ناولــون مركب: كراء المركب، جعله وجعالته holis, holissement, naulage ( بوشر).
ناولــون مركب: كراء المركب، جعله وجعالته holis, holissement, naulage ( بوشر).
نول: الليث: النائِل ما نِلْت من معروف إِنسان، وكذلك النَّوَال.
وأَنالَهُ معروفه ونَوَّلَه: أَعطاه معروفه؛ قال الشاعر:
إِنْ تُنَولْهُ فقد تَمْنَعُهُ،
وتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ
والنّالُ والمَنالةُ والمَنالُ: مصدر نِلْت أَنال.
ويقال: نُلْت له بشيء أَي جُدْت، وما نُلْتُه شيئاً أَي ما أَعطيته.
ويقال: نالَني بالخير يَنُولُني نَوالاً ونَوْلاً ونَيْلاً، وأَنالَني بخير
إِنالةً. ويقال في الأَمر من نِلْت أَنالُ للواحد: نَلْ، وللاثنين، نالا،
وللجمع: نالُوا. ونُلْتُه معروفاً ونَوَّلْته. الجوهري: النَّوَال
العَطاء، والنائِل مثله. ابن سيده: النّالُ والنَّوالُ معروف، ونُلْتُه ونُلْت
له ونُلْتُه به أَنُولُه به نَوْلاً؛ قال العُجير السَّلُولي:
فعَضَّ يَدَيْهِ أُصْبُعاً ثم أُصْبُعاً
وقال: لعلَّ الله سَوْفَ يَنِيل
أَي يَنُول بخير، فحذف. وأَنَلْته به وأَنَلْته إِيّاه ونَوَّلْته
ونَوَّلْت عليه بقليل، كله: أَعطيته. الكسائي: لقد تَنَوَّل علينا فلان بشيء
يسير أَي أَعطانا شيئاً يسيراً، وتَطَوَّل مثلها. وقال أَبو محجن:
التَّنَوُّل لا يكون إِلا في الخير، والتطوُّل قد يكون في الخير والشر جميعاً.
الجوهري: يقال نُلْت له بالعطيَّة أَنُول نَوْلاً ونُلْتُه العطيَّة.
ونَوَّلْته: أَعطينه نَوالاً؛ قال وَضّاح اليَمن:
إِذا قلتُ يوماً: نَوِِّّلِيني، تبسَّمتْ
وقالت: مَعاذ الله من نَيْل ما حَرُمْ
فما نَوَّلتْ حتى تضرَّعْت عندَها،
وأَنْبَأْتُها ما رَخَّص اللهُ في اللَّمَمْ
يعني التقبيلَ؛ قال ابن بري: وشاهد نُلْت له بالعطيَّة قول الشاعر:
تَنُول بمعروف الحديثِ، وإِن تُرِدْ
سِوَى ذاكَ تُذْعَرْ منك، وهي ذَعُورُ
وقال الغنوي:
ومن لا يَنُلْ حتى تسدَّ خِلالُه،
يجِدْ شَهوات النفْس غير قليلِ
وفي حديث موسى والخضر، عليهما السلام: حَمَلُوهما في السفينة بغير
نَوْلٍ أَي بغير أَجْرٍ ولا جُعْل، وهو مصدر ناله يَنُوله إِذا أَعطاه، وإِنه
لَيَتَنَوَّل بالخير وهو قبل ذلك لا خير فيه. ورجل نالٌ، بوزْن بالٍ:
جَوَاد، وهي في الأَصل نائل، قال ابن سيده: يجوز أَن يكون فَعْلاً وأَن يكون
فاعِلاً ذهبت عينه، وقيل: كثير النائِل. ونالَ ينال نائلاً ونَيْلاً:
صار نالاً. وما أَنْوَله أَي ما أَكثر نائله. وما أَصَبْتُ منه نَوْلةً أَي
نَيْلاً. وشيء مُنَوَّل ومَنِيل؛ عن سيبويه. ابن السكيت: رجل نالٌ كثير
النَّوال، ورجلان نالان وقوم أَنْوال؛ وقول لبيد:
وقَفْتُ بهنَّ حتى قال صحْبي:
جَزِعْتَ وليس ذلك بالنَّوال
أَي بالصواب. ونالَتِ المرأَة بالحديث والحاجة نَوالاً: سَمَحَتْ أَو
هَمَّت؛ قال الشاعر:
تَنُولُ بمعروف الحديث، وإِن تُرِدْ
سوى ذاك تُذْعَر منك، وهي ذَعورُ
وقيل: النَّوْلة القُبْلة.
وناوَلْــت فلاناً شيئاً مُــناولــة إِذا عاطَيْته. وتــناوَلْــت من يده شيئاً
إِذا تَعاطيته، وناوَلْــته الشيء فتــناولــه. ابن سيده: تــناول الأَمرَ
أَخذه.قال سيبويه: أَما نَوْل فتقول نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ينبغي لك فِعْل
كذا؛ وفي الصحاح: أَي حقُّك أَن تفعل كذا، وأَصله من التــناوُل كأَنه يقول
تــناوُلــك كذا وكذا؛ قال العجاج:
هاجَتْ، ومثلي نَوْلُه أَن يَرْبَعا،
حمامةٌ ناجت حماماً سُجَّعا
أَي حقُّه أَين يكُفَّ، وقيل: الرجز لرؤبة؛ وإِذا قال لا نَوْلُك فكأَنه
يقول أَقْصِر، ولكنه صار فيه معنى ينبغي لك، وقال في موضع لا نَوْلُك
أَن تفعل، جعلوه بدلاً من ينبغي مُعاقِباً له؛ قال أَبو الحسن: ولذلك وقعت
المعرفة هنا غير مكرَّرة. وقالوا: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا أَي ما ينبغي
لك أَن تَناله؛ روى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قولهم للرجل ما
كان نَوْلُكَ أَن تفعل كذا قال: النَّوْل من النَّوال؛ يقول ما كان فعلُك
هذا حظًّا لك. الفراء: يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلم يَأْنِ لك وأَلم يَنَلْ
لك وأَلم يُنِلْ لك، قال: وأَجْوَدُهنّ التي نزل بها القرآن العزيز يعني
قوله: أَلم يَأْنِ للذين آمنوا. ويقال: أَنَّى لك أَن تفعل كذا ونالَ لك
وأَنال لك وأآن لك بمعنى واحد. وفي الحديث: ما نَوْل امرئٍ مسلم أَن
يقول غير الصواب أَو أَن يقول ما لا يعلم أَي ما ينبغي له وما حظُّه أَن
يقول؛ومنه قولهم: ما نَوْلُك أَن تفعل كذا. الأَزهري في قوله قولهم: ولا
يَنالون من عدوٍّ نَيْلاً، قال: النَّيْل من ذوات الواو، صُيِّر واوها ياء
لأَن أَصله نَيْوِل، فأَدغموا الواو في الياء فقالوا نَيّل، ثم خفَّفوا
فقال نَيْل، ومثله مَيِّت ومَيْت، قال: ولا ينالون من عدوٍّ نَيْلاً، هو من
نِلْت أَنالُ لا من نُلْت أَنُول.
والنَّوْل: الوادي السائل؛ خثعمية عن كراع. والنَّوْل: خشبةُ الحائك
التي يلفُّ عليها الثوب، والجمع أَنْوال. والمِنْوَلُ والمِنْوال:
كالنَّوْل. الليث: المِنْوال الحائك الذي يَنْسُِج الوَسائد ونحوَها نفسُه، ذهب
(*
قوله «نفسه ذهب إلخ» عبارة الصاغاني بعد قوله ونحوها: وقال ابن الاعرابي
المنوال الحائك نفسه ذهب إلخ) إِلى أَنه يَنْسِج بالنَّوْل وهو مِنْسَج
يُنسَج به وأَداتُه المنصوبة تسمى أَيضاً مِنْوالاً؛ وأَنشد:
كُمَيْتاً كأَنها هِراوَةُ مِنْوالِ
وقال: أَراد بالمِنْوال النَّسّاج. وإِذا استوتْ أَخلاقُ القوم قيل: هم
على مِنْوالٍ واحد، وكذلك رَمَوْا على مِنْوالٍ واحد أَي على رِشْقٍ
واحد، وكذلك ات ذا اسْتَووا في النِّضال. ويقال: لا أَدري على أَي مِنْوالٍ
هو أَي على أَيِّ وجه هو.
والنّالةُ: ما حول الحرَم؛ قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلِفها
أَنها واو لأَن انقلاب الأَلف عن الواو عيناً أَعرف من انقلابها عن الياء؛
وقال ابن جني: أَلِفها ياء لأَنها من النَّيْل أَي من كان فيها لم تَنَله
اليد، قال: ولا يعجبني.
وأَنالَ بالله: حلف بالله؛ قال ساعدة بن جؤبة:
يُنِيلانِ بالله المجيدِ لقد ثَوَى
لدى حيث لاقَى رينُها ونَصِيرُها
(* قوله «رينها ونصيرها» هكذا في الأصل).
ونَوَّال ومُنَوِّل: اسمان.
فطر: فطَرَ الشيءَ يَفْطُرُه فَطْراً فانْفَطَر وفطَّرَه: شقه.
وتَفَطَّرَ الشيءُ: تشقق. والفَطْر: الشق، وجمعه فُطُور. وفي التنزيل العزيز: هل
ترى من فُطُور؛ وأَنشد ثعلب:
شَقَقْتِ القلبَ ثم ذَرَرْتِ فيه
هواكِ، فَلِيمَ، فالتَأَمَ الفُطُورُ
وأَصل الفَطْر: الشق؛ ومنه قوله تعالى: إذا السماء انْفَطَرَتْ؛ أَي
انشقت. وفي الحديث: قام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى تَفَطَّرَتْ قدماه
أَي انشقتا. يقال: تَفَطَّرَتْ بمعنى؛ ،منه أُخذ فِطْرُ الصائم لأَنه
يفتح فاه. ابن سيده: تَفَطَّرَ الشيءُ وفَطَر وانْفَطَر. وفي التنزيل
العزيز: السماء مُنْفَطِر به؛ ذكّر على النسب كما قالوا دجاجة مُعْضِلٌ. وسيف
فُطَار: فيه صدوع وشقوق؛ قال عنترة: وسيفي كالعَقِيقَةِ ، وهو كِمْعِي،
سلاحي لا أَفَلَّ ولا فُطارا
ابن الأَعرابي: الفُطَارِيّ من الرجال الفَدْم الذي لا خير عنده ولا شر،
مأْخوذ من السيف الفُطارِ الذي لا يَقْطع. وفَطَر نابُ البعير يَفْطُر
فَطْراً: شَقّ وطلع، فهو بعير فاطِر؛ وقول هميان:
آمُلُ أن يَحْمِلَني أَمِيري
على عَلاةٍ لأْمَةِ الفُطُور
يجوز أَن يكون الفُطُور فيه الشُّقوق أَي أَنها مُلْتَئِمةُ ما تباين من
غيرها فلم يَلْتَئِم، وقيل: معناه شديدة عند فُطورِ نابها موَثَّقة.
وفَطَر الناقة
(* قوله «وفطر الناقة» من باب نصر وضرب،. عن الفراء. وما
سواه من باب نصر فقط أَفاده شرح القاموس) . والشاة يَفْطِرُها فَطْراً:
حلبها بأَطراف أَصابعه، وقيل: هو أَن يحلبها كما تَعْقِد ثلاثين
بالإِبهامين والسبابتين . الجوهري: الفَطْر حلب الناقة بالسبابة والإِبهام،
والفُطْر: القليل من اللبن حين يُحْلب. التهذيب: والفُطْر شيء قليل من اللبن
يحلب ساعتئذٍ؛ تقول: ما حلبنا إلا فُطْراً؛ قال المرَّار:
عاقرٌ لم يُحْتلب منها فُطُرْ
أَبو عمرو:
الفَطِيرُ اللبن ساعة يحلب. والفَطْر: المَذْي؛ شُبِّه بالفَطْر في
الحلب. يقال: فَطَرْتُ الناقة أَفْطُِرُها فَطْراً، وهو الحلب بأَطراف
الأَصابع. ابن سيده: الفَطْر المذي، شبه بالحَلْب لأَنه لا يكون إِلا بأَطراف
الأَصابع فلا يخرج اللبن إِلا قليلاً، وكذلك المذي يخرج قليلاً، وليس
المنيّ كذلك؛ وقيل: الفَطْر مأْخوذ من تَفَطَّرَتْ قدماه دماً أَي سالَتا،
وقيل: سمي فَطْراً لأَنه شبّه بفَطْرِ ناب البعير لأَنه يقال: فَطَرَ نابُه
طلع، فشبّه طلوع هذا من الإِحْليلِ بطلوع ذلك. وسئل عمر، رضي الله عنه، عن
المذي فقال: ذلك الفَطْرُ؛ كذا رواه أَبو عبيد بالفتح، ورواه ابن شميل:
ذلك الفُطْر، بضم الفاء؛ قال ابن الأََثير: يروى بالفتح والضم، فالفتح من
مصدر فَطَرَ نابُ البعير فَطْراً إذا شَقّ اللحم وطلع فشُبِّه به خروج
المذي في قلته، أَو هو مصدر فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرُها إذا حلبتها
بأَطراف الأَصابع، وأَما الضم فهو اسم ما يظهر من اللبن على حَلَمة الضَّرْع.
وفَطَرَ نابُه إِذا بَزَل؛ قال الشاعر:
حتى نَهَى رائِضَه عن فَرِّهِ
أَنيابُ عاسٍ شَاقِئٍ عن فَطْرِهِ
وانْفَطر الثوب إِذا انشق، وكذلك تَفَطَّر. وتَفَطَّرَت الأَرض بالنبات
إِذا تصدعت.
وفي حديث عبدالملك: كيف تحلبها مَصْراً أَم فَطْراً؟ هو أَن تحلبها
بإصبعين بطرف الإِبهام. والفُطْر: ما تَفَطَّر من النبات، والفُطْر أَيضاً:
جنس من الكَمْءِ أَبيض عظام لأَن الأَرض تَنْفطر عنه، واحدته فُطْرةٌ.
والفِطْرُ: العنب إِذا بدت رؤوسه لأَن القُضْبان تتَفَطَّر.
