أمم: الأمُّ، بالفتح: القَصْد. أَمَّهُ يَؤُمُّه أَمّاً إِذا قَصَدَه؛
وأَمَّمهُ وأْتَمَّهُ وتَأَمَّمَهُ ويَنمَّه وتَيَمَّمَهُ، الأَخيراتان
على البَدل؛ قال:
فلم أَنْكُلْ ولم أَجْبُنْ، ولكنْ
يَمَمْتُ بها أَبا صَخْرِ بنَ عَمرو
ويَمَّمْتُه: قَصَدْته؛ قال رؤبة:
أَزْهَر لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحِّ،
مُيَمَّم البَيْت كَرِيم السِّنْحِ
(* قوله «أزهر إلخ» تقدم في مادة سنح على غير هذا الوجه).
وتَيَمَّمْتُهُ: قَصَدْته. وفي حديث ابن عمر: مَن كانت فَتْرَتُهُ إِلى
سُنَّةٍ فَلأَمٍّ ما هو أَي قَصْدِ الطريق المُسْتقيم. يقال: أَمَّه
يَؤمُّه أَمّاً، وتأَمَّمَهُ وتَيَمَّمَه. قال: ويحتمل أَن يكون الأَمُّ
أُقِيم مَقام المَأْمُوم أَي هو على طريق ينبغي أَن يُقْصد، وإِن كانت
الرواية بضم الهمزة، فإِنه يرجع إِلى أَصله
(* قوله «إلى أصله إلخ» هكذا في
الأصل وبعض نسخ النهاية وفي بعضها إلى ما هو بمعناه باسقاط لفظ أصله). ما هو
بمعناه؛ ومنه الحديث: كانوا يَتَأَمَّمُون شِرارَ ثِمارِهم في الصدَقة
أَي يَتَعَمَّدون ويَقْصِدون، ويروى يَتَيَمَّمون، وهو بمعناه؛ ومنه حديث
كعب بن مالك: وانْطَلَقْت أَتَأَمَّمُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وفي حديث كعب بن مالك: فتَيمَّمت بها التَّنُّور أَي قَصَدت. وفي حديث كعب
بن مالك: ثم يُؤمَرُ بأَمِّ الباب على أَهْلِ
النار فلا يخرج منهم غَمٌّ أَبداً أَي يُقْصَد إِليه فَيُسَدُّ عليهم.
وتَيَمَّمْت الصَّعيد للصلاة، وأَصلُه التَّعَمُّد والتَّوَخِّي، من قولهم
تَيَمَّمْتُك وتَأَمَّمْتُك. قال ابن السكيت: قوله: فَتَيَمَّمُوا
صعِيداً طيِّباً، أَي اقْصِدوا لصَعِيد طيِّب، ثم كَثُر استعمالُهم لهذه
الكلِمة حتى صار التَّيَمُّم اسماً علَماً لِمَسْح الوَجْه واليَدَيْن
بالتُّراب. ابن سيده:والتَّيَمُّم التَّوَضُّؤ بالتُّراب على البَدل، وأَصْله من
الأَول لأَنه يقصِد التُّراب فيَتَمَسَّحُ به. ابن السكيت: يقال
أَمَمْتُه أَمًّا وتَيَمَّمته تَيَمُّماً وتَيَمَّمْتُه يَمامَةً، قال: ولا يعرف
الأَصمعي أَمَّمْتُه، بالتشديد، قال: ويقال أَمَمْتُه وأَمَّمْتُه
وتَأَمَّمْتُه وتَيَمَّمْتُه بمعنى واحد أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته. قال:
والتَّيَمُّمُ بالصَّعِيد مأْخُوذ من هذا، وصار التيمم عند عَوامّ الناس
التَّمَسُّح بالتراب، والأَصلُ فيه القَصْد والتَّوَخِّي؛ قال الأَعشى:
تَيَمَّمْتُ قَيْساً وكم دُونَه،
من الأَرض، من مَهْمَهٍ ذي شزَنْ
وقال اللحياني: يقال أَمُّو ويَمُّوا بمعنى واحد، ثم ذكَر سائر اللغات.
ويَمَّمْتُ
المَرِيضَ فَتَيَمَّم للصلاة؛ وذكر الجوهري أَكثر ذلك في ترجمة يمم
بالياء. ويَمَّمْتُه بِرُمْحي تَيْمِيماً أَي تَوَخَّيْتُه وقَصَدْته دون مَن
سواه؛ قال عامر بن مالك مُلاعِب الأَسِنَّة:
يَمَّمْتُه الرُّمْح صَدْراً ثم قلت له:
هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْب الزَّحالِيقِ
وقال ابن بري في ترجمة يَمم: واليَمامة القَصْد؛ قال المرَّار:
إِذا خَفَّ ماءُ المُزْن عنها، تَيَمَّمَتْ
يَمامَتَها، أَيَّ العِدادِ تَرُومُ
وجَمَلٌ مِئمٌّ: دَلِيلٌ هادٍ، وناقة مِئَمَّةٌ كذلك، وكلُّه من القَصْد
لأَن الدَّليلَ الهادي قاصدٌ.
والإِمَّةُ: الحالةُ، والإِمَّة والأُمَّةُ: الشِّرعة والدِّين. وفي
التنزيل العزيز: إِنَّا وجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ؛ قاله اللحياني، وروي
عن مجاهد وعمر بن عبد العزيز: على إِمَّةٍ. قال الفراء: قرئ إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا على أُمَّةٍ، وهي مثل السُّنَّة، وقرئ على إِمَّةٍ، وهي
الطريقة من أَمَمْت. يقال: ما أَحسن إِمَّتَهُ، قال: والإِمَّةُ أيضاً
النَّعِيمُ والمُلك؛ وأَنشد لعديّ بن زيد:
ثم، بَعْدَ الفَلاح والمُلك والإِمْــــمَةِ، وارَتْهُمُ هناك القُبورُ
قال: أَراد إِمامَة المُلك ونَعِيمه. والأُمَّةُ والإِمَّةُ: الدَّينُ.
قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: كان الناسُ أُمَّةً واحدةً فبعَث اللهُ
النَّبِيِّين مُبَشِّرين ومُنْذِرين، أي كانوا على دينٍ واحد. قال أَبو
إِسحق: وقال بعضهم في معنى الآية: كان الناس فيما بين آدم ونوح كُفّاراً
فبعَث الله النبيِّين يُبَشِّرون من أَطاع بالجنة ويُِنْذِرون من عَصى
بالنار. وقال آخرون: كان جميع مَن مع نوح في السفينة مؤمناً ثم تفرَّقوا من
بعد عن كُفر فبعث الله النبيِّين. وقال آخرون: الناسُ
كانوا كُفّاراً فبعث الله إبراهيم والنَّبيِّين من بعدهِ. قال أَبو
مــنصور
(* قوله «قال أبو مــنصور إلخ» هكذا في الأصل، ولعله قال أبو مــنصور: الأمة
فيما فسروا إلخ): فيما فسَّروا يقع على الكُفَّار وعلى المؤمنين.
والأُمَّةُ: الطريقة والدين. يقال: فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ
له ولا نِحْلة له؛ قال الشاعر:
وهَلْ يَسْتَوي ذو أُمَّةٍ وكَفُورُ؟
وقوله تعالى: كُنْتُمْ خير أُمَّةٍ؛ قال الأَخفش: يريد أَهْل أُمّةٍ أَي
خير أَهْلِ دينٍ؛ وأَنشد للنابغة:
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً،
وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
والإِمَّةُ: لغة في الأُمَّةِ، وهي الطريقة والدينُ. والإِمَّة:
النِّعْمة؛ قال الأَعشى:
ولقد جَرَرْتُ لك الغِنى ذا فاقَةٍ،
وأَصاب غَزْوُك إِمَّةً فأَزالَها
والإِمَّةُ: الهَيْئة؛ عن اللحياني. والإِمَّةُ أَيضاً: الحالُ
والشأْن. وقال ابن الأَعرابي: الإِمَّةُ غَضارةُ العَيش والنعْمةُ؛ وبه
فسر قول عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه:
فهلْ لكُمُ فيكُمْ، وأَنْتُم بإِمَّةٍ
عليكم عَطاءُ الأَمْنِ، مَوْطِئُكم سَهْلُ
والإِمَّةُ، بالكسر: العَيْشُ الرَّخِيُّ؛ يقال: هو في إِمَّةٍ من
العَيْش وآمَةٍ أَي في خِصْبٍ. قال شمر: وآمَة، بتخفيف الميم: عَيْب؛
وأَنشد:مَهْلاً، أَبَيْتَ اللَّعْنَ مَهْـ
ـلاً إِنَّ فيما قلتَ آمَهْ
ويقال: ما أَمّي وأَمُّه وما شَكْلي وشَكله أَي ما أَمْري وأَمْره
لبُعْده مني فلِمَ يَتعرَّض لي؟ ومنه قول الشاعر:
فما إِمِّي وإمُّ الوَحْشِ لَمَّا
تَفَرَّعَ في ذُؤابَتِيَ المُشيبُ
يقول: ما أَنا وطَلَب الوَحْش بعدما كَبِرْت، وذكر الإِمِّ حَشْو في
البيت؛ قال ابن بري: ورواه بعضهم وما أَمِّي وأَمُّ الوَحْش، بفتح الهمزة،
والأَمُّ: القَصْد. وقال ابن بُزُرْج: قالوا ما أَمُّك وأَمّ ذات عِرْق
أَي أَيْهاتَ منك ذاتُ عِرْق. والأَمُّ: العَلَم الذي يَتْبَعُه الجَيْش.
