النف: معروف، والجمع آنف وأنوف وأناف، وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تقم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار العين ذلف الآنف - ويروى: الأنوف -، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن أبا بكر رضي الله عنه، أوصى أن يكفن في ثوبين كانا عليه وأن يجعل معهما ثوب آخر؛ فأرادت عائشة؟ رضي الله عنها - أن تبتاع له أثواباً جدداً؛ فقال عمر - رضي الله عنه -: لا يكفن غلا فيما أوصى به؛ فقالت عائشة - رضي الله عنها -: يا عمر؛ والله ما وضعت الخطم على آنفنا؛ فبكى عمر - رضي الله عنه - وقال: كفني أباك فيما شئت. كنت عن الولاية والملك بوضع الخطم، لأن البعير إذا ملك وضع عليه الخطام، والمعنى: ما ملكت علينا أمورنا بعد فتنهانا أن نصنع ما نريد فيها.
وفي الحديث: لكل شيء أنفة وأنفة الصلاة التكبيرة الأولى. أي ابتداء وأول. وكأن التاء زيدت على أنف؛ كقولهم في الذنب: ذنبه، وقد جاء في أمثالهم: إذا أخذت بذنبة الضب أغضبته.
ويقال: هو الفحل لا يقرع أنفه ولا يقدع، أي هو خاطب لا يرد، وقد مر الشاهد عليه من الحديث في تركيب ق د ع.
ويقال: جعل أنفه في قفاه، أي أعرض عن الشيء، وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه -: أن فلاناً دخل عليه فنال من عمر - رضي الله عنه - وقال: لو استخلفت فلاناً، فقال أبو بكر: رضي الله عنه: لو فعلت ذلك لجعلت أنفك في قفاك ولما أخذت من أهلك حقاً. جعل الأنف في القفا عبارة عن غاية الإعراض عن الشيء ولي الرأس عنه، لأن قصارى ذلك أن يقبل بأنفه على ما وراءه، فكأنه جعل أنفه في قفاه. ومنه قولهم للمنهزم: عيناه في قفاه؛ لنظره إلى ما وراءه دائباً فرقاً من الطلب. والمراد: لأفرطت في الإعراض عن الحق؛ أو: لجعلت ديدنك الإقبال بوجهك إلى من وراءك من أقاربك مختصاً لهم ببرك ومؤثراً إياهم على غيرهم.
وأنف اللحية: طرفها: قال معقل بن خويلد الهذلي:
تُخَاصِمُ قَوْماً لا تُلَقّى جَوَابَهُمْ ... وقد أخَذَتْ من أنفِ لِحْيَتكَ اليَدُ
ويروى: " من جَنْبِ لِحْيِتَكَ " ورجل حمي الأنف: إذا كان أنفاً يأنف أن يضام، قال عامر بن فهيرة - رضي الله عنه - في مرضه وعادته عائشة - رضي الله عنها - وقالت له: كيف تجدك:
لقد وَجَدْتُ المَوْتَ قبل ذَوْقِهِ ... والمَرْءُ يأتي حتْفُهُ من فَوْقِهِ
كُلُّ امرئٍ مُجَاهِدٌ بِطَوْقِهِ ... كالثَّوْرِ يَحْمي أنْفَهُ بِروْقِهِ وأنف كل شيء: أوله، ويقال: هذا أنف الشد: أي أول العدو.
وأنف البرد: أشده، وقيل: أوله. وأنف المطر: أول ما أنبت، قال امرؤ القيس:
قد غَدا يَحْمِلُني في انْفِهِ ... لاحِقُ الاطْلَيْنِ مَحْبُوكٌ مُمَرْ
وهذا أنف عمل فلان: أي أول ما أخذ فيه.
وأنف خف البعير: طرف منسمه.
وقال أبن السكيت: أنف الجبل: نادر يشخص منه، قال:
خُذا أنْفَ هَرْشى أوقَفاها فإنَّهُ ... كِلا جانَبِيْ هَرْشى لَهُنَّ طَريقُ
وقال أبن فارس: أنف الأرض: ما أستقبل الشمس من الجلد والضواحي.
وقال غيره: ما أطعمني إلا أنف الرَّغيف: أي كسرة منه.
وأنف الناب: طرفه حين يطلع.
