(الْــمسْقط) الْجنَاح أَو مَا يجر مِنْهُ على الأَرْض (ج) مساقط
(الْــمسْقط) الْجنَاح أَو مَا يجر مِنْهُ على الأَرْض (ج) مساقط
سقط: السَّقْطةُ: الوَقْعةُ الشديدةُ. سقَطَ يَسْقُطُ سُقوطاً، فهو
ساقِطٌ وسَقُوطٌ: وقع، وكذلك الأُنثى؛ قال:
من كلِّ بَلْهاء سَقُوطِ البُرْقُعِ
بيْضاءَ، لم تُحْفَظْ ولم تُضَيَّعِ
يعني أَنها لم تُحْفَظْ من الرِّيبةِ ولم يُضَيِّعْها والداها.
والــمَسْقَطُ، بالفتح: السُّقوط. وسَقط الشيءُ من يدي سُقوطاً. وفي الحديث: لَلّهُ
عزّ وجلّ أَفْرَحُ بتَوْبةِ عَبْدِه من أَحدكم يَسْقُط على بَعِيره وقد
أَضلَّه؛ معناه يَعثُر على موضعه ويقعُ عليه كما يقعُ الطائرُ على وكره.
وفي حديث الحرث بن حسان: قال له النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وسأَله عن
شيء فقال: على الخَبِيرِ سقَطْتَ أَي على العارِفِ به وقعت، وهو مثل
سائرٌ للعرب.
ومَسْقِطُ الشيء ومَسْقَطُــه: موضع سقُوطه، الأَخيرة نادرة. وقالوا:
البصرة مَسْقَطُ رأْسي ومَسْقِطُــه.
وتساقَط على الشيء أَي أَلقى نفسَه عليه، وأَسقَطَه هو. وتساقَط الشيءُ:
تتابع سُقوطه. وساقَطه مُساقَطةً وسِقاطاً: أَسْقَطَه وتابع إِسْقاطَه؛
قال ضابئُ بن الحَرثِ البُرْجُمِيّ يصف ثوراً والكلاب:
يُساقِطُ عنه رَوْقُه ضارِياتِها،
سِقاطَ حَدِيدِ القَينِ أَخْوَلَ أَخْوَلا
قوله: أَخْوَل أَخولا أَي متفرِّقاً يعني شرَرَ النار. والــمَسْقِطُ
مِثال المَجْلِس: الموضع؛ يقال: هذا مَسْقِط رأْسي، حيث ولد، وهذا مسقِطُ
السوْطِ، حيث وقع، وأَنا في مَسْقِط النجم، حيث سقط، وأَتانا في مَسْقِط
النجم أَي حين سقَط، وفلان يَحِنُّ إِلى مسقِطــه أَي حيث ولد. وكلُّ مَن وقع
في مَهْواة يقال: وقع وسقط، وكذلك إِذا وقع اسمه من الدِّيوان، يقال: وقع
وسقط، ويقال: سقَط الولد من بطن أُمّه، ولا يقال وقع حين تَلِدُه.
وأَسْقَطتِ المرأَةُ ولدها إِسْقاطاً، وهي مُسْقِطٌ: أَلقَتْه لغير تَمام من
السُّقوطِ، وهو السَّقْطُ والسُّقْطُ والسَّقْط، الذكر والأُنثى فيه سواء،
ثلاث لغات. وفي الحديث: لأَنْ أُقَدِّمَ سِقْطاً أَحَبُّ إِليَّ من مائة
مُسْتَلئِمْ؛ السقط، بالفتح والضم والكسرِ، والكسرُ أَكثر: الولد الذي
يسقط من بطن أُمه قبل تَمامِه، والمستلْئِمُ: لابس عُدَّةِ الحرب، يعني
أَن ثواب السِّقْطِ أَكثر من ثوابِ كِبار الأَولاد لأَن فعل الكبير يخصُّه
أَجره وثوابُه وإِن شاركه الأَب في بعضه، وثواب السقط مُوَفَّر على
الأَب. وفي الحديث: يحشر ما بين السَّقْطِ إِلى الشيخ الفاني جُرْداً
مُرْداً.وسَقْطُ الزَّند: ما وقع من النار حين يُقْدَحُ، باللغات الثلاث أَيضاً.
قال ابن سيده: سَقْطُ النار وسِقْطُها وسُقْطُها ما سقَط بين الزنْدين
قبل اسْتحكامِ الوَرْي، وهو مثل بذلك، يذكر ويؤَنث. وأَسقَطَتِ الناقةُ
وغيرها إِذا أَلقت ولدها. وسِقْطُ الرَّمْلِ وسُقْطُه وسَقْطُه ومَسْقِطُــه
بمعنى مُنقَطَعِه حيث انقطع مُعْظَمُه ورَقَّ لأَنه كله من السُّقوط،
الأَخيرة إِحدى تلك الشواذ، والفتح فيها على القياس لغة. ومَسْقِطُ الرمل:
حيث ينتهي إِليه طرَفُه. وسِقاطُ النخل: ما سقَط من بُسْرِه. وسَقِيطُ
السَّحابِ: البَرَدُ. والسَّقِيطُ: الثلْجُ. يقال: أَصبَحتِ الأَرض
مُبْيَضَّة من السَّقِيطِ. والسَّقِيطُ: الجَلِيدُ، طائيةٌ، وكلاهما من السُّقوط.
وسَقِيطُ النَّدَى: ما سقَط منه على الأَرض؛ قال الراجز:
وليْلةٍ، يا مَيَّ، ذاتِ طَلِّ،
ذاتِ سَقِيطٍ ونَدىً مُخْضَلِّ،
طَعْمُ السُّرَى فيها كطَعْمِ الخَلِّ
ومثله قول هُدْبة بن خَشْرَمٍ:
وَوادٍ كجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قطَعْتُه،
تَرى السَّقْطَ في أَعْلامِه كالكَراسِفِ
والسَّقَطُ من الأَشياء: ما تُسْقِطهُ فلا تَعْتَدُّ به من الجُنْد
والقوم ونحوه. والسُّقاطاتُ من الأَشياء: ما يُتَهاون به من رُذالةِ الطعام
والثياب ونحوها. والسَّقَطُ: رَدِيءُ المَتاعِ. والسَّقَطُ: ما أُسْقِط من
الشيء. ومن أَمْثالِهم: سَقَطَ العَشاء به على سِرْحانٍ، يُضرب مثلاً
للرجل يَبْغي البُغْيةَ فيقَعُ في أَمر يُهْلِكُه. ويقال لخُرْثِيِّ
المَتاعِ: سَقَطٌ. قال ابن سيده: وسقَطُ البيت خُرْثِيُّه لأَنه ساقِطٌ عن رفيع
المتاع، والجمع أَسْقاط. قال الليث: جمع سَقَطِ البيتِ أَسْقاطٌ نحو
الإِبرة والفأْس والقِدْر ونحوها. وأَسْقاطُ الناس: أَوْباشُهم؛ عن
اللحياني، على المثل بذلك. وسَقَطُ الطَّعامِ: ما لا خَيْرَ فيه منه، وقيل: هو ما
يَسْقُط منه. والسَّقَطُ: ما تُنُوول بيعه من تابِلٍ ونحوه لأَن ذلك
ساقِطُ القِيمة، وبائعه سَقَّاط.
والسَّقَّاطُ: الذي يبيع السَّقَطَ من المَتاعِ. وفي حديث ابن عمر، رضي
اللّه عنهما: كان لا يَمُرُّ بسَقَّاطٍ ولا صاحِبِ بِيعةٍ إِلا سَلَّم
عليه؛ هو الذي يَبيعُ سَقَطَ المتاعِ وهو رَدِيئُه وحَقِيره. والبِيعةُ من
البَيْعِ كالرِّكْبةِ والجِلْسَةِ من الرُّكُوبِ والجُلوس، والسَّقَطُ من
البيع نحو السُّكَّر والتَّوابِل ونحوها، وأَنكر بعضهم تسميته
سَقَّاطاً، وقال: لا يقال سَقَّاط، ولكن يقال صاحب سَقَطٍ.
والسُّقاطةُ: ما سَقَط من الشيء. وساقَطه الحديثَ سِقاطاً: سَقَط منك
إِليه ومنه إِليك. وسِقاطُ الحديثِ: أَن يتحدَّثَ الواحدُ ويُنْصِتَ له
الآخَرُ، فإِذا سكت تحدَّثَ الساكِتُ؛ قال الفرزدق:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَديثَ، كأَنَّه
جَنى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّف
وسَقَطَ إِليَّ قوم: نزلوا عليَّ. وفي حديث النجاشِيّ وأَبي سَمّالٍ:
فأَما أَبو سَمَّالٍ فسَقَطَ إِلى جيرانٍ له أَي أَتاهم فأَعاذُوه
وسَترُوه. وسَقَطَ الحَرّ يَسْقُطُ سُقُوطاً: يكنى به عن النزول؛ قال النابغة
الجعدي:
إِذا الوَحْشُ ضَمَّ الوَحْش في ظُلُلاتِها
سَواقِطُ من حَرٍّ، وقد كان أَظْهَرا
وسَقَطَ عنك الحَرُّ: أَقْلَعَ؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه ضد.
والسَّقَطُ والسِّقاطُ: الخَطَأُ في القول والحِساب والكِتاب. وأَسْقَطَ
وسَقَطَ في كلامه وبكلامه سُقوطاً: أَخْطأَ. وتكلَّم فما أَسْقَطَ كلمة،
وما أَسْقَط حرفاً وما أَسْقَط في كلمة وما سَقَط بها أَي ما أَخْطأَ
فيها. ابن السكيت: يقال تَكلَّم بكلام فما سَقَطَ بحرف وما أَسْقَطَ
حَرْفاً، قال: وهو كما تقول دَخَلْتُ به وأَدْخَلْتُه وخرَجْتُ به وأَخْرَجْتُه
وعَلوْت به وأَعْلَيْتُه وسُؤتُ به ظَنّاً وأَسأْتُ به الظنَّ، يُثْبتون
الأَلف إِذا جاء بالأَلف واللام. وفي حديث الإفك: فأَسْقَطُوا لها به
يعني الجارِيةَ أَي سَبُّوها وقالوا لها من سَقَط الكلامِ، وهو رديئه، بسبب
حديث الإِفْك. وتَسَقَّطَه واستَسْقَطَه: طلَب سَقَطَه وعالَجه على أَن
يَسْقُطَ فيُخْطِئ أَو يكذب أَو يَبُوحَ بما عنده؛ قال جرير:
ولقد تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا
حَجِئاً بِسِرِّكِ، يا أُمَيْمَ، ضَنِينا
(* قوله «حجئاً» أَي خليقاً، وفي الأَساس والصحاح وديوان جرير: حصراً،
وهو الكتوم للسر.)
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وكذلك السِّقاطُ؛ قال سويد بن أَبي
كاهل:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَما
جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي،
وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كُتب إِليه أَبيات في صحيفة منها:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ من سُلَيْمٍ
مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلاَّتِها. والعَذارى: جمع عَذْراء. ويقال: فلان قليل
العِثار، ومثله قليل السِّقاطِ، وإِذا لم يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ
الكِرام يقال: ساقِطٌ، وأَنشد بيت سويد بن أَبي كاهل. وأَسقط فلان من الحساب
إِذا أَلقى. وقد سقَط من يدي وسُقِطَ في يَدِ الرجل: زَلَّ وأَخْطأَ،
وقيل: نَدِمَ. قال الزجّاجُ: يقال للرجل النادم على ما فعل الحَسِر على ما
فرَطَ منه: قد سُقِط في يده وأُسْقِط. وقال أَبو عمرو: لا يقال أُسقط،
بالأَلف، على ما لم يسمّ فاعله. وفي التنزيل العزيز: ولَمّا سُقِط في
أَيديهم؛ قال الفارسي: ضرَبوا بأَكُفِّهم على أَكفهم من النَّدَم، فإِن صح ذلك
فهو إِذاً من السقوط، وقد قرئ: سقَط في أَيديهم، كأَنه أَضمر الندم أَي
سقَط الندمُ في أَيديهم كما تقول لمن يحصل على شيء وإِن كان مما لا يكون
في اليد: قد حَصل في يده من هذا مكروهٌ، فشبّه ما يحصُل في القلب وفي
النفْس بما يحصل في اليد ويُرى بالعين. الفراء في قوله تعالى ولما سُقط في
أَيْديهم: يقال سُقط في يده وأُسقط من الندامة، وسُقط أَكثر وأَجود.
وخُبِّر فلان خَبراً فسُقط في يده وأُسقط. قال الزجاج: يقال للرجل النادم على
ما فعل الحسِرِ على ما فرَط منه: قد سُقط في يده وأُسقط. قال أَبو منصور:
وإِنما حَسَّنَ قولهم سُقط في يده، بضم السين، غير مسمًّى فاعله الصفةُ
التي هي في يده؛ قال: ومثله قول امرئ القيس:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ في حَجَراتِه،
ولكنْ حَدِيثاً، ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صاح المُنْتَهِبُ في حَجَراتِه، وكذلك المراد سقَط الندمُ في يده؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه،
كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لذاته شيئاً بهد شيء، أَراد أَنه كثير اللذات:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه،
حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بها أَصوات الجنّ. وأَما قوله تعالى: وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ
النخلةِ يَسّاقَطْ، وقرئ: تَساقَطْ وتَسّاقَطْ، فمن قرأَه بالياء فهو
الجِذْعُ، ومن قرأَه بالتاء فهي النخلةُ، وانتصابُ قوله رُطَباً جَنِيّاً
على التمييز المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فلما حوّل الفعل
إِلى الجذع خرج الرطبُ مفسِّراً؛ قال الأَزهري: هذا قول الفرّاء، قال:
ولو قرأَ قارئ تُسْقِطْ عليك رُطباً يذهب إِلى النخلة، أَو قرأَ يسقط عليك
يذهب إِلى الجذع، كان صواباً.
