بالعين المهملة: قرية بالشام في قول عبد الله ابن سليم:
لمن الديار بــتولع فيبوس
ولع: الوَلُوعُ: العَلاقةُ من أُولِعْتُ، وكذلك الوزُوعُ من أُوزِعْتُ،
وهما اسمان أُقيما مُقامَ المصدر الحقيقي، وَلِعَ به وَلَعاً، ووَلُوعاً
الاسم والمصدر جميعاً بالفتح، فهو وَلِعٌ ووَلُوعٌ ولاعةٌ. وأُولِعَ به
وَلُوعاً وإِيلاعاً إِذا لَجَّ. وأَوْلَعَه به: أَغْراه. وفي الحديث:
أَوْلَعْتَ قُريشاً بعَمَّارٍ أَي صَيَّرْتَهم يُولَعون به؛ قال جرير:
فأَوْلَعْ بالعِفاسِ بني نُمَيْرٍ،
كما أَوْلَعْتَ بالدَّبَرِ الغُرابا
وهو مُولَعٌ به، بفتح اللام، أَي مُغْرًى به. والوَلَعُ: نفس الوَلُوعِ.
وفي الحديث: أَعوذُ بك من الشرِّ وَلُوعاً؛ ومنه الحديث: أَنه كان
مُلَعاً بالسِّواكِ. وقال عرَّام: يقال بفلان من حُبِّ فلانة الأَوْلَعُ
والأَوْلَقُ، وهو شِبْه الجنونِ. وايْتَلَعَتْ فانةُ قلبي، وفلانٌ مُوتَلَعُ
القَلْبِ، ومُوتَلَه القلب، ومُتَّلَه القلب، ومُنْتَزَعُ القلب بمعنى
واحد. ويقال: وَلِعَ فلانٌ بفلانِ يَوْلَعُ به إِذا لَجَّ في أَمره وحَرَصَ
على إِيذائِه. وقال اللحياني: وَلَعَ يَلعُ أَي اسْتخَفَّ؛ وأَنشد:
فَتراهُنَّ على مُهْلَتِه
يَخْتَلِينَ الأَرضَ، والشاةُ يَلَعْ
أَي يستخِفُّ عَدْواً، وذَكَّر الشاةَ؛ وقال المازني في قوله والشاةُ
يَلَعُ َي لا يُجِدُّ في العَدْوِ فكأَنه يلعب؛ قال الأَزهري: هو من قولهم
وَلَعَ يَلَعُ إِذا كَذَبَ في عَدْوِه ولم يُجِدّ. رجل وُلَعةٌ: يُولَعُ بما
لا يَعْنِيهِ، وهُلَعةٌ: يَجْزَعُ سَرِيعاً. ووَلَعَ يَلَعُ وَلْعاً
وَوَلَعاناً إِذا كذب. الفراء: ولَعْتَ بالكذب تَلَعُ وَلْعاً. والوَلْعُ،
بالتسكين: الكَذِبُ؛ قال كعبُ بن زهير:
لكِنَّها خُلَّةٌ، قد سِيطَ من دَمِها
فَجْعٌ ووَلْعٌ، وإِخْلافُ وتَبْدِيلُ
وقال ذُو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
إِلاَّ بأَنْ تَكْذِبا عليَّ، ولا
أَمْلِكُ أَن تَكْذِبا، وأَن تَلَعا
وقال آخر:
لِخَلاَّبةِ العَيْنيْنِ كَذَّابةِ المُنى،
وهُنَّ من الإِخْلافِ والوَلَعانِ
أَي من أَهل الخُلْفِ والكَذِبِ، وجَعَلَهُنَّ من الإِخْلاف لمُلازمتهن
له؛ قال: ومثله للبَعِيثِ:
وهُنَّ من الإِخْلافِ قَبْلَك والمَطْل
قال: ومثله لعتبة بن الوغْل التَّغْلَبيّ:
أَلا في سبيل اللهِ تَغْيِيرُ لِمَّتي
ووَجْهِك مما في القَوارِيرِ أَصْفَرا
ويقال: وَلْعٌ والِعٌ كما يقال عَجَبٌ عاجِبٌ. والوالِعُ: الكَذَّابُ،
والجمع وَلَعةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقة؛ وأَنشد ابن بري لَبي دُوادٍ
الرُّؤاسيّ:
مَتى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقْوامَ قَولَتُه،
إِذا اضْمَحَلَّ حدِيثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
ويقال: قد وَلَعَ بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب به. والتوْلِيعُ: التلْمِيعُ
من البرَصِ وغيره. وفرسٌ مُوَلَّعٌ: تَلْمِيعُه مُستطيل وهو الذي في
بَياضِ بلَقِه استِطالة وتَفَرُّقٌ؛ أَنشد ابن بري لابن الرِّقاعِ يصف حمار
وحش:
مُوَلَّعٌ بسوادٍ في أَسافِلِه،
منه اكْتَسى، وبلَونٍ مِثْلِه اكْتحَلا
والمُوَلَّع: كالمُلَمَّعِ إِلاَّ أن التوليع استطالة البلَق؛ قال رؤبة:
فيها خُطُوطٌ من سَوادٍ وبَلَقْ،
كأَنه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ
قال أَبو عبيدة: قلت لرؤبة إِن كانت الخطوط فقل كأَنها، وإِن كان سواد
وبياض فقل كأَنهما، فقال:
كأَنَّ ذا، وَيْلَكَ، توليع البهق
قال ابن بري: ورواية الأَصمعي كأَنها أي كأَنَّ الخطوط، وقال الأَصمعي:
فإِذا كان في الدابة ضُرُوبٌ من الأَلوان من غير بلَق، فذلك التوْلِيعُ.
يقال: بِرْذَوْن مُوَلَّعٌ، وكذلك الشاةُ والبقرةُ الوَحْشِيّةُ
والظَّبْيةُ؛ قال أَبو ذؤيب:
مُوَلَّعة بالطُّرّتَيْنِ دَنا لها
جَنى أَيْكةٍ، تَضْفُو عليها قِصارُها
وقال أَيضاً:
يَنْهَسْنَه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَمِي
عَبْلُ الشَّوى، بالطُّرَّتَيْنِ مُولَّعُ
أَي مولَّع في طريته. ورجل مولَّ: أَبْرَصُ؛ وأَنشد أَيضاً:
كأَنها في الجلد توليع البعق
ويقال: ولَّعَ اللهُ جسَدَه أَي بَرَّصَه.
والوَلِيعُ: الطَّلْعُ، وقيل: الطلْعُ ما دام في قِيقائِه كأَنه نظم
اللؤلؤ في شدة بياضه، وقيل: طَلْعُ الفُحّالِ، وقيل: هو الطلع قبل أَن
يَتَفَتَّح؛ قال ابن بري: شاهده قول الشاعر يصف ثَغْر امرأَة:
وتَبْسِمُ عن نَيِّرٍ كالوَلِيعِ،
تُشَقِّقُ عنه الرُّقاةُ الجُفُوفا
قال: الرّقاةُ جمع راقٍ وهم الذين يَرْقَون إلى النخل، والجُفُوفُ جمع
جُفّ وهو وعاءُ الطلع. وقال أَبو حنيفة: الوَلِيعُ ما دامَ في الطَّلْعةِ
أَبيضَ. وقال ثعلب: الوَلِيعُ ما في جوْفِ الطَّلْعةِ، واحدته وَلِيعةٌ.
ووَلِيعةٌ: اسم رجل وهو من ذلك.
وبنو وَلِيعةَ: حَيٌّ من كنْدةَ؛ وأَنشد ابن بري لعلي بن عبد الله بن
العباس بن عبد المطلب:
أَبي العَبّاسُ، قَرْمُ بَني قُصَيٍّ،
وأخْوالي المُلُوكُ، بَنُو وَلِيعهْ
هُمُ مَنَعُوا ذِماري، يوم جاءتْ
كَتائِبُ مُسْرِفٍ، وبَنو اللَّكِيعهْ
وكِنْدةُ مَعْدِنٌ للمُلْكِ قِدْماً،
يَزِينُ فِعالَهم عِظَمُ الدَّسِيعهْ
وأُخِذَ ثوْبي وما أَدْري ما والِعَتُه وما وَلَع به أَي ذهَب به.
وفقدْنا غلاماً لنا ما أَدري ما وَلَعَه أَي ما حَبَسَه، وما أَدري ما
والِعَتُه بمعناه أَيضاً. قال الأَزهري: يقال وَلَعَ فلاناً والِعٌ، ووَلَعَتْه
والِعةٌ، واتَّلَعَتْه والِعةٌ أَي خَفِيَ عليّ أَمرُه فلا أَدرِي
أَحَيٌّ أَم مَيّت، وإِن لا تدري بمن يُولِعُ هَرِمُك؛ حكاه يعقوب. ووَلِيعةُ:
قبيلة؛ وقول الجَمُوحِ الهذليّ:
تمَنَّى، ولم أَقْذِفْ لَدَيْه مُجَرَّباً
لِقائِل سَوْءٍ يَسْتَجِيرُ الوَلائِعا
إِنما أَراد الوَلِيعنين فجمعه على حَدّ المَهالِبِ والمَناذر.
حمق: الحُمْقُ: ضدّ العَقْل. الجوهري: الحُمْقُ والحُمُقُ قلة العقل،
حَمُقَ يَحْمُق حُمْقاً وحُمُقاً وحَماقةٌ
وحمِقَ وانْحَمَقَ واسْتَحَمَقَالرجل إِذا فَعَلَ فِعْلَ
الحَمْقَى. ورجل أَحمقُ وحَمِقٌ بمعنى واحد؛ قال رؤبة:
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ
الجوهري: حَمِقَ، بالكسر، يَحْمَقُ حُمْقاً مثل غَنِمَ يَغُنَمُ
غُنْماً، فهو حَميقٌ؛ قال يزيد بن الحكَم الثَّقَفي:
قد يُقْتِرُ الحُوَلُ التَّقِيُّ،
ويُكْثِرُ
الحَمِقُ الأَثِيمُ
(* قوله «الحول» في القاموس: رجل حول كصرد: كثير
الاحتيال).
وعَمرو بن الحَمِق الخُزاعِيّ، وقومٌ ونِسوة حُمق وحَمْقى وحَماقى. ابن
سيده: حَمْقَى بَنَوْه على فَعْلى لأَنه شيء أُصِيبوا به كما قالوا
هَلْكَى، وإِن كان هالِك لفظَ فاعل، وقالوا: ما أَحْمقَه، وقع التعجب فيها بما
أَفْعلَه وإِن كانت كالخُلُقِ، وحكى سيبويه حُمْقان، قال: فلا أَدري
أَهي صيغة بناها كخَبَط فرَقَدَ أَم لفظة عربية. وأَتاه فأَحْمَقَه: وجده
أَحمقَ. وأَحمقَ به: ذكره بحُمق. وحَمَّقْتُ
الرجل تَحْمِيقاً: نسبتُه إلى الحُمْقِ، وحامَقْتُه
إِذا ساعدْته على حُمْقِه، واستحمقْته أَي عددته أَحمَقَ؛ ومنه حديث ابن
عمر في طلاق امرأَته: أَرأَيتَ إِن عَجَز واستحمق؛ يقال: استحمق الرجل
إِذا فعَلِ فِعل الحَمْقَى. واستحمقْتُه: وجدته أَحمق، فهو لازم ومُتعدّ
مثل اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ؛ ويروى: اسْتُحْمِقَ، على ما لم يسمّ فاعله،
والأَوّل أَولى ليُزاوِجَ عَجَز: وتَحامقَ فلان إِذا تكلَّف الحَماقة؛
الأَزهري: وسئل أَبو العباس عن قول الشاعر:
إِنَّ للحُمْقِ نِعْمةً في رِقابِ النَّـ
ـاس تَخْفَى على ذَوي الأَلبْابِ
قال: وسئل بعض البُلغاء عن الحُمق فقال: أَجْوَدُه حَيْرةٌ؛ قال: ومعناه
أَنَّ الأَحْمق الذي فيه بُلْغةٌ
يُطاوِلُك بحُمْقه فلا تَعْثُر على حُمْقه إِلا بعد مِراسٍ طويل.
والأَحمقُ: الذي لا مَلاوِمَ فيه ينكشِف حُمْقُه سريعاً فتستريحُ منه ومن
صُحْبته، قال: ومعنى البيت مُقدَّم ومؤخَّر كأَنه قال إِن للحُمْقِ نعمة في
رقاب العُقلاء تَغِيب وتخفى على غيرهم من سائر الناس لأَنهم أَفْطَن
وأَذْكَى من غيرهم. وفي حديث ابن عباس: يَنطَلِقُ أَحدكم فيركب الحَمُوقةَ؛ هي
فَعولةٌ من الحُمْقِ، أَي خَصْلةً ذات حُمْقٍ. وحقيقة الحُمق: وضع الشيء
في غير موضعه مع العلم بقُبْحه. وفي الحديث الآخَر مع نَجْدة الحَرُوريّ:
لوْلا أَن يقعَ في أُحْموقةٍ ما كتبت إِليه، هو منه. وأَحمقَ
الرجل والمرأَة: ولَدا الحَمْقَى؛ وامرأَة مُحْمِقٌ ومُحْمِقة، الأَخيرة
على الفعْل؛ قال بعض نساء العرب:
لست أُبالي أَن أَكُونَ مُحْمِقَهْ،
إِذا رأَيتُ خُصْيةً مُعَلَّقهْ
تقول: لا أُبالي أَن أَلد أَحْمَقَ
بعد أَن يكون الوَلد ذكراً له خُصية مُعلَّقة، وقد قيل في هذا المعنى
حَمِقةٌ على النسب كطَعِمٍ وعَمِلٍ، والأَكثر ما تقدَّم، وإِن كان من عادة
المرأَة أَن تلد الحَمْقَى فهي مِحْماقٌ. والأُحْموقةُ: مأْخوذ من الحُمق.
والمُحْمِقاتُ من الليالي: التي يَطلعُ القمر فيها ليلة كلَّه فيكون في
السماء ومن دونه سَحاب، فترى ضَوءاً ولا ترى قمراً،فتظُنُّ أَنك قد
أَصبحت وعليك ليل، مشتقّ من الحُمْق. وفي المثل: غَرُّوني غُرُورَ
المُحْمِقات. ويقال: سِرْنا في ليال مُحمِقات إِذا استتر القمر فيها
بغيم أَبيض فيسير الراكب ويظن أَنه قد أَصبح حتى يَملَّ، قال: ومنه أُخذ اسم
الأَحْمق لأَنه يغُرك في أَول مجلسه بتَعاقُلِه، فإِذا انتهى إِلى آخر
كلامه تبيَّن حمقه فقد غرك بأَول كلامه.
والبَقْلة الحَمْقاء: هي الفَرْفَخةُ؛ ابن سيده؛ البَقْلةُ الحمقاء التي
تسميها العامة الرِّجْلة لأَنها مُلْعِبةٌ، فشُبِّهت بالأَحمق الذي
يَسيل لُعابُه، وقيل: لأَنها تَنْبُت في مَجْرَى السيُّول.
والحُمَيْقاء: الخمر لأَنها تُعْقب شاربها الحُمْق. قال ابن بري: حكى
ابن الأَنباري أَنه يقال: حَمَّقَ
الرجلُ إِذا شرِب الحُمْقَ، وهي الخمر؛ وأَنشد للنَّمِر بن تَوْلَب:
لُقَيْمُ بن لُقْمانَ مِن أُخْتِه،
وكان ابنَ أُخْتٍ له وابْنَما
عَشِيّةَ حَمَّقَ فاسْتَحْضَنَتْ
إِليه، فَجامَعها مُظْلِما
قال: وأَنكر أَبو القاسم الزجّاجي ذلك، قال: ولم يذكر أَحد أَن الحُمقِ
من أَسماء الخَمر، قال: والوراية في البيت حُمِّقَ على ما لم يسم فاعله.
وقال ابن خالويه: حَمَّقَتْه الهَجْعةُ أَي جَعلته كالأَحْمق؛ وأَنشد:
كُفِيتُ زَمِيلاً حَمَّقَتْه بهَجْعةٍ،
على عَجَلٍ، أَضْحَى بها، وهو ساجِدُ
والباء في بِهَجْعة زائدة وموضعها رفع. وفرس مُحْمِقٌ: نِتاجُها لا
يُسْبَق؛ قال الأَزهري: لا أَعرف المُحمِق بهذا المعنى، والأَحْمقُ
مأْخوذ من انْحِماق السُّوق إِذا كَسَدت فكأَنه فَسَدَ عقلُه حتى
كَسَدَ. ابن الأَعرابي: الحُمْقُ أَصله الكَسادُ. ويقال: الأَحمقُ
الكاسِدُ العقْلِ، قال: والحُمق أَيضاً الغرور. وانْحَمق الثوبُ:
أَخْلَق. ونامَ الثوبُ في الحُمْق: أَخْلَقَ. ونامَ الثوبُ في الحُمْق
وانْحَمق الرجل: ضعُف عن الأَمر؛ قال:
والشيْخُ يُضْرَبُ أَحيْاناً فيَنْحَمِقُ
قال ابن بري: وقال الكِناني:
يا كَعْبُ، إِنَّ أَخاكَ مُنْحمِقٌ،
فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يا كَعْبُ
والحَمِقُ: الخَفيفُ اللِّحيةِ، وبه سمي عَمرو بن الحَمِق، قتله أَصحاب
مُعاوِيةَ ورأْسُه أَوَّلُ رأْس حُمِل في الإِسلام.
والحُماقُ
والحَماق والحُمَيْقاء: مثل الجُدَرِيِّ الذي يُصِيب الإنسان
يَتَفَرَّقُ في الجسد، وقال اللحياني: هو شيء يخرج بالصبيان وقد حُمِقَ. الجوهري:
الحُماقُ مثل السُّعال كالجُدَرِيّ يُصيب الإِنسان، ويقال منه رجل
مَحْمُوقٌ. والحُماقُ والحَمِيقُ والحَمَقِيقُ: نبت. الأَزهري: الحُماق نبت
ذكرتْه أُمّ الهيثم، قال: وذكر بعضهم أَن الحَمَقِيقَ نبت، وقال الخليل: هو
الهَمَقِيقُ. الأَزهري: انْحَمَقَ الطَّعام انْحِماقاً ومأَقَ مُؤُوقاً
إِذا رَخُص.
والحُمَيْمِيقُ: طائر يصيد العَظاء والجَنادِب ونحوهما.
تلع: تَلعَ النهارُ يَتْلَعُ تَلْعاً وتُلُوعاً وأَتْلَع: ارْتَفَعَ.
وتَلَعَتِ الضُّحَى تُلُوعاً وأَتْلَعَت: انْبَسَطَت. وتَلَعُ الضُّحى:
وقتُ تُلُوعِها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَأَنْ غَرَّدَتْ في بَطنِ وادٍ حَمامةٌ
بَكَيْتَ، ولم يَعْذِرْكَ بالجَهْلِ عاذِرُ
تَعالَيْن في عُبْرِيّه، تَلَعَ الضُّحَى،
على فَنَنٍ، قد نَعَّمَتْه السَّرائر
وتَلَع الظبْيُ والثَّوْرُ من كِناسه: أَخرج رأْسه وسَمَا بِجِيدِه.
