Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=119310#d0980a
مُسْتَقَل
من (ق ل ل) المحتقر.
من (ق ل ل) المحتقر.
لا: الليث: لا حَرْفٌ يُنْفَى به ويُجْحَد به، وقد تجيء زائدة مع اليمين
كقولك لا أُقْسِمُ بالله. قال أَبو إِسحق في قول الله عز وجل: لا
أُقْسِمُ بيومِ القيامة، وأَشْكالِها في القرآن: لا اختلاف بين الناس أَن
معناه أُقْسِمُ بيوم القيامة، واختلفوا في تفسير لا فقال بعضهم لا لَغْوٌ،
وإِن كانت في أَوَّل السُّورة، لأَن القرآن كله كالسورة الواحدة لأَنه متصل
بعضه ببعض؛ وقال الفرّاء: لا ردٌّ لكلام تقدَّم كأَنه قيل ليس الأَمر
كما ذكرتم؛ قال الفراء: وكان كثير من النحويين يقولون لا صِلةٌ، قال: ولا
يبتدأُ بجحد ثم يجعل صلة يراد به الطرح، لأَنَّ هذا لو جاز لم يُعْرف خَبر
فيه جَحْد من خبر لا جَحْد فيه، ولكن القرآن العزيز نزل بالردّ على
الذين أَنْكَروا البَعْثَ والجنةَ والنار، فجاء الإِقْسامُ بالردّ عليهم في
كثير من الكلام المُبْتدإ منه وغير المبتدإ كقولك في الكلام لا واللهِ لا
أَفعل ذلك، جعلوا لا، وإِن رأَيتَها مُبتدأَةً، ردًّا لكلامٍ قد مَضَى،
فلو أُلْغِيَتْ لا مِمّا يُنْوَى به الجوابُ لم يكن بين اليمين التي تكون
جواباً واليمين التي تستأْنف فرق. وقال الليث: العرب تَطرح لا وهي
مَنْوِيّة كقولك واللهِ أضْرِبُكَ، تُريد والله لا أَضْرِبُكَ؛ وأَنشد:
وآلَيْتُ آسَى على هالِكِ،
وأَسْأَلُ نائحةً ما لَها
أَراد: لا آسَى ولا أَسأَلُ. قال أَبو منصور: وأَفادَنِي المُنْذري عن
اليزِيدي عن أَبي زيد في قول الله عز وجل: يُبَيِّن اللهُ لكم أَن
تَضِلُّوا؛ قال: مَخافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارَ أَن تَضِلوا، ولو كان يُبَيّنُ
الله لكم أَنْ لا تَضِلوا لكان صواباً، قال أَبو منصور: وكذلك أَنْ لا
تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بمعنى واحد. قال: ومما جاء في القرآن العزيز مِن هذا
قوله عز وجل: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السمواتِ والأَرضَ أَنْ تَزُولا؛ يريد
أَن لا تزولا، وكذلك قوله عز وجل: أَن تَحْبَطَ أَعمالُكم وأَنتم لا
تَشْعُرون؛ أَي أَن لا تَحْبَطَ، وقوله تعالى: أَن تقولوا إِنما أُنْزِلَ
الكتابُ على طائفَتَيْنِ مِن قَبْلنا؛ معناه أَن لا تقولوا، قال: وقولك
أَسأَلُك بالله أَنْ لا تقولَه وأَنْ تَقُولَه، فأَمَّا أَنْ لا تقولَه
فجاءَت لا لأَنك لم تُرد أَن يَقُوله، وقولك أَسأَلك بالله أَن تقوله سأَلتك
هذا فيها معنى النَّهْي، أَلا ترى أَنك تقول في الكلام والله أَقول ذلك
أَبداً، والله لا أَقول ذلك أَبداً؟ لا ههنا طَرْحُها وإِدْخالُها سواء
وذلك أَن الكلام له إِباء وإِنْعامٌ، فإِذا كان من الكلام ما يجيء من باب
الإِنعام موافقاً للإٍباء كان سَواء وما لم يكن لم يكن، أَلا ترى أَنك
تقول آتِيكَ غَداً وأَقومُ معك فلا يكون إِلا على معنى الإِنعام؟ فإذا قلت
واللهِ أَقولُ ذلك على معنى واللهِ لا أَقول ذلك صَلَحَ، وذلك لأَنَّ
الإِنْعام واللهِ لأَقُولَنَّه واللهِ لأَذْهَبَنَّ معك لا يكون واللهِ أَذهب
معك وأَنت تريد أَن تفعل، قال: واعلم أَنَّ لا لا تكون صِلةً إِلاَّ في
معنى الإِباء ولا تكون في معنى الإِنعام. التهذيب: قال الفراء والعرب
تجعل لا صلة إِذا اتصلت بجَحْدٍ قبلَها؛ قال الشاعر:
ما كانَ يَرْضَى رسولُ اللهِ دِيْنَهُمُ،
والأَطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ ولا عُمَر
أَرادَ: والطَّيِّبانِ أَبو بكر وعمر. وقال في قوله تعالى: لِئلاَّ
يَعْلَمَ أَهْلُ الكتابِ أَنْ لا يَقْدِرُونَ على شيء من فَضْلِ اللهِ؛ قال:
العرب تقول لا صِلةً في كلّ كلام دخَل في أَوَّله جَحْدٌ أَو في آخره جحد
غير مُصرَّح، فهذا مما دخَل آخِرَه الجَحْدُ فجُعلت لا في أَوَّله
صِلةً، قال: وأَما الجَحْدُ السابق الذي لم يصرَّحْ به فقولك ما مَنَعَكَ أَن
لا تَسْجُد، وقوله: وما يُشْعِرُكُمْ أَنها إِذا جاءت لا يُؤْمِنون،
وقوله عز وجل: وحَرامٌ على قَرْيةٍ أَهْلَكْناها أَنهم لا يَرْجِعُون؛ وفي
الحَرام معنى جَحْدٍ ومَنْعٍ، وفي قوله وما يُشْعركم مثله، فلذلك جُعِلت لا
بعده صِلةً معناها السُّقوط من الكلام، قال: وقد قال بعضُ مَن لا يَعرف
العربية، قال: وأُراه عَرْضَ بأَبِي عُبيدة، إِن معنى غير في قول الله عز
وجل: غير المغضوب عليهم، معنى سِوَى وإِنَّ لا صلةٌ في الكلام؛ واحتج
بقوله:
في بئْرِ لا حُورٍ سرى وما شَعَرْ
بإِفْكِه، حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ
قال: وهذا جائز لأَن المعنى وقَعَ فيما لا يتبيَّنْ فيه عَمَلَه، فهو
جَحْدُ محض لأَنه أَراد في بئرِ ما لا يُحِيرُ عليه شيئاً، كأَنك قلت إِلى
غير رُشْد توجَّه وما يَدْرِي. وقال الفراء: معنى غير في قوله غير
المغضوب معنى لا، ولذلك زِدْتَ عليها لا كما تقول فلان غيرُ مُحْسِنٍ ولا
مُجْمِلٍ، فإِذا كانت غير بمعنى سِوَى لم يجز أَن تَكُرّ عليه، أَلا ترَى أَنه
لا يجوز أَن تقول عندي سِوَى عبدِ الله ولا زيدٍ؟ وروي عن ثعلب أَنه سمع
ابن الأَعرابي قال في قوله:
في بئر لا حُورٍ سرى وما شَعَر
أَراد: حُؤُورٍ أَي رُجُوع، المعنى أَنه وقع في بئرِ هَلَكةٍ لا رُجُوعَ
فيها وما شَعَرَ بذلك كقولك وَقع في هَلَكَةٍ وما شَعَرَ بذلك، قال:
ويجيء لا بمعنى غير؛ قال الله عز وجل: وقِفُوهُمْ إِنَّهم مسؤُولون ما لكم
لا تَناصَرُون؛ في موضع نصب على الحال، المعنى ما لكم غيرَ مُتناصِرين؛
قاله الزجاج؛ وقال أَبو عبيد: أَنشد الأَصمعي لساعدة الهذلي:
أَفَعَنْك لا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَه
غابٌ تَسَنَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ
قال: يريد أَمِنك بَرْقٌ، ولا صلة. قال أَبو منصور: وهذا يخالف ما قاله
الفراء إِن لا لا تكون صلة إِلا مع حرف نفي تقدَّمه؛ وأَنشد الباهلي
للشماخ:
إِذا ما أَدْلَجْتْ وضَعَتْ يَداها،
لَها الإِدْلاج لَيْلَه لا هُجُوعِ
أَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ التي لا يُهْجَعُ فيها، يعني الناقة
ونَفَى بلا الهُجُوعَ ولم يُعْمِلْ، وترك هُجُوع مجروراً على ما كان
عليه من الإِضافة؛ قال: ومثله قول رؤبة:
لقد عرَفْتُ حِينَ لا اعْتِرافِ
نَفى بلا وترَكَه مجروراً؛ ومثله:
أَمْسَى بِبَلْدَةِ لا عَمٍّ ولا خال
وقال المبرد في قوله عز وجل: غَيْرِ المَغْضوبِ عليهم ولا الضالِّين؛
إِنما جاز أَن تقع لا في قوله ولا الضَّالين لأَن معنى غير متضمن معنى
النَّفْي، والنحويون يُجيزون أَنتَ زيداً غَيْرُ ضارِبٍ لأَنه في معنى قولك
أَنتَ زيداً لا ضارِبٌ، ولا يجيزون أَنت زيداً مِثْلُ ضارِب لأَن زيداً من
صلة ضارِبٍ فلا تتقدَّم عليه، قال: فجاءت لا تُشَدِّد من هذا النفي الذي
تضمنه غيرُ لأَنها تُقارِبُ الداخلة، أَلا ترى أَنك تقول جاءَني زيد
وعمرو، فيقول السامع ما جاءَك زيد وعَمرو؟ فجائز أَن يكون جاءَه أَحدُهما،
فإِذا قال ما جاءَني زيد ولا عمرو فقد تَبَيَّن أَنه لم يأْت واحد منهما.
