوذ من العَمَرات، وهي
اللحمات التي تكون تحت اللَّحْي، وهي النَّغانِغُ واللَّغادِيدُ؛ هذا كله
محكى عن ابن الأَعرابي. اللحياني: سمعت العامِريّة تقول في كلامها: تركتهم
سامِراً بمكان كذا وكذا وعامِراً؛ قال أَبو تراب: فسأَلت مصعباً عن ذلك
فقال: مقيمين مجتمعين.
والعِمَارة والعَمارةُ: أَصغر من القبيلة، وقيل: هو الحيُّ العظيم الذي
يقوم بنفسه، ينفرد بِظَعْنِها وإِقامتها ونُجْعَتِها، وهي من الإِنسان
الصدر، سُمِّي الحيُّ العظيم عِمَارة بعِمارة الصدر، وجمعها عمائر؛ ومنه
قول جرير:
يَجُوسُ عِمارة، ويَكُفّ أُخرى
لنا، حتى يُجاوزَها دَليل
قال الجوهري: والعَمَارة القبيلة والعشيرة؛ قال التغلبي:
لكل أُناسٍ من مَعَدٍّ عَمارةٍ
عَرُوِّضٌ، إِليها يَلْجأُون، وجانِبُ
وعَمارة خفض على أَنه بدل من أُناس. وفي الحديث: أَنه كتب لِعَمَائر
كَلْب وأَحْلافها كتاباً؛ العَمَائرُ: جمع عمارة، بالكسر والفتح، فمن فتح
فَلالْتفاف بعضهم على بعض كالعَمارة العِمامةِ، ومن كسر فلأَن بهم عِمارةَ
الأَرض، وهي فوق البَطْن من القبائل، أَولها الشَّعْب ثم القبيلة ثم
العَِمارة ثم البَطْن ثم الفَخْذ. والعَمْرة: الشَّذْرة من الخرز يفصّل بها
النظم، وبها سميت المرأَة عَمْرة؛ قال:
وعَمْرة مِن سَرَوات النسا
ءِ، يَنْفَحُ بالمِسْك أَرْدانُها
وقيل: العَمْرة خرزة الحُبّ. والعَمْر: الشَّنْف، وقيل: العَمْر حلقة
القرط العليا والخَوْقُ حلقة أَسفل القرط. والعَمَّار: الزَّيْن في
المجالس، مأْخوذ من العَمْر، وهو القرط.
والعَمْر: لحم من اللِّثَة سائل بين كل سِنَّيْن. وفي الحديث: أَوْصاني
جِبْرِيل بالسواك حتى خَشِيتُ على عُمورِي؛ العُمُور: منابت الأَسنان
واللحم الذي بين مَغارِسها، الواحد عَمْر، بالفتح، قال ابن الأَثير: وقد
يضم؛ وقال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَخْلَفَ العَمْرُ،
وتَبَدَّلَ الإِخْوانُ والدَّهْرُ
والجمع عُمور، وقيل: كل مستطيل بين سِنَّيْنِ عَمْر. وقد قيل: إِنه
أَراد العُمْر. وجاء فلان عَمْراً أَي بطيئاً؛ كذا ثبت في بعض نسخ الــمصنف،
وتبع أَبا عبيد كراع، وفي بعضها: عَصْراً.
اللحياني: دارٌ مَعْمورة يسكنها الجن، وعُمَّارُ البيوت: سُكّانُها من
الجن. وفي حديث قتل الحيّات: إِنّ لهذه البيوت عَوامِرَ فإِذا رأَيتم منها
شيئاً فحَرِّجُوا عليها ثلاثاً؛ العَوامِرُ: الحيّات التي تكون في
البيوت، واحدها عامِرٌ وعامرة، قيل: سميت عَوامِرَ لطول أَعمارها.
والعَوْمَرةُ: الاختلاطُ؛ يقال: تركت القوم في عَوْمَرةٍ أَي صياحٍ
وجَلبة.والعُمَيْرانِ والعُمَيْمِرانِ والعَمَّرتان
(* قوله: «العمرتان» هو
بتشديد الميم في الأصل الذي بيدنا، وفي القاموس بفتح العين وسكون الميم وصوب
شارحه تشديد الميم نقلاً عن الصاغاني). والعُمَيْمِرتان: عظمان صغيران
في أَصل اللسان.
واليَعْمورُ: الجَدْيُ؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: اليَعامِيرُ الجِداءُ
وصغارُ الضأْن، واحدها يَعْمور؛ قال أَبو زيد الطائي:
ترى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً،
مثل الذَّمِيم على قَرْم اليَعامِير
أَي يَنْسُل اللبن منها كأَنه الذميم الذي يَذِمّ من الأَنف. قال
الأَزهري: وجعل قطرب اليَعامِيرَ شجراً، وهو خطأٌ. قال ابن سيده: واليَعْمورة
شجرة، والعَمِيرة كُوَّارة النَّحْل.
والعُمْرُ: ضربٌ من النخل، وقيل: من التمر.
والعُمور: نخلُ السُّكَّر
(* قوله: «السكر» هو ضرب من التمر جيد).
خاصة، وقيل: هو العُمُر، بضم العين والميم؛ عن كراع، وقال مرة: هي العَمْر،
بالفتح، واحدتها عَمْرة، وهي طِوال سُحُقٌ. وقال أَبو حنيفة: العَمْرُ نخل
السُّكّر، والضم أَعلى اللغتين. والعَمْرِيّ: ضرب من التمر؛ عنه أَيضاً.
وحكى الأَزهري عن الليث أَنه قال: العَمْر ضرب من النخيل، وهو السَّحُوق
الطويل، ثم قال: غلظ الليث في تفسير العَمْر، والعَمْرُ نخل السُّكَّر،
يقال له العُمُر، وهو معروف عند أَهل البحرين؛ وأَنشد الرياشي في صفة
حائط نخل:
أَسْوَد كالليل تَدَجَّى أَخْضَرُهْ،
مُخالِط تَعْضوضُه وعُمُرُه،
بَرْنيّ عَيْدانٍ قَلِيل قَشَرُهْ
والتَّعْضوض: ضرب من التمر سِرِّيّ، وهو من خير تُمْران هجَر، أَسود عذب
الحلاوة. والعُمُر: نخل السُّكّر، سحوقاً أَو غير سحوق. قال: وكان
الخليل ابن أَحمد من أَعلم الناس بالنخيل وأَلوانِه ولو كان الكتابُ مِن
تأْليفه ما فسر العُمُرَ هذا التفسير، قال: وقد أَكلت أَنا رُطَبَ العُمُرِ
ورُطَبَ التَّعْضوضِ وخَرَفْتُهما من صغار النخل وعَيدانِها وجَبّارها،
ولولا المشاهدةُ لكنت أَحد المغترّين بالليث وخليلِه وهو لسانه.
ابن الأَعرابي: يقال كَثِير بَثِير بَجِير عَمِير إِتباع؛ قال الأَزهري:
هكذا قال بالعين.
والعَمَرانِ: طرفا الكُمّين؛ وفي الحديث: لا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ
على عَمَرَيْهِ، بفتح العين والميم، التفسير لابن عرفة حكاه الهروي في
الغريبين وغيره. وعَمِيرة: أَبو بطن وزعمها سيبويه في كلْب، النسبُ إِليه
عَمِيرِيّ شاذ، وعَمْرو: اسم رجل يكتب بالواو للفرق بينه وبين عُمَر
وتُسْقِطها في النصب لأَن الأَلف تخلفها، والجمع أَعْمُرٌ وعُمور؛ قال الفرزدق
يفتخر بأَبيه وأَجداده:
وشَيَّدَ لي زُرارةُ باذِخاتٍ،
وعَمرو الخير إِن ذُكِرَ العُمورُ
الباذِخاتُ: المراتب العاليات في الشرف والمجد. وعامِرٌ: اسم، وقد يسمى
به الحيّ؛ أَنشد سيبويه في الحي:
فلما لَحِقنا والجياد عشِيّة،
دَعَوْا: يا لَكَلْبٍ، واعْتَزَيْنا لِعامِر
وأَما قول الشاعر:
وممن ولَدُوا عامِـ
ـرُ ذو الطُّول وذو العَرْض
فإِن أَبا إِسحق قال: عامر هنا اسم للقبيلة، ولذلك لم يصرفه، وقال ذو
ولم يقل ذات لأَنه حمله على اللفظ، كقول الآخر:
قامَتْ تُبَكِّيه على قَبْرِه:
مَنْ ليَ مِن بَعدِك يا عامِرُ؟
تَرَكْتَني في الدار ذا غُرْبةٍ،
قد ذَلَّ مَن ليس له ناصِرُ
أَي ذات غُرْبة فذكّر على معنى الشخص، وإِنما أَنشدنا البيت الأَول
لتعلم أَن قائل هذا امرأَة وعُمَر وهو معدول عنه في حال التسمية لأَنه لو عدل
عنه في حال الصفة لقيل العُمَر يُراد العامِر. وعامِرٌ: أَبو قبيلة، وهو
عامرُ بن صَعْصَعَة بن معاوية بن بكر بن هوازن. وعُمَير وعُوَيْمِر
وعَمَّار ومَعْمَر وعُمارة وعِمْران ويَعْمَر، كلها: أَسماء؛ وقول
عنترة:أَحَوْليَ تَنْفُضُ آسْتُك مِذْرَوَيْها
لِتَقْتُلَني؟ فها أَنا ذا عُمارا
هو ترخيم عُمارة لأَنه يهجو به عُمارةَ بن زياد العبسي. وعُمارةُ بن
عقيل بن بلال بن جرير: أَدِيبٌ جدّاً. والعَمْرانِ: عَمْرو بن جابر بن هلال
بن عُقَيْل بن سُمَيّ بن مازن بن فَزارة، وبَدْر بن عمرو بن جُؤيّة بن
لَوْذان بن ثعلبة بن عديّ بن فَزارة، وهما رَوْقا فزراة؛ وأَنشد ابن السكيت
لقُراد بن حبش الصارديّ يذكرهما:
إِذا اجتمع العَمْران: عَمْرو بنُ جابر
وبَدْرُ بن عَمْرٍو، خِلْتَ ذُبْيانَ تُبَّعا
وأَلْقَوْا مَقاليدَ الأُمورِ إِليهما،
جَمِيعاً قِماءً كارهين وطُوَّعا
والعامِرانِ: عامِرُ بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة
وهو أَبو براء مُلاعِب الأَسِنَّة، وعامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن
كلاب وهو أَبو علي. والعُمَران: أَبو بكر وعُمَر، رضي الله تعالى عنهما،
وقيل: عمر يبن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، رضي الله عنهما؛ قال مُعاذٌ
الهَرَّاء: لقد قيل سِيرةُ العُمَرَيْنِ قبل خلافة عُمَر بن عبد العزيز
لأَنهم قالوا لعثمان يوم الدار: تَسْلُك سِيرةَ العُمَرَيْن. قال الأَزهري:
العُمَران أَبو بكر وعمر، غُلِّبَ عُمَر لأَنه أَخَفّ الاسمين، قال: فان
قيل كيف بُدِئ بِعُمَر قبل أَبي بكر وهو قبله وهو أَفضل منه، فإِن العرب
تفعل هذا يبدأُون بالأَخسّ، يقولون: رَبيعة ومُضَر وسُلَيم وعامر ولم
يترك قليلاً ولا كثيراً؛ قال محمد بن المكرم: هذا الكلام من الأَزهري فيه
افْتِئات على عمر، رضي الله عنه، وهو قوله: إِن العرب يبدأُون بالأَخس
ولقد كان له غُنية عن إِطلاق هذا اللفظ الذي لا يليق بجلالة هذا الموضع
المتشرْف بهذين الاسمين الكريمين في مثالٍ مضروبٍ لعُمَر، رضي الله عنه، وكان
قوله غُلِّب عُمر لأَنه أَخفّ الاسمين يكفيه ولا يتعرض إِلى هُجْنة هذه
العبارة، وحيث اضطر إِلى مثل ذلك وأَحْوَجَ نفسَه إِلى حجة أُخرى فلقد
كان قِيادُ الأَلفاظ بيده وكان يمكنه أَن يقول إِن العرب يقدمون المفضول
أَو يؤخرون الأَفضل أَو الأَشرف أَو يبدأُون بالمشروف، وأَما أَفعل على هذه
الصيغة فإِن إِتيانه بها دل على قلة مبالاته بما يُطْلِقه من الأَلفاظ
في حق الصحابة، رضي الله عنهم، وإِن كان أَبو بكر، رضي الله عنه، أَفضل
فلا يقال عن عمر، رضي الله عنه، أَخسّ، عفا الله عنا وعنه. وروي عن قتادة:
أَنه سئل عن عِتْق أُمهات الأَولاد فقال: قضى العُمَران فما بينهما من
الخُلَفاء بعتق أُمّهات الأَولاد؛ ففي قول قتادة العُمَران فما بينهما أَنه
عُمر بن الخطاب وعُمَر ابن عبد العزيز لأَنه لم يكن بين أَبي بكر وعُمَر
خليفةٌ. وعَمْرَوَيْهِ: اسم أَعجمي مبني على الكسر؛ قال سيبويه: أَما
عَمْرَوَيْه فإِنه زعم أَنه أَعجمي وأَنه ضَرْبٌ من الأَسماء الأَعجمية
وأَلزموا آخره شيئاً لم يلزم الأَعْجميّة، فكما تركوا صرف الأَعجمية جعلوا
ذلك بمنزلة الصوت، لأَنهم رَأَوْه قد جمع أَمرين فخطُّوه درجة عن إِسمعيل
وأَشباهه وجعلوه بمنزلة غاقٍ منونة مكسورة في كل موضع؛ قال الجوهري: إِن
نَكَّرْتَه نوّنت فقلت مررت بعَمْرَوَيْهِ وعَمْرَوَيْهٍ آخر، وقال:
عَمْرَوَيْه شيئان جعلا واحداً، وكذلك سيبويه ونَفْطَوَيْه، وذكر المبرد في
تثنيته وجمعه العَمْرَوَيْهانِ والعَمْرَوَيْهُون، وذكر غيره أَن من قال
هذا عَمْرَوَيْهُ وسِيبَوَيْهُ ورأَيت سِيبَوَيْهَ فأَعربه ثناه وجمعه،
ولم يشرطه المبرد. ويحيى بن يَعْمَر العَدْوانيّ: لا ينصرف يَعْمَر لأَنه
مثل يَذْهَب. ويَعْمَر الشُِّدّاخ: أَحد حُكّام العرب. وأَبو عَمْرة:
رسولُ المختار
(* قوله: «المختار» أَي ابن أبي عبيد كما في شرح القاموس).
وكان إِذا نزل بقوم حلّ بهم البلاء من القتل والحرب وكان يُتَشاءم به. وأَبو
عَمْرة: الإِقْلالُ؛ قال:
إِن أَبا عَمْرة شرُّ جار
وقال:
حلّ أَبو عَمْرة وَسْطَ حُجْرَتي
وأَبو عَمْرة: كنية الجوع. والعُمُور: حيٌّ من عبد القيس؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
جعلنا النِّساءَ المُرْضِعاتِكَ حَبْوةً
لِرُكْبانِ شَنٍّ والعُمُورِ وأَضْجَما
شَنٌّ: من قيس أَيضاً. والأَضْجَم: ضُبَيْعة بن قيس ابن ثعلبة. وبنو
عمرو بن الحرث: حيّ؛ وقول حذيفة بن أَنس الهذلي:
لعلكمُ لَمَّا قُتِلْتُم ذَكَرْتم،
ولن تَتْركُوا أَن تَقْتُلوا مَن تَعَمَّرا
قيل: معنى مَن تَعَمَّر انتسب إِلى بني عمرو بن الحرث، وقيل: معناه من
جاء العُمْرة. واليَعْمَريّة: ماء لبني قعلبة بوادٍ من بطن نخل من
الشَّرَبّة. واليَعامِيرُ: اسم موضع؛ قال طفيل الغنوي:
يقولون لمّا جَمّعوا لغدٍ شَمْلَكم:
لك الأُمُّ مما باليَعامِير والأَبُ
(* هذا الشطر مختل الوزن ويصح إِذا وضع «فيه» مكان «لغدٍ» هذا إِذا كان
اليعامير مذكراً، وهو مذكور في شعر سابق ليعود إِليه ضمير فيه).
وأَبو عُمَيْر: كنية الفَرْج. وأُمُّ عَمْرو وأُم عامر، الأُولى نادرة:
الضُبُع معروفة لأَنه اسم سمي به النوع؛ قال الراجز:
يا أُمَّ عَمْرٍو، أَبْشِري بالبُشْرَى،
مَوْتٌ ذَرِيعٌ وجَرادٌ عَظْلى
وقال الشنفرى:
لا تَقْبِرُوني، إِنّ قَبْرِي مُحَرَّم
عليكم، ولكن أَبْشِري، أُمَّ عامر
يقال للضبع أُمّ عامر كأَن ولدها عامر؛ ومنه قول الهذلي:
وكَمْ مِن وِجارٍ كجَيْبِ القَمِيص،
به عامِرٌ وبه فُرْعُلُ
ومن أَمثالهم: خامِرِي أُمَّ عامر، أَبْشِري بجرادٍ عَظْلى وكَمَرِ
رجالٍ قَتْلى، فتَذِلّ له حتى يكْعَمها ثم يجرّها ويستخرجها. قال: والعرب
تضرب بها المثل في الحمق، ويجيء الرجل إِلى وجارِها فيسُدُّ فمه بعدما تدخله
لئلا ترى الضوء فتحمل الضبعُ عليه فيقول لها هذا القول؛ يضرب مثلاً لمن
يُخْدع بلين الكلام.
