من (ع ج ل) نسبة إلى الــعاجل بمعنى المسرع، والــعاجل مقابل الآجل من كل شيء.
من (ع ج ل) نسبة إلى الــعاجل بمعنى المسرع، والــعاجل مقابل الآجل من كل شيء.
عجل: العَجَلُ والعَجَلة: السرْعة خلاف البُطْء. ورجُلٌ عَجِلٌ وعَجُلٌ
وعَجْلانُ وعاجِلٌ وعَجِيلٌ من قوم عَجالى وعُجالى وعِجالٍ، وهذا كلُّه
جمع عَجْلان، وأَما عَجِلٌ وعَجْلٌ فلا يُكَسَّر عند سيبويه، وعَجِلٌ
أَقرب إِلى حَدِّ التكسير منه لأَن فَعِلاً في الصفة أَكثر من فَعُلٍ، على
أَنَّ السلامة في فَعِلٍ أَكثر أَيضاً لقِلَّته وإِن زاد على فَعُلٍ، ولا
يجمع عَجْلانُ بالواو والنون لأَن مؤنثه لا تلحقه الهاء. وامرأَة عَجْلى
مثال رَجْلى ونِسْوة عَجالى كما قالوا رَجالى وعِجالٌ أَيضاً كما قالوا
رِجال.
والاسْتِعْجال والإِعْجال والتَّعَجُّل واحد: بمعنى الاسْتِحْثاث
وطَلَبِ العَجَلة. وأَعَجَله وعَجَّله تعجيلاً إِذا اسْتَحَثَّه، وقد عَجِلَ
عَجَلاً وعَجَّل وتَعجَّل. واسْتَعْجَل الرجلَ: حَثَّه وأَمره أَن يَعْجَل
في الأَمر. ومَرَّ يَسْتَعْجِل أَي مَرَّ طالباً ذلك من نفسه
مُتَكَلِّفاً إِياه؛ حكاه سيبويه، ووَضَع فيه الضمير المنفصل مكان المتصل. وقوله
تعالى: وما أَعْجَلك عن قَومِك؛ أَي كيف سَبَقْتَهم. يقال: أَعْجَلَني
فَعَجَلْتُ له. واسْتَعْجَلْته أَي تقدَّمته فَحَمَلتْه على العَجَلة.
واسْتَعْجَلْته: طَلَبْت عَجَلَته؛ قال القطاميّ:
فاسْتَعْجَلُونا، وكانوا من صَحابَتِنا،
كما تَعَجَّل فُرَّاطٌ لِوُرَّاد
وعاجَلَــه بذَنْبه إِذا أَخَذَه به ولم يُمْهِلْه.
والعَجْلانُ: شَعْبانُ لسُرْعَة نفاد أَيَّامه؛ قال ابن سيده: وهذا
القول ليس بقَوِيٍّ لأَن شَعْبان إِن كان في زمن طُول الأَيام فأَيَّامُه
طِوالٌ وإِن كان في زمن قِصَر الأَيام فأَيَّامُه قِصارٌ، وهذا الذي
انْتَقَدَه ابنُ سيده ليس بشيء لأَن شعبان قد ثبت في الأَذهان أَنه شهر قصير
سريع الانقضاء في أَيِّ زمان كان لأن الصومَ يَفْجَأُ في آخره فلذلك سُمِّي
العَجْلان، والله أَعلم.
وقَوْسٌ عَجْلى: سرعة السَّهْم؛ حكاه أَبو حنيفة. والــعاجِلُ والــعاجِلــةُ:
نقيض الآجل والآجلة عامٌّ في كل شيء. وقوله عز وجلَّ: من كان يُريد
الــعاجِلَــةَ عَجَّلْنا له فيها ما نشاء؛ الــعاجِلــةُ: الدنيا، والآجلة الآخرة.
وعَجِلَه: سَبَقَه. وأَعْجَلَه: اسْتَعْجَلَه. وفي التنزيل العزيز:
أَعَجِلْتُم أَمْرَ رَبِّكم؛ أَي أَسْبَقْتُم. قال الفراء: تقول عَجِلْتُ
الشيءَ أَي سَبَقْتُه، وأَعْجَلْته اسْتَحْثَثْته. وأَما قوله عز وجل: ولو
يُعَجِّل اللهُ للناس الشَّرَّ اسْتِعْجالَهم بالخير لقُضي إِليهم
أَجَلُهُم؛ فمعناه لَوْ أُجِيبَ الناسُ في دعاء أَحدهم على ابنه وشبيهه في قوله:
لَعَنَك اللهُ وأَخْزاك اللهُ وشِبْهه، لَهَلَكوا. قال: ونُصِب قولُه
اسْتِعْجالَهم بوقوع الفعل وهو يُعَجِّل، وقيل نُصِب اسْتِعْجالَهم على معنى
مِثْلَ اسْتِعْجالهم على نعتِ مصدرٍ محذوف؛ والمعنى: ولو يُعَجِّل اللهُ
للناس الشر تعجيلاً مثل استعجالهم، وقيل: معناه لو عَجَّل الله للناس
والشَّرَّ إِذا دَعَوْا به على أَنفسهم عند الغضب وعلى أَهليهم وأَولادهم
واسْتَعْجلوا به كما يَسْتَعْجلون بالخير فَيَسْأَلونه الخَيْرَ
والرَّحْمَةَ لقُضي إِليهم أَجَلُهم أَي ماتوا؛ وقال الأَزهري: معناه ولو يُعَجِّل
اللهُ للناس الشَّرَّ في الدعاء كتعجيله اسْتِعْجالَهم بالخير إِذا
دَعَوْه بالخير لَهَلَكُوا. وأَعْجَلَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ وَلَدَها لغير
تمام؛ وقوله أَنشده ثعلب:
قِياماً عَجِلْنَ عليه النَّبا
ت، يَنْسِفْنَه بالظُّلوف انْتِسافا
عَجِلْن عليه: على هذا الموضع، يَنْسِفْنَه: يَنْسِفْن هذا النَّبات
يَقْلَعْنه بأَرجلهن؛ وقوله:
فَوَرَدَتْ تَعْجَل عن أَحْلامِها
معناه تَذْهَب عُقولُها، وعَدَّى تَعْجَل بعن لأَنها في معنى تَزِيغُ،
وتَزِيغُ متعدِّية بعَنْ. والمُعْجِل والمُعَجِّل والمِعْجال من الإِبل:
التي تُنْتَج قبل أَن تَسْتَكْمِلَ الحول فَيَعِيش ولَدُها، والوَلَدُ
مُعْجَلٌ؛ قال الأَخطل:
إِذا مُعْجَلاً غادَرْنَه عند مَنْزِلٍ،
أُتِيحَ لجَوَّابِ الفَلاةِ كَسُوب
يعني الذئب. والمِعْجال من الحوامل التي تضع ولدَها قبل إِناه، وقد
أَعْجَلَتْ، فهي مُعْجِلةٌ، والوَلَدُ مُعْجَلٌ. والإِعْجال في السَّيْر: أَن
يَثِبَ البعيرُ إِذا رَكِبه الراكب قبل استوائه عليه. والمِعْجال: التي
إِذا أَلْقى الرَّجُلُ رِجْلَه في غَرْزِها قامت ووَثَبَتْ. يقال: جَمَلٌ
مِعْجالٌ وناقة مِعْجالٌ، ولَقِي أَبو عمرو بن العَلاء ذا الرُّمَّة
فقال أَنشِدْني:
ما بالُ عينِك منها الماءُ يَنْسَكِبُ
فأَنشده حتى انتهى إِلى قوله:
حتى إِذا ما اسْتَوَى في غَرْزِها تَثِبُ
فقال له: عَمُّك الراعي أَحْسَنُ منك وَصْفاً حين يقول:
وهْيَ، إِذا قامَ في غَرْزِها،
كَمِثْل السَّفِينة أَو أَوْقَرُ
ولا تُعْجِلُ المَرْءَ عند الوُرُو
كِ، وهي برُكْبتِه أَبْصَرُ
(* قوله «عند الوروك» الذي في المحكم، وتقدم في ورك: قبل الوروك).
فقال: وصَفَ بذلك ناقَةَ مَلِكٍ، وأَنا أَصِفُ لك ناقةَ سُوقةٍ. ونَخْلة
مِعْجالٌ: مُدْرِكةٌ في أَول الحَمْل. والمُعَجِّل والمُتَعَجِّل: الذي
يأْتي أَهله بالإِعْجالةِ. والمُعَجِّل
(* قوله «والمعجل إِلى قوله وذلك
اللبن الاعجالة» هي عبارة المحكم، وتمامها والعجالة والعجالة أي بالكسر
والضم، وقيل: الاعجالة أن يعجل الراعي إلى آخر ما هنا) من الرِّعاء: الذي
يَحْلُب الإِبلَ حَلْبةً وهي في الرَّعْي كأَنه يُعْجِلُها عن إِتمام
الرَّعْي فيأْتي بها أَهلَه، وذلك اللَّبن الإِعجالةُ. والإِعجالةُ: ما
يُعَجِّله الراعي من اللبن إِلى أَهله قبل الحَلْب؛ قال ارمؤ القيس يصف
سَيَلانَ الدَّمْع:
كأَنَّهُما مَزَادَتَا مُتَعَجِّلٍ
فَرِيّانِ، لمّا تُسْلَقا بِدِهَانِ
والعُجَالةُ، وقيل الإِعْجالةُ: أَن يُعَجِّل الراعي بلبن إِبله إِذا
صَدَرَتْ عن الماء، قال: وجمعها الإِعْجالاتُ؛ قال الكميت:
أَتَتْكُمْ بإِعْجالاتِها، وهْيَ حُفَّلٌ،
تَمُجُّ لكم قبل احْتِلابٍ ثُمَالَها
يخاطِب اليَمَنَ يقول: أَتَتْكُم مَوَدَّةُ مَعَدٍّ بإِعْجالاتها،
والثُّمالُ: الرَّغْوَة، يقول لكم عندنا الصَّرِيحُ لا الرَّغْوة. والذي يجيء
بالإِعْجالة من الإِبل من العَزيب يقال له: المُعَجِّل؛ قال الكميت:
لم يَقْتَعِدْها المُعَجِّلون، ولم
يَمْسَخْ مَطاها الوُسُوق والحَقَبُ
وفي حديث خزيمة: ويَحْمِل الراعي العُجالة؛ قال ابن الأَثير: هي لَبَنٌ
يَحْمِله الراعي من المَرْعى إِلى أَصحاب الغنم قبل أَن تَرُوحَ عليهم.
والعُجّال: جُمّاع الكَفِّ من الحَيْس والتَّمر يستعجلُ أَكْلهُ،
والعُجَّال والعِجَّوْل: تمر يُعْجَن بسَوِيق فيُتَعَجَّلُ أَكْلُه.
والعَجَاجِيل: هَنَاتٌ من الأَقِط يجعلونها طِوَالاً بِغَلَظِ الكَفِّ وطُولِها مثل
عَجَاجِيل التَّمْر والحَيْس، والواحدة عُجَّال. ويقال: أَتانا
بِعُجَّال وعِجَّوْل أَي بجُمْعَةٍ من التَّمْر قد عُجِنَ بالسَّوِيق أَو
بالأَقِط. وقال ثعلب: العُجَّال والعِجَّوْل ما اسْتَعْجِل به قبل الغِذاء
كاللُّهنة. والعُجَالةُ والعَجَل: ما اسْتُعْجِل به من طَعَام فقُدِّم قبل
إِدراك الغِذاء؛ وأَنشد:
إِنْ لم تُغِثْني أَكُنْ يا ذا النَّدَى عَجَلاً،
كَلُقْمَةٍ وَقَعَتْ في شِدْقِ غَرْثان
والعُجَالةُ: ما تعَجَّلْته من شيء. وعُجَالة الراكبِ: تَمْر بسَوِيق.
والعُجَالة: ما تَزَوَّدَه الراكبُ مما لا يُتْعِبُه أَكْلُه كالتمر
والسَّوِيق لأَنه يَسْتَعجِله، أَو لأَن السفر يُعْجِله عما سوى ذلك من الطعام
المُعالَج، والتمرُ عُجَالة الراكب. يقال: عجَّلْتم كما يقال
لَهَّنْتُم. وفي المثل: الثَّيِّبُ عُجَالة الراكب.