وأَتْلَع رأْسَه: أَطْلَعه فنظر؛ قال ذو الرُّمة:
كما أَتْلَعَتْ، من تَحْتِ أَرْطَى صَرِيمةٍ
إِلى نَبْأَةِ الصوْتِ، الظِّباءُ الكَوانِسُ
وتَلَع الرجلُ رأْسَه: أَخرجه من شيء كان فيه، وهو شِبْه طَلَع إِلا أَن
طلَع أَعمّ. قال الأَزهري: في كلام العرب: أَتْلَع رأْسَه إِذا أَطلَع
وتَلَع الرأْسُ نفْسُه، وأَنشد بيت ذي الرمة.
والأَتْلَعُ والتَّلِعُ والتَّلِيعُ: الطويلُ، وقيل: الطويلُ العُنُقِ،
وقال الأَزهري في ترجمة بتع: والبَتِعُ الطويل العُنق، والتَّلِعُ الطويل
الظهر. قال أَبو عبيد: أَكثر ما يراد بالأَتلع طويل العنق، وقد تَلِعَ
تَلَعاً، فهو تَلِعٌ بيّن التَّلَعِ؛ وقول غَيلانَ الرَّبَعِي:
يَسْتَمْسِكُونَ، من حِذارِ الإِلْقاء،
بتَلِعاتٍ كجُذُوعِ الصِّيصاء
يعني بالتّلِعات هنا سُكّانات السُّفُن؛ وقوله من حِذار الإِلقاء أَراد
من خَشْية أَن يقَعُوا في البحر فيَهْلِكوا؛ وقوله كجُذُوعِ الصِّيصاء أَي
أَن قُلُوعَ هذه السفينة طويلة حتى كأَنها جُذُوع الصّيصاء وهو ضرب من
التمر نَخْلُه طِوالٌ. وامرأَة تَلْعاء بيِّنة التلَعِ، وعُنق أَتْلَع
وتَلِيعٌ، فيمن ذكَّر: طويلٌ، وتَلْعاء فيمن أَنَّث؛ قال الأَعشى:
يومَ تُبْدِي لنا قُتَيْلةُ عن جِيـ
ـدٍ تَلِيعٍ، تَزِينُه الأَطْواقُ
وقيل: التَّلَعُ طُوله وانْتِصابه وغِلَظُ أَصلِه وجَدْلُ أَعْلاه.
والأَتْلَع أَيضاً والتَّلِعُ: الطويل من الادبَ
(* قوله« من الادب» هكذا في
الأصل ولعلها من الآدمي) ؛ قال:
وعَلَّقُوا في تَلِعِ الرأْسِ خَدِبْ
والأُنثى تَلِعةٌ وتَلْعاء. والتَّلِعُ: الكثير التَّلَفُّت حوْله،
وقيل: تَلِيعٌ وسيِّد تَلِيعٌ وتَلِعٌ: رفِيعٌ. وتَتَلَّع في مَشْيِه
وتَتالَع: مَدَّ عُنقَه ورفَع رأْسَه.
وتتلَّع: مَدَّ عُنقَه للقيام. يقال: لزم فلان مكانه قعَد فما يَتتلَّع
أَي فما يرفع رأْسه للنُّهوض ولا يريد البَراح. والتَّتلُّع: التقدُّم؛
قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضْـ
ـضُرَباء فوقَ النجْمِ، لا يَتتلَّعُ
قال ابن بري: صوابه خلفَ النجم، وكذلك رواية سيبويه. وفي حديث عليّ: لقد
أَتْلَعُوا أَعناقَهم إِلى أَمْرٍ لم يكونوا أَهلَه فوُقِصُوا دونه أَي
رَفَعُوها. والتَّلْعةُ: أَرض مُرتفعة غَلِيظة يَتردَّدُ فيها السيْلُ ثم
يَدْفع منها إِلى تَلْعةٍ أَسفل منها، وهي مَكْرَمةٌ من المَنابِت.
والتَّلْعةُ: مَجْرَى الماء من أَعلى الوادي إِلى بُطون الأَرض، والجمع
التِّلاعُ. ومن أَمثال العرب: فلان لايَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة؛ يضرب للرجل الذليل
الحقير. وفي الحديث: فيجيء مطر لا يُمْنَعُ منه ذَنَبُ تَلْعة؛ يريد كثرته
وأَنه لا يخلو منه موضع. وفي الحديث: ليَضْرِبَنَّهم المؤمنون حتى لا
يَمنَعُوا ذنَبَ تَلْعة. ابن الأَعرابي: ويقال في مثل: ما أَخاف إِلا من سيْل
تَلْعَتي أَي من بني عمي وذوي قرابَتي، قال: والتَّلْعَةُ مَسيلُ الماء
لأَن من نزل التلْعة فهو على خَطَر إِن جاء السيلُ جرَفَ به، قال: وقال هذا
وهو نازل بالتلعة فقال: لا أَخاف إِلاَّ من مَأْمَني. وقال شمر:
التِّلاعُ مَسايِلُ الماء يسيل من الأَسْناد والنِّجاف والجبال حتى يَنْصَبَّ في
الوادي، قال: وتَلْعة الجبل أَن الماء يجيء فيخُدُّ فيه ويحْفِرُه حتى
يَخْلُصَ منه، قال: ولا تكون التِّلاع إِلا في الصحارى، قال: والتلْعة ربما
جاءت من أَبْعَد من خمسة فراسخ إِلى الوادي، فإِذا جرت من الجبال فوقعت في
الصَّحارى حفرت فيها كهيئة الخَنادق، قال: وإِذا عظُمت التلْعة حتى تكون
مثل نصف الوادي أَو ثُلُثَيْه فهي مَيْثاء. وفي حديث الحجاج في صفة المطر:
وأَدْحَضت التِّلاعَ أَي جعلَتْها زَلَقاً تَزْلَق فيها الأَرجُل.
والتلْعةُ: ما انهَبط من الأرض، وقيل: ما ارْتَفَع، وهو من الأَضْداد، وقيل:
التَّلْعةُ مثل الرَّحَبةِ، والجمع من كل ذلك تَلْعٌ وتِلاعٌ؛ قال عارِق
الطائي:
وكُنَّا أُناساً دائِنينَ بغِبْطةٍ،
يَسِيلُ بِنا تَلْعُ المَلا وأَبارِقُهْ
وقال النابغة:
عَفا ذو حُساً من فَرْتَنى فالفَوارِعُ،
فَجَنْبا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
حكى ابن بري عن ثعلب قال: دخلت على محمد بن عبد الله بن طاهر وعنده أَبو
مُضَر أَخو أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي فقال لي: ما التَّلْعةُ؟ فقلت:
أَهل الرواية يقولون هو من الأَضداد يكون لما عَلا ولما سَفَل؛ قال
الراعي في العلو:
كدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلى تَلْعةٍ،
غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولا
وقال زهير في الانهباط:
وإِني مَتى أَهْبِطُ من الأَرضِ تَلْعةً،
أَجِدْ أَثَراً قَبْلي جَدِيداً وعافِيا
قال: وليس كذلك إِنما هي مَسِيل ماء من أَعلى الوادي إِلى أَسفله، فمرة
يُوصَفُ أَعلاها ومرة يوصف أَسفلها. وفي الحديث: أَنه كان يَبْدُو
(* قوله«
كان يبدو» يعني رسول الله،صلى الله عليه وسلم، كما في هامش النهاية) إِلى
هذه التِّلاع؛ قيل في تفسيره: هو من الأَضداد يقع على ما انحدر من الأَرض
وأَشْرَفَ منها. وفلان لا يُوثَقُ بسَيْل تَلْعَته: يوصف بالكذب أَي لا
يوثقُ بما يقول وما يجيء به. فهذه ثلاثة أَمثال جاءت في التلْعةِ؛ وقول
كثيِّر عَزَّةَ:
بكلِّ تِلاعةٍ كالبَدْرِ لَمّا
تَنَوَّرَ، واسْتَقَلَّ على الحِبالِ
قيل في تفسيره: التِّلاعةُ ما ارتفع من الأَرض شبَّه الناقة به، وقيل:
التلاعةُ الطويلةُ العُنُقِ المرتفِعَتُه والباب واحد. وتَلْعَةُ: موضع؛
قال جرير:
أَلا رُبَّما هاجَ التذَكُّرُ والهَوَى،
بتَلْعةَ، إِرْشاشَ الدُّموعِ السَّواجِم
وقال أَيضاً:
وقد كان في بَقْعاء رِيٌّ لِشائكُمْ،
وتَلْعةَ والجَوْفاء يَجْرِي غَدِيرُها
ويروى:
وتَلْعةُ والجوفاءُ يجري غديرها
أَي يَطَّرِدُ عند هُبوب الرِّيح.
ومُتالِعٌ، بضم الميم: جبل؛ قال لبيد:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأبانِ
بالحِبْسِ، بين البيدِ والسُّوبانِ
وقال ابن بري عجزه:
فتَقادَمَت بالحبْس فالسوبانِ
أَراد المَنازِل فحذف وهو قبيح. قال الأَزهري: مُتالع جبل بناحية
البحرين بين السَّوْدةِ والأَحْساء، وفي سَفْح هذا الجبل عين يَسيح ماؤه يقال له
عين مُتالع.
والتَّلَعُ شبيه بالتَّرَع: لُغَيّةٌ أَو لُثْغة أَو بدل. ورجل تَلِعٌ:
بمعنى التَّرِعِ.
توع: تاعَ اللِّبَأَ والسَّمْن يَتوعه توْعاً إِذا كسره بقِطعة خبز أَو
أَخذه بها. حكى الأَزهري عن الليث قال: التوْعُ كَسْرُك لِباً أَو سَمناً
بكِسْرة خبز ترفَعُه بها، تقول منه: تُعْتُه فأَنا أَتُوعه تَوْعاً.
كلف: الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً،
وهو أَكلف: تغيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تعلو الوجه، وقيل:
لون بين السواد والحمرة، وقيل: هو سواد يكون في الوجه، وقد كَلِفَ.
وبعير أَكلَف وناقة كلْفاء وبه كُلْفة، كلُّ هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو
الجلد فيغير بشرته. وثور أَكلف وخدّ أَكلَفُ: أَسفَع؛ قال العجاج يصف
الثور:
عن حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا
ويقال للبَهَق الكَلَف. والبعير الأَكلف: يكون في خديه سواد خَفيّ.
الأَصمعي: إذا كان البعير شديد الحمرة يخلِط حُمرته سواد ليس بخالص فتلك
الكلفة. ويقال: كُمَيْت أَكلف للذي كلِفَت حُمرته فلم تَصْفُ ويرى في أَطراف
شعره سواد إلى الاحتراق ما هو. والكَلْفاء: الخمر التي تشتد حُمرتها حتى
تضرب إلى السواد. شمر وغيره: من أَسماء الخمر الكَلْفاء والعَذْراء.
وكَلِف بالشيء كلَفاً وكُلْفة، فهو كلِفٌ ومُكلَّف: لهِج به. أَبو زيد:
كَلِفْت منك أَمْراً كلَفاً. وكلِفَ بها أَشْد الكَلَفِ أَي أَحَبَّها.
ورجل مِكْلاف: مُحِبّ للنساء.
والمُكلَّف والمُتكلِّف: الوقّاعُ فيما لا يَعْنيه. والمُتكلِّف:
العِرِّيض لما لا يعنيه. الليث: يقال كلِفْت هذا الأَمْر وتكلَّفْتُه.
والكُلْفةُ: ما تكلَّفْت من أَمر في نائبة أَو حق. ويقال: كلِفْتُ بهذا الأَمر
أَي أُولِعْتُ به. وفي الحديث: اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون، هو من
كَلِفْت بالأَمر إذا أُولِعْت به وأَحْبَبْته. وفي الحديث: عثمان كَلِفٌ
بأَقاربه أَي شديدُ الحبّ لهم. والكلَف: الوُلوع بالشيء مع شغل قلب ومَشقة.
وكلَّفه تكليفاً أَي أَمره بما يشق عليه. وتكلَّفت الشيء: تجشَّمْته على
مشقَّة وعلى خلاف عادتك. وفي الحديث أَراك كلِفْت بعلم القرآن، وكلِفْته إذا
تحمَّلته. ويقال: فلان يتكلف لإخوانه الكُلَف والتكاليف. ويقال: حَمَلْت
الشيء تَكْلِفة إذا لم تُطقه إلا تكلُّفاً، وهو تَفْعِلةٌ. وفي الحديث:
أَنا وأُمتي بُراءٌ من التكلُّف. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نُهِينا
عن التكلُّف؛ أَراد كثرة السؤال والبحثَ عن الأَشياء الغامضة التي لا يجب
البحث عنها والأَخذَ بظاهر الشريعة وقبولَ ما أَتت به. ابن سيده: كَلِفَ
الأَمرَ وكلفَه تجشَّمه
(* قوله «وكلفه تجشمه» كذا بالأصل مخففاً، ولعله
كلف الأمر وتكلفه تجشمه كما يرشد إليه الشاهد بعد.) على مشقَّة وعُسْرة؛
قال أَبو كبير:
أَزُهَيْرُ، هل عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ،
أَم لا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
وهي الكُلَف والتكالِف، واحدتها تَكلِفة؛ وقوله:
وهُنَّ يَطْوِينَ على التكالِف
بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له، ويجوز أَن يكون
جمع تَكْلفة؛ ورواه ابن جني:
وهن يطوين على التكالُف
جاء به في السناد لأَن قبل هذا:
إذا احتسى، يومَ هَجِيرٍ هائف،
غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف
قال ابن سيده: ولم أَرَ أَحداً رواه التكالُف، بضم اللام، إلا ابن جني.
والكُلافيّ: ضرب من العنب أَبيض فيه خُضرة وإذا زُبِّب جاء زبيبه أَكلف
ولذلك سمي الكُلافي، وقيل: هو منسوب إلى كُلاف، بلد في شق اليمن معروف.
وذو كُلافٍ وكُلْفى: موضعان. التهذيب: وذو كُلاف اسم واد في شعر ابن
مقبل.
نعر: النُّعْرَةُ والنُّعَرَةُ: الخَيْشُوم، ومنها يَنْعِرُ النَّاعِرُ.
والنَّعْرَةُ: صوتٌ في الخَيْشُوم؛ قال الراجز:
إِني وربِّ الكَعْبَةِ المَسْتُورَه،
والنَّعَراتِ من أَبي مَحْذُورَه
يعني أَذانه. ونَعَرَ الرجلُ يَنْعَرُ ويَنْعِرُ نَعِيراً ونُعاراً:
صاحَ وصَوَّتَ بخيشومه، وهو من الصَّوْتِ. قال الأَزهري: أَما قول الليث في
النَّعِيرِ إِنه صوت في الخيشوم وقوله النُّعَرَةُ الخيشومُ، فما سمعته
لأَحد من الأَئمة، قال: وما أَرى الليث حفظه.
والنَّعِيرُ: الصِّياحُ. والنَّعِيرُ: الصُّراخُ في حَرْب أَو شَرّ.
وامرأَة نَعَّارَةٌ: صَخَّابَةٌ فاحشة، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر.
ويقال: غَيْرَى نَعْرَى للمرأَة؛ قال الأَزهري: نَعْرَى لا يجوز أَن يكون
تأْنيث نَعْرانَ، وهو الصَّخَّابُ، لأَن فَعْلانَ وفَعْلى يجيئان في باب
فَعِلَ يَفْعَلُ ولا يجيئان في باب فَعَلَ يَفْعِلُ.
قال شمر: النَّاعِرُ على وجهين: النَّاعِرُ المُصَوِّتُ والنَّاعِرُ
العِرْقُ الذي يسيل دماً. ونَعَرَ عِرْقُه يَنْعِرُ نُعوراً ونَعِيراً، فهو
نَعَّارٌ ونَعُورٌ: صَوَّتَ لخروج الدم؛ قال العجاج:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ،
قَضْبَ الطَّبِببِ نائِطَ المَصْفُورِ
وهذا الرجز نسبه الجوهري لرؤبة؛ قال ابن بري: وهو لأَبيه العجاج، ومعنى
بَجَّ شَقَّ، يعني أَن الثور طعن الكلبَ فشق جلده. والعَانِدُ: العرق
الذي لا يَرْقَأُ دَمُه. وقوله قَضْبَ الطبيب أَي قَطْعَ الطبيب النائطَ وهو
العرق. والمصفور: الذي به الصُّفَارُ، وهو الماء الأَصفر. والنَّاعُورُ:
عِرْقٌ لا يرقأُ دمه. ونَعَرَ الجُرْحُ بالدم يَنْعَرُ إِذا فار.
وجُرْحٌ نَعَّارٌ: لا يرفأُُ. وجُرْحٌ نَعُورٌ: يُصَوِّت من شدّة خروج دمه منه.
ونَعَرَ العرقُ يَنْعَرُ، بالفتح فيهما، نَعْراً أَي فار منه الدم؛ قال
الشاعر:
صَرَتْ نَظْرَةً لو صادَفَتْ جَوْزَ دَارِعٍ
غَدَا، والعَواصِي من دَمِ الجَوْفِ تَنْعَرُ
وقال جندل بن المثنى:
رأَيتُ نيرانَ الحُروبِ تُسْعَرُ
منهم إِذا ما لُبِسَ السَّنَوَّرُ،
ضَرْبٌ دِرَاكٌ وطِعانٌ يَنْعَرُ
ويروى يَنْعِرُ، أَي واسع الجراحات يفور منه الدم. وضربٌ دِراكٌ أَي
متتابع لا فُتُور فيه. والسَّنَوَّرُ: الدروع، ويقال: إِنه اسم لجميع
السلاح؛ وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَعوذ بالله من شَرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ،
من ذلك. ونَعرَ الجُرْحُ يَنْعَرُ: ارتفع دمه. ونَعَر العِرْقُ بالدم،
وهو عِرْقٌ نَعَّارٌ بالدم: ارتفع دمه. قال الأَزهري: قرأَت في كتاب أَبي
عمر الزاهد منسوباً إِلى ابن الأَعرابي أَنه قال: جرح تَعَّارٌ، بالعين
والتاء، وتَغَّارٌ، بالغين والتاء، ونَعَّارٌ، بالعين والنون، بمعنى واحد،
وهو الذي لا يَرْقَأُ، فجعلها كلها لغات وصححها.
