[في الانكليزية] Metaphor
[ في الفرنسية] Metaphore
في اللغة: هو أخذ الشيء بالعارية أو عند الفرس: هو إضافة المشبّه به إلى المشبّه، وهذا خلاف اصطلاح أهل العربية. وهو على نوعين:
فيل: الفِيل: معروف، والجمع أَفْيال وفُيُول وفِيَلة؛ قال ابن السكيت:
ولا تقل أَفْيِلة، والأُنثى، فِيلة، وصاحبها فَيَّال
(* قوله «وصاحبها
فيال» مثله في القاموس، وكتب عليه هكذا في النسخ والأصوب وصاحبه كما في
الشرح) قال سيبويه: يجوز أَن يكون أَصل فيل فُعْلاً فكسر من أَجل الياء كما
قالوا أَبيض وبِيض؛ قال الأَخفش: هذا لا يكون في الواحد إِنما يكون في
الجمع؛ وقال ابن سيده: قال سيبويه يجوز أَن يكون فِيل فِعْلاً وفُعْلاً
فيكون أَفْيال، إِذا كان فُعْلاً، بمنزلة الأَجناد والأَجْحار، ويكون
الفُيُول بمنزلة الخِرَجَةَ
(* قوله «ويكون الفيول بمنزلة الخرجة» هكذا في الأصل
ولعله محرف، والأصل: ويكون الفيلة بمنزلة الخرجة وأن في الكلام سقطاً)
يعني جمع خُرْج. وليلة مثل لون الفِيل أَي سَوْداء لا يهتدي لها، وأَلوان
الفِيَلة كذلك.
واسْتَفْيَل الجملُ: صار كالفِيل؛ حكاه ابن جني في باب اسْتَحْوذ
وأَخواته؛ وأَنشد لأَبي النجم:
يريد عَينَيْ مُصْعَب مُسْتَفْيِل
والتفيُّل: زيادة الشباب ومُهْكَته؛ قال الشاعر:
حتى إِذا ما حانَ من تَفَيُّله
وقال العجاج:
كلّ جُلالٍ يَمْلأُ المُحَبَّلا
عجَنَّس قَرْم، إِذا تَفَيَّلا
قال: تفيَّل إِذا سمن كأَنه فِيل. ورجل فَيِّل اللحم: كثيرة، وبعضهم
يهمزه فيقول فَيْئِل، على فَيْعِل.
وتفيَّل النبات: اكْتَهَل؛ عن ثعلب.
وفَال رأْيُه يَفِيل فَيْلولة: أَخْطأَ وضَعُف. ويقال: ما كنت أُحب أَن
يرى في رأْيك فِيَالة. ورجل فِيلُ الرأْي أَي ضعيف الرأْي؛ قال الكميت:
بني رَبِّ الجَواد، فلا تَفِيلوا،
فما أَنتم، فنَعْذِرَكُم، لفِيل
وقال جرير:
رأَيتُك يا أُخَيْطِل، إِذْ جَرَيْنا
وجُرِّبَتِ الفِراسَةُ، كنتَ فَالا
وتفيَّل: كَفال. وفَيَّل رأْيَه: قبَّحه وخطَّأَه؛ وقال أُمية بن أَبي
عائذ:
فَلَوْ غَيْرَها، من وُلْد كَعْب بن كاهِلِ،
مدحْتَ بقول صادق، لم تُفَيَّلِ
فإِنه أَراد: لم يفيَّل رأْيُك، وفي هذا دليل على أَن المضاف إِذا حذف
رِفِض حكمه، وصارت المعاملة إِلى ما صرت إِليه وحصلت عليه، أَلا ترى أَنه
ترك حرف المضارعة المؤذن بالغَيْبة، وهو الياء، وعدل إِلى الخطاب البتة
فقال تُفَيَّل، بالتاء، أَي لم تفيَّل أَنت؟ ومثله بيت الكتاب:
أَولئك أَولَى من يَهودَ بِمِدْحَة،
إِذا أَنتَ يوماً قلتَها لم تُفَنَّد
أَي يفنَّد رأْيُك. قال أَبو عبيدة: الفَائِل من المتفرِّسين الذي يظن
ويخطيء، قال: ولا يعد فائلاً حتى ينظر إِلى الفَرس في حالاته كلها
ويتفرَّس فيه، فإِن أَخطأَ بعد ذلك فهو فارِس غير فائِل. ورجل فِيلُ الرأْي
والفِراسة وفالُهُ وفَيِّله وفَيْلُه إِذا كان ضعيفاً، والجمع أَفْيال. ورجل
فالٌ أَي ضعيف الرأْي مخطئ الفِراسة، وقد فال الرأْيُ يَفِيلُ فُيُولة.
وفَيِّل رأْيَه تَفْيِيلاً أَي ضعَّفه، فهو فَيِّل الرأْي. قال ابن بري:
يقال فال الرجل يَفِيل فُيُولاً وفَيالة وفِيالة؛ قال أُفْنُون
التَّغلَبي:
فالُوا عليَّ، ولم أَملِك فَيالَتهم،
حتى انتَحَيْت على الأَرْساغ والقُنَنِ
وفي حديث علي يصف أَبا بكر، رضي الله عنهما: كنتَ للدِّين يَعْسوباً
أَوَّلاً حين نفَر الناس عنه وآخراً حين فَيَّلوا، ويروى فَشِلوا، أَي حين
فال رأْيُهُم فلم يَسْتبينوا الحق. يقال: فال الرجل في رأْيه وفَيَّل إِذا
لم يصِب فيه، ورجل فائل الرأْي وفالُه وفَيَّله؛ وفي حديثه الآخر: إِنْ
تَمَّموا على فِيَالة هذا الرأْي انقطع نِظام المسلمين؛ المحكم: وفي
رأْيه فَيالة وفِيالة وفُيُولة.
والمُفايَلة والفِيَال والفَيال لُعْبة للصبيان، وقيل: لعبة لفِتيان
الأَعراب بالتراب يَخْبَؤُون الشيء في التراب ثم يقسِمونه بقسمين ثم يقول
الخابئ لصاحبه: في أَي القسمين هو؟ فإِذا أَخطأَ قال له: فال رأْيُك؛ قال
طرفة:
يَشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيْزُومها بها،
كما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ
قال الليث: يقال فَيَال وفِيَال، فمن فتح الفاء جعله اسماً، ومن كسرها
جعله مصدراً؛ وقال غيره: يقال لهذه اللعبة الطُّبَن والسُّدَّر؛ وأَنشد
ابن الأَعرابي:
يَبِتْنَ يَلْعَبْنَ حَوالَيَّ الطُّبَنْ
قال ابن بري: والفِئال من الفأْل بالظفر، ومن لم يهمز جعله من فالَ
رأْيُه إِذا لم يظفَر، قال: وذكره النحاس فقال الفِيَال من المُفايَلة ولم
يقل من المُفاءلة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
من الناس أَقوامٌ، إِذا صادَفوا الغِنَى
تَوَلَّوْا، وفَالوا للصديق وفَخَّموا
يجوز أَن يكون فالُوا تعظَّمُوا وتَفاخموا فصاروا كالفِيَلة، أَو
تجهَّموا للصديق لأَن الفِيل جَهْم، أَو فالَتْ آراؤهم في إِكرامه وتقريبه
ومَعُونته على الدهر فلم يكرموه ولا أَعانوه.
والفائِل: اللحمُ الذي على خُرْب الوَرِك، وقيل: هو عِرْق؛ قال الجوهري:
وكان بعضهم يجعل الفائل عِرْقاً في الفخذ؛ قال هميان:
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقى فائِله وأُبُضِهْ
وقال الأَصمعي في كتاب الفَرس: في الورِك الخُرْبة وهي نقرة فيها لحم لا
عظم فيها، وفي تلك النقرة الفائل، قال: وليس بين تلك النقرة وبين الجوف
عظم إِنما هو جلد ولحم، وقيل: الفائِلان مُضَيْغَتان من لحم أَسفلهما على
الصَّلَوَيْن من لَدُن أَدْنَى الحَجَبَتَيْنِ إلى العَجْب، مُكْتَنِفتا
العُصْعُص منحدِرتان في جانبي الفخذين؛ واحتجوا بقول الأَعشى:
قد نَخْضِبُ العيرُ من مَكْنون فائِلِه،
وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَل
قالوا: فلم يجعله مَكْنوناً إِلا وهو عِرْق، قال الأَوَّلون: بل أَغاب
اللسان في أَقْصى اللحم، ولو كان عِرْقاً ما قال أَشْرَفَت الحَجَبَتان
عليه، ويقال: المَكْنون هنا الدَّمُ؛ قال الجوهري: مَكْنون الفَائِل دَمُه،
وأَراد إِنَّا حُذاق بالطَّعْن في الفائل، وذلك أَن الفارس إِذا حَذَق
الطعن قصد الخُرْبةَ لأَنه ليس دون الجَوف عظم، ومَكْنون فائِله دمُه الذي
قد كُنَّ فيه. والفَالُ: لغة في الفائِل؛ قال امرؤ القيس:
ولم أَشْهَدِ الخَيْل المُغِيرة، بالضُّحَى،
على هَيْكَلٍ نَهْدِ الجُزَارة جَوَّالِ، سَلِيم الشَّظى، عَبْلِ
الشَّوى، شَنِجِ النَّسا،
لهُ حَجَباتٌ مُشْرُِفاتٌ على الفالِ
أَراد على الفائل فقلَب، وهو عِرْق في الفخذين يكون في خُرْبة الوَرِك
ينحدِر في الرِّجْل، والله أَعلم.
خلا: خَلا المكانُ
والشيءُ يَخْلُو خُلُوّاً وخَلاءً وأَخْلَى إِذا لم يكن فيه أَحد ولا
شيء فيه، وهو خالٍ. والخَلاءُ من الأَرض: قَرارٌ خالٍ. واسْتَخْلَى: كخَلا
من باب علا قِرْنَه واسْتَعْلاه. ومن قوله تعالى: وإِذا رأَوْا آية
يَسْتَسخِرون؛ من تذكره أَبي علي. ومكان خَلاء: لا أَحد به ولا شيء فيه.
وأَخْلَى المكان: جعله خالياً. وأَخْلاه: وجده كذلك. وأَخْلَيْت أَي خَلَوْت،
وأَخْلَيْتُ غيرِي، يَتعدَّى ولا يتعدَّى؛ قال عُتَيّ بن مالك
العُقَيْلي:أَتيتُ مع الحُدَّاثِ لَيْلَى فَلَمْ أُبِنْ،
فأَخْلَيْتُ، فاسْتَعْجَمْت عندَ خَلائي
(* قوله «عند خلائي» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم: عند خلائيا).
قال ابن بري: قال أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه أَخْلَيْتُ وجدْتُها
خالية مثل أَجْبَنْته وجدْته جَباناً، فعلى هذا القول يكون مفعول
أَخْلَيْتُ محذوفاً أَي أَخْلَيْتها. وفي حديث أُمّ حَبيبةَ: قالت له لستُ لك
بمُخْلِيَةٍ أَي لم أَجِدْكَ خالِياً من الزَّوْجات غيري، قال: وليس من
قولهم امرأَة مُخْلِية إِذا خَلَتْ من الزَّوْج. وخَلا الرجلُ وأَخْلَى: وقع
في موضع خالٍ لا يُزاحَمُ فيه. وفي المثل: الذئبُ مُخْلِياً أَشدُّ.
والخَلاءُ، ممدود: البَرازُ من الأَرض. وأَلْفْيتُ فلاناً بخَلاءٍ من الأَرض
أَي بأَرض خاليةٍ. وخَلَت الدار خَلاءً إِذا لم يَبْقَ فيها أَحَدٌ،
وأَخْلاها الله إِخْلاءً. وخَلا لك الشيءُ وأَخْلَى: بمعنى فرغ؛ قال مَعْن بن
أَوْس المُزَني:
أَعاذِلَ، هل يأْتي القبائِلَ حَظُّها
مِنَ المَوْتِ أَم أَخْلى لنا الموتُ وحْدَنا؟
ووجدْت الدار مُخْلِيَةً أَي خالِيَة، وقد خَلَت الدارُ وأَخْلَتْ.
ووَجَدت فلانةَ مُخْلِيَة أَي خالِيَة. وفي الحديث عن ابن مسعود قال: إِذا
أَدْرَكْتَ منَ الجُمُعَة رَكْعَةً فإِذا سَلَّم الإِمام فأَخْلِ وَجْهَك
وضُمَّ إِليها ركْعة، وإِن لم تُدْرِك الرُّكوعَ فَضَلِّ أَرْبعاً؛ قال
شمر: قوله فأَخْل وجْهَكَ معناه فيما بَلَغَنا اسْتَتِرْ بإِنسانٍ أَو
شَيءْ وصَلِّ رَكْعة أُخْرى، ويُحْمَل الاسْتِتار على أَن لا يراهُ الناسُ
مُصَلِّياً ما فاتَه فَيَعْرِفوا تقصيرَه في الصلاةِ، أَو لأَنَّ الناس
إِذا فَرَغوا من الصلاةِ انْتَشروا راجِعِين فأَمَرَه أَن يَسْتَتِرَ بشيء
لئلا يَمُرّوا بين يديه. قال: ويقال أَخْلِ أَمْرَكَ واخْلُ بأَمْرِك أَي
تَفَرَّدْ به وتَفَرَّغ له. وتَخَلَّيت: تَفَرَّغت. وخَلا على بعضِ
الطعامِ إِذا اقْتَصَر عليه. وأَخْلَيْتُ عنِ الطعامِ أَي خَلَوْت عنه. وقال
اللحياني: تميم تقول خَلا فُلان على اللَّبَنِ وعلى اللَّحْمِ إِذا لم
يأْكُلْ معه شيئاً ولا خَلَطَه به، قال: وكِنانَةُ وقيسٌ يقولون أَخْلى فلان
على اللَّبَنِ واللَّحْمِ؛ قال الراعي:
رَعَتْه أَشهراً وخَلا عَلَيْها،
فطارَ النَّيُّ فيها واسْتَغارا
ابن الأَعرابي: اخْلَوْلى إِذا دام على أَكلِ اللَّبنِ، واطْلَوْلى
حَسُن كلامهُ، واكْلَوْلى
(* قوله «واكلولى» هكذا في الأصل والتهذيب). إِذا
انْهَزَم. وفي الحديث: لا يَخْلو عليهما أَحدٌ بغير مكةَ إِلاَّ لم
يُوافِقاهُ، يعني الماءَ واللحْم أَي ينفرِدُ بهما. يقال: خَلا وأَخْلى، وقيل:
يَخْلُو يعتمد، وأَخْلى إِذا انْفَرَدَ؛ ومنه الحديث: فاسْتَخْلاهُ
البُكاءُ أَي انْفَرَدَ به؛ ومنه قولهم: أَخْلى فلانٌ على شُرْب اللَّبنِ
إِذا لم يأْكلْ غيرَه، قال أَبو موسى: قال أَبو عمرو هو بالخاء المعجمة
وبالحاء لا شيء. واسْتَخلاهُ مَجْلِسَه أَي سَأَله أَن يُخْلِيَه له. وفي
حديث ابن عباس: كانَ أُناسٌ يَستَحْيُون أَن يَتخَلَّوْا فيُفْضُوا إِلى
السماءِ؛ يَتَخَلَّوْا: من الخَلاء وهو قضاءُ الحاجة، يعني يَستَحْيُون
أَن ينكشفوا عند قضائها تحت السماء. والخَلاء، ممدود: المُتَوَضَّأ
لِخُلُوِّه. واسْتَخْلى المَلِكَ فأَخْلاه وخَلا به، وخَلا الرجلُ بصاحِبه
وإِلَيْه ومَعَه؛ عن أَبي إِسحق، خُلُوّاً وخَلاءً وخَلْوةً، الأَخيرة عن
اللحياني: اجتمع معه في خَلْوة. قال الله تعالى: وإِذا خَلَوْا إِلى
شَياطِنِهِنمْ؛ ويقال: إِلى بمعْنى مَعْ كما قال تعالى: مَنْ أَنصاري إِلى
الله. وأَخْلى مَجْلِسَه، وقيل: الخَلاءُ والُخلُوُّ المصْدر، والخَلْوَة
الاسم. وأَخْلى به؛ كخَلا؛ هذه عن اللحياني، قال: ويصلح أَن يكون خَلَوْت به
أَي سَخِرْتُ منه. وخَلا بهِ: سَخِرَ منه. قال الأَزهري: وهذا حرف غريب
لا أَعْرِفه لغيره، وأَظنه حفِظَه. وفلان يَخْلُو بفلانٍ إِذا خادَعَه.
وقال بعضهم: أَخْلَيْت بفلان أُخْلِي بهِ إِخْلاءً المعنى خَلَوْت به.
ويقول الرجل للرجل: اخْلُ مَعي حتى أُكَلِّمَك أَي كُنْ مَعِي خالياً. وقد
اسْتَخْلَيْتُ فلاناً: قلت له أَخْلِني؛ قال الجعدي:
وذَلِكَ مِنْ وَقَعاتِ المَنُون،
فأَخْلِي إِلَيْكِ ولا تَعْجَبِي
أَي أَخْلِي بأَمْرِك من خَلَوْت. وخَلا الرجلُ يَخْلو خَلْوةً. وفي
حديث الرؤيا: أَلَيْسَ كُلُّكُم يَرى القَمَر مُخْلِياً به؟ يقال: خَلَوتُ
به ومعه وإِليه وأَخْلَيْت به إِذا انفردت به، أَي كُلُّكم يراه منفرداً
لنفسه، كقوله: لاتُضارُون في رُؤْيَته. وفي حديث بَهْزِ بن حكِيم:
إِنَّهُمْ لَيَزْعُمُونَ أَنك تَنْهى عن الغَيِّ وتَسْتَخْلي به أَي تَسْتَقِلّ
به وتَنْفَرد. وحكي عن بعض العرب: تَرَكْتُه مُخْلِياً بفلان أَي خالياً
به. واسْتَخْلى به: كَخَلا، عنه أَيضاً، وخَلَّى بينهما وأَخْلاه معه.
وكُنَّا خِلْوَيْن أَي خالِيَيْن. وفي المَثَل: خَلاؤُك أَقْنى لِحَيائِك
أَي منزِلُك إِذا خَلَوْت فيه أَلْزَمِ لِحَيائِك، وأَنت خَلِيٌّ من هذا
الأَمر أَي خالٍ فارِغٌ من الهمّ، وهو خِلافُ الشَّجِيِّ. وفي المثل:
وَيْلٌ للشَّجِيِّ من الخَلِيِّ؛ الخَلِيُّ الذي لاَ همَّ لهُ الفارِغ،
والجمع خَليُّون وأَخْلِياء. والخِلْوُ: كالخَلِيِّ، والأُنثى خِلْوَةٌ
وخِلْوٌ؛ أَنشد سيبويه:
وقائِلَةٍ: خَوْلانُ فانْكِحْ فتاتَهُمْ
وأُكْرُومَةُ الحَيّيْنِ خِلْوٌ كما هِيا
والجمع أَخْلاءٌ. قال اللحياني: الوجه في خِلْوٍ أَن لا يثنى ولا يجمع
ولا يؤنث وقد ثنى بعضهم وجمع وأَنث، قال: وليس بالوجه. وفي حديث أَنس:
أَنت خِلْوٌ من مُصِيبَتي؛ الخِلْوُ، بالكسر: الفارِغُ البال من الهموم،
والخلو أَيضاً المُنْفَرِدُ؛ ومنه الحديث: إِذا كنْتَ
إِماماً أَوِ خِلْواً. وحكى اللحياني أَيضاً: أَنت خَلاءٌ من هذا
الأَمرِ كَخَلِيّ، فمن قال خِليٌّ ثنَّى وجمع وأَنث، ومن قال خَلاءٌ لم يثن
ولا جمع ولا أَنث. وتقول: أَنا منك خَلاءٌ أَي بَراءٌ، إِذا جعلته مصدراً
لم تثن ولم تجمع، وإِذا جعلته اسماً على فعيل ثنيت وجمعت وأَنثت وقلت أَنا
خَلِيٌّ منك أَي بَرِيءٌ منك. ويقال: هو خِلْوٌ من هذا الأَمر أَي خالٍ،
وقيل أَي خارِجٌ، وهما خِلْوٌ وهم خِلْوٌ. وقال بعضهم: هما خِلْوان من
هذا الأَمر وهم خِلاءٌ، وليس بالوجه. والخالي: العَزَبُ الذي لا زَوْجَة
له، وكذلك الأُنثى، بغير هاء، والجمع أَخْلاءٌ؛ قال امرؤ القيس:
أَلَمْ تَرَني أُصْبي عَلى المَرْءِ عِرْسَهُ،
وأَمْنَعُ عِرْسي أَن يُزَنَّ بها الخالي؟
وخَلَّى الأَمْرَ وتَخَلَّى منه وعنه وخالاه: تَرَكه. وخالى فلاناً:
تَرَكه؛ قال النابغة الذُّبْياني لزُرْعة ابن عَوْف، حينَ بعثَ بنو عامر
إِلى حِصْن بن فزارة وإِلى عُيَيْنَة بنِ حِصْنٍ أَن اقْطَعُوا ما بيْنَكُم
وبَينَ بني أَسَدٍ، وأَلْحِقُوهمْ ببَني كنانَة ونحالِفُكُمْ، فنَحْنُ
بنو أَبيكم، وكان عُيَيْنَة هَمَّ بذلك فقال النابغة:
قالَتْ بَنُو عامِرٍ: خالُوا بني أَسدٍ،
يا بُؤْسَ للحَرْبِ ضَرَّاراً لأَقْوامِ
أَي تارِكُوهُمْ، وهو من ذلك. وفي حديث ابن عمر في قوله تعالى: ليَقْضِ
عَلْينا رُّبك، قال فخَلَّى عنهم أَربعين عاماً ثم قال اخْسَؤُوا فيها
أَي ترَكَهُم وأَعرَض عنهم. وخالاني فلان مُخالاةً أَي خالَفَني. يقال:
خالَيْته خِلاءً إِذا تَركْتَه؛ وقال:
يأْبى البَلاءُ فما يَبْغِي بهمْ بَدَلاً،
وما أُرِيدُ خِلاءً بعدَ إِحْكامِ
يأْبى البَلاءُ أَي التَّجْرِبة أَي جَرَّبْناهم فأَحْمَدْناهُمْ فلا
نخالِيهمْ.
