Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ناسب

تناسق الدرر، في تناسب السور

تناسق الدرر، في تــناسب السور
للشيخ، جلال الدين: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
المتوفى: سنة إحدى عشرة وتسعمائة.
ذكره: في النوع: الثاني والستين من: (إتقانه). وقال: وكتابي الذي صنفته في أسرار التنزيل كافل له.
ثم لخصت منه: مــناسبــات السور خاصة.
في جزء.
وسميته: (تناسق الدرر، في تــناسب السور).
وعلم المــناسبــة: علم شريف، قد اعتنى المفسرون به (قلّ اعتناء المفسرين به لدقته إتقان).
وممن أكثر منه: الإمام: فخر الدين. انتهى.

المنَاسِبُ الغَرِيب

المــنَاسِبُ الغَرِيب: أَن ترى مَقْرُونا بِمَعْنى مُــنَاسِب من غير إِجْمَاع أَو دلَالَة نَص على ثُبُوته بِهِ، أَو تَأْثِير جنسه فِي عينه، أَو جنسه فِي جنس ذَلِك.

الجمع بالتناسب

الجمع بالتــناسب:
وهو أن يشرع القارئ في رواية، فإذا ابتدأ بالقصر أتى بالمرتبة التي فوقه، ثم كذلك حتى ينتهي إلى آخر مراتب المد، وإن ابتدأ بالفتح أتى بعده بالإمالة الصغرى ثم الإمالة الكبرى، وهكذا في كل نوع يأتي بما يــناسبــه طرداً وعكساً.

المناسبة

المــناسبــة:
[في الانكليزية] Convenience ،agreement ،harmony
[ في الفرنسية] Convenance ،accord ،harmonie
هي عند المتكلّمين والحكماء هي الاتحاد في النسبة وتسمّى تــناسبــا أيضا كزيد وعمرو إذا تشاركا في بنوّة بكر كذا في شرح المواقف وشرح حكمة العين في أقسام الوحدة. وعند أهل البديع وتسمّى أيضا بالتــناسب والتوفيق والايتلاف والتلفيق ومراعاة النظير جمع أمر وما يــناسبــه لا بالتضاد. وبهذا القيد يخرج الطباق فإنّ فيه المــناسبــة بالتضاد وهي أن يكون كلّ واحد من الأمرين مقابلا للآخر، وذلك قد يكون بالجمع بين أمرين نحو الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وقد يكون بالجمع بين أمور ثلاثة كقول البحتري:
كالقسيّ المعطفات بل الأسهم مبرية بل الأوتار جمع بين القوس والسّهم والوتر. وقد يكون بين أربعة كقول البعض للمهدي الوزير أيها الوزير إسماعيلي الوعد شعيبي التوفيق يوسفي العفو ومحمّدي الخلق، وقد يكون بين أكثر منه، ومنها أي من مراعاة النظير ما يسمّيه بعضهم تشابه الأطراف وهو أن يختم الكلام بما يــناسب ابتداءه في المعنى. والتــناسب قد يكون ظاهرا نحو لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فإنّ اللطيف يــناسب كونه غير مدرك بالأبصار والخبير يــناسب كونه مدركا للأبصار لأنّ المدرك للشيء يكون خبيرا به، وقد يكون خفيا نحو إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فإنّ قوله تعالى وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يوهم أنّ الفاصلة الغفور الرحيم، لكن يعرف بعد التأمّل أنّ الواجب هو العزيز الحكيم، لأنّه لا يغفر لمن يستحقّ العذاب إلّا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب. ثم وجب أن يوصف بالحكيم على سبيل الاحتراس لئلّا يتوهّم أنّه خارج عن الحكمة لأنّ الحكيم من يضع الشيء في محله أي إن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا اعتراض عليك لأحد في ذلك، والحكمة فيما فعلته. ويلحق بالتــناسب أن يجمع بين معنيين غير متــناسبــين بلفظين يكون لهما معنيان متــناسبــان، وإن لم يكونا مقصودين هاهنا نحو الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ أي ينقادان لله تعالى.
فالمراد بالنجم النبات الذي ينجم أي يظهر من الأرض مما لا ساق له كالبقول وهو بهذا المعنى لا يــناسب الشمس والقمر، لكنه قد يكون بمعنى الكوكب وهو مــناسب لهما، ولهذا يسمّى مثل ذلك إيهام التــناسب والنجم بالنسبة إلى الشّجر من التــناسب حقيقة، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه. ويقول في جامع الصنائع: إنّ الفرق بين التــناسب الذي يسمّى مراعاة النظير وبين رعاية التــناسب هو: أن يقول ما يقول بالنسبة، على سبيل العموم وذلك في الأسماء الذاتية والصّفات والأفعال والحروف ومثاله ما ترجمته:
شفتك اللمياء طافت في العالم وأجرت الدّماء هذه الطرفة فحينا فوق السّوالف تنعقد وحينا تتقلّب على العين ففي هذا البيت مراعاة التــناسب بين الارتباط فوق السّوالف والتقلّب على العين، وهو لازم أيضا، لأنّك لو قلت: التقلّب على السوالف فإنّ المعنى يحصل ولكنّ التركيب لا تــناسب فيه.
وفي التــناسب أكثر ما يكون استعمال أسماء الذوات، وذلك لأنّه عبارة عن الجمع بين أمر وآخر يــناسبــه وليس مضادا له. مثاله ما ترجمته:
لو استطاع الفرقدان لوضعا الرأس تحت قدمك يدري هذا الكلام من أحضره من الفرقدين ففي هذا البيت كلمة رأس وقدم وفرق هي أسماء ذوات. انتهى. وأما عند الأصوليين ففي أصول الحنفية أنّ المــناسبــة هي الملائمة وهي موافقة الوصف أي العلّة للحكم بأن يصحّ إضافة الحكم إليه ولا يكون نائبا عنه، كإضافة ثبوت الفرقة في إسلام أحد الزوجين إلى آباء الآخر لأنّه يــناسبــه لا إلى وصف الإسلام لأنّه ناب عنه، لأنّ الإسلام عرف عاصما للحقوق لا قاطعا لها، وكذا المحظور يصلح سببا للعقوبة والمباح سببا للعبادة لا العكس لعدم الملائمة، وهذا معنى قولهم الملائمة أن يكون الوصف على وفق ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن السلف فإنّهم كانوا يعلّلون بأوصاف مــناسبــة وملائمة للأحكام غير نائبة عنها، ويقابلها الطّرد، أعني وجود الحكم عند وجود الوصف من غير اشتراط ملائمة وتأثير، أو وجوده عند وجوده وعدمه عند عدمه على اختلاف الرأيين.
والشافعية يجعلون المــناسبــة أعمّ من الملائمة ويقسمون المــناسب إلى ملائم وغير ملائم، وفسّرها الآمدي بأنّها وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتّب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة أو دفع مضرة أو مجموعهما، وذلك إمّا في الدنيا كالمعاملات أو في الأخرى كإيجاب الطاعات وتحريم المعاصي، وفيه أخذ المــناسبــة بمعنى المــناسب تجوّزا. والتحقيق أن يقال إنّ المــناسبــة كون الوصف ظاهرا إلى آخره، واحترز بالظاهر عن الوصف الخفي وبالمنضبط عن غير المنضبط وهو المضطرب، وبقوله عقلا عن الشبه، وبقوله ما يصلح أن يكون مقصودا عن الوصف المستبقي في السير وعن الوصف المدار في الدوران وغيرهما من الأوصاف التي لا يكون اعتبارها لترتّب ما يصلح كونه مقصودا عليه.
وفسّر المقصود بما يكون مقصودا للعقلاء من حصول مصلحة واندفاع مفسدة لئلّا يتوهّم أنّ المراد ما يكون مقصودا من شرعية الحكم فيلزم الدور. فمن فسّره بما يكون مقصودا للشارع من شرع الحكم نفيا كان أو إثباتا سواء كان المقصود جلب منفعة للعبد أو دفع مفسدة عنه فقد لزمه الدّور لأنّ ذلك إنّما يعرف بكونه مــناسبــا، فلو عرف كونه مــناسبــا بذلك كان دورا والمصلحة اللذة وطريقها والمفسدة الألم وطريقه مثاله القتل العمد العدوان فإنّه وصف مــناسب لوجوب القصاص، لأنّه يلزم من ترتّب وجوب القصاص على القتل حصول ما هو مقصود من شرعية القصاص وهو بقاء النفوس على ما يشير إليه قوله تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ.
ثم إن كان الوصف الذي يحصل من ترتّب الحكم عليه المقصود خفيا أو غير منضبط لم يعتبر لأنّه لم يعلم فكيف يعلم به الحكم فالطريق حينئذ أن يعتبر وصف ظاهر منضبط يلازم ذلك الوصف الحكم فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه، سواء كانت الملازمة عقلية أو لا، فيجعل ذلك الوصف الظاهر معرّفا للحكم مثلا وصف العمدية في القتل العمد العدوان خفي، لأنّ القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك شيء منه فيتعلّق القصاص بما يلازم العمدية من أفعال مخصوصة يقتضي في العرف عليها بكونها عمدا كاستعمال الجارح في القتل. وقال القاضي الإمام أبو زيد: المــناسب ما لو عرض على العقول تلقته بالقبول أي إذا عرض على العقل أنّ هذا الحكم إنّما يشرع لأجل هذه المصلحة يكون ذلك الحكم موصلا إلى تلك المصلحة عقلا أو تكون تلك المصلحة أمرا مقصودا عقلا، وهذا قريب من تفسير الآمدي لأنّ تلقّي العقول بالقبول في قوة ما يصلح مقصودا للعقلاء من ترتّب الحكم عليه، إلّا أنّه لم يصرّح بالظهور والانضباط ولعدم التصريح المذكور ولعدم كونه صالحا إلّا للناظر دون المناظر، إذ ربّما يقول الخصم هذا مما لا يتلقاه عقلي بالقبول فلا يكون مــناسبــا عندي، عدل عنه الآمدي، وبه يقول أبو زيد فإنّه قائل بامتناع التمسّك بالمــناسبــة في مقام المناظرة، وإن لم يمتنع في مقام النظر لأنّ العاقل لا يكابر نفسه فيما يقتضي به عقله. قيل هذا يرد على الآمدي أيضا لأنّه ذكر قيد العقل، فللمناظر أن يمنع بأنّه لا يصلح في عقلي. وقيل المــناسب ما يجلب نفعا ويدفع ضررا وهو قريب مما ذكره الإمام في المحصول أنّه الوصف الذي يقضي إلى ما يجلب للإنسان نفعا أو يدفع عنه ضررا. والفرق بينهما أنّ المــناسب على هذا القول نفس الجالب.
وعلى ما ذكره الإمام المفضي إلى الجالب.
وقال الغزالي المراد بالمــناسب ما هو على منهاج المصالح بحيث إذا أضيف إليه الحكم انتظم كالإسكار لحرمة الخمر فإنّه المــناسب لأنّه يزيل العقل هو ملاك التكليف، بخلاف كونها مائعا يقذف بالزّبد ويحفظ في الدّنّ، فإنّ ذلك لا يــناسب. واعلم أنّ هذه التعاريف إنّما هي على قول من يجعل الأحكام الثابتة بالنصوص متعلّقة بالحكم والمصالح، ومن يأبى عنه يقول المــناسب هو الملائم لأفعال العقلاء في العادات.
اعلم أنّ المــناسبــة كما يطلق على ما مرّ من كون الوصف ظاهرا منضبطا إلى آخره كذلك يطلق على معنى أخصّ من ذلك وهو تعيين العلّة في الأصل بمجرّد إبداء مــناسبــة بينها وبين الحكم من ذات الأصل لا بنصّ ولا غيره، أي كون الوصف بحيث تتعيّن علّيته إلى آخره، نصّ على ذلك المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي.

وقال في التلويح: المذكور في أصول الشافعية أنّ المــناسب هو المخيّل ومعناه تعيين العلّة في الأصل إلى آخره، وهذا على المسامحة، حيث عرّف المــناسب بتعريف المــناسبــة، وإلّا فالتحقيق أنّ المــناسب هو الوصف الذي يتعين علّيته إلى آخره. فقولنا بمجرّد إبداء المــناسبــة أي إظهار المــناسبــة بينها وبين الحكم، والمراد المــناسبــة بالمعنى اللغوي لئلّا يلزم الدور، وبهذا خرج الطّرد إذ ليس فيه مــناسبــة والسّبر والتقسيم إذ لا يعتبر فيه المــناسبــة أيضا. وبقولنا من ذات الأصل خرج الشّبه لأنّ مــناسبــته إنّما هي بالتّبع.
وقولنا لا بنصّ ولا غيره يخرج إثبات العلّة بهما فإنّه ليس بمــناسبــة. مثاله الإسكار لتحريم الخمر فإنّ النظر في نفس المسكر وحكمه ووصفه يعلم منه كون الإسكار مــناسبــا لشرع التحريم صيانة للعقل الشريف عن الزوال، ويسمّى بالإحالة أيضا لأنّه بالنظر إليه يحال أي يظن أنّه علّة، ويسمّى تخريج المناط أيضا لأنّه إبداء مناط الحكم أي علّيته وهو من أحد مسالك إثبات العلّة. وإنّما كان هذا المعنى أخصّ لأنّه هو معنى المــناسب المرسل. ولذا قال في التلويح:

قال الإمام الغزالي: من المصالح ما يشهد الشرع باعتباره هي أصل في القياس وحجة، ومنها ما يشهد ببطلانه وهو باطل، ومنها ما لم يشهد له بالاعتبار ولا بالإبطال، وهذا في محل النّظر. وإذا أطلقنا المعنى المخيل والمــناسب في باب القياس أردنا به هذا الجنس.

التقسيم:
للمــناسب تقسيمات باعتبارات. الأول باعتبار إفضائه إلى المقصود ينقسم إلى خمسة أقسام. الأول أن يحصل المقصود منه يقينا كالبيع للحل. الثاني أن يحصل ظنّا كالقصاص للانزجار فإنّ الممتنعين أكثر من المقدمين، وهذان مما لا ينكرهما أحد. الثالث أن يكون حصوله وعدم حصوله متساويين كحدّ الخمر للزجر فإنّ عدد الممتنع والمقدم متقاربان. الرابع أن يكون نفي الحصول أرجح من الحصول كنكاح الآيسة لتحصيل غرض التّناسل، فإنّ عدد من لا ينتسل منهن أكثر من عدد من ينتسل، وهذان قد أنكروا، والمختار الجواز. الخامس أن يكون المقصود فائتا بالكلّية مثاله جعل النكاح مظنّة لحصول النطفة في الرّحم فرتّب عليه إلحاق الولد بالأب، فإذا تزوّج مشرقي مغربية وقد علم عدم تلاقيهما فاتفق الجمهور على أنّه لا يعتبر، وخالف في ذلك الحنفية نظرا إلى ظاهر العلّة. وقيل لم ينقل أحد من الحنفية في كتبهم جواز التعليل بوصف مع تيقّن الخلوّ عن المقصود، وهذا المثال من قبيل ما يكون المقصود غالب الحصول في صور الجنس، وفي مثله يجوز التعليل اتفاقا، ولا يشترط حصول المقصود في كلّ فرد. والثاني باعتبار نفس المقصود فنقول المقاصد ضربان: ضروري وهو أيضا ينقسم إلى قسمين ضروري في أصله وهو أعلى المقاصد كالمقاصد الخمسة التي روعيت في كلّ صلة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. فالدين كقتل الكافر المضل وعقوبة الداعي إلى البدع. والنفس كالقصاص.
والنسل كالحدّ على الزنا. والمال كعقوبة السارق والمحارب أي قاطع الطريق. ومكمل للضروري كتحريم قليل الخمر مع أنّه لا يزيل العقل الذي هو المقصود للتتميم والتكميل لأنّ قليله يدعو إلى كثيره بما يورث النفس من الطرب المطلوب زيادته بزيادة سببه إلى أن يسكر. وغير ضروري وهو ينقسم إلى حاجي وغير حاجي، والحاج أيضا ينقسم إلى قسمين حاجي في نفسه ومكمّل للحاجي. مثال الحاجي في نفسه البيع والإجارة ونحوها كالفرض فإنّ المعاوضة وإن ظنّت أنّها ضرورية، لكن كلّ واحد منها ليس بحيث لو لم يشرع لأدّى إلى فوات شيء من الضروريات الخمس. واعلم أنّ هذه ليست في مرتبة واحدة، فإنّ الحاجة تشتدّ وتضعف، وبعضها آكد من بعض. وقد يكون بعضها ضروريا في بعض الصور كالإجارة في تربية الطفل الذي لا أمّ له ترضعه، وكشراء المطعوم والملبوس فإنّه ضروري من قبيل حفظ النفس. ولذلك لم يخل عنه شريعة؛ وإنّما أطلقنا الحاجي عليها بالاعتبار الأغلب. ومثال المكمّل للحاجي وجوب رعاية مهر المثل والكفاءة في الصغيرة، فإنّ أصل المقصود من شرع النكاح وإن كان حاصلا بدونهما، لكنه أشدّ إفضاء إلى دوام النكاح، وهي من مكمّلات مقصود النكاح، وغير الحاجي وهو ما لا حاجة إليه لكن فيه تحسين وتزيين كسلب العبد أهلية الشهادة. وإن كان ذا دين وعدالة لانحطاط رتبته عن الحرّ فلا يليق به المناصب الشريفة.
والثالث اعتبار الشارع إلى مؤثّر ملائم وغريب ومرسل لأنّه إمّا معتبر شرعا أو لا. فالمعتبر إمّا أن يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع وهو المؤثّر أوّلا، بل يترتّب الحكم على وفقه بأن يثبت الحكم معه في المحل، فذلك لا يخلو إمّا أن يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم أو لا. فإن ثبت فهو الملائم وتسمّيه الحنفية بالملائم المعدّل، وإن لم يثبت فهو الغريب. وأما غير المعتبر لا بنصّ ولا بإجماع ولا يترتّب الحكم على وفقه فهو المرسل. فإن قلت كيف يتصوّر اعتبار العين في الجنس أو الجنس في العين أو الجنس في الجنس فيما لم يعتبر شرعا؟ وهل هذا إلّا تهافت؟ قلت معنى الاعتبار شرعا عند الإطلاق هو اعتبار عين الوصف في عين الحكم في موضع آخر، وعلى هذا فلا إشكال. وبالجملة فالمؤثّر وصف مــناسب ثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم كإحياء الأرض بالنسبة إلى تملّكها فإنّه يثبت تأثيره بالنصّ وهو قوله عليه السلام: (من أحيى أرضا ميتة فهي له)، وكالصغر بالنسبة إلى ولاية المال فإنّه اعتبر عين الصغر في عين الولاية بالمال بالإجماع. والملائم هو المــناسب الذي لم يثبت اعتباره بنصّ أو إجماع بل بترتّب الحكم على وفقه فقط ومع ذلك يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. فمثال تأثير العين في الجنس ما يقال ثبت للأب ولاية النكاح على الصغيرة كما يثبت له عليها ولاية المال بجامع الصّغر، فالوصف الصّغر وهو أمر واحد ليس بجنس والحكم الولاية وهو جنس تحته نوعان من التصرّف وهما ولاية النكاح وولاية المال، وعين الصّغر معتبر في جنس الولاية بالإجماع، لأنّ الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية، بخلاف اعتباره في عين ولاية النكاح فإنّه إنّما يثبت بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه حيث يثبت الولاية في الجملة، وإن وقع الاختلاف في أنّه للصّغر أو للبكارة أو لهما جميعا. ومثال تأثير الجنس في العين ما يقال الجمع جائز في الحضر مع المطر قياسا على السّفر بجامع الحرج، فالحكم رخصة وهو واحد والوصف الحرج وهو جنس بجمع الحاصل بالسّفر وبالمطر وهما نوعان مختلفان، وقد اعتبر جنس الحرج في عين رخصة الجمع للنصّ والإجماع على اعتبار حرج السفر ولو في الحج فيها. وأمّا اعتبار عين الحرج فليس إلّا بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه إذ لا نصّ ولا إجماع على علّية نفس حرج السّفر. ومثال تأثير الجنس في الجنس أن يقال يجب القصاص في القتل بالمثقل قياسا على القتل بالمحدد لجامع كونها جناية عمد عدوان، فالحكم أيضا مطلق وهو القصاص وهو جنس بجمع القصاص في النفس وفي الأطراف وفي المال، وقد اعتبر جنس الجناية في جنس القصاص في النفس لا بالنصّ أو الإجماع بل يترتّب الحكم على وفقه ليكون من الملائم دون المؤثّر، ووجهه أن لا نصّ ولا إجماع على أنّ العلّة ذلك وحده أو مع قيد كونه بالمحدّد. والغريب هو ما ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه لكن لم يثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم. مثاله أن يقال يحرّم النبيذ قياسا على الخمر بجامع الإسكار على تقدير عدم فرض النصّ بالتعليل فيه لأنّ الإسكار مــناسب للتحريم حفظا للعقل، وعلم أنّ الشارع لم يعتبر عينه في جنس التحريم ولا جنسه في عين التحريم ولا جنسه في جنس التحريم. فلو لم يدلّ النّصّ وهو قوله (كلّ مسكر حرام) بالإيماء على اعتبار عينه لكان غريبا. والمرسل هو ما لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم أصلا وبعبارة أخرى ما لم يعتبر شرعا لا بنصّ ولا إجماع ولا بترتّب الحكم على وفقه، وهو ينقسم إلى ما علم إلغاؤه وإلى ما لم يعلم إلغاؤه.
والثاني أي ما لا يعلم إلغاؤه ينقسم إلى ملائم قد علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عين الحكم أو جنسه في جنس الحكم، وإلى ما لا يعلم منه ذلك وهو الغريب. فإن كان غريبا أو علم إلغاؤه فمردود اتفاقا، وإن كان ملائما فقد قيل بقبوله، والمختار أنّه مردود. وقد شرط الغزالي في قبوله شروطا ثلاثة: أن تكون ضرورية لا حاجية وقطعية لا ظنّية وكلّية لا جزئية. أمّا الأوّلان أي المؤثّر والملائم فمقبولان وفاقا، فكلّ واحد من الملائم والغريب له معنيان هو بأحدهما من الأقسام الأوّلية للمــناسب، وبالآخر من أقسام المرسل، فأقسام المرسل ثلاثة ما علم إلغاؤه والملائم والغريب. ومثال ما علم إلغاؤه إيجاب صيام شهرين قبل العجز عن الإعتاق في كفّارة الظّهار بالنسبة إلى من يسهل عليه الإعتاق دون الصيام فإنّه مــناسب تحصيلا لمقصود الزجر لكن علم عدم اعتبار الشارع له فلا يجوز. ثم اعتبار العين في العين أو في الجنس أو اعتبار الجنس في العين أو في الجنس بحسب أفراده أو تركيبه الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي، والنّظر في أنّ الجنس قريب أو بعيد أو متوسط وأنّ ثبوت ذلك بالنّصّ أو الإجماع أو بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه يفضي إلى أقسام كثيرة وإيراد أمثلة متعددة، وقد أشير إلى نبذ منها في التلويح. هذا وقال الآمدي أنّ من القياس مؤثّرا يكون علّته منصوصة أو مجمعا عليها أو أثر عين الوصف في عين الحكم أو في جنسه أو جنسه في عين الحكم أو أثر جنس الوصف في جنس الحكم، ويــناسب هذا الاصطلاح ما وقع في التوضيح من أنّ المراد بالملائمة اعتبار الشارع جنس هذا الوصف في جنس هذا الحكم، إلّا أنّه خصّ الجنس بكونه أخصّ من كونه متضمّنا لمصلحة اعتبرها الشارع كمصلحة حفظ النفس مثلا.
فالمراد أن يكون أخصّ من مصلحة حفظ النفس، وكذا من مصلحة حفظ الدين إلى غير ذلك، ولا يكفي كونه أخصّ من المتضمن لمصلحة ما لأنّ المتضمّن لمصلحة حفظ النفس أخصّ من المتضمّن لمصلحة ما، وليس بملائم.
وقال الآمدي أيضا الملائم ما أثّر عين الوصف في عين الحكم كما أثّر جنس الوصف في جنس الحكم. هذا كله خلاصة ما في العضدي والتوضيح وغيرهما.