ابن سيده: والإِمَّة والأُمَّة السُّنَّةُ.
وتَأَمَّم به وأْتَمَّ: جعله أَمَّةً. وأَمَّ القومَ وأَمَّ بهم:
تقدَّمهم، وهي الإِمامةُ. والإِمامُ: كل من ائتَمَّ به قومٌ كانوا على الصراط
المستقيم أَو كانوا ضالِّين. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: يَوْمَ
نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهْم، قالت طائفة: بكتابهم، وقال آخرون: بنَبيّهم
وشَرْعهم، وقيل: بكتابه الذي أَحصى فيه عَمَله. وسيدُنا رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، إِمامُ أُمَّتِه، وعليهم جميعاً الائتمامُِ
بسُنَّته التي مَضى عليها. ورئيس القوم: أَمِّهم.
ابن سيده: والإِمامُ ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ وغيرِه، والجمع أَئِمَّة.
وفي التنزيل العزيز: فقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفْر، أَي قاتِلوا رؤساءَ
الكُفْر وقادَتَهم الذين ضُعَفاؤهم تَبَعٌ لهم. الأَزهري: أَكثر القُراء
قَرَؤوا أَيِمَّة الكُفْرِ، بهمزة واحدة، وقرأَ بعضهم أَئمَّةَ، بهمزيتن،
قال: وكل ذلك جائز. قال ابن سيده: وكذلك قوله تعالى: وجَعلْناهم أَيِمَّةً
يَدْعون إِلى النارِ، أَي مَن تَبِعَهم فهو في النار يوم القيامة، قُلبت
الهمزة ياء لثِقَلها لأَنها حرف سَفُل في الحَلْق وبَعُد عن الحروف
وحَصَل طرَفاً فكان النُّطْق به تكَلُّفاً، فإِذا كُرِهت الهمزة الواحدة،
فَهُمْ باسْتِكْراه الثِّنْتَيْن ورَفْضِهما لاسِيَّما إِذا كانتا
مُصْطَحِبتين غير مفرَّقتين فاءً وعيناً أَو عيناً ولاماً أَحرى، فلهذا لم يأْت
في الكلام لفظةٌ توالتْ فيها هَمْزتان أَصلاً البتَّة؛ فأَما ما حكاه أَبو
زيد من قولهم دَريئة ودَرائئٌ وخَطيئة وخَطائيٌ فشاذٌّ لا يُقاس عليه،
وليست الهمزتان أَصْلَين بل الأُولى منهما زائدة، وكذلك قراءة أَهل
الكوفة أَئمَّة، بهمزتين، شاذ لا يقاس عليه؛ الجوهري: الإِمامُ
الذي يُقْتَدى به وجمعه أَيِمَّة، وأَصله أَأْمِمَة، على أَفْعِلة، مثل
إِناء وآنِيةٍ وإِلَه وآلِهةٍ، فأُدغمت الميم فنُقِلَت حركتُها إلى ما
قَبْلَها، فلما حَرَّْكوها بالكسر جعلوها ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال
الأَخفش: جُعلت الهمزة ياء، وقرئ أَيِمَّة الكُفْر؛ قال الأَخفش: جُعلت
الهمزة ياء لأَنها في موضع كَسْر وما قبلها مفتوح فلم يَهمِزُوا لاجتماع
الهمزتين، قال: ومن كان رَأْيه جمع الهمزتين همَز، قال: وتصغيرها
أُوَيْمة، لما تحرّكت الهمزة بالفتحة قلبها واواً، وقال المازني أُيَيْمَة ولم
يقلِب، وإِمامُ كلِّ شيء: قَيِّمُهُ والمُصْلِح له، والقرآنُ إِمامُ
المُسلمين، وسَيدُنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِمام الأَئِمَّة،
والخليفة إمام الرَّعِيَّةِ، وإِمامُ
الجُنْد قائدهم. وهذا أَيَمٌّ من هذا وأَوَمُّ من هذا أَي أَحسن إمامةً
منه، قَلَبوها إِلى الياء مرَّة وإِلى الواو أُخرى كَراهِية التقاء
الهمزتين. وقال أَبو إِسحق: إِذا فضَّلنا رجُلاً في الإِمامةِ قلنا: هذا
أَوَمُّ من هذا، وبعضهم يقول: هذا أَيَمُّ من هذا، قال: والأَصل في أَئمَّة
أَأْمِمَة لأَنه جمع إِمامٍ مثل مِثال وأَمْثِلة ولكنَّ المِيمَيْن لمَّا
اجتمعتا أُدغمت الأُولى في الثانية وأُلقيت حركتها على الهمزة، فقيل
أَئِمَّة، فأَبدلت العرب من الهمزة المكسورة الياء، قال: ومن قال هذا أَيَمُّ
من هذا، جعل هذه الهمزة كلَّما تحركت أَبدل منها ياء، والذي قال فلان
أَوَمُّ من هذا كان عنده أَصلُها أَأَمُّ، فلم يمكنه أَن يبدل منها أَلفاً
لاجتماع الساكنين فجعلها واواً مفتوحة، كما قال في جمع آدَم أَوادم، قال:
وهذا هو القياس، قال: والذي جَعَلها ياء قال قد صارت الياءُ في أَيِمَّة
بدلاً لازماً، وهذا مذهب الأَخفش، والأَول مذهب المازني، قال:وأَظنه
أَقْيَس المذهَبين، فأَما أَئمَّة باجتماع الهمزتين فإِنما يُحْكى عن أَبي
إِسحق، فإِنه كان يُجيز اجتماعَهما، قال: ولا أَقول إِنها غير جائزة، قال:
والذي بَدَأْنا به هو الاختيار. ويقال: إِمامُنا هذا حَسَن الإِمَّة أَي
حَسَن القِيام بإِمامته إِذا صلَّى بنا.
وأَمَمْتُ القومَ في الصَّلاة إِمامةً. وأْتمّ به أَي اقْتَدَى به.
والإِمامُ: المِثالُ؛ قال النابغة:
أَبوه قَبْلَه، وأَبو أَبِيه،
بَنَوْا مَجْدَ الحيَاة على إِمامِ
وإِمامُ الغُلام في المَكْتَب: ما يَتعلَّم كلَّ يوم. وإِمامُ
المِثال: ما امْتُثِلَ
عليه. والإِمامُ: الخَيْطُ الذي يُمَدُّ على البناء فيُبْنَي عليه
ويُسَوَّى عليه سافُ البناء، وهو من ذلك؛ قال:
وخَلَّقْتُه، حتى إِذا تمَّ واسْتَوى
كَمُخَّةِ ساقٍ أَو كَمَتْنِ إِمامِ
أَي كهذا الخَيْط المَمْدود على البِناء في الامِّلاسِ والاسْتِواء؛ يصف
سَهْماً؛ يدل على ذلك قوله:
قَرَنْتُ بِحَقْوَيْه ثَلاثاً فلم يَزِغُ،
عن القَصْدِ، حتى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
وفي الصحاح: الإِمامُ خشبة البنَّاء يُسَوِّي عليها البِناء. وإِمامُ
القِبلةِ: تِلْقاؤها. والحادي: إمامُ الإِبل، وإِن كان وراءها لأَنه
الهادي لها. والإِمامُ: الطريقُ. وقوله عز وجل: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ
مُبينٍ، أَي لَبِطريق يُؤَمُّ أَي يُقْصَد فَيُتَمَيَّز، يعني قومَ لوط
وأَصحابَ الأَيكةِ. والإِمامُ: الصُّقْعُ من الطريق والأَرض. وقال الفراء:
وإِنهما لَبِإِمامٍ مُبين، يقول: في طَريق لهم يَمُرُّون عليها في أَسْفارِهم
فَجعل الطَّريقَ إِماماً لأَنه يُؤم ويُتَّبَع.
والأَمامُ: بمعنى القُدّام. وفلان يَؤمُّ القومَ: يَقْدُمهم. ويقال:
صَدْرك أَمامُك، بالرفع، إِذا جَعَلْته اسماً، وتقول: أَخوك أَمامَك،
بالنصب، لأَنه صفة؛ وقال لبيد فَجَعله اسماً:
فَعَدَتْ كِلا الفَرْجَيْن تَحْسِبُ أَنه
مَوْلَى المَخافَةِ: خَلْفُها وأَمامُها
(* قوله «فعدت كلا الفرجين» هو في الأصل بالعين المهملة ووضع تحتها
عيناً صغيرة، وفي الصحاح في مادة ولي بالغين المعمجة ومثله في التكلمة في
مادة فرج، ومثله كذلك في معلقة لبيد).