والخَلِيَّةُ والخَلِيُّ: ما تُعَسِّلُ فيه النَّحْلُ من غير ما
يُعالَجُ لها من العَسَّالاتِ، وقيل: الخَلِيَّة ما تُعَسِّل فيه النَّحل من
راقُودٍ
أَو طِينٍ أَو خَشبة مَنْقُورة، وقيل: الخَلِيَّة بَيْتُ النَّحْل الذي
تُعَسِّلُ فيه، وقيل: الخَلِيَّةُ ما كان مصنوعاً، وقيل: الخَلِيَّة
والخَلِيُّ خَشَبة تُنْقَرُ فيُعَسِّلُ فيها النَّحلُ؛ قال:
إِذا ما تأَرَّتْ بالخَلِيِّ ابتَنَتْ به
شَرِيجَيْنِ مما تَأْتَرِي وتُتِيع
شريجين أَي ضربين من العسل. والخَلِيَّة: أَسفَلُ شَجَرة يقال لها
الخَزَمة كأَنه راقُود، وقيل: هو مثل الراقود يُعْمَل لها من طين. وفي الحديث:
في خَلايا النَّحلِ إِنَّ فيها العُشْرَ. الليث: إِذا سُوِّيَت
الخَلِيَّة من طِين فهي كُوَّارة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ عاملاً له
على الطائِف كتَبَ إِليه إِن رِجالاً مِنْ فَهْمٍ كَلَّموني في خَلايا لهم
أَسْلَموا عليها وسأَلوني أَنْ أَحْمِيَها لهمْ؛ الخَلايا: جمعُ
خَلِيَّة وهو الموضع الذي تُعَسّل فيه النَّحل. والخَلِيَّة من الإِبل: التي
خُلِّيَتْ للحَلْب، وقيل: هي التي عَطَفتْ على وَلَدٍ، وقيل: هي التي خَلَتْ
عن وَلَدِها ورَئِمَتْ وَلَدَ غيرِها، وإِنْ لم تَرْأَمْهُ فهي خَلِيَّة
أَيضاً، وقيل: هي التي خَلَتْ عن ولدها بمَوْت أَو نَحْر فتُسْتَدَرُّ
بوَلَدِ غيرِها ولا تُرْضِعُه، إِنما تَعْطِفُ
على حُوارٍ تُستَدَرُّ به من غير أَن تُرْضِعَه، فسُمِّيت خَلِيَّة
لأَنها لا تُرْضِعُ ولدَها ولا غيرَه؛ وقال اللحياني: الخَلِيَّة التي
تُنْتَج وهي غزيرة فيُجَرُّ ولدُها من تحتها فيُجعل تحت أُخرى وتُخَلَّى هي
للحلب وذلك لكَرَمِها. قال الأَزهري: ورأَيت الخَلايا في حَلائبهم، وسمعتهم
يقولون: بنو فلان قد خَلَوْا وهمْ يَخْلُون. والخليَّة: الناقة تُنْتَج
فيُنْحَر ولدُها ساعةَ يُولَد قبلَ أَن تَشَمَّه ويُدْنى منها ولدُ ناقةٍ
كانت ولدَتْ
قَبلَها فتَعْطِفُ عليه، ثم يُنظَر إِلى أَغْزَر الناقتين فتُجعل
خَلِيَّةً، ولا يكون للحُوار منها إِلاَّ قَدْرُ ما يُدِرُّها وتُركَت الأُخرى
للحُوار يَرْضعُها متى ما شاء وتُسمَّى بَسُوطاً، وجمعها بُسْطٌ،
والغزيرة التي يتَخلَّى بلَبَنِها أَهلُها هي الخَلِيَّة. أَبو بكر: ناقة
مِخلاءٌ أخْلِيَت عن ولدِها؛ قال أَعرابي:
عِيطُ الهَوادي نِيطَ مِنها بالِحُقِي،
أَمْثالُ أَعْدالِ مَزَادِ المُرْتَوي،
مِنْ كلِّ مِخْلاءٍ ومُخْلاةٍ صَفي
والمُرْتوي: المُسْتَقي، وقيل: الخَلِيَّة ناقة أَو ناقتان أَو ثلاث
يُعْطَفْنَ على ولدٍ واحد فيَدْرُرْنَ عليه فيَرْضعُ الولد من واحدة،
ويتَخلَّى أَهلُ البيت لأَنفُسِهم واحدةً أَو ثنتين يَحْلُبونها. ابن
الأَعرابي: الخَلِيَّة الناقة تُنْتَجُ فيُنْحَرُ ولدها عَمْداً ليَدُوم لهم
لَبَنُها فتُسْتَدَرُّ بِجُوارِ غيرِها، فإِذا دَرَّتْ نُحِّيَ الحُوارُ
واحْتُلِبَتْ، وربما جمعوا من الخَلايا ثلاثاً وأَربعاَ على حُوارٍ واحدٍ وهو
التَّلَسُّن. وقال ابن شميل: ربما عَطَفُوا ثلاثاً وأَربعاً على فَصيل
وبأَيَّتِهِنَّ شاؤُوا تَخَلَّوْا. وتَخَلَّى خَلِيَّة: اتَّخَذَها لنفْسه؛
ومنه قول خالد بن جعفر بن كلاب يصف فرساً:
أَمرْتُ بها الرِّعاءَ ليُكرموها،
لها لَبَنُ الخَلِيَّةِ والصَّعُودِ
ويروى:
أَمْرتُ الراعِيَيْن ليُكْرِماها
والخَلِيَّة من الإِبل: المطلَقة من عِقال. ورُفِعَ إِلى عمر، رضي الله
عنه، رجلٌ وقد قالت له امرأَتُه شَبِّهْني فقال: كأَنكِ ظَبْيَةٌ، كأَنكِ
حمامةٌ فقالت: لا أَرضَى حتى تقولَ خَليَّة طالِقٌ فقال ذلك، فقال
عمر، رضي الله عنه: خُذْ بيدها فإِنها امرأَتُك لمَّا لم تكن نيتُه
الطلاقَ، وإِنما غالَطَتْه بلفظ يُشْبِه لفظ الطلاق؛ قال ابن الأَثير: أَراد
بالخلية ههنا الناقة تُخَلَّى من عِقالها، وطَلَقَت من العِقال تَطْلُقُ
طَلْقاً فهي طالق، وقيل: أَراد بالخلية الغزيرةَ يؤْخذ ولدها فيُعطَفُ
عليه غيرُها وتُخَلَّى للحَيِّ يشربون لبنها، والطالِقُ: الناقة التي لا
خِطَام لها، وأَرادت هي مُخادَعَته بهذا القول ليَلْفِظ به فيقَعَ عليها
الطلاقُ، فقال له عُمر: خُذْ بيدها فإِنها امرأَتك، ولم يوقع الطلاق
لأَنه لم يَنْوِ
الطلاقَ، وكان ذلك خِداعاً منها. وفي حديث أُمّ زَرْع: كنتُ لكِ كأَبي
زَرْع لأُم زَرْع في الأُلْفَة والرِّفاء لا في الفُرْقة والخَلاء، يعني
أَنه طَلَّقها وأَنا لا أُطَلِّقك. وقال اللحياني: الخلِيَّةُ كلمة
تُطَلَّقُ بها المرأَة يقال لها أَنتِ بَرِيَّة وخَلِيَّة، كنايةً عن الطلاق
تَطْلُق بها المرأَة إِذا نوَى طلاقاً، فيقال: قد خَلَت المرأَةُ من زوجها.
وقال ابن بُزُرْج: امرأَة خَلِيَّةٌ ونساءٌ خَلِيَّاتٌ لا أَزواج لهُنَّ
ولا أَولادَ، وقال: امرأَةٌ خِلْوةٌ وامرأَتان خِلْوَتان ونساء خِلْواتٌ
أَي عَزَبات. ورجل خَلِيٌّ وخَلِيّانِ وأَخْلِياءُ: لا نساءَ لهم. وفي
حديث ابن عمر: الخَلِيَّة ثلاث، كان الرجل في الجاهلية يقول لزوجته أَنتِ
خَلِيَّة فكانت تَطْلُق منه، وهي في الإِسلام من كِنايات الطلاق فإِذا
نوى بها الطلاق وقع. أَبو العباس أَحمد بن يحيى: إِنه لَحُلْوُ الخَلا
إِذا كان حسَنَ الكلام؛ وأَنشد لكثير:
ومُحْتَرِشٍ ضَبَّ العَداوة مِنْهُمُو
بحُلْوِ الخَلا حَرْشَ الضِّبابِ الخَوادعِ
شمر: المُخالاةُ المبارَزَةُ. والمُخالاةُ: أَن يَتخلَّوْا من الدُّورِ
ويَصيروا إِلى الدُّثُورِ. الليث: خالَيْت فلاناً إِذا صارَعْته، وكذلك
المُخالاةُ في كلِّ أَمرٍ؛ وأَنشد:
ولا يَدْرِي الشَّقِيُّ بمَنْ يُخالي
قال الأَزهري: كأَنه إِذا صارعه خَلا به فلم يَسْتَعِنْ واحد منهما
بأَحَدٍ وكل واحد منهما يَخْلُو بصاحبه. ويقال: عَدُوٌّ مُخالٍ أَي ليس له
عَهْد؛ وقال الجعدي:
غَيْرُ بِدْعٍ منَ الجِيادِ، ولا يُجْـ
ـنَبْنَ إِلاَّ على عَدُوٍّ مُخالي
وقال بعضهم: خَالَيْت العَدُوَّ تركت ما بَيْني وبينه من المُواعَدة،
وخلا كلُّ واحدٍ منهما من العَهْد. والخَلِيَّة: السَّفِينة التي تَسير من
غير أَن يُسَيِّرَها مَلاَّح، وقيل: هي التي يتبعها زَوْرَق صغير، وقيل:
الخَليَّة العظيمة من السُّفُن، والجمع خَلايا، قال الأَزهري: وهو
الصحيح؛ قال طرفة:
كأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّة، غُدْوَةً،
خَلايا سَفِين بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ
وقال الأَعشى:
يَكُبُّ الخَلِيَّةَ ذاتَ القِلاع،
وقَدْ كادَ جُؤْجُؤُها يَنْحَطِمْ
وخلا الشيءُ خُلُوّاً: مَضَى. وقوله تعالى: وإِنْ من أُمَّةٍ إِلاَّ
خَلا فيها نَذِيرٌ؛ أَي مضى وأُرْسِل. والقُرون الخالِية: هُم المَواضي.
ويقال: خَلا قَرْنٌ فَقَرْنٌ أَي مَضى. وفي حديث جابر: تَزَوَّجْت امرأَةً
قَدْ خَلا منها أَي كَبِرَتْ ومَضى مُعْظَم عُمْرِها؛ ومنه الحديث: فلمَّا
خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني؛ أَنها كَبِرَت وأَولَدت له.
وتَخَلَّى عن الأَمر ومن الأَمر: تَبَرَّأَ. وتَخَلَّى: تَفَرَّغ. وفي حديث
مُعاوية القُشَيْرِي: قلت يا رسول الله ما آياتُ الإِسلامِ؟ قال: أَن تقول
أَسْلَمْتُ وجْهِي إِلى الله وتَخَلَّيْتُ؛ التَّخَلِّي: التفَرُّغُ.
يقال: تَخَلَّى للعبادة، وهو تَفَعُّلٌ من الخُلُوّ، والمراد التَّبَرُّؤُ من
الشرْكِ وعقْدُ القَلْبِ على الإِيمان. وخَلَّى عن الشيء: أَرْسَلَه،
وخَلَّى سبيلَه فهو مُخَلّىً عنه، ورأَيته مُخَلِّياً؛ قال الشاعر:
ما لي أَراك مُخَلِّياً،
أَيْنَ السلاسِلُ والقُيُود؟
أَغَلا الحدِيدُ بأَرْضِكُمْ
أَمْ ليسَ يَضْبِطُكَ الحدِيد؟
وخَلَّى فلانٌ مكانَه إِذا مات؛ قال:
فإِنْ يكُ عبدُ الله خَلَّى مكانَه،
فما كان وقَّافاً ولا مُتَنَطِّقا
قال ابن الأَعرابي: خَلا فلانٌ إِذا ماتَ، وخلا إِذا أَكل الطَّيِّبَ،
وخلا إِذا تعيَّد، وخلا إِذا تَبَرَّأَ من ذنب قُرِفَ به. ويقال: لا
أَخْلى اللهُ مكانَك، تدعو له بالبَقاء.
وخَلا: كلمة من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها وتنصِبُه، فإِذا قلت ما
خَلا زيداً فالنصب لا غير. الليث: يقال ما في الدار أَحد خلا زيداً
وزيدٍ، نصْبٌ وجَرّ، فإِذا قلت ما خلا زيداً فانْصِبْ فإِنه قد بُيِّنَ
الفِعْلُ. قال الجوهري: تقول جاؤوني خلا زيداً، تنصب بها إِذا جَعَلْتها فعلاً
وتضمر فيها الفاعل كأَنك قلت خلا مَنْ جاءني مِنْ زيد؛ قال ابن بري:
صوابه خلا بعضُهم زيداً، فإِذا قلت خلا زيد فجررتْ فهو عند بعض النحويين حرف
جرّ بمنزلة حاشى، وعند بعضهم مصدر مضاف، وأَما ما خلا فلا يكون بعدها
إِلاَّ النصب، تقول جاؤوني ما خلا زيداً لأَن خلا لا تكون بعد ما إِلاَّ
صلة لها، وهي معها مصدر، كأَنك قلت جاؤوني خُلُوَّ زيد أَي خُلُوَّهُم من
زيد. قال ابن بري: ما المصدرية لا توصل بحرف الجر، فدلّ أَن خلا فعل.
وتقول: ما أَردت مَساءَتَك خَلا أَني وعَظْتك، معناه إِلاَّ أَني وعظتك؛
وأَنشد:
خَلا اللهَ لا أَرْجُو سِوَاكَ، وإِنَّما
أَعُدُّ عِيالي شُعْبة مِنْ عِيالِكا
وفي المثل: أَنا مِنْ هذا الأَمْرِ كَفَالِجِ بْن خَلاوَةَ أَي بَرِيءٌ
خَلاءٌ، وهو مذكور في حرف الجيم.
وخَلاوَةُ: اسم رجل مشتقٌّ من ذلك. وبَنُو خَلاوَةَ: بطن من أَشْجَعَ،
وهو خَلاوَةُ بن سُبَيْعِ بنِ بَكْرِ ابنِ أَشْجَعَ؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ
التَّغْلَبيّ:
خَلاويَّةٌ إِنْ قُلْتَ جُودي، وجَدْتَها
نَوَارَ الصَّبَا قَطَّاعَةً للعَلائِقِ
وقال أَبو حنيفة: الخَلْوَتانِ شَفْرَتا النَّصْل، واحدَتُهما خَلْوَة.
وقولهم: افْعَلْ كذا وخَلاكَ ذَمٌّ أَي أَعْذَرْتَ وسَقَطَ عَنْكَ
الذَّمُّ؛ قال عبد الله بن رواحة:
فَشَأْنَكِ فانْعَمي، وخَلاكِ ذَمٌّ،
ولا أَرْجِعْ إِلى أَهْلٍ وَرَائي
وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: وخَلاكُمْ ذَمٌّ ما لم تَشْرُدوا، هو
من ذلك.
والخَلى: الرَّطْبُ من النَّبات، واحدته خَلاةٌ. الجوهري: الخَلى
الرَّطْبُ من الحَشِيشِ. قال ابن بري: يقال الخَلى الرُّطْبُ، بالضم لا غير،
فإِذا قلت الرَّطْبُ من الحَشِيش فَتَحْت لأَنك تُرِيدُ ضِدَّ اليابس،
وقيل: الخَلاةُ كلّ بَقْلة قَلَعْتها، وقد يُجْمَع الخَلى على أَخْلاءٍ؛ حكاه
أَبو حنيفة. وجاءَ في المثل: عَبْدٌ وخَلىً في يَدَيْهِ أَي مع
عبودِيَّته غَنيٌّ. قال يعقوب: ولا تقل وحَلْيٌ في يَدَيْه. وقال الأَصمعي:
الخَلى الرَّطْب من الحشيش، وبه سُمِّيت المُخْلاة، فإذا يَبِس فهو حَشِيش؛
ابن سيده: وقول الأَعشى:
وحَوْليَ بَكْرٌ وأَشْياعُهَا،
ولَسْتُ خَلاةً لِمَنْ أَوْعَدَنْ
أَي لَسْتُ بمنزلة الخَلاةِ يأْخُذُها الآخِذُ كيف شاء بل أَنا في عِزّ
ومَنَعة. وفي حديث مُعْتَمِرٍ: سئل مالك عن عَجين يُعْجَن بِدُرْدِيٍّ
فقال: إن كان يُسْكِرُ فَلا، فَحَدَّث الأَصمعي به مُعْتَمِراً فقال: أَو
كان كما قال:
رأَى في كَفِّ صاحِبِه خَلاةً،
فتُعْجِبهُ ويُفْزِعُه الجَرِيرُ
الخَلاةُ: الطائفة من الخَلا، وذلك أَن معناه أَن الرجلَ بَنِدُّ
بَعيره، فيأْخُذُ بإحْدى يَدَيْه عُشْباً وبالأُخْرى حَبْلاً، فينظُر البعيرُ
إلَيْهما فلا يَدْرِي ما يَصْنَع، وذلك أَنه أَعْجَبه فَتْوَى مالِكٍ
وخافَ التحريمَ لاختلاف الناسِ في المسكر فتَوقَّف وتمَثَّل بالبيت. وأَخْلَت
الأَرضُ: كَثُرَ خَلاها. وأَخْلى اللهُ الماشِيَةَ يُخْلِيها إخْلاءً:
أَنْبَتَ لها ما تأْكُلُ من الخَلى؛ هذه عن اللحياني. وخَلى الخَلى
خَلْياًً واخْتَلاه فانْخَلى: جَزَّه وقَطَعَه ونَزَعه، وقال اللحياني: نَزَعه.
والمِخْلى: ما خَلاه وجَزَّه به. والمِخْلاةُ: ما وَضَعه فِيه. وخَلى في
المِخْلاةِ: جَمَع؛ عن اللحياني. الليث: الخَلى هو الحشيش الذي
يُحْتَشُّ من بُقول الرَّبِيع، وقد اخْتَلَيْته، وبِه سُمِّيت المِخْلاة،
والواحدة خَلاةٌ، وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي فيها. وخَلَيْت فَرَسي إذا حَشَشْت
عليه الحَشيش. وفي حديث تحريم مَكَّة: لا يُخْتَلىَ خَلاها؛ الخَلَى:
النَّبات الرقيق ما دام رَطْباً. وفي حديث ابن عمر: كان يَخْتَلِي لِفَرسِه
أَي يَقْطَع لها الخَلَى. وفي حديث عمرو بن مُرَّةَ: إذا اخْتُلِيَتْ في
الحَرْبِ هامُ الأَكابِرِ أي قُطِعَتْ رُؤُوسُهُم. وخَلى البَعِيرَ
والفَرَس يَخْلِيها خَلْياً: جَزَّ لَه الخَلَى. والسيفُ يَخْتَلِي أَي
يَقْطَع. والمُخْتَلُون والخالُون: الذين يَخْتَلُون الخَلَى ويقطعونه. وخَلَى
اللِّجامَ عن الفرس يَخْلِيهِ: نَزَعَه. وخَلَى الفرسَ خلْياً: ألقى في
فيه اللِّجامَ؛ قال ابن مقبل في خَلَيْت الفرس:
تَمَطَّيْت أَخليهِ اللِّجامَ وبَذَّنِي،
وشَخْصي يُسامي شَخْصَه وهو طائِلُهْ
(* قوله «وهو طائله» كذا بالأصل والتكملة، والذي بهامش نسخة قديمة من
النهاية: ويطاوله).
وخَلَى القِدْرَ خَلْياً: أَلْقَى تَحْتَها حَطَباً. وخَلاها أَيضاً:
طَرحَ فيها اللَّحْمَ. ابن الأَعرابي: أَخْلَيْتُ القِدْرَ إذا أَلْقَيْتَ
تَحْتَها حَطَباً. وخَلَيْتُها إذا طَرَحْتَ فيها اللَّحم، والله أَعلم.
بلا: بَلَوْتُ الرجلَ بَلْواً وبَلاءً وابْتَلَيْته: اخْتَبَرْته،
وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه واخْتَبَره. وفي حديث حذيفة: لا أُبْلي
أَحداً بَعْدَك أَبداً. وقد ابْتَلَيْتُه فأَبْلاني أَي اسْتَخْبَرْتُه
فأَخْبَرني. وفي حديث أُم سلمة: إنَّ مِنْ أَصْحابي مَنْ لا يَراني بَعدَ
أَن فارَقَني، فقال لها عمر: بالله أَمِنْهم أَنا؟ قالت: لا ولن
أُبْلِيَ أَحداً بعدَكَ أَي لا أُخبِر بعدَك أَحداً، وأَصله من قولهم أَبْلَيتُ
فُلاناً يميناً إذا حلفتَ له بيمين طَيَّبْتَ بها نفسه. وقال ابن
الأَعرابي: أَبْلى بمعنى أَخْبَر. وابْتَلاه الله: امْتَحَنَه، والاسم
البَلْوَى والبِلْوَةُ والبِلْيَةُ والبَلِيَّةُ والبَلاءُ، وبُلِيَ بالشيء
بَلاءً وابْتُلِيَ؛ والبَلاءُ يكون في الخير والشر. يقال: ابْتَلَيته بلاءً
حسناً وبَلاءً سيِّئاً، والله تعالى يُبْلي العبدَ بَلاءً حسناً ويُبْلِيه
بلاءً سيِّئاً، نسأَل الله تعالى العفو والعافية، والجمع البَلايا،
صَرَفُوا فَعائِلَ إلى فَعالى كما قيل في إداوة. التهذيب: بَلاه يَبْلُوه
بَلْواً، إذا ابتَلاه الله ببَلاء، يقال: ابْتَلاه الله ببَلاء. وفي الحديث:
اللهم لا تُبْلنا إلاّ بالتي هي أَحسن، والاسم البَلاء، أَي لا
تَمْتَحِنَّا. ويقال: أَبْلاه الله يُبْلِيه إبْلاءً حسناً إذا صنع به صُنْعاً
جميلاً. وبَلاه اللهُ بَلاء وابْتَلاه أَي اختَبره. والتَّبالي: الاختبار.
والبَلاء: الاختبار، يكون بالخير والشر. وفي كتاب هرقل: فَمَشى قَيْصر إلى
إيلِياء لمَّا أَبْلاهُ الله. قال القتيبي: يقال من الخير أَبْلَيْته
إبْلاء، ومن الشر بَلَوْته أَبْلُوه بَلاءً، قال: والمعروف أَن الابتلاء
يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعليهما؛ ومنه قوله تعالى:
ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة؛ قال: وإنما مشى قيصر شكراً لاندفاع فارس عنه.
قال ابن بري: والبَلاء الإنعام؛ قال الله تعالى: وآتيناهم من الآيات ما فيه
بَلاء مبين؛ أَي إنعام بَيِّن. وفي الحديث: مَنْ أُبْليَ فَذَكَرَ فَقَد
شَكَرَ؛ الإبلاء: الإنعام والإحسان. يقال: بَلَوْت الرجلَ وأَبْلَيْت
عندَه بَلاء حسناً. وفي حديث كعب بن مالك: ما عَلِمْتُ أَحداً أَبْلاه الله
أَحسنَ مِمَّا أَبْلاني، والبَلاءُ الاسم، ممدودٌ. يقال: أَبْلاه اللهُ
بَلاءً حسناً وأَبْلَيْته معروفاً؛ قال زهير:
جَزَى اللهُ بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ،
وأَبْلاهما خيرَ البَلاء الَّذي يَبْلُو
أَي صَنَع بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده. ويقال: بُلِيَ
فلانٌ وابْتُلِيَ إذا امْتُحِنَ. والبلوَى: اسم من بَلاه الله يَبْلُوه.
