I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the button.

Ibn Manẓūr, Lisān al-ʿArab (d. 1311 CE) لسان العرب لابن منظور

Search results for: سيد

بقل

بقل: بَقَلَ الشيءُ: ظهَر. والبَقْل: معروف؛ قال ابن سيده: البَقْل من

النبات ما ليس بشجر دِقًّ ولا جِلًّ ، وحقيقة رسمه أَنه ما لم تبق له

أُرومة على الشتاء بعدما يُرْعى، وقال أَبو حنيفة: ما كان منه ينبت في

بَزْره ولا ينبت في أُرومة ثابتة فاسمه البقْل، وقيل: كل نابتة في أَول ما

تنبت فهو البَقْل، واحدته بَقْلة، وفَرْقُ ما بين البَقْل ودِقِّ الشجر أَن

البقل إِذا رُعي لم يبق له ساق والشجر تبقى له سُوق وإِن دَقَّت. وفي

المثل: لا تُنْبِتُ البَقْلَة إِلا الحَقْلة؛ والحَقْلَة: القَراح

الطَّيِّبة من الأَرض.

وأَبْقَلَت: أَنبتت البَقْل، فهي مُبْقِلة. والمُبْقِلة: ذات البَقْل.

وأَبْقَلَت الأَرضُ: خَرَجَ بَقْلها؛ قال عامر بن جُوَين الطائي:

فلا مُزْنَةٌ ودَقَتْ وَدْقَها،

ولا أَرْض أَبْقَل إِبْقَالَها

ولم يقل أَبْقَلت لأَن تأْنيث الأَرض ليس بتأْنيث حقيقي. وفي وصف مكة:

وأَبْقَل حَمْضُها، هو من ذلك. والمَبْقَلة: موضع البَقْل؛ قال دُوَاد

بن أَبي دُوَاد حين سأَله أَبوه: ما الذي أَعاشك؟ قال:

أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ،

آكُلُ من حَوْذانِه وأَنْسِلُ

قال ابن جني: مكان مُبْقِل هو القياس، وباقل أَكثر في السماع، والأَوَّل

مسموع أَيضاً. الأَصمعي: أَبْقَل المكانُ فهو باقل من نبات البَقْل،

وأَوْرَسَ الشجرُ فهو وارس إِذا أَوْرَق، وهو بالأَلف. الجوهري: أَبْقَل

الرِّمْت إِذا أَدْبَى وظهرت خُضْرة ورقه، فهو باقل. قال: ولم يقولوا

مُبْقِل كما قالوا أَوْرَسَ فهو وارس، ولم يقولوا مورِس، قال: وهو من النوادر،

قال ابن بري: وقد جاء مُبْقِل؛ قال أَبو النجم:

يَلْمَحْنَ من كل غَميسٍ مُبْقِل

قال: وقال ابن هَرْمة:

لَرُعْت بصَفْراءِ السُّحالةِ حُرَّةً،

لها مَرْتَعٌ بين النَّبِيطَينِ مُبْقِل

قال: وقالوا مُعْشِب؛ وعليه قول الجعدي:

على جانِبَيْ حائر مُفْرد

بَبَرْثٍ، تَبَوَّأْتُه مُعْشِب

قال ابن سيده: وبَقَل الرِّمْثُ يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبْقَل،

فهو باقل، على غير قياس كلاهما: في أَول ما ينبت قبل أَن يخضرَّ. وأَرض

بَقِيلة وبَقِلة مُبْقِلة؛ الأَخيرة على النسب أَي ذات بَقْل؛ ونظيره: رجل

نَهِرٌ أَي يأْتي الأُمور نهاراً. وأَبقل الشجرُ إِذا دنت أَيام الربيع

وجرى فيها الماء فرأَيت في أَعراضها مثل أَظفار الطير؛ وفي المحكم: أَبْقَل

الشجرُ خرج في أَعراضه مثل أَظفار الطير وأَعْيُنِ الجَرَادِ قبل أَن

يستبين ورقه فيقال حينئذ صار بَقْلة واحدة، واسم ذلك الشيء الباقل. وبَقَل

النَّبْتُ يَبْقُل بُقولاً وأَبْقَل: طَلَع، وأَبْقَله الله. وبَقَل وجهُ

الغلام يَبْقُل بَقْلاً وبُقُولاً وأَبقل وبَقَّل: خَرَجَ شعرُه، وكره

بعضهم التشديد؛ وقال الجوهري: لا تَقُلْ بَقَّل، بالتشديد. وأَبقله الله:

أَخرجه، وهو على المثل بما تقدم. الليث: يقال للأَمرد إِذا خرج وجهه: قد

بَقَل. وفي حديث أَبي بكر والنسَّابة: فقامَ إِليه غلام من بني شيبان حين

بَقَل وجهُه أَي أَول ما نبتت لحيته. وبقَلَ نابُ البعير يَبْقُل

بُقولاً: طَلَع، على المثل أَيضاً، وفي التهذيب: بَقَل نابُ الجمل أَول ما

يطلع، وجَمَلٌ باقل الناب.

والبُقْلة: بَقْل الرَّبِيع؛ وأَرض بَقِلة وبَقيلة ومَبْقَلة ومَبْقُلة

وبَقَّالة، وعلى مثاله مَزْرَعَة ومَزْرُعَة وزَرَّاعة. وابْتَقَل القومُ

إِذا رَعَوا البَقْل. والإِبل تَبْتَقِل وتَتَبَقَّل، وابْتَقَلَت

الماشية وتَبَقَّلت: رَعَت البَقْل، وقيل: تَبَقُّلُها سِمَنُها عن البَقْل.

وابْتَقَلَ الحمار: رَعَى البَقْل؛ قال مالك

بن خويلد الخُزاعي الهذلي:

تاللهِ يَبْقَى على الأَيَّامِ مُبْتَقِلٌ،

جَوْنُ السَّرَاةِ رَبَاعٍ سِنُّه غَرِدُ

أَي لا يَبْقَى، وتَبَقَّل مثله؛ قال أَبو النجم:

كُوم الذُّرَى من خَوَل المُخَوَّل

تَبَقَّلتْ في أَوَّل التَّبَقُّل،

بَيْنَ رِمَاحَيْ مالِكٍ ونَهْشَل

وتَبَقَّل القومُ وابْتَقَلُوا وأَبْقَلوا: تَبَقَّلت ماشيتُهم. وخَرَجَ

يَتَبَقَّل أَي يطلب البَقْل. وبَقْلة الضَّبّ: نَبْت؛ قال أَبو حنيفة:

ذكرها أَبو نصر ولم يفسرها. والبَقْلة: الرِّجْلة وهي البَقْلة

الحَمْقاء. ويقال: كُلُّ نَبات اخْضَرَّت له الأَرضُ فهو بَقْل؛ قال

الحرثبن دَوش الإِيادِيّ يخاطب المُنْذِر

بنَ ماء السماء:

قَوْمٌ إِذا نَبَتَ الرَّبِيعُ لهم،

نَبَتَتْ عَدَاوتُهم مع البَقْل

الجوهري: وقولُ أَبي نُخَيْلة:

بَرِّيَّةٌ لم تأْكل المُرَقَّقا،

ولم تَذُقْ من البُقُول الفُسْتُقا

(* قوله: بريّة، وفي رواية أُخرى: جارية).

قال: ظَنَّ هذا الأَعرابي أَن الفُسْتُق من البَقْل، قال: وهكذا يُرْوى

البَقْل بالباء، قال: وأَنا أَظنه بالنون لأَن الفُسْتُق من النَّقْل

وليس من البَقْل.

والباقِلاءُ والباقِلَّى: الفُول، اسم سَوادِيٌّ، وحَمْلُه الجَرْجَر،

إِذا شدَّدت اللام قَصَرْت، وإِذا خَفَّفْت مَدَدْت فقلت الباقلاء، واحدته

باقِلاَّة وباقِلاَّءَة، وحكى أَبو حنيفة الباقِلَى، بالتخفيف والقصر،

قال: وقال الأَحمر واحدة الباقِلاء باقلاء، قال ابن سيده: فإِذا كان ذلك

فالواحد والجمع فيه سواء، قال: وأَرى الأَحمر حكى مثل ذلك في الباقلَّى.

قال: والبُوقَالُ، بضم الباء، ضَرْب من الكِيزَان، قال: ولم يفسِّر ما

هو ففسرناه بما عَلِمْنا.

وباقِلٌ: اسم رجل يضرب به المثل في العِيِّ؛ قال الأُموي: من أَمثالهم

في باب التشبيه: إِنه لأَعْيَا من باقل، قال: وهو اسم رجل من ربيعة وكان

عَييّاً فَدْماً؛ وإِياه عَنى الأُرَيْقِط في وَصْف رَجُل مَلأَ بطنَه حتى

عَيِيَ بالكلام فقال يَهْجُوه، وقال ابن بري: هو لحميد الأَرْقَط:

أَتَانَا، وما داناه سَحْبانُ وائلٍ

بَيَاناً وعِلْماً بِالذي هو قائل،

يَقُول، وقد أَلْقَى المَرَاسِيَ للقِرَى:

أَبِنْ ليَ ما الحَجَّاجُ بالناس فاعل

فَقُلْتُ: لعَمْرِي ما لهذا طَرَقْتَنا،

فكُلْ، ودَعِ الإِرْجافَ، ما أَنت آكل

تُدَبِّل كَفَّاه ويَحْدُر حَلْقُه،

إِلى البَطْنِ، ما ضُمَّتْ عليه الأَنامل

فما زال عند اللقم حتى كأَنَّه،

من العِيِّ لما أَن تَكَلَّم، باقل

قال: وسَحْبان هو من ربيعة أَيضاً من بني بكْر كان لَسِناً بليغاً؛ قال

الليث: بلغ من عِيِّ باقل أَنه كان اشترى ظَبْياً بأَحد عشر دِرْهماً،

فقيل له: بِكَم اشتريت الظبي؟ ففتح كفيه وفرَّق أَصابعه وأَخرج لسانه يشير

بذلك إِلى أَحد عشر فانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العِيّ.

والبَقْل: بطن من الأَزْد وهم بَنُو باقل. وبَنُو بُقَيْلة: بطن من

الحِيرَة. ابن الأَعرابي: البُوقالة الطِّرْجهَارَة.

Expand

بدا

بدا: بَدا الشيءُ يَبْدُو بَدْواً وبُدُوّاً وبَداءً وبَداً؛ الأَخيرة

عن سيبويه: ظهر. وأَبْدَيْته أَنا: أَظهرته. وبُدَاوَةُ الأَمر: أَوَّلُ

ما يبدو منه؛ هذه عن اللحياني، وقد ذكر عامةُ ذلك في الهمزة. وبادي

الرأْي: ظاهرُه؛ عن ثعلب، وقد ذكر في الهمز. وأَنت بادِيَ الرأْي تَفْعَلُ كذا،

حكاه اللحياني بغير همز، ومعناه أَنت فيما بَدَا من الرأْي وظهر. وقوله

عز وجل: ما نراك اتَّبَعَك إلا الذين هم أَراذلنا بادِيَ الرأْي؛ أَي في

ظاهر الرأْي، قرأَ أَبو عمرو وحده بادىَ الرأْي، بالهمز، وسائر القراء

قرؤوا بادِيَ، بغير همز، وقال الفراء: لا يهمز بادِيَ الرأْي لأَن المعنى

فيما يظهر لنا ويَبْدُو، ولو أَراد ابتداء الرأْي فهَمَز كان صواباً؛

وأَنشد:

أَضْحَى لِخالي شَبَهِي بادِي بَدِي،

وصار َ للفَحْلِ لِساني ويَدِي

أَراد به: ظاهري في الشبه لخالي. قال الزجاج: نصب بادِيَ الرأْي على

اتبعوك في ظاهر الرأْي وباطنُهم على خلاف ذلك، ويجوز أَن يكون اتبعوك في

ظاهر الرأْي ولم يَتَدَبَّرُوا ما قلتَ ولم يفكروا فيه؛ وتفسير قوله:

أَضحى لخالي شبهي بادي بدي

معناه: خرجت عن شَرْخ الشباب إلى حدّ الكُهُولة التي معها الرأْيُ

والحِجا، فصرت كالفحولة التي بها يقع الاختيار ولها بالفضل تكثر الأَوصاف؛ قال

الجوهري: من همزه جعله من بَدَأْتُ معناه أَوَّلَ الرَّأْيِ.

وبادَى فلانٌ بالعداوة أَي جاهر بها، وتَبادَوْا بالعداوة أَي جاهَرُوا

بها. وبَدَا له في الأَمر بَدْواً وبَداً وبَدَاءً؛ قال الشَّمَّاخ:

لَعَلَّك، والمَوْعُودُ حقُّ لقاؤه،

بَدَا لكَ في تلك القَلُوص بَداءُ

(* في نسخة: وفاؤه).

وقال سيبويه في قوله عز وجل: ثم بدا لهم من بعد ما رأَوا الآيات

ليَسْجُنُنَّه؛ أَراد بدا لهم بَداءٌ وقالوا ليسجننه، ذهب إلى أَن موضع ليسجننه

لا يكون فاعلَ بَدَا لأَنه جملة والفاعل لا يكون جملة. قال أَبو منصور:

ومن هذا أَخذ ما يكتبه الكاتب في أَعقاب الكُتُب. وبَداءَاتُ عَوارِضك،

على فَعَالاتٍ، واحدتها بَدَاءَةٌ بوزن فَعَالَة: تأنيث بَدَاءٍ أَي ما

يبدو من عوارضك؛ قال: وهذا مثل السَّمَاءة لِمَا سَمَا وعَلاك من سقف أَو

غيره، وبعضهم يقول سَمَاوَةٌ، قال: ولو قيل بَدَواتٌ في بَدَآت الحَوائج

كان جائزاً. وقال أَبو بكر في قولهم أَبو البَدَوَاتِ، قال: معناه أَبو

الآراء التي تظهر له، قال: وواحدة البَدَوَات بَدَاةٌ، يقال بَداة وبَدَوات

كما يقال قَطاة وقَطَوات، قال: وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة فيقولون

للرجل الحازم ذو بَدَوات أَي ذو آراء تظهر له فيختار بعضاً ويُسْقطُ بعضاً؛

أَنشد الفراء:

من أَمْرِ ذي بَدَاوتٍ مَا يَزالُ له

بَزْلاءُ، يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ

قال: وبَدا لي بَدَاءٌ أَي تَغَيَّر رأْي على ما كان عليه. ويقال: بَدا

لي من أَمرك بَداءٌ أَي ظهر لي. وفي حديث سلمة بن الأَكْوَع: خرجت أَنا

وربَاحٌ

مولى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعي فرسُ أَبي طلحة أُبَدّيه مع

الإبل أَي أُبْرزُه معها إلى موضع الكَلإ. وكل شيء أَظهرته فقد أَبديته

وبَدَّيته؛ ومنه الحديث: أَنه أَمر أَن يُبادِيَ الناسَ بأَمره أَي يظهره

لهم؛ ومنه الحديث: من يُبْدِ لنا صَفْحَتَه نُقِمْ عليه كتابَ الله أَي من

يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أَقمنا عليه الحد. وفي حديث الأَقْرع

والأَبْرص والأَعمى: بَدَا اللهُ عز وجل أَن يبتليهم أَي قضى بذلك؛ قال ابن

الأَثير: وهو معنى البَداء ههنا لأَن القضاء سابق، والبداءُ استصواب شيء

عُلم بعد أَن لم يَعْلم، وذلك على الله غير جائز. وقال الفراء: بَدا لي

بَداءٌ أَي ظهر لي رأْيٌ آخر؛ وأَنشد:

لو على العَهْدِ لم يَخُنه لَدُمْنا،

ثم لم يَبْدُ لي سواه بَدَاءُ

قال الجوهري: وبدا له في الأَمر بداءً، ممدودة، أَي نشأَ له فيه رأْيٌ،

وهو ذو بَدَواتٍ، قال ابن بري: صوابه بَداءٌ، بالرفع، لأَنه الفاعل

وتفسيره بنَشَأَ له فيه رأْيٌ يدلك على ذلك؛ وقول الشاعر:

لعَلَّكَ، والموعودُ حَقٌّ لِقاؤه،

بَدَا لك في تلك القَلُوصِ بَدَاءُ

وبَداني بكذا يَبْدوني: كَبَدأَني. وافعَل ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ

بَدِيٍّ، غير مهموز؛ قال:

وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي

وقد ذكر في الهمزة، وحكى سيبويه: بادِيَ بَدَا، وقال: لا ينوّن ولا

يَمْنَعُ القياسُ تنوينَه. وقال الفراء: يقال افعلْ هذا بادِيَ بَدِيٍّ كقولك

أَوَّل شيء، وكذلك بَدْأَةَ ذي بَدِيٍّ، قال: ومن كلام العرب بادِيَ

بَدِيٍّ

بهذا المعنى إلا أَنه لم يهمز، الجوهري: افعلْ ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ

بَدِيٍّ أَي أَوَّلاً، قال: وأَصله الهمز وإنما ترك لكثرة الاستعمال؛

وربما جعلوه اسماً للداهية كما قال أَبو نُخَيلة:

وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي،

ورَيْثَةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ،

وصار للفَحْلِ لساني ويدِي

قال: وهما إسمان جعلا اسماً واحداً مثل معد يكرب وقالي قَلا. وفي حديث

سعد بن أَبي وقاص: قال يوم الشُّورَى الحمد لله بَدِيّاً؛ البَدِيُّ،

بالتشديد: الأَول؛ ومنه قولهم: افْعَلْ هذا بادِيَ بَدِيٍّ أَي أَوَّل كل

شيء. وبَدِئْتُ بالشيء وبَدِيتُ: ابْتَدَأْتُ، وهي لغة الأَنصار؛ قال ابن

رواحَةَ:

باسمِ الإله وبه بَدِينَا،

ولو عَبَدْنا غيرَه شَقِينا،

وحَبَّذا رَبّاً وحُبَّ دِينا

قال ابن بري: قال ابن خالويه ليس أَحد يقول بَدِيتُ بمعنى بَدَأْتُ إلا

الأَنصار، والناس كلهم بَدَيْتُ وبَدَأْتُ، لما خففت الهمزة كسرت الدال

فانقلبت الهمزة ياء، قال: وليس هو من بنات الياء. ويقال: أَبْدَيْتَ في

منطقك أَي جُرْتَ مثل أَعْدَيْت؛ ومنه قولهم في الحديث: السُّلْطانُ ذو

عَدَوان وذو بَدَوانٍ، بالتحريك فيهما، أَي لا يزال يَبْدُو له رأْيٌ جديد،

وأَهل المدينة يقولون بدَينا بمعنى بَدأْنا.

والبَدْوُ والبادِيةُ والبَداةُ والبَداوَة والبِداوَةُ: خلاف الحَضَرِ،

والنسب إليه بدَويٌّ، نادر، وبَداويّ وبِداوِيٌّ، وهو على القياس لأَنه

حينئذ منسوب إلى البَداوة والبِداوة؛ قال ابن سيده: وإنما ذكرته

(* كذا

بياض في جميع الأصول المعتمدة بأيدينا) . . . . . لا يعرفون غير

بَدَوِيٍّ، فإن قلت إن البَداوِيّ قد يكون منسوباً إلى البَدْوِ والباديةِ فيكون

نادراً، قيل: إذا أَمكن في الشيء المنسوب أَن يكون قياساً وشاذّاً كان

حمله على القياس أَولى لأَن القياس أَشيع وأَوسع. وبَدَا القومُ بَدْواً أَي

خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلاً. ابن سيده: وبَدا القومُ بداءً خرجوا

إلى البادية، وقيل للبادية بادِيَةٌ لبروزها وظهورها؛ وقيل للبَرِّيَّة

بادِيةَ لأَنها ظاهرة بارزة، وقد بَدَوْتُ أَنا وأَبْدَيْتُ غيري. وكل شيء

أَظهرته فقد أَبْدَيْتَه. ويقال: بَدا لي شيءٌ

أَي ظهر. وقال الليث: البادية اسم للأَرض التي لا حَضَر فيها، وإذا خرج

الناسُ من الحَضَر إلى المراعي في الصَّحارِي قيل: قد بَدَوْا، والإسم

البَدْوُ. قال أَبو منصور: البادية خلاف الحاضرة، والحاضرة القوم الذين

يَحْضُرون المياهَ وينزلون عليها في حَمْراء القيظ، فإذا بَرَدَ الزمان

ظَعَنُوا عن أَعْدادِ المياه وبَدَوْا طلباً للقُرْب من الكَلإ، فالقوم حينئذ

بادِيَةٌ بعدما كانوا حاضرة، وهي مَبادِيهم جمع مَبْدىً، وهي المَناجِع

ضِدُّ المَحاضر، ويقال لهذه المواضع التي يَبْتَدِي إليها البادُونَ

بادية أَيضاً، وهي البَوادِي، والقوم أَيضاً بوادٍ جمع بادِيةٍ. وفي الحديث:

من بَدَا جَفَا أَي من نَزَلَ البادية صار فيه جَفاءُ الأَعرابِ.

وتَبَدَّى الرجلُ: أَقام بالبادية. وتَبادَى: تَشَبَّه بأَهل البادية. وفي

الحديث: لا تجوز شهادةُ بَدَوِيّ على صاحب قَرْية؛ قال ابن الأَثير: إنما كره

شهادة البَدَوِيّ لما فيه من الجَفاء في الدين والجَهالة بأَحكام الشرع،

ولأَنهم في الغالب لا يَضْبِطُون الشهادةَ على وَجْهِها، قال: وإليه ذهب

مالك، والناسُ على خلافه. وفي الحديث: كان إذا اهْتَمَّ لشيءٍ بَدَا أَي

خرج إلى البَدْوِ؛ قال ابن الأَثير: يُشْبِهُ أَن يكون يَفْعَل ذلك

ليَبْعُدَ عن الناس ويَخْلُوا بنفسه؛ ومنه الحديث: أَنه كان يَبْدُو إلى هذه

التِّلاع. والمَبْدَى: خلاف المَحْضر. وفي الحديث: أَنه أَراد البَدَاوَةَ

مرة أَي الخروجَ إلى البادية، وتفتح باؤها وتكسر. وقوله في الدعاء:

فإنَّ جارَ البادِي يَتَحَوَّلُ؛ قال: هو الذي يكون في البادية ومَسْكنه

المَضارِبُ والخيام، وهو غير مقيم في موضعه بخلاف جارِ المُقامِ في المُدُن،

ويروى النادِي بالنون. وفي الحديث: لا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، وهو مذكور

مُسْتَوْفى في حضر. وقوله في التنزيل العزيز: وإنْ يأْتِ الأَحْزابُ

يَوَدُّوا لو أَنهم بادُون في الأَعْراب؛ أَي إذا جاءَت الجنود والأَحْزاب

وَدُّوا أَنهم في البادية؛ وقال ابن الأَعرابي: إنما يكون ذلك في ربيعهم،

وإلاَّ فهم حُضَّارٌ على مياههم. وقوم بُدَّاءٌ: بادونَ؛ قال:

بحَضَرِيٍّ شاقَه بُدَّاؤُه،

لم تُلْهه السُّوقُ ولا كلاؤُه

قال ابن سيده: فأَما قول ابن أَحمر:

جَزَى اللهُ قومي بالأُبُلَّةِ نُصْرَةً،

وبَدْواً لهم حَوْلَ الفِراضِ وحُضَّرَا

فقد يكون إسماً لجمع بادٍ كراكب ورَكْبٍ، قال: وقد يجوز أَن يُعْنى به

البَداوَة التي هي خلاف الحَضارة كأَنه قال وأَهْلَ بَدْوٍ. قال الأَصمعي:

هي البداوة والحَضارة بكسر الباء وفتح الحاء؛ وأَنشد:

فمَن تكُنِ الحَضارةُ أَعْجَبَتْه،

فأَيَّ رجالِ بادِيةٍ تَرانا؟

وقال أَبو زيد: هي البَداوة والحِضارة، بفتح الباء وكسر الحاء.

والبداوة: الإقامة في البادية، تفتح وتكسر، وهي خلاف الحِضارة. قال ثعلب: لا

أَعرف البَداوة، بالفتح، إلا عن أَبي زيد وحده، والنسبة إليها بَداوِيّ.

أَبو حنيفة: بَدْوَتا الوادي جانباه. والبئر البَدِيُّ: التي حفرها

فحفرت حَديثَةً وليست بعاديَّة، وترك فيها الهمز في أَكثر كلامهم.

والبَدَا، مقصور: ما يخرج من دبر الرجل؛ وبَدَا الرجلُ: أَنْجَى فظهر

ذلك منه. ويقال للرجل إذا تغَوَّط وأَحدث: قد أَبْدَى، فهو مُبْدٍ، لأَنه

إذا أَحدث بَرَزَ من البيوت وهو مُتَبَرِّز أَيضاً. والبَدَا مَفْصِلُ

الإنسان، وجمعه أَبْداءٌ، وقد ذكر في الهمز. أَبو عمرو: الأَبْداءُ

المَفاصِل، واحدها بَداً، مقصور، وهو أَيضاً بِدْءٌ، مهموز، تقديره بِدْعٌ، وجمعه

بُدُوءٌ على وزن بُدُوع. والبَدَا: الــسيد، وقد ذكر في الهمز.

والبَدِيُّ ووادِي البَدِيُّ: موضعان. غيره: والبَدِيُّ اسم واد؛ قال

لبيد:

جَعَلْنَ جراجَ القُرْنَتَيْن وعالجاً

يميناً، ونَكَّبْنَ البَدِيَّ شَمائلا

وبَدْوَةُ: ماءٌ لبني العَجْلانِ. قال: وبداً إسم موضع. يقال: بين

شَغْبٍ وبَداً، مقصور يكتب بالأَلف؛ قال كثيِّر:

وأَنْتِ التي حَبَّبتِ شَغباً إلى بَداً

إليَّ، وأَوطاني بلادٌ سواهما

ويروي: بَدَا، غير منون. وفي الحديث ذكر بَدَا بفتح الباء وتخفيف الدال:

موضع بالشام قرب وادي القُرَى، كان به منزل عليّ بن عبد الله بن العباس

وأَولاده، رضي الله عنه. والبَدِيُّ: العجب؛ وأَنشد:

عَجِبَتْ جارَتي لشَيْبٍ عَلاني،

عَمْرَكِ اللهُ هل رأَيتِ بَدِيَّا؟

Expand

دلج

دلج: الدُّلْجَةُ: سَيْرُ السَّحَرِ. والدَّلْجَةُ: سَيْرُ الليل كلِّه.

والدَّلَجُ والدَّلَجانُ والدَّلَجَة، الأَخيرة عن ثعلب: الساعة من آخر

الليل، والفعل الإِدْلاجُ.

وأَدْلَجُوا: ساروا من آخر الليل. وادَّلَجُوا: ساروا الليل كله؛ قال

الحطيئة:

آثَرْتُ إِدْلاجي على لَيْلِ حُرَّةٍ،

هَضِيمِ الحَشَى، حُسَّانَةِ المُتَجَرِّدِ

وقيل: الدَّلَجُ الليلُ كله من أَوله إِلى آخره، حكاه ثعلب عن أَبي

سليمان الأَعرابي، وقال: أَيَّ ساعة سرت من أَوَّل الليل إِلى آخره فقد

أَدْلَجْتَ، على مثال أَخْرَجْتَ. ابن السِّكِّيتِ: أَدْلَجَ القومُ إِذا

ساروا الليلَ كله، فهم مُدْلِجُونَ. وادَّلَجُوا إِذا ساروا في آخر الليل،

بتشديد الدال؛ وأَنشد:

إِنَّ لَنا لَسَائِقاً خَدَلَّجا،

لمْ يُدْلِجِ اللَّيْلَةَ فيمن أَدْلَجا

ويقال: خرجنا بِدُلْجَةٍ ودَلْجَةٍ إِذا خرجوا في آخر الليل. الجوهري:

أَدْلَجَ القَوم إِذا ساروا من أَول الليل، والاسم الدَّلَجُ، بالتحريك.