والعُجَيْلة والعُجَيْلى: ضَرْبانِ من المشيء في عَجَلٍ وسرعة؛ قال
الشاعر:
تَمْشِي العُجَيْلى من مخافة شَدْقَمٍ،
يَمْشي الدِّفِقَّى والخَنِيفُ ويَضْبِرُ
وذَكَره ابن وَلاَّد العُجَّيْلى بالتشديد. وعَجَّلْت اللحم: طَبَخْته
على عَجَلة. والعَجُول من النساء والإِبل: الوالِه التي فَقَدَتْ وَلَدَها
الثَّكْلَى لَعَجَلِتها في جَيْئَتِها وذَهَابها جَزَعاً؛ قالت الخنساء:
فما عجُولٌ على بَوٍّ تُطِيفُ به،
لها حَنِينانِ: إِعْلانٌ وإِسرار
والجمع عُجُل وعَجائل ومَعاجِيل؛ الأَخيرة على غير قياس؛ قال الأَعشى:
يَدْفَع بالرَّاح عنه نِسْوَةٌ عُجُلُ
(* قوله «يدفع بالراح إلخ» صدره كما في التكملة:
حتى يظل عميد الحي مرتفقا)
والعَجُول: المَنِيَّة؛ عن أَبي عمرو، لأَنها تُعْجِل من نَزَلَتْ به عن
إِدراك أَمَله؛ قال المرّار الفَقْعسي:
ونرجو أَن تَخَاطَأَكَ المَنايا،
ونخشى أَن تَعَجِّلَك العَجُولُ
(* قوله «تعجلك» كذا في المحكم، وبهامشه في نسخة تــعاجلــك).
وقوله تعالى: خُلِقَ الإِنسانُ من عَجَل؛ قال الفراء: خُلِقَ الإِنسانُ
من عَجَلٍ وعلى عَجَلٍ كأَنك قلت رُكِّبَ على العَجَلة، بِنْيَتُه
العَجَلةُ وخِلْقَتُه العَجَلةُ وعلى العَجَلة ونحو ذلك؛ قال أَبو إِسحق: خوطب
العرب بما تَعْقِل، والعرب تقول للذي يُكْثِر الشيءَ: خُلِقْتَ منه، كما
تقول: خُلِقْتَ من لعِبٍ إِذا بُولغ في وصفه باللَّعِب. وخُلِقَ فلان من
الكَيْس إِذا بُولغ في صفته بالكَيْس. وقال أَبو حاتم في قوله: خُلِق
الإِنسان من عَجَل؛ أَي لو يعلمون ما استعجلوا، والجواب مضمر، قيل: إِن آدم،
صلوات الله على نبينا وعليه، لما بَلَغَ منه الرُّوحُ الركبتين هَمَّ
بالنُّهُوض قبل أَن تبلغ القَدَمين، فقال الله عز وجل: خُلِقَ الإِنسانُ من
عَجَل؛ فأَوْرَثَنا آدَمُ، عليه السلام، العَجَلة. وقال ثعلب: معناه
خُلِقَت العَجَلةُ من الإِنسان؛ قال ابن جني
(* قوله «قال ابن جني إلخ»
عبارة المحكم: قال ابن جني الأحسن أن يكون تقديره خلق الانسان من عجل، وجاز
هذا وإن كان الانسان جوهراً والعجلة عرضاً، والجوهر لا يكون من العرض
لكثرة فعله، إلى آخر ما هنا) الأَحسن أَن يكون تقديره خُلِقَ الإِنسان من
عَجَلٍ لكثرة فعله إِياه واعتياده له، وهذا أَقوى معنىً من أَن يكون أَراد
خُلِقَ العَجَل من الإِنسان لأَنه أَمرٌ قد اطّرَد واتَّسَع، وحَمْلُه على
القَلْب يَبْعُد في الصنعة ويُصَغِّر المعنى، وكأَن هذا الموضع لمَّا
خَفِيَ على بعضهم قال: إِن العَجَل ههنا الطِّين، قال: ولعمري إِنه في
اللغة لكَما ذَكَر، غير أَنه في هذا الموضع لا يراد به إِلاَّ نفس العَجَلة
والسرعة، أَلا تراه عَزَّ اسْمُه كيف قال عَقيبة: سأُرِيكم آياتي فلا
تسْتَعْجِلونِ؟ فنظيره قوله تعالى: وكان الإِنسان عَجُولاً وخُلِق الإِنسان
ضعيفاً؛ لأَن العَجَل ضَرْبٌ من الضعف لِمَا يؤذن به من الضرورة والحاجة،
فهذا وجه القول فيه، وقيل: العَجَل ههنا الطين والحَمْأَة، وهو العَجَلة
أَيضاً؛ قال الشاعر:
والنَّبْعُ في الصَّخْرة الصَّمَّاءِ مَنْبِتُه،
والنَّخْلُ يَنْبُتُ بينَ الماءِ والعَجَل
قال الأَزهري: وليس عندي في هذا حكاية عمن يُرْجَع إِليه في علم اللغة.
وتعَجَّلْتُ من الكِراءِ كذا وكذا، وعجَّلْت له من الثَّمن كذا أَي
قَدَّمْت.
والمَعَاجِيلُ: مُخْتَصَرات الطُّرُق، يقال: خُذْ مَعاجِيلَ الطَّرِيق
فإِنها أَقرب. وفي النوادر: أَخْذْتُ مُسْتَعْجِلة
(* قوله «أخذت مستعجلة
إلخ» ضبط في التكملة والتهذيب بكسر الجيم، وفي القاموس بالفتح) من الطريق
وهذه مُسْتَعْجِلاتُ الطريق وهذه خُدْعة من الطريق ومَخْدَع، ونَفَذٌ
ونَسَمٌ ونَبَقٌ وأَنْباقٌ، كلُّه بمعنى القُرْبة والخُصْرة. ومن أَمثال
العرب: لقد عَجِلَت بأَيِّمِك العَجول أَي عَجِل بها الزواجُ.
والعَجَلة: كارَةُ الثَّوب، والجمع عِجَالٌ وأَعْجالٌ، على طرح الزائد.
والعَجَلة: الدَّوْلاب، وقيل المَحَالة، وقيل الخَشَبة المُعْترِضة على
النَّعَامَتين، والجمع عَجَلٌ. والغَرْبُ مُعَلَّق بالعَجَلة.
والعِجْلة: الإِداوة الصغيرة. والعِجْلة: المَزَادة، وقيل قِرْبة الماء،
والجمع عِجَلٌ مثل قِرْبة وقِرَب؛ قال الأَعشى:
والساحباتِ ذُيُولَ الخَزِّ آوِنةً،
والرَّافِلاتِ عى أَعْجازِها العِجَلُ
قال ثعلب: شَبَّه أَعْجازَهُنَّ بالعِجَل المملوءة، وعِجَال أَيضاً.
والعِجْلة: السِّقَاء أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً:
قَانَى له في الصَّيْف ظِلٌّ بارِدٌ،
ونَصِيُّ ناعِجَةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
حتى إِذا نَبَحَ الظِّباءُ بَدَا له
عَجِلٌ، كأَحْمِرة الصَّريمة، أَرْبَعُ
قَانَى له أَي دَامَ له. وقوله نَبَحَ الظِّباء، لأَن الظَّبْيَ إِذا
أَسَنَّ وبدت في قَرْنِه عُقَدٌ وحُيُودٌ نَبَح عند طلوع الفجر كما يَنْبَح
الكلب؛ أَورد ابن بري:
ويَنْبَحُ بين الشِّعْب نَبْحاً، تَخالُه
نُباحَ الكِلابِ أَبْصَرَتْ ما يَرِيبُها
وقوله كأَحْمِرة الصَّرِيمة يعني الصُّخُور المُلْس لأَن الصخرة
المُلَمْلَمة يقال لها أَتانٌ، فإِذا كانت في الماء الضَّحْضاح فهي أَتانُ
الضَّحْل، فلَمّا لم يمكنه أَن يقول كأُتُنِ الصَّرِيمة وضَع الأَحْمِرة
مَوْضِعَها إِذ كان معناهما واحداً، فهو يقول: هذا الفرس كريم على صاحبه فهو
يسقيه اللبن، وقد أَعَدَّ له أَربعَ أَسْقِية مملوءَة لَبناً كالصُّخُور
المُلْس في اكتنازها تُقَدَّم إِليه في أَول الصبح، وتجمع على عِجَالٍ
أَيضاً مثل رِهْمة ورِهامٍ وذِهْبةٍ وذِهاب؛ قال الطِّرمّاح:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ بطَبْخِها،
على أَن مكتوبَ العِجال وَكِيع
(* قوله «تنشف إلخ» تقدم في ترجمة وكع، وقال ابن بري صوابه:
تنشف أوشال النطاف ودونها * كلى عجل مكتوبهن وكيع)
والعَجَلة، بالتحريك: التي يَجُرُّها الثور، والجمع عَجَلٌ وأَعْجالٌ.
والعَجَلة: المَنْجَنُون يُسْقَى عليه، والجمع عَجَلٌ.
والعِجْلُ: وَلدُ البقرة، والجمع عِجَلة، وهو العِجَّوْل والأُنثى
عِجْلة وعِجَّوْلة. وبقرة مُعْجِل: ذات عِجْلٍ؛ قال أَبو خيرة: هو عِجْلٌ حين
تضَعُه أُمُّه إِلى شهر، ثم بَرْغَزٌ وبُرْغُزٌ نحواً من شهرين ونصف، ثم
هو الفَرْقَد، والجمع العَجَاجيلُ. وقال ابن بري: يقال ثلاثة أَعْجِلة
وهي الأَعْجال. والعِجْلة: ضَرْب من النَّبْت، وقيل: هي بَقْلة تستطيل مع
الأَرض؛ قال:
عليك سرْداحاً من السِّرْداحِ،
ذا عِجْلة وذا نَصِيٍّ ضاحي
وقيل: هي شجر ذات وَرَق وكعُوب وقُضُب ليِّنة مستطيلة، لها ثمرَة مثل
رِجْلِ الدَّجاجة مُتقَبِّضة، فإِذا يَبِسَتْ تفَتَّحت وليس لها زَهْرة،
وقيل: العِجْلة شجرة ذات قُضُب ووَرَقٍ كوَرَقِ الثُّدّاء. والعَجْلاء،
ممدود: موضع، وكذلك عَجْلان؛ أَنشد ثعلب:
فهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوَى، بين عالِجٍ
وعَجْلانَ، تَصْرِيف الأَدِيبِ المُذَلَّل
وبنو عِجْل: حَيٌّ، وكذلك بنو العَجْلان. وعِجْلٌ: قبيلة من رَبيعة وهو
عِجْل بن لُجَيم بن صَعْب بن عليّ بن بكْر بن وائل؛ وقوله:
عَلَّمَنا أَخْوالُنا بَنُو عِجِلْ
شُرْبَ النَّبيذ، واعْتِقالاً بالرِّجِلْ
إِنما حَرَّك الجيم فيهما ضرورة لأَنه يجوز تحريك الساكن في القافية
بحركة ما قبله كا قال عبد مناف بن رِبْع الهُذَلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامَنا مَعَهُ،
ضَرْباً أَلِيماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
وعَجْلَى: اسمُ ناقةٍ؛ قال:
أَقولُ لِنَاقَتي عَجْلَى، وحَنَّتْ
إِلى الوَقَبَى ونحن على الثِّمادِ:
أَتاحَ اللهُ يا عَجْلَى بلاداً،
هَواكِ بها مُرِبّاتِ العِهَاد
أَراد لِبلادٍ؛ فحذف وأَوْصَل. وعَجْلى: فرس دُرَيد ابن الصِّمَّة.
وعَجْلى أَيضاً: فرس ثَعْلبة بن أُمِّ حَزْنة. وأُمُّ عَجْلان: طائر.
وعَجْلان: اسم رَجُل.
وفي الحديث حديث عبد الله بن أُنَيْس: فأَسْنَدُوا إِليه في عَجَلة من
نَخْل؛ قال القتيبي: العَجَلة دَرَجة من النَّخل نحو النَّقِير، أَراد أَن
النَّقِير سُوِّيَ عَجَلة يُتَوَصَّل بها إِلى الموضع؛ قال ابن الأَثير:
هو أَن يُنْقَر الجِذْع ويُجْعل فيه شِبْه الدَّرَج لِيُصْعَدَ فيه إِلى
الغُرَف وغيرها، وأَصله الخشبة المُعْترِضة على البئر.
أجل: الأَجَلُ: غايةُ الوقت في الموت وحُلول الدَّين ونحوِه. والأَجَلُ:
مُدَّةُ الشيء. وفي التنزيل العزيز: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ
الكتاب أَجله؛ أَي حتى تقضي عدّتها. وقوله تعالى: ولولا كلمة سبقت من ربك
لكان لِزاماً وأَجلٌ مسمّى؛ أَي لكان القتل الذي نالهم لازماً لهم أَبداً
وكان العذاب دائماً بهم، ويعني بالأَجل المسمى القيامة لأَن الله تعالى
وعدهم بالعذاب ليوم القيامة، وذلك قوله تعالى: بل الساعة موعدهم، والجمع
آجال. والتأْجيل: تحديد الأَجَلِ. وفي التنزيل: كتاباً مؤجلاً. وأَجِلَ
الشيءُ يأْجَل، فهو آجِل وأَجيل: تأَخر، وهو نقيض الــعاجل. والأَجِيل:
المُؤَجَّل إِلى وقت؛ وأَنشد:
وغايَةُ الأَجِيلِ مَهْواةُ الرَّدَى
والآجلة: الآخرة، والــعاجلــة: الدنيا، والآجل والآجلة: ضد الــعاجل
والــعاجلــة. وفي حديث قراءة القرآن؛ يَتَعَجَّلونه ولا يتأَجَّلونه. وفي حديث آخر:
يتعجَّله ولا يتأَجَّله؛ التأَجُّل تَفَعُّلٌ من الأَجَل، وهو الوقت
المضروب المحدود في المستقبل أَي أَنهم يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه.