يصف بَقَرة وَحْشِية ذَعَرها الصائدُ فَعَدَتْ. وكِلا فَرْجَيها: وهو
خَلْفُها وأَمامُها. تَحْسِب أَنه: الهاء عِمادٌ. مَوْلَى مَخافَتِها أَي
وَلِيُّ مَخافَتِها. وقال أَبو بكر: معنى قولهم يَؤُمُّ القَوْمَ أَي
يَتَقَدَّمُهم، أُخِذ من الأَمامِ.
يقال: فُلانٌ إِمامُ القوم؛ معناه هو المتقدّم لهم، ويكون الإِمامُ
رئِسياً كقولك إمامُ المسلمين، ويكون الكتابَ، قال الله تعالى: يَوْمَ
نَدْعُو كلَّ أُناسٍ بإِمامِهم، ويكون الإِمامُ الطريقَ الواضحَ؛ قال الله
تعالى: وإِنَّهما لَبِإِمامٍ مُبينٍ، ويكون الإِمامُ المِثالَ، وأَنشد بيت
النابغة:
بَنَوْا مَجْدَ الحَياةِ على إِمامِ
معناه على مِثال؛ وقال لبيد:
ولكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها
والدليل: إِمامُ السَّفْر. وقوله عز وجل: وجَعَلْنا للمُتَّقِين
إِماماً؛ قال أَبو عبيدة: هو واحد يَدُلُّ على الجمع كقوله:
في حَلْقِكم عَظْماً وقد شُجِينا
وإِنَّ المُتَّقِين في جَنَّات ونَهَرٍ. وقل: الإِمامُ جمع آمٍّ كصاحِبٍ
وصِحابٍ، وقيل: هو جمع إِمامٍ ليس على حَدِّ عَدْلٍ ورِضاً لأَنهم قد
قالوا إِمامان، وإِنما هو جمع مُكَسَّر؛ قال ابن سيده: أَنْبأَني بذلك أَبو
العَلاء عن أَبي علي الفارسي قال: وقد استعمل سيبويه هذا القياسَ
كثيراً، قال: والأُمَّةُ الإِمامُ.
الليث: الإِمَّةُ الائتِمامُ بالإِمامِ؛ يقال: فُلانٌ أَحقُّ بإِمَّةِ
هذا المسجد من فُلان أَي بالإِمامة؛ قال أَبو مــنصور: الإِمَّة الهَيْئةُ
في الإِمامةِ والحالةُ؛ يقال: فلان حَسَن الإِمَّةِ أَي حَسَن الهَيْئة
إِذا أَمَّ الناسَ في الصَّلاة، وقد ائتَمَّ بالشيء وأْتَمَى به، على
البدَل كراهية التضعيف؛ وأَنشد يعقوب:
نَزُورُ امْرأً، أَمّا الإِلَه فَيَتَّقِي،
وأَمّا بفعلِ الصَّالحين فَيَأْتَمِي
والأُمَّةُ: القَرْن من الناس؛ يقال: قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ.
وأُمَّةُ كل نبي: مَن أُرسِل إِليهم من كافر ومؤمنٍ. الليث: كلُّ قوم
نُسِبُوا إِلى نبيّ فأُضيفوا إِليه فَهُمْ أُمَّتُه، وقيل: أُمة محمد، صلى الله
عليهم وسلم، كلُّ مَن أُرسِل إِليه مِمَّن آمَن به أَو كَفَر، قال: وكل
جيل من الناس هم أُمَّةٌ على حِدَة.وقال غيره: كلُّ جِنس من الحيوان غير
بني آدم أُمَّةٌ على حِدَة، والأُمَّةُ: الجِيلُ والجِنْسُ من كل حَيّ.
وفي التنزيل العزيز: وما من دابَّةٍ في الأرض ولا طائرٍ يَطِيرُ
بِجناحَيْه إلاَّ أُمَمٌ أَمثالُكم؛ ومعنى قوله إلاَّ أُمَمٌ أمثالُكم في مَعْنىً
دون مَعْنىً، يُريدُ، والله أعلم، أن الله خَلَقَهم وتَعَبَّدَهُم بما
شاء أن يَتَعَبَّدَهُم من تسْبيح وعِبادةٍ عَلِمها منهم ولم يُفَقِّهْنا
ذلك. وكل جنس من الحيوان أُمَّةٌ. وفي الحديث: لولا أنَّ الكِلاب أُمَّةٌ
من الأُمَمِ لأَمَرْت بقَتْلِها، ولكن اقْتُلوا منها كل أَسْوَد بَهيم،
وورد في رواية: لولا أنها أُمَّةٌ تُسَبِّحُ لأَمَرْت بقَتْلِها؛ يعني بها
الكلاب.
والأُمُّ: كالأُمَّةِ؛ وفي الحديث: إن أَطاعُوهما، يعني أبا بكر وعمر،
رَشِدوا ورَشَدت أُمُّهم، وقيل، هو نَقِيضُ قولهم هَوَتْ أُمُّه، في
الدُّعاء عليه، وكل مَن كان على دينِ الحَقِّ مُخالفاً لسائر الأَدْيان، فهو
أُمَّةٌ وحده. وكان إبراهيمُ خليلُ الرحمن، على نبينا وعليه السلام،
أُمَّةً؛ والأُمَّةُ: الرجل الذي لا نظِير له؛ ومنه قوله عز وجل: إن إبراهيم
كان أُمَّةً قانِتاً لله؛ وقال أبو عبيدة: كان أُمَّةً أي إماماً. أَبو
عمرو الشَّيباني: إن العرب تقول للشيخ إذا كان باقِيَ القوّة: فلان
بإِمَّةٍ، معناه راجع إلى الخير والنِّعْمة لأن بَقاء قُوّتِه من أَعظم
النِّعْمة، وأصل هذا الباب كله من القَصْد. يقال: أَمَمْتُ إليه إذا قَصَدْته،
فمعنى الأُمَّة في الدِّينِ أَنَّ مَقْصِدَهم مقْصِد واحد، ومعنى الإمَّة
في النِّعْمة إنما هو الشيء الذي يَقْصِده الخلْق ويَطْلُبونه، ومعنى
الأُمَّة في الرجُل المُنْفَرد الذي لا نَظِير له أن قَصْده منفرد من قَصْد
سائر الناس؛ قال النابغة:
وهل يَأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ
ويروي: ذو إمَّةٍ، فمن قال ذو أُمَّةٍ فمعناه ذو دينٍ ومن قال ذو إمَّةٍ
فمعناه ذو نِعْمة أُسْدِيَتْ إليه، قال: ومعنى الأُمَّةِ القامة
(*
وقوله «ومعنى الأمة القامة إلخ» هكذا في الأصل). سائر مقصد الجسد، وليس يخرج
شيء من هذا الباب عن معنى أَمَمْت قَصَدْت. وقال الفراء في قوله عز وجل:
إن إبراهيم كان أُمَّةً؛ قال: أُمَّةً مُعلِّماً للخَير. وجاء رجل إلى
عبد الله فسأَله عن الأُمَّةِ، فقال: مُعَلِّمُ الخير، والأُمَّةُ
المُعَلِّم. ويروى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: يُبْعَث يوم القيامة
زيدُ بنُ عمرو بنِ نُفَيْل أُمَّةً على حِدَةٍ، وذلك أَنه كان تَبَرَّأَ
من أَدْيان المشركين وآمَن بالله قبل مَبْعَث سيدِنا محمد رسول الله، صلى
الله عليه وسلم. وفي حديث قُسِّ بن ساعدة: أَنه يُبْعَث يوم القيامة
أُمَّةً وحْدَه؛ قال: الأُمَّةُ الرجل المُتَفَرِّد بدينٍ كقوله تعالى: إنَّ
إبراهيمَ كان أُمَّةً قانِتاً لله، وقيل: الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير.
والأُمَّةُ: الحِينُ. قال الفراء في قوله عز وجل: وادَّكَرَ بعد
أُمَّةٍ، قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ. وقال تعالى: ولَئِنْ أَخّرْنا عنهم العَذاب
إلى أُمَّةٍ معْدودةٍ. وقال ابن القطاع: الأُمَّةُ المُلْك، والأُمة
أَتْباعُ الأنبياء، والأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير، والأُمَّةُ الأُمَمُ،
والأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ، والأُمَّةُ
القامةُ والوجهُ؛ قال الأَعشى:
وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِيـ
نَ بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ
أي طِوالُ القاماتِ؛ ومثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي:
طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ
قال: ويروى البيت للأَخْيَلِيَّة. ويقال: إنه لحسَنُ الأُمَّةِ أي
الشَّطاطِ. وأُمَّةُ الوجه: سُنَّته وهي مُعظَمه ومَعْلم الحُسْن منه. أبو
زيد: إنه لَحَسن أُمَّة الوجه يَعْنُون سُنَّته وصُورَته. وإنه لَقَبيحُ
أُمَّةِ الوجه. وأُمَّة الرجل: وَجْهُه وقامَتُه. والأُمَّة: الطاعة.
والأُمَّة: العالِم. وأُمَّةُ الرجل: قومُه. والأُمَّةُ: الجماعة؛ قال الأخفش:
هو في اللفظ واحد وفي المعنى جَمْع، وقوله في الحديث: إنَّ يَهُودَ بَني
عَوْفٍ أُمَّةٌ من المؤْمنين، يريد أَنهم بالصُّلْح الذي وقَع بينهم وبين
المؤْمنين كجماعةٍ منهم كلمَتُهم وأيديهم واحدة. وأُمَّةُ الله: خلْقه:
يقال: ما رأَيت من أُمَّةِ الله أَحسنَ منه.