والنُّعَرَةُ: ذبابٌ أَزْرَقُ يدخل في أُنوف الحمير والخيل، والجمع
نُعَرٌ. قال سيبويه: نُعَرٌ من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلاَّ بالهاء، قال
ابن سيده: وأُراه سمع العرب تقول هو النُّعَرُ، فحمله ذلك على أَن
تأَوَّل نُعَراً في الجمع الذي ذكرنا، وإِلاَّ فقد كان توجيهه على التكسير
أَوْسَعَ. ونَعِرَ الفرسُ والحمارُ يَنْعَرُ نَعَراً، فهو نَعِرٌ: دخلت
النُّعَرَةُ في أَنفه؛ قال امرؤُ القيس:
فَظَلَّ يُرَنِّحُ في غَيْطَلٍ،
كما يَسْتَدِيرُ الحِمارُ النَّعِرْ
أَي فظل الكلب لما طعنه الثور بقرنه يستدير لأَلم الطعنة كما يستدير
الحمار الذي دخلت النُّعَرَةُ في أَنفه. والغَيْطَلُ: الشجر، الواحدة
غَيْطَلَةٌ. قال الجوهري: النُّعَرَةُ، مثال الهُمَزَةِ، ذباب ضخم أَزرق العين
أَخضر له إِبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحافر خاصة، وربما دخل في
أَنف الحمار فيركب رأْسه ولا يَرُدُّه شيء، تقول منه: نَعِرَ الحمار،
بالكسر، يَنْعَرُ نَعَراً، فهو حمار نَعِرٌ، وأَتانٌ نَعِرَةٌ، ورجل نَعِرٌ: لا
يستقر في مكان، وهو منه. وقال الأَحمر: النُّعَرَةُ ذبابة تسقط على
الدواب فتؤذيها؛ قال ابن مقبل:
تَرَى النُّعَراتِ الخُضْرَ حَوْلَ لَبَانِهِ،
أُحادَ ومَثْنَى، أَصْعَقَتْها صَواهِلُه
أَي قتلها صيهله. ونَعَرَ في البلاد أَي ذَهَب. وقولهم: إِن في رأْسه
نُعَرَةً أَي كِبْراً. وقال الأُمَوِيُّ: إِن في رأْسه نَعَرَةً، بالفتح،
أَي أَمْراً يَهُمُّ به. ويقال: لأُطِيرَنَّ نُعَرَتَكَ أَي كبرك وجهلك من
رأْسك، والأَصل فيه أَنَّ الحمار إِذا نَعِرَ رَكِب رأْسَه، فيقال لكل
من رَكِبَ رأْسَه: فيه نُعَرَةٌ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا أُقْلِعُ
عنه حتى أُطِيرَ نُعَرَتَهُ، وروي: حتى أَنْزِعَ النُّعَرَةَ التي في
أَنفه؛ قال ابن الأَثير: هو الذباب الأَزرق ووصفه وقال: ويَــتَولََّعُ بالبعير
ويدخل في أَنفه فيركب رأْسَه، سميت بذلك لنَعِيرِها وهو صوتها، قال: ثم
استعيرت للنَّخْوَةِ والأَنَفَةِ والكِبْرِ أَي حتى أُزيل نَخْوَتَهُ
وأُخْرِجَ جهله من رأْسه، أَخرجه الهروي من حديث عمر، رضي الله عنه، وجعله
الزمخشري حديثاً مرفوعاً؛ ومنه حديث أَبي الدرداء، رضي الله عنه: إِذا رأَيت
نُعَرَةَ الناس ولا تستطيع أَن تُغَيِّرَها فدَعْها حتى يكون الله يغيرها
أَي كِبْرَهُمْ وجهلهم، والنُّعَرَةُ والنُّعَرُ: ما أَجَنَّتْ حُمُرُ
الوحش في أَرحامها قبل أَن يتم خلقه، شبه بالذباب، وقيل: إِذا استحالت المضغة
في الرحم فهي نُعَرَةٌ، وقيل: النُّعَرُ أَولاد الحوامل إِذا صَوَّتَتْ،
وما حملت الناقةُ نُعَرَةً قط أَي ما حملت ولداً؛ وجاءَ بها العَجَّاجُ
في غير الجَحْدِ فقال:
والشَّدنِيَّات يُسَاقِطْنَ النُّعَرْ
(* قوله« والشدنيات» الذي تقدم: كالشدنيات، ولعلهما روايتان.)
يريد الأَجنة؛ شبهها بذلك الذباب. وما حملت المرأَة نُعَرَةً قط أَي
ملقوحاً؛ هذا قول أَبي عبيد، والملقوح إِنما هو لغير الإِنسان. ويقال
للمرأَة ولكل أُنثى: ما حملت نُعَرَةً قط، بالفتح، أَي ما حملت ملقوحاً أَي
ولداً. والنُّعَرُ ريح تأْخذ في الأَنف فَتَهُزُّهُ.
والنَّعُورُ من الرياح: ما فاجَأَكَ بِبَرْدٍ وأَنت في حَرٍّ، أَو
بحَرٍّ وأَنت في بَرْدٍ؛ عن أَبي علي في التذكرة. ونَعَرَتِ الريحُ إِذا
هَبَّتْ مع صوت، ورياح نَواعِرُ وقد نَعَرَتْ نُعاراً. والنَّعْرَةُ من
النَّوْءِ إِذا اشتدَّ به هُبُوبُ الريح؛ ومنه قوله:
عَمِل الأَنامِل ساقِط أَرْواقُه
مُتَزَحِّر، نَعَرَتْ به الجَوْزاءُ
والنَّاعُورَةُ: الدُّولابُ. والنَّاعُورُ: جَنَاحُ الرَّحَى.
والنَّاعُورُ: دَلْوٌ يستقى بها. والنَّاعُورُ: واحد النَّواعِير التي يستقى بها
يديرها الماءُ ولها صوتٌ. والنُّعَرَةُ: الخُيَلاءُ. وفي رأْسه نُعرَةٌ
ونَعَرَةٌ أَي أَمْرٌ يَهُمُّ به. ونِيَّةٌ نَعُورٌ: بعيدة؛ قال:
ومنتُ إِذا لم يَصِرْنِي الهَوَى
ولا حُبُّها، كان هَمِّي نَعُورَا
وفلان نَعِيرُ الهَمّ أَي بَعِيدُه. وهِمَّةٌ نَعُورٌ: بعيدةٌ.
والنَّعُورُ من الحاجات: البعيدة. ويقال: سَفَرٌ نَعُورٌ إِذا كان بعيداً؛ ومنه
قول طرفة:
ومِثْلِي، فاعْلَمِي يا أُمَّ عَمرٍو،
إِذا ما اعْتادَهُ سَفَرٌ نَعُورُ
ورجل نَعَّارٌ في الفتن: خَرَّاجٌ فيها سَعَّاءٌ، لا يراد به الصوتُ
وإِنما تُعْنَى به الحركةُ. والنَّعَّارُ أَيضاً: العاصي؛ عن ابن الأَعرابي.
ونَعَرَ القومُ: هاجوا واجتمعوا في الحرب. وقال الأَصمعي في حديث ذكره:
ما كانت فتنةٌ إِلاَّ نَعَرَ فيها فلانٌ أَي نَهَضَ فيها. وفي حديث
الحَسَنِ: كلما نَعَرَ بهم ناعِرٌ اتَّبَعُوه أَي ناهِضٌ يدعوهم إِلى الفتنة
ويصيح بهم إِليها. ونَعَر الرجل: خالف وأَبى؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
للمُخَبَّلِ السَّعْدِي:
إِذا ما هُمُ أَصْلَحُوا أَمرَهُمْ،
نَعَرْتَ كما يَنْعَرُ الأَخْدَعُ
يعني أَنه يفسد على قومه أَمرهم، ونَعْرَةُ النَّجْمِ: هُبُوبُ الريح
واشتداد الحر عند طلوعه فإِذا غرب سكن. ومن أَين نَعَرْتَ إِلينا أَي
أَتيتنا وأَقبلت إِلينا؛ عن ابن الأَعرابي. وقال مرة: نَعَرَ إِليهم طَرَأَ
عليهم.
والتَّنْعِيرُ: إِدارة السهم على الظفر ليعرف قَوامه من عِوَجه، وهكذا
يَفْعَلُ من أَراد اختبار النَّبْلِ، والذي حكاه صاحب العين في هذا إِنما
هو التَّنْفِيزُ.
والنُّعَرُ: أَوَّل ما يُثْمِرُ الأَراكُ، وقد أَنْعَرَ أَي أَثْمر،
وذلك إِذا صار ثمره بمقدار النُّعَرَةِ.
وبنو النَّعِير: بطن من العرب.
عون: العَوْنُ: الظَّهير على الأَمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث
فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان، والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة: جاء
معها أَعْوانها؛ يَعْنون بالسنة الجَدْبَ، وبالأَعوان الجراد والذِّئاب
والأَمراض، والعَوِينُ اسم للجمع. أَبو عمرو: العَوينُ الأَعْوانُ. قال
الفراء: ومثله طَسيسٌ جمع طَسٍّ. وتقول: أَعَنْتُه إعانة واسْتَعَنْتُه
واستَعَنْتُ به فأَعانَني، وإنِما أُعِلَّ اسْتَعانَ وإِن لم يكن تحته
ثلاثي معتل، أَعني أَنه لا يقال عانَ يَعُونُ كَقام يقوم لأَنه، وإن لم
يُنْطَق بثُلاثِيَّة، فإِنه في حكم المنطوق به، وعليه جاءَ أَعانَ يُعِين، وقد
شاع الإِعلال في هذا الأَصل، فلما اطرد الإِعلال في جميع ذلك دَلَّ أَن
ثلاثية وإن لم يكن مستعملاً فإِنه في حكم ذلك، والإسم العَوْن والمَعانة
والمَعُونة والمَعْوُنة والمَعُون؛ قال الأَزهري: والمَعُونة مَفْعُلة في
قياس من جعله من العَوْن؛ وقال ناسٌ: هي فَعُولة من الماعُون، والماعون
فاعول، وقال غيره من النحويين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن مثل
المَغُوثة من الغَوْث، والمضوفة من أَضافَ إذا أَشفق، والمَشُورة من أَشارَ
يُشير، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول مَعُونٌ، وهو شاذ لأَنه ليس في كلام
العرب مَفْعُل بغير هاء. قال الكسائي: لا يأْتي في المذكر مَفْعُلٌ، بضم
العين، إلاَّ حرفان جاءَا نادرين لا يقاس عليهما: المَعُون، والمَكْرُم؛
قال جميلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا إنْ لزِمْتِه،
على كَثْرة الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
يقول: نِعْمَ العَوْنُ قولك لا في رَدِّ الوُشاة، وإن كثروا؛ وقال آخر:
ليَوْم مَجْدٍ أَو فِعالِ مَكْرُمِ
(* قوله «ليوم مجد إلخ» كذا بالأصل والمحكم، والذي في التهذيب: ليوم
هيجا). وقيل: مَعُونٌ جمع مَعونة، ومَكْرُم جمع مَكْرُمة؛ قاله الفراء.
وتعاوَنوا عليَّ واعْتَوَنوا: أَعان بعضهم بعضاً. سيبويه: صحَّت واوُ
اعْتَوَنوا لأَنها في معنى تعاوَنوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً
على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تعاونوا؛ وقالوا: عاوَنْتُه
مُعاوَنة وعِواناً، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الأَلف
قبلها. قال ابن بري: يقال اعْتَوَنوا واعْتانوا إذا عاوَنَ بعضهم بعضاً؛ قال
ذو الرمة:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إنْ لم يكنْ لنا
دَوانِيقُ عندَ الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
أَنَعْتانُ أَمْ نَدَّانُ، أَم يَنْبَري لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيفِ، شِيمَتُه الحَمْدُ؟
وتَعاوَنَّا: أَعان بعضنا بعضاً. والمَعُونة: الإِعانَة. ورجل مِعْوانٌ:
حسن المَعُونة. وتقول: ما أَخلاني فلان من مَعاوِنه، وهو وجمع مَعُونة.
ورجل مِعْوان: كثير المَعُونة للناس. واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني
وعاونَني. وفي الدعاء: رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ. والمُتَعاوِنة من
النساء: التي طَعَنت في السِّنِّ ولا تكون إلا مع كثرة اللحم؛ قال الأَزهري:
امرأَة مُتَعاوِنة إذا اعتدل خَلْقُها فلم يَبْدُ حَجْمُها. والنحويون
يسمون الباء حرف الاستعانة، وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم
وبَرَيْتُ بالمُدْيَة، فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال.
قال الليث: كل شيء أَعانك فهو عَوْنٌ لك، كالصوم عَوْنٌ على العبادة،
والجمع الأَعْوانُ. والعَوانُ من البقر وغيرها: النَّصَفُ في سنِّها. وفي
التنزيل العزيز: لا فارضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك؛ قال الفراء: انقطع
الكلام عند قوله ولا بكر، ثم استأْنف فقال عَوان بين ذلك، وقيل: العوان من
البقر والخيل التي نُتِجَتْ بعد بطنها البِكْرِ. أَبو زيد: عانَتِ
البقرة تَعُون عُؤُوناً إذا صارت عَواناً؛ والعَوان: النَّصَفُ التي بين
الفارِضِ، وهي المُسِنَّة، وبين البكر، وهي الصغيرة. ويقال: فرس عَوانٌ وخيل
عُونٌ، على فُعْلٍ، والأَصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها،
وكذلك يقال رجل جَوادٌ وقوم جُود؛ وقال زهير:
تَحُلُّ سُهُولَها، فإِذا فَزَعْنا،
جَرَى منهنَّ بالآصال عُونُ.
فَزَعْنا: أَغَثْنا مُسْتَغيثاً؛ يقول: إذا أَغَثْنا ركبنا خيلاً، قال:
ومن زعم أَن العُونَ ههنا جمع العانَةِ بفقد أَبطل، وأَراد أَنهم
شُجْعان، فإِذا اسْتُغيث بهم ركبوا الخيل وأَغاثُوا. أَبو زيد: بَقَرة عَوانٌ
بين المُسِنَّةِ والشابة. ابن الأَعرابي: العَوَانُ من الحيوان السِّنُّ
بين السِّنَّيْنِ لا صغير ولا كبير. قال الجوهري: العَوَان النَّصَفُ في
سِنِّها من كل شيء. وفي المثل: لا تُعَلَّمُ العَوانُ الخِمْرَةَ؛ قال ابن
بري: أَي المُجَرِّبُ عارف بأَمره كما أَن المرأَة التي تزوجت تُحْسِنُ
القِناعَ بالخِمار. قال ابن سيده: العَوانُ من النساء التي قد كان لها
زوج، وقيل: هي الثيِّب، والجمع عُونٌ؛ قال:
نَواعِم بين أَبْكارٍ وعُونٍ،
طِوال مَشَكِّ أَعْقادِ الهَوادِي.
تقول منه: عَوَّنَتِ المِرأَةُ تَعْوِيناً إذا صارت عَواناً، وعانت
تَعُونُ عَوْناً. وحربٌ عَوان: قُوتِل فيها مرة
(* قوله: مرة، أي مرّةً بعد
الأخرى). كأَنهم جعلوا الأُولى بكراً، قال: وهو على المَثَل؛ قال:
حَرْباً عواناً لَقِحَتْ عن حُولَلٍ،
خَطَرتْ وكانت قبلها لم تَخْطُرِ
وحَرْبٌ عَوَان: كان قبلها حرب؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جهل:
ما تَنْقِمُ الحربُ العَوانُ مِنِّي؟
بازِلُ عامين حَدِيثٌ سِنِّي،
لمِثْل هذا وَلَدَتْني أُمّي.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كانت ضَرَباتُه مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً؛
العُونُ: جمع العَوان، وهي التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَتْ إلى
المُراجَعة؛ ومنه الحرب العَوانُ أَي المُتَردّدة، والمرأَة العَوان وهي
الثيب، يعني أَن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية.
ونخلة عَوانٌ: طويلة، أَزْدِيَّة. وقال أَبو حنيفة: العَوَانَةُ النخلة، في
لغة أَهل عُمانَ. قال ابن الأََعرابي: العَوانَة النخلة الطويلة، وبها
سمي الرجل، وهي المنفردة، ويقال لها القِرْواحُ والعُلْبَة. قال ابن بري:
والعَوَانة الباسِقَة من النخل، قال: والعَوَانة أَيضاً دودة تخرج من
الرمل فتدور أَشواطاً كثيرة. قال الأَصمعي: العَوانة دابة دون القُنْفُذ تكون
في وسط الرَّمْلة اليتيمة، وهي المنفردة من الرملات، فتظهر أَحياناً
وتدور كأَنها تَطْحَنُ ثم تغوص، قال: ويقال لهذه الدابة الطُّحَنُ، قال:
والعَوانة الدابة، سمي الرجل بها. وبِرْذَوْنٌ مُتَعاوِنٌ
ومُتَدارِك ومُتَلاحِك إذا لَحِقَتْ قُوَّتُه وسِنُّه. والعَانة: القطيع
من حُمُر الوحش. والعانة: الأَتان، والجمع منهما عُون، وقيل: وعانات.
ابن الأَعرابي: التَّعْوِينُ كثرةُ بَوْكِ الحمار لعانته. والتَّوْعِينُ:
السِّمَن. وعانة الإِنسان: إِسْبُه، الشعرُ النابتُ على فرجه، وقيل: هي
مَنْبِتُ الشعر هنالك. واسْتَعان الرجلُ: حَلَقَ عانَتَه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
مِثْل البُرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ، وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ.
البُرام: القُرادُ، لم يَسْتَعِنْ أَي لم يَحْلِقْ عانته، وحَوامي
الموتِ: حوائِمُه فقلبه، وهي أَسباب الموت. وقال بعض العرب وقد عرَضَه رجل على
القَتْل: أَجِرْ لي سَراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ. وتَعَيَّنَ:
كاسْتَعان؛ قال ابن سيده: وأَصله الواو، فإِما أَن يكون تَعَيَّنَ تَفَيْعَلَ،
وإِما أَن يكون على المعاقبة كالصَّيَّاغ في الصَّوَّاغ، وهو أَضعف القولين
إذ لو كان ذلك لوجدنا تَعَوَّنَ، فعَدَمُنا إِياه يدل على أَن تَعَيَّنَ
تَفَيْعَل. الجوهري: العانَة شعرُ الركَبِ. قال أَبو الهيثم: العانة
مَنْبِت الشعر فوق القُبُل من المرأَة، وفوق الذكر من الرجل، والشَّعَر
النابتُ عليهما يقال له الشِّعْرَةُ والإِسْبُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو
الصواب. وفلان على عانَة بَكْرِ بن وائل أَي جماعتهم وحُرْمَتِهم؛ هذه عن
اللحياني، وقيل: هو قائم بأَمرهم. والعانَةُ: الحَظُّ من الماء للأَرض، بلغة
عبد القيس. وعانَةُ: قرية من قُرى الجزيرة، وفي الصحاح: قرية على الفُرات،
وتصغير كل ذلك عُوَيْنة. وأَما قولهم فيها عاناتٌ فعلى قولهم رامَتانِ،
جَمَعُوا كما ثَنَّوْا. والعانِيَّة: الخَمْر، منسوبة إليها. الليث:
عاناتُ موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانِيَّة؛ قال زهير:
كأَنَّ رِيقَتَها بعد الكَرى اغْتَبَقَتْ
من خَمْرِ عانَةَ، لَمَّا يَعْدُ أَن عَتَقا.
وربما قالوا عاناتٌ
كما قالوا عرفة وعَرَفات، والقول في صرف عانات كالقول في عَرَفات
وأَذْرِعات؛ قال ابن بري: شاهد عانات قول الأَعشى:
تَخَيَّرَها أَخُو عاناتِ شَهْراً،
ورَجَّى خَيرَها عاماً فعاما.
قال: وذكر الهرويُّ أَنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أَوجه:
تَنَوَّرتُها من أَذرِعاتٍ بالتنوين، وأَذرعاتِ بغير تنوين، وأَذرعاتَ بفتح
التاء؛ قال: وذكر أَبو علي الفارسي أَنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه.
وعَوْنٌ وعُوَيْنٌ
وعَوانةُ: أَسماء. وعَوانة وعوائنُ: موضعان؛ قال تأبَّط شرّاً:
ولما سمعتُ العُوصَ تَدْعو، تنَفَّرَتْ
عصافيرُ رأْسي من برًى فعَوائنا.
ومَعانُ: موضع بالشام على قُرب مُوتة؛ قال عبد الله ابن رَواحة:
أَقامتْ ليلَتين على مَعانٍ،
وأَعْقَبَ بعد فَتَرتها جُمومُ.