نسب

(نسب) : ينْسِبُ، من النِّسْبَةِ: لغةٌ في يَنْسُب.
(نسب)
الشَّاعِر بفلانة نسيبا ومنسبا عرض بهواها وحبها وَالشَّيْء نسبا وَنسبَة وَصفه وَذكر نسبه وَفُلَانًا سَأَلَهُ أَن ينتسب وَالشَّيْء إِلَى فلَان عزاهُ إِلَيْهِ
[نسب] نه: فيه: وكان رجلًا "نسابة"، أي بليغ العلم بالأنساب، وتاؤه للمبالغة. ك: "نسب" النبي صلى الله عليه وسلم المال إلى السيد، أراد فلا يملك العبد المال، ومن قال: إنه يملكه يحتج بقوله تعالى "أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله". وفيه: وغن "لم ينسب" إلى قبيله أو "نسبه"، هو بلفظ المصدر أي يكتفي في أول الوثائق بالاسم المشهور ولا يلزم ذكر الجد والنسب والبلد ونحوه. وباب قبول الفرائض وما "نسبوا" إلى الردة، "ما" نافية.
ن س ب: (النَّسَبُ) وَاحِدُ الْأَنْسَابِ. وَ (النِّسْبَةُ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا مِثْلُهُ. وَرَجُلٌ (نَسَّابَةٌ) أَيْ عَالِمٌ بِالْأَنْسَابِ وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ. وَفُلَانٌ (يُــنَاسِبُ) فُلَانًا فَهُوَ (نَسِيبُهُ) أَيْ قَرِيبُهُ. وَبَيْنَهُمَا (مُــنَاسَبَــةٌ) أَيْ مُشَاكَلَةٌ. وَ (نَسَبْتُ) الرَّجُلَ ذَكَرْتُ نَسَبَهُ وَبَابُهُ نَصَرَ، وَ (نِسْبَةً) أَيْضًا بِالْكَسْرِ وَ (انْتَسَبَ) إِلَى أَبِيهِ أَيِ اعْتَزَى. وَ (تَنَسَّبَ) إِلَيْكَ أَيِ ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيبُكَ. 
(ن س ب) : (النِّسْبَةُ) مَصْدَرُ نَسَبَهُ إلَى أَبِيهِ وَبِتَصْغِيرِهَا سُمِّيَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ بِنْتُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّةُ وَفِي نَفْيِ الِارْتِيَابِ (نَسِيبَةُ) بِالْفَتْحِ بِنْتُ كَعْبٍ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ عُمَارَةَ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ تُكَنَّى أَيْضًا أُمَّ عُمَارَةَ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ لِابْنِ مَنْدَهْ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا وَاحِدَةٌ (وَيُقَالُ) نَسَبَنِي فُلَانٌ فَانْتَسَبْتُ لَهُ أَيْ سَأَلَنِي عَنْ النَّسَبِ وَحَمَلَنِي عَلَى الِانْتِسَابِ فَفَعَلْتُ (وَمِنْهُ) حَدِيثُ أَبِي قَيْسٍ «فَجَاءَ فَسَلَّمَ ثُمَّ نَسَبَنِي» وَالتَّشْدِيدُ خَطَأٌ.
نسب
النَسَبُ: نَسَبُ القَرَابَةِ، فلانٌ نَسِيْبي وهُمْ أنْسِبَائي. والنَسّابَةُ يَنْسِبُ ويَنْسُبُ. ورَجُلٌ نَسِيْبٌ مَنْسُوْبٌ: ذو حَسَب وَنَسَب. والنسْبَةُ: مَصْدَرُ الانْتِسَاب، والنُسْبَةُ: الاسْمُ. والنَّسِيْبُ والنَسَبُ في الشِّعْرِ: ما كانَ تَشْبِيْباً، وكذلك المَنْسُوْبُ، والجَمِيعُ المَنَاسِيْبُ. ونَسَبَ بالنِّسَاءِ يَنْسِبُ ويَنْسُبُ. والنَّيْسَبُ والنَيْسَبَانُ: الطرِيْقُ المُسْتَدِقُّ الواضِحُ؛ كَطَرِيقِ النَّمْلٍ. ورَأَيْتُ السيْلَ مُنَيْسِباً: أي يَجْري. والقَوْمُ مُنيْسِبُوْنَ: أي يَسِيْرُوْن. ونَيْسَبَ فلانٌ: إذا ابْتَدَأَ فيه وجَرَى. ورأَيْتُ القَوْمَ نَيْسَباً واحِداً: إذا اجْتَمَعُوا في خُرُوْجٍ جَمِيعاً. وما زالوا يُنْسِبُوْنَ فيه: أي يَخْتَلِفُونَ. وباتَ فُلان يُنَيْسِبُ إلى فلانَةَ: أي يَخْتَلِفُ فيها.
ن س ب

النِّسْبَةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ القَرابةُ وقيلَ هو في الآباءِ خاصَّةً وقد اضْطُّرَّ الشاعرُ فأَسْكَنَ أنشد ابن الأعرابيِّ

(يا عَمْرُو يا بْنَ الأكْرَمِينَ نَسْبَا ... قد نَحَبَ المَجْدُ عليك نَحْباً)

النَّحْبُ هنا النَّذْرُ والمُراهَنَةُ والمخاطَرَةُ أيْ لا يُزايِلُكَ فهُوَ لا يَقْضِي ذلكِ النَّذْرَ أبداً وجمع النَّسَبِ أنْسابٌ وانْتَسَبَ واستَنْسَبَ ذكر نَسَبَه ونَسَبَه يَنْسُبُه نَسْباً عَزَاه ونَسَبَهُ سألَه أن يَنْتَسِبَ وفي الخبر أنَّها نَسَبَتْنا فانْتَسَبْنا لها رواهُ ابنُ الأعرابيِّ وناسَبَــهُ شَرِكَهُ في نَسَبِه والنَّسيبُ المُــنَاسِبُ والجمعُ نُسَباءَ وأنْسِباء ورجُلٌ نَسِيبٌ ذو نَسَب والنَّسَّابُ العالمُ بالنَّسَب وجمعُه نَسَّابُون وهو النَسَّابَةُ أدخلوا الهاءَ للمُبالغة ولم تُلْحَقْ لتأنيث المَوْصوفِ بما هي فيه وإنما لَحِقَت لإِعْلام السامع أنّ هذا الموصوف بما هي فيه قد بَلَغَ الغايَةَ والنّهاية فجَعلَ تأنِيثَ الصِّفة أمارَةً لما أُرِيد من تأنيث الغايةِ والمُبالَغَةِ وقد تقدّم في عَلاَّمَةٍ ونَسَبَ بالنِّسَاء يَنْسُبُ ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِيباً ومَنْسِبَةً سَبَّبَ بِهِنَّ في الشِّعْرِ وتَغزَّل وهذا الشِّعْر أنْسَبُ من هذا أي أرَقُّ نَسِيباً وكأنهم قد قالُوا نَسيبٌ ناسِبٌ على المبالغَةِ فبُنِيَ هذا منه وأَنْسَبَتِ الرِّيحُ اشْتدَّتْ واسْتافَتِ التُّرابَ والحَصَا والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ الطَّريق المُستقيمُ الواضِح وقيل هو ما وُجَد من أَثَر الطريقِ والنَّيْسَبُ طريقُ النَّمْلِ وقيلَ النَّيسَبُ النَّملُ إذا جاء مِنها واحِدٌ في إثْرِ آخرَ ونُسَيْبٌ اسم رَجُلٍ عن ابن الأعرابيِّ وحدَهُ

نسب


نَسَبَ(n. ac.
نَسْب
نَسَب
نِسَبَة)
a. Traced the pedigree of; asked about the descent
of.
b. [acc. & Ila], Traced back to; attributed, ascribed to; referred
to.
c.(n. ac. نَسَب
مَنْسَبَة
نَسِيْب) [Bi], Wrote love verses.
نَاْسَبَa. Was related to, connected with.
b. Resembled.
c. Was conformable, analogous to; corresponded to; fitted
suited.

أَنْسَبَa. Blew violently (wind).
تَنَسَّبَ
a. [Ila], Claimed relationship with.
تَــنَاْسَبَa. see III
إِنْتَسَبَa. see Vb. Traced his descent, pedigree.
c. [Ila], Was ascribed, attributed to; was named after
related to.
إِسْتَنْسَبَa. see V
& VIII (b).
c. Asked the pedigree of.

نَسْبa. see 4
نِسْبَة
(pl.
نِسَب)
a. see 4 (a) (b)
c. (pl.
نِسَب), Proportion.
d. Relation; connection.
e. Relative adjective ( one ending in
يّ ).
f. see N. Ac.
III
[ ].
نُسْبَة
(pl.
نُسَب)
a. see 4 (a) (b) &
نِسْبَة
(c).
نَسَب
(pl.
أَنْسَاْب)
a. Pedigree, lineage, parentage, descent, genealogy;
origin, family.
b. Relationship, consanguinity, kinship.

نَسَبَةa. see 2t (c)
نَسَبِيّa. Genealogical; patronymic; gentilic.

نَسِيْب
(pl.
نُسَبَآءُ
أَنْسِبَآءُ
68)
a. Related, akin; relation, relative, kinsman.
b. Highborn; man of quality, rank.
c. Love-poem, amatory verses.

نَسَّاْب
نَسَّاْبَةa. Genealogist.

N. P.
نَسڤبَ
(pl.
مَنَاْسِيْبُ)
a. Amatory (poem).
b. [Ila], Relative, relating, referring to.
c. see 2t (e) & 25
(a), (b).
N. Ag.
نَاْسَبَa. Relation, relative, kinsman.
b. Corresponding, conformable, analogous; similar
homogeneous; cognate.

N. Ag.
تَــنَاْسَبَa. Proportionate, serial, in ratio.

N. Ac.
تَــنَاْسَبَa. see N. Ac.
III
[ ].
N. Ag.
إِنْتَسَبَa. Challenger, champion.

مُــنَاسَبَــة [ N.
Ac.
نَاْسَبَ
(نِسْب)]
a. Correspondence; connection, relation; fitness
suitability.
b. Proportion, ratio; analogy.

خَطّ مَنْسُوْب
a. Regular handwriting.

نَيْسَب
a. Traces.
b. Road, track.
c. Ants.

نَيْسَبَان
a. see supra.

بِنِسْبَة كَذَا
a. In proportion to that.

نِسْبَة حَيْبيَّة
a. Sine.

نِسْبَة ظِلِّيَّة
a. Tangent.
ن س ب : نَسَبْتُهُ إلَى أَبِيهِ نَسَبًا مِنْ بَابِ طَلَبَ عَزَوْتُهُ إلَيْهِ وَانْتَسَبَ إلَيْهِ اعْتَزَى وَالِاسْمُ النِّسْبَةُ بِالْكَسْرِ فَتُجْمَعُ عَلَى نِسَبٍ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَقَدْ تُضَمُّ فَتُجْمَعُ مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَيُقَالُ نَسَبُهُ فِي تَمِيمٍ أَيْ هُوَ مِنْهُمْ وَالْجَمْعُ أَنْسَابٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَهُوَ نَسِيبُهُ أَيْ قَرِيبُهُ وَيُنْسَبُ إلَى مَا يُوَضِّحُ وَيُمَيِّزُ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَحَيٍّ وَقَبِيلٍ وَبَلَدٍ وَصِنَاعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَأْتِي بِالْيَاءِ فَيُقَالُ مَكِّيٌّ وَعَلَوِيٌّ وَتُرْكِيٌّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ فِي النِّسْبَةِ لَفْظٌ عَامٌّ وَخَاصٌّ فَالْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَيُقَالُ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْخَاصَّ لَأَفَادَ مَعْنَى الْعَامِّ فَلَا يَبْقَى لَهُ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ إلَّا التَّوْكِيدُ.
وَفِي تَقْدِيمِهِ يَكُونُ لِلتَّأْسِيسِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ وَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُ الْقَبِيلَةِ عَلَى الْبَلَدِ فَيُقَالُ الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ لِأَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْأَبِ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ وَلَا كَذَلِكَ النِّسْبَةُ إلَى الْبَلَدِ فَكَانَ الذَّاتِيُّ أَوْلَى وَقِيلَ لِأَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا كَانَتْ تَنْتَسِبُ إلَى الْقَبَائِلِ وَلَكِنْ لَمَّا سَكَنَتْ الْأَرْيَافَ وَالْمُدُنَ اسْتَعَارَتْ مِنْ الْعَجَمِ وَالنَّبَطِ الِانْتِسَابَ إلَى الْبُلْدَانِ فَكَانَ عُرْفًا طَارِئًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ فَكَانَ أَوْلَى ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ النَّسَبُ وَهُوَ الْمَصْدَرُ فِي مُطْلَقِ الْوُصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ فَيُقَالُ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَيْ قَرَابَةٌ وَجَمْعُهُ أَنْسَابٌ وَمِنْ هُنَا اُسْتُعِيرَ.

النِّسْبَةُ فِي الْمَقَادِيرِ لِأَنَّهَا وُصْلَةٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ فَقَالُوا تُؤْخَذُ الدُّيُونُ مِنْ التَّرِكَةِ وَالزَّكَاةُ مِنْ الْأَنْوَاعِ بِنِسْبَةِ الْحَاصِلِ أَيْ بِحِسَابِهِ وَمِقْدَارِهِ وَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَى الْمِائَةِ الْعُشْرُ أَيْ مِقْدَارُهَا الْعُشْرُ.

وَالْمُــنَاسِبُ الْقَرِيبُ وَبَيْنَهُمَا مُــنَاسَبَــةٌ وَهَذَا يُــنَاسِبُ هَذَا أَيْ يُقَارِبُهُ شَبَهًا.