وفي حديث مكحول: كنا بالساحل مرابطين فَتَأَجَّل مُتَأَجِّل منا أَي
استأْذن في الرجوع إِلى أَهله وطلب أَن يضرب له في ذلك أَجل، واسْتأْجَلْتُه
فأَجَّلَني إِلى مدّة.
والإِجْلُ، بالكسر: القطيع من بقر الوحش، والجمع آجال. وفي حديث زياد:
في يوم مَطير تَرْمَضُ فيه الآجال؛ هي جمع إِجْل، بكسر الهمزة وسكون
الجيم، وهو القطيع من بقر الوحش والظباء، وتأَجَّلَت البهائم أَي صارت آجالاً؛
قال لبيد:
والعِينُ ساكنةٌ، على أَطْلائِها،
عُوذاً، تأَجَّلُ بالفَضاءِ بِهامها
وتأَجل الصُّوارُ: صار إِجْلاً.
والإِجَّلُ: لغة في الإِيَّل وهو الذكر من الأَوعال، ويقال: هو الذي
يسمى بالفارسية كوزن، والجيم بدل من الياء كقولهم في بَرْنِيٍّ بَرْنِجّ؛
قال أَبو عمرو ابن العلاء: بعض الأَعراب يجعل الياء المشدَّدة جيماً وإِن
كانت أَيضاً غير طرف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لأَبي النجم:
كأَنَّ في أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ،
مِنْ عَبَسِ الصَّيْفِ، قُرونَ الإِجَّلِ
قال: يريد الإِيَّل، ويروى قرون الإِيَّل، وهو الأَصل.
وتَأَجَّلوا على الشيء: تَجَمَّعوا.
والإِجْل: وَجَع في العُنُق، وقد أَجَلَه منه يأْجِلُه؛ عن الفارسي،
وأَجَّله وآجله عن غيره، كل ذلك: داواه فأَجَلَه، كحَمأَ البئرَ نزعَ
حَمْأَتها، وأَجَّلَه كقَذَّى العَينَ نزع قَذاها، وآجله كــعاجلــه، وقد أَجِلَ
الرجلُ، بالكسر، أَي نام على عنقه فاشتكاها. والتأْجيل: المداواة، منه.
وحكي عن ابن الجَرَّاح: بي إِجْل فأَجِّلوني أَي داووني منه كما يقال
طَنَّيْته من الطَّنى ومَرَّضْتُه. ابن الأَعرابي: هو الإِجْل والإِدْل وهو
وجَع العنق من تَعادِي الوِساد؛ الأَصمعي: هو البَدَل أَيضاً . وفي حديث
المناجاة: أَجْلَ أَن يُحْزِنَه أَي من أَجله ولأَجله، والكل لغات وتفتح
همزتها وتكسر؛ ومنه الحديث: أَن تقتل ولدك أَجْلَ أَن يأْكل معك. والأَجْلُ:
الضيق. وأَجَلُوا مالَهم: حبسوه عن المَرعى.
وأَجَلْ، بفتحتين: بمعنى نَعَمْ، وقولهم أَجَلْ إِنما هو جواب مثل
نعَمْ؛ قال الأَخفش: إِلا أَنه أَحسن من نعم في التصديق، ونعم أَحسن منه في
الاستفهام، فإِذا قال أَنت سوف تذهب قلت أَجَلْ، وكان أَحسن من نَعَمْ،
وإذا قال أَتذهب قلت نعَم، وكان أَحسن من أَجَلْ. وأَجل: تصديق لخبر يخبرك
به صاحبك فيقول فعل ذلك فتصدقه بقولك له أَجَلْ، وأَما نعَمْ فهو جواب
المستفهم بكلام لا جَحْد فيه، تقول له: هل صليت؟ فيقول: نَعَمْ، فهو جواب
المستفهم.
والمَأْجَلُ، بفتح الجيم: مُسْتنقَع الماء، والجمع المآجل. ابن سيده:
والمأْجَل شبه حوض واسع يُؤَجَّل أَي يجمع فيه الماء إِذا كان قليلاً ثم
ويُفَجَّر إلى المَشارات والمَزْرَعة والآبار، وهو بالفارسية طرحه.
وأَجَّله فيه: جمعه، وتأَجَّلَ فيه: تَجَمَّع. والأَجِيل: الشَّرَبَةُ وهو الطين
يُجْمع حول النخلة؛ أَزْديَّة، وقيل: المآجل الجِبَأَةُ التي تجتمع فيها
مياه الأَمطار من الدور؛ قال أَبو منصور: وبعضهم لا يهمز المأْجل ويكسر
الجيم فيقول الماجِل ويجعله من المَجْل، وهو الماء يجتمع من النَّفْطة
تمتليء ماءً من عَمَل أَو حَرَق. وقد تَأَجَّلَ الماء، فهو مُتَأَجِّل:
يعني اسْتَنْقَع في موضع. وماء أَجيل أَي مجتمع. وفعلت ذلك من أَجْلك
وإِجْلِك، بفتح الهمزة وكسرها، وفي التنزيل العزيز: من أَجل ذلك كتبنا على بني
إِسرائيل، الأَلف مقطوعة، أَي من جَرَّا ذلك؛ قال: وربما حذفت العرب مِنْ
فقالت فعلت ذلك أَجْلَ كذا، قال اللحياني: وقد قرئ من إِجْل ذلك،
وقراءة العامة من أَجل ذلك، وكذلك فعلته من أَجْلاك وإِجْلاك أَي من جَرَّاك،
ويُعَدَّى بغير مِنْ؛ قال عديّ ابن زيد:
أَجْلَ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكُمْ،
فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزار
وقد روي هذا البيت: إِجْلَ أَن الله قد فضلكم. قال الأَزهري: والأَصل في
قولهم فعلتُه من أَجلك أَجَلَ عليهم أَجْلاً أَي جَنى عليهم وجَرَّ.
والتأْجُّل: الإِقبال والإِدبار، قال:
عَهْدي به قد كُسْيَ ثُمَّتَ لم يَزَلْ،
بدار يَزيدَ، طاعِماً يَتَأَجَّلُ
(* قوله «عهدي، البيت» هو من الطويل دخله الخرم وسكنت سين كسي للوزن)
والأَجْل: مصدر. وأَجَل عليهم شَرّاً يأْجُله ويأْجِله أَجْلاً: جَناه
وهَيَّجه؛ قال خَوَّات بن جُبَير:
وأَهلِ خباءٍ صالحٍ كُنتُ بينهم،
قد احْتَرَبوا في عاجل أَنا آجله
(* قوله «كنت بينهم» الذي في الصحاح: ذات بينهم)
أَي أَنا جانيه. قال ابن بري: قال أَبو عبيدة هو للخِنَّوْتِ؛ قال: وقد
وجدته أَنا في شعر زهير في القصيد التي أَولها:
صَحا القلبُ عن لَيْلى وأَقْصَرَ باطلُه
قال: وليس في رواية الأَصمعي؛ وقوله وأَهل مخفوض بواو رب؛ عن ابن
السيرافي؛ قال: وكذلك وجدته في شعر زهير؛ قال: ومثله قول تَوْبة بن مُضَرِّس
العَبْسي:
فإِن تَكُ أُمُّ ابْنَيْ زُمَيْلَةَ أُثْكِلَتْ،
فَيا رُبَّ أُخْرَى قد أَجَلْتُ لها ثُكْلا
أَي جَلَبْت لها تُكْلاً وهَيَّجْته؛ قال: ومثله أَيضاً لتوبة:
وأَهلِ خِباءٍ آمِنِينَ فَجَعْتُهم
بشَيْء عَزيرٍ عاجلٍ، أَنا آجلُه
وأَقْبَلْتُ أَسْعى أَسأَل القَوْمَ ما لَهم،
سُؤَالَك بالشيء الذي أَنت جاهلُه
قال: وقال أُطَيْط:
وهَمٍّ تَعَنَّاني، وأَنت أَجَلْتَه،
فعَنَّى النَّدَامَى والغَرِيرِيَّةَ الصُّهْبا
أَبو زيد: أَجَلْتُ عليهم آجُلُ وآجِلُ أَجْلاً أَي جَرَرْت جَريرة. قال
أَبو عمرو: يقال جَلَبْت عليهم وجَرَرْت وأَجَلْت بمعنى واحد أَي
جَنَيت. وأَجَل لأَهله يأْجُلُ ويأْجِلُ: كَسَب وجمَع واحتال؛ هذه عن
اللحياني.وأَجَلى، على فَعَلى: موضع وهو مَرْعًى لهم معروف؛ قال الشاعر:
حَلَّتْ سُلَيْمى ساحةَ القَلِيب
بأَجَلى، مَحَلَّةَ الغَرِيب
(* قوله «ساحة القليب» كذا بالأصل، وفي الصحاح: جانب الجريب).
نذر: النَّذْرُ: النَّحْبُ، وهو ما يَنْذِرُه الإِنسان فيجعله على نفسه
نَحْباً واجباً، وجمعه نُذُور، والشافعي سَمَّى في كتاب جِراحِ العَمْد
ما يجب في الجِراحات من الدِّيات نَذْراً، قال: ولغة أَهل الحجاز كذلك،
وأَهل العراق يسمونه الأَرْش. وقال أَبو نَهْشَل: النَّذْرُ لا يكون إِلا
في الجِراح صِغارها وكِبارها وهي مَعاقِل تلك الجِراح. يقال: لي قِبَل
فلان نذْر إِذا كان جُرْحاً واحداً له عَقْل؛ وقال أَبو سعيد الضرير: إِنما
قيل له نَذْر لأَنه نُذِرَ فيه أَي أَوجب، من قولك نَذَرتُ على نفسي أَي
أَوجبْت. وفي حديث ابن المسيَّب: أَن عمر وعثمان، رضي الله عنهما، قَضَيا
في المِلْطاة بنصف نَذْرِ المُوضِحَة أَي بنصف ما يجب فيها من الأَرْش
والقِيمة؛ وقد نَذَرَ على نفسه لله كذا يَنْذِرُ ويَنْذُر نَذْراً
ونُذُوراً.
والنَّذِيرة: ما يُعطيه. والنَّذِيرة: الابن يجعله أَبواه قَيِّماً أَو
خادماً للكَنيسة أَو للمتعبَّد من ذكر وأُنثى، وجمعه النَّذَائر، وقد
نَذَرَه.
وفي التنزيل العزيز: إِني نَذَرْتُ لكَ ما في بطني مُحَرَّراً؛ قالته
امرأَة عِمران أُمُّ مريم. قال الأَخفش: تقول العرب نَذَرَ على نفسه
نَذْراً ونذَرتُ مالي فأنا أَنذِرُه نذْراً؛ رواه عن يونس عن العرب. وفي الحديث
ذِكْرُ النَّذْرِ مُكرّراً؛ تقول: نذَرْتُ أَنذِرُ وأَنذُر نذْراً إِذا
أَوجبتَ على نفسِك شيئاً تبرعاً من عبادة أَو صدقة أَو غيرِ ذلك. قال ابن
الأَثير: وقد تكرّر في أَحاديثه ذِكْرُ النهي عنه وهو تأْكيدٌ لأَمرِه
وتحذيرٌ عن التَّهاوُن به بعد إِيجابه؛ قال: ولو كان معناه الزَّجْرُ عنه
حتى لا يُفعلَ لكان في ذلك إِبطالُ حُكمِهِ وإِسقاطُ لُزُومِ الوَفاء به،
إِذْ كان بالنهي يصير معصية فلا يَلزمُ، وإِنما وجهُ الحديث أَنه قد
أَعلمهم أَن ذلك أَمرٌ لا يَجرُّ لهم في الــعاجل نفعاً ولا يَصرِف عنهم
ضَرًّا ولا يَرُدَ قضاء، فقال: لا تَنْذِرُوا على أَنكم تُدرِكون بالنَّذرِ
شيئاً لم يُقدِّرْه الله لكم أَو تَصرفون به عنكم ما جرى به القضاء عليكم،
فإِذا نذَرْتم ولم تعتقدوا هذا فاخرُجوا عنه بالوَفاء فإِن الذي
نذَرْتُمُوه لازم لكم.
ونَذِرَ بالشيء وبالعدوّ، بكسر الذال، نذْراً: عَلِمَهُ فحَذِرَه.
وأَنذَرَه بالأَمر
(* قوله «وأنذره بالامر إلخ» هكذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة
القاموس مع شرحه: وأَنذره بالأمر انذاراً ونذراً، بالفتح عن كراع
واللحياني ويضم وبضمتين، ونذيراً) إِنْذاراً ونُذْراً؛ عن كراع واللحياني:
أَعلَمَهُ، والصحيح أَن النُّذْر الاسم والإِنذار المصدرُ. وأَنذَره أَيضاً:
خوّفه وحذَّره. وفي التنزيل العزيز: وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ؛
وكذلك حكى الزجاجي: أَنذَرْتهُ إِنذاراً ونذِيراً، والجيِّد أَن الإِنذار
المصدر، والنذِير الاسم.