وأُمَّةُ الطريق وأُمُّه: مُعْظَمُه.
والأُمَمُ: القَصْد الذي هو الوسَط. والأَمَمُ: القُرب، يقال: أَخذت ذلك
من أَمَمٍ أي من قُرْب. وداري أَمَمُ دارِه أي مُقابِلَتُها. والأَمَمُ:
اليسير. يقال: داركم أَمَمٌ، وهو أَمَمٌ منك. وكذلك الاثنان والجمع.
وأمْرُ بَني فُلان أَمَمٌ ومُؤامٌّ أي بيّنٌ لم يجاوز القدر.
والمؤَامُّ، بتشديد الميم: المقارب، أُخِذ الأَمَم وهو القرب؛ يقال: هذا
أَمْرٌ مؤَامٌّ مثل مُضارٍّ. ويقال للشيء إذا كان مُقارِباً: هو
مُؤامٌّ. وفي حديث ابن عباس: لا يَزال أَمْرُ الناس مُؤَامّاً ما لم يَنْظروا في
القَدَرِ والوِلْدان أي لا يَزال جارياً على القَصْد والاستقامة.
والمُؤَامُّ: المُقارَب، مُفاعَل من الأَمِّ، وهو القَصْد أَو من الأَمَمِ
القرب، وأَصله مُؤامَم فأُدْغِم. ومنه حديث كعب: لا تَزال الفِتْنة مُؤامّاً
بها ما لم تبْدأْ من الشام؛ مُؤَامٌّ هنا: مُفاعَل، بالفتح، على المفعول
لأن معناه مُقارَباً بها، والباء للتعدية، ويروى مُؤَمّاً، بغير مدٍّ.
والمُؤَامٌّ: المُقارِب والمُوافِق من الأَمَم، وقد أَمَّهُ؛ وقول
الطرِمّاح:
مثل ما كافَحْتَ مَحْزُوبَةً
نَصَّها ذاعِرُ وَرْعٍ مُؤَامْ
يجوز أَن يكون أَراد مُؤَامٌّ فحذف إحدى الميمين لالتقاء الساكنين،
ويجوز أن يكون أَراد مُؤَامٌّ فأَبدل من الميم الأخيرة ياء فقال: مُؤَامي ثم
وقف للقافية فحذف الياء فقال: مُؤَامْ، وقوله: نَصَّها أي نَصَبَها؛ قال
ثعلب: قال أَبو نصر أَحسنُ ما تكون الظَّبْية إذا مَدَّت عُنُقَها من
رَوْعٍ يَسير، ولذلك قال مؤَامْ لأَنه المُقاربُ اليَسير.
قال: والأَمَمُ بين القريب والبعيد، وهو من المُقارَبة. والأَمَمُ:
الشيءُ اليسير؛ يقال: ما سأَلت إلا أَمَماً. ويقال: ظلَمْت ظُلْماً أَمَماً؛
قال زهير:
كأَنّ عَيْني، وقد سال السَّلِيلُ بهم،
وَجِيرة ما هُمُ لَوْ أَنَّهم أَمَمُ
يقول: أيّ جيرةٍ كانوا لو أنهم بالقرب مِنِّي. وهذا أمْر مُؤَامٌّ أي
قَصْدٌ مُقارب؛ وأَنشد الليث:
تَسْأَلُني بِرامَتَيْنِ سَلْجَما،
لو أنها تَطْلُب شيئاً أَمَما
أراد: لو طَلَبَت شيئاً يقْرُب مُتَناوَله لأَطْلَبْتُها، فأَما أن
تَطْلُب بالبلدِ السَّباسِبِ السَّلْجَمَ فإنه غير مُتَيَسِّر ولا أَمَمٍ.
وأُمُّ الشيء: أَصله.
والأُمُّ والأُمَّة: الوالدة؛ وأَنشد ابن بري:
تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ، ولَطالما
تُنُوزِعَ، في الأسْواق منها، خِمارُها
وقال سيبويه . . . .
(* هنا بياض بالأصل). لإمِّك؛ وقال أيضاً:
إضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ
قال فكسَرهما جميعاً كما ضم هنالك، يعني أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر، وجعلها
بعضهم لغة، والجمع أُمَّات وأُمّهات، زادوا الهاء، وقال بعضهم: الأُمَّهات
فيمن يعقل، والأُمّات بغير هاء فيمن لا يعقل، فالأُمَّهاتُ للناس
والأُمَّات للبهائم، وسنذكر الأُمَّهات في حرف الهاء؛ قال ابن بري: الأَصل في
الأُمَّهات أن تكون للآدميين، وأُمَّات أن تكون لغير الآدَمِيِّين، قال:
وربما جاء بعكس ذلك كما قال السفَّاح اليَرْبوعي في الأُمَّهات لغير
الآدَمِيِّين:
قَوّالُ مَعْروفٍ وفَعّالُه،
عَقَّار مَثْنى أُمَّهات الرِّباعْ
قال: وقال ذو الرمة:
سِوى ما أَصابَ الذئبُ منه وسُرْبَةٌ
أطافَتْ به من أُمَّهات الجَوازِل
فاستعمل الأُمَّهات للقَطا واستعملها اليَرْبوعي للنُّوق؛ وقال آخر في
الأُمَّهات للقِرْدانِ:
رَمى أُمَّهات القُرْدِ لَذْعٌ من السَّفا،
وأَحْصَدَ من قِرْانِه الزَّهَرُ النَّضْرُ
وقال آخر يصف الإبل:
وهام تَزِلُّ الشمسُ عن أُمَّهاتِه
صِلاب وأَلْحٍ، في المَثاني، تُقَعْقِعُ
وقال هِمْيان في الإبل أيضاً:
جاءَتْ لِخِمْسٍ تَمَّ من قِلاتِها،
تَقْدُمُها عَيْساً مِنُ امَّهاتِها
وقال جرير في الأُمَّات للآدَمِييِّن:
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ،
مُقَلَّدة من الأُمَّاتِ عارا
التهذيب: يَجْمَع الأُمَّ من الآدَميّاتِ أُمَّهات، ومن البَهائم
أُمَّات؛ وقال:
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ،
وإن مُنِّيتُ، أُمَّاتِ الرِّباعِ
قال الجوهري: أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ، ولذلك تُجْمَع على أُمَّهات. ويقال:
يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي ويا أَبَةُ افْعَلْ، يجعلون علامة التأْنيث
عوضاً من ياء الإضافة، وتَقِفُ عليها بالهاء؛ وقوله:
ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا،
كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُّ
قال ابن سيده: عَلَّق الفؤاد بعَلى لأنه في معنى حَزينٍ، فكأَنه قال:
عليك حَزينٌ.