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء.
حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً
فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على
المضارعة. والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال
الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،
تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على
حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها
إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ
ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن
أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا
بَيْضَ. وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم
الرَّجَّالَةُ، وقيلب هم الذين لا دروع لهم. ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على
رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. ورجل حاسر:
لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه. وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي
أَخرجهما من كُمَّيْهِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة
طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة
الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. وكلُّ مكشوفة الرأْس
والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،
فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ
الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن
ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ.
حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ،
يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً
وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال:
إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،
عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ
أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ،
الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ:
نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى
تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا
يَسْتَحْسِروُن . وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛
قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب. وفي حديث جرير: ولا
يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها. وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي
لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن
يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً. وفي الحديث:
حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد. ويقال فيه:
أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ
إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى
وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف
ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل. وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛
قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ
إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ
البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما
عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا
سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى
بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ
وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شيء خَلا،
يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا
حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا
قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال:
والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه،
إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام،
وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك
إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن
تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب
مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه
أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبا
أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب.
والحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا
منفعة فيه. وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة
وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما
تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ. وفي
الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال:
حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ
وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد
أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قال الأَزهري: وقول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ
(* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً).
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي
اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وفي حديث يحيى بن
عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي
يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا
شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً. وفي
حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة
أَي قشرته بالحجر. وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ
المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل
المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر،
ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. وحَسَّرَها
إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي
يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ،
وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها
قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر
شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ
بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ
يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه
مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه
من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض
ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون
من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها.
أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل
عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر،
قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق
عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ
المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه
الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ
عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر
يصف حماراً وأُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ،
ونَفَلاً ليس بذي آثارِ
يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني
بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً
على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث:
الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت
في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر،
والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم
الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.
حلس: الحِلْسُ والحَلَسُ مثل شِبْهٍ وشَبَهٍ ومِثْلٍ ومَثَلٍ: كلُّ شيء
وَليَ ظَهْرَ البعير والدابة تحت الرحل والقَتَبِ والسِّرْج، وهي بمنزلة
المِرشَحة تكون تحت اللِّبْدِ، وقيل: هو كساء رقيق يكون تحت البرذعة،
والجمع أَحْلاس وحُلُوسٌ. وحَلَس الناقة والدابة يَحْلِسُها ويَحْلُسُها
حَلْساً: غَشَّاهما بحلس. وقال شمر: اُحْلَسْتُ بعيري إِذا جعلت عليه
الحِلْسَ. وحِلْسُ البيت: ما يُبْسَطُ تحت حُرِّ المتاع من مِسْحٍ ونحوه،
والجمع أَحْلاسٌ. ابن الأَعرابي: يقال لِبِساطِ البيت الحِلْسُ ولحُصُرِه
الفُحولُ. وفلانٌ حِلْسُ بيته إِذا لم يَبْرَحْه، على المَثَل. الأَزهري عن
الغِتَّريفيِّ: يقال فلانٌ حِلْسٌ من أَحْلاسِ البيت الذي لا يَبْرَحُ
لبيت، قال: وهو عندهم ذم أَي أَنه لا يصلح إِلا للزوم البيت، قال: ويقال
فلان من أَحْلاس البلاد للذي لا يُزايلها من حُبِّه إِياها، وهذا مدح، أَي
أَنه ذو عِزَّة وشدَّة وأَنه لا يبرحها لا يبالي دَيْناً ولا سَنَةً حتى
تُخْصِب البلادُ. ويقال: هو مُتَحَلِّسٌ بها أَي مقيم. وقال غيره: هو
حِلْسٌ بها. وفي الحديث في الفتنة: كنْ حِلْساً من أَحْلاسِ بيتك حتى
تأْتِيَك يَدٌ خاطِئَة أَو مَنِيَّة قاضِية، أَي لا تَبْرَحْ أَمره بلزوم بيته
وترك القتال في الفتنة. وفي حديث أَبي موسى: قالوا يا رسول اللَّه فما
تأْمرنا؟ قال: كونوا أَحْلاسَ بُيُوتِكم، أَي الزموها. وفي حديث الفتن: عدَّ
منها فتنة الأَحْلاس، هو الكساء الذي على ظهر البعير تحت القَشَب، شبهها
بها للزومها ودوامها. وفي حديث عثمان: في تجهيز جيش العُسْرة على مائة
بعير بأَحْلاسِها وأَقتابها أَي بأَكسيتها. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه،
في أَعلام النبوَّة: أَلم تَرَ الجِنَّ وإِيلاسَها، ولُحوقََها
بالقِلاصِ وأَحْلاسَها؟ وفي حديث أَبي هريرة في مانعي الزكاة: مُحْلَسٌ أَخفافُها
شوكاً من حديد أَي أَن أَخفافها قد طُورِقَتْ بشَوْكٍ من حديد
وأُلْزِمَتْه وعُولِيَتْ به كما أُلْزِمَتْ ظهورَ الإِبل أَحْلاسُها. ورجل حِلْسٌ
وحَلِسٌ ومُسْتَحْلِس: ملازم لا يبرح القتال، وقيل. لا يبرح مكانه،
شُبِّه بِحِلْسِ البعير أَو البيت. وفلان من أَحْلاسِ الخيلِ أَي هو في
الفُروسية ولزوم ظهر الخيل كالحِلْسِ اللازم لظهر الفرس. وفي حديث أَبي بكر:
قام إِليه بنو فزارة فقالوا: يا خليفة رسول اللَّه، نحن أَحلاس الخيل؛
يريدون لزومهم ظهورها، فقال: نعم أَنتم أَحْلاسُها ونحن فُرْسانُها أَي أَنتم
راضَتُها وساسَتُها وتلزمون ظُهورها، ونحن أَهل الفُروسية؛ وقولهم نحن
أَحْلاسُ الخيل أَي نَقْتَنيها ونَلْزَم ظُهورها.
ورجل حَلُوسٌ: حريص ملازم. ويقال: رجل حَلِسٌ للحريص، وكذلك حِلْسَمٌّ،
بزيادة الميم، مثل سِلْغَدٍّ؛ وأَنشد أَبو عمرو:
ليس بقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ،
عند البُيوتِ، راشِنٍ مِقَمِّ
وأَحْلَسَتِ الأَرضُ واسْتَحْلَسَت: كثر بذرها فأَلبسها، وقيل: اخضرت
واستوى نَباتها. وأَرضٌ مُحْلِسَة: قد اخضرت كلها. وقال الليث: عُشْبٌ
مُسْتَحْلِسٌ تَرى له طرائقَ بعضها تحت بعض من تراكبه وسواده. الأَصمعي: إِذا
غطى النبات الأَرض بكثرته قيل قد اسْتَحْلَسَ، فإذا بلغ والتف قيل قد
استأْسد؛ واسْتَحْلَسَ النبتُ إِذا غطى الأَرضَ بكثرته، واستَحْلَسَ الليل
بالظلام: تراكم، واسْتَحْلَسَ السَّنامُ: ركبته رَوادِفُ الشَّحْم
ورواكِبُه.
وبعير أَحْلَسُ: كتفاه سوْداوانِ وأَرضه وذِرْوته أَقل سَواداً من
كَتِفَيْه. والحَلْساءُ من المَعَزِ: التي بين السواد والخُضْرَة لون بطنها
كلون ظهرها. والأَحْلَسُ الذي لونه بين السواد والحمرة، تقول منه: احْلَسَّ
احْلِساساً؛ قال المُعَطَّلُ الهذلي يصف سيفاً:
لَيْنٌ حُسامٌ لا يَلِيقُ ضَريبَةً،
في مَتْنِه دَخَنٌ وأَثْرُ أُحْلَسُ
(* قوله «قال المعطل إلخ» كذا بالأصل ومثله في الصحاك، لكن كتب السيد
مرتضى ما نصه: الصواب أَنه قول أَبي قلابة الطابخي من هذيل اهـ. وقوله
«لين» كذا بالأصل والصحاح، وكتب بالهامش الصواب: عضب.)
وقول رؤبة:
كأَنه في لَبَدٍ ولُبَّدِ،
من حَلِسٍ أَنْمَرَ في تَرَبُّدِ،
مُدَّرِعٌ في قِطَعٍ من بُرْجُدِ
وقال: الحَلِسُ والأَحْلَسُ في لونه وهو بين السواد والحُمْرة.
والحَلِسُ، بكسر اللام: الشجاع الذي يلازم قِرْنَه؛ وأَنشد:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِبُ
وقد حَلِسَ حَلَساً. والحَلِسُ والحُلابِسُ: الذي لا يبرح ويلازم
قِرْنه؛ وأَنشد قول الشاعر:
فقلتُ لها: كأَيٍّ من جَبانٍ
يُصابُ، ويُخْطَأُ الحَلِسُ المُحامي
كأَيٍّ بمعنى كم. وأَحْلَسَتِ السماءُ: مَطَرَتْ مطراً رقيقاً دائماً.
وفي التهذيب: وتقول حَلَسَتِ السماءُ إِذا دام مطرها وهو غير وابل.
والحَلْسُ: أَن يأْخذ المُصَّدِّقُ النَّقْدَ مكان الإِبل، وفي التهذيب:
مكان الفريضة. وأَحْلَسْتُ فلاناً يميناً إِذا أَمررتها عليه.
والإِحْلاسُ: الحَمْلُ على الشيء؛ قال:
وما كنتُ أَخْشى، الدَّهرَ، إِحْلاسَ مُسْلِمٍ
من الناسِ ذَنْباً جاءَه وهو مُسْلِما
المعنى ما كنت أَخشى إِحلاس مسلم مسلماً ذَنْباً جاءه، وهو يرد هو على
ما في جاءه من ذكر مسلم؛ قال ثعلب: يقول ما كنت أَظن أَن إِنساناً ركب
ذنباً هو وآخر ينسبه إِليه دونه.
وما تَحَلَّسَ منه بشيء وما تَحَلَّسَ شيئاً أَي أَصاب منه. الأَزهري:
والعرب تقول للرجل يُكْرَه على عمل أَو أَمر: هو مَحْلوسٌ على الدَّبَرِ
أَي مُلْزَمٌ هذا الأَمرَ إِلزام الحِلْسِ الدَّبَرَ. وسَيْرٌ مُحْلَسٌ:
لا يُفْتَر عنه. وفي النوادر: تَحَلَّسَ فلان لكذا وكذا أَي طاف له وحام
به. وتَحَلَّسَ بالمكان وتَحَلَّز به إِذا أَقام به. وقال أَبو سعيد:
حَلَسَ الرجل بالشيء وحَمِسَ به إِذا تَوَلَّعَ.
والحِلْسُ والحَلْسُ، بفتح الحاء وكسرها: هو العهد الوثيق. وتقول:
أَحْلَسْتُ فلاناً إِذا أَعطيته حَلْساً أَي عهداً يأْمن به قومك، وذلك مثل
سَهْم يأْمن به الرجلُ ما دام في يده.
واسْتَحْلَس فلانٌ الخوفَ إِذا لم يفارقه الخوفُ ولم يأْمن. وروي عن
الشعبي أَنه دخل على الحجاج فعاتبه في خروجه مع أَبي الأَشعث فاعتذر إِليه
وقال: إِنا قد اسْتَحْلَسْنا الخوفَ واكتَحَلْنا السَّهَرَ وأَصابتنا
خِزْيةٌ لم يكن فيها بَرَرَرةٌ أَتْقِياء ولا فَجَرة أَقوياء، قال: للَّه
أَبوك يا شَعْبيُّ ثم عفا عنه. الفراء قال: أَنت ابنُ بُعثُطِها
وسُرْسُورِها وحِلْسِها وابن بَجْدَتها وابن سِمسارِها وسِفْسِيرِها بمعنى واحد.
والحِلْسُ: الرابع من قداح المَيْسِر؛ قال اللحياني: فيه أَر بعة فروض، وله
غُنْم أَربعة أَنصباء إِن فاز، وعليه غرم أَربعة أَنصباء إِن لم يفز.
وأُم حُلَيْسٍ: كنية الأَتان. وبنو حِلْس: بُطَيْنٌ من الأَزْدِ ينزلون
نَهْر المَلِك. وأَبو الحُلَيْس: رجل. والأَحْلَسُ العَبْدِي: من رجالهم؛
ذكره ابن الأَعرابي.
حمس: حَمِسَ الشَّرُّ: اشتدَّ، وكذلك حَمِشَ. واحْتَمَسَ الدِّيكانِ
واحْتَمَشا واحْتَمَسَ القِرْنانِ واقتتلا؛ كلاهما عن يعقوب. وحَمِسَ
بالشيء: عَلِق به. والحَماسَة: المَنْعُ والمُحارَبَةُ. والتَّحمُّسُ: التشدد.
تَحَمَّسَ الرجلُ إِذا تَعاصَى. وفي حديث علي، كرم اللَّه وجهه: حَمِسَ
الوَغى واسْتَحَرَّ الموتُ أَي اشتدَّ الحرُّ. والحَمِيسُ: التَّنُّورٌ.
قال أَبو الدُّقَيْشِ: التنور يقال له الوَطِيسُ والحمِيسُ. ونَجْدَةٌ
حَمْساء: شديدة، يريد بها الشجاعةَ؛ قال:
بِنَجْدَةٍ حَمْساءَ تُعْدِي الذِّمْرا
ورجل حَمِسٌ وحَمِيسٌ وأَحْمَسُ: شجاع؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد حَمِسَ
حَمَساً؛ عنه أَيضاً؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنا، والوِقايَةُ بالخِناقِ
وحَمِسَ الأَمرُ حَمَساً: اشتد. وتحَامَسَ القومُ تَحامُساً وحِماساً:
تشادّوا واقتتلوا. والأَحْمَسُ والحَمِسُ والمُتَحَمِّسُ: الشديد.
والأَحْمَسُ أَيضاً: المتشدِّد على نفسه في الدين. وعام أَحْمَسُ وسَنَة
حَمْساء: شديدة، وأَصابتهم سِنُون أَحامِسُ. قال الأَزهري: لو أَرادوا مَحْضَ
النعت لقالوا سِنونَ حُمْسٌ، إِنما أرادوا بالسنين الأحامس تذكير الأَعوام؛
وقال ابن سيده: ذَكَّروا على إِرادة الأَعوام وأَجْرَوا أَفعل ههنا صفةً
مُجراه اسماً؛ وأَنشد:
لنا إِبِلٌ لم نَكْتَسِبْها بغَدْرةٍ،
ولم يُفْنِ مولاها السُنونَ الأَحامِسُ
وقال آخر:
سَيَذْهَبُ بابن العَبْدِ عَوْنُ بنُ جَحْوشٍ،
ضَلالاً، وتُفْنِيها السِّنونَ الأَحامِسُ
ولَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ أَي الشدَّة، وقيل: هو إِذا وقع في الداهية،
وقيل: معناه مات ولا أَشدَ من الموت. ابن الأَعرابي: الحَمْسُ الضَّلالُ
والهَلَكة والشَّرُّ؛ وأَنشدنا:
فإِنكمُ لَسْتُمْ بدارٍ تَكِنَّةٍ،
ولكِنَّما أَنتم بِهِنْدِ الأَحامِسِ
قال الأَزهري: وأَما قول رؤبة:
لاقَيْنَ منه حَمَساً حَميسا
معناه شدة وشجاعة.
والأَحامِسُ: الأَرضون التي ليس بها كَلأٌ ولا مرْتَعٌ ولا مَطَرٌ ولا
شيء، وأَراضٍ أَحامِسُ. والأَحْمَس: المكان الصُّلْبُ؛ قال العجاج:
وكم قَطَعْنا من قِفافٍ حُمْسِ
وأَرَضُون أَحامسُ: جَدْبة؛ وقول ابن أَحمر:
لَوْ بي تَحَمَّسَتِ الرِّكابُ، إِذاً
ما خانَني حَسَبي ولا وَفْرِي
قال شمر: تحمست تحرّمت واستغاثت من الحُمْسَة؛ قال العجاج:
ولم يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَِحْمَسا،
ولا أَخَا عَقْدٍ ولا مُنَجَّسا
يقول: لم يهبن لذي حُرْمة حُرمة أَي ركبت رؤوسهن. والحُمْسُ: قريش
لأَنهم كانوا يتشددون في دينهم وشجاعتهم فلا يطاقون، وقيل: كانوا لا يستظلون
أَيام منى ولا يدخلون البيوت من أَبوابها وهم محرمون ولا يَسْلأُون السمن
ولا يَلْقُطُون الجُلَّة. وفي حديث خَيْفان: أَما بنو فلان فَمُسَك
أَحْماس أَي شجعان. وفي حديث عرفة: هذا من الحُمْسِ؛ هم جمع الأَحْمس. وفي
حديث عمر، رضي اللَّه عنه، ذكر الأَحامِس؛ هو جمع الأَحْمس الشجاع. أَبو
الهيثم: الحُمْسُ قريش ومَنْ وَلدَتْ قريش وكنانة وجَديلَةُ قَيْسٍ وهم
فَهْمٌ وعَدْوانُ ابنا عمرو بن قيس عَيْلان وبنو عامر بن صَعْصَعَة، هؤلاء
الحُمْسُ، سُمُّوا حُمْساً لأَنهم تَحَمَّسُوا في دينهم أَي تشدَّدوا. قال:
وكانت الحُمْسُ سكان الحرم وكانوا لا يخرجون أَيام الموسم إِلى عرفات
إِنما يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أَهل اللَّه ولا نخرج من الحرم، وصارت
بنو عامر من الحُمْسِ وليسوا من ساكني الحرم لأَن أُمهم قرشية، وهي
مَجْدُ بنت تيم بن مرَّة، وخُزاعَةُ سميت خزاعة لأنهم كانوا من سكان الحرم
فَخُزِعُوا عنه أَي أُخْرجوا، ويقال: إِنهم من قريش انتقلوا بنسبهم إِلى
اليمن وهم من الحُمْسِ؛ وقال ابن الأَعرابي في قول عمرو:
بتَثْلِيثَ ما ناصَيت بَعْدي الأَحامِسا
أَراد قريشاً؛ وقال غيره: أَراج بالأَحامس بني عامر لأَن قريشاً ولدتهم،
وقيل: أَراد الشجعان من جميع الناس. وأَحْماسْ العرب أُمهاتهم من قريش،
وكانوا يتشدّدون في دينهم، وكانوا شجعان العرب لا يطاقون. والأَحْمَسُ:
الوَرِعُ من الرجال الذي يتشدد في دينه. والأَحْمَسُ: الشديد الصُّلْب في
الدين والقتال، وقد حَمِسَ، بالكسر، فهو حَمِسٌ وأَحْمَسُ بَيِّنُ
الحَمَسِ. ابن سيده: والحُمْسُ في قَيْسٍ أَيضاً وكله من الشدَّة.
والحَمْسُ: جَرْسُ الرجال؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ وَهْسِها تحت الدُّجى
حَمْسُ رجالٍ، سَمِعُوا صوتَ وَحى
والحَماسَةُ: الشجاعة.