وَنَسَبَ الشَّاعِرُ بِالْمَرْأَةِ يَنْسِبُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ نَسِيبًا عَرَّضَ بِهَوَاهَا وَحُبِّهَا. 
نسب: نسب إلى: استعير اسمه إلى (ياقوت 713: 6): نسب الشيء إلى أحد: عزا الشيء إلى أحدهم (بوشر، دي ساسي كرست 1: 35).
نسب شيئا أو صفة إلى أحد (الأشخاص): نسبة إلى البخل وصفه به أو نسبه له (المقري 1: 138) فلذلك قد ينسبون للبخل؛ وكذلك نسب أحدا إلى: اتهم ب (بوشر، ألف ليلة 3: 142).
نسب إلى نفسه: انتحل (بوشر).
وما يــناسب ذلك وشؤون أخرى من النوع نفسه (ألف ليلة 3: 452).
يــناسب ل: يلائم كذا، صالح لشيء ما (ألف ليلة 2: 14) أنا عندي لكل بلد ما يــناسبــها من القماش والمتاجر (3، 27، 9، 39، 6، 53، 6) -المفروض ما يــناسبــه. المترجم-.
ما يــناسب ل: جعله متــناسبــا مع (بوشر). تتــناسب مع: صار من انسبائه (فوك).
انتسب ل: استعير اسمه إلى (دي ساسي كرست 1: 89): ومع ذلك فيأنفون من انتسابهم لها لما فيها من الشنعة (ولم يسيلوا إلى ان يطلق عليهم أنهم ممن يتعاطون الحشيش لكي لا يلحقهم عار هذا الأمر المخجل).
نسب: محتد صاحب نسب: أصل عال (بوشر).
نسب: تناسق الأصوات (وصف مصر 13: 255 رقم 3).
نسب: لا أدري ما الذي قصد إليه أبو الوليد حين ذكر أصحاب النسب في العبارة التي ذكرتها عنه في مادة مقطع.
نسبة والجمع نسب: (محيط المحيط).
إنجيل النسبة: في (محيط المحيط): (وإنجيل النسبة عند النصارى قطعة من الإنجيل يذكر فيها نسب المسيح وربما سموا ترجمة الأعلام بالنسبة).
نسبة: تــناسب (النسبة التي ذكرها [فريتاج] كانت خطأ) (محيط المحيط، فوك، عباد 2: 162) (انظر 3: 221 - 222) (ابن جبير 252: 10 وابن الخطيب 75 وقد صححت الأبيات وفقا لمخطوطة برلين).
قد عكفنا على الكتابة حينا ... وأتت خطة القضاء تليها
وبكل لم نلق للجد إلا ... منزلا نائيا ومرعى كريها
نسبة بدلت فلم تتغير ... مثل ما يزعم المهندس فيها
بالنسبة إلى: إزاء، مقابل، مقارنة ب، بالنسبة إلى (بوشر، م. المحيط، عبد الواحد 60: 4 [صحح حركات الكلمة] 246: 2 المقري 2: 62: 2 القزويني 2642 مولر 43: 9، سامهودي 157: 7: بالنسبة إلى زمنه (147: 1) وهذا السبب في أن (فوك) وضع كلمة نسبة في مشتقات كلمة respectus.
لا نسبة لذا إلى ذا: لا يمكن مقارنة هذا بذاك (دي ساسي كرست 1: 39) وأما الدول الإسلامية فلا نسبة لها إلى هذه الدولة حتى تذكر معها. ويبدو أن (فوك) كان يفكر بهذا التعبير حين قال عن نسبة إنها تعني باللاتينية: de quo non debet fieri comparotio كان ذاك بالنسبة إلى مقامه: كان ذلك جديرا بمركزه أو علو شأنه (المقدمة 343) (أضف لشرفه بعد مقامه وفقا للترجمة).
نسبة: المصدر الذي تتأتى منه المغانم (عبد الواحد 271: 4): (قام المنصور بتوسيع جامع قرطبة مثلما فعل الحكم الثاني قبله وزاد زيادة أخرى من هذه النسبة بالنقود التي أتته من المصدر نفسه أي من خمس المغانم (فهو مسجد لا ينفق فيه درهم إلا من خمس المغنم).
نسبة: لا أدري كيف أترجم ما قاله (عباد 1: 309): وهذا المعنى هي النسبة الدالة بذاتها التي وصفها الجاحظ في أقسام البيان.
نسبي: نسبي، خاص بسلسلة النسب (بوشر).
نسيب: قريب وللجمع نسباء، (فوك، المقدمة 2: 339) ونسائب (بوشر). حمو الزوج، والد الزوج (ألف ليلة 2: 86 و 87)؛ والد الزوج (دوماس حياة العرب 437) زوج الأخت، أخو الزوج (دوماس) وفيه الصهر (دوماس حياة العرب 436، ألف ليلة 2: 90).
نسابة: قرابة (بوشر).
نسابة: مختص بعلم الأنساب، نساب (ابن خلكان 3: 83 وست).
ناسب والجمع نسبة: نساب (دي ساسي كرست 1: 113).
انسب: أكثر دلالة في الإشارة إلى أسرته، أقرب في نسبه إلى .. ، (دي ساسي كرست 2: 360).
ما فيه أنسب منه: ليس هناك أجدر منه أو أليق منه (بوشر).
أنسب: ليس هناك في شعر الغزل والنسيب أشد مجونا منه (الأغاني 56 الطبعة الأولى بولاق 8: 182).
تــناسب: قرابة (م. المحيط).
منسوب: هو الشيء الذي يشير إلى موقعه أو القطر الذي يأتي منه مثل خشب الالوة الذي يأتي من الهند، والمسك الذي يأتي من التبت Thibet وهذه النسبة تعني، ضمنا أن هذه الأنواع هي من أرقى الأنواع، أن كلمة منسوب تخص أرقى الأنواع أو أنها غاية في الجودة أو الطيب أو الكمال (انظر دي يونج) الذي ذكر الجملة الآتية (الثعالبي): وعود الهند يذكر مع أمهات الطيب المنسوبة كمسك تبت وعنبر الشجر وتستعمل الكلمة في الحديث عن السيوف، على سبيل المثال، يقال منسوبات الصفائح في الطبع (المقري 2: 799) وعن الكلاب من السلالات النقية (البكري 176: 6): وعلى القبة كلاب منسوبة لا تكاد تفارق موضع الملك تحرسه في أعناقها سواجير الذهب والفضة وعن المجوهرات خلي غير معروف ولا منسوب (مولر 9: 1): وعن الحمام أنواعه ومنها الزاجل (وفقا لملاحظة رايسك -عند فريتاج-) الذي أيد ملاحظة دفريمري على هامش كتاب دي يونج (ص19 و20) بعد أن وضع نصب عينه فقرتي (أبي الفداء 3: 644 و4: 328 حوليات إسلامية).
أن الدليل على أن كلمة منسوب، بالمعنى المتقدم، ترادف، الحمام الهندي التي جعلنا السيد دي جويا نلاحظها من خلال فقرة كتاب الأغاني (13: 135 بولاق): طلب محمد بن بشير من ابن أبي عمرو المديني فراخا من الحمام الهندي فوعده أن يأخذها له من المثنى بن زهير ثم نور عليه أي أعطاه فراخا غير منسوبة دلسها عليه وأخذ المنسوبة لنفسه.
أننا نجد، في هذا المجال، نصوصا أكثر أهمية مما تقدم ومنها عبارة الخط المنسوب (لدى يونج، ابن خلكان 1: 479 و si 12: 48: 15 ويست): ومن الكتب المنتخبة بالخطوط المنسوبة والخطوط الجيدة نحو مائة ألف مجلد وفي عبارة ذكرها (دي سلان مترجمة عن ابن خلكان 2: 331) جاءت عبارة وكتب الخط المنسوب إلى ان قيل انه اكتب من ابن البواب (فهرست المخطوطات، ليدن 1: 201، الجريدة الاسيوية 1857: 1: 409) وكان ابن الساعاتي فخر الدين جيد الكتابة كتب المنسوب (لم يفهم سانجينبتي معنى هذه العبارة كما فهمها دي سلان في 1: 1 و4: 559 رقم 27 من ترجمة ابن خلكان). أن هذه العبارة تعني الخط الجميل وحرفيا (خط جميل وأصيل ينم حالا عن صاحبه. وهكذا كان (ابن مقلة) صاحب الخط المنسوب (دي سلان 1: 1) وهكذا كان يقال هذا ما كتب بخط ابن مقلة (ابن خلكان 2491: 17 و18) الخط المنسوب لابن مقلة. وكان يقال أيضا مصحفان كريمان منسوبان (البربرية 1: 331: 6): (نموذجان من القرآن نساخهما من الخطاطين المشهورين).
منسوب: في (المقري 1: 884): وبيتهم بيت قضاء وعلم وسؤدد متوارث ومجد مكسوب ومنسوب: منسوب هنا معنى مربك ومحير لا ينسجم مع ما سبقه.
منسوب: يبدو أن جمع الكلمة على مــناسب هو الجمع الذي عثر عليه (رايسك في كتاب فريتاج) عند (الكامل 284: 15).
مــناسب: ملائم (بوشر، ألف ليلة 1: 315): إنما كان المــناسب قتله وقت قدومه.
مــناسب: معقول، محتمل، مستساغ (بوشر).
مــناسب: مريح، موافق (بوشر).
مــناسب: مؤات، شيء ملائم (بوشر).
مــناسبــة: هي مرادف نسبة باللاتينية عند (فوك): comparatio, respectus, proporcio مــناسبــة: لياقة، أدب، توافق، تلاؤم (بوشر).
مــناسبــة: فرصة (بوشر).
مــناسبــة: معقولية، احتمال التصديق (بوشر).
منتسبات: (اسم جمع) تبعيات، تعلقات، ارتباطات (بوشر).
المتــناسبــات: (اسم جمع) الأصوات المتناسقة (وصف مصر 8: 255).

نسب: النَّسَبُ: نَسَبُ القَراباتِ، وهو واحدُ الأَنْسابِ. ابن سيده:

النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ: القَرابةُ؛ وقيل: هو في الآباء خاصَّةً؛ وقيل: النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ؛ والنُّسْبَةُ: الاسمُ. التهذيب: النَّسَبُ يكون باللآباءِ، ويكونُ إِلى البلاد، ويكون في الصِّناعة، وقد

اضْطُرَّ الشاعر فأَسكن السين؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

يا عَمْرُو، يا ابنَ الأَكْرَمِـينَ نَسْبا، * قَدْ نَحَبَ الـمَجْدُ عليك نَحْبا

النَّحْبُ هنا: النَّذْرُ، والـمُراهَنة، والـمُخاطَرة أَي لا يُزايلُك، فهو لا يَقْضِـي ذلك النَّذْرَ أَبداً؛ وجمع النَّسَب أَنْسابٌ.

وانْتَسَبَ واسْتَنْسَبَ: ذَكَرَ نَسَبه. أَبو زيد: يقال للرجل إِذا سُئِلَ عن نَسَبه: اسْتَنْسِبْ لنا أَي انْتَسِبْ لنا حتى نَعْرِفَك.

ونَسَبَهُ يَنْسُبُهُ ويَنْسِـبُهُ (1)

(1 قوله «ونسبه ينسبه» بضم عين المضارع وكسرها والمصدر النسب والنسب كالضرب والطلب كما يستفاد الأوّل من الصحاح والمختار والثاني من المصباح واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأول لشهرته واتكالاً على القياس، هذا في نسب القرابات وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب محركة والنسيب.) نَسَباً: عَزاه. ونَسَبه: سَـأَله أَن يَنْتَسِبَ. ونَسَبْتُ فُلاناً إِلى أَبيه أَنْسُبه وأَنْسِـبُهُ نَسْباً إِذا رَفَعْتَ في نَسَبه إِلى جَدِّه الأَكبر. الجوهري: نَسَبْتُ الرجلَ أَنْسبُه، بالضم، نِسْبةً ونَسْباً إِذا ذَكَرْتَ نَسَبه، وانْتَسَبَ إِلى أَبيه أَي اعْتَزَى. وفي الخبر: أَنـَّها نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنا لها،

رواه ابن الأَعرابي. وناسَبَــه: شَرِكَه في نَسَبِه. والنَّسِـيبُ: الـمُــناسِبُ، والجمع نُسَباءُ وأَنْسِـباءُ؛ وفلانٌ يــناسِبُ فلاناً، فهو نَسِـيبه أَي قَريبه.

وتَنَسَّبَ أَي ادَّعَى أَنه نَسِـيبُكَ. وفي المثل: القَريبُ مَن

تَقَرَّبَ، لا مَنْ تَنَسَّبَ.

ورجل نَسِـيبٌ مَنْسُوب: ذو حَسَبٍ ونَسَبٍ. ويقال: فلانٌ نَسِـيبي، وهم أَنْسِـبائي.

والنَّسَّابُ: العالم بالنَّسَب، وجمعه نَسَّابونَ؛ وهو النَّسَّابةُ؛ أَدخَلوا الهاءَ للمبالغة والمدح، ولم تُلْحَقْ لتأْنيثِ الموصوف بما هي

فيه، وإِنما لَحِقَتْ لإِعْلام السامع أَن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بَلَغَ الغايةَ والنهاية، فجَعَل تأْنيثَ الصفة أَمارة لِـما أُريد من تأْنيث الغايةِ والمبالغةِ، وهذا القولُ مُسْتَقْصًى في عَلاَّمة؛ وتقول: عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ، تُريد ثلاثةَ رجالٍ، ثم جئتَ بنَسَّاباتٍ نَعْتاً لهم. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: وكان رجلاً نَسَّابةً؛ النَّسَّابةُ: البليغ العالم بالأَنسابِ.

وتقول: ليس بينهما مُــناسَبــة أَي مُشاكَلةٌ. ونَسَبَ بالنساءِ، يَنْسُبُ، ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِـيباً، ومَنْسِـبة: شَبَّبَ (1)

(1 قوله «ومنسبة شبب إلخ» عبارة التكملة المنسب والمنسبة (بكسر السين فيهما بضبطه) النسيب في الشعر. وشعر منسوب فيه نسيب والجمع المناسيب.) بهنّ في الشعْر وتَغزَّل. وهذا الشِّعْر أَنْسَبُ من هذا أَي أَرَقُّ نَسِـيباً، وكأَنهم قد قالوا: نَسيبٌ ناسِبٌ، على المبالغة، فبُني هذا منه. وقال شمر: النَّسِـيبُ رَقيقُ الشِّعْر في النساءِ؛ وأَنشد:

هَلْ في التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مَن حُوبِ، * أَم في القَريضِ وإِهْداءِ الـمَناسِـيبِ؟

وأَنْسَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ، واسْتافَتِ التُّرابَ والـحَصى.

والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ: الطريقُ المستقيم الواضحُ؛ وقيل: هو الطريقُ الـمُسْتَدِقُّ، كطَريق النَّمْل والـحَيَّةِ، وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلى مَواردها؛ وأَنشد الفرّاء لدُكَينٍ:

عَيْناً، تَرى الناسَ إِليه نَيْسَبا، * من صادرٍ أَو وارِدٍ، أَيْدي سَبَا

قال، وبعضهم يقول: نَيْسَم، بالميم، وهي لغة. الجوهري: النَّيْسَبُ الذي تراه كالطَّريق من النمل نفسها، وهو فَيْعَلٌ؛ وقال دُكَيْنُ بنُ رَجاء الفُقَيْميُّ:

عَيْناً ترى الناسَ إِليها نَيْسَبا

قال ابن بري والذي في رَجزه:

مُلْكاً، تَرَى الناسَ إِليه نَيْسَبا، * من داخِلٍ وخارجٍ، أَيْدي سَبَا(2)

(2 قوله «وقال ابن بري إلخ» وعبارة التكملة والرواية ملكاً إلخ أي اعطه ملكاً.)

ويروى من صادر أَو وارد. وقيل: النَّيْسَبُ ما وُجِدَ من أَثر الطريق.

ابن سيده: والنَّيْسَبُ طريقُ النمل إِذا جاءَ منها واحدٌ في إِثرِ آخر.

وفي النوادر: نَيْسَبَ فلانٌ بين فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبةً إِذا أَدْبَرَ وأَقْبَلَ بينهما بالنميمة وغيرها.

ونُسَيْبٌ: اسم رجل ؛عن ابن الأَعرابي وحده.

نشب: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نَشَباً ونُشوباً ونُشْبةً: لم

يَنْفُذْ؛ وأَنْشَبَه ونَشَبَه؛ قال:

هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في صُدُورِهِم، * وبِـيضاً تَقِـيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُهْ

وأَنْشَبَ البازي مَخالِـبَه في الأَخيذَة. ونَشِبَ فلانٌ مَنْشَبَ سَوْءٍ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص منه؛ وأَنشد:

وإِذا الـمَنِـيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها، * أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تَنْفَعُ

ونَشَّبَ في الشيءِ، كنَشَّمَ؛ حكاهما اللحياني، بعد أَن ضَعَّفَهما.

قال ابن الأَعرابي قال الحرث بن بَدْرٍ الغُدانيُّ: كنتُ مَرَّةً نُشْبَةً، وأَنا اليوم عُقْبَةٌ أَي كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِـبْتُ أَي عَلِقْتُ بـإِنسان لَقِـيَ مني شرّاً، فقد أَعْقَبْتُ اليومَ، ورَجَعْتُ. والـمِنْشَبُ، والجمعُ الـمَناشِبُ: بُسْرُ الخَشْوِ. قال ابن الأَعرابي: الـمِنْشَبُ الخَشْوُ؛ يقال: أَتَوْنا بخَشْوٍ مِنْشَبٍ يأْخُذُ بالـحَلْق.الليث: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ نَشَباً، كما يَنْشَبُ الصَّيْدُ في الـحِـبالة. الجوهري: نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ، بالكسر، نُشوباً أَي عَلِقَ فيه؛ وأَنْشَبْتُه أَنا فيه أَي أَعْلَقْتُه، فانْتَشَب؛ وأَنْشَبَ الصائدُ: أَعْلَقَ. ويقال: نَشِـبَت الحربُ بينهم؛ وقد ناشَبه الحرْبَ أَي نابَذَه. وفي حديث العباس، يوم حُنَيْنٍ: حتى تَناشَبُوا حَولَ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي تَضامُّوا، ونَشِبَ بعضُهم في بعض أَي دَخَلَ وتَعَلَّقَ. يقال: نَشِبَ في الشيءِ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص له منه.

ولم يَنْشَبْ أَنْ فَعَل كذا أَي لم يَلْبَثْ؛ وحقيقتُه لم يَتَعَلَّقْ بشيءٍ غيره، ولا اشتغل بسواه. وفي حديث عائشةَ وزينبَ: لم أَنْشَبْ أَن أَثْخَنْتُ عليها. وفي حديث الأَحْنَفِ: أَنَّ الناسَ نَشِـبُوا في قتل

عثمان أَي عَلِقُوا. يقال: نَشِـبَتِ الحرْبُ بينهم نُشُوباً: اشْتَبَكَتْ.

وفي الحديث: أَن رجلاً قال لشُرَيح: اشتريتُ سِمْسِماً، فنَشِبَ فيه

رجلٌ، يعني اشتراه؛ فقال شُرَيْحٌ: هو للأَوَّل؛ وقوله أَنشده ابن

الأَعرابي:

وتِلْكَ بَنُو عَدِيٍّ قد تَـأَلَّوْا، * فيا عَجَبا لناشبةِ الـمَحالِ!(1)

(1 قوله «قد تألوا إلخ» كذا بالأصل ونقله عنه شارح القاموس والذي في التهذيب قد تولوا.)

فسره فقال: ناشِـبةُ الـمَحالِ البَكْرَةُ التي لا تجْري (2)

(2 قوله «البكرة التي لا تجري» قال شارح القاموس ومنه يعلم ما في كلام المجد من الاطلاق في محل التقييد.) أَي امْتَنَعُوا منا، فلم يُعِـينُونا؛ شَبَّهَهُم في امتِناعِهِم عليه، بامتِناعِ البَكْرَة من الجَرْي.

والنُّشَّابُ: النَّبْلُ، واحدتُه نُشَّابة.

والناشِبُ: ذو النُّشَّاب، ومنه سمي الرجل ناشِـباً.

والناشِبةُ: قومٌ يَرْمونَ بالنُّشَّابِ.

والنُّشَّابُ: السِّهامُ. وقوم نَشَّابة: يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ، كل ذلك على النَّسَب لأَنه لا فعل له، والنَّشَّابُ مُتَّخِذُه.

والنُّشَبةُ من الرجال: الذي إِذا نَشِبَ بشيءٍ، لم يَكَدْ يُفارِقُه.

والنَّشَبُ والـمَنْشَبةُ: المالُ الأَصيلُ من الناطقِ والصامت. أَبو

عبيد: ومن أَسماءِ المال عندهم، النَّشَبُ والنَّشَبَةُ؛ يقال: فلانٌ ذو

نَشَبٍ، وفلانٌ ما له نَشَبٌ. والنَّشَبُ: المالُ والعَقارُ.وأَنْشَبَتِ الريحُ: اشْتَدَّتْ وسافتِ الترابَ. وانْتَشَبَ فلانٌ طعاماً أَي جَمَعَه، واتَّخذ منه نُشَباً. وانْتَشَبَ حَطَباً: جَمَعَه؛ قال الكميت:

وأَنْفَدَ النملُ بالصَّرائم ما * جَمَّعَ، والحاطِـبون ما انتَشَبوا

ونُشْبَةُ: من أَسماءِ الذِّئْب. ونُشْبة، بالضم: اسم رجل، وهو نُشْبة بنُ غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوف بنِ سعدِ بنِ ذِبْيانَ، واللّه أَعلم.