وأَمَّتْ تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً. وقال ابن الأَعرابي في امرأَة
ذكرها: كانت لها عمة تَؤُمها أي تكون لها كالأُمِّ. وتَأَمَّها
واسْتَأَمَّها وتأَمَّمها: اتَّخَذَها أُمّاً؛ قال الكميت:
ومِن عَجَبٍ، بَجِيلَ، لَعَمْرُ أُمّ
غَذَتْكِ، وغيرَها تَتأَمّمِينا
قوله: ومن عَجَبٍ خبر مبتدإِ محذوف، تقديرهُ: ومن عَجَبٍ انْتِفاؤكم عن
أُمِّكم التي أَرْضَعَتْكم واتِّخاذكم أُمّاً غيرَها. قال الليث: يقال
تأَمَّم فلان أُمّاً إذا اتَّخذَها لنفسه أُمّاً، قال: وتفسير الأُمِّ في
كل معانيها أُمَّة لأن تأْسيسَه من حَرْفين صحيحين والهاء فيها أصلية،
ولكن العَرب حذَفت تلك الهاء إذ أَمِنُوا اللَّبْس. ويقول بعضُهم في تَصْغير
أُمٍّ أُمَيْمة، قال: والصواب أُمَيْهة، تُردُّ إلى أَصل تأْسيسِها، ومن
قال أُمَيْمَة صغَّرها على لفظها، وهم الذين يقولون أُمّات؛ وأَنشد:
إذِ الأُمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجوه،
فَرَجْتَ الظَّلامَ بأُمَّاتِكا
وقال ابن كيسان: يقال أُمٌّ وهي الأصل، ومنهم من يقول أُمَّةٌ، ومنهم من
يقول أُمَّهة؛ وأنشد:
تَقَبَّلْتَها عن أُمَّةٍ لك، طالَما
تُنوزِعَ بالأَسْواقِ عنها خِمارُها
يريد: عن أُمٍّ لك فأَلحقها هاء التأْنيث؛ وقال قُصَيّ:
عند تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي،
أُمَّهَتي خِنْدِفُ، والياسُ أَبي
فأَما الجمع فأَكثر العرب على أُمَّهات، ومنهم من يقول أُمَّات، وقال
المبرّد: والهاء من حروف الزيادة، وهي مزيدة في الأُمَّهات، والأَصل
الأَمُّ وهو القَصْد؛ قال أَبو مــنصور: وهذا هو الصواب لأن الهاء مزيدة في
الأُمَّهات؛ وقال الليث: من العرب من يحذف أَلف أُمٍّ كقول عديّ بن زيد:
أَيُّها العائِبُ، عِنْدِ، امَّ زَيْدٍ،
أنت تَفْدي مَن أَراكَ تَعِيبُ
وإنما أراد عنْدي أُمَّ زيدٍ، فلمّا حذَف الأَلف التَزقَتْ ياء عنْدي
بصَدْر الميم، فالتقى ساكنان فسقطت الياء لذلك، فكأَنه قال: عندي أُمَّ
زيد. وما كنت أُمّاً ولقد أَمِمْتِ أُمُومةً؛ قال ابن سيده: الأُمَّهة
كالأُمِّ، الهاء زائدة لأَنه بمعنى الأُمِّ، وقولهم أمٌّ بَيِّنة الأُمومة
يُصَحِّح لنا أن الهمزة فيه فاء الفعل والميم الأُولى عَيْن الفِعْل، والميم
الأُخرى لام الفعْل، فَأُمٌّ بمنزلة دُرٍّ وجُلٍّ ونحوهما مما جاء على
فُعْل وعينُه ولامُه من موضع، وجعل صاحبُ العَيْنِ الهاء أَصْلاً، وهو
مذكور في موضعه. الليث: إذا قالت العرب لا أُمَّ لك فإنه مَدْح عندهم؛ غيره:
ويقال لا أُمَّ لك، وهو ذَمٌّ. قال أَبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم
لا أُمَّ لك قد وُضعَ موضع المَدح؛ قال كعب بن سعد الغَنَويّ يَرْثي
أَخاه:
هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَث الصُّبْح غادِياً،
وماذا يُؤدّي الليلُ حينَ يَؤوبُ؟
قال أبو الهيثم في هذا البيت: وأَيْنَ هذا مما ذهب إليه أَبو عبيد؟
وإنما معنى هذا كقولهم: وَيْحَ أُمِّه ووَيْلَ أُمِّه والوَيلُ لها، وليس
للرجل في هذا من المَدْح ما ذهَب إليه، وليس يُشْبِه هذا قولهم لا أُمَّ لك
لأَن قوله أُمَّ لك في مذهب ليس لك أُمٌّ حُرَّة، وهذا السَّبُّ
الصَّريح، وذلك أَنّ بَني الإماء عند العرب مَذْمومون لا يلحقون بِبَني الحَرائر،
ولا يقول الرجل لصاحبه لا أُمَّ لك إلاَّ في غضَبه عليه مُقَصِّراً به
شاتِماً له، قال: وأَمّا إذا قال لا أَبا لَك، فلم يَترك له من
الشَّتِيمَة شيئاً، وقيل: معنى قولهم لا أُمَّ لك، يقول أنت لَقِيطٌ لا تُعْرَف لك
أُمٌّ. قال ابن بري في تفسير يت كعب بن سعد قال: قوله هَوَتْ أُمُّه،
يُسْتَعْمَل على جهة التعَجُّب كقولهم: قاتَله الله ما أَسْمَعه ما يَبْعَث
الصبحُ: ما استفهام فيها معنى التعَجُّب وموضعها نَصْب بيَبْعَث، أيْ
أَيُّ شيءٍ يَبعَثُ الصُّبْح من هذا الرجل؟ أَي إذا أَيْقَظه الصُّبح
تصرَّف في فِعْل ما يُريده. وغادِياً منصوب على الحال والعامل فيه يَبْعَث،
ويَؤُوب: يَرجع، يريد أَن إقْبال اللَّيل سَبَب رجوعه إلى بيته كما أن
إقْبال النهار سَبَب لتصرُّفه، وسنذكره أَيضاً في المعتل. الجوهري: وقولهم
وَيْلِمِّهِ، ويريدون وَيْلٌ لأُمّه فحذف لكثرته في الكلام. قال ابن بري:
وَيْلِمِّه، مكسورة اللام، شاهده قول المنتخل الهذلي يَرْثي ولدهَ
أُثَيلة:وَيْلِمِّه رجلاَ يأْتي به غَبَناً،
إذا تَجَرَّد لا خالٌ ولا بَخِلُ
الغَبَنُ: الخَديعةُ في الرأْي، ومعنى التَّجَرُّد ههنا التَّشْميرُ
للأَمرِ، وأَصْله أن الإنسان يَتجرَّد من ثيابه إذا حاوَل أَمْراً. وقوله:
لا خالٌ ولا بَخِل، الخالُ: الاختيال والتَّكَبُّر من قولهم رجل فيه خالٌ
أي فيه خُيَلاء وكِبْرٌ، وأما قوله: وَيْلِمِّه، فهو مَدْح خرج بلفظ
الذمِّ، كما يقولون: أَخْزاه الله ما أَشْعَرَه ولعَنه الله ما أَسْمَعه
قال: وكأَنهم قَصَدوا بذلك غَرَضاً مَّا، وذلك أَن الشيء إذا رآه الإنسان
فأَثْنى عليه خَشِيَ أَن تُصِيبه العين فيَعْدِل عن مَدْحه إلى ذمّه خوفاً
عليه من الأَذيَّةِ، قال: ويحتمل أيضاً غَرَضاً آخر، وهو أن هذا الممدوح
قد بلَغ غاية الفَضْل وحصل في حَدّ من يُذَمُّ ويُسَب، لأَن الفاضِل
تَكْثُر حُسَّاده وعُيّابه والناقِص لا يُذَمُّ ولا يُسَب، بل يَرْفعون
أنفسَهم عن سَبِّه ومُهاجاتِه، وأَصْلُ وَيْلِمِّه وَيْلُ أُمِّه، ثم حذفت
الهمزة لكثرة الاستعمال وكَسَروا لامَ وَيْل إتْباعاً لكسرة الميم، ومنهم من
يقول: أصله وَيلٌ لأُمِّه، فحذفت لام وَيْل وهمزة أُمّ فصار وَيْلِمِّه،
ومنهم من قال: أَصله وَيْ لأُمِّه، فحذفت همزة أُمٍّ لا غير. وفي حديث
ابن عباس أنه قال لرجل: لا أُمَّ لك؛ قال: هو ذَمٌّ وسَبٌّ أي أنت لَقِيطٌ
لا تُعْرف لك أُمٌّ، وقيل: قد يقَع مَدْحاً بمعنى التعَجُّب منه، قال:
وفيه بُعدٌ.
والأُمُّ تكون للحيَوان الناطِق وللموات النامِي كأُمِّ النَّخْلة
والشجَرة والمَوْزَة وما أَشبه ذلك؛ ومنه قول ابن الأصمعي له: أنا كالمَوْزَة
التي إنما صَلاحُها بمَوْت أُمِّها. وأُمُّ كل شيء: أَصْلُه وعِمادُه؛
قال ابن دُريَد: كل شيء انْضَمَّت إليه أَشياء، فهو أُمٌّ لها. وأُم القوم:
رئيسُهم، من ذلك؛ قال الشنْفَرى:
وأُمَِّ عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ
يعني تأَبط شرّاً. وروى الرَّبيعُ عن الشافعي قال: العرب تقول للرجل
يَلِي طَعام القَوْم وخِدْمَتَهم هو أُمُّهم؛ وأَنشد للشنفرى:
وأُمِّ عِيال قد شَهدت تَقُوتُهُمْ،
إذا أَحْتَرَتْهُم أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ
(* قوله «وأم عيال قد شهدت» تقدم هذا البيت في مادة حتر على غير هذا
الوجه وشرح هناك).