وفي حديث حذيفة: أَنه أُقِيمَتِ الصلاةُ فَتَدافَعوها فَتَقدَّمَ حذيفة
فلما سَلَّم من صلاته قال: لتَبْتَلُنَّ لَها إماماً أَو لَتُصَلُّنَّ
وُحْداناً؛ قال شمر: قوله لتَبْتَلُنَّ لها إماماً يقول لتَخْتارُنَّ، وأَصله
من الابتلاء الاختبار من بلاه يبلوه، وابتلاه أَي جَرَّبه؛ قال: وذكره
غيره في الباء والتاء واللام وهو مذكور في موضعه وهو أشبه. ونزلت بلاءِ على
الكفار مثل قَطامِ: يعني البلاءَ. وأَبْلَيْت فلاناً عُذراً أَي بَيَّنت
وجه العذر لأُزيل عني اللوم. وأَبْلاه عُذراً: أَدَّاه إليه فقبله،
وكذلك أَبْلاه جُهْدَه ونائِلَه. وفي الحديث: إنما النذْرُ ما ابْتُلِيَ به
وجه الله أَي أُريد به وجههُ وقُصِدَ به. وقوله في حديث برّ الوالدين:
أَبْلِ الله تعالى عُذْراً في بِرِّها أَي أَعْطِه وأَبْلِغ العُذرَ فيها
إليه؛ المعنى أَحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياها. وفي حديث سعد يوم بدر:
عَسَى أَن يُعْطَى هذا مَن لا يُبْلي بَلائي أَي يعملُ مثلَ عملي في
الحرب، كأَنه يريد أَفعل فعلاً أُخْتَبَر به فيه ويظهر به خيري وشري. ابن
الأَعرابي: ويقال أَبْلَى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أَو كرم. يقال :
أَبْلَى ذلك اليومَ بَلاءً حسناً، قال: ومثله بالَى يُبالي مُبالاةً؛
وأَنشد:ما لي أَراكَ قائماً تُبالي،
وأَنتَ قد قُمْتَ من الهُزالِ؟
قال: سمعه وهو يقول أَكلْنا وشربْنا وفعَلْنا، يُعَدِّد المكارمَ وهو في
ذلك كاذب؛ وقال في موضع آخر: معناه تبالي تنظر أَيهم أَحسن بالاً وأَنت
هالك. قال: ويقال بالَى فلانٌ فلاناً مُبالاةً إذا فاخَرَه، وبالاهُ
يُباليهِ إذا ناقَصَه، وبالَى بالشيء يُبالي به إذا اهْتَمَّ به، وقيل:
اشتقاقُ بالَيْتُ من البَالِ بالِ النفسِ، وهو الاكْتِراثُ؛ ومنه أَيضاً: لم
يَخْطُرْ بِبالي ذلك الأَمر أَي لم يُكْرِثْني. ورجلٌ بِلْوُ شَرٍّ
وبِلْيُ خَيرٍ أَي قَوِيٌّ عليه مبتَلًى به. وإنه لَبِلْوٌ وبِلْيٌ من أَبْلاء
المالِ أَي قَيِّمٌ عليه. ويقال للراعي الحسنِ الرِّعْيَة: إنه لَبِلْوٌ
من أَبْلائها، وحِبْلٌ من أَحْبالِها، وعِسْلٌ من أَعسالها، وزِرٌّ من
أَزرارِها؛ قال عمر بن لَجَإ:
فصادَفَتْ أَعْصَلَ من أَبْلائها،
يُعْجِبُه النَّزْعُ على ظمائها
قلبت الواو في كل ذلك ياء للكسرة وضعف الحاجز فصارت الكسرة كأَنها باشرت
الواو. وفلان بِلْيُ أَسفارٍ إذا كان قد بَلاهُ السفر والهَمُّ ونحوهما.
قال ابن سيده: وجعل ابن جني الياء في هذا بدلاً من الواو لضعف حجز اللام
كما ذكرناه في قوله فلان من عِلْيَةِ الناس. وبَلِيَ الثوبُ يَبْلَى
بِلًى وبَلاء وأَبْلاه هو؛ قال العجاج:
والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاءَ السِّربالْ
كرُّ الليالي وانْتِقالُ الأَحوالْ
أَراد: إبلاء السربال، أَو أَراد: فيَبْلى بَلاء السِّربال، إذا فَتَحتَ
الباء مَدَدْتَ وإذا كَسرْتَ قَصَرْتَ، ومثله القِرى والقَراءُ والصِّلى
والصَّلاءُ. وبَلاَّه: كأَبْلاهُ؛ قال العُجَير السلولي:
وقائِلَةٍ: هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ
به أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور
رَأَتْني تجاذَبْتُ الغَداةَ، ومَن يَكُنْ
فَتًى عامَ عامَ الماء، فَهْوَ كَبير
وقال ابن أَحمر:
لَبِسْتُ أَبي حتى تَبَلَّيْتُ عُمْرَه،
وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ خالِيا
يريد أَي عشت المدة التي عاشها أَبي، وقيل: عامَرتُه طُول حياتي،
وأَبْلَيْتُ الثَّوبَ. يقال للمُجِدِّ: أَبْلِ ويُخْلِفُ الله، وبَلاَّهُ
السَّفَرُ وبَلَّى عليه وأَبْلاه؛ أَنشد ابن الأَعرابي؛
قَلُوصانِ عَوْجاوانِ، بَلَّى عَليهِما
دُؤوبُ السُّرَى، ثم اقْتِداحُ الهَواجِر
وناقَةٌ بِلْوُ سفرٍ، بكسر الباء: أَبلاها السفر، وفي المحكم: قد
بَلاَّها السفر، وبِلْيُ سَفَر وبِلْوُ شَرّ وبِلْيُ شرّ ورَذِيَّةُ سَفَرٍ
ورَذِيُّ سَفَر ورَذاةُ سَفَرٍ، ويجمع رَذِيَّات، وناقة بَلِيَّة: يموت
صاحبها فيحفر لديها حفرة وتشدّ رأْسها إلى خلْفها وتُبْلَى أَي تترك هناك لا
تعلف ولا تسقى حتى تموت جوعاً وعطشاً. كانوا يزعمون أَن الناس يحشرون يوم
القيامة ركباناً على البلايا، أَو مُشاة إذا لم تُعْكسَ مَطاياهم على
قبورهم، قلت: في هذا دليل على أَنهم كانوا يرون في الجاهلية البعث والحشر
بالأَجساد، تقول منه: بَلَّيتُ وأَبْلَيْت؛ قال الطرماح:
مَنازِل لا تَرَى الأَنْصابَ فيها،
ولا حُفَرَ المُبَلّي لِلمَنون
أَي أَنها منازل أَهل الإسلام دون الجاهلية. وفي حديث عبد الرزاق: كانوا
في الجاهلية يَعْقِرُون عندَ القبر بَقَرة أَو ناقة أَو شاةً ويُسمُّون
العَقِيرَة البَلِيَّة، كان إذا مات لهم من يَعِزّ عليهم أَخذوا ناقة
فعقلوها عند قبره فلا تعلف ولا تسقى إلى أَن تموت، وربما حفروا لها حفيرة
وتركوها فيها إلى أَن تموت. وبَلِيَّة: بمعنى مُبْلاةٍ أَو مُبَلاَّة،
وكذلك الرَّذِيَّة بمعنى مُرَذَّاة، فعِيلة بمعنى مُفْعَلة، وجمعُ
البَلِيَّةِ الناقةِ بَلايا، وكان أَهل الجاهلية يفعلون ذلك. ويقال: قامت
مُبَلِّيات فلان يَنُحْنَ عليه، وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته فيَنُحْنَ إذا
مات أَو قُتل؛ وقال أَبو زُبيد:
كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا،
مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدود
المحكم: ناقة بِلْوُ سفر قد بلاها السفر، وكذلك الرجل والبعير، والجمع
أَبلاءٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لجَندَل بن المثنى:
ومَنْهَلٍ من الأَنيس ناء،
شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ،
داوَيْتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ
ابن الأَعرابي: البَلِيُّ والبَلِيَّةُ والبَلايا التي قد أَعْيت وصارت
نِضْواً هالكاً. ويقال: فاقتك بِلْوُ سفر إذا أَبلاها السفر. المحكم:
والبَلِيَّة الناقة أَو الدابة التي كانت تُعْقَلُ في الجاهلية، تُشدّ عند
قبر صاحبها لا تعلف ولا تسقى حتى تموت، كانوا يقولون إن صاحبها يحشر
عليها؛ قال غَيْلان بن الرَّبعِي:
باتَتْ وباتُوا، كَبَلايا الأَبْلاءُ،
مُطْلَنْفِئِينَ عِندَها كالأَطْلاءْ
يصف حَلْبة قادها أَصحابها إلى الغاية، وقد بُلِيت. وأَبْلَيْت الرجلَ:
أَحلفته. وابْتَلَى هو: استَحْلف واستَعْرَف؛ قال:
تُبَغّي أَباها في الرِّفاقِ وتَبْتَلي،
وأَوْدَى به في لُجَّةِ البَحرِ تمسَحُ
أَي تسأَلهم أَن يحلفوا لها، وتقول لهم: ناشدتكم الله هل تعرفون لأَبي
خبراً؟ وأَبْلى الرجلَ: حَلَف له؛ قال:
وإني لأُبْلي الناسَ في حُبّ غَيْرها،
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنَي لا أُبْلي
أَي أَحلف للناس إذا قالوا هل تحب غيرها أَني لا أُحب غيرها، فأَما
عليها فإني لا أَحلف؛ قال أَبو سعيد: قوله تبتلي في البيت الأَول تختبر،
والابتلاء الاختبار بيمين كان أَو غيرها. وأَبلَيْت فلاناً يميناً إبْلاء إذا
حلفت له فطيَّبت بها نفسه، وقول أَوس بن حَجَر:
كأَنَّ جديدَ الأَرضِ، يُبْليكَ عنهُمُ،
تَقِيُّ اليَمينِ، بعدَ عَهْدكَ، حالِفُ
أَي يحلف لك؛ التهذيب: يقول كأَن جديد أَرض هذه الدار وهو وجهها لما عفا
من رسومها وامَّحَى من آثارها حالفٌ تَقِيّ اليمين، يحلف لك أَنه ما حل
بهذه الدار أَحد لِدُروس معاهدها ومعالمها. وقال ابن السكيت في قوله
يبليك عنهم: أَراد كأَنّ جديد الأَرض في حال إبلائه إياك أَي تطييبه إياك
حالفٌ تقيّ اليمين. ويقال: أَبْلى الله فلانٌ إذا حلف؛ قال الراجز:
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا،
أَو يُبْلِيَ الله يَميناً صَبْرا
ويقال: ابتَلَيْت أَي استَحْلَفتُ؛ قال الشاعر:
تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي،
ومنْ دُونِ ما يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ
أَبو بكر: البِلاءُ هو أَن يقول لا أُبالي ما صَنَعْتُ مُبالاةً
وبِلاءً، وليس هو من بَليَ الثوبُ. ومن كلام الحسن: لم يُبالِهِمُ اللهُ بالَةً.
وقولهم: لا أُباليه لا أَكْتَرِثُ له. ويقال: ما أُباليهِ بالةً وبالاً؛
قال ابن أَحمر:
أَغَدْواً واعَدَ الحَيّ الزِّيالا،
وشَوْقاً لا يُبالي العَيْنَ بالا
وبِلاءً ومُبالاةً ولم أُبالِ ولم أُبَلْ، على القصر. وفي الحديث:
وتَبْقَى حُثالَةٌ لا يُباليهمُ اللهُ بالةً، وفي رواية: لا يُبالي بهم بالةً
أَي لا يرفع لهم قدراً ولا يقيم لهم وزناً، وأَصل بالةً باليةً مثل عافاه
عافيةً، فحذفوا الياء منها تخفيفاً كما حذفوا من لم أُبَلْ. يقال: ما
بالَيته وما باليت به أَي لم أَكترث به. وفي الحديث: هؤلاء في الجنة ولا
أُبالي وهؤلاء في النار ولا أُبالي؛ وحكى الأَزهري عن جماعة من العلماء:
أَن معناه لا أَكره. وفي حديث ابن عباس: ما أُباليه بالةً. وحديث الرجل مع
عَمَله وأَهلِه ومالِهِ قال: هو أَقَلُّهم به بالةً أَي مبالاة. قال
الجوهري: فإذا قالوا لم أُبَلْ حذفوا الأَلف تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما
حذفوا الياء من قولهم لا أَدْر، كذلك يفعلون بالمصدر فيقولون ما أُبالِيه
بالةً، والأَصل فيه بالية. قال ابن بري: لم يحذف الأَلف من قولهم لم أَبل
تخفيفاً، وإنما حذفت لالتقاء الساكنين. ابن سيده: قال سيبويه وسأَلت
الخليل عن قولهم لَمْ أُبَلْ فقال: هي من باليت، ولكنهم لما أَسكنوا اللام
حذفوا الأَلف لئلا يلتقي ساكنان، وإنما فعلوا ذلك بالجزم لأَنه موضع حذف،
فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت عندهم بمنزلة نون
يكن حيث أُسكنت، فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن، وإنما فعلوا
هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات، وذلك نحو مذ ولد وقد علم،
وإنما الأَصل منذ ولدن وقد علم، وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه
ويطرد، وزعم أَن ناساً من العرب يقولون لَمْ أُبَلِهِ، لا يزيدون على حذف
الأَلف كما حذفوا عُلَبِطاً، حيث كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا أَلف
احمَرَّ وأَلف عُلَبِطٍ وواو غَدٍ، وكذلك فعلوا بقولهم بَلِيّة كأَنها بالية
بمنزلة العافية، ولم يحذفوا لا أُبالي لأَن الحذف لا يقوى هنا ولا يلزمه
حذف، كما أَنهم إذا قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم تحذف، وجعلوا
الأَلف تثبت مع الحركة، أَلا ترى أَنها لا تحذف في أُبالي في غير موضع
الجزم، وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة؟
وهو بِذِي بِلِّيٍّ وبَلَّى وبُلَّى وبِلَّى وبَلِيٍّ وبِلِيّانٍ
وبَلَيانٍ، بفتح الباء واللام إذا بعد عنك حتى لا تعرف موضعه. وقال ابن جني:
قولهم أَتى على ذي بِلِيّانَ غير مصروف وهو علم البعد. وفي حديث خالد بن
الوليد: أَنه قال إن عمر استعملني على الشام وهو له مُهِمٌّ، فلما أَلْقَى
الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه
(* قوله «وصار ثنيه» كذا بالأصل). عزلني
واستعمل غيري، فقال رجل: هذا والله الفِتْنةُ؛ فقال خالد: أَما وابنُ الخطاب
حيٌّ فلا، ولكن ذاك إذا كان الناس بِذِي بِلِّيٍّ وذِي بَلَّى؛ قوله:
أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه أَي قَرَّ قَرارُهُ واطْمَأَنَّ
أَمرُه،. وأَما قوله إذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ فإن أَبا عبيد قال: أَراد
تفرّق الناس وأَن يكونوا طوائف وفرقاً من غير إمام يجمعهم، وكذلك كل من بعد
عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلَّيّ، وهو من بَلَّ في الأَرض إذا ذهب،
أَراد ضياع أُمور الناس بعده، وفيه لغة أُخرى: بذي بِلِّيان؛ قال: وكان
الكسائي ينشد هذا البيت في رجل يطيل النوم:
تَنامُ ويَذْهبُ الأَقْوامُ حَتَّى
يُقالَ: أُتَوا على ذي بِلِّيانِ
يعني أَنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى الموضع الذي
لا يعرف مكانهم من طول نومه؛ قال ابن سيده: وصرفه على مذهبه. ابن
الأَعرابي: يقال فلان بذي بليّ وذي بليّان إذا كان ضائعاً بعيداً عن
أَهله.وتَبْلى وبَلِيٌّ: اسما قبيلتين. وبَلِيٌّ: حي من اليمن، والنسبة إليهم
بَلَوِيٌّ. الجوهري: بَلِيٌّ، على فعيل، قبيلة من قضاعة، والنسبة إليهم
بَلَوِيّ. والأَبْلاءُ: موضع. قال ابن سيده: وليس في الكلام اسم على
أَفعال إلاّ الأَبواء والأَنْبار والأَبْلاء.
وبَلَى: جواب استفهام فيه حرف نفي كقولك أَلم تفعل كذا؟ فيقول: بلى.
وبلى: جواب استفهام معقود بالجحد، وقيل: يكون جواباً للكلام الذي فيه الجحد
كقوله تعالى: أَلستُ بربكم قالوا بلى. التهذيب: وإنما صارت بلى تتصل
بالجحد لأَنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهو بمنزله بل، وبل سبيلها أَن
تأَتي بعد الجحد كقولك: ما قام أَخوك بل أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بل أَباك،
قال: وإذا قال الرجل للرجل أَلا تقوم؟ فقال له: بلى، أَراد بل أَقوم،
فزادوا الأَلف على بل ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بل كان يتوقع كلاماً
بعد بل، فزادوا الأَلف ليزول عن المخاطَب هذا التوهم. قال الله تعالى:
وقالوا لن تمسنا النار إلا أَياماً معدودة، ثم قال: بلى من كسب سيئة؛
والمعنى بل من كسب سيئة؛ وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جحد
أَو إيجاب، قال: وبلى يكون إيجاباً للمنفي لا غير. الفراء قال: بل تأْتي
لمعنيين: تكون إضراباً عن الأَول وإيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار
لا بل ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها وهذا
يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب تقول
بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً؛ قال: وهي لغة
بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ. ابن
سيده: وقوله عز وجل: بَلَى قد جاءتك آياتي؛ جاء ببلى التي هي معقودة
بالجحد، وإن لم يكن في الكلام لفظ جحد، لأَن قوله تعالى: لو أَن الله هداني؛
في قوّة الجحد كأَنه قال ما هُدِيتُ، فقيل بلى قد جاءتك آياتي؛ قال ابن
سيده: وهذا محمول على الواو لأَن الواو أَظهر هنا من الياء، فحملت ما لم
تظهر فيه عى ما ظهرت فيه؛ قال: وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى، فإذا
كان ذلك فهو من الياء. وقال بعض النحويين: إنما جازت الإمالة في بلى لأَنها
شابهت بتمام الكلام واستقلاله بها وغنائها عما بعدها الأَسماء المستقبلة
بأَنفسها، فمن حيث جازت إمالة الأَسماء جازت أَيضاً إمالة بلى، أَلا ترى
أَنك تقول في جواب من قال أَلم تفعل كذا وكذا: بلى، فلا تحتاج لكونها
جواباً مستقلاً إلى شيء بعدها، فلما قامت بنفسها وقويت لحقت في القوة
بالأَسماء في جواز إمالتها كما أُميل أنَّى ومتى. الجوهري: بلى جواب للتحقيق
يوجب ما يقال لك لأَنها ترك للنفي، وهي حرف لأَنها نقيضة لا، قال سيبويه:
ليس بلى ونعم اسمين، وقال: بلْ مخففٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على
الأَول فيلزمه مثل إعرابه، وهو الإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءني
زيد بل عمرو، وما رأَيت زيداً بل عمراً، وجاءني أَخوك بل أَبوك، تعطف بها
بعد النفي والإثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رب مهمه، كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:
بَلْ جَوْز تَيْهاءَ كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق؛ قال
الأَخفش عن بعضهم: إن بل ههنا بمعنى إنّ، فلذلك صار القسم عليها؛ قال: وربما
استعملته العرب في قطع كلام واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول:
بل ما هاجَ أَحزاناً وشَجْواً قَدْ شَجَا
ويقول:
بل وبَلْدَةٍ ما الإنسُ منْ آهالِها
علا: عُلْو كلّ شيء وعِلْوه وعَلْوُه وعُلاوَتُه وعالِيه وعالِيَتُه:
أَرْفَعُه، يَتَعَدَّى إليه الفعلُ بحَرْف وبغير حَرْف كقولك قَعَدْتُ
عُلْوه وفي عُلْوِه. قال ابن السكيت: سِفْلُ الدار وعِلْوُها وسُفْلُها
وعُلْوُها ، وعلا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ، وعَلِيَ وتَعَلَّى؛ وقال بعض
الرُّجَّاز:
وإنْ تَقُلْ: يا لَيْتَه اسْتَبلاَّ
مِن مَرَضٍ أَحْرَضَه وبَلاَّ،
تَقُلْ لأَنْفَيْهِ ولا تَعَلَّى
وفي حديث ابن عباس: فإذا هو يَتَعَلَّى عنِّي أَي يَتَرَفَّع عليَّ.