جور: الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. وقوم جَوَرَةٌ
وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. والجَوْرْ: ضِدُّ القصدِ. والجَوْرُ: تركُ القصدِ
في السير، والفعل جارَ يَجُورُ، وكل ما مال، فقد جارَ. وجارَ عن الطريق:
عَدَلَ. والجَوْرُ: المَيْلُ عن القصدِ. وجار عليه في الحكم وجَوَّرَهُ
تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ قول أَبي ذؤيب:
(* قوله: «وقول أَبي ذؤيب»
نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب).
فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ ومِثْلَها
لَفِيكَ، ولكِنِّي أَراكَ تَجُورُها
إِنما أَراد: تَجُورُ عنها فحذف وعدَّى، وأَجارَ غيرَهُ؛ قال عمرو بن
عَجْلان:
وقُولا لها: ليس الطَّريقُ أَجارَنا،
ولكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا
وطَريقٌ جَوْرٌ: جائر، وصف بالمصدر. وفي حديث ميقات الحج: وهو جَوْرٌ عن
طريقنا؛ أَي مائل عنه ليس على جادَّته، من جارَ يَجُورُ إِذا مال وضل؛
ومنه الحديث: حتى يسير الراكبُ بينَ النّطْفَتَيْنِ لا يخشى إِلاّ
جَوْراً؛ أَي ضلالاً عن الطريق؛ قال ابن الأَثير: هكذا روى الأَزهري، وشرح: وفي
رواية لا يَخْشَى جَوْراً، بحذف إِلاَّ، فإِن صح فيكون الجور بمعنى
الظلم. وقوله تعالى: ومنها جائر؛ فسره ثعلب فقال: يعني اليهود والنصارى.
والجِوارُ: المُجاوَرَةُ والجارُ الذي يُجاوِرُك وجاوَرَ الرجلَ
مُجاوَرَةً وجِواراً وجُواراً، والكسر أَفصح: ساكَنَهُ. وإِنه لحسَنُ الجِيرَةِ:
لحالٍ من الجِوار وضَرْب منه. وجاوَرَ بني فلان وفيهم مُجاوَرَةً
وجِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، وهو من ذلك، والاسم الجِوارُ والجُوارُ. وفي
حديث أُم زَرْع: مِلْءُ كِسائها وغَيظُ جارَتها؛ الجارة: الضَّرَّةُ من
المُجاورة بينهما أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بذلك. ومنه الحديث:
كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لي؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ. وحديث عمر قال
لحفصة: لا يَغُركِ أَن كانت جارَتُك هي أَوْسَم وأَحَبّ إِلى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، منك؛ يعني عائشة؛ واذهب في جُوارِ الله. وجارُكَ: الذي
يُجاوِرُك، والجَمع أَجْوارٌ وجِيرَةٌ وجِيرانٌ، ولا نظير له إِلاَّ قاعٌ
وأَقْواعٌ وقِيعانٌ وقِيعَةٌ؛ وأَنشد:
ورَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ
وتَجاوَرُوا واجْتَوَرُوا بمعنى واحد: جاوَرَ بعضهم بعضاً؛ أَصَحُّوا
اجْتَوَرُوا إِذا كانت في معنى تَجاوَرُوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً على
أَنه في معنى ما لا بد من صحته وهو تَجاوَرُوا. قال سيبويه: اجْتَوَرُوا
تَجاوُراً وتَجاوَرُوا اجْتِواراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع
صاحبه، لتساوي الفعلين في المعنى وكثرة دخول كل واحد من البناءين على صاحبه؛
قال الجوهري: إِنما صحت الواو في اجْتَوَرُوا لأَنه في معنى ما لا بدّ له
أَن يخرّج على الأَصل لسكون ما قبله، وهو تَجَاوَرُوا، فبني عليه، ولو
لم يكن معناهما واحداً لاعتلت؛ وقد جاء: اجْتَارُوا مُعَلاًّ؛ قال مُليح
الهُذلي:
كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ
حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ
(* قوله: «كدلخ إلخ» كذا في الأَصل).
التهذيب: عن ابن الأَعرابي: الجارُ الذي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ.
والجارُ النِّقِّيح: هو الغريب. والجار: الشَّرِيكُ في العَقار. والجارُ:
المُقاسِمُ. والجار: الحليف. والجار: الناصر. والجار: الشريك في التجارة،
فَوْضَى كانت الشركة أَو عِناناً. والجارة: امرأَة الرجل، وهو جارُها.
والجَارُ: فَرْجُ المرأَة. والجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، وهي الاست. والجارُ: ما
قَرُبَ من المنازل من الساحل. والجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِّءُ
الجِوارِ. والجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ. والجارُ: اليَرْبُوعِيُّ.
والجار: المنافق. والجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفعاله. والجارُ:
الحَسْدَلِيُّ الذي عينه تراك وقلبه يرعاك. قال الأَزهري: لما كان الجار
في كلام العرب محتملاً لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأَعرابي لم يجز
أَن يفسر قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِه، أَنه
الجار الملاصق إِلاَّ بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أُريد به،
فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مفسرة أَن المراد بالجار الشريك الذي لم
يقاسم، ولا يجوز أَن يجعل المقاسم مثل الشريك. وقوله عز وجل: والجارِ ذي
القُرْبَى والجارِ الجُنُبِ؛ فالجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في
الحِواءِ ويكون نازلاً في بلدة وأَنت في أُخْرَى فله حُرَمَةُ جِوارِ
القرابة، والجار الجنب أَن لا يكون له مناسباً فيجيء إِليه ويسأَله أَن يجيره
أَي يمنعه فينزل معه، فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره ومَنَعَتِه
ورُكونه إِلى أَمانه وعهده. والمرأَةُ جارَةُ زوجها لأَنه مُؤْتَمَرٌ
عليها، وأُمرنا أَن نحسن إِليها وأَن لا نعتدي عليها لأَنها تمسكت بعَقْدِ
حُرْمَةِ الصِّهْرِ، وصار زوجها جارها لأَنه يجيرها ويمنعها ولا يعتدي
عليها؛ وقد سمي الأَعشى في الجاهلية امرأَته جارة فقال:
أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ، ما دُمْتِ فينا، ووَامِقَهْ
وهذا البيت ذكره الجوهري، وصدره:
أَجارَتَنَا بيني فإِنك طالقه
قال ابن بري: المشهور في الرواية:
أَيا جارتا بيني فإِنك طالقه،
كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ وطارِقَهْ
ابن سيده: وجارة الرجل امرأَته، وقيل: هواه؛ وقال الأَعشى:
يا جَارَتَا ما أَنْتِ جَارَهْ،
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ
وجَاوَرْتُ في بَني هِلالٍ إِذا جاورتهم. وأَجارَ الرجلَ إِجَارَةً
وجَارَةً؛ الأَخيرة عن كراع: خَفَرَهُ. واسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ.
وفي التنزيل العزيز: وإِنْ أَحَدٌ من المشركين استجارك فأَجِرُهُ حتى
يعسْمَعَ كلامَ الله؛ قال الزجاج: المعنى إِن طلب منك أَحد من أَهل الحرب
أَن تجيره من القتل إِلى أَن يسمع كلام الله فأَجره أَي أَمّنه، وعرّفه ما
يجب عليه أَن يعرفه من أَمر الله تعالى الذي يتبين به الإِسلام، ثم
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لئلا يصاب بسوء قبل انتهاه إِلى مأْمنه. ويقال للذي
يستجير بك: جارٌ، وللذي يُجِيرُ: جَارٌ. والجار: الذي أَجرته من أَن يظلمه
ظالم؛ قال الهذلي:
وكُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ،
أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي
وجارُك: المستجيرُ بك. وهم جارَةٌ من ذلك الأَمر؛ حكاه ثعلب، أَي
مُجِيرُونَ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك، إِلاَّ أَن يكون على توهم طرح
الزائد حتى يكون الواحد كأَنه جائر ثم يكسر على فَعَلةٍ، وإِلاَّ فَلا وجه
له. أَبو الهيثم: الجارُ والمُجِيرُ والمُعِيذُ واحدٌ. ومن عاذ بالله أَي
استجار به أَجاره الله، ومن أَجاره الله لم يُوصَلْ إِليه، وهو سبحانه
وتعالى يُجِيرُ ولا يُجَارُ عليه أَي يعيذ. وقال الله تعالى لنبيه: قل
لَنْ يُجِيرَني من الله أَحدٌ؛ أَي لن يمنعنى من الله أَحد. والجارُ
والمُجِيرُ: هو الذي يمنعك ويُجْيرُك. واستْجَارَهُ من فلان فَأَجَارَهُ منه.
وأَجارَهُ الله من العذاب: أَنقذه. وفي الحديث: ويُجِيرُ عليهم أَدناهم؛
أَي إِذا أَجار واحدٌ من المسلمين حرّ أَو عبد أَو امرأَة واحداً أَو جماعة
من الكفار وخَفَرَهُمْ وأَمنَّهم، جاز ذلك على جميع المسلمين لا
يُنْقَضُ عليه جِوارُه وأَمانُه؛ ومنه حديث الدعاء: كما تُجِيرُ بين البحور؛ أَي
تفصل بينها وتمنع أَحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه. وفي حديث
القسامة: أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هذا برجل من الخمسين أَي تؤمنه منها ولا
تستحلفه وتحول بينه وبينها، وبعضهم يرويه بالزاي، أَي تأْذن له في ترك
اليمين وتجيزه. التهذيب: وأَما قوله عز وجل: وإِذْ زَيَّنَ لهم الشيطانُ
أَعْمَالَهُمْ وقال لا غالَب لَكُم اليومَ من الناسِ وإِني جَارٌ لكم؛ قال
الفرّاء: هذا إِبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة؛ قال وقوله: إِني جار
لكم؛ يريد أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم ومُعيذُكم من قومي بني كنانة
فلا يَعْرِضُون لكم، وأَن يكونوا معكم على محمد، صلى الله عليه وسلم، فلما
عاين إِبليس الملائكة عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هارباً، فقال له الحرثُ بن
هشام: أَفراراً من غير قتال؟ فقال: إِني بريء منكم إِني أَرَى ما لا
تَرَوْنَ إِني أَخافُ الله واللهُ شديدُ العقاب. قال: وكان سيد العشيرة إِذا
أَجار عليها إِنساناً لم يخْفِرُوه. وجِوارُ الدارِ: طَوَارُها. وجَوَّرَ
البناءَ والخِبَاءَ وغيرهما: صَرَعَهُ وقَلَبهَ؛ قال عُرْوَةُ بْنُ
الوَرْدِ:
قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ،
إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ
وتَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ. وضَرَبَهُ ضربةً تَجَوَّرَ منها أَي
سَقَطَ. وتَجَوَّرَ على فِرَاشه: اضطجع. وضربه فجوّره أَي صَرَعَهُ مثل
كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ وقال رجل من رَبِيعةِ الجُوعِ:
فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا،
وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقول الأَعلم الهذلي يصف رَحِمَ امرأَةٍ هجاها:
مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ
وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ
قال السُّكَّريُّ: عنى بالجائر العظيم من الدلاء.
والجَوَارُ: الماءُ الكثير؛ قال القطامي يصف سفينة نوح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام:
وَلَوْلاَ اللهُ جَارَ بها الجَوَارُ
أَي الماء الكثير. وغَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كثير المطر، مأْخوذ من هذا،
ورواه الأَصمعي: جُؤَرٌّ له صَوْتٌ؛ قال:
لا تَسْقِهِ صَيَّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ
ويروى غَرَّافٍ. الجوهري: وغَيْثٌ جِوَرٌّ مثال هِجَفٍّ أَي شديد صوت
الرعد، وبازِلٌ جِوَرٌّ؛ قال الراجز:
زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ،
أَعْيَا قَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَرِّ
دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ،
ثم شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ
والجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشديد. وبعير جِوَرٌّ أَي ضخم؛ وأَنشد:
بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التهذيب: الجَوَّارُ الذي يعمل لك في كرم أَو
بستان أَكَّاراً.
والمُجَاوَرَةُ: الاعتكاف في المسجد. وفي الحديث: أَنه كان يُجَاوِرُ
بِحِراءٍ، وكان يجاور في العشر الأَواخر من رمضان أَي يعتكف. وفي حديث
عطاء: وسئل عن المُجَاوِرِ يذهب للخلاء يعني المعتكف. فأَما المُجاوَرَةُ
بمكة والمدينة فيراد بها المُقَامُ مطلقاً غير ملتزم بشرائط الاعتكاف
الشرع.والإِجارَةُ، في قول الخليل: أَن تكون القافية طاء والأُخرى دالاً ونحو
ذلك، وغيره يسميه الإِكْفاءَ. وفي الــمصنف: الإِجازة، بالزاي، وقد ذكر في
أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ. والجارُ:
موضع بساحل عُمانَ. وفي الحديث ذِكْرُ الجارِ، هو بتخفيف الراء، مدينة
على ساحل البحر بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يوم وليلة.
وجيرانُ: موضع (قوله: «وجيران موضع» في ياقوب جيران، بفتح الجيم وسكون
الياء: قرية بينها وبين أَصبهان فرسخان؛ وجيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر
بين البصرة وسيراف، وقيل صقع من أَعمال سيراف بينها وبين عمان. اهـ.
باختصار)؛ قال الراعي:
كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ
مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ والضَّفْرِ
وجُورُ: مدينة، لم تصرف الماكن العجمة. الصحاح: جُورُ اسم بلد يذكر
ويؤنث.
جبر: الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي.
ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّارُ
النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّار
من أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في
صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار وهو القهر والإِكراه لا من
جَبَرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ
أَكْثَرُ، وقيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة،
ومنه قولهم: نخلة جَبَّارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. وفي حديث
أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار إِنما أَضافها إِلى الجبار دون باقي
أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ
والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي. وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع
الجَبَّار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد
بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب
العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه
كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالجبار
ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت:
وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّار عنيد،
وبالمصوِّرين. والجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال:
جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بكسر الجيم والباء،
والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ
والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هو بمعنى
الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً
كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى
عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ
يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى. والمتغطرف:
المتكبر. ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَجَبَّرَ الرجل: تكبر. وفي الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت والمَلَكُوت؛
هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر والقَهْرِ. وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ
وجَبَرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة
الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جباراً شقيّاً؛ أَي متكبراً
عن عبادة الله تعالى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته
امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
دَعُوها فإِنها جَبَّارَة أَي عاتية متكبرة. والجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق:
الشديد التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ
جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة. وقَلْبٌ جَبَّارٌ:
ذو كبر لا يقبل موعظة. ورجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل:
وما أَنتَ عليهم بِجَبَّارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. والجَبَّارُ: القَتَّال في غير
حق. وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ؛ وكذلك
قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ
جَبَّاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن
فيها قوماً جَبَّارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة
والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل وهو الطويل الذي
فات يَدَ المُتَناول. ويقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلاً عظيماً
قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال
وفات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه،
عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ
ونخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة. وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر
أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما
يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام
الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت،
والجمع جَبَّار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،
وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ
وحكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ
الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل
وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والجَبْرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن
جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن
أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
قال: ولم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك
ابن جني قال: وله في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب:
أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لم
يكن مَلِكاً. وقال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
أَي أَيها الرجل. والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. وروي عن ابن عباس في
جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو
الربوبية فأُضيف جبر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل
إِيل. ويقال: جبر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو
جبر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز ولا
يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،
يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها
قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛
وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال:
ويقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان:
وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ
وجَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بالنون.
والجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم والفقير واليتيم يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عن اللحياني. وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً
وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ. ويقال: جَبَّرْتُ الكَسِير
أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ،
وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ
ويقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي
انجَبَر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال:
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
واجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر
أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،
ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ
معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا
تجوروا وتميلوا. وفي حديث الدعاء: واجْبُرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَرَ
الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من
جَبْرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه
جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما
قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والجَبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء،
واحدتها جِبارَة وجَبِيرةٌ. والمُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام
المكسورة.والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ
الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ والجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام. وفي
حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من
جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من
معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ
لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال:
جَبَرْت وأَجْبَرَتُ بمعنى قهرت. وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم
المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو
عبيد: الجَبائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَارة
وجَبِيرَةٌ؛ وقال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا
بِ ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ
وجَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد
قول العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ
والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر.
أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَرَ
الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق
العبارتين. وقد استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا
مَجْبَرَ منها.
وتَجَبَّرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو
يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس:
ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً،
تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قوّ: موضع. واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. والرِّبَّةُ:
ضَرْبٌ من النبات. والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا
البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. وتَجَبَّرَ
النبت أَي نبت بعد الأَكل. وتَجَبَّر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه
الرَّطْبُ. وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال
للمريض: يوماً تراه مُتَجَبِّراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً
أَي صالح الحال. وتَجَبَّرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب
منه؛ وحكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه.
التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده:
وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد
الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَرَتِ
الإِيمانَ. وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها
الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ. وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وقال اللحياني: جَبَرَه لغة
تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ. والجَبْرُ: تثبيت وقوع
القضاء والقدر. والإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على
الحكم إِذا أَكرهه عليه.
أَبو الهيثم: والجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على
الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم
ما العبادُ. وأَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته
إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، وهو
كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. وتميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر
أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة. وكان الشافعي
يقول: جَبَرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح. وقيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ
لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه
وأَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد
كسره وجَبْرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على
الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال:
وجائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ
بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه،
كما قال العجاج:
قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. والجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة،
وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ. والجُبَارُ من الدَّمِ:
الهَدَرُ. وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ
جُبَارٌ؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ
ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَار
وقال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها
جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ
جُبَارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب:
والجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً. ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت
البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر،
وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ،
والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. وفي الصحاح: إِذا انهار على
من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. وفي الحديث: السائمةُ جُبَار؛
أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي
عمرو الشيباني. وجُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم
القديمة؛ قال:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،
فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء. والجَبَارُ: فِناءُ
الجَبَّان. والجِبَارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل:
الجَبَّارُ المَلِكُ واحدهم جَبْرٌ. والجَبَابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا
وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه
الذراع.
وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن
الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من
أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم
من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ،
أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من
الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ
الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله
أَعلم.
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو
ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال:
من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ
بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.
والمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط. وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً. وفي الحديث: لَلّهُ
عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد
أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.
وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن
شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل
سائرٌ للعرب.
ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة. وقالوا:
البصرة مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُه.
وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو. وتساقَط الشيءُ:
تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛
قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب:
يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها،
سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار. والمَسْقِطُ
مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ
السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط
النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطه أَي حيث ولد. وكلُّ مَن وقع
في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع
وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من
السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء،
ثلاث لغات. وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة
مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي
يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني
أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه
أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على
الأَب. وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً
مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً.
قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين
قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ
وغيرها إِذا أَلقت ولدها. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُه
بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط،
الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة. ومَسْقِطُ الرمل:
حيث ينتهي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه. وسَقِيطُ
السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض
مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز:
وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ،
طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ
ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه،
تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد
والقوم ونحوه. والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام
والثياب ونحوها. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من
الشيء. ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً
للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه. ويقال لخُرْثِيِّ
المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع
المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو
الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها. وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن
اللحياني، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما
يَسْقُط منه. والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك
ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي
اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم
عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ من
البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من
البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته
سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك
إِليه ومنه إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له
الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه
جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ. وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ:
فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه
وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة
الجعدي:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها
سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا
وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ
وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة،
وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ
فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ
حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه
وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون
الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام. وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به
يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب
حديث الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن
يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير:
ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا
حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا
(* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً،
وهو الكتوم للسر.)
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي
كاهل:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما
جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي،
وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ
مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها. والعَذارى: جمع عَذْراء. ويقال: فلان قليل
العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ
الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل. وأَسقط فلان من الحساب
إِذا أَلقى. وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ،
وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما
فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط. وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط،
بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله. وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في
أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك
فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي
سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون
في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي
النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في
أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على
ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور:
وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ
التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه،
ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه،
كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه،
حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ. وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ
النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو
الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً
على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل
إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال:
ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك
يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛
الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ
في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه
السَّواقِطُ؛ وأَنشد:
نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ
ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء:
ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق. وفي حديث أَهل النار:
ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم
وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.
وهذا الفعل مَسْقَطةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا
ينبغي.
والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ في الفرس: أَن
لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء
(* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل،
والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء
منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه
وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ
وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً. ويقال للفرس إِذا
سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ،
عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ
المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له. ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ
وغَلب؛ وقال يصف الثور:
كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ،
بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً
أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو
المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ:
ما يحملونه من التمر.
وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما
بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن
يقطع؛ قال المتنخل الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى
الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية
الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه
ومَسْقَطاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال:
رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه. والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛
وأَما قول الرَّاعي:
حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ
عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على
الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال
الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛
وقال العجاج يصف فرساً:
جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ،
وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ
قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو
(* قوله «أي يعدو إلخ» كذا
بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه. ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ
إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى.
قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ
الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي
صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.
وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ
حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ
الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً
وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو
الثَّلْجُ والجَلِيدُ.
عجز: العَجْزُ: نقيض الحَزْم، عَجَز عن الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً
فيهما؛ ورجل عَجِزٌ وعَجُزٌ: عاجِزٌ. ومَرَةٌ عاجِزٌ: عاجِزَةٌ عن
الشيء؛ عن ابن الأَعرابي. وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فلان إِذا نسبه إِلى خلاف
الحَزْم كأَنه نسبه إِلى العَجْز. ويقال: أَعْجَزْتُ فلاناً إِذا أَلفَيْتَه
عاجِزاً. والمَعْجِزَةُ والمَعْجَزَة: العَجْزُ. قال سيبويه: هو
المَعْجِزُ والمَعْجَزُ، بالكسر على النادر والفتح على القياس لأَنه مصدر.
والعَجْزُ: الضعف، تقول: عَجَزْتُ عن كذا أَعْجِز. وفي حديث عمر: ولا تُلِثُّوا
بدار مَعْجِزَة أَي لا تقيموا ببلدة تَعْجِزُون فيها عن الاكتساب
والتعيش، وقيل بالثَّغْر مع العيال. والمَعْجِزَةُ، بفتح الجيم وكسرها، مفعلة
من العَجْز: عدم القدرة. وفي الحديث: كلُّ شيءٍ بِقَدَرٍ حتى العَجْزُ
والكَيْسُ، وقيل: أَراد بالعَجْز ترك ما يُحبُّ فعله بالتَّسويف وهو عامّ في
أُمور الدنيا والدين. وفي حديث الجنة: ما لي لا يَدْخُلُني إِلاَّ
سَقَطُ الناس وعَجَزُهُم؛ جمع عاجِزٍ كخادِمٍ وخَدَم، يريد الأَغْبِياءَ
العاجِزِين في أُمور الدنيا. وفحل عَجِيزٌ: عاجز عن الضِّراب كعَجِيسٍ؛ قال
ابن دُرَيْد: فحل عَجِيزٌ وعَجِيسٌ إِذا عَجَز عن الضِّراب؛ قال الأَزهري
وقال أَبو عبيد في باب العنين: هو العَجِيز، بالراء، الذي لا يأْتي
النساء؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصحيح، وقال الجوهري: العَجِيز الذي لا يأْتي
النساء، بالزاي والراء جميعاً. وأَعْجَزَه الشيءُ: عَجَزَ عنه.
والتَّعْجِيزُ: التَّثْبِيط، وكذلك إِذا نسبته إِلى العَجْز. وعَجَّزَ
الرجلُ وعاجَزَ: ذهب فلم يُوصَل إِليه. وقوله تعالى في سورة سبأ: والذين
سَعَوْا في آياتنا مُعاجِزِين؛ قال الزجاج: معناه ظانِّين أَنهم
يُعْجِزُوننا لأَنهم ظنوا أَنهم لا يُبعثون وأَنه لا جنة ولا نار، وقيل في
التفسير: مُعاجزين معاندين وهو راجع إِلى الأَوّل، وقرئت مُعَجِّزين، وتأْويلها
أَنهم يُعَجِّزُون من اتبع النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُثَبِّطُونهم
عنه وعن الإِيمان بالآيات وقد أَعْجَزهم. وفي التنزيل العزيز: وما أَنتم
بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء؛ قال الفاء: يقول القائل كيف وصفهم
بأَنهم لا يُعْجِزُونَ في الأَرض ولا في السماء وليسوا في أَهل السماء؟
فالمعنى ما أَنتم بمُعْجِزِينَ في الأَرض ولا من في السماء بمُعْجِزٍ، وقال
أَبو إِسحق: معناه، والله أَعلم، ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا لو
كنتم في السماء، وقال الأَخفش: معناه ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض
ولا في السماء أَي لا تُعْجِزُوننا هَرَباً في الأَرض ولا في السماء، قال
الأَزهري: وقول الفراء أَشهر في المعنى ولو كان قال: ولا أَنتم لو كنتم في
السماء بمُعْجِزِينَ لكان جائزاً، ومعنى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ،
يقال: أَعْجَزَني فلان أَي فاتني؛ ومنه قول الأَعشى:
فَذاكَ ولم يُعْجِزْ من الموتِ رَبَّه،
ولكن أَتاه الموتُ لا يَتَأَبَّقُ
وقال الليث: أَعْجَزَني فلان إِذا عَجَزْتَ عن طلبه وإِدراكه. وقال ابن
عرفة في قوله تعالى مُعاجِزِينَ أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَولياءَ
الله أَي يقاتلونهم ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عن أَمر الله،
وليس يَعْجِزُ اللهَ، جل ثناؤه، خَلْقٌ في السماء ولا في الأَرض ولا
مَلْجَأَ منه إِلا إِليه؛ وقال أَبو جُنْدب الهذلي:
جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُم دَلِيلاً،
وفاتُوا في الحجازِ ليُعْجِزُوني
(* قوله« عزان» هو هكذا بضبط الأصل. وقوله «فاتوا في الحجاز» كذا بالأصل
هنا، والذي تقدم في مادة ح ج ز: وفروا بالحجاز.)
وقد يكون أَيضاً من العَجْز. ويقال: عَجَزَ يَعْجِزُ عن الأَمر إِذا
قَصَرَ عنه. وعاجَزَ إلى ثِقَةٍ: مالَ إليه. وعاجَزَ القومُ: تركوا شيئاً
وأَخذوا في غيره. ويقال: فلان يُعاجِزُ عن الحق إلى الباطل أَي يلجأُ إليه.
ويقال: هو يُكارِزُ إلى ثقة مُكارَزَةً إذا مال إليه.
والمُعْجِزَةُ: واحدة مُعْجِزات الأَنبياء، عليهم السلام. وأَعْجاز
الأُمور: أَواخِرُها. وعَجْزُ الشيء وعِجْزُه وعُجْزُه وعَجُزُه وعَجِزُه:
آخره، يذكر ويؤنث؛ قال أَبو خِراش يصف عُقاباً:
بَهِسيماً ، غيرَ أَنَّ العَجْزَ منها
تَخالُ سَرَاتَه لَبَناً حَلِيبا
وقال اللحياني: هي مؤنثة فقط. والعَجُز: ما بعد الظهر منه، وجميع تلك
اللغات تذكر وتؤنث، والجمع أَعجاز، لا يُكَسَّر على غير ذلك. وحكى
اللحياني: إِنها لعظيمة الأَعْجاز كأَنهم جعلوا كل جزء منه عَجُزاً، ثم جمعوا على
ذلك. وفي كلام بعض الحكماء: لا تُدَبِّرُوا أَعْجازَ أُمور قد وَلَّت
صُدورُها؛ جمع عَجُزٍ وهو مؤخر الشيء، يريد بها أَواخر الأُمور وصدورها؛
يقول: إِذا فاتَكَ أَمرٌ فلا تُتْبِعه نفسَك متحسراً على ما فات وتَعَزَّ
عنه متوكلاً على الله عز وجل؛ قال ابن الأَثير: يُحَرِّض على تَدَبُّر
عواقب الأُمور قبل الدخول فيها ولا تُتْبَع عند تَوَلِّيها وفواتها.
والعَجُزُ في العَرُوض: حذفك نون «فاعلاتن» لمعاقبتها أَلف«فاعلن» هكذا عبر
الخليل عنه ففسر الجَوْهر الذي هو العَجُز بالعَرَض الذي هو الحذف وذلك تقريب
منه، وإِنما الحقيقة أَن تقول العَجُز النون المحذوفة من «فاعلاتن»
لمعاقبة أَلف «فاعلن» أَو تقول التَّعْجيز حذف نون« فاعلاتن» لمعاقبة أَلف«
فاعلن» وهذا كله إِنما هو في المديد. وعَجُز بيت الشعر: خلاف صدره.
وعَجَّز الشاعرُ: جاء بعَجُز البيت. وفي الخبر: أَن الكُمَيْت لما افتتح قصيدته
التي أَولها:
أَلا حُيِّيتِ عَنَّا يا مَدِينا
أَقام بُرْهة لا يدري بما يُعَجِّز على هذا الصدر إِلى أَن دخل حمَّاماً
وسمع إِنساناً دخله، فسَلَّم على آخر فيه فأَنكر ذلك عليه فانتصر بعض
الحاضرين له فقال: وهل بأْسٌ بقول المُسَلِّمِينَ؟ فاهْتَبلَها الكُمَيْتُ
فقال:
وهل بأْسٌ بقول مُسَلِّمِينا؟
وأَيامُ العَجُوز عند العرب خمسة أَيام: صِنّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهُما
وَبْرٌ ومُطْفِئُ الجَمْر ومُكْفِئُ الظَّعْن؛ قال ابن كُناسَة: هي من
نَوْءِ الصَّرْفَة، وقال أَبو الغَوْث: هي سبعة أَيام؛ وأَنشد لابن
أَحمر:كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ،
أَيَّامِ شَهْلَتِنا من الشَّهْرِ
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها، ومَضتْ
صِنٌّ وصِنِّبْرٌ مع الوَبْرِ،
وبآمِرٍ وأَخيه مُؤْتَمِرٍ،
ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئِ الجَمْرِ
ذهبَ الشِّتاء مُوَلِّياً عَجِلاً،
وأَتَتْكَ واقِدَةٌ من النَّجْرِ
قال ابن بري: هذه الأَبيات ليست لابن أَحمر وإِنما هي لأَبي شِبْلٍ
الأَعرابي؛ كذا ذكره ثعلب عن ابن الأَعرابي.
وعَجِيزَةُ المرأَة: عَجُزُها، ولا يقال للرجل إِلا على التشبيه،
والعَجُزُ لهما جميعاً. ورجل أَعْجَزُ وامرأَة عَجْزاءُ ومُعَجِّزَة: عظيما
العَجِيزَةِ، وقيل: لا يوصف به الرجلُ. وعَجِزَت المرأَة تَعْجَزُ عَجَزاً
وعُجْزاً، بالضم: عَظُمَتْ عَجِيزَتُها، والجمع عَجِيزاتٌ، ولا يقولون
عَجائِز مخافة الالتباس. وعَجُزُ الرجل: مؤَخَّره، وجمعه الأَعْجاز، ويصلح
للرجل والمرأَة، وأَما العَجِيزَةُ فعَجِيزَة المرأَة خاصة. وفي حديث
البراء، رضي الله عنه: أَنه رفع عَجِيزَته في السجود؛ قال ابن الأَثير:
العَجِيزَة العَجُز وهي للمرأَة خاصة فاستعارها للرجل. قال ثعلب: سمعت ابن
الأَعرابي يقول: لا يقال عَجِزَ الرجلُ، بالكسر، إِلا إِذا عظم عَجُزُه.
والعَجْزاء: التي عَرُض بطنُها وثَقُلَت مَأْكَمَتُها فعظم عَجُزها؛
قال:هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً
تَمَّتْ، فليس يُرَى في خَلْقِها أَوَدُ
وتَعَجَّزَ البعيرَ: ركِبَ عَجُزَه. وروي عن علي، رضي الله عنه، أَنه
قال: لنا حقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخذه وإِن نُمْنَعْه نركب أَعْجازَ الإِب
وإِن طال السُّرى؛ أَعْجاز الإِبل: مآخيرها والركوب عليها شاقّ؛ معناه إِن
مُنِعْنا حقنا ركبنا مَرْكَب المشقة صابرين عليه وإِن طال الأَمَدُ ولم
نَضْجَر منه مُخِلِّين بحقنا؛ قال الأَزهري: لم يرد عليٌّ، رضي الله عنه،
بقوله هذا ركوبَ المشقة ولكنه ضرب أَعْجاز الإِبل مثلاً لتقدم غيره عليه
وتأْخيره إِياه عن حقه، وزاد ابن الأَثير: عن حقه الذي كان يراه له وتقدّم
غيره وأَنه يصبر على ذلك، وإِن طال أَمَدُه، فيقول: إِن قُدِّمْنا
للإِمامة تقدّمنا، وإِن مُنِعْنا حقنا منها وأُخِّرْنا عنها صبرنا على
الأُثْرَة علينا، وإِن طالت الأَيام؛ قال ابن الأَثير: وقيل يجوز أَن يريد وإِن
نُمْنَعْه نَبْذُل الجهد في طلبه، فِعْلَ مَنْ يضرب في ابتغاء طَلِبَتِه
أَكبادَ الإِبل، ولا نبالي باحتمال طول السُّرى، قال: والوجه ما تقدم
لأنه سَلَّم وصبر على التأَخر ولم يقاتل، وإِنما قاتل بعد انعقاد الإِمامة
له.