وأُمُّ الكِتاب: فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة، وقال
الزجاج: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب، وقيل: اللَّوْحُ المحفوظ. التهذيب: أُمُّ
الكتاب كلُّ آية مُحْكَمة من آيات الشَّرائع والأَحْكام والفرائض، وجاء
في الحديث: أنَّ أُم الكِتاب هي فاتحة الكتاب لأنها هي المُقَدَّمة
أَمامَ كلِّ سُورةٍ في جميع الصلوات وابْتُدِئ بها في المُصْحف فقدِّمت وهي
(* هنا بياض في الأصل) ..... القرآن العظيم. وأَما قول الله عز وجل: وإنه
في أُمِّ الكتاب لَدَيْنا، فقال: هو اللَّوْح المَحْفوظ، وقال قَتادة:
أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب. وعن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله
إلى آخره. الجوهري: وقوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الكِتاب، ولم يقل أُمَّهات
لأَنه على الحِكاية كما يقول الرجل ليس لي مُعين، فتقول: نحن مُعِينك
فتَحْكِيه، وكذلك قوله تعالى: واجْعَلْنا للمُتَّقين إماماً. وأُمُّ
النُّجوم: المَجَرَّة لأنها مُجْتَمَع النُّجوم. وأُمُّ التَّنائف: المفازةُ
البعيدة. وأُمُّ الطريق: مُعْظَمها إذا كان طريقاً عظيماً وحَوْله طَرُق
صِغار فالأَعْظم أُمُّ الطريق؛ الجوهري: وأُمُّ الطريق مُعظمه في قول كثير
عَزّة:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيّ وناصِحٍ،
تَخصُّ به أُمُّ الطريقِ عِيالَها
قال: ويقال هي الضَّبُع، والعَسْب: ماء الفَحْل، والوالِقِيّ وناصِح:
فَرَسان، وعِيالُ الطريق: سِباعُها؛ يريد أَنهنّ يُلْقِين أَولادَهنّ لغير
تَمامٍ من شِدّة التَّعَب. وأُمُّ مَثْوَى الرجل: صاحِبةُ مَنْزِله الذي
يَنْزله؛ قال:
وأُمُّ مَثْوايَ تُدَرِّي لِمَّتي
الأَزهري: يقال للمرأَة التي يَأْوي إليها الرجل هي أُمُّ مَثْواهُ. وفي
حديث ثُمامَة: أَتى أُمَّ مَنْزِلِه أَي امرأَته ومن يُدَبِّر أَمْر
بَيْته من النساء. التهذيب: ابن الأَعرابي الأُم امرأَة الرجل المُسِنَّة،
قال: والأُمّ الوالدة من الحيوان. وأُمُّ الحَرْب: الراية. وأُم الرُّمْح:
اللِّواء وما لُفَّ عليه من خِرْقَةٍ؛ ومنه قول الشاعر:
وسَلَبْنا الرُّمْح فيه أُمُّه
من يَدِ العاصِي، وما طَالَ الطِّوَلْ
وأُم القِرْدانِ: النُّقْرَةُ التي في أَصْل فِرْسِن البعير. وأُم
القُرَى: مكة، شرَّفها الله تعالى، لأَنها توسطَت الأرض فيما زَعَموا، وقي
لأنها قِبْلةُ جميع الناس يؤُمُّونها، وقيل: سُمِّيَت بذلك لأَنها كانت
أَعظم القُرَى شأْناً، وفي التنزيل العزيز: وما كان رَبُّك مُهْلِكَ القُرَى
حتى يبعثَ في أُمِّها رسولاً. وكلُّ مدينة هي أُمُّ ما حَوْلها من
القُرَى. وأُمُّ الرأْسِ: هي الخَريطةُ التي فيها الدِّماغ، وأُمُّ الدِّماغِ
الجِلدة التي تجْمع الدِّماغَ. ويقال أَيضاً: أُم الرأْس، وأُمُّ الرأْس
الدِّماغ؛ قال ابن دُرَيد: هي الجِلْدة الرقيقة التي عليها، وهي
مُجْتَمعه. وقالوا: ما أَنت وأُمُّ الباطِل أي ما أنت والباطِل؟ ولأُمٍّ أَشياءُ
كثيرة تضاف إليها؛ وفي الحديث: أنه قال لزيد الخيل نِعْم فَتىً إن نَجا من
أُمّ كلْبةَ، هي الحُمَّى، وفي حديث آخر: لم تَضُرّه أُمُّ الصِّبْيان،
يعني الريح التي تَعْرِض لهم فَربما غُشِي عليهم منها. وأُمُّ
اللُّهَيْم: المَنِيّة، وأُمُّ خَنُّورٍ الخِصْب، وأُمُّ جابرٍ الخُبْزُ، وأُمُّ
صَبّار الحرَّةُ، وأُم عُبيدٍ الصحراءُ، وأُم عطية الرَّحى، وأُمُّ شملة
الشمس
(* قوله «وأم شملة الشمس» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شمل: أن أم
شملة كنية الدنيا والخمر)، وأُمُّ الخُلْفُف الداهيةُ، وأُمُّ رُبَيقٍ
الحَرْبُ، وأُم لَيْلى الخَمْر، ولَيْلى النَّشْوة، وأُمُّ دَرْزٍ الدنيْا،
وأُم جرذان النخلة، وأُم رَجيه النحلة، وأُمُّ رياح الجرادة، وأُمُّ
عامِرٍ المقبرة، وأُمُّ جابر السُّنْبُلة، وأُمُّ طِلْبة العُقابُ، وكذلك
شَعْواء، وأُمُّ حُبابٍ الدُّنيا، وهي أُمُّ وافِرَةَ، وأُمُّ وافرة
البيره
(* قوله «وأم خبيص إلخ» قال شارح القاموس قبلها: ويقال للنخلة أيضاً أم
خبيص ألى آخر ما هنا، لكن في القاموس: أم سويد وأم عزم بالكسر وأم طبيخة
كسكينة في باب الجيم الاست)، وأُم سمحة العنز، ويقال للقِدْر: أُمُّ
غياث، وأُمُّ عُقْبَة، وأُمُّ بَيْضاء، وأُمُّ رسمة، وأُمُّ العِيَالِ،
وأُمُّ جِرْذان النَّخْلة، وإذا سميت رجُلاً بأُمِّ جِرْذان لم تَصْرِفه،
وأُمُّ خبيص
(* قوله: البيرة هكذا في الأصل. وفي القاموس: أم وافرة الدنيا)،
وأُمُّ سويد، وأُمُّ عِزْم، وأُم عقاق، وأُم طبيخة وهي أُم تسعين،
وأُمُّ حِلْس كُنْية الأتان، ويقال للضَّبُع أُمُّ عامِر وأُمُّ عَمْرو.
الجوهري: وأُم البَيْضِ في شِعْرِ أَبي دُواد النعَامة وهو قوله:
وأَتانا يَسْعَى تَفَرُّسَ أُمِّ الـ
بيضِ شََدّاً، وقد تَعالى النَّهارُ
قال ابن بري: يصف رَبيئَة، قال: وصوابه تَفَرُّش، بالشين معجَمةً،
والتَّفَرُّش: فَتْحُ جَناحَي الطائر أَو النَّعامة إذا عَدَتْ. التهذيب:
واعلم أنَّ كل شيء يُضَمُّ إليه سائرُ ما يليه فإنَّ العربَ تسمي ذلك الشيء
أُمّاً، من ذلك أُمُّ الرأْس وهو الدِّماغُ، والشجَّةُ الآمَّةُ التي
تَهْجُمُ على الدِّماغ.
وأَمَّه يَؤُمُّه أَمّاً، فهو مَأْمُومٌ وأَمِيم: أصاب أُمَّ رأْسِه.
الجوهري: أَمَّهُ أي شجُّهُ آمَّةً، بالمدِّ، وهي التي تَبْلُغ أُمَّ
الدِّماغِ حتى يبقَى بينها وبين الدِّماغ جِلْدٌ رقيقٌ. وفي حديث الشِّجاج: في
الآمَّة ثُلُثُ الدِّيَة، وفي حديث آخر: المَأْمُومَة، وهي الشَّجَّة
التي بلغت أُمَّ الرأْس، وهي الجلدة التي تجمَع الدماغ. المحكم: وشَجَّةٌ
آمَّةٌ ومَأْمُومةٌ بلغت أُمَّ الرأْس، وقد يُستعار ذلك في غير الرأْس؛
قال:
قَلْبي منَ الزَّفَرَاتِ صَدَّعَهُ الهَوى،
وَحَشايَ من حَرِّ الفِرَاقِ أَمِيمُ
وقوله أَنشده ثعلب:
فلولا سِلاحي، عندَ ذاكَ، وغِلْمَتي
لَرُحْت، وفي رَأْسِي مآيِمُ تُسْبَرُ
فسره فقال: جَمَع آمَّةً على مآيِمَ وليس له واحد من لفظه، وهذا كقولهم
الخيل تَجْرِي على مَسَاوِيها؛ قال ابن سيده: وعندي زيادة وهو أَنه أراد
مآمَّ، ثم كَرِه التَّضْعِيف فأَبدل الميم الأَخيرة ياءً، فقال مآمِي، ثم
قلب اللامَ وهي الياء المُبْدَلة إلى موضع العين فقال مآيِم، قال ابن
بري في قوله في الشَّجَّة مَأْمُومَة، قال: وكذا قال أَبو العباس المبرّد
بعضُ العرب يقول في الآمَّة مَأْمُومَة؛ قال: قال عليّ بن حمزة وهذا غلَطٌ
إنما الآمَّةُ الشَّجَّة، والمَأْمُومَة أُمُّ الدِّماغ المَشْجُوجَة؛
وأَنشد:
يَدَعْنَ أُمَّ رأْسِه مَأْمُومَهْ،
وأُذْنَهُ مَجْدُوعَةً مَصْلُومَه
ويقال: رجل أَمِيمٌ ومَأْمُومٌ للذي يَهْذِي من أُمِّ رأْسه.
والأُمَيْمَةُ: الحجارة التي تُشْدَخ بها الرُّؤُوس، وفي الصحاح:
الأَمِيمُ حَجَرٌ يُشْدَخُ به الرأْس؛ وأَنشد الأزهري:
ويَوْمَ جلَّيْنا عن الأَهاتِم
بالمَنْجَنِيقاتِ وبالأَمائِم
قال: ومثله قول الآخر:
مُفَلَّقَة هاماتُها بالأَمائِم
وأُم التَّنائف:: أَشدُّها. وقوله تعالى: فَأُمُّه هاوِيَةٌ، وهي النارُ
(* قوله «وهي النار إلخ» كذا بالأصل ولعله هي النار يهوي فيها من إلخ) .