والدُّلْجَةُ والدَّلْجَةُ أَيضاً، مثل بُرْهَةٍ من الدهر وبَرْهَةٍ، فإِن

ساروا من آخر الليل فقد ادَّلَجُوا، بتشديد الدال، والاسم الدَّلْجَةُ

والدُّلْجَةُ. وفي الحديث: عليكم بالدُّلْجَةِ؛ قال: هو سير الليل، ومنهم

مَن يجعل الإِدْلاجَ لليل كله، قال: وكأَنه المراد في هذا الحديث لأَنه

عقبَه بقوله: فإِن الأَرض تُطْوَى بالليل، ولم يفرق بين أَوله وآخره؛

وأَنشدوا لعليّ، عليه السلام:

إِصْبِرْ على السَّيْرِ والإِدْلاجِ في السَّحَرِ،

وفي الرَّواحِ على الحاجاتِ والبُكَرِ

فجعل الإِدلاج في السحر؛ وكان بعض أَهل اللغة يُخَطِّئُ الشَّمَّاخَ في

قوله:

وتَشْكُو بِعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،

وقِيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القوم، أَدْلِجي

ويقول: كيف يكون الإِدْلاج مع الصبح؟ وذلك وهم، إِنما أَراد الشماخ

تشنيع المُناجي على النُّوّام، كما يقول القائل: أَصبحتم كم تنامون، هذا معنى

قول ابن قتيبة، والتفرقة الأُولى بين أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ قول جميع

أَهل اللغة إِلاَّ الفارسي، فإِنه حكى أَن أَدْلَجْتُ وادَّلَجْتُ لغتان

في المعنيَين جميعاً، وإِلى هذا ينبغي أَن يذهب في قول الشماخ، وقال

الجوهري: إِنما أَراد أَن المنادي كان ينادي مرة: أَصْبَحَ القومُ، كما يقال

أَصبحتم كم تنامون، ومرة ينادي: أَدْلِجي أَي سيري ليلاً. والدَّلِيج:

الاسم؛ قال مليح:

بِهِ صُوًى تَهْدِي دَلِيجَ الواسِقِ

والمُدْلِجُ: القُنْفُذُ لأَنه يُدْلِجُ ليلته جمعاءَ؛ كما قال:

فَباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً،

ويَحْذَرُ بالقُفِّ اخْتلافَ العُجاهِنِ

وسمي القنفذ مُدْلِجاً لأَنه لا يَهْدَأُ بالليل سَعْياً؛ قال رؤبة:

قَوْمٌ، إِذا دَمَسَ الظَّلامُ عليهمُ،

حَدَجُوا قَنافِذَ بالنَّمِيمةِ تَمْزَعُ

ودَلَجَ السَّاقي يَدْلِجُ ويَدْلُجُ، بالضم، دُلُوجاً: أَخذ الغَرْبَ

من البئر فجاء بها إِلى الحوض؛ قال:

لهامِرْفَقانِ أَفْتَلانِ، كأَنَّما

أُمِرَّا بِسَلْمَيْ دالِجٍ مُتَشَدِّدِ

والمَدْلَجُ والمَدْلَجَةُ: ما بين الحوض والبئر؛ قال عنترة:

كأَنَّ رِماحَهُمْ أَشْطانُ بِئْرٍ،

لها في كلِّ مَدْلَجةٍ خُدُودُ

والدَّالِجُ: الذي يتردَّد بين البئر والحوض بالدلو يُفْرغُها فيه؛ قال

الشاعر:

بانَتْ يَداه عن مُشَاشِ والِجِ،

بَيْنُونَةَ السَّلْمِ بِكَفِّ الدّالِجِ

وقيل: الدَّلْجُ أَن يأْخذ الدَّلْو إِذا خرجَتْ، فيذهب بها حيث شاء؛

قال:

لوْ أَنَّ سَلْمى أَبْصَرَتْ مَطَلِّي

تَمْتَحُ، أَو تَدْلِجُ، أَو تُعَلِّي

التَّعْلية: أَن يَنْثَأَ بعضُ الطَّيِّ في أَسفل البئر، فينزل رجل فِي

أَسفلها فَيُعَلِّي الدَّلْو عن الحَجَرِ الناتئ. الجوهري والدَّالِجُ

الذي يأْخذ الدلو ويمشي بها من رأْس البئر إِلى الحوض حتى يفرغها فيه.

ويقال للذي ينقل اللبنَ إِذا حُلبت الإِبل إِلى الجفانِ: دالِجٌ.

والعُلْبَةُ الكبيرة التي يُنقل فيها اللَّبَنُ، هي المَدْلَجَةُ. ودَلَجَ

بِحِمْلِهِ يَدْلِجُ دَلْجاً وَدُلُوجاً، فهو دَلُوجٌ: نهض به مُثْقَلاً؛ قال

أَبو ذؤيب:

وذلك مَشْبُوحُ الذِّراعَيْنِ خَلْجَمٌ،

خَشُوفٌ بأَعْراضِ الدِّيارِ، دَلُوجُ

والدَّوْلَجُ والتَّوْلَجُ: الكِناس الذي يتخذه الوحش في أُصول الشجر،

الأَصل: وَوْلَج، فقلبت الواو تاءً ثم قلبت دالاً؛ قال ابن سيده: الدال

فيها بدل من التاءِ عند سيبويه، والتاءُ بدل من الواو عنده أَيضاً. قال ابن

سيده: وإِنما ذكرته في هذا المكان لغلبة الدال عليه، وأَنه غير مستعمل

على الأَصل؛ قال جرير:

مُتَّخِذاً في ضَعَواتٍ دَوْلَجا

ويروى تَوْلَجا؛ وقال العجاج:

واجْتابَ أُدْمانُ الفَلاةِ الدَّوْلَجا

وفي حديث عمر: أَن رجلاً أَتاه فقال: لقيتني امرأَة أُبايعها فأَدخلتها

الدَّوْلَج؛ الدَّوْلَجُ: المَخْدَعُ، وهو البيت الصغير داخل البيت

الكبير. قال: وأَصل الدَّوْلَجِ وَوْلَجٌ لأَنه فَوْعَلٌ من وَلَجَ يَلِجُ

إِذا دخل، فأَبدلوا من التاءِ دالاً، فقالوا دَوْلَجٌ. وكل ما وَلَجْتَ من

كَهْف أَو سَرَبٍ، فهو تَوْلَجٌ ودَوْلَجٌ؛ قال: والواو زائدة. وقد جاءَ

الدَّوْلَجُ في حديث إِسلام سَلْمان، وقالوا: هو الكِناسُ مأْوى

الظِّباءِ. والدَّوْلَجُ: السَّرَبُ، فَوْعَلٌ، عن كُراع، وتَفْعَلٌ، عند سيبويه،

داله بدل من تاء.

ودَلْجَةٌ ودَلَجَةٌ ودَلاَّجٌ ودَوْلَجٌ: أَسماءُ.

ومُدْلِجٌ: رجل؛ قال:

لا تَحْسِبي دَراهِمَ ابْني مُدْلِجِ

تأْتيكِ، حتى تُدْلِجِي وتَدْلُجِي

وتَقْنَعِي بالعَرْفَجِ المُشَجَّجِ،

وبالثُّمام وعُرام العَوْسَجِ

ومُدْلِجٌ: أَبو بَطْنٍ. ومُدْلِجٌ، بضم الميم: قبيلة من كنانة ومنهم

القافَةُ. وأَبو دُلَيْجَة: كنية؛ قال أَوس:

أَبا دُلَيْجَةَ مَنْ تُوصي بأَرْمَلَةٍ؟

أَمْ مَنْ لأَشْعَثَ ذي طِمْرَيْنِ مِمْحالِ؟

والتُّلَجُ: فرخ العقاب، أَصله دُلَجٌ.

Expand

درع

درع: الدِّرْعُ: لَبُوسُ الحديد، تذكر وتؤنث، حكى اللحياني: دِرْعٌ

سابغةٌ ودرع سابغ؛ قال أَبو الأَخرز:

مُقَلَّصاً بالدِّرْعِ ذِي التَّغَضُّنِ،

يَمْشِي العِرَضْنَى في الحَدِيد المُتْقَنِ

والجمع في القليل أَدْرُعٌ وأَدْراعٌ، وفي الكثير دُروعٌ؛ قال الأَعشى:

واخْتارَ أَدْراعَه أَن لا يُسَبَّ بها،

ولم يَكُن عَهْدُه فيها بِخَتَّارِ

وتصغير دِرْعٍ دُرَيْعٌ، بغير هاء على غير قياس لأَن قياسه بالهاء، وهو

أَحد ما شذ من هذا الضرب. ابن السكيت: هي دِرْعُ الحديد. وفي حديث خالد:

أَدْراعَه وأَعْتُدَه حَبْساً في سبيل الله؛ الأَدراعُ: جمع دِرْع وهي

الزَّرَدِيَّةُ.

وادَّرَع بالدِّرْع وتَدَرَّع بها وادَّرَعَها وتَدَرَّعها: لَبِسَها؛

قال الشاعر:

إِن تَلْقَ عَمْراً فقد لاقَيْتَ مُدَّرِعاً،

وليس من هَمِّه إِبْل ولا شاء

قال ابن بري: ويجوز أَن يكون هذا البيت من الادّراع، وهو التقدّم،

وسنذكره في أَواخر الترجمة. وفي حديث أَبي رافع: فَغَلَّ نَمِرةً فَدُرِّعَ

مثلَها من نار أَي أُلْبِسَ عِوَضَها دِرْعاً من نار.

ورجل دارعٌ: ذو دِرْعٍ على النسَب، كما قالوا لابنٌ وتامِرٌ، فأَمَّا

قولهم مُدَّرَعٌ فعلى وضع لفظ المفعول موضع لفظ الفاعل.

والدِّرْعِيَّةُ: النِّصال التي تَنْفُذُ في الدُّروع. ودِرْعُ

المرأَةِ: قميصُها، وهو أَيضاً الثوب الصغير تلبسه الجارية الصغيرة في بيتها،

وكلاهما مذكر، وقد يؤنثان. وقال اللحياني: دِرْعُ المرأَة مذكر لا غير،

والجمع أَدْراع. وفي التهذيب: الدِّرْع ثوب تَجُوب المرأَةُ وسطَه وتجعل له

يدين وتَخِيط فرجَيْه. ودُرِّعت الصبيةُ إِذا أُلبِست الدِّرْع،

وادَّرَعَتْه لبِسَتْه. ودَرَّعَ المرأَةَ بالدِّرْع: أَلبسها إِياه.

والدُّرّاعةُ والمِدْرعُ: ضرب من الثياب التي تُلْبَس، وقيل: جُبَّة

مشقوقة المُقَدَّم. والمِدْرعةُ: ضرب آخر ولا تكون إِلاَّ من الصوف خاصة،

فرقوا بين أَسماء الدُّرُوع والدُّرّاعة والمِدْرعة لاختلافها في الصَّنْعة

إِرادة الإِيجاز في المَنطِق. وتَدَرَّعَ مِدْرعَته وادَّرَعها

وتَمَدْرَعها، تحمَّلُوا ما في تَبْقية الزائد مع الأَصل في حال الاشتقاق تَوْفية

للمعنى وحِراسة له ودَلالة عليه، أَلا ترى أَنهم إِذا قالوا تَمَدْرَعَ،

وإِن كانت أَقوى اللغتين، فقد عرّضوا أَنفسهم لئلا يُعرف غَرضهم أَمن

الدِّرْع هو أَم من المِدْرعة؟ وهذا دليل على حُرمة الزائد في الكلمة عندهم

حتى أَقرّوه إِقرار الأُصول، ومثله تَمَسْكَن وتَمَسْلَم، وفي المثل:

شَمِّر ذَيْلاً وادَّرِعْ ليلاً أَي اسْتَعمِل الحَزْم واتخذ الليل

جَمَلاً. والمِدْرَعةُ: صُفّةُ الرحْل إِذا بدت منها رُؤوس الواسطة الأَخِيرة.

قال الأَزهري: ويقال لصُفّة الرحل إِذا بدا منها رأْسا الوَسط والآخِرة

مِدْرعةٌ.

وشاة دَرْعاء: سَوداء الجسد بَيْضاء الرأْس، وقيل: هي السوداء العنق

والرأْسِ وسائرُها أَبيض. وقال أَبو زيد في شِياتِ الغنم من الضأْن: إِذا

اسودَّت العنق من النعجة فهي دَرْعاء. وقال الليث: الدَّرَعُ في الشاة

بياضٌ في صدرها ونحرها وسواد في الفخذ. وقال أَبو سعيد: شاة دَرْعاء مُختلفة

اللون. وقال ابن شميل: الدرعاء السوداء غير أَن عنقها أَبيض، والحمراء

وعنُقُها أَبيض فتلك الدَّرْعاء، وإِن ابْيَضَّ رأْسها مع عنقها فهي دَرعاء

أَيضاً. قال الأَزهري: والقول ما قال أَبو زيد سميت درعاء إِذا اسودّ

مقدمها تشبيهاً بالليالي الدُّرْع، وهي ليلة ستَّ عَشْرة وسبعَ عشرة وثماني

عشرة، اسودّت أَوائلها وابيضَّ سائرها فسُمّين دُرْعاً لم يختلف فيها

قول الأَصمعي وأَبي زيد وابن شميل. وفي حديث المِعْراج: فإِذا نحن بقوم

دُرْع: أَنْصافُهم بيض وأَنصافهم سود؛ الأَدْرَعُ من الشاء الذي صدره أَسوَد

وسائره أَبيض. وفرس أَدْرَع: أَبيض الرأْس والعنق وسائره أَسود، وقيل

بعكس ذلك، والاسم من كل ذلك الدُّرْعة. والليالي الدُّرَعُ والدُّرْع:

الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، وذلك لأَنّ بعضها أَسود وبعضها

أَبيض، وقيل: هي التي يطلع القمر فيها عند وجه الصبح وسائرها أَسود مظلم،

وقيل: هي ليلة ست عشرة وسبع عشرة وثماني عشرة، وذلك لسواد أَوائلها وبياض

سائرها، واحدتها دَرْعاء ودَرِعةٌ، على غير قياس، لأَن قياسه دُرْعٌ

بالتسكين لأَن واحدتها دَرْعاء، قال الأَصمعي: في ليالي الشهر بعد الليالي

البيض ثلاث دُرَعٌ مثل صُرَدٍ، وكذلك قال أَبو عبيد غير أَنه قال: القياس

دُرْعٌ جمع دَرْعاء. وروى المنذري عن أَبي الهيثم: ثلاث دُرَعٌ وثلاث

ظُلَمٌ، جمع دُرْعة وظُلْمة لا جمع دَرْعاء وظَلْماء؛ قال الأَزهري: هذا صحيح

وهو القياس. قال ابن بري: إِنما جمعت دَرْعاء على دُرَع إِتباعاً لظُلَم

في قولهم ثلاث ظُلَم وثلاث دُرَع، ولم نسمع أَن فَعْلاء جمعُه على فُعَل

إِلاَّ دَرْعاء. وقال أَبو عبيدة: الليالي الدُّرَع هي السود الصُّدورِ

البيضُ الأَعجازِ من آخر الشهر، والبيضُ الصدور السودُ الأَعجاز من

أَوَّل الشهر، فإِذا جاوَزَت النصف من الشهر فقد أَدْرَعَ، وإِدْراعه سواد

أَوّله؛ وكذلك غنم دُرْعٌ للبيض المآخِير السُّودِ المَقاديمِ، أَو السودِ

المآخيرِ البيضِ المَقاديمِ، والواحد من الغنم والليالي دَرْعاء، والذكر

أَدْرَعُ؛ قال أَبو عبيدة: ولغة أُخرى ليالٍ دُرَعٌ، بفتح الراء، الواحدة

دُرْعة. قال أَبو حاتم: ولم أَسمع ذلك من غير أَبي عبيدة. وليل أَدْرَع:

تَفَجَّر فيه الصبح فابْيَضَّ بعضُه.

ودُرِعَ الزَّرْعُ إِذا أُكل بعضُه. ونَبْت مُدَرَّع: أُكل بعضه

فابْيَضَّ موضعه من الشاة الدَّرْعاء. وقال بعض الأَعراب: عُشْبٌ دَرِعٌ وتَرِعٌ

وثَمِعٌ ودَمِظٌ ووَلِجٌ إِذا كان غَضّاً.

وأَدْرَع الماءُ ودُرِع: أُكل كل شيء قَرُب منه، والاسم الدُّرْعة.

وأَدْرَعَ القومُ إِدْراعاً، وهم في دُرْعة إِذا حَسَر كَلَؤُهم عن حَوْل

مِياهِهم ونحو ذلك. وأَدْرَعَ القومُ: دُرِعَ ماؤهم، وحكى ابن الأَعرابي:

ماء مُدْرِع، بالكسر، قال ابن سيده: ولا أَحقُّه، أُكل ما حَوْله من

المَرْعَى فتباعد قليلاً، وهو دون المُطْلِب، وكذلك روْضة مُدْرِعة أُكل ما

حولها، بالكسر؛ عنه أَيضاً. ويقال للهَجين: إِنه لَمُعَلْهَجٌ وإِنه

لأَدْرَعُ.

ويقال: دَرَع في عنُقه حَبْلاً ثم اخْتَنَق، وروي: ذَرَع بالذال،

وسنذكره في موضعه. أَبو زيد: دَرَّعْته تَدْريعاً إِذا جعلت عُنقه بين ذراعك

وعَضُدك وخنَقْته. وانْدَرأَ يَفْعل كذا وانْدَرَع أَي اندفع؛ وأَنشد:

وانْدَرَعَتْ كلَّ عَلاةٍ عَنْسِ،

تَدَرُّعَ الليلِ إِذا ما يُمْسِي

وادَّرَعَ فلان الليلَ إِذا دخل في ظُلْمته يَسْرِي، والأَصلُ فيه

تَدَرَّعَ كأَنه لبس ظلمة الليل فاستتر به. والانْدِراعُ والادِّراعُ:

التقدُّم في السير؛ قال:

أَمامَ الرَّكْبِ تَنْدَرِعُ انْدِراعا

وفي المثل انْدَرَعَ انْدِراعَ المُخَّة وانْقَصَفَ انْقِصافَ

البَرْوَقةِ.

وبنو الدَّرْعاء: حَيٌّ من عَدْوانَ. ورأَيت حاشية في بعض نسخ حواشي ابن

بري الموثوق بها ما صورته:الذي في النسخة الصحيحة من أَشعار الهذليين

الذُّرَعاء على وزن فُعَلاء، وكذلك حكاه ابن التولمية في المقصور والممدود،

بذال معجمة في أَوَّله، قال: وأَظن ابن سيده تبع في ذلك ابن دريد فإِنه

ذكره في الجمهرة فقال: وبنو الدَّرْعاء بطن من العرب، ذكره في درع ابن

عمرو، وهم حُلَفاء في بني سهم

(* كذا بياض بالأصل.) ... بن معاوية بن تميم

بن سعد بن هُذَيل. والأَدْرَِع: اسم رجل. ودِرْعةُ: اسم عنز؛ قال عُرْوةُ

بن الوَرْد:

أَلَمَّا أََغْزَرَتْ في العُسِّ بُزْلٌ،

ودِرْعةُ بِنْتُها، نَسيا فَعالي

Expand

دهق

دهق: الدَّهْقُ: شدّة الضَّغْط. والدهْق أيضاً: مُتابعة الشدّ. ودَهَق

الماءَ وأدْهَقه: أفْرَغه إفراغاً شديداً. وفي حديث علي، رضي الله عنه:

نُطْفةً دِهاقاً وعَلَقةً مُحاقاً أي نطفة قد أفْرغت إفراغاً شديداً، من

قولهم أدْهَقْت الماء أفْرَغته إفراغاً شديداً، فهو إذاً من الأَضداد.

وأدهق الكأسَ: شدَّ ملأَها. وكأسٌ دِهاق: مُتْرعة ممتلئة. وفي التنزيل:

وكأساً دِهاقاً، قيل: مَلأَى؛ وقال خِداش بن زُهير:

أتانا عامرٌ يَرْجُو قِرانا،

ويقال: أدْهَقْتُ الكأْسَ إلى أصْبارها أي ملأْتها إلى أعالِيها. وفي

التهذيب: دهقْت الكأْس أي ملأْتها، وقيل: معنى قوله دِهاقاً مُتتابعة على

شارِبِيها من الدهْق الذي هو متابعة الشدّ، والأَوّل أعرف، وقيل: دِهاقاً

صافيةً؛ وأنشد:

يَلَذُّه بكَأْسِه الدِّهاق

قال ابن سيده: وأمّا صِفَتُهم الكأْسَ وهي أنثى بالدِّهاق ولفظه لفظ

التذكير فمن باب عَدْل ورِضا. أعني أنه مصدر وصف به وهو موضوع موضع إدهاق،

وقد كان يجوز أن يكون من باب هِجانٍ ودِلاصٍ إلا أَنا لم نسمع كأْسان

دِهاقانِ؛ قال: وإنما حمل سيبويه أن يجعل دِلاصاً وهجاناً في حد الجمع

تكسيراً لهِجانٍ ودِلاص في حدّ الإفراد قولُهم هِجانانِ ودِلاصانِ، ولولا ذلك

لحمله على باب رِضاً لأنه أكثر، فافهمه. ودَهَقَ لي من المال دَهْقةً:

أعطاني منه صَدْراً.

والدَّهَقُ: خشبتان يُغْمَزُ بهما السّاق. وادَّهَقَتِ الحجارة: اشتدّ

تَلازُبها ودخل بعضُها في بعض مع كثرة؛ وأنشد الأَزهري:

يَنصاحُ مِن جِبْلةِ رَضْمٍ مُدَّهِقْ

والدِّهْقانُ والدُّهقان: التاجر، فارسي معرّب. قال سيبويه: إن جعلت

دِهقان من الدَّهْق لم تصرفه. هكذا قال من الدهق، قال: فلا أدري أقاله على

أنه مقول أم هو تمثيل منه لا لفظ معقول، قال: والأَغلب على ظني أنه مقول

وهم الدَّهاقِنةُ والدَّهاقِين؛ قال:

إذا شِئتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ قَرْيةٍ،

وصَنَّاجةٌ تَحْدُو على كل مَنْسِم

وقبله:

ألا أبْلِغا الحَسْناء أن حَلِيلَها،

بِمَيْسانٍ، يُسْقى من زُجاجٍ وحَنْتَمِ

وبعده:

لعَلَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَسُوءُه

تَنادُمنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

إذا كنتَ ندْماني فبالأَكبَرِ اسْقِني،

ولا تَسْقِني بالأَصْغَرِ المُتَثَلِّمِ

يعني بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لأنه هو الذي ولاّه.

والدَّهَقُ، بالتحريك: ضرب من العذاب، وهو بالفارسية «أَشْكَنْجَه».

ودَهَقْت الشيءَ: كسَرْته وقطَعْته، وكذلك دَهْدَقْتَه؛ وأنشد الحُجْر

بن خالد أحد بني قيس بن ثَعْلبةَ:

نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللَّحْمِ للباعِ والنَّدى،

وبَعْضُهم تَغْلي بِذَمٍّ مَناقِعُهْ

ونحلب ضِرْسَ الضَّيْفِ فينا، إذا شَتا،

سَدِيفَ السَّنامِ تَشْتَرِيهِ أصابِعُهْ

المَناقِعُ: القُدور الصغار، واحدها مَنْقَع، ومَنْقَعة؛ وأنشد ابن بري

لأَبي النجم:

قدِ اسْتَحلُّو القتْلَ فاقْتُلْ وادْهَقِ

والدَّهْدَقة: دَوَرانُ البِضَعِ الكثير في القِدر إذا غلت تراها تَعلُو

مرَّة وتَسْفُل أخرى؛ وأنشد:

تَقَمَّصَ دَهْداقَ البَضِيعِ، كأنَّه

رُؤُوسُ قَطاً كُدْرٍ دِقاقٍ الحَناجِر

Expand

دأل

دأل: الدَّأْلُ: الخَتْل، وقد دَأَلَ يَدْأَلُ دأْلاً ودَأَلاناً. أَبو

زيد في الهمز: دأَلْت للشَّيءِ أَدْأَل دأْلاً ودَأَلاناً، وهي مِشْيَة

شبيهة بالخَتْل ومَشْيِ المُثْقَل، وذكر الأَصمعي في صفة مشي الخيل:

الدَّأَلان مشي يقارب فيه الخطو ويبغي فيه كأَنه مُثْقل من حمل. يقال: الذئب

يَدْأَل للغزال ليأْكله، يقول يَخْتِله. وقال أَبو عمرو: المُداءَلة بوزن

المداعلة الخَتْل. وقد دَأَلْتُ له ودَأَلْته وقد تكون في سرعة المشي.

ابن الأَعرابي: الدَّأَلانُ عَدْوٌ مُقارِب. ابن سيده: دَأَل يَدْأَلُ

دَأْلاً ودَأَلاً، وهي مِشْية فيها ضعف وعَجَلة، وقيل: هو عَدْوٌ مُقارِب؛

أَنشد سيبويه فيما تضعه العرب على أَلسنة البهائم لضَبٍّ يخاطب ابنه:

أَهَدَموا بَيْتَك، لا أَبا لَكا

وأَنا أَمشي الدَّأَلى حَوالَكا؟

وحكى ابن بري: الدَّأَلى مِشْية تُشبه مِشْية الذِّئب. والدَّأَلانُ،

بالدال: مَشْيُ الذي كأَنه يَبْغِي في مشيه من النَّشاط. ودَأَل له

يَدْأَلُ دَأْلاً ودَأَلاناً: خَتَله.

والدَّأَلان، بتحريك الهمزة أَيضاً: الذئب؛ عن كراع.

والدُّؤُولُ: دُوَيْبَّة صغيرة؛ عنه أَيضاً. قال: وليس ذلك بمعروف.

