كظم: الليث: كَظَم الرجلُ غيظَه إذا اجترعه. كَظَمه يَكْظِمه كَظْماً:
ردَّه وحبَسَه، فهو رجل كَظِيمٌ، والغيظ مكظوم. وفي التنزيل العزيز:
والكاظمين الغيظ؛ فسره ثعلب فقال: يعني الخابسين الغيظ لا يُجازُون عليه، وقال
الزجاج: معناه أُعِدَّتِ الجنة للذين جرى ذكرهم وللذي يَكْظِمون الغيظ.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ما من جُرْعة يَتَجَرَّعُها
الإنسان أَعظم أَجراً من جُرْعة غيظ في الله عز وجل. ويقال: كَظَمْت
الغيظ أَكْظِمه كَظْماً إذا أَمسكت على ما في نفسك منه. وفي الحديث: من
كَظَم غيظاً فله كذا وكذا؛ كَظْمُ الغيظ: تجرُّعُه واحتمال سببه والصبر عليه.
وفي الحديث: إذا تثاءب أَحدكم فليَكْظِمْ ما استطاع أي ليحبسْه مهما
أَمكنه. ومنه حديث عبد المطلب: له فَخْرٌ يَكْظِم عليه أي لا يُبْديه
ويظهره، وهو حَسَبُه. ويقال: كَظَم البعيرُ على جِرَّته إذا ردَّدها في حلقه.
وكَظَم البعيرُ يَكْظِم كُظوماً إذا أَمسك عن الجِرّة، فهو كاظِمٌ. وكَظَم
البعيرُ إذا لم يَجْتَرَّ؛ قال الراعي:
فأَفَضْنَ بعد كُظومِهنَّ بِجِرَّةٍ
مِنْ ذي الأَبارِقِ، إذ رَعَيْنَ حَقِيلا
ابن الأنباري في قوله:
فأَفضن بعد كظومهن بجِرّة
أي دفعت الإبل بجرتّها بعد كظومها، قال: والكاظم منها العطشان اليابس
الجوف، قال: والأصل في الكَظْم الإمساك على غيظ وغمٍّ، والجِرَّة ما تخرجه
من كروشها فتَجْتَرُّ، وقوله: من ذي الأَبارق معناه أن هذه الجِرّة
أَصلها ما رعت بهذا الموضع، وحَقِيل: اسم موضع. ابن سيده: كظَم البعير جِرَّته
ازْذَرَدَها وكفّ عن الاجترار. وناقة كَظُوم ونوق كُظوم: لا تجتَرُّ،
كَظَمت تَكْظِم كُظوماً، وإبل كُظوم. تقول: أرى الإبل كُظوماً لا تجترّ؛
قال ابن بري: شاهد الكُظوم جمع كاظم قول المِلْقَطي:
فهُنَّ كظُومٌ ما يُفِضْنَ بجِرَّةٍ،
لَهُنَّ بمُسْتَنِ اللُّغام صَرِيف
والكظم: مَخْرَج النفس. يقال: كَظَمني فلان وأَخذ بكَظَمي. أَبو زيد:
يقال أَخذت بكِظام الأمر أي بالثقة، وأَخذ بكَظَمه أي بحلقه؛ عن ابن
الأَعرابي. ويقال: أَخذت بكَظَمه أي بمَخْرجَ نَفَسه، والجمع كِظام. وفي
الحديث: لعلَّ الله يصلح أَمر هذه الأُمة ولا يؤخذ بأَكْظامها؛ هي جمع كَظَم،
بالتحريك، وهو مخرج النفَس من الحلق؛ ومنه حديث النخعي: له التوبة ما لم
يؤخذ بكَظَمه أي عند خروج نفْسه وانقطاع نَفَسه. وأَخَذَ الأَمرُ بكَظَمه
إذا غمَّه؛ وقول أَبي خِراش:
وكلُّ امرئ يوماً إلى الله صائر
قضاءً، إذا ما كان يؤخذ بالكَظْم
أَراد الكَظَم فاضطرّ، وقد دفع ذلك سيبويه فقال: ألا ترى أَن الذين
يقولون في فَخِذ فَخْذ وفي كَبِد كَبْد لا يقولون في جَمَل جَمْل؟ ورجل مكظوم
وكَظِيم: مكروب قد أَخذ الغمُّ بكَظَمه. وفي التنزيل العزيز: ظَلَّ
وجهُه مُسْوَدّاً وهو كَظِيم. والكُظوم: السُّكوت. وقوم كُظَّم أي ساكنون؛
قال العجاج:
ورَبِّ أَسرابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ
عنِ اللَّغا، ورَفَثِ التَّكَلُّمِ
وقد كُظِمَ وكَظَمَ على غيظه يَكْظِم كَظْماً، فهو كاظِمٌ وكَظيم: سكت.
وفلان لا يَكْظِم على جِرَّتِه أي لا يسكت على ما في جوفه حتى يتكلم به؛
وقول زياد بن عُلْبة الهذلي:
كَظِيمَ الحَجْلِ واضِحةَ المُحَيَّا،
عَديلةَ حُسْنِ خَلْقٍ في تَمامِ
عَنى أَنَّ خَلخاها لا يُسْمع له صوت لامتلائه. والكَظيمُ: غَلَق الباب.