والحَمَسَةُ: دابة من دواب البحر، وقيل: هي السُّلَحْفاة، والحَمَسُ اسم
للجمع. وفي النوادر: الحَمِيسَةُ القَلِيَّةُ. وحَمَسَ اللحم إِذا
قَلاه.وحِماسٌ: اسم رجل. وبنو حَمْسٍ وبنو حُمَيْسٍ وبنو حِماسٍ: قبائل. وذو
حِماسٍ: موضع. وحَماساءُ، ممدود: موضع.
هوس: الهَوْس: الطَّوَفان بالليل والطلب بِجُرْأَة. هاسَ يَهُوس
هَوْساً: طاف بالليل في جرْأَة. وأَسد هَوَّاس وكذلك النَّمِر؛ قال:
وفي يَدِي مِثْلُ ماء الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍ،
أَنَّى نَحَيْتُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
قال ابن الأَعرابي: أَراد الثَّغَب فسكن للضرورة، وأَما سيبويه فقال:
الثَّغْب، بسكون الغين، الغَدير.
ورجل هَوَّاس وهَوَّاسَةٌ: شجاع مجرَّب.
والهَوْس: الإِفساد، هاسَ الذئب في الغنم هَوْساً. والهَوْس: الدَّقُّ،
هاسَه يَهُوسُه وهَوَّسه. الأَصمعي: هُسْتُه هَوْساً وهِسْتُه هيساً وهو
الكسر والدقُّ؛ وأَنشد:
إِنَّ لنَا هَوَّاسَةً عَرِيضَا
والتَّهَوُّس: المشي الثقيل في الأَرض الليِّنَة. وهَوِسَ الناس
هَوَساً: وقعوا في اختلاط وفساد. وهَوِسَت الناقة هَوَساً، فهي هَوِسَةٌ: اشتدت
ضَبَعَتُها، وقيل: ترددت فيها الضَّبَعَة. وضَبَعٌ هَوَّاس: شديد؛ قال:
يُوشِك أَن يُؤْنَسَ في الإِينَاسِ،
في مَنْبِتِ البَقْل وفي اللُّسَاسِ،
منها هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ
والهَوِيس: النظر والفكر. والهَوْس: الأَكل الشديد. والهَوْس: شديد
الأَكل. والعرب تقول: الناس هَوْسَى والزمان أَهْوَس؛ قال: الناس يأْكلون
طيّبات الزمان، والزمانُ يأْكلهم بالموت. والهَوَّاس: الأَسد؛ قال
الكميت:هُوَ الأَضْبَطُ الهَوَّاسُ فينا شَجَاعَةً،
وفيمَنْ يُعادِيهِ الهِجَفُّ المُثَّقَّل
والهَوْس: المَشي الذي يعتمد فيه صاحبه على الأَرض اعتماداً شديداً،
ومنه سمي الأَسد الهَوَّاس. والهَوْس: السوق اللين. يقال: هُسْت الإِبل
فَهَاست أَي ترعى وتسير، وإِنما شبه هَوَسان الناقة بهَوَان الأَسد لأَنها
تمشي خَطْوة خطوة وهي ترعى.
والهَوَس، بالتحريك: طَرف من الجنون. وفي حديث أَبي الأَسود: فإِنه
أَهْيَسُ أَلْيَسُ، يذكر في ترجمة هيس، واللَّه أَعلم.
غلث: الغَلْثُ: الخَلْطُ؛ وفي المحكم: الغَلْثُ خَلطُ البُرِّ بالشعير
أَو الذُّرة؛ وعَمَّ به بعضُهم.
غَلَثَه يَغْلِثُه، بالكسر، غَلْثاً، فهو مَغْلُوثٌ، وغَلِيثٌ،
واغْتلَثه؛ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ما كان يأْكُلُ السَّمْنَ مَغْلُوثاً
إِلاّ بإِهالَةٍ، ولا البُرَّ إِلاَّ مَغْلوثاً بالشعير.
وفلانٌ يأْكل الغَلِيثَ. والغَلِيثُ: الخُبْز المخلوطُ من الحِنْطة
والشعير. والغَلَثُ: المَدَرُ والزُّؤَانُ، وقد ذكر بالعين المهملة؛
والمَغْلُوثُ والغِليثُ والمُغَلَّثُ: الطعامُ الذي فيه المَدَرُ والزُؤَانُ.
والغَلِيثُ: ما يُسَوَّى للنَّسْر من لَحْم وغيره، ويُجْعَل فيه السَّمُّ،
فيؤْخذ إِذا ماتَ؛ قال الشاعر:
كما يُسَقَّى الهَوْزَبُ الأَغْلاثا
والهَوْزَبُ: النَّسْرُ المُسِنُّ. والغَلْثى: مِن الطير؛ وقيل:
الغَلْثى اسم شجرة إِذا أُطْعِمَ ثمَرَها السباعُ، قَتَلَتْها؛ قال أَبو
وَجْزة:كأَنها غَلْثى مِن الرُّخْمِ تَدِفْ
وقُتِلَ النَّسْرُ بالغَلْثى، والغَلْثى، مقصورٌ، على مثال السَّلْوى،
عن كراع: وهو طعام يُخْلَط له فيه سَمٌّ، فيأْكله فيَقْتُله، فيؤْخذ
رِيشُه، فتُراشُ به السِّهامُ. التهذيب: الغَلِيثُ الطعامُ المخلوطُ بالشعير،
فإِن كان فيه مَدَرٌ، أَو زُؤَانٌ، فهو المَغْلُوثُ. وقال الفراء:
المَعْلُوثُ، بالعين: المخلوط؛ وقال غيره: وقد سمعناه، بالغين، مَغْلُوثٌ؛ وقال
لبيد:
مَشْمُولةٌ غُلِثَتْ بنابِتِ عَرْفَج،
كدُخانِ نارٍ، ساطِعٍ أَسْنامُها
وغَلِثَ الزَّنْدُ غَلَثاً، وأَغْلَثَ: لم يُورِ. واغْتَلَثْتُ
الزَّنْدَ: انْتَجَيْتَه من شجرة لا تَدري أَيُوري أَم لا؟ قال حسان:
مَهاجِنةٌ، إِذا نُسِبُوا، عَبِيدٌ،
عَضاريطٌ، مَغالِثةُ الزِّنادِ
أَي رِخْوُ الزِّنادِ، وهو مذكور في العين المهملة.
وغَلْثُ الحُلْم: شيء تَراه في النَّوْم مما ليس برُؤْيا صادقةٍ.
والمُغْلِثُ: المُقارِب من الوَجَع، ليس يُضْجِعُ صاحبَه، ولا يُعْرقُ.
وسِقاءٌ مَغْلُوث: دُبِغ بالتمر أَو البُسْر.
والغَلِثُ: الشديدُ القتال اللَّزُومُ لمن طالَبَ أَو مارَسَ.
والغَلَثُ، بالتحريك: شِدَّة القتال.
وغَلِثَ به غَلَثاً: لزِمه وقاتله.
ورجل غَلِثٌ ومُغالِثٌ: شديدُ القتال؛ قال رؤبة:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِثُ
اسْمَهَرَّ: اشْتَدَّ. والحَلِسُ: الذي لا يُبارحُ قِرْنَه.
والمُغالِثُ: المُلازِمُ له. وقال مُبْتَكِرٌ: فلانٌ يَتَغَلَّثُ بي أَي يَــتَوَلَّعُ
بي. وغَلِثَ الذئبُ بغَنَم فلان: لَزِمَها يَفْرِسُها. وغَلِثَ الطائرُ:
هاعَ ورَمى من حَوْصَلَتِه بشيء كان اسْتَرَطَه. واغْتَلَثَ للقوم
غُلْثةً: كذَبَ لهم كَذِباً نَجا بِه. وذكر أَبو زياد الكِلابيُّ ضُروباً من
النبات فقال: إِنها من الأَغْلاثِ، منها: العِكْرِشُ، والحَلْفاء،
والحاجُ، واليَنْبوتُ، والغافُ، والعِشْرِقُ، والقَبا، والسِّفا، والأَسَلُ،
والبَرْدِيُّ، والحَنْظَلُ، والتَّنُّومُ،والخِرْوَعُ، والراءُ، واللَّصَفُ؛
قال: والأَغْلاثُ مأْخوذٌ من الغَلْثِ، وهو الخَلْطُ.
أول: الأَوْلُ: الرجوع. آل الشيءُ يَؤُول أَولاً ومآلاً: رَجَع. وأَوَّل
إِليه الشيءَ: رَجَعَه. وأُلْتُ عن الشيء: ارتددت. وفي الحديث: من صام
الدهر فلا صام ولا آل أَي لا رجع إِلى خير، والأَوْلُ الرجوع. في حديث
خزيمة السلمي: حَتَّى آل السُّلامِيُّ أَي رجع إِليه المُخ. ويقال: طَبَخْت
النبيذَ حتى آل إلى الثُّلُث أَو الرُّبع أَي رَجَع؛ وأَنشد الباهلي
لهشام:
حتى إِذا أَمْعَرُوا صَفْقَيْ مَباءَتِهِم،
وجَرَّد الخَطْبُ أَثْباجَ الجراثِيم
آلُوا الجِمَالَ هَرامِيلَ العِفاءِ بِها،
على المَناكِبِ رَيْعٌ غَيْرُ مَجْلُوم
قوله آلوا الجِمَال: ردُّوها ليرتحلوا عليها.
والإِيَّل والأُيَّل: مِنَ الوَحْشِ، وقيل هو الوَعِل؛
قال الفارسي: سمي بذلك لمآله إِلى الجبل يتحصن فيه؛ قال ابن سيده:
فإِيَّل وأُيَّل على هذا فِعْيَل وفُعيْل، وحكى الطوسي عن ابن الأَعرابي:
أَيِّل كسَيِّد من تذكِرة أَبي علي. الليث: الأَيِّل الذكر من الأَوْعال،
والجمع الأَيايِل، وأَنشد:
كأَنَّ في أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل،
من عَبَسِ الصَّيْف، قُرونَ الإِيَّل
وقيل: فيه ثلاث لغات: إِيَّل وأَيَّل وأُيَّل على مثال فُعَّل، والوجه
الكسر، والأُنثى إِيَّلة، وهو الأَرْوَى.
وأَوَّلَ الكلامَ وتَأَوَّله: دَبَّره وقدَّره، وأَوَّله وتَأَوَّله:
فَسَّره. وقوله عز وجل: ولَمَّا يأْتهم تأْويلُه؛ أَي لم يكن معهم علم
تأْويله، وهذا دليل على أَن علم التأْويل ينبغي أَن ينظر فيه، وقيل: معناه لم
يأْتهم ما يؤُول إِليه أَمرهم في التكذيب به من العقوبة، ودليل هذا قوله
تعالى: كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين. وفي حديث
ابن عباس: اللهم فَقِّهه في الدين وعَلِّمه التَّأْويل؛ قال ابن
الأَثير: هو من آلَ الشيءُ يَؤُول إِلى كذا أَي رَجَع وصار إِليه، والمراد
بالتأْويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأَصلي إِلى ما يَحتاج إِلى دليل لولاه ما
تُرِك ظاهرُ اللفظ؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها: كان النبي،صلى الله
عليه وسلم، يكثر أَن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك
يَتَأَوَّل القرآنَ، تعني أَنه مأْخوذ من قوله تعالى: فسبح بحمد ربك واستغفره.
وفي حديث الزهري قال: قلت لعُروة ما بالُ عائشةَ تُتِمُّ في السَّفَر يعني
الصلاة؟ قال: تأَوَّلَت
(* قوله «قال تأولت إلخ» كذا بالأصل. وفي الأساس:
وتأملته فتأولت فيه الخير أي توسعته وتحرَّيته) كما تأَوَّل عثمانُ؛
أَراد بتأْويل عثمان ما روي عنه أَنه أَتَمَّ الصلاة بمكة في الحج، وذلك
أَنه نوى الإِقامة بها. التهذيب: وأَما التأْويل فهو تفعيل من أَوَّل
يُؤَوِّل تأْويلاً وثُلاثِيُّه آل يَؤُول أَي رجع وعاد. وسئل أَبو العباس أَحمد
بن يحيى عن التأْويل فقال: التأْويل والمعنى والتفسير واحد. قال أَبو
منصور: يقال أُلْتُ الشيءَ أَؤُوله إِذا جمعته وأَصلحته فكان التأْويل جمع
معاني أَلفاظ أَشكَلَت بلفظ واضح لا إشكال فيه. وقال بعض العرب: أَوَّل
اللهُ عليك أَمرَك أَي جَمَعَه، وإِذا دَعَوا عليه قالوا: لا أَوَّل اللهُ
عليك شَمْلَك. ويقال في الدعاء للمُضِلِّ: أَوَّل اللهُ عليك أَي رَدَّ
عليك ضالَّتك وجَمَعها لك. ويقال: تَأَوَّلت في فلان الأَجْرَ إِذا
تَحَرَّيته وطلبته. الليث: التأَوُّل والتأْويل تفسير الكلام الذي تختلف
معانيه ولا يصح إِلاّ ببيان غير لفظه؛ وأَنشد:
نحن ضَرَبْناكم على تنزيله،
فاليَوْمَ نَضْرِبْكُم على تَأْويلِه
(* قوله: نضربْكم، بالجزم؛ هكذا في الأصل ولعل الشاعر اضطُرّ الى ذلك
محافظة على وزن الشعر الذي هو الرجز).
وأَما قول الله عز وجل: هل ينظرون إِلا تأْويله يوم يأْتي تأْويله؛ فقال
أَبو إِسحق: معناه هل ينظروه إِلا ما يَؤُول إِليه أَمرُهم من البَعْث،
قال: وهذا التأْويل هو قوله تعالى: وما يعلم تأْويله إلا الله؛ أَي لا
يعلم مَتَى يكون أَمْرُ البعث وما يؤول إِليه الأَمرُ عند قيام الساعة إِلا
اللهُ والراسخون في العلم يقولون آمنا به أَي آمنا بالبعث، والله أَعلم؛
قال أَبو منصور: وهذا حسن، وقال غيره: أَعلم اللهُ جَلَّ ذكرُه أَن في
الكتاب الذي أَنزله آياتٍ محكماتٍ هن أُمُّ الكتاب لا تَشابُهَ فيه فهو
مفهوم معلوم، وأَنزل آيات أُخَرَ متشابهات تكلم فيها العلماء مجتهدين، وهم
يعلمون أَن اليقين الذي هو الصواب لا يعلمه إِلا الله، وذلك مثل المشكلات
التي اختلف المتأَوّلون في تأْويلها وتكلم فيها من تكلم على ما أَدَّاه
الاجتهاد إِليه، قال: وإِلى هذا مال ابن الأَنباري. وروي عن مجاهد: هل
ينظرون إِلا تأْويله، قال: جزاءه. يوم يأْتي تأْويله، قال: جزاؤه. وقال
أَبو عبيد في قوله: وما يعلم تأْويله إِلا الله، قال: التأْويل المَرجِع
والمَصير مأْخوذ من آل يؤول إِلى كذا أَي صار إِليه. وأَوَّلته: صَيَّرته
إِليه. الجوهري: التأْويل تفسير ما يؤول إِليه الشيء، وقد أَوّلته تأْويلاً
وتأَوّلته بمعنى؛ ومنه قول الأَعْشَى:
على أَنها كانت، تَأَوُّلُ حُبِّها
تَأَوُّلُ رِبْعِيِّ السِّقاب، فأَصْحَبا
قال أَبو عبيدة: تَأَوُّلُ حُبِّها أَي تفسيره ومرجعه أَي أَن حبها كان
صغيراً في قلبه فلم يَزَلْ يثبت حتى أَصْحَب فصار قَديماً كهذا السَّقْب
الصغير لم يزل يَشِبُّ حتى صار كبيراً مثل أُمه وصار له ابن يصحبه.
والتأْويل: عبارة الرؤيا. وفي التنزيل العزيز: هذا تأْويل رؤياي من قبل. وآل
مالَه يَؤوله إِيالة إِذا أَصلحه وساسه. والائتِيال: الإِصلاح والسياسة
قال ابن بري: ومنه قول عامر بن جُوَين:
كَكِرْفِئَةِ الغَيْثِ، ذاتِ الصَّبيـ
رِ، تَأْتي السَّحاب وتَأْتالَها
وفي حديث الأَحنف: قد بَلَوْنا فلاناً فلم نجده عنده إِيالة للمُلْك،
والإِيالة السِّياسة؛ فلان حَسَن الإِيالة وسيِّءُ الإِيالة؛ وقول لبيد:
بِصَبُوحِ صافِيَةٍ، وجَذْبِ كَرِينَةٍ
بِمُؤَتَّرٍ، تأْتالُه، إِبْهامُها
قيل هو تفتعله من أُلْتُ أَي أَصْلَحْتُ، كما تقول تَقْتَاله من قُلت،
أَي تُصْلِحهُ إِبهامُها؛ وقال ابن سيده: معناه تصلحه، وقيل: معناه ترجع
إِليه وتَعطِف عليه، ومن روى تَأْتَالَه فإِنه أَراد تأْتوي من قولك
أَوَيْت إِلى الشيء رَجَعْت إِليه، فكان ينبغي أَن تصح الواو، ولكنهم
أَعَلُّوه بحذف اللام ووقعت العين مَوْقِعَ اللام فلحقها من الإِعلال ما كان يلحق
اللام. قال أَبو منصور: وقوله أُلْنَا وإِيلَ علينا أَي سُسْنَا
وسَاسونا.
والأَوْل: بلوغ طيب الدُّهْن بالعلاج. وآل الدُّهْن والقَطِران والبول
والعسل يؤول أَوْلاً وإِيالاً: خَثُر؛ قال الراجز:
كأَنَّ صَاباً آلَ حَتَّى امَّطُلا
أَي خَثُر حَتَّى امتدَّ؛ وأَنشد ابن بري لذي الرمة:
عُصَارَةُ جَزْءٍ آلَ، حَتَّى كأَنَّما
يُلاقُ بِجَادَِيٍّ ظُهُورُ العَراقبِ
وأَنشد لآخر:
ومِنْ آيلٍ كالوَرْسِ نَضْحاً كَسَوْنَهُ
مُتُونَ الصَّفا، من مُضْمَحِلٍّ وناقِع
التهذيب: ويقال لأَبوال الإِبل التي جَزَأَت بالرُّطْب في آخر جَزْئِها:
قد آلَتْ تؤولُ أَوْلاً إِذا خَثُرت فهي آيلة؛ وأَنشد لذي الرمة:
ومِنْ آيلٍ كالوَرْسِ نَضْح سُكُوبه
مُتُونَ الحَصَى، مِنْ مُضْمَحِلٍّ ويابس
وآل اللبنُ إِيالاً: تَخَثَّر فاجتمع بعضه إِلى بعض، وأُلْتُهُ أَنا.
وأَلْبانٌ أُيَّل؛ عن ابن جني، قال ابن سيده: وهذا عزيز من وجهين: أَحدهما
أَن تجمع صفة غير الحيوان على فُعَّل وإِن كان قد جاء منه نحو عِيدان
قُيَّسٌ، ولكنه نادر، والآخَرُ أَنه يلزم في جمعه أُوَّل لأَنه من الواو
بدليل آل أَوْلاً لكن الواو لَما قَرُبت من الطرف احْتَمَلت الإِعلال كما
قالوا نُيَّم وصُيَّم.
