جمع قرن، وبــقر واحدته بــقرة: موضع في ديار بني عامر المجاورة لبلحارث بن كعب كان به يوم من أيام العرب.
جمع قرن، وبــقر واحدته بــقرة: موضع في ديار بني عامر المجاورة لبلحارث بن كعب كان به يوم من أيام العرب.
فــقر: الفَــقْر والفُــقْر: ضد الغِنى،مثل الضَّعْفِ والضُّعْف. الليث:
والفُــقْر لغة رديئة؛ ابن سيده: وقَدْرُ ذلك أَن يكون له ما يَكْفي عيالَه،
ورجل فَقِيرٌ من المال، وقد فَــقُرَ، فهو فَقير، والجمع فُــقَراءُ، والأُنثى
فَقِيرةٌ من نسوة فَقَائِر؛ وحكى اللحياني: نسوة فُــقَراءُ؛ قال ابن سيده:
ولا أَدري كيف هذا، قال: وعندي أَن قائل هذا من العرب لم يَعْتدّ بهاء
التأْنيث فكأَنه إِنما جمع فقيراً، قال: ونظيره نسوة فُقَهاءُ. ابن
السكيت: الفَقِيرُ الذي له بُلْغَةٌ من العيش؛ قال الراعي يمدح عبد الملك بن
مَرْوان ويشكو إِليه سُعاته:
أَما الفَقِيرُ الذي كانت حَلُوبَتُهُ
وَفْقَ العِيال، فلم يُتْرَكْ له سَبَدُ
قال: والمسكين الذي لا شيء له. وقال يونس: الفَقِيرُ أَحسن حالاً من
المسكين. قال: وقلت لأَعرابي مرةً: أَفَقِيرٌ أَنت؟ فقال: لا والله بل
مسكين؛ فالمسكين أَسوأُ حالاً من الفقير. وقال ابن الأَعرابي: الفَقِيرُ الذي
لا شيء له، قال: والمسكين مثله. والفَــقْر: الحاجة، وفعله الافْتِقارُ،
والنعت فَقِيرٌ. وفي التنزيل العزيز: إِنما الصدقات للفُــقَراءِ والمساكين؛
سئل أَبو العباس عن تفسير الفَقِير والمسكين فقال: قال أَبو عمرو بن
العلاء فيما يَروي عنه يونُس: الفَقِيرُ الذي له ما يَأْكل، والمسكين الذي
لا شيء له؛ وروى ابن سلام عن يونس قال: الفَقِيرُ يكون له بعض ما يُقيمه،
والمسكين الذي لا شيء له؛ ويُرْوى عن خالد بن يزيد أَنه قال: كأَن
الفَقِيرَ إِنما سُمِّي فَقِيراً لِزَمانةٍ تصيبه مع حاجة شديدة تمنعه
الزَّمانةُ من التَّقَلُّب في الكسب على نفسه فهذا هو الفَقِيرُ. الأَصمعي:
المسكين أَحسن حالاً من الفَقِيرِ، قال: وكذلك قال أَحمد بن عبيد، قال أَبو
بكر: وهو الصحيح عندنا لأَن الله تعالى سَمَّى من له الفُلْك مسكيناً،
فقال: أَما السفينة فكانت لمساكين يَعْملون في البحر؛ وهي تساوي جُمْلة؛ قال:
والذي احتج به يونس من أَنه قال لأَعرابي أَفَقيرٌ أَنت؟ فقال: لا والله
بل مسكين، يجوز أَن يكون أَراد لا والله بل انا أَحسن حالاً من الفقير،
والبيت الذي احتج به ليس فيه حجة، لأَن المعنى كانت لهذا الفَقِيرِ
حَلوبةٌ فيما تقدم، وليست له في هذه الحالة حَلوبَةٌ؛ وقيل الفَقِيرُ الذي لا
شيء له، والمسكين الذي له بعض ما يَكْفِيه؛ وإِليه ذهب الشافعي رضي الله
عنه، وقيل فيهما بالعكس، وإِليه ذهب أَبو حنيفة، رحمه الله، قال:
والفَقِيرُ مبنيّ على فَــقُرَ قياساً ولم يُقَلْ فيه إِلا افْتَــقَر يَفْتَــقِرُ،
فهو فَقِيرٌ. وفي الحديث: عاد البراءَ بنَ مالكٍ، رضي الله عنه، في
فَقَارة من أَصحابه أَي في فَــقْرٍ. وقال الفراء في قوله عز وجل: إِنما الصدقات
للفُــقراءِ والمساكين، قال الفراء: هم أَهل صُفَّةِ النبي، صلى الله عليه
وسلم، كانوا لا عشائر لهم، فكانوا يلتمسون الفضل في النهار ويأْوون إِلى
المسجد، قال: والمساكين الطَوَّافون على الأَبواب. وروي عن الشافعي، رضي
الله عنه، أَنه قال: الفُــقَراءُ الزَّمْنَى الضعاف الذين لا حرفة لهم،
وأَهل الحِرْفةِ الضعيفة التي لا تقع حرْفتُهم من حاجتهم موقعاً،
والمساكين: السُّؤَّالُ ممن له حرفةٌ تقع مَوْقِعاً ولا تغنيه وعيالَهُ، قال
الأَزهري: الفَقِيرُ أَشد حالاً عند الشافعي، رحمه الله تعالى. قال ابن عرفة:
الفَقِيرُ، عند العرب، المحتاج. قال الله تعالى: أَنتم الفُــقَراء إِلى
الله؛ أَي المحتاجون إِليه، فأَما المسكين فالذي قد أَذلَّه الفَــقْرُ،
فإِذا كان هذا إِنما مَسْكَنَتُه من جهة الفَــقْر حلَّتْ له الصدقة وكان
فَقيراً مسكيناً، وإِذا كان مسكيناً قد أَذلَّهُ سوى الفَــقْرِ فالصدقة لا تحل
له، إِذ كان شائعاً في اللغة أَن يقال: ضُرِبَ فلانٌ المسكينُ وظُلِمَ
المسكينُ، وهو من أَهل الثَّرْوَةِ واليَسار، وإِنما لحقه اسم المسكين من
جهة الذِّلَّةِ، فمن لم تكن مسكنتُه من جهة الفَــقْر فالصدقةُ عليه حرام.
قال عبد الله محمد بن المكرم، عفا الله عنه: عَدْلُ هذه الملةِ الشريفة
وإِنْصافُها وكَرَمُها وإِلطافها إِذا حَرَّمَت صدقةَ المال على مسكين
الذِّلَّةِ أَباحَتْ له صدقةَ القُدْرةِ، فانتقلت الصدقةُ عليه من مال ذي
الغِنَى إِلى نُصْرة ذي الجَاهِ، فالدِّينُ يَفْرِضُ للمسكين الفَقِيرِ
مالاً على ذوي الغِنَى، وهو زكاة المال، والمُرُوءةُ تَفْرِضُ للمسكين
الذليلِ على ذوي القدرة نُصْرَةً، وهو زكاة الجاه، ليتساوى مَنْ جَمَعَتْهُ
أُخُوَّةُ الإِيمانِ فيما جعله الله تعالى للأَغنياء من تَمْكينٍ وإِمكان،
والله سبحانه هو ذو الغِنَى والقدرةِ والمُجازِي على الصدقة على مسكين
الفَــقْرِ والنُّصْرَةِ لمسكين الذِّلَّةِ، وإِليه الرغبة في الصدقة على
مِسْكِينَيْنَا بالنُّصرةِ والغِنَى ونَيْلِ المُنَى، إِنه غنيٌّ حميد. وقال
سيبويه: وقالوا افْتَــقَر كما قالوا اشتَدَّ، ولم يقولوا فَــقُر كما لم
يقولوا شَدُدَ، ولا يستعمل بغير زيادة. وأَفْــقَرَــهُ الله من الفَــقْرِ
فافْتَــقَرَ. والمَفَاقِرُ: وجوه الفَــقْرِ لا واحد لها. وشَكَا إِليه فُقُورَه
أَي حاجتَه. وأَخبره فُقُورَه أَي أَحْوالَه. وأَغنى الله مَفَاقِرَــه أَي
وُجُوه فَــقْره. ويقال: سَدّ الله مَفاقِره أَي أَغناه وسَدَّ وُجوه
فَــقْره؛ وفي حديث معاوية أَنه أَنشد:
لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحه، فيُغْني
مَفاقِرَــه، أَعفّ من القُنُوعِ
المَفاقِر: جمع فَــقْر على غير قياس كالمَشابه والمَلامحِ، ويجوز أَن
يكون جمع مَفْــقَر مصدر أَفْــقَره أَو جمع مُفْــقِرٍ. وقولهم: فلان ما أَفْــقَره
وما أَغْناه، شاذ لأَنه يقال في فِعْلَيْهما افتــقر واستغنى، فلا يصح
التعَجُّب منه.
والفِــقْرة والفَــقْرة والفَقَارة، بالفتح: واحدة فَقَار الظهر، وهو ما
انتضد من عِظام الصلب من لَدُن الكاهِل إِلى العَجْب، والجمع فِــقَر
وفَقَارٌ، وقيل في الجمع: فِــقْرات وفِــقَرات وفِــقِرات. قال ابن الأَعرابي:
أَقَلُّ فِــقَر البَعِير ثماني عشرة وأَكثرها إِحدى وعشرون إِلى ثلاث وعشرين،
وفَقَار الإِنسان سبع. ورجل مَفقُور وفَقِير: مكسور الفَقَار؛ قال لبيد يصف
لُبَداً وهو السابع من نُسُور لُقْمان ابن عاد:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،
رَفَعَ القَوادِم كالفَقِيرِ الأَعْزَلِ
والأَعْزَلُ من الخيل: المائل الذَّنَب. وقال: الفَقِير المكسور
الفَقَار؛ يضرب مثلاً لكل ضعيفٍ لا ينفُذ في الأُمور. التهذيب: الفقير معناه
المَفْقُور الذي نُزِعت فِــقَره من ظهره فانقطع صُلْبه من شدة الفَــقْر، فلا
حال هي أَوكد من هذه. أَبو الهثيم: للإِنسان أَربع وعشرون فَقَارةً وأَربع
وعشرون ضِلَعاً، ست فَقَاراتٍ في العنق وست فَقَاراتٍ في الكاهل،
والكاهل بين الكتفين، بين كل ضِلَعَينِ من أَضلاع الصدر فَقَارةٌ من فَقَاراتِ
الكاهل الست ثم ستُّ فَقَاراتٍ أَسفلُ من فَقَاراتِ الكاهل، وهي
فَقَاراتُ الظهرِ التي بِحِذاء البطن، بين كلِ ضِلَعَيْنِ من أَضلاع الجنبين
فَقَارةٌ منها، ثم يقال لِفَقَارةٍ واحدة تفرق بين فَقَارِ الظهر والعَجُزِ:
القَطاةُ، ويلي القَطاةَ رأْسا الوَرِكَيْنِ، ويقال لهما: الغُرابانِ
أَبعدُها تمامُ فَقارِ العَجُز، وهي ست فَقَاراتٍ آخرها القُحْقُحُ
والذَّنَبُ متصل بها، وعن يمينها ويسارها الجَاعِرتانِ، وهما رأْسا الوركين
اللذان يليان آخر فَقَارةٍ من فَقَاراتِ العَجُز، قال: والفَهْقَةُ فَقارةٌ في
أَصل العنق داخلة في كُوَّةِ الدماغ التي إِذا فُصِلَتْ أَدخل الرجل يده
في مَغْرزِها فيخرج الدماغ. وفي حديث زيد بن ثابت: ما بين عَجْبِ
الذَّنَب إِلى فِــقْرةِ القفا ثنتان وثلاثون فِــقْرَــة في كل فِــقْرَــةٍ أَحد
وثلاثون ديناراً، يعني خَرَز الظهر. ورجل فَــقِرٌ: يشتكي فَقارَهُ؛ قال
طرفة:وإِذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها،
إِنَّني لسْتُ بمَوْهونٍ فَــقِرْ
وأَجود ببيت في القصيدة يسمى فِــقْرَــةً، تشبيهاً بفِــقْرةِ الظهر.
والفاقِرةُ: الداهية الكاسرة للفَقَارِ. يقال: عمل به الفاقِرةَ أَي
الداهية. قال أَبو إِسحق في قوله تعالى: تَظُنّ أَن يُفْعَلَ بها فاقِرَــةٌ؛
المعنى توقن أَن يُفْعَلَ بها داهية من العذاب، ونحو ذلك؛ قال الفراء:
قال وقد جاءت أَسماء القيامة والعذاب بمعنى الدواهي وأَسمائها؛ وقال الليث:
الفاقِرةُ داهية تكسر الظهر.
والفاقِرةُ: الداهية وهو الوسم
(* قوله« وهو الوسم» ظاهره أن الفاقرة
تطلق على الوسم، ولم نجد ما يؤيده في الكتب التي بأيدينا، فان لم يكن
صحيحاً فلعل في العبارة سقطاً؛ والأَصل والفاقرة الداهية من الفــقر وهو الوسم
إلخ) الذي يَفْــقِرُ الأَنف. ويقال: فَــقَرَــتْه الفاقِرةُ أَي كسرت فَقَارَ
ظهره. ويقال أَصابته فاقِرةٌ وهي التي فَــقَرَــتْ فَقَارَه أَي خَرَز ظهره.
وأَفْــقَرَــك الصيدُ: أَمْكَنَك من فَقارِه أَي فارْمِه، وقيل: معناه قد
قَرُــبَ منك. وفي حديث الوليد بن يزيد بن عبد الملك: أَفْــقَر بعد
مَسْلَمَةَ الصيدُ لمن رَمى أَي أَمكن الصيدُ من فَقارِه لراميه؛ أَراد أَن عمه
مسلمة كان كثير الغزو يَحْمي بيضةَ الإِسلام ويتولى سِدادَ الثغور، فلما
مات اختل ذلك وأَمكن الإِسلامُ لمن يتعرّض إِليه. يقال: أَفــقرك الصيدُ
فارْمِه أَي أَمكنك من نفسه.
وذكر أَبو عبيدة وجوهَ العَوارِيّ وقال: أَما الإِفقارُ فأَن يعطي
الرجلُ الرجلَ دابته فيركبها ما أَحب في سفر ثم يردّها عليه. ابن السكيت:
أَفْــقَرْــتُ فلاناً بعيراً إِذا أَعرته بعيراً يركب ظهره في سفر ثم يرده.
وأَفْــقَرَــني ناقتَه أَو بعيره: أَعارني ظهره للحمل أَو للركوب، وهي الفُــقْرَــى
على مثال العُمْرَى؛ قال الشاعر:
له رَبَّةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظَهْرِه،
فما فيه لِلفُــقْرَــى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
وأَفــقرتُ فلاناً ناقتي أَي أَعرته فَقَارَها. وفي الحديث: ما يَمْنَعُ
أَحدَكم أَن يُفْــقِرَ البعيرَ من إِبله أَي يُعيره للركوب. يقال: أَفــقر
البعيرَ يُفْــقِرُــه إِفقاراً إِذا أَعاره، مأْخوذ من ركوب فَقارِ الظهر، وهو
خَرَزَاتُه، الواحدة فَقارَة وفي حديث الزكاة: ومن حَقِّها إِفْقارُ
ظهرِها. وفي حديث جابر: أَنه اشترى منه بعيراً وأَفْــقَره ظهرَه إِلى
المدينة. وفي حديث عبد الله: سئل عن رجل استــقرض من رجل دراهم ثم إِنه أَفْــقَر
المُــقْرِــضَ دابتَه، فقال: ما أَصاب من ظهر دابته فهو رباً. وفي حديث
المزارعة: أَفْــقِرْــها أَخاك أَي أَعِرْه أَرضك للزراعة، استعاره للأَرض من
الظهر. وأَفْــقَرَ ظهرُ المُهْرِ: حان أَن يُرْكَبَ. ومُهْر مُفْــقِر: قويّ
الظهر، وكذلك الرجل. ابن شميل: إِنه لَمُفْــقِرٌ لذلك الأَمر أَي مُــقْرنٌ له
ضابط؛ مُفْــقِرٌ لهذا العَزْم وهذا الــقِرْــنِ ومُؤْدٍ سواء. والمُفَــقَّر من
السيوف: الذي فيه حُزُوز مطمئنة عن متنه؛ يقال منه: سيف مُفَــقَّر. وكلُّ
شيء حُزَّ أَو أُثِّرَ فيه، فقد فُــقِّرَ. وفي الحديث: كان اسم سيف
النبي، صلى الله عليه وسلم، ذا الفَقَارِ؛ شبهوا تلك الحزوز بالفَقارِ. قال
أَبو العباس: سمي سيف النبي، صلى الله عليه وسلم، ذا الفَقار لأَنه كانت
فيه حُفَرٌ صِغار حِسانٌ، ويقال للحُفْرة فُــقْرة، وجمعها فُــقَر؛ واستعاره
بعض الشعراء للرُّمْح، فقال:
فما ذُو فَقارٍ لا ضُلُوعَ لجوفِه،
له آخِرٌ من غيره ومُقَدَّمُ؟
عنى بالآخر والمُقَدَّم الزُّجَّ والسِّنانَ، وقال: من غيره لأَنهما من
حديد، والعصا ليست بحديد. والفُــقْر: الجانب، والجمع فُــقَر، نادر؛ عن
كراع، وقد قيل: إِن قولهم أَفْــقَرَــكَ الصيدُ أَمكنكَ من جانبه.
وفَــقَرَ الأَرضَ وفَــقَّرَــها: حفرها. والفُــقْرةُ: الحُفرة؛ ورَكِيَّة
فَقِيرةٌ مَفْقُورةٌ.
والفَقِيرُ: البئر التي تغرس فيها الفَسِيلةُ ثم يكبس حولَها بتُرْنُوقِ
المَسِيل، وهو الطين، وبالدِّمْنِ وهو البعر، والجمع فُــقُر، وقد فَــقَّرَ
لها تَفْقِيراً.
الأَصمعي: الوَدِيَّة إِذا غرست حفر لها بئر فغرست ثم كبس حولها
بتُرْنُوق المَسِيلِ والدِّمْنِ، فتلك البئر هي الفَقِيرُ. الجوهري: الفَقِيرُ
حفير يحفر حول الفَسِيلة إِذا غرست. وفَقِيرُ النخلة: حفيرة تحفر للفسيلة
إِذا حوّلت لتغرس فيها. وفي الحديث: قال لسلمان: اذهب ففَــقّر الفسيل أَي
احْفِرْ لها موضعاً تُغْرَسُ فيه، واسم تلك الحفرة فُــقْرَــةٌ وفَقِيرٌ.
والفَقِير: الآبار المجتمعة الثلاث فما زادت، وقيل: هي آبار تُحْفَرُ وينفذ
بعضها إِلى بعض، وجمعه فُــقُرٌ. والبئر العتيقة: فَقِير، وجمعها فُــقُر.
وفي حديث عبد الله بن أنيس، رضي الله عنه: ثم جمعنا المفاتيح فتركناها في
فَقِيرٍ من فُــقُر خيبر أَي بئر من آبارها. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه:
أَنه كان يشرب وهو محصور من فَقِيرٍ في داره أَي بئر، وهي القليلة
الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: وذكر امرأَ القيس فقال: افْتَــقَر عن
مَعانٍ عُورٍ أَصَحَّ بصَرٍ، أَي فتح عن معان غامضة. وفي حديث القَدَر:
قِبَلَنَا ناسٌ يتَفَــقَّرون العلم؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، بتقديم
الفاء على القاف، قال والمشهور بالعكس؛ قال: وقال بعض المتأَخرين هي
عندي أَصح الروايات وأَليَقها بالمعنى، يعني أَنهم يستخرجون غامضه ويفتحون
مُغْلَقَه، وأَصله من فَــقَرْــتُ البئر إِذا حفرتها لاستخراج مائها، فلما
كان القَدَرِيَّةُ بهذه الصفة من البحث والتَتَبُّع لاستخراج المعاني
الغامضة بدقائق التأْويلات وصفهم بذلك. والفَقِيرُ: رَكِيَّة بعينها معروفة؛
قال:
ما لَيْلَةُ الفَقِيرِ إِلا شَيْطان،
مجنونةٌ تُودِي بِرُوح الإِنسانْ
لأَن السير إِليها متعب، والعرب تقول للشيء إِذا استصعبوه: شيطان.
والفَقِيرُ: فم القَناةِ التي تجري تحت الأَرض، والجمع كالجمع، وقيل:
الفَقِيرُ مَخْرَجُ الماء من القَناة. وفي حديث مَحَيِّصَةَ: أَن عبد الله بن
سَهْل قُتِلَ وطُرِحَ في عين أَو فَقِيرٍ؛ الفَقِيرُ: فم القَناة.
والفَــقْر: أَن يُحَزَّ أَنفُ البعير. وفَــقَر أَنفَ البعير يَفْــقِرُــه
ويَفْــقُره فَــقْراً، فهو مَفْقُورٌ وفَقِيرٌ إِذا حَزَّه بحديدة حتى يَخْلُصَ
إِلى العظم أَو قريب منه ثم لوى عليه جَريراً ليُذلِّلَ الصعبَ بذلك
ويَرُوضَه. وفي حديث سعد، رضي الله عنه: فأَشار إِلى فَــقْرٍ في أَنفه أَي شق
وحَزٍّ كان في أَنفه؛ ومنه قولهم: قد عمل بهم الفاقرة. أَبو زيد:
الفَــقْرُ إِنما يكون للبعير الضعيف، قال: وهي ثلاث فِــقَرٍ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: ثلاثٌ من الفَواقِرِ أَي الدواهي، واحدتها فاقِرَــةٌ، كأَنها
تَحْطِمُ فَقارَ الظَّهْرِ كما يقال قاصمة الظهر. والفَقارُ: ما وقع على
أَنفِ البعير الفَقِير من الحرِيرِ؛ قال:
يَتُوقُ إِلى النَّجاءِ بفَضْلِ غَرْبٍ،
وتَفْذَعُه الخِشَاشَةُ والفَقارُ
ابن الأَعرابي: قال أَبو زياد تكون الحُرْقة في اللِّهْزِمَة. أَبو
زياد: وقد يُفْــقَرُ الصعْب من الإِبل ثلاثةَ أَفْــقُرٍ في خَطْمِه، فإِذا
أَراد صاحبه أَن يُذِله ويمنعه من مَرَحِه جعل الجَرِيرَ على فَــقْرِــه الذي
يلي مِشْفَره فَمَلَكه كيف شاء، وإِن كان بين الصعب والذلول جعل الجرير على
فَــقْره الأَوسط فَتَرَيَّد في مشيته واتسع، فإِذا أَراد أَن ينبسط ويذهب
بلا مؤونة على صاحبه جعل الجرير على فَــقْره الأَعلى فذهب كيف شاء، قال:
فإِذا خُزَّ الأَنف حَزًّا فذلك الفَــقْرُ، وبعير مَفْقُور.
ورَوَى مُجالِدٌ عن عامر في قوله تعالى: وسلامٌ عليّ يوم وُلِدْتُ ويومَ
أَموت ويوم أُبعث حيّاِ؛ قال الشعبي: فُــقرات ابن آدم ثلاثٌ: يوم ولد
ويوم يموت ويوم يبعث حياً، هي التي ذكر عيسى « عليه السلام؛ قال: وقال أَبو
الهيثم الفُــقرات هي الأُمور العظام جمع فُــقْرة، بالضم، كما قيل في قتل
عثمان، رضي الله عنه: استَحَلُّوا الفُــقَر الثلاثَ: حُرْمة الشهر الحرام
وحرمة البلد الحرام وحرمة الخلافة؛ قال الأَزهري: وروى القتيبي قول عائشة،
رضي الله عنها، في عثمان: المركوبُ منه الفِــقَرُ الأَربع، بكسر الفاء،
وقال: الفِــقَر خَرَزَات الظهر، الواحدة فِــقْرَــة؛ قال: وضَربتْ فِــقَرَ الظهر
مثلاً لما ارْتُكِبَ منه لأَنها موضع الركوب، وأَرادت أَنه رُكِبَ منه
أَربعُ حُرَمٍ عِظَامٍ تجب له بها الحقوقُ فلم يَرْعَوْها وانتهكوها، وهي
حرمته بصحبة النبي، صلى الله عليه وسلم، وصهره وحرمة البلد وحرمة الخلافة
وحرمة الشهر الحرام. قال الأَزهري: والروايات الصحيحة الفُــقَر الثلاثُ،
بضم الفاء، على ما فسره ابن الأَعرابي وأَبو الهيثم، وهو الأَمر الشنيع
العظيم، ويؤيد قولهما ما قاله الشعبي في تفسير الآية وقوله: فُــقراتُ ابن
آدم ثلاث. وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه قال: البعير يُــقْرَــمُ
أَنفه، وتلك الــقُرْــمَة يقال لها الفُــقْرَــة، فإِن لم يَسْكُنْ قُرِــمَ أُخرى
ثم ثالثةً؛ قال: ومنه قول عائشة في عثمان، رضي الله عنهما: بَلَغْتُم
منه الفُــقَرَ الثلاث، وفي رواية: استعتبتموه ثم عَدَوْتُمْ عليه الفُــقَرَ
الثلاثَ. قال أَبو زيد: وهذا مَثَلٌ، تقول: فعلتم به كفعلكم هذا البعير
الذي لم تُبْقُوا فيه غاية؛
أَبو عبيد: الفَقِير له ثلاثة مواضع
(* قوله« الفقير له ثلاثة مواضع
إلخ» سقط من نسخة المؤلف الموضع الثالث، وذكره ياقوت بعد أن نقل عبارة أبي
عبيدة حيث قال: والثالث تحفر حفرة ثم تغرس بها الفسيلة فهي فقير)، يقال:
نزلنا ناحيةَ فَقِير بني فلان، يكون الماء فيه ههنا رَكِيَّتان لقوم فهم
عليه، وههنا ثلاث وههنا أَكثر فيقال: فَقِيرُ بني فلان أَي حصتهم منها
كقوله:
تَوَزَّعْنا فَقِيرَ مِياهِ أُــقْرٍ،
لكلِّ بني أَبٍ فيها فَقِيرُ
فَحِصَّةُ بعضِنا خَمْسٌ وسِتٌّ،
وحِصَّةُ بعضِنا منهنّ بِيرُ
والثاني أَفواه سَقْفِ القُنِيّ؛ وأَنشد:
فَوَرَدَتْ، والليلُ لما يَنْجَلِ،
فَقِيرَ أَفْواهِ رَكِيَّاتِ القُني
وقال الليث: يقولون في النِّضال أُراميك من أَدنى فِــقْرةٍ ومن أَبعد
فِــقْرة أَي من أَبعد مَعْلَمٍ يتعلمونه من حفِيرة أَو هَدَف أَو نحوه. قال:
والفُــقْرة حُفْرة في الأَرض. وأَرض مُتَفَــقِّرة: فيها فُــقَرٌ كثيرة. ابن
سيده: والفِــقْرَــةُ العَلم من جبل أَو هَدَفٍ أَو نحوه.
ابن المُظَفَّر في هذا الباب: التَّفْقِير في رِجْل الدواب بياضٌ مخالط
للأَسْواقِ إِلى الرُّكَبِ، شاة مُفَــقَّرة وفرس مُفَــقَّر؛ قال الأَزهري:
هذا عندي تصحيف والصواب بهذا المعنى التفقيز، بالزاي والقاف قبل الفاء،
وسيأْتي ذكره.
وفَــقَرَ الخَرَزَ: ثَقَبه للنَّظْم؛ قال:
غَرائِرُ في كِنٍّ وصَوْنٍ ونَعْمةٍ،
يُحَلَّيْنَ ياقُوتاً وشَذْراً مُفَــقَّرا
قال الأَزهري: وهو مأْخوذ من الفَقارِ. وفُــقْرَــةُ القميص: مَدْخَلُ
الرأْس منه. وأَفْــقَرَــكَ الرَّمْيُ: أَكْثَبَك. وهو منك فُــقْرَــةً أَي قريبٌ؛
قال ابن مقبل:
راميتُ شَيْبي، كِلانا مُوضِعٌ حِجَجاً
سِتِّينَ، ثم ارْتَمَيْنا أَــقربَ الفُــقَرِ
والفَــقُرَــة: نبت، وجمعها فَــقُرٌ؛ حكاها سيبويه، قال: ولا يكسر لقلة
فَعُلَةٍ في كلامهم والتفسير لثعلب، ولم يحكِ الفَــقُرَــة إِلا سيبويه ثم
ثعلب.ابن الأَعرابي: فُقُورُ النَّفْس وشُقُورُها هَمُّها، وواحد الفُقُورِ
فَــقْر. وفي حديث الإِيلاء على فَقِيرٍ من خَشَب، فسره في الحديث بأَنه
جِذْعٌ يُرْقى عليه إِلى غُرْفة أَي جعل فيه كالدَّرَج يُصْعَدُ عليها
وينزل، قال ابن الأَثير: والمعروف نَفِير، بالنون، أَي منقور.
أقر: الجوهري: أُــقُرٌ مَوْضِعٌ؛ قال ابن مقبل:
وتَرْوَةٍ من رجالٍ لو رأَيْتَهُمُ،
لَقُلْتَ: إحدى حِراج الجَرِّ من أُــقُر
قرب: الــقُرْــبُ نقيضُ البُعْدِ.