والدُّئِل: دُويبَّة كالثعلب، وفي الصحاح: دويبة شبيهة بابن عِرْس؛ قال كعب

ابن مالك:

جاؤُوا بجَيْشٍ، لو قِيسَ مُعْرَسُه

ما كان إِلاَّ كمُعْرَس الدُّئِل

قال ابن سيده: وهذا هو المعروف. قال أَحمد بن يحيى: لا نعلم اسماً جاءَ

على فُعِل غير هذا، يعني الدُّئِل، قال ابن بري: قد جاءَ رُئِم في اسم

الاست؛ قال الجوهري: قال الأَخفش وإِلى المسمى بهذا الاسم نسب أَبو الأَسود

الدُّؤَلي، إِلاَّ أَنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم في النسبة استثقالاً

لتوالي الكسرتين مع ياءَي النسب كما ينسب إِلى نَمِر نَمَرِيّ، قال: وربما

قالوا أَبو الأَسود الدُّوَلي، قلبوا الهمزة واواً لأَن الهمزة إِذا

انفتحت وكانت قبلها ضمة فتخفيفها أَن تقلبها واواً محضة، كما قالوا في جُؤَن

جُوِن وفي مُؤَن مُوَن، وقال ابن الكلبي: هو أَبو الأَسود الدِّيلي،

فقلب الهمزة ياء حين انكسرت، فإِذا انقلبت ياء كسرت الدال لتسلم الياء كما

تقول قِيل وبِيع، قال: واسمه ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حِلْس بن

نُفاثة بن عَديّ بن الدُّئِل بن بكر بن كنانة. قال الأَصمعي: وأَخبرني

عيسى بن عمر قال الدِّيل بن بكر الكناني إِنما هو الدُّئِل، فترك أَهل

الحجاز هَمْزه. قال ابن بري: قال أَبو سعيد السيرافي في شرح الكتاب في باب

كان عند قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي: دَعِ الخَمْر يَشْرَبْها الغُواة،

قال: أَهل البصرة يقولون الدُّؤَلي، وهو من الدُّئِل بن بكر بن كنانة، قال:

وكان ابن حبيب يقول الدُّئل بن كنانة، ويقول الدُّئِل على مثال فُعِل،

الدُّئل بن مُحَلِّم بن غالب بن مُلَيح بن الهُون بن خُزَيْمة بن مُدْرِكة،

وروى أَبو سعيد بسنده إِلى محمد بن سلام ابن عبيد الله قال يونس: هم

ثلاثة: الدُّول من حنيفة بسكون الواو، والدِّيل من قَيس ساكنة الياء،

والدُّئل في كنانة رهط أَبي الأَسود مهموز، قال: هذا قول عيسى بن عمر والبصريين

وجماعة من النحويين منهم الكسائي، يقولون أَبو الأَسود الدِّيلي، قال

ابن بري: وقال محمد بن حبيب الدُّئل في كنانة، بضم الدال وكسر الهمزة، قال:

وكذلك في الهُون بن خزيمة أَيضاً، والدِّيل في الأَزْد، بكسر الدال

وإِسكان الياء، الدِّيل بن هداد بن زيد مَنَاة، وفي إِيَاد بن نِزَار مثله

الدِّيل بن أُميَّة بن حُذَافة، وفي عبد القيس كذلك الدِّيل بن عمرو بن

وَدِيعة، وفي ثَغْلثب كذلك الدِّيل بن زيد ابن غَنْم بن تَغْلِب، وفي

رِبِيعة بن نِزَار الدُّول بن حَنِيفة، بضم الدال وإِسكان الواو، وفي عَنَزَة

الدُّول ابن سعد بن مَنَاة بن غامد مثله، وفي ثعلبة الدُّول بن ثعلبة بن

سعد بن ضَبَّة، وفي الرِّبَاب الدُّول بن جَلِّ ابن عَدِيِّ بن عبد مَنَاة

بن أُدٍّ مثله. ابن سيده: والدُّئِل حَيٌّ من كنانة، وقيل في بني عبد

القيس، والنسب إِليه دُؤَليٌّ ودُئِليٌّ؛ الأَخيرة نادرة إِذ ليس في الكلام

فُعِليٌّ؛ قال ابن السكيت: هو أَبو الأَسود الدُّؤَلي مفتوح الواو مهموز

منسوب إِلى الدُّئِل من كنانة، قال: والدُّول في حنيفة ينسب إِليهم

الدُّولي، والدِّيل في عبد القيس ينسب إِليهم الدِّيلي.

والدُّئل على وزن الوُعِل: دويبَّة شبيهة بابن عِرْس؛ وأَنشد الأَصمعي

بيت كعب بن مالك:

ما كان إِلا كمُعْرَس الدُّئِل

وابن دأْلانَ: رَجُل، النسبة إِليه دَأْلانِيٌّ؛ حكاه سيبويه.

والدُّؤْلول: الداهية، والجمع الدّآلِيل. ووقع القومُ في دُؤْلُول أَي

في اختلاط من أَمرهم. أَبو زيد: وقعوا من أَمرهم في دُولول أَي في شِدَّة

وأَمر عظيم، قال الأَزهري: جاء به غير مهموز. وفي حديث خزيمة: إِن

الجَنَّة محظور عليها بالدَّآلِيل أَي بالدواهي والشدائد، وهذا كقوله: حُفَّتْ

بالمَكاره.

Expand

دبل

دبل: دعبَل الشيءَ يَدْبِله ويَدْبُله دَبْلاً: جَمعَه كما تجمع

اللُّقمة بأَصابعك. والتَّدبيل: تعظيمُ اللُّقمة وازْدِرادُها. ودَبَل اللُّقمة

يَدْبُلها ويَدْبِلها دَبْلاً ودَبَّلَها: جَمَعها بأَصابعه وكَبَّرها؛

قال:

دَبِّلْ أَبا الجوزاء أَو تَطِيحا

والدُّبَل: اللُّقَم من الثَّريد، الواحدة دُبْلة. ابن الأعرابي:

الدَّبَال والدَّمَال النَّقَّابات، والدُّبْلة مثل الكُتْلة من الصَّمْغ

وغيره، تقول منه: دَبَّلْت الشيءَ؛ قال مُزَرِّد:

ودَبَّلْت أَمثال الأَثافي كأَنها

رُؤوس نِقَاد قُطِّعَت، يومَ تُجْمَع

وفي حديث عمر: أَنه مَرَّ في الجاهلية على زِنْباغ بن رَوْحٍ وكان

يَعْشُرُ من مَرَّ به ومعه ذَهَبةٌ فجعلها في دَبِيلٍ وأَلْقَمَه شارفاً له؛

الدَّبيل: من دَبَل اللُّقْمَةَ ودَبَّلها إِذا جمعها وعَظَّمها، يريد

أَنه جعل الذهبة في عجين وأَلْقَمه الناقة. والدِّبْل: الثُّكْلُ؛ عن ابن

الأَعرابي؛ قال دكين:

يا دِبْلُ، ما بِتُّ بليل هاجِدا،

ولا خَرَرْت الرَّكعتين ساجدا

(* قوله «يا دبل» عبارة التهذيب: والدبل الثكل، ومنه سميت المرأة دبلة.)

سماها بالثُّكْل؛ وقال غيره: إِنما خاطب بذلك ابنته، وبالَغُوا به

فقالوا: دِبْل دابلٌ ودَبِيل، وربما نصب على معنى الدعاء، يقال: دَبَلَتْه

دَبُول. ويقال: دِبْلٌ دَبِيل أَي ثُكْل ثاكل، ومنه سميت المرأَة

دِبْلة.والدُّبْلة والدُّبَيلة: داء يجتمع في الجوف. وفي حديث عامر بن الطُّفَيل:

فأَخَذَتْه الدُّبَيلة؛ هي خُرَاج ودُمَّل كبير تظهر في الجوف فتقتل

صاحبها غالباً، وهي تصغير دُبْلة. وكُلُّ شيء جُمع فقد دُبِل. والدُّبَيلة:

الداهية، وهي مُصَغَّرة للتكبير، يقال: دَبَلَتْهم الدُّبيلة أَي أَصابتهم

الداهية؛ حكاها الجوهري عن أَبي عبيد. والدِّبْل: الداهية، يقال دِبْلاً

دَبِيلاً كما يقال ثُكْلاً ثاكلاً؛ قال الشاعر:

طِعَانَ الكُمَاة وضَرْبَ الجِيَاد،

وقول الحَواضِن دِبْلاً دَبِيلا

قال ابن بري: ذكر الأُموي أَن اسم هذا الشاعر بَشَامة بن الغَدِير

النَّهْشَلي؛ وأَول القصيد:

نَأَتْك أُمامةُ نَأْياً طويلا،

وحَمَّلك الحُبُّ وِقْراً ثَقِيلا

ويقال: دَبَلَتهم دُبَيْلة أَي هَلَكوا وصَلَّتْهم صالَّة. ودِبْل

دابِلٌ: وهو الهَوَان والخِزْيُ، ويقال: ذِبْل ذَابل، بالذال.

والدَّبْل: الطاعون؛ عن ثعلب. ودَبْلُ الأَرض: إِصلاحها بالسِّرجين

ونحوه. والدَّبَال: السِّرْجينُ ونحوه. ودَبَل الأَرضَ يَدْبُلها دَبْلاً

ودُبولاً: أَصلحها بالسِّرجين ونحوه لتَجُود. وأَرض مَدْبولة: أُصْلِحت

بالسرجين. وكل شيء أَصلحته فقد دَبَلْته ودَمَلْته؛ ومنه سميت الجَداول

الدُّبول لأَنها تُدْبَل أَي تُنَقَّى وتُصْلَح. ودَبِل البعيرُ دَبَلاً، فهو

دَبِلٌ، إِذا امتلأَ لحماً وشحماً؛ قال الراعي:

تَدَارَكَ الغَضُّ منها والعَتِيق، فقد

لاقى المَرافقَ منها واردٌ دَبِلُ

أَراد بالوارد لحماً اسْتَرْخَى على مَرافقها أَي امتلأَت به المَرَافق،

والدَّبْل: الجَدْوَل، وهو من ذلك لأَنه يُصْلَح ويُجَهَّز، والجمع

دُبُول لأَنها تُدْبَل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجَهَّز. وفي حديث خيبر:

دَلَّة اللهُ على دُبول أَي جَداول ماء، قال

(* قوله «قال» أي ابن الاثير) :

إِن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما غدا إِلى النَّطاة دلَّه اللهُ على

دُبول كانوا يَتَرَوَّوْن منها فقَطَعها عنهم حتى أَعْطَوْا بأَيديهم.

والدَّوْبَل: ولد الحمار، وفي الصحاح: الدَّوْبَل الحِمَار الصغير لا

يَكْبَرُ. وكتب معاوية إِلى ملك الروم: لأَرُدَّنَّك إِرِّيساً من

الأَرَارِسة تَرْعَى الدَّوَابل هي جمع دَوْبَل، وهو ولد الخنزير والحمار،

وإِنما خَصَّ الصِّغَار لأَن راعيها أَوضع من راعي الكبار، والواو زائدة.

ودَوْبَل: لقب الأَخْطَل، ومن ذلك؛ قال جرير:

بَكَى دَوْبَلٌ، لا يُرْقِئُ اللهُ دَمْعَه،

أَلا إِنَّما يَبْكي من الذُّلِّ دَوْبَل

والدَّوْبَل: الذِّئب العَرِم. والدَّوْبَل: ذَكَر الخَنَازِير، وهو

الرّتُّ. الليث: الدُّبْلة كُتْلة من ناطِف أَو حَيْس أَو شيء معجون أَو نحو

ذلك. وقد دَبَّلْت الحَيْس تدبيلاً أَي جعلته دُبَلاً.

والدَّبِيل: الغَضَا يكثر بالمكان. والدَّبِيل أَيضاً: ما انْتَثَر من

وَرَق الأَرْطَى، وجَمْعها دُبُل. ودَبِيل: موضع، وهي الدُّبُل؛ قال

العجاج:

جَادَ لها بالدُّبُل الوَسْمِيُّ

ودَبِيل ودُبَيْل: مدينة من مدائن الشام، قال الفارسي: دَبِيل بالشام

ودَيْبُل مدينة من مدائن السند؛ وأَنشد سيبويه:

سَيُصْبِح فوقي أَقْتَمُ الرِّيش واقعاً،

بقَالِيقَلا أَو من وراء دَبِيل

قال: فلم يَلْبَث هذا الشاعر أَن صُلِب بها. ودَبِيل: موضع يلي اليمامة؛

عن كراع. التهذيب: والدَّبِيل موضع يُتَاخِم أَعراض اليمامة؛ وأَنشد:

لولا رجاؤك ما تَخَطَّتْ ناقتي

عَرْضَ الدَّبِيل، ولا قُرى نجْران

ويجمع دُبُلاً؛ وأَنشد بيت العجاج:

جاد له بالدُّبُل الوَسْمِيُّ

Expand

ضلل

ضلل: الضَّلالُ والضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى والرَّشاد، ضَلَلْتَ تَضِلُّ

هذه اللغة الفصيحة، وضَلِلْتَ تَضَلُّ ضَلالاً وضَلالةً؛ وقال كراع: وبنو

تميم يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ وضَلِلْتُ أَضِلُّ؛ وقال اللحياني: أَهل

الحجاز يقولون ضَلِلْتُ أَضَلُّ، وأَهل نجد يقولون ضَلَلْت أَضِلُّ، قال

وقد قرئ بهما جميعاً قوله عز وجل: قُلْ إِن ضَلَلْتُ فإِنما أَضِلُّ على

نفسي؛ وأَهل العالية يقولون ضَلِلْتُ، بالكسر، أَضَلُّ، وهو ضالٌّ تالٌّ،

وهي الضَّلالة والتَّلالة؛ وقال الجوهري: لغة نجد هي الفصيحة. قال ابن

سيده: وكان يحيى بن وَثَّاب يقرأ كلَّ شيء في القرآن ضَلِلْت وضَلِلْنا،

بكسر اللام، ورَجُلٌ ضالٌّ. قال: وأَما قراءة من قرأَ ولا الضّأَلِّينَ،

بهمز الأَلف، فإِنه كَرِه التقاء الساكنين الأَلف واللام فحرَّك الأَلف

لالتقائهما فانقلبت همزة، لأَن الأَلف حرف ضعيف واسع المَخْرَج لا

يَتَحمَّل الحركة، فإِذا اضْطُرُّوا إِلى تحريكه قلبوه إِلى أَقرب الحروف إِليه

وهو الهمزة؛ قال: وعلى ذلك ما حكاه أَبو زيد من قولهم شأَبَّة ومَأَدَّة؛

وأَنشدوا:

يا عَجَبا لقد رأَيْتُ عَجَبا:

حِمَار قَبّانٍ يَسُوق أَرْنَبا،

خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهَبا

يريد زَامَّها. وحكى أَبو العباس عن أَبي عثمان عن أَبي زيد قال: سمعت

عمرو بن عبيد يقرأُ: فيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عن ذَنْبهِ إِنْسٌ ولا

جأَنٌّ، بهمز جانٍّ، فظَنَنْتُه قد لَحَن حتى سمعت العرب تقول شأَبَّة

ومأَدَّة؛ قال أَبو العباس: فقلت لأَبي عثمان أَتَقِيس ذلك؟ قال: لا ولا أَقبله.

وضَلُولٌ: كضَالٍّ؛ قال:

لقد زَعَمَتْ أُمامَةُ أَن مالي

بَنِيَّ، وأَنَّني رَجُلٌ ضَلُولُ

وأَضَلَّه: جعله ضَالاًّ. وقوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ على هُداهم فإِنَّ

الله لا يَهْدي مَنْ يُضِلُّ، وقرئت: لا يُهْدى من يُضِلُّ؛ قال

الزَّجّاج: هو كما قال تعالى: من يُضْلِلِ اللهُ فلا هادِيَ له. قال أَبو منصور:

والإِضْلالُ في كلام العرب ضِدُّ الهداية والإِرْشاد. يقال: أَضْلَلْت

فلاناً إِذا وَجَّهْتَه للضَّلال عن الطريق؛ وإِياه أَراد لبيد:

مَنْ هَدَاهُ سُبُلَ الخيرِ اهْتَدَى

ناعِمَ البالِ، ومن شاءَ أَضَلّ

قال لبيد: هذا في جاهِلِيَّته فوافق قوله التنزيل العزيز: يُضِلُّ من

يشاء ويَهْدِي من يشاء؛ قال أَبو منصور: والأَصل في كلام العرب وجه آخر

يقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا غَيَّبْتَه، وأَضْلَلْت المَيِّتَ دَفَنْته.

وفي الحديث: سيكُون عليكم أُمَّةٌ إِنْ عَصَيْتُموهم ضَلَلْتم، يريد

بمعصيتهم الخروجَ عليهم وشَقَّ عَصَا المسلمين؛ وقد يقع أَضَلَّهم في غير هذا

الموضع على الحَمْل على الضَّلال والدُّخول فيه. وقوله في التنزيل العزيز:

رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كثيراً من الناس؛ أَي ضَلُّوا بسببها لأَن

الأَصنام لا تفعل شيئاً ولا تَعْقِل، وهذا كما تقول: قد أَفْتَنَتْني هذه

الدارُ أَي افْتَتَنتُ بسببها وأَحْبَبتُها؛ وقول أَبي ذؤيب:

رآها الفُؤَادُ فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،

نِيَافاً من البِيضِ الكِرامِ العَطَابِل

قال السُّكَّري: طُلِبَ منه أَن يَضِلَّ فَضَلَّ كما يقال جُنَّ

جُنونُه، ونِيافاً أَي طويلة، وهو مصدر نافَ نِيَافاً وإِن لم يُسْتعمل،

والمستعمل أَناف؛ وقال ابن جني: نِيافاً مفعول ثان لرآها لأَن الرؤية ههنا رؤية

القلب لقوله رآها الفُؤَاد. ويقال: ضَلَّ ضَلاله، كما يقال جُنَّ

جُنونُه؛ قال أُمية:

لوْلا وَثَاقُ اللهِ ضَلَّ ضَلالُنا،

ولَسَرَّنا أَنَّا نُتَلُّ فَنُوأَدُ

وقال أَوس بن حَجَر:

إِذا ناقةٌ شُدَّتْ برَحْل ونُمْرُقٍ،

إِلى حَكَمٍ بَعْدي، فضَلَّ ضَلالُها

وضَلَلْت المَسْجدَ والدارَ إِذا لم تعرف موضعهما، وضَلَلْت الدارَ

والمَسْجدَ والطريقَ وكلَّ شيء مقيم ثابت لا تَهْتَدي له، وضَلَّ هو عَنِّي

ضَلالاً وضَلالةً؛ قال ابن بري: قال أَبو عمرو بن العلاء إِذا لم تعرف

المكانَ قلت ضَلَلْتُه، وإِذا سَقَط من يَدِك شيءٌ قلت أَضْلَلْته؛ قال:

يعني أَن المكان لا يَضِلُّ وإِنما أَنت تَضِلُّ عنه، وإِذا سَقَطَت

الدراهمُ عنك فقد ضَلَّت عنك، تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أَضْلَلْته،

وللشيء الثابت في موضعه إِلا أَنك لم تَهْتَدِ إِليه: ضَلَلْته؛ قال

الفرزدق:ولقد ضَلَلْت أَباك يَدْعُو دارِماً،

كضَلالِ مُلْتَمِسٍ طَريقَ وَبارِ

وفي الحديث: ضالَّة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: وهي الضائعة من كل ما

يُقْتَنَى من الحيوان وغيره. الجوهري: الضّالَّة ما ضَلَّ من البهائم للذكر

والأُنثى، يقال: ضَلَّ الشيءُ إِذا ضاع، وضَلَّ عن الطريق إِذا جار، قال:

وهي في الأَصل فاعِلةٌ ثم اتُّسِعَ فيها فصارت من الصفات الغالبة، وتقع

على الذكر والأُنثى والاثنين والجمع، وتُجْمَع على ضَوالَّ؛ قال: والمراد

بها في هذا الحديث الضَّالَّةُ من الإِبل والبقر مما يَحْمِي نفسَه ويقدر

على الإِبْعاد في طلب المَرْعَى والماء بخلاف الغنم؛ والضّالَّة من

الإِبل: التي بمَضْيَعَةٍ لا يُعْرَفُ لها رَبٌّ، الذكر والأُنثى في ذلك

سواء. وسُئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ضَوالِّ الإِبل فقال: ضالَّةُ

المؤمن حَرَقُ النار، وخَرَجَ جوابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على

سؤَال السائل لأَنه سأَله عن ضَوالِّ الإِبل فنهاه عن أَخذها وحَذَّره

النارَ إِنْ تَعَرَّضَ لها، ثم قال، عليه السلام: ما لَكَ ولَها، مَعها

حِذاؤُها وسِقاؤها تَرِدُ الماءَ وتأْكل الشَّجَرَ؛ أَراد أَنها بعيدة المَذهَب

في الأَرض طويلة الظَّمَإِ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعى دون راعٍ يحفظها فلا

تَعَرَّضْ لها ودَعْها حتى يأْتيها رَبُّها، قال: وقد تطلق الضَّالَّة

على المعاني، ومنه الكلمة الحكيمةُ: ضالَّةُ المؤمن، وفي رواية: ضالَّةُ كل

حكيم أَي لا يزال يَتَطَلَّبها كما يتطلب الرجُلُ ضالَّته. وضَلَّ

الشيءُ: خَفِيَ وغاب. وفي الحديث: ذَرُّوني في الرِّيح لَعَلِّي أَضِلُّ الله،

يريد أَضِلُّ عنه أَي أَفُوتُه ويَخْفَى عليه مكاني، وقيل: لَعَلِّي

أَغيب عن عذابه. يقال: ضَلَلْت الشيءَ وضَلِلْته إِذا جعلتَه في مكان ولم

تَدْرِ أَين هو، وأَضْلَلْته إِذا ضَيَّعْته. وضَلَّ الناسي إِذا غاب عنه

حفظُ الشيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيء إِذا وَجَدتَه ضالاًّ كما تقول

أَحْمَدْته وأَبْخَلْته إِذا وجدتَه محموداً وبَخيلاً. ومنه الحديث: أَن النبي،

صلى الله عليه وسلم، أَتى قومَه فأَضَلَّهم أَي وجدهم ضُلاَّلاً غير

مُهْتدِين إِلى الحَقِّ، ومعنى الحديث من قوله تعالى: أََإِذا ضَلَلْنا في

الأَرض أَي خَفِينا وغِبْنا. وقال ابن قتيبة في معنى الحديث: أَي

أَفُوتُه، وكذلك في قوله لا يَضِلُّ ربي لا يَفُوتُه. والمُضِلُّ: السَّراب؛ قال

الشاعر:

أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ فَقِيدةٍ

أُنُفٍ، كلائحة المُضِلِّ، جَرُور

وأَضَلَّه اللهُ فَضَلَّ، تقول: إِنَّك لتَهْدِي الضالَّ ولا تَهْدِي

المُتَضالَّ. ويقال: ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَب عَني؛

وأَنشد:

والسّائلُ المُبْتَغِي كَرائمها

يَعْلَم أَني تَضِلُّني عِلَلي

(* قوله «المبتغي» هكذا في الأصل والتهذيب، وفي شرح القاموس: المعتري

وكذا في التكملة مصلحاً عن المبتغي مرموزا له بعلامة الصحة).

أَي تذهب عني. ويقال: أَضْلَلْت الدابّةَ والدراهمَ وكلَّ شيء ليس بثابت

قائم مما يزول ولا يَثْبُت. وقوله في التنزيل العزيز: لا يَضِلُّ رَبي

ولا يَنْسى؛ أَي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه، وقيل: معناه لا يَغِيب عن شيء

ولا يَغِيب عنه شيء. ويقال: أَضْلَلْت الشيءَ إِذا ضاع منك مثل الدابّة

والناقة وما أَشبهها إِذا انفَلَت منك، وإِذا أَخْطَأْتَ موضعَ الشيء

الثابت مثل الدار والمكان قلت ضَلِلْته وضَلَلْته، ولا تقل أَضْلَلْته. قال

محمد بن سَلام: سمعت حَمَّاد بن سَلَمة يقرأُ في كتاب: لا يُضِلُّ ربي

ولا يَنْسى، فسأَلت عنها يونس فقال: يَضِلُّ جَيِّدةٌ، يقال: ضَلَّ فلان

بَعيرَه أَي أَضَلَّه؛ قال أَبو منصور: خالفهم يونس في هذا. وفي الحديث:

لولا أَن الله لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمل ما رَزَأْناكم عِقالاً؛ قال ابن

الأَثير: أَي بُطْلانَ العمل وضَياعَه مأْخوذ من الضَّلال الضياع؛ ومنه

قوله تعالى: ضَلَّ سَعْيُهم في الحياة الدنيا. وأَضَلَّه أَي أَضاعه

وأَهلكه. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ المجرمين في ضَلالٍ وسُعُرٍ؛ أَي في هلاك.

والضَّلال: النِّسْيان. وفي التنزيل العزيز: مِمَّنْ تَرْضَوْن من

الشُّهَداء أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر إِحداهما الأُخرى؛ أَي تَغِيب عن

حِفْظها أَو يَغيب حِفْظها عنها، وقرئ: إِنْ تَضِلَّ، بالكسر، فمن كَسَر

إِنْ قال كلام على لفظ الجزاء ومعناه؛ قال الزجاج: المعنى في إِنْ تَضِلَّ

إِنْ تَنْسَ إِحداهما تُذَكِّرْها الأُخرى الذاكرة، قال: وتُذْكِر

وتُذَكِّر رَفْعٌ مع كسر إِنْ

(* قوله «وتذكر وتذكر رفع مع كسر ان» كذا في

الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة الكشاف والخطيب: وقرأ حمزة وحده ان تضل

احداهما بكسر ان على الشرط فتذكر بالرفع والتشديد، فلعل التخفيف مع كسر ان

قراءة اخرى) لا غير، ومن قرأَ أَن تَضِلَّ إِحداهما فتُذَكِّر، وهي قراءة

أَكثر الناس، قال: وذكر الخليل وسيبويه أَن المعنى اسْتَشْهِدوا امرأَتين

لأَن تُذَكِّرَ إِحداهما الأُخرى ومِنْ أَجل أَن تُذَكِّرَها؛ قال

سيبويه: فإِن قال إِنسان: فَلِمَ جاز أَن تَضِلَّ وإِنما أُعِدَّ هذا للإِذكار؟

فالجواب عنه أَنَّ الإِذكار لما كان سببه الإِضلال جاز أَن يُذْكَر أَن

تَضِلَّ لأَن الإِضلال هو السبب الذي به وَجَب الإِذكارُ، قال: ومثله

أَعْدَدْتُ هذا أَن يَميل الحائطُ فأَدْعَمَه، وإِنما أَعْدَدْته للدَّعم لا

للميل، ولكن الميل ذُكِر لأَنه سبب الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضلال لأَنه

سبب الإِذكار، فهذا هو البَيِّن إِن شاء الله. ومنه قوله تعالى: قال

فَعَلْتُها إِذاً وأَنا من الضّالِّين؛ وضَلَلْت الشيءَ: أُنْسِيتُه. وقوله

تعالى: وما كَيْدُ الكافرين إِلا في ضَلالٍ؛ أَي يَذْهب كيدُهم باطلاً

ويَحِيق بهم ما يريده الله تعالى. وأَضَلَّ البعيرَ والفرسَ: ذهَبا عنه.

أَبو عمرو: أَضْلَلْت بعيري إِذا كان معقولاً فلم تَهْتَدِ لمكانه،

وأَضْلَلْته إِضْلالاً إِذا كان مُطْلَقاً فذهب ولا تدري أَين أَخَذَ. وكلُّ ما

جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت ضَلَلْته، وما جاء من المفعول به قلت

أَضْلَلْته. قال أَبو عمرو: وأَصل الضَّلالِ الغَيْبوبة، يقال ضَلَّ الماءُ

في اللبن إِذا غاب، وضَلَّ الكافرُ إِذا غاب عن الحُجَّة، وضَلَّ الناسي

إِذا غابَ عنه حِفْظه، وأَضْلَلْت بَعيري وغيرَه إِذا ذهَب منك، وقوله

تعالى: أَضَلَّ أَعمالهم؛ قال أَبو إِسحق: معناه لم يُجازِهم على ما عَمِلوا

من خير؛ وهذا كما تقول للذي عمِل عَمَلاً لم يَعُدْ عليه نفعُه: قد

ضَلَّ سَعْيُك. ابن سيده: وإِذا كان الحيوان مقيماً قلت قد ضَلَلْته كما يقال

في غير الحيوان من الأَشياء الثابتة التي لا تَبْرَح؛ أَنشد ابن

الأَعرابي:

ضَلَّ أَباه فادَّعى الضَّلالا

وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً: ضاع. وتَضْلِيل الرجل: أَن تَنْسُبَه

إِلى الضَّلال. والتضليل: تصيير الإِنسان إِلى الضَّلال؛ قال الراعي:

وما أَتَيْتُ نُجَيدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ

أَبْغي الهُدى، فيَزِيدني تَضْليلا

قال ابن سيده: هكذا قاله الراعي بالوَقْص، وهو حذف التاء من

مُتَفاعِلُن، فكَرِهت الرُّواةُ ذلك ورَوَته: ولمَا أَتيتُ، على الكمال.

والتَّضْلالُ: كالتَّضْلِيل. وضَلَّ فلان عن القَصْد إِذا جار. ووقع في وادي

تُضُلِّلَ وتُضَلِّلَ أَي الباطل. قال الجوهري: وقَع في وادي تُضُلِّلَ مثل

تُخُيِّبَ وتُهُلِّك، كله لا ينصرف. ويقال للباطل: ضُلٌّ بتَضْلال؛ قال عمرو

بن شاس الأَسدي:

تَذَكَّرْت ليلى، لاتَ حينَ ادِّكارِها،

وقد حُنِيَ الأَضْلاعُ، ضُلٌّ بتَضْلال

قال ابن بري: حكاه أَبو علي عن أَبي زيد ضُلاًّ بالنصب؛ قال ومثله

للعَجَّاج:

يَنْشُدُ أَجْمالاً، وما مِنْ أَجمال

يُبْغَيْنَ إِلاَّ ضُلَّة بتَضْلال

والضَّلْضَلةُ: الضَّلالُ. وأَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَضَلَّةٌ: يُضَلّ فيها

ولا يُهْتَدى فيها للطريق. وفلان يَلومُني ضَلَّةً إِذا لم يُوَفَّق للرشاد

في عَذْله. وفتنة مَضَلَّة: تُضِلُّ الناسَ، وكذلك طريق مَضَلٌّ.