وقوله تعالى: ولا تَسْتَوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ؛ يقارب ما ذكرناه
وإِن لم يَكُنْه. غيره: لا حرفُ جَحْد وأَصل ألفها ياء، عند قطرب، حكاية
عن بعضهم أَنه قال لا أَفعل ذلك فأَمال لا. الجوهري: لا حرف نفي لقولك
يَفْعَل ولم يقع الفعل، إِذا قال هو يَفْعَلُ غَداً قلت لا يَفْعَلُ غداً،
وقد يكون ضدّاً لبَلَى ونَعَمْ، وقد يكون للنَّهْي كقولك لا تَقُمْ ولا
يَقُمْ زيد، يُنهى به كلُّ مَنْهِيٍّ من غائب وحاضِر، وقد يكون لَغْواً؛
قال العجاج:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
وفي التنزيل العزيز: ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي ما منعك أَن
تسْجُد، وقد يكون حرفَ عطف لإِخراج الثاني مما دخل فيه الأَول كقولك رأَيت
زيداً لا عَمراً، فإَن أَدْخَلْتَ عليها الواو خَرَجَتْ من أَن تكون حَرْفَ
عطفٍ كقولك لم يقم زيد ولا عمرو، لأَن حُروف النسق لا يَدخل بعضُها على
بعض، فتكون الواو للعطف ولا إِنما هي لتأْكيد النفي؛ وقد تُزاد فيها التاء
فيقال لاتَ؛ قال أَبو زبيد:
طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ
وإِذا استقبلها الأَلف واللام ذهبت أَلفه كما قال:
أَبَى جُودُه لا البُخْلَ، واستَعْجلتْ نَعَمْ
بهِ مِنْ فَتًى، لا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْ
قال: وذكر يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء كان يجرّ البُخل ويجعل لا
مُضافة إِليه لأَنَّ لا قد تكون للجُود والبُخْلِ، أَلا ترى أَنه لو قيل له
امْنَعِ الحَقَّ فقال لا كان جُوداً منه؟ فأَمَّا إِنْ جَعَلْتَها لغواً
نصَبْتَ البُخل بالفعل وإِن شئت نصَبْتَه على البدل؛ قال أَبو عمرو: أَراد
أَبَى جُودُه لا التي تُبَخِّلُ الإِنسان كأَنه إِذا قيل له لا تُسْرِفُ
ولا تُبَذِّرْ أَبَى جُوده قولَ لا هذه، واستعجلت نعم فقال نَغَم
أَفْعلُ ولا أَترك الجُودَ؛ قال: حكى ذلك الزجاج لأَبي عمرو ثم قال: وفيه قولان
آخران على رواية مَن روى أَبَى جُودُه لا البُخْل: أَحدهما معناه أَبَى
جُوده البُخْلَ وتَجعل لا صِلةً كقوله تعالى: ما منَعك أَن لا تَسْجُدَ،
ومعناه ما منعكَ أَن تسجُدَ، قال: والقول الثاني وهو حَسَن، قال: أرى أَن
يكون لا غيرَ لَغْوٍ وأَن يكون البُخل منصوباً بدلاً من لا، المعنى: أبي
جُودُه لا التي هي للبُخْل، فكأَنك قلت أَبَى جُوده البُخْلَ وعَجَّلَتْ
به نَعَمْ. قال ابن بري في معنى البيت: أَي لا يَمْنَعُ الجُوعَ
الطُّعْمَ الذي يَقْتُله؛ قال: ومن خفض البُخْلَ فعلى الإِضافةِ، ومَن نصب
جَعَله نعتاً للا، ولا في البيت اسمٌ، وهو مفعول لأَبَى، وإِنما أَضاف لا إِلى
البُخل لأَنَّ لا قد تكون للجُود كقول القائل: أَتَمْنَعُني من عَطائك،
فيقول المسؤول: لا، ولا هنا جُودٌ. قال: وقوله وإِن شئت نصبته على البدل،
قال: يعني البخل تنصبه على البدل من لا لأَن لا هي البُخل في المعنى،
فلا يكون لَغْواً على هذا القول.
لا التي تكون للتبرئة: النحويون يجعلون لها وجوهاً في نصب المُفرد
والمُكَرَّر وتنوين ما يُنوَّنُ وما لا يُنوَّن، والاخْتِيارُ عند جميعهم
أَن يُنصَب بها ما لا تُعادُ فيه كقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتابُ لا
رَيْبَ فيه؛ أَجمع القراء على نصبه. وقال ابن بُزرْج: لا صلاةَ لا رُكُوعَ
فيها، جاء بالتبرئة مرتين، وإِذا أَعَدْتَ لا كقوله لابَيْعَ لا بَيْعَ فيه
ولا خُلَّة ولا شفاعة فأَنتَ بالخيار، إِن شئت نصبت بلا تنوين، وإِن شئت
رَفَعْتَ ونوَّنْتَ، وفيها لُغاتٌ كثيرة سوى ما ذكرتُ جائزةٌ عندهم.
وقال الليث: تقول هذه لاء مَكْتوبةٌ فتَمُدُّها لتَتِمَّ الكلمة اسماً، ولو
صغرت لقلت هذه لُوَيَّةٌ مكتوبة إِذا كانت صغيرة الكِتْبة غيرَ جَليلةٍ.
وحكى ثعلب: لَوَّيْت لاء حَسَنَةً عَمِلْتها، ومدَّ لا لأَنه قد صيَّرَها
اسماً، والاسمُ لا يكون على حرفين وَضْعاً، واخْتارَ الأَلف من بين حروف
المَدِّ واللين لمكان الفَتْحة، قال: وإِذا نسبت إِليها قلت لَوَوِيٌّ
(* قوله« لووي إلخ» كذا في الأصل وتأمله مع قول ابن مالك:
وضاعف الثاني من ثنائي * ثانيه ذو لين كلا ولائي)
وقصِيدةٌ لَوَوِيَّةٌ: قافِيَتُها لا. وأَما قول الله عز وجل: فلا
اقْتَحَمَ العَقَبةَ، فلا بمعنى فَلَمْ كأَنه قال فلم يَقْتَحِمِ العَقَبةَ،
ومثله: فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى، إِلاَّ أَنَّ لا بهذا المعنى إِذا
كُرِّرَتْ أَسْوَغُ وأَفْصَحُ منها إِذا لم تُكَرَّرْ؛ وقد قال الشاعر:
إِنْ تَغْفِرِ اللهمَّ تَغْفِرْ جَمَّا،
وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟
وقال بعضهم في قوله: فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ؛ معناها فما، وقيل:
فَهَلاَّ، وقال الزجاج: المعنى فلم يَقْتَحِم العقبةَ كما قال فلا صَدَّق ولا
صَلَّى ولم يذكر لا ههنا إِلاَّ مرة واحدة، وقلَّما تتَكَلَّم العرب في
مثل هذا المكان إِلاَّ بلا مَرَّتَيْنِ أَو أَكثر، لا تكاد تقول لا
جِئْتَني تُريد ما جِئْتَني ولا نري صلح
(*قوله «نري صلح» كذا في الأصل بلا نقط
مرموزاً له في الهامش بعلامة وقفة.) والمعنى في فلا اقْتَحَمَ موجود لأَن
لا ثابتة كلها في الكلام، لأَن قوله ثم كان من الذين آمنوا يَدُلُّ على
معنى فلا اقْتَحَمَ ولا آمَنَ، قال: ونحوَ ذلك قال الفراء، قال الليث:
وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيقال أَلا لا؛ وأَنشد: فقامَ
يَذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إِلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا؟ فيقال: أَلا لا ؛ جَعَلَ أَلا تَنْبيهاً
ولا نفياً. وقال الليث في لي قال: هما حَرْفانِ مُتباينان قُرِنا
واللامُ لامُ الملكِ والياء ياء الإضافة؛ وأَما قول الكميت:
كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثمَّ هِجْتُمُ
لَدى حين أَنْ كانُوا إِلى النَّوْمِ، أَفْقَرا
فيقول: كانَ نَوْمُهم في القِلَّةِ كقول القائل لا وذا، والعرب إِذا
أَرادوا تَقْلِيل مُدَّة فِعْلٍ أَو ظهور شيء خَفِيَ قالوا كان فِعْلُه
كَلا، وربما كَرَّروا فقالوا كلا ولا؛ ومن ذلك قول ذي الرمة:
أَصابَ خَصاصةً فبَدا كَليلاً
كلا، وانْغَلَّ سائرُه انْغِلالا
وقال آخر:
يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا
قلل: القِلَّةُ: خِلاف الكثرة. والقُلُّ: خلاف الكُثْر، وقد قَلَّ
يَقِلُّ قِلَّة وقُلاًّ، فهو قَليل وقُلال وقَلال، بالفتح؛ عن ابن جني.