قَرُــبَ الشيءُ، بالضم، يَــقْرُــبُ قُرْــباً وقُرْــباناً وقِرْــباناً أَي دَنا، فهو قريبٌ، الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء. وقوله تعالى: ولو تَرَى إِذ فَزِعُوا فلا فَوْتَ وأُخِذُوا من مكانٍ قريبٍ؛ جاءَ في التفسير:أُخِذُوا من تحتِ أَقدامهم. وقوله تعالى: وما يُدْرِيكَ لعلَّ الساعةَ قريبٌ؛ ذَكَّر قريباً لأَن تأْنيثَ الساعةِ غيرُ حقيقيّ؛ وقد يجوز أَن يُذَكَّر لأَن الساعةَ في معنى البعث. وقوله تعالى: واستمع يوم يُنادي المنادِ من مكانٍ قريبٍ؛ أَي يُنادي بالـحَشْرِ من مكانٍ قريب، وهي الصخرة التي في بيت الـمَقْدِس؛ ويقال: إِنها في وسط الأَرض ؛ قال سيبويه: إِنَّ قُرْــبَك زيداً، ولا تقول إِنَّ بُعْدَك زيداً، لأَن الــقُرب أَشدُّ تَمكُّناً في الظرف من البُعْد؛ وكذلك: إِنَّ قريباً منك زيداً، وأَحسنُه أَن تقول: إِن زيداً قريب منك، لأَنه اجتمع معرفة ونكرة، وكذلك البُعْد في الوجهين؛ وقالوا: هو قُرابتُك أَي قَريبٌ منك في المكان؛ وكذلك: هو قُرابَتُك في
العلم؛ وقولهم: ما هو بشَبِـيهِكَ ولا بِــقُرَــابة مِن ذلك، مضمومة القاف، أَي ولا بــقَريبٍ من ذلك. أَبو سعيد: يقول الرجلُ لصاحبه إِذا اسْتَحَثَّه: تَــقَرَّــبْ أَي اعْجَلْ؛ سمعتُه من أَفواههم؛ وأَنشد:
يا صاحِـبَيَّ تَرحَّلا وتَــقَرَّــبا، فلَقَد أَنى لـمُسافرٍ أَن يَطْرَبا
التهذيب: وما قَرِــبْتُ هذا الأَمْرَ، ولا قَرَــبْتُه؛ قال اللّه تعالى:
ولا تَــقْرَــبا هذه الشجرة؛ وقال: ولا تَــقْرَــبُوا الزنا؛ كل ذلك مِنْ
قَرِــبتُ أَــقْرَــبُ.
ويقال: فلان يَــقْرُــبُ أَمْراً أَي يَغْزُوه، وذلك إِذا فعل شيئاً أَو
قال قولاً يَــقْرُــبُ به أَمْراً يَغْزُوه؛ ويُقال: لقد قَرَــبْتُ أَمْراً ما
أَدْرِي ما هو. وقَرَّــبَه منه، وتَــقَرَّــب إِليه تَــقَرُّــباً وتِــقِرَّــاباً، واقْتَرَب وقاربه. وفي حديث أَبي عارِمٍ: فلم يَزَلِ الناسُ مُقارِبينَ
له أَي يَــقْرُــبُونَ حتى جاوزَ بلادَ بني عامر، ثم جَعل الناسُ يَبْعُدونَ منه.
وافْعَلْ ذلك بــقَرابٍ، مفتوحٌ، أَي بــقُرْــبٍ؛عن
ابن الأَعرابي. وقوله تعالى: إِنَّ رحمةَ اللّه قَريبٌ من المحسنين؛ ولم يَقُلْ قَريبةٌ، لأَنه أَراد بالرحمة الإِحسانَ ولأَن ما لا يكون تأْنيثه حقيقيّاً، جاز تذكيره؛ وقال الزجاج: إِنما قيل قريبٌ، لأَن الرحمة، والغُفْرانَ، والعَفْو في معنًى واحد؛ وكذلك كل تأْنيثٍ ليس بحقيقيّ؛ قال: وقال الأَخفش جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى الـمَطَر؛ قال: وقال بعضُهم هذا ذُكِّر ليَفْصِلَ بين الــقريب من الــقُرْــب، والــقَريبِ من الــقَرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُــبَ من مكانٍ أَو نَسَبٍ، فهو جارٍ على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ قال الفراءُ: إِذا كان الــقريبُ في معنى المسافة، يذكَّر ويؤَنث، وإِذا كان في معنى النَّسَب، يؤَنث بلا اختلاف بينهم. تقول: هذه المرأَة قَريبتي أَي ذاتُ قَرابتي؛ قال ابن بري: ذكر الفراءُ أَنَّ العربَ تَفْرُقُ بين الــقَريب من النسب، والــقَريب من المكان، فيقولون: هذه قَريبتي من النسب، وهذه قَرِــيبي من المكان؛ ويشهد بصحة قوله قولُ امرئِ القيس:
له الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى، ولا أُمُّ هاشمٍ * قَريبٌ، ولا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
فذكَّر قَريباً، وهو خبر عن أُم هاشم، فعلى هذا يجوز: قريبٌ مني، يريد قُرْــبَ الـمَكان، وقَريبة مني، يريد قُرْــبَ النَّسب. ويقال: إِنَّ فَعِـيلاً قد يُحْمل على فَعُول، لأَنه بمعناه، مثل رَحيم ورَحُوم، وفَعُول لا تدخله الهاءُ نحو امرأَة صَبُور؛ فلذلك قالوا: ريح خَريقٌ، وكَنِـيبة خَصِـيفٌ، وفلانةُ مني قريبٌ. وقد قيل: إِن قريباً أَصلهُ في هذا أَن يكونَ صِفةً لمكان؛ كقولك: هي مني قَريباً أَي مكاناً قريباً، ثم اتُّسِـعَ في الظرف فَرُفِـع وجُعِلَ خبراً.
التهذيب: والــقَريبُ نقيضُ البَعِـيد يكون تَحْويلاً، فيَستوي في الذكر والأُنثى والفرد والجميع، كقولك: هو قَريبٌ، وهي قريبٌ، وهم قريبٌ، وهنَّ قَريبٌ. ابن السكيت: تقول العرب هو قَريبٌ مني، وهما قَريبٌ مني، وهم قَرِــيبٌ مني؛ وكذلك المؤَنث: هي قريب مني، وهي بعيد مني، وهما بعيد، وهنّ بعيد مني، وقريب؛ فتُوَحِّدُ قريباً وتُذَكِّرُه لأَنه إِن كان مرفوعاً، فإِنه في تأْويل هو في مكان قريب مني. وقال اللّه تعالى: إِن رحمة اللّه
قريب من المحسنين. وقد يجوز قريبةٌ وبَعيدة، بالهاءِ، تنبيهاً على قَرُــبَتْ، وبَعُدَتْ، فمن أَنثها في المؤَنث، ثَنَّى وجَمَع؛ وأَنشد:
لياليَ لا عَفْراءُ، منكَ، بعيدةُ * فتَسْلى، ولا عَفْراءُ منكَ قَريبُ
واقْتَرَبَ الوعدُ أَي تَقارَبَ. وقارَبْتُه في البيع مُقاربة.
والتَّقارُبُ: ضِدُّ التَّباعد. وفي الحديث: إِذا تَقاربَ الزمانُ، وفي
رواية: إِذا اقْترَبَ الزمان، لم تَكَدْ رُؤْيا المؤْمِن تَكْذِبُ؛ قال
ابن الأَثير: أَراد اقترابَ الساعة، وقيل اعتدالَ الليل والنهار؛ وتكون الرؤْيا فيه صحيحةً لاعْتِدالِ الزمان. واقْتَربَ: افْتَعَلَ، من الــقُرْــب.
وتَقارَب: تَفاعَلَ، منه، ويقال للشيءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَر: تَقارَبَ.
وفي حديث الـمَهْدِيِّ: يَتَقارَبُ الزمانُ حتى تكون السنةُ كالشهر؛
أَراد: يَطِـيبُ الزمانُ حتى لا يُسْتَطالَ؛ وأَيام السُّرور والعافية
قَصيرة؛ وقيل: هو كناية عن قِصَر الأَعْمار وقلة البركة.
ويقال: قد حَيَّا وقَرَّــب إِذا قال: حَيَّاكَ اللّه، وقَرَّــبَ دارَك.
وفي الحديث: مَنْ تَــقَرَّــب إِليَّ شِـبْراً تَــقَرَّــبْتُ إِليه ذِراعاً؛ المرادُ بــقُرْــبِ العَبْدِ
منَ اللّه، عز وجل، الــقُرْــبُ بالذِّكْر والعمل الصالح، لا قُرْــبُ الذاتِ والمكان، لأَن ذلك من صفات الأَجسام، واللّه يَتَعالى عن ذلك ويَتَقَدَّسُ. والمراد بــقُرْــبِ اللّه تعالى من العبد، قُرْــبُ نعَمِه وأَلطافه منه، وبِرُّه وإِحسانُه إِليه، وتَرادُف مِنَنِه عنده، وفَيْضُ مَواهبه عليه.
وقِرابُ الشيءِ وقُرابُه وقُرابَتُه: ما قاربَ قَدْرَه. وفي الحديث: إِن
لَقِـيتَني بــقُراب الأَرضِ خطيئةً أَي بما يقارِبُ مِلأَها، وهو مصدرُ قارَبَ يُقارِبُ. والــقِرابُ: مُقاربة الأَمر؛ قال عُوَيْفُ القَوافي يصف نُوقاً:
هو ابن مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً * يَزِدْنَ على العَديد قِرابَ شَهْرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: يَرِدْنَ على الغَديرِ قِرابَ شهر. قال ابن بري: صواب إِنشاده يَزِدْنَ على العَديد، مِنْ معنى الزيادة على العِدَّة، لا مِنْ معنى الوِرْدِ على الغَدير. والـمُنَضِّجةُ: التي تأَخرت ولادتها عن حين الولادة شهراً، وهو أَقوى للولد.
قال: والــقِرابُ أَيضاً إِذا قاربَ أَن يمتلئَ الدلوُ؛ وقال العَنْبَرُ
بن تميم، وكان مجاوراً في بَهْراءَ:
قد رابني منْ دَلْوِيَ اضْطِرابُها،
والنَّـأْيُ من بَهْراءَ واغْتِرابُها،
إِلاَّ تَجِـي مَلأَى يَجِـي قِرابُها
ذكر أَنه لما تزوَّجَ عمرو بن تميم أُمَّ خارجةَ، نقَلَها إِلى بلده؛
وزعم الرواةُ أَنها جاءَت بالعَنْبَر معها صغيراً فأَولدها عَمرو بن تميم أُسَيْداً، والـهُجَيْم، والقُلَيْبَ، فخرجوا ذاتَ يوم يَسْتَقُون، فَقَلَّ
عليهم الماءُ، فأَنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأُ دَلْوَ
الـهُجَيْم وأُسَيْد والقُلَيْبِ، فإِذا وردَتْ دلو العَنْبر تركها تَضْطَربُ،
فقال العَنْبَر هذه الأَبيات.
وقال الليث: الــقُرابُ والــقِرابُ مُقارَبة الشيءِ. تقول: معه أَلفُ درهم أَو قُرابه؛ ومعه مِلْءُ قَدَح ماءٍ أَو قُرابُه. وتقول: أَتيتُه قُرابَ العَشِـيِّ، وقُرابَ الليلِ.
وإِناءٌ قَرْــبانُ: قارَب الامْتِلاءَ، وجُمْجُمةٌ قَرْــبَـى: كذلك. وقد أَــقْرَــبَه؛ وفيه قَرَــبُه وقِرابُه. قال سيبويه: الفعل من قَرْــبانَ قارَبَ.
قال: ولم يقولوا قَرُــبَ استغناء بذلك. وأَــقْرَــبْتُ القَدَحَ، مِنْ قولهم: قَدَح قَرْــبانُ إِذا قارَبَ أَن يمتلئَ؛ وقَدَحانِ قَرْــبانانِ والجمع قِرابٌ، مثل عَجْلانَ وعِجالٍ؛ تقول: هذا قَدَحٌ قَرْــبانُ ماءً، وهو الذي
قد قارَبَ الامتِلاءَ.
ويقال: لو أَنَّ لي قُرابَ هذا ذَهَباً أَي ما يُقارِبُ مِـْلأَه.
والــقُرْــبانُ، بالضم: ما قُرِّــبَ إِلى اللّه، عز وجل. وتَــقَرَّــبْتَ به،
تقول منه: قَرَّــبْتُ للّه قُرْــباناً. وتَــقَرَّــبَ إِلى اللّه بشيءٍ أَي طَلَبَ به الــقُرْــبة عنده تعالى.
والــقُرْــبانُ: جَلِـيسُ الملك وخاصَّتُه، لــقُرْــبِه منه، وهو واحد
الــقَرابِـينِ؛ تقول: فلانٌ من قُرْــبان الأَمير، ومن بُعْدانِه. وقَرابينُ
الـمَلِكِ: وُزَراؤُه، وجُلساؤُه، وخاصَّتُه. وفي التنزيل العزيز: واتْلُ عليهم نَبأَ ابْنَيْ آدمَ بالحق إِذ قَرَّــبا قُرْــباناً. وقال في موضع آخر: إِن اللّه عَهِدَ إِلينا أَن لا نُؤْمِن لرسولٍ حتى يأْتِـيَنا بــقُرْــبانٍ
تأْكُلُه النارُ. وكان الرجلُ إِذا قَرَّــبَ قُرْــباناً، سَجَد للّه، فتنزل النارُ فتأْكل قُرْــبانَه، فذلك علامةُ قبول الــقُرْــبانِ، وهي
ذبائح كانوا يذبحونها. الليث: الــقُرْــبانُ ما قَرَّــبْتَ إِلى اللّه، تبتغي بذلك قُرْــبةً ووسيلة. وفي الحديث صفة هذه الأُمَّةِ في التوراة: قُرْــبانُهم دماؤُهم.
الــقُرْــبان مصدر قَرُــبَ يَــقْرُــب أَي يَتَــقَرَّــبُون إِلى اللّه بـإِراقة دمائهم في الجهاد. وكان قُرْــبان الأُمَم السالفةِ ذَبْحَ البــقر، والغنم، والإِبل. وفي الحديث: الصّلاةُ قُرْــبانُ كلِّ تَقِـيٍّ أَي إِنَّ الأَتْقِـياءَ من الناس يَتَــقَرَّــبونَ بها إِلى اللّه تعالى أَي يَطْلُبون الــقُرْــبَ منه بها. وفي حديث الجمعة: مَن رَاحَ في الساعةِ الأُولى، فكأَنما قَرَّــبَ بدنةً أَي كأَنما أَهْدى ذلك إِلى اللّه تعالى كما يُهْدى الــقُرْــبانُ إِلى بيت اللّه الحرام. الأَحمر: الخيلُ الـمُــقْرَــبة التي تكون قَريبةً مُعَدَّةً. وقال شمر: الإِبل الـمُــقْرَــبة التي حُزِمَتْ للرُّكوب، قالَـها أَعرابيٌّ مِن غَنِـيٍّ. وقال: الـمُــقْرَــباتُ من الخيل: التي ضُمِّرَتْ للرُّكوب. أَبو سعيد: الإِبل الـمُــقْرَــبةُ التي عليها رِحالٌ مُــقْرَــبة بالأَدَمِ، وهي مَراكِبُ الـمُلوك؛ قال: وأَنكر الأَعرابيُّ هذا التفسير.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: ما هذه الإِبلُ الـمُــقْرِــبةُ؟ قال: هكذا رُوي، بكسر الراءِ، وقيل: هي بالفتح، وهي التي حُزِمَتْ للرُّكوب، وأَصلُه من الــقِرابِ. ابن سيده: الـمُــقْرَــبةُ والـمُــقْرَــب من الخيل: التي تُدْنَى، وتُــقَرَّــبُ، وتُكَرَّمُ، ولا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ؛ قال ابن دريد: إِنما يُفْعَلُ ذلك بالإِناث، لئلا يَــقْرَــعَها فَحْلٌ لئيم.
وأَــقْرَــبَتِ الحاملُ، وهي مُــقْرِــبٌ: دنا وِلادُها، وجمعها مَقاريبُ،
كأَنهم توهموا واحدَها على هذا، مِــقْراباً؛ وكذلك الفرس والشاة، ولا يقال للناقةِ إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ؛ قالت أُمُّ تأَبـَّطَ شَرّاً،
تُؤَبِّنُه بعد موته:
وابْناه! وابنَ اللَّيْل،
ليس بزُمَّيْل شَروبٍ للقَيْل،
يَضْرِبُ بالذَّيْل كمُــقْرِــبِ الخَيْل
لأَنها تُضَرِّجُ من دَنا منها؛ ويُرْوى كمُــقْرَــب الخيل، بفتح الراءِ،
وهو الـمُكْرَم.
الليث: أَــقْرَــبَتِ الشاةُ والأَتانُ، فهي مُــقْرِــبٌ، ولا يقال للناقة إِلاّ أَدْنَتْ، فهي مُدْنٍ. العَدَبَّسُ الكِنانيُّ: جمع الـمُــقْرِــبِ من الشاءِ: مَقاريبُ؛ وكذلك هي مُحْدِثٌ وجمعُه مَحاديثُ.
التهذيب: والــقَريبُ والــقَريبة ذو الــقَرابة، والجمع مِن النساءِ
قَرائِبُ، ومِن الرجال أَقارِبُ، ولو قيل قُرْــبَـى، لجاز.
والــقَرابَة والــقُرْــبَـى: الدُّنُوُّ في النَّسب، والــقُرْــبَـى في الرَّحِم، وهي في الأَصل مصدر. وفي التنزيل العزيز: والجار ذي الــقُرْــبَـى.وما بينهما مَــقْرَــبَةٌ ومَــقْرِــبَة ومَــقْرُــبة أَي قَرابةٌ. وأَقارِبُ
الرجلِ، وأَــقْرَــبوه: عَشِـيرَتُه الأَدْنَوْنَ. وفي التنزيل العزيز:
وأَنْذِرْ عَشِـيرَتَك الأَــقْرَــبِـين. وجاءَ في التفسير أَنه لما نَزَلَتْ هذه
الآية، صَعِدَ الصَّفا، ونادى الأَــقْرَــبَ فالأَــقْرَــبَ، فَخِذاً فَخِذاً.
يا بني عبدالمطلب، يا بني هاشم، يا بني عبدمناف، يا عباسُ، يا صفيةُ: إِني لا أَملك لكم من اللّه شيئاً، سَلُوني من مالي ما شئتم؛ هذا عن الزجاج.وتقول: بيني وبينه قَرابة، وقُرْــبٌ، وقُرْــبَـى، ومَــقْرَــبة، ومَــقْرُــبة، وقُرْــبَة، وقُرُــبَة، بضم الراءِ، وهو قَريبي، وذو قَرابَتي، وهم أَــقْرِــبائي، وأَقارِبي. والعامة تقول: هو قَرابَتي، وهم قَراباتي. وقولُه تعالى: قل لا أَسْـأَلُكم عليه أَجْراً إِلا الـمَوَدَّة في الــقُرْــبَـى؛ أَي إِلا أَن تَوَدُّوني في قَرابتي أَي في قَرابتي منكم. ويقال: فلانٌ ذو قَرابتي، وذو
قَرابةٍ مِني، وذو مَــقْرَــبة، وذو قُرْــبَـى مني. قال اللّه تعالى:
يَتيماً ذا مَــقْرَــبَةٍ. قال: ومِنهم مَن يُجيز فلان قَرابتي؛ والأَوَّلُ
أَكثر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِلاَّ حامَى على قَرابته؛ أَي أَقارِبه، سُمُّوا بالمصدر كالصحابة.
والتَّــقَرُّــبُ: التَّدَنِّي إِلى شَيءٍ، والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسان بــقُرْــبةٍ، أَو بحقٍّ.
والإِــقْرابُ: الدُّنُوُّ.
وتَقارَبَ الزرعُ إِذا دَنا إِدراكُه.
ابن سيده: وقارَبَ الشيءَ داناه. وتَقَارَبَ الشيئانِ: تَدانَيا.
وأَــقْرَــبَ الـمُهْرُ والفصيلُ وغيرُه إِذا دنا للإِثناءِ أَو غير ذلك من
الأَسْنانِ.
والـمُتَقارِبُ في العَروض: فَعُولُن، ثماني مرات، وفعولن فعولن فَعَلْ، مرتين، سُمِّي مُتَقارِباً لأَنه ليس في أَبنية الشعر شيءٌ تَــقْرُــبُ أَوْتادُه من أَسبابه، كــقُرْــبِ المتقارِبِ؛ وذلك لأَن كل أَجزائه مَبْنِـيٌّ على وَتِدٍ وسببٍ.
ورجلٌ مُقارِبٌ، ومتاعٌ مُقارِبٌ: ليس بنَفيسٍ. وقال بعضهم: دَيْنٌ
مُقارِبٌ، بالكسر، ومتاعٌ مُقارَبٌ، بالفتح. الجوهري: شيءٌ مقارِبٌ، بكسرالراءِ، أَي وَسَطٌ بين الجَيِّدِ والرَّدِيءِ؛ قال: ولا تقل مُقارَبٌ، وكذلك إِذا كان رَخيصاً.
والعرب تقول: تَقارَبَتْ إِبلُ فلانٍ أَي قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ؛ قال جَنْدَلٌ:
(يتبع...)
(تابع... 1): قرب: الــقُرْــبُ نقيضُ البُعْدِ.... ...
غَرَّكِ أَن تَقارَبَتْ أَباعِري، * وأَنْ رَأَيتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِر
ويقال للشيءِ إِذا وَلى وأَدبر: قد تَقارَبَ. ويقال للرجل القصير:
مُتقارِبٌ، ومُتَـآزِفٌ.
الأَصمعي: إِذا رفَعَ الفَرَسُ يَدَيْه معاً ووَضَعَهما معاً، فذلك
التــقريبُ؛ وقال أَبو زيد: إِذا رَجَمَ الأَرضَ رَجْماً، فهو التــقريبُ. يقال: جاءَنا يُــقَرِّــبُ به فرسُه.
وقارَبَ الخَطْوَ: داناه.
والتَّــقريبُ في عَدْوِ الفرس: أَن يَرْجُمَ الأَرض بيديه، وهما
ضَرْبانِ: التــقريبُ الأَدْنَى، وهو الإِرْخاءُ، والتــقريبُ الأَعْلى، وهو
الثَّعْلَبِـيَّة. الجوهري: التــقريبُ ضَربٌ من العَدْوِ؛ يقال: قَرَّــبَ الفرسُ إِذا رفع يديه معاً ووضعهما معاً، في العدو، وهو دون الـحُضْر. وفي حديث الهجرة: أَتَيْتُ فرسِي فركبتها، فرفَعْتُها تُــقَرِّــبُ بي. قَرَّــبَ الفرسُ، يُــقَرِّــبُ تــقريباً إِذا عَدا عَدْواً دون الإِسراع.
وقَرِــبَ الشيءَ، بالكسر، يَــقْرَــبُه قُرْــباً وقُـِرْــباناً: أَتاه، فــقَرُــبَ ودنا منه. وقَرَّــبْتُه تــقريباً: أَدْنَيْتُه. والــقَرَــبُ: طلبُ الماءِ ليلاً؛ وقيل: هو أَن لا يكون بينك وبين الماءِ إِلا ليلة. وقال ثعلب: إِذا كان بين الإِبل وبين الماءِ يومان، فأَوَّلُ يوم تَطلبُ فيه الماءَ هو الــقَرَــبُ، والثاني الطَّلَقُ.
قَرِــبَتِ الإِبلُ تَــقْرَــبُ قُرْــباً، وأَــقْرَــبَها؛ وتقول: قَرَــبْتُ أَــقْرُــبُ قِرابةً، مثلُ كتبتُ أَكْتُبُ كتابةً، إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ، وبينك وبينه ليلة. قال الأَصمعي: قلتُ لأَعْرابِـيٍّ ما الــقَرَــبُ؟ فقال: سير الليل لِورْدِ الغَدِ؛ قلتُ: ما الطَّلَق؟ فقال: سير الليل لِوِرْدِ الغِبِّ. يقال: قَرَــبٌ بَصْباصٌ، وذلك أَن القوم يُسِـيمُونَ الإِبلَ، وهم في ذلك يسيرون نحو الماءِ، فإِذا بقيَت بينهم وبين الماءِ عشيةٌ، عَجَّلوا نحوهُ، فتلك الليلةُ ليلةُ الــقَرَــب.
قال الخليل: والقارِبُ طالِبُ الماءِ ليلاً، ولا يقال ذلك لِطالِب
الماءِ نهاراً. وفي التهذيب: القارِبُ
الذي يَطلُبُ الماءَ، ولم يُعَيِّنْ وَقْتاً.
الليث: الــقَرَــبُ أَن يَرْعَى القومُ بينهم وبين الموْرد؛ وفي ذلك يسيرون بعضَ السَّيْر، حتى إِذا كان بينهم وبين الماءِ ليلةٌ أَو عَشِـيَّة، عَجَّلُوا فَــقَرَــبُوا، يَــقْرُــبونَ قُرْــباً؛ وقد أَــقْرَــبُوا إِبلَهم،
وقَرِــبَتِ الإِبلُ.
قال: والحمار القارِب، والعانَةُ القَوارِبُ: وهي التي تَــقْرَــبُ
الــقَرَــبَ أَي تُعَجِّلُ ليلةَ الوِرْدِ. الأَصمعي: إِذا خَلَّى الراعي وُجُوهَ
إِبله إِلى الماءِ، وتَرَكَها في ذلك تَرْعى ليلَتَئذٍ، فهي ليلةُ الطَّلَق؛ فإِن كان الليلةَ الثانية، فهي ليلةُ الــقَرَــب، وهو السَّوْقُ الشديد.
وقال الأَصمعي: إِذا كانتْ إِبلُهم طَوالقَ، قيل أَطْلَقَ القومُ، فهم
مُطْلِقُون، وإِذا كانت إِبلُهم قَوارِبَ، قالوا: أَــقْرَــبَ القومُ، فهم
قارِبون؛ ولا يقال مُــقْرِــبُون، قال: وهذا الحرف شاذ. أَبو زيد: أَــقْرَــبْتُها حتى قَرِــبَتْ تَــقْرَــبُ. وقال أَبو عمرو في الإِــقْرابِ والــقَرَــب مثله؛ قال لبيد:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها، * لم تُمْسِ مِني نَوْباً ولا قَرَــبا
قال ابن الأَعْرابي: الــقَرَــبُ والــقُرُــبُ واحد في بيت لبيد. قال أَبو
عمرو: الــقَرَــبُ في ثلاثة أَيام أَو أَكثر؛ وأَــقْرَــب القوم، فهم قارِبُون، على غير قياس، إِذا كانت إِبلُهم مُتَقارِبةً، وقد يُستعمل الــقَرَــبُ في الطير؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لخَليج الأَعْيَويّ:
قد قلتُ يوماً، والرِّكابُ كأَنـَّها * قَوارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُها
وهو يَــقْرُــبُ حاجةً أَي يَطلُبها، وأَصلها من ذلك.
وفي حديث ابن عمر: إِنْ كنا لنَلتَقي في اليوم مِراراً، يسأَل بعضُنا بعضاً، وأَن نَــقْرُــبَ بذلك إِلى أَن نحمد اللّه تعالى؛ قال الأَزهري: أَي ما نَطلُبُ بذلك إِلاَّ حمدَ اللّه تعالى. قال الخَطَّابي: نَــقرُــبُ أَي نَطلُب، والأَصلُ فيه طَلَبُ الماء، ومنه ليلةُ الــقَرَــبِ: وهي الليلة التي يُصْبِحُونَ منها على الماءِ، ثم اتُّسِـعَ فيه فقيل: فُلانٌ يَــقْرُــبُ حاجتَه أَي يَطلُبها؛ فأَن الأُولى هي المخففة من الثقيلة، والثانية نافية.
وفي الحديث قال له رجل: ما لي هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي ما له وارِدٌ يَرِدُ الماء، ولا صادِرٌ يَصدُرُ عنه. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: وما كنتُ إِلاَّ كقارِبٍ وَرَدَ، وطالبٍ وَجَد.
ويقال: قَرَــبَ فلانٌ أَهلَه قُرْــباناً إِذا غَشِـيَها.
والـمُقارَبة والــقِرابُ: الـمُشاغَرة للنكاح، وهو رَفْعُ الرِّجْلِ.
والــقِرابُ: غِمْدُ السَّيف والسكين، ونحوهما؛ وجمعُه قُرُــبٌ. وفي
الصحاح: قِرابُ السيفِ غِمْدُه وحِمالَتُه. وفي المثل: الفِرارُ بــقِرابٍ أَكْيَسُ؛ قال ابن بري: هذا المثل ذكره الجوهري بعد قِرابِ السيف على ما تراه، وكان صواب الكلام أَن يقول قبل المثل: والــقِرابُ الــقُرْــبُ، ويستشهد بالمثل عليه. والمثلُ لجابر بن عمرو الـمُزَنِـيّ؛ وذلك أَنه كان يسير في طريق، فرأَى أَثرَ رَجُلَيْن، وكان قائفاً، فقال: أَثَرُ رجلين شديدٍ كَلَبُهما، عَزيزٍ سَلَبُهما، والفِرارُ بــقِرابٍ أَكْيَسُ أَي بحيث يُطْمَعُ في السلامة من قُرْــبٍ. ومنهم مَن يَرويه بــقُراب، بضم القاف. وفي التهذيب
الفِرارُ قبلَ أَن يُحاطَ بك أَكْيَسُ لك. وقَرَــبَ قِراباً، وأَــقرَــبَهُ:
عَمِلَهُ.
