[أم] أَمْ حَرْفُ عَطْفٍ ومعناه الاسْتِفْهَامُ وتكونُ بمَعْنَى بَلْ وفي التنزيلِ {أم يقولون افتراه} يونس 38 قال الزجَّاجُ المَعْنَى بَلْ أَيَقولُونَ افْتَراهُ
(أم)
حرف للمعادلة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام الْمَطْلُوب بعْدهَا تعْيين أحد الشَّيْئَيْنِ نَحْو {أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون}
وَتَأْتِي بِمَعْنى بل مثل {هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير أم هَل تستوي الظُّلُمَات والنور}
وتستعمل فِي لُغَة الْيمن بدل أل مثل (لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر)
حرف للمعادلة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام الْمَطْلُوب بعْدهَا تعْيين أحد الشَّيْئَيْنِ نَحْو {أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون}
وَتَأْتِي بِمَعْنى بل مثل {هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير أم هَل تستوي الظُّلُمَات والنور}
وتستعمل فِي لُغَة الْيمن بدل أل مثل (لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر)
أم: أَمْ: حرف استفهامٍ على أوّله، فيصير في المعنى كأنّه استفهامٌ بَعْدَ استفهامٍ، وتفسيرها في باب (أو) .. ويكون (أَمْ) بمعنى (بل) ، ويكون (بَلْ) الاستفهام بعينها، كقولك: أم عندكم غداً حاضر؟، أي: أعندكم، وهي لغَة حَسَنة. ويكون (أَمْ) مبتدأ الكلام في الخبر، وهي لغةٌ يمانيّة، يقول قائلُهم: هو من خيار النّاس أم يُطْعِمُ الطَّعامَ أم يضرب الهام.. وهو يُخْبِر.
أم وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَنه دخل على عُثْمَان [رَحمَه الله -] وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ [لَهُ -] : طَابَ امضرب. [قَالَ -] فَأمره عُثْمَان أَن يلقِي سلاحه. قَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ: طَابَ الضَّرْب يَعْنِي أَنه قد حل الْقِتَال وطاب. قَالَ: وَهَذِه لُغَة أهل الْيمن أَو قَالَ: [لُغَة -] حمير [وأنشدني: (المنسرح)
ذَاك خليلي وَذُو يُعاتبني ... يَرْمِي ورائي بامْسَهمْ وامْسَلِمهْ
يُرِيد: بِالسَّهْمِ والسلمة (والسلمة -) واحده: السَّلَام. وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر يُرِيد: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَبَعْضهمْ يرويهِ هَكَذَا بِإِظْهَار اللامات] .
ذَاك خليلي وَذُو يُعاتبني ... يَرْمِي ورائي بامْسَهمْ وامْسَلِمهْ
يُرِيد: بِالسَّهْمِ والسلمة (والسلمة -) واحده: السَّلَام. وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر يُرِيد: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَبَعْضهمْ يرويهِ هَكَذَا بِإِظْهَار اللامات] .
أم
أَمْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف عطف للمعادلة بعد همزة
الاستفهام، وقد تحذف الهمزة، وهو يفيد الاتصال ويقع بين شيئين مرتبطين ارتباطًا وثيقًا وهذا النوع يتطلَّب جوابًا بذكر أحد المعادلين "أتعرف الجواب أم لا؟ - أأنت المدرسُ أم أخوك؟ ".
2 - حرف عطف للاتِّصال يفيد التسوية إذا سبق بهمزة التسوية وبكلمة سواء أو ما شابهها، ووقع بين جملتين يصحّ حلول المصدر محلّهما، وهذا النوع لا يتطلّب جوابًا "سواء عندي أحضرت أم لم تحضر: حضورك وعدمه سواء- {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا}: جزعنا وصبرنا سواء".
3 - حرف عطف بمعنى بل، يفيد الانقطاع ويقع بين جملتين مستقلّتين في معناهما، ولذا فهو يفيد الإضراب؛ أي: العدول عن الكلام السابق والالتفات إلى ما بعده " {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} ".
أَمْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف عطف للمعادلة بعد همزة
الاستفهام، وقد تحذف الهمزة، وهو يفيد الاتصال ويقع بين شيئين مرتبطين ارتباطًا وثيقًا وهذا النوع يتطلَّب جوابًا بذكر أحد المعادلين "أتعرف الجواب أم لا؟ - أأنت المدرسُ أم أخوك؟ ".