وقَلَّله وأقَلَّه: جعله قليلاً، وقيل: قَلَّله جعله قَليلاً. وأَقَلَّ: أَتى
بقَلِيل. وأَقَلَّ منه: كقَلَّله؛ عن ابن جني. وقَلَّله في عينه أَي أَراه
قَليلاً. وأَقَلَّ الشيء: صادَفه قَليلاً. واستقلَّه: رآه قَليلاً.
يقال: تَقَلَّل الشيءَ واستقلَّه وتَقالَّه إِذا رآه قَليلاً. وفي حديث أَنس:
أَن نَفَراً سأَلوه عن عِبادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فلما
أُخُبِروا كأَنهم تَقالُّوها أَي استقلُّوها، وهو تَفاعُل من القِلَّة. وفي
الحديث: أَنه كان يُقِلُّ اللَّغْوَ أَي لا يَلْغُو أَصلاً؛ قال ابن الأَثير:
وهذا اللفظ يستعمَل في نفي أَصل الشيء كقوله تعالى: فَقَلِيلاً ما
يؤمنون، قال: ويجوز أَن يريد باللَّغْو الهزْلَ والدُّعاية، وأَن ذلك كان منه
قَليلاً.
والقُلُّ: القِلَّة مثل الذُّلِّ والذِّلَّة. يقال: الحمدلله على القُلّ
والكُثْر، والقِلِّ والكِثْرِ، وما له قُلٌّ ولا كُثْرٌ. وفي حديث ابن
مسعود: الرِّبا، وإِن كَثُر، فهو إِلى قُلٍّ؛ معناه إِلى قِلَّة أَي أَنه
وإِن كان زيادة في المال عاجلاً فإِنه يَؤُول إِلى النقص، كقوله: يمحَق
الله الرِّبا ويُرْبي الصَّدَقات؛ قاله أَبو عبيد وأَنشد قول لبيد:
كلُّ بَني حُرَّةٍ مَصِيرُهُمْ
قُلٌّ، وإِن أَكثرتْ من العَدَدْ
وأَنشد الأَصمعي لخالد بن عَلْقمَة الدَّارمي:
ويْلُ آمّ لَذَّات الشباب مَعِيشه
مع الكُثْرِ يُعْطاه الفَتى المُتْلِف النَّدي
قد يَقْصُر القُلُّ الفَتى دُونَ هَمِّه،
وقد كان، لولا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنْجُدِ
وأَنشد ابن بري لآخر:
فأَرْضَوْهُ إِنْ أَعْطَوْه مِنِّي ظُلامَةً،
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
وقولهم: لم يترُك قَليلاً ولا كثيراً؛ قال أَبو عبيد: فإِنَّهم
يَبْدَؤون بالأَدْوَن كقولهم القَمَران، ورَبِيعة ومُضَر، وسُلَيم
وعامر.والقُلال، بالضم: القَلِيل. وشيء قليل، وجمعه قُلُل: مثل سَرِير وسُرُر.
وشيء قُلٌّ: قَليل. وقُلُّ الشيء: أَقَلُّه. والقَلِيل من الرجال:
القصير الدَّقِيق الجُثَّة، وامرأَة قَلِيلة كذلك. ورجل قُلٌّ: قصير الجُثَّة.
والقُلُّ من الرجال: الخسيس الدِّين؛ ومنه قول الأَعشى:
وما كُنْتُ قُلاًّ، قبلَ ذلك، أَزْيَبا
ووصفَ أَبو حنيفة العَرْض بالقِلَّة فقال: المِعْوَل نَصْل طويلٌ قَلِيل
العَرْض، وقومٌ قَلِيلون وأَقِلاَّءُ وقُلُلٌ وقُلُلون: يكون ذلك في
قِلَّة العَدَد ودِقَّة الجُثَّة، وقومٌ قَلِيل أَيضاً. قال الله تعالى:
واذكروا إِذ كنتم قَليلاً فكثَّركم.
وقالوا: قَلَّما يقوم زيد؛ هَيَّأَتْ ما قَلَّ ليقَعَ بعدها الفعلُ؛ قال
بعض النحويين: قَلَّ من قولك قَلَّما فِعْلٌ لا فاعل له، لأَن ما
أَزالته عن حُكْمه في تقاضيه الفاعل، وأَصارته إِلى حكم الحرف المتقاضِي للفعل
لا الاسم نحو لولا وهلاَّ جميعاً، وذلك في التَّحْضيض، وإِن في الشرط
وحرف الاستفهام؛ ولذلك ذهب سيبويه في قول الشاعر:
صَدَدْت فأَطولت الصُّدودَ، وقَلَّما
وِصالٌ على طُول الصُّدود يَدُومُ
إِلى أَن وِصالٌ يرتفِع بفعل مضمر يدلُّ عليه يَدُوم، حتى كأَنه قال:
وقَلَّما يدوم وِصالٌ، فلما أَضمر يَدُوم فسره بقوله فيما بعدُ يَدومُ،
فجرى ذلك في ارتفاعه بالفعل المضمر لا بالابتداء مجرى قولك: أَوِصالٌ يَدومُ
أَو هَلاَّ وِصال يَدُوم؟ ونظير ذلك حرف الجر في نحو قول الله عز وجل:
رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا؛ فما أَصلحتْ رُبَّ لوقوع الفعل بعدها
ومنعتْها وقوعَ الاسم الذي هو لها في الأَصل بعدها، فكما فارقت رُبَّ بتركيبها
مع ما حكمَها قبل أَن تركَّب معها، فكذلك فارقتْ طالَ وقَلَّ بالتركيب
الحادث فيهما ما كانتا عليه من طلبهما الأَسماء، أَلا ترى أَنْ لو قلتَ
طالما زيد عندنا أَو قَلَّما محمد في الدار لم يجز؟ وبعد فإِنَّ التركيب
يُحْدِث في المركَّبَين معنًى لم يكن قبل فيهما، وذلك نحو إِنَّ مفردة
فإِنها للتحقيق، فإِذا دخلتْها ما كافَّة صارت للتحقير كقولك: إِنَّما أَنا
عبدُك، وإِنما أَنا رسول ونحو ذلك، وقالوا: أَقَلُّ امرأَتين تَقُولان ذلك؛
قال ابن جني: لما ضارع المبتدأ حرفَ النفي بَقَّوُا المبتدأ بلا خبر.
وأَقَلَّ: افتقَرَ. والإِقْلالُ: قِلَّة الجِدَةِ، وقَلَّ مالُه. ورجل
مُقِلٌّ وأَقَلُّ: فقير. يقال: فعل ذلك من بين أَثْرَى وأَقَلَّ أَي من
بين الناس كلهم.
وقالَلْتُ له الماءَ إِذا خفتَ العطش فأَردت أَن تستقِلَّ ماءَك. أَبو
زيد: قالَلْت لفلان، وذلك إِذا قلَّلْت ما أَعطيتَه. وتَقالَلْت ما
أَعطاني أَي استقلَلْته، وتكاثَرْته أَي استكثرته.