وأَــقْرَــبَ السيفَ والسكين: عَمِل لها قِراباً. وقَرَــبَهُ: أَدْخَلَه في
الــقِرابِ. وقيل: قَرَــبَ السيفَ جعلَ له قِراباً؛ وأَــقْرَــبَه: أَدْخَله في
قِرابِه. الأَزهري: قِرابُ السيفِ شِبْه جِرابٍ من أَدَمٍ،
يَضَعُ الراكبُ فيه سيفَه بجَفْنِه، وسَوْطه، وعصاه، وأَداته. وفي كتابه لوائل بن حُجْرٍ: لكل عشر من السَّرايا ما يَحْمِلُ الــقِرابُ من التمر. قال ابن الأَثير: هو شِـبْه الجِراب، يَطْرَحُ فيه الراكبُ سيفه بغِمْدِه وسَوْطِه، وقد يَطْرَحُ فيه زادَه مِن تمر وغيره؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي الرواية بالباءِ؛ هكذا قال ولا موضع له ههنا. قال: وأُراه الــقِرافَ جمع قَرْــفٍ، وهي أَوْعِـيَةٌ من جُلُود يُحْمَلُ فيها الزادُ للسفر، ويُجْمَع على قُروف أَيضاً.
والــقِرْــبةُ من الأَساقي. ابن سيده: الــقِرْــبةُ الوَطْبُ من اللَّبَن، وقد
تكون للماءِ؛ وقيل: هي الـمَخْروزة من جانبٍ واحد؛ والجمع في أَدْنى العدد: قِرْــباتٌ وقِرِــباتٌ وقِرَــباتٌ، والكثير قِرَــبٌ؛ وكذلك جمعُ كلِّ ما كان على فِعْلة، مثل سِدْرة وفِــقْرَــة، لك أَن تفتح العينَ وتكسر وتسكن.
وأَبو قِرْــبةَ: فَرَسُ عُبَيْدِ بن أَزْهَرَ.
والــقُرْــبُ: الخاصِرة، والجمع أَــقرابٌ؛ وقال الشَّمَرْدَلُ: يصف فرساً:
لاحِقُ الــقُرْــبِ، والأَياطِلِ نَهْدٌ، * مُشْرِفُ الخَلْقِ في مَطَاه تَمامُ
التهذيب: فرسٌ لاحِقُ الأَــقْراب، يَجْمَعُونه؛ وإِنما له قُرُــبانِ لسَعته، كما يقال شاة ضَخْمَةُ الخَواصِر، وإِنما لها خاصرتانِ؛ واستعاره
بعضُهم للناقة فقال:
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَربعةٍ، * في لازِقٍ لاحِقِ الأَــقْرابِ فانْشَمَلا
أَراد: حتى دَلَّ، فوضعَ الآتي موضعَ الماضي؛ قال أَبو ذؤيب يصف الحمارَ والأُتُنَ:
فبَدا له أَــقْرابُ هذا رائِغاً * عنه، فعَيَّثَ في الكِنَانةِ يُرْجِـعُ
وقيل: الــقُرْــبُ والــقُرُــبُ، من لَدُنِ الشاكلةِ إِلى مَرَاقِّ البطن، مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وكذلك من لَدُنِ الرُّفْغ إِلى الإِبْطِ قُرُــبٌ من كلِّ
جانب.
وفي حديث الـمَوْلِدِ: فخرَجَ عبدُاللّه بن عبدالمطلب أَبو النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ذاتَ يوم مُتَــقَرِّــباً، مُتَخَصِّراً بالبَطْحاءِ،
فبَصُرَتْ به ليلى العَدَوِيَّة؛ قوله مُتَــقَرِّــباً أَي واضعاً يده على
قُرْــبِه أَي خاصِرَته وهو يمشي؛ وقيل: هو الموضعُ الرقيقُ أَسفل من السُّرَّة؛ وقيل: مُتَــقَرِّــباً أَي مُسْرِعاً عَجِلاً، ويُجْمَع على أَــقراب؛ ومنه قصيدُ كعب بن زهير:
يمشي الــقُرادُ عليها، ثم يُزْلِقُه * عنها لَبانٌ وأَــقرابٌ زَهالِـيلُ
التهذيب: في الحديث ثلاثٌ لَعيناتٌ: رجلٌ غَوَّرَ الماءَ الـمَعِـينَ
الـمُنْتابَ، ورجلٌ غَوَّرَ طريقَ الـمَــقْرَــبةِ، ورجل تَغَوَّطَ تحت
شَجرةٍ؛ قال أَبو عمرو: الـمَــقْرَــبةُ المنزل، وأَصله من الــقَرَــبِ وهو السَّيْر؛ قال الراعي:
في كلِّ مَــقْرَــبةٍ يَدَعْنَ رَعِـيلا
وجمعها مَقارِبُ. والـمَــقْرَــبُ: سَير الليل؛ قال طُفَيْلٌ يصف الخيل:
مُعَرَّقَة الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها، * تُثِـير القَطا في مَنْهلٍ بعدَ مَــقْرَــبِ
وفي الحديث: مَن غَيَّر الـمَــقْرَــبةَ والـمَطْرَبة، فعليه لعنةُ اللّه.
المَــقْرَــبةُ: طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريق كبير، وجمعُها الـمَقارِبُ؛
وقيل: هو من الــقَرَــب، وهو السير بالليل؛ وقيل: السير إِلى الماءِ.
التهذيب، الفراء جاءَ في الخبر: اتَّقُوا قُرابَ الـمُؤْمن أَو قُرابَتَه، فإِنه يَنْظُر بنُور اللّه، يعني فِراسَتَه
وظَنَّه الذي هو قَريبٌ من العِلم والتَّحَقُّقِ لصِدْقِ حَدْسِه وإِصابتِه.
والــقُراب والــقُرابةُ: الــقريبُ؛ يقال: ما هو بعالم، ولا قُرابُ عالم، ولا قُرابةُ عالمٍ، ولا قَريبٌ من عالم.
والــقَرَــبُ: البئر الــقريبة الماء، فإِذا كانت بعيدةَ الماء، فهي النَّجاءُ؛ وأَنشد:
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ، * مُوَكَّلاتٌ بالنَّجاءِ والــقَرَــبْ
يعني: الدِّلاء.
وقوله في الحديث: سَدِّدوا وقارِبُوا؛ أَي اقْتَصِدوا في الأُمورِ
كلِّها، واتْرُكوا الغُلُوَّ فيها والتقصير؛ يقال: قارَبَ فلانٌ في أُموره
إِذا اقتصد.
وقوله في حديث ابن مسعود: إِنه سَلَّم على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، وهو في الصلاة، فلم يَرُدَّ عليه، قال: فأَخذني ما قَرُــبَ وما بَعُدَ؛ يقال للرجُل إِذا أَقْلَقَه الشيءُ وأَزْعَجَه: أَخذه ما قَرُــبَ وما بَعُدَ، وما قَدُمَ وما حَدُثَ؛ كأَنه يُفَكِّرُ ويَهْتَمُّ في بَعيدِ أُمورِه وقَريـبِها، يعني أَيـُّها كان سَبَباً في الامتناع من ردِّ السلام
عليه.وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: لأُــقَرِّــبَنَّ بكم صلاةَ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي لآتِـيَنَّكم بما يُشْبِهُها، ويَــقْرُــبُ منها.
وفي حديثه الآخر: إِني لأَــقْرَــبُكم شَبَهاً بصلاةِ رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم.
والقارِبُ: السَّفينةُ الصغيرة، مع أَصحاب السُّفُنِ الكبار البحرية،
كالجَنائب لها، تُسْتَخَفُّ لحوائجهم، والجمعُ القَوارِبُ. وفي حديث
الدجال: فجلسوا في أَــقْرُــبِ السفينة، واحدُها قارِبٌ، وجمعه قَوارِب؛ قال: فأَما أَــقْرُــبٌ، فإِنه غير معروف في جمع قارِب، إِلاَّ أَن يكون على غير قياس؛ وقيل: أَــقْرُــبُ السفينةِ أَدانِـيها أَي ما قارَبَ إِلى الأَرض منها.والــقَريبُ: السَّمَك الـمُمَلَّحُ، ما دام في طَراءَته. وقَرَــبَتِ الشمسُ للمغيب: ككَرَبَتْ؛ وزعم يعقوب أَن القاف بدل مِن الكاف.
والـمَقارِبُ: الطُّرُقُ.
وقُرَــيْبٌ: اسم رجل.
وقَرِــيبةُ: اسم امرأَة.
وأَبو قَرِــيبةَ: رجل من رُجَّازِهم.
والــقَرَــنْبَـى: نذكره في ترجمة قرنب.
قرع: الــقَرَــعُ: قَرَــعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِــعَ قَرَــعاً وهو أَــقْرَــعُ وامرأَة
قَرْــعاءُ. والــقَرَــعةُ: موضع الــقَرَــعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْــعٌ وقُرْــعانٌ.
وقَرِــعَتِ النَّعامةُ قَرَــعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَــقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَــقْرَــعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَــقْرَــعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَــقْرَــعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَــقرع لأَنه يَــقْرِــي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَــى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّــقْرِــيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والــقَرَــعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من الــقَرَــعِ. وقد قَرِــع
الفَصِيلُ، فهو قَرِــعٌ، والجمع قَرْــعى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
الــقَرْــعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ الــقَرَــع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَــقَرَّــعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن الــقَرَــعِ. وقُرِّــعَ الفَصِيلُ تــقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُــقَرَّــعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَــعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّــدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من الــقَرَــع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من الــقرْــع، بالتسكين، يعنون به قَرْــعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَرْــعةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به الــقَرْــعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِــيعٌ والجمع قَرْــعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والــقَرَــعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَرَّــعَتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَــقَرَــعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَرَّــعَتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُرْــعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَرِــعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والــقَرَــعُ: قَرَــعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَــقْرَــعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها الــقُرْــعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَــعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَــعَ الشيءَ يَــقْرَــعُهُ قَرْــعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِــعَتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُرِــعَتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَــعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يــقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُــقْرَــعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَرَــعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تــقرَــع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُــقْرَــعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُــقْرَــعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يــقرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَــعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُــقْرَــعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَــعْتُ
البابَ أَــقْرَــعُه قَرْــعاً. وقَرَــعَ الدابَّةَ وأَــقرَــع الدابة بلجامها
يَــقْرَــعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُــقْرَــعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَــقْرَــعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَرَــعْت رأْسه بالعَصا قَرْــعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَــعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَرَــعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَــقْرَــعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَرَــعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَرَــعُوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَــعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِــعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِــقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِــعَ
به فهو مِــقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِــقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِــقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِــقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والــقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُوا. وقَرِــيعُك: الذي يُقارِعُك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِــقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُــقْرَــعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِــقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ الــقَرْــعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من الــقَرْــع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة. ويقال: قَرَــعَتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَــعَه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً
عظيماً يَــقْرَــعُه. ويقال: أَنزل الله به قَرْــعاءَ وقارعةً ومُــقْرِــعةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَــقْرَــعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِــعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَــقَرَــعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُــوعٌ: قليلة الماء يَــقْرَــعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والــقَرُــوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَــقْرَــعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والــقَرَّــاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَــقْرَــعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّــاعاتٌ، ولم يكسّر. والــقَرّــاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَــقْرَــعُ وقَرّــاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على الــقَرْــعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّــاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى الــقُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والــقَرّــاعُ: التُّرْسُ. والــقَرَّــاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والــقَرّــاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَــقْرَــعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والــقِراعُ: الضِّرابُ. وقَرَــعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَــقْرَــعُها
قَرْــعاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِــيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لــقَرِــيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَــقْرَــعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِــقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِــقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُــقْرَــعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِــقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَرْــعةٍ يَــقْرَــعُها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُــقَرِّــعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَــقْرَــعَتِ
البــقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبــقرة استــقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَرَــعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقرَّــعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُــقَرِّــعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُــقَرِّــعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُــقَرِّــع يَتَــقَرَّــعُ. والتــقْرِــيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَرَّــعْتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَرَّــعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَــقَرَّــعُ ويُــقَرِّــعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَــقَرَّــعُ.
والــقُرْــعةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَرَعَ
القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَــقْرَــعَ أَعْلى، وأَــقْرَــعْتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له الــقُرْــعةُ إِذا قرَــع أَصحابه. وقارَعه
فــقرَــعَه يَــقْرَــعُه أَي أَصابته الــقُرْــعةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَــقْرَــعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم الــقُرُــوعُ
فسره فقال: الــقُرُــوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون الــقُرُــوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم الــقَرُــوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: الــقَرَــعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والــقَرِــيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَــقْرَــعوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَــقْرَــعَه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والــقَريعةُ والــقُرْــعةُ: خيارُ المالِ. وقَرِــيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْــعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَــعْناكَ واقْتَرَعْناكَ
وقْرَــحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِــيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والــقَرِــيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والــقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والــقَرِــيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَــقْرَــعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِــيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِــيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَــقْرِــعة. والمَــقْروعُ: كالــقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَــقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمــقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَرَــعَه إِذا اختارَه.
والــقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَرَّــعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَــقْروعُ السيِّدُ. والــقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّــيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِــيعُ الــقُرّــاء أَي رئيسهم. والــقريعُ: المختارُ. والــقريع: المَغْلوب.
والــقَريعُ: الغالب. واسْتَــقْرَــعَه جملاً وأَــقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَــقْرَــعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَــقرَــعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَــقْرَــعا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَــقْرَــعا
وقِدْحٌ أَــقْرَــعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَــقْرَــعُ إِذا قُرِــعَ من لِحائِه. وقَرِــعَ قَرَــعاً، فهو قَرِــعٌ:
ارتدع عن الشيء. والــقَرَــعُ: مصدر قولك قَرِــعَ الرجلُ، فهو قَرِــعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُــقْرَــعَ إِــقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَــقْرَــعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِــعٌ. ويقال: أَــقْرَــعْتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُــقْرَــعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُــقْرِــعٌ ومُــقْرِــنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِــقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَــقْرَــعْتُه
وأَــقْرَــعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَــقرَــعَ الرجلُ على صاحبه وانــقَرَــعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَرَــعَ الشيءَ قَرْــعاً سَكَّنَه، وقَرَــعَه صرَفه. وقَوارِعُ الــقرآنِ منه:
الآياتُ التي يــقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البــقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَــقْرَــعُ الشيطانَ. وأَــقرَــع الفَرسَ: كبَحَه. وأَــقرَــعَ إِلى الحق
إِــقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَــقرَــعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُــقْرَــعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقرَــعَه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَرِــعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَرِــعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَــعاً، فهو قَرِــعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِــعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَرِــعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَرَّــعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَــقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَــعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْــعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِــعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَرِــعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَــقْرَــعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالــقَرعةِ، أَو هو من
قولهم قَرِــعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والــقُرْــعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُرِــعَ منه قَرْــعةً أَو قرْــعَتين، وبعير مَــقْروعٌ وإِبل مُــقَرَّــعةٌ؛
وقيل: الــقُرْــعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في الــقَرَــعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ الــقَرَــعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالــقَرَــعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَرْــعاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَرِــعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُرْــعاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والــقُرَــيْعاءِ؛
الــقُرَــيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَــقْرَــعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في الــقُرْــعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالــقُرْــعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والــقَرِــيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَرَــعَه به. وقَرِــيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِــيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِــيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَــقْرَــعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِــقْرَــعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والــقُرْــعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: الــقُرْــعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَــعٌ. والمِــقْرَــعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُــقَرَــعانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَــقْرَــعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والــقَرّــاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والــقَرْــعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْــعةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ الــقَرْــعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل الــقَرْــعَ. قال المَعَرِّيُّ: الــقرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بــقَرَــعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو الــقَرَــعُ، واحدته قَرَــعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَــقْرَــعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَــقْرَــعة. والــقَرْــعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ الــقَرْــعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَــقرَــعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَــقْرَــع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَــقرَــعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِــعَ فلان
في مِــقْرَــعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِــعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في النِّضالِ، وقَرِــعَ إِذا افتــقر، وقَرِــعَ إِذا اتَّعَظَ.
والــقَرْــعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والــقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَــقْرعانِ: الأَــقرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَــقْرَــعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَــقْرَــع؟
ومــقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَــقْرُــوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَــيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَــيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَــيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
قرح: الــقَرْــحُ والــقُرْــحُ، لغتان: عَضُّ السلاح ونحوه مما يَجْرَحُ
الجسدَ ومما يخرج بالبدن؛ وقيل: الــقَرْــحُ الآثارُ، والــقُرْــحُ الأَلَمُ؛ وقال
يعقوب: كأَنَّ الــقَرْــحَ الجِراحاتُ بأَعيانها، وكأَنَّ الــقُرْــحَ أَلَمُها؛
وفي حديث أُحُدٍ: بعدما أَصابهم الــقَرْــحُ؛ هو بالفتح وبالضم: الجُرْحُ؛
وقيل: هو بالضم الاسم، وبالفتح المصدر؛ أَراد ما نالهم من القتل والهزيمة
يومئذ.
وفي حديث جابر: كنا نَخْتَبِطُ بقِسيِّنا ونأْكلُ حتى قَرِــحَتْ
أَشداقُنا أَي تَجَرَّحَتْ من أَكل الخَبَطِ. ورجل قَرِــحٌ وقَرِــيحٌ: ذو قَرْــحٍ
وبه قَرْــحةٌ دائمة. والــقَرِــيحُ: الجريح من قوم قَرْــحَى وقَراحَى؛ وقد
قَرَــحه إِذا جَرَحه يَــقْرَــحُه قَرْــحاً؛ قال المتنخل الهذلي:
لا يُسْلِمُونَ قَرِــيحاً حَلَّ وَسْطَهُمُ،
يومَ اللِّقاءِ، ولا يَشْوُونَ من قَرَــحُوا
قال ابن بري: معناه لا يُسْلِمُونَ من جُرِحَ منهم لأَعدائهم ولا
يُشْوُونَ من قَرَــحُوا أَي لا يُخْطِئُون في رمي أَعدائهم.
وقال الفراء في قوله عز وجل: إِن يَمْسَسْكم قَرْــحٌ وقُرْــحٌ؛ قال
وأَكثر الــقراء على فتح القاف، وكأَنَّ الــقُرْــحَ أَلَمُ الجِراحِ، وكأَنَّ
الــقَرْــحَ الجِراحُ بأَعيانها؛ قال: وهو مثلُ الوَجْدِ والوُجْد ولا يجدونَ
إِلاَّ جُهْدَهم وجَهْدَهم.
وقال الزجاج: قَرِــحَ الرجلُ
(* قوله «وقال الزجاج قرح الرجل إلخ» بابه
تعب كما في المصباح.) يَــقْرَــحُ قَرْــحاً، وقيل: سمِّيت الجراحات قَرْــحاً
بالمصدر، والصحيح أَن الــقَرْــحةَ الجِراحةُ، والجمع قَرْــحٌ وقُروح. ورجل
مَــقْروح: به قُرُــوح. والــقَرْــحة: واحدة الــقَرْــحِ والــقُروح. والــقَرْــحُ أَيضاً:
البَثْرُ إِذا تَرامَى إِلى فساد؛ الليث: الــقَرْــحُ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ فلا تكاد تنجو؛ وفَصِيل مَــقْرُــوح؛ قال أَبو النجم:
يَحْكِي الفَصِيلَ القارِحَ المَــقْرُــوحا
وأَــقْرَــحَ القومُ: أَصاب مواشِيَهم أَو إِبلهم الــقَرْــحُ. وقَرِــحَ قلبُ
الرجل من الحُزْنِ، وهو مَثَلٌ بما تقدَّم.
قال الأَزهري: الذي قاله الليث من أَن الــقَرْــحَ جَرَبٌ شديد يأْخذ
الفُصْلانَ غلط، إِنما الــقَرْــحة داءٌ يأْخذ البعير فَيَهْدَلُ مِشْفَرُه منه؛
قال البَعِيثُ:
ونحْنُ مَنَعْنا بالكُلابِ نِساءَنا،
بضَرْبٍ كأَفْواهِ المُــقَرِّــحة الهُدْلِ
ابن السكيت: والمُــقَرِّــحةُ الإِبل التي بها قُروح في أَفواهها
فَتَهْدَلُ مَشافِرُها؛ قال: وإِنما سَرَقَ البَعِيثُ هذا المعنى من عمرو بن
شاسٍ:وأَسْيافُهُمْ، آثارُهُنَّ كأَنها
مَشافِرُ قَرْــحَى، في مَبارِكِها، هُدْلُ
وأَخذه الكُمَيْتُ فقال:
تُشَبِّهُ في الهامِ آثارَها،
مَشافِرَ قَرْــحَى، أَكَلْنَ البَرِيرا
الأَزهري: وقَرْــحَى جمع قَرِــيح، فعيل بمعنى مفعول. قُرِــحَ البعيرُ، فهو
مَــقْرُــوحٌ وقَرِــيح، إِذا أَصابته الــقَرْــحة. وقَرَّــحَتِ الإِبلُ، فهي
مُــقَرِّــحة. والــقَرْــحةُ ليست من الجَرَب في شيء. وقَرِــحَ جِلْدُهُ، بالكسر،
يَــقْرَــحُ قَرَــحاً، فهو قَرِــحٌ، إِذا خرجت به الــقُروح؛ وأَــقْرَــحه اللهُ.
وقيل لامرئ القيس: ذو الــقُرُــوحِ، لأَن ملك الروم بعث إِليه قميصاً مسموماً
فَتَــقَرَّــحَ منه جسده فمات. وقَرَــحه بالحق
(* قوله «وقرحه بالحق إلخ»
بابه منع كما في القاموس.) قَرْــحاً: رماه به واستقبله به.
والاقتراحُ: ارتِجالُ الكلام. والاقتراحُ: ابتداعُ الشيء تَبْتَدِعُه
وتَقْتَرِحُه من ذات نَفْسِك من غير أَن تسمعه، وقد اقْتَرَحه فيهما.
واقْتَرَحَ عليه بكذا: تَحَكَّم وسأَل من غير رَوِيَّة. واقْترح البعيرَ: ركبه
من غير أَن يركبه أَحد. واقْتُرِحَ السهمُ وقُرِــحَ: بُدِئَ عَمَلُه.
ابن الأَعرابي: يقال اقْتَرَحْتُه واجْتَبَيْتُه وخَوَّصْتُه وخَلَّمْتُه
واخْتَلَمْتُه واسْتَخْلَصْتُه واسْتَمَيْتُه، كلُّه بمعنى اخْتَرْتُه؛
ومنه يقال: اقْتَرَحَ عليه صوتَ كذا وكذا أَي اختاره.
وقَرِــيحةُ الإِنسانِ: طَبِيعَتُه التي جُبِلَ عليها، وجمعها قَرائح،
لأَنها أَول خِلْقَتِه. وقَرِــيحةُ الشَّبابِ: أَوّلُه، وقيل: قَرِــيحة كل شيء
أَوّلُه. أَبو زيد: قُرْــحةُ الشِّتاءِ أَوّلُه، وقُرْــحةُ الربيع
أَوّلُه، والــقَرِــيحة والــقُرْــحُ أَوّل ما يخرج من البئر حين تُحْفَرُ؛ قال ابن
هَرْمَةَ:
فإِنكَ كالــقَريحةِ، عامَ تُمْهَى
شَرُوبُ الماءِ، ثم تَعُودُ مَأْجا
المَأْجُ: المِلْحُ؛ ورواه أَبو عبيد بالــقَرِــيحة، وهو خطأٌ؛ ومنه قولهم
لفلان قَريحة جَيِّدة، يراد استنباط العلم بِجَوْدَةِ الطبع.
وهو في قُرْــحِ سِنِّه أَي أَوَّلِها؛ قال ابن الأَعرابي: قلت لأَعرابي:
كم أَتى عليك؟ فقال: أَنا في قُرْــحِ الثلاثين. يقال: فلان في قُرْــحِ
الأَربعين أَي في أَوّلها. ابن الأَعرابي: الاقتراحُ ابتداء أَوّل الشيء؛ قال
أَوْسٌ:
على حين أَن جدَّ الذَّكاءُ، وأَدْرَكَتْ
قَرِــيحةُ حِسْيٍ من شُرَيحٍ مُغَمِّم
يقول: حين جدَّ ذكائي أَي كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ وأَدركَ من ابني قَريحةُ
حِسْيٍ: يعني شعر ابنه شريح ابن أَوس، شبهه بماءٍ لا ينقطع ولا
يَغَضْغَضُ. مُغَمِّم أَي مُغْرِق.
وقَرِــيحُ السحاب: ماؤُه حين ينزل؛ قال ابن مُقْبل:
وكأَنما اصْطَبَحَتْ قَرِــيحَ سَحابةٍ
وقال الطرماح:
ظَعائنُ شِمْنَ قَرِــيحَ الخَرِيف،
من الأَنْجُمِ الفُرْغِ والذابِحَهْ
والــقريحُ: السحاب أَوّلَ ما ينشأُ.
وفلان يَشْوِي الــقَراحَ أَي يُسَخِّنُ الماءَ.
والــقُرْــحُ: ثلاث ليال من أَوّل الشهر.
والــقُرْــحانُ، بالضم، من الإِبل: الذي لا يصبْه جَرَبٌ قَطُّ، ومن الناس:
الذي لم يَمَسَّه الــقَرْــحُ، وهو الجُدَرِيّ، وكذلك الاثنان والجمع
والمؤنث؛ إِبل قُرْــحانٌ وصَبيٌّ قُرْــحانٌ، والاسم الــقَرْــحُ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَن أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قَدِمُوا معه
الشام وبها الطاعون، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْــحانٌ فلا تُدْخِلْهُمْ على هذا الطاعون؛ فمعنى قولهم له قُرْــحانٌ
أَنه لم يصبهم داء قبل هذا؛ قال شمر: قُرْــحانٌ إِن شئت نوّنتَ وإِن شئتَ
لم تُنَوِّنْ، وقد جمعه بعضهم بالواو والنون، وهي لغة متروكة، وأَورده
الجوهري حديثاً عن عمر، رضي الله عنه، حين أَراد أَن يدخل الشام وهي
تَسْتَعِرُ طاعوناً، فقيل له: إِن معك من أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قُرْــحانِينَ فلا تَدْخُلْها؛ قال: وهي لغة متروكة. قال ابن الأَثير:
شبهوا السليم من الطاعون والــقَرْــحِ بالــقُرْــحان، والمراد أَنهم لم يكن
أَصابهم قبل ذلك داء. الأَزهري: قال بعضهم الــقُرْــحانُ من الأَضداد: رجل
قُرْــحانٌ للذي مَسَّهُ الــقَرْــحُ، ورجل قُرْــحانٌ لم يَمَسَّه قَرْــحٌ ولا
جُدَرِيّ ولا حَصْبة، وكأَنه الخالص من ذلك. والــقُراحِيُّ والــقُرْــحانُ: الذي لم
يَشْهَدِ الحَرْبَ.
وفرس قارِحٌ: أَقامت أَربعين يوماً من حملها وأَكثر حتى شَعَّرَ
ولَدُها. والقارحُ: الناقةُ أَوّلَ ما تَحْمِلُ، والجمع قَوارِحُ وقُرَّــحٌ؛ وقد
قَرَــحَتْ تَــقْرَــحُ قُرُــوحاً وقِراحاً؛ وقيل: الــقُرُــوح في أَوّلِ ما
تَشُول بذنبها؛ وقيل: إِذا تم حملها، فهي قارِحٌ؛ وقيل: هي التي لا تشعر
بلَقاحِها حتى يستبين حملها، وذلك أَن لا تَشُولَ بذنبها ولا تُبَشِّرَ؛ وقال
ابن الأَعرابي: هي قارحٌ أَيام يَــقْرَــعُها الفحل، فإِذا استبان حملها
فهي خَلِفة، ثم لا تزال خَلِفة حتى تدخل في حَدِّ التعشير. الليث: ناقة
قارحٌ وقد قَرَــحَتْ تَــقْرحُ قُرُــوحاً إِذا لم يظنوا بها حملاً ولم تُبَشِّرْ
بذنبها حتى يستبين الحمل في بطنها. أَبو عبيد: إِذا تمَّ حملُ الناقة
ولم تُلْقِه فهي حين يستبين الحمل بها قارح؛ وقد قَرَــحَتْ قُرُــوحاً.