والتَّفاطِيرُ: أَول نبات الرَسْمِيّ، ونظيره التَّعاشِيب والتَّعاجيب
وتَباشيرُ الصبحِ ولا واحد لشيء من هذه الأَربعة. والتَّفاطير
والنَّفاطير: بُثَر تخرج في وجه الغلام والجارية؛ قال:
نَفاطيرُ الجنونِ بوجه سَلْمَى،
قديماً، لا تفاطيرُ الشبابِ
واحدتها نُفْطور. وفَطَر أَصابعَه فَطْراً: غمزها.وفَطَرَ الله الخلق
يَفْطُرُهم: خلقهم وبدأَهم. والفِطْرةُ: الابتداء والاختراع. وفي التنزيل
العزيز: الحمد لله فاطِرِ السمواتِ والأَرضِ؛ قال ابن عباس، رضي الله عنهما:
ما كنت أَدري ما فاطِرُ السموات والأَرض حتى أَتاني أَعرابيّان يختصمان في
بئر فقال أَحدهما: أَنا فَطَرْتُها أَي أَنا ابتدأْت حَفْرها. وذكر أَبو
العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: أَنا أَول من فَطَرَ هذا أَي
ابتدأَه. والفِطْرةُ، بالكسر: الخِلْقة؛ أَنشد ثعلب:
هَوِّنْ عليكََ فقد نال الغِنَى رجلٌ،
في فِطْرةِ الكَلْب، لا بالدِّينِ والحَسَب
والفِطْرةُ: ما فَطَرَ الله عليه الخلقَ من المعرفة به. وقد فَطَرهُ
يَفْطُرُه، بالضم، فَطْراً أَي خلقه. الفراء في قوله تعالى: فِطْرَةَ اللهِ التي
فَطَرَ الناسَ عليها، لا تبديل لخلق الله؛ قال: نصبه على الفعل، وقال أَبو
الهيثم: الفِطْرةُ الخلقة التي يُخْلقُ عليها المولود في بطن أُمه؛ قال
وقوله تعالى: الذي فَطَرَني فإِنه سَيَهْدين؛ أَي خلقني؛ وكذلك قوله
تعالى: وما لِيَ لا أَعبدُ الذي فَطَرَني. قال: وقول النبي، صلى الله عليه
وسلم: كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ؛ يعني الخِلْقة التي فُطِرَ عليها
في الرحم من سعادةٍ أَو شقاوة، فإِذا ولَدَهُ يهوديان هَوَّداه في حُكْم
الدنيا، أَو نصرانيان نَصَّرَاه في الحكم، أَو مجوسيان مَجَّساه في
الحُكم، وكان حُكْمُه حُكْمَ أَبويه حتى يُعَبِّر عنه لسانُه، فإِن مات قبل
بلوغه مات على ما سبق له من الفِطْرةِ التي فُطرَ عليها فهذه فِطْرةُ
المولود؛ قال: وفِطْرةٌ ثانية وهي الكلمة التي يصير بها العبد مسلماً وهي
شهادةُ أَن لا إله إلا الله وأَن محمداً رسوله جاء بالحق من عنده فتلك
الفِطْرةُ للدين؛ والدليل على ذلك حديث البَرَاءِ بن عازِب، رضي الله عنه، عن
النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه علَّم رجلاً أَن يقول إذا نام وقال: فإِنك
إن مُتَّ من ليلتك مُتَّ على الفِطْرةِ. قال: وقوله فأَقِمْ وجهك للدين
حنيفاً فِطْرَةَ الله التي فَطَرَ الناسَ عليها؛ فهذه فِطْرَة فُطِرَ عليها
المؤمن. قال: وقيل فُطِرَ كلُّ إنسان على معرفته بأَن الله ربُّ كلِّ شيء
وخالقه، والله أَعلم. قال: وقد يقال كل مولود يُولَدُ على الفِطْرة التي
فَطَرَ الله عليها بني آدم حين أَخرجهم من صُلْب آدم كما قال تعالى: وإذ أَخذ
ربُّكَ من بني آدم من ظهورهم ذُرّياتهم وأَشهدهم على أَنفسهم أَلَسْتُ
بربكم قالوا بَلى. وقال أَبو عبيد: بلغني عن ابن المبارك أَنه سئل عن
تأْويل هذا الحديث، فقال: تأْويله الحديث الآخر: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، سُئِل عن أَطفال المشركين فقال: الله أَعلم بما كانوا عاملين؛ يَذْهَبُ
إلى أَنهم إنما يُولدون على ما يَصيرون إليه من إسلامٍ أَو كفرٍ. قال
أَبو عبيد: وسأَلت محمد بن الحسن عن تفسير هذا الحديث فقال: كان هذا في أول
الإِسلام قبل نزول الفرائض؛ يذهب إلى أَنه لو كان يُولدُ على الفِطْرَةِ
ثم مات قبل أَن يُهَوِّدَه أَبوان ما وَرِثَهُما ولا وَرِثَاه لأَنه مسلم
وهما كافران؛ قال أَبو منصور: غَبَا على محمد بن الحسن معنى قوله الحديث
فذهب إلى أَنَّ قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: كلُّ مولود يُولد على
الفِطْرةِ، حُكْم من النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل نزول الفرائض ثم نسخ
ذلك الحُكْم من بَعْدُ؛ قال: وليس الأَمرُ على ما ذهب إليه لأَن معنى
كلُّ مولود يُولد على الفِطْرةِ خبر أَخبر به النبي، صلى الله عليه وسلم،
عن قضاءٍ سبقَ من الله للمولود، وكتابٍ كَتَبَه المَلَكُ بأَمر الله جل وعز من
سعادةٍ أَو شقاوةٍ، والنَّسْخ لا يكون في الأَخْبار إنما النسخ في
الأَحْكام؛ قال: وقرأْت بخط شمر في تفسير هذين الحديثين: أَن إِسحق ابن
إِبراهيم الحَنْظلي روى حديثَ أَبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه
وسلم: كلُّ مولودٍ يُولد على الفطرة «الحديث» ثم قرأَ أَبو هريرة بعدما
حَدَّثَ بهذا الحديث: فِطْرَةَ الله التي فَطَرَ الناس عليها، لا تَبْديل
لخَلْقِ الله. قال إسحق: ومعنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم، على ما
فَسَّر أَبو هريرة حين قَرَأَ: فِطْرَةَ اللهِ، وقولَه: لا تبديل، يقول:
لَتلْكَ الخلقةُ التي خَلَقهم عليها إِمَّا لجنةٍ أَو لنارٍ حين أَخْرَجَ من
صُلْب آدم ذرية هو خالِقُها إلى يوم القيامة، فقال: هؤلاء للجنة وهؤلاء
للنار، فيقول كلُّ مولودٍ يُولَدُ على تلك الفِطْرةِ، أَلا ترى غلامَ
الخَضِر، عليه السلام؟ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: طَبَعهُ الله يوم طَبَعه
كافراً وهو بين أَبوين مؤمنين فأَعْلَمَ اللهُ الخضرَ، عليه السلام،
بِخلْقته التي خَلَقَه لها، ولم يُعلم موسى، عليه السلام، ذلك فأَراه الله تلك
الآية ليزداد عِلْماً إلى علمه؛ قال: وقوله فأَبواهُ يُهوِّدانِهِ
ويُنَصِّرانِه، يقول: بالأبوين يُبَيِّن لكم ما تحتاجون إليه في أَحكامكم من
المواريث وغيرها، يقول: إذا كان الأَبوان مؤمنين فاحْكُموا لِولدهما بحكم
الأبوين في الصلاة والمواريث والأَحكام، وإن كانا كافرين فاحكموا لولدهما
بحكم الكفر... ( *كذا بياض بالأصل). أَنتم في المواريث والصلاة؛ وأَما
خِلْقَته التي خُلِقَ لها فلا عِلْمَ لكم بذلك، أَلا ترى أَن ابن عباس، رضي
ا عنهما، حين كَتَبَ إليه نَجْدَةُ في قتل صبيان المشركين، كتب إليه:
إنْ علمتَ من صبيانهم ما عَلِمَ الخضُر من الصبي الذي قتله فاقْتُلْهُم؟
أَراد به أَنه لا يعلم عِلْمَ الخضرِ أَحدٌ في ذلك لما خصه الله به كما
خَصَّه بأَمر السفينة والجدار، وكان مُنْكَراً في الظاهر فَعَلَّمه الله علم
الباطن، فَحَكَم بإرادة اللهتعالى في ذلك؛ قال أَبو منصور: وكذلك أَطفال
قوم نوح، عليه السلام، الذين دعا على آبائهم وعليهم بالغَرَقِ، إنما
الدعاء عليهم بذلك وهم أَطفال لأَن الله عز وجل أَعلمه أَنهم لا يؤمنون حيث
قال له: لن يُؤْمِنَ من قومك إلا منْ آمن، فأَعْلَمه أَنهم فُطِروا على
الكفر؛ قال أَبو منصور: والذي قاله إِسحق هو القول الصحيح الذي دَلَّ عليه
الكتابُ ثم السنَّةُ؛ وقال أَبو إسحق في قول الله عز وجل: فِطْرَةَ الله
التي فَطَرَ الناس عليها: منصوب بمعنى اتَّبِعْ فِطْرَةَ الله، لأَن
معنى قوله: فأَقِمْ وجهَك، اتََّبِعِ الدينَ القَيّم اتَّبِعْ فِطْرَةَ الله
أَي خِلْقةَ الله التي خَلَق عليها البشر. قال: وقول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ، معناه أَن الله فَطَرَ الخلق
على الإِيمان به على ما جاء في الحديث: إن الله أَخْرَجَ من صلب آدم
ذريتَه كالذَّرِّ وأَشهدهم على أَنفسهم بأَنه خالِقُهم، وهو قوله تعالى: وإذ
أَخذ ربُّك من بني آدم إلى قوله: قالوا بَلى شَهِدْنا؛ قال: وكلُّ
مولودٍ هو من تلك الذريَّةِ التي شَهِدَتْ بأَن الله خالِقُها، فمعنى فِطْرَة
الله أَي دينَ الله التي فَطَر الناس عليها؛ قال الأَزهري: والقول ما
قال إِسحقُ ابن إِبراهيم في تفسير الآية ومعنى الحديث، قال: والصحيح في
قوله: فِطْرةَ اللهِ التي فَطَرَ الناس عليها، اعلَمْ فِطْرةَ اللهِ التي
فَطَرَ الناس عليها من الشقاء والسعادة، والدليل على ذلك قوله تعالى: لا
تَبديلَ لخلق الله؛ أَي لا تبديل لما خَلَقَهم له من جنة أَو نار؛
والفِطْرةُ: ابتداء الخلقة ههنا؛ كما قال إسحق. ابن الأَثير في قوله: كلُّ مولودٍ
يُولَدُ على الفِطْرةِ، قال: الفَطْرُ الابتداء والاختراع، والفِطرَةُ
منه الحالة، كالجِلْسةِ والرِّكْبةِ، والمعنى أَنه يُولَدُ على نوع من
الجِبِلَّةِ والطَّبْعِ المُتَهَيِّء لقبول الدِّين، فلو تُرك عليها
لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها، وإنما يَعْدل عنه من يَعْدل لآفة من
آفات البشر والتقليد، ثم بأَولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم
والميل إلى أَديانهم عن مقتضى الفِطْرَةِ السليمة؛ وقيل: معناه كلُّ مولودٍ
يُولد على معرفة الله تعالى والإِقرار به فلا تَجِد أَحداً إلا وهو
يُقِرّ بأَن له صانعاً، وإن سَمَّاه بغير اسمه، ولو عَبَدَ معه غيره، وتكرر
ذكر الفِطْرةِ في الحديث. وفي حديث حذيفة: على غير فِطْرَة محمد؛ أَراد
دين الإسلام الذي هو منسوب إليه. وفي الحديث: عَشْر من الفِطْرةِ؛ أَي من
السُّنّة يعني سُنن الأَنبياء، عليهم الصلاة والسلام، التي أُمِرْنا أَن
نقتدي بهم فيها. وفي حديث علي، رضي الله عنه: وجَبَّار القلوب على
فِطَراتِها أَي على خِلَقِها، جمع فِطَر، وفِطرٌ جمع فِطْرةٍ، وهي جمع فِطْرةٍ
ككِسْرَةٍ وكِسَرَات، بفتح طاء الجميع . يقال فِطْرات وفِطَرَات
وفِطِرَات.ابن سيده: وفَطَر الشيء أَنشأَه، وفَطَر الشيء بدأَه، وفَطَرْت إصبع
فلان أَي ضربتها فانْفَطَرتْ دماً.
والفَطْر للصائم، والاسم الفِطْر، والفِطْر: نقيض الصوم، وقد أَفْطَرَ
وفَطَر وأَفْطَرَهُ وفَطَّرَه تَفْطِيراً. قال سيبويه: فَطَرْته
فأَفْطَرَ، نادر. ورجل فِطْرٌ. والفِطْرُ: القوم المُفْطِرون. وقو فِطْرٌ، وصف
بالمصدر، ومُفْطِرٌ من قوم مَفاطير؛ عن سيبويه، مثل مُوسِرٍ ومَياسير؛ قال
أَبو الحسن: إنما ذكرت مثل هذا الجمع لأَن حكم مثل هذا أَن يجمع بالواو
والنون في المذكَّر، وبالأَلف والتاء في المؤنث. والفَطُور: ما يُفْطَرُ
عليه، وكذلك الفَطُورِيّ، كأَنه منسوب إليه. وفي الحديث: إذا أَقبل الليل
وأَدبر النهار فقد أَفْطَرَ الصائم أَي دخل في وقت الفِطْر وحانَ له أَن
يُفْطِرَ، وقيل: معناه أَنه قد صار في حكم المُفْطِرين، وإن لم يأْكل ولم
يشرب. ومنه الحديث: أَفْطَرَ الحاجمُ والمحجومُ أَي تَعرَّضا للإفطارِ،
وقيل: حان لهما أَن يُفْطِرَا، وقيل: هو على جهة التغليظ لهما والدعاء
عليهما.
وفَطَرَتِ المرأَةُ العجينَ حتى استبان فيه الفُطْرُ، والفَطِير: خلافُ
الخَمِير، وهو العجين الذي لم يختمر. وفَطَرْتُ العجينَ أَفْطُِره
فَطْراً إذا أَعجلته عن إدراكه. تقول: عندي خُبْزٌ خَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِيرٌ
أَي طَرِيّ. وفي حديث معاوية: ماء نَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِير أَي طَريٌّ
قَرِيبٌ حَدِيثُ العَمَل. ويقال: فَطَّرْتُ الصائمَ فأَفْطَر، ومثله
بَشَّرُتُه فأَبْشَر. وفي الحديث: أَفطر الحاجمُ والمَحْجوم. وفَطَر العجينَ
يَفْطِرُه ويَفْطُره، فهو فطير إذا اختبزه من ساعته ولم يُخَمّرْه، والجمع
فَطْرَى، مَقصورة. الكسائي: خَمَرْتُ العجين وفَطَرْته، بغير أَلف، وخُبْز
فَطِير وخُبْزة فَطِير، كلاهما بغير هاء؛ عن اللحياني، وكذلك الطين. وكل
ما أُعْجِلَ عن إدراكه: فَطِير. الليث: فَطَرْتُ العجينَ والطين، وهو أَن
تَعْجِنَه ثم تَخْتَبزَه من ساعته، وإذا تركته ليَخْتَمِرَ فقد
خَمَّرْته، واسمه الفَطِير. وكل شيءٍ أَعجلته عن إدراكه، فهو فَطِير. يقال: إِيايَ
والرأْيَ الفَطِير؛ ومنه قولهم: شَرُّ الرأْيِ الفَطِير.
وفَطَرَ جِلْدَه، فهو فَطِيرٌ، وأَفْطَره: لم يُرْوِه من دِباغٍ؛ عن ابن
الأَعرابي. ويقال: قد أَفْطَرْتَ جلدك إذا لم تُرْوِه من الدباغ.
والفَطِيرُ من السِّياطِ: المُحَرَّمُ الذي لم يُجَدْ دباغُه.
وفِطْرٌ، من أَسمائهم: مُخَدِّثٌ، وهو فِطْرُ بن خليفة.
نوش: ناشَه بيدِه يَنُوشُه نَوْشاً: تــناوَلــه؛ قال دريد ابن الصمّة:
فجئت إِليه، والرِّماحُ تَنُوشُه،
كوَقْعِ الصَّياصي في النَّسِيج المُمَدَّدِ
والانْتِياشُ مثله؛ قال الراجز:
باتتْ تَنُوشُ العَنَقَ انْتِياشا
وتَناوَشَه كناشه. وفي التنزيل: وأَنَّى لهم التناوُشُ من مكان بعيد؛
أَي فكيف لهم أَن يتــناوَلــوا ما بعُد عنهم من الإِيمان وامتنع بعْد أَن كان
مبذولاً لهم مقبولاً منهم. وقال ثعلب: التناوُش،. بلا همز، الأَخْذُ من
قُرْب، والتناؤشُ، بالهمز، من بُعْد، وقد تقدم ذكره أَولَ الفصل. وقال
أَبو حنيفة: التناوُش بالواو من قُرْب. قال اللَّه تعالى: وأَنى لهم
التناوُشُ من مكان بَعِيد؛ قال أَبو عبيد: التَّناوُشُ بغير همز التَّــناوُلُ
والنَّوْشُ مثله، نُشْتُ أَنوشُ نَوْشاً. قال الفراء: وأَهل الخجاز تركوا
همْزَ التَّناوُشِ وجعَلوه من نُشْتُ الشيء إِذا تَــناوَلْــته. وقد تَناوشَ
القومُ في القِتال إِذا تــناوَلَ بعضُهم بعضاً بالرّماح ولم يَتدانَوْا
كلَّ التَّداني. وفي حديث قيس ابن عاصم: كُنْتُ أُناوِشُهم وأُهاوِشُهم في
الجاهلية أَي أُقاتِلُهم؛ وقرأَ الأَعمش وحمزة والكسائي التناؤش بالهمز،
يجعلونه من نَأَشْت وهو البُطْء؛ وأَنشد:
وجِئْتَ نَئِيشاً بعْدَما فاتَك الخَبَرْ
أَي بَطيئاً متأَخراً، مَنْ همز فمعناه كيف لهم بالحركة فيما لا جَدْوى
له، وقد ذكر ذلك في ترجمة نأَش. قال الزجاج: التَّناوُشُ، بغير همز،
التــناوُلُ؛ المعنى وكيف لهم أَن يَتَــناوَلــوا ما كان مَبْذُولاً لهم وكان
قريباً منهم فكيف يَتَــناوَلــونه حين بَعُدَ عنهم، يعني الإِيمان باللَّه كانَ
قَريباً في الحياة فضَيّعُوه، قال: ومن هَمَز فهو الحركة في إِبْطاء،
والمعنى مِنْ أَين لهم أَن يتحركوا فيما لا حِيلَة لهم فيه؛ الجوهري: يقول
أَنَّى لهم تَــناولُ الإِيمانِ في الآخرة وقد كَفَرُوا به في الدنيا؟ قال:
ولك أَن تَهْمِزَ الواو كما يقال أُقِّتَتْ ووُقِّتَتْ، وقرئ بهما
جميعاً. ونُشْتُ من الطعام شيئاً: أَصَبْتُ.
وفي الحديث: يقول اللَّهُ يا محمد نَوِّش العلماءَ اليومَ في ضِيافَتي؛
التَّنْوِيشُ للدَّعْوةِ: الوَعْدُ وتَقْدِيمَتُه، قال ابن الأَثير: قاله
أَبو موسى. وناشَت الظَّبْية الأَراكَ: تــناوَلَــتْه؛ قال أَبو ذؤيب:
فما أُمُّ خَشْفٍ بالعَلايَةِ شادِنٍ
تَنُوشُ البَرِيرَ، حيث طابَ اهتِصارُها
والناقةُ تَنُوشُ الحوضَ بفِيها كذلك؛ قال غَيْلانُ ابن حُرَيث:
فهي تَنُوشُ الحوض نَوْشاً مِنْ عَلا،
نَوْشاً به تَقْطَعُ أَجْوازَ الفَلا
الضميرُ في قوله فهي للإِبل. وتَنُوشُ الحوض: تَتََــناوَل مِلأَه. وقولُه
مِنْ علا أَي من فَوق، يريد أَنها عاليةُ الأَجسام طِوالُ الأَعْناقِ،
وذلك النَّوْشُ الذي تَنالُه هو الذي يُعِينُها على قَطْع الفَلَوات،
والأَجْوازُ جمعُ جَوْزٍ وهو الوسط، أَي تَتَــناوَلُ ماءَ الحوضِ من فوق وتشرب
شُرباً كثيراً وتقطع بذلك الشربِ فَلَواتٍ فلا تحتاج إِلى ماء آخر.
وانْتاشَتْه فيهما: كناشَتْه، قال: ومنه المُناوَشةُ في القتال. ويقال للرجل
إِذا تــناوَلَ رجُلاً ليأْخذ برأْسه ولِحْيَتِه: ناشَه يَنُوشُه نَوْشاً.
ورجل نَوُوشٌ أَي ذو بَطشٍ. ونُشْتُ الرجلَ نَوْشاً: أَنَلْته خيراً أَو
شرّاً. وفي الصحاح: نُشْتُه خيراً أَي أَنَلْته. وفي حديث عليّ، عليه
السلام، وسُئِل عن الوصيَّة فقال: الوَصيَّةُ نَوْشٌ بالمعروف أَي
يَتَــناوَلُ المُوصي المُوصى له بشيء من غير أَن يُجْحِفَ بمالِه. وقد ناشَه
يَنُوشُه نَوْشاً إِذا تَــناوَلَــه وأَخَذَه؛ ومنه حديث قُتَيلةَ أُخت النَّضْر
بن الحرث:
ظَلَّتْ سُيوفُ بَني أَبيه تَنُوشُه،
لِلَّهِ أَرْحامٌ هناك تُشَقَّقُ
أَي تَتَــناوَلُــه وتَأْخُذُه. وفي حديث عبد الملِك: لما أَراد الخروجَ
إِلى مُصْعب بن الزُّبير ناشَتْ به امرأَته وبَكَتْ فبَكَتْ جَوارِيها، أَي
تَعَلَّقَتْ به. وفي حديث عائشة تصِفُ أَباها، رضي اللَّه عنهما:
فانتاشَ الدِّينَ بِنَعْشِه أَي اسْتَدْرَكه واسْتَنْقَذَه وتــنَاوَلَــه وأَخذه
من مَهْواتِه، وقد يُهْمز من النَّئِيش وهو حركةٌ في إِبْطاء. يقال.
نأَشْتُ الأَمر أَنْأَشُه وانْتأَشَ، قال: والأَوّل أَوْجَهُ. ونُشْتُ الشيء
نَوْشاً: طَلَبْتُه. وانْتَشْتُ الشيءَ: استخْرَجْته؛ قال:
وانْتاشَ عائنَه من أَهل ذِي قارِ
ويقال: انْتاشَني فلانٌ من الهَلَكةِ أَي أَنْقَذَني، بغير همز، بمعنى
تَــناوَلَــني. وناوَشَ الشيءَ: خالَطَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وبه فُسِّر قول
أَبي العارم وذكَر غَيْثاً قال: فما زِلْنا كذلك حتى ناوَشْنا الدَّوَّ
أَي خالَطْناه. وناقة مَنُوشةُ اللحمِ إِذا كانت رقيقةً اللحم.
قرب: القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ.