نسب
: (النَّسَبُ، مُحَرَّكَةً) : وَاحِد الأَنساب (و) قَالَ ابْن سِيدَهْ: (النُّسْبَة، بالكسْرِ والضَّمِّ) والنَّسَبُ: (القَرَابَةُ، أَوْ) هُوَ (فِي الآباءِ خاصَّةً) . وَقيل: النِّسْبَةُ مصدرُ الانتساب. والنُّسْبَة، بالضَّمّ: الاسْمُ، والجمعِ نُسَبٌ، كسِدَر وغُرَف. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت: ويكونُ من قِبَلِ الأُمِّ والأَب. وَقَالَ اللَّبْلِيُّ، فِي شرح الفصيح: النَّسَبُ معروفٌ، وَهُوَ أَن تذكُرَ الرَّجُلَ فتقولَ: هُو فُلانُ بْنُ فُلانٍ، أَو تَنْسِبَه إِلى قَبيلَة أَو بلَد أَو صنَاعَة. ومثلُهُ فِي التّهذيب. وَفِي الأَساس: من المَجاز: بَيْنَهُمَا نِسْبَةٌ قَرِيبةٌ.
(واسْتَنْسَبَ) الرَّجُلُ، كانْتَسَبَ: (ذَكَرَ نَسَبَهُ) ، قَالَ أَبو زيد: يقالُ للرَّجُلِ، إِذا سُئلَ عَن نَسَبِهِ: اسْتَنْسِبْ لنا، أَي: انْتَسِبْ لنا، حَتَّى نَعْرِفَكَ.
(والنَّسِيبُ: المُــنَاسِبُ) ، والجَمْعُ نُسَباءُ، وأَنْسبَاءُ.
(و) رجلٌ نَسِيبٌ: أَي (ذُو) الحَسَبِ و (النَّسَب، كالمَنْسُوبِ) فِيهِ، ويُقَالُ: فُلانٌ نَسِيبِي، وهُمْ أَنْسِبائِي.
(ونَسَبَهُ، يَنْسُبُه) بالضَّمِّ، نَسْباً بِفَتْح فَسُكُون، ونِسْبَةً بالكَسْر: عَزَاهُ.
(و) نَسَبَهُ، (يَنْسِبُهُ) بِالْكَسْرِ، (نَسَباً مُحرَّكَةً) ، هاكذا فِي سَائِر النُّسَخ، وسقَطَ من نُسْخةِ شيخِنا، فَاعْترضَ على المُصَنِّف، ونَسَبَ القُصُور إِليه، حيثُ قَالَ: إِنْ أَجريْنَاهُ على اصْطِلَاحه فِي الإِطلاق وضَبْطِه بِالْفَتْح، بَقِيَ عَلَيْهِ المُحَرَّكُ؛ وإِن حرَّكْناه بِنَاء على الشُّهْرة، وَلم يُعْتَبَرِ الإِطلاقُ، بَقِيَ عَلَيْهِ المفتوحُ.
وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ من التَّفصيل يَندَفِع مَا استَشكلَه شيخُنَا. على أَن النَّسْبَ، كالضَّرْبِ، من مصادِر الْبَاب الأَول، كَمَا هُوَ فِي الصَّحاح مضبوطٌ، والّذي فِي التّهْذِيب مَا نَصُّهُ: وَقد اضْطُرَّ الشّاعرُ فأَسْكَنَ السِّينَ؛ أَنشدَ ابْنُ الأَعْرابيِّ:
يَا عَمْرُو يَا ابْنَ الأَكْرَمينَ نَسْبَا
قد نَحَبَ المجْدُ عليكَ نَحْبَا أَي: نَذْراً. (ونِسْبَةً، بالكَسْر: ذَكَرَ نَسَبَهُ) .
(و) نَسَبهُ: (سَأَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ) .
ونَسبْتُ فلَانا، أَنْسُبُه، بالضَّمّ، نَسْباً: إِذا رَفعْتَ فِي نَسَبِه إِلى جَدِّه الأَكبرِ.
وَفِي الأَساس: من المَجَاز: جَلَسْتُ إِليه، فنَسَبَنِي، فانتسبْتُ إِليه.
وَفِي الصَّحاح: انْتَسَبَ إِلى أَبِيهِ: اعْتَزَى. وَفِي الْخَبَر: (إِنَّهَا نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنَا لَهَا) . رَوَاهُ ابْنُ الأَعْرَابيّ.
ونَاسَبــهُ: شَرِكَهُ فِي نَسبِه.
(و) نَسَب الشّاعرُ (بالمَرْأَةِ) ، وَفِي بعضٍ: بالنِّساءِ، يَنْسِبُ بِالْكَسْرِ، كَذَا فِي الصَّحاح، ويَنْسُب بالضَّمّ، كَذَا فِي لِسَان الْعَرَب. قلتُ: والأَخيرُ نقَلَهُ الصّاغانيّ عَن الكِسَائيّ (نَسَباً) محركة، (ونَسِيباً) كأَمِيرٍ، (ومَنْسِبَةً) بِالْفَتْح، أَي: مَعَ كسر السّين، وَكَذَلِكَ: مَنْسِباً، كمَجْلِس، كَمَا نَقله الصّاغانيُّ: (شَبَّبَ بهَا فِي الشِّعْر) ، وتَغزَّلَ، وذالك فِي أَوّل القصيدة، ثمَّ يَخرُجُ إِلى المديح، كَذَا قَالَه ابْنُ خَالَوَيْه. وَقَالَ الفِهْرِيّ، فِي شرح الفصيح: نَسبَ بهَا: إِذا ذكَرَهَا فِي شِعره، ووصَفَها بالجمال والصِّبا وغيرِ ذالك. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إِذا وَصَفَ مَحاسِنَها، حقّاً كَانَ أَو بَاطِلا. وَقَالَ صاحبُ الواعي: النَّسِيبُ، والنَّسَبُ: هُوَ الغَزَلُ فِي الشِّعْر، قَالَ: والنَّسِيبُ فِي الشِّعْر: هُوَ التَّشبيبُ فِيهِ، وَهِي المَناسيبُ، والواحِدُ مَنسوبٌ. وَقَالَ ابْن دُرُسْتَوَيْه: نَسَبَ الشّاعِر بالمَرْأَةِ، ونَسَبَ الرَّجُلَ: هما جَمِيعًا من الوصْف لأَنّ من نَسَبَ رجُلاً، فقد وَصَفَه بأَبيه أَو بِبَلَدِهِ أَو نحوِ ذالك، وَمن نَسَبَ بامْرَأَةٍ، فقد وصَفَها بالجَمال والصِّبا والجَوْدَة وغيرِ ذالك. قَالَ شيخُنا: وكذالك يُطْلَقُ النَّسيبُ على وصْف مَرابع الأَحباب ومنازلهم، واشتياقِ المُحِبِّ إِلَى لقائهم ووِصالهم، وَغير ذالك ممّا فصّلوه، وسَمَّوْه التَّشبيبَ، لأَنّه يكونُ غَالِبا فِي زمن الشَّبابِ، أَو لأَنّه يَشتمِلُ على ذِكْر الشَّبَاب والغَزَل لِما فِيهِ من المُغازَلَة والمُنادَمَة.
(والنَّسّابُ، والنَّسَّابَةُ) : البَلِيغُ (العالِمُ بالنَّسَبِ) ، وجمعُ الأَوّل: النَّسّابُونَ، وأَدخلُوا الهاءَ فِي نَسَّابَةٍ للْمُبَالَغَة والمَدْح، وَلم تُلحَق لتأْنيثِ الموصوفِ، وإِنّمَا لَحِقت لإِعْلام السّامعِ أَنّ هاذا الموصوفَ بِما هِيَ فِيهِ قد بلَغَ الغايةَ والنِّهايَةَ، فجعَلَ تأْنيثَ الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا أُرِيدَ من تأْنِيثِ الغايةِ والمُبَالغة، وَهَذَا القولُ مُسْتَقْصًى فِي عَلاّمة. وَتقول: عِنْدِي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ، تريدُ ثَلاثةَ رِجال، ثمّ جئتَ بِنَسّاباتٍ نعْتاً لَهُم. وَفِي حديثِ أَبي بكر، رَضِي الله عَنهُ: (وَكَانَ رَجُلاً نَسَّابَةً) . (و) يُقَال: (هاذا الشِّعْرُ أَنْسَبُ أَي أَرَقُّ نَسِيباً) وتشبيباً، (و) كأَنّهم قد قالُوا: (نَسِيبٌ ناسِبٌ، كشِعْرٍ شاعِرٍ) على المبَالغة، فبُنِيَ هاذا مِنْهُ.
(وأَنْسَبَتِ الرِّيحُ) : إِذا (اشْتَدَّتْ واسْتَافَتْ) ، أَي: شالتِ (التُّرابَ والحَصَى) من شِدَّتها.
(والنَّيْسَبُ، كحَيْدَرٍ: الطَّرِيقُ المسْتقيمُ الواضِحُ) . وَقيل: هُوَ الطَّرِيقُ المُسْتدِقُّ، (كالنَّيْسَبَانِ) . وبعضُهُمْ يقولُ: نَيْسَمٌ، بِالْمِيم، وَهِي لُغَة. (أَو) النَّيْسَبُ: (مَا وُجِدَ من أَثَرِ الطَّرِيقِ) .
(و) النَّيْسَبُ أَيضاً: (النَّمْلُ) نفسُها (إِذا جاءَ مِنْهَا واحِدٌ فِي إِثْرِ آخَرَ) كَذَا فِي النُّسخ، وَفِي بعض: فِي أَثَرِهِ آخَرُ. (و) قَالَ ابْنُ سِيدَه: النَّيْسَب: (طَرِيقٌ للنَّمْلِ) . وَزَاد غيرُهُ: والحيَّةِ، وَطَرِيق حَمِيرِ الوَحْش إِلى مَوارِدها. وعبارةُ الجوْهرِيّ: النَّيْسَبُ: الّذِي تَراه كالطَّرِيق من النَّمْل نَفْسِها، وَهُوَ فَيْعَلٌ؛ قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رجَاءٍ الفُقَيْمِيُّ: عَيْناً تَرَى النّاسَ إِليها نَيْسَبَا
مِنْ داخِلٍ وخارج أَيْدِي سَبَا
قَالَ الصّاغانيُّ: والرِّوايةُ: (مُلْكاً تَرى النّاس إِليه) أَي: أَعطِهِ مُلُكاً.
(و) نَيْسَبٌ: اسْمُ (رَجُلٍ) ، عَن ابْن الأَعْرابيّ وحْدَهُ.
(و) يُقَالُ: خَطٌّ مَنسوبٌ: أَي ذُو قاعِدَةٍ.
و (شعْرٌ مَنْسُوبٌ) : أَي (فِيهِ نَسِيبٌ) وتَغَزُّلٌ، (ج مناسِيبُ) ، وأَنشَدَ شَمِرٌ:
هَل فِي التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مِنْ حُوبِ
أَمْ فِي السَّلامِ وإِهْدَاءِ المَنَاسِيبِ
(ونَسِيبَةُ بنتُ كَعْبٍ) الأَنْصَارِيّةُ: هِيَ أُمّ عُمَارَةَ.
(و) نَسِيبةُ (بِنْتُ سِمَاكِ) بْنِ النُّعْمَانِ، أَسْلَمَتْ وبايَعَتْ، قَالَه ابْنُ سعد، (بِفَتْحِ النُّونِ) فيهمَا فَقَط.
(و) نُسَيْبَةُ (بِنْتُ نِيَارِ) بْنِ الْحَارِث، من بني جَحْجَبَى، قَالَ ابْنُ حبيب.
(وأُمُّ عَطِيَّةَ) نُسَيْبةُ بنتُ الحارِثِ الغاسلة، (بضمِّها. وهُنَّ صَحَابِيَّاتٌ) رِضْوانُ الله عليهِنّ أَجمعين.
وفاتَه ذِكْرُ نُسيْبةَ بنت أَبي طَلْحَةَ الخَطْمِيّةِ، صحَابيّةٌ، ذكرهَا ابْنُ سعد.
(وقَيْسُ بنُ نُسَيْبة) قدمَ على رسُولِ اللَّه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني سُلَيْم، فأَسْلَمَ.
(ونُسيْبَة بنتُ) شِهابِ بْنِ (شَدّادٍ، بالضَّمّ أَيضاً) فيهمَا، والأَخيرةُ هِيَ الّتي قَالَ فِيهَا مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:
أَفَبَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ نُسَيْبَةُ أَشْتَكِي
زَوْءَ المَنِيَّةِ أَوْ أُرَى أَتَوَجَّعُ (وكَذَا عاصِمُ بْنُ نُسيْب) ، وَهُوَ (شَيْخُ شُعْبةَ) بْنِ الحَجّاجِ العَتَكِيّ، نَقله الحافِظ.
(وأَنْسَبُ، كأَحْمَدَ: حصْنٌ باليَمَنِ) من حُصون بني زُبَيْد، نَقله الصّاغانيُّ.
(و) فلانٌ يُــنَاسِب فلَانا، فَهُوَ نَسِيبُه: أَي قَريبُهُ.
وَفِي الصّحاح: (تَنَسَّبَ) : أَي (ادَّعَى أَنَّهُ نَسِيبُك، وَمِنْه) المَثَلُ: (القَرِيبُ من تَقَرَّبَ، لَا مَنْ تَنَسَّبَ) ، أَي: القريبُ من تَقَرَّبَ بالموَدَّةِ والصَّداقة، لَا من ادَّعَى أَنَّ بينَكَ وبينَه نَسَباً. ويَقْرُبُ مِنْهُ: (ورُبَّ أَخ لَكَ لمْ تَلِدْهُ أُمُّك) ؛ وَقَالَ حَبِيبٌ:
ولَقَدْ سَبَرْتُ النّاسَ ثُمَّ خَبَرْتُهُمْ
وَبَلَوْتُ مَا وَضَعُوا من الأَسْبَابِ
فإِذا القَرَابَةُ لَا تُقَرِّبُ قاطِعاً
وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسَابِ
(و) من المَجَاز: (المُــناسَبــةُ: المُشَاكَلَةُ) ، يقالُ: بَين الشَّيْئَين مُــنَاسَبَــةٌ وتَــنَاسُبٌ: أَي مُشَاكَلَةٌ وتَشَاكُلٌ. وَكَذَا قَوْلهم: لَا نِسْبَةَ بينَهمَا، وَبَينهمَا نِسْبَةٌ قَريبةٌ.
(و) فِي النَّوادر: (نَيْسَبَ) فلانٌ (بَيْنَهمَا نَيْسبَةً) : إِذا (أَقْبَلَ وأَدْبَرَ بالنَّمِيمةِ، وغَيْرِها) ، نَقله صاحبُ لِسَان الْعَرَب، والصّاغانيُّ.
وممّا يسْتَدْركُ عَلَيْهِ:
النَّسيب، كأَمِيرٍ: لقب أَبي القاسِم الدِّمشْقِيّ، محَدّثٌ مَشْهُور.
ونَسَبُ خاتُون بنت المَلكِ الجوَاد، رَوَتْ عَن إِبراهيمَ بْنِ خَلِيل.
والنَّسَابَةُ، بِالْفَتْح: كالقَرَابَةِ.
نسب
نسَبَ يَنسُب ويَنسِب، نَسَبًا ونِسْبَةً، فهو ناسِب، والمفعول مَنْسوب
• نسَب الشّخصَ: وصفه وذكر نَسَبه، أي: قرابته وأهله.
• نسَبه إلى فلان/ نسَبه إلى كذا/ نسَبه لفلان/ نسَبه لكذا: عزاه إليه "نسَب تفوُّقه إلى زوجته- نسَب الخبرَ إلى مصدر موثوق- ينسب الفضلَ لمِن يستحقّه". 

نسَبَ بـ ينسِب، نَسِيبًا، فهو ناسب، والمفعول مَنْسوبٌ به
• نسَب الشَّاعرُ بمحبوبته: وصف محاسنَها وتغزَّل بها "أجاد النَّسِيبَ في شعره". 

استنسبَ يستنسب، استنسابًا، فهو مُسْتنسِب، والمفعول مُسْتنسَب
• استنسب الشَّيءَ: وجده مــناسبًــا ملائمًا "استنسب الإقامةَ في هذا الحيّ". 

انتسبَ/ انتسبَ إلى ينتسب، انتسابًا، فهو مُنتسِب، والمفعول مُنتسَب إليه
• انتسب الرَّجُلُ:
1 - ذكر نسبَه أي: قرابته "انتسب إلى قبيلة قريش".
2 - انتمى "انتسب إلى فريق رياضيّ/ حزب سياسيّ/ شُعبة دراسيَّة/ أسرة كريمة- كان انتسابه إلى الحزب بداية عمل جاد".
• انتسب الطَّالبُ إلى كليَّة بالجامعة: سجّل اسمَه فيها ليدرس من الخارج "انتسب إلى كليّة الآداب/ الحقوق/ التجارة". 

تــناسبَ يتــناسب، تَــنَاسُبًــا، فهو مُتــناسِب
• تــناسب الشَّيئان: مُطاوع ناسبَ: تشاكلا، وتماثلا وتوافقا، عكسه تعارضا "لا يتــناسب الجهد مع النتائج- تــناسب العقابُ مع الجرم".
• تــناسب القومُ: انتسبوا إلى أصولهم "تــناسب الأشرافُ إلى آل البيت". 

ناسبَ يــناسب، مُــناسبــةً، فهو مُــناسِب، والمفعول مُــناسَب (للمتعدِّي)
ناسب بين الشَّيئين: وفّق ونسَّق "ناسب بين الأجر وعدد ساعات العمل- ناسب بين الأقمشة في العرض".
ناسبــه الشّيءُ: لاءمه ووافق مزاجه "وفّر له عملاً يــناسب مؤهلاته الذهنيّة والدراسيّة".
ناسب الشّخصَ: شاكله "ناسبــتِ المرأة زوجَها".
ناسب عائلةً معروفة: صاهرها؛ تَزَوَّج منها. 

تــناسُب [مفرد]:
1 - مصدر تــناسبَ.
2 - (بغ) مراعاة النظير، أي أن يجمع في الكلام بين أمر وما يــناسبــه "*والطيرُ يقرأ والغدير صحيفة*".
3 - (جب) تساوي نسبتين مثل: أ/ب ج/د ° حدّ التَّــناسب: هو العدد الواقع في كُلٍّ من النسبتين. 

مُــناسِب [مفرد]:
1 - اسم فاعل من ناسبَ ° غير مــناسب لكذا: غير موافق له- مــناسب لكذا: موافق له.
2 - ملائم، لائق "جاء في الوقت المــناسب- تعبير/ موضوع مــناسب- هذا الحلّ مــناسب" ° الرَّجل المــناسب في المكان المــناسب- لَوْنٌ مــناسب: مُنْسجِم- مُــناسبًــا: ملائمًا، موافقًا.
3 - (جب) ما له نفس النِّسبة. 

مُــناسَبــة [مفرد]:
1 - مصدر ناسبَ ° بمــناسبــة وبدون مــناسبــة: في كل وقت.
2 - فُرصة "طرح أفكاره في مــناسبــات عديدة- في مــناسبــات أخرى- اشتهر شوقي بشعر المــناسبــات- في كلِّ مــناسبــة".
3 - حفلة أو اجتماع أو عرس أو مأتم أونحو ذلك "تشاهده في المــناسبــات كلّها- حضر بدون دعوة إلى مــناسبــة
 خاصّة".
• أدب المــناسَبــات: (دب) ما يلقى في المــناسبــات من خطب وقصائد في التهنئة والتعزية ونحو ذلك. 

مُنتسِب [مفرد]:
1 - اسم فاعل من انتسبَ/ انتسبَ إلى.
2 - طالب يدرس من خارج الجامعة "تقبل الكليّات النظريّة آلافًا من المنتسِبين كلّ عام". 

مَنسوب [مفرد]: ج منسوبون ومناسيبُ (لغير العاقل):
1 - اسم مفعول من نسَبَ ونسَبَ بـ.
2 - مُعدَّل، مستوى "تابع منسوب الفيضان- منسوب البحر/ النهر: المستوى الذي يصل إليه في ارتفاعه- خفّ منسوب المياه".
3 - (نح) اسم يُزاد في آخره ياء مُشدَّدة مكسور ما قبلها تدلّ على نسبته إلى الاسم المجرّد منها "مِصْرِيّ- لُبْنانِيّ".
• علامة المنسوب: علامة سهميَّة لتعيين الارتفاع يضعها مسَّاحو الأراضي على جسم قرطاسيّ لموضع أو ارتفاع محدَّد مسبقا حيث تستخدم هذه العلامة كنقطة مرجع في أعمال المساحة. 

نَسَب [مفرد]: ج أنساب (لغير المصدر):
1 - مصدر نسَبَ.
2 - تتابع النّسل في أسرة، قرابة بالاشتراك في الأبوين أو أحدهما "شجرة/ سلسلة النسب: مخطط أو تخطيط بفرُوع تُظهر صلة الوراثة والقرابة- عريق/ كريم النسب: شريف الأصل- {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} " ° علماء الأنساب: المهتمّون بالقرابات وبتتابع الأنسال في الأسرة الواحدة أو العِرق الواحد- قدح في نسبه: عابه، طعن فيه- كتاب الأنساب: سجلّ تدوّن فيه أنسابُ سلالات الخيل أو البقر أو نحوهما- وضيع النسب: ذو مولد غير رفيع.
3 - (نح) إلحاق الاسم ياءً مشددة مكسورًا ما قبلها للدلالة على نسبته إلى المجرد منها "مصريّ- لبنانيّ". 

نِسْبَة [مفرد]: ج نِسْبات (لغير المصدر) ونِسَب (لغير المصدر):
1 - مصدر نسَبَ.
2 - مقدار "بلغت نسبةُ النجاح الثلثين".
3 - معدّل، كميّة "نسبة الوفيات/ المواليد تختلف في البلدان النامية عنها في البلدان المتقدِّمة- زادت نسبة توزيع المجلّة هذا العام".
4 - تماثل بين علاقات الأشياء أو الكميَّات "نسبة 2 إلى4 كنسبة 5إلى 10".
5 - (جب) نتيجة مقارنة كميّتين من نوع واحد بالأخرى ° بالنسبة إلى كذا: بالنَّظر إليه وإضافةً إليه وبالقياس عليه.
• النِّسبة المئويَّة: (جب) مقدار الشَّيء منسوبًا إلى مائة "بلغت نسبة التنمية 20".
• نسبة الذكاء: حاصل قسمة عمر الفرد العقليّ على عمره الزمنيّ مضروبًا في مائة.
• ثابت النِّسبة: مُتعلِّق بأسلوب أو شكل للوفاء بالدَّيْن عن طريق دُفعات متساوية على فترات مُتَّفق عليْها لفترة زمنيَّة مُحدَّدة. 

نِسْبَويّ [مفرد]: اسم منسوب إلى نِسْبَة: على غير قياس "حركة نسبويّة: حركة منسوبة إلى نظريّة النسبيَّة لأينشتاين". 

نِسْبيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى نِسْبَة: خاصّ بالنظريّة النسبيّة.
2 - مُقيَّد بغيره مرتبط به؛ عكسه مُطلَق "مشاركة/ ضريبة نسبيَّة- المعرفة البشريّة نسبيَّة- نسبيًّا لك الحقّ فيما تقول" ° الأكثريَّة النِّسبيَّة: العدد الأكبر من أصوات المقترعين، بدون بلوغ الأكثريّة المطلقة، أو زيادة أحد المرشحين في الأصوات بالنسبة إلى غيره ولكن بدون بلوغ الأكثريّة المطلقة- نسبيًّا: بالمقارنة، بالمقابلة.
3 - ما هو محدود وتقريبيّ "لا يزال يسود الحالة هدوء نسبيّ".
• التَّمثيل النِّسبيّ: (سة) محاولة توزيع المقاعد أو المناصب بالنِّسبة إلى القوى السِّياسيَّة المتنافسة في البرلمان أو في الحكومة أو في وظائف أخرى. 

نِسْبيَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى نِسْبَة.
2 - مصدر صناعيّ من نِسْبَة.
3 - (سف) مذهب يقول بأنّ المعرفة نسبيَّة غير مُطلقة.
• مبدأ النِّسبيَّة: (فز) القول بتكافؤ صيغ القوانين الفيزيقيَّة كيفما اختلفت حركات الراصدين لها أو كيفما اختلفت حركات المراجع التي تسند تلك القوانين إليها.
• النَّظريَّة النِّسبيَّة: (فز) النَّظريّة التي يتوصَّل فيها، على أساس مبدأ النِّسبيّة، إلى معرفة ما تقضي إليه من نتائج.
• رطوبة نسبيَّة: معدل كمِّيَّة الماء المتبخِّر في الهواء إلى
 الكمِّيَّة الأعْلى التي يمكن للهواء أن يحملها في الدرجة ذاتها ويعبَّر عنها بنسبة. 

نَسّاب [مفرد]:
1 - صيغة مبالغة من نسَبَ ونسَبَ بـ.
2 - عالم بالأنساب. 

نسَّابة [مفرد]: ج نسَّابات: نسَّاب؛ كثير العلم بالأنساب، والتاء للمبالغة. 