والسَّقَطُ: الفَضيحةُ. والساقِطةُ والسَّقِيطُ: الناقِصُ العقلِ؛
الأَخيرة عن الزجاجيّ، والأُنثى سَقِيطةٌ. والسَّاقِطُ والساقِطةُ: اللَّئيمُ
في حسَبِه ونفْسِه، وقوم سَقْطَى وسُقّاطٌ، وفي التهذيب: وجمعه
السَّواقِطُ؛ وأَنشد:
نحنُ الصَّمِيمُ وهُمُ السَّواقِطُ
ويقال للمرأَة الدنيئةِ الحَمْقَى: سَقِيطةٌ، ويقال للرجل الدَّنِيء:
ساقِطٌ ماقِطٌ لاقِطٌ. والسَّقِيطُ: الرجل الأَحمق. وفي حديث أَهل النار:
ما لي لا يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعفاء الناسِ وسَقَطُهم أَي أَراذِلُهم
وأَدْوانُهُم. والساقِط: المتأَخِّرُ عن الرجال.
وهذا الفعل مَسْقَطــةٌ للإِنسان من أَعْيُنِ الناس: وهو أَن يأْتي بما لا
ينبغي.
والسِّقاطُ في الفَرسِ: اسْتِرْخاء العَدْوِ. والسِّقاطُ في الفرس: أَن
لا يَزالَ مَنْكُوباً، وكذلك إِذا جاء مُسْتَرْخِيَ المَشْي والعَدْوِ.
ويقال للفرس: إِنه ليساقِط الشيء
(* قوله «ليساقط الشيء» كذا بالأصل،
والذي في الاساس: وانه لفرس ساقط الشدّ إِذا جاء منه شيء بعد شيء.) أَي يجيء
منه شيء بعد شيء؛ وأَنشد قوله:
بِذي مَيْعة، كأَنَّ أَدْنَى سِقاطِه
وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ
وساقَطَ الفرسُ العَدْوَ سِقاطاً إِذا جاء مسترخياً. ويقال للفرس إِذا
سبق الخيل: قد ساقَطَها؛ ومنه قوله:
ساقَطَها بنَفَسٍ مُرِيحِ،
عَطْفَ المُعَلَّى صُكَّ بالمَنِيحِ،
وهَذَّ تَقْرِيباً مع التَّجْلِيحِ
المَنِيحُ: الذي لا نَصِيبَ له. ويقال: جَلَّحَ إِذا انكشَف له الشأْنُ
وغَلب؛ وقال يصف الثور:
كأَنَّه سِبْطٌ من الأَسْباطِ،
بين حَوامِي هَيْدَبٍ سُقَّاطِ
السِّبْطُ: الفِرْقةُ من الأَسْباط. بين حوامِي هَيْدَبٍ وهَدَبٍ أَيضاً
أَي نَواحِي شجر ملتفّ الهَدَب. وسُقّاطٌ: جمع الساقِط، وهو
المُتَدَلِّي.
والسَّواقِطُ: الذين يَرِدُون اليمَامةَ لامْتِيارِ التمر، والسِّقاطُ:
ما يحملونه من التمر.
وسيف سَقّاطٌ وَراء الضَّريبةِ، وذلك إِذا قَطَعَها ثم وصَل إِلى ما
بعدها؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي يَقُدُّ حتى يَصِل إِلى الأَرض بعد أَن
يقطع؛ قال المتنخل الهذلي:
كلَوْنِ المِلْحِ ضَرْبَتُه هَبِيرٌ،
يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُراطِي
وقد تقدَّم في سرط، وصوابهُ يُتِرُّ العظمَ. والسُّراطِيُّ: القاطعُ.
والسَّقّاطُ: السيفُ يسقُط من وراء الضَّرِيبة يقطعها حتى يجوز إِلى
الأَرض.وسِقْطُ السَّحابِ: حيث يُرى طرَفُه كأَنه ساقِطٌ على الأَرض في ناحية
الأُفُق. وسِقْطا الخِباء: ناحِيَتاه. وسِقْطا الطائرِ وسِقاطاه
ومَسْقَطــاه: جَناحاه، وقيل: سِقْطا جَناحَيْه ما يَجُرُّ منهما على الأَرض. يقال:
رَفَع الطائرُ سِقْطَيْه يعني جناحيه. والسِّقْطانِ من الظليم: جَناحاه؛
وأَما قول الرَّاعي:
حتى إِذا ما أَضاء الصُّبْحُ، وانْبَعَثَتْ
عنه نَعامةُ ذي سِقْطَيْن مُعْتَكِر
فإِنه عنى بالنعامة سَواد الليل، وسِقْطاه: أَوّلُه وآخِرُه، وهو على
الاستعارة؛ يقول: إِنَّ الليلَ ذا السِّقْطين مضَى وصدَق الصُّبْح؛ وقال
الأَزهري: أَراد نَعامةَ ليْلٍ ذي سِقطين، وسِقاطا الليل: ناحِيتا ظَلامِه؛
وقال العجاج يصف فرساً:
جافِي الأَيادِيمِ بلا اخْتِلاطِ،
وبالدِّهاسِ رَيَّث السِّقاطِ
قوله: ريّث السقاط أَي بطيء أَي يَعْدو
(* قوله «أي يعدو إلخ» كذا
بالأصل.) في الدِّهاسِ عَدْواً شديداً لا فُتورَ فيه. ويقال: الرجل فيه سِقاطٌ
إِذا فَتَر في أَمره ووَنَى.
قال أَبو تراب: سمعت أَبا المِقْدامِ السُّلَمِيّ يقول: تسَقَّطْتُ
الخَبَر وتَبقَّطْتُه إِذا أَخذته قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء.
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: بهذه الأَظْرُبِ السَّواقِطِ أَي
صِغار الجبالِ المُنْخفضةِ اللاَّطئةِ بالأَرض.
وفي حديث سعد، رضي اللّه عنه: كان يُساقِطُ في ذلك عن رسول اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، أَي يَرْوِيهِ عنه في خِلالِ كلامِه كأَنه يَمْزُجُ
حَدِيثَه بالحديث عن رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو من أَسْقَطَ
الشيءَ إِذا أَلْقاه ورَمَى به.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه شرب من السَّقِيطِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا
ذكره بعض المتأَخرين في حرف السين، وفسره بالفَخّارِ، والمشهور فيه لُغةً
وروايةً الشينُ المعجمة، وسيجيء، فأَمّا السَّقِيطُ، بالسين المهملة، فهو
الثَّلْجُ والجَلِيدُ.
قسط: في أَسماء اللّه تعالى الحسنى المُقْسِطُ: هو العادِلُ. يقال:
أَقْسَطَ يُقْسِطُ، فهو مُقْسِطٌ إِذا عدَل، وقَسَطَ يَقْسِطُ، فهو قاسِطٌ
إِذا جارَ، فكأَن الهمزة في أَقْسَطَ للسَّلْب كما يقال شَكا إِليه
فأَشْكاه. وفي الحديث: أَنّ اللّهَ لا يَنامُ ولا ينبغي له أَن ينامَ، يَخْفِضُ
القِسْطَ ويرفَعُه؛ القِسْطُ: المِيزانُ، سمي به من القِسْطِ العَدْلِ،
أَراد أَن اللّه يَخفِضُ ويَرْفَعُ مِيزانَ أَعمالِ العِبادِ المرتفعةِ
إِليه وأَرزاقَهم النازلةَ من عنده كما يرفع الوزَّانُ يده ويَخْفِضُها عند
الوَزْن، وهو تمثيل لما يُقَدِّرُه اللّه ويُنْزِلُه، وقيل: أَراد
بالقِسْط القِسْمَ من الرِّزقِ الذي هو نَصِيبُ كل مخلوق، وخَفْضُه تقليلُه،
ورفْعُه تكثيره. والقِسْطُ: الحِصَّةُ والنَّصِيبُ. يقال: أَخذ كل واحد من
الشركاء قِسْطَه أَي حِصَّتَه. وكلُّ مِقدار فهو قِسْطٌ في الماء وغيره.
وتقَسَّطُوا الشيءَ بينهم: تقسَّمُوه على العَدْل والسَّواء. والقِسْط،
بالكسر: العَدْلُ، وهو من المصادر الموصوف بها كعَدْل، يقال: مِيزانٌ
قِسْط، ومِيزانانِ قسط، ومَوازِينُ قِسْطٌ. وقوله تعالى: ونضَعُ المَوازِينَ
القِسْطَ؛ أَي ذواتِ القِسْط. وقال تعالى: وزِنُوا بالقِسْطاس المستقيم؛
يقال: هو أَقْوَمُ المَوازِين، وقال بعضهم: هو الشَّاهِينُ، ويقال:
قُسْطاسٌ وقِسْطاسٌ. والإِقساطُ والقِسْطُ: العَدْلُ. ويقال: أَقْسَطَ
وقَسَطَ إِذا عدَلَ. وجاءَ في بعض الحديث: إِذا حكَمُوا عدَلوا وإِذا قسَموا
أَقْسَطُوا أَي عَدَلُوا
(*
قوله «وإِذا قسموا أَي عدلوا ههنا فقد جاء إلخ» هكذا في الأَصل.) ههنا،
فقد جاءَ قَسَطَ في معنى عدل، ففي العدل لغتان: قَسَطَ وأَقْسَطَ، وفي
الجَوْر لغة واحدة قسَطَ، بغيرِ الأَلف، ومصدره القُسُوطُ. وفي حديث عليّ،
رضوان اللّه عليه: أُمِرْتُ بِقتالِ الناكثِينَ والقاسِطِينَ
والمارِقِينَ؛ الناكِثُون: أَهلُ الجمَل لأَنهم نَكَثُوا بَيْعَتهم، والقاسِطُونَ:
أَهلُ صِفَّينَ لأَنهم جارُوا في الحُكم وبَغَوْا عليه، والمارِقُون:
الخوارِجُ لأَنهم مَرَقُوا من الدين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ.
وأَقْسطَ في حكمه: عدَلَ، فهو مُقْسِطٌ. وفي التنزيل العزيز: وأَقْسِطُوا
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُقْسِطينَ. والقِسْط: الجَوْر. والقُسُوط:
الجَوْرُ والعُدُول عن الحق؛ وأَنشد:
يَشْفِي مِنَ الضِّغْنِ قُسُوطُ القاسِطِ
قال: هو من قَسَطَ يَقْسِطُ قُسوطاً وقسَطَ قُسوطاً: جارَ. وفي التنزيل
العزيز: وأَمَّا القاسِطُون فكانوا لجهنَّم حَطَباً؛ قال الفراء: هم
الجائرون الكفَّار، قال: والمُقْسِطون العادلُون المسلمون. قال اللّه تعالى:
إِن اللّه يُحب المقسطين. والإِقْساطُ: العَدل في القسْمة والحُكم؛ يقال:
أَقْسَطْتُ بينهم وأَقسطت إِليهم.
وقَسَّطَ الشيءَ: فرَّقَه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لو كان خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ،
وعالِجٌ نَصِيُّه وسَبَطهْ،
والشَّامُ طُرّاً زَيْتُه وحِنَطُهْ
يأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ
ويقال: قَسَّطَ على عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ وقال
الطرمَّاح:
كَفَّاه كَفٌّ لا يُرَى سَيْبُها
مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها
والقِسْطُ: الكُوزُ عنه أَهل الأَمصار. والقِسْطُ: مِكْيالٌ، وهو نِصْف
صاعٍ، والفَرَقُ ستةُ أَقْساطٍ. المبرد: القِسْطُ أَربعمائة وأَحد
وثمانون دِرهماً. وفي الحديث: إِنَّ النِّساءَ من أَسْفَهِ السُّفَهاء إِلاّ
صاحِبةَ القِسْطِ والسِّراج؛ القِسْطُ: نصف الصاع وأَصله من القِسْطِ
النَّصِيبِ، وأَراد به ههنا الإِناء الذي تُوَضِّئُه فيه كأَنه أَراد إِلاَّ
التي تَخْدُم بعْلها وتَقُوم بأُمُورِه في وُضُوئه وسِراجه. وفي حديث علي،
رضوان اللّه عليه: أَنه أَجْرى للناسِ المُدْيَيْن والقِسْطَيْن؛
القِسْطانِ: نَصِيبانِ من زيت كان يرزُقُهما الناسَ.
أَبو عمرو: القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبارُ.
والقَسَطُ: طُول الرِّجل وسَعَتُها. والقَسَطُ: يُبْسٌ يكون في الرِّجل
والرأْس والرُّكْبةِ، وقيل: هو في الإِبل أَن يكون البعير يابس الرِّجلين
خِلْقة، وقيل: هو الأَقْسَطُ والناقةُ قَسْطاء، وقيل: الأَقْسَطُ من
الإِبل الذي في عَصَب قَوائمه يُبْسٌ خِلقَةً، قال: وهو في الخيل قِصَرُ
الفخذ والوَظِيفِ وانْتِصابُ السَّاقين، وفي الصحاح: وانْتصابٌ في رِجلي
الدابة؛ قال ابن سيده: وذلك ضَعْف وهو من العُيوب التي تكون خلقة لأَنه
يستحب فيهما الانْحناءُ والتوْتِيرُ، قَسِطَ قَسَطاً وهو أَقْسَطُ بَيِّنُ
القَسَطِ. التهذيب: والرِّجل القَسْطاءُ في ساقها اعْوِجاجٌ حتى تَتَنَحَّى
القَدَمانِ ويَنْضَمَّ السَّاقانِ، قال: والقَسَطُ خِلافُ الحَنَفِ؛ قال
امرؤُ القَيْس يَصفُ الخيل:
إِذْ هُنَّ أَقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبى،
أَوْ كَقَطا كاظِمةَ النَّاهِلِ
(* قوله «إذ هن أقساط إلخ» أورده شارح القاموس في المستدركات وفسره
بقوله أي قطع.)