الأَصمعي: المَضَلُّ والمَضِلُّ الأَرض المَتِيهةُ. غيره: أَرض مَضَلٌّ تَضِلُّ

الناس فيها، والمَجْهَلُ كذلك. يقال: أَخَذْت أَرضاً مَضِلَّةً

ومَضَلَّة، وأَخذْت أَرضاً مَجْهَلاً مَضَلاًّ؛ وأَنشد:

أَلا طَرَقَتْ صَحْبي عُميرَةُ إِنها،

لَنا بالمَرَوْراةِ المَضَلِّ، طَروق

وقال بعضهم: أَرضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّة، وهو اسم، ولو كان نعتاً كان

بغير الهاء. ويقال: فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ، الذَّكر والأُنثى

والجمع سواء، كما قالوا الولد مَبْخَلةٌ؛ وقيل: أَرضٌ مَضَلَّةٌ ومَضِلَّة

وأَرَضون مَضَلاَّت ومَضِلاَّتٌ. أَبو زيد: أَرض مَتِيهةٌ ومَضِلَّةٌ

ومَزِلَّة مِن الزَّلَق. ابن السكيت: قولهم أَضَلَّ الله ضَلالَك أَي ضَلَّ

عنك فذَهب فلا تَضِلُّ. قال: وقولهم مَلَّ مَلالُك أَي ذهَب عنك حتى لا

تَمَلَّ. ورجل ضِلِّيل: كثير الضَّلال. ومُضَلَّلٌ: لا يُوَفَّق لخير أَي

ضالٌّ جدّاً، وقيل: صاحب غَواياتٍ وبَطالاتٍ وهو الكثير التتبُّع

للضَّلال. والضِّلِّيلُ: الذي لا يُقْلِع عن الضَّلالة، وكان امرؤ القيس

يُسَمَّى الملِكَ الضِّلِّيل والمُضلَّل. وفي حديث عليٍّ وقد سُئل عن أَشعر

الشعراء فقال: إِنْ كان ولا بُدَّ فالملِك الضِّلِّيل، يعني امْرَأَ القيس،

كان يُلَقَّب به. والضِّلِّيل، بوزن القِنْدِيل: المُبالِغ في الضَّلال

والكثيرُ التَّتبُّع له. والأُضْلُولةُ: الضَّلال؛ قال كعب بن زهير:

كانت مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً،

وما مَواعِيدُها إِلا الأَضالِيلُ

وفلان صاحب أَضَالِيلَ، واحدتها أُضْلُولةٌ؛ قال الكميت:

وسُؤَالُ الظِّباءِ عَنْ ذِي غَدِ الأَمْـ

ـرِ أَضَالِيلُ من فُنُون الضَّلال

الفراء: الضُّلَّة، بالضم، الحَذَاقة بالدَّلالة في السَّفَر.

والضَّلَّة: الغَيْبوبةُ في خير أَو شَرٍّ. والضِّلَّة: الضَّلالُ. وقال ابن

الأَعرابي: أَضَلَّني أَمْرُ كذا وكذا أَي لم أَقْدِرْ عليه، وأَنشد:

إِنِّي، إِذا خُلَّةٌ تَضَيَّفَني

يُريدُ مالي، أَضَلَّني عَلِلي

أَي فارَقَتْني فلم أَقْدِرْ عليها. ويقال للدَّلِيل الحاذق الضُّلاضِل

والضُّلَضِلة

(* قوله «ويقال للدليل الى قوله الضلضلة» هكذا في الأصل،

وعبارة القاموس وشرحه: وعلبطة عن ابن الاعرابي والصواب وعلبط كما هو نص

الباب اهـ. لكن في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس).

قاله ابن الأَعرابي: وضَلَّ الشيءُ يَضِلُّ ضَلالاً أَي ضاع وهَلَك،

والاسم الضُّلُّ، بالضم؛ ومنه قولهم: فلان ضُلُّ بن ضُلٍّ أَي مُنْهَمِكٌ في

الضَّلال، وقيل: هو الذي لا يُعْرَف ولا يُعْرَف أَبوه، وقيل: هو الذي

لا خير فيه، وقيل: إِذا لم يُدْرَ مَنْ هو ومِمَّنْ هو، وهو الضَّلالُ

بْنُ الأَلال والضَّلال بن فَهْلَل وابْنُ ثَهْلَل؛ كُلُّه بهذا المعنى.

يقال: فلان ضُِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ

(* قوله «ضل أضلال وصل أصلال»

عبارة القاموس: ضل أضلال بالضم والكسر، واذا قيل بالصاد فليس فيه الا

الكسر) بالضاد والصاد إِذا كان داهية. وفي المثل: يا ضُلَّ ما تَجْرِي به

العَصَا أَي يا فَقْدَه ويا تَلَفَه يقوله قَصِير ابن سعد لجَذِيمةَ

الأَبْرَش حين صار معه إِلى الزَّبَّاء، فلما صار في عَمَلِها نَدِمَ، فقال له

قَصِيرٌ: ارْكَبْ فرسي هذا وانْجُ عليه فإِنه لا يُشَقُّ غُبَارُه. وفعل

ذلك ضِلَّةً أَي في ضَلال. وهُو لِضِلَّةٍ أَي لغير رشْدةٍ؛ عن أَبي زيد.

وذَهَب ضِلَّةً أَي لم يُدْرَ أَين ذَهَب. وذَهَبَ دَمُه ضِلَّةً: لم

يُثْأَرْ به. وفلانٌ تِبْعُ ضِلَّةٍ، مضاف، أَي لا خَير فيه ولا خير عنده؛

عن ثعلب، وكذلك رواه ابن الكوفي؛ وقال ابن الأَعرابي: إِنما هو تِبْعٌ

ضِلَّةٌ، على الوصف، وفَسَّره بما فَسَّره به ثعلب؛ وقال مُرَّة: هو تِبْعُ

ضِلَّة أَي داهيةٌ لا خير فيه، وقيل: تِبْعُ صِلَّةٍ، بالصاد. وضَلَّ

الرَّجُلُ: مات وصار تراباً فَضَلَّ فلم يَتَبَيَّنْ شيء من خَلْقه. وفي

التنزيل العزيز: أَإِذا ضَلَلْنَا في الأَرض؛ معناه أَإِذا مِتْنا وصِرْنا

تراباً وعِظَاماً فَضَلَلْنا في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا.

وأَضْلَلْته: دَفَنْته؛ قال المُخَبَّل:

أَضَلَّتْ بَنُو قَيْسِ بنِ سَعْدٍ عَمِيدَها،

وفارِسَها في الدَّهْر قَيْسَ بنَ عاصم

وأُضِلَّ المَيِّتُ إِذا دُفِنَ، وروي بيت النابغة الذُّبْياني يَرْثي

النُّعمان بن الحرث بن أَبي شِمْر الغَسَّانيّ:

فإِنْ تَحْيَ لا أَمْلِكْ حَياتي، وإِن تَمُتْ

فما في حَياةٍ بَعْدَ مَوْتِك طائلُ

فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،

وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائلُ

يريد بِمُضِلِّيه دافِنيه حين مات، وقوله بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ أَي بخبرٍ

صادقٍ أَنه مات، والجَوْلانُ: موضع بالشام، أَي دُفِن بدَفْن النُّعمان

الحَزْمُ والعطاءُ. وأَضَلَّتْ به أُمُّه: دَفَنتْه، نادر؛ عن ابن

الأَعرابي؛ وأَنشد:

فَتًى، ما أَضَلَّتْ به أُمُّه

من القَوْم، لَيْلَة لا مُدَّعَم

قوله لا مُدَّعَم أَي لا مَلْجَأَ ولا دِعَامَة. والضَّلَلُ: الماء الذي

يَجرِي تحت الصَّخرة لا تصيبه الشمس، يقال: ماءٌ ضَلَلٌ، وقيل: هو الماء

الذي يجري بين الشجر. وضَلاضِلُ الماء: بقاياه، والصادُ لُغةٌ، واحدتها

ضُلْضُلَةٌ وصُلْصُلة. وأَرضٌ ضُلَضِلة وضَلَضِلةٌ وضُلَضِلٌ وضَلَضِلٌ

وضُلاضِلٌ: غليظة؛ الأَخيرة عن اللحياني، وهي أَيضاً الحجارة التي

يُقِلُّها الرجلُ، وقال سيبويه: الضَّلَضِلُ مقصور عن الضَّلاضِل. التهذيب:

الضُّلَضِلَةُ كُلُّ حجر قَدْر ما يُقِلُّه الرَّجُلُ أَو فوق ذلك أَملس يكون

في بطون الأَودية؛ قال: وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها. الجوهري:

الضُّلَضِلة، بضم الضاد وفتح اللام وكسر الضاد الثانية، حَجَرٌ قَدْر ما

يُقِلُّه الرجل، قال: وليس في الكلام المضاعف غيره؛ وأَنشد الأَصمعي لصَخْر

الغَيِّ:

أَلَسْت أَيَّامَ حَضَرْنا الأَعْزَلَه،

وبَعْدُ إِذْ نَحْنُ على الضُّلَضِله؟

وقال الفراء: مَكانٌ ضَلَضِلٌ وجَنَدِلٌ، وهو الشديد ذو الحجارة؛ قال:

أَرادوا ضَلَضِيل وجَنَدِيل على بناء حَمَصِيص وصَمَكِيك فحذفوا الياء.

الجوهري: الضَّلَضِلُ والضَّلَضِلة الأَرض الغليظةُ؛ عن الأَصمعي، قال:

كأَنه قَصْر الضَّلاضِل.

ومُضَلَّل، بفتح اللام: اسم رجل من بني أَسد؛ وقال الأَسود بن يعْفُر:

وقَبْليَ مات الخالِدَان كِلاهُما:

عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابْنُ المُضَلَّلِ

قال ابن بري: صواب إِنشاده فَقَبْلي، بالفاء، لأَن قبله:

فإِنْ يَكُ يَوْمِي قد دَنَا، وإِخالُه

كَوَارِدَةٍ يَوْماً إِلى ظِمْءِ مَنْهَل

والخالِدَانِ: هُمَا خالِدُ بْنُ نَضْلة وخالِدُ بن المُضَلَّل.

Expand

ضخم

ضخم: الضَّخْمُ: الغليظُ من كل شيءٍ. والضُّخامُ، بالضم: العظيمُ من كل

شيء، وقيل: هو العظيمُ الجِرْم الكثيرُ اللحْمِ، والجمع ضِخامٌ، بالكسر،

والأُنثى ضَخْة، والجمع ضَخْماتٌ، ساكنة الخاء لأَنه صفة، وإنما يُحَرَّك

إذا كان اسماً مثل جَفَنات وتَمَرات. وفي التهذيب: والأَسماء تُجْمَع

على فَعَلات نحو شَرْبة وشَرَبات وقَرْية وقَرَيات وتمرة وتَمَرات، وبناتُ

الواو في الأسماء تُجْمع على فعْلات نحو جَوْزة وجَوْزات، لأَنه إن

ثُقِّل صارت الواو أَلِفاً، فتُرِكَت الواو على حالِها كراهة الالتباس، قال:

ويُسْتعار فيقال أَمرٌ ضَخْمٌ وشأنٌ ضَخْمٌ. وطريقٌ ضَخْمٌ: واسعٌ؛ عن

اللحياني. وقد ضَخُمَ الشيءُ ضِخَماً وضَخامةً وهذا أَضخم منه، وقد شُدِّد

في الشعر لأَنهم إذا وقفوا على اسم شدَّدُوا آخره إذا كان ما قبله متحركاً

كالأَضْخَمّ والضِّخَمّ والإضْخَمّ؛ قال ابن سيده: فأَما ما أَنشده

سيبويه من قول رؤبة:

ضَخْم يُحِبُّ الخُلُقَ الأضْخَمّا

فعلى أَنه وَقَفَ على الأَضْخَمِّ، بالتشديد، كلغة من قال رأيت

الحَجَرّْ، وهذا محمدّْ وعامِرّْ وجَعْفَرّْ، ثم احتاج فأَجراه في الوصل مُجْراه

في الوقف، وإنما اعْتَدَّ به سيبويه ضرورةً لأَن أَفْعَلاً مُشدَّداً

عَدَمٌ

في الصفات والأسماء، وأَما قوله: ويرْوى الإضْخَمَّا فليس مُوَجهاً على

الضرورة، لأَن إفْعَلاًّ موجودٌ في الصفات وقد أَثبته هو فقال: إرْزَبٌّ

صفةٌ، مع أَنه له وَجَّهَه على الضرورة التَناقَضَ، لأنه قد أَثبت أَن

إفْعَلاً مخفَّفاً عدَمٌ في الصفات، ولا يَتَوَجَّه هذا على الضرورة، إلاَّ

أَن تُثْبِت إفْعَلاً مخففاً في الصفات، وذلك ما قد نَفاه هو، وكذلك

قوله: ويُرْوى الضِّخَمّا، لا يتوجه على الضرورة، لأَن فِعَلاً موجودٌ في

الصفة وقد أَثبته هو فقال: والصِّفةٌ خِدَبٌّ، مع أَنه لو وجهه على الضرورة

لَتناقَضَ، لأَن هذ إنما يتجه على أَن في الصفات فِعَلاً، وقد نفاه

أَيضاً إلاّ في المعتلِّ وهو قولهم: مكانٌ سِوىً، فثبت من ذلك أَن الشاعر لو

قال الإضْخَمّا والضِّخَمّا كان أَحْسَنَ، لأَنهما لا يَتَّجِهان على

الضرورة، لكن سيبويه أشعَرك أَنه قد سَمِعه على هذه الوجوه الثلاثة، قال:

والأَضْخَمُّ، بالفتح، عندي في هذا البيت على أَفْعَلَ المُقْتضِيةِ

للمُفاضَلة، وأَن اللامَ فيها عَقِيبُ مِنْ، وذلك أَذْهَبُ في المدح، ولذلك

احتمل الضرورة لأَن أَخَوَيْه لا مُفاضَلَة فيهما. قال ابن سيده: وأَما قولُ

أهلِ اللغة شيءٌ أَضخَمُ فالذي أَتَصَوَّرُه في ذلك أَنهم لم يَشْعُروا

بالمُفاضلةِ في هذا البيت، فجعلوه من باب أَحْمَر، قال: ويدلُّك على

المُفاضَلة أَنهم لم يَجِيئُوا به في بيت ولا مَثَلٍ مُجَرَّداً من اللام

فيما علمناه من مشهور أشعارهم، على أَن الذي حكاه أَهل اللغة لا يمتنع، فإن

قلت: فإن للشاعر أَن يقول الأَضْخَمَ مخففاً، قيل: لا يكون ذلك لأَن

القطعة من مَكْشوفِ مَشْطورِ السريع، والشَّطْرُ على ما قُلْتُ أَنت من الضرب

الثاني منه وذلك مُسَدَّسٌ؛ وبيته:

هاجَ الْهَوَى رَسْمٌ بذاتِ الغَضى،

مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ

فإن قلت: فإن هذا قد يجوز على أَن تَطْوي مفعولن وتنقُلَه في التقطيع

إلى فاعلن، قيل: لا يجوز ذلك في هذا الضرب لأَنه لا يجتمع فيه الطي والكشف،

وقول الأَخفش في ضِخَمّا: وهذا أَشدُّ لأَنه حرك الخاء وثقل الميم، يريد

أَنه غيَّر بناء ضَخْم، وهذا التحريف كثيرٌ عنهم فاشٍ مع الضرورة في

استعمالهم؛ ألا ترى أنهم قالوا في قول الزَّفَيان:

بِسَبْحَلِ الدَّفَّيْنِ عَيْسَجُور

أَراد سِبَحْل كقول المرأة لِبِنْتِها: سِبَحْلة رِبَحْلة تَنْمي نَباتَ

النَّخْلة. وهذا البيت الذي أَنشده سيبويه لرؤبة أورده ابنُ سيده

والجوهريُّ وغيرُهما:

ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُق الأضْخمَّا

قال ابن بري: وصوابه ضَخْماً، بالنصب، لأَن قبله:

ثمَّتَ حيثُ حَيَّةٌ أَصَمَّا

والأُضْخُومةُ: عُظَّامةُ المرأةِ وهي الثوب تَشُدُّه المرأة على

عجيزتها لتُظَنَّ أَنها عَجْزاء.

والمِضْخَمُ: الشديدُ الصَّدْمِ والضَّرْبِ. والمِضْخَمُ: الــسَّيِّدُ

الضخم الشريفُ.

والضِّخَمَّةُ: العَرِيضةُ الأَرِيضةُ الناعِمةُ؛ عن ابن الأَعرابي؛

وأَنشد لعائذ بن سعد العَنْبريّ يَصِفُ وِرْدَ إبِله:

حُمْراً، كأَنَّ خاضِباً منها خَضَبْ

ذُرَى ضِخَمَّاتٍ، كأَشْباه الرُّطَبْ

وبنو عَبْدِ بن ضَخْمٍ: قبيلةٌ من العرَبِ العارِبة دَرَجُوا.

Expand

غمز

غمز: الغَمْزُ: الإِشارة بالعين والحاجب والجَفْنِ، غَمَزَه يَغْمِزُه

غَمْزاً. قال الله تعالى: وإِذا مَرُّوا بهم يَتَغامَزُون؛ ومنه الغَمْزُ

بالناس. قال ابن الأَثير: وقد فسر الغمز في بعض الأَحاديث بالإِشارة

كالرَّمْزِ بالعين والحاجب واليد. وجارية غَمَّازَةٌ: حَسَنَةُ الغَمْزِ

للأَعضاء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه دخل عليه وعنده غُلَيِّم

يَغْمِزُ ظهرَه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: اللَّدُود مكانَ الغَمْزِ؛ هو

أَن تَسْقُطَ اللَّهاةُ فَتُغْمَزَ باليد أَي تُكْبَسَ. والغَمْزُ في

الدابة: الظَّلْعُ من قِبَلِ الرِّجْل، غَمَزَتْ تَغْمِزُ، وقيل: هو ظَلْعٌ

خَفِيٌّ. والغَمْزُ: العَصْرُ باليد؛ قال زِيادٌ الأَعْجَمُ:

وكنتُ إِذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ،

كَسَرْتُ كُعُوبَها، أَو تَسْتقِيما

قال ابن بري: هكذا ذكر سيبويه هذا البيت بنصب تسقيم بأَو، وجميع

البصريين؛ قال: هو في شعره تستقيم بالرفع والأَبيات كلها ثلاثة لا غير

وهي:أَلم تَرَ أَنَّني وَتَّرْتُ قَوْسِي

لأَبْقَعَ من كِلابِ بَنِي تَمِيمِ

عَوَى، فَرَمَيْتُه بِسِهامِ مَوْتٍ،

تَرُدُّ عَوادِيَ الحَنِقِ اللَّئِيمِ

وكنت إِذا غمزت قناة قوم، كسرت كعوبها، أَو تَسْتَقِيمُ

(* في هذا البيت إقواء.)

قال: والحجة لسيبويه في هذا أَنه سمع من العرب من ينشد هذا البيت بالنصب

فكان إِنشاده حجة، كما عمل أَيضاً في البيت المنسوب لعُقْبَةَ الأَسَدِي

وهو:

مُعاوِيَ، إِنَّنا بَشَرٌ فأَسْجِحْ،

فَلَسْنا بالجِبالِ ولا الحَدِيدا

هكذا سمع من ينشده بالنصب ولم تحفظ الأَبيات التي قبله والتي بعده؛ وهذه

القصيدة من شعره مخفوضة الروي؛ وبعده:

أَكَلْتُمْ أَرْضَنا فَجَرَدْتُموها

فهل مِنْ قائِمٍ أَو مِنْ حَصِيدِ؟

والمعنى في شعر زياد الأَعجم أَنه هجا قوماً زعم أَنه أَثارهم بالهجاء

وأَهلكهم إِلا أَن يتركوا سَبَّه وهِجاءه، وكان يُهاجِي المُغِيرةَ بن

حَبْناءَ التميمي، ومعنى غَمَزْتُ لَيَّنْتُ،وهذا مَثَلٌ، والمعنى إِذا

اشتدّ عليّ جانب قوم رُمْتُ تليينه أَو يستقيم. وغَمَزْتُ الكَبْشَ والناقة

أَغْمِزُها غَمْزاً إِذا وضعت يدك على ظهرها لتنظر أَبها طِرْقٌ أَم لا؛

وناقة غَمُوزٌ، والجمع غُمُزٌ. والغَمُوزُ من النُّوق: مثل العَرُوك

والشَّكُوكِ؛ عن أَبي عبيد. وفي حديث الغُسْلِ: قال لها: اغْمِزِي قُرونَكِ

أَي اكْبِسي ضفائر شعرك عند الغسل. والغَمْزُ: العَصْر والكبس باليد.

والغَمَزُ، بالتحريك: رُذالُ المال من الإِبل والغنم، والضِّعافُ من الرجال،

يقال: رجل غَمَزٌ من قوم غَمَزٍ وأَغْمازٍ؛ والقَمَزُ مثل الغَمَز؛ وأَنشد

الأَصمعي:

أَخَذْتُ بَكْراً نَقَزاً من النَّقَزْ،

ونابَ سَوْءٍ قَمَزاً من القَمَزْ،

هذا وهذا غَمَزٌ من الغَمَزْ

وناقة غَمُوزٌ إِذا صار في سَنامِها شحم قليل يُغْمَزُ، وقد أَغْمَزَتِ

اناقة إِغْمازاً. وأَغْمَزَ في الرجل إِغْمازاً: استضعفه وعابه وصَغَّرَ

شأْنه؛ قال الكميت:

ومن يُطِعِ النّساءَ يُلاقِ منها،

إِذا أَغْمَزْنَ فيه، الأَقْوَرِينا

الأَقْوَرينا: الدواهي يقول: من يطع النساء إِذا عِبْنه وزَهِدْنَ فيه

يلاقِ الدواهي التي لا طاقة له بها.

والغَمِيزُ والغَمِيزَةُ: ضَعْفٌ في العملِ وفَهَّةٌ في العَقْل، وفي

التهذيب: وجَهْلَة في العقل. ورجل غَمَزٌ أَي ضعيف. وسَمِعَ مني كلمةً

فاغْتَمَزَها في عقله أَي استضعفها. والغَمِيزة: العَيْب. وليس في فلان

غَمِيزة ولا غَمِيزٌ ولا مَغْمَزٌ أَي ما فيه ما يُغْمَزُ فَيُعاب به ولا

مَطْعَنٌ؛ قال حسان:

وما وَجَدَ الأَعْداءُ فِيَّ غَمِيزَةً،

ولا طافَ لي منهم بِوَحْشِيَ صائِدُ

والمَغامِزُ: المعايب. وفعلتُ شيئاً فاغْتَمَزَه فلانٌ أَي طَعَنَ عليّ

ووجد بذلك مَغْمَزاً، أَبو عمرو: غَمَزَ عَيْبُ فلان وغَمَزَ داؤُه إِذا

ظهر؛ قال الشاعر:

وبَلْدَة، لَلدَّاءُ فيها غامِزُ،

مَيْتٌ بها العِرْقُ الصحيحُ الرَّاقِزُ

الرَّاقِزُ: الضاربُ. والمَغْمُوزُ: المُتَّهَمُ. والمَغْمَزُ:

المَطْمَعُ؛ قال:

أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها

فهل في الخَنانِيصِ من مَغْمَزِ؟

ويقال: ما في هذا الأَمر مَغْمَزٌ أَي مَطْمَعٌ. ابن السكيت: أَغْمَزَني

الحَرُّ أَي فَتَر فاجْتَرَأْتُ عليه وركبت الطريق. وفي التهذيب:

غَمَزَني الحَرُّ؛ عن أَبي عمرو، وقد غَمَزْتُ الشيء غَمْزاً.

وغُمازٌ وغُمازَة: موضع، وقيل: هي بئر أَو عين؛ وفي التهذيب: وعين

غُمازَةَ معروفة ذكرها ذو الرمة فقال:

تَوَخَّى بها العَيْنَيْنِ، عَيْنَيْ غُمازَة،

أَقَبُّ رَباعٌ أَو قُوَيْرِحُ عامِ

قال: وبالسَّوْدَةِ عين أُخرى يقال لها عُيَيْنَةُ غُمازَةَ، نسبت إِلى

غُمازَة من وَلَدِ جَرِير، قال: وغُمازَةُ عين أُخرى بالزاي؛ قال ذو

الرمة يصف الوحش وانتقاض جَرْوِها:

صَوافِنُ لا يَعْدِلْنَ بالوِرْدِ غَيْرَهُ،

ولكنها في مَوْردَيْنِ عِدالُها

أَعَيْنُ بَني بَوٍّ غُمازَةُ مَوْرِدٌ

لها، حين تجْتابُ الدُّجَى، أَم أُثالُها؟

قال شمر: عادلت بين كذا وكذا أَيُّهما أَتى.

Expand

ضها

ضها: الليث: المُضاهاةُ مشاكَلَة الشيء بالشيء، وربما همزوا فيه.