وفي التنزيل العزيز: فستعلمون كيف نَذِير. وقوله تعالى: فكيف كان
نَذِيرِ؛معناه فكيف كان إِنذاري. والنذِير: اسمُ الإِنذار. وقوله تعالى:
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنُّذُرِ؛ قال الزجاج: النُّذُر جمع نَذِير. وقوله عز وجل:
عُذْراً أَو نُذْراً؛ قرئت: عُذُراً أَو نُذُراً، قال: معناهما المصدر
وانتصابُهما على المفعول له، المعنى فالمُلْقِيات ذكراً للإِعذارِ أَو
الإِنذار. ويقال: أَنذَرْتُه إِنذاراً. والنُّذُر: جمع النذِير، وهو الاسم
من الإِنذار. والنذِيرة: الإِنذار. والنذِيرُ: الإِنذار. والنذِير:
المُنْذِر، والجمع نُذُرٌ، وكذلك النذِيرة؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
وإِذا تُحُومِيَ جانبٌ يَرْعَوْنَه،
وإِذا تَجيء نَذِيرة لم يَهْربوا
وقال أَبو حنيفة: النذيرُ صَوْت القَوْس لأَنه يُنْذِر الرَّمِيَّة؛
وأَنشد لأَوس بن حجر:
وصَفْراء من نَبْعٍ كأَن نذِيرَها،
إِذا لم تُخفِّضه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
وتَناذَر القوم: أَنذر بعضُهم بعضاً، والاسم النُّذْر. الجوهري. تَناذرَ
القومُ كذا أَي خَوّف بعضُهم بعضاً؛ وقال النابغة الذُّبياني يصف حَيَّة
وقيل يصف أَن النعمان توعَّده فبات كأَنه لديغ يَتململ على فِراشه:
فبِتُّ كأَني ساوَرَتْني ضَئِيلَةٌ
من الرُّقْشِ، في أَنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
تَناذَرَها الرَّاقُون من سُوء سَمِّها،
تُطَلّقُه طَوْراً، وطَوْراً تُراجِعُ
ونَذِيرة الجيش: طَلِيعَتُهم الذي يُنْذِرُهم أَمرَ عَدُوّهم أَي
يُعلمهم؛ وأَما قول ابن أَحمر:
كَم دون لَيْلى من تَنُوفِيَّةٍ
لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فيها النُّذُرْ
فيقال: إِنه جمع نَذْر مثل رَهْن ورُهُن. ويقال: إِنه جمع نَذِير بمعنى
مَنْذُور مثل قَتيل وجَديد. والإِنذارُ: الإِبلاغ، ولا يكون إِلا في
التخويف، والاسم النُّذُر. ومنه قوله تعالى: فكيف كان عذابي ونُذُرِ أَي
إِنذاري. والنَّذِير: المُحذِّر، فعيل بمعنى مُفْعِل، والجمع نُذُر. وقوله عز
وجل: وجاءكُمُ النَّذِيرُ؛ قال ثعلب: هو الرسول، وقال أَهل التفسير:
يعني النبي، صلى الله عليه وسلم، كما قال عز وجل: إِنا أَرسَلْناك شاهِداً
ومُبَشِّراً ونَذِيراً. وقال بعضهم: النَّذِير ههنا الشَّيْب، قال
الأَزهري: والأَوّل أَشبَه وأَوضح. قال أَبو منصور: والنذِيرُ يكون بمعنى
المُنْذِر وكان الأَصلَ وفعلُه الثُّلاثيُّ أُمِيتَ، ومثله السميعُ بمعنى
المُسمِعِ والبديعُ بمعنى المُبدِعِ. قال ابن عباس: لما أَنزل الله تعالى:
وأَنْذِرْ عَشِيرتَكَ الأَقْرَبِين، أَتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
الصَّفا فصعَّد عليه ثم نادى: يا صباحاه فاجتمع إِليه الناسُ بين رجُل
يَجيء ورجُل يَبعثُ رسوله، قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يا بني
عبدِ المطَّلِب، يا بني فلان، لو أَخبرْتُكم أَن خَيْلاً ستَفْتَحُ هذا
الجبَلَ
(* قوله« ستفتح هذا الجبل» هكذا بالأصل؛ والذي في تفسير الخطيب
والكشاف بسفح هذا الجبل) تُريدُ أَن تُغِيرَ عليكم صدّقتُموني؟ قالوا:
نعم. قال: فإِني نَذِيرٌ لكم بين يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، فقال أَبو لَهَب:
تَبًّا لكم سائرَ القَومِ أَما آذنْتُمونا إِلا لهذا؟ فأَنزل الله تعالى:
تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. ويقال: أَنذَرْتُ القومَ سَيْرَ العدُوّ
إِليهم فنَذِروا أَي أَعلمتُهم ذلك فعَلِموا وتحرّزوا.
والتَّناذُر: أَن يُنْذِر القومُ بعضُهم بعضاً شرًّا مَخُوفاً؛ قال
النابغة:
تَناذَرَها الرَّاقُون من شرِّ سَمِّها
يعني حيَّة إِذا لَدَغَتْ قتلت.
ومن أَمثال العرب: قد أَعذَرَ من أَنذَر أَي من أَعلَمك أَنه يُعاقِبُك
على المكروهِ منك فيما يَستقبِله ثم أَتيتَ المكروه فعاقَبَك فقد جَعَل
لنفسه عُذْراً يكُفُّ به لائِمَةَ الناس عنه. والعرب تقول: عُذْراك لا
نُذراك أَي أَعْذِر ولا تُنْذِر.
والنَّذِيرُ العُرْيانُ: رجُل من خَثْعَمَ حَمَلَ عليه يومَ ذِي
الخَلَصَةِ عَوْفُ بنُ عامر فقطَع يَده ويَدَ امرأَتِه؛ وحكى ابن بَرّي في
أَماليه عن أَبي القاسم الزجاجي في أَماليه عن ابن دريد قال: سأَلت أَبا حاتم
عن قولهم أَنا النَّذِيرُ العُرْيان، فقال: سمعت أَبا عُبيدة يقول: هو
الزبير بن عمرو الخثْعَمي، وكان ناكِحاً في بني زُبَيْد، فأَرادت بنو زبيد
أَن يُغِيروا على خَثْعَمَ فخافوا أَن يُنْذِر قومَه فأَلقَوْا عليه
بَراذِعَ وأَهْداماً واحتَفَظوا به فصادف غِرّة فحاضَرَهم وكان لا يُجارَى
شَدًّا، فأَتى قومَه فقال:
أَنا المُنْذِرُ العُرْيان يَنْبِذ ثَوبَه،
إِذا الصَّدْقُ لا يَنْبِذْ لَكَ الثَّوبَ كاذِبُ
الأَزهري: من أَمثال العرب في الإِنذار: أَنا النَّذِيرُ العُرْيان؛ قال
أَبو طالب: إِنما قالوا أَنا النذِيرُ العريان لأنّ الرجُل إِذا رأَى
الغارة قد فَجِئَتْهُم وأَراد إِنذار قومه تجرّد من ثيابه وأَشار بها
ليُعلم أَن قد فَجِئَتْهُم الغارة، ثم صار مثلاً لكل شيء تخاف مُفاجأَته؛ ومنه
قول خُفاف يصف فرساً:
ثَمِلٌ إِذا صَفَرَ اللِّجامُ كأَنه
رجُل، يُلوِّحُ باليدَيْن، سَلِيبُ
وفي الحديث: كان إِذا خَطَب احْمرَّت عيناه وعلا صَوْتُه واشتدّ غضبُه
كأَنه مُنذِر جَيش يقول صَبَّحَكُم ومَسَّاكم؛ المُنْذِر: المعلِم الذي
يُعْرّف القومَ بما يكون قد دهَمَهم من عَدُوّ أَو غيره، وهو المخوِّف
أَيضاً، وأَصل الإِنذار الإِعلام. يقال: أَنذَرْته أُنْذِرُه إِنْذاراً إِذا
أَعلمته،فأَنا مُنْذِر ونَذير أَي مُعْلِم ومُخوِّف ومُحذِّر. ونَذِرْت
به إِذا عَلِمْت؛ ومنه الحديث: انذَرِ القوم أَي احْذَرْ منهم واستعِدّ
لهم وكُنْ منهم على عِلم وحَذَرٍ.
ومُنذِر ومُناذِر: اسْمان. وبات بليلة ابن المُنذِر يعني النعمان، أَي
بليلة شديدة؛ قال ابن أَحمر:
وبات بنو أُمّي بِليلِ ابنِ مُنذِر،
وأَبناءُ أَعمامي عذُوباً صَوادِيا
عذُوب: وُقُوف لا ماء لهم ولا طعام. ومُناذِر ومحمد بن مَناذِر، بفتح
الميم: اسم، وهُمُ المَناذِرة يريد آل المُنذِر أَو جماعةَ الحيّ مثل
المَهالِبة والمَسامِعة؛ قال الجوهري: ابن مناذِر شاعر، فمن فتح الميم منه لم
يصرفه، ويقول إِنه جمع مُنذِر لأَنه محمد بن مُنذِر بن مُنذِر بن مُنذِر،
ومن ضمها صرَفه.
عهن: العِهْنُ: الصُّوفُ المَصْبُوغُ أَلواناً؛ ومنه قوله تعالى:
كالعِهْنِ المَنْفُوش. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنها فتَلَتْ قلائدَ
هَدْيِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من عِهْنٍ؛ قالوا: العِهْنُ
الصُّوفُ المُلَوَّنُ، وقيل: العِهْنُ الصوف المصبوغ أَيَّ لَوْنٍ كان، وقيل:
كلُّ صُوفٍ عِهْنٌ، والقِطْعةُ منه عِهْنةٌ، والجمع عُهُونٌ؛ وأَنشد أَبو
عبيد:
فاضَ منه مِثْلُ العُهونِ من الرَّوْ
ضِ، وما ضَنّ بالإِخاذِ غُدُرْ.
ابن الأَعرابي: فلان عاهِنٌ أَي مُسْترخٍ كَسْلان؛ قال أَبو العباس:
أَصلُ العاهِن أَن يَتَقَصَّفَ القضيبُ من الشجرة ولا يَبينَ فيبقى
متعلقاً مسترخياً. والعُهْنة: انكسارٌ في القضيب من غير بَيْنونة، إذا نظرتَ
إليه حسبته صحيحاً، فإذا هززته انثنى، وقد عَهَن. والعاهِنُ: الفقير
لانكساره. وعَهَن الشيءُ: دام وثبت. وعَهَن أَيضاً: حَضَرَ. ومالٌ عاهِن: حاضر
ثابت، وكذلك نَقْدٌ عاهِنٌ. وحكى اللحياني: إنه لَعاهِنُ المال أَي حاضر
النَّقْد؛ وقول كثير:
ديارُ ابنةِ الضَّمْريِّ إذ حَبْلُ وَصْلِها
مَتِينٌ، وإِذ مَعْرُوفُها لك عاهِنُ.
يكون الحاضر والثابت؛ قال ابن بري: ومثله لتأَْبط شرّاً:
أَلا تِلْكُمو عِرْسي مُنَيْعةُ ضُمّنتْ،
من الله، أَيْماً مُسْتَسِرّاً وعاهِنا.
أَي مقيماً حاضراً. والعاهِنُ: الطعام الحاضر والشراب الحاضر. والعاهنُ:
الحاضر المقيم الثابت. ويقال: إِنه لَعِهْنُ مالٍ إذا كان حسن القيام
عليه. وعَهَن بالمكان: أَقام به. وأَعطاه من عاهِنِ ماله وآهِنه مُبْدَلٌ
أَي من تِلاده. ويقال: خُذْ من عاهِنِ المال وآهِنه أَي من عاجلــه وحاضره.
والعَواهِنُ: جرائد النخل إذا يَبستْ، وقد عَهَنتْ تَعْهِنُ وتَعْهُنُ،
بالضم، عُهوناً؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: العَواهِنُ السَّعَفاتُ اللواتي
يَلِينَ القِلَبَة، في لغة أَهل الحجاز، وهي التي يسميها أَهل نجد الخَوافي،
ومنه سميت جوارحُ الإِنسان عَواهِنَ؛ ومنه حديث عمر: ائتني بجريدة
واتَّقِ العَواهِنَ؛ قال ابن الأَثير: هي جمع عاهِنةٍ وهي السَّعفات التي
يَلِينَ قُلْبَ النخلة، وإنما نهى عنها إِشفاقاً على قُلْب النخلة أَن
يَضُرَّ به قطعُ ما قرُبَ منها. وقال اللحياني: العَواهِن السَّعَفات اللواتي
دون القِلَبة، مَدَنيَّةٌ، والواحد من كل ذلك عاهِنٌ وعاهِنة. ابن
الأَعرابي: العِهان والإِهان والعُرْهونُ والعُرْجونُ والفِتاقُ والعَسَقُ
والطَّرِيدة واللَّعِينُ والضِّلَعُ والعُرْجُدُ واحد؛ قال الأَزهري: كله أَصل
الكِباسة. والعَواهِنُ: عروق في رحِمِ الناقة؛ قال ابنُ الرِّقاع:
أَوْكَتْ عليه مَضِيقاً من عَواهِنها،
كما تَضَمَّنَ كشْحُ الحُرَّة الحَبَلا.