وكَظَمَ البابَ يَكْظِمه كَظْماً: قام عليه فأَغلقَه بنفسه أو بغير
نفسه. وفي التهذيب: كَظَمْتُ البابَ أَكْظِمهُ إذا قُمت عليه فسددته بنفسك أو
سددته بشيء غيرك. وكلُّ ما سُدَّ من مَجْرى ماء أو باب أو طَريق كَظْمٌ،
كأَنه سمي بالمصدر.
والكِظامةُ والسِّدادةُ: ما سُدَّ به. والكِظامةُ: القَناة التي تكون في
حوائط الأَعناب، وقيل: الكِظامة رَكايا الكَرْم وقد أَفضى بعضُها إلى
بعض وتَناسقَت كأنها نهر. وكَظَمُوا الكِظامة: جَدَروها بجَدْرَين،
والجَدْر طِين حافَتِها، وقيل: الكِظامة بئر إلى جنبها بئر، وبينهما مجرى في بطن
الوادي، وفي المحكم: بطن الأرض أينما كانت، وهي الكَظِيمة. غيره:
والكِظامة قَناة في باطن الأَرض يجري فيها الماء. وفي الحديث: أن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَتى كِظامةَ قوم فتوضَّأَ منها ومسَح على خُفَّيْه؛
الكِظامةُ: كالقَناة، وجمعها كَظائم. قال أَبو عبيدة: سأَلت الأَصمعي عنها
وأهل العلم من أَهل الحجاز فقالوا: هي آبار متناسقة تُحْفَر ويُباعَد ما
بينها، ثم يُخْرق ما بين كل بئرين بقناة تؤَدِّي الماء من الأُولى إلى التي
تليها تحت الأَرض فتجتمع مياهها جارية، ثم تخرج عند منتهاها فتَسِحُّ على
وجه الأَرض، وفي التهذيب: حتى يجتمع الماء إلى آخرهن، وإنما ذلك من
عَوَزِ الماء ليبقى في كل بئر ما يحتاج إليه أَهلُها للشرب وسَقْيِ الأَرض،
ثم يخرج فضلها إلى التي تليها، فهذا معروف عند أهل الحجاز، وقيل:
الكِظامةُ السَِّقاية. وفي حديث عبد الله بن عَمْرو: إذا رأَيت مكة قد بُعِجَتْ
كَظائَم وساوى بِناؤُها رؤوسَ الجبال فاعلم أن الأمر قد أَظَلَّك؛ وقال
أَبو إسحق: هي الكَظيمة والكِظامةُ معناه أي حُفِرت قَنَوات. وفي حديث آخر:
أنه أَتى كِظامةَ قوم فبال؛ قال ابن الأَثير: وقيل أَراد بالكِظامة في
هذا الحديث الكُناسة. والكِظامةُ من المرأة: مخرج البول. والكِظامةُ: فَمُ
الوادي الذي يخرج منه الماء؛ حكاه ثعلب. والكِظامةُ: أَعلى الوادي بحيث
ينقطع والكِظامةُ: سير يُوصَل بطرَف القَوْس العربية ثم يُدار بطرَف
السِّيةِ العُليا. والكِظامة: سير مَضفْور موصول بوتر القوس العربية ثم يدار
بطرف السية. والكِظامة: حبل يَكْظِمون به خَطْمَ البعير. والكِظامةُ:
العَقَب الذي على رؤُُوس القُذَذ العليا من السهم، ويل: ما يلي حَقْو
السَّهم، وهو مُسْتَدَقُّه مما يلي الرِّيش، وقيل: هو موضع الريش؛ وأَنشد ابن
بري لشاعر:
تَشُدُّ على حَزّ الكِظامة بالكُظْر
(* قوله «بالكظر» كذا ضبط في الأصل، والذي في القاموس: الكظر بالضم محز
القوس تقع فيه حلقة الوتر، والكظر بالكسر عقبة تشد في أصل فوق السهم).
وقال أَبو حنيفة: الكِظامة العَقَبُ الذي يُدْرَج على أَذناب الريش
يَضْبِطها على أَيْ نَحوٍ ما كان التركيب، كلاهما عبر فيه بلفظ الواحد عن
الجمع. والكِظامةُ: حبْل يُشدُّ به أَنف البعير، وقد كظَمُوه بها. وكِظامةُ
المِيزان: مسمارُه الذي يدور فيه اللسان، وقيل: هي الحلقة التي يجتمع
فيها خيوط الميزان في طَرَفي الحديدة من الميزان.
وكاظِمةُ مَعرفة: موضع؛ قال امرؤُ القيس:
إذْ هُنَّ أَقساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،
أَو كَقَطا كاظِمةَ النّاهِلِ
وقول الفرزدق:
فَيا لَيْتَ دارِي بالمدِينة أَصْبَحَتْ
بأَعفارِ فَلْجٍ، أو بسِيفِ الكَواظِمِ
فإنه أَراد كاظِمةَ وما حَولها فجمع لذلك. الأَزهري: وكاظِمةُ جَوٌّ على
سِيفِ البحر من البصرة على مرحلتين، وفيها رَكايا كثيرة وماؤُها شَرُوب؛
قال: وأَنشدني أَعرابي من بني كُلَيْب بن يَرْبوع:
ضَمنْت لَكُنَّ أَن تَهْجُرْن نَجْداً،
وأَن تَسْكُنَّ كاظِمةَ البُحورِ
وفي بعض الحديث ذكر كاظِمة، وهو اسم موضع، وقيل: بئر عُرِف الموضع بها.