أَبو عبيد عن العَدَبَّس: إِذا كان البعير يابسَ الرجلين فهو أَقْسَطُ،
ويكون القَسَطُ يُبْساً في العنُق؛ قال رؤْبة:
وضَرْبِ أَعْناقِهِم القِساطِ
يقال: عُنُقٌ قَسْطاء وأَعْناقٌ قِساطٌ. أَبو عمرو: قَسِطَتْ عِظامُه
قُسُوطاً إِذا يَبِسَتْ من الهُزال؛ وأَنشد:
أَعطاه عَوْداً قاسِطاً عِظامُه،
وهُوَ يَبْكي أَسَفاً ويَنْتَحبْ
ابن الأَعرابي والأَصمعي: في رِجله قَسَطٌ، وهو أَن تكون الرِّجل
مَلْساء الأَسْفل كأَنَّها مالَجٌ.
والقُسْطانِيَّةُ والقُسْطانيُّ: خُيوطٌ كخُيوطِ قَوْسِ المُزْنِ تخيط
بالقمر
(* قوله «تخيط بالقمر» كذا بالأَصل وشرح القاموس.) وهي من علامة
المطر.
والقُسْطانةُ: قَوْسُ قُزحَ
(* قوله «والقسطانة قوس إلخ» كذا في الأَصل
بهاء التأنيث.)؛ قال أَبو سعيد: يقال لقوس اللّه القُسْطانيُّ؛ وأَنشد:
وأُديرَتْ خفَفٌ تَحْتَها،
مِثْلُ قُسْطانيِّ دَجْن الغَمام
قال أَبو عمرو: القُسْطانيُّ قَوْسُ قُزَحَ ونُهِي عن تسمية قَوْسِ
قزحَ. والقُسْطَناس: الصَّلاءَةُ.
والقُسْطُ، بالضم: عود يُتَبخَّر به لغة في الكُسْطِ عُقَّارٌ من
عَقاقِير البحر، وقال يعقوب: القاف بدل، وقال الليث: القُسط عُود يُجاءُ به من
الهِند يجعل في البَخُور والدَّواء، قال أَبو عمرو: يقال لهذا البَخُور
قُسْطٌ وكُسْطٌ وكُشْط؛ وأَنشد ابن بري لبشر ابن أَبي خازِم:
وقَدْ أُوقِرْنَ من زَبَدٍ وقُسْطٍ،
ومن مِسْكٍ أَحَمَّ ومن سَلام
وفي حديث أُمّ عطِيَّة: لا تَمَسُّ طِيباً إِلاَّ نُبْذةً من قُسْطٍ
وأَظْفارٍ، وفي رواية: قُسْط أَظْفار؛ القُسْطُ: هو ضَرْب من الطِّيب، وقيل:
هو العُودُ؛ غيره: والقُسْطُ عُقَّار معروف طيِّب الرِّيح تَتَبخَّر به
النفساء والأَطْفالُ؛ قال ابن الأَثير: وهو أَشبه بالحديث لأَنه أَضافه
إِلى الأَظفار؛ وقول الراجز:
تُبْدِي نَقِيّاً زانَها خِمارُها،
وقُسْطةً ما شانَها غُفارُها
يقال: هي الساق نُقِلت من كتاب
(* قوله: نقلت من كتاب، هكذا في
الأَصل.).وقُسَيْطٌ: اسم. وقاسطٌ: أَبو حَيّ، وهو قاسِطُ ابن هِنْبِ بن أَفْصَى
بن دُعْمِيّ بن جَدِيلةَ بن أَسَدِ ابن رَبيعةَ.
سجد: الساجد: المنتصب في لغة طيّء، قال الأَزهري: ولا يحفظ لغير الليث.
ابن سيده: سَجَدَ يَسْجُدُ سجوداً وضع جبهته بالأَرض، وقوم سُجَّدٌ
وسجود. وقوله عز وجل: وخروا له سجداً؛ هذا سجود إِعظام لا سجود عبادة لأَن
بني يعقوب لم يكونوا يسجدون لغير الله عز وجل. قال الزجاج: إِنه كان من سنة
التعظيم في ذلك الوقت أَن يُسْجَد للمعظم، قال وقيل: خروا له سجداً أَي
خروا لله سجداً؛ قال الأَزهري: هذا قول الحسن والأَشبه بظاهر الكتاب
أَنهم سجدوا ليوسف، دل عليه رؤْياه الأُولى التي رآها حين قال: إِني رأَيت
أَحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأَيتهم لي ساجدين؛ فظاهر التلاوة أَنهم
سجدوا ليوسف تعظيماً له من غير أَن أَشركوا بالله شيئاً، وكأَنهم لم يكونوا
نهوا عن السجود لغير الله عز وجل، فلا يجوز لأَحد أَن يسجد لغير الله؛
وفيه وجه آخر لأَهل العربية: وهو أَن يجعل اللام في قوله: وخروا له سجداً،
وفي قوله: رأَيتهم لي ساجدين، لام من أَجل؛ المعنى: وخروا من أَجله سجداً
لله شكراً لما أَنعم الله عليهم حيث جمع شملهم وتاب عليهم وغفر ذنبهم
وأَعز جانبهم ووسع بيوسف، عليه السلام؛ وهذا كقولك فعلت ذلك لعيون الناس
أَي من أَجل عيونهم؛ وقال العجاج:
تَسْمَعُ لِلجَرْعِ، إِذا استُحِيرا،
للماء في أَجوافها، خَريرَا
أَراد تسمع للماء في أَجوافها خريراً من أَجل الجرع. وقوله تعالى: وإِذ
قلنا للملائكة اسجدوا لآدم؛ قال أَبو إِسحق: السجود عبادة لله لا عبادة
لآدم لأَن الله، عز وجل، إِنما خلق ما يعقل لعبادته.
والمسجَد والمسجِد: الذي يسجد فيه، وفي الصحاح: واحد المساجد. وقال
الزجاج: كل موضع يتعبد فيه فهو مسجَِد، أَلا ترى أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، قال: جعلت لي الأَرض مسجداً وطهوراً. وقوله عز وجل: ومن أَظلم ممن
منع مساجد الله؛ المعنى على هذا المذهب أَنه من أَظلم ممن خالف ملة
الإِسلام؟ قال: وقد كان حكمه أَن لا يجيء على مَفْعِل ولكنه أَحد الحروف التي
شذت فجاءَت على مَفْعِل. قال سيبويه: وأَما المسجد فإِنهم جعلوه اسماً
للبيت ولم يأْت على فَعَلَ يَفْعُلُ كما قال في المُدُقِّ إِنه اسم للجلمود،
يعني أَنه ليس على الفعل، ولو كان على الفعل لقيل مِدَقٌّ لأَنه آلة،
والآلات تجيء على مِفْعَلٍ كمِخْرَزٍ ومِكنَسٍ ومِكسَحٍ. ابن الأَعرابي:
مسجَد، بفتح الجيم، محراب البيوت؛ ومصلى الجماعات مسجِد، بكسر الجيم،
والمساجد جمعها، والمساجد أَيضاً: الآراب التي يسجد عليها والآراب السبعة
مساجد. ويقال: سَجَدَ سَجْدَةً وما أَحسن سِجْدَتَه أَي هيئة سجوده. الجوهري:
قال الفراء كل ما كان على فَعَلَ يَفْعُل مثل دخل يدخل فالمفعل منه
بالفتح، اسماً كان أَو مصدراً، ولا يقع فيه الفرق مثل دخل مَدْخَلاً وهذا
مَدْخَلُه، إِلا أَحرفاً من الأَسماء أَلزموها كسر العين، من ذلك المسجِد
والمطلِع والمغرب والمشرق والــمَسْقِط والمَفْرِق والمَجْزِر والمَسْكِن
والمَرْفِق مِن رَفَقَ يَرْفُقُ والمَنْبِت والمَنْسِك من نَسَك ينَّسُك،
فجعلوا الكسر علامة الاسم، وربما فتحه بعض العرب في الاسم، فقد روي مسكَن
ومسكِن وسمع المسجِد والمسجَد والمطلِع والمطلَع، قال: والفتح في كله جائز
وإِن لم نسمعه. قال: وما كان من باب فَعَل يفعِل مثل جلس يجلِسُ فالموضع
بالكسر والمصدر بالفتح للفرق بينهما، تقول: نزل منزَلاً بفتح الزاي، تريد
نزل نزولاً، وهذا منزِله، فتكسر، لأَنك تعني الدار؛ قال: وهو مذهب تفرد
به هذا الباب من بين أَخواته، وذلك أَن المواضع والمصادر في غير هذا
الباب ترد كلها إِلى فتح العين ولا يقع فيها الفرق، ولم يكسر شيء فيما سوى
المذكور إِلا الأَحرف التي ذكرناها. والمسجدان: مسجد مكة ومسجد المدينة،
شرفهما الله عز وجل؛ وقال الكميت يمدح بني أُمية:
لكم مَسْجِدَا الله المَزُورانِ، والحَصَى
لكم قِبْصُه من بين أَثرَى وأَقتَرا
القِبْصُ: العدد. وقوله: من بين أَثرى وأَقترا يريد من بين رجل أَثرى
ورجل أَقتر أَي لكم العدد الكثير من جميع الناس، المُثْري منهم
والمُقْتِر.والمِسْجَدَةُ والسَّجَّادَةُ: الخُمْرَةُ المسجود عليها.
والسَّجَّادةُ: أَثر السجود في الوجه أَيضاً. والمَسْجَدُ، بالفتح: جبهة
الرجل حيث يصيبه نَدَبُ السجود. وقوله تعالى: وإِن المساجد لله؛ قيل: هي
مواضع السجود من الإِنسان: الجبهة والأَنف واليدان والركبتان والرجلان.
وقال الليث في قوله: وإِن المساجد لله، قال: السجود مواضعه من الجسد
والأَرض مساجد، واحدها مسجَد، قال: والمسجِد اسم جامع حيث سجد عليه، وفيه
حديث لا يسجد بعد أَن يكون اتخذ لذلك، فأَما المسجد من الأَرض فموضع السجود
نفسه؛ وقيل في قوله: وإِن المساجد لله، أَراد أَن السجود لله، وهو جمع
مسجد كقولك ضربت في الأَرض.
أَبو بكر: سجد إِذا انحنى وتطامن إِلى الأَرض.
وأَسجَدَ الرجلُ: طأْطأَ رأْسه وانحنى، وكذلك البعير؛ قال الأَسدي
أَنشده أَبو عبيد:
وقلنَ له أَسجِدْ لِلَيْلى فأَسجَدَا
يعني بعيرها أَنه طأْطأَ رأْسه لتركبه؛ وقال حميد بن ثور يصف نساء:
فُضولَ أَزِمَّتِها أَسجَدَتْ
سجودَ النصارى لأَرْبابِها
يقول: لما ارتحلن ولوين فضول أَزمَّة جمالهن على معاصمهن أَسْجدت لهن؛
قال ابن بري صواب إِنشاده:
فلما لَوَيْنَ على مِعْصَمٍ،
وكَفٍّ خضيبٍ وأَسوارِها،
فُضولَ أَزِمَّتِها، أَسْجدت
سجودَ النصارى لأَحْبارِها
وسجدَت وأَسجدَتْ إِذا خفضت رأْسها لتُرْكَبَ. وفي الحديث: كان كسرى
يسجد للطالع أَي يتطامن وينحني؛ والطالِعُ: هو السهم الذي يجاوز الهَدَفَ من
أَعلاه، وكانوا يعدونه كالمُقَرْطِسِ، والذي يقع عن يمينه وشماله يقال
له عاصِدٌ؛ والمعنى: أَنه كان يسلم لراميه ويستسلم؛ وقال الأَزهري: معناه
أَنه كان يخفض رأْسه إِذا شخص سهمه، وارتفع عن الرَّمِيَّة ليتَقَوَّم
السهم فيصيب الدارَةَ.
والإِسجادُ: فُتورُ الطرفِ. وعين ساجدة إِذا كانت فاترة. والإِسجادُ:
إِدامة النظر مع سكون؛ وفي الصحاح: إِدامة النظر وإِمراضُ الأَجفان؛ قال
كثير:
أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ، عندنا،
وإِسجادَ عيْنَيكِ الصَّيودَيْنِ، رابحُ
ابن الأَعرابي: الإِسجاد، بكسر الهمزة، اليهودُ؛ وأَنشد الأَسود:
وافى بها كدراهم الإِسجاد
(* قوله «وافى بها إلخ» صدره كما في القاموس: من خمر ذي نطق أغن منطق).
أَبو عبيدة: يقال اعطونا الإِسجاد أَي الجزية، وروي بيت الأَسود بالفتح
كدراهم الأَسجاد. قال ابن الأَنباري: دراهم الأَسجاد هي دراهم ضربها
الأَكاسرة وكان عليها صُوَرٌ، وقيل: كان عليها صورة كسرى فمن أَبصرها سجد لها
أَي طأْطأَ رأْسه لها وأَظهر الخضوع. قاله في تفسير شعر الأَسود بن يعفر
رواية المفضل مرقوم فيه علامة أَي
(* قوله «علامة أي» في نسخة الأصل
التي بأيدينا بعد أي حروف لا يمكن أَن يهتدي اليها أحد) . . . .
ونخلة ساجدة إِذا أَمالها حملها. وسجدت النخلة إِذا مالت. ونخل سواجد:
مائلة؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد للبيد:
بين الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنةٌ
غُلْبٌ سواجدُ، لم يدخل بها الخَصَرُ
قال: وزعم ابن الأَعرابي أَن السواجد هنا المتأَصلة الثابتة؛ قال وأَنشد
في وصف بعير سانية:
لولا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِدا
بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ الساجدا
قال ابن سيده: كذا حكاه أَبو حنيفة لم أُغير من حكايته شيئاً. وسجد:
خضع؛ قال الشاعر:
ترى الأُكْمَ فيها سُجَّداً للحوافِرِ
ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأَرض ولا خضوع أَعظم منه.
