Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=13749&book=37#18bcf2
(عَسَّ) الْعَيْنُ وَالسِّينُ أَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ: أَحَدُهُمَا الدُّنُوُّ مِنَ الشَّيْءِ وَطَلَبُهُ، وَالثَّانِي خِفَّةٌ فِي الشَّيْءِ.
فَالْأَوَّلُ الْعَسُّ بِاللَّيْلِ، كَأَنَّ فِيهِ بَعْضَ الطَّلَبِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَسُّ: نَفْضُ اللَّيْلِ عَنْ أَهْلِ الرِّيبَةِ. يُقَالُ عَسَّ يَعُسُّ عَسًّا. وَبِهِ سُمِّي الْعَسَسُ الَّذِي يَطُوفُ لِلسُّلْطَانِ بِاللِّيلِ. وَالْعَسَّاسُ: الذِّئْبُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعُسُّ بِاللَّيْلِ. وَيُقَالُ عَسْعَسَ اللَّيْلُ، إِذَا أَقْبَلَ. وَعَسْعَسَتِ السَّحَابَةُ، إِذَا دَنَتْ مِنَ الْأَرْضِ لَيْلًا. وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا لَيْلًا فِي ظُلْمَةٍ. قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
عَسْعَسَ حَتَّى لَوْ نَشَاءُ إِذْ دَنَا ... كَانَ لَنَا مِنْ نَارِهِ مُقْتَبَسُ
وَيُقَالُ تَعَسْعَسَ الذِّئْبُ، إِذَا دَنَا مِنَ الشَّيْءِ يَشُمُّهُ. وَأَنْشَدَ:
كَمُنْخُرِ الذِّئْبِ إِذَا تَعَسْعَسَا
قَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ بِالْمَالِ مِنْ عَسِّهِ وَبَسِّهِ. قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعُسُّهُ، أَيْ يَطْلُبُهُ. وَقَدْ يُقَالُ بِالْكَسْرِ. وَيَعْتَسُّهُ: يَطْلُبُهُ أَيْضًا. قَالَ الْأَخْطَلُ:
وَهَلْ كَانَتِ الصَّمْعَاءُ إِلَّا تَعِلَّةً ... لِمَنْ كَانَ يَعْتَسُّ النِّسَاءَ الزَّوَانِيَا
وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَيُقَالُ إِنَّ الْعَسَّ خِفَّةٌ فِي الطَّعَامِ. يُقَالُ عَسَسْتُ أَصْحَابِي، إِذَا أَطْعَمْتُهُمْ طَعَامًا خَفِيفًا. قَالَ: عَسَسْتُهُمْ: قَرْيَتُهُمْ أَدْنَى قِرًى. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: نَاقَةٌ مَا تَدُِرُّ إِلَّا عِسَاسًا، أَيْ كَرْهًا. وَإِذَا كَانَتْ كَذَا كَانَ دَرُّهَا خَفِيفًا قَلِيلًا. وَإِذَا كَانَتْ كَذَا فَهِيَ عَسُوسٌ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَسُوسُ: الَّتِي تَضْرِبُ بِرِجْلَيْهَا وَتَصُبُّ اللَّبَنَ. يَقُولُونَ: فِيهَا عَسَسٌ وَعِسَاسٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَسُوسُ مِنَ الْإِبِلِ: الَّتِي تَرْأَمُ وَلَدَهَا وَتَدُِرُّ عَلَيْهِ مَا نَأَى عَنْهَا النَّاسُ، فَإِنْ دُنِيَ مِنْهَا أَوْ مُسَّتْ جَذَبَتْ دَرَّهَا.
قَالَ يُونُسُ: اشْتُقَّ الْعَسُّ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ الِاتِّقَاءُ بِاللَّيْلِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ اعْتِسَاسُ الذِّئْبِ. وَفِي الْمَثَلِ: " كَلْبٌ عَسَّ، خَيْرٌ مِنْ أَسَدٍ انْدَسَّ ".
وَقَالَ الْخَلِيلُ أَيْضًا: الْعَسُوسُ الَّتِي بِهَا بَقِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ لَيْسَ بِكَثِيرٍ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ عَسْعَسَ اللَّيْلُ، إِذَا أَدْبَرَ، فَخَارِجٌ عَنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ مَنْ سَعْسَعَ، إِذَا مَضَى. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. فَهَذَا مِنْ بَابِ سَعَّ. وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي تَقْدِيمِ الْعَيْنِ: نَجَوْتُ بِأَفْرَاسٍ عِتَاقٍ وَفِتْيَةٍ ... مَغَالِيسَ فِي أَدْبَارِ لَيْلٍ مُعَسْعِسِ
وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابَيْنِ: عَسْعَسَ، وَهُوَ مَكَانٌ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلَمْ تَرْمِ الدَّارَ الْكَثِيبَ بِعَسْعَسَا ... كَأَنِّي أُنَادِي أَوْ أُكَلِّمُ أَخْرَسَا