قَرُبَ الشيءُ، بالضم، يَقْرُبُ قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً أَي دَنا، فهو قريبٌ، الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء. وقوله تعالى: ولو تَرَى إِذ فَزِعُوا فلا فَوْتَ وأُخِذُوا من مكانٍ قريبٍ؛ جاءَ في التفسير:أُخِذُوا من تحتِ أَقدامهم. وقوله تعالى: وما يُدْرِيكَ لعلَّ الساعةَ قريبٌ؛ ذَكَّر قريباً لأَن تأْنيثَ الساعةِ غيرُ حقيقيّ؛ وقد يجوز أَن يُذَكَّر لأَن الساعةَ في معنى البعث. وقوله تعالى: واستمع يوم يُنادي المنادِ من مكانٍ قريبٍ؛ أَي يُنادي بالـحَشْرِ من مكانٍ قريب، وهي الصخرة التي في بيت الـمَقْدِس؛ ويقال: إِنها في وسط الأَرض ؛ قال سيبويه: إِنَّ قُرْبَك زيداً، ولا تقول إِنَّ بُعْدَك زيداً، لأَن القُرب أَشدُّ تَمكُّناً في الظرف من البُعْد؛ وكذلك: إِنَّ قريباً منك زيداً، وأَحسنُه أَن تقول: إِن زيداً قريب منك، لأَنه اجتمع معرفة ونكرة، وكذلك البُعْد في الوجهين؛ وقالوا: هو قُرابتُك أَي قَريبٌ منك في المكان؛ وكذلك: هو قُرابَتُك في
العلم؛ وقولهم: ما هو بشَبِـيهِكَ ولا بِقُرَابة مِن ذلك، مضمومة القاف، أَي ولا بقَريبٍ من ذلك. أَبو سعيد: يقول الرجلُ لصاحبه إِذا اسْتَحَثَّه: تَقَرَّبْ أَي اعْجَلْ؛ سمعتُه من أَفواههم؛ وأَنشد:
يا صاحِـبَيَّ تَرحَّلا وتَقَرَّبا، فلَقَد أَنى لـمُسافرٍ أَن يَطْرَبا
التهذيب: وما قَرِبْتُ هذا الأَمْرَ، ولا قَرَبْتُه؛ قال اللّه تعالى:
ولا تَقْرَبا هذه الشجرة؛ وقال: ولا تَقْرَبُوا الزنا؛ كل ذلك مِنْ
قَرِبتُ أَقْرَبُ.
ويقال: فلان يَقْرُبُ أَمْراً أَي يَغْزُوه، وذلك إِذا فعل شيئاً أَو
قال قولاً يَقْرُبُ به أَمْراً يَغْزُوه؛ ويُقال: لقد قَرَبْتُ أَمْراً ما
أَدْرِي ما هو. وقَرَّبَه منه، وتَقَرَّب إِليه تَقَرُّباً وتِقِرَّاباً، واقْتَرَب وقاربه. وفي حديث أَبي عارِمٍ: فلم يَزَلِ الناسُ مُقارِبينَ
له أَي يَقْرُبُونَ حتى جاوزَ بلادَ بني عامر، ثم جَعل الناسُ يَبْعُدونَ منه.
وافْعَلْ ذلك بقَرابٍ، مفتوحٌ، أَي بقُرْبٍ؛عن
ابن الأَعرابي. وقوله تعالى: إِنَّ رحمةَ اللّه قَريبٌ من المحسنين؛ ولم يَقُلْ قَريبةٌ، لأَنه أَراد بالرحمة الإِحسانَ ولأَن ما لا يكون تأْنيثه حقيقيّاً، جاز تذكيره؛ وقال الزجاج: إِنما قيل قريبٌ، لأَن الرحمة، والغُفْرانَ، والعَفْو في معنًى واحد؛ وكذلك كل تأْنيثٍ ليس بحقيقيّ؛ قال: وقال الأَخفش جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى الـمَطَر؛ قال: وقال بعضُهم هذا ذُكِّر ليَفْصِلَ بين القريب من القُرْب، والقَريبِ من القَرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُبَ من مكانٍ أَو نَسَبٍ، فهو جارٍ على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ قال الفراءُ: إِذا كان القريبُ في معنى المسافة، يذكَّر ويؤَنث، وإِذا كان في معنى النَّسَب، يؤَنث بلا اختلاف بينهم. تقول: هذه المرأَة قَريبتي أَي ذاتُ قَرابتي؛ قال ابن بري: ذكر الفراءُ أَنَّ العربَ تَفْرُقُ بين القَريب من النسب، والقَريب من المكان، فيقولون: هذه قَريبتي من النسب، وهذه قَرِيبي من المكان؛ ويشهد بصحة قوله قولُ امرئِ القيس:
له الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى، ولا أُمُّ هاشمٍ * قَريبٌ، ولا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
فذكَّر قَريباً، وهو خبر عن أُم هاشم، فعلى هذا يجوز: قريبٌ مني، يريد قُرْبَ الـمَكان، وقَريبة مني، يريد قُرْبَ النَّسب. ويقال: إِنَّ فَعِـيلاً قد يُحْمل على فَعُول، لأَنه بمعناه، مثل رَحيم ورَحُوم، وفَعُول لا تدخله الهاءُ نحو امرأَة صَبُور؛ فلذلك قالوا: ريح خَريقٌ، وكَنِـيبة خَصِـيفٌ، وفلانةُ مني قريبٌ. وقد قيل: إِن قريباً أَصلهُ في هذا أَن يكونَ صِفةً لمكان؛ كقولك: هي مني قَريباً أَي مكاناً قريباً، ثم اتُّسِـعَ في الظرف فَرُفِـع وجُعِلَ خبراً.
التهذيب: والقَريبُ نقيضُ البَعِـيد يكون تَحْويلاً، فيَستوي في الذكر والأُنثى والفرد والجميع، كقولك: هو قَريبٌ، وهي قريبٌ، وهم قريبٌ، وهنَّ قَريبٌ. ابن السكيت: تقول العرب هو قَريبٌ مني، وهما قَريبٌ مني، وهم قَرِيبٌ مني؛ وكذلك المؤَنث: هي قريب مني، وهي بعيد مني، وهما بعيد، وهنّ بعيد مني، وقريب؛ فتُوَحِّدُ قريباً وتُذَكِّرُه لأَنه إِن كان مرفوعاً، فإِنه في تأْويل هو في مكان قريب مني. وقال اللّه تعالى: إِن رحمة اللّه
قريب من المحسنين. وقد يجوز قريبةٌ وبَعيدة، بالهاءِ، تنبيهاً على قَرُبَتْ، وبَعُدَتْ، فمن أَنثها في المؤَنث، ثَنَّى وجَمَع؛ وأَنشد:
لياليَ لا عَفْراءُ، منكَ، بعيدةُ * فتَسْلى، ولا عَفْراءُ منكَ قَريبُ
واقْتَرَبَ الوعدُ أَي تَقارَبَ. وقارَبْتُه في البيع مُقاربة.
والتَّقارُبُ: ضِدُّ التَّباعد. وفي الحديث: إِذا تَقاربَ الزمانُ، وفي
رواية: إِذا اقْترَبَ الزمان، لم تَكَدْ رُؤْيا المؤْمِن تَكْذِبُ؛ قال
ابن الأَثير: أَراد اقترابَ الساعة، وقيل اعتدالَ الليل والنهار؛ وتكون الرؤْيا فيه صحيحةً لاعْتِدالِ الزمان. واقْتَربَ: افْتَعَلَ، من القُرْب.
وتَقارَب: تَفاعَلَ، منه، ويقال للشيءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَر: تَقارَبَ.
وفي حديث الـمَهْدِيِّ: يَتَقارَبُ الزمانُ حتى تكون السنةُ كالشهر؛
أَراد: يَطِـيبُ الزمانُ حتى لا يُسْتَطالَ؛ وأَيام السُّرور والعافية
قَصيرة؛ وقيل: هو كناية عن قِصَر الأَعْمار وقلة البركة.
ويقال: قد حَيَّا وقَرَّب إِذا قال: حَيَّاكَ اللّه، وقَرَّبَ دارَك.
وفي الحديث: مَنْ تَقَرَّب إِليَّ شِـبْراً تَقَرَّبْتُ إِليه ذِراعاً؛ المرادُ بقُرْبِ العَبْدِ
منَ اللّه، عز وجل، القُرْبُ بالذِّكْر والعمل الصالح، لا قُرْبُ الذاتِ والمكان، لأَن ذلك من صفات الأَجسام، واللّه يَتَعالى عن ذلك ويَتَقَدَّسُ. والمراد بقُرْبِ اللّه تعالى من العبد، قُرْبُ نعَمِه وأَلطافه منه، وبِرُّه وإِحسانُه إِليه، وتَرادُف مِنَنِه عنده، وفَيْضُ مَواهبه عليه.
وقِرابُ الشيءِ وقُرابُه وقُرابَتُه: ما قاربَ قَدْرَه. وفي الحديث: إِن
لَقِـيتَني بقُراب الأَرضِ خطيئةً أَي بما يقارِبُ مِلأَها، وهو مصدرُ قارَبَ يُقارِبُ. والقِرابُ: مُقاربة الأَمر؛ قال عُوَيْفُ القَوافي يصف نُوقاً:
هو ابن مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً * يَزِدْنَ على العَديد قِرابَ شَهْرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: يَرِدْنَ على الغَديرِ قِرابَ شهر. قال ابن بري: صواب إِنشاده يَزِدْنَ على العَديد، مِنْ معنى الزيادة على العِدَّة، لا مِنْ معنى الوِرْدِ على الغَدير. والـمُنَضِّجةُ: التي تأَخرت ولادتها عن حين الولادة شهراً، وهو أَقوى للولد.
قال: والقِرابُ أَيضاً إِذا قاربَ أَن يمتلئَ الدلوُ؛ وقال العَنْبَرُ
بن تميم، وكان مجاوراً في بَهْراءَ:
قد رابني منْ دَلْوِيَ اضْطِرابُها،
والنَّـأْيُ من بَهْراءَ واغْتِرابُها،
إِلاَّ تَجِـي مَلأَى يَجِـي قِرابُها
ذكر أَنه لما تزوَّجَ عمرو بن تميم أُمَّ خارجةَ، نقَلَها إِلى بلده؛
وزعم الرواةُ أَنها جاءَت بالعَنْبَر معها صغيراً فأَولدها عَمرو بن تميم أُسَيْداً، والـهُجَيْم، والقُلَيْبَ، فخرجوا ذاتَ يوم يَسْتَقُون، فَقَلَّ
عليهم الماءُ، فأَنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأُ دَلْوَ
الـهُجَيْم وأُسَيْد والقُلَيْبِ، فإِذا وردَتْ دلو العَنْبر تركها تَضْطَربُ،
فقال العَنْبَر هذه الأَبيات.
وقال الليث: القُرابُ والقِرابُ مُقارَبة الشيءِ. تقول: معه أَلفُ درهم أَو قُرابه؛ ومعه مِلْءُ قَدَح ماءٍ أَو قُرابُه. وتقول: أَتيتُه قُرابَ العَشِـيِّ، وقُرابَ الليلِ.
وإِناءٌ قَرْبانُ: قارَب الامْتِلاءَ، وجُمْجُمةٌ قَرْبَـى: كذلك. وقد أَقْرَبَه؛ وفيه قَرَبُه وقِرابُه. قال سيبويه: الفعل من قَرْبانَ قارَبَ.
قال: ولم يقولوا قَرُبَ استغناء بذلك. وأَقْرَبْتُ القَدَحَ، مِنْ قولهم: قَدَح قَرْبانُ إِذا قارَبَ أَن يمتلئَ؛ وقَدَحانِ قَرْبانانِ والجمع قِرابٌ، مثل عَجْلانَ وعِجالٍ؛ تقول: هذا قَدَحٌ قَرْبانُ ماءً، وهو الذي
قد قارَبَ الامتِلاءَ.
ويقال: لو أَنَّ لي قُرابَ هذا ذَهَباً أَي ما يُقارِبُ مِـْلأَه.
والقُرْبانُ، بالضم: ما قُرِّبَ إِلى اللّه، عز وجل. وتَقَرَّبْتَ به،
تقول منه: قَرَّبْتُ للّه قُرْباناً. وتَقَرَّبَ إِلى اللّه بشيءٍ أَي طَلَبَ به القُرْبة عنده تعالى.
والقُرْبانُ: جَلِـيسُ الملك وخاصَّتُه، لقُرْبِه منه، وهو واحد
القَرابِـينِ؛ تقول: فلانٌ من قُرْبان الأَمير، ومن بُعْدانِه. وقَرابينُ
الـمَلِكِ: وُزَراؤُه، وجُلساؤُه، وخاصَّتُه. وفي التنزيل العزيز: واتْلُ عليهم نَبأَ ابْنَيْ آدمَ بالحق إِذ قَرَّبا قُرْباناً. وقال في موضع آخر: إِن اللّه عَهِدَ إِلينا أَن لا نُؤْمِن لرسولٍ حتى يأْتِـيَنا بقُرْبانٍ
تأْكُلُه النارُ. وكان الرجلُ إِذا قَرَّبَ قُرْباناً، سَجَد للّه، فتنزل النارُ فتأْكل قُرْبانَه، فذلك علامةُ قبول القُرْبانِ، وهي
ذبائح كانوا يذبحونها. الليث: القُرْبانُ ما قَرَّبْتَ إِلى اللّه، تبتغي بذلك قُرْبةً ووسيلة. وفي الحديث صفة هذه الأُمَّةِ في التوراة: قُرْبانُهم دماؤُهم.
القُرْبان مصدر قَرُبَ يَقْرُب أَي يَتَقَرَّبُون إِلى اللّه بـإِراقة دمائهم في الجهاد. وكان قُرْبان الأُمَم السالفةِ ذَبْحَ البقر، والغنم، والإِبل. وفي الحديث: الصّلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقِـيٍّ أَي إِنَّ الأَتْقِـياءَ من الناس يَتَقَرَّبونَ بها إِلى اللّه تعالى أَي يَطْلُبون القُرْبَ منه بها. وفي حديث الجمعة: مَن رَاحَ في الساعةِ الأُولى، فكأَنما قَرَّبَ بدنةً أَي كأَنما أَهْدى ذلك إِلى اللّه تعالى كما يُهْدى القُرْبانُ إِلى بيت اللّه الحرام. الأَحمر: الخيلُ الـمُقْرَبة التي تكون قَريبةً مُعَدَّةً. وقال شمر: الإِبل الـمُقْرَبة التي حُزِمَتْ للرُّكوب، قالَـها أَعرابيٌّ مِن غَنِـيٍّ. وقال: الـمُقْرَباتُ من الخيل: التي ضُمِّرَتْ للرُّكوب. أَبو سعيد: الإِبل الـمُقْرَبةُ التي عليها رِحالٌ مُقْرَبة بالأَدَمِ، وهي مَراكِبُ الـمُلوك؛ قال: وأَنكر الأَعرابيُّ هذا التفسير.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: ما هذه الإِبلُ الـمُقْرِبةُ؟ قال: هكذا رُوي، بكسر الراءِ، وقيل: هي بالفتح، وهي التي حُزِمَتْ للرُّكوب، وأَصلُه من القِرابِ. ابن سيده: الـمُقْرَبةُ والـمُقْرَب من الخيل: التي تُدْنَى، وتُقَرَّبُ، وتُكَرَّمُ، ولا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ؛ قال ابن دريد: إِنما يُفْعَلُ ذلك بالإِناث، لئلا يَقْرَعَها فَحْلٌ لئيم.
وأَقْرَبَتِ الحاملُ، وهي مُقْرِبٌ: دنا وِلادُها، وجمعها مَقاريبُ،
كأَنهم توهموا واحدَها على هذا، مِقْراباً؛ وكذلك الفرس والشاة، ولا يقال للناقةِ إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ؛ قالت أُمُّ تأَبـَّطَ شَرّاً،
تُؤَبِّنُه بعد موته:
وابْناه! وابنَ اللَّيْل،
ليس بزُمَّيْل شَروبٍ للقَيْل،
يَضْرِبُ بالذَّيْل كمُقْرِبِ الخَيْل
لأَنها تُضَرِّجُ من دَنا منها؛ ويُرْوى كمُقْرَب الخيل، بفتح الراءِ،
وهو الـمُكْرَم.
الليث: أَقْرَبَتِ الشاةُ والأَتانُ، فهي مُقْرِبٌ، ولا يقال للناقة إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ. العَدَبَّسُ الكِنانيُّ: جمع الـمُقْرِبِ من الشاءِ: مَقاريبُ؛ وكذلك هي مُحْدِثٌ وجمعُه مَحاديثُ.
التهذيب: والقَريبُ والقَريبة ذو القَرابة، والجمع مِن النساءِ
قَرائِبُ، ومِن الرجال أَقارِبُ، ولو قيل قُرْبَـى، لجاز.
والقَرابَة والقُرْبَـى: الدُّنُوُّ في النَّسب، والقُرْبَـى في الرَّحِم، وهي في الأَصل مصدر. وفي التنزيل العزيز: والجار ذي القُرْبَـى.وما بينهما مَقْرَبَةٌ ومَقْرِبَة ومَقْرُبة أَي قَرابةٌ. وأَقارِبُ
الرجلِ، وأَقْرَبوه: عَشِـيرَتُه الأَدْنَوْنَ. وفي التنزيل العزيز:
وأَنْذِرْ عَشِـيرَتَك الأَقْرَبِـين. وجاءَ في التفسير أَنه لما نَزَلَتْ هذه
الآية، صَعِدَ الصَّفا، ونادى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ، فَخِذاً فَخِذاً.
يا بني عبدالمطلب، يا بني هاشم، يا بني عبدمناف، يا عباسُ، يا صفيةُ: إِني لا أَملك لكم من اللّه شيئاً، سَلُوني من مالي ما شئتم؛ هذا عن الزجاج.وتقول: بيني وبينه قَرابة، وقُرْبٌ، وقُرْبَـى، ومَقْرَبة، ومَقْرُبة، وقُرْبَة، وقُرُبَة، بضم الراءِ، وهو قَريبي، وذو قَرابَتي، وهم أَقْرِبائي، وأَقارِبي. والعامة تقول: هو قَرابَتي، وهم قَراباتي. وقولُه تعالى: قل لا أَسْـأَلُكم عليه أَجْراً إِلا الـمَوَدَّة في القُرْبَـى؛ أَي إِلا أَن تَوَدُّوني في قَرابتي أَي في قَرابتي منكم. ويقال: فلانٌ ذو قَرابتي، وذو
قَرابةٍ مِني، وذو مَقْرَبة، وذو قُرْبَـى مني. قال اللّه تعالى:
يَتيماً ذا مَقْرَبَةٍ. قال: ومِنهم مَن يُجيز فلان قَرابتي؛ والأَوَّلُ
أَكثر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِلاَّ حامَى على قَرابته؛ أَي أَقارِبه، سُمُّوا بالمصدر كالصحابة.
والتَّقَرُّبُ: التَّدَنِّي إِلى شَيءٍ، والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسان بقُرْبةٍ، أَو بحقٍّ.
والإِقْرابُ: الدُّنُوُّ.
وتَقارَبَ الزرعُ إِذا دَنا إِدراكُه.
ابن سيده: وقارَبَ الشيءَ داناه. وتَقَارَبَ الشيئانِ: تَدانَيا.
وأَقْرَبَ الـمُهْرُ والفصيلُ وغيرُه إِذا دنا للإِثناءِ أَو غير ذلك من
الأَسْنانِ.
والـمُتَقارِبُ في العَروض: فَعُولُن، ثماني مرات، وفعولن فعولن فَعَلْ، مرتين، سُمِّي مُتَقارِباً لأَنه ليس في أَبنية الشعر شيءٌ تَقْرُبُ أَوْتادُه من أَسبابه، كقُرْبِ المتقارِبِ؛ وذلك لأَن كل أَجزائه مَبْنِـيٌّ على وَتِدٍ وسببٍ.
ورجلٌ مُقارِبٌ، ومتاعٌ مُقارِبٌ: ليس بنَفيسٍ. وقال بعضهم: دَيْنٌ
مُقارِبٌ، بالكسر، ومتاعٌ مُقارَبٌ، بالفتح. الجوهري: شيءٌ مقارِبٌ، بكسرالراءِ، أَي وَسَطٌ بين الجَيِّدِ والرَّدِيءِ؛ قال: ولا تقل مُقارَبٌ، وكذلك إِذا كان رَخيصاً.