والاسم السجدة، بالكسر، وسورة السجدة، بالفتح. وكل من ذل وخضع لما أُمر به،
فقد سجد؛ ومنه قوله تعالى: تتفيأُ ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله وهم
داخرون أَي خضعاً متسخرة لما سخرت له. وقال الفراء في قوله تعالى: والنجم
والشجر يسجدان؛ معناه يستقبلان الشمس ويميلان معها حتى ينكسر الفيء.
ويكون السجود على جهة الخضوع والتواضع كقوله عز وجل: أَلم ترَ أَن الله يسجد
له من في السموات (الآية) ويكون السجود بمعنى التحية؛ وأَنشد:
مَلِكٌ تَدِينُ له الملوكُ وتَسْجُدُ
قال ومن قال في قوله عز وجل: وخروا له سجداً، سجود تحية لا عبادة؛ وقال
الأَخفش: معنى الخرور في هذه الآية المرور لا السقوط والوقوع. ابن عباس
وقوله، عز وجل: وادخلوا الباب سجداً، قال: باب ضيق، وقال: سجداً ركعاً،
وسجود الموات محمله في القرآن طاعته لما سخر له؛ ومنه قوله تعالى: أَلم تر
أَن الله يسجد له من في السموات ومن في الأَرض، إِلى قوله: وكثير حق عليه
العذاب؛ وليس سجود الموات لله بأَعجب من هبوط الحجارة من خشية الله،
وعلينا التسليم لله والإِيمان بما أَنزل من غير تطلب كيفية ذلك السجود
وفقهه، لأَن الله، عز وجل، لم يفقهناه، ونحو ذلك تسبيح الموات من الجبال
وغيرها من الطيور والدواب يلزمنا الإِيمان به والاعتراف بقصور أَفهامنا عن
فهمه، كما قال الله عز وجل: وإِن من شيء إِلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون
تسبيحهم.
نكب: نَكَبَ عن الشيءِ وعن الطريق يَنْكُب نَكْباً ونُكُوباً، ونَكِبَ نَكَباً، ونَكَّبَ، وتَنَكَّبَ: عَدَلَ؛ قال:
إِذا ما كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى، * فَنَكِّبْ كلَّ مُحْتِرةٍ صَناعِ
وقال رجل من الأَعراب، وقد كَبِرَ، وكان في داخل بيته، ومَرَّتْ
سَحابةٌ: كيفَ تَراها يا بُنَيَّ؟ قال: أَراها قد نَكَّبَتْ وتَبَهَّرَتْ؛
نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ؛ وأَنشد الفارسي:
هما إِبلانِ، فيهما ما عَلِمْتُمُ، * فَعَنْ أَيِّها، ما شِئْتُمُ، فتَنَكَّبُوا
عدَّاه بعن، لأَن فيه معنى اعْدلوا وتباعَدُوا، وما زائدة. قال
الأَزهري: وسمعت العرب تقول نَكَبَ فلانٌ عن الصواب يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عنه.
ونَكَّبَ عن الصواب تنكيباً، ونَكَّبَ غيرَه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال لِـهُنَيّ مولاه: نَكِّبْ عنا ابن أُمّ عَبدٍ أَي نَحِّه عنا. وتَنَكَّبَ فلانٌ عنا تَنَكُّباً أَي مال عنا. الجوهري: نَكَّبه
تَنْكيباً أَي عَدَل عنه واعتزله. وتَنَكَّبَه أَي تَجَنَّبَه. ونَكَّبَه الطريقَ، ونَكَّبَ به: عَدَلَ. وطريقٌ يَنْكُوبٌ: على غير قَصْدٍ.
والنَّكَبُ، بالتحريك: الـمَيَلُ في الشيءِ. وفي التهذيب: شِـبْهُ مَيَل
في الـمَشْي؛ وأَنشد: عن الـحَقِّ أَنْكَبُ أَي مائلٌ عنه؛ وإِنه
لَـمِنْكابٌ عن الـحَقِّ. وقامةٌ نَكْبَاءُ: مائلة، وقِـيَمٌ نُكْبٌ. والقامةُ:
البَكْرَةُ. وفي حديث حَجَّة الوداع: فقال بأُصْبُعه السَّبَّابة يَرْفَعُها إِلى السماءِ، ويَنْكُبُها إِلى الناس أَي يُميلُها إِليهم؛ يريد بذلك أَن
يُشْهِدَ اللّهَ عليهم. يقال: نَكَبْتُ الإِناءَ نَكْباً ونَكَّبْتُه تَنْكيباً إِذا أَماله
وكَبَّه. وفي حديث الزكاة: نَكِّبُوا عن الطَّعام؛ يُريد
الأَكُولةَ وذواتِ اللبن ونحوَهما أَي أَعْرِضُوا عنها، ولا تأْخذوها في الزكاة، ودَعُوها لأَهلها، فيقال فيه: نَكَبَ ونَكَّبَ. وفي حديث آخر: نَكِّبْ عن ذات الدَّرِّ.
وفي الحديث الآخر، قال لوَحْشِـيٍّ: تَنَكَّبْ عن وَجْهي أَي تَنَحَّ،
وأَعْرِضْ عني.
والنَّكْبَاءُ: كلُّ ريحٍ؛ وقيل كلُّ ريح من الرياح الأَربع انْحَرَفَتْ
ووقَعَتْ بين ريحين، وهي تُهلِكُ المالَ، وتحْبِسُ القَطْرَ؛ وقد
نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً، وقال أَبو زيد: النَّكْبَاءُ التي لا يُخْتَلَفُ
فيها، هي التي تَهُبُّ بين الصَّبَا والشَّمَال. والجِرْبِـيَاءُ: التي
بينَ الجَنُوب والصَّبَا؛ وحكى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابي: أَنَّ النُّكْبَ من الرياح أَربعٌ: فنَكْبَاءُ الصَّبا والجَنُوبِ مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ
مِـيباسٌ للبَقْلِ، وهي التي تجيءُ بين الريحين، قال الجوهري: تسمى الأَزْيَبَ؛ ونَكْبَاءُ الصَّبا والشَّمَال مِعْجَاجٌ مِصْرَاد، لا مَطَر فيها ولا خَيْرَ عندها، وتسمى الصَّابِـيةَ، وتسمى أَيضاً النُّكَيْبَاءَ، وإِنما صَغَّروها، وهم يريدون تكبيرها، لأَنهم يَسْتَبْرِدُونها جِدّاً؛
ونَكْبَاءُ الشَّمَال والدَّبُور قَرَّةٌ، وربما كان فيها مطر قليل، وتسمى
الجِرْبِـياءَ، وهي نَيِّحَةُ الأَزْيَبِ؛ ونَكْبَاءُ الجَنُوبِ والدَّبُور حارَّة مِهْيافٌ، وتسمى الـهَيْفَ، وهي نَيِّحَةُ النُّكَيْبَاءِ، لأَن العرب تُناوِحُ بين هذه النُّكْبِ، كما ناوحُوا بين القُوم من الرياحِ؛ وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً. ودَبور نَكْبٌ: نَكْباءُ. الجوهري: والنَّكْباءُ الريح الناكبة، التي تَنْكُبُ عن مَهَابِّ الرياحِ القُومِ، والدَّبُور ريح من رياح القَيْظِ، لا تكون إِلا فيه، وهي مِهْيَافٌ؛ والجَنوبُ تَهُبُّ كلَّ وقت. وقال ابنُ كِناسَةَ: تَخرج النَّكْباءُ ما بين مَطْلَعِ الذِّراع إِلى القُطْب، وهو مَطْلَع الكَواكب الشامية، وجعَلَ ما بين القُطْبِ إِلى مَسْقَطِ الذراع، مَخْرَجَ الشَّمال، وهو مَسْقَطُ كل نجم طَلَعَ من مَخْرج النَّكْباءِ، من اليمانية، واليمانية لا ينزل فيها شمس ولا قمر، إِنما يُهْتَدَى بها في البر والبحر، فهي شامية. قال شمر: لكل ريح من الرياح الأَربع نَكْباءُ تُنْسَبُ إِليها، فالنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الصَّبا هي التي بينها وبين الشمال، وهي تشبهها في اللِّينِ، ولها أَحياناً عُرامٌ، وهو قليل، إِنما يكون في الدهر مرة؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الشَّمال، وهي التي بينها وبين الدَّبُور، وهي تُشْبِـهها في البَرْد، ويقال لهذه الشَّمال: الشامِـيَّةُ، كلُّ واحدة منها عند العرب شامية؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الدَّبُور، هي التي بينها وبين الجَنُوب، تجيءُ من مغيب سُهَيْل، وهي تُشْبِه الدَّبور في شِدَّتها وعَجاجِها؛ والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الجَنوب، هي التي بينها وبين الصَّبا، وهي أَشْبَهُ الرِّياح بها، في رقتها وفي لينها في الشتاءِ.
وبعير أَنْكَبُ: يَمْشي مُتَنَكِّباً. والأَنْكَبُ من الإِبل: كأَنما يَمشي في شِقٍّ؛ وأَنشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ، وما فيه نَكَبْ
ومَنْكِـبا كلِّ شيءٍ: مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكتِفِ، وحَبْلُ العاتِق من الإِنسانِ والطائرِ وكلِّ شيءٍ. ابن سيده: الـمَنْكِبُ من الإِنسان وغيره: مُجْتَمَعُ رأْسِ الكَتِفِ والعَضُدِ، مذكر لا غير، حكى ذلك
اللحياني. قال سيبويه: هو اسم للعُضْو، ليس على المصدر ولا المكان، لأَن فِعْلَه نَكَبَ يَنكُبُ، يعني أَنه لو كان عليه، لقال: مَنْكَبٌ؛ قال: ولا يُحْمَل على باب مَطْلِـع، لأَنه نادر، أَعني بابَ مَطْلِـع. ورجل شديدُ الـمَناكِبِ، قال اللحياني: هو من الواحد الذي يُفَرَّقُ فيجعل جميعاً؛ قال: والعرب تفعل هذا كثيراً، وقياسُ قول سيبويه، أَن
يكونوا ذهبوا في ذلك إِلى تعظيم العضو، كأَنهم جعلوا كل طائفة منه مَنْكِـباً. ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشْتَكى مَنْكِـبَهُ. وفي حديث ابن عمر: خِـيارُكم أَلْيَنُكُمْ مَناكِبَ في الصلاة؛ أَراد لزُومَ السكينة في الصلاة؛ وقيل أَراد أَن لا يَمْتَنِـعَ على من يجيءُ ليدخل في الصف، لضيق المكان، بل يُمَكِّنُه من ذلك.
وانْتَكَبَ الرجلُ كِنانَتَهُ وقَوْسَه، وتَنَكَّبها: أَلْقاها على مَنْكِـبِه. وفي الحديث: كان إِذا خَطَبَ بالـمُصَلَّى، تَنَكَّبَ على قَوْسٍ أَو عَصاً أَي اتَّكأَ عليها؛ وأَصله مِن تَنَكَّبَ القوسَ، وانْتَكَبها إِذا عَلَّقها في مَنْكبه.
والنَّكَبُ، بفتح النون والكاف: داءٌ يأْخذ الإِبلَ في مَناكبها،
فَتَظْلَعُ منه، وتمشي مُنْحَرِفةً. ابن سيده: والنَّكَبُ ظَلَعٌ يأْخذ البعيرَ
من وَجَع في مَنْكِـبه؛ نَكِبَ البعيرُ، بالكسر، يَنْكَبُ نَكَباً، وهو
أَنْكَبُ؛ قال:
يَبْغِـي فيُرْدِي وخَدانَ الأَنْكَبِ
الجوهري: قال العَدَبَّسُ: لا يكون النَّكَبُ إِلا في الكَتِفِ؛ وقال
رجلٌ من فَقْعَسٍ:
فهَلاَّ أَعَدُّوني لـمِثْلي تَفاقَدُوا، * إِذا الخَصْمُ، أَبْزى، مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
قال: وهو من صِفَةِ الـمُتَطاوِل الجائرِ.
ومَناكِب الأَرضِ: جبالُها؛ وقيل: طُرُقها؛ وقيل: جَوانِـبُها؛ وفي
التنزيل العزيز: فامْشُوا في مَناكِـبها؛ قال الفراء: يريد في جوانبها؛ وقال الزجاج: معناه في جبالها؛ وقيل: في طُرُقها. قال الأَزهري: وأَشبَهُ التفسير، واللّه أَعلم، تفسير من قال: في جبالها، لأَن قوله: هو الذي جَعَل لكم الأَرضَ ذَلُولاً، معناه سَهَّلَ لَكم السُّلوكَ فيها، فأَمكنكم السلوك في جبالها، فهو أَبلغ في التذليل. والـمَنْكِبُ من الأَرض: الموضعُ المرتفع.
وفي جَناح الطائرِ عِشْرُونَ ريشةً: أَوَّلُها القَوادِمُ، ثم الـمَناكِبُ، ثم الخَوافي، ثم الأَباهِرُ، ثم الكُلى؛ قال ابن سيده: ولا أَعْرِفُ
للـمَناكب من الريش واحداً، غير أَن قياسه أَن يكون مَنْكِـباً. غيره: والـمَناكِبُ في جَناحِ الطائر أَربعٌ، بعد القَوادِم؛ ونَكَبَ على قومه يَنْكُبُ نِكابَةً ونُكوباً، الأَخيرة عن اللحياني، إِذا كان مَنْكِـباً لهم، يعتمدون عليه. وفي المحكم عَرَفَ عليهم؛ قال: والـمَنْكِبُ العَرِيفُ، وقيل: عَوْنُ العَريفِ. وقال الليث: مَنْكِبُ القوم رأْسُ العُرَفاءِ، على كذا وكذا عريفاً مَنْكِبٌ، ويقال له: النِّكابةُ في قومه. وفي حديث النَّخَعِـيِّ: كان يَتَوَسَّطُ العُرَفاءَ والـمَناكِب؛ قال ابن الأَثير: الـمَناكِبُ قومٌ دون العُرَفاءِ، واحدُهم مَنْكِبٌ؛ وقيل: الـمَنْكِبُ رأْسُ العُرفاءِ. والنِّكابةُ: كالعِرافَةِ والنِّقابة. ونَكَبَ الإِناءَ يَنْكُبُه نَكْباً: هَراقَ ما فيه، ولا يكون إِلاَّ من
شيءٍ غير سَيّالٍ، كالتراب ونحوه. ونَكَبَ كِنانَتَه يَنْكُبُها نَكْباً: نَثَرَ ما فيها، وقيل إِذا كَبَّها ليُخْرِجَ ما فيها من السِّهام. وفي حديث سَعْدٍ، قال يوم الشُّورَى: إِني نَكَبْتُ قرَني (1)
(1 قوله «اني نكبت قرني» القرن بالتحريك جعبة صغيرة تقرن الى الكبيرة والفالج السهم الفائز في النضال. والمعنى اني نظرت في الآراء وقلبتها فاخترت الرأي الصائب منها وهو الرضى بحكم عبدالرحمن.) ، فأَخَذْتُ سَهْمِي الفالِـجَ أَي
كَبَبْتُ كِنانَتي. وفي حديث الحجاج: أَن أَمير المؤْمنين نَكَبَ كنانَتَه، فَعَجَم عِـيدانَها.