وضاهَيتُ الرجلَ: شاكَلْتُه، وقيل: عارَضْتُه. وفلان ضَهِيُّ فلانٍ أَي نظيرُه

وشَبيهُه، على فَعِيلٍ. قال الله تعالى: يُضاهُونَ قوْلَ الذين كفروا من

قَبْلُ؛ قال الفراء: يُضاهون أَي يُضارعونَ قول الذين كفروا لِقولِهم

اللاَّت والعُزَّى، قال: وبعض العرب يَهْمِزُ فيقول يضاهئُون، وقد قرأَ بها

عاصم؛ وقال أَبو إسحق: معنى يُضاهُون قول الذين كفروا أي يشابهون في

قولهم هذا قولَ من تقدَّم من كَفَرتهم أَي إنما قالوه اتّباعاً لهم، قال:

والدليل على ذلك قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُم ورُهْبانَهم أَرْباباً

مِن دونِ الله؛ أَي قَبِلُوا منهم أَنَّ المسيحَ والعُزَيْرَ ابْنا الله،

قال: واشْتِقاقُه من قولهم امرأَةٌ ضَهْيَأٌ، وهي التي لا يَظْهَرُ لها

ثدْيٌ وقيل: هي التي لا تَحِيضُ، فكأَنها رجُلٌ شَبَهاً، قال: وضَهْيَأٌ

فَعْلأٌ، الهمزةُ زائدةٌ

كما زِيدَت في شَمْألٍ وفي غِرْقِئ البَيْضِ، قال: ولا نَعْلَم الهمزةَ

زِيدَتْ غير أَوَّلٍ إلاّ في هذه الأَسماء، قال: ويجوز أَن تكون

الضَّهْيَأُ بوزن الضَّهْيَعِ فَعْيَلاً، وإن كانت لا نَظِيرَ لها في الكلام فقد

قالوا كنَهْبَل ولا نظير له. والضَّهْيَأُ: التي لم تَحِضْ قَطُّ، وقد

ضَهِيَتْ تَضْهَى ضَهىً، قال ابن سيده: الضَّهْيَأُ والضَّهْيَاءُ على

فَعْلاء من النِّساء التي لا تَحِيضُ ولايَنْبُتُ ثَدْياها ولا تَحْمِل،

وقيل: التي لا تَلِدُ وإنْ حاضَتْ. وقال اللحياني: الضَّهْيَأُ التي لا

يَنْبُتُ ثَدْياهَا، فإذا كانت كذا فهي لا تَحِيضُ. وقال بعضهم:

الضَّهْياءُ، مَمْدودٌ، التي لا تحيضُ وهي حُبْلَى. قال ابنُ جنِّي:

امرأَةٌ ضَهْيَأةٌ وزنُها فعلأَةٌ لقولهم في معناها ضَهْياءُ، وأَجاز أَبو إسحق

في همزة ضَهْيَأَة أَن تكون أَصلاً وتكون الياءُ هي الزائِدَةَ، فعَلَى

هذا تكون الكَلِمَة فَعْيَلَةً، وذَهَبَ في ذلك مَذْهَباً من الاشتقاق

حَسَناً لولا شيءٌ اعتَرَضه، وذلك أَنه قال يقال ضاهَيْتُ، زيداً وضَاهَأْتُ

زيداً، بالياء والهمزة، قال: والضَّهْيَأَةُ هي التي لا تَحِيضُ، وقيل:

هي التي لا ثَدْيَ لها، قال: فيكون

(* قوله «هي التي لا ثدي لها قال

فيكون إلخ» هكذا في النسخ التي بأيدينا، وعبارة المحكم: هي التي لا ثدي لها،

قال: وفي هذين معنى المضاهأة لأنها قد ضاهأت الرجال بأنها لا تحيض كما

ضاهأتهم بأنها لا ثدي لها، قال فيكون إلخ). ضَهيَأَة فَعْيَلَة من ضَاهأْت

بالهَمْز، قال ابن سيده: قال ابن جني هذا الذي ذهب إليه من الاشتِقاق

معنىً حَسَنٌ، وليس يَعْتَرِضُ قولَه شيءٌ إلا أَنه ليس في الكَلام

فَعْيَلٌ، بفتح الفاء، إنما هو فعْيَلٌ بكسرها نحو حِذْيَمٍ وطِرْيَمٍ وغِرْيمٍ

وغِرْيَنٍ ولم يأْت الفتح في هذا الفَنَّ ثَبْتاً إنما حكاه قومٌ

شاذّاً؛ والجمعُ ضُهْيٌ، ضَهِيَتْ ضَهىً. وقالت إمرأَة للحجاج في

ابْنِها وهو محبوسٌ: إنِّي أَنا الضَّهْياءُ الذَّنَّاءُ؛ فالضَّهْياءُ هنا:

التي لا تَلِدُ وإنْ حاضَتْ، والذَّنَّاءِ المُسْتَحاضَة؛ وروُي أَن

عِدَّةً من الشعراء دَخَلُوا على عبد الملك فقال أَجيزوا:

وضَهْياءَ من سِرَّ المَهارِي نَجِيبةٍ

جَلَسْتُ عَلَيْها، ثمّ قلتُ لها إخٍّ

فقال الراعي:

لِتَهْجَعَ واسْتَبْقَيْتُها، ثمّ قَلَّصَتْ

بِسُمْرٍ خِفافِ الوَطْءِ وارِيَةِ المُخِّ

قال علي بنُ حمزة: الضَّهْياءُ التي لا ثَدْيَ لَها، وأَما التي لا

تَحِيضُ فهي الضَّهْيأَةُ؛ وأَنشد:

ضَهْيأَة أَو عاقِر جماد

وقيل: إنها في كِلْتا اللُّغَتَيْنِ التي لا ثَدْي لها والتي لا تحِيضُ.

والضَّهْياءُ من النُّوقِ: التي لا تَضْبَعُ ولم تَحْمِلْ قطُّ، ومن

النساءِ التي لا تَحِيضُ. وحكى أَبو عمرو: امرأَة ضَهْياةٌ وضَهْياهٌ،

بالتاء والهاءِ، وهي التي لا تَطْمِث، قال: وهذا يقتضي أَن يكون الضَّهْيا

مقصوراً؛ وقال غيره: الضَّهْواءُ من النسَاءِ الَّتِي لم تَنْهُد، وقيل:

التي لا تحيض ولا ثدي لها. والضَّهْيا، مقصورٌ: الأَرضُ الَّتِي لا

تُنْبِتُ، وقيل: هوشجرٌ عِضاهِيٌّ له بَرَمَةٌ

وعُلَّفَةٌ، وهي كثيرةُ الشَّوْكِ، وعُلَّفُها أَحْمَرُ شدِيد الحُمْرة

وورَقُها مثلُ ورَقِ السَّمرُ. الجوهري: الضَّهْياءُ، ممدودٌ، شجَرٌ،

وقال ابن بري: واحِدَتُه ضَهْياءَةٌ. أَبو زيد: الضَّهْيَأُ بوزن

الضَّهْيَعِ، مهموز مقصور، مثلُ السيَّالِ وجَناتُهُما واحِدٌ

في سِنْفَةٍ، وهي ذاتُ شَوْكٍ ضعيفٍ ومنَبِتُها الأَوْدِيةُ والجبالُ.

ويقال: أَضْهَى فُلان إذا رَعَى إبِله الضَّهْيَأَ، وهو نَبَاتٌ مَلْبَنَة

مَسْمَنَة. التهذيب: أَبو عمرو الضَّهْوةُ برْكَةُ الماء، والجَمع

أَضْهاءٌ. ابن بزرج: ضَهْيَأَ فلانٌ أَمْرَه إذا مَرَّضَه ولم

يَصْرِمْهُ.الأُمَوي: ضَاهَأْتْ الرجلَ رَفَقْتُ به. خالد بن جَنْبَة: المُضاهَاةُ

المُتابَعة. يقال: فلانٌ يُضَاهِي فلاناً أَي يُتَابِعُه. وفي الحديث:

أَشدّ الناسِ عَذاباً يومَ القيامَة الذين يُضاهُونَ خَلْقَ اللهِ أَي

يُعارِضُون بما يَعْملون خَلْقَ الله تعالى، أَرادَ المُصَوِّرينَ، وكذلك

معنى قولِ عُمَر لكَعْب ضَاهَيْتَ اليَهُوديَّةَ أَي عارَضْتَها

وشابَهْتَها.وضُهَاءٌ: مَوضِعٌ؛ قال الهذلي:

لَعَمْرُكَ ما إنْ ذو ضُهاءٍ بِهَيِّنٍ

عَلَيَّ، وما أَعْطَيْتُه سَيْبَ نائِلِي

قال ابن سيده: وَقَضَيْنا أَنَّ همزَةَ ضُهاءٍ ياءٌ لكونها لاماً مع

وجودنا لضَهْيَإِ وضَهْياءَ.

Expand

غبا

غبا: غَبِيَ الشيءَ وغَبِيَ عنه غَباً وعباوَةً:

لم يَفْطُنْ له؛ قال الشاعر:

في بَلْدَة يَغَبى بها الخِرَّيتُ

أَي يَخْفَى؛ وقال ابن الرقاع:

أَلا رُبَّ لَهْوٍ آنِسٍ ولَذاذَةٍ،

من العَيْشِ ، يُغبِيِه الخِباءُ المُسَتَّرُ

وغَبِيَ الأَمرُ عني: خَفِيَ فلمْ أَعرفه. وفي حديث الصوم: فإن غَبِيَ

عليكم أَي خَفِيَ، ورواه بعضهم غُبِّيَ، بضم الغين وتشديد الباء المكسورة

لما لم يسم فاعله، وهما من الغَباء شِبه الغَبَرة في السماء. التهذيب:

ابن الأَنباري الغَبا يكتب بالألف لأنه من الواو. يقال: غَبِيت عن الأمْر

غَباوة. الليث: يقال غَبِيَ عن الأَمرِ غَباوَةً ، فهو غَبِيٌّ إذا لم

يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه. يقال: غَبِيَ عليَّ ذلك الأمرُ إذا كان لا يَفطُن

له ولا يعرفُه، والغَباوة المصدر. ويقال: فلان ذو غَباوَةٍ أي تَخْفى

عليه الأُمور. ويقال: غَبِيتُ عن ذلك الأَمرِ إذا كان لا يَفْطُن له.

ويقال: ادْخُلْ في الناس فهو أَغْبى لك أَي أَخفى لك.

ويقال: دَفَن فلان مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها، وذلك إذا أَلْقاك في

مَكْرٍ أَخْفاّه.

ويقال: غَبِّ شَعْرَك أَي استَأْصِلْهُ، وقد غَبَّى شَعَرَه تَغْبِيةً،

وغَبيتُ الشيءَ أَغْباهُ، وقد غَبِيَ عليَّ مثلُه إذا لم تَعْرفه؛ وقولُ

قيسِ بن ذَريح:

وكَيفَ يَصَلِّي مَنْ إذا غَبِيتْ لهُ

دِماءُ ذوي الذمَّاتِ والعَهْدِ طُلَّتْ

لم يفسر ثعلب غبيَتْ له. وتَغابى عنه: تَغَافَلَ. وفيه غَبْوَة

وغَباوَةَ أَي غَفْلَةٌ. والغَبيُّ، على فَعيل: الغافِلُ القليلُ الفِطْنة، وهو

من الواو، وأَما أَبو علي فاشْتَقَّ الغَبيَّ من قولهم شَجَرَة غَبْياءُ

كأَنَّ جهْلَه غَطَّى عنه ما وَضَح لغيره. وغَبِيَ الرجُلُ غَباوةً

وغَباً، وحكى غيره غَباءً، بالمدّ. وفي الحديث: إلا الشَّياطِينَ وأَغْبِياءَ

بني آدم؛ الأَغبياء: جمع غَبِيٍّ كغني وأَغْنِياء، ويجوز أَن يكون

أَغْباءً كأَيْتامٍ، ومثلُه كمِيٌّ وأَكْماءٌ. وفي الحديث قَلِيلُ الفِقْهِ خيرٌ

كثيرِ العباوةِ. وفي حديث عَليٍّ: تغابَ عن كلِّ ما لا يَصِحُّ لك أَي

تغافَلْ وتَبالَهْ. وحكى ابن خالويه: أَنَّ الغَباء الغُبارُ، وقد يضم

ويقصر فيقال الغُبَى. والغُباءُ: شبيهٌ بالغَبَرَة تكونُ في السماء.

والغَبْيَة: الدفْعَة من المطر؛ وقال امرؤ القيس:

وغَبْيَة شُؤْبُوبٍ من الشِّدِّ مُلْهِب

وهي الدفْعَة من الخُضْر شَبَّهها بدفْعَة المطر. قال ابن سيده:

الغَبْية الدفْعة الشديدةُ من المطر، وقيل: هي المَطْرَة ليست بالكثيرة، وهي

فوقَ البَغْشَةِ؛ قال:

فصَوَّبْتُه، كأَنَّه صَوْبُ غَبْيةٍ

على الأمْعَزِ الضَّاحي، إذا سِيطَ أَحْضَرا

ويقال: أَغْبَتِ السماءُ إغْباءً، فهي مُغْبِيَة؛ قال الراجز:

وغَبَياتٌ بينَهُنَّ وَبْلُ

قال: وربما شُبِّه بها الجَرْيُ الذي يَجِيءُ بعدَ الجَرْي الأَوَّل.

وقال أَبو عبيد: الغَبْية كالوَثْبَة في السَّيْر، والغَبْية صَبٌ كثيرٌ

من ماءٍ ومن سياطٍ ؛ عن ابن الأعرابي؛ أنشد:

إنَّ دَواءَ الطامِحاتِ السَّجْلُ

السَّوْطُ والرِّشاءُ ثم الحَبْلُ،

وغَبَياتٌ بَيْنَهُنَّ هَطْلُ

قال ابن سيده: وأَنا أُرى على التشبيه بغَبَيات المَطر. وجاء على

غَبْيةِ الشمسِ أي غَيْبتها؛ قال: أُراه على القلبِ. وشجرةٌ غَبْياءُ:

مُلْتَفَّة، وغُصن أَغْبَى كذلك. وغَبْية التُّرابِ: ما سَطَعَ منه؛ قال

الأعشى:إذا حالَ من دُونها غَبْيةٌ

من التُّرْبِ، فانْجال سِربالُها

وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أَنه قال: الحُمَّى في أُصول النَّخْل،

وشَرُّ الغَبَياتِ غَبْية التَّبْل، وشرُّ النساء السُّوَيْداء المِمْراضُ،

وشَرٌّ منها الحُمَيْراءُ المِحْياضُ. وغَبَّى شَعْره: قَصَّر منه، لغة

لعبد القيس، وقد تكلم بها غيرهم؛ قال ابن سيده: وإنما قضينا بأَنَّ

أَلِفَها ياءٌ لأنها ياءٌ واللامُ ياءً أَكثرُ منها واواً. وغَبَّى الشيءَ:

سَتَره؛ قال ابن أَحمر:

فما كَلَّفْتُكِ القَدَرَ المُغَبَّى،

ولا الطَيرَ الذي لا تُعبِرِينَا

الكسائي: غَبَّيت البئرَ إذا غَطَّيت رَأْسها ثم جَلعت فوقَها تُرابًا؛

قال أَبو سعيد: وذلك التُّرابُ هو الغِباءُ.

والغابياءُ: بعضُ جِحَرة اليَرْبوع.

Expand

غدا

غدا: الغُدْوة ، بالضم: البُكْرَة ما بين صَلاةِ الغَداة وطلُوعِ الشمس.

وغُدْوَةُ ، من يومٍ بعينِه، غير مُجْراة: عَلَمٌ للوقت. والغداة :

كالغُدْوة، وجمعها غَدَوات. التهذيب: وغُدْوة معرفة لا تُصْرَفُ؛ قال

الأزهري: هكذا يقولُ، قال النحويون: إنها لا تُنَوَّن ولا يَدخل فيها الأَلِف

واللامُ، وإذا قالوا الغَداة صَرَفوا، قال الله تعالى: بالغداة والعَشِيِّ

يُريدون وجْهَه؛ وهي قراءةُ جميع القُرّاء إلا ما رُوي عن ابن عامرٍ فإنه

قرأَ بالغُدْوَةِ، وهي شاذة. ويقال: أَتَيْته غُدْوَةَ، غير مصروفةٍ،

لأَنها معرفة مثلُ سَحَر إلاّ أَنها من الظروفِ المُتَمَكِّنةِ، تقولُ:

سِيرَ على فَرسك غُدْوَةَ وغُدْوةً وغُدوَةُ وغُدوةٌ، فما نُوِّنَ من هذا

فهو نَكِرَة، وما لم يُنَوَّنْ فهو معرفة، والجمع غُدىً. ويقال: آتِيك

غَداةَ غَدٍ، والجمع الغَدَواتُ مثل قَطاةٍ وقَطَواتٍ. الليث: يقال غَدَا

غَدُكَ وغَدَا غَدْوُكَ، ناقصٌ وتامٌّ؛ وأَنشد للبيد:

وما الناسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأَهلِها

بها ، يومَ حَلُّوها ، وغَدْواً بَلاقِعُ

وغَدٌ: أَصلُه غَدْوٌ، حَذَفُوا الواوَ بلا عوضٍ، ويدخلُ فيه الأَلفُ

واللامُ للتعريف؛ قال:

اليوم عاجله ويعذل في الغد

(* قوله «اليوم عاجله إلخ» هو هكذا في الأصل.)

وقال آخر:

(* هو النابغة واول البيت : لا مرحباً بغد ولا أهلاً بِه)

إن كانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ

وغْدْوٌ: هو الأَصلُ كما أَتى به لَبِيد، والنِّسبةُ إليه غَدِيٌّ، وإن

شئت غَدَوِيٌّ؛ وأَنشد ابن بري للراجز:

لا تَغْلُواها وادْلُواها دَلْوَا ،

إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا

وفي حديث عبدِ المطلبِ والفيلِ:

لا يَغْلِبَنّ صَليبُهُم ،

ومِحالُهمْ ، غَدْواً، مِحالَكْ

الغَدْوُ: أَصلُ الغَدِ، وهو اليومُ الذي يأْتي بعدَ يومِك، فحُذِفَت

لامُه ولم يُسْتَْعمَلْ تامّاً إلاَّ في الشعر، ولم يُرد عبدُ المطَّلب

الغَدَ بعَيْنِه ، وإنما أَرادَ القريبَ من الزمان. والغَدُ ثاني يومكَ،

محذوفُ اللامِ، وربما كُنِيَ به عن الزَّمن الأَخِير. وفي التنزيل العزيز:

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَن الكَذَّابُ الأَشِرُ؛ يعني يومَ القيامة، وقيل:

عَنَى يومَ الفتح. وفي حديث قَضَاءِ الصلَواتِ: فلْيُصَلِّها حين

يذكُرُها، ومن الغَدِ لِلْوَقْتِ؛ قال الخطابي: لا أَعْلَمُ أَحداً من الفُقهاء

قال إنَّ قضاء الصلَواتِ يؤخَّر إلى وقتِ مثْلِها من الصلواتِ ويُقْضى؛

قال: ويُشْبِه أَن يكونَ الأَمرُ اسْتِحْباباً ليَحُوزَ فَضِيلة الوقتِ في

القَضاء، ولم يرد إعادة الصلاة المَنْسِية حتى تُصَلَّى مَرَّتَين، وإنما

أَراد أَن هذه الصلاة وإن انْتَقل وقتُها للنِّسيْان إلى وقتِ الذُّكْر

فرنها باقِيةٌ على وقتها فيما بعد ذلك مع الذُّكْرِ، لئلاَّ يَظُنَّ

ظانٌّ أَنها قد سَقَطت بانِقضاءِ وقتها أَو تَغَيّرَتْ بتَغَيُّرِه. وقال

ابن السكيت في قوله تعالى: ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قدَّمَتْ لغَدٍ، قال:

قدّمت لغد بغير واو. فإذا صَرَّفوها قالوا غَدَوْت أَغْدوُ غَدْواً

وغُدُوّاً، فأَعادوا الواوَ. وقال الليث: الغُدُوُّ جمع مثلُ الغَدَواتِ،

والغُدَى جمعُ غُدْوَة؛ وأَنشد:

بالغُدى والأَصائِلِ

وقالوا: إني لآتِيه بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لا تُجْمع على

الغَدايا، ولكنهم كسَّروه على ذلك ليطابقوا بين لَفظِه ولَفْظِ العشايا، فإذا

أَفْردُوه لم يكَسِّروه. وقال ابن السكيت في قولهم: إني لآتيِه

بالغَدايا والعَشايا، قال: أَرادوا جمع الغَداة فأَتْبَعُوها العَشايا للازدواج،

وإذا أَفْرَدَ لم يجز، ولكن يقال غَداةٌ وغَدَواتٌ لا غيرُ، كما قالوا:

هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، وإنما قالوا أَمْرَأَني. قال ابن الأعرابي :

غَدِيَّةٌ مثلُ عَشِيَّة لغةٌ في غَدْوةٍ كضَحيَّة لغة في ضَحْوة، فإذا

كان كذلك فغَدِيَّة وغَدايا كعَشِيَّةٍ وعَشايا. قال ابن سيده: وعلى هذا

لا تقول إنَّهم إنما كَسَّروا الغَدايا من قولهم إني لآتيه بالغدايا

والعَشايا على الإتْباع للعشايا، إنما كسَّروه على وجْهِه لأن فَعِيلة بابُه

أَن يكَسَّر على فَعائِلَ؛ أَنشد ابن الأعرابي:

أَلا لَيْتَ حَظِّي من زِيارَة أُمِّيَهْ

غَدِيَّاتُ قَيْظِ، أَو عَشِيّاتُ أَشْتِيَهْ

قال: إنما أَراد غَدِيَّات قيظٍ أَو عَشِيّات أَشْتِية لأَنَّ

غدِيَّاتِ القَيْظِ أَطول من عَشِيَّاتِه، وعَشِيَّاتُ الشتَاءِ أَطْولُ من

غَدِيَّاته . والغُدُوُّ: جمع غداةٍ، نادرةٌ. وأَتَيْته غُدَيَّانات، على غير

قياس، كعُشَيَّانات؛ حكاهما سيبويه وقال: هما تصغيرٌ شاذّ.

وغَدا عليه غدْواً وغُدُوّاً واغْتَدى: بكَّر. والاغْتِداء: الغُدُوُّ.

وغاداه: باكَره، وغَدَا عليه. والغُدُوُّ: نقِيضُ الرَّواحِ، وقد غَدا

يَغْدُو غُدُوّاً . وقوله تعالى: بالغُدُوِّ والآصالِ؛ أَي بالغدوات فعبَّر

بالفعْل عن الوَقْتِ كما يقال: أَتَيْتُك طلوعَ الشمسِ أَي في وقْتِ

طلوع الشمس. ويقال: غَدا الرجلُ يَغْدُو، فهو غادٍ.

وفي الحديث: لَغَدْوَةٌ أَو رَوْحَةٌ في سبيلِ الله؛ الغَدْوة: المَرَّة

من الغُدُوِّ، وهو سَيْرُ أَولِ النهارِ نقيضُ الرَّواحِ.

والغادِيَة: السَّحابَة التي تَنْشَأُ غُدْوة، وقيل لابنة الخُسِّ: ما

أَحْسَنُ شيءٍ؟ قالت: أَثَرُ غادية في إثْرِ ساريةٍ في مَيْثاء رابيَةٍ؛

وقيل: الغادِية السَّحابة تنشأُ فتُمْطر غُدْوةً، وجمعُها غَوادٍ، وقيل:

الغادِيةُ سحابةٌ تَنْشَأُ صباحاً.

والغَداءُ: الطَّعامُ بعَيْنِه، وهو خِلافُ العَشاء. ابن سيده: الغَداءُ

طَعامُ الغُدْوِةِ، والجمع أَغْدِيَة؛ عن ابن الأَعرابي. أَبو حنيفة:

الغَداءُ رَعْيُ الإبلِ في أَولِ النهارِ، وقد تَغَدَّتْ، وتَغَدَّى الرجل

وغَدَّيْتُه. ورجلٌ غَدْيانُ وامرأَة غَدْيا، على فَعْلى، وأَصلُها الواو

ولكنها قُلِبَت اسْتِحْساناً، لا عن قُوَّةِ علّة، وغَدَّيْتُه

فتَغَدَّى، وإذا قيل لك: تَغَدَّ، قلتَ: ما بي غَدَاءٌ؛ حكاه يعقوبُ. وتقول

أَيضاً: ما بي من تَغَدٍّ، وقيل: لا يقال ما بي غَداء

(* قوله «قلت ما بي

غداء» حكاه يعقوب هكذا في الأصل، وعبارة المحكم: قلت ما بي تغدّ ولا تقل ما

بي غداه؛ حكاه يعقوب.) ولا عَشاءٌ لأَنه الطعامُ بعيْنه، وإذا قيل لك

ادْنُ فكُلْ قلتَ ما بي أَكْلٌ، بالفتح. وفي حديث السحور: قال هَلُمَّ إلى

الغَداء المُباركِ، قال: الغَداءُ الطعامُ الذي يُؤْكَل أَوّلَ النهارِ،

فسُمِّي السحور غَداءً لأَنه للصائم بمنزلته لِلمُفْطِر؛ ومنه حديث ابن

عباس: كنتُ أَتَغَدَّى عندَ عُمر بن الخَطَّاب، رضي الله عنه، في رمضانَ

أَي أَتَسَحَّر. ويقال: غَدِيَ الرجل يَغْدَى ، فهو غَدْيانٌ وامرأَة

غَدْيانةٌ، وعَشِيَ الرجلُ يَعْشى فهو عَشْيانٌ وامرأَةٌ عَشْيانةٌ بمعنى

تَغَدَّى وتَعَشَّى. وما تَرَكَ من أَبِيهِ مَغْدًى ولا مَراحاً، ومَغْدَاةً

ولا مَراحَةً أَي شَبَهاً؛ حكاهما الفارسي.

والغَدَوِيُّ: كلُّ ما في بُطون الحَواملِ، وقومٌ يجعَلونه في الشتاءِ

خاصَّة. والغَدَوِيُّ: أَن يُباعَ البعيرُ أَو غيرُه بما يَضْرِب

الفَحْلُ، وقيل: هو أَن تُباعَ الشاةُ بِنتاجِ ما نَزا به الكَبْشُ ذلك العامَ؛

قال الفرزدق:

ومُهورُ نِسْوتِهمْ، إِذا ما أَنْكحوا،

غَدَويُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ

قال ابن سيده: والمَحْفوظ عند أَبي عبيد الغَذَوِيُّ، بالذال المعجمة.

وقال شمر: قال بعضهم هو الغَذَوي، بالذال المعجمة، في بيت الفرزدق، ثم

قال: ويروى عن أَبي عبيدة أَنه قال كلُّ ما في بُطون الحَواملِ غَدَويٌّ من

الإِبل والشاءِ، وفي لغة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما في

بطون الشاءِ خاصة؛ وأَنشد أَبو عبيدة:

أَرْجُو أَبا طَلْقٍ بحُسْنِ ظَنِّى،

كالغَدَوِيِّ يُرْتَجَى أَن يُغْني

وفي الحديث عن يزيدَ بن مرَّة أَنه قال: نُهِي عن الغَدَويِّ، وهو كلُّ

ما في بُطون الحوامِل كانوا يَتبايَعُونَه فيما بينهم فنُهوا عن ذلك

لأَنه غَرَرٌ؛ وأَنشد:

أَعْطَيْتِ كَبْشاً وارِمَ الطِّحالِ،

بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصالِ

وعاجِلاتِ آجِلِ السِّخَالِ،

في حلَقِ الأَرْحامِ ذِي الأَقْفالِ

وبعضهم يرويه بالذال المعجمة.

وغادِيَةُ: امْرأَةٌ من بني دُبَيْرٍ، وهي غادِيَة بنتُ قَزَعَة.

Expand

هود

هود: الهَوْدُ: التَّوْبَةُ، هادَ يَهُودُ هوْداً وتَهَوَّد: تابَ ورجع

إِلى الحق، فهو هائدٌ. وقومٌ هُودٌ: مِثْلُ حائِكٍ وحُوكٍ وبازِلٍ

وبُزْلٍ؛ قال أَعرابي:

إِنِّي امرُؤٌ مِنْ مَدْحِهِ هائِد

وفي التنزيل العزيز: إِنَّا هُدْنا إِليك؛ أَي تُبْنا إِليك، وهو قول

مجاهد وسعيد بن جبير وإِبراهيم. قال ابن سيده: عدّاه بإِلى لأَن فيه معنى

رجعنا، وقيل: معناه تبنا إِليك ورجعنا وقَرُبْنا من المغفرة؛ وكذلك قوله

تعالى: فتُوبوا إِلى بارِئِكم؛ وقال تعالى: إِن الذين آمنوا والذين هادوا؛

وقال زهير:

سِوَى رُبَعٍ لم يَأْتِ فيها مَخافةً،

ولا رَهَقاً مِنْ عابِدٍ مُتَهَوِّد

قال: المُتَهَوِّد المُتَقَرِّبُ. شمر: المُتَهَوِّدُ المُتَوَصِّلُ

بِهَوادةٍ إِليه؛ قال: قاله ابن الأَعرابي. والتَّهَوُّدُ: التوبةُ والعمل

الصالح.

والهَوادَةُ: الحُرْمَةُ والسبب. ابن الأَعرابي: هادَ إِذا رجَع من خير

إِلى شرّ أَو من شرّ إِلى خير، وهادَ إِذا عقل. ويَهُودُ: اسم للقبيلة؛

قال:

أُولئِكَ أَوْلى مِنْ يَهُودَ بِمِدْحةٍ،

إِذا أَنتَ يَوْماً قُلْتَها لم تُؤنَّب

وقيل: إِنما اسم هذه القبيلة يَهُوذ فعرب بقلب الذال دالاً؛ قال ابن

سيده: وليس هذا بقويّ. وقالوا اليهود فأَدخلوا الأَلف واللام فيها على

إِرادة النسب يريدون اليهوديين. وقوله تعالى: وعلى الذين هادُوا حَرَّمْنا

كلَّ ذي ظُفُر؛ معناه دخلوا في اليهودية. وقال الفراء في قوله تعالى: وقالوا

لَنْ يَدْخُلَ الجنةَ إِلا من كان هُوداً أَو نصارى؛ قال: يريد يَهُوداً

فحذف الياء الزائدة ورجع إِلى الفعل من اليهودية، وفي قراءة أُبيّ: إِلا

من كان يهوديّاً أَو نصرانيّاً؛ قال: وقد يجوز أَن يجعل هُوداً جمعاً

واحده هائِدٌ مثل حائل وعائط من النُّوق، والجمع حُول وعُوط، وجمع اليهوديّ

يَهُود، كما يقال في المجوسيّ مَجُوس وفي العجمي والعربيّ عجم وعرب.