وعَلاه عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْلَوْلاه، وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّهُ
وعالاه وعالَى به؛ قال:
كالثِّقْلِ إذ عالَى به المُعَلِّي
ويقال: عَلا فلانٌ الجَبَلَ إذا رَقِيَه يَعْلُوه عُلُوّاً، وعَلا فلان
فلاناً إذا قَهَرَه. والعَليُّ: الرَّفيعُ. وتَعالَى: تَرَفَّع؛ وقول أبي
ذؤيب:
عَلَوْناهُمُ بالمَشْرَفيِّ، وعُرِّيَتْ
نِصالُ السُّيوفِ تَعْتَلي بالأَماثِلِ
تَعْتَلي: تَعْتَمِد، وعدّاه بالباء لأَنه في معنى تَذهَب بهم. وأَخذَه
من عَلِ ومن عَلُ؛ قال سيبويه: حَرَّكوه كما حَرَّكوا أَوَّلُ حين قالوا
ابْدَأْ بهذا أَوَّلُ، وقالوا: من عَلا وعَلْوُ ، ومن عالٍ ومُعالٍ؛ قال
أَعْشى باهِلَة:
إنِّي أَتَتْني لِسانٌ لا أُسَرُّ بها،
مِنْ عَلْوُ لا عَجَبٌ منها، ولا سَخَرُ
ويُرْوَى: من عَلْوِ وعَلْوَ أَي أَتاني خَبرٌ من أَعْلى؛ وأَنشد يعقوب
لدُكَيْن بنِ رجاءٍ في أَتيتُه من عالٍ:
يُنْجِيِه، مِنْ مثلِ حَمامِ الأَغْلالْ،
وَقْعُ يَدٍ عَجْلى ورِجْلٍ شِمْلالْ،
ظَمأَى النَّسَامِنْ تَحْتُ رَيَّا منْ عالْ
يعني فرساً؛ وقال ذو الرمَّة في مِن مُعال:
فَرَّجَ عنه حَلَقَ الأَغلالِ
جَذْبُ العُرىَ وجِرْيةُ الجِبالِ،
ونَغَضانُ الرَّحْلِ من مُعالِ
أَراد فَرَّج عن جَنِين الناقة حَلَقَ الأَغْلالِ، يعني حَلَق الرحِمِ،
سَيرُنا، وقيل: رَمَى به من عَلِ الجبَل أَي من فَوْقِه؛ وقول العجلي:
أَقَبُّ من تَحْتُ عَرِيضٌ مِن عَلِي
إنما هو محذوف المضاف إليه لأَنه معرفة وفي موضِع المبنِيِّ على الضمّ ،
أَلا تراه قابَل به ما هذه حالُه وهو قوله: مِنْ تَحْتُ، وينبغي أَن
تُكْتَب عَلي في هذا الموضِع بالياء، وهو فَعِلٌ في معنى فاعِلٍ، أَي
أَقَبُّ من تحتِه، عريضٌ من عالِيه: بمعنى أَعْلاه. والعا والسافلُ: بمنزلة
الأَعْلى والأَسْفل؛ قال:
ما هو إلا المَوتُ يَغْلي غالِيهْ
مُخْتَلِطاً سافِلُه بعالِيهْ،
لا بُدَّ يوماً أَنَّني مُلاقِيه
وقولهم: جئتُ من عَلُ أَي من أَعْلى كذا. قال ابن السكيت: يقال أَتَيْته
مِنْ عَلُ، بضم اللام، وأَتَيته من عَلُو ، بضم اللام وسكون الواو،
وأَتيته مِن علي بياء ساكنة، وأَتيته من عَلْوُ، بسكون اللام وضم الواو، ومن
عَلْوَ ومن عَلْوِ. قال الجوهري: ويقال أَتيتُه من عَلِ الدارِ، بكسر
اللام، أَي من عالٍ؛ قال امرؤ القيس:
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً،
كجلمودِ صَخْرٍ حَطَّه السَّيلُ من عَلِ
وأَتيتُه من عَلا؛ قال أَبو النجم:
باتَتْ تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشاً مِن عَلا،
نَوْشاً به تَقْطَعُ أَجْوازَ الفَلا
وأَتَيْتُه من عَلُ، بضم اللامِ؛ أَنشد يعقوب لعَدِيّ ابن زيد:
في كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه،
من عَلُ الشَّفَّان، هُدَّابُ الفَنَنْ
وأَما قول أَوس:
فَمَلَّكَ باللِّيطِ الذي تحتَ قِشْرِها،
كغِرْقئِ بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ مِنْ عَلُو
فإن الواو زائدة، وهي لإطلاقِ القافية ولا يجوزُ مثلُه في الكلام. وقال
الفراء في قوله تعالى: عالِيَهُم ثيابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ؛ قرئ عالِيَهُم
بفتح الياء، وعالِيهِم بسكونها ، قال: فمَن فتَحها جَعَلها كالصفة فوقَهم،
قال: والعرب تقول قَوْمُك داخِلَ الدارِ، فيَنْصِبون داخلَ لأنه محَلٌ،
فعالِيَهُم من ذلك، وقال الزجاج: لا نعرف عالِيَ في الظروف، قال: ولعلَّ
الفراء سمع بِعا في الظروف، قال: ولو كان ظرفاً لم يَجُزْ إسكان الياء،
ولكنه نَصَبه على الحال من شيئين: أَحدُهما من الهاء والميم في قوله
تعالى: يَطُوفُ عليهم، ثم قال: عالِيَهُمْ ثيابُ سندس؛ أي في حالِ عُلُوِّ
الثياب إياهم، قال ويجوز أن يكون حالاً من الوِلْدان، قال: والنصب في هذا
بَيِّنٌ، قال: ومن قرأَ عالِيِهم فرفْعُه بالابتداء والخبر ثياب سندس،
قال: وقد قرئ عالِيَتَهُمْ، بالنصب، وعالِيَتُهم، بالرفع والقراءة بهما لا
تجوز لخلافهما المصحف، وقرئ: عَلَيْهم ثيابُ سندس، وتفسير نصب عالِيَتَهُم
ورفعها كتفسير عالِيَهُم وعالِيهم.
والمُسْتَعْلي من الحروف سبعة وهي: الخاءُ والغين والقاف والضاد والصاد
والطاء والظاء، وما عدا هذه الحروفَ فمنخفِض، ومعنى الاستعْلاء أَن
تَتَصَعَّد في الحَنَك الأَعلى ، فأَربعةٌ منها مع استعلائها إطْباقٌ، وأَما
الخاء والغينُ والقاف فلا إطباق مع استعلائها.
والعَلاءُ: الرِّفْعَة. والعلاءُ: اسم سُمِّيَ بذلك، وهو معرفة بالوضع
دون اللام، وإنما أُقِرَّت اللامُ بعد النَّقل وكونه علَماً مراعاةً لمذهب
الوصف فيها قبلَ النَّقْلِ، ويدلُّ على تَعَرُّفِه بالوضع قولُهُم أَبو
عمرو بنُ العَلاء، فطَرْحُهم التنوينَ من عَمْرو إنما هو لأَنَّ ابناً
مضافٌ إلى العَلَم، فجرَى مَجْرَى قولِك أَبو عمرِو بنُ بكر، ولو كان
العَلاء مُعَرَّفاً باللامِ لوجب ثبوت التنوين كما تُثْبته مع ما تعرَّف
باللام، نحو جاءَني أَبو عمرٍ وابن الغُلامِ وأَبو زيدٍ ابنُ الرجلِ، وقد ذهَب
عَلاءً وعَلْواً.
وعَلا النهارُ واعْتَلى واسْتَعْلى: ارْتَفَعَ. والعُلُوُّ: العَظَمة
والتَّجَبُّر. وقال الحسن البصري ومسلم البَطِين في قوله تعالى: تِلْكَ
الدارُ الآخِرةُ نجْعَلها للذين لا يريدون عُلُوّاً في الأَرض ولا فَساداً؛
قال: العُلُو التكبُّر في الأَرض، وقال الحسن: الفَسادُ المَعاصي، وقال
مسلم: الفَسادُ أَخذ المال بغير حق، وقال تعالى: إن فِرْعَوْنَ عَلا في
الأرض؛ جاء في التفسير أَن معناه طَغَى في الأَرض. يقال: عَلا فلانٌ في
الأرض إذا اسْتَكْبَرَ وطَغَى. وقوله تعالى: ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كبيراً؛
معناه لَتَبْغُنّ ولَتَتَعَظَّمُنّ. ويقال لكل مُتَجَبِّر: قد عَلا
وتَعَظَّمَ . واللهُ عز وجل هو العَليّ المُتعالي العا الأَعْلَى ذُو العُلا
والعَلاء والمَعا ، تَعالى عَمَّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً، هو
الأَعْلى سبحانه بمعنى العا ، وتفسير تَعالَى جلَّ ونَبَا عن كلِّ ثناءٍ فهو
أَعظم وأَجلُّ وأَعْلى مما يُثنى عليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ قال
الأزهري: وتفسير هذه الصفات سبحانه يَقْرُب بعضُها من بعض، فالعَلِيُّ
الشريف فَعِيل من عَلا يَعْلُو، وهو بمعنى العالِي، وهو الذي ليس فوقه
شيء. ويقال: هو الذي عَلا الخلقَ فَقَهَرهم بقدرته. وأَما المُتعا: فهو
الذي جَلَّ عن إفْكِ المُفْتَرِين وتَنَزَّه عن وَساوس المتحيِّرين، وقد
يكون المُتعا بمعنى العا . والأَعْلى: هو الله الذي هو أَعْلى من كل عالٍ
واسمه الأَعْلى أَي صفته أَعْلى الصفات، والعَلاءُ: الشرفُ، وذو العُلا:
صاحب الصفات العُلا، والعُلا: جمع العُلْيا أَي جمع الصفة العُليا والكلمة
العلْيا، ويكون العُلى جمع الاسم الأَعْلى، وصفةُ الله العُلْيا شهادةُ أَنْ
لا إله إلا الله، فهذه أَعلى الصفات، ولا يوصف بها غير الله وحده لا شريك
له، ولم يزل الله عَلِيّاً عالياً متعالياً، تعالى اللهُ عن إِلحاد المُلْحدِين،
وهو العَليُّ العظيم. وعَلا في الجبَل والمَكان وعلى الدابَّةِ وكلِّ
شيء وعَلاهُ عُلُوّاً واسْتَعْلاه واعْتلاه مثلُه، وتَعلَّى أَي عَلا في
مُهْلة. وعَلِيَ ، بالكسر، في المَكارِم والرِّفْعة والشَّرَف يَعْلَى
عَلاءً، ويقال أَيضاً: عَلا، بالفتح، يَعْلى؛ قال رؤبة فَجَمَع بين
اللغتين:لَمَّا عَلا كَعْبُك * عَلِيتُ،
دَفْعك دَأْداني وقد جَوِيتُ
(* قوله دأداني وقد جويت» هكذا في الأصل.)
قال ابن سيده: كذا أَنشده يعقوب وأَبو عبيد: عَلا كَعْبُك ؛ ووجهه عندي
عَلا كَعْبُكَ بي أَي أَعْلاني ، لان الهمزة والباء يَتَعاقبان، وحكى
اللحياني عَلا في هذا المعنى.
ويقال: فلان تَعْلو عنه العَينُ بمعنى تَنْبو عنه العَين، وإذا نَبا
الشيءُ عن الشيء ولم يَلْصَقْ به فقد عَلا عنه. وفي الحديث: تَعْلو عنهُ
العين أَي تَنْبو عنه ولا تَلْصَق به؛ ومنه حديث النجاشي: وكانوا بِهِمْ
أَعْلى عَيْناً أَي أَبصَرَ بهم وأَعْلَم بحالِهِم. وفي حديث قيلة: لا
يزالُ كعْبُكِ؛ عالِياً أَي لا تزالِين شريفة مرتَفِعة على من يعادِيكِ. وفي
حديث حمنَةَ بنت جَحْشٍ: كانت تَجْلِسُ في المِرْكَنِ ثم تَخْرُج وهي
عالية الدَّمِ أَي يَعْلُو دَمُها الماءَ. واعْلُ على الوِسادة أَي اقْعُد
عليها، وأَعْلِ عنها أَي انْزِلْ عنها؛ أَنشد أَبو بكر الإياديّ لامرَأة من
العرب عُنِّنَ عَنْها زوجُها:
فَقَدْتُك مِنْ بَعْلٍ، عَلامَ تَدُكُّني
بصَدْرِكَ؟ لا تُغْني فَتِيلاً ولا تُعْلي
أَي لا تَنْزِل وأَنت عاجزٌ عن الإِيلاجِ. وعالِ عنِّي وأَعْلِ عَنِّي:
تَنَحَّ. وعالِ عَنَّا أَي اطْلُبْ حاجَتك عندَ غيرنا فإِنَّا نَحْن لا
نَقْدِرُ لك عليها، كأَنك تقول تَنَحَّ عنَّا إِلى مَن سِوانا. وفي حديث
ابن مسعود: فلما وضَعْتُ رِجْلي على مُذَمَّر أَبي جَهْل قال أَعْلِ
عَنِّجْ أَي تَنَحَّ عني، وأَراد بِعَنِّجْ عني، وهي لغة قوم يقلبون الياء في
الوَقْف جيماً.وعالِ عليَّ أَي احْمِلْ؛ وقول أُميَّة بن أَبي الصَّلْت:
سَلَعٌ مَّا، ومْثْلُه عُشَرٌ مَّا
عائِلٌ مَّا ، وعالَتِ البَيْقُورا
أَي أَنَّ السَّنَة الجَدْبة أَثْقَلَت البَقَر بما حُمِّلَتْ من
السَّلَع والعُشَر. ورجل عالي الكَعْبِ: شريفٌ ثابتُ الشَرف عالي الذِّكْر. وفي
حديث أُحدٍ: قال أَبو سيفان لمَّا انْهزَم المسلمون وظَهروا عليهم:
اعْلُ هُبَلُ، فقال عُمَر، رضي الله عنه: اللهُ أَعْلى وأَجَلّ، فقال لعُمَر:
أَنْعَمَتْ، فَعالِ عنها؛ كان الرجلُ من قريشٍ إِذا أَراد ابْتِداءَ أَمْرٍ
عمَد إِلى سَهْمَيْن فكَتَب على أَحدِهما نَعَمْ، وعلى الآخر لا، ثم
يتَقَدَّم إِلى الصَّنَم ويُجِيلُ سِهامَه، فإِن خَرج سَهْمُ نَعَمْ أَقْدَم،
وإِن خَرَج سَهْم لا امْتَنَع، وكان أَبو سيفان لَمَّا أَراد الخُروجَ إِلى
أُحدٍ اسْتَفْتى هُبَلَ فخَرَج له سَهْمُ الإِنْعامِ، فذلك قوله لعُمَر،
رضي الله عنه: أَنْعَمَتْ فَعالِ أَي تَجافَ عَنْها ولا تَذْكُرْها
بسُوءٍ، يعني آلهَتَهم. وفي حديثٍ: اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ من اليَدِ
السُّفْلى، العُلْيا المَتَعَفِّفة والسُّفْلى السائلة؛ روي ذلك عن ابن عمر، رضي
الله عنهما، ورُوِيَ عنه أَنها المُنْفِقة، وقيل: العُلْيا المُعْطِيَة
والسُّفْلى الآخِذة، وقيل:السُّفْلى المانِعة.
والمَعْلاة: كَسْبُ الشَّرَف؛ قال الأَزهري: المَعْلاة مَكْسَبُ
الشَّرَف، وجمعها المَعالي. قال ابن بري: ويقال في واحدة المَعالي مَعْلُوَة.
ورَجُلٌ عَليٌّ أَي شريف، وجمعه عِلْيةٌ. يقال: فلان مِنْ عِلْية الناس أَي
من أَشرافهم وجِلَّتِهم لا من سِفْلَتهم، أَبدلوا من الواو ياءً لضعف
حَجْز اللام الساكنة، ومثله صبيٌّ وصبِيْة، وهو جمع رجُل عَليٍّ أَي شَريف
رَفيعٍ. وفلانٌ من عِلِّيَّةِ قَوْمِه
(* قوله« من علية قومه إلخ» هو بتشديد اللام والياء في الأصل.)
وعِلِيِّهم وعُلِيِّهِم أَي في الشَّرَفِ والكَثْرة. قال ابن بري: ويقال رَجلٌ
عَليٌّ أَي صُلْبٌ؛ قال الشاعر:
وكلّ عَليٍّ قُصَّ أَسْفَل ذَيْلِه،
فشَمَّرَ عَنْ ساقٍ وأَوْظِفَةٍ عُجْرِ
ويقال: فَرَسٌ عَلِيٌّ.
والعِلِّيَّة والعُلِّيَّة جميعاً: الغُرفة على بناء حُرِّية، قال: وهي
في التصريف فُعُّولةٌ، والجمع العَلاليُّ؛ قال الجوهري: هي فُعِّيلة مثلُ
مُرِّيقةٍ، وأَصلُه عُلِّيْوَة، فأُبْدِلَت الواوُ ياءً وأُدغمت لأَنَّ
هذه الواو إِذا سَكَن ما قبلها صَحَّت، كما يُنْسب إِلى الدَّلْوِ
دَلْوِيٌّ، قال: وبعضهم يقول هي العِلِّيَّة، بالكسر، على فِعِّيلة، وبعضهم
يَجْعَلُها من المُضاعف، قال: وليس في الكلام فُعِّيلة. وقال الأَصمعي:
العِلِّيُّ جمع الغُرَفِ، واحدتها عِلِّيَّة؛ قال العجاج:
وبِيعَة لِسُورها عِلِيٌّ
وقال أَبو حاتم: العَلاليُّ من البيوت واحدتها عِلِّيَّة، قال: ووزن
عِلِّيَّة فِعِّيلة، العين شديدة. قال الأَزهري: وعِلِّيَّة أَكثر من
عُلِّيَّة. وفي حديث عمر رضي الله عنه: فارْتَقَى عُلِّيَّة، هو من ذلك، بضم
العين وكسرها.
وعَلا به وأَعْلاهُ وعَلاَّه: جَعَلَه عالياً.
والعالية: أَعْلى القَناةِ، وأَسْفَلُها السافِلةُ، وجمعها العَوالي،
وقيل: العالية القَناة المستقيمة، وقيل: هو النصفُ الذي يَلي السِّنانَ،
وقيل: عالِية الرُّمْح رأْسُه؛ وبه فَسَّرَ السُّكَّري قول أَبي ذُؤيْب:
أَقَبَّا الكُشُوحِ أَبْيَضانِ كِلاهما،
كعالِية الخَطِّيِّ واري الأَزانِدِ
أَي كلُّ واحدٍ منهما كرأْسِ الرُّمْح في مُضِيِّه. وفي حديث ابن عمر:
أَخذت بعالِيهِ رُمْحٍ، قال: وهي ما يَلي السِّنانَ من القَناةِ. وعَوالي
الرماح: أَسِنَّتُها، واحدتُها عاليةٌ؛ ومنه قول الخَنْساءِ حين
خَطَبَهَا دُرَيْدُ بن الصِّمَّة: أَتَرَوْنَني تارِكةً بَني عَمِّي كأَنهم
عَوالي الرِّماح ومُرْتَثَّةً شَيْخَ بني جُشَم؛ شَبَّهَتْهم بعَوالي الرِّماح
لطَراءة شَبابهم وبريق سَحْنائهم وحُسْن وجوههم، وقيل: عالية الرُّمْحِ
ما دَخَل في السِّنانِ إِلى ثُلُثِه، والعالِيةُ: ما فوق أَرض نَجْدٍ إِلى
أَرض تِهامَةَ وإِلى ما وراء مكة، وهي الحجاز وما وَالاها، وفي الحديث ذكر
العالِية والعَوالي في غير موضع من الحديث، وهي أَماكِنُ بأَعْلى أَراضي
المدينة وأَدْناها من المدينة على أَربعةِ أَمْيالٍ، وأَبعَدُها من جهة
نَجْدٍ ثمانية، والنسب إِليها عاليٌّ على القياس، وعُلْوِيٌّ نادر على
غير قياس؛ وأَنشد ثعلب:
أَأَنْ هَبَّ عُلْوِيٌّ يُعَلِّل فِتْيَةً،
بنخلة وَهْناً، فاض منك المَدامعُ
وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: وجاء أَعرابيٌّ عُلْويٌّ جافٍ. وعالوا:
أَتَوُا العالِيَة. قال الأَزهري: عالِية الحجاز أَعلاها بلداً
وأَشرفُها موضعاً،وهي بلاد واسعة، وإِذا نَسَبُوا إِليها قيل عُلْوِيٌّ، والأُنثى
عُلْوِيَّة. ويقال: عالى الرجلُ وأَعْلى إِذا أَتى عالِية الحجاز
ونَجْدٍ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
مُعالِيَة لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ،
وحَرَّة لَيلى السَّهْلُ منها فَلُوبُها
وحَرَّة لَيْلى وحَرَّة شَوْران وحَرَّة بني سُلَيم في عالِية الحجاز،
وعلى السطحَ عَلْياً وعِلْياً،
(* قوله«وعلياً» هكذا في الأصل والمحكم
بكسر العين وسكون اللام، وكذلك في قراءة ابن مسعود، وفي القاموس وشرحه:
والعلي بكسرتين وشد الياء العلو ومنه قراءة ابن مسعود ظلماً وعلياً اهـ. يعني
بكسر العين واللام وتشديد الياء). وفي حرف ابن مسعود، رضي الله عنه:
ظُلْماً وعِلْياً؛ كل هذا عن اللحياني.
وعلى: حرف جَرٍّ، ومعناه اسْتِعْلاء الشيءِ، تقول: هذا على ظهر الجبل
وعلى رأْسه، ويكون أَيضاً أَن يَطْوي مُسْتَعْلِياً كقولك: مَرَّ الماءُ
عليه وأَمْررْت يدي عليه، وأَما مَرَرْت على فلان فَجَرى هذا كالمثل.
وعلينا أَميرٌ: كقولك عليه مالٌ لأَنه شيء اعْتَلاهُ، وهذا كالمثَل كما
يَثْبُت الشيءُ على المكان كذلك يَثْبُت هذا عليه، فقد يَتَّسِع هذا في الكلام،
ولا يريد سيبويه بقوله عليه مال لأَنه شيء اعْتَلاه أَنَّ اعْتَلاه من
لفظ على، إِنما أَراد أَنها في معناها وليست من لفظها، وكيف يظن بسيبويه
ذلك وعَلى من ع ل ي واعْتَلاه من ع ل و؟وقد تأْتي على بمعنى في؛ قال أَبو
كبير الهُذَلي:
ولَقَدْ سَرَيْتُ على الظَّلامِ بِمِغْشَمٍ
جَلْدٍ من الفِتْيانِ، غَيْرِ مُهَبَّل
أَي في الظلام. ويجيء عَلى في الكلام وهو اسم، ولا يكون إِلا ظرفاً،
ويَدُلُّك على أَنه اسم قول بعض العرب نَهَضَ من عَلَيْه؛ قال مزاحم
العُقَيْلي:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَما تَمَّ ظِمْؤُها،
تَصِلُّ وعَنْ قَيْضٍ بزِيزاء مَجْهَل
وهو بمعنى عِنْد؛ وهذا البيت معناه غَدَتْ مِنْ عِنْدِهِ. وقوله في
الحديث: فإِذا انْقَطَعَ مَنْ عَلَيها رَجع إِليه الإِيمانُ أَي منْ فَوْقها،
وقيل منْ عندها. وقالوا: رَمَيْتُ عَلى القوس ورَمَيْت عنها، ولا يقال
رَمَيْتُ بها؛ قال:
أَرْمِي عَلَبْها وهي فَرْعٌ أَجْمَع
وفي الحديث: مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليه جَهَنَّم؛ قال ابن
الأَثير: حَمَل بعضهم هذا الحديث على ظاهِره وجعله عُقوبةً لصائم الدَّهْرِ،
كأَنه كَرِه صومَ الدَّهْرِ، ويشهد لذلك منعُه عبدَ الله بنَ عَمْرو عن
صومِ الدهرِ وكَراهيتُه له، وفيه بُعدٌ لأَنَّ صومَ الدَّهر بالجُمْلة
قُرْبة، وقد صامه جماعة من الصحابة، رضي الله عنهم، والتابِعين، رحمهم الله، فما
يَسْتَحِقُّ فاعلُه تضييقَ جهَنَّم عليه؛ وذهب آخرون إِلى أَن على هنا
بمعنى عن أَي ضُيِّقت عَنْه فلا يدخُلُها، وعن وعلى يَتداخلان؛ ومنه حديث
أَبي سيفان: لولا أَن يأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ أَي يَروُوا عنِّي.