والعرب تقول: تَقارَبَتْ إِبلُ فلانٍ أَي قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ؛ قال جَنْدَلٌ:
(يتبع...)
(تابع... 1): قرب: القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ.... ...
غَرَّكِ أَن تَقارَبَتْ أَباعِري، * وأَنْ رَأَيتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِر
ويقال للشيءِ إِذا وَلى وأَدبر: قد تَقارَبَ. ويقال للرجل القصير:
مُتقارِبٌ، ومُتَـآزِفٌ.
الأَصمعي: إِذا رفَعَ الفَرَسُ يَدَيْه معاً ووَضَعَهما معاً، فذلك
التقريبُ؛ وقال أَبو زيد: إِذا رَجَمَ الأَرضَ رَجْماً، فهو التقريبُ. يقال: جاءَنا يُقَرِّبُ به فرسُه.
وقارَبَ الخَطْوَ: داناه.
والتَّقريبُ في عَدْوِ الفرس: أَن يَرْجُمَ الأَرض بيديه، وهما
ضَرْبانِ: التقريبُ الأَدْنَى، وهو الإِرْخاءُ، والتقريبُ الأَعْلى، وهو
الثَّعْلَبِـيَّة. الجوهري: التقريبُ ضَربٌ من العَدْوِ؛ يقال: قَرَّبَ الفرسُ إِذا رفع يديه معاً ووضعهما معاً، في العدو، وهو دون الـحُضْر. وفي حديث الهجرة: أَتَيْتُ فرسِي فركبتها، فرفَعْتُها تُقَرِّبُ بي. قَرَّبَ الفرسُ، يُقَرِّبُ تقريباً إِذا عَدا عَدْواً دون الإِسراع.
وقَرِبَ الشيءَ، بالكسر، يَقْرَبُه قُرْباً وقُـِرْباناً: أَتاه، فقَرُبَ ودنا منه. وقَرَّبْتُه تقريباً: أَدْنَيْتُه. والقَرَبُ: طلبُ الماءِ ليلاً؛ وقيل: هو أَن لا يكون بينك وبين الماءِ إِلا ليلة. وقال ثعلب: إِذا كان بين الإِبل وبين الماءِ يومان، فأَوَّلُ يوم تَطلبُ فيه الماءَ هو القَرَبُ، والثاني الطَّلَقُ.
قَرِبَتِ الإِبلُ تَقْرَبُ قُرْباً، وأَقْرَبَها؛ وتقول: قَرَبْتُ أَقْرُبُ قِرابةً، مثلُ كتبتُ أَكْتُبُ كتابةً، إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ، وبينك وبينه ليلة. قال الأَصمعي: قلتُ لأَعْرابِـيٍّ ما القَرَبُ؟ فقال: سير الليل لِورْدِ الغَدِ؛ قلتُ: ما الطَّلَق؟ فقال: سير الليل لِوِرْدِ الغِبِّ. يقال: قَرَبٌ بَصْباصٌ، وذلك أَن القوم يُسِـيمُونَ الإِبلَ، وهم في ذلك يسيرون نحو الماءِ، فإِذا بقيَت بينهم وبين الماءِ عشيةٌ، عَجَّلوا نحوهُ، فتلك الليلةُ ليلةُ القَرَب.
قال الخليل: والقارِبُ طالِبُ الماءِ ليلاً، ولا يقال ذلك لِطالِب
الماءِ نهاراً. وفي التهذيب: القارِبُ
الذي يَطلُبُ الماءَ، ولم يُعَيِّنْ وَقْتاً.
الليث: القَرَبُ أَن يَرْعَى القومُ بينهم وبين الموْرد؛ وفي ذلك يسيرون بعضَ السَّيْر، حتى إِذا كان بينهم وبين الماءِ ليلةٌ أَو عَشِـيَّة، عَجَّلُوا فَقَرَبُوا، يَقْرُبونَ قُرْباً؛ وقد أَقْرَبُوا إِبلَهم،
وقَرِبَتِ الإِبلُ.
قال: والحمار القارِب، والعانَةُ القَوارِبُ: وهي التي تَقْرَبُ
القَرَبَ أَي تُعَجِّلُ ليلةَ الوِرْدِ. الأَصمعي: إِذا خَلَّى الراعي وُجُوهَ
إِبله إِلى الماءِ، وتَرَكَها في ذلك تَرْعى ليلَتَئذٍ، فهي ليلةُ الطَّلَق؛ فإِن كان الليلةَ الثانية، فهي ليلةُ القَرَب، وهو السَّوْقُ الشديد.
وقال الأَصمعي: إِذا كانتْ إِبلُهم طَوالقَ، قيل أَطْلَقَ القومُ، فهم
مُطْلِقُون، وإِذا كانت إِبلُهم قَوارِبَ، قالوا: أَقْرَبَ القومُ، فهم
قارِبون؛ ولا يقال مُقْرِبُون، قال: وهذا الحرف شاذ. أَبو زيد: أَقْرَبْتُها حتى قَرِبَتْ تَقْرَبُ. وقال أَبو عمرو في الإِقْرابِ والقَرَب مثله؛ قال لبيد:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها، * لم تُمْسِ مِني نَوْباً ولا قَرَبا
قال ابن الأَعْرابي: القَرَبُ والقُرُبُ واحد في بيت لبيد. قال أَبو
عمرو: القَرَبُ في ثلاثة أَيام أَو أَكثر؛ وأَقْرَب القوم، فهم قارِبُون، على غير قياس، إِذا كانت إِبلُهم مُتَقارِبةً، وقد يُستعمل القَرَبُ في الطير؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لخَليج الأَعْيَويّ:
قد قلتُ يوماً، والرِّكابُ كأَنـَّها * قَوارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُها
وهو يَقْرُبُ حاجةً أَي يَطلُبها، وأَصلها من ذلك.
وفي حديث ابن عمر: إِنْ كنا لنَلتَقي في اليوم مِراراً، يسأَل بعضُنا بعضاً، وأَن نَقْرُبَ بذلك إِلى أَن نحمد اللّه تعالى؛ قال الأَزهري: أَي ما نَطلُبُ بذلك إِلاَّ حمدَ اللّه تعالى. قال الخَطَّابي: نَقرُبُ أَي نَطلُب، والأَصلُ فيه طَلَبُ الماء، ومنه ليلةُ القَرَبِ: وهي الليلة التي يُصْبِحُونَ منها على الماءِ، ثم اتُّسِـعَ فيه فقيل: فُلانٌ يَقْرُبُ حاجتَه أَي يَطلُبها؛ فأَن الأُولى هي المخففة من الثقيلة، والثانية نافية.
وفي الحديث قال له رجل: ما لي هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي ما له وارِدٌ يَرِدُ الماء، ولا صادِرٌ يَصدُرُ عنه. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: وما كنتُ إِلاَّ كقارِبٍ وَرَدَ، وطالبٍ وَجَد.
ويقال: قَرَبَ فلانٌ أَهلَه قُرْباناً إِذا غَشِـيَها.
والـمُقارَبة والقِرابُ: الـمُشاغَرة للنكاح، وهو رَفْعُ الرِّجْلِ.
والقِرابُ: غِمْدُ السَّيف والسكين، ونحوهما؛ وجمعُه قُرُبٌ. وفي
الصحاح: قِرابُ السيفِ غِمْدُه وحِمالَتُه. وفي المثل: الفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ؛ قال ابن بري: هذا المثل ذكره الجوهري بعد قِرابِ السيف على ما تراه، وكان صواب الكلام أَن يقول قبل المثل: والقِرابُ القُرْبُ، ويستشهد بالمثل عليه. والمثلُ لجابر بن عمرو الـمُزَنِـيّ؛ وذلك أَنه كان يسير في طريق، فرأَى أَثرَ رَجُلَيْن، وكان قائفاً، فقال: أَثَرُ رجلين شديدٍ كَلَبُهما، عَزيزٍ سَلَبُهما، والفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ أَي بحيث يُطْمَعُ في السلامة من قُرْبٍ. ومنهم مَن يَرويه بقُراب، بضم القاف. وفي التهذيب
الفِرارُ قبلَ أَن يُحاطَ بك أَكْيَسُ لك. وقَرَبَ قِراباً، وأَقرَبَهُ:
عَمِلَهُ.
وأَقْرَبَ السيفَ والسكين: عَمِل لها قِراباً. وقَرَبَهُ: أَدْخَلَه في
القِرابِ. وقيل: قَرَبَ السيفَ جعلَ له قِراباً؛ وأَقْرَبَه: أَدْخَله في
قِرابِه. الأَزهري: قِرابُ السيفِ شِبْه جِرابٍ من أَدَمٍ،
يَضَعُ الراكبُ فيه سيفَه بجَفْنِه، وسَوْطه، وعصاه، وأَداته. وفي كتابه لوائل بن حُجْرٍ: لكل عشر من السَّرايا ما يَحْمِلُ القِرابُ من التمر. قال ابن الأَثير: هو شِـبْه الجِراب، يَطْرَحُ فيه الراكبُ سيفه بغِمْدِه وسَوْطِه، وقد يَطْرَحُ فيه زادَه مِن تمر وغيره؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي الرواية بالباءِ؛ هكذا قال ولا موضع له ههنا. قال: وأُراه القِرافَ جمع قَرْفٍ، وهي أَوْعِـيَةٌ من جُلُود يُحْمَلُ فيها الزادُ للسفر، ويُجْمَع على قُروف أَيضاً.
والقِرْبةُ من الأَساقي. ابن سيده: القِرْبةُ الوَطْبُ من اللَّبَن، وقد
تكون للماءِ؛ وقيل: هي الـمَخْروزة من جانبٍ واحد؛ والجمع في أَدْنى العدد: قِرْباتٌ وقِرِباتٌ وقِرَباتٌ، والكثير قِرَبٌ؛ وكذلك جمعُ كلِّ ما كان على فِعْلة، مثل سِدْرة وفِقْرَة، لك أَن تفتح العينَ وتكسر وتسكن.
وأَبو قِرْبةَ: فَرَسُ عُبَيْدِ بن أَزْهَرَ.
والقُرْبُ: الخاصِرة، والجمع أَقرابٌ؛ وقال الشَّمَرْدَلُ: يصف فرساً:
لاحِقُ القُرْبِ، والأَياطِلِ نَهْدٌ، * مُشْرِفُ الخَلْقِ في مَطَاه تَمامُ
التهذيب: فرسٌ لاحِقُ الأَقْراب، يَجْمَعُونه؛ وإِنما له قُرُبانِ لسَعته، كما يقال شاة ضَخْمَةُ الخَواصِر، وإِنما لها خاصرتانِ؛ واستعاره
بعضُهم للناقة فقال:
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَربعةٍ، * في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ فانْشَمَلا
أَراد: حتى دَلَّ، فوضعَ الآتي موضعَ الماضي؛ قال أَبو ذؤيب يصف الحمارَ والأُتُنَ:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائِغاً * عنه، فعَيَّثَ في الكِنَانةِ يُرْجِـعُ
وقيل: القُرْبُ والقُرُبُ، من لَدُنِ الشاكلةِ إِلى مَرَاقِّ البطن، مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وكذلك من لَدُنِ الرُّفْغ إِلى الإِبْطِ قُرُبٌ من كلِّ
جانب.
وفي حديث الـمَوْلِدِ: فخرَجَ عبدُاللّه بن عبدالمطلب أَبو النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ذاتَ يوم مُتَقَرِّباً، مُتَخَصِّراً بالبَطْحاءِ،
فبَصُرَتْ به ليلى العَدَوِيَّة؛ قوله مُتَقَرِّباً أَي واضعاً يده على
قُرْبِه أَي خاصِرَته وهو يمشي؛ وقيل: هو الموضعُ الرقيقُ أَسفل من السُّرَّة؛ وقيل: مُتَقَرِّباً أَي مُسْرِعاً عَجِلاً، ويُجْمَع على أَقراب؛ ومنه قصيدُ كعب بن زهير:
يمشي القُرادُ عليها، ثم يُزْلِقُه * عنها لَبانٌ وأَقرابٌ زَهالِـيلُ
التهذيب: في الحديث ثلاثٌ لَعيناتٌ: رجلٌ غَوَّرَ الماءَ الـمَعِـينَ
الـمُنْتابَ، ورجلٌ غَوَّرَ طريقَ الـمَقْرَبةِ، ورجل تَغَوَّطَ تحت
شَجرةٍ؛ قال أَبو عمرو: الـمَقْرَبةُ المنزل، وأَصله من القَرَبِ وهو السَّيْر؛ قال الراعي:
في كلِّ مَقْرَبةٍ يَدَعْنَ رَعِـيلا
وجمعها مَقارِبُ. والـمَقْرَبُ: سَير الليل؛ قال طُفَيْلٌ يصف الخيل:
مُعَرَّقَة الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها، * تُثِـير القَطا في مَنْهلٍ بعدَ مَقْرَبِ
وفي الحديث: مَن غَيَّر الـمَقْرَبةَ والـمَطْرَبة، فعليه لعنةُ اللّه.
المَقْرَبةُ: طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريق كبير، وجمعُها الـمَقارِبُ؛
وقيل: هو من القَرَب، وهو السير بالليل؛ وقيل: السير إِلى الماءِ.
التهذيب، الفراء جاءَ في الخبر: اتَّقُوا قُرابَ الـمُؤْمن أَو قُرابَتَه، فإِنه يَنْظُر بنُور اللّه، يعني فِراسَتَه
وظَنَّه الذي هو قَريبٌ من العِلم والتَّحَقُّقِ لصِدْقِ حَدْسِه وإِصابتِه.
والقُراب والقُرابةُ: القريبُ؛ يقال: ما هو بعالم، ولا قُرابُ عالم، ولا قُرابةُ عالمٍ، ولا قَريبٌ من عالم.
والقَرَبُ: البئر القريبة الماء، فإِذا كانت بعيدةَ الماء، فهي النَّجاءُ؛ وأَنشد:
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ، * مُوَكَّلاتٌ بالنَّجاءِ والقَرَبْ
يعني: الدِّلاء.
وقوله في الحديث: سَدِّدوا وقارِبُوا؛ أَي اقْتَصِدوا في الأُمورِ
كلِّها، واتْرُكوا الغُلُوَّ فيها والتقصير؛ يقال: قارَبَ فلانٌ في أُموره
إِذا اقتصد.
وقوله في حديث ابن مسعود: إِنه سَلَّم على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وهو في الصلاة، فلم يَرُدَّ عليه، قال: فأَخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ؛ يقال للرجُل إِذا أَقْلَقَه الشيءُ وأَزْعَجَه: أَخذه ما قَرُبَ وما بَعُدَ، وما قَدُمَ وما حَدُثَ؛ كأَنه يُفَكِّرُ ويَهْتَمُّ في بَعيدِ أُمورِه وقَريـبِها، يعني أَيـُّها كان سَبَباً في الامتناع من ردِّ السلام
عليه.وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاةَ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي لآتِـيَنَّكم بما يُشْبِهُها، ويَقْرُبُ منها.
وفي حديثه الآخر: إِني لأَقْرَبُكم شَبَهاً بصلاةِ رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم.
والقارِبُ: السَّفينةُ الصغيرة، مع أَصحاب السُّفُنِ الكبار البحرية،
كالجَنائب لها، تُسْتَخَفُّ لحوائجهم، والجمعُ القَوارِبُ. وفي حديث
الدجال: فجلسوا في أَقْرُبِ السفينة، واحدُها قارِبٌ، وجمعه قَوارِب؛ قال: فأَما أَقْرُبٌ، فإِنه غير معروف في جمع قارِب، إِلاَّ أَن يكون على غير قياس؛ وقيل: أَقْرُبُ السفينةِ أَدانِـيها أَي ما قارَبَ إِلى الأَرض منها.والقَريبُ: السَّمَك الـمُمَلَّحُ، ما دام في طَراءَته. وقَرَبَتِ الشمسُ للمغيب: ككَرَبَتْ؛ وزعم يعقوب أَن القاف بدل مِن الكاف.
والـمَقارِبُ: الطُّرُقُ.
وقُرَيْبٌ: اسم رجل.
وقَرِيبةُ: اسم امرأَة.
وأَبو قَرِيبةَ: رجل من رُجَّازِهم.
والقَرَنْبَـى: نذكره في ترجمة قرنب.
عطا: العَطْوُ: التَّــناوُلُ، يقال منه: عَطَوْت أَعْطُو. وفي حديث أَبي
هريرة: أَرْبَى الرِّبا عَطْوُ الرجُلِ عِرْضَ أَخِيه بغَير حَقٍّ أَي
تَــناوُلُــه بالذَّمِّ ونحوه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: لا تَعْطُوهُ
الأَيْدِي أَي لا تَبْلُغُه فتَتــناوَلَــه. وعَطا الشيءَ وعَطا إِليه
عَطْواً: تَــناوَلــه؛ قال الشاعر يصف ظبية:
وتَعْطُو البَرِيرَ، إِذا فاتَها،
بِجِيدٍ تَرَى الخَدِّ منه أَسِيلاَ
وظَبيٌ عَطُوٌّ: يَتطاوَلُ إِلى الشَّجَر ليَتــناولَ منه، وكذلك الجَدْي،
ورواه كُراع ظَبْيٌ عَطْوٌ وجَدْي عَطْوٌ، كأَنه وصفَهُما بالصدر. وعَطا
بيدِه إِلى الإِناء: تَــناوَلــه وهو محمولٌ قَبل أَن يُوضَع على الأَرض؛
وقول بشر بن أَبي خازم:
أَو الأُدْم المُوَشَّحةَ العَواطِي
بأَيْدِيهِنَّ مِنْ سَلَمِ النِّعافِ
يعني الظِّباء وهي تَتطاوَلُ إِذا رَفَعت أَيْدِيها لتَتَــناوَل
الشَّجَر، والإِعْطاءُ مأْخوذٌ من هذا.
قال الأَزهري: وسَمِعتُ غير واحدٍ من العَرَب يقول لراحِلَته إِذا
انْفَسَحَ خَطْمُه عن مِخْطَمِه أَعْطِ فيَعُوجُ رأْسه إِلى راكبه فيُعِيدُ
الخَطْمَ على مَخْطِمِه. ويقال: أَعْطَى البعِيرُ إِذا انْقادَ ولم
يَسْتَصْعِبْ. والعَطاء: نَوْلٌ للرجُلِ السَّمْحِ.والعَطاءُ والعَطِيَّة: اسمٌ
لما يُعْطَى، والجمع عَطايا وأَعْطِيَة، وأَعْطِياتٌ جمعُ الجَمع؛
سيبويه: لم يُكَسَّر على فُعُل كراهية الإِعْلالِ، ومن قال أُزْرٌ لم يقل
عُطْيٌ لأَن الأَصل عندَهم الحركة. ويقال: إِنَّه لَجَزيلُ العَطاء، وهو اسمٌ
جامِعٌ، فإذا أُفرِد قيلَ العَطيَّة، وجمعُها العَطايا، وأَمَّا الأَعطية
فهو جَمْع العَطاء. يقال: ثلاثةُ أَعْطِيةٍ، ثم أَعْطِياتٌ جمعُ الجمعِ.