نسيب [مفرد]: ج أنْسِبَاءُ (لغير المصدر) ونُسَبَاءُ (لغير المصدر):
1 - مصدر نسَبَ بـ.
2 - صِهْر، قريب "رجل نسيب: شريف معروف نسبه- فلان نسيب فلان: قريبه أو صهره" ° حسيب نسيب: ذو حسب ونسب.
3 - (دب) رقيق الشّعر في النساء، والحديث عن المرأة والتعريض بهواها وحبّها، ولا يخلو منه شعر في الأدب العربيّ في القديم وفي الحديث، وقديمًا كان في مقدِّمات القصائد، وقد تكون القصيدة نسيبًا كلّها. 
نسب
النَّسَب والنِّسْبَة: اشتراك من جهة أحد الأبوين، وذلك ضربان:
نَسَبٌ بالطُّول كالاشتراك من الآباء والأبناء.
ونَسَبٌ بالعَرْض كالنِّسْبة بين بني الإِخْوة، وبني الأَعْمام. قال تعالى: فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً
[الفرقان/ 54] . وقيل: فلان نَسِيبُ فلان. أي: قريبه، وتُستعمَل النّسبةُ في مقدارَيْنِ مُتجانِسَيْنِ بَعْضَ التَّجَانُسِ يختصُّ كلّ واحد منهما بالآخر، ومنه: النَّسِيبُ، وهو الانْتِسَابُ في الشِّعْر إلى المرأة بذِكْر العشق، يقال: نَسَبَ الشاعر بالمرأة نَسَباً ونَسِيباً.
[نسب] النَسَبُ: واحد الأنساب. والنِسْبَةُ والنُسْبَةُ مثله . وانتسب إلى أبيه، أي اعترى. وتنسب، أي ادعى أنَّه نسيبُك. وفي المثل " القريبُ مَنْ تَقَرَّبَ لا مَنْ تَنَسَّبَ ". ورجلٌ نَسَّابَةٌ، أي عليمٌ بالأنْسابِ، الهاء للمبالغة في المدح، كأنما يريدون به داهية أو غاية ونهاية. وتقول: عندي ثلاثة نسابات وعلامات، تريد ثلاثة رجال، ثم جئت بنسابات نعتا لهم. وفلان يــناسب فلاناً فهو نسيبُه، أي قريبه. وتقول: ليس بينهما مــناسبــة، أي مشاكلة. ونَسَبْتُ الرجل أَنْسُبُهُ بالضم نِسْبَةً ونَسَباً، إذا ذكرتَ نسبه. ونسب الشاعر بالمرأة ينسب بالكسر نَسيباً، إذا شَبَّبَ بها. والنيسب: الذى تراه كالطريق من النمل نفسها، وهو فيعل. وقال :

عينا ترى الناس إليها نيسبا
ن س ب

له نسب في بني فلان، وتفاخروا بالأنساب، وفلان حسيب نسيب: ذو حسب ونسب. وهو نسيبي، وهم أنسبائي، وقد ناسبــوني. قال الشماخ:

فالحق بجلة ناسبــهم وكن معهم ... حتى يعيروك مجداً غير موطود

بجلة: من بني سليم. وقال الراعي:

شم الكواهل جنّحاً أعضادها ... صهباً تــناسب شدقماً وجديلاً

وقوم كرام المناصب والمــناسب، وهو ينسب إليهم وينتسب. ورجل نسّابة: علاّمة بالأنساب. وتنسّب إليّ: ادّعى أنه نسيبي. قال:

وإن القريب من تقرّب نفسه ... لعمر أبيك الخير لا من تنسّبا

ونسب بالمرأة ينسب بها نسيباً.

ومن المجاز: بين الشيئين مــناسبــة وتــناسب. ولا نسبة بينهما. وبينهما نسبة قريبة. وجلست إليه فنسبني فانتسبت له. وقال أبو وجزة:

ما زلن ينسبن وهناً كلّ صادقة

نسب

1 نَسَبَهُ, aor. ـُ (S, K,) inf. n. نَسْبٌ and نِسْبَةٌ; (S;) and aor. ـِ inf. n. نَسَبٌ and نِسْبَةٌ; (K, TA;) He mentioned his [i. e. another's] relationship, [lineage, or genealogy]; (S, K;) saying, He is such a one, the son of such a one; or He is of such a tribe, or city; or of such an art, or such a trade; and the like. (Lb. T.) b2: نَسَبَهُ, aor. ـُ inf. n. نَسْبٌ, He traced up his [i. e. another's] lineage to his greatest ancestor. (TA.) b3: نَسَبَهُ, [aor. ـُ He asked him to mention, or tell him, his relationship, [lineage, or genealogy]. (K.) b4: إِلَيْهِ ↓ جَلَسْتُ إِلَيْهِ فَنَسَبَنِى قَانْتَسَبْتُ (tropical:) [I sat by him, and he asked me to tell him my lineage; so I mentioned my lineage to him]. (A.) b5: لَهَا ↓ نَسَبَتْنَا فَانْتَسَبْنَا [She asked us to tell her our lineage; so we mentioned our lineage to her]. (IAar, from a trad.) b6: نَسَبَهُ الى فُلَانٍ He asserted him to be related to such a one: and he referred his lineage, or origin, to such a one. b7: He referred the origin or derivation of his name to such a one. b8: He attributed, or ascribed, it to such a one. See, for ex. صَدَّقَ and كَذَّبَ in the Msb. b9: نَسَبَهُ إِلَى كَذَا (tropical:) He referred its origin, or the origin or derivation of its name, to such a thing. b10: He attributed, or ascribed, it to such a thing. b11: ] نَسَبَهُ إِلَى فُلَانٍ He named him, or called him, in relation, or reference, to such a one; meaning an ancestor: and in like manner, in relation, or reference, to a tribe, a town or district, an art or trade, &c. See نِسْبَةٌ. b12: نَسَبَهُ إلَى كذَا (tropical:) He named it, or called it, in relation, or reference, to such a thing. b13: نَسَبَ إِلَيْهِ كَذَا, and, by inversion, نَسَبَهُ إِلَى

كَذَا, (see S and K, in art. جهل, &c.) (tropical:) He attributed or imputed to him, or charged him with, or accused him of, such a thing; namely, a fault &c. Both phrases are often used as signifying thus by classical writers, and in the present day.] b14: نَسَبَ بِالْمَرْأَةِ, (S, K,) aor. ـِ (S,) and نَسُبَ, (L,) inf. n. نَسِيبٌ (S, K) and نَسَبٌ and مَنْسَبَةٌ, (K,) i. q. شَبَّبَ بِهَا; q. v.; (S, K;) He mentioned the woman in an amatory manner, in the beginning [or prelude] of a poem: (TA, voce شبّب:) he mentioned the woman in amatory language, in the beginning of a قَصِيدَة, and then turned to the object of praise: [for it is a general rule to commence a قصيدة in praise of a king, or hero, or the like, with نسيب; the transition from this is termed التَّخَلُّصُ: see also اِقْتَضَبَ:] (IKh:) he mentioned the woman in his poem, describing her as characterized by beauty and youth &c.: (Lb:) or describing her as characterized by good qualities, whether truly or falsely. (Z.) This phrase and نَسَبَ الرَّجُلَ both signify description; the latter signifying “ he described the man with relation to his father, or his city or country, or the like; ” and the former phrase, he described the woman as characterized by beauty and youth and love or affection &c. (IDrst.) نَسِيبٌ is also employed to signify the describing of the places where the objects of love have taken up their abode in the season of the رَبِيع and at other times, and the lover's longing to meet them and be united with them, and what else is comprised in the signification of the words تَشْبِيبٌ and غَزَلٌ. (MF.) [See غَزِلَ, and غَزَلٌ.]3 ناسبــهُ He shared with him in relationship. (TA.) b2: فُلَانٌ يُــنَاسِبُ فُلَانًا Such a one is related to, or a relation of, such a one. (S.) b3: ناسبــه, inf. n. مُــنَاسَبَــةٌ, (tropical:) He, or it, bore relation to, resembled, was similar to, conformable to, analogous to, correspondent to, suitable to, befitted, him or it. (S, K, Msb.) See also نِسْبَةٌ.4 انسبتِ الرِّيحُ The wind was violent, and drove along the dust and pebbles: (K:) [as also انشبت].5 تنسّب He asserted himself to be a relation, or kinsman, or to be related, [إِلَيْكَ] to thee. Hence the proverb, القَرِيبُ مَنْ تَقَرَّبَ لَا مَنْ تَنَسَّبَ: (S, K:) i. e. He is [indeed] an ally who allies himself by affection and friendship: not he who asserts himself to be a kinsman. (TA.) 6 تــناسبــوا (tropical:) They were mutually, or reciprocally, related; resembled one another; were similar, conformable, analogous, correspondent, or suitable, one to another; befitted one another. (TA.) See also نِسْبَةٌ. b2: [And تــناسب It was suitable in its parts, proportionate, symmetrical, or uniform.]8 إِنْتَسَبَ See 10 and 1. b2: انتسب إِلَى أَبِيهِ He asserted his relationship to his father, whether truly or falsely; (S;) [saying, I am the son of such a one: as was generally done by a champion when he sallied forth to challenge]. b3: انتسب إِلَيْهِ It (a voice) was attributed, or ascribed, to him. (TA, art. غنث.) 10 استنسب (K) and ↓ انتسب (TA) He mentioned his [i. e. his own] relationship, [lineage, or genealogy]. (K.) One says to a man, in asking him respecting his relationship, &c., إِسْتَنْسِبْ لَنَا أَىْ إِنْتَسِبْ لَنَا حَتَّى نَعْرِفَكَ [Mention thy relationship, or lineage, to us, that we may know thee]. (Az.) Q. Q. 1 نَيْسَبَ بَيْنَهُمَا, inf. n. نَيْسَبَةٌ, He went to and fro between them two with malicious and mischievous misrepresentations, calumnies, or slanders, &c. (L, K.) نَسْبٌ: see نَسَبٌ.

نَسَبٌ and ↓ نِسْبَهٌ and ↓ نُسْيَةٌ (S, K) Relationship; relation; kindred; consanguinity; [family; race; lineage; parentage; pedigree; genealogy; origin; reputed relationship or lineage or origin;] (K;) with respect to father and mother; (ISk;) or with respect to fathers only: (K:) pl. of the first, أَنْسَابٌ; (S;) of the ↓ second, نِسَبٌ; and of the ↓ third, نُسَبٌ. (Msb.) The first, by poetical license, is contracted into ↓ نَسْبٌ. (T.) [You say,] بَيْنَهُمَا نَسَبٌ Between them is relationship; said whether they may lawfully marry one another, or not. (Msb.) See نَسِيبٌ.

نِسْبَةٌ (tropical:) Relation; proportion; comparison; with respect to quantity, or measure, and the like. See نَسَبٌ. b2: بِنِسْبَةِ كَذَا In proportion to such a thing. b3: نِسْبَةُ العَشَرَةِ إِلَى المِائَةِ The proportion of ten to a hundred is [that of a tenth]. (Msb.) b4: [You also say بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَذَا In relation to, or in comparison with, such a thing.] b5: نِسْبَةٌ A name of relation to a father, mother, tribe, town or district, art or trade, &c.: [as عَلَوِىٌّ, فَاطِمِىٌّ, قُرَشِىٌّ, مَكِّىٌّ, جَوْهَرِىٌّ:] ending with ىّ. A more general name of this kind should precede a more particular one: thus you say القُرَشِىُّ الهَاشِمِىُّ: and it is better that a name of relation to a tribe should precede one of relation to a town or the like: thus you say القُرَشِىُّ المَكِّىُّ. It is said that the Arabs originally called themselves by such names only in relation to tribes; and that, when they took up their abodes in cultivated lands and in cities, they borrowed names of relation to towns and the like from the Persians and Copts. (Msb.) b6: نِسْبَةٌ (TA) and ↓ مُــنَاسَبَــةٌ (S, K) and ↓ تَــنَاسُبٌ (TA) (tropical:) Resemblance; similarity; conformity; analogy; correspondence; suitableness; fitness. (S, K, TA.) Ex. بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ نسبةٌ, and ↓ مــناسبــةٌ, and ↓ تــناسبٌ, Between the two things is a resemblance, &c. بَيْنَهُمَا نسبةٌ قَرِيبَةٌ. Between them two is a near resemblance, &c. (TA.) [نِسْبَةٌ حُكْمِيَّةٌ The relation of a predicate to its subject (in books on logic).]

نُسْبَةٌ: see نَسَبٌ.

نَسِيبٌ i. q. ↓ مُــنَاسِبٌ, [A sharer in relationship; one who becomes a sharer in relationship by marriage]: (K:) pl. نُسَبَاءُ and أَنْسِبَاءُ.) (TA.) b2: نَسِيبٌ (S, K) and ↓ مَنْسُوبٌ (K) One related; a relation; a kinsman. (S, K, TA.) You say فُلَانٌ نَسِيبِى [Such a one is my relation]: and هُمْ أَنْسِبَائِى [They are my relations]. (TA.) ↓ نَسَبٌ, also, is used for ذُو نَسَبٍ [A relation, or kinsman]; and means a male, or female, relation; (Jel, xxv. 56;) and for ذَوُو نَسَبٍ [relations, or kinsmen]. (Bd, ibid.) [See also صِهْرٌ.] b3: نَسِيبٌ and ↓ مَنْسُوبٌ A man of rank, or quality, or the like, and of family, or lineage. (TA.) b4: ↓ نَسِيبٌ نَاسبٌ [An elegant amatory mentioning of a woman, or of women, in the beginning of a poem] is a phrase like شَعْرٌ شَاعِرٌ. (K.) See أَنْسَبُ.

نَسَّابٌ (K) and ↓ نَسَّابَةٌ (S, K.) Skilful in genealogy: (K:) [or rather, the former signifies very skilful in genealogies; or a great genealogist:] the latter, possessing the utmost knowledge in genealogies; or a most skilful genealogist: [this being of a doubly intensive form;] the ة being annexed to render the epithet one of excessive praise: (S:) pl. of the former نَسَّابُونَ, and of the latter نَسَّابَاتٌ: (TA:) you say عِنْدِى ثَلَاثَةُ نسّاباتٍ, meaning ثلاثة رِجَالٍ نسّاباتٍ. (S.) نَسَّابَةٌ: see نَسَّابٌ.

نَاسِبٌ: see نَسِيبٌ.

نَيْسَبٌ A straight, or direct, and conspicuous, or open, road, or way: (K:) or narrow road, or way: (TA:) as also ↓ نَيْسَبَانٌ: (K:) some say نَيْسَمٌ, which is a dial. form: (TA:) or نيسب signifies the traces of a road, or way. (K.) b2: Also نَيْسَبٌ Ants that appear like a road; (S;) ants following one another uninterruptedly. (K.) Dukeyn Ibn-Rejà says, عَيْنًا تَرَى النَّاسَ إِلَيْهَا نَيْسَبَا [A source to which thou seest the people (repairing like) ants proceeding in uninterrupted succession]. (S.) b3: Also, the track of ants, (ISd, K,) and of a serpent, and of wild asses going to their watering-places. (TA.) نَيْسَبَانٌ: see نَيْسَبٌ.

هٰذَا الشِّعْرُ أَنْسَبُ This poetry is more, or most. elegant in what is termed نَسِيب. see 2: (K:) as though they had said نَسِيبٌ نَاسِبٌ, like شِعْرٌ شَاعِرٌ, to give intensiveness to the signification, and thence formed the word أَنْسَبُ. (TA.) خَطٌّ مَنْسُوبٌ [A] regular [hand-writing]: syn. ذُو قَاعِدَةٍ: (TA:) [properly, named in relation to its author &c.] b2: شِعْرٌ مَنْسُوبٌ Poetry, or a poem, in which is نَسِيب, [or an amatory mention of a woman, or women, in its beginning]: pl. مَنَاسِيبُ. (K.) See نَسِيبٌ.

مُــنَاسِبٌ: see نَسِيبٌ.

مُــنَاسَبَــةٌ and تَــنَاسُبٌ: see نِسْبَةٌ.