وقال رجل من ربيعة بن مالك: إِن الحق بِقَبَلٍ، فمن تعدّاه ظلَم، ومن
قَصَّر عنه عَجَزَ، ومن انتهى إِليه اكتفى؛ قال: لا أَقول عَجِزَ إِلاَّ من
العَجِيزَة، ومن العَجْز عَجَز. وقوله بِقَبَلٍ أَي واضحٌ لك حيث تراه،
وهو مثل قولهم إِن الحق عاري
(* قوله« عاري» هكذا هو في الأصل.) وعُقاب
عَجْزاءُ: بمؤخرها بياض أَو لون مخالف، وقيل: هي التي في ذَنَبها مَسْح
أَي نقص وقصر كما قيل للذنَب أَزَلُّ، وقيل: هي التي ذنبها ريشة بيضاء أَو
ريشتان، وقيل: هي الشديدة الدائرة؛ قال الأَعشى:
وكأَنّما تَبِعَ الصِّوارُ، بِشَخْصِها،
عَجْزاءَ تَرْزُقُ بالسُّلَيِّ عِيالَها
والعَجَزُ: داء يأْخذ الدواب في أَعْجازِها فتثقل لذلك، الذكر أَعْجَزُ
والأُنثى عَجْزاءُ.
والعِجازَة والإِعْجازَة: ما تُعَظِّم به المرأَةُ عَجِيزَتَها، وهي شيء
شبيه بالوسادة تشده المرأَة على عَجُزِها لِتُحْسَبَ أَنها عَجْزاءُ.
والعِجْزَةُ وابن العِجْزَةِ: آخر ولد الشيخ، وفي الصحاح: العِجْزَةُ،
بالكسر، آخرُ ولد الرجل. وعِجْزَةُ الرجل: آخر ولد يولد له؛ قال:
واسْتَبْصَرَتْ في الحَيِّ أَحْوى أَمْرَدا،
عَجِزَةَ شَيْخَينِ يُسَمَّى مَعْبَدا
يقال: فلان عِجْزَةُ ولد أَبويه أَي آخرهم، وكذلك كِبْرَةُ ولد أَبويه،
والمذكر والمؤنث والجمع والواحد في ذلك سواء. ويقال: وُلِدَ لِعِجْزَةٍ
أَي بعدما كَبِر أَبواه.
والعِجازَةُ: دائرة الطائر، وهي الأُصبع المتأَخرة.
وعَجُزُ هَوازِنَ: بنو نَصْر بن معاوية وبنو جُشَمِ ابن بكر كأَنه
آخرهم.وعِجْزُ القوس وعَجْزها ومَعْجِزُها: مَقْبِضها؛ حكاه يعقوب في المبدل،
ذهب إِلى أَن زايه بدل من سينه، وقال أَبو حنيفة: هو العِجْز ولا يقال
مَعْجِز، وقد حكيناه نحن عن يعقوب. وعَجْز السكين: جُزْأَتُها؛ عن أَبي
عبيد.
والعَجُوز والعَجُوزة من النساء: الشَّيْخَة الهَرِمة؛ الأَخيرة قليلة،
والجمع عُجُز وعُجْز وعَجائز، وقد عَجَزَت تَعْجُزْ عَجْزاً وعُجوزاً
وعَجَّزَتْ تُعَجِّزُ تَعْجِيزاً: صارت عَجُوزاً، وهي مُعَجِّز، والاسم
العُجْز. وقال يونس: امرأَة مُعَجِّزة طعنت في السن، وبعضهم يقول: عَجَزَت،
بالتخفيف. قال الأَزهري: والعرب تقول لامرأَة الرجل وإِن كانت شابة: هي
عَجُوزُهُ، وللزوج وإِن كان حَدَثاً: هو شَيْخُها، وقال: قلت لامرأَة من
العرب: حالبي زوجكِ، فَتَذَمَّرَتْ وقالت: هلا قلتَ حالبي شَيْخَكِ؟ ويقال
للرجل عَجُوز وللمرأَة عَجُوز. ويقال: اتَّقِي الله في شَبِيبَتِكِ
وعُجْزِك أَي بعدما تصيرين عَجُوزاً. قال ابن السكيت: ولا تقل عَجُوزَة
والعامة تقوله. وفي الحديث: إِن الجنة لا يدخلها العُجُز؛ وفيه: إِياكم
والعُجُزَ العُقُرَ؛ قال ابن الأَثير: العُجُز جمع عَجُوز وعَجُوزة، وهي المرأَة
الكبيرة المسنَّة، والعُقُر جمع عاقِرٍ، وهي التي لا تلد. ونَوى
العَجُوزِ: ضرب من النَّوَى هَشٌّ تأْكله العَجُوزُ لِلينِه كما قالوا نَوى
العَقُوقِ، وقد تقدّم. والعَجُوز: الخمر لقدمها؛ قال الشاعر:
لَيْتَهُ جامُ فِضَّةٍ من هَدايا
هُ، سِوى ما به الأَمِيرُ مُجِيزِي
إِنما أَبْتَغِيهِ للعَسَلِ المَمْـ
ـزُوجِ بالماءِ، لا لِشُرْبِ العَجُوزِ
وفي التهذيب: يقال للخمر إِذا عَتَقَتْ عَجُوز. والعَجُوز: القِبْلة.
والعَجُوز: البقرة. والعَجُوز: نَصْل السيف؛ قال أَبو المِقْدام:
وعَجُوز رأَيتُ في فَمِ كَلْبٍ،
جُعِلَ الكلبُ للأَمِيرِ حَمالا
الكلبُ: ما فوق النصل من جانبيه، حديداً كان أَو فضة، وقيل: الكلب مسمار
في قائم السيف، وقيل: هو ذُؤابَتُه. ابن الأَعرابي: الكلب مسمار مَقْبِض
السيف، قال: ومعه الآخر يقال له العَجُوز.
والعَجْزاءُ: حَبْل من الرمل مُنْبِت، وفي التهذيب: العَجْزاءُ من
الرمال حَبْل مرتفع كأَنه جَلَدٌ ليس بِرُكام رمل وهو مَكْرُمَة للنبت،،
والجمع العُجْز لأَنه نعت لتلك الرملة. والعَجُوز: رملة بالدَّهْناء؛ قال يصف
داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاءِ العَجُوزِ، كأَنها
دَوائرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
ورجل مَعْجُوزٌ ومَشْفُوهٌ ومَعْرُوكٌ ومَنْكُودٌ إِذا أُلِحَّ عليه في
المسأَلة؛ عن ابن الأَعرابي.
والعَجْزُ: طائر يضرب إِلى الصُّفرة يُشْبه صوتُه نُباح الكلب الصغير
يأْخذ السَّخْلَة فيطير بها ويحتمل الصبي الذي له سبع سنين، وقيل:
الزُّمَّجُ، وجمعه عِجْزان.
وفي الحديث: أَنه قَدِمَ على النبي، صلى الله عليه وسلم، صاحبُ كِسْرى
فوهب له مِعْجَزَةً فسُمِّيَ ذا المِعْجَزَة، هي بكسر الميم، المِنْطَقَة
بلغة اليمن؛ قال: وسميت بذلك لأَنها تلي عَجُزَ المُتَنَطِّق بها، والله
أَعلم.
ظفر: الظُّفْرُ والظُّفُرُ: معروف، وجمعه أَظْفارٌ وأُظْفورٌ وأَظافيرُ،
يكون للإِنسان وغيره، وأَما قراءة من قرأَ: كل ذي ظِفْر، بالكسر، فشاذ
غير مأْنوسٍ به إِذ لا يُعْرف ظِفْر، بالكسر، وقالوا: الظُّفْر لما لا
يَصِيد، والمِخْلَبُ لما يَصِيد؛ كله مذكر صرح به اللحياني، والجمع أَظفار،
وهو الأُظْفُورُ، وعلى هذا قولهم أَظافيرُ، لا على أَنه حمع أَظفار الذي
هو جمع ظُفْر لأَنه ليس كل جمع يجمع، ولهذا حمل الأَخفش قراءة من قرأَ:
فَرُهُنٌ مقبوضة، على أَنه جمع رَهْن ويُجَوّز قِلَّته لئلا يضْطَرَّه
إِلى ذلك أَن يكون جمعَ رِهانٍ الذي هو جمعُ رَهْنٍ، وأَما من لم يقل إِلاَّ
ظُفْر فإِن أَظافِيرَ عنده مُلْحَقةٌ بباب دُمْلوج، بدليل ما انضاف
إِليها من زيادة الواو معها؛ قال ابن سيده: هذا مذهب بعضهم. الليث: الظُّفْر
ظُفْر الأُصبع وظُفْر الطائر، والجمع الأَظفار، وجماعة الأَظْفار
أَظافِيرُ، لأَن أَظفاراً بوزن إِعْصارٍ، تقول أَظافِيرُ وأَعاصيرُ، وإِنْ جاء
ذلك في الأَشعار جاز ولا يُتَكلّم به بالقياس في كل ذلك سواء غير أَن
السمع آنَسُ، فإِذا ورد على الإِنسان شيء لم يسمعه مستعملاً في الكلام
اسْتوحَشَ منه فَنَفَر، وهو في الأَشعار جيّدٌ جائز. وقوله تعالى: وعلى الذين
هادُوا حَرّمْنا كلَّ ذي ظُفُرٍ؛ دخل في ذي الظُّفْرِ ذواتُ المناسم من
الإِبل والنعامِ لأَنها كالأَظْفار لها.
ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار عريضُها، ولا فَعْلاء لها من جهة السماع،
ومَنْسِم أَظْفَرُ كذلك؛ قال ذو الرمة:
بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذا اصْمَعَدّتْ
على وَهَلٍ، وأَصفَرَ كالعَمُودِ
والتَّظْفيرُ: غَمْزُ الظُّفْرِ في التُّفَّاحة وغيرها.
وظَفَرَه يَظْفِرُه وظَفَّرَه واظِّفَرَه: غرزَ في وَجْهه ظُفْرَه.
ويقال: ظَفَّرَ فلانٌ في وَجْهِ فلانٍ إِذا غَرَزَ ظُفْرَه في لحمه فعَقَره،
وكذلك التَّظْفِيرُ في القِثَّاء والبطِِّيخ. وكلُّ ما غَرَزْت فيه
ظُفْرَك فشَدَخْتَه أَو أَثّرْتَ فيه، فقد ظَفَرْته؛ أَنشد ثعلب لخَنْدَق بن
إِياد:
ولا تُوَقّ الحََلْقَ أَن تَظَفّرَا
واظّفَرَ الرجلُ واطَّفَر أَي أَعْلَقَ ظُفْرَه، وهو افتعل فأَدغم؛ وقال
العجاج يصف بازياً:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
أَبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فَانْكَدَرْ
شاكِي الكَلالِيبِ إِذا أَهْوَى اظَّفَرْ
الكَلالِيبُ: مَخالِيبُ البازي، الواحد كَلّوب. والشاكي: مأْخوذ من
الشَّوْكةِ، وهو مقلوب، أَي حادُّ المَخالِيبِ. واظّفَرَ أَيضاً: بمعنى
ظَفِرَ بهم.
ورجل مُقلَّم الظُّفْرِ عن الأَذَى وكَلِيل الظُّفْرِ عن العِدَى، وكذلك
على المثل. ويقال للرجل: إِنه لمَقْلُومُ الظُّفُرِ أَي لا يُنْكي
عَدُوّاً؛ وقال طرفة:
لَسْتُ بالفَانِي ولا كَلِّ الظُّفُرْ
ويقال للمَهين: هو كَليلُ الظُّفُرِ. ورجل أَظْفَرُ بَيِّن الظُّفُرِ
إِذا كان طويلَ الأَظْفارِ، كما تقول رجل أَشْعَرُ طويل الشعر. ابن سيده:
والظُّفْرُ ضَرْبٌ من العِطْر أَسْوَدُ مُقْتَلَفٌ من أَصله على شكل ظُفْر
الإِنسان، يوضع في الدخنة، والجمع أَظْفارٌ وأَظافِيرُ، وقال صاحب
العين: لا واحد له، وقال الأَزهري: لا يُفْرَدُ منه الواحد، قال: وربما قال
بعضهم أَظْفارةٌ واحدة وليس بجائز في القياس، ويجمعونها على أَظافِيرَ،
وهذا في الطِّيب، وإِذا أُفرد شيء من نحوها ينبغي أَن يكون ظُفْراً وفُوهاً،
وهم يقولون أَظفارٌ وأَظافِيرُ وأَفْواهٌ وأَفاوِيهُ لهذين العِطْرَينِ.
وظَفَّرَ ثَوبه: طيَّبَه بالظُّفْر. وفي حديث أُمّ عطيّة: لا تَمَسّ
المُحِدّ إِلاَّ نُبْذَةً من قُسْطِ أَظفارٍ، وفي رواية: من قُسْطِ وأَظفار؛
قال: الأَظْفارُ جنس من الطِّيب، لا واحد له من لفظه، وقيل: واحدة
ظُفْر، وهو شيء من العِطْر أَسود والقطعةُ منه شبيهةٌ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَت
الأَرض: أَخْرجت من النبات ما يمكن احتفاره بالظُّفْرِ. وظَفِّرَ
العَرْفَجُ والأَرْطى: خرج منه شِبهُ الأَظفار وذلك حين يُخَوِّصُ. وظَفَّرَ
البَقْلُ: خرج كأَنه أَظفارُ الطائر. وظَفَّرَ النَّصِيُّ والوَشِيجُ
والبَرْدِيُّ والثُّمامُ والصَّلِّيَانُ والعَرَزُ والهَدَبُ إِذا خرج له
عُنْقُرٌ أَصفر كالظُّفْرِ، وهي خُوصَةٌ تَنْدُرُ منه فيها نَوْرٌ أَغبر.
الكسائي: إِذا طلع النبت قيل: قد ظَفَّرَ تَظْفِيراً؛ قال أَبو منصور: هو
مأْخوذ من الأَظْفارِ. الجوهري: والظَّفَرْ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض
وأَنبت.ويقال: ظَفَّرَ النبتُ إِذا طلع مقدار الظُّفْرِ.
والظُّفْرُ والظَّفَرَةُ، بالتحريك: داء يكون في العين يَتَجَلَّلُها
منه غاشِيةٌ كالظُّفْرِ، وقيل: هي لحمة تنبت عند المَآقي حتى تبلغ السواد
وربما أَخَذَت فيه، وقيل: الظَّفَرَةُ، بالتحريك، جُلَيْدَة تُغَشِّي
العينَ تنبت تِلْقَاءَ المَآقي وربما قُطعت، وإِن تُركت غَشِيَتْ بَصر العين
حتى تَكِلَّ، وفي الصحاح: جُلَيْدة تُغَشِّي العين نَابتة من الجانب الذي
يلي الأَنف على بياض العين إِلى سوادهَا، قال: وهي التي يقال لها
ظُفْرٌ؛ عن أَبي عبيد. وفي صفة الدجال: وعلى عينه ظَفَرَةٌ غليظة، بفتح الظاء
والفاء، وهي لحمة تنبت عند المَآقي وقد تمتد إِلى السواد فتُغَشِّيه؛ وقد
ظَفِرَتْ عينُه، بالكسر، تَظْفَرُ ظَفَراً، فهي ظَفِرَةٌ. ويقال ظُفِرَ
فلانٌ، فهو مَظْفُورٌ؛ وعين ظَفِرَةٌ؛ وقال أَبو الهيثم:
ما القولُ في عُجَيِّزٍ كالحُمّره،
بِعَيْنها من البُكاء ظَفَرَه،
حَلَّ ابنُها في السِّجْن وَسْطَ الكَفَرَه؟
الفراء: الظَّفَرَةُ لحمة تنبت في الحَدَقَةِ، وقال غيره: الظُّفْر لحم
ينبت في بياض العين وربما جلل الحَدَقَةَ.