وأَعطاه مالاً، والاسمُ العَطاء، وأَصله عَطارُ، بالواو، لأَنه من
عَطَوْت، إِلا أَنَّ العرب تَهْمِزُ الواوَ والياء إِذا جاءتا بعد الأَلف
لأَنَّ الهمزة أَحْمَل للحركة منهما، ولأَنهم يستثقلون الوقف على الواو،
وكذلك الياءُ مثل الرداءِ وأَصله رِدايٌ، فإِذا أَلْحقوا فيها الهاء فمنهم من
يهمزها بناءً على الواحد فيقول عَطاءَةٌ ورِداءَةٌ، ومنهم من يَرُدُّها
إِلى الأَصل فيقول عَطاوة ورداية، وكذلك في التثنية عطاءَان وعطاوان
ورداءَان وردايان، قال ابن بري في قول الجوهري: إِلا أَن العرب تهمز الواوَ
والياء إذا جاءَتا بعد الأَلف لأنّ الهمزة أَحْمل للحركة منهما، قال: هذا
ليس سبَب قَلْبِها، وإِنما ذلك لكَوْنها متَطَرِّفة بعد أَلِفٍ زائدة،
وقال في قوله في تثنية رداء ردايان، قال: هذا وهَمٌ منه، وإنما هو رِداوانِ
بالواو، فليست الهمزةُ تُرَدُّ إِلى أضصْلِها كما ذَكَر، وإِنما تُبْدل
منها واوٌ في التثنية والنسَب والجمعِ بالأَلف والتاءِ. ورجلٌ مِعْطاءٌ:
كثيرُ العَطاءِ، والجمعُ مَعاطٍ، وأَصلُّه معاطِييُ، اسْتَثْقلُوا
الياءَيْن وإِن لم يكونا بعد أَلِفٍ يَلِيانِها، ولا يمتَنع مَعاطِيّ كأَثافيّ؛
هذا قول سيبويه. وقومٌ مَعاطِيُّ ومَعاطٍ؛ قال الأَخفش: هذا مثلُ
قولِهِم مَفاتِيح ومَفاتِح وأَمانيّ وأَمانٍ. وقولهم: ما أَعْطاهُ للمال كما
قالوا ما أَولاه للمَعْروف وما أَكْرَمَه لي وهذا شاذّ لا يَطرّد لأَن
التعجّب لا يدخل على أَفْعَلَ، وإنما يجوز من ذلك ما سُمِع من العرب ولا
يقاسُ عليه: قال الجوهري: ورجلٌ مِعطاءٌ كثير العَطاء، وامرأة مِعْطاءٌ
كذلك، ومِفْعالٌ يَسْتَوِي فيه المذكَّر والمؤنَّث. والإِعْطاء والمُعاطاةُ
جميعاً: المُــناوَلــة، وقد أَعْطاهُ الشيءَ. وعَطَوْتُ الشيءَ: تَــناوَلْــته
باليَدِ. والمُعاطاة: المُــناوَلــة. وفي المَثل: عاطٍ بغَيرِ أَنْواط أَي
يَتَــناوَلُ ما لا مَطْمَع فيه ولا مُتَــناوَل، وقيل: يُضْرَب مثلاً لمن
يَنْتَحِلُ عِلْماً لا يقومُ به؛ وقول القُطامي:
أَكُفْراً بعدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي،
وبعدَ عَطائِكَ المِاثَةَ الرِّتاعَا؟
نبل: النُّبْل، بالضم: الذَّكاءُ والنَّجابة، وقد نَبُلَ نُبْلاً
ونَبالة وتَنَبَّل، وهو نَبِيلٌ ونَبْلٌ، والأُنثى نَبْلة، والجمع نِبالٌ،
بالكسر، ونَبَلٌ، بالتحريك، ونَبَلة. والنَّبِيلة: الفَضِيلة
(* قوله «ونبل
بالتحريك ونبلة والنبيلة الفضيلة» هكذا في الأصل المعول عليه مصلحاً بخط
السيد مرتضى لتقطيع في الورق، وفي بعض النسخ: ونبل بالتحريك مثل كريم
وكرم، الليث: النبل في الفضل والفضيلة إلى آخر ما هنا) ، وأَما النَّبالة فهي
أَعمّ تجري مَجْرَى النُّبْل، وتكون مصدراً للشيء النَّبيل الجسيم؛
وأَنشد:
كَعْثَبُها نَبِيلُ
قال: وهو يَعيبها بهذا، قال: والنَّبَلُ في معنى جماعة النَّبيل، كما
أَن الأَدَم جماعة الأَدِيم، والكَرَم قد يجيء جماعة الكريم. وفي بعض
القول: رجل نَبْل وامرأَة نَبْلة وقوم نِبالٌ، وفي المعنى الأَول قوم نُبَلاء.
الجوهري: النُّبْل والنَّبالة الفَضْل، وامرأَة نَبِيلة في الحسن
بَيِّنة النَّبالة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة امرأَة:
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
إِلاَّ لِحُسنِ الخَلْق والنَّبالَهْ
وكذلك الناقة في حسن الخَلْق. وفرسٌ نَبِيل المَحْزِم: حَسَنه مع غلظ؛
قال عنترة:
وَحَشيّتي سَرْجٌ على عَبْل الشَّوَى،
مهدٍ مراكِلُهُ، نَبِيلِ المَحْزِمِ
وكذلك الرجل؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل:
فقامَ وَثَّابٌ نَبيلٌ مَحْزِمُهْ،
لم يَلْقَ بُؤْساً لحمه ولا دَمُهْ
ويقال: ما انتَبَلَ نَبْلَهُ إِلاَّ بأَخَرةٍ، ونُبْلَه ونَبَالَه كذلك
أَي لم يَنْتَبِه له وما بالي به؛ قال يعقوب: وفيها أَربع لغات: نُبْلَه
ونَبالَهُ ونَبالتَه ونُبالَتَه؛ قال ابن بري: اللغات الأَربع التي ذكرها
يعقوب إِنما هي نُبْلَه ونَبْلَه ونَبالَه ونَبالَتَه لا غير. وأَتاني
فلانٌ وأَتاني هذا الأَمر وما نَبَلْت نَبْلَه أَنْبُل أَي ما شعَرْت به
ولا أَردته؛ وقال اللحياني: أَتاني ذلك الأَمر وما انتَبَلْت نُبْلَه
ونُبْلَتَه؛ قال: وهي لغة القَناني، ونَبالَه ونَبالَته أَي ما علمت به، قال:
وقال بعضهم معناه ما شَعرْت به ولا تهيَّأْت له ولا أَخذت أُهْبَتَه،
يقال ذلك للرجل يغْفُل عن الأَمر في وقته ثم ينتبه له بعد إِدْباره. وفي
حديث النضر بن كَلْدة: والله يا معْشَر قريش لقد نزل بكم أَمر ما ابْتَلْتم
بَتْلَه؛ قال الخطابي: هذا خطأ والصواب ما انتَبَلْتم نُبْله أَي ما
انتبهتم له ولم تعلموا علمه، تقول العرب: أَنذرتك الأَمر فلم تَنْتَبِل
نَبْله أَي ما انتبهت له، والله أَعلم.
ابن الأَعرابي: النُّبْلة اللُّقْمة الصغيرة وهي المَدَرَة الصغيرة.
الجوهري: والنُّبْلة العطيَّة. والنَّبَل: الكِبارُ؛ قال بشر:
نَبِيلة موضع الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ،
وفي الكَشْحَيْن والبطْن اضْطِمار
والنَّبَلُ أَيضاً: الصِّغار، وهو من الأَضداد. والنَّبَل: عِظام
الحجارة والمَدَر ونحوهما وصغارها ضدّ، واحدتها نَبَلة، وقيل: النَّبَل العِظام
والصِّغار من الحجارة والإِبل والناس وغيرهم. والنَّبَلُ: الحجارة التي
يُسْتنجى بها؛ ومنه الحديث: اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبَل؛
قال أَبو عبيد: وبعضهم يقول النُّبَل؛ قال ابن الأَثير: واحدتها نُبْلة
كغُرْفة وغُرَف، والمحدثون يفتحون النون والباء كأَنه جمع نبيل في التقدير؛
والنَّبَل، بالفتح، في غير هذا الكِبار من الإِبل والصغار، وهو من
الأَضداد. ونبَّلَه نُبَلاً: أَعطاه إِياها يستنجي بها، وتَنَبَّلَ بها:
اسْتَنْجى؛ قال الأَصمعي: أَراها هكذا بضم النون وفتح الباء. يقال: نَبِّلْني
أَحجاراً للاستنجاء أَي أَعطنيها، ونَبِّلني عَرْقاً أَي أَعطنيه. قال
أَبو عبيد: المحدثون يقولون النَّبَل، بفتح النون، قال: ونراها سميت نَبَلاً
لصغرها، وهذا من الأَضداد في كلام العرب أَن يقال للعِظام نَبَل وللصغار
نَبَل. وحكى ابن بري عن ابن خالويه: النَّبَل جمع نابِل وهي الحذَّاق
بعمَل السلاح. والنَّبَل: حجارة الاستنجاء، قال: ويقال النُّبَل، بضم
النون؛ قال محمد بن إِسحق بن عيسى: سمعت القاسم بن معن يقول: إِن رجلاً من
العرب توُفِّيَ فوَرِثه أَخوه فعيَّره رجل بأَنه فرِح بموت أَخيه لمَّا ورثه
فقال الرجل:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ
أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا؟
إِن كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً،
جَزْءُ، فَلاقَيْتَ مِثْلَها عَجِلا
يقول: أَأَفْرَح بصِغار الإِبل وقد رُزِئْت بكِبار الكِرام؟ قال: وبعضهم
يَرْويه نُبَلا، يريد جمع نُبْلة، وهي العظيمة؛ قال ابن بري: الشعر
لحضْرَميِّ بني عامر، والنَّبَل في الشِّعْر الصِّغارُ الأَجسام، قال: فنَرى
أَن حجارة الاستنجاء سُمِّيت نَبَلاً لصَغارتها. وقال أَبو سعيد: كلما
ناولْــت شيئاً ورَميته فهو نَبَل، قال: وفي هذا طريق آخر: يقال ما كانت
نُبْلَتك من فلان فيما صنعْت أَي ما كان جَزاؤُك وثوابُك منه، قال: وأَما ما
روي شَصائصاً نَبَلا، بفتح النون، فهو خطأ والصحيح نُبَلا، بضم النون.
والنُّبَلُ ههنا: عِوَضٌ مما أُصِبْت به، وهو مردود إِلى قولنا ما كانت
نُبْلَتُك من فلان أَي ما كان ثوابُك. وقال أَبو حاتم فيما أَلَّفه من
الأَضداد: يقال ضَبٌّ نَبَلٌ وهو الضخم، وقالوا: النَّبَل الخسيسُ؛ قاله أَبو
عبيد وأَنشد:
أُورَثَ ذوْداً شَصائصاً نَبَلا
بفتح النون؛ قال أَبو منصور: أَما الذي في الحديث وأَعِدُّوا النُّبَل،
فهو بضم النون، جمع النُّبْلة وهو ما تَــناولْــته من مَدَرٍ أَو حجَر،
وأَما النَّبَل فقد جاء بمعنى النَّبيل الجسيم وجاء بمعنى الخسيس، ومن هذا
قيل للرجل القصير تِنْبَل وتِنْبال؛ وأَنشد أَبو الهيثم بيت طرفة:
وهو بِسَمْلِ المُعْضَلات نَبِيلُ
(* قوله «وهو بسمل المعضلات نبيل» هكذا في الأصل بالنون والباء والياء
التحتية في الشطر وتفسيره، والذي في شرح القاموس فيهما تنبل كدرهم
بالمثناة الفوقية والنون والباء ويشهد له ما يأْتي).
فقال: قال بعضهم نَبيل أَي عاقل، وقيل: حاذِق، وهو نبيلُ الرأْي أَي
جيِّده، وقيل: نبيل أَي رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور. واسْتَنْبَل المالَ:
أَخذ خِيارَه. ونُبْلة كل شيء: خِيارُه، والجمع نُبُلات مثل حُجْرة
وحُجُرات؛ وقال الكميت:
لآلئ، من نُبُلاتِ الصِّوا
رِ، كحْلَ المَدامِع لا تَكْتَحِل
أَي خِيار الصِّوار، شبَّه البقر الوَحْشِيَّ باللآلئ؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
مُقَدِّماً سَطِيحةً أَو أَنْبَلا
قال ابن سيده: لم يفسره إِلا أَني أَظنه أَصْغَرَ من ذلك لما قدَّمته من
أَن النَّبَل الصغارُ، أَو أَكبرَ لما قدَّمت من أَن النَّبَل الكِبارُ،
وإِن كان ذلك ليس له فعل.
والتِّنْبالُ والتِّنْبالةُ؛ القصير بَيِّن التِّنْبالة، ذهب ثعلب إِلى
أَنه من النَّبَل، وجعله سيبويه رباعيّاً.
والنَّبْلُ: السهام، وقيل: السِّهامُ العربية، وهي مؤنثة لا واحد له من
لفظه، فلا يقال نَبْلة وإِنما يقال سهم ونشَّابة؛ قال أَبو حنيفة: وقال
بعضهم واحدتها نَبْلة، والصحيح أَنه لا واحد له إِلا السَّهْم؛ التهذيب:
إِذا رجعوا إِلى واحدة قيل سهم؛ وأَنشد:
لا تَجْفوَانِي وانْبُلاني بكسره
(* قوله «لا تجفواني» هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه).
وحكي نَبْل ونُبْلان وأَنْبال ونِبال؛ قال الشاعر:
وكنتُ إِذا رَمَيْتُ ذَوِي سَوادٍ
بأَنْبالٍ، مَرَقْنَ من السَّوادِ
وأَنشد ابن بري على نِبال قولَ أَبي النجم:
واحْبِسْنَ في الجَعْبةِ من نِبالها
وقول اللَّعِين:
ولكنْ حَقّها هُرْدَ النِّبال
(* قوله ولكن حقها هرد النبال» هكذا في الأصل مضبوطاً).
وقال الفراء: النَّبْل بمنزلة الذَّوْد. يقال: هذه النَّبْلُ، وتصغَّر
بطرح الهاء، وصاحبها نابلٌ. ورجل نابِلٌ:
ذو نَبْلٍ. والنابِلُ: الذي يعمَل النَّبْلَ، وكان حقه أَن يكون
بالتشديد، والفعل النِّبالةُ. ابن السكيت: رجل نابلٌ ونَبَّال إِذا كان معه
نَبْل، فإِذا كان يعملها قلت نابِلٌ. ونابَلْتُه فَنَبَلْته إِذا كنت أَجودَ
نَبْلاً منه، قال: وقد يكون ذلك في النُّبْل أَيضاً، وتقول: هذا رجل
مُتَنَبِّل نَبْله إِذا كان معه نَبْل. وتَنَبَّل أَيضاً أَي تكلَّف
النُّبْل. وتَنَبَّل أَي أَخذ الأَنْبَل فالأَنْبَل؛ وأَنشد ابن بري
لأَوس:وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وفي المثل: ثارَ حابِلُهم على نابِلِهم أَي أَوْقَدوا بينهم الشرَّ.
ونَبَّال، بالتشديد: صانعٌ للنَّبْل، ويقال أَيضاً: صاحب النَّبْل؛ قال امرؤ
القيس:
وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعُنني به،
وليس بذي سَيْف، وليس بنَبَّال
يعني ليس بذي نَبْل. وكان أَبو حَرَّار يقول: ليس بِنابِلٍ مثل لابِنٍ
وتامِر. قال ابن بري: النَّبَّال، بالتشديد، الذي يعمل النَّبْل،
والنابِلُ صاحب النَّبْل، هذا هو المستعمل؛ قال الراجز:
ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابِلُ،
والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنابِلُ
ونسب ابن الأَثير هذا القول لعاصم وقال: نابِل أَي ذو نَبْل، قال: وربما
جاء نَبَّال في موضع نابِل، ونابِلٌ في موضع نَبَّال. وليس القياس؛ قال
سيبويه: يقولون لِذِي التَّمْر واللَّبن والنَّبْل تامِر ولابِن ونابِل،
وإِن كان شيء من هذا صَنْعَتَه تَمَّار ولَبَّان ونَبَّال، ثم قال: وقد
تقول لِذِي السَّيْف سَيَّاف ولِذِي النَّبْل نَبَّال، على التشبيه
بالآخر، وحِرْفَته النِّبالة. ومُتَنَبِّل: حامل نَبْل.
وَنَبَله بالنَّبْل يَنْبُله نَبْلاً: رماه بالنَّبْل. وقوم نُبَّل:
رُماةٌ؛ عن أَبي حنيفة. ونَبَلَه يَنْبُله نَبْلاً وأَنْبَله، كلاهما:
أَعطاه النَّبْل. وأَنْبَلْته سهماً. أَعطيته. واسْتنْبَله: سأَله النَّبْل.
ونَبِّلْني أَي هَبْ لي نِبالاً. واسْتَنْبَلني فلان فأَنْبَلْتُه أَي
أَعطيته نَبْلاً، وفي الصحاح: اسْتَنْبَلَي فَنَبَلْته أَي ناولــته نَبْلاً.
ونَبَل على القوم يَنْبُل: لقط لهم النَّبْل ثم دفعها إِليهم ليرموا بها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كنت أَيامَ الفِجار أَنْبُل على
عُمُومَتي، وروي: كنت أُنَبِّل على عُمومتي يومَ الفِجَار؛ نَبَّلْت الرجل،
بالتشديد، إِذا ناوَلْــته النَّبْل ليرمي، وكذلك أَنْبَلْته. وفي الحديث:
إِنّ سعداً كان يرمي بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُد
والنبيُّ يُنَبِّلُه، وفي رواية: وفتىً يُنَبِّلُه كلما نَفِدتْ نَبْلُه، وفي
رواية: يَنْبُلُه، بفتح الياء وتسكين النون وضم الباء؛ قال ابن الأَثير:
قال ابن قتيبة وهو غلط من نَقَلة الحديث لأَن معنى نَبَلْته أَنْبُلُه
إِذا رميته بالنَّبْل، وقال أَبو عمر الزاهد: بل هو صحيح، يعني يقال
نَبَلْته وأَنْبَلْته ونَبَّلْته؛ ومنه الحديث: الرامِي ومُنْبِله، ويجوز أَن
يريد بالمُنْبِل الذي يردُّ النَّبْل على الرامي من الهَدَف. ونَبَلَ
بِسَهْم واحد: رَمَى به، ورجل نابِلٌ: حاذِق بالنَّبْل. وقال أَبو زيد:
تَنابل فلان وفلان فَنَبَله فلان إِذا تَنافَرا أَيهما أَنْبَل، من النُّبْل،
وأَيهما أَحذق عملاً.
ونابَلَني فلان فنَبَلْته أَي كنت أَجود نَبْلاً منه؛ قال ابن سيده: روى
بعض أَهل العلم عن رؤبة قال سأَلناه عن قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهم سُلْكَى ومَخْلوجةً،
لَفْتَكَ لأْمين على نابِلِ
(* قوله «لفتك إلخ» مع بعد كرك لأمين إلخ هكذا في الأصل).
فقال: حدّثني أَبي عن أَبيه قال: حدثتني عمتي وكانت في بني دارِمٍ
فقالت: سأَلت امرأَ القيس وهو يشرب طِلاءً مع علقمة بن عَبَدة ما معنى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
فقال: مررت بنابِلٍ وصاحبُه يــناوِلُــه الريش لُؤاماً وظُهاراً فما رأَيت
أَسرع منه ولا أَحسن فشبَّهت به. التهذيب: النابِل الذي يرمي بالنَّبْل
في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
وقيل: هو الذي يُسَوِّي النِّبال. وهو من أَنْبَلِ الناس أَي أَعلمهم
بالنَّبْل؛ قال:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعَا
وفلان نابِل أَي حاذِق بما يُمارِسُه من عمل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف
عسلاً أَو نبعة:
تَدَلَّى عليها، بالحِبال مُوَثَّقاً
شديدَ الوَصاةِ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ
(* سيرد هذا البيت في الصفحة التالية وروايته مختلفة عما هو عليه هنا).
