من (س ي ج) أو (س و ج) مؤنث سِياج.
من (س ي ج) أو (س و ج) مؤنث سِياج.
سيج: أَبو حنيفة: الــسِّياجُ الحظيرة من الشجر تجعل حول الكرم والبستان؛
وقد سَيَّجَ على الكرم. ويقال: حَظَرَ كَرْمَهُ بالــسِّياجِ، وهو أَن
يُسَيِّجَ حائطه بالشَّوْكِ لئلا يَتَسَوَّرَ. والــسِّياجُ: الطيلسان، على قول
من يجعل أَلفه منقلبة عن الياء، والله أَعلم.
سوج: سَاجَ سَوْجاً: ذهب وجاء؛ قال:
وأَعْجَبَها، فيما تَسوجُ، عِصابَةٌ
من القومِ، شِنَّخْفُونَ، غيرُ قِضافِ
ابن الأَعرابي: ساجَ يَسُوجُ سَوْجاً وسُوَاجاً وسَوَجاناً إِذا سار
سيراً رُوَيْداً؛ وأَنشد:
غَرَّاءُ لَيْسَتْ بالسَّؤُوجِ الجَلْنَخِ
أَبو عمرو: السَّوَجانُ الذهابُ والمجيءُ. والسُّوجُ: عِلاجٌ من الطين
يطبخ ويَطْلي به الحائكُ السَّدى. والسُّوجُ: موضع. والسَّاجُ
الطَّيْلَسانُ الضخم الغليظ؛ وقيل: هو الطيلسان المقوّر ينسج كذلك؛ وقيل: هو طيلسانٌ
أَخضر؛ وقول الشاعر:
ولَيْلٍ تَقُولُ الناس في ظُلُماتِه،
سواءٌ صحيحاتُ العُيونِ وعُورُها:
كأَنَّ لنا منه بُيوتاً حَصِينةً،
مُسوحاً أَعاليها، وساجاً كُسُورُها
إِنما نعت بالاسمين لأَنه صيرهما في معنى الصفة، كأَنه قال: مُسْوَدَّة
أَعاليها مُخْضَرَّة كُسورُها، كما قالوا مررت بسَرْجٍ خَزٍّ صِفَتُه،
نُعِتَ بالخَزِّ وإِن كان جوهراً لما كان في معنى لَيِّنٍ.
وتصغير السَّاجِ: سُوَيْجٌ، والجمع سِيجانٌ. ابن الأَعرابي: السِّيجانُ
الطيالسة السُّودُ، واحدها ساجٌ. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يلبس في الحرب من القلانس ما يكون من
السِّيجانِ الخُضْرِ؛ جمع ساج، وهو الطيلسان الأَخضر؛ وقيل: الطيلسان
المقوّر ينسج كذلك، كأَن القلانس تُعمل منها أَو من نوعها؛ ومنهم من يجعل
أَلفه منقلبة عن الواو، ومنهم من يجعلها عن الياء؛ ومنه حديثه الآخر: أَنه
زرَّ ساجاً عليه وهو محرم فافْتَدى؛ وحديث أَبي هريرة: أَصحابُ الدجال
عليهم السِّيجانُ؛ وفي رواية: كلهم ذو سيف مُحَلًّى وساج؛ وفي حديث جابر:
فقام في ساجَةٍ؛ هكذا جاءَ في رواية، والمعروف بساجة، وهو ضرب من الملاحف
منسوجة.
والسَّاجُ: خَشَبٌ يجلب من الهند، واحدته ساجَةٌ. والسَّاجُ: شجر يعظم
جدّاً، ويذهبُ طولاً وعرضاً، وله ورق أَمثال التِّراسِ الدَّيْلَمِيَّةِ،
يتغطى الرجل بورقةٍ منه فتَكِنهُ من المطر، وله رائحة طيبة تُشابهُ
رائحةَ ورق الجَوْزِ مع رقة ونَعْمَةٍ؛ حكاه أَبو حنيفة.
ابن الإعرابي: يقال السَّاجَةُ الخشبةُ الواحدة المُشَرْجَعَةُ
المُرَبَّعَةُ، كما جلبت من الهند؛ ويقال للسَّاجَةِ التي يشق منها الباب:
السَّلِيجةُ. وسُواجٌ: جبل؛ قال رؤْبة:
في رَهْوَة غَرَّاءَ من سُواجِ
والسُّوجُ: موضع، والله أَعلم.
قور: قارَ الرجلُ يَقُورُ: مَشَى على أَطراف قدميه ليُخْفِيَ مَشْيَه؛
قال:
زَحَفْتُ إِليها، بَعْدَما كنتُ مُزْمِعاً
على صَرْمِها، وانْسَبْتُ بالليلِ قائِرا
وقارَ القانصُ الصيدَ يَقُورُه قَوْراً: خَتَله.
والقارَةُ: الجُبَيْلُ الصغير، وقال اللحياني: هو الجُبَيْلُ الصغير
المُنْقَطع عن الجبال. والقارَةُ: الصخرة السوداء، وقيل: هي الصخرة العظيمة،
وهي أَصغر من الجبل، وقيل: هي الجبيل الصغير الأَسود المنفردُ شِبْهُ
الأَكَمَة. وفي الحديث: صَعِدَ قارَةَ الجبل، كأَنه أَراد جبلاً صغيراً فوق
الجبل، كما يقال صَعِدَ قُنَّةَ الجبل أَي أَعلاه. ابن شميل: القارَةُ
جُبَيْلٌ مُسْتَدِقٌّ مَلْمُومٌ طويل في السماء لا يَقُودُ في الأَرض
كأَنه جُثْوَةٌ، وهو عَظِيمٌ مُسْتَدِير. والقارَةُ: الأَكَمَةُ؛ قال منظور
بن مَرْثَدٍ الأَسَدِيّ:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَعلى ذي القُورْ؟
قد دَرَسَتْ، غَيْرَ رَمادٍ مَكْفُورْ
مُكْتَئِبِ اللَّوْنِ، مَرُوحٍ مَمْطُورْ،
أَزْمانَ عَيْناءُ سُرُورُ المَسْرُورْ
قوله: بأَعلى ذي القور أَي بأَعلى المكان الذي بالقور، وقوله: قد درست
غير رماد مكفور أَي دَرَسَتْ مَعالِمُ الدار إِلا رماداً مكفوراً، وهو
الذي سَفَتْ عليه الريحُ الترابَ فغطاه وكَفَره، وقوله: مكتئب اللون يريد
أَنه يَضْرِبُ إِلى السواد كما يكونُ وَجْهُ الكئيب، ومَروحٌ: أَصابته
الريح، وممطور: أَصابه المطر، وعيناء مبتدأٌ وسُرور المَسْرورِ خبره، والجملة
في موضع خفض بإِضافة أَزمان إِليها، والمعنى: هل تعرف الدار في الزمان
الذي كانت فيه عيناء سُرور من رآها وأَحبهاف والقارَةُ: الحَرَّةُ، وهي
أَرض ذات حجارة سود، والجمع قاراتٌ وقارٌ وقُورٌ وقِيرانٌ. وفي الحديث: فله
مِثْلُ قُورِ حِسْمَى؛ وفي قَصِيد كعب:
وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ
وفي حديث أُم زرع: على رأْسِ قُورٍ وَعْثٍ. قال الليث: القُورُ جمع
القارة والقِيرانُ جمعُ القارَة، وهي الأَصاغر من الجبال والأَعاظم من
الآكام، وهي متفرقة خشنة كثيرة الحجارة.
ودار قَوْراءُ: واسعة الجوف.
والقار: القطيع الضخم من الإِبل. والقارُ أَيضاً: اسم للإِبل، قال
الأَغْلَبُ العِجْلي:
ما إِن رأَينا مَلِكاً أَغارا
أَكثَرَ منه قِرَةً وقارا،
وفارِساً يَسْتَلِبُ الهِجارا
القِرَة والقارُ: الغنم. والهِجار: طَوْقُ المَلِكِ، بلغة حِمْيَر؛ قال
ابن سيده: وهذا كله بالواو لأَن انقلاب الأَلف عن الواو عيناً أَكثر من
انقلابها عن الياء.
وقارَ الشيءَ قَوْراً وقَوَّرَه: قطع من وَسَطه خرفاً مستديراً.
وقَوَّرَ الجَيْبَ: فعل به مثل ذلك. الجوهري: قَوَّرَه واقْتَوَره واقْتاره كله
بمعنى قطعه. وفي حديث الاستسقاء: فتَقَوَّرَ السحابُ أَي تَقَطَّع
وتَفَرَّقَ فِرَقاً مستديرة؛ ومنه قُوارَةُ القميص والجَيْبِ والبِطِّيخ. وفي
حديث معاوية: في فِنائِه أَعْنُزٌ دَرُّهُن غُبْرٌ يُحْلَبْنَ في مثل
قُوارَةِ حافِر البعير أَي ما استدار من باطن حافره يعني صِغَرَ المِحْلَب
وضِيقَه، وصفه باللُّؤم والفقر واستعار للبعير حافراً مجازاً،وإِنما يقال
له خف.
والقُوارَة: ما قُوِّرَ من الثوب وغيره، وخص اللحياني به قُوارةَ
الأَديم. وفي أَمثال العرب: قَوِّرِي والْطُفي؛ إِنما يقوله الذي يُرْكَبُ
بالظُّلْم فيسأَل صاحبه فيقول: ارْفُقْ أَبْقِ أَحْسِنْ؛ التهذيب: قال هذا
المثل رجل كان لامرأَته خِدْنٌ فطلب إِليها أَن تتخذ له شِراكَيْن من
شَرَجِ اسْتِ زوجها، قال: ففَظِعَتْ بذلك فأَب أَن يَرْضَى دون فعل ما سأَلها،
فنظرت فلم تجد لها وجهاً ترجو به السبيل إِليه إِلا بفساد ابن لها،
فَعَمَدَتْ فعَصَبَتْ على مبَالِه عَقَبَةً فأَخْفَتْها فعَسُرَ عليه البولُ
فاستغاث بالبكاء، فسأَلها أَبوه عَمَّ أَبكاه، فقالت: أَخذه الأُسْرُ وقد
نُعِتَ له دواؤه، فقال: وما هو؟ فقالت: طَرِيدَةٌ تُقَدُّ له من شَرَجِ
اسْتِك، فاستعظم ذلك والصبي يَتَضَوَّرُ، فلما رأَى ذلك نَجِعَ لها به
وقال لها: قَوِّرِي والْطُفي، فقطعتْ منه طَرِيدةً تَرْضِيَةً لخليلها، ولم
تَنْظُرْ سَدادَ بَعْلِها وأَطلقت عن الصبي وسَلَّمَتِ الطَّريدةَ إِلى
خليلها؛ يقال ذلك عند الأَمر بالاسْتِبْقاءِ من الغَرِير أَو عند
المَرْزِئة في سُوء التدبير وطَلَبِ ما لا يُوصَلُ إِليه. وقارَ المرأَة:
خَتَنها، وهو من ذلك؛ قال جرير:
تَفَلَّقَ عن أَنْفِ الفَرَزْدَقِ عارِدٌ،
له فَضَلاتٌ لم يَجِدْ من يَقُورُها
والقارَة: الدُّبَّةُ. والقارَةُ: قومٌ رُماة من العرب. وفي المثل: قد
أَنْصَفَ القارَةَ مَنْ راماها. وقارَةُ: قبيلة وهم عَضَلٌ والدِّيشُ ابنا
الهُونِ بن خُزَيْمَةَ من كِنانَةَ، سُمُّوا قارَةً لاجتماعهم
والْتِفافِهم لما أَراد ابن الشَّدَّاخ أَن يُفَرِّقَهم في بني كنانة؛ قال
شاعرهم:دَعَوْنا قارَةً لا تُنْفِرُونا،
فَنُجْفِلَ مثلَ إِجْفالِ الظَّلِيمِ
وهم رُماةٌ. وفي حديث الهجرة: حتى إذا بَلَغَ بَرْكَ الغَِمَادِ لقيه
ابن الدَّغِنَةِ وهو سَيِّدُ القارة؛ وفي التهذيب وغيره: وكانوا رُماةَ
الحَدَقِ في الجاهلية وهم اليوم في اليمن ينسبون إلى أَسْدٍ، والنسبة إِليهم
قارِيٌّ، وزعموا أَن رجلين التقيا: أَحدهما قارِيٌّ والآخر أَسْدِيّ،
فقال القارِيّ: إن شئتَ صارعتُك وإِن شئتَ سابقتُك وإِن شئتَ راميتُك:
فقال: اخْتَرْتُ المُراماةَ، فقال القارِيُّ: أَنْصَفْتَني؛ وأَنشد:
قد أَنْصَفَ القارَةَ من راماها،
إِنَّا، إِذا ما فِئَةٌ نَلْقاها،
نَرُدُّ أُولاها على أُخْراها
ثم انتزع له سهماً فَشَكَّ فُؤادَه؛ وقيل: القارَةُ في هذا المثل
الدُّبَّةُ، وذكر ابن بري قال: بعض أَهل اللغة إِنما قيل: «أَنْصَفَ القارَةَ
من راماها» لحرب كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناة بن كنانة، قال: وكانت
القارَةُ مع قريش فلما التقى الفريقان راماهم الآخرون حين رَمَتْهُم
القارَةُ، فقيل: قد أَنصفكم هؤلاء الذين ساوَوْكم في العمل الذي هو
صناعَتُكم، وأَراد الشَّدَّاخُ أَن يُفَرِّق القارَةَ في قبائل كنانة فأَبَوْا،
وقيل في مثلٍ: لا يَفْطُنُ الدُّبُّ الحجارَة.
ابن الأَعرابي: القَيِّرُ الأُسْوارُ من الرُّماةِ الحاذقُ، من قارَ
يَقُور.
ويقال: قُرْتُ خُفَّ البعير قَوْراً واقْتَرْتُه إِذا قَوَّرْتَه،
وقُرْتُ البطيخة قَوَّرتها. والقُوارَة: مشتقة من قُوارَة الأَدِيم
والقِرْطاس، وهو ما قَوَّرْتَ من وسطه ورَمَيْتَ ما حَوالَيْه كقُوارة الجَيْب إِذا
قَوَّرْته وقُرْتَه. والقُوارة أَيضاً: اسم لما قطعت من جوانب الشيء
المُقَوَّر. وكل شيء قطعت من وسطه خرقاً مستديراً، فقد قَوَّرْتَه.
والاقْورارُ: تَشَنُّجُ الجلد وانحناءُ الصلب هُزالاً وكِبَراً.
واقْوَرَّ الجلدُ اقوراراً: تَشَنَّجَ؛ كما قال رُؤبةُ بن العَجَّاج:
وانْعاجَ عُودِي كالشَّظِيفِ الأَخْشَنِ،
بعد اقْورارِ الجِلْدِ والتَّشَنُّنِ
يقال: عُجْتُه فانعاج أَي عطفته فانعطف. والشظيف من الشجر: الذي لم
يَجِدْ رِيَّه فصَلُبَ وفيه نُدُوَّةٌ. والتَّشَنُّنُ: هو الإِخلاقُ، ومنه
الشَّنَّةُ القِرْبةُ البالية؛ وناقة مُقوَرَّةٌ وقد اقْوَرَّ جلدُها
وانحنَت وهُزِلَتْ. وفي حديث الصدقة: ولا مُقْوَرَّةُ الأَلْياطِ؛
الاقْوِرارُ: الاسترخاء في الجُلُود، والأَلْياطُ: جمعُ لِيطٍ، وهو قشر العُودِ،
شبهه بالجلد لالتزاقه باللحم؛ أَراد غير مسترخية الجلود لهُزالها. وفي حديث
أَبي سعيد: كجلد البعير المُقْوَرِّ. واقْتَرْتُ حديثَ القوم إذا
بَحَثْتَ عنه. وتَقَوَّرَ الليلُ إِذا تَهَوَّرَ؛ قال ذو الرمة:
حتى تَرَى أَعْجازَه تَقَوَّرُ
أَي تَذْهَبُ وتُدْبِرُ. وانقارتِ الرَّكِيَّة انْقِياراً إِذا
تَهَدَّمتِ؛ قال الأَزهري: وهو مأَخوذ من قولك قُرْتُه فانْقارَ؛ قال
الهُذَلي:جادَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الريحُ ، وانْـ
ـقارَ به العَرْضُ ولم يَشْمَلِ
أَراد: كأَنَّ عَرْضَ السحاب انْقارَ أَي وقعت منه قطعة لكثرة انصباب
الماء، وأَصله من قُرْتُ عَيْنَه إِذا قلعتها.
والقَوَرُ: العَوَرُ، وقد قُرْتُ فلاناً فقأْت عينه، وتَقَوَّرَتِ
الحيةُ إذا تَثَنَّت؛ قال الشاعر يصف حية:
تَسْرِي إلى الصَّوْتِ، والظلماءُ داجِنَةٌ،
تَقَوُّرَ السِّيْلِ لاقى الحَيْدَ فاطَّلَعا
وانْقارَتِ البئرُ: انهدمت.
ويومُ ذي قارٍ: يومٌ لبني شَيْبانَ وكان أَبْرَوِيزُ أَغْزاهُمْ جيشاً
فظَفِرَتْ بنو شيبان، وهو أَول يوم انتصرت فيه العرب من العجم.
وفلانٌ ابنُ عبدٍ القاريُّ: منسوب إلى القارَة، وعبد مُنَوَّنٌ ولا
يضاف.والاقْورِارُ: الضُّمْرُ والتَّغيُّر، وهو أَيضاً السِّمَنُ ضِدٌّ؛
قال:قَرَّبْنَ مُقْوَرّاً كأَنَّ وَضِينَهُ
بِنِيقٍ ، إذا ما رامَه العُقْرَ أَحْجَما
والقَوْرُ: الحَبْلُ الجَيِّدُ الحديثُ من القطن؛ حكاه أَبو حنيفة وقال
مرة: هو من القطن ما زرع من عامه. ولقيت منه الأَقْوَرِينَ والأَمَرِّينَ
والبُرَحِينَ والأَقْوَرِيَّاتِ: وهي الدواهي العظام؛ قال نَهارُ ابن
تَوْسِعَةَ:
وكنا ، قَبْلَ مُلْكِ بني سُلَيْمٍ،
نَسُومُهُمُ الدَّواهِي الأَقْوَرِينا
والقُورُ: الترابُ المجتمع. وقَوْرانُ: موضع.
الليث القارِيَةُ طائر من السُّودانِيَّاتِ أَكْثَرُ ما تأْكل العِنَبُ
والزيتونُ، وجمعها قَوارِي، سميت قارِيَةً لسَوادها؛ قال أَبو منصور: هذا
غَلط، لو كان كما قال سميت قارِيةً لسوادها تشبيهاً بالقارِ لقيل
قارِيَّة، بتشديد الياء، كما قالوا عارِيَّةٌ من أَعار يُعير، وهي عند العرب
قاريَةٌ، بتخفيف الياء. وروي عن الكسائي: القارِيَةُ طير خُضْر، وهي التي
تُدْعَى القَوارِيرَ. قال: والقَرِيِّ أَولُ طير قُطُوعاً، خُضْرٌ سودُ
المناقير طِوالُها أَضْخَمُ من الخُطَّافِ، وروى أَبو حاتم عن الأَصمعي:
القارِيَةُ طير أَخضر وليس بالطائر الذي نعرف نحن، وقال ابن الأَعرابي:
القارِيَةُ طائر مشؤوم عند العرب، وهو الشِّقِرَّاق.
واقْوَرَّت الأَرضُ اقْوِراراً إذا ذهب نباتها. وجاءت الإِبل مُقْوَرَّة
أَي شاسِفَةً؛ وأَنشد:
ثم قَفَلْنَ قَفَلاً مُقْوَرّا
قَفَلْنَ أَي ضَمَرْنَ ويَبِسْنَ؛ قال أَبو وَجْزةَ يصف ناقة قد
ضَمُرَتْ:
كأَنما اقْوَرَّ في أَنْساعِها لَهَقٌ
مُرَمَّعٌ، بسوادِ الليلِ، مَكْحُولُ
والمُقْوَرُّ أَيضاً من الخيل: الضامر؛ قال بشر:
يُضَمَّرُ بالأَصائِل فهو نَهْدٌ
أَقَبُّ مُقَلَّصٌ، فيه اقْوِرارُ
قصب: القَصَبُ: كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فهو قَصَبٌ. والقَصَبُ: الأَباء.
والقَصْباءُ: جماعةُ القَصَب، واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ. قال سيبويه: الطَّرْفاءُ، والـحَلْفاءُ، والقَصْباءُ، ونحوها اسم واحدٌ يقع على جميع، وفيه علامةُ التأْنيث، وواحدُه على بنائه ولفظه، وفيه علامة التأْنيث التي فيه، وذلك قولك للجميع حَلْفاء، وللواحدة حَلْفاء، لَـمَّا كانت تقع للجميع، ولم تكن اسماً مُكَسَّراً عليه الواحدُ؛ أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناءٍ فيه علامةُ التأْنيث، كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليس فيه علامة التأْنيث، ويقع مذكراً نحو التمر والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ، وأَشباه ذلك؛ ولم يُجاوِزوا البناء الذي يقع للجميع حيثُ أَرادوا واحداً، فيه علامة تأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث، فاكتفوا بذلك، وبَيَّنُوا الواحدة
بِأَن وصفوها بواحدة، ولم يَجِـيئُوا بعَلامة سوى العلامة التي في الجمع، ليُفْرَقَ بين هذا وبين الاسم، الذي يقع للجميع، وليس فيه علامة التأْنيث نحو التمر والبُسْر.
وتقول: أَرْطى وأَرْطاةٌ، وعَلْقَى وعَلْقاة، لأَن الأَلِفات لم تُلْحَقْ للتأْنيث، فَمِن ثم دخلت الهاء؛ وسنذكر ذلك في ترجمة حلف، إِن شاء اللّه تعالى.
والقَصْباءُ: هو القَصَبُ النابت، الكثير في مَقْصَبته. ابن سيده:
القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب. وقد أَقصَبَ المكانُ، وأَرض مُقْصِـبة
وقَصِـبةٌ: ذاتُ قَصَبٍ.
وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً، وأَقْصَبَ: صار له قَصَبٌ، وذلك بعد التَّفْريخ.
والقَصَبة: كلُّ عظمٍ ذي مُخٍّ، على التشبيه بالقَصَبة، والجمع قَصَبٌ.
والقَصَبُ: كل عظمٍ مستدير أَجْوَفَ، وكلُّ ما اتُّخِذَ من فضة أَو
غيرها، الواحدة قَصَبةٌ. والقَصَبُ: عظام الأَصابع من اليدين والرجلين؛ وقيل: هي ما بين كل مَفْصِلَيْن من الأَصابع، وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: سَبْطُ القَصَب. القَصَبُ من العظام: كلُّ عظم أَجوفَ فيه مُخٌّ، واحدتُه قَصَبة، وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ. والقَصْبُ: القَطْع. وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِـبُها قَصْباً: فَصَل قَصَبَها، وقطعها عُضْواً عُضْواً.
ودِرَّة قاصبة إِذا خرجت سَهْلة كأَنها قضِـيبُ فِضَّةٍ. وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِـبُه قَصْباً، واقْتَصَبَه: قطَعه. والقاصِبُ والقَصَّابُ:
الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ. فإِما أَن يكون من القَطْع، وإِما أَن يكون من أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها؛ وسُمِّي القَصَّابُ
قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: لئن وَلِـيتُ بني أُمَيَّةَ، لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ
الوَذِمةَ؛ يريدُ اللُّحومَ التي تَعَفَّرَتْ بسقوطها في التُّراب؛ وقيل: أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ. والتِّراب: أَصلُ ذراع الشاةِ، وقد تقدم ذلك في فصل التاءِ مبسوطاً.
ابن شميل: أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه؛ والتَّقْصِـيبُ أَن يَشُدَّ
يديه إِلى عُنُقه، ومنه سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً. والقاصِبُ: الزامِرُ.
والقُصَّابة: المِزْمارُ(1)
(1 قوله «والقصابة المزمار إلخ» أي بضم القاف وتشديد الصاد كما صرح به الجوهري وإن وقع في القاموس إطلاق الضبط المقتضي الفتح على قاعدته وسكت عليه الشارح.) والجمع قُصَّابٌ؛ قال الأَعشى:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِـيـ * ـنُ والـمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وقال الأَصمعي: أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ التي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ؛ وقال أَبو عمرو: هي المزامير، والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ في القَصَب؛ قال:
وقاصِـبُونَ لنا فيها وسُمَّارُ
والقَصَّابُ، بالفتح: الزَّمَّارُ؛ وقال رؤبة يصف الحمار:
في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب
يعني عَيراً يَنْهَقُ. والصنعة القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِـيبة والتَّقْصِـيبة والتَّقْصِـبةُ: الخُصْلة الـمُلْتَوِيةُ من الشَّعَر؛ وقد قَصَّبه؛ قال بشر بن أَبي خازم:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البريرِ، مُقَصَّبُ
والقَصائبُ: الذَّوائبُ الـمُقَصَّبةُ، تُلْوى لَيّاً حتى تَتَرَجَّلَ، ولا تُضْفَرُ ضَفْراً؛ وهي الأُنْبوبة أَيضاً. وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ. وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه. ولها قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ؛ وقال الليث: القَصْبة خُصْلة من الشعر تَلْتَوي، فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها
كانت تَقْصِـيبة، والجمع التَّقاصِـيبُ؛ وتَقْصِـيبُك إِيّاها لَيُّك
الخُصلة إِلى أَسْفلها، تَضُمُّها وتَشُدُّها، فتُصْبِـحُ وقد صارت
تَقاصِـيبَ، كأَنها بلابِلُ جاريةٍ. أَبو زيد: القَصائبُ الشَّعَر الـمُقَصَّبُ، واحدتُها قَصِـيبة. والقَصَبُ: مَجاري الماءِ من العيون، واحدتُها قَصَبة؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامتْ به، فابْتَنَتْ خَيْمةً * على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ
وقال الأَصمعي: قَصَبُ البَطْحاءِ مِـياهٌ تجري إِلى عُيونِ الرَّكايا؛
يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ. وكل ماءٍ عذبٍ:
فراتٌ؛ وكلُّ كثيرٍ جَرى فقد نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.
والقَصَبةُ: البئر الحديثةُ الـحَفْرِ.
التهذيب، الأَصمعي: القَصَبُ مَجاري ماءِ البئر من العيون. والقَصَبُ: شُعَبُ الـحَلْق. والقَصَبُ: عُروق الرِّئَة، وهي مَخارِجُ الأَنْفاس ومجاريها.