وقالوا: ثَبَتَ عليه مالٌ أَي كثر، وكذلك يقال: عَلَيْه مالٌ، يريدون
ذلك المعنى، ولا يقال له مالٌ إِلا من العين كما لا يقال عليه مالٌ إِلاَّ
من غير العَين؛ قال ابن جني: وقد يستعمل عَلى في الأَفعال الشاقة
المستثقلة، تقول: قد سِرْنا عَشْراً وبَقِيَتْ عَلَيْنا ليلتان، وقد حَفِظْتُ
القرآن وبَقِيَت عليَّ منه سورتان، وقد صُمْنا عِشْرين من الشهر وبَقِيَتْ
علينا عشر، كذلك يقال في الاعتداد على الإِنسان بذنوبه وقُبح أَفعاله،
وإنما اطَّرَدَتْ على في هذه الأَفعال من حيث كانت على في الأَصل
للاسْتِعْلاءِ والتَّفَرُّع، فلما كانت هذه الأَحوال كُلَفاً، ومَشاقً تَخْفِضُ
الإِنسانَ وتَضَعُه وتَعْلُوه وتَتَفَرَّعُه حتى يَخْنَع لها ويَخْضع لما
يَتَسَدَّاه منها، كان ذلك من مواضع على، أَلا تراهم يقولون هذا لك وهذا
عَلَيْك، فتستعمل اللامَ فيما تُؤْثِره وعَلى فيما تكرهه؟ وقالت
الخنساء:سأَحْمِلُ نَفْسي عَلى آلةٍ،
فإِمّا عَليْها وإِمَّا لَها
وعَلَيْكَ: من أَسماء الفعل المُغْرى به، تقول عَلَيْك زيداً أَي خُذْه،
وعَلَيكَ بزيد كذلك؛ قال الجوهري: لما كثر استعماله صار بمنزلة هَلُمَّ،
وإِن كان أَصله الارتفاع، وفسر ثعلب معنى قوله عَلَيْكَ بزيد فقال: لم
يجيء بالفعل وجاء بالصفة فصارت كالكناية عن الفعل، فكأَنك إِذا قلت
عَلَيْك بزيد قلت افْعَلْ بزيد مثل ما تكني عن ضربت فتقول فعلتُ به. وفي
الحديث: عليكم بكذا أَي افْعَلُوه، وهو اسمٌ للفعل بمعنى خذ، يقال: عَلَيْك
زيداً وعليك بزيدٍ أَي خذه. قال ابن جني: ليس زيداً من قولك عَلَيْك زيداً
منصوباً بخُذ الذي دلت عليه عَليْك، إِنما هو منصوبٌ بنفسِ عَليْك من حيث
كان اسماً لفعلٍ متعدٍّ. قال الأَزهري: عَلى لها معانٍ والقُرَّاء كلهم
يُفَخِّمونها لأَنها حرف أَداة. قال أَبو العباس في قوله تعالى: عَلى رجل
منكم؛ جاء في التفسير: مَعَ رجل منكم، كما تقول جاءني الخَيْرُ على وجهك
ومع وجهك. وفي حديث زكاة الفِطْر: على كلِّ حُرٍّ وعبدٍ صاعٌ، قال: على
بمعنى مع لأَن العبد لا تجب عليه الفطرة وإِنما تجب على سيّده. قال ابن
كيسان: عَلَيك ودونكَ وعندك إِذا جُعِلْنَ أَخباراً فعن الأَسماء، كقولك:
عليك ثوبٌ وعندَك مالٌ ودونك مالٌ، ويُجْعَلْنَ إِغْراءً فتُجْرى مُجْرى
الفعل فيَنْصِبْنَ الأَسماء، كقولك: عليكَ زيداً ودونَك وعندك خالداً أَي
الزَمْه وخُذُه، وأَما الصفاتُ سواهُنَّ فيرفعن إِذا جُعِلَت أَخباراً
ولا يغْري بها. ويقولون: عَلَيْه دَيْن، ورأَيته على أَوْفازٍ كأَنه يريد
النُّهُوض. وتَجِيء على
بمعنى عن؛ قال الله عز وجل: إِذا اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون؛
معناه إِذا اكتالوا عَنْهُم. قال الجوهري: عَلى لها ثلاثةُ مواضعَ؛ قال
المبرّد: هي لفظة مشتَرَكة للاسم والفعل والحرف لا أَن الاسم هو الحرف أَو
الفعل، ولكن يَتَّفِق الاسمُ والحرف في اللفظ، أَلا تَرى أَنك تقول على زيدٍ
ثوبٌ، فعلى هذه حرفٌ، وتقول عَلا زيداً ثوبٌ، فعلا هذه فعلٌ من عَلا
يَعْلُو؛ قال طرَفة:
وتَساقى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً،
وعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْ
ويروى: على الخيل، قال سيبويه: أَلف عَلا زيداً ثوبٌ منقلبةٌ من واو،
إِلا أَنها تقلب مع المضمر ياءً، تقول عليكَ، وبعضُ العرب يتركها على
حالها؛ قال الراجز:
أَيّ قَلُوصِ راكبٍ تَراها،
فاشْدُدْ بمَثْنَيْ حَقَبٍ حَقْواها
نادِيَةً ونادِياً أَباها،
طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها
ويقال: هي بلغة بلحرث بن كعب؛ قال ابن بري: أَنشده أَبو زيد:
ناجِيةً وناجِياً أَباها
قال: وكذلك أَنشده الجوهري في ترجمة نجا. وقال أَبو حاتم: سأَلت أَبا
عبيدة عن هذا الشعر فقال لي: انْقُطْ عليه، هذا من قول المفضل. وعلى: حرف
خافض، وقد تكون اسماً يدخل عليه حرف؛ قال يزيد بن الطَّثَرِيَّة:
غَدَتْ مِنْ عَلِيْه تَنْقُضُ الطَّلَّ، بعدَما
رأَتْ حاجِبَ الشمسِ اسْتَوَى فَتَرَفَّعَا
أَي غدت من فوقه لأَن حرف الجرّ لا يدخل على حرف الجرّ، وقولهم: كانَ
كذا على عهد فلان أَي في عهده، وقد يوضع موضع من كقوله تعالى: إِذا
اكْتالُوا على الناسِ يَسْتَوْفُون؛ أَي من الناس. وتقول: عَليَّ زيداً وعَليَّ
بزيد؛ معناه أَعْطِني زيداً؛ قال ابن بري: وتكون علَى بمعنى الباء؛ قال
أَبو ذؤيب:
وكأَنَّهنّ ربَابةٌ، وكأَنه
يَسَرٌ يَفِيضُ علَى القِداحِ ويَصْدَعُ
أَي بالقِداحِ. وعلَى: صفةٌ من الصِّفاتِ، وللعَرَب فيها لغتانِ: كُنْت
على السَّطْح وكنت أَعْلَى السَّطْح؛ قال الزجاج في قوله عليهم وإِليهم:
الأَصل عَلاهُم وإِلاهُم كما تقول إِلى زَيْد وعَلَى زَيدٍ، إِلا أَنَّ
الأَلف غُيِّرَت مع المضمر فأُبْدلت ياءً لتَفْصِل بينَ الأَلف التي في آخر
المُتَمَكِّنة وبَيْنَ الأَلف في آخر غير المتمكنة التي الإِضافة لازمة
لها، أَلا تَرَى أَنّ عَلَى وَلَدي وإِلى لا تَنْفَرِدُ من الإِضافة؟
ولذلك قالت العرب في كِلا في حال النصب والجر: رأَيْتُ كِلَيْهما وكِلَيْكُما
ومررت بكِلَيْهما، ففَصَلت بين الإِضافة إِلى المُظْهرِ والمُضْمر لما
كانت كِلا لا تَنْفَرِد ولا تكون كلاماً إِلا بالإِضافة.
والعِلاوَة: أَعْلَى الرَّأْسِ، وقيل: أَعْلَى العُنُق. يقال: ضربت
عِلاوَتَه أَي رأْسه وعُنُقه. والعِلاوة أَيضاً: رأْسُ الإِنسانِ ما دامَ في
عُنُقهِ. والعِلاوة: ما يُحْمَل على البعير وغيره، وهو ما وُضِع بين
العِدْلَيْنِ، وقيل: عِلاوَة كلِّ شيءٍ ما زاد عليه. يقال: أَعطاه أَلفاً
وديناراً عِلاوةً، وأَعطاه أَلفين وخمسمائةٍ عِلاوةً، وجمع العِلاوة عَلاوَى
مثل هِراوَة وهَرَاوَى. وفي حديث معاوية: قال للبيد الشاعِر كم عَطاؤك؟
فقال: أَلفان وخمسمائة، فقال: ما بالُ العِلاوَةِ بينَ الفَوْدَيْنِ؟
العِلاوَة: ما عُوليَ فوقَ الحِمْلِ وزِيدَ عليه، والفَودانِ: العِدْلانِ.
ويقال: عَلِّ عَلاواكَ على الأَحْمال وعالِها. والعِلاوَةُ: كلُّ ما
عَلَّيْتَ به على البعير بعد تمامِ الوِقْرِ أَو عَلَّقْته عليه نحو السِّقاءِ
والسَّفُّودِ، والجمع العَلاوَى مثلُ إِداوَة وأَداوَى.
والعَلْياءُ: رأْسُ الجَبَل، وفي التهذيب: رأْسُ كلّ جَبَلٍ مشرفٍ،
وقيل: كلُّ ما عَلا من الشيءِ؛ قال زهير:
تَبَصَّرْ خَلِيلي، هَلْ تَرَى من ظَعائِنٍ
تَحَمَّلْنَ بالعَلْياءِ، من فوقِ جُرْثُم؟
والعَلْياءُ: السماءُ اسمٌ لها، وليس بصفةٍ، وأَصله الواو إِلا أَنه
شَذَّ. والسَّموات العُلَى: جمع السماء العُلْيا، والثَّنايا العلْيا
والثَّنايا السُّفْلى. يقال للجماعة: عُلْيَا وسُفْلَى، لتأْنيث الجماعة؛ ومنه
قوله تعالى: لِنُرِيَكَ من آياتنا الكُبْرَى، ولم يقل الكُبَر، وهو
بمنزلة الأَسماء الحُسْنَى، وبمنزلة قوله تعالى: وليَ فيها مآرِبُ أُخرى.
والعَلْياءُ: كل مكانٍ مُشْرِفٍ؛ وفي شعر العباس يمدَح النّبي،صلى الله عليه
وسلم:
حتى احْتَوَى بيتُك المُهَيْمِنُ مِنْ
خِنْدِفَ عَلْيَاءَ، تَحتَها النُّطُقُ
قال: عَلياء اسمُ المكان المرتَفعِ كاليفاعِ، وليست بتأْنيثِ الأَعْلَى
لأَنها جاءت منكرَّة، وفَعْلاءُ أَفْعَل يلزَمها التعريف. والعلْيا: اسمٌ
للمكان العالي، وللفَعْلة العالية على المَثَل، صارت الواو فيها ياءً
لأَن فَعلَى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبْدِلَت واوُه ياءً، كما
أَبدلوا الواوَ مكان الياء في فُعْلى إِذا كانت اسماً فأَدْخَلوها عليها في
فعْلَى لتتكافآ في التغير؛ قال ابن سيده: هذا قول سيبويه.
ويقال: نزل فلان بعالِيَة الوادِي وسافِلَته، فعالِيَتُه حيث يَنْحَدِرُ
الماءُ منه، وسافِلتُه حيث يَنْصَبُّ إِليه. وعَلا حاجتَه واسْتَعْلاها:
ظَهَر عليها، وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاهُ كذلك. ورجل عَلُوٌّ للرجال على
مثال عَدُوّ؛ عن ابن الأَعرابي، ولم يستثنها يعقوب في الأَشياء التي
حصرها كَحَسُوّ وفَسُوّ، وكل من قَهَر رجلاً أَو عَدُوّاً فإِنه يقال عَلاه
واعْتَلاه واسْتَعْلاه، واسْتعْلى عليه، واسْتَعْلَى على الناس: غَلَبَهم
وقَهَرَهُم وعَلاهُم. قال الله عز وجل: وقد أَفْلَح اليومَ مَن اسْتَعْلى؛
قال الليث: الفرسُ إِذا بَلَغَ الغاية في الرِّهانِ يقال قد اسْتَعْلَى
على الغاية. وعَلَوْت الرجل: غَلَبْته، وعَلَوته بالسيف: ضَرَبْته.
والعُلْو: ارْتِفاعُ أَصل البناءِ. وقالوا في النداءِ:
تَعالَ أَي اعل، ولا يُسْتَعْمَلُ في غير الأَمر.
والتَّعالي: الارْتِفاعُ. قال الأَزهري: تقول العرب في النداء للرجل
تَعالَ، بفتح اللام، وللاثنين تَعالَيا، وللرجال تَعالَوْا، وللمرأَة
تَعالَي، وللنساء تَعالَيْنَ، ولا يُبالُون أَين يكون المدعوّ في مكان أَعْلى
من مكان الداعي أَو مكان دونه، ولا يجوز أَن يقال منه تعالَيْت ولا يُنْهى
عنه. وتقول: تَعالَيْت وإِلى أَي شيء أَتَعالَى. وعَلا بالأَمْرِ:
اضْطَلَع به واسْتَقَلَّ؛ قال كعب بن سعد الغَنَوي يُخاطِبُ ابنَه عليّ بن
كعب، وقيل هو لعليّ بن عديٍّ الغَنَوي المعروف بابن العرير:
(* قوله«العرير» هو هكذا في الأصل.)
اعْمِدْ لِما تَعْلُو فما لكَ، بالذِي
لا تَسْتَطِيع مِنَ الأُمورِ، يَدانِ
هكذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري: صوابه فاعْمِد بالفاءِ لأَنّ قبله:
وإذا رأيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَه
شَعْبَ العَصا، ويَلِجُّ في العِصيان
يقول: إِذا رأيت المَرْءَ يَسعَى في فَسادِ حاله ويَلِجُّ في عِصْيانِك
،مُخالَفَة أَمْرِك فيما يُفْسدُ حاله فدَعْه واعْمِدْ لِما تَسْتَقِلُّ
به من الأَمْر وتَضْطَلِعُ به، إِذ لا قُوَّة لك على مَنْ لا يُوافِقُك.
وعَلا الفَرَسَ: رَكِبَه. وأَعْلَى عنه: نَزَلَ. وعَلَّى المَتاعَ عن
الدابَّة: أَنْزَله، ولا يقال أَعْلاهُ في هذا المَعْنى إِلاَّ
مُسْتَكْرَهاً. وعالَوْا نَعِيَّهُ: أَظْهَروهُ؛ عن ابن الأَعرابي، قال: ولا يقال
أَعْلَوْه ولا عَلَّوه. ابن الأَعرابي: تَعَلَّى فلانٌ إِذا هَجَمَ على قوم
بغير إِذن، وكذلك دَمَقَ ودَمَرَ. ويقال: عالَيْتُه على الحمار
وعَلَّيْتُه عليه؛ وأَنشد ابن السكيت:
عالَيْتُ أَنْساعي وجِلبَ الكُورِ
عَلَى سَراةِ رائحِ مَمْطُورِ
وقال:
فَإِلاَّ تَجلَّلْها يُعالُوك فَوْقَها،
وكَيْفَ تُوَقَّى ظَهْرَ ما أَنتَ راكِبُه؟
أَي يُعْلُوك فوقها؛ وقال رؤبة:
وإِنْ هَوَى العاثِرُ قُلْنا: دَعْدَعا
لَهُ، وعالَيْنا بتَنْعِيشٍ لَعا
أَبو سعيد: عَلَوْتُ على فلان الرِّيحَ أَي كنت في عُلاوَتِها. ويقال:
لا تَعْلُ الريحَ على الصَّيْدِ فَيراحَ رِيحَكَ ويَنْفِرَ.
ويقال: كُنْ في عُلاوةِ الرِّيحِ وسُفالَتِها، فعُلاوَتُها أَن تكون فوق
الصيدِ، وسُفالَتُها أَن تكون تحتَ الصيدِ لئَلاَّ يَجِدَ الوَحْش
رائِحَتَك.
ويقال: أَتَيْتُ الناقةَ من قِبَل مُسْتَعْلاها أَي من قِبَل
إِنْسِيِّها.
والمُعَلَّى، بفتح اللام: القِدْحُ السابِعُ في المَيْسِر، وهو
أَفْضَلُها، إِذا فازَ حازَ سبعةَ أَنْصباء من الجَزُور؛ وقال اللحياني: وله سبعة
فُروض وله غُنْمُ سبعة أنصباء إِن فاز، وعليه غُرْمُ سبعة أَنصباء إِن
لم يَفُزْ.
والعَلاةُ: الصَّخْرة، وقيل: صَخْرة يُجْعَلُ لها إِطار من الأَخْثاء
ومن اللَّبِنِ والرماد ثم يطبخ فيها الأَقِطُ، وتجمع علاً؛ وأَنشد أَبو
عبيد:
وقالُوا: عَلَيْكُمْ عاصِماً نَسْتَغِثْ به،
رُوَيْدَكَ حَتَّى يَصْفِقَ البَهْمَ عاصمُ
وحَتَّى تَرَى أَن العَلاةَ تَمُدُّها
جُخادِيَّةٌ، والرائحاتُ الرَّوائِمُ
يريد: أَن تلك العَلاة يَزيدُ فيها جُخادِيَّة، وهي قِرْبةٌ مَلأَى
لَبَناً أَو غِرارةٌ مَلأَى تَمْراً أَو حِنْطَةً، يُصَبُّ منها في العَلاة
للتأْقيط، فذلكَ مَدُّها فيها. قال الجوهري: والعَلاةُ حَجَرٌ يُجْعَل
عليه الأَقِطُ؛ قال مبَشِّر بن هُذَيل الشمجي:
لا يَنْفَعُ الشاوِيَّ فيها شاتُه،
وَلا حِمارَاه ولا عَلاتُه
والعَلاة: الزُّبْرة التي يَضْرِب عليها الحدَّاد الحديدَ. والعلاة:
السَّنْدان. وفي حديث عَطاءٍ في مَهْبَطِ آدَمَ: هَبَطَ بالعَلاةِ، وهي
السَّنْدانُ، والجمع العَلا. ويقال للناقة: عَلاةٌ، تُشَبَّه بها في
صَلابَتِها، يقال: ناقَةٌ عَلاةُ الخَلْقِ؛ قال الشاعر:
ومَتْلَفٍ، بينَ مَوْماةٍ، بمَهْلَكَةٍ
جاوَزْتُها بعَلاةِ الخَلْقِ علْيان
أَي طَوِيلَة جَسِيمة. وذكر ابن بري عن الفراء أَنه قال: ناقة عِلْيان،
بكسر العين، وذكر أَبو علي أَنه يقال: رجل عِلْيان وعِلِّيان، وأَصلُ
الياءِ واوٌ انقلبت ياءً كما قالوا صبية وصِبْيان؛ وعليه قول الأَجلح:
تَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيان
ويقال: رجلٌ عَلْيانُ مثلُ عَطْشانَ، وكذلك المرأَة، يستَوي فيه
المذكَّر والمؤنّث. وفي التنزيل: وأَنْزَلْنا الحديدَ فيه بأْس شديد؛ قيل في
تفسيره: أَنْزَل العَلاةَ والمَرّ.
وعلَّى الحَبْلَ: أَعادَه إِلى مَوْضِعِه من البَكَرة يُعَلِّيه، ويقالُ
للرجُل الذي يَرُدُّ حَبْلَ المُسْتَقي بالبَكَرة إِلى موضعه منها إِذا
مَرِسَ المُعَلِّي والرِّشاء المُعَلَّى. وقال أَبو عمرو: التَّعْلِية
أَن يَنْتَأَ بعضُ الطَّيِّ أَسفَل البئر فينزل رجل في البئر يُعلِّي
الدَّلوَ عن الحجر الناتِئ؛ وأَنشد لعديّ:
كَهُوِيِّ الدَّلْوِ نَزَّاها المُعَلْ
أَراد المُعَلِّي وقال:
لَوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي
تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّى
وقيل: المُعَلِّي الذي يرفَعُ الدَّلْوَ مملوءة إِلى فوق يُعين
المُسْتَقيَ بذلك.
وعُلْوان الكتاب: سِمَتُه كعُنْوانِه، وقد عَلَّيْتُه، هذا أَقيس.
ويقال: عَلْوَنْته عَلْوَنةً وعُلْواناً وعنْوَنْتُه عَنْوَنَةً وعُنْواناً.
قال أَبو زيد: عُلْوانُ كل شيء ما عَلا منه، وهو العُنْوانُ؛ وأَنشد:
وحاجةٍ دُونَ أُخرى قد سَمَحْتُ بها،
جَعَلْتُها للَّذي أَخْفَيْتُ عُنْوانا
أَي أَظْهَرْتُ حاجةً وكتمت أُخرى وهي التي أُريغُ فصارت هذه عُنْواناً
لما أَرَدْتُ. قال الأَزهري: العرب تبدل اللام من النون في حروف كثيرة
مثل لعَلَّك ولَعَنَّك، وعَتَلَه إِلى السِّجن وعَتَنَه، وكأَنَّ عُلْوان
الكتاب اللام فيه مبدَلة من النون، وقد مَضى تفسيره.
ورجل عِلْيانٌ وعِلِّيانٌ: ضَخْم طويل، والأُنثى بالهاء. وناقة عِلْيان:
طويلَة جسِيمة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَنشد من خَوَّارةٍ عِلْيان،
مَضْبُورة الكاهِلِ كالبُنْيان
وقال اللحياني: ناقة عَلاةٌ وعَلِيَّة وعِلِّيان مُرْتَفِعة السير لا
تُرى أَبداً إِلاَّ أَمام الرِّكاب. والعِلْيان: الطويل من الضِّباع، وقيل:
الذَّكَر من الضِّباعِ، قال الأَزهري: هذا تصحيف وإِنما يقال لذكر
الضباع عِثْيَان، بالثاء، فصحَّفه الليث وجعل بدل الثاء لاماً، وقد تقدم ذكره.
وبَعِيرٌ عِلْيانٌ: ضَخْمٌ؛ وقال اللحياني: هو القديم الضخم. وصوت
عِلْيانٌ: جَهِيرٌ؛ عنه أَيضاً، والياء في كلِّ ذلك منقلِبة عن واو لقرب
الكسْرة وخفاء اللامِ بمشابَهَتِها النون مع السكون.
والعَلايَه: موضِعٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
فَما أُمُّ خِشْفٍ، بالعَلايةِ، فاردٌ
تَنُوشُ البَرير، حَيْثُ نال اهْتِصارها
قال ابن جني: الياء في العَلاية بدل عن واو، وذلك أَنَّا لا نعرف في
الكلام تصريف ع ل ي، إنما هو ع ل و، فكأَنه في الأَصل علاوة، إِلاَّ أَنه
غُيِّر إِلى الياء من حيث كان عَلَماً، والأَعلام مما يكثرُ فيها التغيير
والخلاف كمَوْهَب وحَيْوَة ومَحْبَب، وقد قالوا الشِّكاية، فهذه نظير
العَلاية، إِلاَّ أَن هذا ليس بعَلَمٍ.