الفاصلة

الفاصلة
انظر: رؤوس الآي.
(الفاصلة) خرزة خَاصَّة تفصل بَين الخرزتين فِي العقد وَنَحْوه والعلامة فِي حِسَاب الكسور العشرية تكْتب بَين الْكسر وَالْعدَد والفاصلة (فِي علم الْعرُوض) ثَلَاثَة أحرف متحركة يَليهَا حرف سَاكن مثل كتبت وَهِي الصُّغْرَى وَأَرْبَعَة أحرف متحركة يَليهَا حرف سَاكن مثل سمعهم وَهِي الْكُبْرَى (ج) فواصل
الفاصلة:
[في الانكليزية] End of a verse of Koran ،end of a rhyme ،three or four consonants
[ في الفرنسية] Fin d'un verset du Coran ،fin d'un bout rime ،trois ou quatre consonnes
هي عند أهل العربية تطلق بالاشتراك على معان. منها ما يسمّى فاصلة صغرى، وهي كلمة رباعية أي مشتملة على أربعة أحرف، يكون جميع حروفها متحرّكا إلّا الأخير نحو حبل بالتنوين. ومنها ما يسمّى فاصلة كبرى، وهي كلمة خماسية أي مشتملة على خمسة أحرف، يكون جميع حروفها متحرّكا إلّا الأخير نحو سمكة بالتنوين، وهذان المعنيان من مصطلحات أهل العروض والتنوين عندهم حرف معتبر جزء من الكلمة السابقة. وقد أورد في عروض سيفي: الأكثرون على أنّ الفاصلة من الأصول.
الفاصلة
نعنى بها تلك الكلمة التى تختم بها الآية من القرآن، ولعلها مأخوذة من قوله سبحانه: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (فصلت 3). وربما سميت بذلك؛ لأن بها يتم بيان المعنى، ويزداد وضوحه جلاء وقوة، وهذا لأن التفصيل فيه توضيح وجلاء وبيان، قال تعالى: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ (فصلت 44).
فمكانة الفاصلة من الآية مكانة القافية من البيت، إذ تصبح الآية لبنة متميزة فى بناء هيكل السورة. وتنزل الفاصلة من آيتها، تكمل من معناها، ويتم بها النغم الموسيقى للآية، فنراها أكثر ما تنتهى بالنون والميم وحروف المد، وتلك هى الحروف الطبيعية فى الموسيقى نفسها، قال سيبويه: إن العرب إذا ترنموا يلحقون الألف والياء والنون، لأنهم أرادوا مد الصوت، ويتركون ذلك إذا لم يترنموا.
وتأتى الفاصلة في القرآن مستقرة في قرارها، مطمئنة في موضعها، غير نافرة ولا قلقة، يتعلق معناها بمعنى الآية كلها، تعلقا تاما، بحيث لو طرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم، فهى تؤدى في مكانها جزءا من معنى الآية، ينقص ويختل بنقصانها، وهاك قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (البقرة 2 - 7). ترى الآية قد كمل معناها بالفاصلة، وأن الفاصلة قامت بأداء نصيبها منه.
وقد يشتد تمكن الفاصلة في مكانها، حتى لتوحى الآيات بها، قبل نطقها، كما روى عن زيد بن ثابت أنه قال: أملى على رسول الله صلّى الله عليه وسلم هذه الآية: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً (المؤمنون 13، 14). وهنا قال معاذ بن جبل: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ، فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال له معاذ: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: بها ختمت - وحتى ليأبى قبولها، والاطمئنان إليها، من له ذوق سليم، إذا غيرت وأبدل بها سواها، كما حكى أن أعرابيّا سمع قارئا يقرأ: «فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم»، ولم يكن يقرأ القرآن، فقال: إن كان هذا كلام الله فلا، الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل؛ لأنه إغراء عليه ، والآية إنما ختمت بقوله تعالى: فَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
، وسواء أصح ذلك أم لم يصح، فإنا نشعر هنا بما بين الفاصلة والآية، من ارتباط لا ينفصم.
خذ مثلا تلك الآيات التى تنتهى بوصفه سبحانه بالحكمة، تجد فيها ما يــناسب تلك الحكمة ويرتبط بها، واقرأ قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة 220). ألا ترى المقام وهو مقام تشريع وتحذير يستدعى عزة المحذر، وحكمة المشرع. وقوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (البقرة 31، 32). فالمقام هنا مقام للتعليم، ووضع هذا التعليم في موضع دون سواه، فــناسب ذلك وصفه تعالى بالعلم والحكمة. وقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). فالتفرد بالألوهية، والتصرف المطلق في اختيار ما يشاء، ثم تصوير الجنين على صورة خاصة، كل ذلك يــناسب وصفه تعالى بالعزة والحكمة. وقوله تعالى: بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (آل عمران: 125، 126). فإمداد المؤمنين بالملائكة لتطمئن قلوبهم من نعم حكيم، يمهد للمسببات بأسبابها، والنصر لا يكون إلا من عزيز يهبه لمن يشاء. وقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (الأنفال: 70، 71). فهو عليم بخيانتهم، حكيم في التمكين منهم.
وربما احتاج الأمر إلى إمعان وتدبر، لمعرفة سر اختتام الآية بهذا الوصف، ويبدو أن ختمها بسواه أولى، ومن ذلك قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (المائدة 118). فقد يبدو بادئ ذى بدء أن قوله: وإن تغفر لهم، يحتم أن تكون الفاصلة الغفور الرحيم، ولكن تأملا هادئا يهدى إلى أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد، يرد عليه حكمه، فهو عزيز غالب، وحكيم يضع الشيء في موضعه، وقد يخفى وجه الحكمة على الناس فيما يفعل، فيتوهم أنه خارج عن الحكمة، وليس كذلك، فكان الوصف بالحكيم احتراسا حسنا، أى وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب، فلا اعتراض لأحد عليك فى ذلك، والحكمة فيما فعلته، ونظير ذلك قوله تعالى في سورة التوبة: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (التوبة 71). وفي سورة الممتحنة: وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الممتحنة 5). وفي سورة غافر: رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (غافر 8). وفي سورة النور: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (النور 10). فقد يكون من المــناسب في بادئ الرأى أن يوصف سبحانه هنا بتواب رحيم؛ لأن الرحمة مــناسبــة للتوبة، لكن التعبير بالحكمة هنا، إشارة إلى حكمته سبحانه في مشروعية اللعان، الذى سن أحكامه، فى هذه السورة .
وخذ الآيات التى تنتهى بوصفه تعالى بالعلم، أو بالقدرة، أو بالحلم، أو بالغفران، تجد المــناسبــة في ذلك الختم واضحة جلية، واقرأ قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة 115). فهو يعلم بما يجرى في المشرق والمغرب، وقوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة 127). السميع لنجوانا، والعليم بما تضمره أفئدتنا من الإخلاص لك، وقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ (البقرة 180، 181). فهو سميع بما تم من وصية وعليم بمن يبدلها. وقوله تعالى: وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النحل 77). فالمجيء بالساعة في مثل لمح البصر أو أقرب، يستدعى القدرة الفائقة، وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الحج 6). فإحياء الموتى يحتاج كذلك إلى قدرة خارقة، وقوله تعالى: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ- لا ريب- يقدر على كلّ شىء.
وربما خفى الأمر في الختم بأحد هذين الوصفين، كما في قوله تعالى في سورة البقرة: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (البقرة 29). وفي آل عمران: قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران 29). فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة، وفي آية آل عمران الختم بالعلم، ولكن لما كانت آية البقرة عن خلق الأرض وما فيها، على حسب مصلحة أهلها ومنافعهم، وخلق السموات خلقا مستويا محكما من غير تفاوت، والخالق على هذا النسق يجب أن يكون عالما بما فعله، كليّا وجزئيّا، مجملا ومفصلا، ناسب ذلك ختمها بصفة العلم، ولما كانت آية آل عمران مسوقة للوعيد، وكان التعبير بالعلم فيها، يراد به الجزاء بالعقاب والثواب، ناسب ختمها بصفة القدرة القادرة على هذا الجزاء .
واقرأ قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (البقرة 225). تجد مــناسبــة الغفران والحلم لعدم المؤاخذة على اللغو في الإيمان، واضحة قوية. وقوله تعالى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (البقرة 263). فالله غنى عن هذه الصدقة المتبوعة بالأذى، وحليم لا يعجل العقوبة، فربما ارتدع هذا المتصدق المؤذى. وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (البقرة 155). فالعفو عن هؤلاء الذين استزلهم الشيطان، يــناسبــه وصف الله بالغفور الحليم أتم مــناسبــة، وقد يخفى وجه الوصف بذلك في بعض الآيات، كما في قوله سبحانه: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (الإسراء 44). فختم الآية بالحلم والمغفرة عقب تسبيح الأشياء غير ظاهر في بادئ الرأى، ولكن لما كان كل شىء في السموات والأرض يسبح بحمد الله، ويشير إليه، ويدل عليه، كان من الغفلة التى تستحق العقوبة ألا نفقه دلالة هذه المخلوقات على الخالق، فــناسب ذلك وصفه بالحلم والغفران، حين لم يعاجل هؤلاء الغافلين بالعقاب.
واقرأ قوله سبحانه: قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (هود 87). وصفوه بالحلم أى العقل، الذى لا يتــناسب في زعمهم مع دعوته إياهم إلى ترك عبادة ما كان آباؤهم يعبدون، ووصفوه بالرشد الذى يتنافى في زعمهم كذلك، مع دعوته إياهم إلى ترك تصرفهم فى أموالهم، كما كانوا يتصرفون، فقد ناسبــت الفاصلة معنى الآية كما رأيت.
وقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (السجدة 26، 27). ختمت الآية الأولى ب يَسْمَعُونَ، لأن الموعظة فيها مسموعة، وهى أخبار من قبلهم من القرون، وختمت الثانية ب يُبْصِرُونَ؛ لأن الموعظة فيها مرئية من سوق الماء إلى الأرض الجرز، وإخراج الزرع وأكل النبات .
وقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الأنعام 103).
ختمت الآية باللطيف، وهو يــناسب ما لا يدرك بالبصر، وبالخبير، وهو يــناسب ما يدرك الأبصار .
وقد تجتمع فواصل متنوعة، بعد ما يكاد يتشابه، لحكمة في هذا التنوع، ومن ذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (النحل 10 - 12).
ختمت آية ب يَتَفَكَّرُونَ، لما أن الاستدلال بإنبات الزرع، والثمر، على وجود الله وقدرته، يحتاج إلى فضل تأمل، يرشد إلى أن حدوث هذه الأنواع، يحتاج إلى إله قادر، يحدثه، فــناسب ذلك ختم الآية بما ختمت به، وانتهت الثانية ب يَعْقِلُونَ، لما أن تسخير الليل والنهار لخدمة الإنسان، فيرتاح ليلا ويعمل نهارا، وتسخير الشمس، والقمر، والنجوم، فتشرق وتغرب في دقة ونظام تامين، يحتاج إلى عقل يهدى إلى أن ذلك لا بدّ أن يكون بيد خالق مدبر، فختمت الآية ب يَعْقِلُونَ، وختمت الآية الأخيرة ب يَذْكُرُونَ؛ لأن الموقف فيها يستدعى تذكر ألوان مختلفة بثها الله في الأرض، للموازنة بين أنواعها، بل الموازنة بين أصناف نوع منها، فلا يلهيهم صنف عن سواه، ولا يشغلهم نوع عن غيره، وهذه الموازنة تفضى إلى الإيمان بقدرة الله، خالق هذه الأنواع المختلفة المتباينة.
ومن ذلك قوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (الأنعام 151 - 153).
قال صاحب الإتقان : فإن الأولى ختمت بقوله لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، والثانية بقوله لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، والثالثة بقوله لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، لأن الوصايا التى في الآية الأولى، إنما يحمل على تركها عدم العقل، الغالب على الهوى؛ لأن الإشراك لعدم استكمال العقل، الدال على توحيده، وعظمته، وكذلك عقوق الوالدين لا يقتضيه العقل، لسبق إحسانهما، إلى الولد بكل طريق، وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق، مع وجود الرازق الحى الكريم، وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل، وكذا قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل، فحسن بعد ذلك يعقلون. وأما الثانية فتعلقها بالحقوق المالية، والقولية، فإن من علم أن له أيتاما، قد يخلفه عليهم غيره من بعده، لا يليق به أن يعامل أيتام غيره، إلا بما يحب أن يعامل به أيتامه، ومن يكيل، أو يزين، أو يشهد لغيره، لو كان ذلك الأمر له، لم يحب أن يكون فيه خيانة، وكذا من وعد لو وعد، لم يحب أن يخلف، ومن أحب ذلك عامل الناس به ليعاملوه بمثله، فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبره وتأمله، فلذلك ناسب الختم بقوله: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وأما الثالثة فلأن ترك اتباع شرائع الله الدينية مؤد إلى غضبه، وإلى عقابه، فحسن: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أى عقاب الله.
ومن ذلك قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 97 - 99). ختمت الآية الأولى بالعلم، لأن الاهتداء بالنجوم في ظلمات البر والبحر مما يختص به العلماء، فكان إدراك هذا الفضل آية يستدلون بها على وجود الله وقدرته، وختمت الآية الثانية بالفقه؛ لأن إدراك إنشاء الخلائق من نفس واحدة، وتنقلهم في الأصلاب والأرحام، مما يحتاج إلى تدبر وتفكر، ناسبــه ختم الآية بيفقهون، إذ الفقه فهم الأشياء الدقيقة، وتحدثت الآية الثالثة عن النعم التى أنعم الله بها على عباده: من إخراج النبات والثمار، وألوان الفواكه، فــناسب ختمها بالإيمان، الداعى إلى شكره تعالى على نعمه.
ومن ذلك قوله تعالى: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (الحاقة 41، 42). فختم الأولى ب (تؤمنون)؛ لأن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة، فمن قال إنه شعر كان كافرا ومعاندا عنادا محضا، فكان من المــناسب ختمه بقوله: قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ؛ أما مخالفة القرآن لنظم الكهان فمما يحتاج إلى تدبر وروية، لأن كلا منها نثر، فليست مخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفة الشعر، ولكنها تظهر بتدبر ما في القرآن من بلاغة رائعة ومعان أنيقة، فحسن لذلك ختمه بقوله: قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ .
ومما يجمل إيراده هنا أن تختلف الفاصلتان في موضعين، والمتحدث عنه واحد فيهما، وذلك كقوله تعالى في سورة إبراهيم: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 34). وقوله تعالى في سورة النحل: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (النحل 17، 18).
والمتأمل يجد سر هذا الاختلاف، أن القرآن راعى مرة موقف الإنسان من نعم الله، فهو ظلوم كفار، وأخرى مقابلة الله سبحانه نكران الجميل والظلم والكفر بالنعم، بالغفران والرحمة، وكان ختام الآية الأولى بما ختمت به، لأنها كانت في معرض صلة الإنسان بالله، وكانت الثانية في معرض الحديث عن الله، فــناسب ختم الآية بذكر صفاته.
ونظير ذلك قوله سبحانه في سورة الجاثية: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (الجاثية 14، 15). كررت هذه الآية في سورة فصلت، وختمت بفاصلة أخرى، إذ قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 46). ولعل سر ذلك أن الآية الأولى جاء قبلها حديث عن منكرى البعث، فــناسب ختم الآية بالحديث عنه، أما الآية الثانية فــناسب ختمها معناها: من جزاء كل بما يستحق؛ ونظير هذا أيضا قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48). وقال مرة أخرى في السورة نفسها: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً (النساء 116). ونستطيع أن نلتمس سر هذا الاختلاف في أن الآية الأولى وردت في حديث عن اليهود الذين افتروا على الله الكذب، مما ناسب أن تختم الآية بالافتراء، الذى اعتاده اليهود، وهم أهل الكتاب. أما الآية الثانية فقد وردت في حديث عن المشركين، وهم في إشراكهم لا يفترون، ولكنهم ضالون ضلالا بعيدا.
وقد تكون المخالفة لتعديد الأوصاف وإثباتها، حتى تستقر في النفس، كما فى قوله سبحانه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة 44). فقد كررها قائلا: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (المائدة 45). وقال مرة ثالثة: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (المائدة 47). يريد أن يبين أن من لم يحكم بما أنزل الله ساتر لما أنزله الله، ظالم لنفسه، فاسق بهذا الستر.
وقد يتشابه المقامان في الهدف والغاية فتتحد الفاصلة فيهما كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (النور 58، 59). فالآيتان فى الاستئذان، وقد ختمتا بفاصلة متحدة. واتحدت الفاصلة في قوله سبحانه:
بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (البقرة 81، 82).
للموازنة بين خلودين، أحدهما في الجنة، والآخر في السعير.
وقد تحدث العلماء عما يكون في الآية مما يشير إلى الفاصلة، ويسمون ذلك تصديرا وتوشيحا، أما التصدير فأن تكون اللفظة قد تقدمت مادتها في الآية، ودعوه رد العجز على الصدر، ومثلوا له بقوله تعالى: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (النساء 166). وقوله تعالى: هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (آل عمران 8). وقوله تعالى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (الأنعام 10). وقوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (الإسراء 21). وقوله تعالى: قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (طه 61). وقوله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (نوح 10).
وفي ذلك وشبهه ما يدل على التحام الفاصلة بالآية التحاما تاما، يستقر في النفس وتتقبله أعظم قبول. وحينا يظن أن الآية تهيئ لفاصلة بعينها، ولكن القرآن يأتى بغيرها، إيثارا لما هو ألصق بالمعنى، وأشد وفاء بالمراد.
ومن ذلك قوله سبحانه: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (البقرة 67). فربما وقع في النفس أن الفاصلة ترتبط بالاستهزاء، وتتصل به، ولكنها جاءت تبرءوا من الجهل. وفي ذلك إشارة إلى أن الاستهزاء بالناس جهل وسفه، لا يليق أن يصدر من عاقل ذى خلق.
أما ما سموه توشيحا، فهو أن يكون معنى الآية مشيرا إلى هذه الفاصلة، ومثلوا له بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (آل عمران 33). فإن الاصطفاء يكون من الجنس، وجنس هؤلاء المصطفين، هو العالمون، وبقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (يس 37).
هذه الفواصل لها قيمتها في إتمام المعنى، وهى مرتبطة- كما رأينا- بآياتها تمام الارتباط، ولها أثرها الموسيقى في نظم الكلام، ولهذه الموسيقية أثرها في النفس، وأسلوب القرآن فيه هذه الموسيقى المؤثرة، ومن أجلها حدث في نظم الآىما يجعل هذه المــناسبــة أمرا مرعيّا، وتجد بعض ذلك في كتاب الإتقان ، ومن ذلك إيثار أغرب اللفظين نحو قِسْمَةٌ ضِيزى وقد أحسن ابن الأثير توجيه هذه اللفظة إذ قال : «إنها في موضعها لا يسد غيرها مسدها؛ ألا ترى أن السورة كلها- التى هى سورة النجم- مجموعة على حرف الياء فقال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (النجم 1، 2). وكذلك إلى آخر السورة. فلما ذكر الأصنام وقسمة الأولاد، وما كان يزعمه الكفار، قال: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (النجم 21، 22). فجاءت اللفظة على الحرف المسجوع الذى جاءت السورة جميعها عليه، وغيرها لا يسد مسدها في مكانها.
وإذا نزلنا معك أيها المعاند على ما تريد قلنا: إن غير هذه اللفظة أحسن منها، ولكنها في هذا الموضع لا ترد ملائمة لأخواتها، ولا مــناسبــة؛ لأنها تكون خارجة عن حروف السورة، وسأبين ذلك فأقول: إذا جئنا بلفظة في معنى هذه اللفظة، قلنا: (قسمة جائرة أو ظالمة) ولا شك أن (جائرة، أو ظالمة) أحسن من ضِيزى، إلا أنا إذا نظمنا الكلام، فقلنا: «ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذا قسمة جائرة، لم يكن النظم كالنظم الأول، وصار الكلام كالشيء المعوز، الذى يحتاج إلى تمام، وهذا لا يخفى على من له ذوق ومعرفة بنظم الكلام»، هذا وإن غرابة هذه اللفظة من أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة.
وقد يشتد التقارب الموسيقى في الفواصل، حتى تتحد الفاصلتان في الوزن والقافية، كما في قوله تعالى: فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (الغاشية 13، 14). وقوله: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (الغاشية 25، 26).
وقوله: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (الانفطار 13، 14). وقد تختلفان فى الوزن، ولكنهما تتقاربان في حروف السجع، كقوله تعالى: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (نوح 13، 14). وقد تتساوى الفاصلتان في الوزن دون التقفية، كقوله تعالى: وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (الغاشية 15، 16).
وقوله: وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ . (الصافات 117، 118).
وقد تختلفان وزنا وقافية، ولكنهما تتقاربان، كقوله تعالى: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (الفاتحة 3، 4). وقوله: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ
جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ
(ق 1، 2).
ويسمى العلماء الفواصل المتفقة في الحرف الأخير متماثلة، وما عداها متقاربة، ولا تخرج الفواصل عن هذين النوعين أبدا، وقد تنتهى السورة بفاصلة منفردة تكون كالمقطع الأخير، كقوله تعالى في ختام سورة الضحى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى 9 - 11).
وقد تتفق الفاصلتان لا في الحرف الأخير فحسب، ولكن في حرف قبله، أو أكثر، من غير أن يكون في ذلك كلفة ولا قلق، بل سلاسة ولين وجمال، مثال التزام حرف قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (الشرح 1 - 4). وقوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (الضحى 9، 10). وقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ (التكوير 15، 16). وقوله تعالى: وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (الانشقاق 17، 18).
ومثال ما اتفقا في حرفين، قوله تعالى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (الطور 1، 2).
وقوله تعالى ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (القلم 2، 3). وقوله تعالى كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ . (القيامة 26 - 28).
ومثال التزام ثلاثة أحرف قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (الأعراف 201، 202).
وأنت ترى في كل ما التزم فيه حرف أو أكثر أنه طبيعى لا تكلف فيه.
هذا وإذا كانت الفاصلة في الآية كالقافية في الشعر، فقد رأينا فيما سبق بعض ما تختلف فيه الفاصلة عن القافية، حينما تتقارب الفواصل ولا تتماثل، كما أنه من المعيب في الشعر أن تتكرر القافية قبل سبعة أبيات، وليس ذلك بعيب في الفاصلة. قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (مريم 88 - 91).