يَهْوِي مَن أُدْخِلَها أي يَهْلِك، وقيل: فَأُمُّ رأْسه هاوِيَة فيها
أي ساقِطة. وفي الحديث: اتَّقوا الخَمْر فإنها أُمُّ الخَبائث؛ وقال شمر:
أُمُّ الخبائث التي تَجْمَع كلَّ خَبيث، قال: وقال الفصيح في أَعراب قيس
إذا قيل أُمُّ الشَّرِّ فهي تَجْمَع كل شرٍّ على وَجْه الأرض، وإذا قيل
أُمُّ الخير فهي تجمع كلَّ خَيْر. ابن شميل: الأُمُّ لكل شيء هو المَجْمَع
والمَضَمُّ.
والمَأْمُومُ من الإبِل: الذي ذهَب وَبَرهُ عن ظَهْره من ضَرْب أو
دَبَرٍ؛ قال الراجز:
ليس بذِي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ،
ولا بِخَوّارٍ ولا أَزَبِّ،
ولا بمأْمُومٍ ولا أَجَبِّ
ويقال للبعير العَمِدِ المُتَأَكِّل السَّنامِ: مَأْمُومٌ. والأُمِّيّ:
الذي لا يَكْتُبُ، قال الزجاج: الأُمِّيُّ الذي على خِلْقَة الأُمَّةِ لم
يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّتِه، وفي التنزيل العزيز: ومنهم
أُمِّيُّون لا يَعلَمون الكتابَ إلاّ أَمَانِيَّ؛ قال أَبو إسحق: معنى
الأُمِّيّ المَنْسُوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أُمُّه أي لا يَكتُبُ، فهو في أَنه
لا يَكتُب أُمِّيٌّ، لأن الكِتابة هي مُكْتسَبَةٌ فكأَنه نُسِب إلى ما
يُولد عليه أي على ما وَلَدَته أُمُّهُ عليه، وكانت الكُتَّاب في العرب من
أَهل الطائف تَعَلَّموها من رجل من أهل الحِيرة، وأَخذها أَهل الحيرة عن
أَهل الأَنْبار. وفي الحديث: إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا نَكْتُب ولا
نَحْسُب؛ أَراد أَنهم على أَصل ولادة أُمِّهم لم يَتَعَلَّموا الكِتابة
والحِساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأُولى. وفي الحديث: بُعِثتُ إلى أُمَّةٍ
أُمِّيَّة؛ قيل للعرب الأُمِّيُّون لأن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو
عَديمة؛ ومنه قوله: بَعَثَ في الأُمِّيِّين رسولاً منهم. والأُمِّيُّ:
العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام؛ قال:
ولا أعُودِ بعدَها كَرِيّا
أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا،
والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا
قيل له أُمِّيٌّ لأنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام
وعُجْمَة اللِّسان، وقيل لسيدنا محمدٍ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأ المَكْتُوبَ، وبَعَثَه
الله رسولاً وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب، وكانت هذه الخَلَّة
إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه، صلى الله عليه وسلم، تَلا عليهم كِتابَ
الله مَنْظُوماً، تارة بعد أُخْرَى، بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم
يُغَيِّره ولم يُبَدِّل أَلفاظَه، وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً
ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص، فحَفِظه الله عز وجل على نَبيِّه كما
أَنْزلَه، وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه
وبينهم بها، ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى: وما كنتَ تَتْلُو من قَبْلِه من
كِتاب ولا تَخُطُّه بِيَمِينِك إذاً لارْتابَ المُبْطِلون الذين كفروا،
ولَقالوا: إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب.
والأَمامُ: نَقِيضُ الوَراء وهو في معنى قُدَّام، يكون اسماً وظرفاً.
قال اللحياني: وقال الكِسائي أمام مؤنثة، وإن ذُكِّرتْ جاز، قال سيبويه:
وقالوا أَمامَك إذا كنت تُحَذِّره أو تُبَصِّره شيئاً، وتقول أنت أَمامَه
أي قُدَّمه. ابن سيده: والأَئمَّةُ كِنانة
(* قوله: والائمة كِنانة؛ هكذا
في الأصل، ولعله اراد ان بني كنانة يقال لهم الأئمة)؛ عن ابن الأعرابي.
وأُمَيْمَة وأُمامةُ: اسم امرأَة؛ قال أَبو ذؤيب:
قالتْ أُمَيْمةُ: ما لجِسْمك شاحِباً
مثلي ابْتُذِلْتَ، ومِثلُ ما لك يَنْفَعُ
(* قوله «مثلي ابتذلت» تقدم في مادة نفع بلفظ منذ ابتذلت وشرحه هناك).
وروى الأَصمعي أُمامةُ بالأَلف، فَمَن روى أُمامة على الترخيم
(* قوله
«فمن روى امامة على الترخيم» هكذا في الأصل، ولعله فمن روى أمامة فعلى
الأصل ومن روى أميمة فعل تصغير الترخيم). وأُمامةُ: ثَلَثُمائة من الإبِلِ؛
قال:
أَأَبْثُرهُ مالي ويَحْتُِرُ رِفْدَه؟
تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامةُ من هِنْدِ
أَراد بأُمامة ما تقدَّم، وأَراد بِهِنْد هُنَيْدَة وهي المائة من
الإبل؛ قال ابن سيده: هكذا فسره أَبو العَلاء؛ ورواية الحَماسة:
أَيُوعِدُني، والرَّمْلُ بيني وبينه؟
تَبَيَّنْ رُوَيْداً ما أُمامة من هِنْدِ
وأَما: من حروف الابتداء ومعناها الإخْبار. وإمَّا في الجَزاء:
مُرَكَّبة من إنْ ومَا. وإمَّا في الشَّكِّ: عَكْسُ أو في الوضع، قال: ومن
خَفِيفِه أَمْ. وأَمْ حرف عَطف، معناه الاستفهام، ويكون بمعنى بَلْ. التهذيب:
الفراء أَمْ في المعنى تكون ردّاً على الاستفهام على جِهَتَيْن: إحداهما
أن تُفارِق معنى أَمْ، والأُخرى أن تَسْتَفْهِم بها على جهة النّسَق،
والتي يُنْوى به الابتداء إلاَّ أَنه ابتداء متصِل بكلام، فلو ابْتَدَأْت
كلاماً ليس قبله كلامٌ ثم استَفْهَمْت لم يكن إلا بالأَلف أو بهَلْ؛ من ذلك
قوله عز وجل: ألم تَنْزيلُ الكِتاب لا رَيْبَ فيه مِن رَبِّ العالَمين
أمْ يَقولونَ افْتَراه، فجاءت بأَمْ وليس قَبْلَها استفهام فهذه دليل على
أَنها استفهام مبتدأٌ على كلام قد سبقه، قال: وأَما قوله أَمْ تُريدُون أن
تَسْأَلوا رَسولَكم، فإن شئت جعَلْته استفهاماً مبتدأً قد سبقه كلامٌ،
وإن شئت جعَلْته مردوداً على قوله ما لنا لا نرى
(* قوله «وان شئت جعلته
مردوداً على قوله ما لنا لا نرى» هكذا في الأصل)، ومثله قوله: أَلَيْسَ لي
مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأَنهارُ تَجْري من تحتي، ثم قال: أَم أَنا خَيْرٌ،
فالتفسير فيهما واحدٌ. وقال الفراء: وربما جَعَلتِ العرب أَمْ إذا سبقها
استفهام ولا يَصْلُح فيه أَمْ على جهة بَلْ فيقولون: هل لك قِبَلَنا
حَقٌّ أَم أَنتَ رجل معروف بالظُّلْم، يُريدون بل أنت رجُل معروف بالظُّلْم؛
وأَنشد:
فوَالله ما أَدري أَسَلْمى تَغَوَّلَتْ،
أَمِ النَّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حَبِيبُ
يُريد: بَلْ كلٌّ، قال: ويفعلون مثل ذلك بأَوْ، وهو مذكور في موضعه؛
وقال الزجاج: أَمْ إذا كانت معطوفة على لفظ الاستفهام فهي معروفة لا إشكال
فيها كقولك زيد أَحسن أَمْ عَمرو، أَكذا خيرٌ أَمْ كذا، وإذا كانت لا