وفي الحديث ذكْر العُلا، بالضَّمِّ والقَصْر: هو مَوْضِعٌ من ناحِيةِ
وادي القُرى نزلَه سيِّدُنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، في طَرِيقِه إِلى
تَبُوكَ وبه مَسْجِد.
واعْتَلى الشيء: قَوِيَ عليه وعَلاه؛ قال:
إِني، إِذا ما لم تَصِلْني خلَّتي وتَباعَدَتْ مِني، اعْتَلَيْتُ
بِعادَها
أَي عَلَوْتُ بعادَها ببعاد أَشدَّ منه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
لبعض ولد بلال بن جرير:
لَعَمْرُكَ إِني يَوْمَ فَيْدَ لمُعْتَلٍ
بما ساء أَعْدائي، على كَثْرَة الزَّجْر
فسره فقال: مُعْتَلٍ عالٍ قادرٌ قاهرٌ. والعَلِيُّ: الصُّلْب الشديدُ
القَويُّ.
وعالِيَةُ تميمٍ: هم بَنُو عَمْرو بن تميم، وهم بَنُو الهُجَيم
والعَنْبَر ومازنٍ. وعُلْيا مُضَر: أَعْلاها، وهم قُرَيْش وقَيْس.
والعَلِيَّة من الإِبل والمُعْتَلِيَةُ والمُسْتَعْلِية: القويَّة على
حِمْلِها. وللناقة حالِبانِ: أَحدُهما يُمْسِك العُلْبَة من الجانب
الأَيمن، والآخر يَحْلُب من الجانب الأَيسر، فالذي يَحْلُبُ يُسمَّى
المُعَلِّيَ والمُسْتَعْليَ، والذي يُمْسِك يُسَمَّى البائِنَ؛ قال الأَزهري:
المُسْتَعْلي هو الذي يقوم على يَسار الحَلُوبة، والبائن الذي يقوم على
يمينها، والمُسْتَعْلي يأْخذ العُلْبة بيَده اليُسْرى ويَحْلُب باليمنى؛ وقال
الكميت في المُسْتَعْلي والبائن:
يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِياً بائِنٌ،
من الحالِبَيْنِ، بأَنْ لا غِرارا
والمُسْتَعْلي: الذي يَحْلُبها من شِقِّها الأَيْسر، والبائن من
الأَيمن. قال الجوهري: المُعَلِّي، بكسر اللام، الذي يأْتي الحَلُوبة من قِبَل
يَمِينها. والعَلاة أَيضاً: شبيه بالعُلْبة يُجْعَل حَوالَيْها الخِثْي
،يُحْلَب بها. وناقة عَلاةٌ: عالِيةٌ مُشْرِفة؛ قال:
حَرْف عَلَنْداة عَلاة ضَمْعَج
ويقال: عَلِيَّة حَلِيَّة أَي حُلْوة المَنْظَر والسير عَلِيَّة فائقة.
والعَلاةُ: فرسُ عمرو بن جَبَلة، صفة غالِبة.
وعُولِيَ السمن والشَّحْم في كل ذي سمن: صُنِعَ حتى ارتفع في الصَّنْعة؛
عن اللحياني؛ وأَنشد غيره قول طَرَفة:
لها عَضُدانِ عُوليَ النَّحْضُ فيهما،
كأَنهما بابا مُنِيفٍ مُمرَّدِ
وحكى اللحياني عن العامِريَّة: كان لي أَخٌ هَنِيُّ
(* قوله« هني إلخ»
هكذا في الأصل المعتمد، وفي بعض الاصول: هييّ.) عَلِيّ أَي يَتَأَنَّثُ
للنساء. وعلِيٌّ: اسم، فإِمَّا أَن يكون من القُوَّة، وإِما أَن يكون من
عَلا يَعْلُو. وعِلِّيُّون: جماعة عِلِّيٍّ في السماء السابعة إليه
يُصْعَدُ بأَرواح المؤمنين. وقوله تعالى: كلا إِنَّ كتابَ الأَبرارِ لَفي
عِلِّيِّين أَي في أَعلى الأَمكنة. يقول القائل: كيف جُمِعَتْ عِلِّيُّون
بالنون وهذا من جمع الرجال؟ قال: والعرب إِذا جَمَعَتْ جَمْعاً لا يذهبون فيه
إِلى أَن له بناءً من واحدٍ واثنين، وقالوا في المذكر والمؤنث بالنون: من
ذلك عِلِّيُّون، وهو شيءٌ فوق شيءٍ غير معروف واحده ولا اثناه. قال:
وسمِعْتُ العربَ تقول أَطْعمنا مَرَقةَ مَرَقِينَ؛ تريد اللُّحْمان إِذا
طُبِخَتْ بماءٍ واحدٍ؛ وأَنشد:
قد رَوِيَتْ إِلاَّ دُهَيْدِهِينا
قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا
فجمع بالنون لأنه أَراد العَدَد الذي لا يُحَدُّ آخره؛ وكذلك قول
الشاعر:فأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قد أَذاعَتْ * بها الإعْصارُ، بَعْدَ الْوابِلِينا
أَراد المَطَر بعد المَطَر غير محدود، وكذلك عِلِّيُّون ارتفاعٌ بعد
ارتفاعٍ. قال أبو إسحق في قوله جل وعز: لفي عِلِّيِّين؛ أَي في أَعلى
الأَمكنة، وما أَدراك ما عِلِّيُّون، قال: وإعراب هذا الاسم كإعرابِ الجَمْع
لأَنه على لفظِ الجَمْعِ كما تَقُول هذه قِنِّسْرُون ورأَيت قِنَّسْرينَ،
وعِلِّيُّون السماءُ السابعة؛ قال الأَزهري: ومنه قولُ النبي،صلى الله
عليه وسلم: إِنَّ أَهل الجنة ليَتَراءَوْن أَهلَ عِلِّيِّن كما تَراءَوْنَ
الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في أُفُق السماء؛ قال ابن الأَثير: عِلِّيُّون
اسم للسماء السابعة، وقيل: هو اسم لدِيوانِ الملائكة الحَفَظَة يُرفع إليه
أَعمال الصالحين من العِبادِ، وقيل: أَرادَ أَعْلى الأَمكنة وأَشرف
المراتب وأَقربها من الله في الدارِ الآخرة، ويُعْرَب بالحروفِ والحركات
كقِنِّسْرين وأَشباهِها، على أَنه جمعٌ أَو واحد؛ قال أَبو سعيد: هذه كلمة
معروفةٌ عند العرب أَن يقولوا لأَهل الشَّرَف في الدنيا والثَّرْوَة والغِنى
أَهل عِلِّيِّين، فإذا كانوا مَتَّضِعين قالوا سِفْلِيُّون.
والعِلِّيُّون في كلام العرب: الذين يَنزلون أَعا َ البلاد، فإذا كانوا ينزلون
أَسافِلهَا فهم سِفْلِيُّون.
ويقال: هذه الكلمة تَسْتَعْلي لساني إذا كانت تَعْتَرُّه وتَجْري عليه
كثيراً.
وتقول العرب: ذهب الرجل عَلاءً وعُلْواً ولم يذهب سُفْلاً إذا ارْتَفع.
وتَعَلَّتِ المرأَةُ: طهرت من نِفاسِها. وفي حديث سُبَيْعة: أَنها لما
تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من نفاسها وسَلِمَت، وقيل: تَشَوَّفَتْ
لخُطَّابها، ويروى: تعالت أَي ارْتَفَعَت وظهرت، قال: ويجوز أَن يكون من
قولهم تَعَلَّى الرجلُ من عِلَّتِه إذا برأَ؛ ومنه قول الشاعر:
ولا ذات بَعْلٍ من نفاس تَعَلَّتِ
وتَعَلَّى المريضُ من عِلَّتِه: أَفاق منها.
ويَعْلى: اسمٌ؛ فأَما قوله:
قدْ عَجِبَتْ مِني ومن يُعَيـْلِيا،
لَمّا رأَتْني خلقاً مُعْلَوْلِيا
فإنه أَراد من يُعَيْلي فردّه إلى أَصله بأَن حَرَّك الياءَ ضرورة،
وأَصل الياءَات الحركة، وإنما لم يُنَوَّن لأَنه لا ينصرف. قال الجوهري:
ويُعَيْلي مُصَغَّر اسم رجل، قال ابن بري: صوابه يُعَيْلٍ، وإذا نُسِبَ
الرجلُ إلى عليِّ بن أَبي طالب، رضي الله عنه، قالوا عَلَوِيٌّ، وإذا نسبوا إلى
بني عَليٍّ وهم قبيلة من كنانة قالوا هؤُلاء العَلِيُّون؛ وروي عن ابن
الأَعرابي في قوله:
بَنُو عَلِيٍّ كلُّهم سواء
قال: بَنُو عَلِيٍّ من بني العَبَلات من بني أُمَيَّة الأَصغر، كان
وَلِيَ من بعد طَلْحة الطَّلَحات لأن أُمّهم عَبْلة بنت حادل
(* قوله«حادل»
هكذا في الأصل.) من البراجم، وهي أُمّ ولد بن أُمية الأصْغر. وعَلْوان
ومُعَلّىً: اسمان، والنسب إلى مُعَلًّى مُعَلّوِيٌّ. وتِعْلى: اسم امْرَأَة
(* قوله «وتعلى اسم امرأة» هكذا في الأصل والتكملة، وفي القاموس: يعلى،
بكسر الياء.)
وأَخَذَ ما عَلْوةً أَي عَنْوَة؛ حكاها اللحياني عن الرُّؤاسي.وحكى
أَيضاً أَنه يقال للكثير المال: اعْل به أَي ابْقَ بعده، قال ابن سيده:
وعندي أنه دعاء له بالبَقاء؛ وقول طُفَيل الغَنَوي:
ونَحْنُ مَنَعْنا، يَوْمَ حَرْسٍ، نِساءَكُمْ
غَداةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلِ
إنما أَراد مُؤْتَلي فحوّل الهمزة عيْناً. يقال: فلانٌ غير مُؤْتَلٍ في
الأَمْر وغير مُعْتَلٍ أَي غير مُقَصِّر. والمعتلي: فرس عقبة بن مُدْلجٍ.
والمُعَلِّي أَيضاً:
(* قوله « والمعلي أيضاً إلخ » هكذا في الأصل
والصحاح، وكتب عليه في التكملة فقال: وقال الجوهري والمعلي بكسر اللام الذي
يأتي الحلوبة من قبل يمينها، والمعلي أيضاً فرس الاشعر الشاعر، وفرس الأشعر
المعلى بفتح اللام.) اسم فَرَسِ الأَشْعرِ الشاعر. وعَلْوَى: اسم فَرَس
سُلَيكٍ . وعَلْوَى: اسم فرس خُفَاف بن نُدْبة، وهي التي يقول فيها:
وَقَفْتُ له عَلْوَى، وقد خامَ صُحْبَتِي،
لأَبْنيَ مَجْداً، أَو لأَثْأَرَ هالِكا
وقيل: عَلْوَى فَرَس خُفافِ بن عُمَيْر. قال الأَزهري: وعَلْوى اسم فرس
كانت من سَوابق خَيْل العَرَب.
ألا: أَلا يَأْلو أَلْواً وأُلُوّاً وأُلِيّاً وإلِيّاً وأَلَّى
يُؤَِلِّي تََأْلِيَةً وأْتَلى: قَصَّر وأَبطأَ؛ قال:
وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ،
فَما أَلَّى بَنِيَّ ولا أَساؤوا
وقال الجعدي:
وأَشْمَطَ عُرْيانٍ يُشَدُّ كِتافُه،
يُلامُ على جَهْدِ القِتالِ وما ائْتَلى
أَبو عمرو: يقال هُو مُؤَلٍّ أي مُقَصِّر؛ قال:
مُؤلٍّ في زِيارَتها مُلِيم
ويقال للكلب إذا قَصَّر عن صيده: أَلَّى، وكذلك البازِي؛ وقال الراجز:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما نِيَّ آلٍ خَمَّ حِينَ أَلاَّ
قال ابن بري: قال ثعلب فميا حكاه عنه الزجاجي في أَماليه سأَلني بعض
أَصحابنا عن هذا لبيت فلم أَدْرِ ما أَقول، فصِرْت إلى ابن الأَعرابي
ففَسَّره لي فقال: هذا يصف قُرْصاً خَبَزته امرأَته فلم تُنْضِجه، فقال جاءت به
مُرَمَّداً أَي مُلَوَّثاً بالرماد، ما مُلَّ أَي لم يُمَلَّ في الجَمْر
والرماد الحارّ، وقوله: ما نِيَّ، قال: ما زائدة كأَنه قال نِيَّ الآلِ،
والآلُ: وَجْهُه، يعني وجه القُرْصِ، وقوله: خَمَّ أَي تَغَيَّر، حين
أَلَّى أَي أَبطأَ في النُّضْج؛ وقول طُفَيل:
فَنَحْنُ مَنعَنْا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكم،
غَدَاةَ دَعانا عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلي
قال ابن سيده: إنما أَراد غَيْرَ مُؤْتَلي، فأَبدل العين من الهمزة؛
وقول أَبي سَهْو الهُذلي:
القَوْمُ أَعْلَمُ لَو ثَقِفْنا مالِكاً
لاصْطافَ نِسْوَتُه، وهنَّ أَوالي
أَراد: لأَقَمْنَ صَيْفَهُنَّ مُقَصِّرات لا يَجْهَدْنَ كلَّ الجَهْدِ
في الحزن عليه لِيَأْسِهِنَّ عنه. وحكى اللحياني عن الكسائي: أقْبَل يضربه
لا يَأْلُ، مضمومة اللام دون واو، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم: لا
أَدْرِ، والاسم الأَلِيَّة؛ ومنه المثل: إلاَّ حَظِيِّه فلا أَلِيَّه؛ أَي
إن لم أَحْظَ فلا أَزالُ أَطلب ذلك وأَتَعَمَّلُ له وأُجْهِد نَفْسي
فيه، وأَصله في المرأَة تَصْلَف عند زوجها، تقول: إن أَخْطَأَتْك الحُظْوة
فيما تطلب فلا تَأْلُ أَن تَتَودَّدَ إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد.
وما أَلَوْتُ ذلك أَي ما استطعته.
وما أَلَوْتُ أَن أَفعله أَلْواً وأُلْواً وأُلُوّاً أَي ما تركْت.
والعرب تقول: أَتاني فلان في حاجة فما أَلَوْتُ رَدَّه أَي ما استطعت،
وأَتاني في حاجة فأَلَوْت فيها أَي اجتهدت. قال أَبو حاتم: قال الأَصمعي يقال
ما أَلَوْت جَهْداً أَي لم أَدَع جَهْداً، قال: والعامة تقول ما آلُوكَ
جَهْداً، وهو خطأ. ويقال أَيضاً: ما أَلَوْته أَي لم أَسْتَطِعْه ولم
أُطِقْه. ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: لا يَأَلُونَكم خَبالاً؛ أَي لا
يُقَصِّرون في فسادكم. وفي الحديث: ما من وَالٍ إلاَّ وله بِطانَتانِ:
بِطانةٌ تأْمره بالمعروف وتَنْهاه عن المُنْكَر، وبِطانةٌ لا تَأْلُوه خَبالاً،
أَي لا تُقَصِّر في إفساد حاله. وفي حديث زواج علي، عليه السلام: قال
النبي، صلى الله عليه وسلم، لفاطمة، عليها السلام: ما يُبْكِيكِ فما
أَلَوْتُكِ ونَفْسِي وقد أَصَبْتُ لكِ خَيرَ أَهْلي أَي ما قَصَّرْت في أَمرك
وأَمري حيث اخترتُ لكِ عَلِيّاً زوجاً. وفلان لا يأْلُو خيراً أَي لا
يَدَعُه ولا يزال يفعله. وفي حديث الحسن: أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا
ما يَأْلَ لهم
(* قوله «ما يأل لهم إلى قوله وأيال له إيالة» كذا في الأصل
وفي ترجمة يأل من النهاية). أَن يَفْقَهوا. يقال: يالَ له أَن يفعل كذا
يولاً وأَيالَ له إيالةً أَي آنَ له وانْبَغَى. ومثله قولهم: نَوْلُك أَن
تفعل كذا ونَوالُكَ أَن تَفْعَله أَي انْبَغَى لك. أَبو الهيثم:
الأَلْوُ من الأَضداد، يقال أَلا يَأْلُو إذا فَتَرَ وضَعُف، وكذلك أَلَّى
وأْتَلى. قال: وأَلا وأَلَّى وتَأَلَّى إذا اجتهد؛ وأَنشد:
ونحْنُ جِياعٌ أَيَّ أَلْوٍ تَأَلَّتِ
معناه أَيَّ جَهْدٍ جَهَدَتْ. أَبو عبيد عن أَبي عمرو: أَلَّيْتُ أَي
أَبْطأْت؛ قال: وسأَلني القاسم بن مَعْن عن بيت الربيع بن ضَبُع
الفَزارِي:وما أَلَّى بَنِيّ وما أَساؤوا
فقلت: أَبطؤوا، فقال: ما تَدَعُ شيئاً، وهو فَعَّلْت من أَلَوْت أَي
أَبْطأْت؛ قال أَبو منصور: هو من الأُلُوِّ وهو التقصير؛ وأَنشد ابن جني في
أَلَوْت بمعنى استطعت لأَبي العِيال الهُذَلي:
جَهْراء لا تَأْلُو، إذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغْنِيني
أَي لا تُطِيق. يقال: هو يَأْلُو هذا الأَمر أَي يُطِيقه ويَقْوَى عليه.
ويقال: إنى لا آلُوكَ نُصْحاً أَي لا أَفْتُر ولا أُقَصِّر. الجوهري:
فلان لا يَأْلُوك نصْحاً فهو آلٍ، والمرأَة آلِيَةٌ، وجمعها أَوالٍ.
والأُلْوة والأَلْوة والإلْوة والأَلِيَّة على فعِيلة والأَلِيَّا، كلُّه:
اليمين، والجمع أَلايَا؛ قال الشاعر:
قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ لِيَمينِه،
وإنْ سَبَقَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ
ورواه ابن خالويه: قليل الإلاء، يريد الإيلاءَ فحذف الياء، والفعل آلَى
يُؤْلي إيلاءً: حَلَفَ، وتأَلَّى يَتأَلَّى تأَلِّياً وأْتَلى يَأْتَلي
ائتِلاءً. وفي التنزيل العزيز: ولا يَأْتَلِ أُولو الفَضْل منكم (الآية)؛
وقال أَبو عبيد: لا يَأْتَل هو من أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت؛ وقال الفراء:
الائتِلاءُ الحَلِفُ، وقرأَ بعض أَهل المدينة: ولا يَتَأَلَّ، وهي مخالفة
للكتاب من تَأَلَّيْت، وذلك أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، حَلَف أَن لا
يُنْفِقَ على مِسْطَح بن أُثَاثَةَ وقرابته الذين ذكروا عائشة، رضوان الله
عليها، فأَنزل الله عز وجل هذه الآية، وعاد أَبو بكر، رضي الله عنه، إلى
الإنفاق عليهم. وقد تَأَلَّيْتُ وأْتَلَيْت وآلَيْتُ على الشيء
وآلَيْتُه، على حذف الحرف: أَقْسَمْت. وفي الحديث: مَنْ يَتَأَلَّ على الله
يُكْذِبْه؛ أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كقولك: والله لَيُدْخِلَنَّ الله فلاناً
النارَ، ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فلان. وفي الحديث: وَيْلٌ
للمُتَأَلِّينَ من أُمَّتي؛ يعني الذين يَحْكُمون على الله ويقولون فلان في الجنة
وفلان في النار؛ وكذلك قوله في الحديث الآخر: مَنِ المُتأَلِّي على الله.
وفي حديث أَنس بن مالك: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، آلى من نسائه
شهراً أَي حلف لا يدْخُل عليهن، وإنما عَدَّاهُ بِمِن حملاً على المعنى، وهو
الامتناع من الدخول، وهو يتعدى بمن، وللإيلاء في الفقه أَحكام تخصه لا
يسمى إيلاءً دونها. وفي حديث علي، عليه السلام: ليس في الإصلاح إيلاءٌ أَي
أَن الإيلاء إنما يكون في الضِّرار والغضب لا في النفع والرضا. وفي حديث
منكر ونكير: لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ، والمحدّثون يروونه: لا
دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، والصواب الأَول. ابن سيده: وقالوا لا دَرَيْتَ ولا
ائْتَلَىتَ، على افْتعَلْتَ، من قولك ما أَلَوْتُ هذا أَي ما استطعته أَي ولا
اسْتَطَعْتَ. ويقال: أَلَْوته وأْتَلَيْتُه وأَلَّيْتُه بمعنى استطعته؛
ومنه الحديث: مَنْ صامَ الدهر لا صام ولا أَلَّى أَي ولا استطاع الصيام،
وهو فَعَّلَ منه كأَنه دَعا عليه، ويجوز أَن يكون إخباراً أَي لم يَصُمْ
ولم يُقَصِّر، من أَلَوْت إذا قَصَّرت. قال الخطابي: رواه إبراهيم بن فراس
ولا آلَ بوزن عالَ، وفسر بمعنى ولا رجَع، قال: والصوابُ أَلَّى مشدداً
ومخففاً. يقال: أَلا الرجلُ وأَلَّى إذا قَصَّر وترك الجُهْد. وحكي عن ابن
الأَعرابي: الأَلْوُ الاستطاعة والتقصير والجُهْدُ، وعلى هذا يحمل قوله
تعالى: ولا يَأْتَلِ أُولو الفضل منكم؛ أَي لا يُقَصِّر في إثناء أُولي
القربى، وقيل: ولا يحلف لأَن الآية نزلت في حلف أَبي بكر أَن لا يُنْفِقَ
على مِسْطَح، وقيل في قوله لا دَرَيْت ولا ائْتَلَيْت: كأَنه قال لا
دَرَيْت ولا استطعت أَن تَدْري؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَبتَغي مَسْعاةَ قَوْمِي فَلْيَرُمْ
صُعوداً إلى الجَوْزاء، هل هو مُؤتَلي
قال الفراء: ائْتَلَيْت افتعلت من أَلَوْت أي قَصَّرت. ويقول: لا
دَرَيْت ولا قَصَّرت في الطلب ليكون أَشقى لك؛ وأَنشد
(* امرؤ القيس):
وما المرْءُ، ما دامت حُشاشَةُ نفسه،
بمُدْرِك أَطرافِ الخُطُوب ولا آلي
وبعضهم يقول: ولا أَلَيْت، إتباع لَدَرَيْت، وبعضهم يقول: ولا أَتْلَيْت
أَي لا أَتْلَتْ إبلُك. ابن الأَعرابي: الأَلْوُ التقصير، والأَلْوُ
المنع، والأَلْوُ الاجتهاد، والأَلْوُ الاستطاعة، والأَلْو العَطِيَّة؛
وأَنشد:
أَخالِدُ، لا آلُوكَ إلاَّ مُهَنَّداً،
وجِلْدَ أَبي عِجْلٍ وَثيقَ القَبائل
أَي لا أُعطيك إلا سيفاً وتُرْساً من جِلْدِ ثور، وقيل لأَعرابي ومعه
بعير: أَنِخْه، فقال: لا آلُوه. وأَلاه يَأْلُوه أَلْواً: استطاعه؛ قال
العَرْجي:
خُطُوطاً إلى اللَّذَّات أَجْرَرْتُ مِقْوَدي،
كإجْرارِك الحَبْلَ الجَوادَ المُحَلِّلا
إذا قادَهُ السُّوَّاسُ لا يَمْلِكُونه،
وكانَ الذي يَأْلُونَ قَوْلاً له: هَلا
أَي يستطيعون. وقد ذكر في الأَفعال أَلَوْتُ أَلْواً. والأَلُوَّةُ:
الغَلْوَة والسَّبْقة. والأَلُوَّة والأُلُوَّة، بفتح الهمزة وضمها
والتشديد، لغتان: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به، فارسي معرَّبٌ، والجمع أَلاوِيَة،
دخلت الهاء للإشعار بالعجمة؛ أُنشد اللحياني:
بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِين تَحُشُّها
بأَعْوادِ رَنْدٍ أَو أَلاوِيَةً شُقْرا
(* قوله «أو ألاوية شقرا» كذا في الأصل مضبوطاً بالنصب ورسم ألف بعد شقر
وضم شينها، وكذا في ترجمة قضى من التهذيب وفي شرح القاموس).