والتــقريحُ: أَول نبات العَرْفَج؛ وقال أَبو حنيفة: التــقريح أَوّل شيء
يخرج من البقل الذي يَنْبُتُ في الحَبِّ. وتــقريحُ البقل: نباتُ أَصله، وهو
ظهور عُوده. قال: وقال رجل لآخر ما مَطَرُ أَرضك؟ فقال: مُرَكِّكةٌ فيها
ضُرُوسٌ، وثَرْدٌ يَذُرُّ بَقْلُه ولا يُــقَرِّــحُ أَصلُه، ثم قال ابن
الأَعرابي: ويَنْبُتُ البقلُ حينئذ مُقْتَرِحاً صُلْباً، وكان ينبغي أَن يكون
مُــقَرِّــحاً إِلاَّ أَن يكون اقْتَرَحَ لغة في قَرَّــحَ، وقد يجوز أَن
يكون قوله مُقْتَرِحاً أَي مُنْتصباً قائماًعلى أَصله. ابن الأَعرابي: لا
يُــقَرِّــحُ البقلُ إِلا من قدر الذراع من ماء المطر فما زاد، قال: ويَذُرُّ
البقلُ من مطر ضعيف قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ. والتــقريحُ: التشويكُ. ووَشْمٌ
مُــقَرَّــح: مُغَرَّز بالإِبرة. وتَــقْرِــيحُ الأَرض: ابتداء نباتها. وطريق
مَــقْرُــوح: قد أُثِّرَ فيه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً موطوءًا.
والقارحُ من ذي الحافر: بمنزلة البازل من الإِبل؛ قال الأَعشى في
الفَرس:والقارح العَدَّا وكل طِمِرَّةٍ،
لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطويلِ قَذالَها
وقال ذو الرمة في الحمار:
إِذا انْشَقَّتِ الظَّلْماءُ، أَضْحَتْ كأَنها
وَأًى مُنْطَوٍ، باقي الثَّمِيلَةِ، قارِحُ
والجمع قَوارِحُ وقُرَّــحٌ، والأُنثى قارحٌ وقارحةٌ، وهي بغير هاء أَعلى.
قال الأَزهري: ولا يقال قارحة؛ وأَنشد بيت الأَعشى: والقارح العَدَّا؛
وقول أَبي ذؤيب:
حاوَرْتُه، حين لا يَمْشِي بعَقْوَتِه،
إِلا المَقانِيبُ والقُبُّ المَقارِيحُ
قال ابن جني: هذا من شاذ الجمع، يعني أَن يُكَسَّرَ فاعل على مفاعيل،
وهو في القياس كأَنه جمع مِــقْراح كمِذْكار ومَذاكير ومِئْناث ومآنيث؛ قال
ابن بري: ومعنى بيت أَبي ذؤَيب: أَي جاورت هذا المرثِيَّ حين لا يمشي
بساحة هذا الطريق المخوف إِلا المَقانِيبُ من الخيل، وهي القُطُعُ منها،
والقُبُّ: الضُّمْرُ.
وقد قَرَــحَ الفرسُ يَــقْرَــحُ قُرُــوحاً، وقَرِــحَ قَرَــحاً إِذا انتهت
أَسنانه، وإِنما تنتهي في خمس سنين لأَنه في السنة الأُولى حَوْلِيّ، ثم
جَذَعٌ ثم ثَنِيّ ثم رَباعٌ ثم قارح، وقيل: هو في الثانية فِلْوٌ، وفي الثالثة
جَذَع.
يقال: أَجْذَع المُهْرُ وأَثْنَى وأَرْبَعَ وقَرَِــحَ، هذه وحدها بغير
أَلف. والفرس قارحٌ، والجمع قُرَّــحٌ وقُرحٌ، والإِناثُ قَوارِح، وفي
الأَسْنان بعد الثَّنايا والرَّباعِيات أَربعةٌ قَوارِحُ.
قال الأَزهري: ومن أَسنان الفرس القارحانِ، وهما خَلْفَ رَباعِيَتَيْهِ
العُلْيَيَيْنِ، وقارِحانِ خلف رَباعِيَتَيْه السُّفْلَيَيْن، وكل ذي
حافر يَــقْرَــحُ. وفي الحديث: وعليهم السالغُ والقارحُ أَي الفرسُ القارح، وكل
ذي خُفٍّ يَبْزُلُ وكل ذي ظِلْف يَصْلَغُ. وحكى اللحياني: أَــقْرَــحَ،
قال: وهي لغة رَدِيَّة. وقارِحُه: سنُّه التي قد صار بها قارحاً؛ وقيل:
قُرُــوحه انتهاء سنه؛ وقيل: إِذا أَلقى الفرسُ أَقصى أَسنانه فقد قَرَــحَ،
وقُرُــوحُه وقوعُ السِّنّ التي تلي الرَّباعِيَةَ، وليس قُرُــوحه بنباتها، وله
أَربع أَسنان يتحَوَّل من بعضها إِلى بعض: يكون جَذَعاً ثم ثَنِيّاً
رَباعِياً ثم قارِحاً؛ وقد قَرَِــحَ نابُه. الأَزهري: ابن الأَعرابي: إِذا
سقطت رَباعِيَةُ الفرس ونبتَ مكانَها سِنٌّ، فهو رَباعٌٍ، وذلك إِذا استتم
الرابعة، فإِذا حان قُروحه سقطت السِّن التي تلي رَباعِيَتَه ونَبَت
مكانَها نابُه، وهو قارِحُه، وليس بعد الــقُرُــوح سقوط سِنّ ولا نَباتُ سِنّ.
قال: وإِذا دخل الفرس في السادسة واستتم الخامسة فقد قَرِــحَ.
الأَزهري: الــقُرْــحةُ الغُرَّة في وَسَطِ الجَبْهة. والــقُرْــحةُ في وجه
الفرس: ما دون الغُرَّةِ؛ وقيل: الــقُرْــحةُ كل بياض يكون في وجه الفرس ثم
ينقطع قبل أَن يَبْلُغَ المَرْسِنَ، وتنسب الــقُرْــحة إِلى خِلْقتها في
الاستدارة والتثليث والتربيع والاستطالة والقلة؛ وقيل: إِذا صغُرت الغُرَّة،
فهي قُرْــحة؛ وأَنشد الأَزهري:
تُباري قُرْــحةً مثلَ الـ
ـوَتِيرةِ، لم تكن مَغْدا
يصف فرساً أُنثى. والوتيرة: الحَلْقَةُ الصغيرة يُتَعَلَّمُ عليها
الطَّعْنُ والرّمي. والمَغْدُ: النَّتْفُ؛ أَخبر أَن قُرْــحَتَها جِبِلَّة لم
تَحْدُثْ عن عِلاجِ نَتْفٍ. وفي الحديث: خَيْرُ الخَيْلِ الأَــقْرَــحُ
المُحَجَّلُ؛ هو ما كان في جبهته قُرحة، بالضم، وهي بياض يسير في وجه الفرس
دون الغرّة. فأَما القارح من الخيل فهو الذي دخل في السنة الخامسة، وقد
قَرِــحَ يَــقْرَــحُ قَرَــحاً، وأَــقْرَــحَ وهو أَــقْرَــحُ وهي قرْــحاءُ؛ وقيل:
الأَــقْرَــحُ الذي غُرَّته مثل الدرهم أَو أَقل بين عينيه أَو فوقهما من الهامة؛
قال أَبو عبيدة: الغُرَّةُ ما فوق الدرهم والــقُرْــحة قدر الدرهم فما دونه؛
وقال النضر: الــقُرْــحة بين عيني الفرس مثل الدرهم الصغير، وما كان
أَــقْرَــحَ، ولقد قَرِــحَ يَــقْرَــحُ قَرَــحاً. والأَــقْرَــحُ: الصبحُ، لأَنه بياض في
سواد؛ قال ذو الرمة:
وسُوح، إِذا الليلُ الخُدارِيُّ شَقَّه
عن الرَّكْبِ، معروفُ السَّمَاوَةِ أَــقْرَــحُ
يعني الفجر والصبح. وروضة قَرْــحاءُ: في وَسَطها نَوْرٌ أَبيضُ؛ قال ذو
الرمة يصف روضة:
حَوَّاءُ قَرْــحاءُ أَشْراطِيَّةٌ، وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
وقيل: الــقَرْــحاءُ التي بدا نَبْتُها. والــقُرَــيْحاءُ: هَنَةٌ تكون في بطن
الفرس مثل رأْس الرجلِ؛ قال: وهي من البعير لَقَّاطةُ الحَصى.
والــقُرْــحانُ: ضَرْبٌ من الكَمْأَةِ بيضٌ صِغارٌ ذواتُ رؤُوس كرؤُوس
الفُطْرِ؛ قال أَبو النجم:
وأَوقَرَ الظَّهْرَ إِليَّ الجاني،
من كَمْأَةٍ حُمْرٍ، ومن قُرْــحانِ
واحدته قُرْــحانة، وقيل: واحدها أَــقْرَــحُ.
والــقَراحُ: الماءُ الذي لا يُخالِطه ثُفْلٌ من سَويق ولا غيره، وهو
الماءُ الذي يُشْرَبُ إِثْر الطعام؛ قال جرير:
تُعَلِّلُ، وهي ساغِبةٌ، بَنِيها
بأَنْفاسٍ من الشَّبِمِ الــقَراحِ
وفي الحديث: جِلْفُ الخُبْزِ والماءِ الــقَراحِ؛ هو، بالفتح، الماءُ الذي
لم يخالطه شيءٌ يُطَيَّب به كالعسل والتمر والزبيب.
وقال أَبو حنيفة: الــقَريحُ الخالص كالــقَراح؛ وأَنشد قول طَرَفَةَ:
من قَرْــقَفٍ شِيبَتْ بماءٍ قَرِــيح
ويروى قَديح أَي مُغْتَرف، وقد ذُكِرَ. الأَزهري: الــقَريح الخالصُ؛ قال
أَبو ذؤَيب:
وإِنَّ غُلاماً، نِيلَ في عَهْدِ كاهِلٍ،
لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمْهَريِّ، قَريحُ
نيل أَي قتل. في عَهْد كاهِلٍ أَي وله عهد وميثاق. والــقَراح من
الأَرضين: كل قطعة على حِيالِها من منابت النخل وغير ذلك، والجمع أَــقْرِــحة كقَذال
وأَقْذِلة؛ وقال أَبو حنيفة: الــقَراحُ الأَرض المُخَلَّصةُ لزرع أَو
لغرس؛ وقيل: الــقَراحُ المَزْرَعة التي ليس عليها بناءٌ ولا فيها شجر.
الأَزهري: الــقَراحُ من الأَرض البارزُ الظاهر الذي لا شجر فيه؛ وقيل: الــقَراحُ
من الأَرض التي ليس فيها شجر ولم تختلط بشيء.
وقال ابن الأَعرابي: الــقِرْــواحُ الفَضاءُ من الأَرض التي ليس بها شجرٌ
ولم يختلط بها شيء؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وعَضَّتْ من الشَّرِّ الــقَراحِ بمُعْظَمٍ
(* قوله «وعضت من الشر إلخ» صدره كما في الأساس: «نأت عن سبيل الخير إلا
أقله» ثم انه لا شاهد فيه لما قبله، ولعله سقط بعد قوله ولم يختلط بها
شيء: والــقراح الخالص من كل شيء.)
والــقِرْــواحُ والــقِرْــياحُ والــقِرْــحِياءُ: كالــقَراحِ؛ ابن شميل:
الــقِرْــواحُ جَلَدٌ من الأَرض وقاعٌ لا يَسْتَمْسِكُ فيه الماءُ، وفيه إِشرافٌ
وظهرهُ مُسْتو ولا يستــقر فيه ماءٌ إِلا سال عنه يميناً وشمالاً. والــقِرْــواحُ:
يكون أَرضاً عريضة ولا نبت فيه ولا شجر، طينٌ وسَمالِقُ. والــقِرْــواحُ
أَيضاً: البارز الذي ليس يستره من السماءِ شيءٌ، وقيل: هو الأَرض البارزة
للشمس؛ قال عَبيد:
فَمَنْ بنَجْوتِه كمن بعَقْوتِه،
والمُسْتَكِنُّ كمن يَمْشِي بــقِرْــواحِ
وناقة قِرْــواحٌ: طويلة القوائم؛ قال الأَصمعي: قلت لأَعرابي: ما الناقة
الــقِرْــواحُ؟ قال: التي كأَنها تمشي على أَرماح. أَبو عمرو: الــقِرواح من
الإِبل التي تَعاف الشربَ مع الكِبارِ فإِذا جاءَ الدَّهْداه، وهي الصغار،
شربت معهنّ. ونخلة قِرْــواحٌ: مَلْساء جَرْداءُ طويلة، والجمع الــقَراويح؛
قال سُوَيْدُ بنُ الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ، وما دَيْني عليكم بمَغْرَمٍ،
ولكن على الشُّمِّ الجِلادِ الــقَراوح
أَراد الــقراويح، فاضطرّ فحذف، وهذا يقوله مخاطباً لقومه: إِنما آخُذ
بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ الله من ثمره، ولا أُكلفكم
قضاءَه عني. والشُّمُّ: الطِّوالُ من النخل وغيرها. والجِلادُ: الصوابر
على الحرِّ والعَطَشِ وعلى البرد. والــقَراوِحُ: جمع قِرْــواح، وهي النخلة
التي انْجَرَدَ كَرَبُها وطالت؛ قال: وكان حقه الــقراويح، فحذف الياء
ضرورة؛ وبعده:
وليستْ بسَنْهاءٍ، ولا رُجَّبِيَّةٍ،
ولكن عَرايا في السِّنينَ الجَوائِحِ
والسَّنْهاءُ: التي تحمل سنة وتترك أُخرى. والرُّجَّبيَّةُ: التي يُبْنى
تحتها لضعفها؛ وكذلك هَضْبَةٌ قِرْــواح، يعني ملساء جرداء طويلة؛ قال
أَبو ذؤَيب:
هذا، ومَرْقَبَةٍ غَيْطاءَ، قُلَّتُها
شَمَّاءُ، ضَحْيانةٌ للشمسِ، قِرْــواحُ
أَي هذا قد مضى لسبيله ورُبَّ مَرْقبة.
ولقيه مُقارَحةً أَي كِفاحاً ومواجهة. والــقُراحِيّ: الذي يَلْتزم الــقرية
ولا يخرج إِلى البادية؛ وقال جرير:
يُدافِعُ عنكم كلَّ يومِ عظيمةٍ،
وأَنتَ قُراحيٌّ بسِيفِ الكَواظِمِ
وقيل: قُراحِيّ منسوب إِلى قُراحٍ، وهو اسم موضع؛ قال الأَزهري: هي قرية
على شاطئِ البحر نسبه إِليها الأَزهري. أَنت قُرْــحانٌ من هذا الأَمر
وقُراحِيّ أَي خارج، وأَنشد بيت جرير «يدافع عنكم» وفسره، أَي أَنت خِلْوٌ
منه سليم.
وبنو قَريح: حيّ. وقُرْــحانُ: اسم كلب. وقُرْــحٌ وقِرْــحِياء: موضعان؛
أَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَــقْرانَ، حتى أَنَخْتُها
بــقُرْــحَ، وقد أَلْقَيْنَ كلَّ جَنِين
هكذا أَنشده غير مصروف ولك أَن تصرفه؛ أَبو عبيدة: الــقُراحُ سِيفُ
القَطِيفِ؛ وأَنشد للنابغة:
قُراحِيَّةٌ أَلْوَتْ بِلِيفٍ كأَنها
عِفاءُ قَلُوصٍ، طارَ عنها تَواجِرُ
قرية بالبحرين
(* قوله «قرية بالبحرين»: يريد أَن قُراحيةً نسبة إِلى
قراح، وهي قرية بالبحرين.). وتَواجِرُ: تَنْفُقُ في البيع لحسنها؛ وقال
جرير:
ظَعائِنُ لم يَدِنَّ مع النصارى،
ولم يَدْرينَ ما سَمَكُ الــقُراحِ
وفي الحديث ذِكْرُ قُرْــح، بضم القاف وسكون الراء، وقد يجرّك في الشعر:
سُوقُ وادي الــقُرى صلى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبُنِيَ به
مسجد؛ وأَما قول الشاعر:
حُبِسْنَ في قُرْــحٍ وفي دارتِها،
سَبْعَ لَيالٍ، غيرَ مَعْلوفاتِها
فهو اسم وادي الــقُرى.
قرد: الــقَرَــدُ، بالتحريك: ما تَمَعَّطَ من الوَبَرِ والصوفِ وتَلَبَّدَ،
وقيل: هو نُفايَةُ الصوف خاصَّةً ثم استعمل فيما سواه من الوبر والشعر
والكَتَّان، قال الفرزدق:
أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نَهاراً،
من المُتَلَقِّطِي قَرَــدَ القُمامِ
يعني بالأُسَيِّدِ هنا سُوَيْداءَ، وقال من المُتَلَقِّطي قَرَــدَ
القُمامِ لِيثْبِتَ أَنها امرأَة لأَنه لا يَتَتَبَّعُ قَرَــدَ القُمامِ إِلا
النساء، وهذا البيتُ مُضَمَّنٌ لأَن قوله أُسَيِّدٌ فاعل بما قبله، أَلا
ترى أَن قبله:
سَيَأَتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي،
ويُدْخِلُ رأْسَهُ تحتَ الــقِرامِ
أُسَيِّدُ . . . . . . . . .
قال ابن سيده: وذلك أَنه لو قال أُسَيِّدُ ذو خُرَيِّطَةٍ نهاراً ولم
يتبعه ما بعده لظن رجلاً فكان ذلك عاراً بالفرزدق وبالنساء، أَعني أَن
يُدْخِلَ رأْسَه تحتَ الــقِرامِ أَسودُ فانتفى من هذا وبَرّأَ النساء منه بأَن
قال من المُتَلَقِّطِي قَرَــدَ القُمامِ، واحدته قَرَــدَة. وفي المثل:
عَكَرَتْ على الغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فلم تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَــدَةً؛ وأَصله أَن
تترك المرأَة الغزل وهي تجد ما تَغْزِلُ من قطن أَو كتان أَو غيرهما حتى
إِذا فاتها تتبعت الــقَرَــدَ في القُماماتِ مُلْتَقِطَةً، وعَكَرَتْ أَي
عَطَفَتْ.
وقَرِــدَ الشعرُ والصوف، بالكسر، يَــقْرَــدُ قَرَــداً فهو قَرِــدٌ،
وتَــقَرَّــدَ: تَجَعَّدَ وانعَقَدَتْ أَطرافُه. وتَــقَرَّــدَ الشعرُ: تَجَمَّعَ.
وقَرِــدَ الأَدِيمُ: حَلِمَ. والــقَرِــدُ من السحاب: الذي تراه في وجهِهِ شِبْهُ
انعقادٍ في الوهمِ يُشَبَّه بالشَّعَرِ الــقَرِــدِ الذي انعَقَدَتْ
أَطرافه. ابن سيده: والــقَرِــدُ من السحاب المتَعَقِّدُ المُتَلَبِّدُ بعضُه على
بعض شبه بالوبَرِ الــقَرِــدِ. قال أَبو حنيفة: إِذا رأَيتَ السحابَ
مُلتَبِداً ولم يَملاسَّ فهو الــقَرِــدُ والمُتَــقَرِّــدُ. وسحابٌ قَرِــدٌ: وهو
المتقطع في أَقطار السماء يركب بعضه بعضاً.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: ذُرِّي الدَّقيقَ وأَنا أُحَرِّكُ لكِ لئلا
يَتَــقَرَّــد أَي لئلا يَرْكَبَ بَعضُهُ بعضاً؛ وفيه: أَنه صلى إِلى
بعِيرٍ من المَغْنَمِ فلما انفتل تناول قَرَــدَةً من وبرِ البعير أَي قِطْعَةً
مما يُنْسَلُ منه. والمُتَــقَرِّــدُ: هَناتٌ صغارٌ تكون دون السحاب لم
تلتئم بعد. وفرس قَرِــدُ الخَصِيلِ إِذا لم يكن مُسْتَرْخِياً، وأَنشد:
قَرِــد الخَصِيلِ وفي العِظامِ بَقِيَّةٌ
والــقُرادُ: معروف واحد الــقِرْــدانِ. والــقُرادُ: دُوَيبَّةٌ تَعَضُّ
الإِبل؛ قال:
لقدْ تَعَلَّلْتُ على أَيانِقِ
صُهْبٍ، قَلِيلاتِ الــقُرادِ اللاَّزِقِ
عنى بالــقُراد ههنا الجنس فلذلك أَفرد نعتها وذكَّرَه. ومعنى قَلِيلات:
أَنَّ جُلودَها مُلْسٌ لا يَثْبُتُ عليها قُرادٌ إِلا زَلِقَ لأَنها
سِمانٌ ممتلئة، والجمع أَــقْردَة وقِرْــدانٌ كثيرة؛ وقول جرير:
وأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرَزْدَقِ ناخِساً،
وفُرْدُ اسْتِها بَعْدَ المنامِ يُثِيرُها
قُرْــد فيه: مخفف من قُرُــدٍ؛ جَمَعَ قُراداً جَمْعَ مِثالٍ وقَذالٍ
لاستواء بنائه مع بنائهما. وبعيرٌ قَرِــدٌ: كثير الــقِرْــدانِ؛ فأَما قول مبشر بن
هذيل ابن زافر
(* قوله «زافر» كذا في الأَصل بدون هاء تأنيث.) الفزاري:
أَرسَلْتُ فيها قَرِــداً لُكالِكَا
قال ابن سيده: عندي أَن الــقَرِــدَ ههنا الكثيرُ الــقِرْــدانِ. قال: وأَما
ثعلب فقال: هو المتجمع الشعر، والقولان متقاربان لأَنه إِذا تجمع وبره
كثرت فيه الــقِرْــدانُ. وقَرَّــده: انتزع قِرْــدانَه وهذا فيه معنى السلب، وتقول
منه: قَرِّــدْ بعيركَ أَي انْزِعْ منه الــقِرْــدان. وقَرَّــده: ذلَّله وهو
من ذلك لأَنه إِذا قُرِّــدَ سكَنَ لذلك وذَلَّ، والتــقريدُ: الخِداعُ مشتق
من ذلك لأَن الرجل إِذا أَراد أَن يأْخذ البعير الصعب قَرَّــده أَولاً
كأَنه يَنْزعُ قِرْــدانه؛ قال الحصين بن القعقاع:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ فِيهِمُ،
وهم يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُــقَرَّــدَا
قال ابن الأَعرابي: يقول لا يَسْتَنْبِذُ إِليهم
(* قوله «لا يستنبذ
اليهم» كذا بالأصل بدون ضبط ولعل الاظهر لا يستذلهم) أَحد؛ وقال
الحطيئة:لَعَمْرُكَ ما قُرادُ بَني كُلَيْبٍ،
إِذا نُزِعَ الــقُرادُ، بِمُسْتَطاع
ونسبه الأَزهري للأَخطل.
والــقَرُــودُ من الإِبل: الذي لا يَنْفِرُ عند التَّــقْرِــيد. وقُرادا
الثَّدْيَيْنِ: حَلَمتاهما؛ قال عدي بن الرقاع يمدح عمر بن هبيرة وقيل هو
لِمِلْحَةَ الجَرْمي:
كأَنَّ قُرادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُما،
بِطِينٍ منَ الجَوْلانِ، كُتَّابُ أَعْجَمِ
إِذا شِئتَ أَن تَلْقى فَتى الباسِ والنَّدى،
وذا الحَسَبِ الزاكي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ
فَكُنْ عُمَراً تَأْتي، ولا تَعْدوَنَّه
إِلى غيرِه، واسْتَخْبرِ الناسَ وافْهَمِ
وأُم الــقِرْــدانِ: الموضع بلين الثُّنَّة والحافر وأَنشد بيت مِلْحَةَ
الجرمي أَيضاً وقال: عنى به حَلَمَتي الثَّدْيِ. ويقال للرجل: إِنه لحسن
قُرادَيِ الصدرِ، وأَنشد الأَزهري هذا البيت ونسبه لابن ميادة يمدح بعض
الخلفاء وقال في آخره: كتاب أَعجما؛ قال أَبو الهيثم: الــقرادان من الرجل
أَسفل الثُّنْدُوَة. يقال: إِنهما منه لطيفان كأَنهما في صدره أَثر طين خاتم
ختمه بعض كتَّاب العجم، وخصهم لأَنهم كانوا أَهل دَواوِينَ وكتابة.
وأُمُّ الــقِرْــدانِ في فِرْسِن البعير: بين السُّلاميَاتِ؛ وقيل في تفسير
قُرادِ الزَّوْرِ الحَلَمةُ وما حولها من الجلد المخالف للون الحَلَمة.
وقُرادا الفرس: حلمتان عن جانِبَيْ إِحْلِيلِه.
ويقال: فلان يُــقَرِّــدُ فلاناً إِذا خادعه متلطفاً؛ وأَصله الرجل يجيء
إِلى الإِبل ليلاً ليركب منها بعيراً فيخاف أَن يرغو فَيَنْزِعُ منه
الــقُراد حتى يستأْنس إِليه ثم يَخْطِمُه، وإِنما قيل لمن يَذِلُّ قد أُــقْرِــدَ
لأَنه شبه بالبعير يُــقَرَّــدُ أَي ينزع منه الــقراد فَيَــقْرَــدُ لخاطمه ولا
يستصعب عليه.
وفي حديث ابن عباس: لم ير بِتَــقْريدِ المحرمِ البعيرَ بَأْساً؛ التــقريدُ
نزع الــقِرْــدانِ من البعير، وهو الطَّبُّوعُ الذي يَلْصَقُ بجسمه. وفي
حديثه الآخر: قال لعكرمة، وهو محرم: قم فَــقَرِّــدْ هذا البعير، فقال: إِني
محرم، فقال: قم فانحره فنحره، فقال: كم نراك الآن قتلت من قُرادٍ
وحَمْنانة؟ ابن الأَعرابي: أَــقْرَــدَ الرجلُ إِذا سكت ذَلاًّ وأَخْرَدَ إِذا سكت
حياء. وفي الحديث: إِيَّاكُمْ والإِــقْرادَ، قالوا: يا رسول الله، وما
الإِــقرادُ؟ قال: الرجل يكون منكم أَميراً أَو عاملاً فيأْتيه المِسْكينُ
والأَرملة فيقول لهم: مكانَكم، ويأْتيه
(* قوله «مكانكم ويأتيه» كذا بالأصل
وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه...) الشريفُ والغني
فيدنيه ويقول: عجلوا قضاء حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُــقْرِــدين. يقال:
أَــقْرَــدَ الرجلُ إِذا سكت ذلاًّ، وأَصله أَن يقع الغُرابُ على البعير
فَيَلْتَقِطَ الــقِرْــدانَ فَيَــقِرَّ ويسكن لما يجده من الراحة. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها: كان لنا وحْشٌ فإِذا خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَــقرَــدَ أَي سكَنَ وذَلَّ.
وأَــقْرَــدَ الرجلُ وقَرِــدَ: ذَلَّ وخَضَع، وقيل: سكت عن عِيٍّ. وأَــقرَــدَ أَي
سَكَنَ وتمَاوَت؛ وأَنشد الأَحمر:
تقولُ إِذا اقْلَوْلى عليها وأَــقْرَــدَتْ
أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟
قال ابن بري: البيت للفرزدق يذكر امرأَة إِذا علاها الفحل أَــقرَــدَتْ
وسكنت وطلبت منه أَن يكون فعله دائماً متصلاً. والــقَرَــدُ: لَجْلَجَة في
اللسان؛ عن الهَجَريّ، وحكي: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لولا قَرَــدٌ في لسانك،
وهو من هذا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يسكت عن بعض ما يُريدُ الكلامَ
به. أَبو سعيد: الــقِرْــديدَةُ صُلْبُ الكلام. وحكي عن أَعرابي أَنه قال:
اسْتَوْقَحَ الكلامُ فلم يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً منه فركِبْتُه ولم أَزُغْ
عنه يميناً ولا شمالاً. وقرِــدَت أَسنانُه قَرَــداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ
بالدُّرْدُر. وقَرِــدَ العِلْكُ قَرَــداً: فَسَد طعمُه.
والــقِرْــد: معروف. والجمع أَــقرادٌ وأَــقْرُــد وقُرودٌ وقِرَــدَةٌ كثيرة. قال
ابن جني في قوله عز وجل: كونوا قِرَــدَةً خاسئين: ينبغي أَن يكون خاسئين
خبراً آخر لكونوا والأَوَّلُ قِرَــدَةً، فهو كقولك هذا حُلْو حامض، وإِن
جعلته وصفاً لــقِرَــدَة صَغُرَ معناه، أَلا ترى أَن الــقِرْــد لذُّلِّه
وصَغارِه خاسئ أَبداً، فيكون إِذاً صفة غير مُفيدَة، وإِذا جعلت خاسئين خبراً
ثانياً حسن وأَفاد حتى كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين، أَلا ترى أَن
لأَحد الاسمين من الاختصاص بالخبرية ما لصاحبه وليست كذلك الصفة بعد
الموصوف، إِنما اختصاص العامل بالموصوف ثم الصفةُ بعد تابعة له. قال: ولست
أَعني بقولي كأَنه قال كونوا قردة كونوا خاسئين أَن العامل في خاسئين عامل
ثان غير الأَوّل، معاذ الله أَن أُريد ذلك إِنما هذا شيء يُقَدَّر مع
البدل، فأَما في الخبرين فإِن العامل فيهما جميعاً واحد. ولو كان هناك
عامل لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد. ولو كان هناك عامل لما كانا خبرين
لمخبر عنه واحد، وإِنما مفاد الخبر من مجموعهما؛ قال: ولهذا كان عند أَبي علي
أَن العائد على المبتدإِ من مجموعهما وإِنما أُريد أَنك متى شئت باشرت
كونوا أَي الاسمين آثَرْتَ وليس كذلك الصفة، ويُو نِسُ لذلك أَنه لو كانت
خاسئين صفة لــقردة لكان الأَخلقُ أَن يكون قردة خاسئة، فأَنْ لم يُــقْرأْ
بذلك البتةَ دلالةٌ على أَنه ليس بوصف وإِن كان قد يجوز أَن يكون خاسئين
صفة لــقردة على المعنى، إِذ كان المعنى إِنما هي هم في المعنى إِلا أَن هذا
إِنما هو جائز، وليس بالوجه بل الوجه أَن يكون وصفاً لو كان على اللفظ
فكيف وقد سبق ضعف الصفة هنا؟ والأُنثى قِرْــدَة والجمع قِرَــدٌ مثل قِرْــبَةٍ
وقِرَــبٍ.