والإِيالُ: وعاء اللّبَن. الليث: الإِيال، على فِعال، وِعاء يُؤَال فيه
شَراب أَو عصير أَو نحو ذلك. يقال: أُلْت الشراب أَؤُوله أَوْلاً؛
وأَنشد:فَفَتَّ الخِتامَ، وقد أَزْمَنَتْ،
وأَحْدَث بعد إِيالٍ إِيَالا
قال أَبو منصور: والذي نعرفه أَن يقال آل الشرابُ إِذا خَثُر وانتهى
بلوغُه ومُنْتهاه من الإِسكار، قال: فلا يقال أُلْتُ الشراب. والإِيَال:
مصدر آل يَؤُول أَوْلاً وإِيالاً، والآيل: اللبن الخاثر، والجمع أُيَّل مثل
قارح وقُرَّح وحائل وحُوَّل؛ ومنه قول الفرزدق:
وكأَنَّ خاتِرَه إِذا ارْتَثَؤُوا به
عَسَلٌ لَهُمْ، حُلِبَتْ عليه الأُيَّل
وهو يُسَمِّن ويُغْلِم؛ وقال النابغة الجعدي يهجو ليلى الأَخْيَلِيَّةَ:
وبِرْذَوْنَةٍ بَلَّ البَراذينُ ثَغْرَها،
وقد شَرِبتْ من آخر الصَّيْفِ أُيَّلا
قال ابن بري: صواب إِنشاده: بُريْذِينةٌ، بالرفع والتصغير دون واو، لأَن
قبله:
أَلا يا ازْجُرَا لَيْلى وقُولا لها: هَلا،
وقد ركبَتْ أَمْراً أَغَرَّ مُحَجَّلا
وقال أَبو الهيثم عند قوله شَرِبَتْ أَلْبان الأَيايل قال:
هذا محال، ومن أَين توجد أَلبان الأَيايل؟ قال: والرواية وقد شَرِبَتْ
من آخر الليل أُيَّلاً، وهو اللبن الخاثر من آل إِذا خَثُر. قال أَبو
عمرو: أُيّل أَلبان الأَيايل، وقال أَبو منصور: هو البول الخاثر بالنصب
(*
قوله «بالنصب» يعني فتح الهمزة) من أَبوال الأُرْوِيَّة إِذا شربته المرأَة
اغتلمت. وقال ابن شميل: الأُيَّل هو ذو القرن الأَشعث الضخمِ مثل الثور
الأَهلي. ابن سيده: والأُيَّل بقية اللبن الخاثر، وقيل: الماء في الرحم،
قال: فأَما ما أَنشده ابن حبيب من قول النابغة:
وقد شَرِبَتْ من آخر الليل إِيَّلاً
فزعم ابن حبيب أَنه أَراد لبن إِيَّل، وزعموا أَنه يُغْلِم ويُسَمِّن،
قال: ويروى أُيَّلاً، بالضم، قال: وهو خطأٌ لأَنه يلزم من هذا أُوَّلاً.
قال أَبو الحسن: وقد أَخطأَ ابن حبيب لأَن سيبوبه يرى البدل في مثل هذا
مطرداً، قال: ولعمري إِن الصحيح عنده أَقوى من البدل، وقد وَهِم ابن حبيب
أَيضاً في قوله إِن الرواية مردودة من وجه آخر، لأَن أُيَّلا في هذه
الرواية مثْلُها في إِيّلا، فيريد لبن أُيَّل كما ذهب إِليه في إِيَّل، وذلك
أَن الأُيَّل لغة في الإِيَّل، فإِيَّل كحِثْيَل وأُيَّل كَعُلْيَب، فلم
يعرف ابن حبيب هذه اللغة. قال: وذهب بعضهم إِلى أَن أُيَّلاً في هذا البيت
جمع إِيَّل، وقد أَخْطأَ من ظن ذلك لأَن سيبويه لا يرى تكسير فِعَّل على
فُعَّل ولا حكاه أَحد، لكنه قد يجوز أَن يكون اسماً للجمع؛ قال وعلى هذا
وَجَّهت أَنا قول المتنبي:
وقِيدَت الأُيَّل في الحِبال،
طَوْع وهُوقِ الخَيْل والرجال
غيره: والأُيَّل الذَّكَر من الأَوعال، ويقال للذي يسمى بالفارسية كوزن،
وكذلك الإِيَّل، بكسر الهمزة، قال ابن بري: هو الأَيِّل، بفتح الهمزة
وكسر الياء، قال الخليل: وإِنما سمي أَيِّلاً لأَنه يَؤُول إِلى الجبال،
والجمع إِيَّل وأُيَّل وأَيايل، والواحد أَيَّل مثل سَيِّد ومَيِّت. قال:
وقال أَبو جعفر محمد بن حبيب موافقاً لهذا القول الإِيَّل جمع أَيِّل،
بفتح الهمزة؛ قال وهذا هو الصحيح بدليل قول جرير:
أَجِعِثْنُ، قد لاقيتُ عِمْرَانَ شارباً،
عن الحَبَّة الخَضْراء، أَلبان إِيَّل
ولو كان إِيَّل واحداً لقال لبن إِيَّل؛ قال: ويدل على أَن واحد إِيَّل
أَيِّل، بالفتح، قول الجعدي:
وقد شَرِبت من آخر الليل أَيِّلاً
قال: وهذه الرواية الصحيحة، قال: تقديره لبن أَيِّل ولأَن أَلبان
الإِيَّل إِذا شربتها الخيل اغتَلَمت. أَبو حاتم: الآيل مثل العائل اللبن
المختلط الخاثر الذي لم يُفْرِط في الخُثورة، وقد خَثُرَ شيئاً صالحاً، وقد
تغير طَعمه إِلى الحَمَض شيئاً ولا كُلَّ ذلك.يقال: آل يؤول أَوْلاً
وأُوُولاً، وقد أُلْتُهُ أَي صببت بعضه على بعض حتى آل وطاب وخَثُر. وآل:
رَجَع، يقال: طبخت الشراب فآل إِلى قَدْر كذا وكذا أَي رجع. وآل الشيءُ مآ
لاً: نَقَص كقولهم حار مَحاراً.
وأُلْتُ الشيءَ أَوْلاً وإِيالاً: أَصلحته وسُسْتُه. وإِنه لآيل مال
وأَيِّل مال أَي حَسَنُ القيام عليه. أَبو الهيثم: فلان آيل مال وعائس مال
ومُراقِح مال
(* قوله «ومراقح مال» الذي في الصحاح وغيره من كتب اللغة:
رقاحيّ مال) وإِزَاء مال وسِرْبال مال إِذا كان حسن القيام عليه والسياسة
له، قال: وكذلك خالُ مالٍ وخائل مال. والإِيَالة: السِّياسة. وآل عليهم
أَوْلاً وإِيَالاً وإِيَالة: وَليَ. وفي المثل: قد أُلْنا وإِيل علينا،
يقول: ولَينا وَوُلي علينا، ونسب ابن بري هذا القول إِلى عمر وقال: معناه
أَي سُسْنا وسِيسَ علينا، وقال الشاعر:
أَبا مالِكٍ فانْظُرْ، فإِنَّك حالب
صَرَى الحَرْب، فانْظُرْ أَيَّ أَوْلٍ تَؤُولُها
وآل المَلِك رَعِيَّته يَؤُولُها أَوْلاً وإِيالاً: ساسهم وأَحسن
سياستهم وَوَليَ عليهم. وأُلْتُ الإِبلَ أَيْلاً وإِيالاً: سُقْتها. التهذيب:
وأُلْتُ الإِبل صَرَرْتها فإذا بَلَغَتْ إِلى الحَلْب حلبتها.
والآل: ما أَشرف من البعير. والآل: السراب، وقيل: الآل هو الذي يكون
ضُحى كالماء بين السماء والأَرْض يرفع الشُّخوص ويَزْهَاهَا، فاَّما
السَّرَاب فهو الذي يكون نصف النهار لاطِئاً بالأَرْض كأَنه ماء جار، وقال ثعلب:
الآل في أَوّل النهار؛ وأَنشد:
إِذ يَرْفَعُ الآلُ رأْس الكلب فارتفعا
وقال اللحياني: السَّرَاب يذكر ويؤنث؛ وفي حديث قُسّ بن ساعدَة:
قَطَعَتْ مَهْمَهاً وآلاً فآلا
الآل: السَّراب، والمَهْمَهُ: القَفْر. الأَصمعي: الآل والسراب واحد،
وخالفه غيره فقال: الآل من الضحى إِلى زوال الشمس، والسراب بعد الزوال إِلى
صلاة العصر، واحتجوا بأَن الآل يرفع كل شيء حتى يصير آلاً أَي شَخْصاً،
وآلُ كل شيء: شَخْصه، وأَن السراب يخفض كل شيء فيه حتى يصير لاصقاً
بالأَرض لا شخص له؛ وقال يونس: تقول العرب الآل مُذ غُدْوة إِلى ارتفاع الضحى
الأَعلى، ثم هو سَرَابٌ سائرَ اليوم؛ وقال ابن السكيت: الآل الذي يرفع
الشخوص وهو يكون بالضحى، والسَّراب الذي يَجْري على وجه الأَرض كأَنه الماء
وهو نصف النهار؛ قال الأَزهري: وهو الذي رأَيت العرب بالبادية يقولونه.
الجوهري: الآل الذي تراه في أَول النهار وآخره كأَنه يرفع الشخوص وليس هو
السراب؛ قال الجعدي:
حَتَّى لَحِقنا بهم تُعْدي فَوارِسُنا،
كأَنَّنا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا
أَراد يرفعه الآل فقلبه، قال ابن سيده: وجه كون الفاعل فيه مرفوعاً
والمفعول منصوباً باسمٍ
(* أراد بالاسم الصحيح: الرَّعْن) صحيح، مَقُول به،
وذلك أَن رَعْن هذا القُفِّ لما رفعه الآل فرُؤي فيه ظهر به الآل إِلى
مَرْآة العين ظهوراً لولا هذا الرَّعْن لم يَبِنْ للعين بَيانَه إِذا كان
فيه، أَلا ترى أَن الآل إِذا بَرَق للبصر رافعاً شَخْصه كان أَبدى للناظر
إِليه منه لو لم يلاق شخصاً يَزْهاه فيزداد بالصورة التي حملها سُفوراً
وفي مَسْرَح الطَّرْف تجَلِّياً وظهوراً؟ فإِن قلت: فقد قال الأَعشى:
إِذ يَرْفَع الآلُ رأْسَ الكلبِ فارتفعا
فجعل الآل هو الفاعل والشخص هو المفعول، قيل: ليس في هذا أَكثر من أَن
هذا جائز، وليس فيه دليل على أَن غيره ليس بجائز، أَلا ترى أَنك إِذا قلت
ما جاءني غير زيد فإِنما في هذا دليل على أَن الذي هو غيره لم يأْتك،
فأَما زيد نفسه فلم يُعَرَّض للإِخبار بإِثبات مجيء له أَو نفيه عنه، فقد
يجوز أَن يكون قد جاء وأَن يكون أَيضاً لم يجئ؟ والآل: الخَشَبُ
المُجَرَّد؛ ومنه قوله:
آلٌ على آلٍ تَحَمَّلَ آلا
فالآل الأَول: الرجل، والثاني السراب، والثالث الخشب؛ وقول أَبي دُوَاد:
عَرَفْت لها مَنزلاً دارساً،
وآلاً على الماء يَحْمِلْنَ آلا
فالآل الأَولِ عيدانُ الخَيْمة، والثاني الشخص؛ قال: وقد يكون الآل
بمعنى السراب؛ قال ذو الرُّمَّة:
تَبَطَّنْتُها والقَيْظَ، ما بَيْن جَالِها
إِلى جَالِها سِتْرٌ من الآل ناصح
وقال النابغة:
كأَنَّ حُدُوجَها في الآلِ ظُهْراً،
إِذا أُفْزِعْنَ من نَشْرٍ، سَفِينُ
قال ابن بري: فقوله ظُهْراً يَقْضِي بأَنه السرادب، وقول أَبي ذؤَيب:
وأَشْعَثَ في الدارِ ذي لِمَّة،
لَدَى آلِ خَيْمٍ نَفَاهُ الأَتِيُّ
قيل: الآل هنا الخشب. وآلُ الجبل: أَطرافه ونواحيه. وآلُ الرجل: أَهلُه
وعيالُه، فإِما أَن تكون الأَلف منقلبة عن واو، وإِما أَن تكون بدلاً من
الهاء، وتصغيره أُوَيْل وأُهَيْل، وقد يكون ذلك لِما لا يعقل؛ قال
الفرزدق:
نَجَوْتَ، ولم يَمْنُنْ عليك طَلاقَةً
سِوَى رَبَّة التَّقْريبِ من آل أَعْوَجا
والآل: آل النبي،صلى الله عليه وسلم. قال أَبو العباس أَحمد بن يحيى:
اختلف الناس في الآل فقالت طائفة: آل النبي،صلى الله عليه وسلم، من اتبعه
قرابة كانت أَو غير قرابة، وآله ذو قرابته مُتَّبعاً أَو غير مُتَّبع؛
وقالت طائفة: الآل والأَهل واحد، واحتجوا بأَن الآل إِذا صغر قيل أُهَيْل،
فكأَن الهمزة هاء كقولهم هَنَرْتُ الثوب وأَنَرْته إِذا جعلت له عَلَماً؛
قال: وروى الفراء عن الكسائي في تصغير آل أُوَيْل؛ قال أَبو العباس: فقد
زالت تلك العلة وصار الآل والأَهل أَصلين لمعنيين فيدخل في الصلاة كل من
اتبع النبي،صلى الله عليه وسلم، قرابة كان أَو غير قرابة؛ وروى عن غيره
أَنه سئل عن قول النبي،صلى الله عليه وسلم: اللهم صلّ على محمد وعلى آل
محمد: مَنْ آلُ محمد؟ فقال: قال قائل آله أَهله وأَزواجه كأَنه ذهب إِلى
أَن الرجل تقول له أَلَكَ أَهْلٌ؟ فيقول: لا وإِنما يَعْنِي أَنه ليس له
زوجة، قال: وهذا معنى يحتمله اللسان ولكنه معنى كلام لا يُعْرَف إِلاَّ أَن
يكون له سبب كلام يدل عليه، وذلك أَن يقال للرجل: تزوَّجتَ؟ فيقول: ما
تأَهَّلت، فَيُعْرَف بأَول الكلام أَنه أَراد ما تزوجت، أَو يقول الرجل
أَجنبت من أَهلي فيعرف أَن الجنابة إِنما تكون من الزوجة، فأَما أَن يبدأ
الرجل فيقول أَهلي ببلد كذا فأَنا أَزور أَهلي وأَنا كريم الأَهْل، فإِنما
يذهب الناس في هذا إِلى أَهل البيت، قال: وقال قائل آل محمد أَهل دين
محمد، قال: ومن ذهب إِلى هذا أَشبه أَن يقول قال الله لنوح: احمل فيها من
كل زوجين اثنين وأَهلك، وقال نوح: رب إِن ابني من أَهلي، فقال تبارك
وتعالى: إِنه ليس من أَهلك، أَي ليس من أَهل دينك؛ قال: والذي يُذْهَب إِليه
في معنى هذه الآية أَن معناه أَنه ليس من أَهلك الذين أَمرناك بحملهم معك،
فإِن قال قائل: وما دل على ذلك؟ قيل قول الله تعالى: وأَهلك إِلا من سبق
عليه القول، فأَعلمه أَنه أَمره بأَن يَحْمِل من أَهله من لم يسبق عليه
القول من أَهل المعاصي، ثم بيّن ذلك فقال: إِنه عمل غير صالح، قال: وذهب
ناس إِلى أَن آل محمد قرابته التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته، وإِذا
عُدَّ آل الرجل ولده الذين إِليه نَسَبُهم، ومن يُؤْويه بيته من زوجة أَو
مملوك أَو مَوْلى أَو أَحد ضَمَّه عياله وكان هذا في بعض قرابته من
قِبَل أَبيه دون قرابته من قِبَل أُمه، لم يجز أَن يستدل على ما أَراد الله
من هذا ثم رسوله إِلا بسنَّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما قال:
إِن الصدقة لا تحل لمحمد وآل محمد دل على أَن آل محمد هم الذين حرمت عليهم
الصدقة وعُوِّضوا منها الخُمس، وهي صَلِيبة بني هاشم وبني المطلب، وهم
الذين اصطفاهم الله من خلقه بعد نبيه، صلوات الله عليه وعليهم أَجمعين. وفي
الحديث: لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد؛ قال ابن الأَثير: واختلف في آل
النبي، صلى الله عليه وسلم، الذين لا تحل الصدقة لهم، فالأَكثر على أَنهم
أَهل بيته؛ قال الشافعي: دل هذا الحديث أَن آل محمد هم الذين حرمت عليهم
الصدقة وعوّضوا منها الخُمس، وقيل: آله أَصحابه ومن آمن به وهو في اللغة
يقع على الجميع. وقوله في الحديث: لقد أُعْطِي مِزْماراً من مزامير آل
داود، أَراد من مزامير داود نفسه. والآل: صلة زائدة. وآل الرجل أَيضاً:
أَتباعه؛ قال الأَعشى:
فكذَّبوها بما قالت، فَصَبَّحَهم
ذو آل حَسَّان يُزْجي السَّمَّ والسَّلَعا
يعني جَيْشَ تُبَّعٍ؛ ومنه قوله عز وجل: أَدخلوا آل فرعون أَشدَّ
العذاب.التهذيب: شمر قال أَبو عدنان قال لي من لا أُحْصِي من أَعراب قيس وتميم:
إِيلة الرجل بَنُو عَمِّه الأَدْنَوْن. وقال بعضهم: من أَطاف بالرجل
وحلّ معه من قرابته وعِتْرته فهو إِيلته؛ وقال العُكْلي: وهو من إِيلتنا أَي
من عِتْرَتنا. ابن بزرج: إِلَةُ الرجل الذين يَئِلُ إِليهم وهم أَهله
دُنيا. وهؤُلاء إِلَتُكَ وخم إِلَتي الذين وأَلْتُ إِليهم. قالوا: رددته
إِلى إِلته أَي إِلى أَصله؛ وأَنشد:
ولم يكن في إِلَتِي عوالا
يريد أَهل بيته، قال: وهذا من نوادره؛ قال أَبو منصور: أَما إِلَة الرجل
فهم أَهل بيته الذين يئل إِليهم أَي يلجأُ إِليهم. والآل: الشخص؛ وهو
معنى قول أَبي ذؤيب
يَمانِيَةٍ أَحْيا لها مَظَّ مائِدٍ
وآل قِراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
يعني ما حول هذا الموضع من النبات، وقد يجوز أَن يكون الآل الذي هو
الأَهل.