ذو قِضين: موضع. وساقاها جَبَلاها. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلَّم، في صفة أَهل الجنة: ومَجامِرُهم الأَلُوَّة غير مُطَرَّاة؛ قال
الأَصمعي: هو العُود الذي يُتَبَخَّر به، قال وأُراها كلمة فارسية عُرِّبت. وفي
حديث ابن عمر: أَنه كان يَسْتَجمر بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة. قال أَبو
منصور: الأَلُوَّة العود، وليست بعربية ولا فارسية، قال: وأُراها هندية.
وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال: يقال لضرب من العُود أَلُوَّة
وأُلُوَّةٌ ولِيَّة ولُوَّة، ويجمع أَلُوَّةٌ أَلاوِيَةً؛ قال حسان:
أَلا دَفَنْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّة والكافُورِ، مَنْضُودِ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
فجاءتْ بِكافورٍ وعُود أَلُوَّةٍ
شَآمِيَة، تُذْكى عليها المَجامِرُ
ومَرَّ أَعرابي بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وهو يُدْفَن فقال:
أَلا جَعَلْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ،
من الأَلُوَّةِ، أَحْوى مُلْبَساً ذَهَبا
وشاهد لِيَّة في قول الراجز:
لا يَصْطَلي لَيْلَةَ رِيح صَرْصَرٍ
إلاَّ بِعُود لِيَّةٍ، أَو مِجْمَر
ولا آتيك أَلْوَة أَبي هُبَيْرة؛ أَبو هُبَيْرَة هذا: هو سعد بن زيد
مَناة بن تميم، وقال ثعلب: لا آتيك أَلْوَةَ بنَ هُبيرة؛ نَصبَ أَلْوَة
نَصْبَ الظروف، وهذا من اتساعهم لأَنهم أَقاموا اسم الرجل مُقام
الدَّهر.والأَلْىة، بالفتح: العَجِيزة للناس وغيرهم، أَلْيَة الشاة وأَلْية
الإنسان وهي أَلْية النعجة، مفتوحة الأَلف، في حديث: كانوا يَجْتَبُّون
أَلَياتِ الغَنَم أَحياءً؛ جمع أَلْية وهي طَرَف الشاة، والجَبُّ القطع، وقيل:
هو ما رَكِبَ العَجُزَ من اللحم والشحم، والجمع أَلَيات وأَلايا؛
الأَخيرة على غير قياس. وحكى اللحياني: إنَّه لذُو أَلَياتٍ، كأَنه جعل كل جزء
أَلْيةً ثم جمع على هذا، ولا تقل لِيَّة ولا إلْية فإنهما خطأٌ. وفي
الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى تَضْطرِبَ أَلَياتُ نِساء دَوْسٍ على ذي
الخَلَصة؛ ذو الخَلَصَة: بيتٌ كان فيه صَنَمٌ لدَوْسٍ يسمى الخَلَصة، أَراد: لا
تقوم الساعة حتى ترجع دَوْسٌ عن الإسلام فَتَطُوفَ نساؤهم بذي الخَلَصة
وتَضْطَرِبَ أَعجازُهُنَّ في طوافهن كما كُنَّ يفعلن في الجاهلية.
وكَبْشٌ أَلَيان، بالتحريك، وأَلْيان وأَلىً وآلٍ وكباشٌ ونِعاجٌ أُلْيٌ مثل
عُمْي، قال ابن سيده: وكِباش أَلْيانات، وقالوا في جمع آلٍ أُلْيٌ، فإما
أَن يكون جُمِع على أَصله الغالب عليه لأَن هذا الضرب يأْتي على أَفْعَل
كأَعْجَز وأَسْته فجمعوا فاعلاً على فُعْلٍ ليعلم أَن المراد به أَفْعَل،
وإمّا أَن يكون جُمِع نفس آلٍ لا يُذْهَب به إلى الدلالة على آلَى، ولكنه
يكون كبازِلٍ وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوذٍ. ونعجة أَلْيانةٌ وأَلْيا، وكذلك
الرجل والمرأَة مِنْ رِجالٍ أُلْيٍ ونساء أُلْيٍ وأَلْيانات وأَلاءٍ؛ قال
أَبو إسحق: رجل آلٍ وامرأَة عَجزاء ولا يقال أَلْياءُ، قال الجوهري: وبعضهم
يقوله؛ قال ابن سيده: وقد غلط أَبو عبيد في ذلك. قال ابن بري: الذي يقول
المرأَة أَليْاء هو اليزيدي؛ حكاه عنه أَبو عبيد في نعوت خَلْق
الإِنسان. الجوهري: ورجل آلَى أَي عظيم الأَليْة. وقد أَلِيَ الرجلُ، بالكسر،
يَأْلَى أَلىً. قال أَبو زيد: هما أَليْانِ للأَلْيَتَيْن فإِذا أَفردت
الواحدة قلت أَليْة؛ وأَنشد:
كأَنَّما عَطِيَّةُ بنُ كَعْبِ
ظَعِينةٌ واقِفَةٌ في رَكْبِ،
تَرْتَجُّ أَليْاهُ ارْتِجاجَ الوَطْبِ
وكذلك هما خُصْيانِ، الواحدة خُصْيَة. وبائعه أَلاَّء، على فَعَّال. قال
ابن بري: وقد جاء أَلْيَتان؛ قال عنترة:
مَتَى ما تَلْقَني فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ
رَوانِفُ أَلْيَتَيْك وتُسْتَطارا
واللِّيَّة، بغير همز، لها مَعنيان؛ قال ابن الأَعرابي: اللِّيَّة قرابة
الرجل وخاصته؛ وأَنشد:
فَمَنْ يَعْصِبْ بِلِيَّتهِ اغْتِراراً،
فإِنَّك قد مَلأْتَ يَداً وشامَا
يَعْصِبْ: يَلْوِي مِنْ عصب الشيء، وأَراد باليد اليَمَن؛ يقول: مَنْ
أَعْطى أَهل قرابته أَحياناً خصوصاً فإِنك تعطي أَهل اليَمَن والشام.
واللِّيَّة أَيضاً: العود الذي يُسْتَجْمَر به وهي الأَلُوَّة.
ويقال: لأَى إِذا أَبطأَ، وأَلاَ إِذا تَكَبَّر؛ قال الأَزهري: أَلاَ
إِذا تَكبَّر حرف غريب لم أَسمعه لغير ابن الأَعرابي، وقال أَيضاً:
الأَليُّ الرجل الكثير الأَيْمان.
وأَليْة الحافر: مُؤخَّره. وأَليْة القَدَم: ما وقَع عليه الوَطءُ من
البَخَصَة التي تحت الخِنْصَر. وأَلْيَةُ الإبهام: ضَرَّتُها وهي اللَّحْمة
التي في أَصلها، والضرَّة التي تقابلها. وفي الحديث: فَتَفَلَ في عين
عليٍّ ومسَحَها بأَليْة إِبْهامه؛ أَليْة الإِبهام: أَصلُها، وأَصلُ
الخِنْصَر الضَّرَّة. وفي حديث البَراء: السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ؛ أَراد
أَلْية الإِبهام وضَرَّة الخِنْصر، فَغَلَّب كالعُمَرَيْن
والقَمَرَيْن. وأَلْيةُ الساقِ: حَماتُها؛ قال ابن سيده: هذا قول الفارسي. الليث:
أَلْية الخِنْصَر اللَّحْمة التي تحتها، وهي أَلْية اليد، وأَلْية الكَفِّ
هي اللَّحْمة التي في أَصل الإِبهام، وفيها الضَّرَّة وهي اللَّحْمة التي
في الخِنْصَر إِلى الكُرْسُوع، والجمع الضَّرائر. والأَلْية: الشحمة.
ورجل أَلاَّءٌ: يبيع الأَلْية، يعني الشَّحْم. والأَلْية: المَجاعة؛ عن
كراع. التهذيب: في البَقَرة الوحشية لآةٌ وأَلاةٌ بوزن لَعاة وعَلاة. ابن
الأَعرابي: الإِلْية، بكسر الهمزة، القِبَلُ. وجاء في الحديث: لا يُقام
الرجلُ من مَجْلِسه حتى يقوم من إِلْية نفسه أَي من قِبَل نفسه من غير أَن
يُزْعَج أَو يُقام، وهمزتها مكسورة. قال أَبو منصور: وقال غيره قام فلان
مِنْ ذِي إِلْيةٍ أَي من تِلْقاء نفسه. وروي عن ابن عمر: أَنه كان يقوم له
الرجلُ مِنْ لِيةِ نفسه، بلا أَلف؛ قال أَبو منصور: كأَنه اسم من وَلِيَ
يَلي مثل الشِّية من وَشَى يَشِي، ومن قال إِلْية فأَصلها وِلْية، فقلبت
الواو همزة؛ وجاء في رواية: كان يقوم له الرجل من إِلْيته فما يَجْلِس في
مجلسه.
والآلاء: النِّعَمُ واحدها أَلىً، بالفتح، وإِلْيٌ وإِلىً؛ وقال
الجوهري: قد تكسر وتكتب بالياء مثال مِعىً وأَمْعاء؛ وقول الأَعشى:
أَبْيض لا يَرْهَبُ الهُزالَ، ولا
يَقْطَع رِحْماً، ولا يَخُونُ إِلا
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون إِلا هنا واحد آلاء اللهِ، ويخُون:
يَكْفُر، مُخفَّفاً من الإِلِّ
(* قوله «مخففاً من الال» هكذا في الأصل، ولعله
سقط من الناسخ صدر العبارة وهو: ويجوز أن يكون إلخ أو نحو ذلك). الذي هو
العَهْد. وفي الحديث: تَفَكَّروا في آلاء الله ولا تَتَفَّكروا في الله.
وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسِ آلاء الله؛ قال
النابغة:
هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ، لَهُمْ
فَضْلٌ على الناس في الآلاء والنِّعَم
قال ابن الأَنباري: إِلا كان في الأَصل وِلاَ، وأَلا كان في الأَصل
وَلاَ.
والأَلاء، بالفتح: شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ
الطَّعْم؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فإِنَّكُمُ ومَدْحَكُمُ بُجيَراً
أَبا لَجَأٍ كما امْتُدِح الأَلاءُ
وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء. والأَلاء: شجر من شجر الرمل دائم الخضرة
أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به، واحدته
أَلاءة؛ حكى ذلك أَبو حنيفة، قال: ويجمع أَيضاً أَلاءَات، وربما قُصِر
الأَلاَ؛ قال رؤبة:
يَخْضَرُّ ما اخضَرَّ الأَلا والآسُ
قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما قصر ضرورة. وقد تكون الأَلاءَات جمعاً،
حكاه أَبو حنيفة، وقد تقدم في الهمز. وسِقاءٌ مَأْلِيٌّ ومَأْلُوٌّ:
دُبِغ بالأَلاء؛ عنه أَيضاً.
وإِلْياءُ: مدينة بين المقدس. وإِلِيَّا: اسم رجل. والمِئلاة، بالهمز،
على وزن المِعْلاة
(* قوله «المعلاة» كذا في الأصل ونسختين من الصحاح بكسر
الميم بعدها مهملة والذي في مادة علا: المعلاة بفتح الميم، فلعلها محرفة
عن المقلاة بالقاف): خِرْقَة تُمْسِكها المرأَة عند النَّوح، والجمع
المآلِي. وفي حديث عمرو بن العاص: إِني والله ما تَأَبَّطَتْني الإِماء ولا
حَمَلَتني البَغايا في غُبَّرات المآلي؛ المَآلِي: جمع مِئلاة بوزن
سِعْلاة، وهي ههنا خرقة الحائض أَيضاً
(* قوله «وهي ههنا خرقة الحائض أيضاً»
عبارة النهاية: وهي ههنا خرقة الحائض وهي خرقة النائحة أيضاً). يقال:
آلَتِ
المرأَة إِيلاءً إِذا اتَّخَذَتْ مِئْلاةً، وميمها زائدة، نَفَى عن نفسه
الجَمْع بين سُبَّتَيْن: أَن يكون لِزَنْيةً، وأَن يكون محمولاً في
بَقِية حَيْضَةٍ؛ وقال لبيد يصف سحاباً:
كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراه،
وأَنْواحاً عَلَيْهِنَّ المَآلي
المُصَفَّحاتُ: السيوفُ، وتَصْفِيحُها: تَعْريضُها، ومن رواه
مُصَفِّحات، بكسر الفاء، فهي النِّساء؛ شَبَّه لَمْعَ البَرْق بتَصْفِيح النساء
إِذا صَفَّقْنَ بأَيديهن.
ألا: حرف يفتتح به الكلام ، تقول ألا إنَّ زيداً خارج كما تقول اعلم أن
زيداً خارج. ثعلب عن سلمة عن الفراء عن الكسائي قال: أَلا تكون تنبيهاً
ويكون بعدها أَمرٌ أَو نهي أَو إخبار ، تقول من ذلك: أَلا قُمْ، أَلا لا
تقم ، أَلا إنَّ زَيْداً قد قام ، وتكون عرضاً أَيضاً، وقد يكون الفعل
بعدها جزْماً ورفعاً، كل ذلك جاء عن العرب، تقول من ذلك: أَلا تَنْزِلُ
تأْكل، وتكون أَيضاً تَقْريعاً وتوبيخاً ويكون الفعل بعدها مرفوعاً لا غير،
تقول من ذلك: أَلا تَنْدَمُ على فِعالك، أَلا تسْتَحي من جِيرانِك، أَلا
تخافُ رَبَّكَ؛ قال الليث: وقد تُرْدَفُ أَلا بلا أُخرى فيقال: أَلا لا
؛ وأَنشد:
فقامَ يذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه
وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إلى هِنْدِ
ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا ؟ فيقال: أَلا لا ، جعل أَلا تنبيهاً
ولا نفياً. غيره: وألا حرف استفتاح واستفهام وتنبيه نحو قول الله عز وجل:
أَلا إنَّهم من إفْكِهم ليَقولون ، وقوله تعالى: أَلا إِنَّهم هُمُ
المُفْسِدون؛ قال الفارِسي: فإذا دخلت على حرف تنبيه خَلَصَتْ للاستفتاح
كقوله:
أَلا يا اسْلَمي يا دارَ مَيَّ على البِلى
فخَلَصَتْ ههنا للاستفتاح وخُصّ التنبيهُ بيا. وأَما أَلا التي للعَرْضِ
فمُرَكَّبة من لا وأَلف الاستفهام.
ألا: مفتوحة الهمزة مُثَقَّلة لها معنيان: تكون بمعنى هَلاَّ فَعَلْتَ
وأَلاَّ فعلتَ كذا، كأَنَّ معناه لِمَ لَمْ تَفْعَلْ كذا، وتكون أَلاَّ
بمعنى أَنْ لا فأُدغمت النون في اللام وشُدِّدت اللامُ، تقول: أَمرته
أَلاَّ يفعل ذلك ، بالإدغام، ويجوز إظهار النون كقولك: أَمرتك أَن لا تفعل
ذلك، وقد جاء في المصاحف القديمة مدغماً في موضع ومظهراً في موضع ، وكل ذلك
جائز. وروى ثابت عن مطرف قال: لأَنْ يَسْأَلني ربِّي: أَلاَّ فعلتَ،
أَحبُّ إلي من أَن يقول لي: لِمَ فعَلْتَ؟ فمعنى أَلاَّ فعَلْتَ هَلاَّ
فعلتَ، ومعناه لِم لم تفعل. وقال الكسائي أَنْ لا إذا كانت إخباراً نَصَبَتْ
ورَفَعَتْ، وإذا كانت نهياً جَزَمَت.
إلا: الأزهري: إلا تكون استثناء، وتكون حرف جزاء أَصلها إن لا ، وهما
معاً لا يُمالان لأَنهما من الأَدواتِ والأَدواتُ لا تُمالُ مثل حتى وأَما
وأَلا وإذا ، لا يجوز في شيء منها الإمالة أَلف ليست بأَسماء، وكذلك
إلى وعلى ولَدَى الإمالة فيها غير جائزة. وقال سيبويه: أَلق إلى وعلى
منقلبتان من واوين لأَن الأَلفات لا تكون فيها الإِمالة، قال: ولو سمي به
رجل قيل في تثنيته أَلَوانِ وعَلَوانِ ، فإذا اتصل به المضمر قلبته فقلت
إلَيْكَ وْعَلَيْكَ ، وبعض العرب يتركه على حاله فيقول إلاك وعَلاك ؛ قال
ابن بري عند قول الجوهريّ لأَنَّ الأَلفات لا يكون فيها الإِمالة، قال :
صوبه لأَن أَلِفَيْهِما والأَلِفُ في الحروف أَصل وليست بمنقلبة عن ياء
ولا واو ولا زائدة، وإنما قال سيبويه أَلف إلى وعلى منقلبتان عن واو إذا
سميت بهما وخرجا من الحرفية إلى الاسمية، قال: وقد وَهِمَ الجوهري فيما
حكاه عنه، فإذا سميت بها لَحِقَت بالأَسماء فجُعِلَتْ الأَلف فيها منقلبة
عن الياء وعن الواو نحو بَلَى وإلى وعلى، فما سُمِع فيه الإمالة يثنى
بالياء نحو بَلَى، تقول فيها بَلَيانِ، وما لم يُسمع فيه الإمالة ثني بالواو
نحو إلى وعلى، تقول في تثنيتهما اسمين إلَوانِ وعَلَوانِ . قال الأَزهري: وأَما مَتَى وأَنَّى فيجوز فيهما الإمالة لأَنهما مَحَلاَّنِ
والمحالُّ أَسماء ، قال: وبَلَى يجوز فيها الإمالة لأَنها ياء زيدت في بل، قال: وهذا كله قول حذاق النحويين ، فأَما إلا التي أَصلها إنْ فإنها تلي
الأَفعال المُسْتَقْبَلَة فتجزمها ، من ذلك قوله عز وجل: إلا تَفْعَلوه
تَكُنْ فِتنة في الأرض وفساد كبير ؛ فَجَزْمُ تفعلوه وتكن بإلاَّ كما تفعل
إن التي هي أُمّ الجزاء وهي في بابها . الجوهري: وأَما إلا فهي حرف
استثناء يُستثنى بها على خمسة أَوجه: بعد الإيجاب وبعد النفي والمُفَرَّغِ
والمُقَدَّمِ والمُنْقَطِع؛ قال ابن بري: هذه عبارة سيئة، قال: وصوابها
أَن يقول الاستثناء بإلاَّ يكون بعد الإيجاب وبعد النفي متصلاً ومنقطعاً
ومُقَدَّماً ومؤخراً، وإلا في جميع ذلك مُسَلِّطة للعامل ناصِبة أَو
مُفَرَّغة غير مُسَلِّطة، وتكون هي وما بعدها نعتاً أَو بدلاً؛ قال الجوهري
فتكون في الاستثناء المنقطع بمعنى لكن لأَن المُسْتَثْنَى من غير جنس
المُسْتَثْنَى منه، وقد يُوصفُ بإلاَّ ، فإن وصَفْتَ بها جَعلْتها وما
بعدها في موضع غير وأَتبعت الاسم بعدها ما قبله في الإعراب فقلت جاءني القومُ
إلا زيدٌ ، كقوله تعالى: لو كان فيهما آلهةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ؛
وقال عمرو بن معديكرب :
وكلُّ أخٍ مُفارِقُه أَخُوه، * لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاَّ الفَرْقدانِ
كأَنه قال: غير الفَرْقَدَيْنِ. قال ابن بري: ذكر الآمِدي في المؤتَلِف
والمُخْتَلِف أَنّ هذا البيت لحضرمي بن عامر ؛ وقبله :
وكلُّ قَرينةٍ قُرِنَتْ بأُخْرَى ،
وإن ضَنَّت، بها سَيفَرَّقانِ
قال: وأَصل إلاَّ الاستثناء والصفةُ عارضةٌ ، وأصل غير صفةٌ والاستثناء
عارضٌ ؛ وقد تكون إلاَّ بمنزلة الواو في العطف كقول المخبل :
وأَرَى لها داراً بأَغْدِرةِ الـ
سِّيدان لم يَدْرُسْ لها رَسْمُ
إلاَّ رَماداً هامداً دَفَعَتْ ،
عنه الرِّياحَ ، خَوالِدٌ سُحَمُ
يريد: أَرَى لها داراً ورَماداً ؛ وآخر بيت في هذه القصيدة :
إنَّي وجَدْتُ الأَمْرَ أَرْشَدُه
تَقْوَى الإلهِ ، وشَرُّه الإِثْمُ
قال الأزهري: أَما إلاَّ التي هي للإستثناء فإنها تكون بمعنى غَيْر ،
وتكون بمعنى سِوَى ، وتكون بمعنى لَكِن ، وتكون بمعنى لَمّا ، وتكون
بمعنى الاستثناء المَحْضِ . وقال أبو العباس ثعلب: إذا اسْتَثْنَيْتَ بإلاَّ
من كلام ليس في أَوّله جَحْدٌ فانصب ما بعد إلا، وإذا استثنيت بها من
كلام أَوّلُه جحد فارفع ما بعدها ، وهذا أَكثر كلام العرب وعليه العمل ؛ من
ذلك قوله عز وجل: فشَرِبُوا منه إلاَّ قَلِيلاً منهم ؛ فنصب لأَنه لا
جحد في أَوّله ؛ وقال جل ثناؤه: ما فعَلُوه إلاَّ قَليلٌ منهم؛ فرفع لأن
في أَوّله الجحد ، وقس عليهما ما شاكلهما ؛ وأَما قول الشاعر :
وكلُّ أَخ مفارقه أَخوه، * لعَمر أَبيك إلا الفرقدان
فإن الفراء قال: الكلام في هذا البيت في معنى جحد ولذلك رفع بإلا كأَنه
قال ما أَحَدٌ إلا مُفارِقُه أَخُوه إلا الفَرْقَدانِ فجعلها
مُتَرْجِماً عن قوله ما أَحَدٌ ؛ قال لبيد :
لو كانَ غَيْرِي ، سُلَيْمَى ، اليومَ غَّيْرَه
وَقْعُ الحوادِثِ إلا الصَّارِمُ الذَّكَرُ
جعله الخليل بدلاً من معنى الكلام كأَنه قال: ما أَحد إلا يتغير من وقع
الحوادث إلاّ الصارمُ الذكَرُ، فإلاَّ ههنا بمعنى غير، كأَنه قال غيري
وغيرُ الصارمِ الذَّكرِ. وقال الفراء في قوله عز وجل: لو كان فيهما آلهة
إلا الله لفسدنا ، قال: إلا في هذا الموضع بمنزلة سوى كأَنك قلت لو كان
فيهما آلهةٌ سِوَى الله لفَسَدَنا ، قال أَبو منصور: وقال غيره من
النحويين معناه ما فيهما آلهةٌ إلا اللهُ ، ولو كان فيهما سِوَي الله لفسدنا ،
وقال الفراء: رَفْعُه على نِيَّةِ الوصل لا الانْقطاع من أوّل الكلام،
وأما قوله تعالى: لئلاّ يكونَ للناس عليكم حُجَّةٌ إلاَّ الذين ظلموا
منهم فلا تَخْشَوْهُم ؛ قال الفراء: قال معناه إلاّ الذين ظلموا فإنه لا
حجة لهم فلا تَخْشَوْهُم، وهذا كقولك في الكلام الناس كلُّهم لك حامدُون
إلاَّ الظالِمَ لك المعتدي، فإن ذلك لا يُعتدُّ بتركه الحمد لموضع
العداوة، وكذلك الظالم لا حجة له وقد سمي ظالماً ؛ قال أَبو منصور: وهذا صحيح،
والذي ذهب إليه الزجاج فقال بعدما ذكر قول أَبي عبيدة والأَخفش: القول
عندي في هذ واضح، المعنى لئلاَّ يكونَ للناس عليكم حجةٌ إلاَّ من ظلم
باحتجاجه فيما قد وضح له، كما تقول ما لَكَ عليَِّ حجةٌ إلاَّ الطلمُ وإلاَّ
أن تَظْلِمَني، المعنى ما لك عليَّ حجةٌ البتة ولكنك تَظلِمُني، وما لك
عليَّ حجةٌ إلاَّ ظُلمي، وإنما سَمَّى ظلمه هنا حجة لأن المحتج به سماه
حجةً، وحُجَّتُه داحضة عند الله ، قال الله تعالى: حُجَّتهم داحضةٌ عند
ربهم ؛ فقد سميت حجةً إلاَّ أَنها حجةُ مُبْطِل، فليست بحجة موجبة حقًّا،
قال: وهذا بيان شافٍ إن شاء الله تعالى. وأَما قوله تعالى: لا يَذُوقُون
فيها الموتَ إلاَّ المَوْتَةَ الأُولى، وكذلك قوله تعالى: ولا تَنْكِحوُا
ما نَكَح آباؤكم من النساء إلاَّ ما قد سَلَفَ ؛ أَراد سوى ما قد سلف .