والــقَرَّــادُ: سائِسُ الــقُرُــودِ. وفي المثل: إِنه لأَزْنى من قِرْــدٍ؛ قال
أَبو عبيد: هو رجل من هذيل يقال له قِرْــدُ بن معاوية.
وقَرَــدَ لعياله قَرْــداً: جَمَعَ وكسَبَ. وقَرَــدْتُ السَّمْنَ، بالفتح،
في السِّقاءِ أَــقْرِــدُه قَرْــداً: جمعته. وقَرَــدَ في السقاءِ قَرْــداً:
جَمَعَ السمْنَ فيه أَو اللَّبن كَقَلَدَ؛ وقال شمر: لا أَعرفه ولم أَسمعه
إِلا لأَبي عبيد. وسمع ابن الأَعرابي: قَلَدْتُ في السقاء وقَرَــيْتُ فيه؛
والقَلْدُ: جَمْعُك الشيء على الشيء من لبَن وغيره. ويقال: جاء بالحديث
على قَرْــدَدِه وعلى قَنَنِهِ وعلى سَمْتِهِ إِذا جاء به على وجهه.
والتِّــقْرِــدُ الكَرَوْيا، وقيل: هي جمع الأَبزار، واحدتها تِــقْرِــدَة.
والــقَرْــدَدُ من الأَرض: قُرْــنَةٌ إِلى جنب وَهْدة؛ وأَنشد:
متى ما تَزُرْنا، آخِرَ الدَّهْرِ، تَلْقَنا
بِــقَرْقَرَــةٍ مَلْساءَ لَيْسَتْ بِــقَرْــدَدِ
الأَصمعي: الــقَرْــدَدُ نحو القُفِّ. ابن شميل الــقُرْــدودة ما أَشرَف منها
وغلُظَ وقلما تكون الــقراديدُ إِلا في بسطة من الأَرض وفيما اتسع منها،
فتَرى لها متناً مشرفاً عليها غليظاً لا يُنْبِتُ إِلا قليلاً؛ قال: ويكون
ظهرها سعته دعوة
(* قوله «سعته دعوة» كذا بالأصل ولعله غلوة.) وبُعْدُها
في الأَرض عُقْبَتَيْن وأَكثر وأَقل، وكل شيء منها حدَبٌ ظهرُها
وأَسنادها. وقال شمر: الــقُرْــدُودة طريقة منقادة كــقُرْــدُودةِ الظهر.
والــقَرْــدَدُ: ما ارتفع من الأَرض، وقيل: وغلُظَ، قال سيبويه داله
مُلْحِقة له بجعفر وليس كَمَعدّ لأَن ذلك مبني على فَعَلّ من أَول وهلة، ولو
كان قَرْــدَدٌ كَمَعدّ لم يظهر فيه المثلان لأَن ما أَصله الإِدغام لا
يُخَرَّجُ على الأَصل إِلاَّ في ضرورة شعر، قال: وجمع الــقَرْــدَدِ قرادِدُ ظهرت
في الجمع كظهورها في الواحد. قال: وقد قالوا: قَراديدُ فأَدخلوا الياء
كراهية التضعيف. والــقُرْــدُودُ: ما ارتفع من الأَرض وغلظ مثل الــقَرْــدَدِ؛
قال ابن سيده: فعلى هذا لا معنى لقول سيبويه إِن الــقَراديدَ جمع قَرْــدَد.
قال الجوهري: الــقَرْــدَد المكان الغليظ المرتفع وإِنما أُظْهِرَ التضعيف
لأَنه مُلْحَقِ بفَعْلَل والمُلْحَق لا يُدْغم، والجمع قَرادِدُ. قال: وقد
قالوا قراديد كراهية الدالين. وفي الحديث: لَجَؤوا إِلى قَرْــدَدٍ؛ وهو
الموضع المرتفع من الأَرض كأَنهم تحصنوا به. ويقال للأَرض المستوية
أَيضاً: قَرْــدد؛ ومنه حديث قس الجارود.
(* قوله «قس الجارود» كذا بالأصل وفي شرح
القاموس قيس بن الجارود، بياء بعد القاف مع لفظ ابن وفي نسخة من النهاية
قس والجارود).
قطَعْتُ قَرْــدَداً.
وقُرْــدُودَةُ الثَّبَجِ: ما أَشرَفَ منه. وقُرْــدُودَةُ الظهر: ما
ارتَفَعَ من ثبَجِه. الأَصمعي: السِّيساءُ قُرْــدودَةُ الظَّهْرِ. أَبو عمرو:
السَّيساءُ من الفرَسِ الحارِكُ ومن الحمارِ الظَّهْرُ. أَبو زيد:
الــقِرْــديدَةُ الخط الذي وسَطَ الظهر، وقال أَبو مالك: الــقُرْــدودَةُ هي الفقارة
نفسها. وقال: تمضي قُرْــدُودَةُ الشتاءِ عَنَّا، وهي جَدْبَتُه وشِدَّتُه.
وقُرْــدودَةُ الظَّهْرِ: أَعلاهُ من كل دابة. وأَخذه بِــقَرْــدَةِ عُنُقِه؛
عن ابن الأَعرابي، كقولك بِصُوفِه، قال: وهي فارسية؛ ابن بري: قال
الراجز:يَرْكَبْنَ ثِنْيَ لاحِبٍ مَدْعُوقِ،
نابي الــقَرادِيدِ مِنَ البُؤوقِ
الــقَراديدُ: جمع قُرْــدُودَةٍ، وهي الموضع الناتئُ في وسطه.
التهذيب: الــقَرْــدُ لغة في الكَرْدِ، وهو العنق، وهو مَجْثَمُ الهامةِ
على سالفةِ العُنُق؛ وأَنشد:
فَجَلَّلَه عَضْبَ الضَّريبةِ صارِماً،
فَطَبَّقَ ما بَيْنَ الضَّريبةِ والــقَرْــدِ
التهذيب: وأَنشد شمر في الــقَرْــدِ القصِير:
أَو هِقْلَةِ من نَعامِ الجوِّ عارَضَها
قَرْــدُ العِفاءِ، وفي يافُوخِه صَقَعُ
قال: الصقَعُ الــقَرَــعُ. والعِفاءُ: الرِّيشُ. والــقَرْــدُ: القصيرُ.
وبنو قَرَــدٍ: قوم من هذيل منهم أَبو ذؤيب.
وذُو قَرَــدٍ: موضع؛ وفي الحديث ذكر ذي قَرَــد؛ هو بفتح القاف والراء: ماء
على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر؛ ومنه غَزْوَةُ ذي قَرَــدٍ ويقال
ذو الــقَرَــد.
قرم: الــقَرَــمُ، بالتحريك: شدّة الشهوة إِلى اللحم، قَرِــمَ إِلى اللحم،
وفي المحكم: قَرِــمَ يَــقْرَــم قَرَــماً، فهو قَرِــمٌ: اشتهاه، ثم كثر حتى
قالوا مثلاً بذلك: قَرِــمْتُ إِلى لقائك. وفي الحديث: كان يتعوّذ من الــقَرَــم،
وهو شدة شهوة اللحم حتى لا يُصبَر عنه. يقال: قَرِــمت إِلى اللحم. وحكى
بعضهم فيه: قَرِــمْتُه. وفي حديث الضحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه مَــقْروم، قال:
هكذا جاء في رواية، وقيل: تقديره مَــقْرومٌ إِليه فحذف الجارّ. وفي حديث
جابر: قَرِــمنا إِلى اللحم فاشتريت بدرهم لحماً.
والــقَرْــمُ: الفحل الذي يترك من الركوب والعمل ويُودَع للفِحْلة، والجمع
قُروم؛ قال:
يا ابْن قُروم لَسْنَ بالأَحْفاضِ
وقيل: هو الذي لم يمسه الحَبْل. والأَــقْرَــمُ: كالــقَرْــم. وأَــقْرَــمه:
جَعله قَرْــماً وأَكرمه عن المهْنة، فهو مُــقْرَــم، ومنه قيل للسيد قَرْــمٌ
مُــقْرَــم تشبيهاً بذلك. قال الجوهري: وأَما الذي في الحديث: كالبعير
الأَــقْرَــم، فلغة مجهولة. واسْتَــقرم البَكرُ قبل أَناه، وفي المحكم: واستــقرم البكر
صار قَرْــماً. والــقَرْــمُ من الرجال: السيد المعظم، على المثل بذلك. وفي
حديث علي، عليه السلام: أَنا أَبو حسن الــقَرْــم أَي المُــقْرَــم في الرأْي؛
والــقَرْــم: فحل الإِبل، أَي أَنا فيهم بمنزلة الفحل في الإِبل؛ قال ابن
الأَثير: قال الخطابي وأَكثر الروايات القوم، بالواو، قال: ولا معنى له
وإِنما هو بالراء أَي المقدَّم في المعرفة وتَجارِب الأُمور. ابن السكيت:
أَــقْرَــمْتُ الفحل، فهو مُــقْرَــم، وهو أَن يُودَع للفحلة من الحمل والركوب،
وهو الــقَرْــم أَيضاً. وفي حديث رواه دُكَين بن سعيد قال: أَمر النبي، صلى
الله عليه وسلم، عمر أَن يُزوِّد النُّعمان بن مُــقرِّــن المُزَني وأَصحابه
ففتح غُرفة له فيها تمر كالبعير الأَــقْرَــمِ؛ قال أَبو عبيد: قال أَبو عمرو
لا أَعرف الأَــقرم ولكني أَعرف المُــقْرَــم، وهو البعير المُكْرَم الذي لا
يحمل عليه ولا يذلل، ولكن يكون للفحلة والضراب، قال: وإِنما سمي السيد
الرئيس من الرجال المُــقْرَــم لأَنه شبه بالمُــقْرَــم من الإِبل لعِظَم شأْنه
وكَرَمه عندهم؛ قال أَوس:
إِذا مُــقْرَــمٌ مِنَّا ذرا حَدُّ نابِه،
تَخَمَّطَ فِينا نابُ آخَرَ مُــقْرَــم
أَراد: إِذا هلَك منا سيد خلفه آخر. قال الزمخشري: قَرِــمَ البعير، فهو
قَرِــمٌ إِذا اسْتَــقْرَــمَ أَي صار قَرْــماً. وقد أَــقرَــمَه صاحبه، فهو
مُــقْرَــم إِذا تركه للفِحْلة، وفَعِلَ وأَفْعَلَ يلتقيان كوَجِلَ وأَوْجَلَ
وتَبِعَ وأَتْبَع في الفعل، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ في الاسم،
قال: وأَما المَــقْرُــوم من الإِبل فهو الذي به قُرْــمةٌ، وهي سِمةٌ تكون فوق
الأَنف تُسلخ منها جِلدة ثم تُجمع فوق أَنفه فتلك الــقُرمة؛ يقال منه:
قَرَــمْتُ البعير أَــقْرِــمُه. ويقال للــقُرْــمة أَيضاً الــقِرام، ومثله في
الجسد الجُرْفة. الليث: هي الــقُرْــمة والــقَرْــمة لغتان، وتلك الجلدة التي
قطعْتَها هي الــقُرامة، وربما قَرَــمُوا من كِرْكِرَته وأُذنه قُرامات
يُتَبَلَّغ بها في القحط. المحكم: وقَرَــمَ البعيرَ يَــقْرِــمه قَرْــماً قطع من أَنفه
جلدة لا تبين وجَمعَها عليه للسِّمة، واسم ذلك الموضع الــقِرام والــقُرْــمة
وقيل: الــقُرْــمة اسم ذلك الفعل. والــقَرْــمة والــقُرامة: الجلدة المقطوعة
منه، فإِن كان مثلُ
ذلك الوسْم في الجسم بعد الأُذن والعنق فهي الجُرْفة. وناقة قَرْــماء:
بها قَرْــم في أَنفها؛ عن ابن الأَعرابي. ابن الأَعرابي: في السِّمات
الــقَرْــمة، وهي سِمة على الأَنف ليست بحَزٍّ، ولكنها جَرْفة للجلد ثم يترك
كالبعرة، فإِذا حُزَّ الأَنف حَزّاً فذلك الفَــقْر. يقال: بعير مَفْقُور
ومَــقْرُــوم ومَجْرُوف؛ ومنه ابن مَــقْرُــومٍ الشاعر. وقَرَــمَ الشيءَ قَرْــماً:
قَشَره. والــقُرامة من الخبز: ما تقشَّر منه، وقيل: ما يَلتزِق منه في التنور،
وكل ما قَشَرْته عن الخبز فهو الــقُرامة. وما في حَسَبِه قُرامة أَي
وَصْم، وهما العيب. وقَرَــمَه قَرْــماً: عابَه. والــقَرْــمُ: الأَكل ما كان. ابن
السكيت: قَرَــم يَــقْرِــم قَرْــماً إِذا أَكل أَكلاً ضعيفاً. ويقال: هو
يَتَــقَرَّــمُ تَــقَرُّــم البَهْمة. وقَرَــمَتِ البَهمة تَــقْرِــم قَرْــماً وقُروماً
وقَرَــماناً وتَــقرَّــمت: وذلك في أَول ما تأْكل، وهو أدنى التناوُل، وكذلك
الفَصيل والصبي في أَول أَكله. وقَرَّــمه هو: علَّمه ذلك؛ ومنه قول
الأَعرابية ليعقوب تذكر له تَرْبِية البَهْم: ونحن في كل ذلك نُــقَرِّــمه ونعلمه.
أَبو زيد: يقال للصبي أَوّل ما يأْكل قد قَرَــم يَــقْرِــم قَرْــماً
وقُروماً. الفراء: السخلة تَــقْرِــم قَرْــماً إِذا تعلمت الأَكل؛ قال عدي:
فَظِباءُ الرَّوْضِ يَــقْرِــمْنَ الثَّمَرْ
ويقال: قرَــم الصبيُّ والبَهْمُ قَرْــماً وقُروماً، وهو أَكل ضعيف في أَول
ما يأْكل، وتَــقَرَّــم مثله. وقَرَّــمَ القِدْحَ: عَجَمَه؛ قال:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ ِمجْلَداً، ودارَتْ عليهن المُــقَرَّــمةُ
الصُّفْر
يعني أَنهن سُبِين واقْتُسمن بالقِداح التي هي صفتها، وأَراد مَجالِد
فَوضع الواحد موضع الجمع.
والــقِرامُ: ثوب من صوف ملوّن فيه أَلوان من العِهن، وهو صفيق يتخذ
سِتراً، وقيل: هو الستر الرقيق، والجمع قُرُــم، وهو المِــقْرَــمة، وقيل:
المِــقْرمةُ مَحْبِس الفِراش. وقَرَّــمَه بالمِــقْرمة: حبسَه بها. والــقِرام: ستر فيه
رَقْم ونقُوش، وكذلك المِــقْرَــمُ والمِــقْرَــمة؛ وقال يصف داراً:
على ظَهْرِ جَرْعاء العَجُوز، كأَنهَّا
دَوائِرُ رَقْمٍ في سَراةِ قِرامِ
وفي حديث عائشة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل عليها وعلى الباب
قِرامٌ فيه تَماثِيلُ، وفي رواية: وعلى الباب قِرامٌ سِترٍ؛ هو الستر
الرقيق فإِذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّةٌ؛ وأَنشد بيت لبيد يصف الهودج:
مِنْ كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّه
زَوْجٌ، عليه كِلَّةٌ وقِرامُها
وقيل: الــقِرام ثوب من صوف غليظ جدّاً يُفرش في الهودج ثم يجعل في قواعد
الهودج أَو الغَبِيط، وقيل: هو الصَّفِيق من صوف ذي أَلوان، والإِضافة
فيه كقولك ثوبُ قميصٍ، وقيل: الــقِرام الستر الرقِيقُ وراء الستر الغليظ،
ولذلك أَضاف؛ وقوله في حديث الأَحنف بلغه أَن رجلاً يغتابه فقال:
عُثَيْثةٌ تَــقْرِــمُ جِلْداً أَمْلَسا
أَي تَــقْرِــض، وقد ذكرته في موضعه.
والــقَرْــمُ: ضرب من الشجر؛ حكاه ابن دريد، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم
دخيل. وقال أَبو حنيفة: الــقُرْــم، بالضم، شجر ينبت في جَوف ماء البحر، وهو
يشبه شجر الدُّلْب في غِلَظِ سُوقه وبياض قشره، وورقه مثل ورق اللوز
والأَراك، وثمرُه مثل ثمر الصَّوْمَر، وماء البحر عدوّ كل شيء من الشجر
إِلاَّ الــقُرْــم والكَنْدَلى، فإِنهما ينبتان به.
وقارِمٌ ومَــقْرُــومٌ وقُرَــيْمٌ: أَسماء. وبنو قُرَــيْمٍ: حي. وقَرْــمانُ:
موضع، وكذلك قَرَــماء؛ أَنشد سيبويه:
علا قَرَــماءَ عالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِه خِمارُ
قيل: هي عَقَبة، وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى. وقال ابن الأَعرابي: هي
قَرْــماء بسكون الراء، وكذلك أَنشد البيت على قرْــماء ساكنة وقال: هي أَكَمة
معروفة، قال: وقيل قَرْــماء هنا ناقة بها قَرْــمٌ في أَنفها أَي وَسْم، قال:
ولا أَدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت. ابن الأَنباري في كتاب المقصور
والممدود: جاء على فَعَلاء يقال له سَحَناء أَي هَيئة، وله ثَأَداءُ أَي
أَمَة، وقَرَــماء اسم أَرض، وأَنشد البيت وقال: كتبت عنه بالقاف، وكان عندنا
فَرَماء لأَرض بمصر، قال: فلا أَدري قَرَــماء أَرض بنجد وفَرَماء بمصر.
ومَــقْرُــوم: اسم جبل؛ وروي بيت رؤبة:
ورَعْنِ مَــقْرُــومٍ تَسامى أَرَمُهْ
والــقَرَــمُ: الجِداء الصغار. والــقَرَــمُ: صِغار الإِبل، والقَزَمُ،
بالزاي: صغار الغنم وهي الحَذَف.
قرن: الــقَرْــنُ للثَّوْر وغيره: الرَّوْقُ، والجمع قُرون، لا يكسَّر على
غير ذلك، وموضعه من رأْس الإنسان قَرْــنٌ أَيضاً، وجمعه قُرون. وكَبْشٌ
أَــقْرَــنُ: كبير الــقَرْــنَين، وكذلك التيس، والأُنثى قَرْــناء؛ والــقَرَــنُ
مصدر. كبش أَــقْرَــنُ بَيِّنُ الــقَرَــن. ورُمْح مَــقْرُــون: سِنانُه من قَرْــن؛
وذلك أَنهم ربما جعلوا أَسِنَّةَ رماحهم من قُرُــون الظباء والبــقر
الوحشي؛ قال الكميت:
وكنَّا إذا جَبَّارُ قومٍ أَرادنا
بكَيْدٍ، حَمَلْناه على قَرْــنِ أَعْفَرا
وقوله:
ورامِحٍ قد رَفَعْتُ هادِيَهُ
من فوقِ رُمْحٍ، فظَلَّ مَــقْرُــونا
فسره بما قدمناه. والــقَرْــنُ: الذُّؤابة، وخص بعضهم به ذُؤابة المرأَة
وضفيرتها، والجمع قُرون. وقَرْــنا الجَرادةِ: شَعرتانِ في رأْسها. وقَرْــنُ
الرجلِ: حَدُّ رأْسه وجانِبهُ. وقَرْــنُ الأَكمة: رأْسها. وقَرْــنُ الجبل:
أَعلاه، وجمعها قِرانٌ؛ أَنشد سيبويه:
ومِعْزىً هَدِياً تَعْلُو
قِرانَ الأَرضِ سُودانا
(* قوله: هَدِيا؛ هكذا في الأصل، ولعله خفف هَدِياً مراعاة لوزن الشعر).
وفي حديث قَيْلة: فأَصابتْ ظُبَتُه طائفةً من قُرونِ رأْسِيَهْ أَي
بعضَ نواحي رأْسي. وحَيَّةٌ قَرْــناءُ: لها لحمتان في رأْسها كأَنهما
قَرْــنانِ، وأكثر ذلك في الأَفاعي. الأَصمعي: الــقَرْــناء الحية لأَن لها قرناً؛
قال ذو الرمة يصف الصائد وقُتْرتَه:
يُبايِتُه فيها أَحَمُّ، كأَنه
إباضُ قَلُوصٍ أَسْلَمَتْها حِبالُها
وقَرْــناءُ يَدْعُو باسْمِها، وهو مُظْلِمٌ،
له صَوْتُها: إرْنانُها وزَمالُها
يقول: يُبيِّنُ لهذا الصائد صَوْتُها أَنها أَفْعَى، ويُبَيِّنُ له
مَشْيُها وهو زَمَالها أَنها أَفعى، وهو مظلم يعني الصائد أَنه في ظلمة
القُتْرَة؛ وذكر في ترجمة عرزل للأَعشى:
تَحْكِي له الــقَرْــناءُ، في عِرْزَالِها،
أُمَّ الرَّحَى تَجْرِي على ثِفالِها
قال: أَراد بالــقَرْــناء الحية. والــقَرْــنانِ: مَنارَتانِ تبنيان على رأْس
البئر توضع عليهما الخشبة التي يدور عليها المِحْوَرُ، وتُعَلَّق منها
البَكَرةُ، وقيل: هما مِيلانِ على فم البئر تعلق بهما البكرة، وإنما يسميان
بذلك إذا كانا من حجارة، فإذا كانا من خشب فهما دِعامتانِ. وقَرْــنا
البئرِ: هما ما بُنِيَ فعُرِّض فيجعل عليه الخَشَبُ تعلق البكرة منه؛ قال
الراجز:
تَبَيَّنِ الــقَرْــنَيْنِ، فانْظُرْ ما هما،
أَمَدَراً أَم حَجَراً تَراهُما؟
وفي حديث أَبي أَيوب: فوجده الرسولُ يغتسل بين الــقَرْــنَيْنِ؛ هما قَرْــنا
البئر المبنيان على جانبيها، فإن كانتا من خشب فهما زُرْنُوقان.
والــقَرْــنُ أَيضاً: البَكَرَةُ، والجمع أَــقْرُــنٌ وقُرُــونٌ. وقَرْــنُ الفلاة:
أَوّلها. وقَرْــنُ الشمس: أَوّلها عند طلوع الشمس وأَعلاها، وقيل: أوّل
شعاعها، وقيل: ناحيتها. وفي الحديث حديث الشمس: تَطْلُع بين قَرْــنَيْ شَيْطانٍ،
فإذا طَلَعَتْ قارَنَها، فإذا ارْتَفَعَتْ فارقها؛ ونهي النبي، صلى الله
عليه وسلم، عن الصلاة في هذا الوقت، وقيل: قَرْــنا الشيطان ناحيتا رأْسه،
وقيل: قَرْــناه جَمْعاهُ اللذان يُغْريهما بإضلال البشر. ويقال: إن
الأَشِعَّةَ
(* قوله «ويقال إن الأشعة إلخ» كذا بالأصل ونسخة من التهذيب،
والذي في التكملة بعد قوله تشرف عليهم: هي قرنا الشيطان) .التي تَتَقَضَّبُ
عند طلوع الشمس ويُتَراءَى للعيون أَنها تُشْرِف عليهم؛ ومنه قوله:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لم تُقَضِّبِ،
عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجِ العُنْبُب
قيل: إن الشيطان وقَرْــنَيْه يُدْحَرُونَ عن مَقامهم مُرَاعِين طلوعَ
الشمس ليلة القَدر، فلذلك تَطْلُع الشمسُ لا شُعاعَ لها، وذلك بَيِّنٌ في
حديث أُبيّ بن كعب وذكره آيةَ ليلة القدر، وقيل: الــقَرْــنُ القُوَّة أي
حين تَطْلُع يتحرّك الشيطان ويتسلط فيكون كالمُعِينِ لها، وقيل: بين
قَرْــنَيْه أي أُمَّتَيْه الأَوّلين والآخرين، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس
عند طلوعها، فكأَنَّ الشيطان سَوَّل له ذلك، فإذا سجد لها كان كأَن
الشيطان مُقْتَرِنٌ بها.
وذو الــقَرْــنَيْنِ الموصوفُ في التنزيل: لقب لإسْكَنْدَرَ الرُّوميّ، سمي
بذلك لأَنه قَبَضَ على قُرون الشمس، وقيل: سمي به لأَنه دعا قومه إلى
العبادة فَــقَرَــنُوه أَي ضربوه على قَرْــنَيْ رأْسه، وقيل: لأَنه كانت له
ضَفيرتان، وقيل: لأَنه بلغ قُطْرَي الأَرض مشرقها ومغربها، وقوله، صلى
الله عليه وسلم، لعلي، عليه السلام: إن لك بيتاً في الجنة وإنك لذو
قَرْــنَيْها؛ قيل في تفسيره: ذو قَرْــنَي الجنة أَي طرفيها؛ قال أَبو عبيد: ولا
أَحسبه أَراد هذا، ولكنه أَراد بقوله ذو قرنيها أَي ذو قرني الأُمة،
فأَضمر الأُمة وإن لم يتقدم ذكرها، كما قال تعالى: حتى تَوارتْ بالحجاب؛
أَراد الشمس ولا ذكر لها. وقوله تعالى: ولو يُؤَاخِذُ اللهُ الناسَ بما
كسَبُوا ما تَرَكَ على ظَهْرِها من دابةٍ؛ وكقول حاتم:
أَماوِيَّ، ما يُغْني الثَّراءُ عن الفَتَى،
إذا حَشْرَجَتْ يوماً، وضاق بها الصَّدْرُ
يعني النفْسَ ، ولم يذكرها. قال أَبو عبيد: وأَنا أَختار هذا التفسير
الأَخير على الأَول لحديث يروى عن علي، رضي الله عنه، وذلك أَنه ذكر ذا
الــقَرْــنَيْنِ فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قَرْــنَيه
ضربتين وفيكم مِثْلُه؛ فنُرَى أَنه أَراد نَفْسه، يعني أَدعو إلى الحق حتى
يُضرب رأْسي ضربتين يكون فيهما قتلي، لأَنه ضُرِبَ على رأْسه ضربتين:
إحداهما يوم الخَنْدَقِ، والأُخرى ضربة ابن مُلْجَمٍ. وذو الــقرنين: هو
الإسكندرُ، سمي بذلك لأَنه ملك الشرق والغرب، وقيل: لأَنه كان في رأْسه
شِبْهُ قَرْــنَين، وقيل: رأَى في النوم أَنه أَخَذَ بــقَرْــنَيِ الشمسِ. وروي
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال في قوله، عليه السلام: إنك لذو قَرْــنَيْها؛
يعني جَبَليها، وهما الحسن والحسين؛ وأَنشد:
أَثوْرَ ما أَصِيدُكم أَم ثورَيْنْ،
أَم هذه الجَمّاءَ ذاتَ الــقَرْــنَيْنْ
قال: قَرْــناها ههنا قَرْــناها، وكانا قد شَدَنا، فإذا آذاها شيء دَفَعا
عنها. وقال المبرد في قوله الجماء ذات الــقرنين، قال: كان قرناها صغيرين
فشبهها بالجَمّاءِ، وقيل في قوله: إنك ذو قَرْــنَيْها؛ أي إنك ذو قَرنَيْ
أُمَّتي كما أَن ذا الــقرنين الذي ذكره الله في الــقرآن كان ذا قَرْــنيْ
أُمَّته التي كان فيهم. وقال، صلى الله عليه وسلم: ما أَدري ذو الــقرنين
أَنبيّاً كان أَم لا. وذو الــقَرْــنينِ: المُنْذِرُ الأَكبرُ بنُ ماءٍ
السماء جَدُّ النُّعمان بن المنذر، قيل له ذلك لأَنه كانت له ذؤابتان
يَضْفِرُهما في قَرْــنيْ رأْسه فيُرْسِلُهما، وليس هو الموصوف في التنزيل، وبه
فسر ابن دريد قول امرئ القيس:
أَشَذَّ نَشاصَ ذي الــقَرْــنينِ، حتى
توَلَّى عارِضُ المَلِكِ الهُمامِ
وقَرْــنُ القوم: سيدُهم. ويقال: للرجل قَرْــنانِ أَي ضفيرتان؛ وقال
الأَسَدِيُّ:
كَذَبْتُم، وبيتِ اللهِ، لا تَنْكِحونها
بَنِي شابَ قَرْــناها تُصَرُّ وتُحْلَبُ
أَراد يا بني التي شابَ قَرْــناها، فأَضمره. وقَرْــنُ الكلإِ: أَنفه الذي
لم يوطأْ، وقيل: خيره، وقيل: آخره. وأَصاب قَرْــنَ الكلإ إذا أَصاب مالاً
وافراً. والــقَرْــنُ: حَلْبَة من عَرَق. يقال: حَلَبنا الفرسَ قَرْــناً أَو
قَرْــنينِ أي عَرَّقناه. والــقَرْــنُ: الدُّفعة من العَرَق. يقال: عَصَرْنا
الفرسَ قَرْــناً أو قَرْــنين، والجمع قُرون؛ قال زهير:
تُضَمَّرُ بالأَصائِل كلَّ يوْمٍ،
تُسَنُّ على سَنابِكِها الــقُرُــونُ
وكذلك عَدَا الفرسُ قَرْــناً أَو قرنين. أَبو عمرو: الــقُرونُ العَرَقُ.