والنَّكْبَةُ: الـمُصيبةُ من مَصائب الدهر، وإِحْدى
نَكَباتِه، نعوذ باللّه منها. والنَّكْبُ: كالنَّكْبَة؛ قال قَيْسُ بن ذُرَيْح:
تَشَمَّمْنَه، لو يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَه، * إِذا سُفْنَهُ، يَزْدَدْنَ نَكْباً على نَكْبِ
وجمعه: نُكُوبٌ.
ونَكَبه الدهرُ يَنْكُبه نَكْباً ونَكَباً: بلغ منه وأَصابه بنَكْبةٍ؛ ويقال: نَكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْر، وأَصابَتْه نَكْبَةٌ، ونَكَباتٌ، ونُكُوبٌ كثيرة، ونُكِبَ فلانٌ، فهو مَنْكُوبٌ. ونَكَبَتْه الحجارةُ نَكْباً أَي لَثَمَتْه. والنَّكْبُ: أَن يَنْكُبَ الحجرُ ظُفْراً، أَو حافراً، أَو مَنْسِماً؛ يقال: مَنْسِمٌ مَنْكوبٌ، ونَكِـيبٌ؛ قال لبيد:
وتَصُكُّ الـمَرْوَ، لـمَّا هَجَّرَتْ، * بِنَكِـيبٍ مَعِرٍ، دامي الأَظَلّ
الجوهري: النَّكِـيبُ دائرةُ الحافِر، والخُفِّ؛ وأَنشد بيت لبيد.
ونَكَبَ الـحَجرُ رِجْلَهُ وظُفْره، فهو مَنْكُوبٌ ونَكِـيبٌ: أَصابه.
ويقال: ليس دونَ هذا الأَمر نَكْبة، ولا ذُياحٌ؛ قال ابن سيده: حكاه ابن الأَعرابي، ثم فسره فقال: النَّكْبةُ أَن يَنْكُبه الـحَجَرُ؛
والذُّياحُ: شَقٌّ في باطن القَدَم. وفي حديث قُدوم الـمُسْتَضْعَفين بمكة: فجاؤُوا يَسُوقُ بهم الوليدُ بن الوليد، وسار ثلاثاً على قَدَمَيْه، وقد نَكَبَتْه الـحَرَّةُ أَي نالته حجارتُها وأَصابته؛ ومنه النَّكْبةُ، وهو ما يُصيبُ الإِنسان من الـحَوادث. وفي الحديث: أَنه نُكِـبَتْ إِصبَعُه أَي نالتها الحجارة.
ورجلٌ أَنْكَبُ: لا قَوْسَ معه. ويَنْكُوبٌ: ماءٌ معروفٌ؛ عن كراع.
مكك: مَكَّ الفصيلُ ما في ضرع أُمه يَمُكُّه مَكّاً وامْتَكَّه
وتَمَكَّكَه ومَكْمَكَهُ: امْتَصَّ جميع ما فيه وشربه كله، وكذلك الضبي إذا
استقصى ثدي أُمه بالمص. وقال ابن جني: أَما ما حكاه الأصمعي من قولهم امْتَكَّ
الفصيلُ ما في ضرع أُمه وتَمَكَّكَ وامْتَقَّ وتَمَقَّقَ، فالأظهر فيه
أن تكون القاف بدلاً من الكاف. ومَكَّ العظمَ مَكّاً وامْتَكَّه
وتَمَكَّكَهُ وتَمَكْمَكه: امتص ما فيه من المخ، واسم ذلك الشيء المُكاكة
والمُكاكُ. التهذيب: مَكَكْتُ المُخِّ مَكّاً وتَمَكَّكْتُه وتَمَخَّخْتُهُ
وتَمَخَّيْتُه إذا استخرجت مُخَّهُ فأَكلته. ومَكَكْتُ الشيء: مَصِصْتُهُ.
ورجل مَكَّانُ: مثل مَصَّان ومَلْجان، وهو الذي يَرْضَعُ الغنم من لؤمه ولا
يَحْلُب. والمَكُّ: مَصُّ الثدي. ويقال للرجل اللئيم يَرْضَع الشاة من
لؤمه: مَكَّانُ ومَلْجانُ. ابن شميل: تقول العرب قَبَحَ اللهُ اسْتَ
مَكَّانَ، وذلك إذا أَخطأَ إنسان أو فعل فعلاً قبيحاً يدعى بهذا. والمَكُّ:
الازدحام كالبَكِّ. ومَكَّهُ يَمُكُّه مَكّاً: أَهلكه.
ومَكَّةُ: معروفة، البلد الحرام، قيل: سميت بذلك لقلة مائها، وذلك أَنهم
كانوا يَمْتَكُّون الماء فيها أي يستخرجونه، وقيل: سميت مكة لأنها كانت
تَمُكُّ من ظَلَم فيها وأَلْحَدَ أي تهلكه؛ قال الراجز:
يا مَكَّة، الفاجِرَ مُكِّي مَكَّا،
ولا تَمُكِّي مَذْحِجاً وعَكَّا
وقال يعقوب: مكةُ الحرَمُ كله، فأَما بَكَّةُ فهو ما بين الجبلين؛ حكاه
في البدل؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأنه قد فرق بين مكة وبين بكة
في المعنى، وبَيِّنٌ أن معنى البدل والمبدل منه سواء، وتَمَكَكَ على
الغريم: أَلَحَّ عليه في اقتضاء الدين وغيره. وفي الحديث عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: لا تُمَكِّكوا على غرمائكم، يقول لا تُلِحُّوا عليهم إلحاحاً
يضر بمعايشهم، ولا تأْخذوهم على عُسْرَة وارْفُقُوا بهم في الاقتضاء
والأَخذ وأَنْظِروُهم إلى مَيْسَرة ولا تَسْتَقْصُوا؛ وأصله مأْخوذ من مَكَّ
الفصيلُ ما في ضَرْع أُمه وامْتَكَّه إذا لم يُبْق فيه من اللبن شيئاً
إلا مَصَّهُ. قال الأزهري: سمعت كلابِيّاً يقول لرجل عَنَّتَهُ. قد
مَكَكْتَ رُوحِي؛ أراد أنه أَحْرَجه بلَجاجِه فيما أشكاه.
والمَكْمَكَةُ: التَّدَحْرُج في المَشْيِ.
والمَكُّوكُ: طاسٌ يشرب به، وفي المحكم: طاس يشرب فيه أَعلاه ضيق ووسطه
واسع. والمَكُّوكُ: مكيال معروف لأهل العراق، والجمع مَكاكِيكُ ومَكاكِيّ
على البدل كراهية التضعيف، وهو صاع ونصف وهو ثلاث كَيْلَجات،
والكَيْلَجَة مَناً وسبعة أَثمان مَناً، والمَنا رطلان، والرطل اثنتا عشرة
أُوقِيَّةً، والأُوقِيَّةُ إسْتار وثلثا إِسْتار، والإسْتار أَربعة مثاقيل ونصف،
والمثقال درهم وثلاثة أَسباع درهم، والدرهم ستة دوانِىقَ، والدَّانِقُ
قيراطان، والقيراطُ طَسُّوجانِ، والطَّسُّوجُ حَبَّتان، والحبة سدس ثمن
درهم، وهو جزء من ثمانية وأَربعين جزءاً من درهم؛ زاد ابن بري: الكُرُّ ستون
قفيزاً، والقفيز ثمانية مَكاكيك، والمَكُّوكُ صاع ونصف وهو ثلاث
كَيْلَجات، وفي حديث أَنس: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يتوضأُ
بمَكُّوكٍ ويغتسل بخمسة مَكاكِيكَ، وفي رواية: بخَمْسةِ مَكاكِيَّ؛ أراد
بالمَكُّوك المُدَّ، وقيل الصاع، والأول أشبه لأنه جاء في حديث آخر مفسراً
بالمدّ. والمَكاكِيُّ؛ جمع مَكُّوكٍ على إبدال الياء من الكاف الأخيرة، قال:
والمَكُّوكُ اسم للمكيال، قال: ويختلف مقداره باختلاف اصطلاح الناس عليه
في البلاد. وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله: صُوَاعَ المَلِك، قال:
كهيئة المَكُّوك، وكان للعباس مثله في الجاهلية يشرب به. وضَرَبَ مَكُّوكَ
رأْسه على التشبيه. وامرأَة مَكْماكَةٌ ومُتَمَكْمِكَةٌ: ككَمْكامَة، ورجل
مَكْماكٌ كذلك، الأزهري في هذه الترجمة: والمُكَّاءُ طائر وجمعه
مَكاكِيُّ، قال: وليس المُكَّاءُ من المضاعف ولكنه من المعتل بالواو من مَكا
يَمْكُو إذا صَفَر، وسيأْتي ذكره في موضعه إن شاء الله.
ثبر: ثَبَرَهُ يَثْبُرُه ثَبْراً وثَبْرَةً، كلاهما: حَبَسَهُ؛ قال:
بنَعْمانَ لم يُخْلَقْ ضعيفاً مُثَبَّراً
وثَبَرَهُ على الأَمريَثْبُرُه: صرفه.
والمُثَابَرَةُ على الأَمر: المواظبة عليه. وفي الحديث: مَنْ ثابَرَ على
ثَنْتي عَشْرَةَ رَكْعَةً من السُّنَّةِ؛ المثابَرةُ: الحِرْصُ على
الفعل والقول وملازمتهما. وثابَرَ على الشيء: واظب.
أَبو زيد: ثَبَرْتُ فلاناً عن الشيء أَثْبُرُهُ رَدَدْتُه عنه. وفي حديث
أَبي موسى: أَتَدْرِي ما ثَبَرَ الناس؟ أَي ما الذي صدّهم ومنعهم من
طاعة الله، وقيل: ما أَبطأَ بهم عنها.
والتَّبْرُ: الحَبْسُ. وقوله تعالى: وإِنِّي لأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ
مَثْبُوراً؛ قال الفرّاء: أَي مغلوباً ممنوعاً من الخير؛ ابن الأَعرابي:
المثبور الملعون المطرود المعذب. وثَبَرَهُ عن كذا يَثْبُرُه، بالضم،
ثَبْراً أَي حبسه؛ والعرب تقول: ما ثَبَرَك عن هذا أَي ما منعك منه وما صرفك
عنه؟ وقال مجاهد: مَثْبُوراً أَي هالكاً. وقال قتادة في قوله: هُنالِكَ
ثُبوراً؛ قال: ويلاً وهلاكاً. ومَثَلُ العَرَبِ: إِلى أُمِّهِ يَأْوِي مَن
ثُبِرَ أَي من أُهْلِكَ. والتُّبُورُ: الهلاك والخسران والويل؛ قال
الكميت:
ورَأَتْ قُضاعَةُ، في الأَيا
مِنِ، رَأْيَ مَثْبُورٍ وثابِرْ
أَي مخسور وخاسر، يعني في انتسابها إِلى اليمن. وفي حديث الدعاء: أَعوذ
بك من دَعْوَة الثُّبُورِ؛ هو الهلاك، وقد ثَبَرَ يَثْبُرُ ثُبُوراً.
وثَبَرَهُ الله: أَهلكه إِهلاكاً لا ينتعش، فمن هنالك يدعو أَهل النار:
واثُبُوراه فيقال لهم: لا تدْعوا اليوم ثُبُوراً واحداً وادْعُوا ثُبُوراً
كَثِيراً. قال الفرّاء: الثُّبُور مصدر ولذلك قال ثُبُوراً كَثىيراً لأَن
المصادر لا تجمع، أَلا ترى أَنك تقول قعدت قعوداً طويلاً وضربته ضرباً
كثيراً؟ قال: وكأَنهم دعوا بما فعلوا كما يقول الرجل: وَانَدامتَاهْ وقال
الزجاج في قوله: دعوا هنالك ثبوراً؛ بمعنى هلاكاً، ونصبه على المصدر
كأَنهم قالوا ثبرنا ثبوراً، ثم قال لهم: لا تدعوا اليوم ثبوراً، مصدر فهو
للقليل والكثير على لفظ واحد. وثَبَرَ البحرُ: جَزَرَ. وتَثَابَرَتِ
الرجالُ في الحرب: تواثبت.
والمَثْبِرُ، مثال المجلس: الموضعُ الذي تلد فيه المرأَةُ وتضع الناقةُ،
من الأَرض، وليس له فعل، قال ابن سيده: أُرى أَنما هو من باب المخْدَع.
