ابلعي: قال ابن حاتم في تفسيره: أخبرنا أبو عبد الله الطبراني أخبرنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني عبد الصمد بن معقل. سمعت وهب بن منبه يقول في قوله تعالى: (وَقيلَ يا أَرضُ اِبلَعي ماءَكِ) قال: بالحبشية (ازدرديه) .
وقال أبو الشيخ ابن حيان في تفسيره: حدثنا الوليد حدثنا أبو عمرو الغزال حدثنا أبو الدرداء عبد العزيز بن منيب حدثنا شبيب ابن الفضل حدثنا ميسرة ابن اليسع عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله تعالى: (يا أَرضُ اِبلَعي ماءَكِ) .
قال: أشربي بلغة الهند.
ابلعي
قال السيوطي في الإتقان "أخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه في قوله تعالى 11ـ44: {ابْلَعِي مَاءَكِ} ، قال بالحبشية ازدرديه، وأخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال اشربي بلغة الهند".اهـ.
وان تعجب فعجب قولهم إن (ابلعي) بلغة أهل الهند وهذا القول إلى الهزل أقرب منه إلى الجد وقائله ليس أهلا أن يؤخذ عنه العلم وإنما هو يهرف بما لا يعرف وأهل الهند أجناس كثيرة لهم مئات من اللغات ولا تكاد تسير مسافة يوم إلا وجدت جنسا آخر له لغة أخرى. وفي زماننا هذا نرى الدماء تسفك بينهم بسبب اللغات فلا يرضى جنس أن تكون لغة الدولة لغة أخرى غير لغته، وفي زمان الاستعمار لم تكن في الهند لغة يستطيع المسافر أن يتكلم بها ويجد من يفهم كلامه في جميع أنحاء الهند إلا لغتين إحداهما الإنكليزية وهي لغة الدولة الحاكمة، والثانية لغة المسلمين وهي لغة أوردو، على أن (بلغ) كلمة عربية سامية أصيلة عريقة في عروبتها وساميتها وترفع راية اللغات السامية وهي حرف العين.
ومن المعلوم عند علماء اللغات أن العين والحاء لا توجدان إلا في اللغات السامية، فان وجدت إحداهما في كلمة من لغة غير سامية فتلك الكلمة طارئة واردة على تلك اللغة وبهذا يستدل الفيولوجيون على أن البربر من جزيرة العرب قبل خروجم البابليين والآشوريين والكنعانيين والفينيقيين كما هو مبين في موضعه.
ونحن نرى إخواننا عامة المسلمين من أهل الهند يبذلون جهودهم في النطق بقوله تعالى: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعَينَ} فلا يتمون النطق بالعينين حتى تغفر ذنوبهم من مشقة النطق بهما. ولذلك نرى السيوطي في كتاب
الإتقان كحاطب ليل وليس عنده تحقيق ولا إتقان وهذا شأنه في علوم المنقول، أما في علوم المعقول كعلوم العربية فهو فارس لا يشق له غبار. وقد تحامل عليه الحافظ السخاوي في كتابه (الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع) فا لله يغفر لهما جميعا.