الجوهري: والنابِلُ الحاذِق بالأَمر. يقال: فلان نابِل وابنُ نابِل أَي
حاذِق وابن حاذِق؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الإِصْبع:
قَوَّمَ أَفْواقَها وتَرَّصَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
أَي أَعلَمُهم بالنَّبْل. قال ابن سيده: وكل حاذِق نابِلِ؛ قال أَبو
ذؤيب يصف عاسِلاً:
تَدَلَّى عليها، بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ،
شديدُ الوَصاة نابِلٌ وابنُ نابِل
جعله ابنَ نابِل لأَنه أَحْذَق له.
وأَنْبَلَ قداحه: جاء بها غِلاظاً جافِية؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَصابتني خُطوب تَنَبَّلَت ما عندي أَي أَخذت؛ قال اوس بن حجر:
لمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّد نائِلي،
وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّل
تَنَبَّلتْ ما عندي: ذهبت بما عندي. ونَبَلَتْ: حَمَلتْ. ونَبَلَ الرجلَ
بالطعام ينْبُله: علَّله به وناولــه الشيء بعد الشيء. ونَبَل به يَنْبُل:
رَفَقَ. ولأَنْبُلَنَّك بنبالتك أَي لأَجزينك جزاءك. والنَّبْل: السير
الشديد السريع، وقيل: حسْن السوق للإِبل، نَبَلَها يَنْبُلها نَبْلاً
فيهما. ابن السكيت: نَبَلْت الإِبل أَنْبُلها نَبْلاً إِذا سقتها سوقاً
شديداً. ونَبَلْت الإِبل أَي قمت بمصلحتها؛ قال زفر بن الخِيار
المحاربي:لا تَأْوِيا للعِيسِ وانْبُلاها،
فإِنها ما سَلِمَتْ قُواها،
بَعِيدة المُصْبَحِ من مُمْساها،
إِذا الإِكامُ لَمَعَتْ صُواها،
لَبِئْسَما بُطْءٌ ولا تَرْعاها
(* قوله «لا تأويا إلخ» المشاطير الثلاث الاول اوردها الجوهري، وفي
الصاغاني وصواب انشاده:
لا تأويا للعيس وانبلاها * لبئسما بطء ولا نرعاها
فانها ان سلمت قواها * نائية المرفق عن رحاها
بعيدة المصبح من ممساها * إذا الاكام لمعت صواها)
أَبو زيد
(* قوله «ابو زيد إلخ» عبارة الصاغاني: أبو زيد يقال انبل
بقومك اي ارفق بهم، قال صخر الغيّ:
فانبل بقومك اما كنت حاشرهم * وكل جامع محشور له نبل
اي كل سيد جماعة يحشرهم اي يجمعهم اهـ. وضبط لفظ نبل بفتحتين وضمتين
وكتب عليه لفظ معاً، وبهذه العبارة يعلم ما في الأصل).
انبُل بقومك أَي ارْفُقْ بقومك، وكل جامِعِ مَحْشورٍ أَي سيدِ جماعةٍ
يحشُرهم أَي يجمَعُهم له نُبُلٌ أَي رِفْق. قال: والنَّبْلُ في الحِذْق،
والنَّبالةُ والنَّبْلُ في الرجال. ويقال: ثَمَرة نَبِيلة وقَدِح نَبِيل.
وتَنَبَّل الرجلُ والبعيرُ: مات؛ وأَنشد ابن بري قول الشاعر:
فقلت له: يَا با جُعادةَ إِنْ تَمُتْ،
أَدَعْك ولا أَدْفِنْك حتى تَنَبَّل
والنَّبِيلة: الجِيفةُ. والنَّبِيلةُ: المَيْتةُ. ابن الأَعرابي:
انْتَبَل إِذا مات أَو قَتَل ونحو ذلك. وأَنْبَله عُرْفاً: أَعطاه إِيَّاه.
والتِّنْبال: القصير.
قبص: القَبْصُ: التــناوُلُ بالأَصابع بأَطْرافِها. قَبَصَ يَقْبِصُ
قَبْصاً: تــناوَلَ بأَطراف الأَصابع، وهو دون القَبْصِ. وقرأَ الحسن: فقَبَصْت
قُبْصةً من أَثَر الرسول، وقيل: هو اسم الفعل، وقراءَة العامة: فقَبَضْت
قَبْضةً. الفراء: القَبْضةُ بالكفِّ كلها، والقَبْصة بأَطراف الأَصابع،
والقُبْصَة والقَبْصةُ: اسم ما تَــناوَلْــتَه بعينه، والقَبِيصةُ: ما
تــناوَلْــته بأَطراف أَصابعك، والقَبْصةُ من الطعام: ما حَمَلَتْ كَفَّاك. وفي
الحديث: أَنه دَعَا بتَمْرٍ فجعل بِلالٌ يجيءُ به قُبَصاً قُبَصاً؛ هي جمع
قُبْصةٍ، وهي ما قُبِصَ كالغُرْفةِ لما غُرِفَ. وفي حديث مجاهد في قوله
تعالى: وآتوا حَقَّه يومَ حصادِه، يعني القُبَصَ التي تُعْطَى الفُقراءَ
عند الحصاد. ابن الأَثير: هكذا ذكر الزمخشري حديثَ بلال ومجاهد في الصاد
المهملة وذكرهما غيره في الضاد المعجمة، قال: وكلاهما جائزان وإِن اختلفا؛
ومنه حديث أَبي بردة: انْطَلَقْتُ مع أَبي بكر ففَتَح باباً فجعل
يَقْبِصُ لي من زَبِيب الطائف.
والقَبِيصُ والقَبِيصةُ: الترابُ المجموع.
وقِبْصُ النملِ وقَبْصُه: مُجْتَمعُه. الليث: القِبْصُ مُجْتَمَعُ النمل
الكبير الكثير. يقال: إِنهم لَفِي قِبْصِ الحصى أَي في كثرتها لا
يُسْتطاع عَدُّه من كثرته. والقِبْصُ والقَبْصُ: العدَد الكثير، وفي الصحاح:
العددُ الكثير من الناس. وفي الحديث: فتخرج عليهم قَوَابِص أَي طوائف
وجماعات، واحدَتُها قابِصةٌ؛ قال الكميت:
لكم مَسْجِدا اللّه المزُوران، والحصى
لكم قِبْصُه من بين أَثْرَى وأَقْتَرا
أَي من بين مُثْر ومُقِلٍّ، وفي الحديث: أَن عمر، رضي اللّه عنه، أَتى
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وعنده قِبْصٌ من الناس؛ أَبو عبيدة: هو
العدد الكثير، وهو فِعْلٌ بمعنى مفعول، من القَبْص. يقال: إِنهم لفي قِبص
الحصى.
والقَبَصُ: الخِفَّةُ والنشاط؛ عن أَبي عمرو. وقد قَبِصَ الرجلُ، فهو
قَبِيصٌ. والقَبْصُ والقِبِصَّى: عَدْوٌ شديدٌ، وقيل: عَدْوٌ كأَنه يَنْزُو
فيه، وقد قَبَصَ يَقْبِصُ؛ قال الأَزهري في ترجمة قبض:
وتَعْدُو والقِبِضَّى قبل عَيْرٍ وما جَرَى،
ولم تَدْرِ ما بالِي، ولم أَدْرِ ما لها
قال: والقِبِضَّى والقِمِصَّى ضرب من العَدْوِ فيه نَزْوٌ. وقال غيره:
قَبَصَ، بالصاد المهملة، يَقْبِصُ إِذا نزَا، فهما لغتان، قال: وأَحسب بيت
الشماخ يروى: وتَعْدُو والقِبِصَّى، بالصاد المهملة؛ وقال ابن بري: أَبو
عمرو يَرْوِيه القِبِضَّى، بالضاد المعجمة، مأْخوذ من القَباضة وهي
السُّرعة، ووجه الأَول أَنه مأْخوذ من القَبَص وهو النشاط، ورواه
المُهَلَّبيُّ القِمِصَّى وجعله من القِماصِ. وفي حديث الإِسراء والبُراقِ: فعَمِلَت
بأُذُنَيها وقَبَصَت أَي أَسرعت. وفي حديث المعتدّة للوفاة: ثم تُؤْتى
بدابةٍ شاةٍ أَو طيرٍ فتَقْبِصُ به؛ قال ابن الأَثير: قال الأَزهري رواه
الشافعي بالقاف والباء الموحدة والصاد المهملة، أَي تعدُو مسرعة نحوَ
مَنْزِل أَبَوَيْها لأَنها كالمُسْتَحْيِيَةِ من قُبْحِ مَنْظَرِها؛ قال ابن
الأَثير: والمشهور في الرواية بالفاء والتاء المثناة والضاد المعجمة.
التهذيب: يقال قَبَصَ الفرسُ يَقْبِصُ إِذا نزا؛ قال الشاعر يصف ركاباً:
فيَقْبِضْنَ من سادٍ وعادٍ وواخدٍ،
كما انْصاعَ بالسِّيِّ النعامُ النوافرُ
والقَبُوصُ من الخيل الذي إِذا رَكَض لم يَمَسَّ الأَرض إِلا أَطرافُ
سَنابِكه من قُدُم؛ قال الشاعر:
سَلِيم الرَّجْع طَهْطاه قَبُوص
وقيل: هو الوَثِيقُ الخَلْق. والقَبْصُ والقَبَصُ: وجَعٌ يُصِيبُ الكبد
عن أَكل التمر على الريق وشُرْب الماء عليه؛ قال الراجز:
أَرُفْقَةٌ تَشْكُو الجُحافَ والقَبَصْ،
جلودُهم أَلْيَنُ من مَسِّ القُمُصْ
ويروى الحُجاف، تقول منه: قَبِصَ الرجلُ، بالكسر. وفي حديث أَسماء قالت:
رأَيت رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، في المنام فسأَلني: كيف
بَنُوكِ؟ قلتُ: يُقْبَصُون قَبْصاً شديداً، فأَعطاني حَبّة سوداء كالشُّونِيز
شِفاء لهم، وقال: أَما السامُ فلا أَشْفي منه، يُقْبَصُون أَي يُجْمع
بعضهم إِلى بعض من شدة الحُمّى. والأَقْبَصُ من الرجال: العظيمُ الرأْس،
قَبِصَ قَبَصاً. والقَبَصُ: مصدر قولك هامةٌ قَبْصاءُ عظيمةٌ ضخمة مرتفعة؛
قال الراجز:
بهامةٍ قَبْصاءَ كالمِهْراسِ
والقَبَصُ في الرأْس: ارتفاعٌ فيه وعِظَم؛ قال الشاعر:
قَبْصاء لم تُفْطَحْ ولم تُكَتّل
يعني الهامة. وفي الحديث: من حينَ قَبِصَ أَي شَبَّ وارتفع. والقَبَصُ:
ارتفاعٌ في الرأْس وعِظَمٌ.
والقَبْصةُ: الجرادةُ الكبيرة؛ عن كراع.
والمِقْبَصُ: المِقْوَسُ وهو الحَبْل الذي يُمدّ بين أَيدي الخيل في
الحَلْبة إِذا سوبق بينها؛ ومنه قولهم:
أَخَذْتُ فلاناً على المقْبَص
وقَبِيصةُ: اسم رجل وهو إِياس بن قَبِيصة الطائي.
نهز: نَهَزَه نَهْزاً: دفعه وضربه مثل نَكَزَه ووَكَزَه. وفي الحديث: من
توضأَ ثم خرج إِلى المسجد لا يَنْهَزُه إِلاَّ الصلاةُ غفر له ما خلا من
ذنبه؛ النَّهْزُ: الدفعُ، يقال: نَهَزْتُ الرجلَ أَنْهَزُه إِذا دفعته،
ونَهَزَ رأْسَه إِذا حَرَّكه؛ ،ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: من أَتى هذا
البيتَ ولا يَنْهَزُه إِليه غيرُه رَجَع وقد غُفِرَ له؛ يريد أَنه من خرج
إِلى المسجد أَو حج ولم ينو بخروجه غير الصلاة والحج من أُمور الدنيا.
ومنه الحديث: أَنه نَهَزَ راحِلَتَه أَي دفعها في السير. ونَهَزَتِ الدابةُ
إِذا نهضت بصدرها للسير؛ قال:
فلا يَزالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ،
أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَ تِجْ
والنَّهْزُ: التَّــناوُل باليد والنُّهوضُ للتــناول جميعاً. والناقةُ
تَنْهُزُ بصدرها إِذا نهضت لتَمْضِيَ وتسير؛ وأَنشد:
نَهُوزٌ بأُولاها زَجُولٌ بصَدْرِها
والدابة تَنْهَزُ بصدرها إِذا ذَبَّتْ عن نفسها؛ قال ذو الرمة:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها
بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤوسِ المَواتِعِ
الأَزهري: النُّهْزَةُ اسم للشيء الذي هو لك مُعَرَّض كالغنيمة.
والنُّهْزَةُ: الفُرْصَةُ تجده من صاحبك. ويقال: فلان نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ أَي
هو صيد لكل أَحد؛ ومنه حديث أَبي الدَّحْداحِ:
وانْتَهَزَ الحَقَّ إِذا الحَقُّ وَضَحْ
أَي قلبه وأَسرع إِلى تــناولــه. وحديث أَبي الأَسود: وإِن دُعِيَ
انْتَهَزَ. وتقول: انْتَهِزُها قد أَمْكَنَتْكَ قبل الفَوْتِ.
والمُناهَزَةُ: المُبادَرَةُ. يقال: ناهَزْتُ الصيدَ فَقَبَضْتُ عليه
قبل إِفلاته. وانْتَهَزَها وناهَزَها: تــناولــها من قُرْب وبادرها واغتنمها،
وقد ناهَزَتْهُم الفُرَصُ؛ وقال:
ناهَزْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وتَناهَزَ القومُ: كذلك؛ أَنشد سيبويه:
ولقز عَلِمْتُ، إِذا الرِّجالُ تَناهَزُوا،
أَيِّي وأَيُّكمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
ويقال للصبي إِذا دنا للفطام: نَهَزَ للفطام، فهو ناهِزٌ، والجارية
كذلك، وقد ناهَزا؛ وأَنشد:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن في مَغارِهما،
قد ناهَزا للفِطامِ أَو فُطِما
وناهَزَ فلانٌ الحُلُمَ ونَهَزَه إِذا قاربه. وناهَزَ الصبي البلوغَ أَي
داناه. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: وقد ناهَزْتُ الاحتلامَ.
وناهَزَ الخمسين: قارَبها. وإِبل نَهْزُ مائةٍ ونِهازُ مائة ونُهازُ مائة أَي
قُرابَتُها. الأَزهري: كان الناس نَهْزَ عشرة آلافٍ أَي قُرْبَها. وفي
الحديث: أَن رجلاً اشترى من مال يَتامَى خمراً فلما نزل التحريم أَتى
النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، فعرّفه فقال: أَهْرِقُها. وكان المالُ نَهْزَةَ
عشرة آلاف أَي قُرْبَها، وحقيقته كان ذا نَهْز. ونَهَز الفَصِيلُ ضَرْعَ
أُمه: مثل لهَزَه. الأَزهري: وفلان يَهْنَزُ دابته نَهْزاً ويَلْهَزُها
لَهْزاً إِذا دفعها وحركها. الكسائي: نَهَزَه ولَهَزَه بمعنى واحد.
ونَهَزَ الناقةَ يَنْهَزُها نَهْزاً: ضرب ضَرَّتَها لِتَدِرَّ صُعُداً.
والنَّهُوزُ من الإِبل: التي يموت ولدها فلا تَدِرُّ حتى يُوجَأَ
ضَرْعُها. وناقة نَهُوزٌ: لا تَدِرُّ حتى يُنْهَزَ لَحْياها أَي يُضْرَبا؛
قال:أَبْقَى على الذُّلِّ من النَّهُوزِ
وأَنْهَزَتِ الناقةُ إِذا نَهَزَ ولدُها ضَرْعَها؛ قال:
ولكِنَّها كانت ثلاثاً مَياسِراً،
وحاِلَ حُولٍ أَنْهَلَتْ فأَحَلَّتِ
ورواه ابن الأَعرابي: أَنْهَزَتْ ولا وجه له. ونَهَزْتُ بالدَّلو في
البئر إِذا ضربت بها إِلى الماء لتمتلئَ. ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُها
نَهْزاً: نزع بها؛ قال الشَّمَّاخ:
غَدَوْنَ لها صُعْرَ الخُدُودِ، كما غَدَتْ،
على ماء يَمْؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
يقول: غدت هذه الحمر لهذا الماء كما غدت الدلاء النواهز لماء يَمْؤُودَ،
وقيل: النَّواهِزُ اللواتي يُنْهَزْنَ في الماء أَي يُحَرَّكْنَ
ليمتلئن، فاعل بمعنى مفعول، والأَوّل أَفضل.
وهما يَتناهَزانِ إِمارَةَ بلد كذا أَي يَبْتَدِرانِ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَتاه الجارودُ وابنُ سَيَّارٍ يَتَناهَزان إِمارَةً أَي
يتبادران إِلى طلبها وتــناولــها؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: سَيَجِدُ
أَحدُكم امرأَته قد ملأَت عِكْمَها من وَبَرِ الإِبل فلْيُناهِزْها
وليقطعْ وليُرْسِلْ إِلى جاره الذي لا وَبَرَ له أَي يبادرها ويسابقها
إِليه.ونَهَزَ الرجلُ: مَدَّ بعُنُقِه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّعَ؛ ومنه حديث
عطاء: أَو مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَي يقذفه؛ والمَصْدُور: الذي
بِصَدْرِه وجع. ونَهَزَ: مَدَّ عُنُقَه وناءَ بصدره ليَتَهَوَّع. ويقال:
نَهَزَتْني إِليك حاجةٌ أَي جاءت بي إِليك؛ وأَصل النَّهْز: الدفع، كأَنها
دفعتني وحَرَّكَتْني.
وناهِزٌ ومُناهِزٌ ونُهَيْز: أَسماء.