وفي الحديث: أَنهم وجدوا الناقة المُنْتِجَةَ تفحص في مثبرها؛ وقال
نُصَير: مَثْبِرُ الناقة أَيضاً حيث تُعَضَّى وتُنْحَرُ؛ قال أَبو منصور: وهذا
صحيح ومن العرب مسموع، وربما قيل لمجلس الرجل: مَثْبِرٌ. وفي حديث حكيم
بن حزام: أَنَّ أُمه ولدته في الكعبة وأَنه حمل في نِطَعٍ وأُخذ ما تحت
مَثْبِرِها فغسل عند حوض زمزم؛ المَثْبِرُ: مَسْقَطُ الولد؛ قال ابن
الأَثير: وأَكثر ما يقال في الإِبل. وثَبِرَتِ القَرْحَةُ: انفتحت. وفي حديث
معاوية: أَن أَبا بُرْدَةَ قال: دخلت عليه حين أَصابته قَرْحَةٌ، فقال:
هَلُمَّ يا ابن أَخي فانظر، قال: فنظرت فإِذا هي قد ثَبِرَتْ ، فقلت: ليس
عليك بأْس يا أَمير المؤْمنين؛ ثَبِرَتْ أَي انفتحت.
والثَّبْرَةُ: تراب شبيه بالنُّورة يكون بين ظهري الأَرض فإِذا بلغ
عِرْقُ النخلة إِليه وقف. يقال: لقيتْ عروقُ النخلة ثَبْرَةً فَرَدَّتها؛
وقوله أَنشده ابن دريد:
أَيُّ فَتًى غادَرْتُمُ بِثَبْرَرَهْ
إِنما أَراد بثبرة فزاد راء ثانية للوزن. والثِّبْرَةُ: أَرضٌ رِخْوَةٌ
ذات حجارة بيض، وقال أَبو حنيفة: هي حجارة بيض تقوَّم ويبنى بها، ولم يقل
إِنها أَرض ذات حجارة. والثَّبْرَةُ: الأَرض السهلة؛ يقال: بالغت النخلة
إِلى ثَبْرَةٍ من الأَرض. والثَّبْرَةُ: الحفرة في الأَرض.
والثَّبْرَةُ: النقرة تكون في الجبل تمسك الماء يصفو فيها كالصِّهْرِيجِ، إِذا دخلها
الماء خرج فيها عن غُثائه وصفا؛ قال أَبو ذؤيب:
فَثَجَّ بها ثَبَراتِ الرَّصا
فِ، حَتَّى تَزَيَّلَ رَنْقُ الكَدَرْ
(* قوله: «حتى تزيل رنق الكدر» كذا بالأَصل وفي شرح القاموس حتى تفرق
رنق المدر).
أَراد بالقبرات نِقَاراً يجتمع فيها الماء من السماءِ فيصفو فيها.
التهذيب: والثَّبْرَةُ النُّقْرَةُ في الشيء والهَزْمَةُ؛ ومنه قيل للنقرة في
الجبل يكون فيها الماء: ثَبْرَةٌ. ويقال: هو على صِيرِ أَمْرٍ وثِبَارِ
أَمر بمعنى واحد.
(* قوله: «بمعنى واحد» أَي على إِشراف من قضائه كما في
القاموس). وثَبَّرَةُ: موضع، وقول أَبي ذؤيب:
فَأَعْشَيْتُه، من بَعْدِ ما راثَ عِشْيَهُ،
بِسَهْمٍ كَسَيْرِ الثَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ
قيل: هو منسوب إِلى أَرض أَو حيّ، وروي التابرية، بالتاء.
وثَبِيرٌ: جبل بمكة. ويقال: أَشْرِقْ ثَبير كيما نُغِير، وهي أَربعةُ
أَثْبِرَةٍ: ثَبِيرُ غَيناء، وثَبِيرُ الأَعْرَجِ، وثَبِيرُ الأَحْدَبِ،
وثَبِيرُ حِراء. وفي الحديث ذكر ثبير؛ قال ابن الأَثير: وهو الجبل المعروف
عند مكة، وهو أَيضاً اسم ماء في ديار مزينة أَقطعه النبي، صلى الله عليه
وسلم، شَرِيسَ بنَ ضَمْرَةَ. ويَثْبِرَةُ: اسم أَرض؛ قال الراعي:
أَوْ رَعْلَةٍ مِنْ قَطَا فَيْحانَ حَلأَها،
عَنْ ماء يَثْبِرَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصدُ
ثرب: الثَّرْبُ: شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ، وجمعُه
ثُرُوبٌ. والثَّرْبُ: الشَّحْمُ الـمَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ.
وشاة ثَرْباءُ: عَظيمة الثَّرْبِ؛ وأَنشد شمر:
وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ
وفي الحديث: نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ
كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند الـمَغِيب. شَبَّهها بالثُّرُوبِ، وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة: أَثْرُبٌ؛ والأَثارِبُ: جمع الجمع. وفي الحديث: انَّ الـمُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها.
والثَّرَباتُ: الأَصابعُ.
والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ.
والثَّارِبُ: الـمُوَبِّخُ. يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ.
قال نُصَيْبٌ:
إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي * يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ
وقال في أَثْرَبَ:
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً، مِنْ تِلادِه، * سَوامُ أَخٍ، داني الوسِيطةِ، مُثْرِبِ
قال: مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ، وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى.
وثَرَّبَ عليه: لامَه وعَيَّره بذَنْبه، وذكَّرَه به. وفي التنزيل العزيز قال: لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ. قال الزجاج: معناه لا إِفسادَ عليكم.
وقال ثعلب: معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم. قال الجوهريّ: وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف. قال بِشْر، وقيل هو لتُبَّعٍ:
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ، * وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم، بمعنى، إِذا قَبَّحْتَ عليهم
فعْلَهم.وَالـمُثَرِّبُ: الـمُعَيِّرُ، وقيل: الـمُخَلِّطُ الـمُفْسِدُ.
والتَّثْرِيبُ: الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ. وفي الحديث: إِذا زَنَتْ أَمـَةُ أَحدِكم
فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ؛ قال الأَزهري: معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ. والتقْريعُ: أَن يقول الرجل في وَجه
الرجْل عَيْبَه، فيقول: فَعَلْتَ كذا وكذا. والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه.
وقال ابن الأَثير: أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب. وقيل: أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ،
فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً، فأَمَرَهم
بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر. ويَثْرِبُ: مدينة سيدنا رسولِ
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ، فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات.
وروى عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ، وسماها طَيْبةَ، كأَنه كَرِه الثَرْبَ، لأَنه فَسادٌ في كلام العرب.
قال ابن الأَثير: يَثْرِبُ اسم مدينة النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
قديمة، فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ، وهو اللَّوْمُ والتَعْيير. وقيل: هو اسم أَرضِها؛ وقيل: سميت باسم رجل من العَمالِقة.
ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ، مَنْسوب إِلى يَثْربَ. وقوله:
وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ الـمُقَطَّعُ
زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ، وأَن
يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ. قال أَبو حنيفة: وليس كذلك لأَنّ
النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من
أَرض الحجاز، وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً. قال الشاعر:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
أَي مشدودٌ بالرِّصافِ.
والثَّرْبُ: أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ.
وأَثارِبُ: موضع.
شمل: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ؛ قال
أَبو النجم:
يَأْتي لها مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل
وفي التنزيل العزيز: عن اليَمين والشمائل، وفيه: وعن أَيمانهم وعن
شَمائلهم؛ قال الزجاج: أَي لأُغْوِيَنَّهم فيما نُهُوا عنه، وقيل أُغْوِيهم
حتى يُكَذِّبوا بأُمور الأُمم السالفة وبالبَعْث، وقيل: عنى وعن أَيمانهم
وعن شمائلهم أَي لأُضِلَّنَّهُم فيما يعملون لأَن الكَسْب يقال فيه ذلك
بما كَسَبَتْ يَداك، وإِن كانت اليَدان لم تَجْنِيا شيئاً؛ وقال الأَزْرَق
العَنْبري:
طِرْنَ انْقِطاعَةَ أَوتارٍ مُحَظْرَبَةٍ،
في أَقْوُسٍ نازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب في جمعه شِمال، على لفظ الواحد، ليس من باب
جُنُب لأَنهم قد قالوا شِمالان، ولكِنَّه على حَدِّ دِلاصٍ وهِجانٍ.
والشِّيمالُ: لغة في الشِّمال؛ قال امرؤ القيس:
كأَني، بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ
صَيُودٍ من العِقْبان، طَأْطَأْتُ شِيمالي
وكذلك الشِّمْلال، ويروى هذا البيت: شِمْلالي، وهو المعروف. قال
اللحياني: ولم يعرف الكسائي ولا الأَصمعي شِمْلال، قال: وعندي أَن شِيمالاً
إِنما هو في الشِّعْر خاصَّةً أَشْبَع الكسرة للضرورة، ولا يكون شِيمالٌ
فِيعالاً لأَن فِيعالاً إِنما هو من أَبنية المصادر، والشِّيمالُ ليس بمصدر
إِنما هو اسم. الجوهري: واليَدُ الشِّمال خلاف اليَمِين، والجمع أَشْمُلٌ
مثل أَعْنُق وأَذْرُع لأَنها مؤنثة؛ وأَنشد ابن بري للكميت:
أَقُولُ لهم، يَوْمَ أَيْمانُهُم
تُخايِلُها، في النَّدى، الأَشْمُلُ
ويقال شُمُلٌ أَيضاً؛ قال الأَزرق العَنْبَري:
في أَقْوُسٍ نازعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ذكر القرآن فقال: يُعْطى
صاحِبُه يومَ القيامة المُلْكَ بيمينه والخُلْدَ بشماله؛ لم يُرِدْ به أَن
شيئاً يُوضَع في يمينه ولا في شِماله، وإِنما أَراد أَن المُلْك والخُلْد
يُجْعَلان له؛ وكلُّ من يُجْعَل له شيء فمَلَكَه فقد جُعِل في يَدِه وفي
قَبْضته، ولما كانت اليَدُ على الشيء سَبَبَ المِلْك له والاستيلاء عليه
اسْتُعِير لذلك؛ ومنه قيل: الأَمْرُ في يَدِك أَي هو في قبضتك؛ ومنه قول
الله تعالى: بِيَدِه الخَيْرُ؛ أَي هو له وإِلَيْه. وقال عز وجل: الذي
بِيَدِه عُقْدَةُ النِّكاح؛ يراد به الوَليُّ الذي إِليه عَقْدُه أَو
أَراد الزَّوْجَ المالك لنكاح المرأَة. وشَمَلَ به: أَخَذَ به ذاتَ الشِّمال؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وبه فسر قول زهير:
جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لها: أَجِيزِي
نَوًى مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟
قال: مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بها ذاتَ الشِّمال؛ وقال ابن السكيت:
مَشْمُولة سريعة الانكشاف، أَخَذَه من أَن الريحَ الشَّمال إِذا هَبَّت
بالسحاب لم يَلْبَثْ أَن يَنْحَسِر ويَذْهب؛ ومنه قول الهُذَلي:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الرِّيحُ، وانْـ
ـقارَ بِهِ العَرْضُ، ولم يشْمَلِ
يقول: لم تَهُبَّ به الشَّمالُ فَتَقْشَعَه، قال: والنَّوى والنِّيَّة
الموضع الذي تَنْويه. وطَيْرُ شِمالٍ: كلُّ طير يُتَشاءَم به. وجَرى له
غُرابُ شِمالٍ أَي ما يَكْرَه كأَنَّ الطائر إِنما أَتاه عن الشِّمال؛ قال
أَبو ذؤيب:
زَجَرْتَ لها طَيْرَ الشِّمال، فإِن تَكُنْ
هَواك الذي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وقول الشاعر:
رَأَيْتُ بَني العَلاّتِ، لما تَضَافَرُوا،
يَحُوزُونَ سَهْمي دونهم في الشَّمائل
أَي يُنْزِلُونَني بالمنزلة الخَسِيسة. والعَرَب تقول: فلان عِنْدي
باليَمِين أَي بمنزلة حَسَنة، وإِذا خَسَّتْ مَنْزِلَتُه قالوا: أَنت عندي
بالشِّمال؛ وأَنشد أَبو سعيد لعَدِيِّ بن
زيد يخاطب النُّعْمان في تفضيله إِياه على أَخيه:
كَيْفَ تَرْجُو رَدَّ المُفِيض، وقد أَخْـ
خَرَ قِدْحَيْكَ في بَياض الشِّمال؟
يقول: كُنْت أَنا المُفِيضَ لِقدْح أَخيك وقِدْحِك فَفَوَّزْتُك عليه،
وقد كان أَخوك قد أَخَّرَك وجعل قِدْحَك بالشِّمال. والشِّمال: الشُّؤْم؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولم أَجْعَلْ شُؤُونَك بالشِّمال
أَي لم أَضعْها مَوْضع شُؤم؛ وقوله:
وكُنْتَ، إِذا أَنْعَمْتَ في الناس نِعْمَةً،
سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
معناه: إِن يُنْعِمْ بيمينه يَقْبِضْ بشِمالِه. والشِّمال: الطَّبْع،
والجمع شَمائل؛ وقول عَبْد يَغُوث:
أَلَمْ تَعْلَما أَن المَلامَةَ نَفْعُها
قَلِيلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
يجوز أَن يكون واحداً وأَن يكون جمعاً من باب هِجانٍ ودِلاصٍ.
والشِّمالُ: الخُلُق؛ قال جرير:
قليلٌ، وما لَوْمي أَخي من شِمالِيا
والجمع الشَّمائل؛ قال ابن بري: البيت لعَبْد يَغُوثَ ابن وقَّاص
الحَرِثي، وقال صَخْر بن عمرو بن الشَّرِيد أَخو الخَنْساء:
أَبي الشَّتْمَ أَني قد أَصابوا كَرِيمَتي،
وأَنْ لَيْسَ إِهْداءُ الخَنَى من شِمالِيا
وقال آخر:
هُمُ قَوْمي، وقد أَنْكَرْتُ منهمُ
شَمائِلَ بُدِّلُوها من شِمالي
(قوله «وقد انكرت منهم» كذا في الأصل هنا ومثله في التهذيب وسيأتي
قريباً بلفظ وهم انكرن مني).