وأَظْفَارُ الجلد: ما تكسر منه فصارت له غُصُونٌ. وظَفَّرَ الجلدَ:
دَلَكَهُ لِتَمْلاسَّ أَظْفارُه. الأَصمعي: في السِّيَةِ الظُّفْرُ وهو ما
وراء معْقِدِ الوتَرِ إِلى طرَف القَوْس، والجمع ظِفَرَةٌ؛ قال الأَزهري:
هنا يقال للظُّفْرِ أُظْفُورٌ، وجمعه أَظافير؛ وأَنشد:
ما بَيْنَ لُقْمَتِها الأُولى، إِذا ازْدَرَدتْ،
وبَيْنَ أُخْرَى نَلِيها، قِيسُ أُظْفُورِ
والظَّفَرُ، بالفتح: الفوز بالمطلوب. الليث: الظَّفَرُ الفوز بما طلبتَ
والفَلْجُ على من خاصمت؛ وقد ظَفِرَ به وعليه وظَفِرَهُ ظَفَراً، مثل
لَحِقَ به ولَحِقَهُ فهو ظَفِرٌ، وأَظْفَرَهُ الله به وعليه وظَفَّرَهُ به
تَظْفِيراً. ويقال: ظَفِرَ اللهُ فُلاناً على فلان، وكذلك أَظْفَرَهُ
اللهُ. ورجل مُظَفَّرٌ وظَفِرٌ وظِفِّيرٌ: لا يحاول أَمراً إِلاَّ ظَفِرَ به؛
قال العجير السلولي يمدح رجلاً:
هو الظَّفِرُ المَيْمُونُ، إِنْ رَاحَ أَو غَدَا
به الركْبُ، والتِّلْعابةُ المُتَحَبِّبُ
ورجل مُظَفَّرٌ: صاحب دَوْلَةٍ في الحرب. وفلان مُظَفَّرٌ: لا يَؤُوب
إِلاَّ بالظَّفَر فثُقِّلَ نعتُه للكثرة والمبالغة. وإِن قيل: ظَفَّرَ الله
فلاناً أَي جعله مُظَفَّراً جاز وحسُن َأَيضاً. وتقول: ظَفَّره ظَفَّره
الله عليه أَي غَلّبه عليه؛ وكذلك إِذا سئل: أَيهما أَظْفَرُ، فأَخْبِرْ
عن واحد غلَب الآخر؛ وقد ظَفّره. قال الأَخفش: وتقول العرب: ظَفِرْت عليه
في معنى ظَفِرْت به. وما ظَفَرتْكَ عَيْني مُنْذ زمانٍ أَي ما رَأَتْك،
وكذلك ما أَخَذَتْكَ عيني مند حين. وظَفَّرَه: دَعا لَه بالظَّفَر؛
وظَفِرْت به، فأَنا ظافرٌ وهو مَظْفُورٌ به. ويقال: أَظْفَرَنيِ الله به.
وتَظَافَرَ القومُ عليه وتظاهَرُوا بمعنى واحد.
وظَفارِ مثل قَطَامِ مبنية: موضع، وقيل: هي قَرْية من قُرَى حِمْير
إِليها ينسب الجَزْع الظَّفارِيّ، وقد جاءت مرفوعة أُجْرِيَت مُجْرَى رَبابِ
إِذا سَمّيْتَ بها. ابن السكيت: يقال جَزْعٌ ظَفارِيّ منسوب إِلى ظَفارِ
أَسد مدينة باليمن، وكذلك عُودٌ ظَفارِيّ منسوب، وهو العود الذي
يُتَبَخّر به؛ ومنه قولهم: مَنْ دَخل ظَفارِ حَمّرَ أَي تعلم الحِمْيَريّة؛ وقيل:
كل أَرض ذات مَغَرّةٍ ظَفارِ. وفي الحديث: كان لباسُ آدَم، عليه السلام،
والظُّفُر؛ أَي شيء يُشْبِه الظُّفُرَ في بياضه وصفائه وكثافِته. وفي
حديث الإِفْكِ: عِقد من جَزْع أَظفار؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي وأُريد
بها العطْرُ المذكور أَوَّلاً كأَنه يؤخذ فيُثْقَبُ ويُجْعل في العِقْد
والقلادة؛ قال: والصحيح في الرواية أَنه من جَزْعِ ظَفارِ مدينة لحِمْير
باليمن. والأَظْفارُ: كِبارُ القِرْدانِ وكواكبُ صِغارٌ.
وظَفْرٌ ومُظَفَّرٌ ومِظْفارٌ: أَسماء. وبنو ظَفَر: بَطْنانِ بطن في
الأَنصار.، وبطن في بني سليم.
غدر: ابن سيده: الغَدْرُ ضدُّ الوفاء بالعهد. وقال غيره: الغَدْرُ ترك
الوفاء؛ غدَرَهُ وغَدَر به يَغْدِرُ غَدْراً. تقول: غَدَرَ إِذا نقض
العهد، ورجل غادِرٌ وغَدَّارٌ وغِدِّيرٌ وغَدُور، وكذلك الأُنثى بغير هاء،
وغُدَرُ وأَكثر ما يستعمل هذا في النداء في الشتم يقال: يا غُدَرُ وفي
الحديث: يا غُدَرُ أَلَسْتُ أَسْعَى في غَدْرَتكففقال في الجمع: يالَ غُدَر.
وفي حديث الحديبية: قال عروة بن مسعود للمُغِيرة: يا غُدَرُ، وهل
غَسَلْتَ غَدْرَتك إِلا بالأَمس؟ قال ابن الأًثير: غُدَر معدول عن غادِر
للمبالغة، ويقال للذكر غُدَر والأُنثى غَدارِ كقَطامِ، وهما مختصّان بالنداء في
الغالب؛ ومنه حديث عائشة: قالت للقاسم: اجْلِسْ غُدَرُ أَي يا غُدَرُ
فحذفت حرفَ النداء؛ ومنه حديث عاتكة: يا لَغُدَر يا لَفُجَر قال ابن سيده:
قال بعضهم يقال للرجل يا غُدَر ويا مَغْدَر ويا مَغْدِر ويا ابن مَغْدِر
ومَغْدَر، والأُنثى يا غَدارِ لا يستعمل إِلا في النداء؛ وامرأَة غَدّار
وغدّارة. قال: ولا تقول العرب هذا رجل غُدَر لأَن الغُدَر في حال
المعرفة عندهم. وقال شمر: رجل غُدَرٌ أَي غادِرٌ، ورجل نُصَرٌ أَي ناصرٌ، ورجل
لُكَعٌ أَي لَئيم؛ قال الأَزهري: نَوَّنها كلها خلاف ما قال الليث وهو
الصواب، إِنما يترك صَرْف باب فُعَل إِذا كان اسماً معرفة مثل عُمَر
وزُفَر. وفي الحديث: بين يَدَي الساعة سِنونَ غدّارةٌ يَكثُر المطرُ ويَقِلّ
النبات؛ هي فَعّالة من الغَدْر أَي تُطْمِعُهم في الخِصْب بالمطر ثم
تُخْلِف فجعل ذلك غَدْراً منها. وفي الحديث: أَنه مر بأَرض يقال لها غَدِرة
فسماها خَضِرة كأَنها كانت لا تسمح بالنبات، أَو تنبت ثم تُسْرِع إِليه
الآفةُ، فشبِّهَت بالغادر لأَنه لا يَفِي؛ وقد تكرر ذكر الغَدْرِ على اختلاف
تصرُّفه في الحديث. وغدرَ الرجلُ غَدْراً وغَدَراناً؛ عن اللحياني؛ قال
ابن سيده: ولست منه على ثقة. وقالوا: الئذب غادرٌ أَي لا عهد له، كما
قالوا: الذِّئب فاجر.
والمغادَرة: الترك. وأَغْدَرَ الشيءَ: تركه وبقّاه. حكى اللحياني:
أَعانني فُلانٌ فأَغْدَرَ له ذلك في قلبي مَوَدَّةً أَي أَبْقاها. والغُدرَة:
ما أُغْدِرَ من شيء، وهي الغُدَارة؛ قال الأَفْوه:
في مُضَرَ الحَمْراء لم يَتَّركْ
غُدَارةً، غير النِّساء الجُلوس
وعلى بني فلان غَدَرةٌ من الصدقَة وغَدَرٌ أَي بقيّة. وأَلْقَت الناقةُ
غَدَرَها أَي ما أَغْدَرَتْه رَحِمُها من الدم والأَذى. ابن السكيت:
وأَلقتِ الشاة غُدُورَها وهي بقايا وأَقذاءٌ تبقى في الرحم تلقيها بعد
الولادة. وقال أَبو منصور: واحدة الغِدَر غِدْرة ويجمع غِدَاراً وغِدَرات؛ وروى
بيت الأعشى:
لها غِدَرات واللواحِقُ تَلْحَق
وبه غادِرٌ من مرض وغابِرٌ أَي بقية. وغادَرَ الشيء مُغَادَرة وغِداراً
وأَغْدَرَه: تركه. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ليتني
غُودِرْت مع أَصحاب نُحْصِ الجبل؛ قال أَبو عبيد: معناه يا ليتني
اسْتُشْهدْتُ معهم، النُّحْص: أَصل الجبل وسَفْحُه، وأَراد بأَصحاب النُّحْصِ
قَتْلى أُحُد وغيرهم من الشهداء. وفي حديث بدر: فخرج رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، في أَصحابه حتى بلغ قَرْقَرةَ الكُدْر فأَغْدَرُوه؛ أَي تركوه
وخلَّفوه، وهو موضع. وفي حديث عمر وذكر حسن سياستِه فقال: ولولا ذلك
لأَغْدَرْتُ بعضَ ما أَسُوق أَي خَلَّفْت؛ شَبَّه نَفْسَه بالراعي ورَعِيَّتَه
بالسَّرْح، وروي: لغَدَّرْت أَي لأَلْقَيْتُ الناس في الغَدَر، وهو مكان
كثير الحجارة. وفي التنزيل العزيز: لا يُغادِرُ صغيرة ولا كَبيرة؛ أَي لا
يترك. وغادَرَ وأَغْدَرَ بمعنى واحدٍ. والغَدِير: القطعة من الماء
يُغادِرُها السيل أَي يتركها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَبي عبيد فهو إِذاً
فَعِيل في معنى مفعول على اطِّراح الزائد، وقد قيل: إِنه من الغَدْر لأَنه
يَخُونُ وُرَّادَه فيَنْضُب عنهم ويَغْدر بأَهله فينقطع عند شدة الحاجة
إِليه؛ ويقوّي ذلك قول الكميت:
ومِنْ غَدْره نَبَزَ الأَوّلون،
بأَنْ لَقَّبوه، الغَدِير، الغدِيرا
أَراد: من غَدْرِهِ نَبَزَ الأَولون الغَدير بأَن لقَّبوه الغَدِير،
فالغدير الأَول مفعول نَبَزَ، والثاني مفعول لقَّبوه. وقال اللحياني:
الغَدِيرُ اسم ولا يقال هذا ماء غَدِير، والجمع غُدُرٌ وغُدرَانٌ.
واسْتَغْدَرَتْ ثَمَّ غُدْرٌ: صارت هناك غُدْرَانٌ. وفي الحديث: أَن قادماً قدم على
النبي، صلى الله عليه وسلم، فسأَله عن خِصْب البلاد فحدّث أَن سحابة وقعت
فاخضرَّت لها الأَرض، وفيها غُدُرٌ تَنَاخَسُ والصيدُ قد ضَوَى إِليها؛
قال شمر: قوله غُدُرٌ تَناخَسُ أَي يَصُبّ بعضُها في إِثر بعض. الليث:
الغَدِيرُ مستنقع الماء ماءِ المطر، صغيراً كان أَو كبيراً، غير أَنه لا
يبقى إِلى القيظ إِلا ما يتخذه الناس من عِدّ أَو وَجْدٍ أَو وَقْطٍ أَو
صِهْريجٍ أَو حائر. قال أَبو منصور: العِدّ الماءُ الدائم الذي لا انقطاع
له، ولا يسمى الماء الذي يجمع في غَدِير أَو صهريج أَو صِنْعٍ عِدّاً، لأَن
العِدّ ما يدوم مثل ماء العين والرَّكِيَّةِ. المؤرج: غَدَر الرجلُ
يَغْدِرُ غَدْراً إِذا شرب من ماء الغَدِيرِ؛ قال الأَزهري: والقياس غَدِرَ
يَغْدَرُ بهذا المعنى لا غَدَرَ مثل كَرِعَ إِذا شرب الكَرَعَ.
والغَدِيرُ: السيف، على التشبيه، كما يقال له اللُّجّ. والغَدِيرُ: القطعة من
النبات، على التشبيه أَيضاً، والجمع غُدْران لا غير. وغَدِر فلانٌ بعد إِخْوته
أَي ماتوا وبقي هو. وغَدِر عن أَصحابه: تخلَّف. وغَدِرَت الناقةُ عن
الإِبل والشاةُ عن الغنم غَدْراً: تخلفت عنها، فإِن تركها الراعي، فهي
غَديرة، وقد أَغدَرها؛ قال الراجز:
فَقَلَّما طَارَدَ حتى أَغْدَرَا
وسْطَ الغُبَارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقال اللحياني: ناقة غَدِرَةٌ غَبِرَةٌ غَمِرةٌ إِذا كانت تخلّف عن
الإِبل في السوق. والغَدُور من الدوابّ وغيرها: المتخلف الذي لم يلحق.
وأَغْدَرَ فلان المائة: خلّفها وجاوزها. وليلة غَدِرَةٌ بَيّنَةُ الغَدَرِ،
ومُغْدِرَةٌ: شديدة الظلمة تحبس الناس في منازلهم وكِنِّهِمْ فيَغْدَرون أَي
يتخلفون. وروي عنه، عليه الصلاة والسلام، أَنه قال: المشي في الليلة
المظلمة المُغْدِرَة إِلى المسجد يوجب كذا وكذا. وغَدِرَت الليلة، بالكسر،
تَغْدَر غَدَراً وأَغْدَرَتْ، وهي مُغْدِرَةٌ، كل ذلك: أَظلمت. وفي
الحديث: من صلى العشاء في جماعة في الليلة المُغْدِرَة فقد أَوجَبَ؛
المُغْدِرَةُ: الشديدة الظلمة التي تُغْدِرُ الناس في بيوتهم أَي تتركهم، وقيل:
إِنما سميت مُغْدِرَةً لطرحها من يخرج فيها في الغَدَر، وهي الجِرَفَةُ. وفي
حديث كعب: لو أَن امرأَة من الحُور العِينِ اطَّلعت إِلى الأَرض في ليلة
ظلماء مُغْدِرَةٍ لأَضاءت ما على الأَرض. وفي النهر غَدَرٌ، وهو أَن
يَنْضُبَ الماء ويبقى الوَحْل، فقالوا: الغدراءُ الظلمة. يقال: خرجنا في
الغدراءِ.
وغَدِرَت الغنم غَدَراً: شبعت في المَرْج في أَول بنته ولم يُسْل
(*
قوله« ولم يسل إلخ» هكذا هو في الأصل) . عن أَحظّها لأَن النبت قد ارتفع أَن
يذكر فيه الغنم.
أَبو زيد: الغَدَرُ والجَرَل والنَّقَل كلُّ هذه الحجارةُ مع الشجر.
والغَدَر: الموضع الظَّلِف الكثير الحجارة. والغَدَر: الحجارة والشجر. وكل
ما واراك وسدّ بصَرَك: غَدَرٌ. والغَدَرُ: الأَرض الرِّخْوَة ذات
الجِحَرَة والجِرَفةِ واللَّخَاقيقِ المُتَعادِية. وقال اللحياني: الغَدَر
الجِحَرَة والجِرَفَة في الأَرض والأَخَاقيق والجَراثِيم في الأَرض، والجمع
أَغْدار. وغَدِرَت الأَرض غَدَراً: كثر غَدَرُها. وكل موضع صعب لا تكاد
الدابة تنفُذ فيه: غَدَرٌ. ويقال: ما أَثبت غَدَرَهُ أَي ما أَثبته في
الغَدَر، ويقال ذلك للفرس والرجل إِذا كان لسانه يثبت في موضع الزَّلَل
والخصومة؛ قال العجاج:
سَبابِكُ الخيل يُصَدّعْنَ الأَيَرّْ،
من الصَّفا القاسي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ
ورجل ثَبْتُ الغَدَرِ: يثبت في مواضع القتال والجَدَل والكلام، وهو من
ذلك. يقال أَيضاً: إِنه لثَبْت الغَدَر إِذا كان ثَبْتاً في جميع ما يأْخذ
فيه. وقال اللحياني: معناه ما أَثبت حجته وأَقل ضرر الزَّلَق والعِثار
عليه. قال: وقال الكسائي: ما أَثْبَتَ غَدَرَ فلان أَي ما بقي من عقله،
قال ابن سيده: ولا يعجبني. قال الأَصمعي: الجِحَرَةُ والجِرَفَة والأَخاقيق
في الأَرض فتقول: ما أثبت حجته وأَقل زَلَقه وعِثاره. وقال ابن بزرج:
إِنه لثَبْتُ الغَدر إِذا كان ناطَقَ الرجالَ ونازَعَهم كان قويّاً. وفرس
ثَبْت الغَدَر: يثبت في موضع الزلل. والغَدائِرُ: الذوائب، واحدتها
غَدِيرة. قال الليث: كل عَقِيصة غَدِيرة، والغَدِيرتان: الذُّؤابتان اللتان
تسقطان على الصدر، وقيل: الغَدائِرُ للنساء وهي المضفورة والضفائر للرجال.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: قَدِمَ مكّة وله أَربعُ غَدائِرَ؛ هي
الذوائب، واحدتها غَدِيرة. وفي حديث ضِمام: كان رجلاً جَلْداً أَشْعَرَ ذا
غَدِيرتن. الفراء: الغَدِيرة والرَّغيدة واحدة.
وقد اغْتَدَر القومُ إِذا جعلوا الدقيقَ في إِناء وصبُّوا عليه اللبن ثم
رَضَفُوه بالرِّضاف.