2 - حرف عطف للاتِّصال يفيد التسوية إذا سبق بهمزة التسوية وبكلمة سواء أو ما شابهها، ووقع بين جملتين يصحّ حلول المصدر محلّهما، وهذا النوع لا يتطلّب جوابًا "سواء عندي أحضرت أم لم تحضر: حضورك وعدمه سواء- {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا}: جزعنا وصبرنا سواء".
3 - حرف عطف بمعنى بل، يفيد الانقطاع ويقع بين جملتين مستقلّتين في معناهما، ولذا فهو يفيد الإضراب؛ أي: العدول عن الكلام السابق والالتفات إلى ما بعده " {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} ".
أ م : وَأَمْ تَكُونُ مُتَّصِلَةً وَمُنْفَصِلَةً فَالْمُنْفَصِلَةُ بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا وَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا خَبَرًا وَاسْتِفْهَامًا مِثَالُهَا فِي الْخَبَرِ إنَّهَا لَإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ وَفِي الِاسْتِفْهَامِ هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ أَمْ عَمْرٌو؟
وَتُسَمَّى مُنْقَطِعَةً لِانْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا وَاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ كَلَامًا تَامًّا وَالْمُتَّصِلَةُ يَلْزَمُهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ بِمَعْنَى أَيِّهِمَا وَلِهَذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَهَا كَلَامًا وَاحِدًا وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيَجِبُ أَنْ يُعَادِلَ مَا بَعْدَهَا مَا قَبْلَهَا فِي الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ اسْمًا أَوْ فِعْلًا كَانَ الثَّانِي مِثْلَهُ نَحْوُ أَزَيْدٌ قَائِمٌ أَمْ قَاعِدٌ وَأَقَامَ زَيْدٌ أَمْ قَعَدَ لِأَنَّهَا لِطَلَبِ تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يُسْأَلُ بِهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يُجَابُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدَّعِي حُدُوثَ أَحَدِهِمَا وَيَسْأَلُ عَنْ تَعْيِينِهِ.
وَتُسَمَّى مُنْقَطِعَةً لِانْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا وَاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ كَلَامًا تَامًّا وَالْمُتَّصِلَةُ يَلْزَمُهَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ بِمَعْنَى أَيِّهِمَا وَلِهَذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَهَا كَلَامًا وَاحِدًا وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيَجِبُ أَنْ يُعَادِلَ مَا بَعْدَهَا مَا قَبْلَهَا فِي الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ اسْمًا أَوْ فِعْلًا كَانَ الثَّانِي مِثْلَهُ نَحْوُ أَزَيْدٌ قَائِمٌ أَمْ قَاعِدٌ وَأَقَامَ زَيْدٌ أَمْ قَعَدَ لِأَنَّهَا لِطَلَبِ تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَا يُسْأَلُ بِهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا وَلَا يُجَابُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدَّعِي حُدُوثَ أَحَدِهِمَا وَيَسْأَلُ عَنْ تَعْيِينِهِ.
أم