وهو قُلُّ بنُ قُلٍّ وضُلُّ بنُ ضُلٍّ: لا يُعرف هو ولا أَبوه، قال
سيبويه: وقالوا قُلُّ رجل يقول ذلك إِلا زيد. وقدم علينا قُلُلٌ من الناس
إِذا كانوا من قَبائل شتَّى متفرِّقين، فإِذا اجتمعوا جمعاً فهم قُلَلٌ.
والقُلَّة: الحُبُّ العظيم، وقيل: الجَرَّة العظيمة، وقيل: الجَرَّة
عامة، وقيل: الكُوز الصغير، والجمع قُلَل وقِلال، وقيل: هو إِناءٌ للعرب
كالجَرَّة الكبيرة؛ وقال جميل بن معمر:
فظَلِلْنا بنِعمة واتَّكَأْنا،
وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ
وقِلال هَجَر: شبيهة بالحِبَاب؛ قالَ حسان:
وأَقْفَر من حُضَّارِه وِرْدُ أَهْلِهِ،
وقد كان يُسقَى في قِلالٍ وحَنْتَم
وقال الأَخطل:
يَمْشُون حَولَ مُكَدَّمٍ، قد كَدَّحَتْ
مَتْنَيه حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلال
وفي الحديث: إِذا بلَغ الماءُ قُلَّتين لم يحمِل نَجَساً، وفي رواية: لم
يحمِل خَبَثاً؛ قال أَبو عبيد في قوله قُلَّتين: يعني هذه الحِبَاب
العِظام، واحدتها قُلَّة، وهي معروفة بالحجاز وقد تكون بالشام. وفي الحديث في
ذكر الجنة وصفة سِدْرة المُنْتَهَى: ونَبِقُها مثل قِلال هَجَر، وهَجَر:
قرية قريبة من المدينة وليست هَجَر البحرين، وكانت تعمل بها القِلال.
وروى شمر عن ابن جريج قال: أَخبرني من رأَى قِلال هجر تسع القُلَّة منها
الفَرَق؛ قال عبد الرزاق: الفَرَق أَربعة أَصْوُع بصاع سيدنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، وروي عن عيسى بن يونس قال: القُلَّة يؤتى بها من ناحية
اليمن تسع فيها خمس جِرار أَو سِتّاً؛ قال أَحمد بن حنبل: قدر كل كل
قُلَّة قِرْبتان، قال: وأَخشى على القُلَّتين من البَوْل، فأَما غير البَوْل
فلا ينجسه شيء، وقال إِسحق: البول وغيره سواء إِذا بلغ الماء قُلَّتين
لم ينجسه شيء، وهو نحو أَربعين دَلْواً أكثر ما قيل في القُلَّتين، قال
الأَزهري. وقِلال هَجر والأَحْساء ونواحيها معروفة تأْخذ القُلَّة منها
مَزادة كبيرة من الماء، وتملأُ الرواية قُلَّتين، وكانوا يسمونها الخُرُوس،
واحدها خَرْس، ويسمونها القلال، واحدتها قُلَّة، قال: وأَراها سميت
قِلالاً لأَنها تُقَلُّ أَي ترفَع إِذا ملئت وتحمَل.
وفي حديث العباس: فحَثَا في ثوبه ثم ذهب يُقِلُّه فلم يستطِع؛ يقال:
أَقَلَّ الشيءَ يُقِلُّه واستقلَّه يستقلُّه إِذا رفعه وحمله. وأَقَلَّ
الجَرَّة: أَطاق حملها. وأَقَلَّ الشيء واستقبلَّه: حمله ورفعه.
وقُلَّة كل شيء: رأْسه. والقُلَّة: أَعلى الجبل. وقُلَّة كل شيء:
أَعلاه، والجمع كالجمع، وخص بعضهم به أَعلى الرأْس والسنام والجبل. وقِلالة
الجبل: كقُلَّته؛ قال ابن أَحمر:
ما أُمُّ غَفْرٍ في القِلالة، لم
يَمْسَسْ حَشاها، قبله، غَفْر
ورأْس الإِنسان قُلَّة؛ وأَنشد سيبويه:
عَجائب تُبْدِي الشَّيْبَ في قُلَّة الطِّفْل
والجمع قُلَل؛ ومنه قول ذي الرمة يصف فِراخ النعامة ويشبه رؤوسها
بالبنادق:
أَشْداقُها كصُدُوع النَّبْع في قُلَلٍ،
مثل الدَّحارِيج لم يَنْبُت لها زَغَبُ
وقُلَّة السيف: قَبِيعَتُه. وسيف مُقَلَّل إِذا كانت له قَبِيعة؛ قال
بعض الهذليين:
وكُنَّا، إِذا ما الحربُ ضُرِّس نابُها،
نُقَوِّمُها بالمَشْرَفِيِّ المُقَلَّل
واستقلَّ الطائر في طيرانه: نَهض للطيران وارتفع في الهواء. واستقلَّ
النبات: أَنافَ. واستقلَّ القوم: ذهبوا واحتملوا سارِين وارتحلوا؛ قال الله
عز وجل: حتى إِذا أَقَلَّتْ سحاباً ثِقالاً؛ أَي حَمَلت. واستقلَّت
السماء: ارتفعت. وفي الحديث: حتى تَقالَّت الشمس أَي استقلَّت في السماء
وارتفعت وتعالَتْ. وفي حديث عمرو بن عَنْبسة: قال له إِذا ارتفعت الشمس
فالصلاة مَحْظُورة حتى يستقلَّ الرُّمْحُ بالظِّل أَي حتى يبلُغ ظل الرمح
المغروس في الأَرض أَدنى غاية القِلَّة والنقص، لأَن ظل كل شخص في أَوَّل
النهار يكون طويلاً ثم لا يزال ينقص حتى يبلُغ أَقصره، وذلك عند انتِصاف
النهار، فإِذا زالت الشمس عاد الظل يزيد، وحينئذ يدخُل وقت الظهر وتجوز
الصلاة ويذهب وقت الكراهة، وهذا الظل المتناهي في القصر هو الذي يسمَّى ظل
الزوال أَي الظل الذي تزول الشمس عن وسط السماء وهو موجود قبل الزيادة،
فقوله يستقِلُّ الرمحُ بالظل، هو من القِلَّة لا من الإِقْلال والاسْتقلالِ
الذي بمعنى الارتفاع والاسْتبداد.
والقِلَّة والقِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة، وقيل: هي الرِّعْدة من الغضب
والطمَع ونحوه يأْخذ الإِنسان، وقد أَقَلَّته الرِّعْدة واستقلَّته؛ قال
الشاعر:
وأَدْنَيْتِني حتى إِذا ما جَعَلْتِني
على الخَصْرِ أَو أَدْنَى، اسْتَقَلَّك راجِفُ
يقال: أَخذه قِلُّ من الغضب إِذا أُرْعِد ويقال للرجل إِذا غضب: قد
استقلَّ.
الفراء: القَلَّة النَّهْضة من عِلَّة أَو فقر، بفتح القاف. وفي حديث
عمر: قال لأَخيه زيد لمَّا ودَّعه وهو يريد اليمامة: ما هذا القِلُّ الذي
أَراه بك؟ القِلُّ، بالكسر: الرِّعْدة.
والقِلالُ: الخُشُب المنصوبة للتَّعريش؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد:
من خَمر عانَةَ، ساقِطاً أَفنانُها،
رفَع النَّبيطُ كُرُومَها بقِلال
أَراد بالقِلال أَعْمِدة ترفَع بها الكُروم من الأَرض، ويروى بظلال.
وارتحل القوم بقِلِّيَّتِهم أَي لم يَدَعوا وراءهم شيئاً. وأَكل
الضَّبَّ بقِلِّيَّتِه أَي بعظامه وجلده. أَبو زيد: يقال ما كان من ذلك قلِيلةٌ
ولا كَثِيرةٌ وما أَخذت منه قليلةً ولا كثيرة بمعنى لم آخُذ منه شيئاً،
وإِنما تدخل الهاء في النفي. ابن الأَعرابي: قَلَّ إِذا رفَع، وقَلَّ إِذا
علا.
وبنو قُلٍّ: بطن.
وقَلْقَل الشيءَ قَلْقَلَةً وقِلْقالاً وقَلْقالاً فَتَقَلْقَل
وقُلْقالاً؛ عن كراع وهي نادرة أَي حرَّكه فتحرَّك واضطرب، فإِذا كسرته فهو مصدر،
وإِذا فتحته فهو اسم مثل الزِّلْزال والزَّلْزال، والاسم القُلْقال؛
وقال اللحياني: قَلْقَل في الأَرض قَلْقَلةً وقِلْقالاً ضرَب فيها، والاسم
القَلْقالُ. وتَقَلْقل: كقَلْقَل. والقُلْقُل والقُلاقِلُ: الخفيف في
السفَر المِعْوان السريع التَّقَلْقُل. ورجل قَلْقال: صاحبُ أَسفار.