والهُودُ: اليَهُود، هادُوا يَهُودُون هَوْداً. وسميت اليهود اشتقاقاً من

هادُوا أَي تابوا، وأَرادوا باليَهُودِ اليَهُودِيِّينَ ولكنهم حذفوا ياء

الإِضافة كما قالوا زِنْجِيٌّ وزنْج، وإِنما عُرِّف على هذا الحد فجُمِع

على قياس شعيرة وشعير، ثم عُرّف الجمع بالأَلِف واللام، ولولا ذلك لم يجز

دخول الأَلِف واللام عليه لأَنه معرفة مؤنث فجرى في كلامهم مجرى القبيلة

ولم يجعل كالحيّ؛ وأَنشد علي بن سليمان النحوي:

فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانَها،

صَمِّي، لِما فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمامِ

قال ابن برِّيّ: البيت للأَسود بن يعفر. قال يعقوب: معنى صَمِّي اخْرسي

يا داهيةُ، وصَمامِ اسم الداهيةِ علم مثل قَطامِ وحَذامِ أَي صَمِّي يا

صَمامِ؛ ومنهم من يقول: الضمير في صمي يعود على الأُذن أَي صَمِّي يا

أُذُن لما فعلتْ يَهُود. وصَمامِ اسم للفعل مثل نَزالِ وليس بنداء.

وهَوَّدَ الرجلَ: حَوّلَه إِلى ملة يَهُودَ. قال سيبويه: وفي الحديث:

كلُّ مَوْلُود يُولَدُ على الفِطْرَةِ حتى يكون أَبواه يُهَوِّدانِه أَو

يُنَصِّرانِه، معناه أَنهما يعلمانه دين اليهودية والنصارى ويُدْخِلانه

فيه. والتَّهْوِيدُ: أَن يُصَيَّرَ الإِنسانُ يَهُوديًّا. وهادَ وتَهَوَّد

إِذا صار يهوديّاً.

والهَوادةُ: اللِّينُ وما يُرْجَى به الصلاحُ بين القوم. وفي الحديث: لا

تأْخُذُه في الله هَوادةٌ أَي لا يَسْكُنُ عند حد الله ولا يُحابي فيه

أَحداً. والهَوادةُ: السُّكونُ والرُّخْصة والمحاباة. وفي حديث عمر، رضي

الله عنه، أُتِيَ بِشاربٍ فقال: لأَبْعَثَنَّكَ إِلى رجل لا تأْخُذُه فيك

هَوادةٌ. والتَّهْوِيدُ والتَّهْوادُ والتَّهَوُّدُ: الإِبْطاءُ في

السَّيْر واللِّينُ والتَّرَفُّقُ. والتَّهْوِيدُ: المشيُ الرُّوَيْدُ مثل

الدَّبيب ونحوه، وأَصله من الهَوادةِ. والتَّهْوِيدُ: السَّيْرُ الرَّفِيقُ.

وفي حديث عِمْران بن حُصين أَنه أَوْصَى عند موتِه: إِذا مُتُّ

فَخَرَجْتُمْ بي، فأَسْرِعُوا المَشْيَ ولا تُهَوِّدُوا كما تُهَوِّدُ اليهودُ

والنصارى. وفي حديث ابن مسعود: إِذا كنتَ في الجَدْبِ فأَسْرِعِ السَّيْرَ

ولا تُهَوِّد أَي لا تَفْتُرْ. قال: وكذلك التَّهْوِيدُ في المَنْطِقِ

وهو الساكِنُ؛ يقال: غِناءٌ مُهَوِّد؛ وقال الراعي يصف ناقة:

وخُود منَ اللاَّئي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحى،

قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ

قال: وخُود الواو أَصلية ليست بواو العطف، وهو من وَخَدَ يخد إِذا

أَسرعَ. أَبو مالك: وهَوّدَ الرجلُ إِذا سكَن. وهَوَّدَ إِذا غَنَّى. وهَوَّدَ

إِذا اعتَمد على السير؛ وأَنشد:

سَيْراً يُراخِي مُنَّةَ الجَلِيدِ

ذا قُحَمٍ، وليس بالتَّهْوِيدِ

أَي ليس بالسَّيْر اللَّيِّن. والتهوِيدُ أَيضاً: النومُ. وتَهْوِيدُ

الشراب: إِسكارُه. وهَوَّدَه الشرابُ إِذا فَتَّرَه فأَنامَه؛ وقال

الأَخطل:ودافَعَ عَني يومَ جِلَّقَ غَمْزُه،

وصَمَّاءُ تُنْسِيني الشرابَ المُهَوِّدا

والهَوادَةُ: الصُّلْحُ والمَيْلُ. والتهوِيدُ والتَّهْوادُ: الصوتُ

الضعيفُ اللَّيِّنُ الفاتِرُ. والتهوِيدُ: هَدْهَدةُ الريحِ في الرمل ولِينُ

صوتها فيه. والتَّهْوِيدُ: تَجاوُبُ الجنِّ لِلِينِ أَصواتِها

وضَعْفِها؛ قال الراعي:

يُجاوِبُ البومَ تَهْوِيدُ العَزِيفِ به،

كما يَحِنُّ لِغَيْثٍ جِلَّةٌ خُورُ

وقال ابن جَبَلَةَ: التهوِيدُ الترجيعُ بالصوت في لِين. والهَوادةُ:

الرُّخْصة، وهو من ذلك لأَن الأَخذ بها أَلْيَنُ من الأَخذ بالشدّة.

والمُهاوَدةُ: المُوادَعَةُ. والمُهاوَدةُ: المُصالَحَةُ والمُمايَلةُ.

والمُهَوِّدُ: المُطْرِبُ المُلْهِي؛ عن ابن الأَعرابي. والهَوَدَةُ،

بالتحريك: أَصل السنامِ. شمر: الهَوَدةُ مجتَمَعُ السَّنامِ وقَحَدَتُه،

والجمع هَوَدٌ؛ وقال:

كُومٌ عليها هَوَدٌ أَنضادُ

وتسكن الواو فيقال هَوْدةٌ.

وهُودٌ: اسم النبي، صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم، ينصرف، تقول:

هذه هُودٌ إِذا أَردْتَ سورة هُودٍ، وإِن جعلت هُوداً اسم السورة لم

تصرفه، وكذلك نُوحٌ ونُونٌ، والله أَعلم.

Expand

هدد

هدد: الهَدُّ: الهَدْمُ الشديد والكسر كحائِط يُهَدُّ بمرَّة

فَيَنْهَدِم؛ هَدَّه يَهُدُّه هَدًّا وهُدُودا؛ قال كثير عزة:

فَلَوْ كان ما بي بالجِبال لَهَدَّها،

وإِن كان في الدُّنيا شَدِيداً هدُوُدُها

الأَصمعي: هَدَّ البِناءَ يَهُدُّه هَدًّا إِذا كسره وضَعْضَعَه. قال:

وسمعت هادًّا أَي سمعت صوت هَدِّهِ. وانهدَّ الحبَلُ أَي انكسر. وهَدَّني

الأَمرُ وهدَّ رُكْني إِذا بلغ منه وكسَره؛ وقول أَبي ذؤيب:

يَقولوا قَدْ رأَيْنا خَيْرَ طِرْفٍ

بِزَقْيَةَ لا يُهَدُّ ولا يَخِيبُ

قال ابن سيده: هو من هذا. وروي عن بعضهم أَنه قال: ما هَدَّني موتُ أَحد

ما هدَّني موتُ الأَقْران. وقولهم: ما هدَّه كذا أَي ما كَسَره كذا.

وهدَّته المصيبةُ أَي أَوهَنَت رُكْنه.

والهَدّة: صوت شديد تسمعه من سقوط ركن أَو حائط أَو ناحية جبل، تقول

منه: هَدَّ يَهِدُّ، بالكسر، هديداً؛ وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه

وسلم، أَنه كان يقول: اللهم إني أَعوذ بك من الهَدِّ والهِدَّة؛ قال أَحمد

بن غياث المروزي: الهَدُّ الهَدْمُ والهَدءة الخُسوف. وفي حديث

الاستسقاء: ثم هَدّتْ ودَرَّتْ؛ الهَدَّةُ صوت ما يقع من السماء، ويروى: هَدَأَتْ

أَي سكنت. وهَدُّ البعير: هَدِيرُه؛ عن اللحياني. والهَدُّ والهَدَدُ:

الصوت الغليظ، والهادُّ: صوت يسمعه أَهل السواحل يأْتيهم من قِبَلِ البحر

له دَوِيٌّ في الأَرض وربما كانت منه الزَّلْزَلةُ، وهَدِيدُه دَوِيُّه؛

وفي التهذيب: ودَوِيُّه هَدِيدُه؛ وأَنشد:

داعٍ شَدِيدُ الصَّوْتُ ذُو هَدِيدِ

وقد هَدَّ يَهِدُّ. وما سمعنا العامَ هادّةً أَي رَعْداً. والهَدُّ من

الرجال: الضعيف البدن، والجمع هَدُّونَ ولا يُكْسَرُ؛ قال العباس بن عبد

المطلب:

ليسوا بِهَدِّينَ في الحُروبِ، إِذا

تُعْقَدُ فَوْقَ الْحراقِفِ النُّطُقُ

وقد هدَّ يَهَدُّ ويَهِدُّ هَدًّا. والأَهَدُّ: الجبان. ويقول الرجل

للرجل إِذا أَوعده: إِني لغيرُ هَدٍّ أَي غيرُ ضعيف. وقال ابن الأَعرابي:

الهَدُّ من الرجال الجَوادُ الكريم، وأَما الجبان الضعيف، فهو الهِدّ،

بالكسر. ابن الأَعرابي: الهَدّ، بفتح الهاء، الرجل القَويّ، قال: وإِذا أَردت

الذم يالضعف قلت: الهِدُّب بالكسر. وقال الأَصمعي: الهَدُّ من الرجال

الضعيف؛ وأَباها ابن الأَعرابي بالفتح. شمر: يقال رجل هدٌّ وهَدادةٌ وقوم

هَدادٌ أَي جُبناء؛ وأَنشد قول أُمية:

فأَدْخَلَهُم على رَبِذٍ يداهُ

بِفعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ من الهَدادِ

والهَدِيدُ والفَدِيدُ: الصوتُ.

واسْتَهْدَدْتُ فلاناً أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ وقال عدي بن زيد:

لم أَطْلُبِ الخُطَّةَ النَّبِيلَة بالْـ

ـقُوَّةِ، إن يُسْتَهَدَّ طالِبُها

وقال الأَصمعي: يقال للوعيدِ: من ورَاءُ ورَاءُ الفَدِيدُ والهَدِيدُ.

وأَكَمَةٌ هَدُودٌ: صَعْبَةُ المُنْحَدَر. والهَدُودُ: العَقَبةُ

الشاقَّةُ.

والهَدِيدُ: الرجل الطويلُ.

ومررت برجل هَدَّكَ من رجل أَي حَسْبُك، وهو مدح؛ وقيل: معناه

أَثْقَلَكَ وصْف محاسنِه، وفيه لغتان: منهم مَنْ يُجْرِيه مُجْرى المصدر فلا يؤنثه

ولا يثنيه ولا يجمعه، ومنهم من يجعله فِعْلاً فيثنى ويجمع، فيقال: مررت

برجل هَدّكَ من رجل، وبامرأَة هَدَّتْكَ من امرأَة، كقولك كفَاكَ

وكفَتْك؛ وبرجلين هدّاك وبرجال هَدُّوك، وبامرأَتين هَدَّتاك وبِنسوةٍ

هَدَّتَاك؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

ولي صاحبٌ في الغارِ هَدَّكَ صاحِباً

قال: هَدّك صاحباً أَي ما أَجَلَّه ما أَنْبَلَهُ ما أَعلمه، يَصِفُ

ذِئْباً. وفي الحديث: أَن أَبا لهب قال: لَهَدَّ ما يَحَرَكم صاحِبُكُم؛

قال: لَهَدَّ كلمة يتعجب بها؛ يقال: لَهَدَّ الرجلُ أَي ما أَجْلَدَه. غيره:

وفلان يُهَدُّ، على ما لم يُسمّ فاعله، إِذا أُثْنِيَ عَلَيْه بالجَلَد

والقُوّة. ويقال: إِنه لهَدّ الرَّجلُ أَي لَنِعْمَ الرجلُ وذلك إِذا

أُثني عليه بِجَلَدٍ وشدّة، واللام للتأْكيد. ابن سيده: هَدَّ الرجلُ كما

تقول: نِعمَ الرجل.

ومَهْلاً هَدادَيْك أَي تَمَهَّلْ يَكْفِكَ.

والتَّهَدُّدُ والتهْديدُ والتَّهْدادُ: من الوعيد والتخوف. وهُدَدُ:

اسم لملك من ملوكِ حِمْيَر وهو هُدَدُ بن هَمَّال

(* قوله «هدد بن همال»

الذي اقتصر عليه البخاري في التفسير من صحيحه وصاحب القاموس هدد بن بدد.

راجع القسطلاني تقف على الخلاف في ضبط هدد وبدد).

ويروى أَن سليمان بن داود، عليهما السلام، زَوَّجَه بَلْقَه وهي بلقيس

بنت بَلْبَشْرَح

(* قوله «بنت بلبشرح» كذا في الأصل مضبوطاً والذي في

البيضاوي والخطيب بنت شراحيل ولعل في اسمه خلافاً أو أحدهما لقب.) ؛ وقول

العجاج:

سَيْباً ونُعْمى من إِلهٍ في دِرَرْ،

لا عَصْفَ جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ

قوله: لا عَصْف جارٍ أَي ليسَ من كسْب جارٍ إنما الله تعالى، ثم قال:

هَدَّ جارُ المعتَصرْ كقولك هَدَّ الرجلُ جَلُدَ الرجل جارُ المُعْتَصَرِ

أَي نِعْم جارُ الملتَجَإِ.

وفي النوادر: يُهَدْهَدُ إِليَّ كذا ويُهَدَّى إِليَّ كذا ويُسَوَّلُ

إِليَّ كذا ويُهَدى لي كذا ويُهَوَّلُ إِليَّ كذا ولي ويُوَسْوَسُ إِليَّ

كذا ويُخَيَّلُ إِليَّ ولي ويُخالُ لي كذا: تفسيره إِذا شَبَّه الإِنسان

في نفسه بالظن ما لم يُثْبِتْه ولم يَعْقِد عليه إِلا التشبيه. وهَدْهَدَ

الطائرُ: قَرْقَر. وكلُّ ما قَرْقَرَ من الطير: هُدْهُدٌ وهُداهِدٌ؛ قالل

الأَزهري: والهُداهِدُ طائر يشبه الخَمان؛ قال الراعي:

كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جَناحَه،

يَدْعُو بقارِعةِ الطَّريقِ هَدِيلا

والجمع هَداهِدُ، بالفتح، وهَداهِيدُ؛ الأَخيرة عن كراع؛ قال ابن سيده:

ولا أَعرف لها وجهاً إِلا أَن يكون الواحد هَدْهاداً. وقال الأَصمعي:

الهُداهِد يعْني به الفاخِتَةُ أَو الدُّبْسِيُّ أَو الوَرَشانُ أَو

الهُدْهُدُ أَو الدُّخَّلُ أَو الأَيْكُ؛ وقال اللحياني: قال الكسائي: إِنما

أَراد الراعي في شعره بِهُداهِدٍ تصغير هُدْهُد فأَنكر الأَصمعي ذلك، قال:

ولا أَعرفه تصغيراً، قال: وإِنما يقال ذلك في كل ما هَدَلَ وهَدَرَ؛ قال

ابن سيده: وهو الصحيح لأَنه ليس فيه ياء تصغير إِلا أَنَّ من العرب من

يقول دُوابَّة وشُوابَّة في دُوَيْبّة وشُوَيْبّة، قال: فعلى هذا إِنما هو

هُدَيْهِدٌ ثم أَبدل الأَلف مكان الياء على ذلك الحدّ، غير أَن الذين

يقولون دُوابَّة لا يجاوزون بناء المدغم. وقال أَبو حنيفة: الهُدهُدُ

والهُداهِد الكثيرُ الهَديرِ من الحمام. وفَحْلٌ هُداهدٌ: كثير الهَدْهَدَةِ

يَهْدِرُ في الإِبل ولا يَقْرَعُها؛ قال:

فَحَسْبُكَ مِنْ هُداهِدَةٍ وزَغْدِ

جعله اسماً للمصدر وقد يكون على الحذف أَي من هَدِيد هُداهِد أَوْ

هَدْهَدَةِ هُداهِدٍ.

الجوهري: وهَدْهَدَةُ الحَمامِ إِذا سمعت دَوِيَّ هَدِيرِه، والفحل

يُهَدْهِدُ في هَدِيرِه هَدْهَدة، وجمع الهَدْهَدَةِ هَداهِدُ؛ قال

الشاعر:يَتْبَعْنَ ذا هَداهِدٍ عَجَنَّسا

مُواصِلا قُفّاً، ورَمْلا أَدْهَسَا

والهُدْهُدُ: طائر معروف، وهو مما يُقَرْقِرُ، وهَدْهَدَتُه: صوته،

والهُداهِدُ مثله؛ وأَنشد بيت الراعي أَيضاً:

كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جنَاحَه،

يَدْعُو بقارعةِ الطَّرِيقِ هَدِيلا

قال ابن بري: الهَدِيل صوته، وانتصابه على المصدر على تقدير يَهْدِلِ

هَديلاً لأَنَّ يَدْعو يدل عليه، والمُشَيَّهُ بالهدهد الذي كُسِرَ

جَناحُه، هو رجل أَخذ المُصَدِّقُ إِبله بدليل قوله في البيت قبله:

أَخَذوا حَمُولَته فأَصبَحَ قاعِداً،

لا يَسْتَطِيعُ عن الدِّيارِ حَوِيلا

يَدْعُو أَميرَ المؤمِنِينَ، ودونَه

خَرْقٌ تَجُرُّ به الرِّياحُ ذُيُولا

قال ابن سيده: وبيت ابن أَحمر:

ثم اقْتَحَمْتُ مُناجِداً ولَزِمْتُه،

وفؤَادُه زَجِل كعَزْفِ الهُدْهُدِ

يروى: كعَزْفِ الهُدْهُد، وكعَزْف الهَدْهَد، فالهُدهُدُ: ما تقدم،

والهَدْهَدُ قيل في تفسيره: أَصواتُ الجنِّ ولا واحد له.

وهَدْهَدَ الشيءَ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ: حَدَرَه. وهَدْهَدَهُ:

حرَّكه كما يُهِدْهَدُ الصبيُّ في المَهْدِ. وهَدْهَدَت المرأَةُ ابنها أَي

حرَّكَتْه لِينام، وهي الهَدْهَدَةُ. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه

وسلم، أَنه قال: جاء شيطان فَحَمَلَ بلالاً فجعل يُهَدْهِدُه كما

يُهَدْهَدُ الصبيُّ؛ وذلك حين نام عن إَِيقاظه القَوْمَ للصلاة. والهَدْهَدَةُ:

تحريك الأُم ولدها لينام.

وهُداهِد: حي من اليمن. وهَدْهادٌ: اسم. وهَداد: حَيٌّ من اليمن.

Expand

هجج

هجج: الليث: هجَّجَ البعيرُ يُهَجِّجُ إِذا غارَتْ عَيْنُه في رأْسِه من

جُوعٍ أَو عَطشٍ أَو إِعْياءٍ غير خِلْقةٍ؛ قال:

إِذا حِجَاجا مُقْلَتَيْها هَجَّجا

الأَصمعي: هَجَّجَتْ عَينُه: غارَتْ؛ وقال الكميت:

كأَنَّ عُيُونَهُنَّ مُهَجِّجات،

إِذا راحَتْ من الأُصُلِ الحَرُور

وعَينٌ هاجَّةٌ أَي غائرةٌ.

قال ابن سيده: وأَما قولُ ابْنةِ الخُسِّ حين قيلَ لها: بِمَ

تَعْرِفِينَ لِقاحَ ناقتِك؟ فقالت: أَرى العينَ هاجّ، والسنامَ راجّ، وتَمْشي

فَتَفاجَّ؛ فإِما أَن يكونَ على هَجَّتْ وإِن لم يُستعمَلْ، وإِما أَنها قالت

هاجّاً، اتباعاً لقولهم راجّاً، قال: وهم ممن يَجْعلون للإِتْباع حُكْماً

لم يكن قبل ذلك، وقالت: هاجّاً، فذكَّرتْ على إِرادة العُضْوِ أَو

الطَّرْفِ، وإِلاَّ فقد كان حُكْمُها أَن تقول هاجَةً؛ ومِثلُه قولُ

الآخرِ:والعَينُ بالإِثْمِدِ الحارِيِّ مَكْحُولُ

على أَن سيبويه إِنما يَحْملُ هذا على الضرورة؛ قال ابن سيده: ولَعَمْري

إِنَّ في الإِتْباع أَيضاً لَضرورةً تُشْبهُ ضرورةَ الشِّعر.

ورَجلٌ هَجاجَةٌ: أَحْمَقُ؛ قال الشاعر:

هَجَاجةٌ مُنْتَخَبُ الفُؤَادِ،

كأَنَّه نَعامةٌ في وادِي

شمر: هَجَاجَةٌ أَي أَحَمَقُ، وهو الذي يَسْتَهِجُّ على الرأْي، ثم

يَرْكَبُه، غَوِيَ أَم رَِشِدَ، واستهاجُه: أَن لا يُؤَامِرَ أَحداً

ويَرْكَبَ رأْيه؛ وأَنشد:

ما كان يَرْوِي في الأُمورِ صنيعةً،

أَزمانَ يَرْكَبُ فيكَ أُمَّ هَجَاجِ

والهَجاجةُ: الهَبْوَةُ التي تَدْفِنُ كلَّ شيءٍ بالترابِ، والعَجاجةُ:

مِثلُها. وركِبَ فلانٌ هَجاجَ، غيرَ مُجْرًى، وهَجاجِ، مَبنيّاً على

الكسر مثل قَطامِ: ركِبَ رأْسَه؛ قال المُتَمَرِّس بنُ عبد الرحمن

الصُّحاريُّ:

وأَشْوَس ظالم أَوْجَيْتُ عنِّي،

فأَبْصَرَ قَصْدَه بعد اعْوِجاجِ

تَرَكْتُ به نُدُوباً باقِياتٍ،

وبايَعَني على سِلْمٍ دُماجِ

فلا يَدَعُ اللِّئامُ سبيلَ غَيٍّ،

وقد رَكِبُوا، على لَوْمي، هَجاجِ

قوله: أَوْجَيْت أَي مَنَعْت وكَفَفْت. والنُّدُوب: الآثارُ، واحدُها

نَدْبٌ. والدُّماجُ، بضم الدال: الصُّلْحُ الذي يُرادُ به قطْعُ

الشَّرِّ.وهَجَاجَيْك ههنا وههنا أَي كُفّ. اللحياني: يقال للأَسدِ والذِّئب

وغيرهما، في التسكين: هَجَاجَيْكَ وهَذَاذَيْكَ، على تقدير الاثنين؛

الأَصمعي: تقول للناس إِذا أَرَدْتَ أَن يَكُفُّوا عن الشيء: هَجَاجَيْكَ

وهَذَاذَيْكَ. شمر: الناس هَجاجَيْكَ ودَوَالَيْكَ أَي حَوَالَيْكَ؛ قال أَبو

الهيثم: قولُ شمر الناس هُجَاجيك في معنى دَوَالَيْكَ باطلٌ، وقوله معنى

دَوَالَيْكَ أَي حواليك كذلك باطلٌ؛ بل دواليك في معنى التَّداوُل،

وحَوَالَيْكَ تثنيةُ حَوْلك. تقول: الناس حولك وحوليك وحواليك؛ قال: فأَما

رَكِبُوا في أَمرهم هَجاجَهم أَي رأْيهم الذي لم يُرَوُّوا فيه. وهَجاجَيْهم

تثنية. قال الأَزهري: أُرى أَن أَبا الهيثم نظر في خط بعض من كتب عن

شَمِرٍ ما لم يَضبِطْه، والذي يشبه أَن شمراً قال: هَجاجَيْك مثل دَوَالَيْك

وحَوالَيْك، أَراد أَنه مثله في التثنية لا في المعنى.

وهَجِيجُ النار: أَجِيجُها، مثل هَراقَ وأَراقَ.

وهَجَّتِ النارُ تَهُجُّ هَجّاً وهَجِيجاً إِذا اتَّقَدَتْ وسمعتَ صوتَ

استعارها.

وهَجَّجَها هو، وهَجَّ البيتَ يَهُجُّه هَجّاً: هَدَمه؛ قال:

أَلا مَنْ لِقَبْرٍ لا تَزَالُ تَهُجُّه

شَمالٌ، ومِسْيافُ العَشِيِّ جَنُوبُ؟

ابن الأَعرابي: الهُجُجُ الغُدْران. والهَجِيجُ: الخَطُّ في الأَرض؛ قال

كُراع: هو الخط الذي يخط في الأَرض للكهانة، وجمعه هُجَّانٌ؛ قال بعضهم:

أَصابنا مطر سالت منه الهُجَّان؛ وقيل: الهَجِيجُ الشَّقُّ الصغير في

الجبل، والجمع كالجمع. ووادٍ هَجِيجٌ وإِهْجِيجٌ: عميق، يمانية، فهو على

هذا صفة. وقال ابن دريد: الهَجِيجُ والإِهْجِيجُ وادٍ عميق، فكأَنه على هذا

اسم. وهَجْهَجَ الرجلَ: رَدَّه عن كل شيء. والبعير يُهاجُّ في هديره.

يردّده. وفحل هَجْهاجٌ، في حكاية شدَّة هديره، وهَجْهَجَ الفحلُ في هديره.

وهَجْهَجَ السبُعَ، وهَجْهَجَ به: صاح به وزجره ليَكُفَّ؛ قال لبيد:

أَو ذُو زَوائِدَ لا يُطافُ بأَرضِه،

يَغْشَى المُهَجْهِجَ كالذَّنُوبِ المُرْسَلِ

يعني الأَسد يغشى مُهَجْهِجاً به فَيَنْصَبُّ عليه مُسرعاً فيفترسه.

الليث: الهَجْهَجةُ حكاية صوت الرجل إِذا صاح بالأَسد. الأَصمعي:

هَجْهَجْتُ بالسبع وهَرَّجْتُ به، كلاهما إِذا صحت به؛ ويقال لزاجر الأَسد:

مُهَجْهِجٌ ومُهَجْهِجةٌ. وهَجْهَجَ بالناقة والجمل: زجرهما، فقال لهما:

هِيجْ قال ذو الرمة:

أَمْرَقْتُ من جَوْزِه أَعْناقَ ناجِيَةٍ

تَنْجُو، إِذا قال حادِيها لها: هِيجِ

قال: إِذا حَكَوْا ضاعَفوا هَجْهجَ كما يضاعفونَ الوَلْوَلَةَ من

الوَيل، فيقولون وَلْوَلَتِ المرأَةُ إِذا أَكثرت من قول الوَيْل. غيره: هَجْ

في زجر الناقة؛ قال جَنْدل:

فَرَّجَ عنها حَلَقَ الرَّتائِجِ

تَكَفُّحُ السَّمائِم الأَواجِجِ،

وقِيلُ: عاجٍ؛ وأَيا أَياهِجِ

فكسر القافية. وإِذا حكيت قلت: هَجْهَجْتُ بالناقة. الجوهري: هَجْهَجَ

زجرٌ للغنم، مبني على الفتح

(* قوله «مبني على الفتح إلخ» قال المجد مبني

على السكون، وغلط الجوهري في بنائه على الفتح، وإِنما حركه الشاعر

للضرورة اهـ.)؛ قال الراعي واسمه عُبيد بن الحُصَين يهجو عاصم بن قيس

النُّمَيريّ ولَقَبُه الحَلالُ:

وعَيَّرَني، تِلكَ، الحَلالُ، ولم يكن

ليَجعَلَها لابن الخَبيثةِ خالِقُهْ

ولكنما أَجْدَى وأَمتَعَ جَدُّه

بِفِرْقٍ يُخَشِّيهِ، بِهَجْهَجَ، ناعِقُه

وكان الحَلالُ قد مَرَّ بإِبل للراعي فعَيَّره بها، فقال فيه هذا الشعر.