عليه: يعني الجنين. قال ابن الأَعرابي: عَواهِنُها موضع رحمها من باطن
كعَواهِن النخل. وأَلْقى الكلام على عَواهِنه: لم يتدبره، وقيل: هو إذا لم
يُبَلْ أَصاب أَم أَخطأَ، وقيل: هو إذا تهاون به، وقيل: هو إذا قاله من
قبيحه وحسنه. وفي الحديث: إن السَّلَفَ كانوا يُرْسِلون الكلمة على
عَواهِنها أَي لا يَزُمُّونها ولا يَخطِمونها؛ قال ابن الأَثير: العَواهِنُ
أَن تأْخذ غيرَ الطريق في السير أَو الكلام، جمع عاهِنة، وقيل: هو من قولك
عَهِنَ له كذا أَي عجِلَ. وعَهِنَ الشيءُ إذا حَضَر أَي أَرسل الكلام على
ما حضَر منه وعَجِلَ من خطأٍ وصواب. ابن الأَعرابي: يقال إنه ليَحْدِسُ
الكلامَ على عَواهنه، وهو أَن يتعسَّف الكلامَ ولا يتأَنى. يقال: عَهَنتُ
على كذا وكذا أَعْهُنُ؛ المعنى أَي أُثَبِّي منه معرفة؛ ويقال: أُثبِّي
أُثْبِتُ من قول لبيد:
يُثَبِّي ثَناءً من كريمٍ.
وقوله:
أَلا انْعَمْ على حُسْنِ التَّحيَّة واشْرب.
وعَهَنَ منه خير يَعْهُنُ عُهوناً: خرج، وقيل: كل خارج عاهِنٌ.
والعِهْنة: بقلة؛ قال ابن بري: والعِهْنة من ذكور البَقْل. قال الأَزهري: ورأَيت
في البادية شجرة لها وردة حمراء يسمونها العِهْنة. وعُهَيْنة: قبيلة
دَرَجَتْ. وعاهِنٌ: واد معروف. وعاهانُ بن كعب: من شعرائهم، فيمن أَخذه من
العِهْن، ومن أَخذه من العاهة فبابه غير هذا الباب.
لحح: اللَّحَحُ في العين: صُلاقٌ يصيبها والتصاق؛ وقيل: هو التزاقُها من
وجع أَو رَمَص؛ وقيل: هو لزُوق أَجفانها لكثرة الدموع؛ وقد لَحِحَتْ
عينُه تَلْحَحُ لَحَحاً، بإِظهار التضعيف، وهو أَحد الأَحرف التي أُخرجت على
الأَصل من هذا الضرب منبهة على أَصلها ودليلاً على أَوّلية حالها
والإِدغام لغة؛ الأَزهري عن ابن السكيت قال: كل ما كان على فَعِلَتْ ساكنة
التاء من ذوات التضعيف، فهو مدغم، نحو صَمَّتِ المرأَةُ وأَشباهها إِلا
أَحرفاً جاءت نوادر في إِظهار التضعيف، وهي: لَحِحَتْ عينُه إِذا التصقت،
ومَشِشَت الدابة وصَكِكَت، وضَبِبَ البلدُ إِذا كثر ضَبابه، وأَلِلَ
السِّقاءُ إِذا تغيرت ريحه، وقَطِطَ شَعره.
ولَحَّتْ عينُه كَلَخَّتْ: كثرت دموعها وغَلُظَتْ أَجفانها. وهو ابن
عَمٍّ لَحٍّ، في النكرة بالكسر لأَنه نعت للعم؛ وابن عمي لَحّاً في المعرفة
أَي لازقُ النسب من ذلك، ونصب لَحًّا على الحال، لأَن ما قبله معرفة،
والواحد والاثنان والجمع والمؤَنث في هذا سواء بمنزلة الواحد. وقال
اللحياني: هما ابنا عَمٍّ لَحٍّ ولَحًّا، وهما ابنا خالة، ولا يقال: هما ابنا خال
لَحًّا، ولا ابنا عمة لَحًّا، لأَنهما مفترقان إِذ هما رجل وامرأَة،
وإِذا لم يكن ابن العم لَحًّا وكان رجلاً من العشيرة قلت: هو ابن عَمِّ
الكلالةِ، وابنُ عَمٍّ كلالةً. والإِلْحاحُ: مثل الإِلْحافِ.
أَبو سعيد: لَحَّت القرابةُ بين فلان وبين فلان إِذا صارت لَحّاً،
كَلَّتْ تَكِلُّ كلالةً إِذا تباعدت. ومكانٌ لَحِحٌ لاحٌّ: ضَيِّقٌ، وروي
بالخاء المعجمة. ووادٍ لاحٌّ: ضيق أَشِبٌ يَلْزَقُ بعضُ شجره ببعض. وفي حديث
ابن عباس في قصة إِسماعيل، عليه السلام، وأُمِّه هاجَرَ: وإِسكان
إِبراهيم إِياهما مكة والوادي يومئذ لاحٌّ أَي ضَيِّقٌ ملتف بالشجر والحجر أَي
كثير الشجر؛ قال الشماخ:
بخَوْصاوَيْنِ في لِحَحٍ كَنِين
أَي في موضع ضيق يعني مَقَرَّ عيني ناقته، ورواه شمر: والوادي يومئذ
لاخٌّ، بالخاء، وسيأْتي ذكره في موضعه.
وأَلَحَّ عليه بالمسأَلة وأَلَحَّ في الشيء: كثر سؤالُه إِياه كاللاصق
به.وقيل: أَلَحَّ على الشيء أَقبل عليه لا يَفْتُرُ عنه، وهو الإِلحاحُ،
وكله من اللُّزوق. ورجل مِلْحاحٌ: مُدِيمٌ للطلب. وأَلَحَّ الرجل على
غريمه في التقاضي إِذا وَظَبَ.
والمِلحاحُ من الرحال: الذي يَلْزَق بظهر البعير فَيَعَضُّه ويَعْقِره،
وكذلك هو من الأَقْتاب والسروج. وقد أَلَحَّ القَتَبُ على ظهر البعير
إِذا عقره؛ قال البَعِيثُ المُجاشِعِيُّ:
أَلَدُّ إِذا لاقيتُ قوماً بخُطَّةٍ،
أَلَحَّ على أَكْتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ
ورَحى مِلْحاحٌ على ما يَطْحَنُه. وأَلَحَّ السحابُ بالمطر: دام؛ قال
امرؤ القيس:
دِيارٌ لسَلْمى عافِياتٌ بذي خالِ،
أَلَحَّ عليها كلُّ أَسْحَمَ هَطَّالِ
وسحابٌ مِلْحاحٌ: دائم. وأَلح السحابُ بالمكان: أَقام به مثل أَلَثَّ،
وأَنشد بيت البعيث المجاشعي؛ قال ابن بري: وصف نفسه بالحِذْق في المخاصمة
وأَنه إِذا عَلِقَ بخَصْمٍ لم ينفصل منه حتى يؤثر كما يؤثر القتب في ظهر
الدابة.
وأَلَحَّت المَطِيُّ: كَلَّتْ فأَبطأَت. وكلُّ بطيء: مِلْحاحٌ. وجابة
مُلِحٌّ إِذا بَرَك ثَبَتَ ولم ينبعث. وأَلَحَّت الناقة وأَلَحَّ الجمل
إِذا لزما مكانهما فلم يَبْرَحا كما يَحْرُنُ الفرسُ؛ وأَنشد:
كما أَلَّحتْ على رُكْبانِها الخُورُ
الأَصمعي: حَرَنَ الجابةُ وأَلَحَّ الجملُ وخَلأَتِ الناقةُ.
والمُلِحُّ: الذي يقوم من الإِعياء فلا يبرح. وأَجاز غيرُ الأَصمعي:
وأَلحَّت الناقةُ إِذا خَلأَتْ؛ وأَنشد الفراء لامرأَة دعت على زوجها بعد
كبره:
تقولُ: وَرْياً، كُلَّما تَنَحْنَحا،
شَيْخاً، إِذا قَلَبْتَه تَلَحْلَحا
ولَحْلَح القومُ وتَلَحْلَحَ القوم: ثبتوا مكانهم فلم يبرحوا؛ قال ابن
مقبل:
بحَيٍّ إِذا قيل: اظْعَنُوا قد أُتِيتُمْ،
أَقامُوا على أَثقالهم، وتَلَحْلَحوا
يريد أَنهم شُجْعان لا يزولون عن موضعهم الذين هم فيه إِذا قيل لهم:
أُتيتم، ثقةً منهم بأَنفسهم.
وتَلَحْلَحَ عن المكان: كتزحزح، ويقول الأَعرابي إِذا سئل: ما فعل
القوم؟ يقول تَلَحْلَحُوا أَي ثَبَتُوا؛ ويقال: تَحَلْحَلُوا أَي تفرّقوا؛
قال: وقولها في الأُرجوزة تَلَحْلَحا، أَرادت تَحلْحَلا فقلبت، أَرادت أَن
أَعضاءه قد تفرّقت من الكبر. وفي الحديث: أَن ناقة رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، تَلَحْلَحَتْ عند بيت أَبي أَيوبَ ووضعت جِرانَها أَي أَقامت
وثبتت وأَصله من قولك أَلَحَّ يُلِحُّ.
وأَلَحَّت الناقة إِذا بَرَكَت فلم تَبْرح مكانها. وفي حديث الحديبية:
فركب ناقته فزَجَرها المسلمون فأَلَحَّت أَي لزمت مكانها، من أَلَحَّ على
الشيء إِذا لزمه وأَصَرَّ عليه. وأَما التَّحَلْحُلُ: فالتحرك والذهابُ.
وخُبْزةٌ لَحَّةُ ولَحْلَحةٌ ولَحْلَحٌ: يابسة؛ قال:
حتى اتَّقَتْنا بقُرَيْصٍ لَحْلَحِ،
ومَذْقَةٍ كقُرْبِ كَبْشٍ أَمْلَحِ
زكأ: زَكَأَه مائةَ سَوْطٍ زَكْأً: ضربَه. وزَكَأَه مَائةَ دِرهم زَكْأً: نَقَده. وقيل: زَكَأَه زَكْأً: عَجَّلَ نَقْدَه.
ومَلِيءٌ زُكَاءٌ وزُكَأَةٌ، مثل هُمَزةٍ وهُبَعةٍ: مُوسِرٌ كثير الدراهِم حاضِرُ النَّقْد عاجِلُــه. وإِنه لَزُكاءُ النَّقْدِ.
وزَكَأَتِ الناقةُ بوَلدها تَزْكَأُ زَكْأً: رَمَتْ به عند رِجْلَيْها.
وفي التهذيب: رَمَتْ به عند الطَّلْقِ. قال: والمصدر الزَّكْءُ، على
فَعْل، مهموز. ويقال: <ص:91> قَبَّحَ اللّهُ أُمًّا زَكَأَتْ به ولَكَأَتْ به أَي ولَدَته. ابن شميل: نَكَأْتُه حقَّه نَكْأً وزَكَأْته زَكْأً أَي قَضَيته. وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْته أَي أَخَذْتُه. ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه. وزَكَأَ اليه: اسْتَنَد. قال:
وكَيْفَ أَرْهَبُ أَمراً، أَو أُراعُ لَه، * وقد زَكَأْتُ إِلى بِشْرِ بْنِ مَرْوانِ
ونِعْمَ مَزْكَأُ مَن ضاقَتْ مَذاهِبُه؛ * ونِعْمَ مَنْ هُو في سِرٍّ وإِعْلانِ
بدر: بَدَرْتُ إِلى الشيء أَبْدُرُ بُدُوراً: أَسْرَعْتُ، وكذلك
بادَرْتُ إِليه. وتَبادَرَ القومُ: أَسرعوا. وابْتَدَروا السلاحَ: تَبادَرُوا
إِلى أَخذه. وبادَرَ الشيءَ مبادَرَةً وبِداراً وابْتَدَرَهُ وبَدَرَ غيرَه
إِليه يَبْدُرُه: عاجَلَــهُ؛ وقول أَبي المُثَلَّمِ:
فَيَبْدُرُها شَرائِعَها فَيَرْمي
مَقاتِلَها، فَيَسْقِيها الزُّؤَامَا
أَراد إِلى شرائعها فحذف وأَوصل. وبادَرَهُ إِليه: كَبَدَرَهُ.