وقَصَبةُ الأَنْفِ: عَظْمُه. والقُصْبُ: الـمِعَى، والجمع أَقْصابٌ. الجوهري: القُصْبُ، بالضم: الـمِعَى. وفي الحديث: أَنَّ عَمْرو ابنَ لُـحَيٍّ أَوَّلُ من بَدَّل دينَ إِسمعيل، عليه السلام؛ قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه في النار؛ قيل: القُصْبُ اسم للأَمْعاءِ كُلِّها؛ وقيل: هو ما كان أَسْفَلَ البَطْن من الأَمْعاءِ؛ ومنه الحديثُ: الذي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الجمعة، كالجارِّ قُصْبَهُ في النار؛ وقال الراعي:
تَكْسُو الـمَفارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ، * من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
قال: وأَما قول امرئِ القيس:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والـمَتْنُ مَلْحوبُ
فيريد به الخَصْرَ، وهو على الاستعارة، والجمع أَقْصابٌ؛ وأَنشد بيتَ الأَعشى:
والـمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها
وقال: أَي بأَوتارها، وهي تُتَّخَذُ من الأَمْعاءِ؛ قال ابن بري: زعم
الجوهري أَنَّ قول الشاعر:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ
لامرئِ القيس؛ قال: والبيت لإِبراهيم بن عمران الأَنصاري؛ وهو بكماله:
والماءُ مُنْهَمِرٌ، والشَّدُّ مُنْحَدِرٌ، * والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والـمَتْنُ مَلْحوبُ
وقبله:
قد أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ، تَحْمِلُني * جَرْداءُ مَعْروقَةُ اللَّحْيَـيْن، سُرْحُوبُ
إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً، * لاحَتْ لَـهُمْ، غُرَّةٌ، منْها، وتَجْبِـيبُ
رَقاقُها ضَرِمٌ، وجَرْيُها خَذِمٌ، * ولَـحْمها زِيَمٌ، والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والعَينُ قادِحَةٌ، واليَدُّ سابِحَةٌ، * والرِّجْلُ ضارِحةٌ، واللَّوْنُ غِرْبيبُ
والقَصَبُ من الجَوْهر: ما كان مُسْتَطِـيلاً أَجْوَفَ؛ وقيل: القَصَبُ
أَنابِـيبُ من جَوْهَرٍ. وفي الحديث: أَنَّ جبريلَ، عليه السلام، قال
للنبي، صلى اللّه عليه وسلم: بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخَب فيه ولا نَصَب؛ ابن الأَثير: القَصَبُ في هذا الحديث لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ، كالقَصْرِ الـمُنيف. والقَصَبُ من الجوهر: ما اسْتطالَ منه في تَجْويف. وسأَل أَبو العباس ابنَ الأَعرابي عن تفسيره؛ فقال: القَصَبُ، ههنا: الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ الـمُرَصَّعُ بالياقوت؛ قال: والبَيتُ ههنا بمعنى القَصْر والدار، كقولك بيت الـمَلِك أَي قَصْرُه. والقَصَبةُ: جَوْفُ القَصْرِ؛ وقيل: القَصْرُ. وقَصَبةُ البَلد: مَدينَتُه؛ وقيل: مُعْظَمُه. وقَصَبة السَّوادِ: مَدينتُها. والقَصَبَةُ: جَوْفُ الـحِصْن، يُبْنى فيه بناءٌ، هو أَوسَطُه. وقَصَبةُ البلاد:
مَدينَتُها. والقَصَبة: القَرية. وقَصَبةُ القَرية: وسَطُها.
والقَصَبُ: ثيابٌ، تُتَّخَذ من كَتَّان، رِقاقٌ ناعمةٌ، واحدُها قَصَبـيٌّ، مثل عَربيٍّ وعَرَبٍ. وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِـبُه قَصْباً: مَصَّه.
وبعير قَصِـيبٌ، يَقصِبُ الماءَ، وقاصِبٌ: ممتنع من شُرْب الماءِ، رافعٌ رأْسه عنه؛ وكذلك الأُنثى، بغير هاء. وقد قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً، وقَصَبَ شُرْبَه إِذا امتنع منه قبل أَن يَرْوَى. الأَصمعي: قَصَبَ البعيرُ، فهو قاصِبٌ إِذا أَبى أَن يَشْرَب. والقومُ مُقْصِـبُونَ إِذا لم تَشْرَب إِبِلُهم.
وأَقْصَبَ الراعي: عافَتْ إِبلُه الماءَ. وفي المثل: رَعَى فأَقْصَبَ،
يُضْرَب للراعي، لأَنه إِذا أَساءَ رَعْيَها لم تَشْرَبِ الماءَ، لأَنها
إِنما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ من الكَلإِ. ودَخَلَ رُؤْبة على سليمان بن
علي، وهو والي البصرة؛ فقال: أَين أَنْتَ من النساءِ؟ فقال: أُطِـيلُ الظِّمْءَ، ثم أَرِدُ فأُقْصِبُ.
وقيل: القُصُوبُ الرِّيُّ من وُرود الماءِ وغيره. وقَصَبَ الإِنسانَ
والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِـبُهُ قَصْباً: منعه شُرْبَه، وقَطَعه عليه، قبل
أَن يَرْوَى. وبعيرٌ قاصِبٌ، وناقة قاصِبٌ أَيضاً؛ عن ابن السكيت.
وأَقْصَبَ الرجلُ إِذا فَعَلَت إِبلُه ذلك.
وقَصَبَه يَقْصِـبُه قَصْباً، وقَصَّبه: شَتَمَه وعابه، ووَقعَ فيه.
وأَقْصَبَهُ عِرْضَه: أَلْحَمَه إِياه؛ قال الكميت:
وكنتُ لهم، من هؤلاكَ وهؤُلا، * مُحِـبّاً، على أَنـِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورجلٌ قَصّابَةٌ للناس إِذا كان يَقَعُ فيهم. وفي حديث عبدالملك، قال لعروة بن الزبير: هل سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا؟ قال: لا.
والقِصابةُ: مُسَنَّاة تُبْنى في اللَّهْج (1)
(1 قوله «تبنى في اللهج» كذا في المحكم أيضاً مضبوطاً ولم نجد له معنى يناسب هنا. وفي القاموس تبنى في اللحف أي بالحاء المهملة. قال شارحه وفي بعض الامهات في اللهج اهـ. ولم نجد له معنى يناسب هنا أيضاً والذي يزيل الوقفة ان شاء اللّه ان الصواب تبنى في اللجف بالجيم محركاً وهو محبس الماء وحفر في جانب البئر. وقوله والقصاب الدبار إلخ بالباء الموحدة كما في المحكم جمع دبرة كتمرة. ووقع في القاموس الديار بالمثناة من تحت ولعله محرف عن الموحدة.) ، كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِـعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ به الوَبْلُ، ويَنْهَدِمَ عِراقُه.
والقِصابُ: الدِّبارُ، واحِدَتُها قَصَبَة.
والقاصِبُ: الـمُصَوِّتُ من الرعد. الأَصمعي في باب السَّحاب الذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ: منه الـمُجَلْجِلُ، والقاصِبُ، والـمُدَوِّي،
والـمُرْتَجِسُ؛ الأَزهري: شَبَّه السَّحابَ ذا الرعد بالقاصبِ أَي
الزامر.ويقال للـمُراهِنِ إِذا سَبَقَ: أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق. وفرس
مُقَصِّبٌ: سابقٌ؛ ومنه قوله:
ذِمارَ العَتِـيك بالجَوادِ الـمُقَصِّبِ
وقيل للسابق: أَحْرَزَ القَصَبَ، لأَنَّ الغاية التي يسبق إِليها، تُذْرَعُ بالقَصَبِ، وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عند مُنْتَهى الغاية، فَمَنْ سَبَقَ إِليها حازها واسْتَحَقَّ الخَطَر. ويقال: حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى على الأَمَد. وفي حديث سعيد بن العاص: أَنه سَبَقَ بين الخَيْل في الكوفة، فَجَعلها مائة قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ درهم؛
أَراد: أَنه ذَرَع الغاية بالقَصَبِ، فجَعَلَها مائة قَصَبةٍ.
والقُصَيْبَة: اسم موضع؛ قال الشاعر:
وهَلْ لِـيَ، إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِـيرتي * وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة، من ذنْب؟
عرش: العَرْش: سرير الملِك، يدلُّك على ذلك سرير ملِكة سَبَإِ، سمَّاه
اللَّه عز وجل عَرْشاً فقال عز من قائل: إِني وجدتُ امرأَة تملكهم
وأُوتيتْ من كل شيءٍ، ولها عرش عظيمٌ؛ وقد يُستعار لغيره، وعرض الباري سبحانه
ولا يُحدُّ، والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ وعِرَشَةٌ. وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ:
فرفعتُ رأْسي فإِذا هو قاعدٌ على عَرْش في الهواء، وفي رواية: بين السماء
والأَرض، يعني جبريلَ على سرير. والعَرْش: البيتُ، وجمعه عُروشٌ. وعَرْش
البيت: سقفُه، والجمع كالجمع. وفي الحديث: كنت أَسمع قراءة رسول اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، وأَنا على عَرْشِي، وقيل: على عَرِيشٍ لي؛
العَرِيشُ والعَرْشُ: السقفُ، وفي الحديث: أَو كالقِنْديلِ المعلَّق بالعَْرش،
يعني بالسقف. وفي التنزيل: الرحمن على العَرْش استوى، وفيه؛ ويحمل عَرْشَ
ربِّك فوقهم يومئذ ثمانيةٌ؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: الكرسيّ موضع
القدَمين والعَرْش لا يُقدَر قدرُه، وروي عنه أَنه قال: العَرْش مجلِس
الرحمن، وأَما ما ورد في الحديث: اهتزَّ العرشُ لموت سعد، فإِن العَرْش ههنا
الجِنَازة، وهو سرير الميت، واهتزازُه فَرَحُه بحمْل سعد عليه إِلى
مَدْفنِه، وقيل: هو عَرْش اللَّه تعالى لأَنه قد جاء في رواية أُخرى: اهتزَّ
عرشُ الرحمن لموْت سعد، وهو كِنايةٌ عن ارتياحِه بروحه حين صُعِد به
لكرامته على ربه، وقيل: هو على حذف مضافٍ تقديره: اهتزَّ أَهل العرش لقدومه على
اللَّه لما رأَوْا من منزلته وكرامته عند. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من
قرية أَهلكناها وهي ظالمة فهي خاويةٌ على عُروشِها؛ قال الزجاج: المعنى
أَنها خَلَتْ وخرّت على أَركانها، وقيل: صارت على سقُوفها، كما قال عز من
قائل: فجعلنا عالِيَها سافِلَها، أَراد أَن حيطانها قائمة وقد تهدَمت
سُقوفُها فصارت في قَرارِها وانقَعَرَت الحيطانُ من قواعدِها فتساقطت على
السُّقوف المتهدّمة قَبْلها، ومعنى الخاوِية والمنقعِرة واحد يدلُّك على ذلك
قول اللَّه عز وجل في قصَّة قوم معاد: كأَنهم أَعجازٌ نَخلٍ خاوِيةٍ؛
وقال في موضع آخر يذكر هلاكَهم أَيضاً: كأَنهم أَعجازُ نخلٍ مُنْقَعرٍ،
فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد، وهي المُنقلِعة من أُصولها حتى
خَوى مَنْبتُها. ويقال: انقَعَرَتِ الشجرة إِذا انقلَعتْ، وانقَعَر النبتُ
إِذا انقلَعَ من أَصله فانهدم، وهذه الصفة في خراب المنازل من أَبلغ ما
يوصف. وقد ذكر اللَّه تعالى في موضع آخر من كتابه ما دل على ما ذكرناه وهو
قوله: فأَتى اللَّه بُنيانَهم من القواعد فخرَّ عليهم السقفُ من فوقهم؛
أَي قلع أَبنيتَهم من أِساسها وهي القواعِدُ فتساقطت سُقوفُها، وعليها
القواعد، وحيطانُها وهم فيها، وإِنما قيل للمُنقَعِرِ خاوٍ أَي خالٍ، وقال
بعضهم في قوله تعالى: وهي خاوِية على عروشها؛ أَي خاوية عن عروشها
لتهدُّمِها، جعل على بمعنى عن كما قال اللَّه عز وجل: الذين إِذا اكتالُوا على
الناس يَسْتَوْفُون؛ أَي اكتالوا عنهم لأَنفسهم، وعُروشُها: سُقوفها، يعني
قد سقَط بعضُه على بعض، وأَصل ذلك أَن تسقُط السقوفُ ثم تسقُط الحيِطان
عليها. خَوَتْ: صارت خاوِيةً من الأَساس. والعَرْش أَيضاً: الخشَبة،
والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ. وعرَش العَرْشَ يعرِشه ويعرُشه عَرْشاً: عَمِلَه.
وعَرْشُ الرجل: قِوام أَمره، منه. والعَرْش: المُلْك. وثُلَّ عَرْشُه:
هُدِم ما هو عليه من قِوام أَمره، وقيل: وَهَى أَمريه وذهَب عِزُّه؛ قال
زهير:تَداركْتُما الأَحْلافَ، قد ثُلَّ عَرْشُها،
وذُبيانَ إِذ زَلَّتْ بأَحلامِها النَّعْلُ
(* في الديوان: بأَقدامها بدلاً من بأَحلامها.)
والعَرْش: البيت والمنزل، والجمع عُرُش؛ عن كراع. والعَرْش كواكِبُ
قُدَّام السَّماك الأَعْزَلِ. قال الجوهري: والعَرْشُ أَربعةُ كَواكِبَ صغار
أَسفل من العَوَّاء، يقال إِنها عَجُزُ الأَسَدِ؛ قال ابن أَحمر:
باتت عليه ليلةٌ عَرْشيَّةٌ
شَرِبَتْ، وبات على نَقاً مُتهدِّمِ
وفي التهذيب: وعَرْشُ الثُّريَّا كواكِبُ قريبة منها. والعَرْشُ
والعَرِيش: ما يُستَظلُّ به. وقيل لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، يوم بدر:
أَلا نَبْني لك عَرِيشاً تتظلَّل به؟ وقالت الخنساء:
كان أَبو حسّان عَرْشاً خَوَى،
ممَّا بَناه الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ
أَي كان يظلُّنا، وجمعه عُروش وعُرُش. قال ابن سيده: وعندي أَن عُروشاً
جمع عَرْش، وعُرُشاً جمعُ عَرِيش وليس جمعَ عَرْشٍ، لأَن باب فَعْل
وفُعُل كرَهْن ورُهُن وسَحْل وسُحُل لا يتَّسع.
وفي الحديث: فجاءت حُمَّرةٌ جعلت تُعَرِّشُ؛ التَّعْرِيش: أَن ترتفع
وتظلَّل بجناحيها على من تحتها. والعَرْش: الأَصل يكون فيه أَربعُ نَخْلات
أَو خمسٌ؛ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو، وإِذا نبتتْ رواكِيبُ أَربعٌ أَو
خمسٌ على جِذْع النَّخْلَة فهو العَرِيشُ. وعَرْشُ البئر: طَيُّها
بالخشب. وعرشْت الرَّكِيَّة أَعرُشها وأَعرِشُها عَرْشاً: طَويْتُها من
أَسفلها قدرَ قامةٍ بالحجارة ثم طَوَيْتُ سائرَها بالخشب، فهي مَعْرُوشةٌ، وذلك
الخشب هو العَرْش، فأَما الطيُّ فبالحجارة خاصَّة، وإِذا كانت كلها
بالحجارة، فهي مطويَّة وليست بمعروشة، والعَرْشُ: ما عَرَشْتها به من الخشب،
والجمع عُروشٌ. والعَرْشُ: البناء الذي يكون على فَمِ البئر يقوم عليه
الساقي، والجمع كالجمع؛ قال الشاعر:
أَكُلَّ يومٍ عَرْشُها مَقِيلي
وقال القَطامي عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ:
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ،
إِذا استُلَّ من تحت العُرُوشِ الدَّعائمُ
فلم أَرَ ذا شَرٍّ تَماثَلَ شَرُّهُ،
على قومِه، إِلا انتهى وهو نادمُ
أَلم تَرَ لِلبنْيانِ تَبْلى بُيوتُهُ،
وتَبْقَى من الشِّعْرِ البُيوتُ الصوارِمُ؟
يريد أَبياتَ الهِجاء. والصوارِمُ: القواطِع. والمثابةُ: أَعلى البئر
حيث يقوم المستقي. قال ابن بري: والعَرْش على ما قاله الجوهري بناءٌ يُبنى
من خشب على رأْس البئْر يكون ظِلالاً، فإذا نُزِعت القوائمُ سقطتِ
العُروشُ، ضَرَبَهُ مثلاً.
وعَرْشُ الكَرْمِ: ما يُدْعَمُ به من الخشب، والجمع كالجمع. وعَرَشَ
الكَرْمَ يَعْرِشُه ويعرُشه عَرْشاً وعُرُوشاً وعَرَّشَه: عَمِل له عَرْشاً،
وعَرَّشَه إِذا عَطَف العِيدان التي تُرْسَل عليها قُضْبان الكَرْم،
والواحد عَرْش والجمع عُروش، ويقال: عَرِيش وجمعه عُرُشٌ. ويقال: اعْتَرَشَ
العِنَبُ العَريشَ اعْتِراشاً إِذا عَلاه على العِراش. وقوله تعالى:
جَنَّاتٍ مَعْرُوشات؛ المعروشاتُ: الكُرُوم. والعَرِيشُ ما عَرَّشْتَه به،
والجمع عُرُشٌ. والعَرِيشُ: شِبْهُ الهَوْدَج تقْعُد فيه المرأَةُ على
بَعِيرٍ وليس به؛ قال رؤبة:
إِمَّا تَرَيْ دَهْراً حَناني خَفْضا
أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
وبئرٌ مَعْروشةُ وكُرُومٌ مَعْروشاتٌ. وعرَشَ يعْرِشُ ويعرُش عَرْشاً
أَي بَنى بِناءً من خشبٍ. والعَرِيشُ: خَيْمةٌ من خشب وثُمام. والعُروش
والعُرُش: بيوت مكة، واحدها عَرْشٌ وعَرِيشٌ، وهو منه لأَنها كانت تكون
عِيداناً تُنْصَبُ ويُظَلَّلُ عليها؛ عن أَبي عبيد: وفي حديث ابن عمر: أَنه
كان يَقْطع التَلْبِيةَ إِذا نَظَر إِلى عُروش مكة؛ يعني بيوتَ أَهل
الحاجة منهم، وقال ابن الأَثير: بيوت مكة لأَنها كانت عيداناً تنصب ويُظَلَّل
عليها. وفي حديث سعد قيل له: إِن معاوية يَنْهانا عن مُتْعة الحج، فقال:
تَمَتَّعْنا مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ومعاويةُ كافر
بالعُرُشِ؛ أَراد بيوت مكة، يعني وهو مقيم بعُرُش مكة أَي بيوتها في حال
كُفْرِه قبل إِسلامِه، وقيل أَراد بقوله كافر الاخْتِفاء والتغطّي؛ يعني أَنه
كان مُخْتفياً في بيوت مكة، فمن قال عُرُش فواحدها عريشٌ مثل قَليبٍ
وقُلُبٍ، ومن قال عُروش فواحدها عريشٌ مثل قَليبِ وقُلُبٍ، ومن قال عُروش
فواحدها عَرش مثل فَلْس وفُلوس. والعَريش والعَرْشُ: مكةُ نفسُها كذلك؛ قال
الأَزهري: وقد رأَيتُ العربَ تسمي المَظالَّ التي تُسَوَّى من جريد النخل
ويُطْرح فوقها التُّمام عُرُشاً، والواحد منها عَريش: ثم يُجْمع عُرْشاً،
ثم عُروشاً جمعَ الجمعِ. وفي حديث سهل بن أَبي خَيْثَمة: إِني وجدت ستين
عَرِيشاً فأَلقيت لهم من خَرْصِها كذا وكذا؛ أَراد بالعَرِيش أَهل البيت
لأَنهم كانوا يأْتون النَّخيل فيَبْتَنُون فيه من سَعَفِه مثل الكُوخ
فيُقِيمون فيه يأْكلون مدّة حَمْله الرُّطَبَ إِلى أَن يُصْرَمَ. ويقال
للحَظِيرة التي تُسَوَّى للماشية تكُنّها من البَرد: عَريشٌ.
والإِعْراشُ: أَن تمْنَع الغنمَ أَن تَرْتَع، وقد أَعْرَشْتها إِذا
مَنعْتها أَن ترتع؛ وأَنشد:
يُمْحى به المَحْلُ وإِعْراشُ الرُّمُم
ويقال: اعْرَوَّشْتُ الدابةَ واعنَوَّشْته
(* قوله «واعنوشته» هو في
الأصل بهذا الضبط .) وتَعَرْوَشْته إِذا ركبته. وناقة عُرْشٌ: ضخْمة كأَنها
مَعْروشة الزَّوْر؛ قال عبدةُ بن الطبيب:
عُرْشٌ تُشِيرُ بقِنْوانٍ إِذا زُجِرَتْ،
من خَصْبة، بقِيَتْ منها شَمالِيلُ
وبعيرٌ مَعْروشُ الجَنْبين: عظيمُهما كما تُعْرَشُ البئر إِذا طُوِيتْ.
وعَرْشُ القَدَمِ وعُرْشُها: ما بين عَيرِها وأَصابعها من ظاهرٍ، وقيل:
هو ما نَتأَ في ظهرها وفيه الأَصابعُ، والجمع أَعْراشٌ وعِرَشة. وقال ابن
الأَعرابي: ظهرُ القدم العَرْش وباطنُه الأَخْمَص. والعُرْشانِ من
الفرس: آخرُ شَعرِ العُرْف. وعُرْشا العُنُق: لَحْمتان مسْتَطِيلتان بينهما
الفَقارُ، وقيل: هما موضعا المِحْجَمَتين؛ قال العجاج:
يَمْتَدّ عُرْشا عُنْقِه للُقْمَتِهْ
ويروى: وامتدَّ عُرْشا. وللعنُقِ عُرْشان بينهما القفا، وفيهما
الأَخْدَعانِ، وهما لحمتان مُسْتطيلتانِ عِدا العُنُق؛ قال ذو الرمة:
وعبدُ يَغُوث يَحْجُلُ الطَّيْرُ حوله،
قد احْتَزّ عُرْشَيهِ الحُسامُ المُذَكَّرُ
لنا الهامةُ الأُولى التي كلُّ هامةٍ،
وإِن عظُمَتْ، منها أَذَلُّ وأَصْغَرُ
وواحدهما عُرْش، يعني عبد يغوث بن وقّاص المُحاربي، وكان رئيسَ مَذْحِج
يومَ الكُلاب ولم يُقْتل ذلك اليومَ، وإِنما أُسِرَ وقُتِل بعد ذلك؛
وروي: قد اهْتَذّ عُرْشَيه أَي قَطَع، قال ابن بري: في هذا البيت شاهِدانِ:
أَحدُهما تقديمُ مِنْ على أَفْعَل، والثاني جواز قولهم زيد أَذلُّ من
عُمرٍو، وليس في عَمْرٍو ذُلٌّ؛ على حد قول حسان:
فَشَرُّكُما لِخيرِكُما الفِداءُ
وفي حديث مَقْتَل أَبي جهل قال لابن مسعود: سَيْفُك كَهامٌ فخُذْ سَيفي
فاحْتَزَّ به رأْسي من عُرْشِي؛ قال: العُرْشُ عِرْقٌ في أَصل العُنُق.
وعُرْشا الفرسِ: مَنْبِت العُرْفِ فوق العِلْباوَيْنِ.
وعَرْشَ الحِمارُ بعانَتهِ تَعْريشاً: حَمَلَ عليها فاتحاً فمَه رافعاً
صوتَه، وقيل إِذا شَحَا بعد الكَرْفِ؛ قال رؤبة:
كأَنّ حيث عَرَّشَ القَبائلا
من الصَّبِيّيْنِ وحِنُوًا ناصِلا
والأُذُنان تُسَمَّيان: عُرْشَينِ لِمُجاوَرَتِهما العُرْشَين. أَراد
فلان أَن يُقِرّ لي بحقّي فَنَفَث فلانٌ في عُرْشَيهِ، وإِذا سارَّه في
أُذُنيه فقد دَنا من عُرْشَيْهِ. وعَرَشَ بالمكان يَعْرِش عُرُوشاً
وتَعرَّش: ثبَتَ. وعَرِشَ بغَرِيمه عرَشاً: لزِمَه. والمُتَعَرْوِشُ:
المُسْتَظِلّ بالشجرة. وعَرَّشَ عني الأَمرُ أَي أَبْطأَ: قال الشماخ.
ولما رأَيتُ الأَمرَ عَرْشَ هَوِيّةٍ،
تسَلّيْتُ حاجاتِ الفؤاد بشَمَّرا
الهَوِيّةُ: موضعٌ يَهْوِي مَنْ عليه أَي يَسْقُط؛ يصِفُ فوتَ الأَمرِ
وصعوبتَه بقوله عَرْشَ هَوِيّة. ويقال الكلب إِذا خَرِقَ فلم يَدْنُ
للصيد: عَرِشَ وعَرِسَ.
وعُرْشانٌ: اسمٌ. والعُرَيْشانُ: اسم؛ قال القتَّال الكِلابي:
عفا النَّجْبُ بعدي فالعُرَيْشانُ فالبُتْرُ
قلم: القَلَم: الذي يُكتب به، والجمع أقلام وقِلام. قال ابن بري: وجمع
أَقلام أَقاليم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنَّني، حِينَ آتِيها لتُخْبِرَني
وما تُبَيّنُ لي شَيْئاً بِتَكْلِيمِ،
صَحِيفةٌ كُتِبَتْ سِرّاً إلى رَجُلٍ،
لم يَدْرِ ما خُطَّ فيها بالأَقالِيم
والمِقْلَمة: وعاء الأَقْلام. قال ابن سيده: والقَلَمُ الذي في التنزيل
لا أعرف كَيفيته؛ قال أَبو زيد: سمعت أعرابيّاً مُحرِماً يقول:
سَبَقَ القَضاءُ وجَفَّتِ الأَقْلامُ
والقَلَمُ: الزَّلَمُ. والقَلَم: السَّهْم الذي يُجال بين القوم في
القِمار، وجمعهما أقلام. وفي التنزيل العزيز: وما كنتَ لديهم إذ يُلقون
أقلامهم أَيُّهم يَكفل مريم؛ قيل: معناه سهامهم، وقيل: أَقلامهم التي كانوا
يكتبون بها التوراة؛ قال الزجاج: الأَقلام ههنا القِداح، وهي قِداح جعلوا
عليها علامات يعرفون بها من يكفل مريم على جهة القرعة، وإنما قيل للسهم
القلم لأَنه يُقْلم أي يُبْرى. وكلُّ ما قطَعت منه شيئاً بعد شيء فقد
قَلَمْته؛ من ذلك القلم الذي يكتب به، وإنما سمي قَلَماً لأَنه قلِمَ مرة بعد
مرة، ومن هذا قيل: قَلَمت أَظفاري. وقَلَمت الشيء: بَرَيْته وفيه عالَ
قلمُ زكريا؛ هو ههنا القِدْح والسهم الذي يُتقارَع به، سمي بذلك لأَنه
يُبرى كبَرْي القلم. ويقال للمِقْراض: المِقْلامُ. والقَلَمُ: الجَلَمُ.
والقَلَمانِ: الجَلَمانِ لا يفرد له واحد؛ وأَنشد ابن بري:
لعَمْرِيَ لو يُعْطِي الأَميرُ على اللِّحَى،
لأُلْفِيتُ قد أَيْسَرْتُ مُنْذُ زَمانِ
إذا كشَفَتْني لِحْيَتي من عِصابةٍ،
لهُمُ عندَه ألفٌ ولي مائتانِ
لهَا دِرْهَمُ الرحمنِ في كلِّ جُمعةٍ،
وآخَرُ للِخَناء يَبْتَدِرانِ
إذا نُشِرتْ في يَوْمِ عِيدٍ رأَيْتَِها،
على النَّحْرِ، مِرْماتيْنِ كالقَفَدانِ
ولوْلا أَيادٍ مِنْ يَزِيدَ تتابَعتْ،
لَصَبَّحَ في حافاتِها القَلمانِ
والمِقْلَم: قَضِيب الجمل والتيس والثور، وقيل: هو طرَفه. شمر: المِقْلم
طَرف قضيب البعير، وفي طرفه حَجَنةٌ فتلك الحَجَنة المِقْلم، وجمعه
مَقالِمُ. والمِقْلَمة: وعاء قضيب البعير. ومقالِم الرمح: كُعوبه؛ قال:
وعادِلاً مارِناً صُمّاً مَقالِمُه،
فيه سِنانٌ حَلِيفُ الحَدِّ مَطْرُورُ
ويروى: وعاملاً. وقَلَم الظُّفُر والحافر والعُود يَقْلِمُه قَلْماً
وقَلَّمه: قطَعه بالقَلَمَيْن، واسم ما قُطِع منه القُلامة. الليث: القَلْم
قطع الظفر بالقلمين، وهو واحد كله. والقُلامة: هي المَقْلومة عن طرف
الظفر؛ وأَنشد:
لَمَّا أَتَيْتُم فلم تَنْجُوا بِمَظْلِمةٍ،
قِيسَ القُلامةِ مما جَزَّه القَلَمُ
قال الجوهري: قَلَمْت ظُفري وقَلَّمت أظفاري، شدد للكثرة. ويقال للضعيف:
مَقْلُوم الظفر وكَلِيل الظفر. والقَلَمُ: طول أَيْمةِ المرأَة. وامرأَة
مُقَلَّمة أي أَيّم. وفي الحديث: اجتاز النبي، صلى الله عليه وسلم،
بنسوة فقال أَظنُّكُنَّ مُقَلَّماتٍ أي ليس عليكن حافظ؛ قال ابن الأثير: كذا
قال ابن الأَعرابي في نوادره، قال ابن الأَعرابي وخَطَب رجل إلى نسوة فلم
يُزَوِّجنَه، فقال: أَظنكنّ مُقَلَّماتٍ أي ليس لكنّ رجل ولا أحد يدفع
عنكن. ابن الأَعرابي: القَلَمة العُزّاب من الرجال، الواحد قالِمٌ. ونساء
مُقَلَّمات: بغير أَزواج. وأَلفٌ مُقَلَّمةٌ: يعني الكَتِيبة الشاكَّة في
السلاح.