والفِرْق: القطيع من الغنم. ويخشِّيه: ُيفزِعه. والناعق: الراعي؛ يريد

أَن الحَلالَ صاحب غنم لا صاحب إِبل، ومنها أَثْرَى، وأَمتَع جَدُّه

بالغنم وليس له سواها، يقول له: فلِمَ تُعَيِّرُني إِبلي، وأَنت لم تملك

إِلاَّ قطيعاً من غنم؟

اللحياني: ماء هُجَهِجٌ لا عَذْب ولا ملح. ويقال: ماءُ زمزم هُجَهِجٌ.

والهَجْهَجَةُ: صوتُ الكُرْدِ عند القتال.

وظَلِيمٌ هَجْهاجٌ وهُجاهِجٌ: كثير الصوت، والهَجْهاجُ: النَّفور، وهو

أَيضاً الجافي الأَحمق. والهَجْهاجُ أَيضاً: المُسِنُّ. والهَجْهاجُ

والهَجْهاجَةُ: الكثير الشر الخفيف العقل. أَبو زيد: رجل هَجْهاجةٌ، وهو الذي

لا عقل له ولا رأْي. ورجل هَجْهاج: طويل، وكذلك البعير: قال حُمَيد بن

ثور:

بَعِيدُ العَجْبِ، حينَ تَرى قَراهُ

من العِرْنِينِ، هَجْهاجٌ جُلالُ

ويوم هَجْهاج: كثير الريح شديد الصوت؛ يعني الصوت الذي يكون فيه عن

الريح. والهَجْهَجُ: الأَرض الجَدْبَةُ التي لا نباتَ بها، والجمع هَجاهج؛

قال:

فجِئتُ كالعَوْدِ النَّزِيعِ الهادِجِ،

قُيِّدَ في أَرامِل العَرافِجِ،

في أَرضِ سَوْءٍ جَدْبَةٍ هَجاهِجِ

جمع على إِرادة المواضع.

وهَجْ هَجْ، وهَجٍ هَجٍ، وهَجَا هَجَا: زَجْرٌ للكلبِ، وأَورده الأَزهري

هذه الكلمات، قال: يقال للأَسد والذئب وغيرهما في التسكين. قال ابن

سيده: وقد يقال هَجَا هَجَا للإِبل؛ قال هِمْيان:

تَسْمَعُ للأَعْبُدِ زجْراً نافِجَا،

من قِيلِهم: أَيا هَجا أَيا هَجا

قال الأَزهري: وإِن شئت قلتهما مرة واحدة؛ وقال الشاعر:

سَفَرَتْ فقلتُ لها: هَجٍ فتَبَرْقَعَتْ،

فذَكَرْتُ، حين تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا

(* قوله «ضبارا» قال شارح القاموس كذا وجدته بخط أَبي زكريا. ومثله بخط

الأَزهري. وأَورده أَيضاً ابن دريد في الجمهرة، وكذلك هو في كتاب

المعاني، غير أن في نسخة الصحاح هبارا بالهاء اهـ. وقد استشهد الجوهري بالبيت في

هـ ب ر على أن الهبار القرد الكثير الشعر، لا على انه اسم كلب، وتبعه

صاحب اللسان هناك. قال الشارح قال الصاغاني: والرواية ضبارا، بالضاد

المعجمة، وهو اسم كلب، والبيت للحارث بن الخزرج الخفاجي وبعده:

وتزينت لتروعني بجمالها * فكأنما كسي الحمار خمارا

فخرجت أعثر في قوادم جبتي * لولا الحياء أطرتها احضارا)

وضَبَّار: اسم كلب، ورواه اللحياني: هَجِي.

الأَزهري: ويقال في معنى هَجْ هَجْ: جَهْ جَهْ، على القلب.

ويقال: سير هَجَاجٌ: شديد؛ قال مُزاحمٌ العُقَيْلِيُّ:

وتَحْتي من بَناتِ العِيدِ نِضْوٌ،

أَضَرَّ بنِيِّه سَيْرٌ هَجاجُ

الجوهري: هَجْ، مخفف، زجر للكلب يسكَّن وينوّن كما يقال: بَخْ وبَخٍ،

ووجدت في حواشي بعض نسخ الصحاح: المُسْتَهِجُّ الذي ينطق في كل حق

وباطل.

Expand

غيل

غيل: الغَيْلُ: اللبن الذي ترضِعه المرأَة ولدَها وهي تؤْتَى؛ عن ثعلب؛

قالت أُم تأَبَّط شرًّا تُؤَبِّنُه بعد موته:

ولا أَرضعْته غَيْلا

وقيل: الغَيْل أَن تُرضِع المرأَة ولدَها على حَبَل، واسم ذلك اللبن

الغَيْل أَيضاً، وإِذا شربه الولد ضَوِيَ واعْتَلَّ عنه. وأَغالَتِ المرأَة

ولدَها، فهي مُغِيلٌ، وأَغْيَلَتْه فهي مُغْيِل: سقَتْه الغَيْل الذي هو

لبن المأْتِيَّة أَو لبن الحبلى، وهي مُغيل ومُغْيِل، والولد مُغالٌ

ومُغْيَل؛ قال امرؤ القيس:

ومِثْلك حُبْلى قد طَرَقتُ ومُرْضِعاً،

فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائم مُغْيَلِ

(* في المعلّقة: محوِلِ بدل مُغيِلِ).

وأَنشد سيبويه:

ومثلك بكراً قد طرقت وثيِّبا

وأَنشد ابن بري للمتنخل الهذلي:

كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئِ الـ

ـبَرْدِيِّ تحت الحَفَإِ المُغْيِل

وأَغال فلان ولده إِذا غشيَ أُمّه وهي ترضعه، واسْتَغْيَلتْ هي نفسها،

والاسم الغِيلة. يقال: أَضرَّت الغيلة بولد فلان إِذا أُتيت أُمّه وهي

ترضعه، وكذلك إِذا حَمَلت أُمّه وهي ترضعه. وفي الحديث: لقد هَمَمْت أَن

أَنْهَى عن الغِيلة ثم أُخبرت أَن فارس والرُّومَ تفعل ذلك فلا يَضِيرهم.

ويقال: أَغْيَلَت الغَنم إِذا نُتِجت في السنة مرتين؛ قال: وعليه قول

الأَعشى:

وسِيقَ إِليه الباقِر الغُيُلُ

وقال ابن الأَثير في شرح النَّهْي عن الغِيلة، قال: هو أَن يجامع الرجل

زوجته إِذا حملت وهي مرضع، ويقال فيه الغِيلَة والغَيْلة بمعنى، وقيل:

الكسر للاسم والفتح للمرّة، وقيل: لا يصح الفتح إِلاَّ مع حذف الهاء.

والغِيلَة: هو الغَيْل، وذلك أَن يجامع الرجل المرأَة وهي مرضع، وقد أَغال

الرجل وأَغْيَل. والغَيْل والمُغْتال: الساعد الريّان الممتلئ؛ قال:

لَكاعبٌ مائلة في العِطْفَيْن،

بيضاء ذاتُ ساعِدَين غَيْلَيْن

أَهْوَنُ من ليلي وليلِ الزَّيْدَين،

وعُقَب العِيسِ إِذا تمطَّيْن

وقال المتنخل الهذلي:

كوَشْمِ المِعْصَم المُغْتالِ، غُلَّت

نَواشِزُه بِوَسْمٍ مُسْتَشاطِ

وقال ابن جني: قال الفراء إِنما سمي المِعصم الممتلئ مُغْتالاً لأَنه

من الغَوْل، وليس بقويّ لوجُودِنا ساعد غَيْل في معناه. وغلام غَيْل

ومُغْتال: عظيم سمين، والأُنثى غَيْلة. والغَيْلة، بالفتح: المرأَة السمينة.

أَبو عبيدة: امرأَة غَيْلة عظيمة؛ وقال لبيد:

ويَبْرِي عِصِيًّا دونها مُتْلَئِبَّةً،

يرى دونها غَوْلاً من التُّرْب غائِلا

أَي تُرْباً كثيراً يَنْهال عليه، يعني ثوراً وحشيّاً يتَّخِذ كِناساً

في أَصل أَرْطاة والتراب والرمل غَلَبه لكثرته؛ وقال آخر:

يتبعْنَ هَيْقاً جافِلاَ مُضَلّلا،

قعُود حنٍّ مستقرّاً أَغْيَلا

(* قوله «قعود حن» هكذا في الأصل).

أَراد بالأَغْيل الممتلئ العظيم. واغْتال الغلامُ أَي غلُظ وسمن.

والغَيْل: الماء الجاري على وجه الأَرض. وفي الحديث: ما سقي بالغَيْل فيه

العُشر، وما سقي بالدَّلْو ففيه نصف العُشر؛ وقيل: الغَيْل، بالفتح، ما جرى

من المياه في الأَنهار والسَّواقي وهو الفَتْحُ، وأَما الغَلَلُ فهو الماء

الذي يجري بين الشجر. وقال الليث: الغَيْل مكان من الغَيْضة فيه ماء

مَعِين؛ وأَنشد:

حِجارةُ غَيْلٍ وارِشات بطُحْلُب

والغَيْل: كل موضع فيه ماء من واد ونحوه. والغَيْل: العلَم في الثوب،

والجمع أَغْيال؛ عن أَبي عمرو؛ وبه فسر قول كثيِّر:

وحَشاً تَعاوَرُها الرِّياح، كأَنها

تَوْشِيح عَصْبِ مُسَهَّم الأَغْيالِ

وقال غيره: الغَيْل الواسع من الثياب، وزعم أَنه يقال: ثوب غَيْل؛ قل

ابن سيده: وكلا القولين في الغَيْل ضعيف لم أَسمعه إِلا في هذا التفسير.

والغِيلُ: الشجر الكثير الملتفّ، يقال منه: تَغَيَّل الشجر، وقيل: الغِيلُ

الشجر الكثير الملتف الذي ليس بشَوك؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:

أَسَدٌ أَضْبَط، يمشي

بين طَرْفاءٍ وغِيلِ

وقال أَبو حنيفة: الغِيل جماعة القصَب والحَلْفاء؛ قال رؤبة:

في غِيل قَصْباءٍ وخِيس مُخْتَلَق

والجمع أَغْيال. والغِيل، بالكسر: الأَجَمة، وموضع الأَسد غِيل مثل

خِيسٍ، ولا تدخلها الهاء، والجمع غُيول؛ قال عبد الله بن عجلان النهدي:

وحُقَّة مسك من نِساءٍ لبستها

شبابي، وكأْس باكَرَتْني شَمُولُها

جَدِيدةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها

سَقِيَّةُ بَرْدِيٍّ، نَمَتْها غُيُولُها

قال ابن بري: والغُيول ههنا جمع غَيْل، وهو الماء يجري بين الشجر لأَن

الماء يسقي والأَجَمة لا تسقي. وفي حديث قس: أَسدُ غِيِلِ، الغِيل،

بالكسر: شجر ملتفّ يستتر فيه كالأَجَمة؛ وفي قصيد كعب:

بِبَطْن عَثَّر غِيلٌ دونهُ غِيلُ

وقول الشاعر:

كَذَوائب الحَفَإِ الرَّطيب عَطابه

غِيلٌ، ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ

غِيلٌ: الماء الجاري على وجه الأَرض.

والمُغَيِّل: النَّابت في الغِيل؛ قال المتنخل الهذلي يصف جارية:

كالأَيْمِ ذي الطُّرَّة، أَو ناشِئ الـ

ـبَرْدِيِّ، تحت الحَفَإِ المُغْيِلِ

والمُغَيِّل: كالمُغْيِل، وقيل: كل شجرة كثرت أَفْنانها وتَمَّت

والتفَّت فهي مُتَغَيِّلة. والمِغْيال: الشجرة المُلْتَفَّة الأَفْنان الكثيرة

الورق الوافِرَة الظِّلّ. وأَغْيَل الشجر وتَغَيَّل واسْتَغْيَل: عظُم

والتفَّ. ابن الأَعرابي: الغَوائِل خُروق في الحوض، واحدتها غائِلة؛

وأَنشد:وإِذا الذَّنوب أُحِيل في مُتَثَلِّمٍ،

شُرِبت غَوائل مائِهِ وهُزُوم

والغائلة: الحِقْد الباطن، اسم كالوابِلَة. وفلان قليل الغائلة

والمَغالة أَي الشرّ. الكسائي: الغَوائل الدواهي. والغِيلة، بالكسر: الخَدِيعة

والاغْتِيال. وقُتِل فلان غِيلة أَي خُدْعة، وهو أَن يخدعه فيذهب به إِلى

موضع، فإِذا صار إِليه قتله وقد اغْتِيل. قال أَبو بكر: الغِيلة في كلام

العرب إِيصال الشرّ والقتل إِليه من حيث لا يعلم ولا يشعُر. قال أَبو

العباس: قتله غِيلة إِذا قتله من حيث لا يعلم، وفَتَك به إِذا قتله من حيث

يراه وهو غارٌّ غافِل غير مستعدٍّ. وغال فلاناً كذا وكذا إِذا وصل إِليه

منه شرّ؛ وأَنشد:

وغالَ امْرَأً ما كان يخشى غوائِلَه

أَي أَوصل إِليه الشرَّ من حيث لا يعلم فيستعدّ. ويقال: قد اغْتاله إِذا

فعل به ذلك. وفي حديث عمر: أَنّ صبيّاً قُتل بصَنْعاء غِيلة فقَتل به

عمر سبعة أَي في خُفْية واغْتيال وهو أَن يُخدَع ويُقتَل في موضع لا يراه

فيه أَحد. والغِيلة: فِعْلة من الاغتيال. وفي حديث الدعاء: وأَعوذ بك أَن

أُغْتال من تحتي أَي أُدْهَى من حيث لا أَشعرُ، يريد به الخَسْف.

والغِيلة: الشِّقْشِقَة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

أَصْهَبُ هَدّار لكل أَرْكَبِ،

بغِيلةٍ تنسلُّ نحو الأَنْيبِ

وإِبل غُيُل: كثيرة، وكذلك البقر؛ وأَنشد بيت الأَعشى:

إِنِّي لعَمْر الذي خَطَتْ مَنَاشِبُها

تَخْدِي، وسِيق إِليه الباقِرُ الغُيُلُ

ويروى: خَطَتْ مَناسِمُها، الواحد غَيُول؛ حكى ذلك ابن جني عن أَبي عمرو

الشيباني عن جده. وقال أَبو عمرو: الغَيُول المنفرد من كل شيء، وجمعه

غُيُل، ويروى العُيُل في البيت بعين غير معجمة، يريد الجماعة أَي سِيق

إِليه الباقر الكثير. وقال أَبو منصور: والغُيُل السِّمان أَيضاً.

وغَيْلان: اسم رجل. وغَيْلان بن حُرَيث: من شعرائهم، وكذا وقع في كتاب

سيبويه، وقيل: غَيْلان حرب، قال: ولست منه على ثقة. واسم ذي الرمة:

غَيْلان بن عُقْبة؛ قال ابن بري: من اسمه غَيْلان جماعة: منهم غَيْلان ذو

الرمة، وغَيْلان بن حريث الراجز، وغَيْلان بن خَرَشة الضَّبي، وغيلان ابن

سلمَة الثقفيّ. وأُمّ غَيْلان: شجر السَّمُر.

Expand

غزل

غزل: غَزَلَت المرأَة القطن والكتان وغيرهما تَغْزله غَزْلاً، وكذلك

اغْتَزَلَتْه وهي تَغْزِل بالمِغْزل، ونسوةٌ غُزَّلٌ غَوازُِلُ؛ قال جندل بن

المثنى الحارثي:

كأَنه، بالصَّحْصَحانِ الأَنْجَلِ،

قُطْنٌ سُخامٌ بأَيادي غُزَّلِ

على أَن الغُزَّلَ قد يكون هنا الرجالَ لأَن فُعَّلاً في جمع فاعلٍ من

المذكر أَكثر منه في جمع فاعِلة. والغَزْلُ أَيضاً: المغزول. والغَزْلُ:

ما تغْزِلُه مذكر، والجمع غُزول؛ قال ابن سيده: وسمى سيبويه ما تنسجه

العنكبوت غَزْلاً فقال في قول العجاج:

كأَنّ نَسْجَ العنكبوت المُرْمَل

الغَزْلُ: مذكر، والعنكبوت أُنثى، كذا قال الغَزْل مذكر وأَضرب عن ذكر

النسج الذي في شعر العجاج؛ واستعمال أَبو النجم الغزل في الجبل

(* قوله

«في الجبل» هكذا في الأصل) فقال:

يَنْفِشُ منه الموت ما لا تَغْزِلُه

واسم ما تَغْزلُ به المرأَة المِغْزَلُ والمُغْزَلُ والمَغْزَلُ، تميم

تكسر الميم وقيس تضمها، والأَخيرة أَقلها، والأَصل الضم، وإِنما هو مِنْ

أُغْزِلَ أَي أُدِيرَ وفُتِل. وأَغْزَلَت المرأَة: أَدارت المِغْزَلَ؛ قال

الشاعر:

من السَّيْلِ والغُثَّاءِ فَلْكة مِغْزَل

قال الفراء: وقد استثقلت العرب الضمة في حروف وكسرت ميمها، وأَصلها

الضم، من ذلك مِصْحَف ومِخْدَع ومِجْسَد ومِطْرَف ومِغْزَل، لأَنها في المعنى

أُخذت من أُصْحِف أَي جُمعت فيه الصحف، وكذلك المِغْزَل إِنما هو من

أُغْزِل أَي فُتِل وأُدير فهو مُغْزَل، وفي كتاب لقوم من اليهود: عليكم كذا

وكذا ورُبع المغْزل أَي ربع ما غَزَلَ نساؤكم؛ قال ابن الأَثير: هو

بالكسر الآلة، وبالفتح موضع الغَزْل، وبالضم ما يجعل فيه الغَزْل، وقيل: هو

حُكْم خص به هؤلاء.

والمُغَيْزِل: حبل دقيق؛ قال ابن سيده: أَراه شُبّه بالمِغْزل لدقته؛

قال: حكى ذلك الحِرْمازي؛ وأَنشد:

وقال اللَّواتي كنّ فيها يَلُمْنَني:

لعل الهوى، يوم المُغَيزِل، قاتِلُهْ

والغَزَلُ: حديثُ الفِتْيان والفَتَيات. ابن سيده: الغَزَلُ اللهو مع

النساء، وكذلك المَغْزَلُ؛ قال:

تقول لِيَ العَبْرَى المُصابُ حَلِيلُها:

أَيا مالكٌ هل في الظَّعائِن مَغْزَلُ؟

ومُغازَلَتُهنّ: مُحادثتُهن ومُراوَدتُهنَّ، وقد غازَلَها،

والتَّغَزُّلُ: التكلّف لذلك؛ وأَنشد:

صُلْب العَصا جافٍ عن التَّغَزُّل

تقول: غازَلْتُها وغازَلَتْني، وتَغَزَّلَ أَي تكلف الغَزَلَ، وقد

غَزِلَ غَزلاً وقد تَغَزَّلَ بها وغازَلَها وغازَلَتْه مُغازَلة. ورجل غَزِلٌ:

مُتَغَزِّلٌ بالنساء على النسب أَي ذو غَزَلٍ. وفي المثل: هو أَغْزَلُ

من امرئ القيس. والعرب تقول: أَغْزَلُ من الحُمَّى؛ يريدون أَنها معتادة

للعليل متكررة عليه فكأَنها عاشقة له مُتَغَزلة به. ورجل غَزِلٌ: ضعيف عن

الأَشياء فاترٌ فيها؛ عن ابن الأَعرابي. وغازَلَ الأَرْبَعين: دَنا

منها؛ عن ثعلب.

والغَزالُ من الظِّباء: الشادِنُ قَبْل الإِثْناءِ حين يتحرك ويمشي،

وتشبه به الجارية في التشبيب فيذكّر النعت والفعل على تذكير التشبيه، وقيل:

هو بَعْد الطَّلا، وقيل: هو غَزالٌ من حين تَلِدُهُ أُمُّه إِلى أَن يبلغ

أَشَدَّ الإِحْضار، وذلك حين يَقْرُن قوائمه فيضعها معاً ويرفعها معاً،

والجمع غِزْلة وغِزْلانٌ مثل غِلْمة وغِلْمان، والأُنثى بالهاء، وقد

أَغْزَلَت الظبيةُ. وظبية مُغْزِلٌ: ذات غَزال. وغَزِلَ الكلبُ، بالكسر،

غَزَلاً إِذا طلب الغَزَالَ حتى إِذا أَدركه وثَغا من فَرَقِه انصرف منه

ولهِيَ عنه. ابن الأَعرابي: الغَزَلُ مِنْ غَزِلَ الكلبُ، بالكسر، أَي فَتَر

وهو أَن يطلب الغَزال فإِذا أَحسَّ بالكلب خَرِقَ أَي لَصِقَ بالأَرض

ولَهِيَ عنه الكلبُ وانصرف، فيقال: غَزِلَ واللهِ كلبُك، وهو كلب غَزِلٌ.

ويقال للضعيف الفاتر عن الشيء: غَزِلٌ، ومنه: رجل غَزِلٌ لصاحب النساء

لضعفه عن غير ذلك.

والغَزالةُ: الشمس، وقيل: هي الشمس عند طلوعها، يقال: طلعت الغَزالةُ

ولا يقل غابت الغَزالةُ، ويقال: غرَبت الجَوْنةُ، وإِنما سميت جَوْنةً

لأَنها تَسْودّ عند الغُروب، ويقال: الغَزالةُ الشمس إِذا ارتفع النهار،

وقيل: الغَزالةُ عين الشمس، وغَزالةُ الضحى وغَزالاتُه بعدما تنبسط الشمس

وتُضْحي، وقيل: هو أَول الضحى إِلى مَدِّ النهار الأَكْبَرِ حتى يمضي من

النهار نحوٌ من خُمُسِه. يقال: أَتيتُه غَزالاتِ الضُّحى؛ قال:

يا حَبَّذا، أَيامَ غَيْلانَ، السُّرى

ودَعْوةُ القوم: أَلا هل مِنْ فتًى

يَسُوق بالقوم غَزالاتِ الضحى؟

وأَنشد أَبو عبيد لعُتَيبة بن الحرث اليربوعي:

تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ عَصْراً،

فأَعْجَلْنا الغَزالةَ أَن تَؤُوبا

ويقال: فأَعجلنا الإِلاهةَ وهي المَهاة. ويقال: جاءنا فُلان في غَزالةِ

الضحى؛ قال ذو الرمة:

فأَشرفْتُ، الغزالةَ، رأْسَ حُزْوى

أَراقِبُهم، وما أغنى قِبالا

يعني الأَظْعانَ، ونصب الغزالة على الظرف. وقال ابن خالويه: الغزالة في

بيت ذي الرمة الشمس، وتقديرُه عنده فأَشرفتُ طلوعَ الغَزالةِ، ورأْس

حُزْوى مفعول أَشْرَفْت، على معنى علَوْت أَي علوت رأْس حزوى طلوع الشمس،

وجمعُ غَزالةِ الضحى غَزالاتٌ؛ قال:

دَعَتْ سُلَيْمى دَعْوَةً: هل مِنْ فَتًى

يَسُوقُ بالقوم، غَزالاتِ الضُّحى؟

وغَزالةُ والغَزالةُ: المرأَة الحَرُوريّة معروفة، سميت بأَحد هذه

الأَشياء؛ قال أَيْمُنُ بن خُرَيم:

أَقامَت غَزالةُ سُوقَ الضِّراب،

لأَهْلِ العِراقَيْن، حَوْلاً قَمِيطا

وقال آخر:

هلاَّ كَرَرْتَ على غَزالَة في الوَغى؟

بل كان قَلْبُك في جَناحَيْ طائر

(* هذا البيت لعمران بن حِطّان يتهكم فيه الحجَّاج، وفي رواية أخرى:

هلاّ برزت الى غزالة في الوغى).

وغَزالُ شَعْبانَ: ضربٌ من الجنادب. وغَزالٌ: موضع؛ قال سويد بن عمير

الهذلي:

أَقْرَرْت لمَّا أَن رأَيت عَدِيَّنا،

ونَسِيت ما قدّمْت يومَ غَزالِ

وفَيْفاء غَزالٍ، وقَرْنُ غزال: موضعان. والغَزالةُ: عُشْبة من

السُّطَّاح ينفرش على الأَرض يخرج من وسطه قضيب طويل يُقْشَر ويؤكل حلواً. ودمُ

الغَزال: نبات شبيه بنبات البقلة التي تسمى الطَّرْخُون، يؤكل وله حُروفة،

وهو أَخضر وله عِرق أَحمر مثل عرق الأَرْطاة تخطِّط بمائه مَسَكاً

حُمْراً في أَيديهن. وغَزال وغُزَيّل: اسمان.

Expand

غنا

غنا: في أَسْماء الله عز وجل: الغَنِيُّ. ابن الأثير: هو الذي لا

يَحْتاجُ إلى أَحدٍ في شيءٍ وكلُّ أَحَدٍ مُحْتاجٌ إليه، وهذا هو الغِنى

المُطْلَق ولا يُشارِك الله تعالى فيه غيرُهُ. ومن أَسمائه المُغْني، سبحانه

وتعالى، وهو الذي يُغني من يشاءُ من عِباده. ابن سيده: الغنى، مقصورٌ، ضدُّ

الفَقْر، فإذا فُتِح مُدَّ؛ فأَما قوله:

سَيُغْنِيني الذي أَغْناكَ عني،

فلا فَقْرٌ يدوُمُ ولا غِناءٌ

فإنه: يُروى بالفتح والكسر، فمن رواه بالكسر أَراد مصدَرَ غانَيْت، ومن

رواه بالفتح أَراد الغِنى نَفْسه؛ قال أَبو اسحق: إنما وَجْهُه ولا

غَناء لأَن الغَناء غيرُ خارجٍ عن معنى الغِنى؛ قال: وكذلك أَنشده من يُوثَقُ

بعِلْمِه. وفي الحديث: خيرُ الصَّدَقَةِ ما أَبْقَتْ غِنًى، وفي رواية:

ما كان عن ظَهْرِ غِنًى أَي ما فَضَل عن قُوت العيال وكِفايتِهِمْ، فإذا

أَعْطَيْتَها غَيْرَك أَبْقَيْتَ بعدَها لكَ ولهُم غِنًى، وكانت عن

اسْتِغْناءٍ منكَ ،ومِنْهُم عَنْها، وقيل: خيرُ الصَّدَقَة ما أَغْنَيْتَ به

مَن أَعْطَيْته عن المسأَلة؛ قال: ظاهر هذا الكلامِ أَنه ما أَغْنى عن

المَسْأَلة في وقْتِه أَو يَوْمِه، وأَما أَخْذُه على الإطلاق ففيه مَشقَّة

للعَجْزِ عن ذلك. وفي حديث الخيل: رجلٌ رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفًا

أَي اسْتَغْناءً بها عن الطَّلب من الناس.