أَي أَنْكَرْتُ أَخلاقهم. ويقال: أَصَبْتُ من فلان شَمَلاً أَي رِيحاً؛
وقال:
أَصِبْ شَمَلاً مني الَعَتيَّةَ، إِنَّني،
على الهَوْل، شَرَّابٌ بلَحْمٍ مُلَهْوَج
والشَّمال: الرِّيح التي تَهُبُّ من ناحية القُطْب، وفيها خمس لغات:
شَمْلٌ، بالتسكين، وشَمَلٌ، بالتحريك، وشَمالٌ وشَمْأَلٌ، مهموز، وشَأْمَلٌ
مقلوب، قال: وربما جاء بتشديد اللام؛ قال الزَّفَيانُ
(* قوله «قال
الزفيان» في ترجمة ومعل وشمل من التكملة ان الرجز ليس للزفيان ولم ينسبه لأحد):
تَلُفُّه نَكْباءُ أَو شَمْأَلُّ
والجمع شَمَالاتٌ وشَمائل أَيضاً، على غير قياس، كأَنهم جمعوا شِمَالة
مثل حِمَالة وحَمائل؛ قال أَبو خِراش:
تَكَادُ يَدَاهُ تُسْلِمان رِدَاءه
من الجُودِ، لَمَّا اسْتَقْبَلَتْه الشَّمَائلُ
غيره: والشَّمَالُ ريح تَهُبُّ من قِبَل الشَّأْم عن يَسار القِبْلة.
المحكم: والشَّمَالُ من الرياح التي تأْتي من قِبَل الحِجْر. وقال ثعلب:
الشَّمَال من الرياح ما استْقْبَلَك عن يَمِينك إِذا وَقَفْت في القِبْلة.
وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الشَّمَال من بنات نَعْشٍ إِلى مَسْقَط
النَّسْر الطائر، ومن تَذْكِرَة أَبي عَليٍّ، ويكون اسماً وصِفَةً، والجمع
شَمَالاتٌ؛ قال جَذِيمة الأَبْرش:
رُبَّما أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ،
تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ
فأَدْخَل النونَ الخفيفة في الواجب ضرورةً، وهي الشَّمُولُ والشَّيمَل
والشَّمْأَلُ والشَّوْمَلُ والشَّمْلُ والشَّمَلُ؛ وأَنشد:
ثَوَى مَالِكٌ بِبلاد العَدُوّ،
تَسْفِي عليه رِياحُ الشَّمَل
فإِما أَن يكون على التخفيف القياسي في الشَّمْأَل، وهو حذف الهمزة
وإِلقاء الحركة على ما قبلها، وإِما أَن يكون الموضوع هكذا. قال ابن سيده:
وجاء في شعر البَعِيث الشَّمْل بسكون الميم لم يُسْمَع إِلا فيه؛ قال
البَعِيث:
أَهَاجَ عليك الشَّوْقَ أَطلالُ دِمْنَةٍ،
بناصِفَةِ البُرْدَيْنِ، أَو جانِبِ الهَجْلِ
أَتَى أَبَدٌ من دون حِدْثان عَهْدِها،
وجَرَّت عليها كُلُّ نافجةٍ شَمْلِ
وقال عمرو بن شاس:
وأَفْراسُنا مِثْلُ السَّعالي أَصَابَها
قِطَارٌ، وبَلَّتْها بنافِجَةٍ شَمْلِ
وقال الشاعر في الشَّمَل، بالتحريك:
ثَوَى مالِكٌ ببلاد العَدُوِّ،
تَسْفِي عليه رِيَاحُ الشَّمَل
وقيل: أَراد الشَّمْأَلَ، فَخَفَّفَ الهمز؛ وشاهد الشَّمْأَل قول
الكُمَيت:
مَرَتْه الجَنُوبُ، فَلَمَّا اكْفَهَرْ
رَ حَلَّتْ عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ
وقال أَوس:
وعَزَّتِ الشَّمْأَل الرِّيَاح، وإِذ
بَاتَ كَمِيعُ الفَتَاةِ مُلْتَفِعا
(* قوله «وعزت الشمأل إلخ» تقدم في ترجمة كمع بلفظ وهبت الشمأل البلبل
إلخ).
وقول الطِّرِمَّاح:
لأْم تَحِنُّ به مَزَا
مِيرُ الأَجانِب والأَشَامِل
قال ابن سيده: أُراه جَمَع شَمْلاً على أَشْمُل، ثم جَمَع أَشْمُلاً على
أَشامِل.
وقد شَمَلَتِ الرِّيحُ تَشْمُل شَمْلاً وشُمُولاً؛ الأُولى عن اللحياني:
تَحَوَّلَتْ شَمَالاً. وأَشْمَلَ يَوْمُنا إِذا هَبَّتْ فيه الشَّمَال.
وأَشْمَلَ القومُ: دَخَلوا في ريح الشَّمَال، وشُمِلُوا
(* قوله «وشملوا»
هذا الضبط وجد في نسخة من الصحاح، والذي في القاموس: وكفرحوا أصابتهم
الشمال) أَصابتهم الشَّمَالُ، وهم مَشْمُولون. وغَدِيرٌ مَشْمولٌ:
نَسَجَتْه ريحُ الشَّمَال أَي ضَرَبَته فَبَرَدَ ماؤه وصَفَا؛ ومنه قول أَبي
كبير:وَدْقُها لم يُشْمَل
وقول الآخر:
وكُلِّ قَضَّاءَ في الهَيْجَاءِ تَحْسَبُها
نِهْياً بقَاعٍ، زَهَتْه الرِّيحُ مَشْمُولا
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
صَافٍ بأَبْطَحَ أَضْحَى وهو مَشْمول
أَي ماءٌ ضَرَبَتْه الشَّمَالُ. ومنه: خَمْر مَشْمولة باردة. وشَمَلَ
الخمْر: عَرَّضَها للشَّمَال فَبَرَدَتْ، ولذلك قيل في الخمر مَشْمولة،
وكذلك قيل خمر مَنْحُوسة أَي عُرِّضَتْ للنَّحْس وهو البَرْد؛ قال
كأَنَّ مُدامةً في يَوْمِ نَحْس
ومنه قوله تعالى: في أَيامٍ نَحِسات؛ وقول أَبي وَجْزَة:
مَشْمولَةُ الأُنْس مَجْنوبٌ مَوَاعِدُها،
من الهِجان الجِمال الشُّطْب والقَصَب
(* قوله «الشطب والقصب» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة:
الشطبة القصب).
قال ابن السكيت وفي رواية:
مَجْنوبَةُ الأُنْس مَشْمولٌ مَوَاعِدُها
ومعناه: أُنْسُها محمودٌ لأَن الجَنوب مع المطر فهي تُشْتَهَى للخِصْب؛
وقوله مَشْمولٌ مَواعِدُها أَي ليست مواعدها بمحمودة، وفَسَّره ابن
الأَعرابي فقال: يَذْهَب أُنْسُها مع الشَّمَال وتَذْهَب مَوَاعِدُها مع
الجَنُوب؛ وقالت لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
حَبَاكَ به ابْنُ عَمِّ الصِّدْق، لَمَّا
رآك مُحارَفاً ضَمِنَ الشِّمَال
تقول: لَمَّا رآك لا عِنَانَ في يَدِك حَبَاك بفَرَس، والعِنَانُ يكون
في الشَّمَال، تقول كأَنَّك زَمِنُ الشِّمَال إِذ لا عِنَانَ فيه. ويقال:
به شَمْلٌ
(* قوله «ويقال به شمل» ضبط في نسخة من التهذيب غير مرة بالفتح
وكذا في البيت بعد) من جُنون أَي به فَزَعٌ كالجُنون؛ وأَنشد:
حَمَلَتْ به في لَيْلَةٍ مَشْمولةً
أَي فَزِعةً؛ وقال آخر:
فَمَا بيَ من طَيفٍ، على أَنَّ طَيْرَةً،
إِذا خِفْتُ ضَيْماً، تَعْتَرِيني كالشَّمْل
قال: كالشَّمْل كالجُنون من الفَزَع. والنَّارُ مَشْمولَةٌ إِذا هَبّتْ
عليها رِيحُ الشَّمَال. والشِّمال: كِيسٌ يُجْعَل على ضَرْع الشاة،
وشَمَلَها يَشْمُلُها شَمْلاً: شَدَّه عليها. والشِّمَال: شِبْه مِخْلاةٍ
يُغَشَّى بها ضَرْع الشاة إِذا ثَقُل، وخَصَّ بعضهم به ضَرْع العَنْزِ، وكذلك
النخلة إِذا شُدَّت أَعذاقُها بقِطَع الأَكسِية لئلا تُنْفَض؛ تقول منه:
شَمَل الشاةَ يَشْمُلها شَمْلاً ويَشْمِلُها؛ الكسر عن اللحياني، عَلَّق
عليها الشِّمَال وشَدَّه في ضَرْع الشاة، وقيل: شَمَلَ الناقةَ عَلَّق
عليها شِمَالاً، وأَشْمَلَها جَعَل لها شِمَالاً أَو اتَّخَذَه لها.
والشِّمالُ: سِمَةٌ في ضَرْع الشاة. وشَمِلهم أَمْرٌ أَي غَشِيَهم. واشْتمل
بثوبه إِذا تَلَفَّف. وشَمَلهم الأَمر يَشمُلهم شَمْلاً وشُمُولاً
وشَمِلَهم يَشْمَلُهم شَمَلاً وشَمْلاً وشُمُولاً: عَمَّهم؛ قال ابن قيس
الرُّقَيَّات:
كَيْفَ نَوْمي على الفِراشِ، ولَمَّا
تَشْمَلِ الشَّامَ غارةٌ شَعْواءُ؟
أَي متفرقة. وقال اللحياني: شَمَلهم، بالفتح، لغة قليلة؛ قال الجوهري:
ولم يعرفها الأَصمعي. وأَشْمَلهم شَرًّا: عَمَّهم به، وأَمرٌ شامِلٌ.
والمِشْمَل: ثوب يُشْتَمَل به. واشْتَمَل بالثوب إِذا أَداره على جسده كُلِّه
حتى لا تخرج منه يَدُه. واشْتَمَلَ عليه الأَمْرُ: أَحاط به. وفي
التنزيل العزيز: أَمَّا اشْتَمَلَتْ عليه أَرحام الأُنْثَيَيْن. وروي عن
النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه نَهى عن اشْتِمال الصَّمَّاء. المحكم:
والشِّمْلة الصَّمَّاء التي ليس تحتها قَمِيصٌ ولا سَراوِيل، وكُرِهَت الصلاة
فيها كما كُرِه أَن يُصَلِّي في ثوب واحد ويَدُه في جوفه؛ قال أَبو عبيد:
اشْتِمالُ الصَّمَّاء هو أَن يَشْتَمِلَ بالثوب حتى يُجَلِّل به جسدَه ولا
يَرْفَع منه جانباً فيكون فيه فُرْجَة تَخْرج منها يده، وهو التَّلَفُّع،
وربما اضطجع فيه على هذه الحالة؛ قال أَبو عبيد: وأَما تفسير الفقهاء
فإِنهم يقولون هو أَن يَشْتَمِل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أَحد
جانبيه فيَضَعه على مَنْكِبه فَتَبْدُو منه فُرْجَة، قال: والفقهاء أَعلم
بالتأْويل في هذا الباب، وذلك أَصح في الكلام، فمن ذهب إِلى هذا التفسير
كَرِه التَّكَشُّف وإِبداءَ العورة، ومن فَسَّره تفسير أَهل اللغة فإِنه
كَرِه أََن يَتَزَمَّل به شامِلاً جسدَه، مخافة أَن يدفع إِلى حالة
سادَّة لتَنَفُّسه فيَهْلِك؛ الجوهري: اشتمالُ الصَّمَّاء أَن يُجَلِّل جسدَه
كلَّه بالكِساء أَو بالإِزار. وفي الحديث: لا يَضُرُّ أَحَدَكُم إِذا
صَلَّى في بيته شملاً أَي في ثوب واحد يَشْمَله. المحكم: والشَّمْلة كِساءٌ
دون القَطِيفة يُشْتَمل به، وجمعها شِمالٌ؛ قال:
إِذا اغْتَزَلَتْ من بُقامِ الفَرير،
فيا حُسْنَ شَمْلَتِها شَمْلَتا
شَبَّه هاء التأْنيث في شَمْلَتا بالتاء الأَصلية في نحو بَيْتٍ وصَوْت،
فأَلحقها في الوقف عليها أَلفاً، كما تقول بَيْتاً وصوتاً، فشَمْلَتا
على هذا منصوبٌ على التمييز كما تقول: يا حُسْنَ وَجْهِك وَجْهاً أَي من
وجه. ويقال: اشتريت شَمْلةً تَشْمُلُني، وقد تَشَمَّلَ بها تَشَمُّلاً
وتَشْمِيلاً؛ المصدر الثاني عن اللحياني، وهو على غير الفعل، وإِنما هو
كقوله: وتَبَتَّلْ إِليه تَبْتِيلاً. وما كان ذا مِشْمَلٍ ولقد أَشْمَلَ أَي
صارت له مِشْمَلة. وأَشْمَلَه: أَعطاه مِشْمَلَةً؛ عن اللحياني؛ وشَمَلَه
شَمْلاً وشُمُولاً: غَطَّى عليه المِشْمَلة؛ عنه أَيضاً؛ قال ابن سيده:
وأُراه إِنما أَراد غَطَّاه بالمِشْمَلة. وهذه شَمْلةٌ تَشْمُلُك أَي
تَسَعُك كما يقال: فِراشٌ يَفْرُشك. قال أَبو منصور: الشَّمْلة عند العرب
مِئْزَرٌ من صوف أَو شَعَر يُؤْتَزَرُ به، فإِذا لُفِّق لِفْقَين فهي
مِشْمَلةٌ يَشْتَمِل بها الرجل إِذا نام بالليل. وفي حديث علي قال للأَشَعت بن
قَيْسٍ: إِنَّ أَبا هذا كان يَنْسِجُ الشِّمالَ بيَمينه، وفي رواية:
يَنْسِج الشِّمال باليمين؛ الشِّمالُ: جمع شَمْلةٍ وهو الكِساء والمِئْزَر
يُتَّشَح به، وقوله الشِّمال بيمينه من أَحسن الأَلفاظ وأَلْطَفِها بلاغَةً
وفصاحَة. والشِّمْلةُ: الحالةُ التي يُشْتَمَلُ بها. والمِشْمَلة: كِساء
يُشْتَمل به دون القَطِيفة؛ وأَنشد ابن بري:
ما رأَيْنا لغُرابٍ مَثَلاً،
إِذ بَعَثْناهُ يَجي بالمِشمَلَه
غَيْرَ فِنْدٍ أَرْسَلوه قابساً،
فثَوى حَوْلاً، وسَبَّ العَجَله
والمِشْمَل: سيف قَصِيرٌ دَقيق نحْو المِغْوَل. وفي المحكم: سيف قصير
يَشْتَمِل عليه الرجلُ فيُغَطِّيه بثوبه. وفلان مُشْتَمِل على داهية، على
المثَل. والمِشْمالُ: مِلْحَفَةٌ يُشْتَمَل بها. الليث: المِشْمَلة
والمِشْمَل كساء له خَمْلٌ متفرِّق يُلْتَحَف به دون القَطِيفة. وفي الحديث:
ولا تَشْتَمِل اشتمالَ اليَهود؛ هو افتعال من الشَّمْلة، وهو كِساء
يُتَغَطّى به ويُتَلَفَّف فيه، والمَنْهَيُّ عنه هو التَّجَلُّل بالثوب
وإِسْبالُه من غير أَن يرفع طَرَفه. وقالت امرأَة الوليد له: مَنْ أَنْتَ
ورأْسُكَ في مِشْمَلِك؟ أَبو زيد: يقال اشْتَمَل على ناقةٍ فَذَهَب بها أَي
رَكِبها وذهبَ بها، ويقال: جاءَ فلان مُشْتَمِلاً على داهية. والرَّحِمُ
تَشْتَمل على الولد إِذا تَضَمَّنَته. والشَّمُول: الخَمْر لأَنَّها تَشْمَل
بِريحها الناسَ، وقيل: سُمِّيت بذلك لأَنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة
الشَّمال، وقيل: هي الباردة، وليس بقَوِيٍّ. والشِّمال: خَلِيقة الرَّجُل،
وجمعها شَمائل؛وقال لبيد:
هُمُ قَوْمِي، وقد أَنْكَرْتُ منهم
شَمائلَ بُدِّلُوها من شِمالي
وإِنَّها لحَسَنةُ الشَّمائل. ورجُل كَريم الشَّمائل أَي في أَخلاقه
ومخالطتِه. ويقال: فلان مَشْمُول الخَلائق أَي كَريم الأَخلاق، أُخِذ من
الماء الذي هَبَّتْ به الشَّمالُ فبرَّدَتْه. ورَجُل مَشْمُول: مَرْضِيُّ
الأَخلاق طَيِّبُها؛ قال ابن سيده: أُراه من الشَّمُول. وشَمْل القومِ:
مُجْتَمع عَدَدِهم وأَمْرهم. واللَّوْنُ الشَّامِلُ: أَن يكون شيء أَسود
يَعْلوه لون آخر؛ وقول ابن مقبل يصف ناقة:
تَذُبُّ عنه بِلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ،
يَحْمي أَسِرَّة بين الزَّوْرِ والثَّفَن
قال شمر: الشَّمِل الرَّقيق، وأَسِرَّة خُطوط واحدتها سِرارٌ، بِلِيفٍ
أَي بذَنَب.