قَالَ اللَّهُ - تَعالَى -: {آلم~ (1) تَنزِيلُ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} وَهَذَا لم يَكُنْ أصلُه استفهامًا، وَلَيْسَ قَوْله: {أم يَقُولُونَ افتراه} شَكًّا وَلكنه قَالَ هَذَا لتقبيح صَنِيعِهم، ثمَّ قَالَ: {بل هُوَ الْحق من رَبك} كأنّه أَرَادَ أَن يُنَبِّه على مَا قالُوه، نَحْو قولِكَ للرَّجُلِ: الخَيْرُ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمْ الشَّرُّ، وَأَنت تَعْلَم أَنَّه يَقُول الخَيْر، وَلَكِن أردتَ أَن تُقَبِّحَ عِنْده مَا صَنَعَ. هَذَا كُلُّه نَصُّ الصّحاح. وَقَالَ الفَرَّاءُ: وَرُبَّما جَعَلَت العربُ " أَمْ " إِذا سَبَقَها اسْتِفهامٌ وَلَا يَصْلُح فِيهِ " أَمْ " على جِهَةِ " بَلْ " فيقولُون: هَلْ لَكَ قِبَلَنا حَقٌّ أَمْ أَنْتَ رجلٌ مَعروفٌ بالظُّلْمِ، يُرِيدُونَ: بَلْ أَنتَ رجلٌ معروفٌ بالظُّلْمِ، وَأنْشد:
(فَواللَّهِ مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ ... أَمِ النَّوْمُ أَمْ كُلٌّ إِلَىَّ حَبِيبُ)
يُرِيد " بَلْ " كُلٌّ. (و) قد تكون (بِمَعْنَى أَلِفِ الاسْتِفْهام) كَقَوْلِك: أَمْ عِنْدَك غَداءٌ حاضِرٌ، وأنتَ تُرِيد: أَعِنْدَك غَداءٌ حاضِرٌ؟ قَالَ اللّيْثُ: وَهِي لغةٌ حَسَنَةٌ من لُغاتِ العَرَب. قَالَ الأَزْهَريّ: وَهَذَا يجوزُ إِذا سَبَقَه كلامٌ. قَالَ الجوهريّ: (وَقَدْ تَدْخُلُ) أَمْ (عَلَى هَلْ) تقولُ: أَمْ هَلْ عِنْدَك عَمْروٌ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ بن عَبَدة:
(أَمْ هَلْ كَبِيرٌ بَكَى لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه ... إِثْرَ الأَحِبَّةِ يَوْمَ البَيْنِ مَشْكُومُ) قَالَ ابنُ بَرِّي: " أَمْ " هُنا منقطعةٌ اسْتَأَنَف السُّؤَالَ بهَا فَأَدْخَلها على " هَلْ " لِتَقَدُّم " هَلْ " فِي الْبَيْت قبلَه وَهُوَ
(هَلْ مَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتَوْدَعْتَ مَكْتُومُ ... )
ثمَّ استَأنَفَ السؤالَ " {بأَمْ " فَقَالَ: أَمْ هَلْ كَبِيرٌ، قَالَ: ومثلُهُ قولُ الجَحّافِ ابْن حَكِيم:
(أَبَا مالِكٍ هَلْ لُمْتَنِي مُذْ حَضَضْتَنِي ... عَلى القَتلِ أَمْ هَلْ لامَنِي منكَ لائِمُ)
قَالَ: إِلَّا أَنَّه مَتى دَخَلَتْ " أَمْ " على " هَلْ " بَطَلَ مِنْهَا معنى الِاسْتِفْهَام، وإِنّما دَخَلَتْ أَمْ على هَلْ لأَنَّها لِخُروجٍ من كلامٍ إِلَى كَلامٍ، فَلهَذَا السَّبَب دَخَلَت على هَلْ فَقُلْتَ: أَمْ هَلْ، وَلم تَقُلْ: أَهَلْ. قَالَ الجوهريّ: وَلَا تدخلُ " أَمْ " على الأَلِف، لَا تَقول أَعِنْدَكَ زيدٌ أَمْ أَعِنْدَك عَمْرٌ و؛ لأنّ أَصلَ مَا وُضِعَ للاسْتِفهام حرفان: أحدُهما الأَلِفُ وَلَا تقع إِلَّا فِي أَوّلِ الكَلامِ، وَالثَّانِي أَمْ وَلَا تقع إِلّا فِي وَسَط الكَلامِ، وَهَلْ إِنَّما أُقِيم مُقامَ الأَلف فِي الِاسْتِفْهَام فَقَط، وَلذَلِك لم تَقَعْ فِي كُلّ مَواقِع الأَصْل. (و) رُوِيَ عَن أبي حَاتِم قَالَ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أم (قَدْ تَكُون زائدَةً) لُغَةُ أَهْلِ اليَمَنِ، وَأنْشد:
(يَا دَهْنَ أَمْ مَا كانَ مَشْيِي رَقَصَا ... )
(بَلْ قَدْ تَكُون مِشْيَتِي تَوَقُّصَا ... )
أرادَ: يَا دَهْناءُ فرَخَّم.} وأَمْ زائدةٌ، أَرَادَ: مَا كَانَ مَشْيِي رَقَصًا، أَي: كنتُ أَتَوَقَّصُ وَأَنا فِي شَبِيبَتي، وَالْيَوْم قد أَسْنَنْتُ حَتَّى صَار مَشْيِي رَقَصًا. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أبي زَيْدٍ، وَغَيْرُهُ يذهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْله: أَمْ مَا كَانَ مَشْيِي رَقَصا مَعْطُوف على مَحْذُوف تقدّم. الْمَعْنى: كَأَنَّه قَالَ: يَا دَهْنَ أكانَ مَشْيِي رَقَصًا أَمْ مَا كَانَ كذلِكَ.