وآل الخَيْمة: عَمَدها. الجوهري: الآلة واحدة الآل والآلات وهي خشبات
تبنى عليها الخَيْمة؛ ومنه قول كثيِّر يصف ناقة ويشبه قوائمها بها:
وتُعْرَف إِن ضَلَّتْ، فتُهْدَى لِرَبِّها
لموضِع آلات من الطَّلْح أَربَع
والآلةُ: الشِّدَّة. والآلة: الأَداة، والجمع الآلات. والآلة: ما
اعْتَمَلْتَ به من الأَداة، يكون واحداً وجمعاً، وقيل: هو جمع لا واحد له من
لفظه. وقول علي، عليه السلام: تُسْتَعْمَل آلَةُ الدين في طلب الدنيا؛
إِنما يعني به العلم لأَن الدين إِنما يقوم بالعلم. والآلة: الحالة، والجمع
الآلُ. يقال: هو بآلة سوء؛ قال الراجز:
قد أَرْكَبُ الآلَةَ بعد الآله،
وأَتْرُك العاجِزَ بالجَدَالَه
والآلة: الجَنازة. والآلة: سرير الميت؛ هذه عن أَبي العَمَيْثَل؛ وبها
فسر قول كعب
بن زهير:
كُلُّ ابنِ أُنْثَى، وإِن طالَتْ سَلاَمَتُه،
يوماً على آلَةٍ حَدْباءَ محمول
التهذيب: آل فلان من فلان أَي وَأَل منه ونَجَا، وهي لغة الأَنصار،
يقولون: رجل آيل مكان وائل؛ وأَنشد بعضهم:
يَلُوذ بشُؤْبُوبٍ من الشمس فَوْقَها،
كما آل مِن حَرِّ النهار طَرِيدُ
وآل لحمُ الناقة إِذا ذَهَب فضَمُرت؛ قال الأَعْشَى:
أَذْلَلْتُهَا بعد المِرَا
ح، فآل من أَصلابها
أَي ذهب لحمُ صُلْبها.
والتأْويل: بَقْلة ثمرتها في قرون كقرون الكباش، وهي شَبِيهة بالقَفْعاء
ذات غِصَنَة وورق، وثمرتها يكرهها المال، وورقها يشبه ورق الآس وهيَ
طَيِّبة الريح، وهو من باب التَّنْبيت، واحدته تأْويلة. وروى المنذري عن
أَبي الهيثم قال: إِنما طعام فلان القفعاء والتأْويل، قال: والتأْويل نبت
يعتلفه الحمار، والقفعاء شجرة لها شوك، وإِنما يضرب هذا المثل للرجل إِذا
استبلد فهمه وشبه بالحمار في ضعف عقله. وقال أَبو سعيد. العرب تقول أَنت
في ضَحَائك
(* قوله «أنت في ضحائك» هكذا في الأصل، والذي في شرح القاموس:
أنت من الفحائل) بين القَفْعاء والتأْويل، وهما نَبْتَان محمودان من
مَرَاعي البهائم، فإِذا أَرادوا أَن ينسبوا الرجل إِلى أَنه بهيمة إِلا أَنه
مُخْصِب مُوَسَّع عليه ضربوا له هذا المثل؛ وأَنشد غيره لأَبي وَجْزَة
السعدي:
عَزْبُ المَراتع نَظَّارٌ أَطاعَ له،
من كل رَابِيَةٍ، مَكْرٌ وتأْويل
أَطاع له: نَبَت له كقولك أَطَاعَ له الوَرَاقُ، قال: ورأَيت في تفسيره
أَن التأْويل اسم بقلة تُولِعُ بقر الوحش، تنبت في الرمل؛ قال أَبو
منصور: والمَكْر والقَفْعاء قد عرفتهما ورأَيتهما، قال: وأَما التأْويل فإِني
ما سمعته إِلاَّ في شعر أَبي وجزة هذا وقد عرفه أَبو الهيثم وأَبو سعيد.
وأَوْل: موضع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَيا نَخْلَتَيْ أَوْلٍ، سَقَى الأَصْلَ مِنكما
مَفِيضُ الرُّبى، والمُدْجِناتُ ذُرَاكُما
وأُوال وأَوَالُ: قربة، وقيل اسم موضع مما يلي الشام؛ قال النابغة
الجعدي: أَنشده سيبويه:
مَلَكَ الخَوَرْنَقَ والسَّدِيرَ، ودَانَه
ما بَيْنَ حِمْيَرَ أَهلِها وأَوَال
صرفه للضرورة؛ وأَنشد ابن بري لأُنَيف
بن جَبَلة:
أَمَّا إِذا استقبلته فكأَنَّه
للعَيْنِ جِذْعٌ، من أَوال، مُشَذَّبُ
قلد: قَلَد الماءَ في الحَوْضِ واللبن في السقاء والسمْنَ في النِّحْي
يَقْلِدهُ قَلْداً: جمعه فيه؛ وكذلك قَلَد الشرابَ في بَطْنِه. والقَلْدُ:
جمع الماء في الشيء. يقال: قَلَدْتُ أَقْلِدُ قَلْداً أَي جمعت ماء إِلى
ماء. أَبو عمرو: هم يَتَقالَدون الماء ويتَفَارطُون ويَتَرَقَّطون
ويَتَهاجَرون ويتفارَصُونَ وكذلك يَترافَصُون أَي يتناوبون. وفي حديث عبد الله
بن عمرو: أَنه قال لِقَيِّمِه على الوهط: إِذا أَقَمْتَ قَِلْدَكَ من
الماء فاسقِ الأَقْرَبَ فالأَقرب؛ أَراد بِقِلْدِه يوم سَقْيِه ماله أَي
إِذا سقيت أَرْضَك فأَعْطِ من يليك. ابن الأَعرابي: قَلَدْتُ اللبن في
السقاء وقَرَيْتُه: جمعته فيه. أَبو زيد: قَلَدْتُ الماء في الحوض وقَلَدْت
اللبن في السقاء أَقْلِدُه قَلْداً إِذا قَدَحًْتَ بقدَحِكَ من الماء ثم
صَبَبْتَه في الحوض أَو في السقاء. وقَلَدَ من الشراب في جوفه إِذا شرب.
وأَقْلَدَ البحرُ على خلق كثير: ضمّ عليهم أَي غَرَّقهم، كأَنه أُغْلِقَ
عليهم وجعلهم في جوفه؛ قال أُمية بن أَبي الصلت:
تُسَبِّحُه النِّينانُ والبَحْرُ زاخِراً،
وما ضَمَّ مِنْ شيَءٍ، وما هُوَ مُقْلِدُ
ورجل مِقْلَدٌ: مَجْمَعٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جاني جَرادٍ في وعاء مِقْلَدَا
والمِقْلَدُ: عَصاً في رأْسها اعْوِجاجٌ يُقْلَدُ بها الكلأُ كما
يُقْتَلَدُ القَتُّ إِذا جُعِلَ حبالاً أَي يُفْتَلُ، والجمع المَقالِيدُ.
والمِقْلَدُ: المنْجَلُ يقطع به القتُّ؛ قال الأَعشى:
لَدَى ابنِ يزيدٍ أَو لَدَى ابن مُعَرِّفٍ،
يَقُتُّ لها طَوْراً، وطَوْراً بمِقْلَدِ
والمِقْلَدُ: مِفتاح كالمِنْجَلِ، وقيل: الإِقْليدُ مُعَرَّبٌ وأَصله
كِلِيذ. أَبو الهيثم: الإِقْلِيدُ المِفْتاحُ وهو المِقْلِيدُ. وفي حديث
قَتْلِ ابن أَبي الحُقَيْق: فقمت إِلى الأَقالِيدِ فأَخذْتُها؛ هي جمع
إِقْلِيد وهي المفاتِيحُ. ابن الأَعرابي: يقال للشيخ إِذا أَفْنَدَ: قد
قُلِّدَ حَبلَه فلا يُلْتَفَتِ إِلى رأْيه.
والقَلْدُ: دارَتُك قُلْباً على قُلْبٍ من الحُليِّ وكذلك لَيُّ
الحَديدةِ الدقيقة على مثلها. وقَلَدَ القُلْبَ على القُلْبِ يَقْلِدُه قَلْداً:
لواه وذلك الجَرِيدة إِذا رَقَّقَها ولواها على شيء. وكل ما لُوِيَ على
شيءٍ، فقد قُلِدَ. وسِوارٌ مَقْلودٌ، وهو ذو قُلْبَينِ مَلْوِيَّيْنِ.
والقَلْدُ: لَيُّ الشيءِ على الشيء؛ وسوارٌ مَقْلُودٌ وقَلْدٌ: مَلْوِيٌّ.
والقَلْدُ: السِّوارُ المَفْتُولُ من فضة. والإِقْلِيدُ: بُرَة الناقة
يُلْوَى طرفاها. والبرَةُ التي يُشَدُّ فيها زمام الناقة لها إِقليد، وهو
طَرَفها يُثْنى على طرفها الآخر ويُلْوَى لَياً حتى يَسْتَمْسِك.
والإِقْلِيدُ: المِفتاحُ، يمانية؛ وقال اللحياني: هو المفتاح ولم يعزها
إِلى اليمن؛ وقال تبَّعٌ حين حج البيت:
وأَقَمْنا به من الدَّهْر سَبْتاً،
وجَعَلْنا لِبابِهِ إِقْلِيدَا
سَبْتاً: دَهْراً ويروى ستاً أَي ست سنين. والمِقْلدُ والإِقْلادُ:
كالإِقْلِيدِ. والمِقْلادُ: الخِزانةُ. والمَقالِيدُ: الخَزائِنُ؛ وقَلَّدَ
فلانٌ فلاناً عَمَلاَ تَقْلِيداً. وقوله تعالى: له مقاليد السموات
والأَرض؛ يجوز أَن تكون المَفاتيحَ ومعناه له مفاتيح السموات والأَرض، ويجوز أَن
تكون الخزائن؛ قال الزجاج: معناه أَن كل شيء من السموات والأَرضِ فالله
خالقه وفاتح بابه؛ قال الأَصمعي: المقالِيدُ لا واحدَ لها. وقَلَدَ
الحبْلَ يَقْلِدُه قَلْداً: فَتلَه. وكلُّ قُوَّةٍ انْطَوَتْ من الحبْلِ على
قوّة، فهو قَلْدٌ، والجمع أَقْلادٌ وقُلُودٌ؛ قال ابن سيده: حكاه أَبو
حنيفة. وحَبْلٌ مَقْلُودٌ وقَلِيدٌ. والقَلِيدُ: الشَّريطُ، عَبْدِيَّة.
والإِقْلِيدُ: شَرِيطٌ يُشَدُّ به رأْس الجُلَّة. والإِقْلِيدُ: شيء
يطول مثل الخيط من الصُّفْر يُقْلَدُ على البُرَة وخَرْقِ القُرْط
(* قوله
«وخرق القرط» هو بالراء في الأَصل وفي القاموس وخوق بالواو، قال شارحه أي
حلقته وشنفه، وفي بعض النسخ بالراء.) ، وبعضهم يقول له القلاد يُقْلَدُ
أَي يُقَوّى.
والقِلادَة: ما جُعِل في العُنُق يكون للإِنسان والفرسِ والكلبِ
والبَدَنَةِ التي تُهْدَى ونحوِها؛ وقَلَّدْتُ المرأَةَ فَتَقَلَّدَتْ هي. قال
ابن الأَعرابي: قيل لأَعرابي: ما تقول في نساء بني فلان؟ قال: قلائِدُ
الخيل أَي هنَّ كِرامٌ ولا يُقَلَّدُ من الخيل بلا سابق كريم. وفي الحديث:
قَلِّدُوا الخيلَ ولا تُقَلِّدُوها الأَوتارَ أَي قَلِّدُوها طلبَ أَعداء
الدين والدفاعَ عن المسلمين، ولا تُقَلِّدُوها طلب أَوتارِ الجاهلية
وذُحُولها التي كانت بينكم، والأَوتار: جمع وِتر، بالكسر، وهو الدم وطلب
الثأْر، يريد اجعلوا ذلك لازماً لها في أَعناقها لُزومَ القلائد لِلأَعْناقِ؛
وقيل: أَراد بالأَوتار جمع وَتَرِ القَوْس أَي لا تجعلوا في أَعناقها
الأَوتار فتختَنِقَ لأَن الخيل ربما رعت الأَشجار فَنَشِبَتِ الأَوتارُ
ببعض شُعَبِها فَخَنَقَتْها؛ وقيل إِنما نهاهم عنها لأَنهم كانوا يعتقدون
أَن تقليد الخيل بالأَوتار يدفع عنها العين والأَذى فيكون كالعُوذةِ لها،
فنهاهم وأَعلمهم أَنها لا تدفع ضَرَراً ولا تَصْرِفُ حَذراً؛ قال ابن
سيده: وأَما قول الشاعر:
لَيْلى قَضِيبٌ تحتَه كَثِيبُ،
وفي القِلادِ رَشَأٌ رَبِيبُ
فإِما أَن يكون جَعَلَ قِلاداً من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا
بالهاء كتمرة وتمر، وإِما أَن يكون جمع فِعالَةً على فِعالٍ كَدِجاجَةٍ
ودِجاجٍ، فإِذا كان ذلك فالكسرة التي في الجمع غير الكسرة التي في الواحد،
والأَلف غير الأَلف. وقد قَلَّدَه قِلاداً وتَقَلَّدَها؛ ومنه التقلِيدُ في
الدين وتقليدُ الوُلاةِ الأَعمالَ، وتقليدُ البُدْنِ: أَن يُجْعَلَ في
عُنُقِها شِعارٌ يُعْلَمُ به أَنها هَدْي؛ قال الفرزدق:
حَلَفتُ بِرَبِّ مكةَ والمُصَلَّى،
وأَعْناقِ الهَديِّ مُقلَّداتِ
وقَلَّدَه الأَمرَ: أَلزَمه إِياه، وهو مَثَلٌ بذلك. التهذيب: وتقلِيدُ
البدَنَةِ أَن يُجْعَلَ في عنقها عُرْوةُ مَزادة أَو خَلَقُ نَعْل
فيُعْلم أَنها هدي؛ قال الله تعالى: ولا الهَدْيَ ولا القَلائِدَ؛ قال الزجاج:
كانوا يُقَلِّدُون الإِبل بِلِحاءِ شجر الحرم ويعتصمون بذلك من أَعدائهم،
وكان المشركون يفعلون ذلك، فأُمِرَ المسلمون بأَن لا يُحِلُّوا هذه
الأَشياء التي يتقرب بها المشركون إِلى الله ثم نسخ ذلك ما ذكر في الآية
بقوله تعالى: اقتلوا المشركين.
وتَقَلَّدَ الأَمرَ: احتمله، وكذلك تَقَلَّدَ السَّيْفَ؛ وقوله:
يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحَا
أَي وحاملاً رُمْحاً؛ قال: وهذا كقول الآخر:
عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارِدَا
أَي وسقيتها ماء بارداً.
ومُقَلَّدُ الرجل: موضع نِجاد السيف على مَنْكِبَيْه. والمُقَلَّدُ من
الخيل: السابِقُ يُقَلَّدُ شيئاً ليعرف أَنه قد سبق. والمُقَلَّدُ: موضع.
ومُقَلَّداتُ الشِّعْرِ: البَواقِي على الدَّهْرِ.
والإِقْلِيدُ: العُنُقُ، والجمع أَقْلاد، نادِر.
وناقة قَلْداءُ: طويلة العُنُق.
والقِلْدَة: القِشْدة وهي ثُفْلُ السمن وهي الكُدادَةُ. والقِلْدَةُ:
التمر والسوِيقُ يُخَلَّصُ به السمن. والقِلْدُ، بالكسر، من الحُمَّى: يومُ
إِتْيانِ الرِّبْع، وقيل: هو وقت الحُمَّى المعروفُ الذي لا يكاد
يُخْطِئُ، والجمع أَقلاد؛ ومنه سميت قَوافِلُ جُدَّة قِلْداً. ويقال: قَلَدتْه
الحُمَّى أَخَذَته كل يوم تَقْلِدُه قَلْداً.
الأَصمعي: القِلْدُ المَحْمومُ يومَ تأْتيه الرِّبْع. والقِلْدُ:
الحَظُّ من الماء. والقِلْدُ: سَقْيُ السماء. وقد قَلَدَتْنا وسقتنا السماء
قَلْداً في كل أُسْبوع أَي مَطَرَتْنا لوقت. وفي حديث عمر: أَنه استسقى قال:
فَقَلَدَتْنا السماء قَلْداً كل خمس عشْرةَ ليلة أَي مَطَرَتْنا لوقت
معلوم، مأْخوذ من قِلْدِ الحُمَّى وهو يومُ نَوْبَتِها. والقَِلْدُ:
السَّقْيُ. يقال: قَلَدْتُ الزرعَ إِذا سَقَيْتَه. قال الأَزهري: فالقَلْدُ
المصدر، والقِلْدُ الاسم، والقِلْدُ يومُ السَّقْيِ، وما بين القِلْدَيْنِ
ظِمْءٌ، وكذلك القِلْد يومُ وِرْدِ الحُمَّى. الفراء: يقال سقَى إِبِلَهُ
قلْداً وهو السقي كل يوم بمنزلة الظاهرة. ويقال: كيف قَلْد نخل بني فلان؟
فيقال: تَشْرَبُ في كل عشْرٍ مرة. ويقال: اقْلَوَّدَه النعاسُ إِذا غشيه
وغَلبه؛ قال الراجز:
والقومُ صَرْعَى مِن كَرًى مُقْلَوِّد
والقِلد: الرُّفْقَة من القوم وهي الجماعة منهم. وصَرَّحَتْ بِقِلندان
أَي بِجِدٍّ؛ عن اللحياني.
قال: وقُلُودِيَّةُ
(* وقوله «وقلودية» كذا ضبط بالأصل وفي معجم ياقوت
بفتحتين فسكون وياء مخففة.) من بلاد الجزيرة. الأَزهري: قال ابن
الأَعرابي: هي الخُنْعُبَةُ والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَةُ والوَهْدَةُ
والقَلْدَةُ والهَرْتَمَةُ والحَِثْرَمِة والعَرْتَمَةُ؛ قال الليث:
الخُنْعُبَةُ مَشَقُّ ما بين الشاربين بِحيال الوَتَرة.
ريط: الرَّيْطةُ: المُلاءَةُ إِذا كانت قِطْعةً واحدة ولم تكن
لِفْقَيْنِ، وقيل: الرَّيْطةُ كل مُلاءَة غير ذات لَفْقَينِ كلُّها نَسْجٌ واحد،
وقيل: هو كلُّ ثوبٍ لَيِّنٍ دقيقٍ، والجمع رَيْطٌ ورِياطٌ؛ قال:
لا مَهْلَ حتى تَلْحَقِي بعَنْسِ،
أَهْلِ الرِّياطِ البِيضِ والقَلَنْسِي
عَنْسُ: قَبيلة. قال الأَزهري: لا تكون الرَّيْطةُ إِلا بَيْضاء.
والرّائطةُ: كالرَّيْطةِ. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما: أُتِيَ برائطةٍ
يتَمَنْدَلُ بها بعد الطَّعامِ فطَرَحَها؛ قال سفيان: يعني بِمِنْدِيلٍ،
قال: وأَصحاب العربية يقولون رَيْطة. وفي حديث حذيفة: ابْتاعُوا لي
رَيْطَتَيْنِ نَقِيَّتَيْنِ، وفي رواية: أَنه أُتِيَ بكَفَنِه رَيْطَتَيْنِ،
فقال: الحَيُّ أَحْوجُ إِلى الجديد من الميت. وفي حديث أَبي سعيد في ذكر
الموت: ومع كل واحد منهم رَيْطةٌ مِن رِياطِ الجنةِ.
ورائطةُ: اسم امرأَة. وقال في التهذيب: ورَيْطةُ اسم للمرأَة، قال: ولا
يقال رائطةُ. ورَيْطات: اسم موضع؛ قال النابغة الجعدي:
تَحُلُّ بأَطْرافِ الوجافِ، ودارُها
حَويلٌ فَرَيْطاتٌ فَزَعْمٌ فأَخْرَبُ
(* قوله «تحل إلخ» كذا بالأصل ومثله شرح القاموس، وفي معجم ياقوت: وحاف
بالكسر وحاء مهملة وزعم براء مفتوحة فمهملة ساكنة موضعان.)