وأَما قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ
قَوْمَ يُونُسَ ؛ فمعناه فهَلاَّ كانت قريةٌ أَي أَهلُ قرية آمنُوا ،
والمعنى معنى النفي أَي فما كانت قريةٌ آمنوا عند نزول العذاب بهم فنفعها
إيمانها ، ثم قال: إلا قومَ يونسَ ، استثناء ليس من الأَوّل كأَنه قال: لكن
قومُ يُونُسَ لمَّا آمنُوا انقطعوا من سائر الأُمم الذين لم يَنْفَعْهم
إيمانُهم عند نزول العذاب بهم ؛ ومثله قول النابغة :
عَيّتْ جَواباً ، وما بالرَّبْع من أَحدٍ
إلاَّ أَواريَّ لأْياً ما أُبَيِّنُها
(* قوله «عَيَّت جواباً إلخ هو عجز بيت صدره: وقفتُ فيها أَصَيلاناً
أُسائلها . وقوله: إلا الأَواريّ إلخ هو صدر بيت عجزه: والنُؤيَ كالحَوضِ
في المظلومةِ الجَلَدِ .)
فنصَب أَواريَّ على الانقطاع من الأَوّل ، قال: وهذا قول الفراء وغيره
من حذاق النحويين ، قال: وأَجازوا الرفع في مثل هذا ، وإن كان المستثنى
ليس من الأوّل وكان أَوّله منفيًّا يجعلونه كالبدل ؛ ومن ذلك قول الشاعر:
وبَلْدَةٍ ليس بها أَنِيسُ
إلا اليَعافِيرُ وإلاَّ العِيسُ
ليست اليَعافيرُ والعِيسُ من الأنِيس فرفَعَها ، ووجْهُ الكلام فيها
النَّصبُ. قال ابن سلام: سأَلت سيبويه عن قوله تعالى: فلولا كانت قريةٌ
آمَنَتْ فنَفَعَها إيمانُها إلاَّ قَومَ يُونُسَ ، على أَيّ شيء نصب؟ قال
إذا كان معنى قوله إلاَّ لكنْ نُصب ، قال الفراء: نُصب إلا قومَ يونس
لأَنهم منقطعون مما قبل إذ لم يكونوا من جِنْسه ولا من شَكْله ، كأَن قومَ
يونس منقطعون من قَوْمِ غيره من الأَنبياء ، قال: وأَمَّا إلاَّ بمعنى
لمَّا فمِثل قول الله عز وجل: إنْ كللٌّ إلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ؛ وهي
في قراءة عبد الله إنْ كُلُّهم لمَّا كذَّبَ الرُّسُلَ، وتقول: أَسأَلُك
باللهِ إلاَّ أَعْطَيْتَني ولَمَّا أَعطيتني بمعنى واحد. وقال أَبو العباس
ثعلب: وحرف من الاستثناء تَرفع به العربُ وتَنْصِبُ لغتان فصيحتان، وهو
قولك أَتاني إخْوَتُك إلاَّ أن يكون زيداً وزيدٌ، فمن نَصب أَراد إلاَّ
أَن يكون الأَمْرُ زيداً ، ومن رفع به جعل كان ههنا تامة مكتفية عن الخبر
باسمها، كما تقول كان الأَمر، كانت القصة. وسئل أَبو العباس عن حقيقة
الاستثناء إذا وقع بإلا مكرّراً مرتين أَو ثلاثاً أَو أَربعاً فقال :
الأَوّل حَطٌّ، والثاني زيادةٌ ، والثالث حَطٌّ، والرابع زيادة، إلا أَن تجعل
بعض إلاَّ إذا جُزْت الأَوّل بمعنى الأوّل فيكون ذلك الاستثناء زيادة لا
غير ، قال: وأَما قول أَبي عبيدة في إلاَّ الأُولى إنها تكون بمعنى
الواو فهو خطاً عند الحذاق. وفي حديث أنس، رضي الله عنه: أَن النبي ، صلى
الله عليه وسلم ، قال أَما إنَّ
(*قوله «أما إن» في النهاية: ألا ان.)
كلَّ بناءٍ وَبالٌ على صاحبه إلاَّ ما لا إلاَّ ما لا
(* قوله «إلا ما لا
إلخ» هي في النهاية بدون تكرار.) أَي إلاَّ ما لا بُدَّ منه للإنسان من
الكِنّ الذي تقُوم به الحياة.
قلا: ابن الأَعرابي: القَلا والقِلا والقَلاء المَقْلِيةُ. غيره:
والقِلَى البغض، فإِن فتحت القاف مددت، تقول قَلاه يَقْلِيه قِلًى وقَلاء،
ويَقْلاه لغة طيء؛ وأَنشد ثعلب:
أيامَ أُمِّ الغَمْرِ لا نَقْلاها،
ولو تَشاءُ قُبِّلَت عَيْناها
فادِرُ عُصْمِ الهَضْب لو رآها،
مَلاحةً وبَهْجةً، زهاها
قال ابن بري: شاهد يَقْلِيه قول أَبي محمد الفقعسي:
يَقْلِي الغَواني والغَواني تَقْليه
وشاهد القَلاء في المصدر بالمد قول نُصَيْب:
عَلَيكِ السَّلامُ لا مُلِلْتِ قَرِيبَةً،
وما لَكِ عِنْدي، إِنْ نَأَيْتِ، قَلاءُ
ابن سيده: قَلَيْتُه قِلًى وقَلاء ومَقْلِيةً أَبغضته وكَرِهْتُه غاية
الكَراهة فتركته. وحكى سيبويه: قَلى يَقلَى، وهو نادر، شبهوا الأَلف
بالهمزة، وله نظائر قد حكاها كلها أَو جلها، وحكى ابن جني قَلاه وقَلِيَه.
قال: وأُرى يَقْلَى إِنما هو على قَلِيَ، وحكى ابن الأَعرابي قَلَيْته في
الهجر قِلًى، مكسور مقصور، وحكى في البُغْض: قَلِيته، بالكسر، أَقْلاه على
القياس، وكذلك رواه عنه ثعلب. وتَقَلَّى الشيءُ: تَبَغَّضَ؛ قال ابن
هَرْمةَ:
فأَصْبَحْتُ لا أَقْلي الحَياةَ وطُولَها
أَخيراً، وقد كانتْ إَلَيَّ تَقَلَّتِ
الجوهري: وتَقَلّى أَي تَبَغَّض؛ قال كثير
أَسِيني بنا أو أَحسني، لا مَلُولةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إِن تَقَلَّتِ
خاطَبها ثم غايَبَ. وفي التنزيل العزيز: ما وَدَّعَك ربُّك وما قَلَى؛
قال الفراء: نزلت في احتباس الوحي عن سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم
خمس عشرة ليلة، فقال المشركون: قد وَدَّعَ محمداً ربُّه وقَلاه التابعُ
الذي يكون معه، فأَنزل الله تعالى: ما وَدَّعك ربك وما قَلَى؛ يريد وما
قَلاك، فأُلقيت الكاف كما تقول قد أَعْطَيْتُك وأَحْسَنْتُ، معناه أَحسنت
إِليك، فيُكْتَفَى بالكاف الأُولى من إِعادة الأُخرى. الزجاج: معناه لم
يَقطع الوحي عنك ولا أَبْغَضَك. وفي حديث أَبي الدرداء: وجَدْتُ الناسَ
اخْبُرْ تَقْلِهْ؛ القِلَى: البُغْضُ، يقول: جَرِّب الناس فإِنك إِذا
جرّبتهم قليتهم وتركتهم لما يظهر لك من بَواطِن سرائرهم، لفظه لفظ الأَمر
ومعناه الخبر أَي من جرَّبهم وخبرهم أَبغضهم وتركهم، والهاء في تقله للسكت،
ومعنى نظم الحديث وجدت الناس مقولاً فيهم هذا القول، وقد تكرر ذكر القِلى
في الحديث.
وقَلَى الشيء قَلْياً: أَنْضَجَه على المِقْلاة. يقال: قَلَيْت اللحم
على المِقْلَى أَقْلِيه قَلْياً إِذا شويته حتى تُنْضِجه، وكذلك الحبّ
يُقْلَى على المِقلى. ابن السكيت: يقال قَلَوْت البُرَّ والبُسْر، وبعضهم
يقول قَلَيْت، ولا يكون في البُغْض إِلا قَلَيْت. الكسائي: قَلَيْت الحَبّ
على المِقْلَى وقَلَوْته. الجوهري: قَلَيْت السويق واللحم فهو مَقْلِيٌّ،
وقَلَوْت فهو مَقْلُوّ، لغة.
والمِقْلاة والمِقْلَى: الذي يُقْلَى عليه، وهما مِقْلَيانِ، والجمع
المَقالي. ويقال للرجل إِذا أَقْلقَه أَمر مُهمّ فبات ليله ساهراً: باتَ
يَتَقَلَّى أَي يتقَلَّب على فراشه كأَنه على المِقْلى. والقَلِيَّةُ من
الطعام، والجمع قَلايا، والقَلِيَّة: مرَقة تتخذ من لحوم الجَزُور
وأَكْبادِها. والقَلاَّء:
الذي حرفته ذلك. والقَلاء: الذي يَقْلي البُرّ للبيع. والقَلاَّءة،
ممدودة: الموضع الذي تتخذ فيه المَقالي، وفي التهذيب: الذي تتخذ فيه مَقالي
البر، ونظيره الحَرَّاضةُ للمَوضِع الذي يطبخ فيه الحُرُضُ.
وقَلَيْت الرَّجل: ضربت رأْسه.
والقِلْيُ والقِلَى: حب يشبب به العصفر. وقال أَبو حنيفة: القِلْي يتخذ
من الحَمض وأَجوده ما اتخذ من الحُرُض، ويتخذ من أَطراف الرِّمث وذلك
إِذا اسْتَحْكَم في آخر الصيف واصفرَّ وأَوْرَس. الليث: يقال لهذا الذي
يُغسل به الثياب قِلْيٌ، وهو رَماد الغَضَى والرِّمْث يُحرق رَطباً ويرش
بالماء فينعقد قِلْياً. الجوهري: والقِلْيُ الذي يتخذ من الأُشْنان، ويقال
فيه القِلَى أَيضاً، ابن سيده: القُلة عود يجعل في وسطه حبل ثم يدفن ويجعل
للحبل كِفَّة فيها عيدان، فإِذا وَطِئ الظبي عليها عَضَّت على أَطراف
أَكارِعِه. والمِقْلَى: كالقُلةِ. والقُلةُ والمِقْلَى والمِقْلاء، على
مِفْعالٍ، كلهُ: عودانِ يَلعب بهما الصبيان، فالمِقْلَى العود الكبير الذي
يضرب به، والقُلةُ الخَشبة الصغيرة التي تنصب وهي قدر ذراع . قال
الأَزهري: والقالي الذي يَلعب فيَضْرب القُلةَ بالمِقْلَى. قال ابن بري: شاهد
المِقْلاء قول امرئ القيس:
فأَصْدَرَها تَعْلُو النِّجادَ، عَشِيَّةً،
أَقبُّ، كمِقْلاءِ الوَليدِ، خَمِيصُ
والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ وقِلُونَ على ما يَكثر في أَوَّل هذا النحو من
التغيير؛ وأَنشد الفراء:
مِثْل المقالي ضُرِبَتْ قِلِينُها
قال أَبو منصور: جعل النون كالأَصلية فرفعها، وذلك على التوهم، ووجه
الكلام فتح النون لأَنها نون الجمع. وتقول: قَلَوْت القُلة أَقْلُو قَلْواً،
وقَلَيْتُ أَقْلي قَلْياً لغة، وأَصلها قُلَوٌ، والهاء عوض، وكان الفراء
يقول: إِنما ضم أَوّلها ليدل على الواو، والجمع قُلاتٌ وقُلُونَ
وقِلُون، بكسر القاف. وقَلا بها قَلْواً وقَلاها: رَمى؛ قال ابن مقبل:
كأَنَّ نَزْوُ فِراخِ الهامِ، بَيْنَهُمُ،
نَزْوُ القُلاتِ زَهاها قالُ قالِينا
أَراد قَلْوُ قالِينا فقلب فتغير البناء للقَلْب، كما قالوا له جاهٌ عند
السلطان، وهو من الوجه، فقلبوا فَعْلاً إِلى فَلْع لأَن القلب مما قد
يغير البناء، فافهم.
وقال الأصمعي: القالُ هو المِقْلاء، والقالُون الذين يلعبون بها، يقال
منه قَلَوْت أَقْلُو. وقَلَوْتُ بالقُلة والكُرة: ضربت.
ابن الأَعرابي: القُلَّى القصيرة من الجواري. قال الأَزهري: هذا فُعْلَى
من الأَقَلّ والقِلَّةِ.
وقَلا الإِبل قَلْواً: ساقَها سَوْقاً شديداً. وقَلا العَيْرُ آتُنَهُ
يَقْلُوها قَلْواً: شَلَّها وطَرَدَها وساقَها. التهذيب: يقال قَلا
العَيرُ عانته يَقْلُوها وكَسَأَها وشَحَنَها وشَذَّرَها إِذا طَرَدَها؛ قال ذو
الرمة:
يَقْلُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجَةً،
وُرْقَ السَّرابِيلِ، في أَلْوانِها خَطَبُ
والقِلْوُ: الحمار الخفيف، وقيل: هو الجحش الفَتيُّ، زاد الأَزهري: الذي
قد أَركَب وحَمَل، والأُنثى قِلْوة، وكل شديد السوق قِلْوٌ، وقيل:
القِلو الخفيف من كل شيء، والقِلوة الدابة تتقدَّم بصاحبها، وقد قَلَتْ به
واقْلَوْلَتْ.
الليث: يقال الدابة تَقْلُو بصاحبها قَلْواً، وهو تَقَدِّيها به في
السير في سرعة. يقال: جاء يَقْلو به حماره. وقَلَت الناقة براكبها قَلْواً
إِذا تقدمت به. واقْلَوْلَى القوم: رحلوا، وكذلك الرجل؛ كلاهما عن
اللحياني. واقْلَولَى في الجبل: صَعِدَ أَعْلاه فأَشْرَفَ. وكلُّ ما عَلَوت ظهره
فقد اقْلَوْلَيْتَه، وهذا نادر لأَنَّا لا نعرف افْعَوْعَل متعدِّية إِلا
اعْرَوْرَى واحْلَوْلى. واقْلَوْلَى الطائر: وقع على أَعلى الشجرة؛ هذه
عن اللحياني. والقَلَوْلَى: الطائر إِذا ارتفع في طيرانه. واقْلولَى أَي
ارتفع. قال ابن بري: أَنكر المهلبي وغيره قَلَوْلَى، قال: ولا يقال إِلا
مُقْلَوْلٍ في الطائر مثل مُحْلَوْلٍ. وقال أَبو الطيب: أَخطأَ من ردَّ
على الفراء قَلَوْلَى؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف قطاً:
وَقَعْنَ بِجَوْف الماء، ثم تَصَوَّبَتْ
بِهِنَّ قَلَوْلاةُ الغُدُوِّ ضَرُوبُ
ابن سيده: قال أَبو عبيدة قَلَوْلَى الطائر جعله علماً أَو كالعلم
فأَخطأَ. والمُقْلَوْلِي: المُسْتَوْفِز المُتَجافي. والمُقْلَولي:
المُنْكَمِش؛ قال:
قد عَجِبَتْ مِنِّي ومِن بُعَيْلِيا،
لَمَّا رأَتْني خَلَقاً مُقْلوْلِيا
وأَنشد ابن بري هنا لذي الرمة:
واقْلَولَى على عُودِه الجَحْلُ
وفي الحديث: لو رأَيت ابن عُمر ساجداً لرأَيته مُقْلَوْلِياً؛ هو
المُتَجافي المُسْتَوْفِزُ، وقيل: هو مَن يَتَقَلَّى على فراشه أَي يَتَمَلمَل
ولا يَسْتَقِرّ، قال أَبو عبيد: وبعض المحدثين كان يفسر مُقْلَوْلِياً
كأَنه على مِقْلًى، قال: وليس هذا بشيء إِنما هو من التجافي في السجود.
ويقال: اقْلَولى الرجل في أَمره إِذا انكمش، واقْلَوْلَتِ الحُمر في سرعتها؛
وأَنشد الأَحمر للفرزدق:
تقُولُ، إِذا اقْلَوْلَى عليها وأَقْرَدَتْ:
أَلا هَل أَخُو عَيْشٍ لَذيذٍ بدائمِ؟
قال ابن الأَعرابي: هذا كان يزني بها فانقضت شهوته قبل انقضاء شهوتها،
وأَقْرَدَتْ: ذَلَّت؛ قال ابن بري: أَدخل الباء في خبر المبتدإِ حملاً على
معنى النفي كأَنه قال ما أَخو عيش لذيذ بدائم؛ قال: ومثله قول الآخر:
فاذْهَبْ، فأَيُّ فَتًى، في الناس، أَحْرَزَه
مِنْ يَوْمِه ظُلَمٌ دُعْجٌ ولا خَبَلُ؟
وعلى ذلك قوله سبحانه وتعالى: أَوَلم يروا أَن الله الذي خلق السموات
والأَرض بقادر؛ ومن هذا قول الفرزدق أَيضاً:
أَنا الضَّامِنُ الحانِي عَليهِم، وإِنَّما
يُدافِعُ عن أَحْسابِهِم أَنا، أَو مِثْلِي
والمعنى ما يُدافِع عن أَحسابهم إِلا أَنا؛ وقوله:
سَمِعْنَ غِناءً بعدما نِمْنَ نَوْمةً،
من الليلِ، فاقْلَوْلَيْنَ فوق المَضاجع
(* قوله« غناء» كذا بالأصل والمحكم، والذي في الاساس غنائي، بياء
المتكلم.)
يجوز أَن يكون معناه خَفَقْنَ لصوته وقَلِقْنَ فزال عنهن نومهن
واستثقالهن على الأَرض، وبهذا يعلم أَن لام اقْلَوْ لَيْت واو لا ياء؛ وقال أَبو
عمرو في قول الطرماح:
حَواتم يَتَّخِذْنَ الغِبَّ رِفْهاً،
إِذا اقْلَوْلَيْنَ بالقَرَبِ البَطينِ
اقْلَوْلَيْنَ أَي ذَهبن.
ابن الأَعرابي: القُلى رُؤوس الجِبال، والقُلى هامات الرجال، والقُلى
جمع القُلةِ التي يلعب بها. وقلا الشيءَ في المِقْلى قَلْواً، وهذه الكلمة
يائية وواوية.
وقَلَوْت الرجل: شَنِئْتُه لغة في قَلَيْتُه . والقِلُْو: الذي يستعمله
الصباغ في العفصر، وهو يائي أَيضاً لأَن القِلْيَ فيه لغة . ابن
الأَثير في حديث عمر ، رضي الله عنه: لما صالح نصارى أَهل الشأْم كتبوا له
كتاباً إنا لا نُحدِث في مدينتنا كنيسة ولا قَلِيّة ولا نَخْرج سَعانِينَ
ولا باعُوثاً ؛ القَلِيَّةُ: كالصومعة ، قال: كذا وردت ، واسمها عند
النصارى القَلاَّيةُ ، وهي تَعْريب كَلاذةَ ، وهي من بيوت عباداتهم .
وقالي قَلا: موضع ؛ قال سيبويه: هو بمنزلة خمسة عشر ؛ قال :
سَيُصْبِحُ فَوْقي أَقْتَمُ الرِّيشِ واقِعاً
بِقالي قَلا ، أَو من وَراء دَبيلِ
ومن العرب من يضيف فينوِّن . الجوهري: قالي قَلا اسمان جعلا واحداً ؛
قال ابن السراج: بني كل واحد منهما على الوقف لأَنهم كرهوا الفتحة؛ في
الياء والأَلف .