ابن الأَعرابي: المُغْدِرة البئر تُحْفَر في آخر الزرع لتسقي مَذانِبَه.
والغَيْدرة: الشر؛ عن كراع. ورجل غَيْدارٌ: سيء الظن يَظُنّ فيُصِيب.
والغَدِير: اسم رجل. وآل غُدْرانٍ: بطن.
حمم: قوله تعالى: حم؛ الأزهري: قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال
آخرون: هي من الحروف المعجمة، قال: وعليه العَمَلُ. وآلُ حامِيمَ:
السُّوَرُ المفتتحة بحاميم. وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال: قال حاميم
اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال
الزجاج: والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود: آل
حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء: هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ
السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت:
وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً،
نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قال الجوهري: وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب. قال أَبو
عبيدة: الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد:
وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ،
وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ
قال: والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم
لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ،
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قال: وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد
بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وفي حديث الجهاد: إذا
بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير: قيل معناه اللهم لا
يُنْصَرُون، قال: ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا
يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل: إن السُّوَر التي
أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ
به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين
قال قولوا حاميم، قيل: ماذا يكون إذا قلناها؟ فقال: لا يُنصرون. قال أبو
حاتم: قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال: والصواب ذَواتُ طس
وذَواتُ حم وذواتُ أَلم.
وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ. وحُمَّ له ذلك: قُدِّرَ؛ قأَما ما
أَنشده ثعلب من قول جَميل:
فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي
وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني
فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قال ابن سيده: والتقدير عندي للِقائي
فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال: وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي. وحَمَّ
اللهُ له كذا وأَحَمَّهُ: قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ
أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري
لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ:
وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ،
وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ
وقال البَعيثُ:
أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ،
وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بالكسر: قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي
قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ. وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً،
وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ:
هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ
أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه: ما قُدِّرَ وقُضِيَ. يقال:
عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق،
والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ،
هو اليومَ حَمٌّ لميعادها
أي قَدَرٌ، ويروى: هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له. ونزل به
حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَّمَ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر
يصف بعيره:
فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ،
تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ
وقال الفراء: يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال: ويقال حَمَمْتُ ارتحال
البعير أي عجلته. وحامَّهُ: قارَبه. وأَحَمَّ الشيءُ: دنا وحضر؛ قال
زهير:وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ
مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو
معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم: وأَجَمَّتْ. وقال الأَصمعي:
أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير:
وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء: أَحَمَّتْ
في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري: لم يرد بالغَدِ
الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه
كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من
حاجة. وقال ابن السكيت: أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا،
إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا
الكسائي: أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت
للبَيد:
لِتَذودَهُنَّ. وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ،
أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها
وقال: وكلهم يرويه بالحاء. وقال الفراء: أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال:
ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية: أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً،
وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال
الأَصمعي: ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ
فهو قُدِّرَ. وفي حديث أبي بكر: أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له: إنا
جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال: أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال
ابن الأثير: وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا
قرب دنا.
والحَمِيمُ: القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد
والجمع والمؤنث بلفظ واحد. والمْحِمُّ: كالحَمِيم؛ قال:
لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ،
مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ
العُقْبَةُ هنا: البَدَلُ. وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني: أَهَمَّني.
واحْتَمَّ له: اهْتَمَّ. الأَزهري: أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له
كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث:
تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ،
كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ
واحْتَمَّ الرجلُ: لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ
ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها
يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ. وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً،
وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام. واحْتَمَّتْ عيني:
أَرِقتْ من غير وَجَعٍ. وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك،
وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن
ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ
أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة:
جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها
من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ
وحامَمْتُه مُحامَّةً: طالبته. أَبو زيد: يقال أَنا مُحامٌّ على هذا
الأمر أي ثابت عليه. واحْتَمَمْتُ: مثل اهتممت. وهو من حُمَّةِ نفسي أي من
حُبَّتها، وقيل: الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري: فلان حُمَّةُ نفسي
وحُبَّة نفسي.
والحامَّةُ: العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده. يقال:
كيف الحامَّةُ والعامة؟ قال الليث: والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه
ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال: هؤلاء
حامَّتُه أي أَقرِباؤه. وفي الحديث: اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي
أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان: خاصتُه ومن يقرب
منه؛ ومنه الحديث: انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته.
والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال: مُحِمٌّ مُقْرِبٌ. وقال الفراء في قوله
تعالى: ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم
يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة. الجوهري: حَميمكَ قريبك
الذي تهتم لأمره.
وحُمَّةُ الحَرِّ: معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع:
لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه،
وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ
وحَمُّ الشيء: معظمه. وفي حديث عمر: إذا التقى الزَّحْفانِ وعند حُمَّةِ
النَّهْضات أي شدتها ومعظمها. وحُمَّةُ كل شيء: معظمه؛ قال ابن الأَثير:
وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّة ِ السِّنان.، وهي حِدَّتُه.
وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير:
ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا،
حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ
الأزهري: ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود
بمعنى واحد. والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً: الماء الحارّ. وشربتُ البارحة
حَميمةً أي ماء سخناً.
والمِحَمُّ، بالكسر: القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء. ويقال: اشربْ
على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء
حارّ. والحَمِيمَةُ: الماء يسخن. يقال: أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا.
وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم. والحَمِيمةُ أَيضاً: المَحْضُ
إذا سُخِّنَ. وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه: غسله بالحَمِيم. وكل ما سُخِّنَ فقد
حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي:
وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها،
وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما
فسره فقال: ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما
يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا
يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء
الحارُّ، قال: والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده:
وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ
الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف. وفي الحديث
أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ.
الجوهري: الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري
لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا
بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا:
نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما،
وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ
وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ:
خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى
بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ
نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا
تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ
قال ابن بري: وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف
حَمّاماً وهو قوله:
فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً،
لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ
قال ابن سيده: والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه
العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ
والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً
حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس: سألت ابن
الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر:
وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً
أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ
فقال: الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري: فالحَميم عند ابن الأعرابي من
الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت
المُرَقِّش:
كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ
ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم
وحكى شمر عن ابن الأعرابي: الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان
جمراً تتبخر به.
والحَمَّةُ: عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن
دريد: هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ
والمَرْضَى. وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ
ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي
أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون. وفي حديث الدجال: أَخبروني عن حَمَّةِ
زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ: موضع بالشام. واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء
الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار. والاستِحْمامُ: الاغتسال
بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء
كان. وفي الحديث: لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي
يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو
كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه
الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ: أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ.
وفي الحديث: أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي، صلى الله
عليه وسلم، يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف
الإبل:فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها،
وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها
فسره ثعلب فقال: عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه.
وحَمَّ التَّنُّورَ: سَجَرَه وأَوقده.
والحَمِيمُ: المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال
الهُذَليُّ:
هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم
رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ
وقال ابن سيده: الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ.
والحَمِيمُ: القَيْظ. والحميم: العَرَقُ. واسْتَحَمَّ الرجل: عَرِقَ،
وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى:
يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها
وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم
قال الشاعر يصف فرساً:
فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ،
حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا
وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ،
إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ
فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج: طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به
الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا
دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يطيب عرقُه.
الأزهري: يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب
عَرَقُك.والحُمَّى والحُمَّةُ: علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما
حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ: أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله
وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد: هو مَحْمُوم به؛ قال ابن
سيده: ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من
أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ
جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني: حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم
الحُمَّى؛ قال ابن سيده: وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى
والرُّجْعَى.والمَحَمَّةُ: أرض ذات حُمَّى. وأرض مَحَمَّةٌ: كثيرة الحُمَّى، وقيل:
ذات حُمَّى. وفي حديث طَلْقٍ: كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات
حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب. قال ابن سيده:
وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا: كان من
القياس أَن يقال، وقد قالوا: أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه
الآكلُ، وقيل: كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا
كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات
حُمِّى كثيرة.
والحُمامُ، بالضم: حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه
الأَدواءُ. يقال: حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة.
الأزهري عن ابن شميل: الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما
الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع
الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد
تقدم في بابه. ويقال: أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ
الناس.والحَمُّ: ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛
قال الراجز:
يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ
وقيل: الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال:
كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء،
صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء
الأصمعي: ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ،
واحدتها حَمَّة، قال: وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال
الأزهري: والصحيح ما قال الأصمعي، قال: وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام
البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ. الجوهري: الحَمُّ ما بقي من
الألية بعد الذَّوْب. وحَمَمْتُ الأَليةَ: أذبتها. وحَمَّ الشحمةَ
يَحُمُّها حَمّاً: أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه
مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها
يقول: تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله. ويقال: خُذْ أَخاك
بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام.
والحَمَمُ: مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء،
والاسم الحُمَّةُ. يقال: به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد:
وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ
وقال الأَعشى:
فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ
فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ
وقال النابغة:
أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد
ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله: جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ
أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة. قال الأصمعي: وفي الكُمْتة لونان: يكون الفرس
كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً
وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده: والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة
والكُمْتة، يقال: فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل
شيء. وفي حديث قُسّ: الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل: الأَحَمّ
الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد:
أَحَمُّ كمصباح الدُّجى
وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال
أبو كبير الهُذَلي:
أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ،
كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم
(* قوله «كحناء ظهر» كذا بالأصل، والذي في المحكم: كجآء).
وقال حسان بن ثابت:
وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له،
من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما
والاسم الحُمَّة؛ قال:
لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ،
في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ،
أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ
عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من
السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها.
والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء: الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة. الجوهري:
الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ.
والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً: الأَسْود. الجوهري: الحِمْحِمُ،
بالكسر، الشديدُ السوادِ. وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء: سوداء؛ قال:
أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ
دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ،
تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ
الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة: الحَلْبُ الرُّوَيْد. والحُمَمُ:
الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ. والحُمَمُ: الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من
النار. الأَزهري: الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل
حُمَمة. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: إِن رجلاً أَوصى
بَنيه عند موته فقال: إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا
صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال
طَرَفَةُ:
أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ،
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه؟
وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً. ويقال أَيضاً:
حَمَّ الماءُ
أَي صار حارّاً. وحَمَّم الرجل: سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ.
وفي حديث الرَّجْم: أَنه أَمَرَ
بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ.
وفي حديث لقمان بن عاد: خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ
لَونه. وجارية حُمَمَةٌ: سوداء. واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛
أَنشد سيبويه:
وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم
باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا
وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال:
مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي
أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا
واليَحْمومُ: دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو
الهَزَّاني:
دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ،
ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ
قال ابن سيده: اليَحْمومُ الدخانُ. وقوله تعالى: وظِلٍّ من يَحْمومٍ،
عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول
قوله عز وجل: لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه
موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل: اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار،
قال الليث: واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري: اليَحْمومُ اسم فرس كان
للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال:
ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ
بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ
وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد:
والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ،
والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ
واليَحْمومُ: الأَسْود من كل شيء. قال ابن سيده: وتسميته بالَيحْمومِ
تحتمل وجهين: إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون
من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس
أَبيها: فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ. والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة
حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ. ونبت يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد. وحَمَّمَ الفرخُ:
طلَع ريشُه، وقيل: نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري: شاهده قول عمر بن لَجَإٍ:
فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ،
مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده: وحَمَّمَ
الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس: أَنه كان إِذا حَمَّمَ
رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى
أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات
ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شعره
بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر
سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بدت لحيته.
وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بشيء بعد الطلاق؛ قال:
أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما
هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما
هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ
حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قليل
وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال: كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً،
وكان يقول في خُطبته: إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري: قال
سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة.
وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: إِنه طلق امرأَته
فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق،
وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في
معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل.
وثِيابُ التَّحِمَّة: ما يُلْبِس المطلِّقُ
المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ،
فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طائر، تقول العرب: حمامَةٌ ذكرٌ
وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام. ابن سيده: الحَمام من الطير البَرّيُّ
الذي لا يأْلَف البيوت، قال: وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام. قال
الأَصمعي: اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال: وأَما الحمام فكلُّ ما كان
ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع
على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال
للذكر حَمام؛ فأَما قوله:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا
فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول
العَجَّاج:
ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ،
والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ،
قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي
فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق: هذا
الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما
الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس
واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت،
وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة. وروى
الأَزهري عن الشافعي: كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها
القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة،
آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري: جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما
عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية
والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم
يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير. والهَدير: صوت الحمام كله، وجمعُ
الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول
الفرزدق:
كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ،
على شرَك الطريقِ إِذا استنارا
تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ
حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا
وقال جِرانُ العَوْد:
وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي،
حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما
قال الجوهري: والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت
والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر
والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند
العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ
الهلالي:
وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ
دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما
والحَمامة ههنا: قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة:
واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ
إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
(* وفي رواية أخرى: سِراعٍ)
هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ
إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ،
تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
قال: والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما
اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي،
وكان الكسائي يقول: الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛
قال ابن الأَثير: وفي حديث مرفوع: أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ
والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى: قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛
قال: وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره.
وحُمَة العقرب، مخففة الميم: سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري: وسنذكره
في المعتل. ابن الأَعرابي: يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ،
وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً. والحَمامة: وسَطُ الصَّدْر؛
قال:إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها
بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها
والحَمامة: المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ:
دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها:
يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ
تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ،
من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ
ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري
للمُؤَرِّج:
كأَنَّ عينيه حَمامتانِ
أَي مِرآتانِ. وحَمامةُ: موضع معروف؛ قال الشمَّاخ:
ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ
على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ
والحَمامة: خِيار المال. والحَمامة: سَعْدانة البعير. والحَمامة: ساحة
القصر النَّقِيَّةُ. والحَمامةُ: بَكَرة الدَّلْو. والحَمامة: المرأَة
الجميلة. والحمامة: حَلْقة الباب. والحَمامةُ من الفَرَس: القَصُّ.
والحَمائِم: كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل: الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر
بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده: وهو قول كراع. يقال: أَخذ المُصَدِّقُ
حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها. وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً. وحَمَّةُ
وحُمَّةُ: موضع؛ أَنشد الأَخفش:
أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ
سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ
ابن شميل: الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض
الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة،
والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال،
وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً
كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير. وحَمام: موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو
طَريفَ بن عمرو:
إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ
لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام
إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ
بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام
نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ. والحُمَامُ: اسم رجل. الأَزهري: الحُمام
السيد الشريف، قال: أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال
الشاعر:أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي،
حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ
قال اللحياني: قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ؟ فقال:
هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء. وحِمَّانُ: حَيٌّ من
تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري: وحَمَّانُ،
بالفتح، اسم رجل
(* قوله «وحمان بالفتح اسم رجل» قال في التكملة:؛ المشهور فيه
كسر الحاء). وحَمُومةُ، بفتح الحاء: ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن
الأَعرابي، قال: وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد،
وليس بشيء. وقالوا: جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه: مالك
بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر.
والحَمْحَمة: صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير
(* قوله «عند الشعير» أي عند
طلبه، أفاده شارح القاموس). وقد حَمْحَمَ، وقيل: الحَمْحَمة
والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث:
الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ
الصَّهيل، يقال: تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ
حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري: كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى
صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه. وفي الحديث: لا يجيء أَحدُكم يوم
القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ. الأَزهري: حَمْحَم الثورُ إِذا
نَبَّ وأَراد السِّفادَ.
والحِمْحِمُ: نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ. قال أَبو حنيفة: الحِمْحِم
والخِمْخِم واحد. الأَصمعي: الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء
المعجمة؛ قال عنترة:
وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
قال ابن بري: وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه
حُماحِمِيٌّ. والحَماحِم: رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ. وقال مرة:
الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم. وقال مرة:
الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع.
والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً: طائر. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَنه سمع
أَعرابّياً من بني عامر يقول: إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء؟ قلنا:
حَمْحامِ.
واليَحْموم: موضع بالشام؛ قال الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ،
ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ
وحَمُومةُ: اسم جبل بالبادية. واليَحاميمُ: الجبال السود.
طلق: الطَّلْق: طَلق المخاض عند الوِلادة. ابن سيده: الطَّلْق وجَع
الولادة. وفي حديث ابن عمر: أَنّ رجلاً حج بأُمّه فَحملها على عاتِقه فسأَله:
هل قَضَى حَقَّها؟ قال: ولا طَلْقَة
واحدة؛ الطَّلْق: وجع الولادة، والطَّلْقَة: المرّة الواحدة، وقد
طُلِقَت المرأَة تُطْلَق طَلْقاً، على ما لم يسمّ فاعله، وطَلُقت، بضم اللام.