وتَقَلْقَل في البلاد إِذا تقلَّب فيها. وفرس قُلْقُل وقُلاقِل: جواد سريع.
وقَلْقَل أَي صوَّت،. وهو حكاية. قال أَبو الهيثم: رجل قُلْقُل بُلْبُل إِذا
كان خفيفاً ظريفاً، والجمع قَلاقِل وبَلابِل. وفي حديث عليّ: قال أَبو عبد
الرحمن السلمي خرج علينا عليٌّ وهو يَتَقَلْقَل؛ التَّقَلْقُل: الخفَّة
والإِسراع، من الفَرَسِ القُلْقُلِ، بالضم، ويروى بالفاء، وقد تقدم. وفي
الحديث: ونَفْسه تَقَلْقَل في صدره أَي تتحرك بصوت شديد وأَصله الحركة
والاضطراب. والقَلْقَلة: شدّة الصياح. وذهب أَبو إِسحق في قَلْقَل وصَلْصَل
وبابُه أَنه فَعْفَل. الليث: القَلْقَلة والتَّقَلْقُل قِلَّة الثبوت في
المكان. والمِسْمارُ السَّلِسُ يَتَقلْقَل في مكانه إِذا قَلِق.
والقَلْقَلة: شدّة اضطراب الشيء وتحركه، وهو يَتَقَلْقَل ويَتَلقْلَق. أَبو
عبيد: قَلْقَلْت الشيء ولَقْلَقْتُه بمعنى واحد.
والقِلْقِل: شجر أَو نبت له حبٌّ أَسود؛ قال أَبو النجم:
وآضَتِ البُهْمَى كنَبْلِ الصَّيْقَلِ،
وحازَتِ الرِّيحُ يَبِيس القِلْقِل
وفي المثل:
دَقَّك بالمِنْحازِ حَبَّ القِلْقِل
والعامة تقول حب الفُلْفُل؛ قال الأَصمعي: وهو تصحيف، إِنما هو بالقاف،
وهو أَصلب ما يكون من الحبوب، حكاه أَبو عبيد. قال ابن بري: الذي ذكره
سيبويه ورواه حب الفُلْفُل، بالفاء، قال: وكذا رواه عليّ بن حمزة؛
وأَنشد:وقد أَراني في الزمانِ الأَوَّلِ
أَدُقُّ في جارِ اسْتِها بمِعْوَلِ،
دَقَّك بالمِنْحازِ حبَّ الفُلْفُلِ
وقيل: القِلْقِل نبت ينبت في الجَلَد وغَلْظ السَّهْل ولا يكاد ينبُت في
الجبال، وله سِنْف أُفَيْطِحُ ينبُت في حبات كأَنهنّ العدَس، فإِذا
يَبِس فانتفَخ وهبَّت به الريحُ سمعْت تَقلقُلَه كأَنه جَرَس، وله ورَق أَغبر
أَطْلس كأَنه ورَق القَصَب. والقُلاقِل والقُلْقُلان: نَبْتان. وقال
أَبو حنيفة: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلان كله شيء واحد نَبْت، قال:
وذكر الأَعراب القُدُم أَنه شجر أَخضر ينهَض على ساقٍ، ومَنابتُه الآكام
دون الرياض وله حب كحبِّ اللُّوبِياء يؤكَل والسائمةُ حريصة عليه؛
وأَنشد:كأَنّ صوتَ حَلْيِها، إِذا انْجَفَلْ،
هَزُّ رِياحٍ قُلْقُلاناً قد ذَبَلْ
والقُلاقِلُ: بَقْلة بَرِّيَّة يُشْبِه حبُّها حبَّ السِّمْسِم ولها
أَكمام كأَكمامها. الليث: القِلْقِل شجر له حبٌّ عِظام ويؤْكل؛ وأَنشد:
أَبْعارُها بالصَّيْفِ حَبُّ القِلقِل
وحب القِلقِل مُهَيِّج على البِضاع يأْكله الناس لذلك؛ قال الراجز
وأَنشده أَبو عمرو لليلى:
أَنْعَتُ أَعْياراً بأَعلى قُنَّهْ
أَكَلْنَ حَبَّ قِلْقِلٍ، فَهُنَّهْ
لهنّ من حُبّ السِّفادِ رِنَّهْ
وقال الدينَوَري: القِلْقِل والقُلاقِل والقُلْقُلانُ كله واحد له حب
كحَب السِّمْسِم وهو مهيّج للباهِ؛ وقال ذو الرمة في القِلقِل ووصف
الهَيْف:وساقَتْ حَصادَ القُلْقُلان، كأَنما
هو الخَشْلُ أَعْرافُ الرِّياحِ الزَّعازِع
والقُلْقُلانِيُّ: طائر كالفاخِتة.
وحُروف القَلْقلة: الجيمُ والطاءُ والدالُ والقاف والباء؛ حكاها سيبويه،
قال: وإِنما سميت بذلك للصوت الذي يحدث عنها عند الوقف لأَنك لا تستطيع
أَن تقِف عنده إِلا معه لشدة ضَغْط الحرف.
رزن: الرَّزينُ: الثقيل من كل شيء. ورجل رَزِينٌ: ساكن، وقيل: أَصيل
الرأْي، وقد رَزُنَ رَزَانة ورُزوناً. ورَزَن الشيءَ يَرْزُنه رَزْناً: رازَ
ثِقَله ورفعه لينظر ما ثِقَلُه من خفته. وشيء رَزِين أَي ثقيل، وقيل:
رَزَنَ الحجر رَزناً أَقَلَّه من الأَرض. ويقال: شيء رَزِين، وقد
رَزَنْتُه بيدي إذا ثقَلْته. وامرأَة رَزانٌ إذا كانت ذات ثباتٍ ووَقارٍ وعفافٍ
وكانت رَزِينة في مجلسها؛ قال حسان بن ثابت يمدح عائشة، رضي الله تعالى
عنها:
حَصانٌ رَزانٌ لا تُزَنُّ بريبةٍ،
وتُصْبِحُ غَرْثى من لحوم الغوافِل.
والرَّزانةُ في الأَصل: الثِّقَلُ. والرَّزْن والرِّزْنُ: أَكمة تمسك
الماء، وقيل: نُقَرٌ في حَجَر أَو غَلْظٍ في الأَرض، وقيل: هو مكان مرتفع
يكون فيه الماء، والجمع أَرْزانٌ ورُزونٌ ورِزانٌ؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة
يصف بقر الوحش:
ظلَّتْ صَوافِنَ بالأَرْزانِ صادِيَةً،
في ماحِقٍ من نهارِ الصيفِ مُحْتَرِقِ
(* قوله «محترق» الذي في مادة محق من الصحاح محتدم).
وقال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
أَحْقَبَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ،
حَدَّ الربيعِ أَرِنٍ أَرُونِ
لا خَطِل الرَّجْعِ، ولا قَرُونِ
لاحِقِ بَطْنٍ بقَرىً سَمينِ.
وقال ابن حمزة: هو الرِّزْنُ، بالكسر لا غير. قال ابن بري: وبيت ساعدة
مما يدل أَنه رِزْنٌ، لأَن فَعْلاً لا يجمع على أَفعال إلا قليلاً. وقد
تَرَزَّن الرجل في مجلسه إذا تَوَقَّر فيه. والرَّزانة: الوقار، وقد رَزُنَ
الرجل، بالضم، فهو رَزِين أَي وَقُور. والرِّزانُ: مناقع الماء، واحدتها
رِزْنة، بالكسر. والرُّزُونُ: بقايا السيل في الأَجْرافِ؛ قال أَبو
ذؤيب:
حتى إذا حُزَّتْ مياه رُزُونِه.