والعرب تقول لسمي الأنف: الأنفان، قال مزاحم العقيلي:
يَسُوْفُ بأنْفَيْهِ النِّقَاعَ كأنَّه ... عن الرَّوْضِ من النَّشَاطِ كَعِيْمُ
ويقال: أفلان يتبع أنفه: إذا كان يتشمم الرائحة فيتبعها.
وذو الأنف: هو النعمان بن عبد الله بن جابر بن وهب بن الأقيصر بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن سعد بن مالك بن نسر بن وهب الله من شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل - وهو خثعم - بن أنمار بن إراش بن عمر وبن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر، الخثعمي، قاد خيل خثعم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الطائف وكانوا مع ثقيف، وهو بيت خثعم.
وقال أبن العرابي: النف: السيد.
وانف: ثنية، قال أبو خراش الهذلي وقد نهشه حية:
لقد أهْلَكْتِ حَيَّةَ بَطْنِ أنْفٍ ... على الأصْحاب ساقاً ذاة فقد
ويروى: " بَطْنِ وادٍ ". وقال أيضاً:
لقد أهْلَكْتِ حَيَّةَ بَطْنِ أنفٍ ... على الإخوان ساقاً ذاةَ فَضْلِ
وأنف الناقة: لقب جعفر بن قريع بن عوف بن كعب، وكانوا يغضبون إذا قيل لهم: بنو أنف الناقة. وإنما لقب بذلك بذلك لأن قريعاً نحو جزوراً فقسمها بين نسائه، فبعثت جعفراً هذا أمة - وهي الشموس - من بني وائلٍ ثم من سعد هذيم فأتى أباه وقد قسم الجزور فلم يبق إلا رأسها وعنقها؛ فقال: شأنك بهذا؛ فأدخل يده في أنفها وجعل يجرها، فلقب أنف الناقة، فكانوا يغضبون من ذلك، فلما مدحهم الحطيئة بقوله:
قَوْمٌ هُمُ الأنْفُ والأذْنابُ غيرُهُمُ ... ومَنْ يُسَوِّي بأنَفِ النّاقةِ الذَّنَبا
صار الَّلقب مدحاً لهم. والنسبة إليهم أنفي.
وقال أبن عباد: أضاع مطلب أنفه؛ قيل: فرج أمِّه.
وأنفته أنفاً: ضربت انفه؛ آنفه وآنفه.
ورجل أنافي - بالضم -: عظيم الأنف.
وامرأة أنوف: تأنف مما لا خير فيه، والطيبة ريح النف أيضاً.
وأنفه الماء: بلغ أنفه، وذلك إذا نزل في النهر.
وروضة أنف - بضمتين -: - إذا لم يرعها أحد - وفي حديث أبي مسلم الخولاني أنه أتي معاوية - رضي الله عنه -: فقال: السلام عليك أيها الأجير؛ إنه ليس من أجير استرعي رعية إلا ومستأجره سائله عنها، فإن كان داوى مرضاها وجبر كسراها وهنا جرباها ورد أولاها على أخراه ووضعها في أنف من الكلأ وصفو من الماء؛ وفاه أجره.
وكذلك كاس انف، قال لقيط بن زرارة:
إنَّ الشَّوَاءَ والنَّشِيْلَ والرُّغُفُ ... والقَيْنَةَ الحَسْنَاءَ والكأس الأُنف
وصِفْوَةَ القِدْرِ وتَعْجِيْلَ الكَتِفْ ... للطّاعِنينَ الخَيلَ والخَيْلُ قُطُفْ
وأمر أنفف: مستأنف لم يسبق به قدر، ومنه حديث يحيى بن يعمر أنه قال لعبد الله لن عمر - رضي الله عنهما -: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم وإنهم يزعمون أن لا قدر وإن الأمر أنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء وانهم براءة مني.
وقال أبن الأعرابي في قوله تعالى:) ماذا قال آنَفاً (أي مذ ساعة، وقال الزجاج: نزلت الآية في المنافقين كانوا يستمعون خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا خرجوا سألوا أصحابه - رضي الله عنهم - استهزاء وأعلاماً انهم لم يلتفتوا إلى ما قال فقالوا: ماذا قال آنفا؛ أي ماذا قال الساعة؛ أي في أول وقت يقرب منا.
وأنفت الإبل أنفاً: إذا وطئت كلا أنفاً.
