قرس: القَرْسُ والقِرْسُ: أَبْرَدُ الصَّقيع وأَكثره وأَشدُّ البَرْدِ؛
قال أَوس بن حَجَر:
أَجاعِلَةً أُمَّ الحُصَيْنِ خَزايَةً
عَلَيَّ فِرارِي أَن عَرَفْتُ بني عَبْس
ورَهْطَ أَبي شَهْمٍ وعَمْرَو بنَ عامِرٍ
وبَكْراً فجاشَتْ من لقائِهمْ نَفْسي
مَطاعِينُ في الهَيْجا، مَطاعيمُ للْقِرَى،
إِذا اصْفَرَّ آفاقُ السماء من القَرْسِ
المَطاعين: جمع مِطْعانٍ للكثير الطَعْن، ومَطاعيمُ: جمع مِطْعام للكثير
الإِطعام. والقِرَى: الضيافة. والآفاق: النواحي، واحدها أُفُق. وأُفُقُ
السماء: ناحيتها المتصلة بالأَرض؛ قال عبد اللَّه بن المُكَرَّم: قوله
المتصلة بالأَرض كلام لا يصح فإِنه لا شيء من السماء مُتَّصل بالأَرض، وفي
هذا كلام ليس هذا موضعه.
وقَرَسَ الماءَ يَقْرِسُ قَرْساً، فهو قَرِيسٌ: جَمَدَ. وقَرَّسْناه
وأَقْرَسْناه: بَرَّدْناه. ويقال: قَرَّسْت الماء في الشَّنِّ إِذا
بَرَّدْته، وأَصبح الماء اليوم قَرِيساً وقارساً أَي جامداً؛ ومنه قيل: سمك
قَرِيسٌ وهو أَن يُطْبخ ثم يُتَّخذ له صِباغ فَيُتْرَك فيه حتى يَجْمُد. ويوم
قارسٌ: بارد. وفي الحديث: أَن قوماً مَرُّوا بشَجَرَة فأَكلوا منها
فكأَنما مرَّت بِهمْ رِيح فأَخْمَدَتْهم فقال النبي، صلى اللَّه عليه وسلم:
قَرِّسُوا الماءَ في الشِّنانِ وصُبُّوه عليهم فيما بين الأَذَانَيْنِ؛
أَبو عبيد: يعني بَرّدُوه في الأَسْقِيَة، وفيه لغتان: القَرْس والقَرْش،
قال: وهذا بالسين. وأَما حديثه الآخر: أَنَّ امْرَأَة سأَلتْه عن دَمِ
المَحيص فقال: قَرِّصِيه بالماء، فإِنه بالصاد، يقول: قَطِّعِيه، وكل
مُقَطَّع مُقَرَّص. ومنه تقريص العجين إِذا شُنِّقَ لِيُبْسَطَ. وقَرَس الرجل
قَرْساً: بَرَدَ، وأَقْرَسَه البَرْدُ وقَرَّسَه تَقْريساً. والبَرْدُ
اليَوْمَ قارِس وقَرِيس، ولا تقل قارصٌ؛ قال العجاج:
تَقْذِفُنا بالقَرْسِ بعدَ القَرْسِ،
دُونَ ظِهارِ اللِّبْسِ بعد اللِّبْسِ
قال: وقد قَرَسَ المَقْرُور إِذا لم يستطع عملاً بيده من شدة الخَصَر.
وإِنَّ لَيْلَتَنا لقارِسَةٌ، وإِنَّ يَوْمَنا لقارسٌ. ابن السِّكِّيت: هو
القِرْقِس الذي تقوله العامَّة الجِرْجِس. وليست ذات قَرْسٍ أَي بَرْد.