ابن الأَعرابي: طَلُقَت من الطلاق أَجود، وطَلَقَت بفتح اللام جائز، ومن
الطَّلْق طُلِقَت، وكلهم يقول: امرأَة طالِق بغير هاء؛ وأَما قول
الأَعشى:أَيا جارَتا بِيِني، فإِنك طالِقَة
فإِن الليث قال: أَراد طالِقة غداً. وقال غيره: قال طالِقة على الفعل
لأَنها يقال لها قد طَلَقَت فبني النعت على الفعل، وطَلاقُ المرأَة:
بينونتها عن زوجها. وامرأَة طالِق من نسوة طُلَّق وطالِقة من نسوة طَوَالِق؛
وأَنشد قول الأَعشى:
أَجارَتنا بِيني، فإِنك طالقة
كذاكِ أُمور الناس غادٍ وطارِقَه
وطَلَّق الرجل امرأَته وطَلَقت هي، بالفتح، تَطْلُق طَلاقاً وطَلُقَت،
والضم أَكثر؛ عن ثعلب، طَلاقاً وأَطْلَقها بَعْلُها وطَلَّقها. وقال
الأَخفش: لا يقال طَلُقت ، بالضم.
ورجل مِطْلاق ومِطْليق وطلِّيق وطُلَقة، على مثال هُمَزة: كثير
التَّطْليق للنساء. وفي حديث الحسن: إِنك رجل طلِّيق أَي كثير طَلاق النساء،
والأَجود أَن يقال مِطْلاق ومِطْلِيق؛ ومنه حديث عليّ، عليه السلام: إِن
الحَسن مِطْلاق فَلا تزوِّجُوه. وطَلَّق البلادَ: تركها؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
مُرَاجعُ نَجْد بعد فِرْكٍ وبِغْضَةٍ،
مُطَلِّقُ بُصْرَى، أَشْعثُ الرأْسِ جافِلُه
قال: وقال العقيلي وسأله الكسائي فقال: أَطَلّقْت امرأَتك؟ فقال: نعم
والأَرض من ورائها وطَلَّقت البلاد: فارقْتها. وطَلّقْت القوم: تركتُهم؛
وأَنشد لابن أَحمر:
غَطارِفَة يَرَوْن المجدَ غُنْماً،
إِذا ما طَلَّقَ البَرِمُ العِيالا
أَي تركهم كما يترك الرجل المرأَة. وفي حديث عثمان وزيد: الطَّلاقُ
بالرجال والعِدَّة بالنساء، هذا متعلق بهؤلاء وهذه متعلّقة بهؤلاء،
فالرجال يُطَلِّق والمرأَة تعتدُّ؛ وقيل: أَراد أَن الطلاق يتعلّق بالزوج في
حرّيته ورقِّه، وكذلك العدة بالمرأَة في الحالتين، وفيه بين الفقهاء
خلاف: فمنهم من يقول إِن الحرّة إِذا كانت تحت العبد لا تَبين إِلا بثلاث
وتَبِين الأَمة تحت الحر باثنتين، ومنهم من يقول إِن الحرّة تَبِين تحت
العبد باثنتين ولا تبين الأَمة تحت الحر بأَقلّ من ثلاث، ومنهم من يقول إِذا
كان الزوج عبداً وهي حرة أَو بالعكس أَو كانا عبدَين فإِنها تَبِين
باثنتين، وأَما العدّة فإِن المرأَة إِن كانت حرّة اعتدَّت للوفاة أَربعة
أَشهر وعشراً، وبالطلاق ثلاثة أَطهار أَو ثلاثَ حِيَض، تحت حرّ كانت أَو
عبدٍ، فإِن كانت أَمة اعتدّت شهرين وخمساً أَو طُهْرين أَو حَيْضتين، تحت عبد
كانت أَو حرّ. وفي حديث عمر والرجل الذي قال لزوجته: أَنتِ خليَّة
طالِقٌ؛ الطالِقُ من الإِبل: التي طُلِقت في المرَعى، وقيل: هي التي لا قَيْد
عليها، وكذلك الخلَّية. وطَلاقُ النساء لمعنيين: أَحدهما حلّ عُقْدة
النكاح، والآخر بمعنى التخلية والإِرْسال. ويقال للإِنسان إِذا عَتَق طَلِيقٌ
أَي صار حرّاً.
وأَطْلَق الناقة من عِقَالها وطَلَّقَها فطَلَقَت: هي بالفتح، وناقة
طَلْق وطُلُق: لا عِقال عليها، والجمع أَطْلاق. وبعير طَلْق وطُلُق: بغير
قَيْد. الجوهري: بعير طُلُق وناقة طُلُق، بضم الطاء واللام، أَي غير
مقيَّد. وأَطْلَقْت الناقة من العِقال فطَلَقَت. والطالِق من الإِبل: التي قد
طَلَقت في المرعى. وقال أَبو نصر: الطالق التي تَنْطَلق إِلى الماء ويقال
التي لا قَيْد عليها، وهي طُلُق وطالِق أَيضاً وطُلُق أَكثر؛ وأَنشد:
مُعَقٍَّلات العيس أَو طَوالِقِ
أَي قد طَلَقَت عن العقال فهي طالِق لا تحبَس عن الإِبل. ونعجة طالِق:
مُخَلاْة ترعَى وحْدَها، وحبَسُوه في السِّجْن طَلْقاً أَي بغير قيد ولا
كَبْل. وأَطْلَقَه، فهو مُطْلَق وطَلِيق: سرّحه؛ وأَنشد سيبويه:
طَلِيق الله، لم يَمْنُنْ عليه
أَبُو داودَ، وابنُ أَبي كَبِير
والجمع طُلقَاء، والطُّلَقاء: الأُسراء العُتَقاء. والطَّليق: الأَسير
الذي أُطْلِق عنه إِسارُه وخُلِّيَ
سبِيلُه. والطَّلِيقُ: الأَسِير يُطْلَق، فَعِيلٌ بمعنى مفعول؛ قال ذو
الرمة:
وتَبْسِمُ عن نَوْرِ الأَقاحِيّ أَقْفَرَتْ
بِوَعْساء مَعْروف، تُغامُ وتُطْلَقُ
تُغامُ مرَّة أَي تُسْتر، وتُطْلَق إِذا انجلى عنها الغيم، يعني
الأَقاحي إِذا طلعت الشمس عليها فقد طُلِقَت. وأَطْلَقْت الأَسير أَي خليَّته.
وفي حديث حنين: خرج ومعه الطُّلَقاء؛ هم الذين خَلَّى عنهم يوم فتح مكة
وأَطْلَقَهم فلم يَسْتَرِقَّهم، واحدهم طَلِيق وهو الأَسِير إِذا أُطْلِق
سبيله. وفي الحديث: الطِّلَقاءُ مِنْ قُرَيش والعُتَقاءُ من ثَقِيف،
كأَنَّه ميَّز قريشاً بهذا الاسم حيث هو أَحسن من العُتَقاء. والطُّلَقاء:
الذين أُدخِلوا في الإِسلام كرهاً؛ حكاه ثعلب، فإِما أَن يكون من هذا، وإِما
أَن يكون من غيره. وناقة طالِقٌ: بلا خطام، وهي أَيضاً التي ترسل في
الحي فترعى من جَنابِهم حيث شاءَت لا تُعْقَل إِذا راحت ولا تُنْحَّى في
المسرح؛ قال أَبو ذؤَيب:
غدت وهي مَحْشوكةٌ طالِق
ونعجة طالِق أَيضاً: من ذلك، وقيل: هي التي يحتبس الراعي لَبَنها، وقيل:
هي التي يُتْرَك لبنها يوماً وليلة ثم يُحْلب. والطَّالِق من الإِبل:
التي يتركها الراعي لنفسه لا يحتلبها على الماء، يقال: اسْتَطْلق الراعي
ناقة لنفسه، والطَّالِقُ: الناقة يُحَلُّ عنها عِقالُها؛ قال:
مُعَقَّلات العِيسِ أَو طَوَالِق
وأَنشد ابن بري أَيضاً لإِبراهيم بن هَرْمَةَ:
تُشْلى كبيرتُها فتُحْلَبُ طالِقاً،
ويُرمِّقُونَ صغارَها تَرْميقا
أَبو عمرو: الطَّلَقَة النوق التي تُحْلب في المرعى. ابن الأَعرابي:
الطالِقُ الناقة ترسل في المرعى. الشيباني: الطالِقُ من النوق التي يتركها
بِصِرارِها؛ وأَنشد للحطيئة:
أَقيموا على المِعْزَى بدار أَبيكُمُ،
تَسُوفُ الشِّمالُ بين صَبْحَى وطالِقِ
قال: الصَّبْحَى التي يحلبها في مبركها يَصْطَبِحُها، والطَّالِقُ التي
يتركها بصرارها فلا يحلبها في مبركها، والجمع المَطالِيق والأَطْلاق
(*
قوله «والجمع المطاليق والأطلاق) عبارة القاموس وشرحه: وناقة طالق بلا
خطام أَو متوجهة إِلى الماء كالمطلاق، والجمع أَطلاق ومطاليق كصاحب وأَصحاب
ومحاريب ومحراب، أَو هي التي تترك يوماً وليلة ثم تحلب». وقد أُطْلِقَت
الناقة فطَلَقت أَي حُلَّ عقالُها؛ وقال شمر: سأَلت ابن الأَعرابي عن
قوله:ساهِم الوَجْه من جَدِيلةَ أَو نَبْـ
ـهانَ، أَفْنى ضِراه للإِطْلاقِ
قال: هذا يكون بمعنى الحلّ والإِرسال، قال: وإِطْلاقُه إِيَّاها
إِرسالها على الصيد أَفناها أَي بقَتْلِها. والطَّالِقُ والمِطْلاقُ: الناقة
المتوجهة إِلى الماء، طَلَقَتْ تَطْلُق طَلْقاً وطُلوقاً وأَطْلَقَها؛ قال
ذو الرمة:
قِراناً وأَشْتاتاً وحادٍ يَسُوقُها،
إِلى الماءِ مِنْ حَوْر التَّنُوفةِ، مُطْلِق
وليلةُ الطَّلَق: الليلة الثانية من ليالي توجّهها إِلى الماء. وقال
ثعلب: إِذا كان بين الإِبل والماء يومان فأَول يوم يُطْلب فيه الماء هو
القَرَب، والثاني الطَّلَق؛ وقيل: ليلة الطَّلَق أَن يُخَلِّيَ
وُجوهَها إِلى الماء، عبَّر عن الزمان بالحدث، قال ابن سيده: ولا
يعجبني. أَبو عبيد عن أَبي زيد: أَطْلَقْتُ الإِبل إِلى الماءِ حتى طَلَقَت
طَلْقاً وطُلوقاً،د والاسم الطَّلَق، بفتح اللام. وقال الأَصمعي: طَلَقَت
الإبلُ فهي تَطْلُق طَلَقاً، وذلك إِذا كان بينها وبين الماء يومان، فاليوم
الأَول الطَّلَق، والثاني القَرَب، وقد أَطْلَقَها صاحُبها إِطْلاقاً،
وقال: إِذا خلَّى وُجوهَ الإِبل إِلى الماءِ
وتركها في ذلك ترعى لَيْلَتَئذ فهي ليلة الطَّلَق، وإِن كانت الليلة
الثانية فهي ليلة القَرَب، وهو السَّوق الشديد؛ وإِذا خلَّى الرجلُ عن ناقته
قيل طَلّعقها، والعَيْرُ إِذا حازَ عانَته ثم خلَّى عنها قيل طَلَّقها،
وإِذا اسْتَعْصَت العانةُ عليه ثم انْقَدْنَ له قيل طَلَّقْنَه؛ وأَنشد
لرؤبة:
طَلَّقْنَه فاسْتَوْرَدَ العَدَامِلا
وأُطْلِقَ القومُ، فهم مُطْلَقون إِذا طَلَقَت إِبلُهم، وفي المحكم إِذا
كانت إِبلهم طَوالِق في طلب الماء، والطَّلَق: سير الليل لوِرْدِ
الغِبِّ، وهو أَن يكون بين الإِبل وبين الماء ليلتان، فالليلة الأُولى الطَّلَق
يُخَلِّي الراعي إِبلَه إِلى الماء ويتركها مع ذلك ترعى وهي تسير،
فالإِبل بعد التَّحويز طَوالِقُ، وفي الليلة الثانية قَوارِبُ.
والإِطْلاق في القائمة: أَن لا يكون فيها وَضَحٌ، وقوم يجعلون الإِطْلاق
أَن يكون يد ورجل في شِقّ مُحَجَّلَتين، ويجعلون الإِمْساك أَن يكون يد
ورجل ليس بهما تحجيل. وفرس طُلُقُ إِحدى القوائم إِذا كانت إِحدى قوائمه
لا تحجيل فيها. وفي الحديث: خيرُ الحُمُر الأَقْرحُ طُلُقُ اليدِ
اليمنى أَي مُطْلَقُها ليس فيها تحجيل؛ وطَلُقَت يدُه بالخير طَلاقةً
وطَلَقَت وطَلَقَها به يَطْلُقها وأَطْلَقها؛ أَنشد أَحمد بن يحيى:
أُطْلُقْ يَدَيْك تَنْفَعاك يا رَجُلْ
بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتَها، لا بالعَجَلْ
ويروى: أَطْلِقْ. ويقال: طَلَقَ يده وأَطْلقَها في المال والخير بمعنى
واحد؛ قال ذلك أَبو عبيد ورواه الكسائي في باب فَعَلْت وأَفْعَلْت، ويدُه
مَطْلوقة ومُطْلَقة.
ورجل طَلْقُ اليدين والوجه وطَلِيقُهما: سَمْحُهما. ووجه طَلْقٌ
وطِلْقٌ وطُلْقٌ؛ الأَخيرتان عن ابن الأَعرابي: ضاحك مُشْرِق، وجمعُ الطَّلْقِ
طَلْقات. قال ابن الأَعرابي: ولا يقال أَوْجُدٌ طَوالِق إِلاَّ في الشعر،
وامرأَة طَلْقهُ اليدين. ووجه طَلِيقٌ كطَلْق، والاسمُ
منها والمصدر جميعاً
الطَّلاقةُ. وطَلِيقٌ أَي مُسْتَبْشِر منبسط الوجه مُتَهَلِّلُه. ووجه
مُنْطَلِق: كطَلْق، وقد انْطَلَق؛ قال الأَخطل:
يَرَوْنَ قِرًى سَهْلاً وداراً رَحِيبةً،
ومُنْطَلَقاً في وَجْهِ غيرِ بَسُورِ
ويقال: لقيته مُنْطَلِقَ الوجه إِذا أَسفر؛ وأَنشد:
يَرْعَوْنَ وَسْمِيّاً وَصَى نَبْتُه،
فانْطَلَقَ الوجهُ ودقَّ الكُشُوحْ
وفي الحديث: أَفْضلُ الإِيمانِ
أَن تُكَلِّم أَخاك وأَنت طَلِيقٌ أَي مستبشر منبسط الوجه؛ ومنه الحديث:
أَن تَلْقاه بوجه طَلِق. وتَطَلّقَ الشيءَ: سُرَّ به فبدا ذلك في وجهه.