[] وَمِمّا يُسْتَدْرك عَلَيْهِ: تكونُ " أَمْ " بِلُغَةِ بعض أَهْلِ اليَمَنِ بِمَعْنى الأَلِف واللَّامِ، وَفِي الحَدِيث: " لَيسَ من امْبِرِّ أَمْصِيامُ فِي امْسَفَرِ ": أَي: لَيْسَ من البِّر الصِّيامُ فِي السَّفَرِ.
(! أَمْ) مُخَفَّفَة أَفْرَده المُصَنِّف عَن التَّرْكِيب الَّذِي قَبْلَه كَمَا فعلَه صاحبُ الصِّحَاح، لكنّه قَالَ: وَأَمَّا " أَمْ " مُخَفَّفَة فَهِيَ (حَرْفُ عطْفٍ وَمَعْناه الاسْتِفهامُ) . ونصّ الصِّحَاح. وَلها مَوْضِعانِ: أحدُهُما أَنْ تَقَعَ مُعادِلَةً لِأَلِف الاسْتفهام بمعنَى أَيْ، تقولُ أَزَيْدٌ فِي الدّار أَمْ عَمْرٌ و، وَالْمعْنَى أَيُّهما فِيهَا. (وَقَدْ يَكُونُ) مُنْقَطِعًا عَمّا قَبْلَه خَبَرًا كَانَ أَو اسْتِفْهامًا، تقولُ فِي الخَبَرِ: إِنّها لَإِبِلٌ أَمْ شاءٌ يَا فَتَى؛ وَذَلِكَ إِذا نَظَرْتَ إِلَى سَوادِ شَخْصٍ فَتَوَهَّمْتَه إِبلاً فقلتَ مَا سَبَقَ إِلَيْك ثُمَّ أدركك الظَنُّ أَنَّه شاءٌ فانْصَرَفْتَ عَن الأَوّل فقلتَ: أَمْ شاءٌ. (بِمَعْنَى بَلْ) لِأَنَّهُ إِضْرابٌ عَمّا كانَ قَبْلَه، إِلّا أَنَّ مَا يَقع بعد " بَلْ " يَقِينٌ وَمَا بَعْد " أَمْ " مَظْنُونٌ. وَتقول فِي الِاسْتِفْهَام: هَلْ زَيْدٍ مُنْطَلِقٌ أَمْ عَمْرٌ وَيَا فَتَى؟ إِنَّما أَضْرَبْتَ عَن سُؤالك عَن انْطِلاق زَيْدٍ وَجَعَلْتَه عَن عَمْرٍ و، فَأَمْ مَعهَا ظَنٌّ واسْتِفْهامٌ وَإِضْرابٌ. وَأنْشد الأَخْفَش للأَخْطَل:
(كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِواسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلامِ مِنَ الرَّبابِ خَيالَا)قَالَ اللَّهُ - تَعالَى -: {آلم~ (1) تَنزِيلُ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} وَهَذَا لم يَكُنْ أصلُه استفهامًا، وَلَيْسَ قَوْله: {أم يَقُولُونَ افتراه} شَكًّا وَلكنه قَالَ هَذَا لتقبيح صَنِيعِهم، ثمَّ قَالَ: {بل هُوَ الْحق من رَبك} كأنّه أَرَادَ أَن يُنَبِّه على مَا قالُوه، نَحْو قولِكَ للرَّجُلِ: الخَيْرُ أَحَبُّ إِلَيْكَ، أَمْ الشَّرُّ، وَأَنت تَعْلَم أَنَّه يَقُول الخَيْر، وَلَكِن أردتَ أَن تُقَبِّحَ عِنْده مَا صَنَعَ. هَذَا كُلُّه نَصُّ الصّحاح. وَقَالَ الفَرَّاءُ: وَرُبَّما جَعَلَت العربُ " أَمْ " إِذا سَبَقَها اسْتِفهامٌ وَلَا يَصْلُح فِيهِ " أَمْ " على جِهَةِ " بَلْ " فيقولُون: هَلْ لَكَ قِبَلَنا حَقٌّ أَمْ أَنْتَ رجلٌ مَعروفٌ بالظُّلْمِ، يُرِيدُونَ: بَلْ أَنتَ رجلٌ معروفٌ بالظُّلْمِ، وَأنْشد:
(فَواللَّهِ مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ ... أَمِ النَّوْمُ أَمْ كُلٌّ إِلَىَّ حَبِيبُ)