والقُلاَّم، بالتشديد: ضرب من الحَمْض، يذكر ويؤنث، وقيل: هي
القاقُلَّى. التهذيب: القُلاَّم القاقُلى؛ قال لبيد:
مَسْجُورةً متجاوِراً قُلاَّمها
وقال أَبو حنيفة: قال شُبَيل بن عَزْرة القُلاَّم مثل الأَشنان إلا أَن
القلام أَعظم، قال: وقال غيره ورقه كورق الحُرْف؛ وأَنشد:
أَتوْني بِقُلاَّمٍ فَقالوا: تَعَشّهُ
وهل يأْكُلُ القُلاَّمَ إلا الأَباعِرُ؟
والإقْلِيمُ: واحد أقالِيم الأَرض السبعة. وأَقاليمُ الأرضِ: أَقْسامها،
واحدها إقلِيم؛ قال ابن دريد: لا أَحسب الإقْلِيم عربيّاً؛ قال
الأَزهري: وأَحسبه عربيّاً. وأَهل الحِساب يزعمون أَن الدُّنيا سبعة أقاليم كل
إقْليم معلوم، كأَنه سمي إِقْلِيماً لأَنه مَقْلوم من الإقلِيم الذي
يُتاخِمه أي مقطوع. وإقْلِيم: موضع بمصر؛ عن اللحياني.
وأَبو قَلَمُون: ضرب من ثِياب الروم يتلوّن ألواناً للعيون. قال ابن
بري: قَلَمُون، فَعَلُول، مثل قَرَبُوسٍ. وقال الأَزهري: قَلَمون ثوب
يُتراءى إذا طلعت الشمس عليه بأَلوان شتى. وقال بعضهم: أَبو قلمون طائر يُتراءى
بأَلوان شتى يشبَّه الثوب به.
قرع: القَرَعُ: قَرَعُ الرأْس وهو أَن يَصْلَعَ فلا يبقى على رأْسه شعر،
وقيل: هو ذَهابُ الشعر من داءٍ؛ قَرِعَ قَرَعاً وهو أَقْرَعُ وامرأَة
قَرْعاءُ. والقَرَعةُ: موضع القَرَعِ من الرأْسِ، والقوم قُرْعٌ وقُرْعانٌ.
وقَرِعَتِ النَّعامةُ قَرَعاً: سقَط ريشُ رأْسها من الكِبَرِ، والصِّفةُ
كالصِّفةِ؛ والحَيّةُ الأَقرع إِنما يَتَمَعَّطُ شعر رأْسه، زعموا لجمعه
السمّ فيه. يقال: شُجاعٌ أَقْرَعُ. وفي الحديث: يَجِيءُ كَنْزُ أَحدِكم
يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ؛ الأَقْرَعُ: الذي لا شعر
له على رأْسه، يريد حية قد تمعَّط جلد رأْسه لكثرة سمه وطُولِ عُمُره،
وقيل: سمي أَقرع لأَنه يَقْرِي السم ويجمعه في رأْسه حتى تتمعط منه فَرْوةُ
رأْسه؛ قال ذو الرمة يصف حية:
قَرَى السَّمَّ، حتى انْمازَ فَرْوةُ رأْسِه
عن العَظْمِ، صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُهْ
والتَّقْرِيعُ: قَصُّ الشعَر؛ عن كراع. والقَرَعُ: بَثْرٌ أَبيض يخرج
بالفُصْلانِ وحَشْوِ الإِبل يُسْقِطُ وَبَرها، وفي التهذيب: يخرج في أَعْناق
الفُصْلان وقوائمها. وفي المثلِ: أَحَرُّ من القَرَعِ. وقد قَرِع
الفَصِيلُ، فهو قَرِعٌ، والجمع قَرْعى. وفي المثل: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى
القَرْعَى أَي سَمِنَتْ؛ يضرب مثلاً لمن تعدّى طَوْرَه وادّعى ما ليس له.
ودواءُ القَرَع المِلْح وجُبابُ أَلبانِ الإِبل، فإِذا لم يجدوا مِلْحاً
نَتَفُوا أَوباره ونَضَحُوا جلده بالماء ثم جرّوه على السَّبَخةِ. وتَقَرَّعَ
جلده: تَقَوَّبَ عن القَرَعِ. وقُرِّعَ الفَصِيلُ تقريعاً: فُعِلَ به ما
يُفْعَلُ به إِذا لم يوجد الملح؛ قال أَوس بن حجر يذكر الخيل:
لَدَى كلِّ أُخْدُودٍ يُغادِرْنَ دارِعاً،
يُجَرُّ كما جُرَّ الفَصِيلُ المُقَرَّعُ
وهذا على السلب لأَنه يُنْزَعُ قَرَعُه بذلك كما يقال: قَذَّيْتُ العينَ
نزعت قذاها، وقَرَّدْت البعير. ومنه المثل: هو أَحرّ من القَرَع، وربما
قالوا: هو أَحرّ من القرْع، بالتسكين، يعنون به قَرْعَ المِيسَمِ وهو
المِكْواةُ؛ قال الشاعر:
كأَنَّ على كَبِدِي قَرْعةً،
حِذاراً مِنَ البَيْنِ، ما تَبْرُدُ
والعامة تقوله كذلك بتسكين الراء، تريد به القَرْعَ الذي يؤكل، وإِنما
هو بتحريكها. والفَصِيلُ قَرِيعٌ والجمع قَرْعى، مثل مَرِيضٍ ومَرْضَى.
والقَرَعُ: الجَرَبُ؛ عن ابن الأَعرابي، أَراه يعني جرب الإِبل. وقَرَّعَتِ
الحَلُوبةُ رأْسَ فَصِيلها إِذا كانت كثيرة اللبن، فإِذا رَضِعَ الفصيلُ
خِلْفاً قَطَرَ اللبَنُ من الخِلفِ الآخرِ على رأْسه فَقَرَعَ رأْسَه؛
قال لبيد:
لها حَجَلٌ قد قَرَّعَتْ مِنْ رُؤُوسِه،
لها فَوْقَه مِمَّا تَحَلَّبَ واشِلُ
سَمَّى الإِفالَ حَجلاً تشبيهاً بها لصغرها؛ وقال الجعدي:
لها حَجَلٌ قُرْعُ الرُؤُوسِ تَحَلَّبَتْ
على هامِها، بالصَّيْفِ، حتى تَمَوَّرا
وقَرِعَتْ كُرُوشُ الإِبل إِذا انْجَرَدَتْ في الحرّ حتى لا تَسْقِ
(*
قوله «لا تسق» كذا بالأصل على هذه الصورة ولعله لا تستبقي الماء أو ما في
معناه.) الماءَ فيكثر عَرَقُها وتَضْعُفَ بذلك. والقَرَعُ: قَرَعُ
الكَرِش، وهو أَن يذهب زئبره ويَرِِقَّ من شدَّة الحر. واسْتَقْرَعَ الكَرِش
إِذا استَوْكَعَ. والأَكْراشُ يقال لها القُرْعُ إِذا ذهب خَمَلُها. وفي
الحديث: أَنه لما أَتى على محسِّرٍ قَرَعَ راحلته أَي ضرَبها بِسوْطِه.
وقَرَعَ الشيءَ يَقْرَعُهُ قَرْعاً: ضربه. الأَصمعي: يقال العَصا قُرِعَتْ
لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه؛ ومعنى قول الحرث بن وعْلةَ
الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لنا،
إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ
قال ثعلب: المعنى أَنكم زعمتم أَنَّا قد أَخطأْنا فقد أَخطأَ العلماءُ
قبلنا، وقيل: معنى ذلك أَي أَنَّ الحليم إِذا نبه انتبه، وأَصله أَنَّ
حَكَماً من حُكَّام العرب عاش حتى أُهْتِرَ فقال لابنته: إِذا أَنكَرْتِ من
فَهْمِي شيئاً عند الحُكْمِ فاقْرَعِي لي المِجَنَّ بالعصا لأَرتدع، وهذا
الحكم هو عَمْرو بن حُمَمةَ الدَّوْسِيّ قضَى بين العرب ثلثمائة سنة،
فلما كَبِرَ أَلزموه السابع من ولده يقرع العصا إِذا غَلِطَ في حكومته؛ قال
المتلمس:
لِذِي الحِلْمِ قَبْلَ اليَوْمِ ما تُقْرَعُ العَصا،
وما عُلِّمَ الإِنسانُ إِلاَّ ليَعْلَما
ابن الأَعرابي: وقول الشاعر:
قَرَعْت ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عاقِلٍ،
ويومَ اللِّوَى حتى قَشَرْت الهَوَى قَشْرا
أَي أَذَلَلْته كما تقرَع ظُنْبُوبَ بعيرك لِيَتَنَوَّخَ لك فتركبه. وفي
حديث عمار قال: قال عمر بن أَسَدِ بن عبد العُزَّى حين قيل له محمد يخطب
خديجة قال: نِعْمَ البُضْعُ
(* قوله« البضع» هو الكفء كما في النهاية
وبهامشها هو عقد النكاح على تقدير مضاف أي صاحب البضع.) لا يُقْرَعُ أَنفه؛
وفي حديث آخر: قال ورقة بن نوفل: هو الفحل لا يُقْرَعُ أَنفه أَي أَنه كفءٌ
كريم لا يُرَدُّ، وقد ذكر في ترجمة قدع أَيضاً، وقوله لا يقرع أَنفه كان
الرجل يأْتي بناقة كريمة إِلى رجل له فحل يسأَله أَن يُطْرِقَها فحلَه،
فإِن أَخرج إِليه فحلاً ليس بكريم قَرَعَ أَنفه وقال لا أُريده.
والمُقْرَعُ: الفحْلُ يُعْقَلُ فلا يُتْرَكُ أَن يضرب الإِبل رغبة عنه، وقَرَعْتُ
البابَ أَقْرَعُه قَرْعاً. وقَرَعَ الدابَّةَ وأَقرَع الدابة بلجامها
يَقْرَعُ: كفَّها به وكبَحَها؛ قال سُحَيْمُ بن وَثِيلٍ الرِّياحِي:
إِذا البَغْلُ لم يُقْرَعْ له بلِجامِه،
عَدا طَوْرَه في كلِّ ما يَتَعَوَّدُ
وقال رؤْبة:
أَقْرَعَه عَنِّي لِجامٌ يُلْجِمُه
وقَرَعْت رأْسه بالعَصا قَرْعاً مثل فَرَعْتُ، وقَرَعَ فلان سنَّه
نَدَماً؛ وأَنشد أَبو نصر:
ولو أَني أَطَعْتُكَ في أُمُورٍ،
قَرَعْتُ نَدامةً مِنْ ذاكَ سِنِّي
وأَنشد بعضهم لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بنَ رَوْحٍ ببَلْدةٍ
ليَ النِّصْفُ منها، يَقْرَعِ السِّنَّ مِنْ نَدَمْ
وكان زِنْباعُ بن رَوْحٍ في الجاهلية ينزل مَشارفَ الشام، وكان يَعْشُرُ
من مَرَّ به، فخرج عمر في تجارة إِلى الشام ومعه ذَهَبةٌ جعلها في دَبِيلٍ
وأَلقَمَها شارِفاً له، فنظر إِليها زِنْباعٌ تَذْرِفُ عيناها فقال: إِن
لها لَشَأْناً، فنحرها ووجَد الذهبَةَ فَعَشَرَها، فحينئذ قال عمر، رضي
الله عنه، هذا البيت. وقَرَعَ الشاربُ بالإِناء جبهتَه إِذا اشتفَّ ما فيه
يعني أَنه شرب جميع ما فيه؛ وأَنشد:
كأَنَّ الشُّهْبَ في الآذانِ منها،
إِذا قَرَعُوا بِحافَتِها الجَبِينا
وفي حديث عمر: أَنه أَخذ قَدَحَ سويق فشربه حتى قَرَعَ القَدَحُ جبينَه
أَي ضرَبه، يعني شرب جميع ما فيه؛ وقال ابن مقبل يصف الخمر:
تَمَزَّزْتُها صِرفاً، وقارَعْتُ دَنَّها
بعُودِ أَراكٍ هَدَّه فَتَرَنَّما
قارَعْتُ دَنَّها أي نزَفْتُ ما فيه حتى قَرِعَ، فإِذا ضُرِبَ الدَّنُ
بعد فَراغِه بعود تَرَنَّمَ.
والمِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحمير، وقيل: كلُّ ما قُرِعَ
به فهو مِقْرعةٌ. الأَزهريُّ: المِقْرعةُ: التي تضرب بها الدابة،
والمِقْراعُ كالفأْس يكسر بها الحجارة؛ قال يصف ذئباً:
يَسْتَمْخِرُ الرِّيحَ إِذالم يَسْمَعِ،
بِمِثْلِ مِقْراعِ الصَّفا المُوَقَّعِ
(* قوله« يستمخر إلخ» أنشده في مادة مخر: لم أسمع بدل لم يسمع .)
والقِراعُ والمُقارَعةُ: المُضاربةُ بالسيوف، وقيل: مضاربة القوم في
الحرب، وقد تَقارعُوا. وقَرِيعُك: الذي يُقارِعُك. وفي حديث عبد الملك وذكر
سيف الزبير:
بِهِنَّ فُلُولٌ من قِراعِ الكَتائِبِ
أَي قتال الجيوش ومحاربتها.
والإِقْراعُ: صَكُّ الحَمِيرِ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها؛ قال رؤبة:
حَرًّا منَ الخَرْدلِ مَكْرُوهِ النَّشَقْ،
أَو مُقْرَعِ مِن رَكْضِها دامِي الزَّنَقْ
والمِقْراعُ: الساقُورُ. والأَقارِعُ: الشِّدادُ؛ عن أَبي نصر.
والقارِعةُ من شدائدِ الدهْرِ وهي الداهِيةُ؛ قال رؤبة:
وخافَ صَدْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
قال يعقوب: القارِعةُ هنا كل هَنةٍ شديدةِ القَرْعِ، وهي القيامة
أَيضاً؛ قال الفراء: وفي التنزيل: وما أَدراك ما القارعةُ؛ وقوله:
ولا رَمَيْتُ على خَصْمٍ بقارِعةٍ،
إِلاَّ مُنِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لي جَذَعا
يعني حُجّة، وكله من القَرْع الذي هو الضرْبُ. وقوله تعالى: ولا يزال
كفروا تصيبهم بما صنعوا قارِعةٌ؛ قيل في التفسير: سَرِيّةٌ من سَرايا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ومعنى القارعة في اللغة النازلةُ الشديدة تنزل
عليهم بأَمر عظيم، ولذلك قيل ليوم القيامة القارعة. ويقال: قَرَعَتْهم
قَوارعُ الدهْرِ أَي أَصابتهم، ونعوذ بالله من قَوارِعِ فلان ولواذِعِه
وقَوارِصِ لسانه. وفي حديث أَبي أُمامة: من لم يَغْز أَو يُجَهِّزْ غازِياً
أَصابه الله بقارعةٍ أَي بداهيةٍ تُهْلِكُه. يقال: قَرَعَه أَمرٌ إِذا
أَتاه فَجْأَةً، وجمعها قَوارِعُ. الأَصمعي: يقال أَصابته قارعة يعني أَمراً
عظيماً يَقْرَعُه. ويقال: أَنزل الله به قَرْعاءَ وقارعةً ومُقْرِعةً،
وأَنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضةً؛ هي المصيبة التي لا تدَعُ مالاً ولا
غيره. وفي الحديث: أُقسم لَتَقْرَعَنّ بها أَبا هريرة أَي لَتَفْجَأنَّه
بذكرها كالصّكّ له والضربْ.
وقَرِعَ ماءُ البئرِ: نَفِدَ فَقَرَعَ قَعْرَها الدَّلْوُ. وبئر
قَرُوعٌ: قليلة الماء يَقْرَعُ قَعْرَها الدَّلْوُ لفَناءِ مائِها. والقَرُوعُ
من الرَّكايا: التي تحفر في الجبل من أَعلاها إِلى أَسفلها. وأَقْرَعَ
الغائصُ والمائِحُ إِذا انتهى إِلى الأَرض.
والقَرَّاعُ: طائر له مِنْقارٌ غليظ أَعْقَفُ يأْتي العُود اليابس فلا
يزال يَقْرَعُه حتى يدخل فيه، والجمع قَرّاعاتٌ، ولم يكسّر. والقَرّاعُ:
الصُّلْبُ الشديد. وتُرْسٌ أَقْرَعُ وقَرّاعٌ: صُلْبٌ شديد؛ قال الفارسي:
سمي به لصبره على القَرْعِ؛ قال أَبو قَيْسِ بن الأَسْلتِ:
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّه،
ومُجْناءٍ أَسْمَرَ قَرَّاعِ
وقال الآخر:
فلما فَنى ما في الكَنائِنِ ضارَبُوا
إِلى القُرعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لَمّا فَنِيَتْ سِهامُهم، وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيِّءٍ. والقَرّاعُ: التُّرْسُ. والقَرَّاعانِ: السيفُ
والحَجَفةُ؛ هذه من أَمالي ابن بري. والقَرّاعُ من كل شيء: الصُّلْبُ
الأَسفلِ الضَّيِّقُ الفم. واسْتَقْرَعَ حافِرُ الدابّة إِذا اشتد.
والقِراعُ: الضِّرابُ. وقَرَعَ الفحلُ الناقةَ والثورُ يَقْرَعُها
قَرْعاً وقِراعاً: ضربها. وناقة قَرِيعةٌ: يُكْثر الفحلُ ضِرابها ويُبْطِئ
لَقاحُها. ويقال: إِنَّ ناقتك لقَرِيعةٌ أَي مُؤَخَّرةُ الضَّبَعةِ.
واسْتَقْرَعَت الناقةُ: اشتهت الضِّرابَ. الأَصمعي: إِذا أَسْرَعَتِ الناقةُ
اللَّقَحَ فهي مِقْراعٌ؛ وأَنشد:
تَرى كلَّ مِقْراعٍ سَرِيعٍ لَقاحُها،
تُسِرُّ لَقاحَ الفحْلِ ساعةَ تُقْرَعُ
وفي حديث هشام يصف ناقة: إِنها لَمِقْراعٌ؛ هي التي تَلْقَحُ في أَوَّل
قَرْعةٍ يَقْرَعُها الفحلُ. وفي حديث علقمة: أَنه كان يُقَرِّعُ غَنَمه
ويَحْلُِبُ ويَعْلِفُ أَي يُنْزِي الفُحولَ عليها؛ هكذا ذكره الزمخشري
والهروي، وقال أَبو موسى: هو بالفاء، وقال: هو من هفوات الهروي. واسْتَقْرَعَتِ
البقرُ: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للضأْن اسْتَوْبَلَتْ،
وللمِعْزى اسْتَدَرَّتْ، وللبقرة استقرعت، وللكلبة اسْتَحْرَمَتْ. وقَرَعَ
التيْسُ العَنْزَ إِذا قَفَطها. وقرَّعَ القومَ: أَقْلَقَهم؛ قال أَوس بن حجر
أَنشده الفراء:
يُقَرِّعُ للرّجالِ، إِذا أَتَوْه،
وللنِّسْوانِ، إِنْ جِئْنَ، السَّلامُ
أَراد يُقَرِّعُ الرجالَ فزادَ اللام كقوله تعالى: قل عسَى أَن يكون
رَدِفَ لكم؛ وقد يجوزأَن يريد بيُقَرِّع يَتَقَرَّعُ. والتقْرِيعُ:
التأْنِيبُ والتعْنِيف. وقيل: هو الإِيجاعُ باللَّوْمِ. وقَرَّعْتُ الرجلَ إِذا
وَبَّخْتَه وعَذلْتَه، ومرجعه إِلى ما أَنشده الفراء لأَوس بن حجر. ويقال:
قَرَّعَني فلان بلَوْمِه فما ارْتَقَعْتُ به أَي لم أَكْتَرِثْ به. وبات
بَتَقَرَّعُ ويُقَرِّعُ: يَتَقَلَّبُ، وبِتُّ أَتَقَرَّعُ.
والقُرْعةُ: السُّهْمةُ. والمُقارَعةُ: المُساهَمةُ. وقد اقْتَرَعَ
القومُ وتقارَعوا وقارَع بينهم، وأَقْرَعَ أَعْلى، وأَقْرَعْتُ بين الشركاء في
شيء يقتسمونه. ويقال: كانت له القُرْعةُ إِذا قرَع أَصحابه. وقارَعه
فقرَعَه يَقْرَعُه أَي أَصابته القُرْعةُ دونه. وروي عن النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه رُفِعَ إِليه أَنَّ رجلاً أَعتق ستة مَمالِيكَ له عند مَوته
لا مال له غيرُهم، فأَقْرَعَ بينهم وأَعْتَق اثنين وأَرَقَّ أَربعة؛
وقول خِداشِ بن زُهَيْر أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا اصْطادُوا بُغاثاً شَيَّطُوه،
فكانَ وفاءَ شاتِهِم القُرُوعُ
فسره فقال: القُرُوعُ المُقارعَةُ، وإِنما وصف لُؤْمَهم، يقول: إِنما
يتَقارَعُون على البغاثِ لا على الجُزُرِ كقوله:
فما يَذْبَحُونَ الشاةَ إِلاّ بمَيْسِرٍ،
طويلاً تَناجِيها صِغاراً قُدُورُها
قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الذي قاله ابن الأَعرابي في هذا البيت،
وكذلك لا أَعرف كيف يكون القُرُوعُ المُقارَعةَ إِلا أَن يكون على حذف
الزائد، قال: ويروى شاتِهم القَرُوعِ، وفسره فقال: معناه كان البُغاثُ وفاءً
من شاتهم التي يتَقارَعون عليها لأَنه لا قدرة لهم أَن يتقارعوا على
جُزُرٍ، فيكون أَيضاً كقوله:
فما يذبحون الشاة إِلا بميسر
قال: والذي عندي أَن هذا أَصح لقوَّة المعنى بذلك، قال: وأَيضاً فإِنه
يسلم بذلك من الإِقْواءِ لأَن القافية مجرورة؛ وقبل هذا البيت:
لَعَمْرُ أَبيك، لَلْخَيْلُ المُوَطّى
أُمامَ القَوْمِ للرَّخَمِ الوُقوعِ،
أَحَقُّ بكم، وأَجْدَرُ أَن تَصِيدُوا
مِنَ الفُرْسانِ تَرْفُلُ في الدُّروعِ
ابن الأَعرابي: القَرَعُ والسَّبَقُ والخَطَرُ الذي يُسْبَقُ عليه.
والاقْتِراعُ: الاختيارُ. يقال: اقتُرِعَ فلان أَي اخْتِيرَ.
والقَرِيعُ: الخيارُ؛ عن كراع. واقتَرَعَ الشيءَ: اختارَه. وأَقْرَعوه خِيارَ
مالهِم ونَهْبِهم: أَعْطَوه إِياه، وذكر في الصحاح: أَقْرَعَه أَعْطاه خيرَ
مالِه. والقَريعةُ والقُرْعةُ: خيارُ المالِ. وقَرِيعةُ الإِبل: كريمتها.
وقُرْعةُ كل شيء: خياره. أَبو عمرو: يقال قَرَعْناكَ واقْتَرَعْناكَ
وقْرَحْناكَ واقْتَرَحْناكَ ومَخَرْناكَ وامْتَخَرْناك وانتَضَلْناك أَي
اخترناك. وفي الحديث: أَنه ركب حِمارَ سعدِ ابن عُبادةَ وكان قَطوفاً فردّه وهو
هِمْلاجٌ قَرِيعٌ ما يُسايَرُ أَي فارِهٌ مختارٌ؛ قال ابن الأَثير: قال
الزمخشري ولو روي فريغٌ، بالفاء الموحدة والغين المعجمة، لكان مُطابقاً
لفراغٍ، وهو الواسع المشي، قال: ولا آمَنُ أَن يكون تصحيفاً. والقَرِيعُ:
الفحل، سمي بذلك لأَنه مُقْتَرَعٌ من الإِبل أَي مختارٌ. قال الأَزهري:
والقريع الفحل الذي تَصَوَّى للضِّراب. والقَرِيعُ من لإِبل: الذي يأْخذ
بِذِراعِ الناقة فيُنيخُها، وقيل: سمي قَريعاً لأَنه يَقْرَعُ الناقة؛ قال
الفرزدق:
وجاءَ قَرِيعُ الشوْلِ قَبْلَ إِفالِها
يَزِفُّ، وجاءتْ خَلْفَه، وهْي زُفَّفُ
وقال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسّارِي سُهَيْلٌ، كأَنّه
قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشوْلَ جافِرُ
ويروى:
وقد عارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ
وجمعه أَقْرِعة. والمَقْروعُ: كالقَريع الذي هو المختار للفِحْلةِ؛
أَنشد يعقوب:
ولَمَّا يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ العامَ حوْلَه
نَدى صَوْتِ مَقْروعٍ عن العَدْوِ عازِبِ
قال ابن سيده: إِلاَّ أَني لا أَعرف للمقروع فِعْلاً ثانياً بغير زيادة،
أَعني لا أَعرف قَرَعَه إِذا اختارَه.
والقِراعُ: أَن يأُخُذَ الرجلُ الناقةَ الصعْبة فيُرَيِّضَها للفحل
فيَبْسُرها. ويقال: قَرَّعْ لجملك
(* قوله« فيريضها» هو في الأصل بياء تحتية
بعد الراء وفي القاموس بموحدة. وقوله «قرع لجملك» قال شارح القاموس: نقله
الصاغاني هكذا.)
والمَقْروعُ السيِّدُ. والقَريعُ: السيدُ. يقال: فلان قريعُ دَهْرِه
وفلان قريعُ الكَتِيبةِ وقِرِّيعُها أَي رئيسها. وفي حديث مسروق: إِنكَ
قَرِيعُ القُرّاء أَي رئيسهم. والقريعُ: المختارُ. والقريع: المَغْلوب.
