غسق: غَسَقَتْ عينه تَغْسِقُ غَسْقاً وغَسَقاناً: دمعت، وقيل: انصبَّت،
وقيل: أَظلمت. والغَسَقان: الانصباب. وغَسَق اللبنُ غَسْقاً: انصب من
الضَّرْع. وغَسَقت السماء تَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً: انصبَّت وأَرَشَّتْ؛
ومنه قول عمر، رضي الله عنه: حين غَسَق الليل على الظِّراب أي انصب الليل
على الجبال. وغَسَق الجرحُ غَسْقاً وغَسَقاناً أي سال منه ماء أَصفر؛
وأَنشد شمر في الغاسق بمعنى السائل:
أَبْكِي لفَقْدِهُم بعَينٍ ثَرَّة،
تَجْري مَساربُها بعينٍ غاسِق
أي سائل وليس من الظلمة في شيء. أَبو زيد: غَسَقت العين تَغْسِق
غَسْقاً، وهو هَمَلان العين بالعَمَش
والماء. وغَسَق الليل يَغْسِق غَسْقاً وغَسَقاناً وأَغْسَقَ؛ عن ثعلب:
انصبّ وأَظلم؛ ومنه قول ابن الرُّقَيّات:
إن هذا الليل قد غَسَقا،
واشْتَكَيْتُ الهَمَّ والأَرَقا
قال: ومنه حديث عمر حين غَسق الليل على الظُِّراب؛ وغَسَقُ الليل:
ظلمته، وقيل أَول ظلمته، وقيل غَسَقُه إذا غاب الشِّفَقُ. وأَغسَقَ المؤذِّن
أي أَخَّر المغرب إلى غَسَق الليل. وفي حديث الربيع بن خثيم: أنه قال
لمؤذنه يوم الغيم أَغْسِقْ أَغْسِق أَي أَخِّر المغرب حتى يَغْسِق الليل، وهو
إظلامه، لم نسمع ذلك في غير هذا الحديث. وقال الفراء في قوله تعالى: إلى
غَسَقِ الليل، هو أَول ظلمته، الأخفش: غَسَقُ الليل ظلمته.
وقوله تعالى: ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ؛ قيل: الغاسِقُ هذا الليل إذا
دخل في كل شيء، وقيل القمر إذا دخل في ساهورِه، وقيل إذا خَسَفَ. ابن
قتيبة: الغاسِقُ القمر سمي به لأنه يُكْسَفُ فيَغْسِقُ أي يذهب ضوءُه ويسودّ
ويُظلم. غَسَقَ يَغْسِقُ غُسوقاً إذا أَظلم. قال ثعلب: وفي الحديث أن
عائشة، رضي الله عنها، قالت: أَخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيدي لما
طلع القمر ونظر إليه فقال: هذا الغاسِقُ إذا وَقَبَ فتعوَّذي بالله من شره
أي من شره إذا كُسِفَ. وروي عن أَبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، في قوله ومن شر غاسِقٍ إذا وَقَبَ، قال: الثُّرَيّا؛ وقال الزجاج: يعني
به الليل، وقيل لِلَّيل غاسِقٌ، والله أعلم، لأنه أَبرد من النهار.
والغاسِق: البارد. غيره: غَسَقُ الليل حين يُطَخْطِخُ بين العشاءين. ابن
شميل: غَسَقُ الليل دخول أَوَّله؛ يقال: أَتيته حين غَسَق الليل أي حين يختلط
ويعتكر ويسدّ المَناظرَ، يغْسِقُ غَسْقاً. وفي الحديث: فجاء رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، بعدما أَغْسَقَ أي دخل في الغَسَق وهي ظلمة الليل.
وفي حديث أبي بكر: أَنه أَمر عامر بن فُهَيْرة وهما في الغار أَن يُرَوِّح
عليهما غنمه مُغْسِقاً. وفي حديث عمر: لا تفطروا حتى يَغْسِق الليل على
الظِّراب أي حتى يغشى الليل بظلمته الجبال الصغار. والغاسِقُ: الليل؛ إذا
غاب الشفق أَقبل الغَسَقُ. وروي عن الحسن أَنه قال: الغاسِقُ أَول
الليل. والغَسَّاقُ: كالغاسِقِ وكلاهما صفة غالبة؛ وقول أبي صخر الهذلي:
هِجانٌ فَلا في الكَوْنِ شَامٌ يَشِينُهُ،
ولا مَهَقٌ يَغْشى الغَسِيقاتِ مُغْرَبُ
قال السكري: الغَسِيقاتُ الشديدات الحمرة. والغَسَّاق: ما يَغْسِقُ
ويسيل من جلود أَهل النار وصديدهم من قيح ونحوه.
وفي التنزيل: هذا فليذوقوه حَميم وغَساقٌ، وقد قرأَه أَبو عمرو
بالتخفيف، وقرأَه الكسائي بالتشديد، ثقلها يحيى بن وَثَّاب وعامة أَصحاب عبد
الله، وخففها الناس بعد، واختار أَبو حاتم غَساق، بتخفيف السين، وقرأَ حفص
وحمزة والكسائي وغَسَّاق مشدَّدة، ومثله في عَمَّ يتساءلون، وقرأَ الباقون
وغَسَاقاً، خفيفاً في السورتين، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أَنهما قرآ
غَسّاق، وبالتشديد، وفسَّراه الزَّمْهَرِير. وفي الحديث عن أبي سعيد عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لو أن دَلْواً من غَساق يُهَراقُ في
الدنيا لأَنْتَنَ أَهل الدنيا؛ الغَساق، بالتخفيف والتشديد: ما يسيل من
صَدِيد أَهل النا وغُسالتهم، وقيل: ما يسيل من دموعهم، وقيل: الغَسَاق
والغَسَّاق المنتن البارد الشديد البرد الذي يُحْرِقُ من برده كإحراق الحميم،
وقيل: البارد فقط؛ قال الفراء: رُفِعَت الحَمِيمُ والغَسَّاقُ بهذا
مقدَّماً ومؤخراً، والمعنى هذا حَميم وغَسَّاق فليذوقوه.
الفراء: الغَسَق من قُماشِ الطَّعام. ويقال: في الطَّعام زَوَانٌ
وزُوَانٌ وزُؤَانٌ، بالهمز، وفيه غَسَقٌ وغَفاً، مقصور، وكَعابِير ومُرَيْراء
وقَصَلٌ كلُّه من قُماش الطَّعام.