يُرِيد " بَلْ " كُلٌّ. (و) قد تكون (بِمَعْنَى أَلِفِ الاسْتِفْهام) كَقَوْلِك: أَمْ عِنْدَك غَداءٌ حاضِرٌ، وأنتَ تُرِيد: أَعِنْدَك غَداءٌ حاضِرٌ؟ قَالَ اللّيْثُ: وَهِي لغةٌ حَسَنَةٌ من لُغاتِ العَرَب. قَالَ الأَزْهَريّ: وَهَذَا يجوزُ إِذا سَبَقَه كلامٌ. قَالَ الجوهريّ: (وَقَدْ تَدْخُلُ) أَمْ (عَلَى هَلْ) تقولُ: أَمْ هَلْ عِنْدَك عَمْروٌ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ بن عَبَدة:
(أَمْ هَلْ كَبِيرٌ بَكَى لَمْ يَقْضِ عَبْرَتَه ... إِثْرَ الأَحِبَّةِ يَوْمَ البَيْنِ مَشْكُومُ) قَالَ ابنُ بَرِّي: " أَمْ " هُنا منقطعةٌ اسْتَأَنَف السُّؤَالَ بهَا فَأَدْخَلها على " هَلْ " لِتَقَدُّم " هَلْ " فِي الْبَيْت قبلَه وَهُوَ
(هَلْ مَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتَوْدَعْتَ مَكْتُومُ ... )
ثمَّ استَأنَفَ السؤالَ " {بأَمْ " فَقَالَ: أَمْ هَلْ كَبِيرٌ، قَالَ: ومثلُهُ قولُ الجَحّافِ ابْن حَكِيم:
(أَبَا مالِكٍ هَلْ لُمْتَنِي مُذْ حَضَضْتَنِي ... عَلى القَتلِ أَمْ هَلْ لامَنِي منكَ لائِمُ)
قَالَ: إِلَّا أَنَّه مَتى دَخَلَتْ " أَمْ " على " هَلْ " بَطَلَ مِنْهَا معنى الِاسْتِفْهَام، وإِنّما دَخَلَتْ أَمْ على هَلْ لأَنَّها لِخُروجٍ من كلامٍ إِلَى كَلامٍ، فَلهَذَا السَّبَب دَخَلَت على هَلْ فَقُلْتَ: أَمْ هَلْ، وَلم تَقُلْ: أَهَلْ. قَالَ الجوهريّ: وَلَا تدخلُ " أَمْ " على الأَلِف، لَا تَقول أَعِنْدَكَ زيدٌ أَمْ أَعِنْدَك عَمْرٌ و؛ لأنّ أَصلَ مَا وُضِعَ للاسْتِفهام حرفان: أحدُهما الأَلِفُ وَلَا تقع إِلَّا فِي أَوّلِ الكَلامِ، وَالثَّانِي أَمْ وَلَا تقع إِلّا فِي وَسَط الكَلامِ، وَهَلْ إِنَّما أُقِيم مُقامَ الأَلف فِي الِاسْتِفْهَام فَقَط، وَلذَلِك لم تَقَعْ فِي كُلّ مَواقِع الأَصْل. (و) رُوِيَ عَن أبي حَاتِم قَالَ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أم (قَدْ تَكُون زائدَةً) لُغَةُ أَهْلِ اليَمَنِ، وَأنْشد:
(يَا دَهْنَ أَمْ مَا كانَ مَشْيِي رَقَصَا ... )
(بَلْ قَدْ تَكُون مِشْيَتِي تَوَقُّصَا ... )
أرادَ: يَا دَهْناءُ فرَخَّم.} وأَمْ زائدةٌ، أَرَادَ: مَا كَانَ مَشْيِي رَقَصًا، أَي: كنتُ أَتَوَقَّصُ وَأَنا فِي شَبِيبَتي، وَالْيَوْم قد أَسْنَنْتُ حَتَّى صَار مَشْيِي رَقَصًا. قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أبي زَيْدٍ، وَغَيْرُهُ يذهَبُ إِلَى أَنَّ قَوْله: أَمْ مَا كَانَ مَشْيِي رَقَصا مَعْطُوف على مَحْذُوف تقدّم. الْمَعْنى: كَأَنَّه قَالَ: يَا دَهْنَ أكانَ مَشْيِي رَقَصًا أَمْ مَا كَانَ كذلِكَ.
[] وَمِمّا يُسْتَدْرك عَلَيْهِ: تكونُ " أَمْ " بِلُغَةِ بعض أَهْلِ اليَمَنِ بِمَعْنى الأَلِف واللَّامِ، وَفِي الحَدِيث: " لَيسَ من امْبِرِّ أَمْصِيامُ فِي امْسَفَرِ ": أَي: لَيْسَ من البِّر الصِّيامُ فِي السَّفَرِ.