Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=94666#9cb494
(غَاسِقٍ) :
وسأل نافع عن قوله تعالى: (غَاسِقٍ)
فقال ابن عباس: الغسق الظلمة، وامتئ@هد بقول زهير بن أبي سلمى:
ظلَّت تجوب يداها وهي لاهيةٌ. . . حتى إذا جنح الإِظلامُ والغسقُ والمسألة فى (ظ، وق) عن (إلى غسق الليل) قال فى (ظ) : إذا أظلم،
وفى (وقب) : دخول الليل بظلمته.
والشاهد بيت زهير، ظلت وفى (ظ) بيت النابغة:
وكأنَّ ما قالوا وما وعدوا. . . إلٌّ تضمنَه من دامس غسقُ
= الكلمة من آية الفلق 3:
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) .
وحيدة الصيغة، ومعها من مادتها: غسق، فى آية الإسراء 78: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) .
وغساق فى آيتى: (ص) 57: (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) .
والنبأ 25: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) .
وهذه الكلمات الأربع هى كل ما فى القران من المادة.
قال ابن السكيت فى باب صفة الليل: وغسَق الليل دخول أوله حين اختلط: غسق يغسق غَسْقا، وغَسَقا، وأتيته فى غسق الليل، أي فى اختلاطه ودخوله. (تهذيب الألفاظ) .
والغسق أول ظلمة الليل، وقد غسق يغسق أي أظلم، والغاسق الليل إذا غاب فى الشفق (ص) وهو دخول الليل حين يختلط الظلام: وقد غسق الليل غسْقا وغسوقا، وبنو
تميم على، أغسق، نحو: دَجَى وأدجى. وغسق القمر أظلم بالخسوف (س) وعن الزجاج: قيل لليل غاسق لأنه أبرد من النهار، والغاسق البارد، ولأن فى الليل تخرج السباع من آجامها والهوام من أماكنها، وينبعث أهل الشر والفساد. حكاه القرطبى.
وفي الأضداد لابن الأنبارى: والغساق البارد يُحرق كما يحرق الحار، ويقال: البارد المنتن بلسان أهل الترك، ويقال: ما يغسق من صديد أهل النار، أى
ما يسيل.
وفي معى آية الفلق، قال الأخفش: تقول: غسق الليل يغسق غسوقا، وهى
الظلمة. ووَقت يَقب وقوبا وهو الدخول فى الشيء (معاني القرآن 2 / 549)
قال الفراء: والغاسق الليل، إذا وقب " إذا دخل فى كل شىء وأظلم. ويقال: غسَقَ وأغسق (معاني القرآن. 3 / 301) .
فى تفسير البخارى: وغاسق، الليل، إذا وقب: غروب الشمس (ك التفسير، الفلق) قال ابن حجر: وصله الطبرى من طريق مجاهد بلفظ: غاسق إذا وقب، الليل إذا دخل. . وجاء فى حديث مرفوع: الغاسق القمر. أخرجه الترمذى والحاكم من طريق أبى سلمة، عبد الرحمن بن عوف الزهزى، عن عائشة، رضى الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى القمر فقال: "ياعاثشة، استعيذى بالله من شر هذا " قال: هذا الغاسق إذا وقب! إسناده حسن (فتح البارى. 8 / 524) .
وفى تأويل الطبرى للآية: ومن شر مظلم إذا دخل علينا بظلامه.
واختلف أهل التأويل فى المظلم المستعاذ منه.
وأسند عن مجاهد أنه القمر، وروى فيه حديث عاثشة رضى الله عنها. وعن ابن عباس وآخرين أنه الليل. واختاره الطبرى.
وعند الراغب: الغاسق الليل المظلم (مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) وذلك عبارة
عن النائبة. وابن الأثير الغاسق فى حديثه - عائشة رضى الله عنها: بأنه من: غسق غسوقا فهو غاسق، إذ! أظلم. وأغسق مثله. وإنما سماه غاسقا لأنه إذا
خُسف أو أخذ فى المغيب، أظلم (النهاية) .
قد نستخلص من هذا العرض لأقوال أهل اللغة وأهل التأويل أن الغسق ظلمة
الليل إذا غاب فى الشفق، والغاسق الطارق فيه من شر يخاف ويستعاذ منه. وعلى تفسيره بالقمر، فإنه مقيدٌ فى الآية وفى الحديث ب: (إذا وقب) ، أي دخل فى الخسوف وأظلم. وأما الغساق فبدلالة إسلامية على ما يسيل من صديد أهل النار، منقولا إليها من الغساق، ما يسيل من صديد الجرح المنتن. والله أعلم.