الأَصمعي: الرُّزُون أَماكن مرتفعة يكون فيها الماء، واحدها
رَزْنٌ.ويقال: الرَّزْنُ المكان الصلب، وقيل: المكان المرتفع، وقيل المكان الصُّلْبُ
وفيه طُمأْنينة تمسك الماء؛ وقال أَبو ذؤَيب في الرُّزُونِ أَيضاً:
حتى إذا حُزَّت مياهُ رُزُونِه،
وبأَيِّ حَزِّ مَلاوَةٍ يَتَقَطَّعُ
والرَّزْنُ: مكان مشرف غليظ إلى جنبه، ويكون منفرداً وحده، ويَقُود على
وجه الأَرض للدَّعْوَةِ حجارةً ليس فيها من الطين شيء لا ينبت، وظهره
مستو. والرَّوْزَنة: الكُوَّة، وفي المحكم: الخرق في أَعلى السقْف. التهذيب:
يقال للكُوَّة النافذة الرَّوْزَن، قال: وأَحسبه معرَّباً، وهي
الرَّوَازِن تكلمت بها العرب. الليث: الأَرْزَن شجر صُلْب تتخذ منه عِصِيٌّ
صُلْبة؛ وأَنشد:
ونَبْعَة تَكْسِر صُلْبَ الأَرْزَن
وأَنشد ابن الأَعرابي:
إنِّي وجَدِّك ما أَقْضِي الغَرِيمَ، وإِنْ
حانَ القَضاءُ، ولا رَقَّتْ له كَبدِي
إلاَّ عَصَا أَرْزَنٍ طارت بُرَايَتُها،
تَنُوءُ ضرْبَتُها بالكَفّ والعَضُدِ.
وأَنشد ابن بري لشاعر:
أَعْدَدْتُ للضِّيفانِ كلْباً ضارِياً
عندي، وفَضْلَ هِراوَةٍ من أَرْزَنِ
ومَعاذِراً كذباً، ووجْهاً باسِراً،
وتَشَكّياً عَضَّ الزمانِ الأَلْزَنِ.
خطط: الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ في الشيء، والجمع خُطُوطٌ؛ وقد
جمعه العجّاج على أَخْطاطٍ فقال:
وشِمْنَ في الغُبارِ كالأَخْطاطِ
ويقال: الكَلأُ خُطوطٌ في الأَرض أَي طَرائقُ لم يَعُمَّ الغَيْثُ
البلادَ كُلَّها. وفي حديث عبد اللّه بن عَمرو في صفة الأَرض الخامسةِ: فيها
حيّاتٌ كسلاسِلِ الرَّمْلِ وكالخطائط بين الشَّقائِق؛ واحدتها خَطِيطةٌ،
وهي طرائقُ تُفارِقُ الشَّقائق في غِلَظِها ولِينِها. والخَطُّ: الطريق،
يقال: الزَمْ ذلك الخَطَّ ولا تَظْلِمْ عنه شيئاً؛ قال أَبو صخر الهذلي:
صُدُود القِلاصِ الأُدْمِ في ليلةِ الدُّجَى،
عن الخَطِّ لم يَسْرُبْ لها الخَطِّ سارِبُ
وخَطَّ القلَمُ أَي كتب. وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كتبه بقلم أَو
غيره؛ وقوله:
فأَصْبَحَتْ بَعْدَ، خَطَّ، بَهْجَتِها
كأَنَّ، قَفْراً، رُسُومَها، قَلَما
أَراد فأَصبحت بعد بهجتها قفراً كأَنَّ قلماً خَطَّ رُسومَها.
والتَّخْطِيطُ: التَّسْطِيرُ، التهذيب: التخْطيطُ كالتَّسْطِير، تقول:
خُطِّطَت عليه ذنوبُه أَي سُطِّرت.
وفي حديث معاوية بن الحكم: أَنه سأَل النبيَّ، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عن الخَطِّ فقال: كان نبيٌّ من الأَنبياء يَخُطُّ فمن وافَقَ خَطَّه
عَلِمَ مثل عِلْمِه، وفي رواية: فمن وافَق خطَّه فذاكَ. والخَطُّ: الكتابة
ونحوها مما يُخَطُّ. وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه قال في
الطَّرْقِ: قال ابن عباس هو الخَطُّ الذي يَخُطُّه الحازِي، وهو عِلْم قديم تركه
الناس، قال: يأْتي صاحِبُ الحاجةِ إِلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً
فيقول له: اقْعُدْ حتى أَخُطَّ لك، وبين يدي الحازي غُلام له معَه مِيلٌ له،
ثم يأْتي إِلى أَرْضٍ رخْوَةٍ فيَخُطُّ الأُسْتاذ خُطوطاً كثيرة بالعجلة
لئلا يَلْحَقها العدَدُ، ثم يرجِعُ فيمحو منها على مَهَلٍ خَطَّيْنِ
خطين، فإِن بقي من الخُطوط خَطَّانِ فهما علامة قضاء الحاجة والنُّجْح، قال:
والحازِي يمحو وغلامه يقول للتفاؤل: ابْنَيْ عِيان، أَسْرِعا البَيان؛
قال ابن عباس: فإِذا مَحا الحازِي الخُطوطَ فبقي منها خَطٌّ واحد فهي
علامة الخَيْبةِ في قضاء الحاجة؛ قال: وكانت العرب تسمي ذلك الخطّ الذي يبقى
من خطوط الحازي الأَسْحَم، وكان هذا الخط عندهم مشْؤُوماً. وقال
الحَرْبيُّ: الخطُّ هو أَن يخُطّ ثلاثة خُطوط ثم يَضْرِب عليهن بشعِير أَو نَوىً
ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضَرْبٌ من الكَهانة؛ قال ابن الأَثير: الخَطُّ
المشار إِليه علم معروف وللناس فيه تَصانِيفُ كثيرة وهو معمول به إِلى
الآن، ولهم فيه أَوْضاعٌ واصْطلاحٌ وأَسامٍ، ويستخرجون به الضمير وغيره،
وكثيراً ما يُصِيبُون فيه. وفي حديث ابن أُنَيْسٍ: ذهَب بي رسول اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم، إِلى منزله فدَعا بطعام قليل فجعلت أُخَطِّطُ حتى
يَشْبَعَ رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي أَخُطُّ في الطعام
أُرِيهِ أَني آكُل ولست بآكِلٍ. وأَتانا بطعام فخَطَطْنا فيه أَي أَكَلْناه،
وقيل: فحطَطْنا، بالحاء المهملة غير معجمة، عَذَّرْنا. ووصف أَبو
المَكارم مَدْعاةً دُعِيَ إِليها قال: فحَطَطْنا ثم خَطَطْنا أَي اعتمدنا على
الأَكل فأَخذنا، قال: وأَما حَطَطْنا فمعناه التَّعْذِيرُ في الأَكل.
والحَطُّ: ضِدُّ الخَطِّ، والماشي يَخُطُّ برجله الأَرضَ على التشبيه بذلك؛
قال أَبو النجم:
أَقْبَلْتُ مِنْ عندِ زِيادٍ كالخَرِفْ،
تَخطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لامَ أَلِفْ
والخَطُوط، بفتح الخاء، من بقر الوحش: التي تخُطُّ الأَرض بأَظْلافِها،
وكذلك كل دابّة. ويقال: فلان يخُطّ في الأَرض إِذا كان يفكِّر في أَمره
ويدبّره. والخَطُّ: خَطُّ الزاجر، وهو أَن يخُطّ بإِصْبَعِه في الرمل
ويَزْجُر. وخَطَّ الزاجِرُ في الأَرض يخُطُّ خطّاً: عَمِلَ فيها خَطّاً
بإِصْبَعِه ثم زَجَر؛ قال ذو الرمة:
عَشِيّةَ ما لي حِيلةٌ غَيْرَ أَنَّنِي،
بَلَقْطِ الحصى والخَطِّ في التُّرْبِ، مولَعُ
وثوب مُخَطَّطٌ وكِساء مُخَطَّط: فيه خُطوط، وكذلك تمر مُخَطَّط ووَحْشٌ
مُخَطَّطٌ. وخَطَّ وجْهُه واخْتَطَّ: صارَتْ فيه خُطوط. واخْتَطَّ
الغلامُ أَي نبتَ عِذارُه.
والخُطَّةُ: كالخَطِّ كأَنها اسم للطريقة.
والمِخَطُّ، بالكسر: العود الذي يَخُطّ به الحائكُ الثوبَ. والمِخْطاطُ:
عُود تُسَوَّى عليه الخُطوطُ. والخَطُّ: الطَّرِيقُ؛ عن ثعلب؛ قال
سلامةُ بن جَنْدل:
حتى تركْنا وما تُثْنَى ظَعائننا،
يأْخُذْنَ بينَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ
والخَطُّ: ضَربٌ من البَضْعِ
(* قوله «البضع» بالفتح والضم بمعنى
الجماع.)، خَطَّها يَخُطُّها خَطّاً. وفي التهذيب: ويقال خَطَّ بها قُساحاً.
والخِطُّ والخِطَّةُ: الأَرض تُنْزَلُ من غير أَن ينزِلها نازِلٌ قبل ذلك.
