لذا: الَّذِي: اسم مبهم، وهو مبنيٌّ معرفة ولا يتم إِلاَّ بصلة، وأَصله
لَذِي فأُدخل عليه الأَلف واللام، قال: ولا يجوز أَن يُنْزَعا منه. ابن
سيده: الَّذِي من الأَسماء الموصولة ليتوصل بها إِلى وصف المعارف بالجمل،
وفيه لغات: الَّذِي، والَّذِ بكسر الذال، والَّذْ بإِسكانها، والَّذِيّ
بتشديد الياء؛ قال:
وليسَ المالُ، فاعْلَمْه، بمالٍ
من الأَقْوامِ إِلاَّ للَّذِيّ
يُرِيدُ به العَلاءَ ويَمْتَهِنْه
لأَقْرَبِ أَقْرَبِيه، وللقَصِيّ
والتثنية اللَّذانِّ، بتشديد النون، واللَّذانِ النون عوض من ياء الذي،
واللَّذا، بحذف النون، فَعَلى ذلك قال الأَخطل:
أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا
قَتَلا الملُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا
قال سيبويه: أَراد اللَّذانِ فحذف النون ضرورة. قال ابن جني: الأَسماء
الموصولة نحو الذي والتي لا يصح تثنية شيء منها من قِبَل أَن التثنية لا
تَلحق إِلا النكرة، فما لا يجوز تنكيره فهو بأَن لا تصح تثنيته أَجدر،
فالأَسماء الموصولة لا يجوز أَن تنكر فلا يجوز أَن يثنى شيء منها، أَلا
تراها بعد التثنية على حدّ ما كانت عليه قبل التثنية، وذلك قولك ضربت اللذين
قاما، إِنما يتعرَّفان بالصلة كما يتعرَّف بها الواحد في قولك ضربت الذي
قام، والأَمر في هذه الأَشياء بعد التثنية هو الأَمر فيها قبل التثنية،
وهذه أَسماء لا تنكر أَبداً لأَنها كِنايات وجارية مَجرى المضمرة، فإِنما
هي أَسماء لا تنكر أَبداً مصوغة للتثنية، وليس كذلك سائر الأَسماء
المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا ترى أَن تعريف زيد وعمرو إِنما هو بالوضع
والعلمية؟ فإِذا ثنيتهما تنكرا فقلت رأَيت زَيْدَيْنِ كَرِيمين، وعندي عَمْران
عاقلان، فإِن آثرت التعليم بالإِضافة أَو باللام قلت الزيدانِ والعَمْران
وزَيْداك وعَمْراك، فقد تعرَّفا بعد التثنية من غير وجه تَعْرّفهما قبلها،
ولَحِقا بالأَجناس وفارقا ما كانا عليه من تعريف العلمية والوضع، فإِذا
صح ذلك فينبغي أَن تعلم أَن اللذان واللتان وما أَشبههما إِنما هي أَسماء
موضوعة للتثنية مخترعة لها، وليست تثنية الواحد على حد زيد وزيدان، إِلا
أَنها صيغت على صورة ما هو مثنى على الحقيقة فقيل اللذانِ واللتانِ
واللَّذَيْنِ واللَّتَيْنِ لئلا تختلف التثنية، وذلك أَنهم يحافظون عليها ما
لا يحافظون على الجمع، وهذا القول كله مذكور في ذا وذي، وفي الجمع هم
الَّذِينَ فَعَلُوا ذاك واللَّذُو فعلوا ذاك، قال: أَكثر هذه عن اللحياني؛
وأَنشد في الذي يعني به الجمع للأَشهب بن رُميلة:
وإِنَّ الَّذِي حانَت بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ
هُمُ القَوْم كلُّ القَوْمِ، يا أُمَّ خالِدِ
وقيل: إِنما أَراد الذين فحذف النون تخفيفاً؛ الجوهري: في جمعه لغتان
الذين في الرفع والنصب والجر، والذي بحذف النون، وأَنشد بيت الأَشهب بن
رميلة، قال: ومنهم من يقول في الرفع اللَّذُون، قال: وزعم بعضهم أَن أَصله
ذا لأَنك تقول ماذا رأَيْتَ بمعنى ما الذي رأَيت، قال: وهذا بعيد لأَن
الكلمة ثلاثية ولا يجوز أَن يكون أَصلها حرفاً واحداً، وتصغير الَّذِي
اللُّذَيَّا واللِّذَيَّا، بالفتح والتشديد، فإِذا ثَنَّيْت المصغر أَو جمعته
حذفت الأَلف فقلت اللَّذَيَّانِ واللَّذَيُّونَ، وإِذا سميت بها قلت
لَذٍ، ومن قال الحرث والعباس أَثبت الصلة في التسمية مع اللام فقال هو الذي
فعل، والأَلف واللام في الذي زائدة، وكذلك في التثنية والجمع، وإِنما
هنَّ متعرّفات بصلاتهن وهما لازمتان لا يمكن حذفهما، فرب زائد يلزم فلا يجوز
حذفه، ويدل على زيادتهما وجودك أَسماء موصولة مِثلَها معرَّاة من الأَلف
واللام وهي مع ذلك معرفة، وتلك الأَسماء مَن وما وأَيّ في نحو قولك:
ضربت مَن عندك، وأَكلت ما أَصعمتني، ولأَضربن أَيُّهم قام، فتعرّفُ هذه
الأَسماء التي هي أَخوات الذي والتي بغير لام وحصول ذلك لها بما تبعها من
صلاتها دون اللام يدل على أَن الذي إِنما تعرّفه بصلته دون اللام التي هي
فيه، وأَن اللام فيه زائدة؛ وقول الشاعر:
فإِنْ أَدَعِ اللَّواتي مِنْ أُناسٍ
أَضاعُوهُنَّ، لا أَدَعِ الَّذِينا
فإِنما تركه بلا صلة لأَنه جعله مجهولاً.
ابن سيده: اللَّذْوَى اللَّذّةُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها
ذكرت الدنيا فقالت: قد مَضَتْ لَذْواها وبَقِيَتْ بَلْواها أَي
لَذَّتُها، وهي فَعْلى من اللذة، فقلبت إِحدى الذالين ياء كالتَّقَضِّي
والتَّظَنِّي؛ قال ابن الأَعرابي: اللَّذْوَى واللَّذَّة واللَّذاذةُ كله الأَكل
والشرب بنَعْمة وكِفاية، كأَنها أَرادت بذهاب لَذْواها حياةَ النبيّ،صلى
الله عليه وسلم، وبالبَلْوَى ما امْتُحِن به أُمته من الخِلاف والقِتال على
الدنيا وما حدث بعده من المحن. قال ابن سيده: وأَقول إِن اللَّذْوَى،
وإِن كان معناه اللَّذة واللَّذاذة، فليس من مادة لفظه وإِنما هو من باب
سيَطرْ ولأْآلٍ وما أَشبهه، اللهم إِلا أَن يكون اعتقد البدل للتضعيف كباب
تَقَضَّيْت وتَظَنَّيْت، فاعتقد في لَذِذتُ لَذِيتُ كما تقول في
حَسِسْتُ حَسِيتُ فيُبنى منه مثال فَعْلى اماً فتنقلب ياؤه واواً انقلابها في
تَقْوى ورَعْوى، فالمادة إِذاً واحدة.