قال الأَزهري: كأَنه جمع قَرْــن. والــقَرُــونُ: الذي يَعْرَقُ سريعاً، وقيل:
الذي يَعْرَق سريعاً إذا جرى، وقيل: الفرس الذي يَعْرَقُ سريعاً، فخص.
والــقَرْــنُ: الطَّلَقُ من الجَرْي. وقُروُنُ المطر: دُفَعُه
المُتَفرِّقة.والــقَرْــنُ: الأُمَّةُ تأْتي بعد الأُمَّة، وقيل: مُدَّتُه عشر سنين،
وقيل: عشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: ستون، وقيل: سبعون، وقيل: ثمانون وهو
مقدار التوسط في أَعمار أهل الزمان، وفي النهاية: أََهل كلِّ زمان،
مأْخوذ من الاقْتِران، فكأَنه المقدار القد يَقْترِنُ فيه أهلُ ذلك الزمان في
أَعمارهم وأَحوالهم. وفي الحديث: أَن رجلاً أَتاه فقال عَلِّمْني
دُعاءً، ثم أَتاه عند قَرْــنِ الحَوْلِ أَي عند آخر الحول الأَول وأَول
الثاني. والــقَرْــنُ في قوم نوح: على مقدار أَعمارهم؛ وقيل: الــقَرْــنُ أَربعون
سنة بدليل قول الجَعْدِي:
ثَلاثةَ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهُم،
وكانَ الإلَهُ هو المُسْتَاسا
وقال هذا وهو ابن مائة وعشرين سنة، وقيل: الــقَرْــن مائة سنة، وجمعه
قُرُــون. وفي الحديث: أَنه مسح رأْس غلام وقال عِشْ قَرْــناً، فعاش مائة سنة.
والــقَرْــنُ من الناس: أَهلُ زمان واحد؛ وقال:
إذا ذهب الــقَرْــنُ الذي أَنتَ فيهمُ،
وخُلِّفْتَ في قَرْــنٍ، فأَنتَ غَرِيبُ
ابن الأَعرابي: الــقَرْــنُ الوقت من الزمان يقال هو أَربعون سنة، وقالوا:
هو ثمانون سنة، وقالوا: مائة سنة؛ قال أَبو العباس: وهو الاختيار لما
تقدَّم من الحديث. وفي التنزيل العزيز: أَوَلَمْ يَرَوْا كم أَهْلَكْنا من
قبْلهم من قَرْــنٍ؛ قال أَبو إسحق: الــقَرْــنُ ثمانون سنة، وقيل: سبعون سنة،
وقيل: هو مطلق من الزمان، وهو مصدر قَرَــنَ يَــقْرُــنُ؛ قال الأَزهري:
والذي يقع عندي، والله أَعلم، أن الــقَرْــنَ أَهل كل مدة كان فيها نبيّ أَو كان
فيها طبقة من أَهل العلم، قَلَّتْ السِّنُون أَو كثرت، والدليل على
هذا قول النبي، صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكم قَرْــنِي، يعني أَصحابي، ثم
الذين يَلُونَهم، يعني التابعين، ثم الذين يَلُونهم، يعني الذين أَخذوا
عن التابعين، قال: وجائز أَن يكون الــقَرْــنُ لجملة الأُمة وهؤلاء قُرُــون
فيها، وإنما اشتقاق الــقَرْــن من الاقْتِران، فتأَويله أَن الــقَرْــنَ الذين
كانوا مُقْتَرِنين في ذلك الوقت والذين يأْتون من بعدهم ذوو اقْتِرانٍ آخر.
وفي حديث خَبّابٍ: هذا قَرْــنٌ قد طَلَعَ؛ أَراد قوماً أَحداثاً
نَبَغُوا بعد أَن لم يكونوا، يعني القُصّاص، وقيل: أَراد بِدْعَةً حَدثت لم
تكون في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم. وقال أَبو سفيان بن حَرْبٍ
للعباس بن عبد المطلب حين رأَى المسلمين وطاعتهم لرسول الله، صلى الله عليه
وسلم، واتباعَهم إياه حين صلَّى بهم: ما رأَيت كاليوم طاعةَ قومٍ، ولا
فارِسَ الأَكارِمَ، ولا الرومَ ذاتَ الــقُرُــون؛ قيل لهم ذاتُ الــقُرُــون
لتوارثهم الملك قَرْــناً بعد قَرْــنٍ، وقيل: سُمُّوا بذلك لــقُرُــونِ شُعُورهم
وتوفيرهم إياها وأَنهم لا يَجُزُّونها. وكل ضفيرة من ضفائر الشعر
قَرْــنٌ؛ قال المُرَقِّشُ:
لاتَ هَنَّا، وليْتَني طَرَفَ الزُّجْـ
جِ، وأَهلي بالشأْم ذاتُ الــقُرونِ
أَراد الروم، وكانوا ينزلون الشام. والــقَرْــنُ: الجُبَيْلُ المنفرد،
وقيل: هو قطعة تنفرد من الجَبَل، وقيل: هو الجبل الصغير، وقيل: الجبيل
الصغير المنفرد، والجمع قُرُــونٌ وقِرانٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
تَوَقَّى بأَطْرافِ الــقِرانِ، وطَرْفُها
كطَرْفِ الحُبَارَى أَخطأَتْها الأَجادِلُ
والــقَرْــنُ: شيء من لِحَاء شَجر يفتل منه حَبْل. والــقَرْــن: الحَبْل من
اللِّحاءِ؛ حكاه أَبو حنيفة. والــقَرْــنُ أَيضاً: الخُصْلة المفتولة من
العِهْن. والــقَرْــنُ: الخُصْلة من الشعر والصوف، جمعُ كل ذلك قُروُنٌ؛ ومنه
قول أَبي سفيان في الرُّومِ: ذاتِ الــقُرُــون؛ قال الأَصمعي: أَراد قُرون
شعُورهم، وكانوا يُطوِّلون ذلك يُعْرَفُون به؛ ومنه حديث غسل الميت:
ومَشَطناها ثلاثَ قُرون. وفي حديث الحجاج: قال لأسماءَ لَتَأْتِيَنِّي أو
لأَبعَثنَّ إليكِ من يسَحبُك بــقرونكِ. وفي الحديث: فارِسُ نَطْحةً أَو
نَطْحتَين
(* قوله «فارس نصحة أو نطحتين» كذا بالأصل ونسختين من النهاية
بنصب نطحة أو نطحتين، وتقدم في مادة نطح رفعهما تبعاً للأصل ونسخة من
النهاية وفسره بما يؤيد بالنصب حيث قال هناك: قال أبو بكر معناه فارس تقاتل
المسلمين مرة أو مرتين فحذف الفعل وقيل تنطح مرة أو مرتين فحذف الفعل
لبيان معناه) . ثم لا فارس بعدها أَبداً. والرُّوم ذاتُ الــقُرون كلما
هلَك قَرْــنٌ خَلَفه قرن، فالــقُرون جمع قَرْــنٍ؛ وقول الأَخطل يصف النساء:
وإذا نَصَبْنَ قُرونَهنَّ لغَدْرةٍ،
فكأَنما حَلَّت لهنَّ نُذُورُ
قال أَبو الهيثم: الــقُرون ههنا حبائلُ الصَّيّاد يُجْعَل فيها قُرونٌ
يصطاد بها، وهي هذه الفُخوخ التي يصطاد بها الصِّعاءُ والحمامُ، يقول:
فهؤلاء النساءإِذا صِرْنا في قُرونهنَّ فاصْطَدْننا فكأَنهن كانت عليهن
نُذُور أَن يَقْتُلننا فحَلَّتْ؛ وقول ذي الرمة في لغزيته:
وشِعْبٍ أَبى أَن يَسْلُكَ الغُفْرُ بينه،
سَلَكْتُ قُرانى من قَياسِرةٍ سُمْرا
قيل: أَراد بالشِّعْب شِعْب الجبل، وقيل: أَراد بالشعب فُوقَ السهم،
وبالــقُرانى وَتراً فُتِل من جلد إِبل قَياسرةٍ. وإِبلٌ قُرانى أَي ذات
قرائن؛ وقول أَبي النجم يذكر شَعرهَ حين صَلِعَ:
أَفناه قولُ اللهِ للشمسِ: اطلُعِي
قَرْــناً أَشِيبِيه، وقَرْــناً فانزِعي
أَي أَفنى شعري غروبُ الشمس وطلوعها، وهو مَرُّ الدهر.
والــقَرينُ: العين الكَحِيل.
والــقَرْــنُ: شبيةٌ بالعَفَلة، وقيل: هو كالنُّتوء في الرحم، يكون في
الناس والشاء والبــقر. والــقَرْــناء: العَفْلاء.
وقُرْــنةُ الرَّحِم: ما نتأَ منه، وقيل: الــقُرْــنتان رأْس الرحم، وقيل:
زاويتاه، وقيل: شُعْبَتاه، كل واحدة منهما قُرْــنةٌ، وكذلك هما من رَحِم
الضَّبَّة. والــقَرْــنُ: العَفَلة الصغيرة؛ عن الأَصمعي. واخْتُصِم إِلى
شُرَيْح في جارية بها قَرَــنٌ فقال: أَقعِدوها، فإِن أَصابَ الأَرض فهو عَيبٌ،
وإِن لم يصب الأَرض فليس بعيب. الأَصمعي: الــقَرَــنُ في المرأَة كالأُدْرة
في الرجل. التهذيب: الــقَرْــناءُ من النساء التي في فرجها مانع يمنع من
سُلوك الذكر فيه، إِما غَدَّة غليظة أَو لحمة مُرْتَتِقة أَو عظم، يقال
لذلك كله الــقَرَــنُ؛ وكان عمر يجعل للرجل إِذا وجد امرأَته قَرْــناءَ الخيارَ
في مفارقتها من غير أَن يوجب عليه المهر وحكى ابن بري عن القَزّاز قال:
واختُصِم إِلى شُريح في قَرَــن، فجعل الــقَرَــن هو العيب، وهو من قولك امرأَة
قَرْــناءُ بَيِّنة الــقَرَــن، فأََما الــقَرْــنُ، بالسكون، فاسم العَفَلة،
والــقَرَــنُ، بالفتح، فاسم العيب. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: إِذا تزوج
المرأَة وبها قَرْــنٌ، فإِن شاءَ أَمسك، وإِن شاءَ طلق؛ الــقَرْــنُ، بسكون
الراء: شيء يكون في فرج المرأَة كالسنِّ يمنع من الوطءِ، ويقال له
العَفَلةُ. وقُرْــنةُ السيف والسِّنان وقَرْــنهما: حدُّهما. وقُرْــنةُ النَّصْلِ:
طرَفه، وقيل: قُرْــنتاه ناحيتاه من عن يمينه وشماله. والــقُرْــنة، بالضم:
الطرَف الشاخص من كل شيء؛ يقال: قُرْــنة الجبَل وقُرْــنة النَّصْلِ وقُرْــنة
الرحم لإِحدى شُعْبتَيه. التهذيب: والــقُرْــنة حَدُّ السيف والرمح والسهم،
وجمع الــقُرْــنة قُرَــنٌ. الليث: الــقَرْــنُ حَدُّ رابية مُشْرِفة على وهدة
صغيرة، والمُــقَرَّــنة الجبال الصغار يدنو بعضها من بعض، سميت بذلك لتَقارُبها؛
قال الهذلي
(* قوله «قال الهذلي» اسمه حبيب، مصغراً، ابن عبد الله) :
دَلَجِي، إِذا ما الليلُ جَنْـ
ـنَ، على المُــقَرَّــنةِ الحَباحِبْ
أَراد بالمُــقَرَّــنة إِكاماً صغاراً مُقْترِنة.
وأَــقرَــنَ الرُّمحَ إِليه: رفعه. الأَصمعي: الإِــقْرانُ رفع الرجل رأْس
رُمحِه لئلاَّ يصيب مَنْ قُدّامه. يقال: أَــقرِــنْ رمحك. وأَــقرَــن الرجلُ إِذا
رفع رأْسَ رمحِهِ لئلا يصيب من قدَّامه. وقَرَــن الشيءَ بالشيءِ وقَرَــنَه
إِليه يَــقْرِــنه قَرْــناً: شَدَّه إِليه. وقُرِّــنتِ الأُسارَى بالحبال،
شُدِّد للكثرة.
والــقَرينُ: الأَسير. وفي الحديث: أَنه، عليه السلام، مَرَّ برَجلين
مُقترنين فقال: ما بالُ الــقِران؟ قالا:
نذَرْنا، أَي مشدودين أَحدهما إِلى الآخر بحبل. والــقَرَــنُ، بالتحريك:
الحبل الذي يُشدّان به، والجمع نفسه قَرَــنٌ أَيضاً. والــقِرانُ: المصدر
والحبل. ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: الحياءُ والإِيمانُ في قَرَــنٍ
أَي مجموعان في حبل أَو قِرانٍ. وقوله تعالى: وآخرِين مُــقَرَّــنين في
الأَصفاد، إِما أَن يكون أَراد به ما أَراد بقوله مَــقرُــونين، وإِما أَن يكون
شُدِّد للتكثير؛ قال ابن سيده: وهذا هو السابق إِلينا من أَول وَهْلة.
والــقِرانُ: الجمع بين الحج والعمرة، وقَرَــنَ بين الحج والعمْرة قِراناً،
بالكسر. وفي الحديث: أَنه قَرَــن بين الحج والعمرة أَي جمع بينهما بنيَّة
واحدة وتلبية واحدة وإِحرام واحد وطواف واحد وسعي واحد، فيقول: لبيك بحجة
وعمرة، وهو عند أَبي حنيفة أَفضل من الإِفراد والتمتع. وقَرَــنَ الحجَّ
بالعمرة قِراناً: وَصَلها. وجاء فلان قارِناً، وهو الــقِرانُ. والــقَرْــنُ:
مثلك في السنِّ، تقول: هو على قَرْــني أَي على سِنِّي. الأَصمعي: هو
قَرْــنُه في السن، بالفتح، وهو قِرْــنه، بالكسر، إِذا كان مثله في الشجاعة
والشّدة. وفي حديث كَرْدَم: وبِــقَرْــنِ أَيِّ النساء هي أَي بسنِّ أَيهنَّ. وفي
حديث الضالة: إِذا كتَمها آخِذُها ففيها قَرينتها مثلها أَي إِذا وجد
الرجلُ ضالة من الحيوان وكتمها ولم يُنْشِدْها ثم توجد عنده فإِن صاحبها
يأْخذها ومثلها معها من كاتمها؛ قال ابن الأَثير: ولعل هذا في صدر الإِسلام
ثم نسخ، أَو هو على جهة التأَديب حيث لم يُعَرِّفها، وقيل: هو في الحيوان
خاصة كالعقوبة له، وهو كحديث مانع الزكاة: إِنا آخدُوها وشطرَ ماله.
والــقَرينةُ: فَعِيلة بمعنى مفعولة من الاقتِران، وقد اقْتَرَنَ الشيئان
وتَقارَنا.
وجاؤُوا قُرانى أَي مُقْتَرِنِين. التهذيب: والــقُرانى تثنية فُرادى،
يقال: جاؤُوا قُرانى وجاؤوا فُرادى. وفي الحديث في أَكل التمر: لا قِران ولا
تفتيش أَي لا تَــقْرُــنْ بين تمرتين تأْكلهما معاً وقارَنَ الشيءُ الشيءَ
مُقارَنة وقِراناً: اقْتَرَن به وصاحَبَه. واقْتَرَن الشيءُ بغيره
وقارَنْتُه قِراناً: صاحَبْته، ومنه قِرانُ
الكوكب. وقَرَــنْتُ الشيءَ بالشيءِ: وصلته. والــقَرِــينُ: المُصاحِبُ.
والــقَرينانِ: أَبو بكر وطلحة، رضي الله عنهما، لأَن عثمان بن عَبَيْد الله،
أَخا طلحة، أَخذهما فَــقَرَــنَهما بحبل فلذلك سميا الــقَرِــينَينِ. وورد في
الحديث: إِنَّ أَبا بكر وعمر يقال لهما الــقَرينانِ. وفي الحديث: ما من
أَحدٍ إِلا وكِّلَ به قَرِــينُه أَي مصاحبه من الملائكة والشَّياطين
وكُلِّإِنسان، فإِن معه قريناً منهما، فــقرينه من الملائكة يأْمره بالخير
ويَحُثه عليه. ومنه الحديث الآخر: فقاتِلْه فإِنَّ معه الــقَرِــينَ، والــقَرِــينُ
يكون في الخير والشر. وفي الحديث: أَنه قُرِــنَ
بنبوته، عليه السلام، إِسرافيلُ ثلاثَ سنين، ثم قُرِــنَ به جبريلُ، عليه
السلام، أَي كان يأْتيه بالوحي وغيره.
والــقَرَــنُ: الحبل يُــقْرَــنُ به البعيرانِ، والجمع أَــقْرانٌ، وهو
الــقِرَــانُ وجمعه قُرُــنٌ؛ وقال:
أَبْلِغْ أَبا مُسْمِعٍ، إِنْ كنْتَ لاقِيَهُ،
إِنِّي، لَدَى البابِ، كالمَشْدُودِ في قَرَــنِ
وأَورد الجوهري عجزه. وقال ابن بري: صواب إِنشاده أَنِّي، بفتح الهمزة.
وقَرَــنْتُ
البعيرين أَــقْرُــنُهما قَرْــناً: جمعتهما في حبل واحد. والأَــقْرانُ:
الحِبَالُ. الأَصمعي: الــقَرْــنُ جَمْعُكَ بين دابتين في حَبْل، والحبل الذي
يُلَزَّان به يُدْعَى قَرَــناً. ابن شُمَيْل: قَرَــنْتُ بين البعيرين
وقَرَــنْتهما إِذا جمعت بينهما في حبل قَرْــناً. قال الأَزهري: الحبل الذي يُــقْرَــنُ
به بعيران يقال له الــقَرَــن، وأَما الــقِرانُ
فهو حبل يُقَلَّدُ البعير ويُقادُ به. وروي أَنَّ ابن قَتَادة صَاحِبَ
الحَمَالَةِ تَحَمَّل بحَمَالة، فطاف في العرب يسأَلُ فيها، فانتهى إِلى
أَعرابي قد أَوْرَدَ إِبلَه فسأَله فقال: أَمعك قُرُــنٌ؟ قال: نعم، قال:
نَاوِلْني قِرَــاناً، فَــقَرَــنَ له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَــقَرَــنَ
له بعيراً، ثم قال: ناولني قِراناً، فَــقَرَــنَ له بعيراً آخر حتى قَرَــنَ
له سبعين بعيراً، ثم قال: هاتِ قِراناً، فقال: ليس معي، فقال: أَوْلى لك
لو كانت معك قُرُــنٌ لــقَرَــنْتُ لك منها حتى لا يبقى منها بعير، وهو إِياس
بن قتادة. وفي حديث أَبي موسى: فلما أَتيت رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، قال خذ هذين الــقَرِــينَيْنِ أَي الجملين المشدودين أَحدهما إِلى الآخر.
والــقَرَــنُ والــقَرِــينُ: البعير المَــقْرُــون بآخر. والــقَرينة: الناقة
تُشَدُّ إِلى أُخْرى، وقال الأَعور النبهاني يهجو جريراً ويمدح غَسَّانَ
السَّلِيطِي:
أَقُولُ لها أُمِّي سَليطاً بأَرْضِها،
فبئس مُناخُ النازلين جَريرُ
ولو عند غسَّان السَّليطيِّ عَرَّسَتْ،
رَغَا قَرَــنٌ منها وكاسَ عَقيرُ
قال ابن بري: وقد اختلف في اسم الأَعور النَّبْهانِي فقال ابن الكلبي:
اسمه سُحْمَةُ بن نُعَيم بن الأَخْنس ابن هَوْذَة، وقال أَبو عبيدة في
النقائض: يقال له العَنَّاب، واسمه سُحَيْم بن شَريك؛ قال: ويقوي قول أَبي
عبيدة في العَنَّاب قول جرير في هجائه:
ما أَنتَ، يا عَنَّابُ، من رَهْطِ حاتِمٍ،
ولا من رَوابي عُرْوَةَ بن شَبيبِ
رأَينا قُرُــوماً من جَدِيلةَ أَنْجَبُوا،
وفحلُ بنِي نَبْهان غيرُ نَجيبِ
قال ابن بري: وأَنكر عليّ بن حمزة أَن يكون الــقَرَــنُ البعيرَ المَــقْرونَ
بآخر، وقال: إِنما الــقَرَــنُ الحبل الذي يُــقْرَــنُ به البعيران؛ وأَما قول
الأَعْور:
رغا قَرَــنٌ منها وكاسَ عَقِيرُ
فإِنه على حذف مضاف، مثل واسْأَلِ الــقريةَ.
والــقَرِــينُ: صاحبُك الذي يُقارِنُك، وقَرِــينُك: الذي يُقارنُك، والجمع
قُرَــناءُ، وقُرانى الشيء: كــقَرِــينه؛ قال رؤبة:
يَمْطُو قُراناهُ بهادٍ مَرَّاد
وقِرْــنُك: المُقاوِمُ لك في أَي شيء كان، وقيل: هو المُقاوم لك في شدة
البأْس فقط. والــقِرْــنُ، بالكسر: كُفْؤك في الشجاعة. وفي حديث عُمَر
والأَسْقُفّ قال: أَجِدُكَ قَرْــناً، قال: قَرْــنَ مَهْ؟ قال: قَرْــنٌ من حديد؛
الــقَرْــنُ، بفتح القافِ: الحِصْنُ، وجمعه قُرُــون، وكذلك قيل لها الصَّياصِي؛
وفي قصيد كعب بن زهير:
إِذا يُساوِرُ قِرْــناً، لا يَحِلُّ له
أَن يَتْرُك الــقِرن إِلا وهو مَجْدول
الــقِرْــنُ، بالكسر: الكُفْءِ
والنظير في الشجاعة والحرب، ويجمع على أَــقران. وفي حديث ثابت بن قَيس:
بئسما عَوَّدْتم أَــقْرانَكم أَي نُظَراءَكم وأَكْفاءَكم في القتال، والجمع
أَــقران، وامرأَة قِرنٌ وقَرْــنٌ كذلك. أَبو سعيد: اسْتَــقْرَــنَ فلانٌ
لفلان إِذا عازَّهُ وصار عند نفسه من أَــقرانه. والــقَرَــنُ: مصدر قولك رجل
أَــقْرَــنُ بَيِّنُ
الــقَرَــنِ، وهو المَــقْرُــون الحاجبين. والــقَرَــنُ: التقاء طرفي الحاجبين
وقد قَرِــنَ وهو أَــقْرَــنُ، ومَــقْرُــون الحاجبين، وحاجب مَــقْرُــون: كأَنه قُرِــن
بصاحبه، وقيل: لا يقال أَــقْرَــنُ ولا قَرْــناء حتى يضاف إِلى الحاجبين.
وفي صفة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سَوابِغَ في غير قَرَــنٍ؛
الــقَرَــن، بالتحريك: التقاء الحاجبين. قال ابن الأَثير: وهذا خلاف ما
روته أُم معبد فإِنها قالت في صفته، صلى الله عليه وسلم: أَزَجُّ أَــقْرَــنُ
أَي مَــقْرُــون الحاجبين، قال: والأَول الصحيح في صفته، صلى الله عليه وسلم،
وسوابغ حال من المجرور، وهو الحواجب، أَي أَنها دقت في حال سبوغها،
ووضع الحواجب موضع الحاجبين لأَن الثنية جمع. والــقَرَــنُ: اقْتِرانُ
الركبتين، ورجل أَــقْرَــنُ. والــقَرَــنُ: تَباعُدُ ما بين رأْسَي الثَّنِيَّتَيْن
وإِن تدانت أُصولهما. والــقِران: أَن يَــقْرُــن بينَ تمرتين يأْكلهما.
والــقَرُــون: الذي يجمع بين تمرتين في الأَكل، يقال: أَبَرَماً قَرُــوناً. وفي
الحديث: أَنه نهى عن الــقِران إِلا أَن يستأْذن أَحدُكم صاحبَه، ويُرْوى
الإِــقْران، والأَول أَصح، وهو أَن يَــقْرُِــن بين التمرتين في الأَكل، وإِنما نهى
عنه لأَن فيه شرهاً، وذلك يُزْري بفاعله، أَو لأَن فيه غَبْناً برفيقه،
وقيل: إِنما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش وقلة الطعام، وكانوا مع
هذا يُواسُونَ من القليل، فإِذا اجتمعوا على الأَكل آثر بعضهم بعضاً على
نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشْتَدَّ جوعه، فربما قَرَــنَ بين التمرتين
أَو عظَّم اللُّقْمة فأَرشدهم إِلى الإِذن فيه لتطيب به أَنْفُسُ
الباقين. ومنه حديث جَبَلَة قال: كنا في المدينة في بَعْثِ العراق، فكان ابن
الزبير يَرْزُقُنا التمر، وكان ابن عمر يمرّ فيقول: لا تُقَارِنُوا إِلا
أَن يستأْذن الرجلُ أَخاه، هذا لأَجل ما فيه من الغَبْنِ ولأَن مِلْكَهم
فيه سواء؛ وروي نحوه عن أَبي هريرة في أَصحاب الصُّفَّةِ؛ ومن هذا قوله في
الحديث: قارِنُوا بين أَبنائكم أَي سَوُّوا بينهم ولا تُفَضلوا بعضهم على
بعض، ويروى بالباء الموحدة من المقاربة وهو قريب منه، وقد تقدم في
موضعه.والــقَرُــونُ من الرجال: الذي يأْكل لقمتين لقمتين أَو تمرتين تمرتين، وهو
الــقِرانُ. وقالت امرأَة لبعلها ورأَته يأْكل كذلك: أَبَرَماً قَرُــوناً؟
والــقَرُــون من الإِبل: التي تَجْمَع بين مِحلَبَيْنِ في حَلْبَةٍ، وقيل:
هي المُقْتَرِنَة القادِمَيْن والآخِرَيْنِ، وقيل: هي التي إِذا بَعَرَتْ
قارنت بين بَعَرِها، وقيل: هي التي تضع خُفَّ رجلها موضع خُفِّ يدها،
وكذلك هو من الخيل. وقَرَــنَ الفرسُ يَــقْرُــنُ، بالضم، إِذا وقعت حوافر رجليه
مواقعَ حوافر يديه. والــقَرُــون: الناقة التي تَــقْرُــنُ ركبتيها إِذا بركت؛
عن الأَصمعي. والــقَرُــون: التي يجتمع خِلْفاها القادِمان والآخِرانِ
فيَتَدانَيانِ. والــقَرون: الذي يَضَعُ حَوافرَ رجليه مَواقعَ حَوافر
يديه.والمَــقْرُــونُ من أَسباب الشِّعْر: ما اقْتَرنت فيه ثلاثُ حركات بعدها
ساكن كمُتَفا من متفاعلن وعلتن من مفاعلتن، فمتفا قد قرنت السببين بالحركة،
وقد يجوز إِسقاطها في الشعر حتى يصير السببان مفورقين نحو عيلن من
مفاعيلن، وقد ذكر المفروقان في موضعه.
والمِــقْرَــنُ: الخشبة التي تشدّ على رأْسَي الثورين.
والــقِران والــقَرَــنُ: خيط من سَلَب، وهو قشر يُفتل يُوثَقُ على عُنُق كل
واحد من الثورين، ثم يوثق في وسطهما اللُّوَمَةُ.
والــقَرْــنانُ: الذي يُشارك في امرأَته كأَنه يَــقْرُــن به غيرَه، عربي صحيح
حكاه كراع. التهذيب: الــقَرْــنانُ نعت سوء في الرجل الذي لا غَيْرَة له؛
قال الأَزهري: هذا من كلام الحاضرة ولم أَرَ البَوادِيَ
لفظوا به ولا عرفوه.
والــقَرُــون والــقَرُــونة والــقَرينة والــقَرينُ: النَّفْسُ. ويقال:
أَسْمَحَتْ قَرُــونُه وقَرِــينُه وقَرُــونَتُه وقَرِــينَتُه أَي ذَلَّتْ نفسه
وتابَعَتْه على الأَمر؛ قال أَوس بن حَجَر:
فَلاقى امرأً من مَيْدَعانَ، وأَسْمَحَتْ
قَرُــونَتُه باليَأْسِ منها فعجَّلا
أَي طابت نَفْسُه بتركها، وقيل: سامَحَتْ؛ قَرُــونُه وقَرُــونَتُه
وقَرينَتُه كُلُّه واحدٌ؛ قال ابن بري: شاهد قَرُــونه قول الشاعر:
فإِنِّي مِثْلُ ما بِكَ كان ما بي،
ولكنْ أَسْمَحَتْ عنهم قَرُــوِني
وقول ابن كُلْثوم:
مَتى نَعْقِدْ قَرِــينَتَنا بِحَبْلٍ،
نَجُذُّ الحبلَ أَو نَقِصُ الــقَرينا
قَرِــينته: نَفْسُه ههنا. يقول: إِذا أَــقْرَــنَّا لِــقرْــنٍ غلبناه.