وقد خَطَّها لنَفْسِه خَطّاً واخْتَطَّها: وهو أَن يُعَلِّم عليها
عَلامةً بالخَطِّ ليُعلم أَنه قد احْتازَها
(* قوله «احتازها» في النهاية:
اختارها.) ليَبْنِيَها داراً، ومنه خِطَطُ الكوفةِ والبصرةِ. واخْتَطَّ فلان
خِطَّةً إِذا تحَجَّر موضعاً وخَطَّ عليه بِجِدار، وجمعها الخِطَطُ.
وكلُّ ما حَظَرْتَه، فقد خطَطْتَ عليه. والخِطّةُ، بالكسر: الأَرضُ. والدار
يَخْتَطُّها الرَّجل في أَرض غير مملوكةٍ ليَتَحجَّرها ويَبْنيَ فيها،
وذلك إِذا أَذِن السلطان لجماعة من المسلمين أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ في
موضع بعينه ويتخذوا فيه مَساكِنَ لهم كما فعلوا بالكوفة والبصرة وبغداد،
وإِنما كسرت الخاء من الخِطَّة لأَنها أُخرجت على مصدر بُني على فعله
(*
قوله «على فعله» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون نقط لما بعد اللام،
وعبارة المصباح: وإنما كسرت الخاء لأَنها أُخرجت على مصدر افتعل مثل اختطب
خطبة وارتد ردّة وافترى فرية.) ، وجمع الخِطَّةِ خِطَطٌ. وسئل إِبراهيمُ
الحَربيّ عن حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه وَرَّث النساء
خِطَطَهُنَّ دون الرِّجال، فقال: نَعَم كان النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
أَعْطَى نِساء خِطَطاً يَسْكُنَّها في المدينة شبْه القَطائِع، منهنَّ أُمُّ
عبد، فجعلها لهنَّ دون الرِّجال لا حَظَّ فيها للرجال. وحكى ابن بري عن
ابن دريد أَنه يقال خِطٌّ للمكَان الذي يَخْتَطُّه لنفسه، من غير هاء،
يقال: هذا خِطُّ بني فلان. قال: والخُطُّ الطريق، يقال: الزَمْ هذا الخُطَّ،
قال: ورأَيته في نسخة بفتح الخاء.
ابن شميل: الأَرضُ الخَطيطةُ التي يُمْطَرُ ما حَوْلَها ولا تُمْطَر هي،
وقيل: الخَطِيطةُ الأَرض التي لم تمطر بين أَرْضَين مَمْطورَتَين، وقيل:
هي التي مُطِر بعضُها. وروي عن ابن عباس أَنه سئل عن رجل جعل أَمْرَ
امْرأَتِه بيدِها فقالت له: أَنتَ طالق ثلاثاً، فقال ابن عباس: خطَّ اللّه
نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نفسَها ثلاثاً وروي: خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها،
بالهمز، أَي أَخْطأَها المطر؛ قال أَبو عبيد: من رواه خَطَّ اللّه
نوْءَها جعله من الخَطِيطةِ، وهي الأَرض التي لم تمطر بين أَرضين ممطورتين،
وجمعها خَطائطُ. وفي حديث أَبي ذرّ في الخَطائطِ: تَرْعَى الخَطائطَ
ونَرِدُ المَطائطَ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لهميان بن قُحافةَ:
على قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائطَا،
يَتْبَعْنَ مَوَّارَ المِلاطِ مائطا
وقال البَعِيثُ:
أَلا إِنَّما أَزْرَى بحَارَك عامِداً
سُوَيْعٌ، كخطَّافِ الخَطِيطةِ، أَسْحَمُ
وقال الكميت:
قِلاتٌ بالخَطِيطةِ جاوَرَتْها،
فَنَضَّ سِمالُها، العَيْنُ الذَّرُورُ
القِلاتُ: جمع قَلْتِ للنُّقْرة في الجبل، والسِّمالُ: جمع سَمَلةٍ وهي
البقِيَّةُ من الماء، وكذلك النَّضِيضةُ البقيةُ من الماء، وسمالُها
مرتفع بنَضَّ، والعينُ مرتفع بجاورَتْها، قال ابن سيده: وأَما ما حكاه ابن
الأَعرابي من قول بعض العرب لابنه: يا يُنَيَّ الزم خَطِيطةَ الذُّلِّ
مَخافةَ ما هو أَشدُّ منه، فإِنَّ أَصل الخَطِيطةِ الأَرضُ التي لم تمطر،
فاستعارها للذلِّ لأَن الخطيطة من الأَرضين ذليلة بما بُخِسَتْه من حقّها.
وقال أَبو حنيفة: أَرض خِطٌّ لم تُمْطَر وقد مُطر ما حولَها.
والخُطَّةُ، بالضم: شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يقال: سُمْتُه خُطَّةَ
خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قال تأَبَّط شَرّاً:
هُما خُطَّتا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ،
وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ
أَراد خُطَّتانِ فحذف النون اسْتِخْفافاً. وفي حديث الحديبية: لا
يَسْأَلوني خُطَّةً يُعَظّمون فيها حُرُماتِ اللّه إِلاَّ أَعطَيتهم إِيَّاها،
وفي حديثها أَيضاً: إِنه قد عرَض عليكم خُطَّة رُشْدٍ فاقبلوها أَي
أَمراً واضحاً في الهُدَى والاسْتِقامةِ. وفي رأْسِه خُطَّةٌ أَي أَمْرٌ مّا،
وقيل: في رأْسه خُطَّةٌ أَي جَهْلٌ وإِقدامٌ على الأُمور. وفي حديث
قيْلةَ: أَيُلامُ ابن هذه أَن يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ من وراء
الحَجَزة؟ أَي أَنه إِذا نزل به أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكِلٌ لا يُهْتَدى له إِنه
لا يَعْيا به ولكنه يَفْصِلُه حتى يُبْرِمَه ويخرُجَ منه برأْيِه.
والخُطَّةُ: الحالُ والأَمْرُ والخَطْبُ. الأَصمعي: من أَمْثالهم في الاعْتزام
على الحاجة: جاءَ فلان وفي رأْسه خُطَّةٌ إِذا جاءَ وفي نفسه حاجةٌ وقد
عزَم عليها، والعامَّةُ تقول: في رأْسه خُطْيَةٌ، وكلام العرب هو
الأَول.وخَطَّ وجهُ فلان واخْتَطَّ. ابن الأَعرابي: الأَخَطُّ الدَّقِيقُ
المَحاسِنِ. واخْتَطَّ الغُلامُ أَي نبتَ عِذارُه. ورجل مُخطَّطٌ: جَمِيلٌ.
وخَطَطْتُ بالسيفِ وسطَه، ويقال: خَطَّه بالسيف نِصفين.
وخُطَّةُ: اسم عَنْز، وفي المثل: قَبَّحَ اللّه عَنْزاً خَيْرُها
خُطَّةُ. قال الأَصمعي: إِذا كان لبعض القوم على بعض فَضِيلةٌ إِلاَّ أَنها
خَسيسةٌ قيل: قَبَّحَ اللّهُ مِعْزَى خيْرُها خُطَّةُ، وخُطةُ اسم عنز كانت
عَنز سَوْء؛ وأَنشد:
يا قَومِ، مَنْ يَحْلُبُ شاةً مَيِّتهْ؟
قد حُلِبَت خُطَّةُ جَنْباً مُسْفَتهْ
ميتة ساكنةٌ عند الحَلب، وجَنْباً عُلْبةٌ، ومُسْفَتةٌ مَدْبوغة. يقال:
أَسْفَت الزقّ دَبَغَه.
الليث: الخَطُّ أَرض ينسب إِليها الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ، فإِذا جعلت
النسبةَ اسماً لازماً قلت خَطِّيَّة، ولم تذكر الرماحَ، وهو خَطُّ عُمانَ.
قال أَبو منصور: وذلك السِّيفُ كلُّه يسمى الخَطَّ، ومن قُرى الخَطِّ
القَطِيفُ والعُقَيْرُ وقَطَرُ. قال ابن سيده: والخَطُّ سِيفُ البَحْرَينِ
وعُمانَ، وقيل: بل كلُّ سِيفٍ خَطٌّ، وقيل: الخَطُّ مَرْفَأُ السفُن
بالبحرين تُنْسب إِليه الرماح. يقال: رُمْح خَطِّيٌّ، ورِماح خَطِّيَّة
وخِطِّيَّةٌ، على القياس وعلى غير القياس، وليست الخطّ بمنْبِتٍ للرِّماح،
ولكنها مَرْفَأُ السفُن التي تحْمِلُ القَنا من الهِنْدِ كما قالوا مِسْكُ
دارِينَ وليس هنالك مسك ولكنها مرفأُ السفن التي تحمل المِسك من الهِند.