والقَريعُ: الغالب. واسْتَقْرَعَه جملاً وأَقْرعَه إِياه أَي أَعطاه إِياه
ليضرب أَيْنُقَه. وقولهم أَلْفٌ أَقْرَعُ أَي تامّ. يقال: سُقْتُ إِليك
أَلفاً أَقرَعَ من الخيل وغيرها أَي تامّاً، وهو نعت لكل أَلفٍ، كما أَنَّ
هُنَيْدة اسم لكل مائة؛ قال الشاعر:
قَتَلْنا، لَوَ نَّ القَتْل يشْفي صُدورَنا،
بِتَدْمُرَ، أَلْفاً مِنْ قُضاعةَ أَقْرَعا
وقال الشاعر:
ولو طَلَبُوني بالعَقوقِ، أَتيتُهم
بأَلفٍ، أُؤَدِّيه إِلى القَوْمِ، أَقْرَعا
وقِدْحٌ أَقْرَعُ: وهو الذي حُكَّ بالحصى حتى بدت سَفاسِقُه أَي
طرائِقُه. وعُود أَقْرَعُ إِذا قُرِعَ من لِحائِه. وقَرِعَ قَرَعاً، فهو قَرِعٌ:
ارتدع عن الشيء. والقَرَعُ: مصدر قولك قَرِعَ الرجلُ، فهو قَرِعٌ إِذا
كان يقبل المَشورةَ ويَرْتَدِعُ إِذا رُدِعَ. وفلان لا يُقْرَعَ إِقْراعاً
إِذا كان لا يقْبَل المَشْوَرةَ والنصيحة. وفلان لا يَقْرَعُ أَي لا
يرتدع، فإِن كان يرتدع قيل رجل قَرِعٌ. ويقال: أَقْرَعْتُه أَي كففته؛ قال
رؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَبو سعيد: فلان مُقْرِعٌ ومُقْرِنٌ له أَي مُطيقٌ، وأَنشد بيت رؤبة
هذا، وقد يكون الإِقْراعُ كفّاً ويكون إِطاقة. ابن الأَعرابي: أَقْرَعْتُه
وأَقْرَعتُ له وأَقدَعْتُه وقدَعْتُه وأَوزَعْتُه ووزَعْتُه وزُعْتُه إِذا
كففتَه. وأَقرَعَ الرجلُ على صاحبه وانقَرَعَ إِذا كَفَّ. قال الفارسي:
قَرَعَ الشيءَ قَرْعاً سَكَّنَه، وقَرَعَه صرَفه. وقَوارِعُ القرآنِ منه:
الآياتُ التي يقرؤُها إِذا فَزِعَ من الجن والإِنس فَيَأْمن، مثل آية
الكرسي وآيات آخر سورة البقرة وياسينَ لأَنها تصرف الفَزعَ عمن قرأَها
كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ. وأَقرَع الفَرسَ: كبَحَه. وأَقرَعَ إِلى الحق
إِقراعاً: رجع إِليه وذَلّ. يقال: أَقرَعَ لي فلان؛ وأَنشد لرؤبة:
دَعْني، فقد يُقْرَعُ للأَضَزِّ
صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه، وبَهْزي
أَي يُصْرَفُ صَكِّي إِليه ويُراضُ له ويَذِلُّ. وقرَعَه بالحق:
اسْتَبْدَلَه
(* هكذا في الأصل، وربما هي محرفة عن استقبله. وفي اساس البلاغة:
رماه.) وقَرِعَ المكانُ: خَلا ولم يكن له غاشيةٌ يَغْشَوْنَه. وقَرِعَ
مَأْوى المال ومُراحُه من المال قَرَعاً، فهو قَرِعٌ: هلكَت ماشيته فخلا؛ قال
ابن أُذينة:
إِذا آداكَ مالُك فامْتَهِنْه
لِجادِيهِ، وإِنْ قَرِعَ المُراحُ
ويروى: صَفِرَ المُراحُ. آداكَ: أَعانك؛ وقال الهذلي:
وخَوَّالٍ لِمَوْلاهُ إِذا ما
أَتاهُ عائِلاً، قَرِعَ المُراحُ
ابن السكيت: قَرَّعَ الرجلُ مكانَ يدِه من المائدةِ تَقْريعاً إِذا ترَك
مكانَ يده من المائدة فارغاً. ومن كلامهم: نعوذ بالله من قَرَعِ
الفِناءِ وصَفَرِ الإِناء أَي خُلُوِّ الديار من سُكانها والآنيةِ من
مُسْتَوْدعاتها. وقال ثعلب: نعوذ بالله من قَرْعِ الفِناء، بالتسكين، على غير قياس.
وفي الحديث عن عمر، رضي الله عنه: قَرِعَ حَجُّكم أَي خلت أَيام الحج. وفي
الحديث: قَرِعَ أَهلُ المسجد حين أُصِيبَ أَصحاب النَّهر
(* قوله
«النهر» كذا بالأصل وبالنهاية أيضاً، وبهامش الأصل: صوابه النهروان.) أَي قَلّ
أَهلُه كما يَقْرَعُ الرأْسُ إِذا قل شعره، تشبيهاً بالقَرعةِ، أَو هو من
قولهم قَرِعَ المُراحُ إِذا لم تكن فيه إِبل.
والقُرْعةُ: سِمةٌ على أَيْبَس الساقِ، وهي وَكزةٌ بطرَف المِيسَمِ،
وربما قُرِعَ منه قَرْعةً أَو قرْعَتين، وبعير مَقْروعٌ وإِبل مُقَرَّعةٌ؛
وقيل: القُرْعةُ سِمةٌ خَفِيَّةٌ على وسط أَنف البعير والشاة.
وقارِعةُ الدارِ: ساحَتُها. وقارِعةُ الطريقِ: أَعلاه. وفي الحديث: نَهى
عن الصلاةِ على قارعةِ الطريق؛ هي وسطه، وقيل أَعلاه، والمراد به ههنا
نفس الطريق ووجهه. وفي الحديث: لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى
الخافِينَ؛ القَرَعُ، بالتحريك: هو أَن يكون في الأَرض ذات الكَلإِ مواضع لا
نباتَ فيها كالقَرَعِ في الرأْس، والخافُون: الجنُّ. وقَرْعاءُ الدار:
ساحَتُها.
وأَرض قَرِعةٌ: لا تُنْبِتُ شيئاً. وأَصبحت الرِّياضُ قُرْعاً: قد
جَرَّدَتْها المَواشِي فلم تترك فيها شيئاً من الكلإِ. وفي حديث علي: أَن
أَعرابيّاً سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصُّلَيْعاءِ والقُرَيْعاءِ؛
القُرَيْعاءُ: أَرض لعنها الله إِذا أَنْبَتَتْ أو زُرِعَ فيها نَبَتَ في
حافَتَيْها ولم ينبت في متنها شيء. ومكان أَقْرَعُ: شديد صُلْبٌ، وجمعه
الأَقارِعُ؛ قال ذو الرمة:
كَسا الأُكْمَ بُهْمَى غَضّةً حَبَشِيّةً
قواماً، ونقعان الظُّهُورِ الأَقارِعِ
وقول الراعي:
رَعَيْنَ الحَمْضَ حَمْضَ خُناصِراتٍ،
بما في القُرْعِ من سَبَلِ الغَوادِي
قيل: أَراد بالقُرْعِ غُدْراناً في صلابة من الأَرض. والقَرِيعةُ:
عَمُودُ البيتِ الذي يُعْمَدُ بالزِّرِّ؛ والزِّرُّ أَسْفَلَ الرُّمّانة وقد
قَرَعَه به. وقَرِيعةُ البيتِ: خيْرُ موضع فيه، إِن كان في حَرٍّ فخِيارُ
ظِلِّه، وإِن كان في قُرٍّ فخِيارُ كِنِّه، وقيل: قَرِيعَتُه سَقْفُه؛ ومنه
قولهم: ما دخلت لفلان قَرِيعةَ بيت قَطّ أَي سَقْفَ بيت.
وأَقْرَعَ في سِقائه: جَمَع؛ عن ابن الأَعرابي. والمِقْرَعُ: السِّقاءُ
يُخْبَأُ فيه السمْن. والقُرْعةُ: الجِرابُ الواسع يلقى فيه الطعام. وقال
أَبو عمرو: القُرْعةُ الجِراب الصغير، وجمعها قُرَعٌ. والمِقْرَعُ:
وِعاءٌ يُجْبَى فيه التمرُ أَي يُجْمَعُ. وتميم تقول: خُفّانِ مُقَرَعانِ أَي
مُثْقَلانِ. وأَقْرَعتُ نَعْلي وخُفِّي إِذا جعلت عليهما رُقْعةً
كَثِيفةً.
والقَرّاعةُ: القَدّاحةُ التي يُقْتَدَحُ بها النارُ.
والقَرْعُ: حمْل اليَقْطِين، الواحدة قَرْعةٌ. وكان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يحبّ القَرْعَ، وأَكثر ما تسميه العرب الدُّبَّاء وقلّ من
يسْتعمل القَرْعَ. قال المَعَرِّيُّ: القرع الذي يؤكل فيه لغتان: الإِسكان
والتحريك، والأَصل التحريك؛ وأَنشد:
بِئْسَ إِدامُ العَزَبِ المُعْتَلِّ،
ثَرِيدةٌ بقَرَعٍ وخَلِّ
وقال أَبو حنيفة: هو القَرَعُ، واحدته قَرَعَةٌ، فحرك ثانيها ولم يذكر
أَبو حنيفة الإِسكان؛ كذا قال ابن بري.
والمَقْرَعةُ: مَنْنِتُه كالمَبْطَخَةِ والمَقْثَأَةِ. يقال: أَرض
مَقْرَعة. والقَرْعُ: حَمْلُ القِثّاء من المَرْعَى.
ويقال: جاء فلان بالسَّوْءةِ القَرْعاءِ والسوءةِ الصَّلْعاءِ أَي
المتكشفة.
ويقال: أَقرَعَ المسافر إِذا دَنا من منزله، وأَقْرَع دارَه آجُرًّا
إِذا فرشها بالآجرّ، وأَقرَعَ الشرُّ إِذا دامَ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ فلان
في مِقْرَعِه، وقَلَدَ في مِقْلَدِه، وكَرَص في مِكْرَصِه، وصرَب في
مِصْرَبِه، كله: السِّقاءُ والزِّقُّ. ابن الأَعرابي: قَرِعَ الرجلُ إِذا قُمِرَ
في النِّضالِ، وقَرِعَ إِذا افتقر، وقَرِعَ إِذا اتَّعَظَ.
والقَرْعاء، بالمدّ: موضع. قال الأَزهري: والقرعاء مَنْهَلٌ من مَناهِلِ
طريق مكة بين القادسية والعَقَبةِ والعُذَيْب. والأَقْرعانِ: الأَقرع بن
حابس، وأَخوه مَرْثَدٌ؛ قال الفرزدق:
فإِنَّكَ واجِدٌ دُوني صَعُوداً،
جَراثِيمَ الأُقارِعِ والحُتاتِ
الحُتاتُ: هو بشر بن عامر بن علقمة، والأَقارِعةُ والأَقارِعُ: آلُهُما
على نحو المَهالِبةِ والمَهالِبِ؛ والأَقْرَعُ: هو الأَشيم بن معاذ بن
سِنان، سمي بذلك لبيت قاله يهجو معاوية بن قشير:
مُعاوِيَ مَنْ يَرْقِيكُمُ إِنْ أَصابَكُمْ
شَبا حَيّةٍ، مِمّا عَدا القَفْرَ، أَقْرَع؟
ومقْروعٌ: لقب عبد شمس بن سعد بن زيد مَناةَ بن تميم، وفيه يقول مازِنُ
بن مالك بن عمرو بن تميم في هَيْجُمانةَ بنت العَنْبر بن عمرو بن تميم:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لَكِ مَقْرُوعٌ. ومُقارِعٌ وقُرَيْعٌ:
اسمان. وبنو قُرَيْع: بطن من العرب. الجوهري: قُريع أَبو بطن من تميم رهط بني
أَنف الناقة، وهو قُرَيْعُ بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم،
وهو أَبو الأَضبط.
شرف: الشَّرَفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً
وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَشْرافٌ. غيره: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا
يكونانِ إلا بالآباء. ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في
الشرَف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَفٌ.
والشَّرَفُ: مصدر الشَّريف من الناس. وشَريفٌ وأَشْرافٌ مثل نَصِيرٍ
وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَفاء وأَشْرافٌ، وقد شَرُفَ،
بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري:
ذكره الفراء. وفي حديث الشعبي: قيل للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر من
الشعبي؟ قال: كان يَحْتَقِرُني كنت آتِيه مع إبراهيم فَيُرَحِّبُ به ويقول
لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيـُّها العبدُ ثم يقول:
لا نَرْفَعُ العبدَ فوق سُنَّته،
ما دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَفُ
أَي شريف. يقال: هو شَرَفُ قومه وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم،
واستعمل أَبو إسحق الشَّرَفَ في القرآن فقال: أَشْرَفُ آيةٍ في القرآن آيةُ
الكرسي.
والمَشْرُوفُ: المفضول. وقد شَرَفه وشَرَفَ عليه وشَرَّفَه: جعل له
شَرَفاً؛ وكل ما فَضَلَ على شيء، فقد شَرَفَ. وشارَفَه فَشَرَفَه يَشْرُفه:
فاقَه في الشرفِ؛ عن ابن جني. وَشَرفْتُه أَشْرُفه شَرْفاً أَي غَلَبْته
بالشرَفِ، فهو مَشْرُوف، وفلان أَشْرَفُ منه. وشارَفْتُ الرجل: فاخرته
أَيـُّنا أَشْرَفُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: ما
ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فيها من حُبِّ المرء
المالَ والشَّرَفَ لِدِينه؛ يريد أَنه يَتَشَرَّفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ
والمُساماةِ. الجوهري: وشَرَّفَه اللّه تَشْريفاً وتَشَرَّفَ بكذا أَي
عَدَّه شَرَفاً، وشَرَّفَ العظْمَ إذا كان قليل اللحم فأَخذ لحمَ عظم آخرَ
ووضَعَه عليه؛ وقول جرير:
إذا ما تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَشَرِّفُوا
جَحِيشاً، إذا آبَتْ من الصَّيْفِ عِيرُها
قال ابن سيده: أَرى أَنَّ معناه إذا عَظُمَتْ في أَعينكم هذه القبيلة من
قبائلكم فزيدوا منها في جَحِيش هذه القبيلة القليلة الذليلة، فهو على
نحو تَشْريفِ العظْمِ باللَّحم.
والشُّرْفةُ: أَعلى الشيء. والشَّرَفُ: كالشُّرْفةِ، والجمع أَشْرافٌ؛
قال الأَخطل:
وقد أَكل الكِيرانُ أَشْرافَها العُلا،
وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابن بزرج: قالوا: لك الشُّرْفةُ في فُؤَادي على الناس.
شمر: الشَّرَفُ كل نَشْزٍ من الأَرض قد أَشْرَفَ على ما حوله، قادَ أَو
لم يَقُد، سواء كان رَمْلاً أَو جَبَلاً، وإنما يطول نحواً من عشْر
أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كثر. وجبل مُشْرِفٌ: عالٍ. والشَّرَفُ
من الأَرض: ما أَشْرَفَ لك. ويقال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فما زِلْتُ
أَرْكُضُ حتى علوته؛ قال الهذلي:
إذا ما اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وواكَظَ، أَوْشَكَ منه اقْتِرابا
الجوهري: الشَّرَفُ العُلُوُّ والمكان العالي؛ وقال الشاعر:
آتي النَّدِيَّ فلا يُقَرَّبُ مَجْلِسي،
وأَقُود للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِماري
يقول: إني خَرِفْت فلا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فلا أَستطيع أَن أَركب
من الأَرض حماري إلا من مكان عال. الليث: المُشْرَفُ المكان الذي تُشْرِفُ
عليه وتعلوه. قال: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. ولذلك قيل: مَشارِفُ
الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْفةُ المال خِيارُه، والجمع الشُّرَفُ. ويقال: إني
أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْفةً وأَرى ذلك شُرْفةً أَي فَضْلاً وشَرَفاً.
وأَشْرافُ الإنسان: أُذُناه وأَنـْفُه؛ وقال عديّ:
كَقَصِير إذ لم يَجِدْ غير أَنْ جَدْ
دَعَ أَشْرافَه لمَكْر قَصِير
ابن سيده: الأَشْرافُ أَعلى الإنسانِ، والإشرافُ: الانتصابُ. وفرس
مُشْتَرِفٌ أَي مُشْرِفُ الخَلْق. وفرس مُشْتَرِفٌ: مُشْرِفُ أَعالي العظام.
وأَشْرَف الشيءَ وعلى الشيء: عَلاه. وتَشَرَّفَ عليه: كأَشْرَفَ.
وأَشْرَفَ الشيءُ: علا وارتفع. وشَرَفُ البعير: سَنامه، قال الشاعر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْفاء أَي طويلة. والشَّرْفاء من الآذان: الطويلة القُوفِ
القائمة المُشْرِفةُ وكذلك الشُّرافِيَّة، وقيل: هي المنتصبة في طول، وناقة
شَرْفاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جسيمة، وضَبٌّ شُرافيٌّ كذلك،
ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قال:
وإني لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها:
شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
ومنكب أَشْرَفُ: عال، وهو الذي فيه ارتفاع حَسَنٌ وهو نقِيض الأَهدإِ.
يقال منه: شَرِفَ يَشْرَفُ شَرَفاً، وقوله أَنشده ثعلب:
جَزى اللّهُ عَنَّا جَعْفَراً، حين أَشْرَفَتْ
بنا نَعْلُنا في الواطِئين فَزَلَّتِ
لم يفسره وقال: كذا أَنشدَناه عمر بن شَبَّة، وقال: ويروى حين
أَزْلَفَتْ؛ قال ابن سيده: وقوله هكذا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ من الرواية.
والشُّرْفةُ: ما يوضع على أَعالي القُصور والمدُن، والجمع شُرَفٌ.
وشَرَّفَ الحائطَ: جعل له شُرْفةً. وقصر مُشَرَّفٌ: مطوَّل.
والمَشْرُوف: الذي قد شَرَفَ عليه غيره، يقال: قد شَرَفَه فَشَرَفَ عليه. وفي حديث
ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَفاً والمساجِدَ جُمّاً؛
أَراد بالشُّرَفِ التي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالشُّرَفِ، الواحدة شُرْفةٌ،
وهو على شَرَفِ أَمر أَي شَفًى منه. والشَّرَفُ: الإشْفاء على خَطَر من خير
أَو شر.
وأَشْرَفَ لك الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دنا منه وقارَبَ أَن
يَظْفَرَ به. ويقال: ساروا إليهم حتى شارَفُوهم أَي أَشْرَفُوا عليهم.
ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أَخذه، وما يُطِفُّ له شيء إلا أَخذه، وما
يُوهِفُ له شيء إلا أَخذه. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أُمِرْنا في
الأَضاحي أَن نَسْتَشْرفَ العين والأُذن؛ معناه أَي نتأَمل سلامتهما من آفةٍ
تكون بهما، وآفةُ العين عَوَرُها، وآفة الأُذن قَطْعها، فإذا سَلِمَت
الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْعِ في الأَذن جاز أَن يُضَحَّى بها،
إذا كانت عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو
خَرْقاء أَو شَرْقاء لم يُضَحَّ بها، وقيل: اسْتِشْرافُ العين والأُذن أَن
يطلبهما شَريفَيْن بالتمام والسلامة، وقيل: هو من الشُّرْفةِ وهي خِيارُ
المال أَي أُمِرْنا أَن نتخيرها. وأَشْرَفَ على الموت وأَشْفى: قارَبَ.
وتَشَرَّفَ الشيءَ واسْتَشْرَفه: وضع يده على حاجِبِه كالذي يَسْتَظِلُّ من
الشمس حتى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ ومنه قول ابن مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَشْرِفُونَني،
كأَنْ لم يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً ولا قبْلي
وفي حديث أَبي طلحة، رضي اللّه عنه: أَنه كان حسَنَ الرمْي فكان إذا رمى
اسْتَشْرَفَه النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لينظر إلى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نظره ويَطَّلِعُ عليه. والاسْتِشْرافُ: أَن تَضَع يدك على
حاجبك وتنظر، وأَصله من الشرَف العُلُوّ كأَنه ينظر إليه من موضع مُرْتَفِع
فيكون أَكثر لإدراكه. وفي حديث أَبي عبيدة: قال لعمر، رضي اللّه عنهما،
لما قَدِمَ الشامَ وخرج أَهلُه يستقبلونه: ما يَسُرُّني أَن أَهلَ هذا
البلد اسْتَشْرَفُوك أَي خرجوا إلى لقائك، وإنما قال له ذلك لأن عمر، رضي
اللّه عنه، لما قدم الشام ما تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فخشي أَن لا
يَسْتَعْظِمُوه. وفي حديث الفِتَن: من تَشَرَّفَ لها اسْتَشْرَفَتْ له أَي من
تَطَلَّعَ إليها وتَعَرَّضَ لها واتَتْه فوقع فيها. وفي الحديث: لا
تُشْرِفْ يُصِبْك سهم أَي لا تَتَشَرَّفْ من أَعْلى الموضع؛ ومنه الحديث: حتى
إذا شارَفَتِ انقضاء عدّتها أَي قَرُبَت منها وأَشْرَفَت عليها. وفي
الحديث عن سالم عن أَبيه: أَن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُعْطِي
عُمَر العطاء فيقول له عمر: يا رسولَ اللّه أَعْطِه أَفْقَرَ إليه مني،
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو
تَصَدَّقْ به، وما جاءك من هذا المال وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه وما
لا فلا تُتْبِعْه نفسَك، قال سالم: فمن أجل ذلك كان عبد اللّه لا
يَسْأَلُ أحداً شيئاً ولا يُرُدُّ شيئاً أُعْطِيَه؛ وقال شمر في قوله وأَنت غير
مُشْرِفٍ له قال: ما تُشْرِفُ عليه وتَحَدَّثُ به نفسك وتتمناه؛ وأَنشد:
لقد عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ من طَمَعي،
أَنَّ الذي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني
(* قوله «من طمعي» في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.)
وقال ابن الأَعرابي: الإشْرافُ الحِرْصُ. وروي في الحديث: وأَنتَ غيرُ
مُشْرِفٍ له أَو مُشارِفٍ فخذه. وقال ابن الأعرابي: اسْتَشْرَفَني حَقّي
أَي ظَلمَني؛ وقال ابن الرِّقاع:
ولقد يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ،
غيرَ مُسْتَشْرَفٍ ولا مَظْلوم
قال: غيرَ مُسْتَشْرَف أَي غيرَ مظلوم. ويقال: أَشْرَفْتُ الشيءَ
عَلَوْتُه، وأَشْرَفْتُ عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، أَراد ما جاءك منه وأَنت
غيرُ مُتَطَلِّع إليه ولا طامِع فيه، وقال الليث: اسْتَشْرَفْتُ الشيءَ
إذا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تنظر إليه. وفي الحديث: لا يَنْتَهِبُ
نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمِنٌ أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يرفع الناسُ
أَبصارهم للنظر إليها ويَسْتَشْرفونها. وفي الحديث: لا تَشَرَّفُوا
(*
قوله «لا تشرفوا» كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستشرفوا.) للبلاء؛
قال شمر: التَّشَرُّف للشيء التَّطَلُّعُ والنظرُ إليه وحديثُ النفْسِ
وتَوَقُّعُه؛ ومنه: فلا يَتَشَرَّفُ إبلَ فلان أَي يَتَعَيَّنُها. وأَشْرَفْت
عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، وذلك الموضع مُشْرَفٌ. وشارَفْتُ الشيء
أَي أَشْرَفْت عليه. وفي الحديث: اسْتَشْرَفَ لهم ناسٌ أَي رفعوا رؤُوسَهم
وأَبصارَهم؛ قال أَبو منصور في حديث سالم: معناه وأَنت غير طامع ولا
طامِحٍ إليه ومُتَوَقِّع له. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال:
من أَخَذَ الدنيا بإشرافِ نفْس لم يُبارَك له فيها، ومن أَخذها بسخاوةِ
نَفْس بُورِك له فيها، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ
وأَشْرَفْتُه أَي علوته؛ قال العجاج:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَشَرَّفا،
أَشْرَفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قال الجوهري: بلا شَفًى أَي حين غابت الشمس، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ من
الشمس بقِيّة. يقال عند غروب الشمس: ما بَقِيَ منها إلا شَفًى.
واسْتَشْرَفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بالعين.
والشارِفُ من الإبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، والجمع شَوارِفُ وشُرَّفٌ
وشُرُفٌ وشُرُوفٌ، وقد شَرُفَتْ وشَرَفَتْ تَشْرُف شُرُوفاً. والشارِفُ:
الناقةُ التي قد أَسَنَّتْ. وقال ابن الأعرابي: الشارِفُ الناقة
الهِمّةُ، والجمع شُرْفٌ وشَوارِفُ مثل بازِلٍ وبُزْلٍ، ولا يقال للجمل شارِفٌ؛
وأَنشد الليث:
نَجاة من الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة،
كُمَيْت عليها كَبْرةٌ، فهي شارفُ
وفي حديث عليّ وحَمْزة، عليهما السلام:
أَلا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواء،
فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هي جمع شارِفٍ وتضمُّ راؤُها وتسكن تخفيفاً، ويروى ذا الشرَف، بفتح
الراء والشين، أَي ذا العَلاء والرِّفْعةِ. وفي حديث ابن زمْل: وإذا أَمام
ذلك ناقةٌ عَجْفاء شارِفٌ؛ هي المُسِنّةُ. وفي الحديث: إذا كان كذا وكذا
أَنى أَن يَخْرُجَ بكم الشُّرْفُ الجُونُ، قالوا: يا رسول اللّه وما
الشُّرْفُ الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ؛ قال أَبو بكر:
الشُّرْفُ جمع شارِفٍ وهي الناقة الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ في اتِّصالها
وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السود؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى بسكون الراء
(* قوله «يروى بسكون الراء» في القاموس:
وفي الحديث أتتكم الشرف الجون بضمتين.) وهي جمع قليل في جمع فاعل لم يَردْ
إلا في أَسماء معدودة، وفي رواية أُخرى: الشُّرْقُ الجُون، بالقاف، وهو
جمع شارِق وهو الذي يأْتي من ناحية المَشْرِق، وشُرْفٌ جمع شارِفٍ نادر لم
يأْت مثلَه إلا أَحرف معدودة: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ
وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وسهم شارِفٌ: بعيد العهد بالصِّيانةِ، وقيل: هو الذي
انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدقيق الطويل. غيره: وسهم شارِفٌ
إذا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قال أَوس بن حجر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ
ظُهار لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شارِفُ
الليث: يقال أَشْرَفَتْ علينا نفْسُه، فهو مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِقٌ.
والإشْرافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
ومن مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أَنْفُسٍ
علينا، وحَيّاها إلينا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قال الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ من شارِفٍ حَلِقٍ،
كأَنـَّما فارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وقول بشر:
وطائرٌ أَشْرَفُ ذو خُزْرةٍ،
وطائرٌ ليس له وَكْرُ
قال عمرو: الأَشْرفُ من الطير الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً
ظاهراً، وهو مُنْجَرِدٌ من الزِّفِّ والرِّيش، وهو يَلِدُ ولا يبيض، والطير
الذي ليس له وكر طير يُخبِر عنه البحريون أَنه لا يَسْقط إلا ريثما يَجْعَلُ
لبَيْضِه أُفْحُوصاً من تراب ويُغَطِّي عليه ثم يَطِيرُ في الهواء وبيضه
يتفَقَّس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أَطاق فَرْخُه الطيَران كان
كأَبوَيه في عادتهما. والإشْرافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل. وشَرَّفَ الناقةَ:
كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
من اللَّوا شُرِّفْنَ بالصِّرارِ
أَراد من اللواتي، وإنما يُفعل بها ذلك ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها
فيُحْمَل عليها في السنة المُقْبلة. قال ابن الأَعرابي: ليس من الشَّرَف ولكن
من التشريف، وهو أَن تَكادَ تقطع أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر في
أَخْلافِها؛ وقول العجاج يذكر عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَفاً مُغَرِّبا،
رَفَّهَ عن أَنـْفاسِه وما رَبا
حَداها: ساقها، شرفاً أَي وجْهاً. يقال: طَرَده شرَفاً أَو شَرَفَين،
يريد وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بعيداً؛ رَفَّهَ عن
أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَفاً أَو شَرَفَينِ أَي شَوْطاً أَو
شَوْطَيْنِ. وفي حديث الخيل: فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أو شَرَفين؛ عَدَتْ
شَوْطاً أَو شَوْطَيْن.
