Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب): https://arabiclexicon.hawramani.com/?p=13956&book=37#f47c2b
(عَصَمَ) الْعَيْنُ وَالصَّادُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى إِمْسَاكٍ وَمَنْعٍ وَمُلَازَمَةٍ. وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ. مِنْ ذَلِكَ الْعِصْمَةُ: أَنْ يَعْصِمَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَبْدَهُ مِنْ سُوءٍ يَقَعُ فِيهِ. وَاعْتَصَمَ الْعَبْدُ بِاللَّهِ - تَعَالَى -، إِذَا امْتَنَعَ. وَاسْتَعْصَمَ: الْتَجَأَ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَعْصَمْتُ فُلَانًا، أَيْ هَيَّأْتُ لَهُ شَيْئًا يَعْتَصِمُ بِمَا نَالَتْهُ يَدُهُ أَيْ يَلْتَجِئُ وَيَتَمَسَّكُ بِهِ. قَالَ النَّابِغَةُ:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ الْمَلَّاحُ مُعْتَصِمًا ... بِالْخَيْزُرَانَةِ مِنْ خَوْفٍ وَمِنْ رَعَدِ
وَالْمُعْصِمُ مِنَ الْفُرْسَانِ: السَّيِّئُ الْحَالِ فِي فُرُوسَتِهِ، تَرَاهُ يَمْتَسِكُ بِعُرْفِ فَرَسِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ: إِذَا مَا غَدَا لَمْ يُسْقِطِ الرَّوْعُ رُمْحَهُ ... وَلَمْ يَشْهَدِ الْهَيْجَا بِأَلْوَثَ مُعْصِمِ
وَالْعِصْمَةُ: كُلُّ شَيْءٍ اعْتَصَمْتَ بِهِ. وَعَصَمَهُ الطَّعَامُ: مَنَعَهُ مِنَ الْجُوعِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْعَصِيمُ، وَهُوَ الصَّدَأُ مِنَ الْهِنَاءِ وَالْبَوْلِ يَيْبَسُ عَلَى فَخِذِ النَّاقَةِ. قَالَ:
وَأَضْحَى عَنْ مِرَاسِهِمُ قَتِيلًا ... بِلَبَّتِهِ سَرَائِحُ كَالْعَصِيمِ
وَأَثَرُ الْخِضَابِ عَصِيمٌ، وَالْمُعْصَمُ: الْجِلْدُ لَمْ يُنَحَّ وَبَرُهُ عَنْهُ، بَلْ أُلْزِمَ شَعْرَهُ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. يُقَالُ: أَعْصَمْنَا الْإِهَابَ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْعُصْمُ: أَثَرُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ وَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ نَحْوِهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ تَقُولُ لِأُخْرَى: " أَعْطِينِي عُصْمَ حِنَّائِكِ " أَيْ مَا سَلَتِّ مِنْهُ. وَيُقَالُ: بِيَدِهِ عُصْمَةُ خَلُوقٍ، أَيِ أَثَرُهُ. قُلْنَا: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ مِنْ كَلَامِ الْمَرْأَةِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ إِنَّ الْعُصْمَ: الْأَثَرُ، لِأَنَّهَا لَمْ تَسْأَلِ الْأَثَرَ. وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ الْعُصْمُ: الْحِنَّاءُ ; مَا لَزِمَ يَدَ الْمُخْتَضِبَةِ، وَأَثَرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُصْمٌ، لِأَنَّهُ بَاقٍ مُلَازِمٌ.
وَمِمَّا قِيسَ عَلَى عُصْمِ الْحِنَّاءِ: الْعُصْمَةُ: الْبَيَاضُ يَكُونُ بِرُسْغِ ذِي الْقَوَائِمِ. مِنْ ذَلِكَ الْوَعِلُ الْأَعْصَمُ، وَعُصْمَتُهُ: بَيَاضٌ فِي رُسْغِهِ، وَالْجَمْعُ مِنَ الْأَعْصَمِ عُصْمٌ وَقَالَ:
مَقَادِيرُ النُّفُوسِ مُؤَقَّتَاتٌ ... تَحُطُّ الْعُصْمَ مِنْ رَأْسِ الْيَفَاعِ وَقَالَ الْأَعْشَى:
قَدْ يَتْرُكُ الدَّهْرُ فِي خَلْقَاءَ رَاسِيَةٍ ... وَهْيًا وَيُنْزِلُ مِنْهَا الْأَعْصَمَ الصَّدَعَا
وَيُقَالُ: غُرَابٌ أَعْصَمُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْهُ أَبْيَضُ، وَقَلَّمَا يُوجَدُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعُصْمَةُ فِي الْخَيْلِ بَيَاضٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، بِالْيَدَيْنِ دُونَ الرِجْلَيْنِ فَيَقُولُونَ: هُوَ أَعْصَمُ الْيَدَيْنِ. وَكُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ، كَأَنَّ ذَلِكَ الْوَضَحَ أَثَرٌ مُلَازِمٌ لِلْيَدِ كَمَا قُلْنَاهُ فِي عَصَمِ الْحِنَّاءِ.
وَمِنَ الْبَابِ الْعِصْمَةُ: الْقِلَادَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلُزُومِهَا الْعُنُقَ. قَالَ لَبِيدٌ فَجَمَعَهَا عَلَى أَعْصَامٍ، كَأَنَّهُ أَرَادَ جَمْعَ عُصْمٍ:
حَتَّى إِذَا يَئِسَ الرُّمَاةُ وَأَرْسَلُوا ... غُضْفًا دَوَاجِنَ قَافِلًا أَعْصَامُهَا
وَمِنَ الْبَابِ: عِصَامُ الْمَحْمِلِ: شِكَالُهُ وَقَيْدُهُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ عَارِضَاهُ. وَعِصَامُ الْقِرْبَةِ: عِقَالٌ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ، يُجْعَلُ فِي خُرْبَتَيِ الْمَزَدَتَيْنِ لِتَلْتَقِيَا. وَقَدْ أَعْصَمْتُهُمَا: جَعَلْتُ لَهُمَا عِصَامًا. قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا:
وَقِرْبَةِ أَقْوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَا ... عَلَى كَاهِلٍ مِنِّي ذَلُولٍ مُرَحَّلِ
قَالَ: وَلَا يَكُونُ لِلدَّلْوِ عِصَامٌ.
وَمِنَ الْبَابِ مِعْصَمُ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَوْضِعُ السِّوَارَيْنِ مِنْ سَاعِدَيْهَا. وَقَالَ:
فَالْيَوْمَ عِنْدَكَ دَلُّهَا وَحَدِيثُهَا ... وَغَدًا لِغَيْرِكَ كَفُّهَا وَالْمِعْصَمُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ مِعْصَمًا لِإِمْسَاكِهِ السِّوَارَ، ثُمَّ يَكُونُ مِعْصَمًا وَلَا سِوَارَ. وَيُقَالُ: أَعَصَمَ بِهِ وَأَخْلَدَ، إِذَا لَزِمَهُ.
وَعِصَامٌ: رَجُلٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِخْبَارِ: " مَا وَرَاءَكَ يَا عِصَامُ؟ "، وَالْأَصْلُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وَلَكِنْ مَا وَرَاءَكَ يَا عِصَامُ
وَيَقُولُونَ لِلسَّائِدِ بِنَفْسِهِ لَا بِآبَائِهِ:
نَفْسُ عِصَامٍ سَوَّدَتْ عِصَامًا