وقال الطائي: أرض أنيقة النبت: إذا أسرعت النبات، وتلك أرض آنف بلاد الله.
ويقال: آتيك من ذي أنف؛ كما تقول من ذي قبل: أي فيما يستقبل.
وقال أبن عباد: الأنف: المشية الحسنة. وقال الكسائي: آنفه الصبا - بالمد - ميعته وأوليته، قال كثير:
عَذَرْتُكَ في سَلْمَى بآنِفَةِ الصِّبَا ... ومَيْعَتِهِ إذْ تَزْدهِيْكَ ظلالها
وقال أبن عباد: جبل أنيف: ينبت قبل سائر البلاد.
ورجل مئناف: أي سائر في أول النهار.
وقال الأصمعي: رجل مئناف: يرعى ماله أنف الكلأ.
وانف من الشيء - بالكسر - يأنف أنفاً وأنفة: أي استنكف، ويقال: ما رأيت آنف من فلان.
وأنف البعير - أيضاً -: إذا اشتكى أنفه من البرة؛ فهو أنف - بالقصر -؛ عن أبن السكيت، ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ.
وقال أبو عبيده: كان الصل في هذا أن يقال مأنوف؛ لأنه مفعول به؛ كما قالوا مصدور للذي يشتكي صدره ومبطون للذي يشتكي بطنه، وجميع ما في الجسد على هذا، ولكن هذا الحرف جاء شاذاً عنهم.
ويقال - أيضاً -: جمل آنف - بالمد -، والأول أصح وأفصح.
وأنيف - مصغراً - من الصحابة - رضي الله عنهم -: ثلاثة: أنيف بن جشم؛ وأنيف بن ملة اليمامي؛ وأنيف بن واثلة - رضي الله عنهم -.
وقريط بن أنيف: شاعر.
وأنيف فرع: موضع، قال عبد الله بن سلمة - ويقال: أبن سليمة - العبدي يذكر جنوب بنت أبي وفاء:
ولم أرَ مِثْلَها بأنَيْفِ فَرْعٍ ... عَلَيَّ إذَنْ مُذَرَّعَةٌ خَضِيْبُ
أي بدنه.
وقال أبن عباد: أنفت المرأة - بالكسر - تأنف: إذا حملت فلم تشته شيئاً.
وأنفت الرجل: حملته على الأنفة.
وأنفت الإبل: إذا تتبعت بها أنف المرعى.
وقيل في قول ذي الرمة يصف إبلاً:
رَعَتْ بارِضَ البُهْمَى جَمِيمَاً وبُسْرَةً ... وصَمْعاءَ حتّى آنَفَتْها نِصالُهَا
أي أصاب شوك البهمي أنوف الإبل فأوجعها حين دخل أنوفها، وقيل: جعلتها تشتكي أنوفها، وقيل: تكرهها.
ويقال: أنفته: أي جعلته يشتكي أنفه.
وقال أبن عباد: انفه الماء: بلغ انفه؛ مثل أنفه - بالقصر -.
قال: والمؤنف: الذي لم يرعه أحدٌ؛ مثل النف.
وانف أمره: إذا أعجله.
وأنفت مالي تأنيفاً: إذا رعيتها الكلأ النف، وقال أبن عباد: التأنيف: طلب الكلأ؛ وغنم مؤنفة، قال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمة:
لَسْتُ بذي ثَلَّةٍ مُؤنَّفَةٍ ... آقِطُ ألْبانَها وأسْلَؤها
ونصل مؤنف: أي محدد؛ قد أنف تأنيفاً، وأنشد أبن فارس.
بكُلِّ هَتُوْفٍ عَجْسُها رَضَوِيَّةٍ ... وسَهْمٍ كَسَيْفِ الحمْيريِّ المُؤنَّفِ
وهو في العرقوب: تحديد غيره على الأنفة؛ كالمؤنف.
والاستئناف والائتناف: الابتداء، يقال: استأنف العمل وائتنفه.
والمؤتنف: الذي لم يؤكل منه شيء. وجارية مؤتنفة الشباب: مقتبلته.
وقال أبن عباد: المتأنف من الأماكن: لم يؤكل قبله.
ويقال للمرأة إذا حملت فاشتد وحمها وتشهت على أهلها الشيء بعد الشيء: إنها لتتأنف الشهوات.
والتركيب يدل على أخذ الشيء من أولى وعلى أنف كل ذي أنف.