والمَشارِفُ: قُرًى من أَرض اليمن، وقيل: من أَرض العرب تَدْنُو من
الرِّيف، والسُّيُوفُ المَشْرَفِيّةُ مَنْسوبة إليها. يقال: سَيفٌ مَشْرَفيّ،
ولا يقال مَشارِفيٌّ لأَن الجمع لا يُنسب إليه إذا كان على هذا الوزن،
لا يقال مَهالِبيّ ولا جَعَافِرِيٌّ ولا عَباقِرِيٌّ. وفي حديث سَطِيح:
يسكن مَشارِفَ الشام؛ هي كل قرية بين بلاد الرِّيفِ وبين جزيرة العرب، قيل
لها ذلك لأَنها أشْرَفَتْ على السواد، ويقال لها أَيضاً المَزارِعُ
والبَراغِيلُ، وقيل: هي القرى التي تَقْرُب من المدن.
ابن الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثياب مصبوغة بالشَّرَفِ، وهو طين أَحمر.
وثوب مُشَرَّفٌ: مصبوغ بالشَّرَف؛ وأَنشد:
أَلا لا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ،
على غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
ويقال شَرْفٌ وشَرَفٌ للمَغْرةِ. وقال الليث: الشَّرَفُ له صِبْغٌ أَحمر
يقال له الدّارْبَرْنَيان؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال ابن الأعرابي
في المُشَرَّفِ. وفي حديث عائشة: أَنها سُئِلَتْ عن الخِمار يُصْبَغُ
بالشَّرْف فلم ترَ به بأْساً؛ قال: هو نبت أَحمر تُصْبَغ به الثياب.
والشُّرافيُّ: لَوْنٌ من الثياب أَبيض.
وشُرَيفٌ: أَطولُ جبل في بلاد العرب. ابن سيده: والشُّرَيْف جبل تزعم
العرب أَنه أَطول جبل في الأَرض. وشَرَفٌ: جبل آخرُ يقرب منه. والأَشْرَفُ:
اسم رجل: وشِرافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسم ماء بعينه. وشَراف: موضع؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لقد غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ،
ويومَ الْتَقَيْنا من وراء شَرافِ
(* قوله «غظتني بالحزم حزم» في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.)
التهذيب: وشَرافِ ماء لبني أَسد. ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
قال: وكانت الملوك من بني آكِل المُرار تَنزِلُها، وفيها حِمَى ضَرِيّةَ،
وضرِيّة بئر، وفي الشرف الرَّبَذةُ وهي الحِمَى الأَيمنُ، والشُّرَيْفُ
إلى جنبه، يَفْرُق بين الشرَف والشُّريفِ وادٍ يقال له التَّسْرِيرُ، فما
كان مُشَرِّقاً فهو الشُّرَيْف، وما كان مغرِّياً، فهو الشرَفُ؛ قال
أَبو منصور: وقولُ ابن السكّيت في الشرَف والشُّريف صحيح. وفي حديث ابن
مسعود، رضي اللّه عنه: يُوشِكُ أَن لا يكونَ بين شَرافِ وأَرضِ كذا جَمَّاءُ
ولا ذاتُ قَرْن؛ شَرافِ: موضع، وقيل: ماء لبني أَسد. وفي الحديث: أَن عمر
حمى الشَّرَفَ والرَّبَذَةَ؛ قال ابن الأَثير: كذا روي بالشين وفتح
الراء، قال: وبعضهم يرويه بالمهملة وكسر الراء. وفي الحديث: ما أُحِبُّ أَن
أَنْفُخَ في الصلاة وأَن لي مَمَرَّ الشرَفِ. والشُّرَيْفُ، مُصَغّر: ماء
لبني نُمير. والشاروفُ: جبل، وهو موَلَّد. والشاروفُ: المِكْنَسةُ، وهو
فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الشَّرفاء: من كُناهم؛ قال:
أَنا أَبو الشَّرْفاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
نسر: نَسَرَ الشيءَ: كشَطَه. والنَِّسْر: طائر
(* قوله« والنسر طائر» هو
مثلث الاول كما في شرح القاموس نقلاً عن شيخ الاسلام) معروف، وجمعه
أَنْسُر في العدد القليل، ونُسُور في الكثير، زعم أَبو حنيفة أَنه من العتاق؛
قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك. ابن الأَعرابي: من أَسماء العُقاب
النُّسارِيَّة شبهت بالنَّسْر؛ الجوهري: يقال النَّسْر لا مِخْلَب له،
وإِنما له الظُّفُر كظُفُر الدَّجاجة والغُراب والرَّخَمَة. وفي النجوم:
النَّسْر الطائر، والنَّسْر الواقع. ابن سيده: والنَّسْران كوكبان في السماء
معروفان على التشبيه بالنَّسْر الطائر، يقال لكل واحد منهما نَسْر أَو
النَّسْر، ويَصِفونهما فيقولون: النَّسْر الواقع والنَّسْر الطائر. واستنسر
البُغاث: صار نَسْراً، وفي الصحاح: صار كالنَّسْر. وفي المثل: إِنّ
البُِغاث بأَرضنا يسْتنسِر أَي أَن الضعيف يصير قوِيّاً. والنَّسْر: نتف اللحم
بالمِنْقار. والنَّسْر: نَتْف البازي اللحمَ بِمَنْسِره. ونسَر الطائر
اللحم يَنْسِرُه نَسْراً: نتفه.
والمَنْسِر والمِنْسَر: مِنْقاره الذي يَسنتسِر به. ومِنقار البازي
ونحوِه: مَنْسِره. أَبو زيد: مِنْسَر الطائر مِنْقاره، بكسر الميم لا غير.
يقال: نَسَره بِمِنْسَره نَسْراً. الجوهري: والمِنْسَر، بكسر الميم، لسِباع
الطير بمنزلة المِنقار لغيرها. والمِنْسَر أَيضاً: قطعة من الجيش تمرّ
قدام الجيش الكبير، والميم زائدة؛ قال لبيد يَرْثي قتلى هوازن:
سَمَا لهمُ ابنُ الجَعْد حتى أَصابهمْ
بذي لَجَبٍ، كالطَّودِ، ليس بِمِنْسَرِ
والمَنْسِر، مثال المجلس: لغة فيه. وفي حدث عليّ، كرم الله وجهه: كلما
أَظلَّ عليكم مَنْسِر من مَناسِر أَهل الشأْم أَغلق كلُّ رجل منكم بابه.
ابن سيده: والمَنْسِر والمِنْسَر من الخيل ما بين الثلاثة إِلى العشرة،
وقيل: ما بين الثلاثين إِلى الأَربعين، وقيل: ما بين الأَربعين إِلى
الخمسين، وقيل: ما بين الأَربعين إِلى الستين، وقيل: ما بين المائة إِلى
المائتين. والنَّسْر: لَحْمَة صُلْبة في باطن الحافِرِ كأَنها حَصاة أَو نَواة،
وقيل: هو ما ارتفع في باطن حافر الفرَس من أَعلاه، وقيل: هو باطن
الحافر، والجمع نُسُور؛ قال الأَعشى:
سَوَاهِمُ جُذْعانُها كالجِلا
مِ، قد أَقرَحَ القَوْدُ منها النُّسُورا
ويروى:
قد أَقْرَحَ منها القِيادُ النُّسُورا
التهذيب: ونَسْرُ الحافر لحمُه تشبّه الشعراء بالنوى قد أَقْتَمَها
الحافِر، وجمعه النُّسُور؛ قال سلمة بن الخُرشُب:
عَدَوْتُ بها تُدافِعُنِي سَبُوحٌ،
فَرَاشُ نُسُورِها عَجَمٌ جَرِيمُ
قال أَبو سعيد: أَراد بفَراش نُسُورِها حَدّها، وفَراشة كل شيء: حدّه؛
فأَراد أَن ما تَقَشَّر من نُسُورها مثل العَجَم وهو النَّوى. قال:
والنُّسُور الشَّواخِص اللَّواتي في بطن الحافر، شُبهت بالنوى لصلابتها وأَنها
لا تَمَسُّ الأَرض.
وتَنَسَّر الحبلُ وانتَسَر طرَفُه ونَسَره هو نَسْراً ونَسَّره: نَشَره.
وتَنَسَّر الجُرْحُ: تَنَقَّض وانتشرت مِدّتُه؛ قال الأَخطل:
يَخْتَلُّهُنَّ بِحدِّ أَسمَرَ ناهِل،
مثلِ السِّنانِ جِراحُهُ تَتَنَسَّرُ
والنَّاسُور: الغاذُّ. التهذيب: النَّاسُور، بالسين والصاد، عِرْق
غَبِرٌ، وهو عرق في باطنه فَساد فكلما بدا أَعلاه رجَع غَبِراً فاسداً. ويقال:
أَصابه غَبَرٌ في عِرْقه؛ وأَنشد:
فهو لا يَبْرَأُ ما في صَدرِه،
مِثْل ما لا يَبرأُ العِرْق الغَبِرْ
وقيل: النَّاسُور العِرْق الغَبِر الذي لا يَنقطع. الصحاح: الناسُور،
بالسين والصاد، جميعاً عِلة تحدث في مآقي العين يَسقِي فلا يَنقطع؛ قال:
وقد يحدث أَيضاً في حَوَالَيِ المَقعدة وفي اللِّثة، وهو مُعَرَّب.
والنِّسْرِين: ضرْب من الرَّياحين، قال الأَزهري: لا أَدري أَعربيّ أَم
لا.والنِّسار: موضع، وهو بكسر النون، قيل: هو ماء لبني عامر، ومنه يوم
النِّسار لِبَني أَسد وذُبْيان على جُشَم بن معاوية؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فلمَّا رأَوْنا بالنِّسار، كأَنَّنا
نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيّجَتْه جَنُوبُها
ونَسْرٌ وناسِر: اسمان. ونَسْر والنَّسْر، كلاهما: اسم لِصَنم. وفي
التنزيل العزيز: ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً؛ وقال عبد الحق:
أَما ودِماءٍ لا تزالُ كأَنها
على قُنَّة العُزَّى، وبالنَّسْر عَنْدَمَا
الصحاح: نَسْر صنم كان لذي الكَلاع بأَرض حِمْير وكان يَغُوثُ لِمذْحِج
ويَعُوقُ لهَمْدان من أَصنام قوم نوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛
وفي شعر العباس يمدح سيدَنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
بل نُطْفة تَرْكبُ السَّفِين، وقدْ
أَلْجَمَ نَسْراً وأَهلَه الغرَقُ
قال ابن الأَثير: يريد الصنم الذي كان يعبده قوم نوح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام.
زرب: الزَّرْبُ: الـمَدْخَلُ. والزَّرْبُ والزِّرْبُ: موضعُ الغنم،
والجمع فيهما زُرُوبٌ؛ وهو الزَّرِيبَةُ أَيضاً. والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ:
حَظيرةُ الغنم من خشب.
تقول: زَرَبْتُ الغنمَ، أَزْرُبُها زَرْباً، وهو من الزَّرْبِ الذي هو
الـمَدْخَلُ.
وانْزَرَب في الزَّرْبِ انْزِراباً إِذا دخل فيه.
والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ: بئر يَحْتَفِرُها الصائدُ، يَكْمُن فيها للصَّيْد؛ وفي الصحاح: قُترةُ الصائِدِ. وانْزَرَبَ الصائدُ في قُتْرَتِه: دخل؛ قال ذو الرمة:
وبالشَّمائِلِ، من جَلاَّنَ، مُقْتَنِصٌ، * رَذْلُ الثِّيابِ، خَفيُّ الشخصِ، مُنْزَرِبُ
وجَلاَّنُ: قَبيلةٌ.
والزَّرْبُ: قُتْرةُ الرامي؛ قال رؤبة:
في الزَّرْبِ لو يَمْضَغُ شَرْباً ما بَصَقْ
والزَّريبةُ: مَكْتَنُّ السَّبُع؛ وفي الصحاح: زَريبةُ السَّبُعِ، بالإِضافة إِلى السبع: موضعه الذي يَكْتَنُّ فيه.
والزَّرابيُّ: البُسُطُ؛ وقيل: كلُّ ما بُسِطَ واتُّكِـئَ عليه؛ وقيل: هي الطَّنافِسُ؛ وفي الصحاح: النَّمارِقُ، والواحد من كل ذلك زَرْبِـيَّةٌ، بفتح الزاي وسكون الراء، عن ابن الأَعرابي. الزجاج في قوله تعالى: وزَرابيُّ مَبْثُوثةٌ؛ الزَّرابيُّ البُسُطُ؛ وقال الفراء: هي الطَّنافِسُ، لها خَمْلٌ رقيقٌ. وروي عن المؤرج أَنه قال في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثوثةٌ؛ قال: زَرابيُّ النَّبْت إِذا اصْفَرَّ واحْمَرَّ وفيه خُضْرةٌ، وقد ازْرَبَّ، فلما رأَوا الأَلوانَ في البُسُطِ والفُرُش شبَّهُوها بزَرابيِّ النَّبْتِ؛ وكذلك العَبْقَرِيُّ من الثِّياب والفُرُشِ؛ وفي حديث بني العنبر: فأَخَذوا زِرْبِـيَّةَ أُمـِّي، فأَمرَ بها فرُدَّتْ.
الزِّرْبيَّةُ: الطِّنْفِسةُ، وقيل: البِساطُ ذو الخَمْلِ، وتُكْسَرُ زايُها وتفتح
وتضم، وجمعها زَرابيُّ. والزِّرْبِـيَّةُ: القِطْعُ الـحِيريُّ، وما كان
على صَنْعَتِه.
وأَزْرَبَ البَقْلُ إِذا بدا فيه اليُبْسُ بخُضرة وصُفْرة. وذاتُ الزَّرابِ: مِن مَساجِد سيِّدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، بين مَكةَ
والمدينة.
والزِّرْبُ: مَسِـيلُ الماء. وزَرِبَ الماءُ وسَرِبَ إِذا سالَ. ابن
الأَعرابي: الزِّرْيابُ الذَّهَبُ، والزِّرْيابُ: الأَصْفَر من كل شيء.
ويقال للـمِـيزاب: الـمِزْرابُ والـمِرْزابُ؛ قال: والـمِزرابُ لغة في الـمِـيزابِ؛ قال ابن السكيت: الـمِئْزابُ، وجمعه مآزِيبُ،
ولا يقال الـمِزْرابُ، وكذلك الفراء وأَبو حاتم. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: وَيْلٌ للعَرب مِنْ شَرٍّ قد اقْتَرَبَ، وَيْلٌ للزِّرْبِـيَّةِ! قيل: وما الزِّرْبِـيَّةُ؟ قال: الذين يَدخُلون على الأُمراءِ، فإِذا قالوا شرّاً، أَو قالوا شيئاً، قالوا: صَدقَ !شبَّهَهُم في تلَوُّنهم بواحِدة الزَّرابيِّ، وما كان على صَنْعَتِها وأَلوانِها، أَو شبَّههم بالغَنَمِ الـمَنْسُوبةِ إِلى الزَّرب والزِّرْبِ، وهو الحظِـيرةُ التي تأْوي إِليها، في أَنهم يَنْقادون للأُمراءِ، ويَمْضُون على مِشْيَتِهم انْقِـيَادَ الغَنمِ لراعِـيها؛ وفي رجز كعب:
تَبِـيتُ بينَ الزِّرْبِ والكَنِـيفِ
وتكسر زاؤه وتُفتح. والكَنِـيفُ: الـمَوْضِـعُ السَّاتِرُ، يريد أَنها
تُعْلَفُ في الـحَظَائر والبُيوتِ، لا بالكَلإِ ولا بالـمَرعَى.
علق: عَلِقَ بالشيءِ عَلَقاً وعَلِقَهُ: نَشِب فيه؛ قال جرير:
إِذا عَلِقَتْ مُخَالبُهُ بِقْرْنٍ،
أَصابَ القَلْبَ أَو هَتَك الحِجابا
وفي الحديث: فَعَلِقَت الأَعراب به أَي نَشِبوا وتعلقوا، وقيل طَفِقُوا؛
وقال أَبو زبيد:
إِذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ،
رأَى الموتَ رَأْيَ العينِ أَسودَ أَحمرا
وهو عالِقٌ به أَي نَشِبٌ فيه. وقال اللحياني: العَلَقُ النُّشوب في
الشيء يكون في جبل أَو أَرض أَو ما أَشبهها. وأَعْلَقَ الحابلُ:
عَلِق الصيدُ في حِبَالته أَي نَشِب. ويقال للصائد: أَعْلَقْتَ
فأَدْرِكْ أَي عَلِقَ الصيدُ في حِبالتك. وقال اللحياني: الإِعْلاقُ وقوع الصيد
في الحبل. يقال: نَصَب له فأَعْلقه. وعَلِقَ الشيءَ عَلَقاً وعَلِقَ به
عَلاقَةً وعُلوقاً: لزمه. وعَلِقَتْ نفُسه الشيءَ، فهي عَلِقةٌ
وعَلاقِيةٌ وعَلِقْنَةٌ: لَهِجَتْ به؛ قال:
فقلت لها، والنَّفْسُ منِّي عَلِقْنَةٌ
عَلاقِيَةٌ تَهْوَى، هواها المُضَلَّلُ
ويقال للأَمر إِذا وقع وثبت
عَلِقَتْ مَعَالِقَها وصَرَّ الجُنْدَبُ
وهو كما يقال: جفَّ القلم فلا تَتَعَنَّ؛ قال ابن سيده: وفي المثل:
عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْْدب
يضرب هذا للشيء تأْخذه فلا تريد أَن يُفْلِِتَكَ. وقالوا: عَلِقَتْ
مَراسِبها بذي رَمْرامِ، وبذي الرَّمْرَام؛ وذلك حين اطمأَنت الإبل وقَرَّت
عيونها بالمرتع، يضرب هذا لمن اطمأَنَّ وقَرَّتْ عينه بعيشه، وأَصله أَنَّ
رجلاً انتهى إِلى بئر فأَعْلَقَ رِشَاءَه بِرِشَائِها ثم صار إِلى صاحب
البئر فادَّعَى جِوارَه، فقال له: وما سبب ذلك؟ قال: عَلَّقْت رِشائي
برِشائكَ، فأَبى صاحب البئر وأَمره أَن يرتحل؛ فقال:
عَلُِقَتْ مَعالقَها صَرَّ الجُنْدب
أَي جاءَ الحرُّ ولا يمكنني الرحيل. ويقال للشيخ: قد عَلِقَ الكِبَرُ
مَعَالقَهُ؛ جمع مِعْلَقٍ، وفي الحديث: فَعَلِقتْ منه كلَّ معْلق أَي
أَحبها وشُغِفَ بها. يقال: عَلِقَ بقليه عَلاقةً، بالفتح. وكلُّ شيءٍ وقع
مَوْقِعه فقد عَلِقَ مَعَالِقَه، والعَلاقة: الهوى والحُبُّ اللازم للقلب.
وقد عَلِقَها، بالكسر، عَلَقاً وعَلاقةً وعَلِقَ بها عُلوقاً
وتَعَلَّقها وتَعَلَّقَ بها وعُلِّقَها وعُلِّق بها تَعْلِيقاً: أَحبها، وهو
مُعَلِّقُ القلب بها؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً
غَيْري ، وعُلِّقَ أُخْرَى غَيْرها الرجلُ
وقول أَبي ذؤَيب:
تَعَلَّقَهُ منها دَلالٌ ومُقْلَةٌ،
تَظَلُّ لأَصحاب الشَّقاءِ تُديرُها
أَراد تَعَلَّقَ منها دَلالاً ومُقْلةً فقلب. وقال اللحياني: العَلَقُ
الهوى يكون للرجل في المرأَة. وإنه لذو عَلَقٍ في فلانة: كذا عدَّاه بفي.
وقالوا في المثل: نَظْرةٌ من ذي عَلَقٍ أَي من ذي حُبّ قد عَلِقَ بمن
هويه؛ قال كثيِّر:
ولقد أَرَدْتُ الصبرَ عنكِ ، فعاقَني
عَلَقٌ بقَلْبي ، من هَواكِ، قديمُ
وعَلِقَ حبُّها بقلبه: هَوِيَها. وقال اللحياني عن الكسائي: لها في قلبي
عِلْقُ حبٍّ وعَلاقَةُ حُبٍّ وعِلاقَةُ حبٍّ، قالك ولم يعرف الأَصمعي
عِلْق حب ولا عِلاقةَ حبٍّ، إِنما عرف عَلاقَةَ حُب، بالفتح، وعَلَق حبٍّ،
بفتح العين واللام، والعَلاقَةُ، بالفتح؛ قال المرار الأَسدي:
أَعَلاقَةً، أُمَّ الوُلَيِّدِ ، بعدما
أَفْنانُ رأْسِكِ كالثَّغامِ المُخْلِس؟
واعْتَلَقَهُ أَي أَحبه. ويقال: عَلِقْتُ فلانةَ عَلاقةً أَحببتها،
وعَلِقَتْ هي بقلبي: تشبثت به؛ قال ذو الرمة:
لقد عَلِقَتْ مَيٌّ بقلبي عَلاقةً،
بَذطِيئاً على مَرِّ الليالي انْحِلالُها
ورجل علاقِيَةٌ، مثل ثمانية، إِذا عَلِقَ شيئاً لم يُقْلِعْ عنه.
وأَعْلَقَ أَظفارَه في الشيء: أَنشَبها. وعَلَّقَ الشيءَ بالشيء ومنه وعليه
تَعْليقاً: ناطَهُ. والعِلاقةُ: ما عَلَّقْتَه به. وتَعَلَّقَ الشيءَ:
عَلقَهُ من نفسه؛ قال:
تَعَلَّقَ إِبريقاً، وأَظْهَرَ جَعْبةً،
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاءٍ وجَامِلِ
وقيل: تَعَلَّق هنا لزمه، والصحيح الأَول، وتَعَلَّقَهُ وتَعَلَّق به
بمعنى. ويقال: تَعَلَّقْتَهُ بمعنى عَلَّقْتُهُ؛ ومنه قول عبيد الله بن
زياد لأَبي الأَسود: لو تَعَلَّقْتَ مَعَاذَةً لئلا تصيبك عين. وفي الحديث:
من تَعَلَّق شيئاً وكِلَ إِليه أَي من عَلَّقَ على نفسه شيئاً من
التعاويذ والتَّمائم وأَشباهها معتقداً أَنها تَجْلُب إِليه نفعاً أَو تدفع عنه
ضرّاً.
وفي الحديث أَنه قال: أَدُّوا العَلائِقَ، قالوا: يا رسول الله، وما
العَلائِقُ؟ وفي رواية في قوله تعالى: وأَنكحوا الأَيامَى منكم والصالحين،
قيل: يا رسول الله فما العَلائِقُ بينهم؟ قال: ما تَرَاضَى عليه
أَهْلُوهُم؛ العَلائِقُ: المُهُور، الواحدة عَلاقَةٌ، قال وكلُّ ما يُتَبَلَّغُ به
من العيش فهو عُلْقةٌ؛ قال ابن بري في هذا المكان: والعِلْقةُ، بالكسر،
الشَّوْذَرُ؛ قال الشاعر:
وما هي إِلاَّ في إزارٍ وعِلْقَةٍ،
مَغَارَ ابنِ هَمَّامٍ على حَيٍّ خثعما
وقد تقدم الاستشهاد به.
ويقال: لم تبق لي عنده عُلْقةٌ أَي شيءٌ. والعَلاقةُ: ما يُتبلغ به من
عيش. والعُلْقةُ والعَلاقُ: ما فيه بُلْغة من الطعام إِلى وقت الغذاء.
وقال اللحياني: ما يأْكل فلان إِلا عُلْقَةً أَي ما يمسك نفسه من الطعام.
وفي الحديث: وتَجْتَزِئُ بالعُلْقَةِ أَي تكتفي بالبُلْغةِ من الطعام. وفي
حديث الإفك: وإِنما يأْكلْنَ العُلْقةَ من الطعام. قال الأَزهري:
والعُلْقةُ من الطعام والمركبِ ما يُتَبَلَّغُ به وإِن لم يكن تامّاً، ومنه
قولهم: ارْضَ من المَرْكب
بالتَّعْلِيقِ؛ يضرب مثلاً للرجل يُؤْمَرُ بأَن يقنع ببعض حاجته دون
تمامها كالراكب عَلِيقةً من الإِبل ساعة بعد ساعة؛ ويقال: هذا الكلام لنا
فيه عُلْقةٌ أي بلغة، وعندهم عُلْقةٌ من متاعهم أَي بقية.
وعَلَقَ
عَلاقاً وعَلوقاً: أَكل، وأَكثرما يستعمل في الجحد، يقال: ما ذقت
عَلاقاً ولا عَلوقاً. وما في الأَرض عَلاقٌ ولا لَماقٌ أَي ما فيها ما يتبلغ به
من عيش، ويقال: ما فيها مَرْتَع؛ قال الأَعشى:
وفَلاة كأَنّها ظَهْرُ تُرْسٍ،
ليسَ إِلا الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
الرجيع: الجِرَّةُ؛ يقول لا تجد الإِبل فيها عَلاقاً إِلا ما تردُّه من
جِرَّتها. وفي المثل: ليس المُتَعَلِّق كالمُتَأَنِّق؛ يريد ليس مَنْ
عَيشُه قليل يَتَعَلَّق به كمن عيشه كثير يختار منه، وقيل: معناه ليس من
يَتَبَلَّغ بالشيء اليسير كمن يتأَنَّق يأْكل ما يشاء. وما بالناقة عَلُوق
أَي شيء من اللبن. وما ترك الحالب بالناقة عَلاقاً إِذا لم يَدَعْ في
ضرعها شيئاً. والبَهْمُ تَعْلُق من الوَرَق: تصيب، وكذلك الطير من الثمر. وفي
الحديث: أَرواح الشهداء في حواصل طير خُضْرٍ تَعْلُقُ من ثمار الجنة؛
قال الأَصمعي: تَعْلُق أَي تَناوَل بأَفواهها، يقال: عَلَقَتْ تَعْلُق
عُلوقاً؛ وأَنشد للكميت يصف ناقته:
أَو فَوْقَ طاوِيةِ الحَشَى رَمْلِيَّة،
إِنْ تَدْنُ من فَنَن الأَلاءَةِ تَعْلُق
يقول: كأَن قُتُودي فوق بقرة وحشية؛ قال ابن الأَثير: هو في الأَصل
للإِبل إِذا أَكلت العِضاهَ فنقل إِلى الطير، وروءاه الفراء عن الدبيريين
تَعْلَق من ثمار الجنة. وقال اللحياني: العَلْق أَكل البهائم ورق الشجر،
عَلَقَتْ تَعْلُق عَلْقاً. والصبي يَعْلُقُ: يَمُصُّ أَصابعه. والعَلوقُ: ما
تَعْلُقه الإِبل أَي ترعاه، وقيل هو نبت؛ قال الأَعشى:
هو الوَاهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارَا
أَي حَسَّنَ النبْتُ
أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ حين لاط بهن الاحمرار من
السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق الولد في بطنها، وأَراد
بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل
لأَن الإِبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت أَلوانها واحْمَرَّت،
فكانت أَنْفَسَ لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأْدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإِبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهبُ
أَحمر؛ وأَما عَجُُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
أَي حَسَّنَ النبْتُ أَلوانها؛ وقيل: إِنه يقول رَعَيْنَ العَلُوقَ
حين لاط بهن الاحمرار من السِّمَن والخِصْب؛ ويقال: أَراد بالعَلُوق
الولد في بطنها، وأَراد بالاحمرار حسن لونها عند اللَّقْحِ. وقال أَبو
الهيثم: العَلُوق ماءُ الفحل لأَن الإبل إِذا عَلِقَتْ وعقدت على الماء انقلبت
أَلوانها واحْمَرَّت، فكانت أَنْفَسَ
لها في نفس صاحبها؛ قال ابن بري الذي في شعر الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بِأُدْمِ الرِّكا
بِ، لاطَ العَلوقُ بهنّ احمرارا
قال: وذلك أَن الإبل إِذا سمنت صار الآدمُ منها أصْهبَ والأَصْهب
أَحمرَ؛ وأَما عَجُزُ البيت الذي صدره:
هو الواهِبُ المائة المُصْطَفا
ة، لاطَ العَلوقُ بهنَّ احْمرارا
فإِنه:
إِما مَخَاضاً وإِما عِشَارَا
والعَلْقَى: شجر تدوم خضرته في القَيْظ ولها أَفنان طوالِ
دقاق وورق لِطاف، بعضهم يجعل أَلفها للتأنيث، وبعضهم يجعلها للإلحاق
وتنون؛ قال الجوهري: عَلْقَى نبت، وقال سيبويه: تكون واحدة وجمعاً؛ قال
العجاج يصف ثوراً:
فَحَطَّ في عَلْقَى وفي مُكورِ،
بين تَواري الشَّمْسِ والذُّرُورِ
وفي المحكم:
يَسْتَنُّ في عَلْقَى وفي مُكورِ
وقال: ولم ينونه رؤبة، واحدته عَلْقاة، قال ابن جني: الأَلف في عَلْقاة
ليست للتأْنيث لمجيء هاء التأْنيث بعدها، وإِِنما هي للإِلحاق ببناء جعفر
وسلهب، فإِذا حذفوا الهاء من عَلْقاة قالوا عَلْقَى غير منون، لأَنها لو
كانت للإِلحاق لنونت كما تنون أَرْطًى، أَلا ترى أَن مَنْ أَلحق الهاء
في عَلْقاةٍ اعتقد فيها أَن الأَلف للإلحاق ولغير التأْنيث؟ فإِذا نزع
الهاء صار إِلى لغة من اعتقد أَن الأَلف للتأْنيث فلم ينوِّنها كما لم
ينونها، ووافقهم بعد نزعِهِ الهاءَ من عَلْقاة على ما يذهبون إِليه من أَن
أَلف عَلْقَى للتأْنيث.