وفي حديث الجُمعة: مَن اسْتَغْنى بلَهْوٍ أَو تِجارةٍ اسْتَغْنى الله

عنه، واللهُ غَنِيٌّ حَمِيد، أَي اطَّرَحَه اللهُ ورَمَى به من عَيْنه

فِعْلَ من اسْتَغْنى عن الشيء فلم يَلْتَفِتْ إليه، وقيل: جَزاهُ جَزاءَ

اسْتِغْنائه عنها كقوله تعالى: نَسُوا الله فنَسِيَهُم. وقد غَنِيَ به عنه

غُنْية وأَغْناه الله. وقد غَنِيَ غِنىً واسْتَغْنى واغْتَنى وتَغَانَى

وتَغَنَّى فهو غَنِيٌّ. وفي الحديث: ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ؛

قال أَبو عبيد: كان سفيانُ بنُ عُيَيْنة يقول ليسَ مِنَّا مَنْ لم

يَسْتَغنِ بالقرآن عن غيرِه ولم يَذْهَبْ به إلى الصوت؛ قال أَبو عبيد: وهذا

جائزٌ فاش في كلام العرب، ويقول: تَغَنَّيْت تَغَنِّياً بمعنى

اسْتَغْنَيْت وتَغانَيْتُ تَغانِياً أَيضاً؛ قال الأعشى:

وكُنْتُ امْرَأً زَمَناً بالعِراق،

عَفِيفَ المُناخِ طَويلَ التَّغَنْ

يريد الاسْتِغْناءَ، وقيل: أَرادَ مَنْ لم يَجْهَر بالقراءة. قال

الأزهري: وأَما الحديث الآخر ما أُذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنَبيٍّ يَتَغَنَّى

بالقرآنِ يَجْهَرُ به، قال: فإنَّ عبدَ الملِك أَخْبرني عن الربيع عن

الشافعي أَنه قال معناه تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها، قال: ومما

يُحَقّقُ ذلك الحديثُ الآخرُ زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم، قال: ونحوَ ذلك قال

أبو عبيد؛ وقال أَبو العباس: الذي حَصَّلْناه من حُفَّاظ اللغة في قوله،

صلى الله عليه وسلم: كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ، أَنه على

مَعْنَيَيْنِ: على الاستغناء، وعلى التَّطْرِيبِ؛ قال الأزهري: فمن ذهَب به

إلى الاستغناء فهو من الغِنى، مقصورٌ، ومن ذهَب به إلى التَّطْرِيبِ فهو

من الغِناء الصَّوْتِ، ممدودٌ. الأصمعي في المقصور والممدود: الغِنى من

المال مقصورٌ، ومن السِّماعِ ممدود، وكلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ

فصَوْتُه عند العرب غِناءٌ. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغِناء، بالكسر:

من السَّماع. والغِنَى، مقصورٌ: اليَسارُ. قال ابن الأعرابي: كانت العرب

تتَغَنَّى بالرُّكْبانيِّ،

(*قوله «الركباني» في هامش نسخة من النهاية:

هو نشيد بالمد والتمطيط يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الركباني في

اللهج به والطرب عليه.)

إذا رَكِبَت الإبلَ، وإذا جَلَست في الأفْنِية وعلى أَكثر أَحوالها،

فلمَّا نَزَلَ القرآنُ أَحبَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يكون

هِجِّيرَاهُم بالقرآن مكانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ، وأَوْلُ مَن قرَأَ

بالأَلحانِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي بَكْرة، فَوَرِثَه عنه عَبَيْدُ الله بنُ

عُمر، ولذلك يقال قرأْتُ العُمَرِيَّ، وأَخَذ ذلك عنه سعيدٌ العَلاَّفُ

الإباضيُّ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندي جارِيتان تُغَنِّيانِ

بغِناءِ بُعاثَ أَي تُنْشِدانِ الأشعارَ التي قيلَتْ يومَ بُعاث، وهو

حربٌ كانت بين الأنصار، ولم تُرِدِ الغِناء المعروفَ بين أَهلِ اللَّهْوِ

واللَّعِبِ، وقد رَخَّصَ عمر، رضي الله عنه، في غناءِ الأعرابِ وهو صوتٌ

كالحُداءِ.

واسْتَغْنَى اللهَ: سأَله أَن يُغْنِيهَ؛ عن الهَجَري، قال: وفي الدعاء

اللهمَّ إني أَسْتَغْنِيكَ عن كلِّ حازِمٍ، وأَسْتَعِينُك على كلِّ

ظالِمٍ. وأَغْناهُ اللهُ وغَنَّاه، وقيل: غَنَّاه في الدعاء وأَغْناه في

الخبر، والاسم من الاستغناء عن الشيء الغُنْيَة والغُنْوة والغِنْية

والغُنْيانُ.

وتَغانُوا أَي استغنى بعضهم عن بعض؛ قال المُغيرة ابن حَبْناء

التَّميمي.كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيه حَياتَه،

ونَحْنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانِيَا

واستغنى الرجلُ: أَصابَ غِنًى. أَبو عبيد: أَغْنَى اللهُ الرجلَ حتى

غَنِيَ غِنًى أَي صار له مالٌ، وأًقناه اللهُ حتى قَنِيَ قِنًى وهو أَن

يَصيرَ له قِنيةٌ من المال. قال الله عز وجل: وأَنّهُ هو أَغْنَى وأَقْنى.

وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنَّ غُلاماً لأَناسٍ فُقِراء قَطَع أُذُنَ

غُلامٍ لأَغْنِياءَ، فأَتَى أَهلُه النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم

يَجْعَلْ عليه شيئاً. قال ابن الأثير: قال الخطَّابي كانَ الغلامُ الجاني

حُرًّا وكانت جِنايتُه خَطَأَ وكانت عاقِلَتُه فقراءَ فلا شيء عليهم

لفَقْرِهم. قال: ويُشْبِه أَن يكون الغلامُ المَجْنيّ عليه حُرًّا أَيضاً، لأنه

لو كان عبداً لم يكن لاعتذارِ أَهلِ الجاني بالفَقْرِ معنًى، لأن العاقلة

لا تَحْمِلُ عبداً كما لا تحْمِلُ عَمْداً ولا اعترافاً، فأمّا المَمْلوك

إذا جنَى على عَبْدٍ أو حُرٍّ فجنايَتُه في رَقَبَتِه، وللفُقهاء في

اسْتِيفائها منه خلافٌ؛ وقول أبي المُثَلّم:

لَعَمْرُكَ والمَنايا غالِياتٌ، * وما تُغْني التَّمِيماتُ الحِمامَا

(* قوله «غاليات» هو هكذا في المحكم بالمثناة.)

أراد من الحِمامِ، فحذَفَ وعَدَّى. قال ابن سيده: فأَما ما أُثِرَ من

أَنه قيلَ لابْنةِ الخُسِّ ما مِائةٌ من الضأْنِ فقالت غِني، فرُوِي أَن

بعضَهم قال: الغِنَى اسمُ المِائةِ من الغَنمِ، قال: وهذا غيرُ معروفٍ في

موضوعِ اللغةِ، وإنما أَرادَتْ أَن ذلك العدَدَ غِنًى لمالِكِه كما قيل

لها عند ذلك وما مِائةٌ من الإبلِ فقالت مُنى، فقيل لها: وما مِائة من

الخيل؟ فقالت: لا تُرَى؛ فمُنى ولا تُرَى ليسا باسمَين للمائة من الإبلِ

والمِائةِ من الخَيْلِ، وكتَسْمِية أبي النَّجْم في بعضِ شعْره الحِرْباء

بالشقِيِّ، وليس الشَّقِيُّ باسمٍ للحِرْباء، وإنما سمَّاه به

لمكابَدَتِه للشمسِ واستِقبالِه لها، وهذا النحوُ كثيرٌ. والغَنِيُّ والغاني: ذُو

الوَفْرِ؛ أَنشد ابن الأعرابي لعَقِيل بن عُلَّفة قال:

أَرى المالَ يَغْشَى ذا الوُصُومِ فلا تُرى،

ويُدْعى من الأشرافِ مَن كان غانِيا

وقال طرفة:

وإن كنتَ عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ

ورجل غانٍ عن كذا أَي مُسْتَغْنٍ، وقد غَنِيَ عنه. وما لَك عنه غِنًى

ولا غُنْيَةٌ ولا غُنْيانٌ ولا مَغْنًى أَي ما لك عنهُ بُدٌّ. ويقال: ما

يُغْني عنك هذا أي

ما يُجْزِئُ عنك وما يَنْفَعُك. وقال في معتل الألف: عنه غُنْوَةٌ أَي

غِنًى؛ حكاه اللحياني عن الكسائي، والمعروف غُنية. والغانيَةُ من

النساء: التي غَنِيَتْ بالزَّوْج؛ وقال جميل:

أُحبُّ الأيامى: إذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ،

وأَحْبَبْتُ لمَّا أَن غَنِيتِ الغَوانيا

وغَنِيَت المرأةُ بزَوْجِها غُنْياناً أَي اسْتَغْنَتْ، قال قَيْسُ بنُ

الخَطيم:

أَجَدَّ بعَمْرة غُنْيانُها،

فتَهْجُرَ أَمْ شانُنا شانُها؟

والغانِيَةُ من النساء: الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوانٍ؛ وأَنشد

ابن بري لنُصَيْب:

فهَل تَعُودَنْ لَيالينا بذي سَلمٍ،

كما بَدَأْنَ، وأَيّامي بها الأُوَلُ

أَيّامُ لَيلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ،

وأَنتَ أَمْرَدُ معروفٌ لَك الغَزَلُ

والغانية: التي غَنِيَتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، وقيل: هي التي

تُطْلَب ولا تَطْلُب، وقيل: هي التي غَنِيَتْ ببَيْتِ أَبَويْها ولم

يَقَعْ عليها سِباءٌ. قال ابن سيده: وهذه أَعْزَبُها؛ وهي عن ابن جني، وقيل:

هي الشابَّة العَفيفة، كان لها زَوْجٌ أَو لم يكُنْ. الفراء: الأَغْناءُ

إملاكاتُ العَرائسِ. وقال ابن الأعرابي: الغِنى التَّزْويجُ، والعَرَبُ

تقول: الغِنى حِصْنُ العَزَب أَي التَّزْويجُ. أَبو عبيدة: الغَواني

ذواتُ الأزْواج؛ وأَنشد:

أَزْمانُ ليلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ

وقال ابن السكيت عن عمارة: الغَواني الشَّوابُّ اللَّواتي يُعْجِبْنَ

الرجالَ ويُعْجِبُهُنَّ الشُّبَّانُ. وقال غيره: الغانية الجاريَةُ

الحَسْناءُ، ذاتَ زوْج كانت أَو غيرَ ذاتِ زَوْج، سميِّتْ غانِيَة لأنها

غَنِيَتْ بحُسْنِها عن الزينَة. وقال ابن شميل: كلُّ امْرأَة غانِيَةٌ، وجمعها

الغَواني؛ وأَما قول ابنِ قيس الرُّقَيَّات:

لا بارَكَ اللهُ في الغَوانِي، هَلْ

يُصْبِحْنَ إلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَب؟

فإنما حرَّك الياءَ بالكَسْرة للضَّرُُورة ورَدَّه إلى أَصْله، وجائزٌ

في الشعر أَن يُرَدَّ الشيءُ إلى أَصْله

وأَخُو الغَوَانِ متى يَشأْ يَصْرِمْنَهُ،

ويَعُدْنَ أَعْداءً بُعَيْدَ ودادِ

إنما أَراد الغَواني، فحذَف الياء تشبيهاً لِلام المَعْرفة بالتنوين من

حيث كانت هذه الأشياءُ من خَواصِّ الأَسماء، فحذَفَ الياءَ لأَجل اللام

كما تحذِفها لأجل التنوين؛ وقول المثَقّب العَبْدي:

هَلْ عندَ غانٍ لفُؤادٍ صَدِ،

مِنْ نَهْلَةٍ في اليَوْمِ أَوْ في غَدِ؟

إنما أَراد غانِيَةِ فذَكّرَ على إرادة الشخص، وقد غَنِيَتْ غِنًى.

وأَغْنى عنه غَناء فلانٍ ومَغْناه ومَغْناتَه ومُغْناهُ ومُغْناتَه:

نابَ عنه وأَجْزَأَ عنه مُجْزَأَه. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ.

والغَناءُ، بفتح الغين ممدودٌ: الإجْزاءُ والكفايَة. يقال: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي

مُجْزئٌ كافٍ؛ قال ابن بري: الغَناءُ مصدرُ أَغْنى عنْكَ أَي كَفاكَ على

حَذْفِ الزّوائد مثل قوله:

وبعْدَ عَطائِك المائَةَ الرِّتاعا

وفي حديث عثمان: أَنّ عَلِيًّا ، رضي الله عنهُما، بَعث إليه بصَحيفة

فقال للرّسول أَغْنِها عَنَّا أَي اصْرفْها وكُفَّها، كقوله تعالى: لكلِّ

امْرِئٍ منهم يومئذ شأْنٌ يُغْنِيه؛ أَي يَكُفُّه ويَكْفِيه. يقال:

أَغْنِ عَني شَرَّكَ أَي اصْرِفْه وكُفَّهُ؛ ومنه قوله تعالى: لَنْ يُغْنُوا

عَنْكَ من الله شيئاً؛ وحديث ابن مسعود: وأَنا لا أُغْني لو كانت

مَنَعَة أَي لو كان مَعِي مَنْ يَمْنَعُني لكَفَيْت شَرَّهم وصَرَفْتُهم. وما

فيه غَناءُ ذلك أَي إقامَتُه والاضْطلاعُ به .

Expand

غلا

غلا: الغَلاءُ: نَقيضُ الرُّخْصِ. غَلا السِّعْرُ وغيرُه يَغْلُو

غَلاءً، ممدود، فهو غالٍ وغَلِيٌّ؛ الأَخيرة عن كراعٍ. وأَغْلاهُ الله: جَعَلَه

غالِياً. وغالى بالشيءِ: اشْتَراهُ بثَمنٍ غالٍ. وغالى بالشيءِ

وغَلاَّه: سامَ فأَبْعَطَ؛ قال الشاعر:

نُغالي اللَّحمَ للأَضْيافِ نِيئاً،

ونُرْخِصُهُ إِذا نَضِجَ القَديرُ

فحذف الباء وهو يريدُها، كما يقال لَعِبْتُ الكِعابَ ولَعِبْتُ

بالكِعابِ، المعنى نُغالي باللحمِ. وقال أَبو مالك: نُغالي اللحمَ نَشتَريه

غالياً ثم نَبْذُلُه ونُطْعِمُه إِذا نَضِجَ في قُدُورِنا. ويقال أَيضاً:

أَغْلى؛ قال الشاعر:

كأَنَّها دُرَّة أَغْلى التِّجارُ بها

وقال ابن بري: شاهدُ أَغْلى اللحمَ قول شَبيب بن البَرْصاء:

وإِني لأَغْلي اللحمَ نِيئاً، وإنَّني

لمُمْسٍ بهَيْنِ اللحم، وهو نَضِيجُ

الفراء: غالَيْتُ اللحمَ وغالَيتُ باللحم جائز. ويقال: غالَيتُ صَداق

المرأَة أَي أَغْلَيته؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه: لا تُغالوا صُدُقات

النساء، وفي رواية: لا تُغالوا صُدُقَ النساء، وفي رواية: في صَدُقاتِهنَّ،

أَي لا تُبالِغُوا في كثرة الصَّداقِ، وأَصلُ الغَلاء الارتفاعُ

ومُجاوَزة القَدْرِ في كلِّ شيء. وبِعْتُه بالغَلاءِ والغالي والغَلِيّ؛ كلهنَّ

عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:

ولو أَنَّا نُباعُ كَلامَ سَلْمى،

لأَعْطَيْنا به ثَمَناً غَلِيَّا

وغَلا في الدِّينِ والأَمْر يَغْلُو غُلُوّاً: جاوَزَ حَدَّه. وفي

التنزيل: لا تَغْلُوا في دينِكم؛ وقال الحَرِث بن خالد:

خُمْصانة قَلِق مُوَشَّحُها،

رُؤْد الشَّبابِ غَلا بها عَظْمُ

التهذيب: وقال بعضهم غَلَوْت في الأَمر غُلُوّاً وغَلانِيَةً وغَلانِياً

إِذا جاوزْتَ فيه الحَدّ وأفْرَطْت فيه؛ قال الأَعشى: أَنشده ابن بري:

أَوْ زِدْ عليه الغَلانِيا

وفي التهذيب: زادوا فيه النونَ؛ قال ذو الرمة:

وذو الشَّنْءِ فاشْنَأْه، وذو الوِدِّ فاجْزِه

على وِدِّه، وازْدَدْ عليه الغَلانِيا

زاد فيه النونَ. وفي الحديث: إِياكم والغُلُوَّ في الدين أَي

التَّشَدُّدَ فيه ومجاوَزة الحَدِّ، كالحديث الآخر: إِنَّ هذا الدينَ مَتِينٌ

فأَوْغِلْ فيه بِرفْقٍ، وقيل: معناه البحثُ عن بواطنِ الأَشْياء والكَشْفُ عن

عِلَلِها وغَوامِضِ مُتَعَبَّداتِها؛ ومنه الحديث:

وحاملُ القرآن غيرُ الغالي فيه ولا الجافي عنه، إِنما قال ذلك لأَنَّ من

آدابه وأَخلاقِه التي أَمرَ بها القَصْدَ في الأُمورِ، وخيرُ الأُمورِ

أَوْساطُها.

و:

كلا طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ

والغُلُوُّ: الإِعْداءُ. وغَلا بالسَّهْمِ يَغْلُو غَلْواً وغُلُوًّا

وغالَى به غِلاءً: رَفَع يدَه يريد به أَقْصَى الغاية وهو من التجاوزِ؛

ومنه قول الشاعر:

كالسَّهْمِ أَرْسَلَه من كَفِّه الغالي

وقال الليث: رمى به؛ وأَنشد للشماخ:

كما سَطَع المِرِّيخُ شَمَّره الغالي

والمُغالي بالسِّهْمِ: الرافِعُ يدَه يريدُ به أَقصَى الغايةِ. ورجلٌ

غَلاَّءٌ: بَعيدُ الغُلُوِّ بالسِّهْم؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي يصف

حَلْبَة:

أَمْسَوْا فَقادُوهُنّ حولَ المِيطاءْ

بمائَتَيْن بغِلاءِ الغَلاَّءْ

وغَلا السَّهْمُ نفسُه: ارتفَع في ذَهابِه وجاوَزَ المَدَى، وكذلك

الحجَر، وكلُّ مَرْماةٍ من ذلك غَلْوَةٌ؛ وأَنشد:

من مائةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال

وكلُّه من الارتفاعِ والتَّجاوزِ، والجمعُ غَلَواتٌ وغِلاءٌ.

وفي الحديث: أَهْدَى له يَكْسُومُ سِلاحاً وفيه سَهْم فسَمَّاه قِتْرَ

الغِلاءِ؛ الغِلاء، بالكسر والمدّ: من غالَيْته أُغالِيه مُغالاةً وغِلاءً

إِذا رامَيْتَه، والقِترُ سَهْم الهَدَف، وهي أَيضاً أَمَدُ جَرْيِ

الفَرَسِ وشوْطِه، والأَصلُ الأَول.

وفي حديث ابن عمر: بَيْنه وبينَ الطَّرِيق غَلْوةٌ؛ الغَلْوَةُ: قدرُ

رَمْيةٍ بسَهْمٍ، وقد تُسْتَعْمَل الغَلْوة في سِباقِ الخَيْل، والغَلْوَةُ

الغاية مقدار رَمْيةٍ. وفي المثل: جَرْيُ المُذْكيات غِلاءٌ.

والمِغْلاةُ: سهمٌ يُتَّخَذُ لمغالاة الغَلْوَة، ويقال له المِغْلَى،

بلا هاءٍ؛ قال ابن سيده: والمِغْلى سَهْمٌ تُعْلى به أَي تُرْفَعُ به

اليَدُ حتى يَتَجاوزَ المِقدارَ أَو يقارِب ذلك. وسهمُ الغِلاءِ، ممدودٌ:

السهمُ الذي يقدَّر به مَدَى الأَمْيالِ والفراسِخِ والأَرضِ التي يُسْتَبَقُ

إِليها. التهذيب: الفَرْسَخ التامُّ خمسٌ وعشرون غَلْوَةً.

والغُلُوُّ في القافِية: حَرَكَةُ الرَّوِيّ الساكِنِ بعد تمامِ الوزنِ،

والغالي: نونٌ زائدة بعد تلك الحركة، وذلك نحو قوله في إنشادِ من أَنشده

هكذا:

وقاتِم الأَعْماقِ خاوي المُخْتَرَقِنْ

فحركة القافِ هي الغُلُوُّ، والنونُ

بعد ذلك هي الغالي، وإنما اشتُقَّ من الغُلُوِّ الذي هو التجاوُزُ لقدر

ما يحبُ، وهو عندهم أَفْحَشُ من التَّعَدّي، وقد ذكرنا التَّعَدِّيَ في

الموضع الذي يَليق به، ولا يُعْتَدُّ به في الوزنِ لأَنَّ الوزنَ قد

تَناهَى قبلَه، جعلوا ذلك في آخرِ البيت بمَنْزلة الخَزْمِ في أَوَّله.

والدابَّة تَغْلُو في سَيْرِها غَلْواً وتَغْتَلي بخفَّةِ قوائمِها؛

وأَنشد:فَهْي أَمامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي

ابن سيده: وغَلَتِ الدابة في سَيرِها غُلُوًّا واغْتَلت ارْتَفَعَت

فجاوَزَت حُسْنَ السَّيْر؛ قال الأَعشى:

جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،

إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا

والاغْتِلاءُ: الإِسْراعُ؛ قال الشاعر:

كَيْفَ تَراها تَغْتَلي يا شَرْجُ،

وقد سَهَجْناها فَطال السَّهْجُ؟

وناقةٌ مِغْلاةُ الوهَقِ إِذا تَوَهَّقت أَخفافُها؛ قال رؤبة:

تَنَشَّطَتهُ كلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ،

مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ

الهاء للمُخْتَرَق، وهو المفازة. وغَلا بالجارِية والغلام عَظْمٌ

غُلُوًّا: وذلك في سرعة شبابهما وسَبْقِهِما لداتِهِما، وهو من

التجاوُزِ.وغُلْوانُ الشَّبابِ وغُلَواؤُه: سُرْعَتُه وأَوَّله. أَبو عبيد:

الغُلَواءُ، ممدودٌ، سرعةُ الشبابِ؛ وأنشد قول ابن الرُّقَيَّات:

لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،

ومَضَتْ على غُلَوائِها

وقال آخر:

فَمَضَى عَلى غُلَوائِهِ، وكأَنَّه

نَجْمٌ سَرَتْ عَنْهُ الغُيُومُ فَلاحَا

وقال طُفَيْل:

فَمَشَوْا إِلى الهَيْجاءِ، في غُلَوائِها،

مَشْيَ اللُّيُوثِ بكُلِّ أَبْيَضَ مُذْهَبِ

وفي حديث علي، رضي الله عنه: شُمُوخُ أَنْفِه وسُمُوُّ غُلَوائِه؛

غُلَواءُ الشبابِ: أَوَّلُه وشِرَّتُه؛ وقال ابن السكيت في قول الشاعر:

خُمْصانَة قَلِق مُوَشَّحُها،

رُؤد الشبابِ غَلا بِها عَظْمُ

قال: هذا مثلُ قول ابن الرقيات:

لمْ تَلْتَفِتْ لِلِداتِها،

ومَضَتْ على غُلَوائِها

وكما قال:

كالغُصْنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ

وقال غيرُه: الغالي اللّحْمُ السَّمِينُ، أُخِذَ منه قوله: غَلا بها

عَظْمُ إِذا سَمِنَتْ؛ وقال أَبو وجْزَة السَّعْدي:

تَوَسَّطَها غالٍ عَتِيقٌ، وزانَها

مُعَرّسُ مَهْرِيٍّ، به الذَّيْلُ يَلْمَعُ

أَراد بمُعَرّس مَهْرِيّ حَمْلَها الذي أَجَنَّتْه في رَحِمِها من

ضِرابِ جَملٍ مَهْرِيّ أَي تَوَسَّطَها شَحْم عَتِيق في سنامِها. ويقال للشيء

إذا ارْتَفَع: قد غَلا؛ قال ذو الرمة:

فما زالَ يَغْلُو حُبُّ مَيَّة عنْدَنا،

ويَزْدادُ حتى لم نَجِدْ ما نَزِيدُها

وغَلا النَّبْت: ارْتَفَع وعَظُمَ والْتَفَّ قال لبيد:

فغَلا فُرُوعُ الأَيْهُقانِ ، وأَطْفَلَتْ،

بالجَلْهَتَيْنِ ، ظِباؤُها ونَعامُها

وكذلك تغالى واغْلَوْلَى؛ قال ذو الرمة:

مِمَّا تَغَالَى مِنَ البُهْمَى ذَوائِبُه

بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عنه الأَكامِيمُ

وأَغْلى الكَرْمُ: التَفّ وَرَقُه وكَثُرَتْ نوامِيهِ وطالَ،

وأَغْلاهُ: خَفَّفَ من وَرَقِه لِيَرتَفِعَ ويَجُودَ. وكلّ ما ارْتَفَع فقدْ غَلا

وتَغالى. وتَغالى لَحْمُه: انْحَسر عند الضَّمادِ كأَنّه ضِدٌّ. التهذيب: وتَغالى لحمُ الدابَّة أَو الناقة إذا ارتفع وذهَب، وقيل: إذا

انْحَسَرَ عندَ التَّضْمِير؛ قال لبيد:

فإذا تَغالى لَحْمُها وتحَسَّرَتْ،

وتقَطَّعت بعدَ الكَلالِ خِدامُها

تغالى لَحْمُها أَي ارْتفَع وصارَ على رُؤوس العِظام، ورواه ثعلب بالعين

غير المعجمة. والغُلَواءُ: الغُلُوُّ. وغَلْوى: اسمُ فرَسٍ مَشْهورَةٍ.

وغَلَتِ القِدرُ والجَرَّةُ تَغْلي غَلْياً وغَلَياناً وأَغْلاها

وغَلاَّها، ولا يقال غَلِيتْ؛ قال أَبو الأَسود الدُّؤَ :

ولا أَقولُ لِقدرِ القَوْمِ: قدْ غَلِيتْ،

ولا أَقولُ لبابِ الدَّارِ: مَغْلُوقُ

أَي أَني فَصِيح لا أَلْحَنُ. ابن سيده: قال ابن دريد وفي بعْضِ كلامِ

الأَوائِلِ أَنَّ ماءً وغَلِّه، قال: وبعضهم يرويه: أُزَّ ماءً

وغَلِّه.والغالِيَةُ من الطِّيب: معروفة وقد تَغَلَّى بها؛ عن ثعلب ، وغَلَّى

غَيرَه. يقال: إنَّ أَولَ منْ سَمَّاها بذلك سليمانُ بنُ عبدِ المَلكِ،

ويقال منها تَغَلَّلتُ وتَغَلَّفْتُ وتَغَلَّيْت، كله من الغالية. وقال

أَبو نصر: سألت الأَصمعي هل يجوز تغَلَّلت؟ فقال: إنْ أَرَدْتَ أَنَّكَ

أَدْخَلْتَه في لِحْيَتِك أو شارِبك فجائِزٌ. والغَلْوى: الغالية في قول

عَديّ ابن زيد:

يَنْفَحُ من أَرْدانِها المِسْكُ والـ

ـعَنْبَرُ والغَلْوى ولُبْنى قَفُوص

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنتُ أُغَلِّفُ لِحْيَةَ رسولِ الله،

صلى الله عليه وسلم، بالغالِيةِ؛ قال: هو نوعٌ من الطِّيب مَرَكَّبٌ من

مِسْكٍ وعَنْبَرٍ وعُودٍ ودُهْنٍ، وهي معروفة، والتَّغلُّف بها

التَّلَطُّخ.

Expand
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.