طعم: الطَّعامُ: اسمٌ
جامعٌ لكل ما يُؤكَلُ، وقد طَعِمَ يَطْعَمُ طُعْماً، فهو طاعِمٌ
إذا أَكَلَ أَو ذاقَ، مثال غَنِمَ يَغْنَمُ غُنْماً، فهو غانِمٌ. وفي
التنزيل: فإذا طَعِمْتم فانْتَشِرُوا. ويقال: فلان قَلَّ طُعْمُه أَي
أَكْلُه. ويقال: طَعِمَ يَطْعَمُ مَطْعَماً وإنه لَطَيّبُ المَطْعَمِ كقولك
طَيِّبُ المَأْكَلِ. وروي عن ابن عباس أَنه قال في زمزم: إنها طَعَامُ
طُعْمٍ وشِفاءُ سُقْمٍ أَي يَشْبَعُ الإنسانُ إذا شَرب ماءَها كما يَشْبَعُ
من الطعام. ويقال: إنِّي طاعِمٌ
عن طَعامِكُمْ أَي مُسْتَغُنٍ عن طَعامكم. ويقال: هذا الطَّعامُ طَعامُ
طُعْمٍ أَي يَطْعَمُ مَنْ أَكله أَي يَشْبَعُ، وله جُزْءٌ من الطَّعامِ
ما لا جُزْءَ له. وما يَطْعَم آكِلُ هذا الطعام أَي ما يَشْبَعُ،
وأَطْعَمْته الطعام. وقوله تعالى: أُحِلَّ لكم صَيْدُ البحر وطَعامُه مَتاعاً لكم
وللسَّيَّارةِ؛ قال ابن سيده: اختلف في طعام البحر فقال بعضم: هو ما
نَضَب عنه الماء فأُخِذَ بغير صيد فهو طَعامُه، وقال آخرون: طعامُه كُلُّ ما
سُقِي بمائة فَنَبَتَ لأَنه نَبَتَ عن مائه؛ كلُّ هذا عن أَبي إِسحق
الزجاج، والجمع أَطْعِمَةٌ، وأَطْعِماتٌ
جمع الجمع، وقد طَعِمَه طَعْماً وطَعاماً وأَطْعَم غيرَه، وأَهلُ الحجاز
إذا أطْلَقُوا اللفظَ بالطَّعامِ عَنَوْا به البُرَّ خاصةً، وفي حديث
أَبي سعيد: كنا نُخْرِجُ صدقةَ الفطرِ على عهدِ رسول الله، صلى الله علي
وسلم، صاعاً من طَعامٍ أَو صاعاً من شعير؛ قيل: أَراد به البُرَّ، وقيل:
التمر، وهو أَشبه لأَن البُرَّ كان عندهم قليلاً لا يَتَّسِعُ لإخراج زكاة
الفطر؛ وقال الخليل: العالي في كلام العرب أَن الطَّعامَ هو البُرُّ
خاصة. وفي حديث المُصَرَّاةِ: مَنِ ابتاعَ مُصَرَّاةً فهو بخير النظرين، إنْ
شاء أَمْسَكها، وإن شاء رَدَّها ورَدَّ معها صاعاً من طَعامٍ لا سَمْراء.
قال ابن الأثير: الطَّعامُ عامٌّ في كلِّ ما يُقْتات من الحنطة والشعير
والتمر وغير ذلك، وحيث اسْتَثْنى منه السَّمْراء، وهي الحنطة، فقد
أَطْلَق الصاعَ فيما عداها من الأَطعمة، إلاَّ أَن العلماء خَصُّوه بالتمر
لأَمرين: أَحدهما أَنه كان الغالبَ على أَطَْعمتهم، والثاني أَن مُعْظَم
روايات هذا الحديث إنما جاءت صاعاً من تمر، وفي بعضها قال صاعاً من طعام، ثم
أَعقبه بالاستثناء فقال لا سَمْراء، حتى إن الفقهاء قد ترَدَّدُوا فيما
لو أَخرج بدل التمر زبيباً أَو قوتاً آخر، فمنهم من تَبِعَ التَّوقِيفَ،
ومنهم من رآه في معناه إجراءً له مُجْرى صَدَقةِ الفطر، وهذا الصاعُ الذي
أَمَرَ برَدِّه مع المُصَرّاة هو بدل عن اللبن الذي كان في الضَّرْع عند
العَقْد، وإِنما لم يَجِبْ رَدُّ عينِ اللبنِ أَو مثلِه أَو قيمته لأَنَّ
عينَ اللبن لا تَبْقى غالباً، وإن بقيت فتَمْتَزِجُ بآخرَ اجْتَمع في
الضَّرْعِ بعد العقد إلى تمام الحَلْب، وأَما المِثْلِيَّةُ فلأَن القَدْرَ
إذا لم يكن معلوماً بمِعْيار الشرعِ كانت المُقابلةُ من باب الربا،
وإنما قُدِّرَ من التمر دون النَّقْد لفَقْدِه عندهم غالباً، ولأَن التمر
يُشارك اللبنَ في المالِيَّة والقُوتِيَّة، ولهذا المعنى نص الشافعي، رضي
الله عنه، أَنه لو رَدَّ المُصَرَّاة بعَيْبٍ آخرَ سوى التَّصْرِيَةِ رَدَّ
معها صاعاً من تمر لأَجل اللبن. وقولُه تعالى: ما أُريدُ منهم من رِزْقٍ
وما أُريدُ أَن يُطْعِمُونِ؛ معناه ما أَُريدُ أَن يَرْزُقُوا أَحداً من
عبادي ولا يُطْعِمُوه لأَني أَنا الرَّزَّاقُ المُطْعمُ. ورجل طاعِمٌ:
حَسَنُ الحال في المَطْعِمِ؛ قال الحُطَيْئَةُ:
دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها،
واقْعُدْ فإنَّك أَنتَ الطاعِمُ الكاسي
ورجل طاعِمٌ
وطَعِمٌ على النَّسَبِ؛ عن سيبويه، كما قالوا نَهِرٌ. والطَّعْمُ:
الأَكْلُ. والطُّعْم: ما أُكِلَ. وروى الباهِليُّ
عن الأَصمعي: الطُّعْم الطَّعام، والطَّعْمُ الشَّهْوةُ، وهو الذَّوْقُ؛
وأَنشد لأَبي خراش الهُذَلي:
أَرُدُّ شُجاعَ الجُوعِ قد تَعْلَمِينَه،
وَأُوثِرُ غَيْري مِنْ عِيالِك بالطُّعْم
أَي بالطعامِ، ويروى: شُجاعَ البَطْنِ، حَيَّةٌ يُذْكَرُ أَنها في
البَطْنِ وتُسَمَّى الصَّفَر، تُؤْذي الإنسانَ إذا جاع؛ ثم أَنشد قول أَبي
خِراش في الطَّعْمِ الشَّهْوة:
وأَغْتَبِقُ الماءَ القَراحَ فأَنْتَهي،
إذا الزادُ أَمْسى للمُزَلَّجِ ذا طَعْمِ
ذا طَعْمٍ أَي ذا شَهْوَةٍ، فأَراد بالأَول الطعامَ، وبالثاني ما
يُشْتَهى منه؛ قال ابن بري: كَنَى عن شِدَّةِ الجُوع بشُجاعِ البَطْنِ الذي هو
مثل الشُّجاع. ورجل ذو طَعْمٍ أَي ذو عَقْلٍ وحَزْمٍ؛ وأَنشد:
فلا تَأْمُري، يا أُمَّ أَسماءَ، بالتي
تُجِرُّ الفَتى ذا الطَّعْمِ أَن يتَكَلَّما
أَي تُخْرِسُ، وأَصله من الإِجْرارِ، وهو أَن يُجْعَلَ في فَمِ الفَصيل
خشَبةٌ
تمنعه من الرَّضاعِ. ويقال: ما بفلان طَعْمٌ ولا نَويصٌ أَي ليس له
عَقْل ولا به حَراكٌ. قال أَبو بكر: قولُهم ليس لما يَفْعَلُ فلانٌ طَعْمٌ،
معناه ليس له لَذَّة ولا مَنْزِلَةٌ من القلب، وقال في قوله للمُزَلَّجِ
ذا طَعْم في بيت أَبي خِراش: معناه ذا منزلة من القلب، والمُزَلَّجُ
البخيلُ، وقال ابن بَرِّي: المُزَلَّجُ من الرجال الدونُ الذي ليس بكامل؛
وأَنشد:
أَلا ما لِنَفْسٍ لا تموتُ فَيَنْقَضِي
شَقاها، ولا تَحْيا حَياةً لها طَعْمُ
معناه لها حلاوةٌ ومنزلة من القلب. وليس بذي طَعْم أَي ليس له عقْلٌ ولا
نفْسٌ. والطَّعْمُ: ما يُشْتَهى. يقال: ليس له طَعْم وما فلانٌ بذي
طَعْمٍَ إذا كان غَثّاً. وفي حديث بدرٍ: ما قَتَلْنا أَحداً به طَعْمٌ، ما
قَتَلْنا إلاّ عجائزَ صُلْعاً؛ هذه استعارة أَي قَتَلْنا من لا اعْتِدادَ
به ولا مَعْرفةَ ولا قَدْرَ، ويجوز فيه فتح الطاء وضمها لأَن الشيء إذا لم
يكن فيه طُعم ولا له طَعْم فلا جَدوى فيه للآكل ولا منفَعة. والطُّعْمُ
أَيضاً: الحَبُّ الذي يُلْقى للطير، وأَما سيبويه فسَوَّى بين الاسم
والمصدر فقال: طَعِمَ طُعْماً وأَصاب طُعْمَه، كلاهما بضم أَوّله.
والطُّعْمة: المَأْكَلة، والجمع طُعَمٌ؛ قال النابغة:
مُشَمِّرينَ على خُوصٍ مُزَمَّمةٍ،
نَرْجُو الإلَه، ونَرْجُو البِرَّ والطُّعَما
ويقال: جعَلَ السلطانُ ناحيةَ كذا طُعْمةً لفلان أَي مَأْكَلَةً له. وفي
حديث أَبي بكر: إن الله تعالى إذا أَطْعَمَ نبيّاً طُعْمةً ثم قَبَضَه
جعَلَها للذي يَقومُ بعده؛ الطُّعْمةُ، بالضَّم: شبْهُ الرِّزْق، يريدُ به
ما كان له من الفَيْء وغيره، وجَمْعُها طُعَمٌ. ومنه حديثُ ميراثِ
الجَدّ: إن السدسَ الآخرَ طُعْمةٌ له أَي أَنه زيادة على حقّه. ويقال فلانٌ
تُجْبَى له الطُّعَمُ أَي الخَراجُ والإتاواتُ؛ قال زهير:
مما يُيَسَّرُ أَحياناً له الطُّعَمُ
(* قوله «قال زهير مماييسر إلخ» صدره كما في التكملة: ينزع إمة أقوام
ذوي حسب).
وقال الحسن في حديثه: القِتالُ ثلاثةٌ: قِتالٌ على كذا وقتالٌ لكذا
وقِتالٌ على كَسْبِ هذه الطُّعْمةِ، يعني الفَيْءَ والخَراجَ. والطُّعْمة
والطِّعْمة، بالضم والكسر: وَجْهُ المَكْسَبِ. يقال: فلانٌ طَيِّب
الطُِّعْمة وخبيثُ الطِىُّعْمة إذا كان رَديءَ الكَسْبِ، وهي بالكسر خاصَّةً حالةُ
الأَكل؛ ومنه حديث عُمَر ابن أَبي سَلَمَة: فما زالَتْ تلك طِعْمَتي
بعدُ أَي حالتي في الأَكل. أَبو عبيد: فلان حسَنُ الطِّعْمةِ والشِّرْبةِ،
بالكسر. والطُّعْمَةُ: الدَّعْوَةُ إلى الطعام.والطِّعْمَةُ: السِّيرَةُ
في الأَكل، وهي أَيضاً الكِسْبَةُ، وحكى اللحياني: إنه لخبيث الطِّعْمَةِ
أَي السِّيرةِ، ولم يقل خبيثُ السّيرة في طَعامٍ ولا غيره. ويقال: فلانٌ
طَيِّبُ الطَّعْمَةِ وفلان خبيثُ الطِّعْمَةِ إذا كان من عادته أَنْ لا
يأْكل إلا حَلالاً أَو حراماً. واسْتَطْعَمَه: سأله أَن يُطْعِمه. وفي
الحديث: إذا اسْتَطْعَمَكُمُ الإمامُ فأَطْعِمُوه أَي إذا أُرْتِجَ عليه في
قراءة الصلاةِ واسْتَفْتَحكُم فافْتَحُوا عليه ولَقِّنُوهُ، وهو من باب
التمثيل تشبيهاً بالطعام، كأنهم يُدْخِلُون القراءة في فيه كما يُدْخَلُ
الطعامُ؛ ومنه قولهم: فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ أَي طلبت منه أن
يُحَدِّثَني وأَن يُذِيقَني حديثه، وأَما ما ورد في الحديث: طعامُ الواحدِ يكفي
الاثنين، وطعامُ الاثنين يكفي الأَربعة، فيعني شِبَعُ الواحد قُوتُ الإثنين
وشِبَعُ الاثنين قوتُ الأَربعة؛ ومثلُه قول عمر، رضي الله عنه، عامَ
الرَّمادةِ: لقد هَمَمْتُ
أَن أُنزِلَ على أهلِ كلِّ بيت مثلَ عددِهم فإنَّ الرجلَ لا يَهْلِكُ
على نصفِ بَطْنه. ورجل مِطْعَمٌ: شَديدُ الأَكل، وامرأةٌ مِطْعَمة نادرٌ
ولا نظير له إلاَّ مِصَكَّة. ورجل مُطْعَمٌ، بضم الميم: مرزوق. ورجل
مِطْعامٌ: يُطْعِمُ الناسَ ويَقْرِيهم كثيراً، وامرأَة مِطْعامٌ، بغير هاء.
والطَّعْم، بالفتح: ما يُؤَدِّيه. الذَّوْقُ. يقال: طَعْمُه مُرٌّ.
وطَعْمُ كلِّ شيءٍ: حَلاوتُه ومَرارتُه وما بينهما، يكون ذلك في الطعام
والشراب، والجمع طُعُومٌ. وطَعِمَه طَعْماً وتَطَعَّمَه: ذاقَه فوجد طَعْمَهُ.
وفي التنزيل: إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكم بنَهَرٍ فمن شرِبَ منه فليس مِني
ومن لم يَطْعَمْه فإنه مِني؛ أَي مَن لم يَذُقْه. يقال: طَعِمَ فلانٌ
الطَّعامَ يَطْعَمه طَعْماً إذا أَكله بمُقَدَّمِ فيه ولم يُسْرِفْ فيه،
وطَعِمَ منه إذا ذاقَ منه، وإذا جعلتَه بمعنى الذَّوْقِ جاز فيما يُؤْكل
ويُشْرَبُ. والطعام: اسم لما يؤْكل، والشراب: اسم لما يُشْرَبُ؛ وقال أَبو
إسحق: معنى ومن لم يَطْعَمْه أَي لم يَتَطَعَّمْ به. قال الليث: طَعْمُ كلِّ
شيءٍ يُؤْكلُ ذَوْقُه، جَعَلَ ذواقَ الماء طَعْماً ونَهاهم أَن يأْخذوا
منه إلاّ غَرْفَةً وكان فيها رِيُّهم ورِيُّ دوابهم؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
فأَما بنَوُ عامِرٍ بالنِّسار،
غَدَاةَ لَقُونا، فكانوا نَعَاما
نَعاماً بخَطْمَةَ صُعْرَ الخُدو
دِ، لا تَطْعَمُ الماءَ إلا صِيَاما
يقول: هي صائمة منه لا تَطْعَمُه، قال: وذلك لأَن النَّعامَ لا تَرِدُ
الماءَ ولا تَطْعَمُه؛ ومنه حديث أَبي هريرة في الكِلابِ: إذا وَرَدْنَ
الحَكَرَ الصَّغيرَ فلا تَطْعَمْه؛ أَي لا تَشْرَبه. وفي المثل: تَطَعَّمْ
تَطْعَمْ أَي ذُقْ تَشَهَّ؛ قال الجوهري: قولهم تَطَعَّمْ تَطْعَمْ أَي
ذُقْ حتى تَسْتَفِيقَ أَي تشْتَهِيَ وتأْكلَ. قال ابن بري: معناه ذق
الطَّعامَ فإنه يدعوك إلى أَكْلِه، قال: فهذا مَثَلٌ
لمن يُحْجِمُ عن الأَمْرِ فيقال له: ادْخُلْ في أَوَّلِه يدعُوك ذلك إلى
دُخولِكَ في آخِرِه؛ قاله عَطاءُ بن مُصْعَب. والطَّعْمُ: الأَكْلُ
بالثنايا. ويقال: إن فلاناً لحَسَنُ الطَّعْمِ وإنه ليَطْعَمُ طَعْماً حسناً.
واطَّعَمَ الشيءُ: أَخَذَ طَعْماً. ولبنٌ
مُطِّعِمٌ ومُطَعِّمٌ: أَخَذَ طَعْمَ السِّقَاء. وفي التهذيب: قال أَبو
حاتم يقال لبنٌ مُطَعِّم، وهو الذي أَخَذَ في السِّقاء طَعْماً وطِيباً،
وهو ما دام في العُلْبة مَحْضٌ
وإن تغير، ولا يأخُذُ اللبنُ طَعْماً ولا يُطَعِّمُ في العُلْبةِ
والإناء أَبداً، ولكن يتغَيَّرُ طَعْمُه في الإنْقاعِ. واطَّعَمَتِ الشجرة، على
افْتَعلَتْ: أَدْرَكَتْ ثمرَتُها، يعني أَخذَت طَعْماً وطابتْ.
وأَطْعَمَتْ: أَدْرَكَتْ أَن تُثْمِرَ. ويقال: في بُستانِ فلانٍ من الشجر
المُطْعِمِ كذا أَي من الشجر المُثْمِر الذي يُؤْكلُ ثمرُه. وفي الحديث: نَهى عن
بيع الثّمرةِ حتى تُطْعِمَ. يقال: أَطْعَمَتِ الشجرةُ إِذا أَثْمرَتْ
وأَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذا أَدرَكتْ أَي صارت ذاتَ طَعْمٍ وشيئاً يُؤْكل
منها، وروي: حتى تُطْعَم أَي تُؤْكلَ، ولا تُؤْكلُ إِلا إِذا أَدرَكتْ. وفي
حديث الدَّجّال: أَخْبِرُوني عن نخلِ بَيْسانَ هل أَطْعَمَ أَي هل
أَثْمَرَ؟ وفي حديث ابن مسعود: كرِجْرِجةِ الماء لا تُطْعِمُ أَي لا طَعْمَ
لها، ويروى: لا تَطَّعِمُ، بالتشديد، تَفْتَعِلُ من الطَّعْمِ.
وقال النَّضْرُ: أَطْعَمْتُ الغُصْنَ إِطْعاماً إِذا وصَلْتَ به غُصْناً
من غير شجره، وقد أَطْعَمْتُه فطَعِمَ أَي وصَلْتُه به فقَبِلَ
الوَصْلَ.ويقال للحَمَامِ الذَّكرِ إِذا أَدخلَ فمه في فمِ أُنْثاه: قد طاعَمَها
وقد تطاعَما؛ ومنه قول الشاعر:
لم أُعْطِها بِيَدٍ، إِذْ بتُّ أَرْشُفُها،
إِلاَّ تَطاوُلَ غُصْنِ الجِيدِ بالجِيدِ
كما تَطاعَمَ، في خَضْراءَ ناعمةٍ،
مُطَوَّقانِ أَصاخَا بعد تَغْريدِ
وهو التَّطاعُم والمُطاعَمةُ، واطَّعَمَتِ البُسْرَةُ أَي صار لها
طَعْمٌ وأَخذَتِ الطَّعْمَ، وهو افتعَلَ من الطَّعْم مثلُ اطَّلَبَ من
الطَّلَب، واطَّرَدَ من الطَّرْدِ.
والمُطْعِمةُ: الغَلْصَمة؛ قال أَبو زيد: أَخذَ فلانٌ بِمُطْعِمَة فلان
إِذا أَخذَ بحَلْقِه يَعْصِرُه ولا يقولونها إِلا عند الخَنْقِ
والقِتالِ. والمُطْعِمةُ: المِخْلَبُ الذي تَخْطَفُ به الطيرُ اللحمَ.