وبعير عَالِقٌ: يرعى العَلْقَى. والعالِقُ أَيضاً: الذي يَعْلُقُ
العِضاه أَي ينتِف منها، سمي عالقاً لأَنه يَعْلُق العضاه لطولها.
وعَلَقَت الإِبلُ العِضاه تَعْلُق، بالضم، عَلْقاً إِذا تَسنَّمتها أَي رعتها
من أَعلاها وتناولتها بأَفواهها، وهي إِبل عَوالق.
ورجل ذو مَعْلَقَةٍ أَي مُغِيرٌ يَعْلَقُ بكل شيء أَصابه؛ قال:
أَخاف أَن يَعْلَقَها ذو مَعْلَقَهْ
وجاء بعُلَقَ
فُلَقَ أَي الداهية، وقد أَعْلَقَ وأَفْلَقَ. وعُلَقُ فُلَقُ: لا ينصرف؛
حكاه أَبو عبيد عن الكسائي. ويقال للرجل: أَعْلَقْتَ وأَفْلَقْتَ
أَي جئت بعُلَقَ
فُلَقَ، وهي الداهية، لا يجري مجرى عمر. ويقال: العُلَقُ الجمع الكثير.
والعَوْلَقُ: الغُول، وقيل: الكلبة الحريصة، قال: وكلبة عَوْلَقٌ حريصة؛
قال الطرماح:
عَوْلقُ الحِرْصِ إِذا أَمْشَرَتْ،
ساوَرَتْ فيه سُؤورَ المُسامِي
وقولهم: هذا حديث طويل العَوْلَقِ أَي طول الذَّنَب. وقال كراع: إِنه
لطول العَوْلَقِ أَي الذنب، فلم يَخصَّ به حديثاً ولا غيره.
والعَليقةُ: البعير أَو الناقة يوجهه الرجل مع القوم إِذا خرجوا
مُمْتارين ويدفع إِليهم دراهم يمتارون له عليها؛ قال الراجز:
أَرسلها عَلِيقةً، وقد عَلِمْ
أَن العليقَاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ
يعني أَنهم يُودِعُون ركابهم ويركبونها ويزيدون في حملها. ويقال:
عَلَّقْتُ مع فلان عَلِيقةً، وأَرسلت معه عليقَةً، وقد عَلَّقها معه أَرسلها؛
وقال الراجز:
إِنَّا وَجَدْنا عُلَبَ العلائِقِ،
فيها شِفاءٌ للنُّعاسِ الطَّارِقِ
وقيل: يقال للدابة عَلوق. وقال ابن الأَعرابي: العَلِيقةُ والعَلاقةُ
البعير يضمه الرجل إِلى القوم يمتارون له معهم؛ قال الشاعر:
وقائلةٍ لا تَرْكَبَنَّ عَلِيقةً،
ومِنْ لذَّة الدنيا رُكوبُ العَلائِقِ
شمر: عَلاقةُ المَهْر ما يَتَعَلَّقون به على المتزوج؛ وقال في قول
امرئ القيس:
بِأََيّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
نَ عَنْ دمِ عَمْروِ، على مَرْثَدِ؟
(* قوله: عن دم عمرو؛ هكذا في الأصل. وفي رواية أخرى: أَعَنْ، بادخال
همزة الإستفهام على عن).
قال: العَلاقةُ النَّيْل، وما تعلقوا به عليهم مثلَ عَلاقةِ المهر.
والعِلاقةُ: المِعْلاق الذي يُعَلَّقُ به الإِناء. والعِلاقةُ، بالكسر:
عِلاقةُ السيفِ والسوط، وعِلاقةُ السوط ما في مَقْبِضه من السير، وكذلك
عِلاقةُ القَدَحِ والمصحف والقوس وما أَشبه ذلك. وأَعْلَقَ
السوطَ والمصحف والسيف والقدح: جعل لها عِلاقةً، وعَلَّقهُ على الوَتدِ،
وعَلَّقَ
الشيءَ خلفه كما تُعَلَّق الحقِيبةُ وغيرها من وراء الرَّحل. وتَعَلَّقَ
به وتَعَلَّقَه، على حذف الوَسيط، سواء. ويقال: لفلان في هذه الدار
عَلاقةٌ أَي بقيةُ نصيبٍ، والدَّعْوى له عَلاقةٌ. وعَلِقَ الثوبُ
من الشجر عَلَقاً وعُلوقاً: بقي متعلقاً به. وفي حديث أَبي هريرة:
رُئِيَ وعليه إزار فيه عَلَقٌ وقد خيَّطه بالأُسْطُبَّةِ؛ العَلَقُ: الخرق،
وهو أَن يَمُرَّ بشجرة أَو شوكة فتَعْلَقَ بثوبه فتخرقه. والعَلْقُ: الجذبة
في الثوب وغيره، وهو منه. والعَلَقُ: كل ما عُلِّقَ. وقال اللحياني
(*
قوله «وقال اللحياني إلخ» عبارة شرح القاموس: والمعالق، بغير ياء، من
الدواب: هي العلوق؛ عن اللحياني): وهي العَلوق والمَعالِق بغير ياءٍ.
والمِعْلاقُ والمُعْلوق: ما عُلِّقَ من عنب ولحم وغيره، لا نظير له إِلا
مُغْْرود لضرب من الكمأَة، ومُغفُور ومُغْثور ومُغْبورٌ في مُغْثور
ومُزْمور لواحد مزامير داود، عليه السلام؛ عن كراع. ويقال للمِعْلاق مُعْلوق
وهو ما يُعَلَّق عليه الشيء. قال الليث: أَدخلوا على المُعلوقِ الضمة
والمدّة كأَنهم أَرادوا حدّ المُنْخُل والمُدْهُن، ثم أَدخلوا عليه المدة.
وكلُّ شيء عُلِّقَ به شيء، فهو مِعْلاقه. ومَعاليقُ العُقود والشُّنوف: ما
يجعل فيها من كل ما يحْسُن، وفي المحكم: ومَعالِيق العِقْدِ الشُّنُوفُ
يجعل فيها من كل ما يحسن فيه. والأَعالِيقُ
كالمَعالِيقِ، كلاهما: ما عُلِّقَ، ولا واحد للأَعالِيقِ. وكل شيء
عُلِّقَ منه شيء، فهو مِعْلاقه. ومِعْلاقُ
الباب: شء يُعَلَّقُ به ثم يُدْفع المِعْلاقُ فينفتح، وفرق ما بين
المِعْلاقِ والمِغْلاق أنَ المِغْلاق يفتح بالمِفْتاح، والمِعْلاق
يُعْلَّقُبه البابُ ثم يُدْفع المِعْلاق من غير مفتاح فينفتح، وقد عَلَّق الباب
وأَعلَقه. ويقال: عَلِّق الباب وأَزْلِجْهُ. وتَعْلِيق البابِ أَيضاً:
نَصْبه وترْكِيبُه، وعَلِّق يدَه وأَعْلَقها؛ قال:
وكنتُ إِذا جاوَرْتُ، أَعْلَقْتُ في الذُّرى
يَدَيَّ، فلم يُوجَدْ لِجَنْبَيَّ مَصْرَعُ
والمِعْلَقة: بعض أَداة الراعي؛ عن اللحياني.
والعُلَّيْقُ: نبات معروف يتعلَّق بالشجر ويَلْتَوي عليه. وقال أَبو
حنيفة: العُلَّيق شجر من شجر الشوك لا يعظم، وإِذا نَشِب فيه شيء لم يكد
يتخلَّص من كثرة شوكه، وشَوكُه حُجَز شداد، قال: ولذلك سمِّي عُلَّيْقاً،
قال: وزعموا أَنها الشجرة التي آنَسَ موسى، على نبينا وعليه الصلاة
والسلام، فيها النارَ، وأَكثر منابتها الغِياضُ والأَشَبُ. وعَلِقَ به عَلَقاً
وعُلوقاً: تعلق.
والعَلوق: ما يعلق بالإنسان؛ والمنيّةُ عَلوق وعَلاَّقة. قال ابن سيده:
والعَلوق المنيَّة، صفة غالبة؛ قال المفضل البكري:
وسائلة بثَعْلبةَ بنِ سَيْرٍ،
وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
يريد ثعلبة بن سَيَّار فغيره للضرورة. والعُلُق: الدواهي. والعُلُق:
المَنايا. والعُلُق: الأَشغال أَيضاً. وما بينهما عَلاقةٌ أَي شيءٌ
يتَعَلَّقُ به أَحدُهما على الآخر. ولي في الأَمر عَلوق ومُتعلَّق أَي مُفْتَرض؛
فأَما قوله:
عَيْنُ بَكِّي لِسامةَ بن لُؤَيٍّ،
عَلِقَتْ مِلْ أُسامةَ العَلاَّقَهْ
(* قوله «مل أُسامة»
هكذا هو بالأصل مضبوطاً، وقد ذكره في مادة فوق بلفظ ساق سامة مع ذكر
قصته).
فإِنه عنى الحية لتَعَلّقها لأََنها عَلِقَتْ زِمام ناقته فلدغعته،
وقيل: العَلاَّقة، بالتشديد المنية وهي العَلوق أَيضاً. ويقال: لفلان في هذا
الأَمر عَلاقة أَي دعوى ومُتعَلَّق؛ قال الفرزدق:
حَمَّلْتُ من جَرْمٍ مَثاقيلَ حاجَتي،
كَريمَ المُحَيَّا مُشْنِقاً بالعَلائِقِ
أَي مستقلاً بما يُعَلَّقُ به من الدِّيات. والعَلَق: الذي تُعَلَّق به
البَكَرةُ من القامة؛ قال رؤبة:
قَعْقَعةَ المِحْوَر خُطَّافَ العَلَقْ
يقال: أَعرني عَلَقَك، أَي أَدة بَكَرتك، وقيل: العَلَقُ البَكَرة،
والجمع أَعْلاق؛ قال:
عُيونُها خُرْزٌ لصوتِ الأَعْلاقْ
وقيل: العَلَقُ القامةُ، والجمع كالجمع، وقيل: العَلَق أَداة البَكَرة،
وقيل: هو البَكَرةُ
وأَداتها، يعني الخُطَّاف والرِّشاءَ والدلو، وهي العَلَقةُ. والعَلَق:
الحبل المُعَلَّق بالبَكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كلاَّ زَعَمْت أَنَّني مَكْفِيُّ،
وفَوْق رأْسي عَلَقٌ مَلْوِيُّ
وقيل: العَلَقُ الحبل الذي في أَعلى البكَرة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي
أَيضاً:
بِئْسَ مَقامُ الشيخ بالكرامهْ،
مَحالةٌ صَرَّارةٌ وقامَهُ،
وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاءَ الهامَهْ
قال: لما كانت القامةُ مُعَلَّقة في الحبل جعل الزُّقاء له وإِنما
الزُّقاء للبَكرة، وقال اللحياني: العَلَق الرِّشاءُ والغَرْب والمِحْور
والبَكرة؛ قال: يقولون أَعيرونا العَلَق فيُعارون ذلك كله، قال الأَصمعي:
العَلَق اسم جامع لجميع آلات الاسْتِقاء بالبكرة، ويدخل فيها الخشبتان اللتان
تنصبان على رأْس البئر ويُلاقي بين طرفيهما العاليين بحبل، ثم يُوتَدانِ
على الأَرض بحبل آخر يُمدّ طرفاه للأَرض، ويُمَدَّان في وَتِدَينِ
أُثْبتا في الأَرض، وتُعَلَّق القامةُ وهي البَكَرة في أَعلى الخشبتين
ويُسْتَقى عليها بدلوين يَنْزِع بهما ساقيان، ولا يكون العَلَقُ
إِلا السَّانَيَة، وجملة الأَداة مِنَ الخُطَّافِ والمِحْوَرِ
والبَكَرةِ والنَّعامَتَيْنِ وحبالها؛ كذلك حفظته عن العرب. وعَلَقُ
القربة: سير تُعَلَّقْ به، وقيل: عَلَقُها ما بقي فيها من الدهن الذي تدهن
به. ويقال: كَلِفْتُ إِليك عَلَقَ
القربة، لغة في عَرَق القربة، فأَما عَلَقُ
القربة فالذي تشد به ثم تُعَلَّق، وأَما عَرَقُها فأَن تَعْرَق من
جهدها، وقد تقدم، وإِنما قال كَلِقْتُ إِليك عَلَق القربة لأَن أَشد العمل
عندهم السقي. وفي الحديث: خَطَبَنَا عمر،رضي الله عنه، فقال: أَيها الناس،
أَلا لا تُغَالوا بصَداق النساءِ، فإِنه لو كان مَكْرُمَةً في الدنيا
وتقوى عند الله كان أَوْلاكُم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أَصْدَقَ
امرأَةً من نسائه ولا أُصْدِقَت امرأَةٌ من بناته أَكثر من ثنتي عشرة
أُوقيّةً، وإِن الرجل ليُغَالي بصَداق امرأَته حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوةً
حتى يقول قد كَلِفْتُ عَلَقَ القربةِ، وفي النهاية يقول: حتى جَشِمْتُ
إِليكِ عَلَقَ القربةِ؛ قال أَبو عبيدة: عَلَقُها عِصَامُها الذي
تُعَلَّقُ به، فيقول: تَكَلَّفْت لكِ
كل شيء حتى عِصَامَ القربة. والمُعَلَّقة من النساء: التي فُقِد
زَوجُها، قال تعالى: فَتَذَرُوَها كالمُعَلَّقِة، وفي التهذيب: وقال تعالى في
المرأَة التي لا يُنْصِفُها زوجها ولم يُخَلِّ سبيلَها: فَتَذَرُوها
كالمُعَلّقة، فهي لا أَيِّم ولا ذات بَعْل. وفي حديث أُم زرع: إِن أَنْطق
أُطَلَّقْ، وإِن أَسكت أُعَلَّقْ أَي يتركْني كالمعَلَّقة لا مُمْسَكةً ولا
مطلقةً.
والعَلِيقُ: القَضِييمُ يُعَلَّق على الدابة، وعَلّقها: عَلَّق عليها.
والعَليقُ: الشراب على المثل. قال الأَزهري: ويقال للشراب عَلِيق؛ وأَنشد
لبعض الشعراء وأَظن أَنه لبيد وإِنشاده مصنوع:
اسْقِ هذا وذَا وذاكَ وعَلِّقْ،
لا تُسَمِّ الشَّرابَ إِلا عَلِيقَا
والعَلاقة: بالفتح: عَلاقة الخصومة. وعَلِقَ به عَلَقاً: خاصمه. يقال:
لفلان في أَرض بني فلان عَلاقةٌ أَي خصومة. ورجل مِعلاقٌ وذو مِعْلاق:
خصيم شديد الخصومة يتعلَّق بالحجج ويستَدْركها؛ ولهذا قيل في الخصيم
الجَدِل:لا يُرْسِلُ الساقَ إِلا مُمْسِكاً ساقَا
أَي لا يَدَع حُجة إِلا وقد أَعَدّ أُخرى يتعلَّق بها. والمِعْلاق:
اللسان البليغ؛ قال مِهَلْهِلٌ:
إِن تحتَ الأَحْجارِ حَزْماً وجُوداً،
وخَصِيماً أَلَدَّ ذا مِعْلاقِ
ومعْلاق الرجل: لسانه إِذا كان جَدِلاً.
والعَلاقَى، مقصور: الأَلقاب، واحدتها عَلاقِيَة وهي أَيضاً العَلائِقُ،
واحدَتها عِلاقةٌ، لأَنها تُعَلَّقُ على الناس.
والعَلَقُ: الدم، ما كان وقيل: هو الدم الجامد الغليظ، وقيل: الجامد قبل
أَن ييبس، وقيل: هو ما اشتدت حمرته، والقطعة منه عَلَقة. وفي حديث
سَرِيَّةِ بني سُلَيْمٍ: فإِذا الطير ترميهم بالعَلَقِ أَي بقطع الدم، الواحدة
عَلَقةٌ. وفي حديث ابن أَبي أَوْفَى: أَنه بَزَقَ عَلَقَةٌ ثم مضى في
صلاته أَي قطعة دمٍ منعقد. وفي التنزيل: ثم خلقنا النُّطْفَة عَلَقةً؛ ومنه
قيل لهذه الدابة التي تكون في الماء عَلَقةٌ لأَنها حمراء كالدم، وكل دم
غليظ عَلَقٌ، والعَلَقُ: دود أَسود في الماء معروف، الواحدة عَلَقةٌ.
وعَلِق الدابةُ عَلَقاً: تعلَّقَتْ به العَلَقَة. وقال الجوهري: عَلِقَت
الدابةُ إِذا شربت الماءَ فعَلِقَت بها العَلَقة. وعَلِقَتْ به عَلَقاً:
لزمته. ويقال: عَلِقَ العَلَقُ بحَنَك الدابة عَلَقاً إِذا عَضّ على موضع
العُذّرة من حلقه يشرب الدم، وقد يُشْرَطُ موضعُ المَحَاجم من الإنسان
ويُرْسل عليه العَلَقُ حتى يمص دمه. والعَلَقَةُ: دودة في الماء تمصُّ الدم،
والجمع عَلَق. والإعْلاقُ: إِرسال العَلَق على الموضع ليمص الدم. وفي
الحديث: اللدُود أَحب إِليّ من الإعْلاقِ. وفي حديث عامر: خيرُ الدواءِ
العَلَقُ والحجامة؛ العَلَق: دُوَيْدةٌ حمراء تكون في الماء تَعْلَقُ
بالبدن وتمص الدم، وهي من أَدوية الحلق والأَورام الدَّمَوِيّة
لامتصاصها الدم الغالب على الإِنسان. والمعلوق من الدواب والناس: الذي أَخَذ
العَلَقُ بحلقه عند الشرب.
والعَلوقُ: التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تأْلف الفحل ولا
تَرْأَمُ الولد، وكلاهما على الفأْل، وقيل: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها ولا
تَدِرُّ، وفي المثل: عامَلَنا مُعاملةَ العَلُوقِ تَرْأَمُ فتَشُمّ؛
قال: وبُدِّلْتُ من أُمٍّ عليَّ شَفِيقةٍ
عَلوقاً، وشَرُّ الأُمهاتِ عَلُوقُها
وقيل: العَلوق التي عُطِفت على ولد غيرها فلم تَدِرَّ عليه؛ وقال
اللحياني: هي التي تَرْأَمُ بأَنفها وتمنع دِرَّتها؛ قال أُفْنُون
التغلبي:أَمْ كيف يَنْفَعُ ما تأْتي العَلوقُ بِهِ
رئْمانُ أَنْفٍ، إِذا ما ضُنَّ باللَّبَنِ
وأَنشد ابن السكيت للنابغة الجعدي:
وما نَحَني كمِنَاح العَلُو
قِ، ما تَرَ من غِرّةٍ تَضْرِبِ
قال ابن بري: هذا البيت أَورده الجوهري تضربُ، برفع الباء، وصوابه
بالخفض لأَنه جواب الشرط؛ وقبله:
وكان الخليلُ، إِذا رَابَني
فعاتَبْتُه، ثم لم يُعْتِبِ
يقول: أَعطاني من نفسه غير ما في قلبه كالناقة التي تُظْهر بشمِّها
الرأْم والعطف ولم تَرْأَمه. والمَعَالق من الإِبل: كالعَلُوق. ويقال: عَلَّق
فلان راحلته إِذا فسخ خِطَامها عن خَطْمِها وأَلقاه عن غاربها
ليَهْنِئَها.
والعِلْق: المال الكريم. يقال: عِلْقُ
خير، وقد قالوا عِلْق شرٍّ، والجمع أَعْلاق. ويقال: فلان عِلْقُ علمٍ
وتِبْعُ
علمٍ وطلْب علمٍ. ويقال: هذا الشيءُ عِلْقُ مَضِنَّةٍ أَي يُضَنُّ به،
وجمعه أَعْلاق. ويقال: عِرْق مَضِنَّةٍ، بالراء، وقد تقدم. وقال اللحياني:
العِلْقُ الثوب الكريم أَو التُّرْس أَو السيف، قال: وكذا الشيءُ الواحد
الكريم من غير الروحانيين، ويقال له العَلوق. والعِلْق، بالكسر: النفيس
من كل شيءٍ. وفي حديث حذيفة: فما بال هؤلاء الذين يسرقون أَعْلاقَنا أَي
نفائس أَموالنا، الواحد عِلْق، بالكسر،سمي به لتَعَلُّقِ
القلب به. والعِلْقُ
أَيضاً: الخمر لنفاستها، وقيل: هي القديمة منها؛ قال:
إِذا ذُقْت فاهَا قُلت: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ
أُرِيدَ به قَيْلٌ، فَغُودِرَ في سَابِ
أَراد سأْباً فخفف وأَبدل، وهو الزِّقّ
أَو الدَّنّ. والعَلَق في الثوب: ما عَلِق به. وأَصاب ثوبي عَلْقٌ،
بالفتح، وهو ما عَلِِقَهُ فجذبه. والعِلْقُ والعِلْقةُ: الثوب النفيس يكون
للرجل. والعِلْقةُ: قميص بلا كمين، وقيل: هو ثوب صغير يتخذ للصبي، وقيل:
هو أَول ثوب يلبسه المولود؛ قال:
وما هي إِلاَّ في إِزارٍ وعِلْقةٍ،
مَغَارَ ابنِ اهَمّامٍ على حَيّ خَثْعَما
ويقال: ما عليه عِلْقة، إِذا لم يكن عليه ثياب لها قيمة، ويقال:
العِلْقة للصُّدْرة تلبسها الجارية تبتذل بها؛ قال امرؤ القيس:
بأَيِّ عَلاقَتِنا تَرْغَبُو
ن عن دمِ عَمْروٍ على مَرْثَدِ؟
(* راجع الملاحظة المثبتة سابقاً في هذه المادة).
وقد تقدم الاستشهاد به في المهر؛ قال أَبو نصر: أَراد أَيَّ عَلاقتنا ثم
أَقحم الباء، والعَلاقة: التباعد؛ فأَراد أَيَّ ذلك تكرهون، أَتأْبون دم
عمرو على مرثد ولا ترضون به؟ قال: والعَلاقةُ ما كان من متاع أَو مال
أَو عِلْقةٌ أَيضاً، وعِلْق للنفيس من المال، وقيل: كان مرثد قتل عمراً
فدفعوا مرثداً ليُقْتل به فلم يرضوا، وأَرادوا أَكثر من رجل برجل، فقال:
بأَيِّ ضعف وعجز رأَيتم منا إِذ طمعتم في أ َكثر من دم بدم؟
والعُلْقة: نبات لا يَلْبَثُ. والعُلْقةُ: شجر يبقى في الشتاء
تَتَبَلَّغُ به الإِبل حتى تُدْرك الربيع. وعَلَقَت الإِبل تَعْلُق عَلْقاً،
وتَعَلَّقت: أَكلت من عُلْقةِ الشجر. والعَلَقُ: ما تتبلغ به الماشية من
الشجر، وكذلك العُلْقةُ، بالضم. وقال اللحياني: العَلائِقُ البضائع. وعَلِقَ
فلانٌ يفعل كذا، ظَلَّ، كقولك طَفِقَ يفعل كذا؛ فال الراجز:
عَلِقَ حَوْضي نُغَر مُكِبُّ،
إِذا غَفَلْتُ غَفْلةً يَعُبُّ
أَي طَفِقَ يرِدهُ، ويقال: أَحبه واعتاده. وفي الحديث: فَعَلِقُوا وجهه
ضرباً أَي طفقوا وجعلوا يضربونه. والإِعْلاقُ: رفع اللَّهاةِ. وفي
الحديث: أَن امرأَة جاءت بابن لها إِلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد
أَعْلَقَتْ عنه من العُذْرةِ
فقال: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بهذه العُلُق؟ عليكم بكذا، وفي حديث:
بهذا الإِعْلاق، وفي حديث أُم قيس: دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم،
بابنٍ لي وقد أَعلقتُ
عليه؛ الإِعْلاقُ: معالجة عُذْرةِ الصبي، وهو وجع في حلقه وورم تدفعه
أُمه بأُصبعها هي أَو غيرها. يقال: أَعْلَقَتْ
عليه أُمُّه إِذا فعلت ذلك وغَمَزت ذلك الموضع بأُصبعها ودفعته. أَبو
العباس: أَعْلَقَ إِذا غَمَزَ حلق الصبي المَعْذور وكذلك دَغَر، وحقيقة
أَعْلقتُ
عنه أَزلتُ العَلُوقَ وهي الداهية. قال الخطابي: المحدثون يقولون
أَعْلَقَت عليه وإِنما هو أَعْلَقَتْ عنه أَي دفَعت عنه، ومعنى
أَعْلَقَتْعليه أَوْرَدَتْ عليه العَلُوقَ أَي ما عذبته به من دَغْرها؛ ومنه
قولهم: أَعْلَقْتُ عَليَّ إِذا أَدخلت يدي في حلقي أَتَقَيَّأُ، وجاءَ في بعض
الروايات العِلاق، وإِما المعروف الإِعْلاق، وهو مصدر أَعْلَقَتُ، فإِن
كان العِلاقُ
الاسمَ فيَجُوز، وأَما العُلُق فجمع عَلُوق، والإعْلاق: الدَّغْر.
والمِعْلَقُ: العُلْبة إِذا كانت صغيرة، ثم الجَنْبة أَكبر منها تعمل من
جَنْب الناقة، ثم الحَوْأَبة أَكبرهن. والمِعْلَقُ: قدح يعلقه الراكب
معه، وجمعه مَعَالق. والمَعَالقُ: العِلاب الصغار، واحدها مِعْلَق؛ قال
الفرزدق:
وإِنا لنُمْضي بالأَكُفِّ رِماحَنا،
إِذا أُرْعِشَتْ أَيديكُم بالمَعَالِقِ
والمِعْلَقة: متاع الراعي؛ عن اللحياني، أَو قال: بعض متاع الراعي.