وقَرِــينة الرجل: امرأَته لمُقارنته إِياها. وروى ابن عباس أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم كان إِذا أَتى يومُ الجمعة قال: يا عائشة اليَوْمُ يَوْمُ
تَبَعُّلٍ وقِرانٍ؛ قيل: عَنى بالمُقارنة التزويج. وفلان إِذا جاذَبَتْه
قَرِــينَتُه وقَرِــينُه قهرها أَي إِذا قُرِــنَتْ به الشديدة أَطاقها وغلبها،
وفي المحكم: إِذا ضُمَّ إِليه أَمر أَطاقه.
وأَخَذْتُ قَرُــونِي من الأَمر أَي حاجتي.
والــقَرَــنُ: السَّيف والنَّيْلُ، وجمعه قِرانٌ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ الــقِرانِ النُّصَّلِ
والــقَرَــن، بالتحريك: الجَعْبة من جُلود تكون مشقوقة ثم تخرز، وإِنما
تُشَقُّ لتصل الريح إِلى الريش فلا يَفْسُد؛ وقال:
يا ابنَ هِشامٍ، أَهْلَكَ الناسَ اللَّبَنْ،
فكُلُّهم يَغْدُو بقَوْسٍ وقَرَــنْ
وقيل: هي الجَعْبَةُ ما كانت. وفي حديث ابن الأَكْوََعِ: سأَلت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة في القَوْسِ والــقَرَــن، فقال: صَلِّ في
القوس واطْرَحِ
الــقَرَــنَ؛ الــقَرَــنُ: الجَعْبَةُ، وإِنما أَمره بنزعه لأَنه قد كان من
جلد غير ذَكِيّ ولا مدبوغ. وفي الحديث: الناس يوم القيامة كالنَّبْلِ في
الــقَرَــنِ أَي مجتمعون مثلها. وفي حديث عُميَر بن الحُمام: فأَخرج تمراً من
قَرَــنِهِ أَي جَعْبَتِه، ويجمع على أَــقْرُــن وأَــقْرانٍ كجَبَلٍ
وأَجْبُلٍ وأَجْبالٍ. وفي الحديث: تعاهدوا أَــقْرانَكم أَي انظروا هل هي
من ذَكِيَّة أَو ميتة لأَجل حملها في الصلاة. ابن شميل: الــقَرَــنُ من خشب
وعليه أَديم قد غُرِّي به، وفي أَعلاه وعَرْضِ مُقدَّمِه فَرْجٌ فيه
وَشْجٌ قد وُشِجَ بينه قِلاتٌ، وهي خَشَبات مَعْروضات على فَمِ الجَفير جعلن
قِواماً له أَن يَرْتَطِمَ يُشْرَج ويُفْتَح. ورجل قارن: ذو سيف ونَبْل
أَو ذو سيف ورمح وجَعْبَة قد قَرَــنها. والــقِران: النَّبْلُ المستوية من
عمل رجل واحد. قال: ويقال للقوم إِذا تَنَاضلوا اذْكُروا الــقِرانَ أَي
والُوا بين سهمين سهمين. وبُسْرٌ قارِنٌ: قَرَــنَ الإِبْسارَ بالإِرْطاب،
أَزدية.
والــقَرائن: جبال معروفة مقترنة؛ قال تأَبط شرّاً:
وحَثْحَثْتُ مَشْعوفَ النَّجاءِ، وراعَني
أُناسٌ بفَيْفانٍ، فَمِزْتُ الــقَرائِنَا
ودُورٌ قَرائنُ إِذا كانت يَسْتَقْبِلُ بعضها بعضاً.
أَبو زيد: أَــقْرَــنَتِ السماء أَياماً تُمْطِرُ ولا تُقْلِع، وأَغْضَنَتْ
وأَغْيَنَتْ المعنى واحد، وكذلك بَجَّدَتْ ورَثَّمَتْ. وقَرَــنَتِ
السماءُ وأَــقْرَــنَتْ: دام مطرها؛ والــقُرْــآنُ من لم يهمزه جعله من هذا لاقترانِ
آيِهِ، قال ابن سيده: وعندي أَنه على تخفيف الهمز. وأَــقْرَــنَ
له وعليه: أَطاق وقوِيَ عليه واعْتَلى. وفي التنزيل العزيز: وما كنا له
مُــقْرِــنينَ؛ أَي مُطِيقينَ؛ قال: واشتقاقه من قولك أَنا لفلان مُــقْرِــنَ؛
أَي مُطيق. وأَــقْرَــنْتُ فلاناً أَي قد صِرْت له قِرْــناً. وفي حديث
سليمان بن يَسار: أَما أَنا فإِني لهذه مُــقْرِــن أَي مُطِيق قادر عليها، يعني
ناقته. يقال: أَــقْرَــنْتُ للشيء فأَنا مُــقْرِــن إِذا أَطاقه وقوي عليه. قال
ابن هانئ: المُــقْرِــن المُطِيقُ والمُــقْرِــنُ الضعيف؛ وأَنشد:
وداهِيَةٍ داهَى بها القومَ مُفْلِقٌ
بَصِيرٌ بعَوْراتِ الخُصومِ لَزُومُها
أَصَخْتُ لها، حتى إِذا ما وَعَيْتُها،
رُمِيتُ بأُخرى يَستَدِيمُ خَصيمُها
تَرَى القومَ منها مُــقْرِــنينَ، كأَنما
تَساقَوْا عُقَاراً لا يَبِلُّ سَليمُها
فلم تُلْفِني فَهّاً، ولم تُلْفِ حُجَّتي
مُلَجْلَجَةً أَبْغي لها مَنْ يُقيمُها
قال: وقال أَبو الأَحْوَصِ الرِّياحي:
ولو أَدْرَكَتْه الخيلُ، والخيلُ تُدَّعَى،
بذِي نَجَبٍ، ما أَــقْرَــنَتْ وأَجَلَّت
أَي ما ضَعُفتْ. والإِــقْرانُ: قُوَّة الرجل على الرجل. يقال: أَــقْرَــنَ
له إِذا قَوِيَ عليه. وأَــقْرَــنَ عن الشيء: ضَعُفَ؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
ترى القوم منها مــقرنين، كأَنما
تساقوا عُقاراً لا يَبِلُّ سليمها
وأَــقْرَــنَ عن الطريق: عَدَلَ عنها؛ قال ابن سيده: أُراه لضعفه عن
سلوكها. وأَــقْرَــنَ الرجلُ: غَلَبَتْهُ ضَيْعتُه، وهو مُــقْرِــنٌ، وهو الذي يكون
له إِبل وغنم ولا مُعِينَ له عليها، أَو يكون يَسْقي إِبلَه ولا ذائد له
يَذُودُها يوم ورودها. وأَــقْرَــنَ الرجل إِذا أَطاق أَمرَ ضَيْعته، ومن
الأَضداد. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: قيل لرجل
(* «وفي حديث عمر رضي الله
عنه قيل لرجل إلخ» حق هذا الحديث أن يذكر عقب حديث عمير بن الحمام كما
هو سياق النهاية لأن الاقرن فيه بمعنى الجعاب) ما مالُك؟ قال: أَــقْرُــنٌ لي
وآدِمةٌ
في المَنِيئة، فقال: قَوِّمْها وزَكِّها. وأَــقْرَــنَ إِذا ضَيَّقَ على
غريمه. وأَــقْرَــنَ الدُّمَّلُ: حان أَن يتفَقَّأَ. وأَــقْرَــنَ الدمُ في
العِرْق واستــقْرَــنَ: كثر. وقَرْــنُ الرَّمْلِ: أَسفلُه كقِنْعِهِ.
وأَبو حنيفة قال: قُرُــونة، بضم القاف، نَبْتةٌ تشبه نبات اللُّوبِياء،
فيها حبٌّ أَكبر من الحِمَّصِ
مُدَحْرَج أَبْرَشُ في سَواد، فإِذا جُشَّتْ خرجت صفراء كالوَرْسِ، قال:
وهي فَرِيكُ أَهل البادية لكثرتها
والــقُرَــيْناء: اللُّوبياء، وقال أَبو حنيفة: الــقُرَــيْناء عشبة نحو
الذراع لها أَقنانٌ
وسِنْفَة كسِنفة الجُلْبانِ، وهي جُلْبانة بَرِّيَّة يُجْمع حبها
فتُعْلَفُه الدواب ولا يأْكله الناس لمرارة فيه.
والــقَرْــنُوَةُ: نبات عريض الورق ينبت في أَلْوِيَةِ الرمل ودَكادِ كِه،
ورَقُها أَغْبَرُ يُشبه ورَقَ الحَنْدَقُوق، ولم يجئ على هذا الوزن إِلا
تَرْقُوَةٌ وعَرْقُوَة وعَنْصُوَة وثَنْدُوَةٌ. قال أَبو حنيفة: قال
أَبو زياد من العُشْب الــقَرْــنُوَة، وهي خضراء غبراء على ساق يَضرِبُ ورَقُها
إِلى الحمرة، ولها ثمرة كالسُّنبلة، وهي مُرَّة يُدْبَغُ بها الأَساقي،
والواو فيها زائدة للتكثير والصيغة لا للمعنى ولا للإِلحاق، أَلا ترى
أَنه ليس في الكلام مثل فَرَزْدُقة
(* قوله «فرزدقة» كذا بالأصل بهذا الضبط،
وسقطت من نسخة المحكم التي بأيدينا، ولعله مثل فرزقة بحذف الدال
المهملة)؟.وجِلد مُــقَرْــنىً: مدبوغ بالــقَرْــنُوَة، وقد قَرْــنَيْتُه، أَثبتوا
الواو كما أَثبتوا بقية حروف الأَصل من القاف والراء والنون، ثم قلبوها ياء
للمجاورة، وحكى يعقوب: أَديم مَــقْرُــونٌ بهذا على طرح الزائد. وسِقاءٌ
قَرْــنَوِيٌّ ومُــقَرْــنىً: دبغ بالــقَرْــنُوَة. وقال أَبو حنيفة: الــقَرْــنُوَة
قُرُــونٌ تنبت أَكبر من قُروُن الدُّجْرِ، فيها حَبٌّ أَكبر من الحمَّص،
فإِذا جُشَّ خرج أَصفر فيطبخ كما تطبخ الهريسة فيؤكل ويُدَّخر للشتاء، وأَراد
أَبو حنيفة بقوله قُرُــون تنبت مثلَ قُرُــون. قال الأَزهري في
الــقَرْــنُوَةِ: رأَيت العرب يَدْبُغون بورقه الأُهُبَ؛ يقال: إِهابٌ مُــقَرْــنىً بغير
همز، وقد همزه ابن الأَعرابي.
ويقال: ما جعلت في عيني قَرْــناً من كُحْل أَي مِيلاً واحداً، من قولهم
أَتيته قَرْــناً أَو قَرْــنين أَي مرة أَو مرتين، وقَرْــنُ الثُّمَامِ شبيه
الباقِلَّى. والقارُون: الوَجُّ.
ابن شميل: أَهل الحجاز يسمون القارورة الــقَرَّــانَ، الراء شديدة، وأَهل
اليمامة يسمونها الحُنْجُورة.
ويومُ أَــقْرُــنَ: يومٌ لغَطَفانَ على بني عامر. والــقَرَــنُ: موضع، وهو
ميقات أَهل نجد، ومنه أُوَيْسٌ الــقَرَــنيُّ. قال ابن بري: قال ابن القطاع قال
ابن دريد في كتابه في الجمهرة، والقَزَّازُ في كتابه الجامع: وقَرْــنٌ
اسم موضع. وبنو قَرَــنٍ: قبيلة من الأَزْد. وقَرَــنٌ: حي من مُرَادٍ من
اليمن، منهم أُوَيْسٌ الــقَرَــنيُّ منسوب إِليهم. وفي حديث المواقيت: أَنه
وَقَّتَ لأَهلِ
نجْد قَرْــناً، وفي رواية: قَرْــنَ المَنازل؛ هو اسم موضع يُحْرِمُ منه
أَهلُ نجْد، وكثير ممن لا يعرف يفتح راءه، وإِنما هو بالسكون، ويسمى أَيضاً
قَرْــنَ الثعالب؛ ومنه الحديث: أَنه احتجم على رأْسه بــقَرْــنٍ حين طُبَّ؛
هو اسم موضع، فإِما هو الميقات أَو غيره، وقيل: هو قَرْــنُ ثوْر جُعِلَ
كالمِحْجَمة. وفي الحديث: أَنه وَقَفَ على طَرَفِ الــقَرْــنِ الأَسود؛ قال
ابن الأَثير: هو بالسكون، جُبَيْل صغيرٌ. والــقَرِــينة. واد معروف؛ قال ذو
الرمة:
تَحُلُّ اللِّوَى أَو جُدَّةَ الرَّمْلِ كلما
جرَى الرَّمْثُ في ماء الــقَرِــينة والسِّدْرُ
وقال آخر:
أَلا ليَتَني بين الــقَرِــينَة والحَبْلِ،
على ظَهْرِ حُرْجُوجٍ يُبَلِّغُني أَهْلي
وقيل: الــقَرِــينة اسم روضة بالصَّمّان. ومُــقَرِّــن: اسم. وقَرْــنٌ: جبَلٌ
معروف. والــقَرينة: موضع، ومن أَمثال العرب: تَرَكَ فلانٌ فلاناً على مثل
مَقَصِّ قَرْــنٍ ومَقَطِّ قَرْــن؛ قال الأَصمعي: الــقَرْــنُ جبل مُطِلٌّ على
عرفات؛ وأَنشد:
فأَصَبَحَ عَهْدُهم كمقَصِّ قَرْــنٍ،
فلا عينٌ تُحَسُّ ولا إِثارُ
ويقال: الــقَرْــنُ ههنا الحجر الأَمْلَسُ النَّقِيُّ
الذي لا أَثر فيه، يضرب هذا المثل لمن يُسْتَأْصَلُ ويُصْطلَمُ،
والــقَرْــنُ إِذا قُصَّ أَو قُطَّ بقي ذلك الموضع أَملس. وقارونُ: اسم رجل، وهو
أَعجمي، يضرب به المثل في الغِنَى ولا ينصرف للعجمة والتعريف. وقارُون: اسم
رجل كان من قوم موسى، وكان كافراً فخسف الله به وبداره الأَرض.
والقَيْرَوَانُ: معرَّب، وهو بالفارسية كارْوان، وقد تكلمت به العرب؛ قال امرؤ
القيس:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ،
كأَنَّ أَسْرَابَها الرِّعالُ
والــقَرْــنُ: قَرْــنُ الهَوْدج؛ قال حاجِبٌ المازِنِيّ:
صَحا قلبي وأَقْصرَ، غَيْرَ أَنِّي
أَهَشُّ، إِذا مَرَرْتُ على الحُمولِ
كَسَوْنَ الفارِسيَّةَ كُلَّ قَرْــنٍ،
وزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُّدُولِ
عــقر: العَــقْرُ والعُــقْرُ: العُقْم، وهو اسْتِعقْامُ الرَّحِم، وهو أَن
لا تحمل. وقد عَــقُرَــت المرأَة عَقَارةً وعِقارةً وعَــقَرت تَعْــقِرِ عَــقْراً
وعُــقْراً وعَــقِرَــت عَقاراً، وهي عاقرٌ. قال ابن جني: ومما عدُّوه شاذّاً
ما ذكروه من فَعُل فهو فاعِلٌ، نحو عَــقُرَــت المرأَة فهي عاقِرٌ، وشَعُر
فهو شاعرٌ، وحَمُض فهو حامِضٌ، وطَهُرَ فهو طاهِرٌ؛ قال: وأَكثر ذلك
وعامَّتُه إِنما هو لُغات تداخَلَت فَتَركَّبَت، قال: هكذا ينبغي أَن
تعتَقِد، وهو أَشَبهُ بحِكمةِ العرب. وقال مرَّة: ليس عاقرٌ من عَــقُرَــت بمنزلة
حامِضٍ من حَمُض ولا خاثرٍ من خَثُر ولا طاهِرٍ من طَهُر ولا شاعِرٍ من
شَعُر لأَن كل واحد من هذه اسم الفاعل، وهو جارٍ على فَعَل، فاستغني به عما
يَجْرِي على فَعُل، وهو فَعِيل، ولكنه اسمٌ بمعنى النسب بمنزلة امرأَة
حائضٍ وطالَقٍ، وكذلك الناقة، وجمعها عُــقَّر؛ قال:
ولو أَنَّ ما في بَطْنِه بَيْنَ نِسْوَةٍ
حَبِلْنَ، ولو كانت قَواعِدَ عُــقّرا
ولقد عَــقُرَــت، بضم القاف، أَشدَّ العُــقْر وأَعْــقَر اللهُ رَحِمَها، فهي
مُعْــقَرة، وعَــقُر الرجلُ مثل المرأَة أَيضاً، ورجال عُــقَّرٌ ونساء
عُــقَّرٌ. وقالوا: امرأَة عُــقَرة، مثل هُمَزة؛ وأَنشد:
سَقَى الكِلابيُّ العُقَيْليَّ العُــقُرْ
والعُــقُر: كل ما شَرِبه
(*
قوله: «والعــقر كل ما شربه إلخ» عبارة شارح القاموس العــقر، بضمتين، كل ما
شربه إِنسان فلم يولد له، قال: «سقى الكلابي العقيلي العــقر» قال
الصاغاني: وقيل هو العــقر بالتخفيف فنقله للقافية). الإِنسان فلم يولد له، فهو
عُــقْرٌ له. ويقال: عَــقَر وعَــقِر إِذا عَــقُر فلم يُحْمَل له. وفي الحديث: لا
تَزَوَّجُنَّ عاقِراً فإِني مُكاثِرٌ بكم؛ العاقرُ: التي لا تحمل. وروي
عن الخليل: العُــقْرُ اسْتِبْراءُ المرأَة لتُنْظَرَ أَبِكْرٌ أَم غير
بكر، قال: وهذا لا يعرف. ورجل عاقرٌ وعَقِيرٌ: لا يولد له بَيْن العُــقْر،
بالضم، ولم نسمع في المرأَة عَقِيراً. وقال ابن الأَعرابي: هو الذي يأْتي
النساء فيُحاضِنُهنّ ويُلامِسهُنّ ولا يولد له.
وعُــقْرةُ لعهدهم: النِّسْيانُ: والعُــقَرة: خرزة تشدُّها المرأَة على
حَِقْوَيْها لئلا تَحْبَل. قال الأَزهري: ولسنا العرب خرزةٌ يقال لها
العُــقَرة يَزْعُمْن أَنها إِذا عُلِّقَت على حِقْوِ المرأَة لم تحمل إِذا
وُطِئت. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي العُــقَرة خرزةٌ تعلَّق على العاقر
لتَلِدَ. وعَــقُر الأَمرُ عُــقْراً: لم يُنْتِجْ عاقِبةً؛ قال ذر الرمة يمدح
بلال بن أَبي بردة:
أَبوكَ تَلافَى الناسَ والدِّينَ بعدما
تَشاءَوْا، وبَيْتُ الدِّين مُنْقطِع الكَسْر
فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ
ورَدَّ حُروباً لَقِحْن إِلى عُــقْرِ
الضمير في شدَّ عائد على جد الممدوح وهو أَبو موسى الأَشعري.
والتَّشائِي: التبايُنُ والتَّفَرُّق. والكَسْرُ؛ جانب البيت. والإِصَارُ: حَبْل
قصير يشدّ به أَسفلُ الخباء إِلى الوتد، وإِنما ضربه مثلاً. وأَذْرُح:
موضع؛ وقوله: وردَّ حُروباً قد لَقِحْنَ إِلى عُــقْرِ أَي رَجَعْن إِلى
السكون. ويقال: رَجَعَت الحربُ إِلى عُــقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. وعَــقْرُ النَّوَى:
صَرْفُها حالاً بعد حال. والعاقِرُ من الرمل: ما لا يُنْبِت، يُشَبَّه
بالمرأَة، وقيل: هي الرملة التي تُنْبِت جَنَبَتَاها ولا يُنْبِت وَسَطُها؛
أَنشد ثعلب:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،
عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها
وخَصَّ الأَلاء لأَنه من شجر الرمل، وقيل: العاقر رملة معروفة لا تنبت
شيئاً؛ قال:
أَمَّا الفُؤادُ، فلا يَزالُ مُوكَّلاً
بهوى حَمامةَ، أَو بِرَيّا العاقِر
حَمامَةُ: رملة معروفة أَو أَكَمَة، وقيل: العاقِرُ العظيم من الرمل،
وقيل: العظيم من الرمل لا ينبت شيئاً؛ فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا
فإِنه فسره فقال: العاقِرُ التي لا مثل لها. والدَّمُوك هنا: البَكَرة
التي يُسْتقى بها على السانِية، وعَــقَرَــه أَي جَرَحَه، فهو عَقِيرٌ
وعَــقْرَــى، مثَّل جريح وجَرْحَى والعَــقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَــقَرَــه يَعْــقِره
عَــقْراً وعَــقَّره. والعَقِيرُ: المَعْقورُ، والجمع عَــقْرَــى، الذكر
والأُنثى فيه سواء. وعَــقَر الفرسَ والبعيرَ بالسيف عَــقْراً: قطع قوائمه؛ وفرس
عَقِيرٌ مَعْقورٌ، وخيل عَــقْرى؛ قال:
بسِلَّى وسِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ
كِرامٍ، وعَــقْرَــى من كُمَيْتٍ ومن وَرْدِ
وناقةٌ عَقِيرٌ وجمل عَقِير. وفي حديث خديجة، رضي الله تعالى عنها، لما
تزوجت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، كَسَتْ أَباها حُلَّةً
وخَلَّقَتْه ونَحَرَتْ جزوراً، فقال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ وهذا
العَقِيرُ؟ أَي الجزور المنحور؛ قيل: كانوا إِذا أَرادوا نَحْرَ البعير عَــقَرُــوه
أَي قطعوا إِحدى قوائمه ثم نَحرُوه، يفْعل ذلك به كَيْلا يَشْرُد عند
النَّحْر؛ وفي النهاية في هذا المكان: وفي الحديث: أَنه مَرَّ بحِمارٍ
عَقِيرٍ أَي أَصابَه عَــقْرٌ ولم يَمُتْ بعد، ولم يفسره ابن الأَثير. وعَــقَرَ
الناقة يَعْــقِرُــها ويَعْــقُرها عَــقْراً وعَــقَّرَــها إِذا فعل بها ذلك حتى
تسقط فَنَحَرَها مُسْتمكناً منها، وكذلك كل فَعِيل مصروف عن مفعول به
فإِنه بغير هاء. قال اللحياني: وهو الكلام المجتمع عليه، ومنه ما يقال
بالهاء؛ وقول امرئ القيس:
ويومَ عَــقَرْــتُ للعَذارَى مَطِيَّتي
فمعناه نحرتها. وعاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه في عَــقْر الإِبل، كما يقال
كارَمَه وفاخَرَه. وتعاقَر الرجُلان: عَــقَرا إِبلِهَما يَتَباريَان بذلك
ليُرَى أَيُّهما أَعْــقَرُ لها؛ ولما أَنشد ابن دريد قوله:
فما كان ذَنْبُ بنِي مالك،
بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبَّ
بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ
يَقُطُّ العِظامَ ويَبْرِي العَصَبْ
فسره فقال: يريد مُعاقرةَ غالب بن صعصعة أَبي الفرزدق وسُحَيم بن وَثِيل
الرياحي لما تَعاقَرَــا بِصَوْأَر، فعــقر سحيم خمساً ثم بدَا له، وعَــقَر
غالبٌ أَبو الفرزدق مائة. وفي حديث ابن عباس: لا تأْكلوا من تَعاقُرِ
الأَعراب فإِني لا آمَنُ أَن يكون مما أْهِلَّ به لغير الله؛ قال ابن
الأَثير: هو عَــقْرُــهم الإِبل، كان الرجلان يَتَباريانِ في الجود والسخاء
فيَعْــقِر هذا وهذا حتى يُعَجِّزَ أَحدُهما الآخر، وكانوا يفعلونه رياءً وسُمْعة
وتفاخُراً ولا يقصدون به وجه الله تعالى، فشبَّهه بما ذُبح لغير الله
تعالى. وفي الحديث: لا عَــقْرَ في الإِسلام: قال ابن الأَثير: كانوا
يَعْــقِرون الإِبل على قبور المَوْتَى أَي يَنْحَرُونها ويقولون: إِن صاحبَ القبر
كان يَعْــقِر للأَضياف أَيام حياته فتُكافِئُه بمثل صَنِيعه بعد وفاته.
وأَصل العَــقْرِ ضَرْبُ قوائم البعير أَو الشاة بالسيف، وهو قائم. وفي
الحديث: ولا تَعْــقِرنّ شاةً ولا بَعِيراً إِلاَّ لِمَأْكَلة، وإِنما نهى عنه
لأَنه مُثْلة وتعذيبٌ للحيوان؛ ومنه حديث ابن الأَكوع: وما زِلْتُ
أَرْمِيهم وأَعْــقِرُ بهم أَي أَقتُلُ مركوبهم؛ يقال: عَــقَرْــت به إِذا قتلت مر
كوبه وجعلته راجلاً؛ ومنه الحديث: فَعَــقَرَ حَنْظَلةُ الراهب بأَبي
سُفْيَان بن حَرْب أَي عَرْقَبَ دَابّته ثم اتُّسِعَ في العَــقْر حتى استعمل في
القَتْل والهلاك؛ ومنه الحديث: أَنه قال لمُسَيْلِمةَ الكذّاب: وإِن
أَدْبَرْتَ ليَعْــقرَــنَّك الله أَي ليُهْلِكَنّك، وقيل: أَصله من عَــقْر النخل،
وهو أَن تقطع رؤوسها فتَيْبَس؛ ومنه حديث أُم زرع: وعَــقْرُ جارِتها أَي
هلاكُهَا من الحسد والغيظ. وقولهم: عَــقَرْــتَ بي أَي أَطَلْت جَبْسِي كأَنك
عَــقَرْــت بَعِيرِي فلا أَقدر على السير، وأَنشد ابن السكيت:
قد عَــقَرَــتْ بالقومِ أُمُّ خَزْرج
وفي حديث كعب: أَن الشمس والقَمَرَ ثَوْرانِ عَقِيران في النار؛ قيل
لمّا وصَفَهما الله تعالى بالسِّبَاحة في قوله عز وجل: وكلٌّ في فَلَكٍ
يَسْبَحُون، ثم أَخبر أَنه يجعلهما في النار يُعَذِّب بهما أَهْلَها بحيث لا
يَبْرَحانِها صارا كأَنهما زَمِنان عَقِيران. قال ابن الأَثير: حكى ذلك
أَبو موسى، وهو كما تراه. ابن بزرج: يقال قد كانت لي حاجة فعَــقَرَــني عنها
أَي حَبَسَنِي عنها وعاقَنِي. قال الأَزهري: وعَــقْرُ النَّوَى منه
مأْخوذ، والعَــقْرُ لا يكون إِلاَّ في القوائم. عَــقَرَــه إِذا قطع قائِمة من
قوائمه. قال الله تعالى في قضيَّة ثمود: فتاطَى فعَــقَرَ؛ أَي تعاطَى الشقِيُّ
عَــقْرَ الناقةِ فبلغ ما أَراد، قال الأَزهري: العَــقْرُ عند العرب كَشْفُ
عُرْقوب البعير، ثم يُجْعَل النَّحْرُ عَــقْراً لأَن ناحِرَ الإِبل
يَعْــقِرُــها ثم ينحرها. والعَقِيرة: ما عُــقِرَ من صيد أَو غيره. وعَقِيرةُ
الرجل: صوتُه إِذا غَنّى أَو قَرَــأَ أَو بَكى، وقيل: أَصله أَن رجلاً عُــقِرَــت
رجلُه فوضع العَقِيرةَ على الصحيحة وبكَى عليها بأَعْلى صوته، فقيل: رفع
عَقِيرَته، ثم كثر ذلك حتى صُيِّر الصوتُ بالغِنَاء عَقِيرة. قال
الجوهري: قيل لكل مَن رفع صوته عَقِيرة ولم يقيّد بالغناء. قال: والعَقِيرة
الساقُ المقطوعة. قال الأَزهري: وقيل فيه هو رجل أُصِيبَ عُضْوٌ من أَعضائه،
وله إِبل اعتادت حُداءَه، فانتشرت عليه إِبلُه فرفع صوتَه بالأَنِينِ
لِمَا أَصابه من العَــقْرِ في بدنه فتسمَّعت إِبلُه فحَسِبْنه يَحْدو بها
فاجتمعت إِليه، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء: قد رفع عَقِيرته.