تقَعُ عطفاً على أَلِف الاستفهام، إلا أَنها تكون غير مبتدأَة، فإنها تُؤذِن
بمعنى بَلْ ومعنى أَلف الاستفهام، ثم ذكر قول الله تعالى: أَمْ تُريدُون
أَن تَسأَلوا رَسُولكم، قال: المعنى بَلْ تُريدون أَن تَسأَلوا رسولَكم،
قال: وكذلك قوله: ألم تَنْزيلُ الكتاب لا رَيب فيه من ربِّ العالمين أمْ
يَقولون افْتَراه؛ قال: المعنى بَلْ يقولون افْتَراه، قال الليث: أَمْ
حَرْف أَحسَن ما يكون في الاستفهام على أَوَّله، فيصير المعنى كأَنه
استفهام بعد استفهام، قال: ويكون أمْ بمعنى بَلْ، ويكون أم بمعنى ألِف
الاستفهام كقولك: أَمْ عِنْدك غَداء حاضِرٌ؟ وأنت تريد: أَعِندَك غداء حاضِرٌ وهي
لغة حسنة من لغات العرب؛ قال أَبو مــنصور: وهذا يَجُوز إذا سبقه كلام،
قال الليث: وتكون أَمْ مبتدَأَ الكلام في الخبر، وهي لغة يَمانية، يقول
قائلُهم: أم نَحْن خَرَجْنا خِيارَ الناس، أَمْ نُطْعِم الطَّعام، أَمْ
نَضْرِب الهامَ، وهو يُخْبِر. وروي عن أبي حاتم قال: قال أَبو زيد أَم تكون
زائدة لغةُ أَهل اليمن؛ قال وأَنشد:
يا دَهْن أَمْ ما كان مَشْيي رَقَصا،
بل قد تكون مِشْيَتي تَوَقُّصا
أَراد يا دَهْناء فَرَخَّم، وأَمْ زائدة، أراد ما كان مَشْيي رَقَصاً أي
كنت أَتَوقَّصُ وأَنا في شَبِيبتي واليومَ قد أَسْنَنْت حتى صار مَشيي
رَقَصاً، والتَّوَقُّص: مُقارَبةُ الخَطْو؛ قال ومثلُه:
يا ليت شعري ولا مَنْجى من الهَرَمِ،
أَمْ هلْ على العَيْش بعدَ الشَّيْب مِن نَدَمِ؟
قال: وهذا مذهب أَبي زيد وغيره، يذهَب إلى أَن قوله أَمْ كان مَشْيي
رَقَصاً معطوف على محذوف تقدّم، المعنى كأَنه قال: يا دَهْن أَكان مَشْيي
رَقَصاً أَمْ ما كان كذلك، وقال غيره: تكون أَمْ بلغة بعض أَهل اليَمن
بمعنى الأَلِف واللامِ، وفي الحديث: ليس من امْبرِّ امْصِيامُ في امْسَفَر أي
ليس من البِرِّ الصِّيامُ في السفَر؛ قال أَبو مــنصور: والأَلفُ فيها
أَلفُ وَصْلٍ تُكْتَب ولا تُظْهر إذا وُصِلت، ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلِف
أَم التي قدَّمنا ذكْرَها؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ذاكَ خَلِيلي وذُو يُعاتِبُني،
يَرْمي ورائي بامْسَيْفِ وامْسَلِمَه
ألا تراه كيف وَصَل الميمَ بالواو؟ فافهمه. قال أَبو مــنصور: الوجه أن لا
تثبت الألف في الكِتابة لأَنها مِيمٌ جعلتْ بدَلَ الأَلفِ واللام
للتَّعْريف. قال محمد ابن المكرَّم: قال في أَوَّل كلامه: أَمْ بلغة اليمن
بمعنى الأَلف واللام، وأَوردَ الحديث ثم قال: والأَلف أَلفُ وَصْل تُكْتَبُ
ولا تُظْهر ولا تُقْطَع كما تُقْطَع أَلف أَمْ، ثم يقول: الوَجُه أَن لا
تثبت الألِف في الكتابة لأَنها ميمٌ جُعِلَتْ بدَل الأَلف واللام
للتَّعْريف، والظاهر من هذا الكلام أَن الميمَ عِوَض لام التَّعْريف لا غَيْر،
والأَلفُ على حالِها، فكيف تكون الميم عِوَضاً من الألف واللام؟ ولا حُجَّة
بالبيت الذي أَنشده فإن أَلفَ التَّعْريف واللام في قوله والسَّلِمَة لا
تظهر في ذلك، ولا في قوله وامْسَلِمَة، ولولا تشديدُ السين لَما قدر على
الإتْيان بالميم في الوزْن، لأَنَّ آلةَ التَّعْريف لا يَظْهر منها شيء
في قوله والسَّلِمة، فلمّا قال وامْسَلِمة احتاج أَن تظهر الميم بخلاف
اللام والألف على حالتها في عَدَم الظُّهور في اللفظ خاصَّة، وبإظهاره
الميم زالت إحْدى السِّينَيْن وخَفَّت الثانية وارْتَفَع التشديدُ، فإن كانت
الميم عِوَضاً عن الأَلف واللام فلا تثبت الألف ولا اللام، وإن كانت
عِوَضَ اللام خاصَّة فَثُبوت الألف واجبٌ. الجوهري: وأَمّا أَمْ مُخَفَّفة
فهي حرَف عَطف في الاستفهام ولها مَوْضِعان: أحدهُما أنْ تَقَع مُعادِلةً
لألِفِ الاستفهام بمعنى أيّ تقول أَزَيْدٌ في الدار أَمْ عَمرو والمعنى
أَيُّهما فيها، والثاني أَن تكون مُنْقَطِعة مما قبلها خَبراً كان أو
استفهاماً، تقول في الخَبَر: إنها لإِبلٌ أَمْ شاءٌ يا فتى، وذلك إذا نَظَرْت
إلى شَخْص فَتَوَهَّمته إبِلاً فقلت ما سبق إليك، ثم أَدْرَكك الظنُّ
أَنه شاءٌ فانصَرَفْت عن الأَوَّل فقلت أَمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إضْرابٌ
عمَّا كان قبله، إلاَّ أَنَّ ما يَقَع بعد بَلْ يَقِين وما بَعْد أَمْ
مَظْنون، قال ابن بري عند قوله فقلت أمْ شاءٌ بمعنى بَلْ لأَنه إِضْراب عما
كان قبله: صَوابُه أَنْ يَقول بمعنى بل أَهِيَ شاءٌ، فيأْتي بأَلِف
الاستفهام التي وَقَع بها الشكُّ، قال: وتَقول في الاستفهام هل زيد
مُنْطَلِق أمْ عَمرو يا فَتى؟ إنما أَضْرَبْت عن سُؤالك عن انْطِلاق زيدٍ
وجعَلْته عن عَمرو، فأَمْ معها ظنٌّ واستفهام وإضْراب؛ وأَنشد الأخفش
للأخطل:كَذَبَتْك عَينُكَ أَمْ رأَيت بِواسِطٍ
غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ، خَيالا؟
وقال في قوله تعالى: أَمْ يَقولون افْتراه؛ وهذا لم يكن أَصلهُ
استفهاماً، وليس قوله أَمْ يَقولون افْتَراهُ شكّاً، ولكنَّه قال هذا لِتَقبيح
صَنيعِهم، ثم قال: بل هو الحَقُّ من رَبِّك، كأَنه أَراد أَن يُنَبِّه على
ما قالوه نحو قولك للرجل: الخَيرُ أَحَبُّ إليك أمِ الشرُّ؟ وأَنتَ
تَعْلَم أنه يقول الخير ولكن أَردت أن تُقَبِّح عنده ما صنَع، قاله ابن بري.
ومثله قوله عز وجل: أمِ اتَّخَذ ممَّا يَخْلق بَناتٍ، وقد عَلِم النبيُّ،
صلى الله عليه وسلم، والمسلمون، رضي الله عنهم، أنه تعالى وتقدّس لم
يَتَّخِذ وَلَداً سبحانه وإنما قال ذلك لِيُبَصِّرهم ضَلالَتَهم، قال:
وتَدْخُل أَمْ على هلْ تقول أَمْ هلْ عندك عمرو؛ وقال عَلْقمة ابن
عَبَدة:أَمْ هلْ كَبيرٌ بَكَى لم يَقْضِ عَبْرَتَه،
إثْرَ الأَحبَّةِ، يَوْمَ البَيْنِ، مَشْكُومُ؟
قال ابن بري: أمْ هنا مُنْقَطِعة، واستَأْنَف السُّؤال بها فأَدْخَلها
على هلْ لتَقَدُّم هلْ في البيت قبله؛ وهو:
هلْ ما عَلِمْت وما اسْتودِعْت مَكْتوم
ثم استأْنف السؤال بِأَمْ فقال: أَمْ هلْ كَبير؛ ومثله قول الجَحَّاف بن
حكيم:
أَبا مالِكٍ، هلْ لُمْتَني مُذْ حَصَضَتَنِي
على القَتْل أَمْ هلْ لامَني منكَ لائِمُ؟
قال: إلاّ أَنه متى دَخَلَتْ أَمْ على هلْ بَطَل منها معنى الاستفهام،
وإنما دَخَلتْ أَم على هلْ لأَنها لِخُروجٍ من كلام إلى كلام، فلهذا
السَّبَب دخلتْ على هلْ فقلْت أَمْ هلْ ولم تَقُل أَهَلْ، قال: ولا تَدْخُل
أَم على الأَلِف، لا تَقول أَعِنْدك زيد أَمْ أَعِنْدك عَمْرو، لأن أصل ما
وُضِع للاستفهام حَرْفان: أَحدُهما الألفُ ولا تَقع إلى في أَوَّل
الكلام، والثاني أمْ ولا تقع إلا في وَسَط الكلام، وهلْ إنما أُقيمُ مُقام
الألف في الاستفهام فقط، ولذلك لم يَقَع في كل مَواقِع الأَصْل.