{جَنَفًا}
قال نافع: يا ابن عباس، أخبرني عن قوله - عز وجل -: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا}
قال: الميل والجور في الوصية. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ فقال: نعم أما سمعت "عدى بن زيد" وهو يقول:
وأُمُّكَ يا نُعْمانُ في أخواتها. . . يأتين ما يأتينه جَنَفَا
(ك، ط، تق)
= الكلمة من آية البقرة 182، في الوصية: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوص ٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وحيدة الصيغة، وليس معها من مادتها في القرآن إلا اسم الفاعل من التجانف في آية المائدة 3، فيما حُرَّم من طعام: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وتفسير الجنف بالميل والجور في الوصية، واضح القرب. وقال "الراغب": أصل الجنف ميل في الحكم، وذكر الكلمتين من آيتى البقرة والمائدة (المفردات) .
ومعنى الجنف في الآية: الجور، عند الفراء (1 / 111) والهروى في الغريبين (1 / 410) وهو الجور عن الحق والعدول عنه في مجاز أبي عبيدة (1 / 66) ونقل فيه الطبري: الخطأ والإثم العمد، والجور والعدول عن الحق، والميل (2 / 72) وفي تهذيب الأزهري عن الزجاج: الميل والإثم (11 / 111) وهي معان متقاربة.
وقال ابن الأثير: الجنف الميل والجور، يقال: جنف وأجنف إذا مال وجار. . . وقيل: الجانف يختض بالوصية، والمجنف المائل عن الحق. ومنه حديث عمر، وقد أفطر الناس في يوم من رمضان ثم ظهرت الشمي: "نقضيه، ما تجانفنا فيه لإثم" أي لم نمل فيه لارتكاب الإثم. (النهاية) وفي (ق) أجنف مختص بالوصية، وجنف كفرح، في مطلق الميل عن الحق.
يرد عليه، أن القرآن استعمل الجنَف، لا الإحناف في الوصية. وفي (س) أن العرب تقول: جَنَف في الوصية، وجنف علينا في الحكم.
ويبدو أن الميْلَ أصل في الدلالة، نقلا من قولهم: رجل أجنف، مائل في أحد شقيَّة (خلق الإنسان 242، والمخصص 2 / 19) ثم تخالف العربية بين الألفاظ المشتركة في معنى الميل، لفروق في الدلالات، فتجعل الازورار للإعراض، والصد نقيض الإقبال، والزور للباطل والميل عن الهدى، والجور للميل عن العدل على وجه القهر والغلبة، والجنَف للميل عن الحق الواجب، فيكون منه الجور في الوصية، والميل عن الإنصاف في الحكم.
ولاجنف في آية البقرة، متعلق بالوصية بصريح اللفظ. وعطفَ "إثماً" عليه بحرف أو: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} من حيث يميل الموصِى عما ينبغي له من إنصاف لأهله، أو يأثم بالميل عن حدود الله في الوصية. على ما هو مبين بتفصيل في تفسير الطبري (2 / 72)
قال نافع: يا ابن عباس، أخبرني عن قوله - عز وجل -: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا}
قال: الميل والجور في الوصية. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ فقال: نعم أما سمعت "عدى بن زيد" وهو يقول:
وأُمُّكَ يا نُعْمانُ في أخواتها. . . يأتين ما يأتينه جَنَفَا
(ك، ط، تق)
= الكلمة من آية البقرة 182، في الوصية: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوص ٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وحيدة الصيغة، وليس معها من مادتها في القرآن إلا اسم الفاعل من التجانف في آية المائدة 3، فيما حُرَّم من طعام: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وتفسير الجنف بالميل والجور في الوصية، واضح القرب. وقال "الراغب": أصل الجنف ميل في الحكم، وذكر الكلمتين من آيتى البقرة والمائدة (المفردات) .
ومعنى الجنف في الآية: الجور، عند الفراء (1 / 111) والهروى في الغريبين (1 / 410) وهو الجور عن الحق والعدول عنه في مجاز أبي عبيدة (1 / 66) ونقل فيه الطبري: الخطأ والإثم العمد، والجور والعدول عن الحق، والميل (2 / 72) وفي تهذيب الأزهري عن الزجاج: الميل والإثم (11 / 111) وهي معان متقاربة.
وقال ابن الأثير: الجنف الميل والجور، يقال: جنف وأجنف إذا مال وجار. . . وقيل: الجانف يختض بالوصية، والمجنف المائل عن الحق. ومنه حديث عمر، وقد أفطر الناس في يوم من رمضان ثم ظهرت الشمي: "نقضيه، ما تجانفنا فيه لإثم" أي لم نمل فيه لارتكاب الإثم. (النهاية) وفي (ق) أجنف مختص بالوصية، وجنف كفرح، في مطلق الميل عن الحق.
يرد عليه، أن القرآن استعمل الجنَف، لا الإحناف في الوصية. وفي (س) أن العرب تقول: جَنَف في الوصية، وجنف علينا في الحكم.
ويبدو أن الميْلَ أصل في الدلالة، نقلا من قولهم: رجل أجنف، مائل في أحد شقيَّة (خلق الإنسان 242، والمخصص 2 / 19) ثم تخالف العربية بين الألفاظ المشتركة في معنى الميل، لفروق في الدلالات، فتجعل الازورار للإعراض، والصد نقيض الإقبال، والزور للباطل والميل عن الهدى، والجور للميل عن العدل على وجه القهر والغلبة، والجنَف للميل عن الحق الواجب، فيكون منه الجور في الوصية، والميل عن الإنصاف في الحكم.
ولاجنف في آية البقرة، متعلق بالوصية بصريح اللفظ. وعطفَ "إثماً" عليه بحرف أو: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} من حيث يميل الموصِى عما ينبغي له من إنصاف لأهله، أو يأثم بالميل عن حدود الله في الوصية. على ما هو مبين بتفصيل في تفسير الطبري (2 / 72)