أَبو زيد: رجل طَلِيقُ
الوجه ذو بِشْرٍ حسن، وطَلْق الوجه إِذا كان سخِيّاً، ومثله بعير طَلْقُ
اليدين غير مقيد، وجمعه أَطلاق. الكسائي: رجل طُلُقٌ، وهو الذي ليس عليه
شيء. ويوم طَلْقٌ بيِّن الطَّلاقة، وليلةٌ طَلْقٌ أَيضاً وليلة طَلْقةٌ:
مُشْرِقٌ لا برد فيه ولا حرّ
ولا مطر ولا قُرّ، وقيل: ولا شيء يؤذي، وقيل: هو الليَّن القُرِّ من
أَيام طَلْقات، بسكون اللام أَيضاً، وقد طَلُقَ طُلوقةً وطَلاقةً. أَبو
عمرو: ليلة طَلْقٌ لا برد فيها؛ قال أَوس:
خَذَلْتُ على لَيْلةٍ ساهِرةْ،
فلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكِرهْ
وليالٍ طَلْقات وطَوالِقُ. وقال أَبو الدقيش: وإنها لطَلْقةُ الساعة؛
وقال الراعي:
فلما عَلَتْه الشمسُ في يومِ طَلْقةٍ
يريد يومَ
ليلةٍ طَلْقةٍ ليس فيها قُرٌّ ولا ريح، يريد يومها الذي بعدها، والعرب
تبدأُ بالليل قبل اليوم؛ قال الأزهري: وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم
أَنه قال في بيت الراعي وبيت آخر أَنشده لذي الرمة:
لها سُنَّةٌ كالشمسِ في يومِ طَلْقةٍ
قال: والعرب تضيف الاسم إِلى نعته، قال: وزادوا في الطَّلْق الهاء
للمبالغة في الوصف كما قالوا رجل داهية، قال: ويقال ليلةٌ طَلْقٌ وليلة
طَلْقةٌ أَي سهلة طْيبة لا برد فيها، وفي صفة ليلة القدر: ليلةٌ سَمْحةٌ طَلْقةٌ
أَي سهلة طيبة. يقال: يوم طَلْقٌ وليلة طَلْقٌ وطَلْقةٌ إِذا لم يكن
فيها حرّ ولا برد يؤذيان، وقيل: ليلة طَلْقٌ وطَلْقةٌ وطالِقة ساكنة
مُضِيئة، وقيل: الطَّوالِق الطيبةُ التي لا حر فيها ولا برد؛ قال
كثيِّر:يُرَشِّحُ نَبْتاً ناضِراً ويَزينُه
نَدىً، وليَالٍ بَعْد ذاك طَوالِق
وزعم أَبو حنيفة أَن واحدة الطَّوالِق طَلْقة، وقد غلط لأَن فَعْلة لا
تُكسّر على فواعل إِلا أَن يشذ شيء. ورجل طَلْقُ اللسانِ وطُلُقٌ وطُلَقٌ
وطَلِيق: فَصِيح، وقد طَلُق طُلوقةً وطُلوقاً، وفيه أَربع لغات: لسانٌ
طَلْقٌ ذَلْقٌ، وطَلِيق ذَلِيق، وطُلُقٌ ذُلُقٌ، وطُلَقٌ ذُلَقٌ؛ ومنه في
حديث الرَّحِم: تَكلَّم بلسان طَلْقِ أَي ماضي القول سريع النطق، وهو
طَلِيق اللسان وطِلْقٌ وطَلْقٌ، وهو طَلِيقُ الوجه وطَلْقُ الوجه. وقال ابن
الأَعرابي: لا يقال طُلَقٌ ذُلَقٌ، والكسائي يقولهما، وهو طَلْقُ
الكف وطَلِيقُ
الكف قريبان من السواء. وقال أَبو حاتم: سئل الأَصمعي في طُلَقً أَو
طُلَقٍ فقال: لا أَدري لسان طُلُقٍ أَو طُلَق؛ وقال شمر: طَلّقَت يدُه
ولسانه طُلوقَةً وطُلوقاً. وقال ابن الأَعرابي: يقال هو طَلِيقٌ وطُلُقٌ
وطالِقٌ ومُطْلَقٌ إِذا خُلِّي عنه، قال: والتَّطْلِيقُ التخلية والإِرسال
وحلُّ العقد، ويكون الإِطلاقُ
بمعنى الترك والإِرسال، والطَّلَق الشَّأْوُ، وقد أَطْلَقَ رِجْلَه.
واسْتَطْلَقَه: استعجله. واسْتَطْلَقَ بطنُه: مشى. واسْتِطلاقُ
البطن: مَشْيُه، وتصغيره تُطَيْلِيق، وأَطْلَقَه الدواء. وفي الحديث:
أَن رجلاً اسْتَطْلَق بطنُه أَي كثر خروج ما فيه، يريد الإِسهال. واستطلق
الظبيُ
وتَطلَّق: اسْتَنَّ في عَدْوِه فمضى ومرّ لا يلوي على شيء، وهو
تَفَعَّلَ، والظبي إِذا خَلَّى عن قوائمه فمضى لا يلوي على شيء قيل
تَطَلَّقَ.قال: والانطِلاقُ سرعة الذهاب في أَصل المحْنة.
ويقال: ما تَطَّلِقُ نفسي لهذا الأَمر أَي لا تنشرح ولا تستمر، وهو
تَطَّلِقُ تَفْتَعِلُ، وتصغير الاطِّلاق طُتَيْلِيق، بقلب الطاء تاء لتحرك
الطاء الأُولى كما تقول في تصغير اضطراب ضُتَيرِيب، تقلب الطاء تاء لتحرك
الضاد، والانطِلاقُ: الذهاب. ويقال: انْطُلِقَ به، على ما لم يسمَّ فاعله،
كما يقال انقُطِع به. وتصغير مُنّطَلِق مُطَيْلِق، وإَِن شئت عوّضت من
النون وقلت مُطَيْلِيق، وتصغير الانطِلاق نُطَيْلِيق، لأَنك حذفت أَلف
الوصل لأَن أَول الاسم يلزم تحريكه بالضم للتحقير، فتسقط الهمزة لزوال
السكون الذي كانت الهمزة اجتُلِبت له، فبقي نُطْلاق ووقعت الأَلف رابعة فلذلك
وجب فيه التعويض، كما تقول دُنَيْنِير لأَن حرف اللين إِذا كان رابعاً
ثبت البدل منه فلم يسقط إِلا في ضرورة الشعر، أَو يكون بعده ياء كقولهم في
جمع أُثْفِيّة أَثافٍ، فقِسْ على ذلك.
ويقال: عَدا الفرسُ طُلَقاً أَو طَلَقَين أَي شَوْطاً أَو شَوْطين، ولم
يُخصّص في التهذيب بفرس ولا غيره. ويقال: تَطلَّقَت الخيلُ
إِذا مضت طَلَقاً لم تُحْبَس إِلى الغاية، قال: والطَّلَقُ الشوط الواحد
في جَرْي الخيل. والتَّطَلُّقُ أَن يبول الفرس بعد الجري؛ ومنه قوله:
فصادَ ثلاثاً كجِزْعِ النِّظا
مِ، لم يَتَطَلَّقْ ولم يُغْسَل
لم يُغْسَل أَي لم يعرق. وفي الحديث: فرَفَعْتُ فرسي طَلَقاً أَو
طَلَقَين؛ هو، بالتحريك، الشوط والغاية التي يجري إِليها الفرس. والطَّلَقُ،
بالتحريك: قيد من أَدَمٍ، وفي الصحاح: قيد من جلود؛ قال الراجز:
عَوْدٌ على عَوْدٍ على عَوْدٍ خَلَقْ
كأَنها، والليلُ يرمي بالغَسَقْ،
مَشاجِبٌ وفِلْقُ سَقْبٍ وطَلَق
شبّه الرجل بالمِشْجَبِ لِيبُسْهِ وقلة لحمه، وشبَّه الجمل بِفِلْقِ
سَقْبٍ، والسَّقْب خشبة من خشبات البيت، وشبّه الطريق بالطَّلَق وهو قيد من
أَدَمٍ. وفي حديث حنين: ثم انتزَع طَلَقاً من حَقَبه فقَيَّد به الجمَلَ؛
الطَّلَقُ، بالتحريك: قيد من جلود. والطَّلَق: الحبل الشديد الفتل حتى
يَقوم؛ قال رؤبة:
مُحْمَلَج أُدْرِجَ إِدْراج الطَّلَقْ
وفي حديث ابن عباس: الحياءُ والإِيمانُ مَقْرونان في طَلَقٍ؛ الطَّلَقُ
ههنا: حبل مفتول شديد الفتل، أَي هما مجتمعان لا يفترقان كأَنهما قد
شُدّاً في حبل أَو قيد. وطَلَق البطن
(* قوله «وطلق البطن إلخ» عبارة الاساس:
واطلقت الناقة من عقالها فطلقت وهي طالق وطلق، وإبل أطلاق؛ قال ذو
الرمة: تقاذفن إلخ): جُدَّتُه، والجمع أَطلاق؛ وأَنشد:
تَقاذَقْنَ أَطْلاقاً، وقارَبَ خَطْوَه
عن الذَّوْدِ تَقْرِيبٌ، وهُنَّ حَبائِبهُ
أَبو عبيدة: في البطن أَطْلاق، واحدُها طَلَقٌ، متحرك، وهو طرائق
البطن.والمُطَلَّقُ: المُلَقَّح من النخل، وقد أَطْلَقَ نخله وطَلَّقها إِذا
كانت طِوالاً فأَلقحها. وأَطْلَقَ خَيْلَه في الحَلْبة وأَطْلَقَ عَدُوَّه
إِذا سقاه سُمّاً. قال: وطَلَق أَعطى، وطَلِقَ إِذا تباعد. والطِّلْقُ،
بالكسر: الحلال؛ يقال: هو لك طِلْقاً ط لْقٌ أَي حلال. وفي الحديث: الخيلُ
طِلْقٌ؛ يعني أَن الرَّهان على الخيل حلال. يقال: أَعطيته من طِلْقِ
مالي أَي صَفْوه وطَيِّبِه. وأَنتَ طِلْقٌ من هذا الأَمر أَي خارجٌ منه.
وطُلِّقَ السليمُ، على ما لم يُسمَّ فاعله: رجعت إِليه نفسهُ وسكن وجعه بعد
العِداد، فهو مُطَلَّق؛ قال الشاعر:
تَبِيتُ الهُمُوم الطارِقاتُ يَعُدْنَني،
كما تَعْتَرِي الأَهْوالُ رأْسَ المُطَلَّقِ
وقال النابغة:
تَناذَرَها الراقُون مِنْ سُوءِ سمِّها،
تُطَلِّقه طَورْاً، وطَوْراً تُراجِعُهْ
والطَّلَقُ: ضرب من الأَدْوية، وقيل: هو نبت تستخرج عصارته فيتطلَّى به
الذين يدخلون في النار. الأَصمعي: يقال لضرب من الدواء أَو نبت طَلَقٌ،
متحرك. وطَلْقٌ وطَلَق: اسمان.
قشع: القَشْعُ والقَشْعةُ: بيت من أَدَمٍ، وقيل: بيت من جِلْد، فإِن كان
من أَدَمٍ فهو الطِّراف؛ قال متمم بن نويرة يرثي أَخاه:
ولا برَم تُهْدِي النساءُ لِعِرْسِه،
إِذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا
وربما اتخذ من جُلُودِ الإِبل صِواناً لما فيه من المتاعِ، والجمع
قِشْعٌ؛ وقول الراجز:
فَخَيَّمَتْ في ذَنَبانٍ مُنْقَفِعْ،
وفي رُفُوضِ كَلإٍ غيرِ قَشِعْ
أَي رطْبٍ لم يَقْشَعْ، والقَشِعُ: اليابسُ، والمُنْقَفِعُ:
المُتَقَبِّضُ. والقَشْعُ: الرجل الكبير الذي انْقَشَعَ عنه لحمه من الكِبَرِ؛ قال
أَبو منصور: القَشْع الذي في بيت متمم هو الشيخ الذي انقشع عنه لحمه من
الكِبَرِ فالبرد يؤذيه ويَضُرُّ به. والقَشْعُ والقَشْعةُ: قِطْعة نِطَعٍ
خَلَقٍ، وقيل: هو النطع نفسه. والقَشْعُ أَيضاً: الفَرْوُ الخلَقُ، وجمع
كل ذلك قُشُوعٌ. والقَشْعةُ والقِشْعةُ: القطعة الخلَقُ اليابسةُ من
الجلد، والجمع قِشَعٌ، وقيل: إِن واحده قَشْعٌ على غير قياس لأَن قياسه قشعة
مثل بَدْرةٍ وبِدَرٍ إِلا أَنه هكذا يقال. ابن الأَعرابي: القِشَعُ
الأَنْطاعُ المُخْلِقةُ. وفي حديث سلمة بن الأَكوع في غزاة بني فَزارةَ قال:
أَغرنا عليهم فإِذا امرأَة عليها قَشْعٌ لها فأَخذتها فقدمت بها المدينة؛ قال
ابن الأَثير: أَراد بالقَشْع الفَرْوَ الخَلَق، وأَخرجه الهروي عن أَبي
بكر قال: نَفَّلَنِي رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، جارية عليها قَشْعٌ
لها. وفي الحديث: لا أَعْرِفَنَّ أَحدَكم يَحْمِلُ قَشْعاً من أَدَمٍ
فينادِي: يا محمد فأَقول: لا أَملِك لك من الله شيئاً، قد بَلَّغْتُ، يعني
أَدِيماً أَو نِطَعاً، قاله في الغُلولِ، وقال ابن الأَثير: أَراد
القِرْبةَ البالية وهو إِشارة إِلى الخيانةِ في الغنيمةِ أَو غيرها من الأَعمال؛
قيل: مات رجل بالبادية فأَوصَى أَن ادفنوني في مكاني ولا تنقلوني عنه، ثم
قال:
لا تَجْتَوِي القَشْعةُ الخَرْقاءُ مَبْناها؛
الناسُ ناسٌ، وأَرضُ اللهِ سَوّاها
قوله مبناها: حيث تنبُتُ القَشْعةُ
(* قوله« حيث تنبت القشعة» لعل
المراد بها الكشوثاء ففي القاموس والقشعة الكشوثاء وان كان شارحه استشهد به
على القشعة بمعنى المرأَة)، والاجْتِواء: أَن لا يوافقك المكان ولا
ماؤُه.وقَشِعَ الشيءُ قَشَعاً: جَفَّ كاللحم الذي يسمى الحُساسَ.
والقُشاعُ: داءٌ يُؤْيِسُ الإِنسانَ. والقِشاعُ: الرُّقْعةُ التي توضعُ
على النِّجاش عند خَرْزِ الأَدِيمِ.
وانْقَشَعَ عنه الشيءُ وتَقشََّعَ: غَشِيَه ثم انجلى عنه كالظَّلام عن
الصبح والهَمِّ عن القلبِ والسَّحابِ عن الجوِّ. قال شمر: يقال للشَّمالِ
الجِرْبِياءُ وسَيْهَكٌ وقَشْعة لقَشْعِها السَّحاب. والقَشْعُ
والقِشْعُ: السحابُ الذاهبُ المُتَقَشِّعُ عن وجه السماء، والقَشْعةُ والقِشْعةُ:
قِطْعةٌ منه تبقى في أُفُقِ السماء إِذا تَقَشَّع الغيمُ. وقد انْقَشَع
الغيمُ وأَقْشَعَ وتَقَشَّعَ وقَشَعَتْه الريحُ أَي كَشَفَتْه فانقشَع؛ قال
ابن جني: جاءَ هذا معكوساً مخالفاً للمعتاد وذلك أَنك تجد فيها فعَل
متعدِّياً وأَفعَل غير متعد، ومثله شَنَقَ البعِيرَ وأَشنَقَ هو، وأَجفَلَ
الظَّلِيمُ وجَفَلَتْه الريحُ، وكل ذلك مذكور في موضعه. وفي حديث الاستسقاء:
فَتَقَشَّعَ السحابُ أَي تصدَّع وأَقلع، وكذلك أَقْشَعَ، وقَشَعَتْه
الريحُ.
وقَشَعْتُ القومَ فأَقْشَعوا وتقشَّعوا وانقشَعوا: ذهبوا وافترقوا.
وأَقشَعَ القومُ: تفرَّقوا. وأَقْشَعُوا عن الماء: أَقْلَعوا، وعن مجلسهم:
ارتفعوا؛ هذه عن ابن الأَعرابي. والقَشْعُ والقُشْعُ والقِشْعُ: كُناسةُ
الحمَّامِ والحجَّامُ، والفتح أَعلى. والقَشْعةُ: العجوز التي انقطع عنها
لحمها من الكِبَرِ. والقُشاعُ: صوت الضَّبُعِ الأُنثى؛ وقال أَبو مهراس:
كأَنَّ نِداءَهُنَّ قُشاعُ ضَبعٍ،
تَفَقَّدُ من فَراعِلَةٍ أَكِيلا
والقِشْعةُ: النُّخامةُ، وجمعها قِشَعٌ، وبه فسر حديث أَبي هريرة، رضي
الله عنه: لو حدثتكم بكل ما أَعلم لرميتموني بالقِشَع، وروي: بالقَشْعِ،
وقال: القَشْعُ ههنا البُزاقُ؛ قال المفسر: أَي بَصَقْتُم في وجهي
تَفْنِيداً لي؛ حكاه الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ، وقال ابن الأَثير: هي جمع
قَشْعٍ على غير قياس، وقيل: هي جمع قَشْعةٍ وهي ما يُقْشَع عن وجه الأَرض من
المدَر والحجر أَي يقلع كبَدْرةٍ وبِدَرٍ، وقيل: القِشْعةُ النُّخامة
التي يَقْتَلِعُها الإِنسان من صدره ويُخْرِجُها بالتنخم، أَي لبصقتم في وجهي
استخفافاً بي وتكذيباً لقولي؛ ويروى: لرميتموني بالقَشْعِ، على
الإِفراد، وهو الجِلْد أَو من القَشْعِ الأَحمق أَي لجعلتموني أَحمَق. وقال أَبو
منصور عقيب إِيراد هذا الحديث: القِشَعُ الجُلود اليابسة، وقال: قال بعض
أَهل اللغة القَشْعةُ ما تَقَلَّفَ من يابِس الطينِ إِذا نَشَّتِ
الغُدْرانُ وجفّت، وجمعها قِشَعٌ. والقَشْعُ: أَن تَيْبَسَ أَطرافُ الذّرةِ قبل
إِناها، يقال: قَشَعَت الذُّرةُ تَقْشَعُ قَشْْعاً: الحِرْباءُ؛ وأَنشد:
وبَلْدةٍ مُغْبَرّةِ المَناكِبِ،
القَشْعُ فيها أَخضَرُ الغَباغِبِ
وأَراكةٌ قَشِعةٌ: مُلْتَفّةٌ كثيرة الورق.
والمِقْشَعُ: الناوُوس، يمانية.