الاشتقاق

الاشتقاق: نزع لفظ من آخر بشرط مــناسبــتها معنى وتركيبا ومغايرتهما صيغة.
الاشتقاق:
[في الانكليزية] Derivation
[ في الفرنسية] Derivation
عند أهل العربية يحدّ تارة باعتبار العلم، كما قال الميداني: هو أن تجد بين اللفظين تــناسبــا في أصل المعنى والتركيب، فتردّ أحدهما إلى الآخر؛ فالمردود مشتق والمردود إليه مشتق منه. وتارة باعتبار العمل كما يقال: هو أن تأخذ من اللفظ ما يــناسبــه في التركيب فتجعله دالا على معنى يــناسب معناه؛ فالمأخوذ مشتق والمأخوذ منه مشتق منه، كذا في التلويح في التقسيم الأول. مثلا الضارب يــناسب الضرب في الحروف والمعنى، وقد أخذ منه بناء على أن الواضع لما وجد في المعاني ما هو أصل تتفرع منه معان كثيرة بانضمام زيادات إليه عيّن بإزائه حروفا وفرّع منها ألفاظا كثيرة بإزاء المعاني المتفرعة على ما تقتضيه رعاية المــناسبــة بين الألفاظ والمعاني، فالاشتقاق هو هذا الأخذ والتفريع، لا المــناسبــة المذكورة، وإن كانت ملازمة له فالاشتقاق عمل مخصوص، فإن اعتبرناه من حيث أنّه صادر عن الواضع احتجنا إلى العلم به لا إلى عمله، فاحتجنا إلى تحديده بحسب العلم كما قال الميداني، والحاصل منه العلم بالاشتقاق، فكأنّه قيل: العلم بالاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين تــناسبــا في أصل المعنى والتركيب فتعرف ارتداد أحدهما إلى الآخر وأخذه منه، وإن اعتبرناه من حيث أنه يحتاج أخذنا إلى عمله عرّفناه باعتبار العمل، فنقول هو أن تأخذ الخ هذا حاصل ما حققه السيّد الشريف في حاشية العضدي في المبادئ اللغوية.
اعلم أنّه لا بدّ في المشتق اسما كان أو فعلا من أمور: أحدها أن يكون له أصل، فإنّ المشتق فرع مأخوذ من لفظ آخر، ولو كان أصلا في الوضع غير مأخوذ من غيره لم يكن مشتقا. وثانيها أن يــناسب المشتق الأصل في الحروف إذ الأصالة والفرعية باعتبار الأخذ لا تتحققان بدون التــناسب بينهما والمعتبر المــناسبــة في جميع الحروف الأصلية، فإنّ الاستسباق من السبق مثلا يــناسب الاستعجال من العجل في حروفه الزائدة والمعنى، وليس بمشتق منه بل من السبق. وثالثها المــناسبــة في المعنى سواء لم يتفقا فيه أو اتفقا فيه، وذلك الاتفاق بأن يكون في المشتق معنى الأصل إمّا مع زيادة كالضرب فإنه للحدث المخصوص، والضارب فإنه لذات ما له ذلك الحدث، وإمّا بدون زيادة سواء كان هناك نقصان كما في اشتقاق الضرب من ضرب على مذهب الكوفيين أو لا، بل يتحدان في المعنى كالمقتل مصدر من القتل، والبعض يمنع نقصان أصل المعنى في المشتق وهذا هو المذهب الصحيح. وقال البعض لا بدّ في التــناسب من التغاير من وجه فلا يجعل المقتل مصدرا مشتقا من القتل لعدم التغاير بين المعنيين. وتعريف الاشتقاق يمكن حمله على جميع هذه المذاهب.
التقسيم
الاشتقاق أي مطلقا إن جعل مشتركا معنويا أو ما يسمّى به إن جعل مشتركا لفظيا ثلاثة أقسام، لأنه إن اعتبرت فيه الموافقة في الحروف الأصول مع الترتيب بينها يسمّى بالاشتقاق الأصغر، وإن اعتبرت فيه الموافقة فيها بدون الترتيب يسمّى بالاشتقاق الصغير، وإن اعتبرت فيه المــناسبــة في الحروف الأصول في النوعية أو المخرج للقطع بعدم الاشتقاق في مثل: الحبس مع المنع والقعود مع الجلوس يسمّى بالأكبر. مثال الأصغر الضارب والضرب، ومثال الصغير كنى وناك، ومثال الأكبر ثلم وثلب، فالمعتبر في الأصغر الترتيب، وفي الصغير عدم الترتيب، وفي الأكبر عدم الموافقة في جميع الحروف الأصول، بل المــناسبــة فيها، فتكون الثلاثة أقساما متباينة. وأيضا المعتبر في الأصغر موافقة المشتق للأصل في معناه وفي الصغير والأكبر مــناسبــة فيه بأن يكون المعنيان متــناسبــين في الجملة، هكذا ذكر صاحب مختصر الأصول. والمشهور تسمية الأول بالصغير والثاني بالكبير والثالث بالأكبر: والاشتقاق عند الاطلاق يراد به الأصغر. وتعريف الاشتقاق المذكور سابقا كما يمكن أن يكون تعريفا لمطلق الاشتقاق كما هو الظاهر، لكون المــناسبــة أعمّ من الموافقة كذلك يمكن حمله على تعريف الاشتقاق الأصغر بأن يراد بالتــناسب التوافق.
وفي تعريفات الجرجاني والاشتقاق نزع لفظ من آخر بشرط مــناسبــتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة. الاشتقاق الصغير وهو أن يكون بين اللفظين تــناسب في الحروف والترتيب نحو ضرب من الضرب. والاشتقاق الكبير وهو أن يكون بين اللفظين تــناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب نحو جبذ من الجذب. والاشتقاق الأكبر وهو أن يكون بين اللفظين تــناسب في المخرج نحو نعق من النهق انتهى. اعلم أنّ من اشترط التغير في المعنى نظر إلى أنّ المقاصد الأصلية من الألفاظ معانيها، وإذا اتحد المعنى لم يكن هناك تفرّع وأخذ بحسبه، وإن أمكن بحسب اللفظ فالمــناسب أن يكون كل واحد أصلا في الوضع وعرّف المشتق بما ناسب أصلا بحروفه الأصول ومعناه بتغير ما، أي في المعنى. ومن لم يشترط اكتفى بالتفرّع والأخذ من حيث اللفظ، فحذف قيد التغير من هذا التعريف. فإن قلت نحو أسد مع أسد يندرج في التعريفين فما تقول في ذلك جمعا ومفردا. قلت يحتمل القول بالاشتراك فلا اشتقاق، ويمكن أن يعتبر التغير تقديرا فيندرج فيهما ويكون من نقصان حركة وزيادة مثلها، وإمّا الحلب والحلب بمعنى واحد فيمكن أن يقال باشتقاق أحدهما عن الآخر كالمقتل مع القتل وأن يجعل كل واحد أصلا في لوضع لعدم الاعتداد بهذا التغير القليل. فإن قلت ما الفرق بين الاشتقاق والعدل المعتبر في منع الصرف؟ قلت المشهور أنّ العدل يعتبر فيه الاتحاد في المعنى والاشتقاق إن اشترط فيه الاختلاف في المعنى كانا متباينين وإلّا فالاشتقاق أعمّ، إلّا أن الشيخ ابن الحاجب قد صرّح في بعض مصنفاته بمغايرة المعنى في العدل، فالأولى أن يقال إنه صيغة من صيغة أخرى، مع أنّ الأصل البقاء عليها والاشتقاق أعمّ من ذلك، فالعدل قسم منه. ولذلك قال في شرحه للكافية عن الصيغة المشتقة: هي منها، فجعل ثلاث مشتقة من ثلاثة ثلاثة، هذا كله خلاصة ما ذكره السيد الشريف في حاشية العضدي.
اعلم أنّ المشتق قد يطّرد كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة وأفعل التفضيل وظرفي الزمان والمكان والآلة، وقد لا يطّرد كالقارورة، فإنها مشتقة من القرار لأنها لا تطلق على كل مستقرّ للمائع، وكالدّبران مشتق من الدبر ولا يطلق مما يتصف به إلّا على خمسة كواكب في الثور، وكالخمر مشتق من المخامرة مختص بماء العنب إذا غلى واشتدّ وقذف بالزبد، ولا يطلق على كلّ ما توجد فيه المخامرة ونحو ذلك، وتحقيقه أنّ وجود معنى الأصل في المشتق قد يعتبر بحيث يكون داخلا في التسمية وجزأ من المسمّى، والمراد ذات ما باعتبار نسبة معنى الأصل إليها بالصدور عنها أو الوقوع عليها أو فيها أو نحو ذلك، فهذا المشتق يطّرد في كلّ ذات كذلك كالأحمر فإنه لذات ما لها حمرة، فاعتبرت في المسمّى خصوصية صفة أعنى الحمرة مع ذات ما [فاطّرد] في جميع محاله، وقد يعتبر وجود معنى الأصل من حيث أن ذلك المعنى مصحّح للتسمية بالمشتق، مرجّح لها من بين سائر الأسماء، من غير دخول المعنى في التسمية، وكونه جزأ من المسمّى والمراد بالمشتق حينئذ ذات مخصوصة فيها المعنى لا من حيث هو، أي ذلك المعنى في تلك الذات، بل باعتبار خصوصها، فهذا المشتق لا يطّرد في جميع الذوات المخصوصة التي يوجد فيها ذلك المعنى، إذ مسمّاه تلك الذات المخصوصة التي لا توجد في غيرها كلفظ الأحمر إذا جعل علما لولد له حمرة. وحاصل التحقيق الفرق بين تسمية الغير بالمشتق لوجود المعنى فيه فيكون المسمّى هو ذلك الغير والمعنى سببا للتسمية به، كما في القسم الثاني، فلا يطّرد في مواضع وجود المعنى، وبين تسميته لوجوده أي مع وجود المعنى فيه فيكون المعنى داخلا في المسمّى كما في القسم الأول، فيطّرد في جميعها، فاعتبار الصفة في أحدهما مصحّح للاطلاق وفي الآخر موضّح للتسمية.

فائدة:
المشتق عند وجود معنى المشتق منه حقيقة اتفاقا كالضارب لمباشر الضرب وقبل وجوده مجاز اتفاقا كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب، وبعد وجوده منه وانقضائه كالضارب لمن قد ضرب [قبل] وهو الآن لا يضرب، فقد اختلف فيه على [ثلاثة] أقوال: أولها مجاز مطلقا، وثانيها حقيقة مطلقا، وثالثها أنه إن كان مما يمكن بقاؤه كالقيام والقعود فمجاز، وإن لم يكن مما يمكن بقاؤه كالمصادر السيّالة نحو التكلم والأخبار فحقيقة، ودلائل الفرق الثلاث تطلب من العضدي وحواشيه.

فائدة:
قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف في مبحث الماهية: اعلم أنّ في معنى المشتق أقوالا: الأول أنه مركب من الذات والصفة والنسبة وهو القول المشهور. الثاني أنه مركب من النسبة والمشتق منه فقط واختاره السيّد السّند، واستدل عليه بأن مفهوم الشيء غير معتبر في الناطق، وإلّا لكان العرض العام داخلا في الفصل ولا ما يصدق هو عليه وإلّا انقلب الإمكان بالوجوب في ثبوت الضاحك للإنسان مثلا، فإنّ الشيء الذي له الضحك هو الإنسان وثبوت الشيء لنفسه ضروري. وأنت تعلم أنّ مفهوم المشتق ليس فصلا بل يعبّر عن الفصل، وما ذكر من لزوم الانقلاب ففيه ذهول عن القيد مع أنّ دخول النسبة التي هي معنى غير مستقل بالمفهومية في حقيقة من غير دخول أحد المنتسبين فيها مما لا يعقل. والثالث ما ذهب إليه المحقق الدّواني من أنه أمر بسيط لا يشتمل على النسبة، فإنه يعبّر عن الأسود والأبيض ونحوهما بالفارسية «بسياه وسفيد» ونظائرهما، ولا يدخل فيه الموصوف لا عاما ولا خاصا، وإلّا كان معنى قولك الثوب الأبيض الثوب الشيء الأبيض، أو الثوب الثوب الأبيض وكلاهما معلوم الانتفاء، بل معناه أي معنى المشتق هو القدر الناعت المحمول بالعرض مواطأة وحده، أي من غير أن يعتبر في الموصوف ولا النسبة، بل الأمر البسيط الذي هو مفهوم المبدأ، أي المشتق منه بحيث يصحّ كونه نعتا لشيء، هكذا في شرح السّلّم للمولوي مبين. وليس بينه وبين المشتق منه تغاير حقيقة فالأبيض إذا أخذ لا بشرط شيء فهو عرضي ومشتق، وإذا أخذ لا بشرط شيء فهو عرض ومشتق منه، وإذا أخذ بشرط شيء فهو ثوب أبيض مثلا.
فحاصل كلام المحقق أنه لا فرق بين العرض والعرضي والحمل حقيقة، وإنما الفرق بالاعتبار كما بين الجنس والمادة، فالأبيض إذا أخذ من حيث هو هو أي لا بشرط شيء فهو يحمل على الجسم ويتّحد معه ويحمل على البياض ويتّحد معه أيضا، لكنه فرّق بين الاتحادين فإنّ اتحاده مع الجسم اتحاد عرضي بأنّ مبدأه كان قائما به، فبهذه الجهة يتّحد معه ويحمل عليه، واتحاده مع البياض اتحاد ذاتي لأن الشيء لا يكون خارجا عن نفسه بل اتحاده معه ذاتي بأنه لو كان البياض موجودا بنفسه بحيث لا يكون قائما بالجسم لكان أبيض بالذات، فالأبيض عند هذا المحقق معنى بسيط لا تركيب فيه أصلا ولا مدخل فيه للموصوف لا عاما ولا خاصا، ولهذا قال ذلك المحقق: إنّ المشتق بجميع أقسامه لا يدل على النسبة ولا على الموصوف لا عاما ولا خاصا، هكذا في شرح السلّم للمولوي مبين. وأنت تعلم أنّ الأمر لو كان كذلك لكان حمل الأبيض على البياض القائم بالثوب صحيحا وذلك باطل بالضرورة، مع أنه مستبعد جدا، كيف ويعبر بالفارسية عن البياض «بسفيدي وعن الأبيض بسفيد». والحق أن حقيقة معنى المشتق أمر بسيط ينتزعه العقل عن الموصوف نظرا إلى الوصف القائم به.
فالموصوف والوصف والنسبة كلّ منها ليس علّة ولا داخلا فيه، بل منشأ لانتزاعه وهو يصدق عليه، وربما يصدق على الوصف والنسبة فتدبّر.

فائدة:
قال في الإحكام؛ هل يشترط قيام الصفة المشتق منها بما له الاشتقاق فذلك مما أوجبه أصحابنا، ونفاه المعتزلة وكأنه اعتبر الصفة احترازا عن مثل: لابن وتامر مما اشتق من الذوات، فإنّ المشتق منه ليس قائما بما له الاشتقاق، فإنّ المعتزلة جعلوا المتكلّم [الله تعالى] لا باعتبار كلام هو له، بل باعتبار كلام حاصل بجسم كاللّوح المحفوظ وغيره، ويقولون لا معنى لكونه متكلّما، إلّا أنه يخلق الكلام في الجسم. وتوضيح ذلك يطلب من العضدي وحواشيه.
اعلم أنّ الاشتقاق كما يطلق على ما عرفت كذلك يطلق على قسم من التجنيس عند أهل البديع، وقد سبق. ويقول بعضهم: الاشتقاق هو جمع كلمات في النظم أو النثر بحيث تكون حروفها متقاربة ومتجانسة بعضها مع بعض، وأفضله ما كان مشتقا من كلمة واحدة نحو قوله تعالى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ، وفي الحديث: «الظلم ظلمات يوم القيامة». ومثل:

«البدعة شرك الشرك». وفي النثر: الإكبار الوافر للخالق الذي أكرمني بأنواع عوارف العرفان أنا العبد العديم الشكر المنكر للحق. وفي الشعر:
إذا وصل إلى من عطف قبولك ذرة فإنها تنقلني في الثروة من الثّرى إلى الثريا كما ورد في الشعر العربي قول القائل:
إنما الدنيا الدّواهي والدّواهي قط لا تنجو بلاهي والبلاهي وقال في جامع الصنائع: هذا خاص بالكلمات العربية، ومثاله: الحكيم هو الذي يعلم أن الحكم المحكم لا يكون حقا لشخص ما.

الخير

الخير: ما يرغب فيه الكل كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع والمال وضدُّه الشر.
الخير:
[في الانكليزية] The good ،the right
[ في الفرنسية] Le bien
بالفتح وسكون الياء المثناة التحتانية وبالفارسية بمعنى نيكى ونيكو ونيكوتر- هو الفضل والبر- كما في الصراح. وضده الشّر.
قيل الحكماء ربّما يطلقون الخير على الوجود والشّر على العدم، وربما يطلقون الخير على حصول كمال الشيء والشّر على عدم حصوله.
قالوا الوجود خير محض والعدم شرّ محض.
فإن أرادوا بالخير في هذا القول الوجود يكون معنى ذلك الوجود وجود محض فيخلو عن الفائدة. وإن أرادوا به حصول الكمال فلا يشتمل الوجود الواجب لقيامه بذاته، سواء أريد بالكمال صفة تــناسب ما حصل له ويليق به أو صفة كمال مقابلة لصفة نقصان، فظهر أنّ قولهم المذكور ليس بصحيح على الإطلاق. وقيل لم يريدوا بذلك تصوير معنى الخير والشرّ كما حسب هذا القائل فقال ما قال، فإنّ معناهما معلوم لجمهور الناس بداهة يوصفون بكل منهما أشياء مخصوصة ويسلبونهما عن أشياء أخر ولكنهم لا يفرّقون ما بالذات وما بالعرض ويطلقون الخير على كل منهما وكذا الشر.
والقوم ذهبوا إلى أنّ ما يطلقون عليه الخير قسمان خير بالذات وخير بالعرض وكذا الشرّ، فإنّ القتل مثلا إذا تأملنا فيه وجدناه شرا باعتبار ما يتضمّنه من العدم، فإنّه ليس شرا من حيث إنّ القاتل كان قادرا عليه، ولا من حيث إنّ الآلة كانت قاطعة، ولا من حيث إنّ العضو المقطوع كان قابلا للقطع، بل من حيث إنّه أزال الحياة وهو قيد عدمي، وباقي القيود الوجودية خيرات. نعم التجاؤهم في هذه المقدمة بأنها ضرورية غير صحيح والظاهر أنّها إقناعية، وأنّ الأمثلة التي ذكروها في هذا المقام توقع بها ظنا. هكذا يستفاد من شرح التجريد وحواشيه.
والأحسن ما قال بعض الصوفية إنّ الوجود خير محض وبالذات لكونه مستندا إلى العزيز الحكيم، والعدم شرّ محض وبالذات لعدم استناده إليه. وقد سبق في لفظ الجمال زيادة تحقيق لهذا. فإنك إذا قابلت المنافع بالمضار تجد المنافع أكثر وإذا قابلت الشر بالخير تجد الخير أكثر، وكيف لا لأنّ المؤمن يقابله الكافر، ولكن المؤمن قد يمكن وجوده بحيث لا يكون فيه شر أصلا من أول عمره إلى آخره كالأنبياء والأولياء، والكافر لا يمكن وجوده بحيث لا يكون فيه خير أصلا. غاية ما في الباب أنّ الكفر يحبطه ولا ينفعه ويستحيل نظرا إلى العادة أن يوجد كافر لا يسقي العطشان شربة ماء ولا يطعم الجائع لقمة خبز ولا يذكر ربّه في عمره. وكيف لا وهو في زمان صباه كان مخلوقا على الفطرة المقتضية للخيرات فخلق الخير الغالب، كما أنّ ترك الخير الكثير لأجلّ الشّر القليل لا يــناسب الحكمة. ألا ترى أنّ التاجر إذا طلب منه درهم بدينار فلو امتنع ويقول في هذا شرّ وهو زوال الدرهم عن ملكي، فيقال له لكن في مقابلته خير كثير وهو حصول الدينار في ملكك، وكذلك الإنسان لو ترك الحركة اليسيرة لما فيها من المشقّة مع علمه أنّها تحصل له راحة مستمرة ينسب إلى مخالفة الحكمة. فإذا نظر إلى الحكمة كان وقوع الخير المشوب بالشّر القليل من اللطف، فخلق الله العالم الذي فيه الشّر لذلك. وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ فقال الله تعالى في جوابهم إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ أي إني أعلم أنّ هذا القسم يــناسب الحكمة لأنّ الخير فيه كثير. وبيّن لهم خيره بالتعليم كما قال وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ويعني أيها الملائكة خلق الشّر المحض والشّر الغالب والشّر المساوي لا يــناسب الحكمة. وأما خلق الخير الكثير فمــناسب. فقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها إشارة إلى الشّر وأجابهم الله بما فيه من الخير بقوله وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ. فإن قال قائل فالله قادر على تخليص هذا القسم من الشّر بحيث لا يوجد فيه شر فيقال له ما قال الله تعالى وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ يعني لو شئنا خلّصنا الخير من الشّر، لكن حينئذ لا يكون خلق الخير الغالب وهو قسم معقول، فهل كان تركه للشّر القليل وهو لا يــناسب الحكمة، وإن كان لا، لذلك فلا مانع من خلقه فيخلقه لما فيه من الخير الكثير. هذا خلاصة ما في التفسير الكبير في تفسير قوله وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها في سورة الم السجدة.
وفي شرح المواقف في خاتمة مقصد أنّه تعالى مريد لجميع الكائنات أنّ الحكماء قالوا الموجود إمّا خير محض لا شرّ فيه أصلا كالعقول والأفلاك وإمّا الخير غالب فيه كما في هذا العالم الواقع تحت كرة القمر، فإنّ المرض مثلا وإن كثيرا فالصحة أكثر منه، وكذلك الألم كثير واللذة أكثر منه فالموجود عندهم منحصر في هذين القسمين. وأمّا ما يكون شرا محضا أو كان الشرّ فيه غالبا أو مساويا فليس شيء منها موجودا، فالخير في هذا العالم واقع بالقصد الأول داخل في القضاء دخولا أصليا ذاتيا، والشّر واقع بالضرورة داخل في القضاء دخولا بالتّبع والعرض، وإنّما التزم في هذا العالم فعل ما غلب خيره لأنّ ترك الخير الكثير لأجل الشّر القليل شرّ كثير فليس من الحكمة.
كما أنّه ليس من الحكمة إيجاد الشّر المحض أو الكثير أو المساوي، فلا يعدّ من الحكمة ترك المطر الذي به حياة العالم لئلّا تنهدم به دور معدودة. ألا ترى أنّه إذا لذع إصبع إنسان وعلم أنّ حياته في قطعها فإنّه يأمر بقطعها ويريده طبعا لإرادة سلامته من الهلاك، فسلامة البدن خير كثير يستلزم شرا قليلا، فلا بد للعاقل أن يختاره، وإذا احترز عنه حتى هلك لم يعد عاقلا فضلا عن أن يعدّ حكيما فاعلا لما يفعله على ما ينبغي انتهى. والفرق بين الخير والكمال يجيء في لفظ اللذة.
الخير: بالكسر، الجود والكرم، وبالفتح ضد الشر.

