اذذ: أَذَّ يَؤُذُّ: قطع مثل هذَّ، وزعم ابن دريد أَن همزة أَذَّ بدل من
هاء هذَّ؛ قال:
يَؤُذُّ بالشَّفْرة أَيّ أَذِّ
مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفلْذِ
وشَفْرَةٌ أَذُوذٌ: قاطعة كَهَذوذٍ.
وإِذْ: كلمة تدل على ما مضى من الزمان، وهو اسم مبني على السكون وحقه
أَن يكون مضافاً إِلى جملة، تقول: جئتك إِذ قام زيد، وإِذ زيد قائم، وإِذ
زيد يقوم، فإِذا لم تُضَفْ نُوِّنت؛ قال أَبو ذؤيب:
نَهَيْتُكَ عن طِلابِك أُمَّ عَمْرٍو،
بِعاقِبةٍ، وأَنت إِذٍ صحِيحُ
أَراد حينئذ كما تقول يومئذ وليلتئذ؛ وهو من حروف الجزاء إِلا أَنه لا
يجازى به إِلا مع ما، تقول: إِذ ما تأْتني آتك، كما تقول: إن تأْتني وقتاً
آتِك؛ قال العباسُ بن مِرادسٍ يمدحُ النبيّ، صلى الله عليه وسلم:
يا خيرَ مَن رَكِبَ المَطِيَّ ومن مَشى
فوق الترابِ، إِذا تُعَدُّ الأَنْفُسُ
بكل أَسلَم الطاغُوتُ واتُّبِعَ الهُدَى،
وبك انجلى عنا الظلامُ الحِنْدِسُ
إِذ ما أَتيتَ على الرسولِ فقل له:
حقًّا عليك إِذا اطمأَن المجلِسُ
وهذا البيت أَورده الجوهريُّ:
إِذ ما أَتيتَ على الأَمير
قال ابن بري: وصواب إِنشاده: إِذ ما أَتيتَ على الرسول، كما أَوردناه.
قال: وقد تكونُ للشيءِ توافِقُه في حالٍ أَنتَ فيها ولا يليها إِلا الفعلُ
الواجبُ، تقول: بينما أَنا كذا إِذ جاء زيد. ابن سيده: إِذ ظرف لما مضى،
يقولون إِذ كان. وقوله عز وجل: وإِذ قال ربك للملائكة إِني جاعل في
الأَرض خليفة، قال أَبو عبيدة: إِذ هنا زائدة؛ قال أَبو إِسحق: هذا إِقدام من
أَبي عبيدة لأَن القرآن العزيز ينبغي أَن لا يُتكلم فيه إِلا بغاية تحري
الحق، وإِذ: معناها الوقت فكيف تكون لغواً ومعناه الوقت، والحجة في إِذ
أَنّ الله تعالى خلق الناس وغيرهم، فكأَنه قال ابتداء خلْقكم: إِذ قال
ربك للملائكة إِني جاعل في الأَرض خليفة أَي في ذلك الوقت. قال: وأَمّا قول
أَبي ذؤيب: وأَنت إِذ صحيح، فإِنما أَصل هذا أَن تكون إِذ مضافة فيه
إِلى جملة إِما من مبتدإِ وخبر نحو قولك: جئتك إِذ زيد أَمير، وإِما من فعل
وفاعل نحو قمت إِذ قام زيد، فلما حُذِف المضافُ إِليه إِذ عُوِّضَ منه
التنوين فدخل وهو ساكن على الذال وهي ساكنة، فكُسِرَت الذالُ لالتقاء
الساكنين فقيل يومئذ، وليست هذه الكسرةُ في الذال كسرةَ إِعراب وإِن كانت إِذ
في موضع جر بإِضافة ما قبلها إِليها، وإِنما الكسرة فيها لسكونها وسكون
التنوين بعدها كقوله صَهٍ في النكرة، وإِن اختلفت جهتا التنوين، فكان في
إِذٍ عوضاً من المضاف إِليه، وفي صَهٍ علماً للتنكير؛ ويدل على أَنَّ
الكسرة في ذال إِذٍ إِنما هي حركة التقاء الساكنين هما هي والتنوين قوله
«وأَنت إِذٍ صحيح» أَلا ترى أَنَّ إِذٍ ليس قبلها شيء مضاف إِليها؟ وأَما قول
الأَخفش: إِنه جُرَّ إِذٍ لأَنه أَراد قبلها حين ثم حذفها وبَقِيَ الجر
فيها وتقديره حينئذ فساقط غير لازم، أَلا ترى أَن الجماعة قد أَجمعت على
أَن إِذْ وكَمْ من الأَسماء المبنية على الوقف؟ وقول الحُصينِ بن
الحُمام:ما كنتُ أَحسَبُ أَن أُمِّي عَلَّةٌ،
حتى رأَيتُ إِذِي نُحازُ ونُقْتَلُ
إِنما أَراد: إِذ نُحازُ ونُقتل، إِلا أَنه لما كان في التذكير إِذي وهو
يتذكر إِذ كان كذا وكذا أَجرى الوصلَ مُجرَى الوقف فأَلحقَ الياء في
الوصل فقال إِذي. وقوله عز وجل: َولن ينفعكم اليوم إِذ ظلمتم أَنكم في
العذاب مشتركونْ؛ قال ابن جني: طاولت أَبا علي، رحمه الله تعالى، في هذا
وراجعته عوداً على بدءٍ فكان أَكثَرَ ما بَرَدَ منه في اليدِ أَنه لما كانت
الدارُ الآخرةُ تلي الدارَ الدنيا لا فاصل بينهما إِنما هي هذه فهذه صار ما
يقعُ في الآخرةِ كأَنه واقع في الدنيا، فلذلك أُجْرِيَ اليومُ وهي
للآخرة مُجْرى وقت الظلم، وهو قوله: إِذ ظلمتم، ووقت الظلم إِنما كان في
الدنيا، فإِن لم تفعل هذا وترتكبه بَقِيَ إِذ ظلمتم غيرَ متعلق بشيء، فيصير ما
قاله أَبو علي إِلى أَنه كأَنه أَبدل إِذ ظلمتم من اليوم أَو كرره عليه؛
وقول أَبي ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لَنَنْزِلَنْه،
ولم نَشْعُرْ إِذاً اني خَلِيفُ
قال ابن جني: قال خالد إِذاً لغة هذيل وغيرهم يقولون إِذٍ، قال: فينبغي
أَن يكون فتحة ذال إِذاً في هذه اللغة لسكونها وسكون التنوين بعدها، كما
أَن من قال إِذٍ بكسرها فإِنَّما كسرها لسكونها وسكون التنوين بعدها بمن
فهرب إِلى الفتحة، استنكاراً لتوالي الكسرتين، كما كره ذلك في من الرجل
ونحوه