والعَقِيرة: متهى الصوت؛ عن يعقوب؛ واسْتَعْــقَرَ الذئبُ رَفَع صوتَه بالتطريب في
العُواء؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
فلما عَوَى الذئبُ مُسْتَعِــقْراً،
أَنِسْنا به والدُّجى أَسْدَفُ
وقيل: معناه يطلب شيئاً يَفْرِسُه وهؤلاء قومٌ لُصوصٌ أَمِنُوا الطلب
حين عَوَى الذئب. والعَقِيرة: الرجل الشريف يُقْتَل. وفي بعض نسخ الإِصلاح:
ما رأَيت كاليوم عَقِيرَةً وَسْطَ قوم. قال الجوهري: يقال ما رأَيت
كاليوم عَقِيرةً وَسْطَ قوم، للرجل الشريف يُقْتَل، ويقال: عَــقَرْــت ظهر
الدابة إِذا أَدْبَرْته فانْعَــقَر واعْتَــقَر؛ ومنه قوله:
عَــقَرْــتَ بَعِيري يا امْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
والمِعْــقَرُ من الرِّحالِ: الذي ليس بِواقٍ. قال أَبو عبيد: لا يقال
مِعْــقر إِلاَّ لما كانت تلك عادته، فأَمّا ما عَــقَر مرة فلا يكون إِلاَّ
عاقراً؛ أَبو زيد: سَرْجٌ عُــقَرٌ؛ وأَنشد للبَعِيث:
أَلَدُّ إِذا لافَيْتُ قَوْماً بِخُطَّةٍ،
أَلَحَّ على أَكتافِهم قَتَبٌ عُــقَرْ
وعَــقَرَ القَتَبُ والرحل ظهر الناقة، والسرجُ ظهرَ الدابة يَعْــقِرُــه
عَــقْراً: حَزَّه وأََدْبَرَه. واعْتَــقَر الظهرُ وانْعَــقَرَ: دَبِرَ. وسرجٌ
مِعْقار ومِعْــقَر ومُعْــقِرٌ وعُــقَرَــةٌ وعُــقَر وعاقورٌ: يَعْــقِرُ ظهر
الدابة، وكذلك الرحل؛ وقيل: لا يقال مِعْــقَر إِلاَّ لما عادته أَن يَعْــقِرِ.
ورجل عُــقَرة وعُــقَر ومِعْــقَر: يَعــقِر الإِبل من إِتْعابِه إِيّاها، ولا
يقال عَقُور. وكلب عَقُور، والجمع عُــقْر؛ وقيل: العَقُور للحيوان،
والعُــقَرَــة للمَواتِ. وفي الحديث: خَمْسٌ مَن قَتَلَهُنّ، وهو حَرامٌ، فلا جُناح
عليه. العَــقْرب والفأْرة والغُراب والحِدَأُ والكلبُ والعَقُور؛ قال: هو
كل سبع يَعْــقِر أَي يجرح ويقتل ويفترس كالأَسد والنمر والذئب والفَهْد
وما أَشبهها، سمّاها كلباً لاشتراكها في السَّبُعِيَّة؛ قال سفيان بن
عيينة: هو كل سبع يَعْــقِر، ولم يخص به الكلب. والعَقُور من أَبنية المبالغة
ولا يقال عَقُور إِلاَّ في ذي الروح. قال أَبو عبيد: يقال لكل جارحٍ أَو
عاقرٍ من السباع كلب عَقُور. وكَلأُ أَرضِ كذا عُقَارٌ وعُقَّارٌ: يَعْــقِر
الماشية ويَقْتُلُها؛ ومنه سمِّي الخمر عُقَاراً لأَنه يَعْــقِرُ
العَقْلَ؛ قاله ابن الأَعرابي. ويقال للمرأَة: عَــقْرَــى حَلْقى، معناه عَــقَرها
الله وحَلَقها أَي حَلَقَ شَعَرها أَو أَصابَها بوجع في حَلْقِها، فعَــقْرى
ههنا مَصْدَرٌ كدَعْوى في قول بَشِير بن النَّكْث أَنشده سيبويه:
وَلَّتْ ودَعْلأاها شديدٌ صَخَبُهْ
أَي دعاؤُها؛ وعلى هذا قال: صَخَبُه، فذكّر، وقيل: عَــقْرى حَلْقى
تَعِــقْرُ قومها وتَحْلِقُهم بشُؤْمِها وتستأْصلهم، وقيل: العَــقْرى الحائض. وفي
حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قيل له يوم النَّفْر في صَفِيَّة
إِنها حائضٌ فقال: عَــقْرَــى حَلقى ما أُراها إِلاَّ حابِسَتَنا؛ قال أَبو
عبيد: قوله عَــقْرى عَــقَرَــها اللهُ؛ وحَلْقى خَلَقَها اللهُ تعالى، فقوله
عَــقَرَــهَا الله يعني عَــقَرَ جسدَها، وحَلْقى أَصابَها الله تعالى بوجعٍ في
حَلْقِها؛ قال: وأَصحاب الحديث يروونه عَــقْرى حَلْقِى، وإِنما هو عَــقْراً
وحَلْقاً، بالتنوين، لأَنهما مصدرا عَــقَرَ وحَلَقَ؛ قال: وهذا على مذهب
العرب في الدعاء على الشيء من غير إِرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأَبي
عبيد لم لا تُجِيزُ عَــقْرى؟ فقال: لأَنّ فَعْلى تجيء نعتاً ولم تجئ في
الدعاء. فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، وعَــقْرى أَخَفّ منه، فلم
يُنْكِرْه؛ قال ابن الأَثير: هذا ظاهرُه الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة،
وهو في مذهبهم معروف. وقال سيبويه: عَــقَّرْــته إِذا قلت له عَــقْراً وهو
من باب سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً، وقال الزمخشري: هما صِفتان للمرأَة
المشؤومة أَي أَنها تَعْــقِرُ قومَها وتَحْلِقُهم أَي تستأْصِلُهم، من شؤمها
عليهم، ومحلُّها الرفع على الخبرية أَي هي عَــقْرى وحَلْقى، ويحتمل أَن
يكونا مصدرين على فَعْلى بمعنى العَــقْر والحَلْق كالشَّكْوى للشَّكْوِ،
وقيل: الأَلف للتأْنيث مثلها في غَضْبى وسَكْرى؛ وحكى اللحياني: لا تفعل ذلم
أُمُّك عَــقْرى، ولم يفسره، غير أَنه ذكره مع قوله أُمك ثاكِلٌ وأُمُّك
هابِلٌ. وحكى سيبويه في الدعاء: جَدْعاً له وعَــقْراً، وقال: جَدَّعْتُه
وعَــقَّرْــته قلت له ذلك؛ والعرب تقول: نَعُوذُ بالله من العَواقِر
والنَّواقِر؛ حكاه ثعلب، قال: والعواقِرُ ما يَعْــقِرُ، والنَّواقِرُ السهامُ التي
تُصيب.
وعَــقَرَ النخلة عَــقْراً وهي عَــقِرةٌ: قطع رأْسها فيبست. قال الأَزهري:
وعَــقْرُ النَّخْلة أَنُ يُكْشَطَ لِيفُها عن قَلْبها ويؤخذ جَذَبُها فإِذا
فعل ذلك بها يَبِسَتْ وهَمَدت. قال: ويقال عَــقَر النخلة قَطَع رأْسَها
كلَّه مع الجُمّار، فهي مَعْقورة وعَقِير، والاسم العَقَار. وفي الحديث:
أَنه مَرَّ بأَرضٍ تسمى عَــقِرة فسماها خضِرَة؛ قال ابن الأَثير: كأَنه
كرِه لها اسم العَــقْر لأَن العاقِرَ المرأَةُ التي لا تحمل، وشجرة عاقر لا
تحمل، فسماها خَضِرة تفاؤلاً بها؛ ويجوز أَن يكون من قولهم نخلة عَــقِرةٌ
إِذا قطع رأْسها فيبست. وطائر عَــقِرٌ وعاقِرٌ إِذا أَصاب ريشَه آفةٌ فلم
ينبت؛ وأَما قول لبيد:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،
رَفَعَ القَوادِمَ كالعَقِير الأَعْزلِ
قال: شبَّه النَّسْرَ، لمّا تطاير ريشُه فلم يَطِرْ، بفرس كُشِفَ
عرقوباه فلم يُحْضِرْ. والأَعْزَلُ المائل الذنب.
وفي الحديث فيما روى الشعبي: ليس على زانٍ عُــقْرٌ أَي مَهْر وهو
للمُغْتَصَبةِ من الإِماء كمَهْرِ المثل للحُرَّة. وفي الحديث: فأَعْطاهم
عُــقْرَــها؛ قال: العُــقْرُ، بالضم، ما تُعْطاه المرأَة على وطء الشبهة، وأَصله
أَن واطئ البِكْر يَعْــقِرها إِذا اقْتَضَّها. فسُمِّيَ ما تُعْطاه
للعَــقْرِ عُــقْراً ثم صار عامّاً لها وللثيّب، وجمعه الأَعْقارُ. وقال أَحمد بن
حنبل: العُــقْرُ المهر. وقال ابن المظفر: عُــقْرُ المرأَة دبةُ فرجها إذا
غُصِبَت فَرْجَها. وقال أَبو عبيدة: عُــقْرُ المرأَة ثَوابٌ تُثابُه
المرأَةُ من نكاحها، وقيل: هو صداق المرأَة، وقال الجوهري: هو مَهْرُ المرأَة
إِذا وُِطِئت على شبهة فسماه مَهْراً. وبَيْضَةُ العُــقْرِ: التي تُمْتحنُ
بها المرأَةُ عند الاقْتِضاض، وقيل: هي أَول بيضة تبَِيضُها الدجاجة
لأَنها تَعْــقِرها، وقيل: هي آخر بيضة تبيضها إِذا هَرِمَت، وقيل: هي بيضة
الدِّيك يبيضها في السنة مرة واحدة، وقيل: يبيضها في عمره مرة واحدة إِلى
الطُّول ما هي، سميِّت بذلك لأَن عُذْرةَ الجارية تُخْتَبَرُ بها. وقال
الليث: بَيْضةُ العُــقْر بَيْضةُ الدِّيك تُنْسَبُ إِلى العُــقْر لأَن الجارية
العذراء يُبْلى ذلك منها بِبَيْضة الدِّيك، فيعلم شأْنها فتُضْرَبُ بيضةُ
الديك مثلاً لكل شيء لا يستطاع مسُّه رَخاوةً وضَعْفاً، ويُضْرَب بذلك
مثلاً للعطية القليلة التي لا يَرُبُّها مُعْطِيها بِبِرّ يتلوها؛ وقال
أَبو عبيد في البخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيْضَة الدِّيك، قال: فإِن
كان يعطي شيئاً ثم يقطعه آخر الدهر قيل للمرة الأَخيرة: كانت بَيْضةَ
العُــقْر، وقيل: بيضة العُــقْر إِنما هو كقولهم: بَيْض الأَنُوق والأَبْلق
العَقُوق، فهو مثل لما لا يكون. ويقال للذي لا غَنَاء عنده: بَيْضَة العــقر،
على التشبيه بذلك. ويقال: كان ذلك بَيْضَة العــقر، معناه كان ذلك مرة
واحدة لا ثانية لها. وبَيْضةَ العــقر، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها.
وبَيْضة العُــقْر: الأَبْترُ الذي لا ولد له. وعُــقْرُ القوم وعَــقْرُــهم:
مَحَلّتُهم بين الدارِ والحوضِ. وعُــقْرُ الحوض وعُــقُره، مخففاً ومثقلاً:
مؤخَّرُه، وقيل: مَقامُ الشاربة منه. وفي الحديث: إِني لِبعُــقْرِ حَوْضِي
أَذُودُ الناس لأَهل اليَمَنِ؛ قال ابن الأَثير: عُــقْرُ الحوض، بالضم،
موضع الشاربة منه، أَي أَطْرُدُهم لأَجل أَن يَرِدَ أَهلُ اليمن. وفي المثل:
إِنما يُهْدَمُ الحَوْضُ من عُــقْرِــه أَي إِنما يؤتى الأَمرُ من وجهه،
والجمع أَعقار، قال:
يَلِدْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ كأَنَّها
نِساءُ النَّصارى، أَصْبَحَتْ وهي كُفَّلُ
ابن الأَعرابي: مَفْرَغُ الدَّلْو من مُؤَخَّرِه عُــقْرُــه، ومن
مُقَدَّمِه إزاؤه. والعَــقِرةُ: الناقةُ التي لا تشرب إِلاَّ من العُــقْرِ،
والأَزِيَة: التي لا تَشْرَبُ إِلاَّ من الإِزاءِ؛ ووصف امرؤ القيس صائداً حاذقاً
بالرمي يصيب المَقاتل:
فَرماها في فَرائِصِها
بإِزاءِ الحَوْضِ، أَو عُــقُرِــهْ
والفرائِصُ: جمع فَرِيصة، وهي اللحمة التي تُرْعَدُ من الدابة عند مرجع
الكتف تتّصل بالفؤاد. وإِزاءُ الحوض: مُهَراقُ الدَّلْوِ ومصبُّها من
الحوض. وناقةٌ عَــقِرةٌ: تشرب من عُــقْرِ الحوض. وعُــقْرُِ البئر: حيث تقع
أَيدي الواردة إِذا شربت، والجمع أَعْقارٌ. وعُــقْرُ النار وعُــقُرها: أَصلها
الذي تأَجَّجُ منه، وقيل: معظمها ومجتمعها ووسطها؛ قال الهذلي يصف
النصال:وبِيض كالسلاجِم مُرْهَفات،
كأَنَّ ظُباتِها عُــقُرٌ بَعِيج
الكاف زائدة. أَراد بيض سَلاجِم أَي طِوَا لٌ.
والعُــقْر: الجمر. والجمرة: عُــقْرة. وبَعِيجٌ بمعنى مبعوج أَي بُعِج
بِعُودٍ يُثارُ به فشُقَّ عُــقْرُ النار وفُتِح؛ قال ابن بري: هذا البيت
أَورده الجوهري وقال: قال الهذلي يصف السيوف، والبيت لعمرو ابن الداخل يصف
سهاماً، وأَراد بالبِيضِ سِهاماً، والمَعْنِيُّ بها النصالُ. والظُّبَةُ:
حدُّ النصل. وعُــقْرُ كلِّ شيء: أَصله. وعُــقْرُ الدار: أَصلُها، وقيل:
وسطها، وهو مَحلّة للقوم. وفي الحديث: ما غُزِيَ قومٌ في عُقعرِ دارهم إلاَّ
ذَلُّوا؛ عــقْر الدار؛ بالفتح والضم: أَصلُها؛ ومنه الحديث: عُــقْرُ دارِ
الإِسلام الشامُ أَي أَصله وموضعه، كأَنه أَشار به إِلى وقت الفِتَن أَي
يكون الشأْم يومئذٍ آمِناً منها وأَهلُ الإِسلام به أَسْلَمُ. قال
الأَصمعي: عُــقْرُ الدار أَصلُها في لغة الحجاز، فأَما أَهل نجد فيقولون عَــقْر،
ومنه قيل: العَقَارُ وهو المنزل والأَرض والضِّيَاع. قال الأَزهري: وقد خلط
الليث في تفسير عُــقْر الدار وعُــقْر الحوض وخالف فيه الأئمة، فلذلك
أَضربت عن ذكر ما قاله صفحاً. ويقال: عُــقِرَــت رَكِيّتُهم إِذا هُدِمت. وقالوا:
البُهْمَى عُــقْرُ الكلإِ. وعُقَارُ الكلإِ أَي خيارُ ما يُرْعى من نبات
الأَرض ويُعْتَمَد عليه بمنزلة الدار. وهذا البيت عُــقْرُ القصيدة أَي
أَحسنُ أَبياتها. وهذه الأَبيات عُقارُ هذه القصيدة أَي خيارُها؛ قال ابن
الأَعرابي: أَنشدني أَبو مَحْضة قصيدة وأَنشدني منها أَبياتاً فقال: هذه
الأَبيات عُقَارُ هذه القصيدة أَي خِيارُها.
وتَعَــقَّرَ شحمُ الناقة إِذا اكْتَنَزَ كلُّ موضعٍ منها شَحْماً.
والعَــقْرُ: فَرْجُ ما بين كل شيئين، وخص بعضهم به ما بين قوائم المائدة.
قال الخليل: سمعت أَعرابيّاً من أَهل الصَّمّان يقول: كل فُرْجة تكون
بين شيئين فهي عَــقْرٌ وعُــقْر، لغتان، ووضَعَ يديه على قائمتي المائدة ونحن
نتغدَّى، فقال: ما بنيهما عُــقْر.
والعَــقْرُ والعَقارُ: المنزل والضَّيْعةُ؛ يقال: ما له دارٌ ولا عَقارٌ،
وخص بعضهم بالعَقار النخلَ. يقال للنخل خاصة من بين المال: عَقارٌ. وفي
الحديث: مَن باع داراً أَو عَقاراً؛ قال: العَقارُ، بالفتح، الضَّيْعة
والنخل والأَرض ونحو ذلك. والمُعْــقِرُ: الرجلُ الكثير العَقار، وقد
أَعْــقَر. قالت أُم سلمة لعائشة، رضي الله عنها، عند خروجها إِلى البصرة: سَكَّنَ
الله عُقَيْراكِ فلا تُصْحِريها أَي أَسكَنَكِ الله بَيْتَك وعقَارَك
وسَتَرَكِ فيه فلا تُبْرِزيه؛ قال ابن الأَثير: هو اسم مصغَّر مشتق من
عُــقْرِ الدار، وقال القتيبي: لم أَسمع بعُقَيْرى إِلاَّ في هذا الحديث؛ قال
الزمخشري: كأَنها تصغير العَــقْرى على فَعْلى، من عَــقِرَ إِذا بقي مكانه لا
يتقدم ولا يتأَخر فزعاً أَو أَسَفاً أَو خجلاً، وأَصله من عَــقَرْــت به
إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنك عَــقَرْــت راحلته فبقي لا يقدر على البَراحِ،
وأَرادت بها نفسها أَي سكِّني نفْسَك التي حقُّها أَن تلزم مكانها ولا
تَبْرُز إِلى الصحراء، من قوله تعالى: وقَرْــنَ في بُيوتِكُنّ ولا تَبَرَّجْن
تَبرُّجَ الجاهلية الأُولى. وعَقَار البيت: متاعُه ونَضَدُه الذي لا
يُبْتَذلُ إِلاَّ في الأَعْيادِ والحقوق الكبار؛ وبيت حَسَنُ الأَهَرةِ
والظَّهَرةِ والعَقارِ، وقيل: عَقارُ المتاع خيارُه وهو نحو ذلك لأَنه لا
يبسط في الأَعْيادِ والحُقوقِ الكبار إِلاَّ خيارُه، وقيل: عَقارُه متاعه
ونَضَدُه إِذا كان حسناً كبيراً. وفي الحديث: بعث رسولُ الله، صلى الله
عليه وسلم، عُيَيْنَةَ بن بدر حين أَسلم الناس ودَجا الإِسلام فهجَمَ على
بني علي بن جُنْدب بذات الشُّقُوق، فأَغارُوا عليهم وأَخذوا أَموالهم حتى
أَحْضَرُوها المدينةَ عند نبي الله، فقالت وفُودُ بني العَنْبرِ: أُخِذْنا
يا رسولُ الله، مُسْلِمين غير مشركين حين خَضْرَمْنا النَّعَمَ، فردّ
النبي، صلى الله عليه وسلم، عليهم ذَرارِيَّهم وعَقَار بُيوتهم؛ قال
الحربيّ: ردّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ذَرارِيَّهمْ لأَنه لم يَرَ أَن
يَسْبِيهَم إِلاَّ على أَمر صحيح ووجدهم مُــقِرّــين بالإِسلام، وأَراد
بعَقارِ بيوتهم أَراضِيهَم، ومنهم مَنْ غلّط مَنْ فسّر عَقارَ بيوتهم
بأَراضيهم، وقال: أَراد أَمْتِعةَ بيوتهم من الثياب والأَدوات. وعَقارُ كل شيء:
خياره. ويقال: في البيت عَقارٌ حسنٌ أَي متاع وأَداة.
وفي الحديث: خيرُ المال العُــقْرُ، قال: هو بالضم، أَصل كل شيء، وبالفتح
أَيضاً، وقيل: أَراد أَصل مالٍ له نماءٌ؛ ومنه قيل للبُهْمَى: عُــقْرُ
الدار أَي خيرُ ما رَعَت الإِبل؛ وأَما قول طفيل يصف هوادج الظعائن:
عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيرُ تَخْطِفُ زَهْوَه
وعالَيْن أَعْلاقاً على كل مُفْأَم
فإِنَّ الأَصمعي رفع العين من قوله عُقار، وقال: هو متاع البيت، وأَبو
زيد وابن الأَعرابي رَوياه بالفتح، وقد مر ذلك في حديث عيينة بن بدر. وفي
الصحاح والعُقارُ ضَرْبٌ من الثياب أَحمر؛ قال طفيل: عقار تظل الطير
(وأَورد البيت).
ابن الأَعرابي: عُقارُ الكلإِ البُهْمى؛ كلُّ دار لا يكون فيها يُهْمى
فلا خير في رعيها إِلاَّ أَن يكون فيها طَرِيفة، وهي النَّصِيّ
والصَّلِّيان. وقال مرة: العُقارُ جميع اليبيس. ويقال: عُــقِرَ كلأُ هذه الأَرض إذا
أُكِلَ. وقد أَعْــقَرْــتُكَ كلأَ موضعِ كذا فاعْــقِرْــه أَي كُلْه. وفي
الحديث: أَنه أَقطع حُصَيْنَ بن مُشَمّت ناحية كذا واشترط عليه أَن لا
يَعْــقِرَ مرعاها أَي لا يَقْطعَ شجرها.
وعاقَرَ الشيءَ مُعاقرةً وعِقاراً: لَزِمَه. والعُقَارُ: الخمر، سميت
بذلك لأَنها عاقَرت العَقل وعاقَرت الدَّنّ أَي لَزِمَتْه؛ يقال: عاقَرَــه
إِذا لازَمَه وداوم عليه. وأَصله من عُــقْر الحوض. والمُعاقَرةُ: الإِدمان.
والمُعاقَرة: إِدْمانُ شرب الخمر. ومُعاقَرةُ الخمر: إِدْمانُ شربها.
وفي الحديث: لا تُعاقرُــوا أَي لا تُدْمِنُوا شرب الخمر. وفي الحديث: لا
يدخل الجنةَ مُعاقر خَمْرٍ؛ هو الذي يُدْمِنُ شربها، قيل: هو مأْخوذ من
عُــقْر الحوض لأَن الواردة تلازمه، وقيل: سميت عُقَاراً لأَن أَصحابها
يُعاقِرُــونها أَي يلازمونها، وقيل: هي التي تَعْــقِرُ شارِبَها، وقيل: هي التي لا
تَلْبَثُ أَن تُسكر.، ابن الأَنباري: فلان يُعاقِرُ النبيذَ أَي
يُداوِمهُ، وأَصله مِنْ عُــقْر الحوض، وهو أَصله والموضع الذي تقوم فيه الشاربة،
لأَن شاربها يلازمها مُلازمةَ الإِبل الواردةِ عُــقْرَ الحوض حتى تَرْوى.
قال أَبو سعيد: مُعاقَرةُ الشراب مُغالبَتُه؛ يقول: أَنا أَقوى على شربه،
فيغالبه فيغلبه، فهذه المُعاقَرةُ.
وعَــقِرَ الرجلُ عَــقَراً: فجِئَه الرَّوْعُ فدَهشَ فلم يقدر أَن يتقدم
أَو يتأَخر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
لمَّا مات قرأَ أَبو بكر: رضي الله عنه، حين صَعِدَ إِلى مِنْبره فخطب:
إِنّكَ ميَّتٌ وإِنهم مَيَّتون؛ قال: فعَــقِرْــت حتى خَرَرتْ إِلى الأَرض؛
وفي المحكم: فعَــقِرْــت حتى ما أَقْدِرُ على الكلام، وفي النهاية: فَعــقِرْــت
وأَنا قائم حتى وقعت إلى الأَرض؛ قال أَبو عبيد: يقال عَــقِر وبَعِل وهو
مثل الدَّهَشِ، وعَــقِرْــت أَي دَهِشْت. قال ابن الأَثير: العَــقَرُ، بفتحتين،
أَن تُسْلِمَ الرجلَ قَوائِمُه إِلى الخوف فلا يقدر أَن يمشي من الفَرَق
والدَّهَش، وفي الصحاح؛ فلا يستطيع أَن يقاتل. وأَعْــقَرَــه غيرُه:
أَدْهَشَه. وفي حديث العباس: أَنه عَــقِرَ في مجلسه حين أُخْبِر أَن محمداً
قُتِل. وفي حديث ابن عباس: فلما رأَوا النبي، صلى الله عليه وسلم، سَقَطَتْ
أَذْقانُهم على صدورهم وعَــقِرُــوا في مجالسهم. وظَبْيٌ عَقِيرٌ: دَهِشٌ؛
وروي بعضهم بيت المُنَخَّل اليشكري:
فلَثَمتُها فتنَفَّسَت،
كتنَفُّسِ الظَّبْيِ العَقِيرْ
والعَــقْرُ والعُــقْر: القَصْرُ؛ الأَخيرة عن كراع، وقيل: القصر المتهدم
بعضه على بعض، وقيل: البنَاء المرتفع. قال الأَزهري: والعَــقْرُ القصر الذي
يكون مُعْتَمداً لأَهل الــقرية؛ قال لبيد بن ربيعة يصف ناقته:
كعَــقْر الهاجِرِيّ، إِذا ابْتَناه
بأَشْباهٍ حُذِينَ على مثال
(* قوله: «إِذا ابتناه كذا في الأَصل وياقوت. وفي الصحاح وشارح القاموس
إِذا بناه).
وقيل: العَــقْرُ القصر على أَي حال كان. والعَــقْرُ: غيْمٌ في عَرْض
السماء. والعَــقْرُ: السحاب الأَبيض، وقيل: كل أَبيض عَــقْرٌ. قال الليث:
العَــقْر غيم ينشأُ من قِبَل العين فيُغَشِّي عين الشمس وما حواليها، وقال
بعضهم: العَــقْرُ غيم ينشأَ في عرض السماء ثم يَقْصِد على حِيَالِه من غير أَن
تُبْصِرَه إِذا مرّ بك ولكن تسمع رعده من بعيد؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف
ناقته:
وإِذا احْزَ أَلَّتْ في المُناخِ رأَيْتَها
كالعَــقْرِ، أَفْرَدَها العَماءُ المُمْطِرُ
وقال بعضهم: العَــقْرُ في هذا البيت القصرُ، أَفرده العماء فلم يُظلِّلْه
وأَضاء لِعَينِ الناظر لإِشراق نُورِ الشمس عليه من خَلَلِ السحاب. وقال
بعضهم: العَــقْر القطعة من الغمام، ولكلٍّ مقال لأَن قِطَعَ السحاب
تشبَّه بالقصور. والعَقِيرُ: البَرْق، عن كراع.
والعَقّار والعِقّيرُ: ما يُتَداوى به من النبات والشجر. قال الأَزهري:
العَقاقِير الأَدْوية التي يُسْتَمْشى بها. قال أَبو الهيثم: العَقّارُ
والعَقاقِرُ كل نبت ينبت مما فيه شفاءٌ، قال: ولا يُسمى شيء من العَقاقِير
فُوهاً، يعني جميع أَفواه الطيب، إِلا ما يُشَمُّ وله رائحة.
قال الجوهري: والعَقاقِيرُ أُصول الأَدْوِية.
والعُقّارُ: عُشْبة ترتفع قدر نصف القامة وثمرُه كالبنادق وهو مُمِضٌّ
البتَّة لا يأْكله شيء، حتى إِنك ترى الكلب إِذا لابَسَه يَعْوي، ويسمى
عُقّار ناعِمَةَ؛ وناعِمةُ: امرأَة طبخته رجاء أَن يذهب الطبخ بِغائِلته
فأَكلته فقتلها.
والعَــقْر وعَقاراء والعَقاراء، كلها: مواضع؛ قال حميد ابن ثور يصف
الخمر:رَكُودُ الحُمَيّا طَلّةٌ شابَ ماءَها،
بها من عَقاراءِ الكُرومِ، ربِيبُ
أَراد من كُرومِ عَقاراء، فقدّم وأَخّر؛ قال شمر: ويروى لها من عُقارات
الخمور، قال: والعُقارات الخمور. رَبيب: مَن يَرُبُّها فيَمْلِكُها. قال:
والعَــقْر موضع بعينه؛ قال الشاعر:
كَرِهْتُ العَــقْرِ، عَــقْرَ بني شُلَيْلٍ،
إِذا هَبَّتْ لِقارِبها الرِّياح
والعُقُور، مثل السُّدُوس، والعُقَير والعَــقْر أَيضاً: مواضع؛ قال:
ومِنَّا حَبِيبُ العَــقِر حين يَلُفُّهم،
كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّرِيمة أَخْطَبُ
قال: والعُقَيْر قرية على شاطئ البحر بحذاء هجر.
والعَــقْر: موضع ببابل قتل به يزيد بن المهلب يوم العَــقْر.
والمُعاقَرةُ: المُنافرةُ والسِّبابُ والهِجاء والمُلاعنة، وبه سمَّى
أَبو عبيد كتاب المُعاقرات.
ومُعَــقِّر: اسم شاعر، وهو مُعَــقِّر بن حمار البارِقيِّ حليف بني نمير.
قال: وقد سمر مُعَــقِّراً وعَقّاراً وعُــقْرانَ.