وبَدَرَني الأَمرُ وبَدَرَ إِليَّ: عَجِلَ إِليَّ واستبق. واسْتَبَقْنا البَدَرَى
أَي مُبادِرِينَ. وأَبْدَرَ الوصيُّ في مال اليتيم: بمعنى بادَرَ
وبَدَرَ. ويقال: ابْتَدَرَ القومُ أَمراً وتَبادَرُوهُ أَي بادَرَ بعضُهم بعضاً
إِليه أَيُّهُمْ يَسْبِقُ إِليه فَيَغْلِبُ عليه. وبادَرَ فلانٌ فلاناً
مُوَلِّياً ذاهباً في فراره. وفي حديث اعتزال النبي، صلى الله عليه وسلم،
نساءَه قال عُمَرُ:
فابْتَدَرَتْ عيناي؛ أَي سالتا بالدموع.
وناقةٌ بَدْرِيَّةٌ: بَدَرَتْ أُمُّها الإِبلَ في النِّتاج فجاءت بها في
أَول الزمان، فهو أَغزر لها وأَكرم.
والبادِرَةُ: الحِدَّةُ، وهو ما يَبْدُرُ من حِدَّةِ الرجل عند غضبه من
قول أَو فعل. وبادِرَةُ الشَّرِّ: ما يَبْدُرُكَ منه؛ يقال: أَخشى عليك
بادِرَتَهُ. وبَدَرَتْ منه بَوادِرُ غضَبٍ أَي خَطَأٌ وسَقَطاتٌ عندما
احْتَدَّ. والبادِرَةُ: البَدِيهةُ. والبادِرَةُ من الكلام: التي تَسْبِقُ
من الإِنسان في الغضب؛ ومنه قول النابغة:
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ، إِذا لم تَكُنْ له
بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وبادِرَةُ السيف: شَباتُه. وبادِرَةُ النَّبات: رأْسُه أَوَّل ما
يَنْفَطِرُ عنه. وبادِرَةُ الحِنَّاءِ: أَولُ ما يَبْدأُ منه. والبادِرَةُ:
أَجْوَدُ الوَرْس وأَحْدَثُه نباتاً.
وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ؛ وحَدْرَةٌ: مكْتَنِزَةٌ صُلْبَةٌ،
وبَدْرَةٌ: تَبْدُرُ بالنظر، وقيل: حَدْرَةٌ واسعةٌ وبَدْرَةٌ تامةٌ كالبَدْرِ؛
قال امرؤ القيس:
وعيْنٌ لها حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ،
شُقَّتْ مَآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وقيل: عين بَدْرَةٌ يَبْدُر نظرها نظرَ الخيل؛ عن ابن الأَعرابي، وقيل:
هي الحديدة النظر، وقيل: هي المدوّرة العظيمة، والصحيح في ذلك ما قاله
ابن الأَعرابي. والبَدْرُ: القَمَرُ إِذا امْتَلأَ، وإِنما سُمِّيَ بَدْراً
لأَنه يبادر بالغروب طلوعَ الشمس، وفي المحكم: لأَنه يبادر بطلوعه غروبَ
الشمس لأَنهما يَتراقَبانِ في الأُفُقِ صُبْحاً؛ وقال الجوهري: سمي
بَدْراً لِمُبادرته الشمس بالطُّلُوع كأَنَّه يُعَجِّلُها المَغِيبَ، وسمي
بدراً لتمامه، وسميت ليلةَ البَدْرِ لتمام قمرها. وقوله في الحديث عن جابر:
إِن النبي، صلى الله عليه وسلم، أُتيَ ببدر فيه خَضِراتٌ من البُقول؛
قال ابن وهب: يعني بالبَدْرِ الطبقَ، شبه بالبَدْرِ لاستدارته؛ قال
الأَزهري: وهو صحيح. قال: وأَحسبه سُمي بَدْراً لأَنه مدوَّر، وجمعُ البَدْر
بُدُورٌ.
وأَبْدَرَ القومُ: طلع لهم البَدْرُ؛ ونحن مُبْدِرُونَ. وأَبْدَرَ
الرجلُ إِذا سرى في ليلة البَدْرِ، وسمي بَدْراً لامتلائه. وليلةُ البَدْر:
ليلةُ أَربع عشرة. وبَدْرُ القومِ: سَيِّدُهم، على التشبيه بالبَدْرِ؛ قال
ابن أَحمر:
وَقَدْ نَضْرِبُ البَدْرَ اللَّجُوجَ بِكَفِّه
عَلَيْهِ، ونُعْطِي رَغْبَةَ المُتَودِّدِ
ويروى البَدْءَ. والبادِرُ: القمر. والبادِرَةُ: الكلمةُ العَوْراءُ.
والبادِرَةُ: الغَضْبَةُ السَّرِيعَةُ؛ يقال: احذروا بادِرَتَهُ.
والبَدْرُ: الغلامُ المبادِر. وغلامٌ بَدْرٌ: ممتلئ. وفي حديث جابر: كنا لا
نَبِيعُ الثَّمَرَ حتى يَبْدُرَ أَي يبلغ. يقال: بَدَرَ الغلامُ إِذا تم
واستدار، تشبيهاً بالبدر في تمامه وكماله، وقيل: إِذا احمرّ البُسْرُ يقال له:
قد أَبْدَرَ.
والبَدْرَةُ: جِلْدُ السَّخْلَة إِذا فُطِمَ، والجمع بُدورٌ وبِدَرٌ؛
قال الفارسي: ولا نظير لبَدْرَةٍ وبِدَر إِلا بَضْعَةٌ وبِضَعٌ وهَضْبَةٌ
وهِضَبٌ. الجوهري: والبَدْرَةُ مَسْكُ السَّخْلَةِ لأَنها ما دامت
تَرْضَعُ فَمَسْكُها لِلَّبَنِ شَكْوَةٌ، وللسَّمْنِ عُكَّةٌ، فإِذا فُطمت
فَمَسْكُها للبن بَدْرَةٌ، وللسَّمنِ مِسْأَدٌ، فإِذا أَجذعت فَمَسْكُها للبن
وَطْبٌ، وللسمن نِحْيٌ. والبَدْرَةُ: كيس فيه أَلف أَو عشرة آلاف، سميت
ببَدْرَةِ السَّخْلَةِ، والجمع البُدورُ، وثلاثُ بَدرات. أَبو زيد: يقال
لِمَسْك السخلة ما دامت تَرْضَعُ الشَّكْوَةُ، فإِذا فُطم فَمَسْكُهُ
البَدْرَةُ، فإِذا أَجذع فَمَسكه السِّقاءُ.
والبادِرَتانِ من الإِنسان: لَحْمتانِ فوق الرُّغَثاوَيْنِ وأَسفلَ
الثُّنْدُوَةِ، وقيل: هما جانبا الكِرْكِرَةِ، وقيل: هما عِرْقان
يَكْتَنِفانِها؛ قال الشاعر:
تَمْري بَوادِرَها منها فَوارِقُها
يعني فوارق الإِبل، وهي التي أَخذها المخاض ففَرِقتْ نادَّةً، فكلما
أَخذها وجع في بطنها مَرَتْ أَي ضربت بخفها بادرَةَ كِركِرَتِها وقد تفعل
ذلك عند العطش. والبادِرَةُ من الإِنسان وغيره: اللحمة التي بين المنكب
والعُنق، والجمعُ البَوادِرُ؛ قال خِراشَةُ بنُ عَمْرٍو العَبْسِيُّ:
هَلاَّ سأَلْتِ، ابنةَ العَبْسِيِّ: ما حَسَبي
عِنْدَ الطِّعانِ، إِذا ما غُصَّ بالرِّيقِ؟
وجاءَت الخيلُ مُحَمَّراً بَوادِرُها،
زُوراً، وَزَلَّتْ يَدُ الرَّامي عَنِ الفُوقِ
يقول: هلاَّ سأَلت عني وعن شجاعتي إِذا اشتدّت الحرب واحمرّت بوادر
الخيل من الدم الذي يسيل من فرسانها عليها، ولما يقع فيها من زلل الرامي عن
الفوق فلا يهتدي لوضعه في الوتر دَهَشاً وحَيْرَةً؛ وقوله زوراً يعني
مائلة أَي تميل لشدّة ما تلاقي. وفي الحديث: أَنه لما أُنزلت عليه سورة:
اقرأْ باسم ربك، جاء بها، صلى الله عليه وسلم، تُرْعَدُ بَوادِرُه، فقال:
زَمِّلُوني زَمِّلُوني قال الجوهري: في هذا الموضع البَوادِرُ من الإِنسان
اللحمة التي بين المنكب والعنق؛ قال ابن بري: وهذا القول ليس بصواب،
والصواب أَن يقول البوادر جمع بادرة: اللحمة التي بين المنكب والعنق.
والبَيْدَرُ: الأَنْدَرُ؛ وخص كُراعٌ به أَنْدَرَ القمح يعني الكُدْسَ منه،
وبذلك فسره الجوهري. البَيْدَرُ: الموضع الذي يداس فيه الطعام.
وبَدْرٌ: ماءٌ بِعَيْنِهِ، قال الجوهري: يذكر ويؤنث. قال الشَّعْبي:
بَدْرٌ بئر كانت لرجل يُدْعى بَدْراً؛ ومنه يومُ بَدْرٍ. وبَدْرٌ: اسمُ
رجل.
نجز: نَجِزَ ونَجَزَ الكلامُ: انقطع. ونَجَزَ الوعْدُ يَنْجُزُ نجْزاً:
حَضَر، وقد يقال: نَجِزَ. قال ابن السكيت: كأَنَّ نَجِزَ فَنِيَ وانقضى،
وكأَنَّ نَجَزَ قَضَى حاجَتَه؛ وقد أَنْجَزَ الرعدَ ووَعْدٌ ناجِزٌ
ونَجِيزٌ وأَنْجَزتُه أَنا ونَجَزْتُ به. وإِنْجازُكَهُ: وفاؤُك به. ونَجَزَ
هو أَي وَفَى به، وهو مثل قولك حضرت المائدة. ونَجَزَ الحاجةَ
وأَنْجَزَها: قضاها. وأَنت على نَجْزِ حاجتك ونُجْزِها، بفتح النون وضمها، أَي على
شَرَفٍ من قضائها. واسْتَنْجَزَ العِدَةَ والحاجةَ وتَنَجَّزَه إِياها:
سأَله إِنْجازَها واستنجحها. قال سيبويه: وقالوا أَبِيعُكَهُ الساعةَ
ناجِزاً بناجِزٍ أَي مُعَجَّلاً، انتصبت الصفة هنا كما انتصب الاسم في قولهم:
بِعْتُ الشاءَ شاةً بدرهم. والنَّاجِزُ: الحاضر. ومن أَمثالهم: ناجِزاً
بناجِزٍ كقولك: يَداً بيدٍ وعاجِلــاً بــعاجِلٍ؛ وأَنشد:
رَكْض الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
وقال الشاعر:
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُو
مُ فإِنه كالٍ وناجِزْ
وقال ابن الأَعرابي في قولهم:
جَزا الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
أَي جَزَيْتَ جزاءَ سَوْءٍ فَجَزَيْتُ لك مثله؛ وقال مرة: إِنما ذلك
إِذا فعل شيئاً ففعلت مثله لا يقدر أَن يَفُوتك ولا يَجُوزك في كلام أَو
فعل. وفي الحديث: لا تَبِيعُوا حاضراً
(* قوله« وفي الحديث لا تبيعوا حاضراً
إلخ» لم يذكر هذا الحديث في النهاية) بناجِزٍ. وفي حديث الصَّرْف:
إِلاَّ ناجِزاً بناجِزٍ أَي حاضراً بحاضر. ولأُنْجِزَتَّكَ نَجِيزَنَكَ أَي
لأَجْزِيَنَّك جزاءَك.
والمُناجَزَةُ في القتال: المُبارزةُ والمقاتلة، وهو أَن يَتَبَارَزَ
الفارسان فيتمارسا حتى يَقْتُلَ كلُّ واحد منهما صاحبه أَو يُقْتَلَ
أَحدهما؛ قال عبيد:
كالهُنْدُوانِيِّ المُهَنْـ
ـنَدِ، هَزَّهُ القِرْنُ المُناجِزْ
وقال الشاعر:
ووَقَفْت، إِذْ جَبُنَ المُشَيْـ
ـيَعُ مَوْقِفَ القِرْنِ المُناجِزْ
قال: وهذا عَرُوضٌ مُرَفَّلٌ من ضرب الكامل على أَربعة أَجزاء متفاعلن
في آخره حرفان زائدان، وهو مقيد لا يطلق.
وتَناجَزََ القوم: تسافكوا دماءَهم كأَنهم أَسرعوا في ذلك.
وتَنَجَّزَ الشرابَ: أَلَحَّ في شربه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
والتَّنَجُّزُ: طلبُ شيءٍ قد وُعِدْتَهُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت لابن
السائب: ثلاثٌ تَدَعُهُنَّ أَو لأُناجِزَنَّك أَي لأُقاتلنك وأُخاصمنك. أَبو
عبيد: من أَمثالهم: إِذا أَردتَ المُحاجَزَةَ فَقَبْلَ المُناجَزَة، يضرب
لمن يطلب الصلح بعد القتال.