وقال أَبو حنيفة: الخَطِّيُّ الرِّماح، وهو نِسْبةٌ قد جرَى مَجْرى الاسم
العلم، ونِسْبته إِلى الخَطّ خَطِّ البحرين وإِليه ترفأُ الشفن إِذا جاءَت
من أََرض الهند، وليس الخَطِّيّ الذي هو الرماح من نبات أَرض العرب، وقد
كثر مجيئه في أَشْعارها؛ قال الشاعر في نباته:
وهَل يُنْبِتُ الخَطِّيَّ إِلاّ وشِيجهُ،
وتُغْرَسُ، إلاَّ في مَنابِتِها، النَّخْلُ؟
وفي حديث أُمِّ زَرْع: فأَخذ خَطِّيّاً؛ الخَطِّيّ، بالفتح: الرمح
المنسوب إِلى الخَطّ. الجوهري: الخَط موضع باليمامة، وهو خَطُّ هَجَرَ تُنْسب
إِليه الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ لأَنها تحمل من بلاد الهند فتُقوّم به.
وقوله في الحديث: إِنه نام حتى تُسمع غَطِيطُه أَو خَطِيطُه؛ الخَطِيطُ:
قريب من الغَطِيطِ وهو صوت النائم، والغين والخاء متقاربتان.
وحِلْسُ الخِطاط: اسم رجل زاجر. ومُخَطِّطٌ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
إِلاَّ أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِّطٍ،
فقد خَبَّرَ الرُّكْبانُ ما أَتَوَدَّدُ
وفي النوادر: يقال أَقم على هذا الأَمْرِ بخُطَّةٍ وبحُجَّةٍ معناهما
واحد. وقولهم: خُطَّةٌ نائيةٌ أَي مَقْصِدٌ بعيد. وقولهم: خذ خُطّةً أَي خذ
خُطة الانْتِصاف، ومعناه انتصف. والخُطَّةُ أَيضاً من الخَطِّ:
كالنُّقْطة من النَّقْطِ اسم ذلك. وقولهم: ما خَطَّ غُبارَه أَي ما
شَقَّه.
شخص: الشَّخْصُ: جماعةُ شَخْصِ الإِنسان وغيره، مذكر، والجمع أَشْخاصٌ
وشُخُوصٌ وشِخاص؛ وقول عمر بن أَبي ربيعة:
فكانَ مِجَنِّي، دُونَ مَنْ كنتُ أَتّقي،
ثَلاثَ شُخُوصٍ: كاعِبانِ ومُعْصِرُ
فإِنه أَثبت الشَّخْصَ أَراد به المرأَة. والشَّخْصُ: سوادُ الإِنسان
وغيره تراه من بعيد، تقول ثلاثة أَشْخُصٍ. وكلّ شيء رأَيت جُسْمانَه، فقد
رأَيتَ شَخْصَه. وفي الحديث: لا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللّه؛ الشَّخْص: كلُّ
جسم له ارتفاع وظهور، والمرادُ به إِثباتُ الذات فاسْتُعير لها لفظُ
الشَّخْصِ، وقد جاء في رواية أُخرى: لا شيءَ أَغْيَرُ من اللّه، وقيل: معناه
لا ينبغي لشَخْصٍ أَن يكون أَغْيَرَ من اللّه.
والشَّخِيصُ: العظِيم الشَّخْصِ، والأُنْثى شَخِيصةٌ، والاسمُ
الشَّخاصةُ؛ قال ابن سيده: ولم أَسمع له بفِعْل فأَقول إِن الشَّخاصة مصدر، وقد
شَخُصْت شَخاصةً. أَبو زيد: رجل شَخِيصٌ إِذا كان سَيِّداً، وقيل: شَخِيصٌ
إِذا كان ذا شَخْصٍ وخَلْقٍ عظيم بَيّن الشَّخاصةِ.
وشَخُصَ الرجلُ، بالضم، فهو شَخِيصٌ أَي جَسيِم. وشَخَصَ، بالفتح،
شُخُوصاً: ارتفع. ابن سيده: وشَخَصَ الشيءُ يَشْخَصُ شُخُوصاً انْتَبَرَ،
وشخَصَ الجُرْحُ وَرِمَ. والشُّخُوصُ: ضِدُّ الهُبوطِ. وشَخَصَ السهمُ
يَشْخَصُ شُخُوصاً، فهو شاخِصٌ: علا الهدفَ؛ أَنشد ثعلب:
لها أَسْهُمٌ لا قاصِراتٌ عن الحَشَا،
ولا شاخِصاتٌ عن فُؤادي طَوالِعُ
وأَشْخَصَه صاحِبُه: عَلاه الهَدَفَ. ابن شميل: لَشَدّ ما شَخَصَ
سَهْمُك وقَحَزَ سَهْمُك إِذا طمَحَ في السماء، وقد أَشْخَصَه الرامي
إِشْخاصاً؛ وأَنشد:
ولا قاصِراتٌ عن فُؤادِي شواخِصُ
وأَشْخَصَ الرامي إِذا جازَ سَهْمُه الغَرَضَ من أَعْلاه، وهو سَهْم
شاخصٌ. والشُّخُوصُ: السَّيْرُ من بَلَدٍ إِلى بلدٍ. وقد شَخَصَ يَشْخَصُ
شُخُوصاً وأَشْخَصْتُه أَنا وشَخَصَ من بلدٍ إِلى بلدٍ شُخُوصاً أَي
ذَهَبَ. وقولهم: نحن على سفر قد أَشْخَصْنا أَي حان شُخُوصُنا. وأَشْخَصَ فلان
بفلان وأَشْخَسَ به إِذا اغْتابَه. وشَخَصَ الرجل بِبَصَرِه عند الموت
يَشْخَصُ شُخُوصاً: رَفَعَه فلم يَطْرِفْ، مشتق من ذلك. شمر: يقال شَخَصَ
الرجل بَصَرَه فَشَخَصَ البَصَرُ نَفْسُه إِذا سَما وطَمَحَ وشَصا كلُّ
ذلك مثلُ الشُخُوص. وشَخَصَ بَصَرُ فلانٍ، فهو شاخصٌ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْه
وجَعَلَ لا يَطْرِف. وفي حديث ذكر المَيّت: إِذا شَخَصَ بَصَرُه؛
شُخُوصُ البَصَرِ ارتفاعُ الأَجفانِ إِلى فَوْقُ وتَحْديدُ النظَر وانْزِعاجُه.
وفرسٌ شاخِص الطَّرْفِ: طامِحُه، وشاخِصُ العظامِ: مُشْرِفُها. وشُخِصَ
به: أَتى إِليه أَمْرٌ يُقْلِقُه. وفي حديث قَيْلَة: إِن صاحِبَها
اسْتَقْطَعَ النبيَّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، الدَّهْناءَ فأَقْطعَه إِيّاها،
قالت: فشُخِصَ بي. يقال للرجل إِذا أَتاه ما يُقْلِقُه: قد شُخِصَ به
كأَنه رُفِعَ من الأَرض لقَلَقِه وانْزِعاجِه، ومنه شُخُوصُ المسافِرِ
خُروجُه عن مَنْزلهِ. وشَخَصَت الكلمة في الفَمِ تَشْخَصُ إِذا لم يَقْدِرْ على
خَفْضِ صوته بها. التهذيب: وشَخَصَت الكلِمةُ في الفَمِ نَحْوَ الحنَكِ
الأَعْلى، وربما كان ذلك في الرجل خِلْقَةً أَي يَشْخَصُ صَوْتُه لا
يَقْدِر على خَفْضه. وشَخَصَ عن أَهلِه يَشْخَصُ شُخُوصاً: ذهَبَ. وشَخَصَ
إِليهم: رجَعَ، وأَشْخَصَه هو.
وفي حديث عثمان: إِنما يَقْصُر الصلاةَ من كان شاخِصاً أَو بِحَضْرة
عَدُوٍّ أَي مُسافِراً. والشاخِصُ: الذي لا يُغِبُّ الغَزْوَ؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَما تَرَيْني اليَوْم ثِلْباً شاخِصا
الثِّلْبُ: المُسِنّ. وفي حديث أَبي أَيوب: فلم يَزَلْ شاخِصاً في سبيل
اللّه.
وبنو شَخِيصٍ: بُطَيْنٌ، قال ابن سيده: أَحْسَبُهم انْقَرَضُوا.
وشَخْصانِ: موضعٌ؛ قال الحرث بن حلزة:
أَوْقَدَتْها بَيْنَ العَقِيقِ فشَخْصَيْـ
ـنِ بِعُودٍ، كما يَلُوحُ الضِّياءُ
وكلامٌ مُتَشاخِصٌ ومُتَشاخِسٌ أَي مُتَفاوِت.