والمُطْعِمةُ: القوْسُ التي تُطْعِمُ الصيدَ؛ قال ذو الرمة:
وفي الشِّمالِ من الشِّرْيانِ مُطْعَمةٌ
كَبْداءٌ، في عَجْسِها عَطْفٌ وتَقْويمُ
كَبْداءُ: عريضةُ الكَبِدِ، وهو ما فوقَ المَقْبِضِ بِشِبْرٍ؛ وصواب
إِنشاده:
في عُودِها عَطْفٌ
(* قوله «وصواب إنشاده في عودها إلخ» عبارة التكملة: والرواية في عودها،
فإن العطف والتقويم لا يكونان في العجز وقد أخذه من كتاب ابن فارس
والبيت لذي الرمة)
يعني موضع السِّيَتَيْنِ وسائرُه مُقوَّم، البيتُ بفتح العين، ورواه ابن
الأَعرابي بكسر العين، وقال: إِنها تُطْعِمُ صاحبَها الصَّيْدَ. وقوسٌ
مُطْعِمةٌ: يُصادُ بها الصيدُ ويَكْثُر الضِّرابُ عنها.
ويقال: فلانٌ مُطْعَمٌ للصَّيْدِ ومُطْعَمُ الصَّيْدِ إِذا كان مرزوقاً
منه؛ ومنه قول امرئ القيس:
مُطْعَمٌ للصَّيْدِ، ليسَ له
غيْرَها كَسْبٌ، على كِبَرِهْ
وقال ذو الرمة:
ومُطْعَمُ الصيدِ هَبَّالٌ لِبُغْيتِه
وأَنشد محمد بن حبيب:
رَمَتْني، يومَ ذاتِ الغِمِّ، سلمَى
بسَهْمٍ مُطْعَمٍ للصَّيْدِ لامِي
فقلتُ لها: أَصَبْتِ حصاةَ قَلْبي،
ورُبَّتَ رَمْيةٍ من غير رامي
ويقال: إِنك مُطْعَمٌ مَوَدَّتي أَي مرزوقٌ مودَّتي؛ وقال الكميت:
بَلى إِنَّ الغَواني مُطْعَماتٌ
مَوَدَّتَنا، وإِن وَخَطَ القَتِيرُ
أَي نُحِبُّهُنَّ وإِن شِبْنا. ويقال: إِنه لمُتَطاعِمُ الخَلْقِ أَي
مُتَتابِعُ الخَلْق. ويقال: هذا رجل لا يَطَّعِمُ، بتثقيل الطاء، أَي لا
يَتأَدَّبُ ولا يَنْجَعُ فيه ما يُصْلِحه ولا يَعْقِلُ. والمُطَّعِمُ
والمُطَعِّمُ من الإِبل: الذي تَجِدُ في لَحْمه طَعْمَ الشَّحْمِ من سِمَنِه،
وقيل: هي التي جَرى فيها المُخُّ قليلاً. وكُلُّ شيء وُجِدَ طَعْمُه فقد
اطَّعَم. وطَعَّمَ العظمُ: أَمَخَّ؛ أَنشد ثعلب:
وَهُمْ تَرَكُوكُمْ لا يُطَعِّمُ عَظْمُكُم
هُزالاً، وكان العَظْمُ قبلُ قَصِيدا
ومُخٌّ طَعُومٌ: يُوجَدُ طَعْمُ السِّمَن فيه. وقال أَبو سعيد: يقالُ
لَكَ غَثُّ هذا وطَعُومُه أَي غَثُّه وسَمِينُه. وشاةٌ طَعُومٌ وطَعِيم:
فيها بعض الشَّحْم، وكذلك الناقةُ. وجَزورٌ طَعُومٌ: سَمِينَةٌ، وقال
الفراء: جَزُورٌ طَعُومٌ وطَعِيمٌ إِذا كانت بين الغَثَّةِ والسَّمِينَةِ.
والطَّعُومَةُ: الشاةُ تُحْبَسُ لتُؤكَلَ. ومُسْتَطْعَمُ الفَرَسِ:
جَحافِلُه، وقيل: ما تحتَ مَرْسِنِه إِلى أَطراف جَحافِله؛ قال الأَصمعي:
يُسْتَحَبُّ من الفرس أَن يَرِقَّ مُسْتَطْعَمُه. والطُّعْمُ: القُدْرة. يقال:
طَعِمْتُ عليه أَي قَدَرْتُ عليه، وأَطْعَمْتُ عَيْنَه قَذىً فَطَعِمَتْهُ
واسْتَطْعَمْتُ الفرسَ إِذا طَلَبْتَ جَرْيَه؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
تَدارَكهُ سَعْيٌ ورَكْضُ طِمِرَّةٍ
سَبُوحٍ، إِذا اسْتَطْعَمْتَها الجَرْيَ تَسْبَحُ
والمُطْعِمتانِ من رِجْل كلِّ طائرٍ: هما الإِصْبَعانِ المُتَقَدّمتانِ
المُتقابلَتانِ. والمُطْعِمَةُ من الجَوارحِ: هي الإِصْبَعُ الغَلِيظَةُ
المُتَقَدِّمَةُ، واطَّرَدَ هذا الاسمُ في الطير كُلِّها.
وطُعْمَةُ وطِعْمَةُ وطُعَيْمَةُ ومُطْعِمٌ، كُلُّها: أَسماء؛ وأَنشد
ابن الأَعرابي:
كَسانيَ ثَوْبَيْ طُعْمةَ المَوْتُ، إِنما الـ
ـتُّراثُ، وإِنْ عَزَّ الحَبيبُ، الغَنائِمُ
عضد: العَضُدُ والعَضْدُ والعُضُدُ والعُضْدُ والعَضِدُ من الإِنسان
وغيره؛ الساعدُ وهو ما بين المرفق إِلى الكتف، والكلام الأَكثر العَضُدُ:
وحكى ثعلب: العَضَد، بفتح العين والضاد، كلٌّ يذكر ويؤْنث. قال أَبو زيد:
أَهل تِهامة يقولون العُضُد والعُجُزُ ويُذكرون. قال اللحياني: العضد
مؤنثة لا غير، وهما العَضُدانِ، وجمعها أَعضادٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وفي حديث أُمّ زرع: وملأَ من شَحْمٍ عَضُدَيَّ؛ العضد ما بين الكَتِفِ
والمِرْفَقِ ولم ترده خاصة، ولكنها أَرادت الجسد كله فإِنه إِذا سَمِن العضد
سمن سائر الجسد؛ ومنه حديث أَبي قتادة والحمارِ الوحشي: فــناولْــتُه
العضدَ فأَكلها، يريد كتفه.وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كان أَبيض
مُعَضَّداً؛ هكذا رواه يحيى بن معين وهو المُوَثَّقُ الخَلْق؛ والمحفوظ في
الرواية: مُقَصّداً؛ واستعمل ساعدةُ بنُ جؤيَّةَ الأَعضاد للنحل، فقال:
وكأَنَّ ما جَرَسَتْ على أَعضادِها،
حَيْثُ اسْتَقَلَّ بها الشرائعُ مَحْلَبُ
شبه ما على سوقها من العسل بالمحلب.
ورجل
(* قوله «ورجل إلخ» في القاموس ورجل عضادي مثلثة إلخ.) عُضِاديٌّ:
عظيم العضد، وأَعْضَدُ: دَقيق العضد.
وعَضَدَه يَعْضِدُه عَضْداً: أَصاب عَضُدَه؛ وكذلك إِذا أَعَنْتَه وكنتَ
له عضداً. وعَضِدَ عَضَداً: أَصابه داءٌ في عَضُدِه. وعُضِدَ عَضْداً:
شكا عَضُدَه، يطَّرد على هذا بابٌ في جميع الأَعضاءِ. وأَعْضَدَ المطرُ
وعَضَّدَ: بلغ ثراه العَضُدَ وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قصيرة. ويَدٌ عَضِدَةٌ:
قصيرة العَضُد.
والعِضادُ: من سِمات الإِبل وَسْمٌ في العضد عرضاً؛ عن ابن حبيب من
تذكرة أَبي عليّ. وإِبِلٌ مُعَضَّدَةٌ: موسومة في أَعضادها. وناقةٌ عَضادٌ:
وهي التي لا تَرِدُ النَّضيحَ حتى يَخْلو لهَا، تَنْصرِمُ عن الإِبل ويقال
لها القَذُورُ. والعِضادُ والمِعْضَدُ: ما شُدَّ في العَضُدِ من
الحِرْزِ؛ وقيل: المِعْضَدَةُ والمِعْضَد الدُّمْلُجُ لأَنه على العضد يكون؛
حكاه اللحياني، والجمع مَعاضِدُ.
واعْتَضَدْتُ الشيء: جعلته في عضدي.
والمِعْضَدَةُ أَيضاً: التي يشدّها المسافرُ على عضده ويجعل فيها نفقته،
عنه أَيضاً.
وثوب مُعَضَّدٌ: مخطط على شكل العضد؛ وقال اللحياني: هو الذي وَشْيُه في
جوانبه. والمُعَضَّدُ: الثوب الذي له عَلَم في موضع العضد من لابسه؛ قال
زهير يصف بقرة:
فجالَتْ على وحْشِيِّها، وكأَنَّها
مُسَرْبَلَةٌ من رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ
والعَضُدُ: القوة لأَن الإِنسان إِنما يَقْوى بعضده فسميت القوّة به.
وفي التنزيل: سَنَشُدُّ عضدك بأَخيك؛ قال الزجاج: أَي سنعينك بأَخيك. قال:
ولفظ العضد على جهة المثل لأَن اليد قِوامُها عَضُدُها. وكل مُعين، فهو
عَضُدٌ. والعَضُدُ: المُعين على المثل بالعضد من الأَعضاءِ. وفي التنزيل:
وما كنتَ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً؛ أَي أَعضاداً وإِنما أَفرد
لتعتدل رؤوس الآي بالإِفراد. وما كنتَ متخذ المضلين عضداً؛ أَي ما كنت يا
محمد لتتخذ المضلين أَنصاراً. وعَضُدُ الرجلِ: أَنصاره وأَعوانه. والعرب
تقول: فلانٌ يَفُتُّ في عضد فلان ويقدح في ساقه؛ فالعضد أَهل بيته وساقه
نفسه. والاعْتِضادُ: التَّقَوِّي والاستعانة. وفلان يَعْضُدُ فلاناً أَي
يُعِنيه. ويقال: فلان عَضُدُ فلانٍ وعِضادَتُه ومُعاضِدُه إِذا كان يعاونه
ويرافقه؛ وقال لبيد:
أَوْ مِسْحَل سَنِق عِضادَة سَمْحَجٍ،
بِسَراتها نَدَبٌ له وكُلومُ
واعتضدت بفلان: استعنت. وعَضَدَه يَعْضُدُه عَضْداً وعاضَدَه: أَعانه.
وعاضدني فلان على فلان أَي عاونني. والمُعاضدَة: المُعاونة. وعَضُدُ
البِناء وغيره وعَضَدُه وأَعْضاده: ما شُدَّ من حواليه كالصفائح المنصوبة
حول شَفِير الحوض. وعَضُدُ الحوض: من إِزائها إِلى مُؤَخّره، وإِزاؤُه
مَصَبُّ الماء فيه، وقيل: عضده جانباه؛ عن ابن الأَعرابي، والجمع أَعضاد؛ قال
لبيد يصف الحوض الذي طال عهده بالواردة:
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضادِه،
ثَلَمَتْه كلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
وعُضود؛ قال الراجز:
فَارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضودُ
مِنْ عَكَراتٍ، وَطْو ها وئِيدُ
وعَضُدُ الركائبِ: ما حواليها. وعَضَدَ الركائبَ يَعْضُدُها عَضْداً:
أَتاها من قبَلِ أَعْضادِها فضمَّ بعضها إِلى بعض؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذا مَشى لم يَعْضُدِ الرَّكائبا
والعاضِدُ: الذي يمشي إِلى جانب دابة عن يمينه أَو يساره. وتقول: هو
يَعْضُدُها يكون مرة عن يمينها ومرة عن يسارها لا يفارقها، وقد عَضَدَ
يَعْضُدُ عُضُوداً، والبعيرُ معضود؛ قال الراجز:
ساقَتُها أَربعةٌ بالأَشْطانْ،
يَعْضُدُها اثْنانِ، ويَتْلوها اثنانْ
يقال: اعْضُدْ بَعِيرَك ولا تَتْلُه. وعَضَدَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ
بِعَضُدِه فَصَرَعَه، وضَبَعَه إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ. والعاضِدُ:
الجمل يأْخُذُ عَضُدَ الناقة فَيَتَنَوَّخُها. وحِمارٌ عَضِدٌ وعاضِدٌ إِذا
ضَمَّ الأُتنَ من جوانبها. وعَضُدُ الطريقِ وعِضادَتُه: ناحيته. وعَضُدُ
الإِبْطِ وعَضَدُه: ناحيته؛ وقيل: كلُّ ناحية عَضُدٌ وعَضَدٌ. وأَعْضادُ
البيت: نواحِيه. ويقال: إِذا نَخَرَتِ الرِّيحُ من هذه العَضُدِ أَتاك
الغيثُ، يعني ناحيةَ اليمن. وعضُدُ الرَّحْلِ: خشبتان تَلزقان بواسطته؛
وقيل: بأَسفل واسطته. وعضَدَ القَتَبُ البعيرَ عَضْداً: عَضَّه فَعَقَرَه؛
قال ذو الرمة:
وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ
وعَضَدَتْها الرِّحالُ إِذا أَلَحَّتْ عليها. أَبو زيد: يقال لأَعْلى
ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مما يَلي العَراقي: العَضُدان، الواسِط والمُؤخَّرَةِ.
وعَضُدُ النعل وعِضادَتاها: اللتان تقعان على القدم. وعِضادتا البابِ
والإِبْزيمِ: ناحيتاه. وما كان نحو ذلك، فهو العِضادة. وعِضادَتا الباب:
الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله. والعِضادتان: العُودان
اللذان في النِّير الذي يكون على عنق ثور العجلة، والواسِطُ: الذي يكون وسط
النير. والعاضِدان: سَطْران من النخل على فَلَج. والعَضُدُ من النخل:
الطريقة منه. وفي الحديث: أَنّ سَمُرة كانت له عَضُدٌ من نخل في حائط رجل من
الأَنصار؛ حكاه الهرويّ في الغريبين؛ أَراد طريقة من النخل، وقيل: إِنما
هو عَضِيدٌ من النخل. ورجل عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ؛ الأَخيرة عن كراع.
وامرأَة عَضادٌ
(* قوله «وامرأة عضاد» في القاموس والعضاد كسحاب القصير من
الرجال والنساء والغليظة العضد.) قصيرة؛ قال الهذلي:
ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِه جَيْدَرِيَّةٌ
عَضادٌ، ولا مَكْنوزَةُ اللحمِ ضَمْزَرُ
الضمزرُ: الغليظة اللئيمة. قال المؤرّخ: ويقال للرجل القصير عَضادٌ.
وعضَدَ الشجرَ يَعْضِدُه، بالكسر، عَضْداً، فهو مَعْضود وعَضِيدٌ،
واسْتَعْضَدَه: قطعه بالمِعْضَد؛ الأَخيرة عن الهرويّ؛ قال: ومنه حديث طهفة:
ونَسْتَعْضِدُ البَريرَ أَي نقطعه ونَجْنِيه من شجره للأَكل. والعَضَدُ:
ما عُضِدَ من الشجر أَو قطع بمنزلة المعضود؛ قال عبد مناف بن ربع
الهُذَلي:الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعَةٌ،
ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمَةِ العَضَدَا
الشغشغة: صوت الطَّعْن. والهيقعة: صوت الضرب بالسيف. والمُعَوِّلُ: الذي
يبني العالَةَ، وهي ظُلَّةٌ من الشجر يُسْتَظَلُّ بها من المطر. وفي
حديث تحريم المدينة: نهى أَن يُعْضَدَ شجرُها أَي يقطع. وفي الحديث:
لوَدِدْتُ أَني شجرةٌ تُعْضَد. وفي حديث ظبيان: وكان بنو عمرو بن خالد من
جَذيمَةَ يخبِطون عَضِيدَها ويأْكلون حَصِيدَها؛ العَضِيدُ والعَضَدُ: ما قُطِع
من الشجر أَي يضربونه ليسقط ورقه فيتخذوه عَلَفاً لإِبلهم. وعَضَدَ
الشجرَ: نَثَر ورَقَها لإِبله؛ عن ثعلب، واسم ذلك الورَقِ العَضَدُ.
والمِعْضَدُ والمِعْضادُ من السيوف: المُمْتَهَنُ في قطع الشجر؛ أَنشد
ثعلب:سَيْفاً بِرِنْداً لم يكن مِعْضاداً
قال: والمِعْضادُ سيف يكون مع القصّابين تقطع به العظام. والمعضاد: مثل
المِنْجل ليس لها أُشُرٌ
(* قوله «أشر» كشطب وشطب، بفتح الشين وضمها كما في الصحاح والقاموس،
وقوله نصابها كذا فيه وفي شرح القاموس ولعله نصالها باللام لا بالباء).
يُرْبَط نِصابُها إِلى عصا أَو قناة ثم يَقْصِمُ الراعي بها على غنمه
أَو إِبله فُروعَ غُصونِ الشجر؛ قال:
كأَنما تُنْحي، على القَتادِ
والشَّوْكِ، حَدَّ الْفَأْسِ والمِعْضادِ
وقال أَبو حنيفة: كل ما عُضِد به الشجر فهو مِعْضَد. قال: وقال أَعرابي:
المِعْضَدُ عندنا حديدة ثقيلة في هيئة المِنْجل يقطع بها الشجر.
والعَضِيدُ: النخلة التي لها جِذْعٌ يَتــناولُ منه المتــناول، وجمعه
عِضْدانٌ؛ قال الأَصمعي: إِذا صار للنخلة جذع يتــناول منه المتــناول فتلك النخلة
العَضِيدُ، فإِذا فأَتت اليد فهي جَبَّارَةٌ. والعَواضِدُ: ما ينبت من
النخل على جانبي النهر. وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة، بكسر الضاد: بدا الترطيب في
أَحد جانبيها.
وقال النضر: أَعضادُ المزارع حدودها يعني الحدود التي تكون فيما بين
الجار والجار كالجُدْران في الأَرضين. والعضد، بالتحريك: داء يأْخذ الإِبل
في أَعضادها فَتُبَطُّ، تقول منه: عَضِدَ البعير، بالكسر؛ قال النابغة:
شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى فَأَنْفَذَها،
شَكَّ المُبَيْطِر إِذ يَشفِي من العَضَدِ
واليَعْضِيدُ: بقلة، وهو الطَّرْخَشْقوق، وفي التهذيب: التَّرْخَجْقوق.
قال ابن سيده: واليعضيد بقلة زهرها أَشد صفرة من الوَرْس، وقيل: هي من
الشجر، وقيل: هي بقلة من بقول الربيع فيها مَرارة. وقال أَبو حنيفة:
اليعضيد بقلة من الأَحرار مرة، لها زهرة صفراء تشتهيها الإِبل والغنم والخيل
أَيضاً تُعْجِبُ بها وتُخْصِبُ عليها؛ قال النابغة ووصف خيلاً:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ من أَشْداقِها،
صُفْراً مَناخِرُها من الجَرْجارِ