ونَجَزَ ونَجِزَ الشيءُ: فَنِيَ وذهب فهو ناجز؛ قال النابغة الذبياني:
وكنتَ رَبيعاً لليتامَى وعِصْمَةً،
فَمُلْكُ أَبي قابوسَ أَضْحَى وقد نَجَزْ
أَبو قابوس: كنية للنعمان بن المنذر، يقول: كنت لليتامى في إِحسانك
إِليهم بمنزلة الربيع الذي به عيش الناس. والعِصْمَةُ: ما يَعْتَصِمُ به
الإِنسانُ من الهلاك. وروى أَبو عبيد هذا البيت نجز، بفتح الجيم، وقال: معناه
فني وذهب، وذكره الجوهري بكسر الجيم، والأَكثر على قول أَبي عبيد، ومعنى
البيت أَي انقضَى وَقْتَ الضحى لأَنه مات في ذلك الوقت.
ونَجَزَتِ الحاجةُ إِذا قُضيت، وإِنْجازُكَها: قضاؤُها. ونَجَزَ حاجَتَه
يَنْجُزها، بالضم، نَجْزاً: قضاها، ونَجَزَ الوعدُ. ويقال: أَنْجَزَ
حُرٌّ ما وَعَد. ابن السكيت: نَجِزَ فَنِيَ، ونَجَزَ قضى حاجته. قال أَبو
المقدام السلمي: أَنْجَزَ عليه وأَوْجَزَ عليه وأَجْهَدَ.
جأل: جأَلَ الصُّوفَ والشعَر: جَمَعَه.
وجَيْأَلُ وجَيْأَلَةُ: الضَّبُعُ، معرفة بغير أَلف ولام؛ الأَخيرة عن
ثعلب؛ قال الراجز:
قد زَوَّجُوني جَيْأَلاً فيها حَدَب،
دَقِيقَةَ الرُّفْغَيْنِ ضَخْماء الرَّكَب
وأَنشد ثعلب لخالد بن قيس بن مُنْقِذِ بن طَرِيف:
وحَلَّقَت بك العُقابُ القَيْعَله،
وشَارَكَتْ منك بشَأْو جَيْأَلَه
قيل: هي مشتقة من ذلك، وقال كُراع: هي الجَيْأَل فأَدْخَل عليها الأَلف
واللام؛ قال العَجَّاج:
يَدَعْن ذا الثَّرْوةِ كالمُعَيَّل،
وصاحِبَ الإِقْتارِ لَحْمَ الجَيْأَل
ابن بزرج: قالوا في الجيأَل وهي الضَّبُع على فَيْعَل: جَأَلَتْ تَجْأَل
إِذا جَمعَت؛ قال ابن بري: جَيْأَلُ غير مصروف للتأْنيث والتعريف؛
وأَنشد لمشعث:
وجاءت جَيْأَلٌ وبَنُو بَنِيها،
أَجَمَّ المَاقِيَيْنِ بها خُماع
قال أَبو علي النحوي: وربما قالوا جَيَل، بالتخفيف، ويتركون الياء
مصحَّحة لأَن الهمزة وإِن كانت مُلْقاة من اللفظ فهي مُبْقاة في النية
مُعامَلَةٌ معاملةَ المثبَتة غير المحذوفة، أَلا ترى أَنهم لم يقلبوا الياء
أَلفاً كما قلبوها في ناب ونحوه لأَن الياء في نية السكون؟ قال: والجَيْأَل
الضَّخْم من كل شيء. والاجْئِلالُ، بوزن افْعِلال: الفزَعُ والوَهَل
والوَجَل؛ قال: وزعموا لامرئ القيس:
وغائِطٍ قد هَبَطْتُ وَحْدي،
لِلْقَلْب من خَوْفهِ اجْئِلالُ
أَصله من الوجل؛ قال الأَزهري: لا يستقيم هذا القول إِلا أَن يكون
مقلوباً كأَنه في الأَصل ائْجِلال، فأُخرت الياء والهمزة بعد الجيم، قال
الأَزهري: وجائز أَن يكون اجْئِلال افعلال من جَأَل يَجْأَل إِذا ذهب وجاء كما
يقال وجَبَ القلبُ إِذا اضطرب. وحكى ابن بري: اجْأَلَّ فَزِع، وأَنشد
بيت امرئ القيس:
للقَلْبِ من خَوْفِه اجْئِلالُ
وقد قيل: إِن جَيْأَلاً مشتق منه، قال: وليس بقويّ.
زأم: زَئِمَ الرجلُ
زَأَماً، فهو زَئِمٌ، وازْدَأَمَ: فَزِع واشتد ذُعْرُه؛ وزَأَمَهُ هو:
ذَعَرَهُ: ورجل زئِمٌ: فَزِعٌ. ورجل مِزْآمٌ: وهو غاية الذُّعْر
والفَزَعِ. وزَئِمَ به إذا صاح به. وزُئِم أَي ذُعِرَ، على ما لم يسم فاعله.
وأَزْأَمْتُه على الأَمر أَي أَكرهته، مثل أَذْأَمْتُهُ. وزَأَمَ لي فلان
زَأْمةً أَي طرح كلمة لا أَدري أَحقٌّ هي أَم باطل. ويقال: ما يعصيه زَأْمَةً
أَي كلمة. وزأم الرجل يزأَمُ زَأْماً وزُؤاماً: مات موتاً وَحِيّاً؛ هذه
عن اللحياني. وموت زُؤامٌ: عاجل، وقيل سريع مُجْهِزٌ، وقيل كَريه، وهو
أَصح. وقضيت منه زَأْمَتي كَنَهْمَتي أَي حاجتي. ابن شميل في كتاب المنطق
له: زَئِمْتُ الطعام زَأْماً، قال: والزَّأمُ أَن يملأَ بطنه. وقد أَخذ
زَأمَتَهُ أي حاجته من الشِّبَع والرِّيِّ. وقد اشترى بنو فلان
زَأْمَتَهُمْ من الطعام أي ما يكفيهم سنتهم. وزَئِمْتُ اليومَ زَأْمَةً أي أَكلة.
والزَّأْمُ: شدة الأَكل، وفي الصحاح: والزَّأْمة شدة الأَكل والشرب؛
وقال:ما الشُّرْبُ إلاَّ زأَماتٌ فالصَّدَرْ
وأَزْأَمْتُ الجرح بدمه أَي غمزته حتى لزقت جلدته بدمه ويبس الدم عليه،
وجرحٌ مُزْأَمٌ؛ قال أَبو منصور: هكذا قال ابن شميل أَزْأَمْتُ الجرح
بالزاي، وقال أَبو زيد في كتاب الهمز: أَرْأَمْتُ الجرح إذا داويته حتى
يبرأَ إرْآماً، بالراء، قال: والذي قاله ابن شميل صحيح بمعناه الذي ذهب إليه.
وقال أَبو زيد: أَرْأَمْتُ الرجل على أَمر لم يكن من شأْنه إرْآماً إذا
أَكرهته عليه. قال أَبو منصور: وكأَنَّ أَزْأَمَ الجرح، في قول ابن شميل،
أُخذ من هذا. قال ابن شميل: وزَأَمَهُ القُرُّ، وهو أَن يملأَ جوفه حتى
يَرْعُدَ منه ويأْخذه لذلك قِلٌّ
وقِفَّة أَي رِعْدة. ويقال: ما عَصيته زَأْمَةً ولا وَشْمَةً.
والزَّأْمَةُ: الصوت الشديد، وما سمعت له زَأمَةً أي صوتاً. وأَصبحتْ وليس بها
زَأْمَةٌ أَي شدة الريح، عن ابن الأَعرابي، كأَنه أَراد أَصبحت الأَرض أَو
البلدة أَو الدار.
الفراء: الزُّؤامِيُّ الرجل القَتَّال، من الزُّؤَام وهو الموت.
خير: الخَيْرُ: ضد الشر، وجمعه خُيور؛ قال النمر ابن تولب:
ولاقَيْتُ الخُيُورَ، وأَخْطَأَتْني
خُطوبٌ جَمَّةٌ، وعَلَوْتُ قِرْني
تقول منه: خِرْتَ يا رجل، فأَنتَ خائِرٌ، وخارَ اللهُ لك؛ قال الشاعر:
فما كِنانَةُ في خَيْرٍ بِخَائِرَةٍ،
ولا كِنانَةُ في شَرٍّ بَِأَشْرارِ
وهو خَيْرٌ منك وأَخْيَرُ. وقوله عز وجل: تَجِدُوه عند اللهِ هو
خَيْراً؛ أَي تجدوه خيراً لكم من متاع الدنيا. وفلانة الخَيْرَةُ من المرأَتين،
وهي الخَيْرَةُ والخِيَرَةُ والخُوْرَى والخِيرى.
وخارَهُ على صاحبه خَيْراً وخِيَرَةً وخَيَّرَهُ: فَضَّله؛ ورجل خَيْرٌ
وخَيِّرٌ، مشدد ومخفف، وامرأَة خَيْرَةٌ وخَيِّرَةٌ، والجمع أَخْيارٌ
وخِيَارٌ. وقال تعالى: أُولئك لهم الخَيْراتُ؛ جمع خَيْرَةٍ، وهي الفاضلة من
كل شيء. وقال الله تعالى: فيهن خَيْرَاتٌ حِسَان؛ قال الأَخفش: إِنه لما
وصف به؛ وقيل: فلان خَيْرٌ، أَشبه الصفات فأَدخلوا فيه الهاء للمؤنث ولم
يريدوا به أَفعل؛ وأَنشد أَبو عبيدة لرجل من بني عَدِيّ تَيْمِ تَمِيمٍ
جاهليّ:
ولقد طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلاَتِ،
رَبَلاَتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ
فإِن أَردت معنى التفضيل قلت: فلانة خَيْرُ الناسِ ولم تقل خَيْرَةُ،
وفلانٌ خَيْرُ الناس ولم تقل أَخْيَرُ، لا يثنى ولا يجمع لأَنه في معنى
أَفعل. وقال أَبو إسحق في قوله تعالى: فيهنّ خَيرات حِسان؛ قال: المعنى
أَنهن خيرات الأَخلاق حسان الخَلْقِ، قال: وقرئ بتشديد الياء. قال الليث:
رجل خَيِّر وامرأَة خَيِّرَةٌ فاضلة في صلاحها، وامرأَة خَيْرَةٌ في جمالها
ومِيسَمِها، ففرق بين الخَيِّرة والخَيْرَةِ واحتج بالآية؛ قال أَبو
منصور: ولا فرق بين الخَيِّرَة والخَيْرَة عند أَهل اللغة، وقال: يقال هي
خَيْرَة النساء وشَرَّةُ النساء؛ واستشهد بما أَنشده أَبو عبيدة:
ربلات هند خيرة الربلات
وقال خالد بن جَنَبَةَ: الخَيْرَةُ من النساء الكريمة النَّسَبِ الشريفة
الحَسَبِ الحَسَنَةُ الوجه الحَسَنَةُ الخُلُقِ الكثيرة المال التي إِذا
وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ وقوله في الحديث: خَيْرُ الناس خَيْرُهم لنفسه؛
معناه إِذا جامَلَ الناسَ جاملوه وإِذا أَحسن إِليهم كافأُوه بمثله. وفي
حديث آخر: خَيْرُكم خَيْرُكم لأَهله؛ هو إِشارة إِلى صلة الرحم والحث عليها.
ابن سيده: وقد يكون الخِيارُ للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث.
والخِيارُ: الاسم من الاخْتَِيارِ. وخايَرَهُ فَخَارَهُ خَيْراً: كان
خَيْراً منه، وما أَخْيَرَه وما خَيْرَه؛ الأَخيرة نادرة. ويقال: ما
أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه، وهذا خَيْرٌ منه وأَخْيَرُ منه. ابن
بُزُرج: قالوا هم الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ من الشَّرَارَة والخَيَارَةِ، وهو
أَخْير منك وأَشر منك في الخَيَارَة والشَّرَارَة، بإِثبات الأَلف.
