أرس: الإِرْس: الأَصل، والأَريس: الأَكَّارُ؛ عن ثعلب. وفي حديث معاوية:
بلغه أَن صاحب الروم يريد قصد بلاد الشام أَيام صفين، فكتب إِليه:
تاللَّه لئن تممْتَ علة ما بَلَغَني لأُصالحنَّ صاحبي، ولأَكونن مقدمته إِليك،
ولأَجعلن القُسطنطينية الحمراء حُمَمَةً سوداء، ولأَنْزِعَنَّك من
المُلْكِ نَزْعَ الإِصْطَفْلينة، ولأَرُدَّنَّك إِرِّيساً من الأَرارِسَةِ
تَرْعى الدَّوابِل، وفي رواية: كما كنت ترعى الخَنانيص؛ والإِرِّيس:
الأَمير؛ عن كراع، حكاه في باب فِعِّيل، وعَدَلَه بإِبِّيلٍ، والأَصل عنده فيه
رِئّيسٌ، عل فِعِّيل، من الرِّياسةِ. والمُؤرَّس: المُؤمَّرُ فقُلِبَ. وفي
الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، كتب إِلى هِرَقْلَ عظيم الروم
يدعوه إِلى الإسلام وقال في آخره: إِن أَبَيْتَ فعليك إِثم الإِرِّيسين.
ابن الأَعرابي: أَرَس يأْرِسُ أَرْساً إِذا صار أَريساً، وأَرَّسَ
يُؤَرِّسُ تأْريساً إِذا صار أَكَّاراً، وجمع الأَرِيس أَرِيسون، وجمع
الإِرِّيسِ إِرِّيسُونٌ وأَرارِسَة وأَرارِسُ، وأَرارِسةٌ ينصرف، وأَرارِسُ لا
ينصرف، وقيل: إِنما قال ذلك لأَن الأَكَّارينَ كانوا عندهم من الفُرْسِ،
وهم عَبَدَة النار، فجعل عليه إِثمهم. قال الأَزهري: أَحسِب الأَريس
والإِرِّيس بمعنى الأَكَّار من كلام أَهل الشام، قال: وكان أَهل السَّواد ومن
هو على دين كِسْرى أَهلَ فلاحة وإِثارة للأَرض، وكان أَهل الروم أَهلَ
أَثاثٍ وصنعة، فكانوا يقولون للمجوسي: أَريسيٌّ، نسبوهم إِلى الأَريس وهو
الأَكَّارُ، وكانت العرب تسميهم الفلاحين، فأَعلمهم النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم، أَنهم، وإِن كانوا أَهل كتاب، فإِن عليهم من الإِثم إِن لم
يؤْمنوا بنبوته مثل إِثم المجوس وفَلاَّحي السَّواد الذين لا كتاب لهم، قال:
ومن المجوس قوم لا يعيدون النار ويزعمون أَنهم على دين إِبراهيم، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام، وأَنهم يعبدون اللَّه تعالى ويحرّمون الزنا
وصناعتهم الحراثة ويُخْرِجون العُشر مما يزرعون غير أَنهم يأْكلون
المَوْقوذة، قال: وأَحسبهم يسجدون للشمس، وكانوا يُدعَوْن الأَريسين؛ قال ابن بري:
ذكر أَبو عبيدة وغيره أَن الإِرِّيسَ الأَكَّارُ فيكون المعنى أَنه عبر
بالأَكَّارين عن الأَتباع، قال: والأَجود عندي أَن يقال: إِن الإِرِّيس
كبيرهم الذي يُمْتَثَلُ أَمره ويطيعونه إِذا طلب منهم الطاعة: ويدل على أَن
الإِرِّيس ما ذكرت لك قول أَبي حِزام العُكْليّ:
لا تُبِئْني، وأَنتَ لي، بك، وَغْدٌ،
لا تُبِئْ بالمُؤَرَّسِ الإِرِّيسا
يقال: أَبَأْتُه به أَي سَوَّيته به، يريد: لا تُسَوِّني بك. والوَغْدُ:
الخسيس اللئيم، وفصل بقوله: لي بك، بين المبتدإِ والخبر، وبك متعلق
بتبئني، أَي لا تبئني بك وأَنت لي وغد أَي عَدوٌّ لي ومخالف لي، وقوله:
لا تبئْ بالمؤَرَّس الإِرِّيسا
أَي لا تُسَوِّ الإِرِّيسَ، وهو الأَمير، بالمُؤَرَّس؛ وهو المأْمور
وتابعه، أَي لا تُسَوِّ المولى بخادمه، فيكون المعنى في قول النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، لهِرَقل: فعليك إِثم الإِرِّيسين، يريد الذين هم قادرون
على هداية قومهم ثم لم يهدوهم، وأَنت إِرِّيسُهم الذي يجيبون دعوتك
ويمتثلون أَمرك، وإِذا دعوتهم إِلى أَمر أَطاعوك، فلو دعوتهم إِلى الإِسلام
لأَجابوك، فعليك إِثم الإِرِّيسين الذين هم قادرون على هداية قومهم ثم لم
يهدوهم، وذلك يُسْخِط اللَّهَ ويُعظم إِثمهم؛ قال: وفيه وجه آخر وهو أَن
تجعل الإِرِّيسين، وهم المنسوبون إِلى الإِرِّيس، مثل المُهَلَّبين
والأَشْعَرين المنسوبين إِلى المُهَلَّب وإِلى الأَشْعَر، وكان القياس فيه أَن
يكون بياءَي النسبة فيقال: الأَشْعَرِيُّون والمُهَلَّبيُّون، وكذلك قياس
الإِرِّيسين الإِرِّيسيُّون في الرفع والإِرِّيسيِّين في النصب والجر،
قال: ويقوي هذا رواية من روى الإِرِّيسيِّين، وهذا منسوب قولاً واحداً لوجود
ياءَي النسبة فيه فيكون المعنى: فعليك إِثم الإِرِّيسيين الذين هم
داخلون في طاعتك ويجيبونك إِذا دعوتهم ثم لم تَدْعُهُم إِلى الإِسلام، ولو
دعوتهم لأَجابوك، فعليك إِثمهم لأَنك سبب منعهم الإِسلام ولو أَمرتهم
بالإِسلام لأَسلموا؛ وحكي عن أَبي عبيد: هم الخَدَمُ والخَوَلُ، يعني بصَدِّه
لهم عن الدين، كما قال تعالى: ربَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادتنا وكُبراءَنا؛
أَي عليك مثل إِثمهم. قال ابن الأَثير: قال أَبو عبيد في كتاب الأَموال:
أَصحاب الحديث يقولون الإِريسيين مجموعاً منسوباً والصحيح بغير نسب، قال:
ورده عليه الطحاوي، وقال بعضهم: في رَهط هِرَقل فرقةٌ تعرف
بالأَروسِيَّة فجاءَ على النسب إِليهم، وقيل: إِنهم أَتباع عبد اللَّه بن أَريس، رجل
كان في الزمن الأَول، قتلوا نبيّاً بعثه اللَّه إِليهم، وقيل:
الإِرِّيسون الملوك، واحدهم إِرِّيس، وقيل: هم العَشَّارون.
وأَرْأَسَة بن مُرِّ بن أُدّ: معروف. وفي حديث خاتم النبي، صلى اللَّه
عليه وسلم: فسقط من يد عثمان، رضي اللَّه عنه، في بئر أَريسَ، بفتح الهمزة
وتخفيف الراء، هي بئر معروفة قريباً من مسجد قُباء عند المدينة.