والشِّمْل: العِذْقُ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد للطِّرمَّاح في تَشْبيه
ذَنَب البعير بالعِذْق في سَعَته وكثرة هُلْبه:
أَو بِشِمْلٍ شالَ من خَصْبَةٍ،
جُرِّدَتْ للناسِ بَعْدَ الكِمام
والشِّمِلُّ: العِذْق القَلِيل الحَمْل. وشَمَل النخلة يشْمُلها شَمْلاً
وأَشْمَلَها وشَمْلَلَها: لقَطَ ما عليها من الرُّطَب؛ الأَخيرة عن
السيرافي. التهذيب: أَشْمَل فلان خَرائفَه إِشْمالاً إِذا لَقَط ما عليها من
الرُّطب إِلا قليلاً، والخَرائفُ: النَّخِيل اللواتي تُخْرَص أَي
تُحْزَر، واحدتها خَرُوفةٌ. ويقال لما بَقَيَ في العِذْق بعدما يُلْقَط بعضه
شَمَلٌ، وإِذا قَلَّ حَمْلُ النخلة قيل: فيها شَمَلٌ أَيضاً، وكان أَبو
عبيدة يقول هو حَمْلُ النخلة ما لم يَكْبُر ويَعْظُم، فإِذا كَبُر فهو
حَمْلٌ. الجوهري: ما على النخلة إِلا شَمَلَةٌ وشَمَلٌ، وما عليها إِلاَّ
شَمالِيلُ، وهو الشيء القليل يَبْقَى عليها من حَمْلها. وشَمْلَلْتُ النخلةَ
إِذا أَخَذْت من شَمالِيلِها، وهو التمر القليل الذي بقي عليها. وفيها
شَمَلٌ من رُطَب أَي قليلٌ، والجمع أَشْمالٌ، وهي الشَّماليل واحدتها
شُمْلولٌ. والشَّمالِيل: ما تَفَرَّق من شُعَب الأَغصان في رؤوسها كشَمارِيخ
العِذْق؛ قال العجاج:
وقد تَرَدَّى من أَراطٍ مِلْحَفاً،
منها شَماليلُ وما تَلَفَّقا
وشَمَلَ النَّخلةَ إِذا كانت تَنْفُض حَمْلَها فَشَدَّ تحت أَعْذاقِها
قِطَعَ أَكْسِيَة. ووقعَ في الأَرض شَمَلٌ من مطر أَي قليلٌ. ورأَيت
شَمَلاً من الناس والإِبل أَي قليلاً، وجمعهما أَشمال. ابن السكيت: أَصابنا
شَمَلٌ من مطر، بالتحريك. وأَخْطأَنا صَوْبُه ووابِلُه أَي أَصابنا منه
شيءٌ قليل. والشَّمالِيلُ: شيء خفيف من حَمْل النخلة. وذهب القومُ
شَمالِيلَ: تَفَرَّقوا فِرَقاً؛ وقول جرير:
بقَوٍّ شَماليل الهَوَى ان تبدَّرا
إِنما هي فِرَقُه وطوائفُه أَي في كل قلْبٍ من قلوب هؤلاء فِرْقةٌ؛ وقال
ابن السكيت في قول الشاعر:
حَيُّوا أُمَامةَ، واذْكُروا عَهْداً مَضَى،
قَبْلَ التَّفَرُّق من شَمالِيلِ النَّوَى
قال: الشَّماليلُ البَقايا، قال: وقال عُمارة وأَبو صَخْر عَنَى
بشَمالِيل النَّوَى تَفَرُّقَها؛ قال: ويقال ما بقي في النخلة إِلا شَمَلٌ
وشَمالِيلُ أَي شيءٌ متفرّقٌ. وثوبٌ شَماليلُ: مثل شَماطِيط. والشِّمالُ: كل
قبْضَة من الزَّرْع يَقْبِض عليها الحاصد. وأَشْمَلَ الفَحْلُ شَوْلَه
إِشْمالاً: أَلْقَحَ النِّصْفَ منها إِلى الثُّلُثين، فإِذا أَلقَحَها
كلَّها قيل أَقَمَّها حتى قَمَّتْ تَقِمُّ قُمُوماً. والشَّمَل، بالتحريك:
مصدر قولك شَمِلَتْ ناقتُنا لقاحاً من فَحْل فلان تَشْمَلُ شَمَلاً إِذا
لَقِحَتْ. المحكم: شَمِلَتِ الناقةُ لقاحاً قبِلَتْه، وشَمِلتْ إِبْلُكُم
لنا بعيراً أَخْفَتْه. ودخل في شَمْلها وشَمَلها أَي غُمارها. والشَّمْلُ:
الاجتماع، يقال: جَمعَ اللهُ شَمْلَك. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك رَحْمةً
تَجْمَع بها شَمْلي؛ الشَّمْل: الاجتماع. ابن بُزُرْج: يقال شَمْلٌ
وشَمَلٌ، بالتحريك؛ وأَنشد:
قد يَجْعَلُ اللهُ بَعدَ العُسْرِ مَيْسَرَةً،
ويَجْمَعُ اللهُ بَعدَ الفُرْقةِ الشَّمَلا
وجمع الله شَمْلَهم أَي ما تَشَتَّتَ من أَمرهم. وفَرَّق اللهُ شَمْلَه
أَي ما اجتمع من أَمره؛ وأَنشد أَبو زيد في نوادره للبُعَيْث في
الشَّمَل، بالتحريك:
وقد يَنْعَشُ اللهُ الفَتى بعدَ عَثْرةٍ،
وقد يَجْمَعُ اللهُ الشَّتِيتَ من الشَّمَلْ
لَعَمْرِي لقد جاءت رِسالةُ مالكٍ
إِلى جَسَدٍ، بَيْنَ العوائد، مُخْتَبَلْ
وأَرْسَلَ فيها مالكٌ يَسْتَحِثُّها،
وأَشْفَقَ من رَيْبِ المَنُونِ وما وَأَلْ
أَمالِكُ، ما يَقْدُرْ لكَ اللهُ تَلْقَه،
وإِن حُمَّ رَيْثٌ من رَفِيقك أَو عَجَل
وذاك الفِراقُ لا فِراقُ ظَعائِنٍ،
لهُنَّ بذي القَرْحَى مُقامٌ ومُرْتَحَل
قال أَبو عمرو الجَرْمي: ما سمعته بالتحريك إِلاَّ في هذا البيت.
والشَّمْأَلةُ: قُتْرة الصائد لأَنها تُخْفِي مَنْ يستتر بها؛ قال ذو
الرمة:
وبالشَّمائل من جِلاّنَ مُقْتَنِصٌ
رَذْلُ الثياب، خَفِيُّ الشَّخْص مُنْزَرِبُ
ونحن في شَمْلِكم أَي كَنَفِكم. وانْشَمَل الشيءُ: كانْشَمَر؛ عن ثعلب.
ويقال: انْشَمَلَ الرجلُ في حاجته وانْشَمَر فيها؛ وأَنشد أَبو تراب:
وَجْناءُ مُقْوَرَّةُ الأَلْياطِ يَحْسَبُها،
مَنْ لم يَكُنْ قبْلُ رَاها رَأْيَةً، جَمَلا
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَرْبعةٍ
في لازقٍ لَحِقَ الأَقْراب فانْشَمَلا
أَراد أَربعة أَخلاف في ضَرْع لازقٍ لَحِقَ أَقرابها فانْضَمَّ وانشمر.
وشَمَلَ الرجلُ وانْشَمَل وشَمْلَل: أَسرع، وشَمَّر، أَظهروا التضعيف
إِشعاراً بإِلْحاقِه. وناقة شِمِلَّة، بالتشديد، وشِمال وشِمْلالٌ
وشِمْليلٌ: خفيفة سريعة مُشَمَّرة؛ وفي قصيد كعب بن زُهَير:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيل
(* قوله «وعمها خالها إلخ» تقدم صدره في ترجمة حرف:
حرف أخوها أبوها من مهجنة * وعمها خالها قوداء شمليل).
الشِّمْلِيل، بالكسر: الخَفِيفة السَّريعة. وقد شَمْلَلَ شَمْلَلَةً
إِذا أَسْرَع؛ ومنه قول امرئ القيس يصف فرساً:
كأَني بفَتْخاءِ الجَنَاحَينِ لَقْوَةٍ،
دَفُوفٍ من العِقْبانِ، طَأْطأْتُ شِمْلالي
ويروى:
على عَجَلٍ منها أُطَأْطِئُ شِمْلالي
ومعنى طأْطأَت أَي حَرَّكْت واحْتَثَثْت؛ قال ابن بري: رواية أَبي عمرو
شِمْلالي بإِضافته إِلى ياء المتكلم أَي كأَني طأْطأْت شِمْلالي من هذه
الناقة بعُقابٍ، ورواه الأَصمعي شِمْلال من غير إِضافة إِلى الياء أَي
كأَني بِطَأْطأَتي بهذه الفرس طَأْطأْتُ بعُقابٍ خفيفة في طَيَرانِها،
فشِمْلال على هذا من صفة عُقاب الذي تُقَدِّره قبل فَتْخاء تقديره بعُقاب
فَتْخاء شِمْلالٍ. وطَأْطأَ فلان فرسَه إِذا حَثَّها بساقَيْه؛ وقال
المرَّار:وإِذا طُوطِئَ طَيّارٌ طِمِرّ
قال أَبو عمرو: أَراد بقوله أُطَأْطِئُ شِمْلالي يَدَه الشِّمَال،
والشِّمَالُ والشِّمْلالُ واحد. وجَمَلٌ شِمِلٌّ وشِمْلالٌ وشِمْلِيلٌ: سريع؛
أَنشد ثعلب:
بأَوْبِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
وأُمُّ شَمْلَة: كُنْيَةُ الدُّنْيا، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مِنْ أُمِّ شمْلَة تَرْمِينا، بِذائفِها،
غَرَّارة زُيِّنَتْ منها التَّهاوِيل
والشَّمالِيلُ: حِبَال رِمالٍ متفرقة بناحية مَعْقُلةَ. وأُمُّ شَمْلَة
وأُمُّ لَيْلَى: كُنْيَةُ الخَمْر.
وفي حديث مازنٍ بقَرْية يقال لها شَمائل، يروى بالسين والشين، وهي من
أَرض عُمَان. وشَمْلَةُ وشِمَالٌ وشامِلٌ وشُمَيْلٌ: أَسماء.