وقالوا في الخَيْر والشَّرِّ: هو خَيْرٌ منك وشَرٌّ منك، وشُرَيْرٌ منك
وخُيَيْرٌ منك، وهو شُرَيْرُ أَهلهِ وخُيَيْرُ أَهله. وخارَ خَيْراً: صار ذا
خَيْر؛ وإِنَّكَ ما وخَيْراً أَي إِنك مع خير؛ معناه: ستصيب خيراً، وهو
مَثَلٌ. وقوله عز وجل: فكاتبوهم إِن علمتم فيهم خيراً؛ معناه إِن علمتم
أَنهم يكسبون ما يؤدونه. وقوله تعالى: إِن ترك خيراً؛ أَي مالاً. وقالوا:
لَعَمْرُ أَبيك الخيرِ أَي الأَفضل أَو ذي الخَيْرِ. وروى ابن الأَعرابي:
لعمر أَبيك الخيرُ برفع الخير على الصفة للعَمْرِ، قال: والوجه الجر،
وكذلك جاء في الشَّرِّ. وخار الشيءَ واختاره: انتقاه؛ قال أَبو زبيد
الطائي:إِنَّ الكِرامَ، على ما كانَ منْ خُلُقٍ،
رَهْطُ امْرِئ، خارَه للدِّينِ مُخْتارُ
وقال: خاره مختار لأَن خار في قوّة اختار؛ وقال الفرزدق:
ومِنَّا الذي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَماحَةً
وجُوداً، إِذا هَبَّ الرياحُ الزَّعازِعُ
أَراد: من الرجال لأَن اختار مما يتعدى إِلى مفعولين بحذف حرف الجر،
تقول: اخترته من الرجال واخترته الرجالَ. وفي التنزيل العزيز: واختار موسى
قومَه سبعين رجلاً لميقاتنا؛ وليس هذا بمطرد. قال الفراء: التفسير أَنَّه
اختار منهم سبعين رجلاً، وإِنما استجازوا وقوع الفعل عليهم إِذا طرحت من
لأَنه مأْخوذ من قولك هؤلاء خير القوم وخير من القوم، فلما جازت الإِضافة
مكان من ولم يتغير المعنى استجازوا أَن يقولوا: اخْتَرْتُكم رَجُلاً
واخترت منكم رجلاً؛ وأَنشد:
تَحْتَ التي اختار له اللهُ الشجرْ
يريد: اختار له الله من الشجر؛ وقال أَبو العباس: إِنما جاز هذا لأَن
الاختيار يدل على التبعيض ولذلك حذفت من. قال أَعرابي: قلت لِخَلَفٍ
الأَحْمَرِ: ما خَيْرَ اللَّبَنَ
(* قوله: «ما خير اللبن إلخ» أي بنصب الراء
والنون، فهو تعجب كما في القاموس). للمريض بمحضر من أَبي زيد، فقال له
خلف: ما أَحسنها من كلمة لو لم تُدَنِّسْها بإِسْماعِها للناس، وكان
ضَنِيناً، فرجع أَبو زيد إِلى أَصحابه فقال لهم: إِذا أَقبل خلف الأَحمر فقولوا
بأَجمعكم: ما خَيْرَ اللَّبَنَ للمريض؟ ففعلوا ذلك عند إِقباله فعلم أَنه
من فعل أَبي زيد. وفي الحديث: رأَيت الجنة والنار فلم أَر مثلَ الخَيْرِ
والشَّرِّ؛ قال شمر: معناه، والله أَعلم، لم أَر مثل الخير والشر، لا
يميز بينهما فيبالغ في طلب الجنة والهرب من النار. الأَصمعي: يقال في
مَثَلٍ للقادم من سفر: خَيْرَ ما رُدَّ في أَهل ومال قال: أَي جعلَ الله ما
جئت خَيْرَ ما رجع به الغائبُ. قال أَبو عبيد: ومن دعائهم في النكاح: على
يَدَي الخَيْرِ واليُمْنِ قال: وقد روينا هذا الكلام في حديث عن
عُبَيْدِ بن عُمَيْرٍ الليثي في حديث أَبي ذر أَن أَخاه أُنَيْساً نافَرَ رجلاً
عن صِرْمَةٍ له وعن مثلها فَخُيِّرَ أُنَيْسٌ فَأَخذ الصرمة؛ معنى
خُيِّرَ أَي نُفِّرَ؛ قال ابن الأَثير: أَي فُضِّل وغُلِّبَ. يقال: نافَرْتُه
فَنَفَرْتُه أَي غلبته، وخايَرْتُه فَخِرْتُه أَي غلبته، وفاخَرْتُه
فَفَخَرْتُه بمعنى واحد، وناجَبْتُه؛ قال الأَعشى:
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنافِرِ
وقوله عز وجل: وَرَبُّكَ يَخْلُق ما يشاء ويَخْتارُ ما كان لهم
الخِيَرَةُ؛ قال الزجاج: المعنى ربك يخلق ما يشاء وربك يختار وليس لهم الخيرة وما
كانت لهم الخيرة أَي ليس لهم أَن يختاروا على الله؛ قال: ويجوز أَن
يكون ما في معنى الذي فيكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخيرة، وهو ما
تَعَبَّدَهم به، أَي ويختار فيما يدعوهم إِليه من عبادته ما لهم فيه
الخِيَرَةُ. واخْتَرْتُ فلاناً على فلان: عُدِّيَ بعلى لأَنه في معنى
فَضَّلْتُ؛ وقول قَيْسِ بن ذريحٍ:
لَعَمْرِي لَمَنْ أَمْسَى وأَنتِ ضَجِيعُه،
من الناسِ، ما اخْتِيرَتْ عليه المَضاجِعُ
معناه: ما اختيرت على مَضْجَعِه المضاجعُ، وقيل: ما اختيرت دونه، وتصغير
مختار مُخَيِّر، حذفت منه التاء لأَنها زائدة، فأُبدلت من الياء لأَنها
أُبدلت منها في حال التكبير.
وخَيَّرْتُه بين الشيئين أَي فَوَّضْتُ إِليه الخِيارَ. وفي الحديث:
تَخَيَّرُوا لنُطَفِكُمْ، أَي اطلبوا ما هو خير المناكح وأَزكاها وأَبعد من
الخُبْثِ والفجور. وفي حديث عامر بن الطُّفَيْلِ: أَنه خَيَّر في ثلاث
أَي جَعَلَ له أَن يختار منها واحدة، قال: وهو بفتح الخاء. وفي حديث
بَرِيرة: أَنها خُيِّرَتْ في زوجها، بالضم. فأَما قوله: خَيَّرَ بين دور
الأَنصار فيريد فَضَّلَ بعضها على بعض.
وتَخَيَّر الشيءَ: اختاره، والاسم الخِيرَة والخِيَرَة كالعنبة،
والأَخيرة أَعرف، وهي الاسم من قولك: اختاره الله تعالى. وفي الحديث: محمدٌ، صلى
الله عليه وسلم، خِيَرَةُ الله من خلقه وخِيَرَةُ الله من خلقه؛
والخِيَرَة: الاسم من ذلك. ويقال: هذا وهذه وهؤلاء خِيرَتي، وهو ما يختاره عليه.
وقال الليث: الخِيرةُ، خفيفة، مصدر اخْتارَ خِيرة مثل ارْتابَ رِيبَةً،
قال: وكل مصدر يكون لأَفعل فاسم مصدره فَعَال مثل أَفاق يُفِيقُ
فَوَاقاً، وأَصابل يُصيب صَوَاباً، وأَجاب يُجيب جَواباً، أُقيم الاسم مكان
المصدر، وكذلك عَذَّبَ عَذاباً. قال أَبو منصور: وقرأَ القراء: أَن تكون لهم
الخِيَرَةُ، بفتح الياء، ومثله سَبْيٌ طِيَبَةٌ؛ قال الزجاج: الخِيَرَة
التخيير. وتقول: إِياك والطِّيَرَةَ، وسَبْيٌ طِيَبَةٌ. وقال الفراء في
قوله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخِيَرَةُ؛ أَي ليس لهم
أَن يختاروا على الله. يقال: الخِيرَةُ والخِيَرَةُ كا ذلك لما تختاره من
رجل أَو بهيمة يصلح إِحدى
(* قوله: «يصلح إحدى إلخ» كذا بالأصل وإن لم
يكن فيه سقط فلعل الثالث لفظ ما تختاره) هؤلاء الثلاثة.
والاختيار: الاصطفاء وكذلك التَّخَيُّرُ.
ولك خِيرَةُ هذه الإِبل والغنم وخِيارُها، الواحد والجمع في ذلك سواء،
وقيل: الخيار من الناس والمال وغير ذلك النُّضَارُ. وجمل خِيَار وناقة
خيار: كريمة فارهة؛ وجاء في الحديث المرفوع: أَعطوه جملاً رَباعِياً
خِيَاراً؛ جمل خيار وناقة خيار أَي مختار ومختار. ابن الأَعرابي: نحر خِيرَةَ
إِبله وخُورَةَ إِبله، وأَنت بالخِيارِ وبالمُخْتارِ سواءٌ، أَي اختر ما
شئت.
والاسْتِخارَةُ: طلَبُ الخِيرَة في الشيء، وهو استفعال منه. وفي الحديث:
كان رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يعلمنا الاستخارة في كل شيء. وخارَ
اللهُ لك أَي أَعطاك ما هو خير لك، والخِيْرَةُ، بسكون الياء: الاسم من
ذلك؛ ومنه دعاء الاستخارة: اللهم خِرْ لي أَي اخْتَرْ لي أَصْلَحَ
الأَمرين واجعل لي الخِيْرَة فيه. واستخار اللهَ: طلب منه الخِيَرَةَ. وخار لك
في ذلك: جعل لك فيه الخِيَرَة؛ والخِيْرَةُ الاسم من قولك: خار الله لك
في هذا الأَمر. والاختيار: الاصطفاء، وكذلك التَّخَيُّرُ. ويقال:
اسْتَخِرِِ الله يَخِرْ لك، والله يَخِير للعبد إِذا اسْتَخارَهُ.
والخِيرُ، بالكسر: الكَرَمُ. والخِيرُ: الشَّرَفُ؛ عن ابن الأَعرابي.
والخِيرُ: الهيئة. والخِيرُ: الأَصل؛ عن اللحياني. وفلان خَيْرِيَّ من
الناس أَي صَفِيِّي. واسْتَخَارَ المنزلَ: استنظفه؛ قال الكميت:
ولَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار،
بِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبَا المُعْوِلُ
واستخارَ الرجلَ: استعطفه ودعاه إِليه؛ قال خالد بن زهير الهذلي:
لَعَلَّك، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ
سِواكَ خَلِيلاً، شاتِمي تَسْتَخِيرُها
قال السكري: أَي تستعطفها بشتمك إِياي. الأَزهري: اسْتَخَرْتُ فلاناً
أَي استعطفته فما خار لي أَي ما عطف؛ والأَصل في هذا أَن الصائد يأْتي
الموضع الذي يظن فيه ولد الظبية أَو البقرة فَيَخُورُ خُوارَ الغزال فتسمع
الأُم، فإِن كان لها ولد ظنت أَن الصوت صوت ولدها فتتبع الصوت فيعلم الصائد
حينئذٍ أَن لها ولداً فتطلب موضعه، فيقال: اسْتَخَارَها أَي خار
لِتَخُورَ، ثم قيل لكل من استعطف: اسْتَخَارَ، وقد تقدّم في خور لأَن ابن سيده
قال: إِن عينه واو. وفي الحديث: البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لم
يَتَفَرَّقَا؛ الخيارُ: الاسم من الاختيار، وهو طلب خَيْرِ الأَمرين: إِما إِمضاء
البيع أَو فسحه، وهو على ثلاثة أَضرب: خيار المجلس وخيار الشرط وخيار
النقيصة، أَما خيار المجلس فالأَصل فيه قوله: البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا
إِلاَّ بَيْعَ الخِيارِ أَي إِلا بيعاً شُرط فيه الخيار فلم يلزم
بالتفرق، وقيل: معناه إِلا بيعاً شرط فيه نفي خيار المجلس فلزم بنفسه عند قوم،
وأَما خيار الشرط فلا تزيد مدّته على ثلاثة أَيام عند الشافعي أَوَّلها من
حال العقد أَو من حال التفرق، وأَما خيار النقيصة فأَن يظهر بالمبيع عيب
يوجب الرد أَو يلتزم البائع فيه شرطاً لم يكن فيه ونحو ذلك. واسْتَخار
الضَّبُعَ واليَرْبُوعَ: جعل خشبة في موضع النافقاء فخرج من القاصِعاء.
قال أَبو منصور: وجعل الليث الاستخارة للضبع واليربوع وهو باطل.
والخِيارُ: نبات يشبه القِثَّاءَ، وقيل هو القثاء، وليس بعربي. وخِيار
شَنْبَر: ضرب من الخَرُّوبِ شجره مثل كبار شجر الخَوْخِ. وبنو الخيار:
قبيلة؛ وأَما قول الشاعر:
أَلا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ:
بِعَمْرِو بن مَسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
فإِنما ثناه لأَنه أَراد خَيِّرَيْ فخففه، مثل مَيّتٍ ومَيْتٍ وهَيِّنٍ
وهَيْنٍ؛ قال ابن بري: هذا الشعر لسَبْرَةَ بن عمرو الأَسدي يرثي عمرو بن
مسعود وخالدَ بن نَضْلَةَ وكان النعمان قتلهما، ويروى بِخَيْرِ بَني
أَسَد على الإِفراد، قال: وهو أَجود؛ قال: ومثل هذا البيت في التثنية قول
الفرزدق:
وقد ماتَ خَيْرَاهُمْ فلم يُخْزَ رَهْطُهُ،
عَشِيَّةَ بانَا، رَهْطُ كَعْبٍ وحاتم
والخَيْرِيُّ معرَّب.