وراطَ الوحْشِيُّ بالأَكمةِ يَرِيطُ: لاذ، ويَرُوطُ أَعْلى، وهي حكاية
ابن دريد في الجمهرة، والأوُلى حكاها الفارسيّ عن أَبي زيد.
رتم: رَتَمَ الشيءَ يَرْتِمُهُ رَتْماً: كسره ودقه. وشيءٌ رتِيمٌ
ورَتْمٌ، على الصفة بالمصدر: مكسور، وخص اللحياني بالرَّتْم كسر الأَنف.
التهذيب: والرَّتْمُ والرَّثْمُ، بالتاء والثاء، واحد. وقد رَتَمَ أَنْفَه
ورَثَمَهُ: كسره. والرَّتْمُ: المَرْتوم. والرَّتْمُ: الدق والكسر. يقال:
رَتَمَ أَنفه رَتْماً؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍِ:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقَ الحَصَى،
مكانَ النَّبيِّ من الكائِبِ
وروي بيت أَوس بن حجر بالتاء والثاء ومعناهما واحد. وفي حديث أَبي
ذَرٍّ: في كل شيء صدقة حتى في بيانك عن الأَرْتَمِ؛ قال ابن الأَثير: كذا وقع
في الرواية، فإِن كان محفوظاً فلعله من قولهم رَتَمْتُ الشيء إِذا كسرته،
ويكون معناه معنى الأَرَتِّ الذي لا يُفْصح الكلام ولا يُفْهِمُه ولا
يُبِينُهُ، وإِن كان بالثاء المثلثة فسيأْتي ذكره. والرُّتامُ: المتكسر؛
قال عنترة:
أَلَسْتم تَغضبون إِذا رأَيتم
يميني وَعْثَةً، وفمي رُتاما؟
وَعْثة: متكسرة. والرَّتَمَةُ: الخيط يُعْقَدُ على الإِصبع والخاتم
للعلامة، وفي المحكم: خيط يعقد في الإِصبع للتَّذَكُّر، وفي الصحاح: خيط يشد
في الإِصبع لتُسْتذكر به الحاجةُ. وذكره الجوهري الرَّتْمة، ورأَيته في
باقي الأُصول الرَّتَمَةَ. قال ابن بري: قال علي بن حمزة الرَّتَمَةُ هي
الرَّتِيمة، بفتح التاء. وفي الحديث: النهي عن شدِّ الرَّتائِم؛ هي جمع
رَتِيمةٍ الخيط الذي يشد في الإِصبع لتستذكر به الحاجة، والجمع رَتَمٌ، وهي
الرَّتِيمة، وجمعها رَتائِم ورِتام. وأَرْتَمَه إِرْتاماً: عقد
الرَّتِيمة في إِصبعه يستذكره حاجته؛ وقال الشاعر:
إِذا لم تكن حاجاتُنا في نُفُوسِكُمْ،
فليس بمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَّتائم
وارْتَتَمَ بها وتَرَتَّمَ؛ وقول الشاعر:
هل يَنْفعَنْكَ اليوم، إِن هَمَّتْ بِهَمّْ،
كثرةُ ما تُوصي وتَعْقادُ الرَّتَمْ؟
قال ابن بري: الرَّتَمُ ههنا جمع رَتَمَةٍ وهي الرَّتِيمة، قال: وليس هو
النبات المعروف لأَن الرَّتائِم لا تَخُصُّ شجراً دون شجر، وقيل في قوله
وتَعْقادُ الرَّتَم قال: الرَّتِيمةُ أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد
سفراًشجرتين أَو غُصْنين يعقدهما غُصْناً على غصن ويقول: إِن كانت المرأَة
على العهد ولم تَخُنْهُ بقي هذا على حاله معقوداً وإِلاَّ فقد نقضت العهد،
وفي المحكم: فإِذا رجع فوجدهما على ما عقد قال قد وَفَتِ امرأَته، وإِذا
لم يجدهما على ما عقد قال قد نَكَثَتْ، وكذلك قال ابن السكيت في تفسير
البيت.
والرَّتَمُ، بفتح التاء: شجر، واحدته رَتَمَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الرَّتَمُ والرَّتِيمَةُ نبات من دِقِّ الشجر كأَنه من دقته يشبَّه
بالرَّتَمِ؛: قال الراجز:
نَظَرْتُ والعَيْنُ مُبِينَةُ التَّهَمْ
إِلى سَنا نارٍ، وَقُودُها الرَّتَمْ،
شُبَّتْ بأَعْلى عانِدَيْنِ من إِضَمْ
والرَّتَمُ: المَزادة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فتِلْكُ المَكارِمُ لا قِيلُكُمْ،
غَداةَ اللِّقاءِ، مَكَرَّ الرَّتَمْ
(* قوله: تلكُ بالبناء على الضمّ، لعله أراد تِلكُمُ المكارمُ فحذف
الميم محافظة على وزن الشعر وابقى البناء على الضم).
ابن الأَعرابي: الرَّتَمُ المَزادة المملوءة ماء. والرَّتْماءُ: الناقة
التي تحمل الرَّتَمَ، والرَّتَمُ: المحجَّةُ. والرتَم: الكلام الخفي.
وما رَتَمَ فلان بكلمة أَي ما تكلم بها. والرَّتَمُ: الحَياء التام.
والرَّتَمُ: ضرب من النبات. وما زِلْتُ
راتِماً على هذا الأَمر وراتِباً أَي مقيماً، وزعم يعقوب أَن ميمه بدل،
والمصدر الرتَمُ. ويَرْتُمٌ: جبل بأَرض بني سُلَيْمٍ؛ قال:
تَلَفَّعَ فيها يَرْتُمٌ وتَعَمَّما
رخم: أَرْخَمَتِ النَّعامة والدجاجة على بيضها ورَخَمَتْ عليه
ورَخَمَتْه تَرْخُمُهُ رَخْماً ورَخَماً، وهي مُرْخِمٌ وراخِمٌ ومُرْخِمَةٌ:
حَضَنَتْهُ، ورَخَّمَها أَهلُها: أَلزموها إِياه. وأَلقى عليه رَخْمَتَهُ أَي
محبته ومودته. ورَخَمَتِ المرأَةُ ولدها تَرْخُمُهُ وتَرْخَمُهُ رَخْماً:
لاعبته. وحكى اللحياني: رَخِمَه يَرْخَمُهُ رَخْمةً، وإِنه لراخِمٌ له.
وأَلْقت عليه رَخَمَها ورَخْمتها أَي عَطْفتها؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
مُدَلَّل يَشْتُمنا ونَرْخَمُهْ،
أَطْيَبُ شيءٍ نَسْمُهُ ومَلْثَمُهْ
واستعاره عمرو ذو الكلب للشاة فقال:
يا لَيْتَ شِعْري عنك، والأَمْرُ عَمَمْ،
ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ؟
صَبَّ لها في الريح مِرِّيخٌ أَشَمْ؟
فاجتال منها لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ،
حاشِكَةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَمْ
اجتال لَجْبةً: أَخذ عنزاً ذهب لبنها، وَرْهاء الرَّخَم: رِخْوة كأَنها
مجنونة. والرَّخْمَةُ أَيضاً: قريب من الرَّحْمَةِ؛ يقال: وقعتْ عليه
رَخْمته أَي محبته ولينُه ويقال رَخْمان ورَحْمان؛ قال جرير:
أَوَ تَتْركونَ إِلى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُمْ،
ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُم رَخْمانَ قُرْبانا
(* راجع البيت في مادة رحم)؟
ورَخِمَهُ رَخْمةً: لغة في رَحِمَهُ رَحْمةً؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّها أُمُّ ساجي الطَّرْفِ ، أَخْدَرَها
مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرخُومُ
قال الأَصمعي: مَرْخوم أُلْقِيَتْ عليه رَخْمة أُمه أَي حبها له
وأُلْفَتُها إِياه، وزعم أَبو زيد الأَنصاري أَن من أَهل اليمن من يقول
رَخِمْتُهُ رَخْمةً بمعنى رَحِمْتُهُ. ويقال: أَلْقى الله عليك رَخْمةَ فلان أَي
عطفه ورقته. قال اللحياني: وسمعت أَعرابيّاً يقول: هو راخِمٌ له. وفي
نوادر الأَعراب: مَرَةٌ تَرَخَّم صَبيَّها
(* قوله «ترخم صبيها إلخ» كذا ضبط
في نسخة من التهذيب). وعلى صبيها وتَرْخَمُهُ وتَرَبَّخُهُ وتَرَبَّخُ
عليه إِذا رَحِمَتْهُ. وارْتَخَمَتِ الناقة فصيلها إِذا رئِمَتْهُ.
والرَّخَمُ: المحبة، يقال: رَخِمَتْهُ أَي عطفتْ عليه. ورخمَتْ بي الغُرُبُ أَي
صاحتْ؛ قال أَبو منصور: ومنه قوله:
مستودَعٌ خَمَرَ الوَعْساءِ، مَرْخُومُ
والرَّخَمُ: الإشفاق.
والرَّخِيم: الحَسَنُ
الكلام. والرَّخامةُ: لين في المَنْطِق حسن في النساء. ورَخَمَ الكلامُ
والصوتُ ورَخُمَ رَخامةً، فهو رَخِيمٌ: لانَ وسَهُلَ. وفي حديث مالك بن
دينار: بلغنا أَن الله تبارك وتعالى يقول لداود يوم القيامة: يا داود،
مَجِّدْني بذلك الصوت الحسنِ الرَّخِيمِ؛ هو الرقيق الشَّجِيُّ الطيبُ
النَّغْمة. وكلام رَخِيمٌ أَي رقيق. ورَخُمَتِ الجارية رَخامَةً، فهي رَخيمة
الصوت ورَخِيمٌ إِذا كانت سهلة المنطق؛ قال قَيْسُ بن ذريح:
رَبْعاً لواضِحةِ الجَبين غريرةٍ،
كالشمسِ إِذْ طلعت، رَخِيمِ المَنْطِقِ
وقد رَخُمَ كلامُها وصوتها، وكذلك رَخَمَ. يقال: هي رخيمة الصوت أَي
مَرْخومةُ الصوتِ، يقال ذلك للمرأَة والخِشْفِ.
والتَّرْخِيمُ: التليين؛ ومنه الترخيمُ في الأَسماء لأَنهم إِنما يحذفون
أَواخرها ليُسَهِّلُوا النطق بها، وقيل: التَّرْخيم الحذف؛ ومنه تَرْخيم
الاسم في النداء، وهو أَن يحذف من آخره حرف أَو أَكثر، كقولك إِذا ناديت
حَرِثاً: يا حَرِ، ومالِكاً: يا مالِ، سمي تَرْخيماً لتليين المنادي
صوته بحذف الحرف؛ قال الأَصمعي: أَخَذَ عني الخليل معنى الترْخِيم وذلك أَنه
لقيني فقال لي: ما تُسمي العرب السَّهْل من الكلام؟ فقلت له: العرب تقول
جارية رَخِيمةٌ إِذا كانت سَهْلَةَ المَنْطِقِ؛ فعمل باب التَّرْخيم على
هذا.
والرُّخامُ: حجر أَبيض سهل رِخْوٌ.
والرُّخْمَةُ: بياض في رأْس الشاة وغُبْرَةٌ في وجهها وسائرها أَيّ لون
كان، يقال: شاة رَخْماءُ، ويقال: شاة رَخْماءُ إِذا ابيضَّ رأْسها
واسودَّ سائر جسدها، وكذلك المُخَمَّرة، ولا تقل مُرَخَّمَة. وفرس
أَرْخَمُ.والرُّخامى: ضَرب من الخِلْفة؛ قال أَبو حنيفة: هي غبراء الخُضْرةِ لها
زَهْرة بيضاء نَقِيَّةٌ، ولها
عِرْقٌ أبيض تحفره الحُمُرُ بحوافرها، والوحش كله يأْكل ذلك العِرْقَ
لحلاوته وطيبه، قال: قال بعض الرُّواةِ تنبت في الرمل وهي من الجَنْبَةِ؛
قال عَبِيد:
أو شَبَبٌ يَحْفِرُ الرُّخامى
تَلُفُّهُ شَمْأَلٌ هَبُوبُ
(* في قصيدة عبيد: يرتعي بد يحفر).
والرُّخاءُ: الريح اللينة، وهي الرُّخامى أيضاً. والرُّخامى: نبت
تَجذُبه السائمة، وهي بَقْلة غبراء تضرب إلى البياض، وهي حلوة لها أصل أبيض
كأنه العُنْقُرُ، إذا انْتُزِعَ حَلَب لبناً، وقيل: هو شجر مثل الضَّالِ؛
قال الكميت:
تَعاطى فِراخَ المَكْرِ طَوْراً، وتارةً
تُثِيرُ رُخاماها وتَعْلَقُ ضالَها
وقال امرؤ القيس في الرُّخامى، وهو نبت، يصف فرساً:
إذا نَحْنُ قُدْناه تَأَوَّدَ مَتْنُهُ،
كعِرق الرُّخامى اللَّدْنِ في الهَطَلانِ
وقال مُضَرِّسٌ:
أُصُولُ الرُّخامى لا يُفَزَّعُ طائِرُه.
والرُّخامَةُ، بالهاء: نبت؛ حكاه أبو حنيفة.
ابن الأَعرابي: والرَّخَمُ اللبن الغليظ، وقال في موضع آخر: الرُّخُمُ
كُتَلُ اللِّبإِ.
والرَّخَمَةُ: طائر أبقع على شكل النَّسْر خِلْقةً إلا أنه مُبَقَّعٌ
بسواد وبياض يقال له الأَنُوقُ، والجمع رَخَمٌ ورُخْمٌ؛ قال الهذلي:
فلَعَمْرُ جَدِّك ذي العَواقِب حَتْـ
ـتى انْتَ عند جوالِبِ الرُّخْمِ
ولعَمْرُ عَرْفِكَ ذي الصُّماحِ، كما
عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
وخصَّ اللحياني بالرَّخَمِ الكثير؛ قال ابن سيده: ولا أدري كيف هذا
إلاَّ أن يعني الجنس؛ قال الأعشى:
يا رُخَماً قاظَ على مَطْلُوبِ،
يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ
وفي حديث الشعبي: وذكر الرافضة فقال لو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً؛
الرَّخَمُ: نوع من الطير، واحدته رَخَمةٌ، وهو موصوف بالغَدْر والمُوقِ،
وقيل بالقَذَر؛ ومنه قولهم: رَخِمَ السّقاءُ إذا أنْتن.
واليَرْخُوم: ذكر الرَّخَمِ؛ عن كراع.
وما أَدري أيُّ تُرْخَمٍ هو، وقد تضم الخاء مع التاء، وقد تفتح التاء
وتضم الخاء، أي أيُّ الناس هو، مثل جُنْدَبٍ وجُنْدُبٍ وطُحْلَبٍ وطُحْلُبٍ
وعُنْصَرٍ وعُنصُرٍ؛ قال ابن بري: تُرْخُمٌ تُفْعُلٌ مثل تُرْتُبٍ،
وتُرْخَمٌ مثل تُرْتَبٍ.
ورَخْمانُ: موضع. ورَخْمانُ: اسم غارٍ ببلاد هُذَيلٍ فيه رُمِي تأبَّطَ
شرّاً بعد قتله؛ قالت أُخته ترثيه
(* قوله «اخته ترثيه» كذا في الأصل،
والذي في التكملة للصاغاني ومعجم ياقوت: أمه).
نِعْمَ الفتى غادَرْتُمُ بِرَخْمانْ،
بثابِتِ بن جابِرِ بن سُفْيانْ،
مَنْ يَقتل القِرن ويَرْوي النَّدْمانْ
وفي الحديث ذكر شِعْب الرَّخَمِ بمكة، شرفها الله تعالى. وتُرْخُمٌ: حيّ
من حِمْيَر؛ قال الأَعشى:
عَجِبتُ لآلِ الحُرْقَتَينِ، كأنَّما
رَأَوْني نَقِيّاً من إيادٍ وتُرْخُمِ
ورُخامٌ: موضع؛ قال لبيد:
بمَشارِقِ الجَبَلَيْنِ، أو بمُحَجَّرٍ،
فتَضَمَّنَتْها فَرْدَةٌ فَرُخامُها
كسس: الكسَسُ: أَن يقصُر الحنَك الأَعْلى عن الأَسفل. والكَسَسُ أَيضاً:
قِصَرُ الأَسنان وصِغَرُها، وقيل: هو خروج الأَسنان السُّفلى مع الحنَك
الأَسفل وتَقاعُس الحنَك الأَعلى. كَسَّ يَكَسُّ كَساً، وهو أَكَسُّ،
وامرأَة كَسَّاء؛ قال الشاعر:
إِذا ما حالَ كُسُّ القوم رُوقا
حال بمعنى تحوّل. وقيل: الكَسَسُ أَن يكون الحنَك الأَعلى أَقصر من
الأَسفل فتكون الثَّنِيتان العُلْيَيان وراء السُّفْلَيَيْن من داخل الفم،
وقال: ليس من قصر الأَسنان.
والتَّكَسُّس: تَكَلُّفُ الكَسَسِ من غير خِلْقة، واليَلَلُ أَشد من
الكَسَس، وقد يكون الكَسَسُ في الحوافر. وكَسَّ الشيء يَكُسُّه كَسّاً:
دَقَّه دَقّاً شديداً.
والكَسِيس: لَحْم يُجَفَّف على الحجارة ثم يُدَّقُّ كالسَّوِيق
يُتَزوَّد في الأَسفار. وخبز كَسِيسٌ ومَكْسُوس ومُكَسْكَسٌ: مكْسُور. والكَسيس:
من أَسماء الخمر. قال: وهي القِنْديد، وقيل: الكَسِيسُ نَبيذ التمر.
والكَسِيسُ: السُّكَّرُ؛ قال أَبو الهندي:
فإِنَّ تُسْقَ من أَعْناب وَجٍّ، فإِنَّنا
لَنا العَيْن تَجْري من كَسِيسٍ ومن خَمْرِ
وقال أَبو حنيفة: الكَسِيس شراب يتخذ من الذُّرَة والشعير.
والكَسْكاسُ: الرجل القصير الغليظ؛ وأَنشد:
حيث تَرى الحَفْيْتَأَ الكَسْكاسا،
يَلْتَبِسُ المَوْت به الْتِباسا
وكَسْكَسَة هوازِن: هو أَن يَزيدُوا بعد كاف المؤنث سيناً فيقولوا:
أَعْطَيْتُكِسُ ومِنْكِس، وهذا في الوقف دون الوصل. الأَزهري: الكَسْكَسَة
لغة من لغات العرب تقارِب الكَشْكَشَة. وفي حديث معاوية: تَياسَروا عن
كَسْكَسَة بكر، يعني إِبدالهم السين من كاف الخطاب، تقول: أَبُوسَ وأُمُّسَ
أَي أَبوكَ وأُمُّك، وقيل: هو خاصٌّ بمخاطبة المؤنث، ومنهم من يَدَعُ
الكاف بحالها ويزيد بعدها سيناً في الوقف فيقول: مررت بِكِسْ أَي بكِ،
واللَّه أَعلم.