وقَرَسَ البَرْدُ يَقْرِس قَرْساً: اشتدّ، وفيه لغة أُخرى قَرِسَ
قَرَساً؛ قال أَبو زيد الطائي:
وقد تَصلَّيْتُ حَرَّ حَرْبهِم،
كما تَصلَّى المَقْرُورُ من قَرَسِ
وقال ابن السكيت: القَرَسُ الجامِد ولم يعرفه أَبو الغيث
(* قوله «ولم
يعرفه أبو الغيث» هكذا في الأصل وشرح القاموس بالياء، والذي في الصحاح: ولم
يعرفه أَبو الغوث، بالواو.). ابن الأَعرابي: القَرَسُ الجامِد من كل
شيء. والقِرْسُ: هو القِرقِس. والقَرِيس من الطعام: مشتق من القَرَس
الجامِد، قال؛ وإِنما سمي القريس قريساً لأَنه يجمُد فيصير ليس بالجامِس ولا
الذائب، يقال قَرَسْنا قَرِيساً وتركناه حتى أَقْرَسَه البَرْد. ويقال:
أَقْرَسَ العُود إِذا جَمَس ماؤه فيه. وفي المحكم: أَقْرَس العُود حُبِس فيه
ماؤه. وقَراسٌ: هَضِبات شديدة البَرْد في بلاد أَزْد السَّراة؛ قال أَبو
ذؤيب يصف عسلاً:
يَمانِيةٍ، أَحْيا لها مَظَّ مائِدٍ
وآلِ قَرَاسٍ صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
ورواه أَبو حنيفة قُرَّاس، بضم القاف، ويروى: صَوْبُ أَسقِية كحل، وهما
بمعنى واحد. ويقال: مائد وقَرَاس جبَلان باليمن؛ ويمانية خفض على قوله:
فجاءَ بِمَزْجٍ لم يرَ الناسُ مِثْلَه
(* قوله «فجاء بمزج إلخ» تمام البيت كما في الصحاح وشرح القاموس: هو
الضحك الا أَنه عمل النحل.)
والمَظُّ: الرُّمَّان البَرِّي. الأَصمعي: آلُ قُرَاس هَضَبات بناحية
السَّراة كأَنهن سُمِّين آل قُراس لبَرْدِها. قال الأَزهري: رواه أَبو حام
بفتح القاف وتخفيف الراء. قال: ويقال أَصبح الماء قَريساً أَي جامداً،
ومنه سمي قَرِيس السَّمك. قال أَبو سعيد الضرير: آل قُراس أَجْبُل بارِجة.
والقُرَاس والقُراسِيَة: الضَّخْم الشديد من الإِبل وغيرها، الذكر
والأُنثى، بضم القاف، في ذلك سواء، والياء زائدة كما زِيدَتْ في رَباعِية
وثمانية؛ قال الراجز:
لما تَضَمَّنْتُ الحَوَارِياتِ،
قَرَّبْتُ أَجْمالاَ قُرَاسِيَاتِ
وهي في الفحول أَعمُّ، وليست القُراسِية نِسْبة إِنما هو بناء على
فُعاليَة وهذه ياءات تُزاد؛ قال جرير:
يَلِي بني سعْدٍ، إِذا ما حاربُوا،
عِزُّ قُراسِيَة وجَدٌّ مِدْفَعُ
وقال ذو الرمة:
وفَجّ، أَبَى أَن يَسْلُك الغُفْرُ بيته،
سَلَكْتُ قُرَانَى من قُرَاسِية شمْرِ
وقال العجَّاج:
من مُضَرَ القُراسِيات الشُّمِّ
يعني بالقُراسِيات الضّخام الهامِ من الإِبل، ضرَبها مثلاً للرجال، وملك
قُراسِية: جليل.
والقَرْس: شجر. وقُرَيسات: اسم؛ قال سيبويه: وتقول هذه قُرَيْسات كما
تراها، شبَّهُوها بهاء التأْنيث لأَنَّ هذه الهاء تجيء للتأْنيث ولا تلحق
بنات الثلاثة بالأَربعة ولا الأَربعة بالخمسة.