الشّبه

الشّبه:
[في الانكليزية] Similitude ،analogy ،resemblance
[ في الفرنسية] Similitude ،analogie ،resemblance
بالكسر وسكون الموحّدة وبفتحتين أيضا المثل كما في المنتخب. وعند الأصوليين هو من مسالك إثبات العليّة. قالوا الوصف إمّا أن تعلم مــناسبــته بالنظر إلى ذاته أو لا، والأوّل المــناسب، والثاني إمّا أن يكون مما اعتبره الشرع في بعض الأحكام والتفت إليه أولا، والأوّل الشّبه والثاني الطّرد. وعلّية الشّبه تثبت بجميع المسالك من الإجماع والنصّ والسّير، وهل تثبت بمجرّد المــناسبــة أي تخريج المناط؟
فيه نظر، وإلّا يخرج عن كونه شبيها إلى كونه مــناسبــا مع أنّ ما بينهما من التقابل. ومن أجل أنّه لا تثبت بمجرّد المــناسبــة قيل في تعريف الشّبه تارة هو الذي لا تثبت مــناسبــته إلّا بدليل منفصل. وقيل تارة هو ما يوهم المــناسبــة وليس بمــناسب. فبناء كلا التعريفين على أنّ الشّبه لا يثبت بمجرّد المــناسبــة بل لا بدّ في مــناسبــته للحكم من دليل زائد عليه، إذ لو ثبت بالنظر إلى ذاته لما كان شبيها بل مــناسبــا. وقيل إثباته بتخريج المناط مبني على تفسيره فمن فسّره بما يوهم المــناسبــة منعه لأنّ تخريج المناط يوجب المــناسبــة، ومن فسّره بالمــناسب الذي مــناسبــته لذاته جوّزه لجواز أن يكون الوصف الشّبهي مــناسبــا يتبع المــناسب بالذات وهذا فاسد لأنّ تخريج المناط يقتضي كون الوصف مــناسبــا بالنظر إلى ذاته. مثاله أن يقال في عدم جواز إزالة الخبث بالمائع أنّ إزالة الخبث طهارة تراد للصلاة فلا تجوز بغير الماء، كطهارة الحدث بجامع الطهارة، وهو وصف شبهي لأنّ مــناسبــتها لتعيين الماء فيها بعد البحث التّام غير ظاهرة، لكنّ الشارع لمّا أثبت الحكم وهو تعيين الماء في بعض الصور وجودها كالصلاة والطّواف ومسّ المصحف أوهم ذلك مــناسبــتها. ثمّ الشّبه حجّة عند جماعة وهو مذهب الشافعي. وليس بحجّة عند الحنفية وجماعة كالقاضي أبي بكر الباقلاني لأنّه إمّا مطّلع على المــناسب المؤثّر فيكون حاكما به أولا، وهو حكم بغير دليل.
اعلم أنّ لفظ الشّبه يقال على معان أخر أيضا بالاشتراك، حتى قال إمام الحرمين: لا تتحرّر في الشّبه عبارة مستمرّة في صناعة الحدود. فمنهم من فسّره بما تردّد فيه الفرع بين الأصلين يشاركهما في الجامع إلّا أنّه يشارك أحدهما في أوصاف أكثر فيسمّى إلحاقه به شبها كإلحاق العبد المقتول بالحرّ فإنّ له شبها بالفرس من حيث المالية وشبها بالحرّ، لكن مشابهته بالحرّ في الأوصاف والأحكام أكثر، فألحق بالحرّ لذلك. وحاصل هذا المعنى تعارض مــناسبــتين ترجّح إحداهما. ومنهم من فسّره بما يعرف فيه المناط قطعا إلّا أنّه يفتقر في آحاد الصّور إلى تحقيقه كما في طلب المثل في جزاء الصيد بعد العلم بوجوب المثل. ومنهم من فسّره بما اجتمع فيه مناطان لحكمين لا على سبيل الكمال، لكنّ أحدهما أغلب، فالحكم به حكم بالأشبه كالحكم في اللّعان بأنّه يمين لا شهادة وإن وجدا فيه. وقال القاضي هو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يــناسب الحكم، لكن يستلزم المــناسب وهو قياس الدلالة فليس شيء من تلك المعاني معنى من الشّبه المعدود في مسالك العلّة. هكذا يستفاد من العضدي وحاشيته للمحقّق التفتازاني وغيرهما.

علم الزائرجة

علم الزائرجة
هو: من القوانين الصناعية لاستخراج الغيوب المنسوبة إلى العالم المعروف: بأبي العباس أحمد السبتي وهو من أعلام المتصوفة بالمغرب كان في آخر المائة السادسة بمراكش وبعهد يعقوب بن منصور من ملوك الموحدين وهي كثيرة الخواص يولعون باستفادة الغيب منها بعملها وصورتها التي يقع العمل عندهم فيها دائرة عظيمة في داخلها دوائر متوازنها للأفلاك والعناصر وللمكونات والروحانيات إلى غير ذلك من أصناف الكائنات الموجودات والعلوم
وكل دائرة منها مقسومة بانقسام فلكها إلى البروج والعناصر وغيرهما وخطوط كل منها مارة إلى المركز ويسمونها: الأوتار وعلى كل وتر حروف متتابعة موضوعة فمنها أعداد مرسومة برسوم الزمام التي هي من أشكل الأعداد عند أهل الدواوين والحساب بالمغرب.
ومنها برسوم قلم الغبار متناسقة كلها مع تلك الحروف وفي داخل الزايرجة وبين الدوائر أسماء العلوم ومواضع الأكوان وعلى ظهور الدوائر جدول مستكفي البيوت المتقاطعة طولا وعرضا يشتمل على خمسة وخمسين بيتا في العرض ومائة وإحدى وثلاثين في الطول جوانب منه معمورة البيوت تارة بالعدد وأخرى بالحروف ومن جوانب أخرى منه خالية البيوت ولا يعلم نسبة تلك الأعداد في أوضاعها نسبة البيوت العامرة من الخالية وجانبي الزائرجة أبيات من عروض بحر الطويل الكامل على روي اللام المنصوبة تتضمن صورة العمل في استخراج المطلوب من تلك الزائرجة إلا أنها من قبيل اللغز في عدم الوضوح ومستعجمة غير جلية.
فإذا أرادوا استخراج الجواب عما يسألون عنه أحضروا آلة الاصطرلاب لأخذ الارتفاع واستخراج الطالع فإذا علموا درجة من البرج أحصوه وأخذوا أس ذلك البرج في تلك الزائرجة وسموه: سلطان الطالع.
ثم يعملون بعضا من الأعمال المتداولة بينهم المعروفة عندهم حتى يخرجون حروفا مقطعة إذا ركبت يخرج منها بيت منظومة على الوزن والروي الذي لأبيات القصيدة المرسومة مع الجدول.
وقد يزعم بعضهم أنه يخرج منها أبيات أكثر من واحد وعلى أعاريض أخرى ولا بد عندهم لمن أحكم العمل بهذا القانون أن يخرج له الجواب عن سؤاله منظوما مفهوما وقد يكون مستغلقا على الفهم لقصور الملكة في العمل بذلك القانون وهي من الأعمال الغريبة في استخراج الأجوبة.
قال في الكشف: وفي بعض جوانب الزائرجة بيت من الشعر منسوب إلى بعض أكابر أهل الحذاقة بالمغرب وهو مالك بن وهيب الذي كان من علماء إشبيلية في الدولة اللمتونية والبيت هذا:
سؤال عظيم الخلق حزت فصن إذا ... غرائب شك ضبطه الجد مثلا
وفيه استخراج الجواب لما سئل عنه من المسائل على قانونه.
وذلك إنما وقع من مطابقة الجواب للسؤال لأن الغيب لا يدرك بأمر صناعي البتة.
وإنما المطابقة فيها بين الجواب والسؤال من حيث الإفهام ووقوع ذلك بهذه الصناعة في تكسير الحروف المجتمعة من السؤال والأوتار غير مستنكر وقد وقع اطلاع بعض الأذكياء على التــناسب فحصل به معرفة المجهول منها بالتــناسب بين الأشياء وهو سر الحضور على المجهول من المعلوم الحاصل للنفس بطريق حصوله سيما الرياضة فإنها تفيد العقل زيادة ولذلك ينسبون الزائرجة إلى أهل الرياضة في الغالب.
وزائرجة منسوبة إلى سهل بن عبد الله أيضا وهي من الأعمال الغريبة.
في تاريخ ابن خلدون وهي غريبة العمل وصنعة عجيبة وكثير من الخواص يعملون بها بإفادة الغيب وحلها صعب على الجاهل انتهى.
وعبارة مدينة العلوم: مبنى هذا العلم هو أنهم يدعون أن العالم كله بما فيه من كلي وجزئي علوا وسفلا أفلاكا وعناصر ذواتا ومعاني ألفاظا وحروفا وأسماء وأفعالا متــناسبــة كلها على مقادير مقدرة ومرتبط بعضها ببعض ارتباطا غير منفصل.
ومن ذلك السؤال والجواب في ألفاظها وحروفها ومعانيها.
قال الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون في كتابه المسمى بعنوان العبر وديوان المبتدأ والخبر:
إن الناس افترقوا في هذا العلم فرقتين.
لأن منهم: المولعون به منها لكون في أحكام العمل بقانونه يعتقدون استخراج الغيوب بذلك القانون وعمله.
وآخرون: مذعنون بإنكاره ويزعمون أن العمل بقانونه غير صحيح في نفسه وأنه من الحيل ظنا منهم أن صاحب ذلك العمل يعد البيت منظوما ويخبر به جوابا عن السؤال فيطير به الغراب كل مطار ثم قال:
والحق أن مبنى هذا العلم كما مر على مراعاة التــناسب بين الأمور المذكورة فيمكن أن يرفع الله - سبحانه وتعالى - الحجاب عن عقول بعض عباده فيطلع على وجه التــناسب بينها فيقف على بعض الأمور الكائنة في عالم الملك ومع ذلك لا يمكن للبشر أن يطلع على علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه إذ التــناسب بين العلم الرباني الذي من عالم الملكوت وبين عالم الملك بعيد فكيف يندرج تحت هذا القانون الذي مبناه على التــناسب بين الكائنات في عالم الملك
فالقوانين والصناعة لا توصل إلى معرفة الغيب بوجه من الوجوه والله يعلم وأنتم لا تعلمون انتهى.

التمكين

التمكين
انظر: مد التمكين.
التمكين: عند أهل الله مقام الرسوخ والاستقرار على الاستقامة، وما دام العبد في الطريق فهو صاحب تلوين لأنه يرتقي من حال إلى حال، وينتقل من وصف إلى وصف، فإذا وصل واتصل فقد حصل التمكين.
التمكين:
[في الانكليزية]
Eschatology( the end of the world )A Well- adapted rhyme or example
[ في الفرنسية] Eschatologie (la fin du monde) rime ou exemple bien adaptes
معناه هو عند الصوفية سيأتي في لفظ السكر. وفي كشف اللغات يقول: المراد من التمكين زوال البشرية أي المرتبة التي يقولون لها الفناء والفقر. وعند أهل البلاغة هو أن يمهّد التأثر للقرينة أو الشاعر للقافية تمهيدا يأتي به القرينة أو القافية متمكنة في مكانها مستقرّة في قرارها مطمئنة في موضعها، غير نافرة ولا قلقة، متعلقا معناها بمعنى الكلام كلّه تعلّقا تاما بحيث لو طرحت. لاختلّ المعنى واضطرب الفهم، وبحيث لو سكت عنها كمّله السامع بطبعه. ومن أمثلة ذلك قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ الآية، فإنّه لمّا تقدّم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرّف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرّشد على الترتيب لأنّ الحلم يــناسب العبادات والرشد يــناسب الأموال. وقوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فإن اللطف يــناسب ما لا يدرك بالبصر، والخبر يــناسب ما يدركه. وقوله وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ إلى قوله فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فإنّ في هذه الفاصلة التمكين التام المــناسب لما قبلها. وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها. ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدّث عنه واحد لنكتة لطيفة كقوله تعالى في سورة ابراهيم وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ. ثم قال في سورة النحل وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ قال ابن المنير كأنّه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها، فحصل لك عند أخذها وصفان: كونك ظلوما وكونك كفارا، يعني لعدم وفائك بشكرها، ولي عند إعطائها وصفان: وهما أني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي، فلا أقابل تقصيرك إلّا بالتوفير ولا أجازي جفاك إلّا بالوفاء، كذا في الإتقان في نوع الفواصل.

الفصل

الفصل:
* " مجال الألف بين همزتين التقتا لمن له الفصل بينهما "، المعروف بـ (الإدخال)، يسمى بـ (المد الفاصل).
* يُعبَّر به عن البسملة بين السورتين لمن قرأ بها.
الفصل: إبانة أحد الشيئين عن الآخر حيث لا يكون بينهما فرجة. وفصل الخطاب: ما فيه قطع الحكم. والفواصل أواخر الآي. وفصل الخصومات الحكم بقطعها. والفصل الحجز بين شيئين إشعارا بانتهاء ما قبله، ذكره الراغب. وقال الحرالي: الفصل اقتطاع بعض من كل.الفصل عند المنطقيين: كلي يحمل على الشيء في جواب أي شيء هو في جوهره كالناطق والحساس.
الفصل:
[في الانكليزية] Chapter ،sectin ،disjunction ،season
[ في الفرنسية] Chapitre ،section ،disjonction ،saison
بالفتح وسكون الصاد المهملة هو يطلق على معان. منها طائفة من المسائل فصّلت أي فرّقت وقطّعت عما تقدّم لغرض، وبهذا المعنى ما وقع في بعض شروح هداية النحو من أن الفصل في الاصطلاح قول شارح يختم الكلام الأول ويثبت الثاني. وهو يقع في الكلام إمّا مرفوعا على الخبرية أو الابتداء، وقد يضاف فيقال فصل هذا ويجعل ما بعده خبر مبتدأ، وقد يبنى على السكون لعدم التركيب. والضابطة أنّه إذا كانت بعده في يقرأ منّونا ولا يصحّ الوقف عليه حينئذ، وإذا لم يكن بعده في فالسكون.
ومنها الوقف كما يدلّ عليه كلام القرّاء في تعريفهم الوقف الجائز على ما يجيء ومنها الزّحاف الواقع في العروض وقد سبق. ويقول في المنتخب: الفصل اسم لتغيير يقع في قافية البيت، وهو إسقاط حرف متحرّك أو أكثر ومثله لا يجوز في وسط البيت، ومنها ضمير مرفوع منفصل يتوسّط بين المبتدأ والخبر قبل دخول العوامل وبعدها، ويسمّيه الكوفيون من النحاة عمادا، نحو زيد هو القائم وكان زيد هو القائم وقد سبق في لفظ الضمير. ومنها مقابل الوصل، قال أهل المعاني: الوصل عطف بعض الجمل على بعض والفصل تركه، أي ترك عطف بعض الجمل على بعض، ومن شأنه العطف إذ لا يقال الفصل في ترك عطف الجملة الحالية على جملة قبلها إذ ليس من شأن الحال العطف على ما هي قيد له، وإنّما اختاروا الجملة على الكلام ليشتمل ما له محلّ من الإعراب، ولم يقولوا الوصل عطف جملة على جملة ليشتمل عطف جملتين على جملتين، فإنّه ربما لا تتــناسب جمل أربع مترتّبة بحيث يعطف كلّ على ما قبلها، بل يتــناسب الاثنتان الأوليّان والاثنتان الأخريان، فيعطف في كلّ اثنتين أولا ويعطف الأخريان على الأوليين، لأنّ مجموع الأخريين يــناسب مجموع الأوليين، ونظيره في المفردات هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ فإنّه عطف أولا الآخر على الأول والباطن على الظاهر بجامع التّضاد، ثم عطف مجموع الظاهر والباطن على مجموع الأول والآخر لتــناسب بين المجموعين باعتبار أجزائهما، وعلى هذا القياس في الفصل. فالفصل والوصل لا يختصّان بالجمل بل يجريان في المفردات أيضا كما يدلّ عليه عبارة المفتاح، وإن كان هذان التعريفان يفيدان الاختصاص. والمراد بالجمل ما فوق الواحد ليشتمل عطف إحدى الجملتين على الأخرى وترك عطفها عليها، هذا كله خلاصة ما في الأطول. ومن الفصل القطع والاستئناف.
ومنها زمان من أزمنة السّنة فإنّ الأطباء والمنجّمين أجمعوا على أنّ عدد الفصول أربعة:
ربيع وخريف وصيف وشتاء، إلّا أنّ الفصول عند الأطباء غير ما عند المنجّمين لأنّ نظر الأطباء في الفصول من حيث التأثير في الأبدان بالتسخين والتبريد والتجفيف والترطيب والاعتدال. فالربيع عند الأطباء هو الزمان الذي لا يحتاج في البلاد المعتدلة إلى زيادة الدّثار لدفع البرد ولا إلى ما يروج به لدفع الحرّ، ويكون فيه ابتداء نشوء النبات. والخريف زمان تغيّر الأوراق ودرك الثمار. والصيف جميع الأزمنة الحارة، والشتاء جميع الأزمنة الباردة.
والفصول عند المنجّمين. عبارة عن أزمنة كون الشمس في البلاد المائلة في ربع معيّن من الفلك مثلا من الحمل إلى السرطان هو الربيع، ومن السرطان إلى الميزان هو الصيف، ومن الميزان إلى الجدي هو الخريف، ومن الجدي إلى الحمل هو الشتاء، هكذا يستفاد من شرح القانونجة في فصل الأسباب الضرورية. وإنّما قيد البلاد بالمائلة لأنّ في البلاد الواقعة تحت خطّ الاستواء ثمانية فصول: ربيعان وخريفان وصيفان وشتاءان، فمن الحمل إلى وسط الثور صيف، ومنه إلى أول السّرطان خريف، ومنه إلى وسط الأسد شتاء، ومنه إلى أول الميزان ربيع، ومنه إلى وسط العقرب صيف، ومنه إلى أول الجدي خريف، ومنه إلى وسط الدّلو شتاء، ومنه إلى أول الحمل ربيع، فمقدار كلّ فصل شهر ونصف، هكذا في كتب علم الهيئة. ومنها ما هو مصطلح المنطقيين فإنّ له عندهم معنيين، فإنّهم كانوا يستعملونه أوّلا فيما يتميّز به شيء عن شيء ذاتيا كان أو عرضيا، لازما أو مفارقا، شخصيا أو كلّيا، وقد يميّز الشيء عن غيره في وقت ويميّز الغير عنه في وقت آخر، كما إذا اختلف حال زيد وعمرو بالقيام والقعود في وقتين. وقد يميّز الشيء في وقت عن نفسه في وقت آخر بحسب اختلاف حاله فيهما ثم نقلوه إلى معنى ثان وهو الكلّي الذي يتميّز به الشيء في ذاته. بيان ذلك أنّ الطبيعة الجنسية ماهية مبهمة في العقل، أي تصلح أن تكون أشياء كثيرة هي عين كلّ واحد منها في الوجود، وغير محصّلة أي لا تطابق تمام ماهية بشيء من تلك الأشياء، فإذا اقترن بها الفصل أفرزها أي ميّزها وعيّنها وقوّمها نوعا أي حصّلها وكمّلها وجعلها مطابقة لماهية نوعية، وبعد ذلك يلزم تلك الطبيعة المتقوّمة نوعا ما يلزمها من اللوازم الخارجية، ويعرض لها ما يعرض لها من العوارض المفارقة، وكذا مبدأ الجنس أعني المادة صالح لأن يكون أنواعا مختلفة فإذا انضمّ إليه مبدأ الفصل يحصل نوعا معينا واستعد لزوم ما يلزمه ولحوق ما يلحقه، فإنّ النفس الناطقة مثلا لمّا اقترنت بالمادّة الحيوانية فصار الحيوان ناطقا استعدّ لقبول آثار الإنسانية وخواصّها، ولولا اقترن هذه القوة بها لما كان لها هذه الاستعدادات الجزئية المتفرّعة عليها. وعرّف الفصل الشيخ بأنّه الكلّي الذي يحمل على الشيء في جواب أيّ شيء هو في جوهره، كما إذا سئل عن الإنسان أيّ شيء هو في ذاته أو أيّ حيوان هو في جوهره، فالناطق يصلح للجواب عنهما، وذو النفس والحسّاس عن الأول فإنّ أي شيء، إنّما يطلب به التمييز المطلق عن المشاركات في معنى الشيئية أو أخصّ منها، والقيد الأخير وهو قولنا في جوهره يخرج الخاصّة لأنّها لا تميّز الشيء في جوهره بل في عرضه. فالطالب بأيّ شيء إن طلب الذاتي المميّز عن مشاركاته فالمقول في جوابه الفصل، وإن طلب العرضي المميّز فالخاصّة، وبالقيد الأول يعني قولنا في جواب أيّ شيء يخرج الجنس والنوع والعرض العام، لأنّ الجنس والنوع يقالان في جواب ما هو، والعرض العام لا يقال في الجواب أصلا. وفيه بحث لأنّه إن اعتبر التمييز عن جميع الأغيار يخرج عن التعريف الفصل البعيد وإن اكتفي بالتمييز عن البعض بالجنس أيضا مميّز للشيء عن البعض فيدخل فيه. والجواب أنّ المراد من المقول في جواب أيّ المميّز الذي لا يصلح لجواب ما هو وحينئذ يخرج الجنس، إلّا أنّه يلزم اعتبار العرض العام في جواب أيّ، وهم مصرّحون بخلافه، ولا مخلص عنه إلّا بأن يقال العرض العام لا يميّز شيئا عن شيء أصلا من حيث إنّه عرض عام بل من حيث إنّه خاصة إضافية.
التقسيم
الفصل إمّا قريب أو بعيد. فقيل القريب ما كان مميّزا عن المشاركات في الجنس القريب كالناطق للإنسان، فإنّه يميّزه عن مشاركته في الحيوان، والبعيد ما كان مميّزا عن المشاركات في الجنس البعيد فقط كالحسّاس للإنسان، فإنّه يميّزه عن مشاركاته في الجسم النامي. وقيل القريب ما يميّز الماهية عن كلّ ما يشاركها في الجنس أو الوجود، والبعيد ما يميّزها عن بعض ما يشاركها في الجنس أو الوجود، يعني أنّ الفصل إن ميّز الماهية عن المشاركات في الجنس القريب كان قريبا ومميزا عن جميع المشاركات الجنسية مطلقا، وإن ميّزها عن مشاركاتها في الجنس البعيد كان بعيدا في مرتبته. وأمّا المميّز عن المشاركات في الوجود فإن ميّزها عن جميعها فهو قريب وإلّا فهو بعيد يتفاوت حاله بحسب كثرة ما يميّزها عنه من تلك المشاركات وقلّته. وقد يقال المميّز في الوجود إنّما هو في الماهية المركّبة من أمرين متساويين فيميّزها عن الكلّ، فلا يتصوّر فيه بعد. وقيل بل لا يعتبر فيه قرب أيضا لعدم وجود ماهية مركّبة من أمرين متساويين، فإنّه ربما يستدلّ على بطلانه. وتفصيل ذلك يطلب من شرح المطالع وحواشيه وشرح الشمسية وحواشيه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.