وعَلَقَه بلسانه: لَحاهُ كَسَلَقَةُ؛ عن اللحياني. ويقال سَلَقَه بلسانه
وعَلَقَه إِذا تناوله؛ وهو معنى قول الأَعشى:
نهارُ شَرَاحِيلَ بن قَيْسَ يَرِيبنُي،
ولَيْل أَبي عيس أَمَرُّ وأَعَلق
ومَعَاليق: ضرب من النخل معروف؛ قال يذكر نخلاً:
لئِنْ نجَوْتُ ونجَتْ مَعَالِيقْ
من الدَّبَى، إِني إِذاً لَمَرْزُوقْ
والعُلاَّقُ: شجر أَو نبت. وبنو عَلْقَةَ: رهط الصِّمَّةِ، ومنهم
العَلَقاتُ، جمعوه على حد الهُبَيْراتِ. وعَلَقَةُ: اسم. وذو عَلاقٍ: جبل. وذو
عَلَقٍ: اسم جبل؛ عن أَبي عبيدة؛ وأَنشد ابن أَحمر:
ما أُمُّ غُفْرٍ على دَعْجاء ذي عَلَقٍ،
يَنْفِي القَراميدَ عنها الأَعْصَمُ الوَقُِلُ
وفي حديث حليمة: ركبت أَتاناً لي فخرجت أَمام الرَّكْبِ حتى ما يَعْلَقُ
بها أَحد منهم أَي ما يتصل بها ويلحقها. وفي حديث ابن مسعود: إنَّ
امرَأً بمكة كان يسلم تسليمتين فقال: أَنَّى عَلِقَها فإِن رسول الله، صلى
عليه وسلم، كان يفعلها؟ أَي من أَين تعلَّمها وممن أَخذها؟ وفي حديث
المِقْدام: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِن الرجل من أَهل الكتاب يتزوج
المرأَة وما يَعْلَقُ على يديها الخير وما يرغب واحد عن صاحبه حتى يموتا
هَرَماً؛ قال الحربي: يقول من صغرها وقلَّةِ رِفْقها فيصبر عليها حتى
يموتا هَرَماً، والمراد حثُّ أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن أَي
أَن أَهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم. وعَلِقَت المرأَة أَي حَبِلَتْ.
وعَلِقَ الظَّبْيُ في الحبالة. والعُلَّيْقُ، مثال القُبَّيْط: نبت يتعلق
بالشجر يقال له بالفارسية «سَبرَنْد »
(* قوله «سبرند» كذا بالأصل، والذي في
الصحاح: سرند مضبوطاً كفرند). وربما قالوا العُلَّيْقَى مثال
القُبَّيْطَى. وفي التهذيب في هذه الترجمة: روي عن عليّ، رضي الله عنه، أَنه قال:
لنا حق إِن نُعْطَهُ نأْخُذْه، وإِن لم نُعْطَهُ نركبْ أَعجاز الإِبل؛ قال
الأَزهري: معنى قوله نركب أَعجاز الإِبل أَي نرضى من المركب
بالتَّعْلِيق، لأَنه إِذا مُنِعَ التَّمَكُّن من الظهر رضي بعَجُزِ
البعير، وهو التَّعْليق، والأَولى بهذا أَن يذكر في ترجمة عجز، وقد
تقدم.
كنف: الكَنَفُ والكَنَفةُ: ناحية الشيء، وناحِيتا كلِّشيء كنَفاه،
والجمع أَكناف. وبنو فلان يَكْنُفون بني فلان أَي هم نُزول في ناحيتهم. وكنَفُ
الرَّجل: حِضْنه يعني العَضُدين والصدْرَ. وأَكناف الجبل والوادي:
نواحِيه حيث تنضم إليه، الواحد كنَفٌ. والكَنَفُ: الجانب والناحية، بالتحريك.
وفي حديث جرير، رضي اللّه عنه: قال له أَين منزلك؟ قال: بأَكْنافِ بِيشةَ
أَي نواحيها. وفي حديث الإفك: ما كشَفْتُ من كَنَفِ أُنثى؛ يجوز أَن
يكون بالكسر من الكِنْفِ، وبالفتح من الكَنَف. وكنَفا الإنسان: جانِباه،
وكنَفاه ناحِيتاه عن يمينه وشماله، وهما حِضْناه. وكنَفُ اللّه: رحمته.
واذْهَبْ في كنَف اللّه وحِفظه أَي في كَلاءته وحِرْزه وحِفظه، يَكْنُفه
بالكَلاءة وحُسن الوِلاية. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما، في النْجوى:
يُدْنى المؤمنُ من ربّه يوم القيامة حتى يضَع عليه كنَفه؛ قال ابن
المبارك: يعني يستره، وقيل: يرحمه ويَلْطُف به، وقال ابن شميل: يضَعُ اللّه عليه
كنَفه أَي رحمته وبِرّه وهو تمثيل لجعله تحت ظلّ رحمته يوم القيامة. وفي
حديث أَبي وائل، رضي اللّه عنه: نشَر اللّه كنَفه على المسلم يوم
القيامة هكذا، وتعطَّفَ بيده وكُمه. وكنَفَه عن الشيء: حَجَزه عنه. وكنَف
الرجلَ يكْنُفه وتَكَنَّفَه واكْتَنَفه: جعله في كنَفِه. وتكَنَّفوه
واكْتَنَفُوه: أَحاطوا به، والتكْنِيفُ مثله. يقال: صِلاء مكَنَّف أَي أُحيط به من
جَوانِبه . وفي حديث الدعاء: مَضَوْا على شاكلتهم مُكانِفين أَي يكنُف
بعضُهم بعضاً. وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ: فاكتنَفْته أنا وصاحبي أي
أَحطْنا به من جانِبَيْه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: فتكنَّفَه الناس.
وكنَفَه يَكنُفه كنْفاً وأَكنَفه: حَفِظه وأَعانه؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وقال ابن الأَعرابي: كنَفه ضمّه إليه وجعله في عِياله. وفلان يَعِيش في كنف
فلان أي في ظِلِّه. وأَكنَفْت الرجل إذا أَعَنْتَه، فهو مُكْنَف.
الجوهري: كنَفْت الرَّجل أَكنُفه أَي حُطْتُه وصُنْتُه، وكنفت بالرجل إذا قمت به
وجعلته في كنَفك. والمُكانفة: المعاونة. وفي حديث أَبي ذر، رضي اللّه
عنه: قال له رجل أَلا أَكون لك صاحباً أَكنُف راعِيَكَ وأَقْتَبِس منك؟ أَي
أُعِينُه وأَكون إلى جانبه وأجعله في كنَف. وأَكنَفَه: أَتاه في حاجة
فقام له بها وأَعانه عليها. وكَنَفا الطائر: جناحاه. وأَكنَفَه الصيدَ
والطير: أَعانه على تصيّدها، وهو من ذلك.
ويُدْعى على الإنسان فيقال: لاتكنُفُه من اللّه كانفة أي لا تحفظه.
الليث: يقال للإنسان المخذول لا تكنفه من اللّه كانفة أَي لا تحْجُزه.
وانهزموا فما كانت لهم كانفة دون المنزل أَو العسكر أَي موضع يلجَؤُون إليه،
ولم يفسره ابن الأَعرابي، وفي التهذيب: فما كان لهم كانفة دون العسكر أَي
حاجز يحجُز عنهم العدوَّ.
وتكنَّف الشيء واكْتَنَفه: صار حواليه. وتكنَّفُوه من كل جاني أي
احْتَوَشُوه.
وناقة كنوف: وهي التي إذا أَصابها البرد اكتنفت في أَكناف الإبل تستتر
بها من البرد. قال ابن سيده: والكَنوف من النوق التي تبرُك في كنَفة الإبل
لتقي نفسها من الريح والبرد، وقد اكتنفت، وقيل: الكَنوف التي تبرك ناحية
من الإبل تستقبل الريح لصحتها: واطْلُب ناقتك في كنَف الإبل أَي في
ناحيتها. وكنَفةُ الإبل: ناحيتها. قال أَبو عبيدة: يقال ناقة كَنوف تبرك في
كنَفة الإبل مثل القَذُور إلا أَنها لا تَسْتبعد كما تستبعد القَذور. وحكى
أَبو زيد: شاة كَنْفاء أَي حَدْباء. وحكى ابن بري: ناقة كنوف تبيت في
كنف الإبل أَي ناحيتها؛ وأَنشد:
إذا اسْتَثارَ كنُوفاً خِلْت ما بَرَكَت
عليه يُنْدَفُ، في حافاتِه، العُطُبُ
والمُكانِفُ: التي تبرُك من وراء الإبل؛ كلاهما عن ابن الأعرابي.
والكَنَفانِ: الجَناحانِ؛ قال:
سِقْطانِ من كَنَفَيْ نَعامٍ جافِلِ
وكلُّ ما سُتر، فقد كُنف.
والكَنِيفُ: التُّرْس لسَتْره، ويوصف به فيقال: تُرْس كَنِيف، ومنه قيل
للمَذْهب كَنِيف، وكل ساتر كَنيف؛ قال لبيد:
حَريماً حين لم يَمْنَعْ حَريماً
سُيوفُهمُ، ولا الحَجَفُ الكَنِيفُ
والكنيفُ: الساتر. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: ولا يكن للمسلمين
كانفةٌ أَي ساترة، والهاء للمبالغة. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: شَقَقْن
أَكنَفَ مُروطِهنّ فاخْتَمَرْن به أَي أَسْتَرَها وأَصْفَقَها، ويروى
بالثاء المثلثة، وقد تقدم. والكنيفُ: حَظيرة من خشَب أو شجر تتخذ للإبل،
زاد الأَزهري: وللغنم؛ تقول منه: كنَفْت الإبل أَكنُف وأَكنِفُ. واكْتَنَفَ
القومُ إذا اتخذوا كَنيفاً لإبلهم. وفي حديث النخعي: لا تؤخذ في الصدقة
كَنوف، قال: هي الشاة القاصية التي لا تمشي مع الغنم، ولعله أَراد
لإتْعابها المصدِّق باعتزالها عن الغنم، فهي كالمُشَيِّعةِ المنهي عنها في
الأَضاحي، وقيل: ناقة كَنوف إذا أَصابها البرد فهي تستتر بالإبل. ابن سيده:
والكَنيف حَظيرة من خشب أَو شجر تتخذ للإبل لتقِيَها الريح والبرد، سمي
بذلك لأَنه يكنِفُها أي يسترها ويقيها؛ قال الراجز:
تَبِيتُ بين الزَّرْبِ والكَنِيفِ
والجمع كُنُفٌ؛ قال:
لَمّا تَآزَيْنا إلى دِفْء الكُنُفْ
وكنَف الكَنِيفَ يكنُفه كَنْفاً وكُنوفاً: عمله. وكنَفْت الدار
أَكنُفها: اتخذت لها كنيفاً. وكَنف الإبل والغنم يكْنُفها كَنْفاً: عمل لها
كَنيفاً.وكنَف لإبله كَنِيفاً: اتخذه لها؛ عن اللحياني. وكَنف الكَيّالُ
يكنُفُ كَنْفاً حَسناً: وهو أَن يجعل يديه على رأْس القَفِيز يُمْسِك بهما
الطعام، يقال: كِلْه كَيْلاً غير مَكْنُوف. وتكنَّف القومُ بالغِثاث: وذلك
أَن تموت غنمهم هُزالاً فيَحْظُروا بالتي ماتت حول الأَحْياء التي بَقِين
فتسْتُرها من الرِّياح. واكتَنف كَنِيفاً: اتخذه. وكنَف القومُ: حبَسوا
أَموالهم من أَزْلِ وتَضْييق عليهم. والكَنيف: الكُنّة تُشْرَع فوق باب
الدار. وكنَف الدارَ يكْنُفها كَنْفاً: اتخذ لها كَنِيفاً. والكَنِيف:
الخَلاء وكله راجع إلى السَّتر، وأَهل العراق يسمون ما أَشرعوا من أَعالي
دُورهم كَنِيفاً، واشتقاق اسم الكَنِيف كأَنه كُنِفَ في أَستر النواحي،
والحظيرةُ تسمى كَنِيفاً لأَنها تكنف الإبل أَي تسترها من البرد، فعيل بمعنى
فاعل. وفي حديث أَبي بكر حين استخلف عمر، رضي اللّه عنهما: أَنه أَشرف من
كَنِيف فكلَّمهم أَي من سُتْرة؛ وكلُّ ما سَتر من بناء أَو حظيرة، فهو
كنيف؛ وفي حديث ابن مالك والأَكوع:
تبيت بين الزرب والكنيف
أَي الموضع الذي يكنفها ويسترها.
والكِنْفُ: الزَّنْفَلِيجة يكون فيها أَداة الراعي ومَتاعه، وهو أَيضاً
وِعاء طويل يكون فيه مَتاع التِّجار وأَسْقاطهم؛ ومنه قول عمر في عبد
اللّه بن مسعود، رضي اللّه عنهما: كُنَيْفٌ مُلِئ عِلْماً أَي أَنه وعاء
للعلم بمنزلة الوعاء الذي يضع الرجل فيه أَداته، وتصغيره على جهة المدح له،
وهو تصغير تعظيم لكِنْف كقول حُباب بن المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها
المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجّب؛ شبّه عمر قلب ابن مسعود بِكِنْف الرّاعي
لأَن فيه مِبْراتَه ومِقَصَّه وشَفْرته ففيه كلُّ ما يريد؛ هكذا قلبُ ابن
مسعود قد جُمع فيه كلُّ ما يحتاج إليه الناس من العلوم، وقيل: الكِنْف
وعاء يجعل فيه الصائغ أَدواته، وقيل: الكِنْف الوعاء الذي يكْنُف ما جُعل
فيه أَي يحفظه. والكِنْفُ أَيضاً: مثل العَيْبة؛ عن اللحياني. يقال: جاء
فلان بكنِف فيه متاع، وهو مثل العيبة. وفي الحديث: أَنه توضَّأَ فأدخل يده
في الإناء فكَنَفَها وضرب بالماء وجهه أَي جَمَعها وجعلها كالكِنْف وهو
الوعاء. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أَعطى عياضاً كنف الرَّاعي أَي
وعاءه الذي يجعل فيه آلته. وفي حديث ابن عمرو وزوجته، رضي اللّه عنهم:
لم يُفَتِّش لنا كِنْفاً؛ قال ابن الأَثير: لم يدخل يده معها كما يدخل
الرجل يده مع زوجته في دواخل أَمرها؛ قال: وأَكثر ما يروى بفتح الكاف والنون
من الكَنَف، وهو الجانب، يعني أَنه لم يَقْرَبها. وكَنَف الرجلُ عن
الشيء: عدل؛ قال القطامي:
فَصالوا وصُلْنا، واتَّقَونا بماكِرٍ،
ليُعْلَمَ ما فِينا عن البيْع كانِفُ
قال الأَصمعي: ويروى كاتف؛ قال: أَظن ذلك ظنّاً؛ قال ابن بري: والذي في
شعره:
ليُعلَمَ هل مِنّا عن البيع كانف
قال: ويعني بالماكر الحمار أَي له مَكر وخَديعة.
وكَنيف وكانِف ومُكنِف، بضم الميم وكسر النون: أَسماء. ومُكنِف بن زَيد
الخيل كان له غَناء في الرِّدّة مع خالد بن الوليد، وهو الذي فتَح
الرَّيَّ، وأَبو حمّاد الراوية من سَبْيه.
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطعام والشراب في المَريء، والجمع القليل
أَحْلاقٌ؛ قال:
إِنَّ الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهم
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشد المبرد: في أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذلك عليه عليّ بن حَمزَة،
والكثير حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الفارسي:
حتى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ
الأَزهري: مخرج النفس من الحُلْقُوم وموضع الذبح هو أَيضاً من الحَلْق.
وقال أَبو زيد: الحلق موضع الغَلْصَمة والمَذْبَح. وحَلَقه يَحْلُقُه
حَلْقاً: ضربه فأَصاب حَلْقَه. وحَلِقَ حَلَقاً: شكا حَلْقَه، يطرد عليهما
باب. ابن الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ. والحُلاقُ:
وجَعٌ في الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عن الخليل، وفُعْلُول عند
غيره، وسيأْتي. وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها على التشبيه
بالحُلوق التي هي مَساوِغُ الطعام والشراب وكذلك حُلوق الآنية والحِياض.
وحَلَّقَ
الإِناءُ من الشراب: امْتلأَ إِلاَّ قليلاً كأَنَّ ما فيه من الماء
انتهى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حوضه: وذلك إِذا قارب أَن يملأَه إلى
حَلْقه. أَبو زيد: يقال وفَّيْت حَلْقة الحوض تَوفِيةً والإِناء كذلك.
وحَلْقةُ الإِناء: ما بقي بعد أَن تجعل فيه من الشراب أَو الطعام إِلى نصفه،
فما كان فوق النصف إِلى أَعلاه فهو الحلقة؛ وأَنشد:
قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ
قال أَبو مالك: حَلْقة الحوض امْتِلاؤُه، وحلقته أَيضاً دون الامتلاء؛
وأَنشد:
فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ
والمُحلِّق: دون المَلْء؛ وقال الفرزدق:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحْلِّقٌ،
إِذا كان يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي
(* وفي قصيدة الفرزدق: إِذا كان يوم الوِردِ يومَ خِصامِ)
وحَلَّق ماءُ الحوض إِذا قلَّ وذهب. وحلَّق الحوضُ: ذهب ماؤُه؛ قال
الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ،
نائي المياه، ناضبًٌ مُحَلِّقُ
(* قوله «مسراها» كذا في الأصل، والذي في شرح القاموس مرآها).
وحَلَّقَ
المكُّوكُ إِذا بلغ ما يُجعل فيه حَلْقَه. والحُلُق: الأَهْوِية بين
السماء والأَرض، واحدها حالِقٌ. وجبل حالق: لا نبات فيه كأَنه حُلِق، وهو
فاعل بمعنى مفعول؛ كقول بشر بن أَبي خازم:
ذَكَرْتُ بها سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني
ذَكَرْتُ حَبيباً فاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقوداً، وقيل: الحالق من الجبال المُنِيفُ المُشْرِف، ولا يكون
إِلا مع عدم نبات. ويقال: جاء من حالق أَي من مكان مُشرف. وفي حديث
المَبْعث: فهَمَمْتُ أَن أَطرح بنفسي من حالِق أَي جبل عالٍ.
وفي حديث أَبي هريرة: لما نزل تحريم الخمر كنا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ
فنَقْطَع ما ذَنَّبِ منها؛ يقال للبُسر إِذا بدا الإِرْطاب فيه من قِبل
ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بلغ نصفه فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه
فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يريد أَنه كان يقطع ما أَرطب منها ويرميه عند
الانتباذ لئلا يكون قد جَمع فيه بين البُسْر والرُّطب؛ ومنه حديث بَكَّار:
مرّ بقوم يَنالُون من الثَّعْد والحُلْقان. قال ابن سيده: بُسرة حُلْقانة
بلغ الإِرْطاب قريباً من النُّفدوق من أسفلها والجمع حُلْقانٌ حلْقها،
وقيل: هي التي بلغ الإِرطاب ومُحَلْقِنة والجمع مُحَلْقِنٌ. وقال أَبو
حنيفة: يقال حلَّق البُسر وهي الحَواليقُ، بثبات الياء؛ قال ابن سيده: وهذا
البناء عندي على النسب إِذ لو كان على الفعل لقال: مَحاليق، وأَيضاً فإِني
لا أَدري ما وجه ثبات الياء في حَواليق. وحَلْق التمرة والبُسرة: منتهى
ثُلثيها كأَن ذلك موضع الحلق منها.
والحَلْقُ: حَلْقُ الشعر. والحَلْقُ: مصدر قولك حَلق رأْسه. وحَلَّقوا
رؤُوسهم: شدّد للكثرة. والاحْتِلاقُ: الحَلْق. يقال: حَلق مَعَزه، ولا
يقال: جَزَّه إِلا في الضأْن، وعنز مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بالضم: ما
حُلِق من شعره. ويقال: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق. قال ابن سيده: الحَلْق
في الشعر من الناس والمعز كالجَزّ في الصوف، حلَقه يَحلِقه حَلْقاً فهو
حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لاهُمَّ، إِن كان بنُو عَمِيرهْ
أَهْلُ التِّلِبِّ هؤلا مَقْصُورهْ
(* قوله «مقصورة» فسره المؤلف في مادة قصر عن ابن الأَعرابي فقال:
مقصورة أي خلصوا فلم يخالصهم غيرهم)،
فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورة،
تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
ويقال: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شعرها، وجزَّ ضأْنَه، وهي مِعْزى
مَحْلُوقة وحَلِيقة، وشعر مَحْلوق. ويقال: لحية حَليق، ولا يقال حَلِيقة. قال
ابن سيده: ورأْس حليق محلوق؛ قالت الخنساء:
ولكني رأَيتُ الصبْر خَيْراً
من النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: ما حُلِقَ
منه يكون ذلك في الناس والمعز. والحَلِيقُ: الشعر المحلوق، والجمع
حِلاقٌ. واحْتلقَ بالمُوسَى. وفي التنزيل: مُحَلِّقين رُؤُوسكم ومُقَصِّرين.
وفي الحديث: ليس مِنَّا من صَلَق أَو حَلق أَي ليس من أَهل سُنَّتنا من
حلَق شعره عند المُصيبة إِذا حلَّت به. ومنه الحديث: لُعِنَ من النساء
الحالقة والسالِقةُ والخارِقةُ. وقيل: أَراد به التي تَحلِق وجهها للزينة؛
وفي حديث: ليس منا من سلَق أَو حلَق أَو خَرق أَي ليس من سنَّتنا رَفْعُ
الصوت في المَصائب ولا حلْقُ
الشعر ولا خَرْقُ الثياب. وفي حديث الحَجّ: اللهمَّ اغْفر
للمُحَلِّقِين قالها ثلاثاً؛ المحلِّقون الذين حلَقوا شعورهم في الحج أَو العُمرة
وخصَّهم بالدعاء دون المقصوين، وهم الذين أَخذوا من شعورهم ولم يَحلِقوا
لأَن أَكثر من أَحرم مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن معهم هَدْيٌ ،
وكان عليه السلام قد ساق الهَدْيَ، ومَن منه هَدْيْ لا يَحلِق حتى يَنْحَر
هديَه، فلما أَمرَ
من ليس معه هدي أَن يحلق ويحِلَّ، وجَدُوا في أَنفسهم من ذلك وأَحبُّوا
أَن يأَذَن لهم في المُقام على إِحرامهم حتى يكملوا الحج، وكانت طاعةُ
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَولى بهم، فلما لم يكن لهم بُدُّ من الإِحْلال
كان التقصير في نُفوسهم أَخفّ من الحلق، فمال أَكثرهم إِليه، وكان فيهم
من بادر إِلى الطاعة وحلق ولم يُراجِع، فلذلك قدَّم المحلِّقين وأَخَّر
المقصِّرين.
والمِحْلَقُ، بكسر الميم: الكِساءُ الذي يَحْلِق الشعر من خِشونته؛ قال
عُمارة بن طارِقٍ يصف إِبلاً ترد الماءَ فتشرب:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ،
نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الجسد، واحدها مِحْشأ، بالهمز،
ويقال: مِحْشاة، بغير همز، والهَدالِقُ: جمع هِدْلق وهي
المُسْتَرْخِيَةُ.
والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ. وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يحلق شعر
الفخذين من ضِخَمِه. وقالوا: بينهم احْلِقِي وقُومي أَي بينهم بَلاءٌ وشدَّة
وهو من حَلْق الشعر كان النساءٌ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قال:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ
أَفضلُ من يومِ احْلِقي وقُومِي
الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم. ومما يُدعَى به على المرأَة: عَقْرَى
حَلْقَى، وعَقْراً حَلْقاً فأَمّا عقرَى وعقراً فسنذكره في حرف العين،
وأَما حلْقَى وحلقاً فمعناه أَنه دُعِيَ عليها أَن تئيم من بعلها فتْحْلِق
شعرها، وقيل: معناه أَوجع الله حَلْقها، وليس بقويّ؛ قال ابن سيده: وقيل
معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، ولا أَحُقُّها. وقال الأَزهري: حَلْقَى عقْرى
مشؤُومة مُؤْذِية. وفي الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، قال لصَفِيَّة بنت
حُيَيٍّ حين قيل له يوم النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حاضت فقال: عقرى حلقى
ما أَراها إِلاَّ حابِسَتنا؛ معناه عَقَر الله جَسدَها وحلَقها أَي
أَصابها بوجع في حَلْقها، كما يقال رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه
وعضُدَه وصَدْره. قال الأَزهري: وأَصله عقراً حلقاً، وأَصحاب الحديث
يقولون عقرَى حلقَى بوزن غَضْبَى، حيث هو جارٍ على المؤَنث، والمعروف في
اللغة التنوين على أَنه مصدر فَعل متروك اللفظ، تقديره عقَرها الله عقْراً
وحلَقها الله حلقاً. ويقال للأَمر تَعْجَبُ منه: عقْراً حلقاً، ويقال
أَيضاً للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ ومن مواضع التعجب قولُ أُمّ الصبي
الذي تكلَّم: عَقْرَى أَو كان هذا منه قال الأَصمعي: يقال عند الأَمر
تَعْجَبُ
منه: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه من العَقْر والحَلْق والخَمْش؛
وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى
لِما لاقَتْ سَلامانُ بن غَنْمِ
ومعناه قَومِي أُولُو نساءٍ قد عَقَرْن وجُوههن فخذَشْنَها وحَلَقْن
شعورهن مُتَسَلِّباتٍ على من قُتل من رجالها؛ قال ابن بري: هذا البيت رواه
ابن القطَّاع:
أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى
يريدون أَلا قومي ذَوو نساءٍ قد عقرن وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قال:
وكذلك رواه الهَرَوِيّ في الغريبين قال: والذي رواه ابن السكيت:
أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى
قال: وفسَّره عثمان بن جني فقال: قولهم عقرى حلقى، الأَصل فيه أَن
المرأَة كانت إِذا أُصِيب لها كريم حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تضرب بهما
رأْسَها وتعقِره؛ وعلى ذلك قول الخنساء:
فلا وأَبِيكَ، ما سَلَّيْتُ نفسي
بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، ولا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيراً
من النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يريد إِن قومي هؤلاء قد بلغ بهم من البَلاء ما يبلُغ بالمرأَة المعقورة
المحلوقة، ومعناه أَهم صاروا إِلى حال النساءِ المَعْقُورات المحلوقات.
قال شمر: روى أَبو عبيد عقراً حلقاً، فقلت له: لم أَسمع هذا إِلا عقرَى
حلقَى، فقال: لكني لم أَسمع فَعْلى على الدعاء، قال شمر: فقلت له قال ابن
شميل إِن صِبيانَ
البادية يلعبون ويقولون مُطَّيْرَى على فُعَّيْلى، وهو أَثقل من
حَلْقَى، قال: فصيره في كتابه على وجهين: منوّناً وغير منوَّن. ويقال: لا
تَفعلْذلك أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ الله أُمَّك بك حتى تَحلِق شعرها،
والمرأَةُ إِذا حلَقت شعرها عند المصيبة حالِقةٌ وحَلْقَى. ومثَلٌ للعرب:
لأُمّك الحَلْقُ ولعينك العُبْرُ.
والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ استدار كحَلْقةِ الحديد والفِضّة والذهب، وكذلك
هو في الناس، والجمع حِلاقٌ على الغالب، وحِلَقٌ على النادر كهَضْبة
وهِضَب، والحَلَقُ عند سيبويه: اسم للجمع وليس بجمع لأَن فَعْلة ليست مما
يكسَّر على فَعَلٍ، ونظير هذا ما حكاه من قولهم فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حكى
سيبويه في الحَلْقة فتح اللام وأَنكرها ابن السكيت وغيره، فعلى هذه
الحكاية حلَقٌ جمع حلَقة وليس حينئذ اسم جميع كما كان ذلك في حلَق الذي هو اسم
جمع لحَلْقة، وإِن كان قد حكى حلَقة بفتحها. وقال اللحياني: حَلْقة الباب
وحلَقته، بإِسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلْقةُ القوم وحلَقتهم، وحكى
الأُمَوِيُّ: حِلْقة القوم، بالكسر، قال: وهي لغة بني الحرت بن كعب،
وجمع الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فهو بابُه، وأَما
حَلَقٌ فإِنه اسم لجمع حِلْقة كما كان اسماً لجمع حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فنادر
لأَن فِعالاً ليس مما يغلب على جمع فِعْلة. الأَزهري: قال الليث
الحَلْقةُ، بالتخفِيف، من القوم، ومنهم من يقول حَلَقة، وقال الأَصمعي: حَلْقة
من الناس ومن حديد، والجمع حِلَقٌ مثل بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛
وقال أَبو عبيد: أَختار في حلَقة الحديد فتح اللام ويجوز الجزم، وأَختار
في حلْقة القوم الجزم ويجوز التثقيل؛ وقال أَبو العباس: أَختار في حلَقة
الحديد وحلَقة الناس التخفيف، ويجوز فيهما التثقيل، والجمع عنده حَلَقٌ؛
وقال ابن السكيت: هي حلْقة الباب وحلَقة القوم، والجمع حِلَق وحِلاق.
وحكى يونس عن أَبي عمرو بن العلاء حلَقة في الواحد، بالتحريك، والجمع حَلَقٌ
وحَلَقات؛ وقال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه وأَنشد:
مَهْلاً بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم
وإِيّاكمُ والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فقد أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ،
عسَى أَن تَفُوزوا أَن تكونوا رَطائطا
قال ابن بري: يقول قد اضطرب أَمرُكم من باب الجِدِّ والعقل فتَحامَقُوا
عسى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جمع أَهْلَبَ، وهو الكثير شعر الأُنثيين،
والعِضْرِطُ: العِجانُ، ويقال: إِن الأَهلَبَ
العِضرِطِ لا يُطاق؛ وقد استعمل الفرزدق حَلَقة في حلْقةِ القوم قال:
يا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ،
أَفي زِناً قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ؟
وقال الراجز:
أُقْسِمُ بالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
ولا حُرَيْقاً، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وقال آخر:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنـ
ـارِ وبالله نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حتى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً،
ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابن الأَعرابي: هم كالحَلَقةِ المُفْرَغة لا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛
يضرب مثلاً للقوم إِذا كانوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة
لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فيهم ولا يَنال منهم. وفي الحديث: أَنه نَهى عن
الحِلَقِ قبل الصَّلاةِ ، وفي رواية: عن التَّحَلُّقِ؛ أَراد قبل صلاة
الجُمعة؛ الحِلَقُ، بكسر الحاء وفتح اللام: جمع الحَلْقة مثل قَصْعة وقِصَعٍ،
وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلْقة الباب وغيرها. والتَّحَلُّق،
تفَعُّل منها: وهو أَن يتَعمَّدوا ذلك. وتَحلَّق القومُ: جلسوا حَلْقة حَلْقة.
وفي الحديث: لا تصلوا خَلْف النيِّام ولا المُتَحَلِّقين أَي الجُلوسِ
حِلَقاً حِلَقاً. وفي الحديث: الجالس وسْط الحلَقة ملعون لأَنه إِذا جلس
في وسَطِها استدبر بعضَهم بظهره فيُؤذيهم بذلك فيَسبُّونه ويلْعَنُونه، ؛
ومنه الحديث: لا حِمَى إِلا في ثلاث، وذكر حَلْقة القوم أَي لهم أَن
يَحْمُوها حتى لا يَتَخَطَّاهم أَحَد ولا يَجلس في وسطها. وفي الحديث: نهى
عن حِلَقِ الذهب؛ هي جمع حَلْقةٍ وهي الخاتمُ بلا فَصّ؛ ومنه الحديث: من
أَحَبّ أَن يُحَلِّق جبينه حَلْقة من نار فلْيُحَلِّقْه حَلْقة من ذهب؛
ومنه حديث يأْجُوج ومأْجُوج: فُتِحَ اليومَ من رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ
مِثْلُ
هذه وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام والتي تليها وعقَد عَشْراً أَي جعل
إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ العشرة: من مُواضَعات الحُسّاب، وهو أَن
يجعل رأْس إِصْبَعه السبابة في وسط إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة.
الجوهري: قال أَبو يوسف سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول: ليس في الكلام
حلَقة، بالتحريك، إِلا في قولهم هؤلاء قوم حَلَقةٌ للذين يَحلِقون الشعر، وفي
التهذيب: للذين يحلقونَ المِعْزى، جمع حالِقٍ. وأَما قول العرب:
التَقَتْ حلَقتا البِطان، بغير حذف أَلف حلْقتا لسكونها وسكون اللام، فإِنهم
جمعوا فيها بين ساكنين في الوصل غير مدغم أَحدهما في الآخر، وعلى هذا قراءة
نافع: مَحْيايْ ومَماتي، بسكون ياء مَحيايْ، ولكنها ملفوظ بها ممدودة
وهذا مع كون الأَوّل منهما حرف مدّ؛ وممّا جاء فيه بغير حرف لين، وهو شاذٌّ
لا يقاس عليه، قوله:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ
مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لم يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومِ نِساء تُمْنَعْنْ
قال الأَخفش: أَخبرني بعض من أَثق به أَنه سمع:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ،
أَجُبُناً وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قال: وسمعت من العرب:
أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ
قال ابن سيده: قال ابن جني لهذا ضرب من القياس، وذلك أَنّ الساكن
الأَوّل وإن لم يكن مدّاً فإِنه قد ضارَع لسكونه المدّة، كما أَن حرف اللين
إِذا تحرك جرى مَجرى الصحيح، فصحّ في نحو عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تراهما لم
تُقْلب الحركةُ فيهما كما قلبت في ريح ودِيمة لسكونها؟ وكذلك ما أُعِلّ
للكسرة قبله نحو مِيعاد ومِيقات، والضمة قبله نحو مُوسر ومُوقن إِذا تحرك صح
فقالوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ
ومَياقِينُ، فكما جرى المدّ مجرى الصحيح بحركته كذلك يجري الحرف الصحيح
مجرى حرف اللين لسكونه، أَوَلا ترى ما يَعرِض للصحيح إِذا سكن من
الإِدغام والقلب نحو من رأَيت ومن لقِيت وعنبر وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تحرك صح
فقالوا الشنَب والعبر وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فكذلك أَيضاً تجري العين
من ارتعْن، والميم من أَبي عمْرو، والقاف من النقْر لسكونها مجرى حرف المد
فيجوز اجتماعها مع الساكن بعدها. وفي الرحم حَلْقتانِ: إِحداهما التي
على فم الفرْج عند طرَفه، والأُخرى التي تنضمُّ على الماء وتنفتح للحيض،
وقيل: إِنما الأُخرى التي يُبالُ منها. وحَلَّق القمرُ
وتحلَّق: صار حولَه دارةٌ. وضربوا بيوتهم حِلاقاً أَي صفّاً واحداً حتى
كأَنها حَلْقة. وحلَّقَ
الطائرُ إِذا ارتفع في الهواء واسْتدارَ، وهو من ذلك؛ قال النابغة:
إِذا ما التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ
عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ
(* وفي ديوان النابغة: إِذا ما غَزَوا بالجيش، حلَّق فوقهم
وقال غيره:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ
به، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يريد حلَّقت في الهَواء فذهبت به؛ وكذلك قوله أَنشده ثعلب:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهْبَّتْ فحَلَّقَتْ
مع النجْمِ رُؤْيا، في المَنامِ، كذُوبُ
وفي الحديث: نَهَى عن بيع المُحلِّقاتِ
أَي بيعِ الطير في الهواء. وروى أَنس بن مالك قال: كان النبي، صلى الله
عليه وسلم، يصلي العصر والشمسُ بيضاء مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي
فأَقول صلُّوا؛ قال شمر: مُحلِّقة أَي مرتفعة؛ قال: تحليق الشمس من أَوَّل
النهار ارتفاعها من المَشرِق ومن آخر النهار انْحِدارُها. وقال شمر: لا
أَدري التحليق إِلا الارتفاعَ في الهواء. يقال: حلَّق النجمُ إِذا ارتفع،
وتَحْلِيقُ الطائرِ ارتفاعه في طَيَرانه، ومنه حلّق الطائرُ في كَبِد
السماء إِذا ارتفع واستدار؛ قال ابن الزبير الأَسَدي في النجم:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وقد خَوَى
نَجْمٌ، وحَلَّقَ في السماء نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وقال ذو الرمة في الطائر:
ورَدْتُ احْتِسافاً والثُّرَيَّا كأَنَّها،
على قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ ماء مُحَلِّقُ
وفي حديث: فحلَّقَ ببصره إِلى السماء كما يُحلِّقُ
الطائر إِذا ارتفع في الهواء أَي رفَعه؛ ومنه الحالِقُ: الجبل المُنِيفُ
المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: موضع حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد:
كلاَّ ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ
والمُحلِّق، بكسر اللام: اسم رجل من ولد بَكْر بن كِلاب من بني عامر
ممدوح الأَعشى؛ قال ابن سيده: المُحلِّق اسم رجل سمي بذلك لأَن فرسه عضَّته
في وجهه فتركَتْ به أَثراً على شكل الحَلقة؛ وإِياه عنى الأَعشى بقوله:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها،
وباتَ على النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
تَرُوحَ على آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ،
كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قول النابغة الجَعْدِي:
وذكَرْتَ من لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً،
والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فقد زعم بعض أَهل اللغة أَنه عنى ناقةً سمَتُها على شكل الحَلْقة وذكَّر
على إِرادةِ الشخص أَن الضَّرْع؛ هذا قول ابن سيده، وأَورد الجوهري هذا
البيت وقال: قال عَوْقُ بن الخَرِع يخاطب لَقيطَ بن زُرارةَ، وأَيده ابن
بري فقال: قاله يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حيث أَسَرَه بنو عامر في يوم
رَحْرَحان وفرَّ عنه؛ وقبل البيت:
هَلاَّ كَرَرْتَ على ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ،
والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ
(* قوله «هلا كررت إلخ» أورد المؤلف هذا البيت في مادة صفد:
هلا مننت على أخيك معبد * والعامريّ يقوده أصفاد
والصواب ما هنا؛ والصفاد، بالكسر: حبل يوثق به.)
والمُحَلَّقُ
من الإِبل: المَوْسوم بحلْقة في فخذه أَو في أَصل أُذنه، ويقال للإِبل
المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قد خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ
من كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يقول: خَرَّبوا أَنْضادَ بيوتنا من أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ. الجوهري:
إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ ومنه قول أَبي وجْزة السعدي:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بينها،
تَرُوحَ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ
(* قوله «تقضي» أي تفصل وتميز، وضبطناه في مادة عذر بالبناء للمفعول).
ابن بري: العَواذِيرُ جمع عاذُور وهو وَسْم كالخَطّ، وواحد الأَخْطار
خِطْر وهي الإِبل الكثيرة، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد.
والدُّرُوع تسمى حَلْقةً؛ ابن سيده: الحَلْقَةُ اسم لجُملة السِّلاح
والدُّروع وما أَشبهها وإِنما ذلك لمكان الدروع، وغلبَّوا هذا النوع من
السلاح، أَعني الدروع، لشدَّة غَنائه، ويدُلك على أَن المراعاة في هذا إِنما
هي للدُّروع أَن النعمان قد سمَّى دُروعه حَلْقة. وفي صلح خيبر: ولرسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ؛ الحلْقةُ، بسكون
اللام: السلاحُ عامّاً، وقيل: هي الدروع خاصّة؛ ومنه الحديث: وإِن لنا
أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ. ابن سيده: الحِلْق الخاتم من الفضة بغير
فَصّ، والحِلق، بالكسر، خاتم المُلْك. ابن الأَعرابي: أُعْطِيَ فلان
الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يكون في يده؛ قال:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ
رَدِيفُ مُلوكٍ، ما تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الجوهري لجرير:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ.
فَتىً منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: المال الكثير. يقال: جاء فلان بالحِلْق والإِحْرافِ.
وناقة حالِقٌ: حافِل، والجمع حوَالِقُ
وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لذلك كأََنَّ اللبَن فيه
إِلى حَلْقه. وقال أَبو عبيد: الحالق الضرع، ولم يُحَلِّه، وعندي أَنه
المُمْتلئ، والجمع كالجمع؛ قال الحطيئة يصف الإِبل بالغَزارة:
وإِن لم يكنْ إِلاَّ الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ
لها حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جمع حالِق، أَبدل ضراتُها من حُلَّق وجعل شكرات خبر أَصبحت،
وشَكِرات: مُمتلِئة من اللبن؛ ورواه غيره:
إِذا لم يكن إِلا الأمالِيسُ رُوِّحَتْ،
مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وقال: مُحلّقة حُفَّلاً كثيرة اللبن، وكذلك حُلَّق مُمتلئة. وقال النضر:
الحالق من الإِبل الشديدة الحَفْل العظيمة الضَّرّة، وقد حَلَقَت
تحْلِقُ حَلْقاً. قال الأَزهري: الحالق من نعت الضُّروع جاء بمعنيين
مُتضادَّين، والحالق: المرتفع المنضم إِلى البطن لقلة لبنه؛ ومنه قول
لبيد:حتى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ،
لم يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها
(* في معلقة لبيد: يَئِستَ بدل يبست).
فالحالق هنا: الضَّرْعُ
المرتفع الذي قلَّ لبنه، وإِسْحاقُه دليل على هذا المعنى. والحالق
أَيضاً: الضرع الممتلئ وشاهده ما تقدَّم من بيت الحطيئة لأَن قوله في آخر
البيت شكرات يدل على كثرة اللبن. وقال الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ الناقة حالقاً
إِذا قاربت المَلْء ولم تفعل. قال ابن سيده: حلَّق اللبن ذهب، والحالق
التي ذهب لبنها؛ كلاهما عن كراع. وحلَق الضرعُ: ذهب لبنه يَحْلِق حُلوقاً،
فهو حالق، وحُلوقُه ارتفاعه إِلى البطن وانضمامُه، وهو في قول آخر كثرة
لبنه. والحالق: الضامر. والحالقُ السريع الخفيف.
وحَلِقَ قضيب الفرس والحمار يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قال أَبو
عبيد: قال ثور النَّمِرِي يكون ذلك من داء ليس له دَواء إِلا أَن يُخْصَى
فربما سلم وربما مات؛ قال:
خَصَيْتُكَ يا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي،
كما يُخُصَى من الحَلَقِ الحِمارُ
قال الأَصمعي: يكون ذلك من كثرة السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ
والحمار، بالكسر، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد في قَضِيبه من تقشُّر أَوِ
احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قال ابن بري: الشعراء يجعلون الهِجاء
والغَلَبة خِصاء كأَنه خرج من الفُحول؛ ومنه قول جرير:
خُصِيَ الفَرَزْدَقُ، والخِصاءُ هَذَلَّةٌ،
يَرْجُو مُخاطَرَةَ القُرومِ البُزَّلِ
قال ابن سيده: الحُلاقُ صفة سوء وهو منه كأَنّ مَتاعَ الإِنسان يَفْصُد
فتعُود حَرارتُه إِلى هنالك. والحُلاقُ في الأَتان: أَن لا تشبَع من
السِّفاد ولا تَعْلَقُ
مع ذلك، وهو منه، قال شمر: يقال أَتانٌ حَلَقِيّةً إِذا تداولَتْها
الحُمْر فأَصابها داء في رحِمها.
وحلَق الشيءَ يَحْلِقُه حَلْقاً: قشَره، وحَلَّقَتْ
عينُ البعير إِذا غارَتْ. وفي الحديث: مَن فَكَّ حَلْقةً فكَّ الله عنه
حَلْقة يوم القيامة؛ حكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: أَنه من أَعْتق مملوكاً
كقوله تعالى: فَكّ رَقَبة. والحالِقُ: المَشْؤوم على قومه كأَنه
يَحْلِقهم أَي يَقْشِرُهم. وفي الحديث روي: دَبَّ إِليكم داء الأُمَمِ قبلكم
البَغْضاء، وهي الحالِقةُ أَي التي من شأْنها أَن تَحْلق أَي تُهْلِك
وتَسْتَأْصِل الدِّينَ كما تَسْتأْصِل المُوسَى الشعر. وقال خالد بن جَنْبةَ:
الحالِقةُ قَطِيعة الرَّحمِ والتَّظالُمُ والقولُ السيء. ويقال: وقَعَت
فيهم حالِقةٌ لا تدَعُ شيئاً إِلا أَهْلكَتْه. والحالِقةُ: السنة التي
تَحلِق كلّ شيء. والقوم يَحلِق بعضهم بعضاً إِذا قَتل بعضهم بعضاً.
والحالِقةُ: المَنِيّة، وتسمى حَلاقِ. قال ابن سيده: وحَلاقِ
مثل قَطامِ المنيّةُ، مَعدُولة عن الحالقةِ، لأَنها تَحلِق أَي
تَقْشِرُ؛ قال مُهَلْهل:
ما أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى،
قد أَراهم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وبنيت على الكسر لأَنه حصل فيها العدل والتأْنيث والصفة الغالبة؛ وأَنشد
الجوهري:
لَحِقَتْ حَلاقِ بهم على أَكْسائهم،
ضَرْبَ الرِّقابِ، ولا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قال ابن بري: البيت للأَخْزم بن قاربٍ الطائي، وقيل: هو للمُقْعَد بن
عَمرو؛ وأَكساؤهم: مآخِرُهم، الواحد كسْء وكُسْء، بالضم أَيضاً. وحَلاقِ:
السنةُ المُجْدِبة كأَنها تَقشر النبات، والحالُوق: الموت، لذلك. وفي حديث
عائشة: فبَعَثْتُ إِليهم بقَميص رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فانْتَحَبَ الناسُ فحلَّق به أَبو بكر إِليّ وقال: تزوَّدِي منه واطْوِيه، أَي
رماه إِليّ.
والحَلْقُ: نَبات لورقه حُموضة يُخلَط بالوَسْمةِ للخِضاب، الواحدة
حَلْقة. والحالقُ
من الكَرْم والشَّرْي ونحوه: ما التَوى منه وتعلَّق بالقُضْبان.
والمَحالِقُ والمَحاليقُ: ما تعلَّق بالقُضْبان. من تعاريش الكرم؛ قال الأَزهري:
كلُّ ذلك مأْخوذ من استدارته كالحَلْقة. والحَلْقُ: شجر ينبت نبات
الكَرْم يَرْتَقي في الشجر وله ورق شبيه بورق العنب حامض يُطبخ به اللحم، وله
عَناقيدُ صغار كعناقيد العنب البّري الذي يخضرّ ثم يَسودُّ فيكون مرّاً،
ويؤخذ ورقه ويطبخ ويجعل ماؤه في العُصْفُر فيكون أَجود له من حبّ
الرمان، واحدته حَلْقة؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ويومُ تَحْلاقِ
اللِّمَمِ: يومٌ لتَغْلِب على بكر بن وائل لأَن الحَلْقَ كان شِعارهم
يومئذ.
والحَلائقُ: موضع؛ قال أَبو الزبير التَّغْلَبيّ:
أُحِبُّ تُرابَ الأَرضِ أَن تَنْزِلي به،
وذا عَوْسَجٍ والجِزْعَ جِزْعَ الحَلائقِ
ويقال: قد أَكثرت من الحَوْلقة إِذا أَكثر من قول: لا حولَ
ولا قوّة إِلا بالله؛ قال ابن بري: أَنشد ابن الأَنباري شاهداً عليه:
فِداكَ من الأَقْوامِ كلُّ مُبَخَّلٍ
يُحَوْلِقُ، إِمّا سالَه العُرْفَ سائلُ
وفي الحديث ذكر الحَوْلَقةِ، هي لفظة مبنيّة من لا حول ولا قوة إِلا
بالله، كالبسملة من بسم الله، والحمدَلةِ من الحمد لله؛ قال ابن الأَثير:
هكذا ذكرها الجوهري بتقديم اللام على القاف، وغيره يقول الحوْقلةُ، بتقديم
القاف على اللام، والمراد بهذه الكلمات إِظهار الفقر إِلى الله بطلب
المَعُونة منه على ما يُحاوِلُ من الأُمور وهي حَقِيقة العُبودِيّة؛ وروي عن
ابن مسعود أَنه قال: معناه لا حول عن معصية ا لله إِلا بعصمة الله، ولا
قوّة على طاعة الله إِلا بمعونته.
هبد: الهَبْدُ والهَبِيدُ: الحَنْظَلُ، وقيل: حبه، واحدته هَبِيدة؛ ومنه
قول بعض الأَعراب: فخرجت لا أَتلفع بِوَصِيدة ولا أَتَقَوَّتُ بِهَبيدة؛
وقال أَبو الهيثم: هَبِيدُ الحنظل شَحْمه. واهْتَبَدَ الرجلُ إِذا عالج
الهَبيدَ. وهَبَدْتُه أَهْبِدُه: أَطعَمْتُه الهَبيدَ. وهَبَدَ الهَبيدَ:
طبخه أَو جناه.
الليث: الهَبْد كسْر الهَبِيد وهو الحنظل؛ ومنه يقال: تَهَبَّدَ
الرَّجُل والظَّلِيمُ إِذا أَخذا الهبيدَ من شجرة؛ وقال:
خُذِي حَجَرَيْكِ فادَّقِّي هَبِيدا،
كِلا كَلْبَيْكِ أَعْيا أَن يَصِيدا
كان قائلُ هذا الشعر صياداً أَخْفَق فلم يَصِدْ، فقال لامرأَته: عالجي
الهَبيدَ فقد أَخْفَقْنا. وتَهَبَّدَ الرجلُ والظَّليمُ واْهتَبَدا:
أَخذاه من شجرته أَو استخرجاه للأَكل. الأَزهري: اهْتَبَدَ الظليم إِذا نقر
الحنظل فأَكل هَبِيدَه؛ ويقال للظليم: هو يَتَهَبَّدُ إِذا استخرج ذلك
ليأْكله. وفي حديث عمر وأُمّه: فَرَوَّدَتْنا من الهبيد؛ الهَبيد: الحنظل
يكسر ويستخرجُ حبّه ويُنْقَع لتذهب مَرارته ويُتّخذ منه طبيخ يؤكل عند
الضرورة. الجوهري: الاهْتِبادُ أَن تَأْخُذَ حبّ الحنظل وهو يابس وتجعله في
موضع وتَصُبَّ عليه الماءَ وتَدْلُكه ثم تصب عنه الماءَ، وتفعل ذلك أَياماً
حتى تذهب مرارته ثم يدق ويطبخ؛ غيره: والتَّهَبُّدُ اجتناء الحنظل
ونقعه، وقيل: التَّهَبّدُ أَخْذُه وكسْرُه؛ غيره: وهَبيدُ الحنظل حبّ حَدَجِه
يستخرج ويُنْقَع ثم يُسخَّن الماءُ الذي أُنْقِع فيه حتى تذهب مرارته ثم
يصبّ عليه شيء من الوَدَك ويذرُّ عليه قُمَيِّحَةٌ من الدقيق ويُتحسَّى.
وقال أَبو عمرو: الهَبيد هو أَن يُنقع الحنظل أَياماً ثم يغسل ويطرح قشره
الأَعلى فيطبخ ويجعل فيه دقيق وربما جعل منه عَصِيدة. يقال منه: رأَيت
قوماً يتَهَبَّدُون.
وهَبُّود: جبل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
شَرثانُ هذاكَ ورا هَبّودِ
التهذيب: أَنشد ابو الهيثم:
شَرِبْنَ بعُكَّاش الهَبابيد شَرْبةً،
وكان لها الأَحْفى خَلِيطاً تُزايِلُهْ
قال عُكّاشُ الهَبابيد: ماء يقال له هبّود فجمع بما حوله. وأَحْفى: اسم
موضع. وهبّود، بتشديد الباء: اسم موضع ببلاد بني نمير. وهَبُّودٌ: فرس
عَلْقَمة بن سُياج. الأَزهري: هَبُّود اسم فرس سابق لبني قريع؛ قال:
وفارسُ هَبُّود أَشابَ النّواصيا
جمع: جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعاً وجَمَّعَه وأَجْمَعَه
فاجتَمع واجْدَمَعَ، وهي مضارعة، وكذلك تجمَّع واسْتجمع. والمجموع: الذي
جُمع من ههنا وههنا وإِن لم يجعل كالشيء الواحد. واسْتجمع السيلُ: اجتمع
من كل موضع. وجمَعْتُ الشيء إِذا جئت به من ههنا وههنا. وتجمَّع القوم:
اجتمعوا أَيضاً من ههنا وههنا. ومُتجمَّع البَيْداءِ: مُعْظَمُها
ومُحْتَفَلُها؛ قال محمد بن شَحّاذٍ الضَّبّيّ:
في فِتْيَةٍ كلَّما تَجَمَّعَتِ الـ
ـبَيْداء، لم يَهْلَعُوا ولم يَخِمُوا
أَراد ولم يَخِيمُوا، فحذف ولم يَحْفَل بالحركة التي من شأْنها أَن
تَرُدَّ المحذوف ههنا، وهذا لا يوجبه القياس إِنما هو شاذ؛ ورجل مِجْمَعٌ
وجَمّاعٌ.
والجَمْع: اسم لجماعة الناس. والجَمْعُ: مصدر قولك جمعت الشيء.
والجمْعُ: المجتمِعون، وجَمْعُه جُموع. والجَماعةُ والجَمِيع والمَجْمع
والمَجْمَعةُ: كالجَمْع وقد استعملوا ذلك في غير الناس حتى قالوا جَماعة الشجر
وجماعة النبات.
وقرأَ عبد الله بن مسلم: حتى أَبلغ مَجْمِعَ البحرين، وهو نادر
كالمشْرِق والمغرِب، أَعني أَنه شَذَّ في باب فَعَل يَفْعَلُ كما شذَّ المشرق
والمغرب ونحوهما من الشاذ في باب فَعَلَ يَفْعُلُ، والموضع مَجْمَعٌ
ومَجْمِعٌ مثال مَطْلَعٍ ومَطْلِع، وقوم جَمِيعٌ: مُجْتَمِعون. والمَجْمَع: يكون
اسماً للناس وللموضع الذي يجتمعون فيه. وفي الحديث: فضرب بيده مَجْمَعَ
بين عُنُقي وكتفي أَي حيث يَجْتمِعان، وكذلك مَجْمَعُ البحرين
مُلْتَقاهما. ويقال: أَدامَ اللهُ جُمْعةَ ما بينكما كما تقول أَدام الله أُلْفَةَ
ما بينكما.
وأَمرٌ جامِعٌ: يَجمع الناسَ. وفي التنزيل: وإِذا كانوا معه على أَمر
جامِعٍ لم يَذهبوا حتى يَستأْذِنوه؛ قال الزجاج: قال بعضهم كان ذلك في
الجُمعة قال: هو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل أَمر المؤمنين إِذا كانوا مع
نبيه، صلى الله عليه وسلم، فيما يحتاج إِلى الجماعة فيه نحو الحرب وشبهها
مما يحتاج إِلى الجَمْعِ فيه لم يذهبوا حتى يستأْذنوه. وقول عمر بن عبد
العزيز، رضي الله عنه: عَجِبْت لمن لاحَنَ الناسَ كيف لا يَعْرِفُ
جَوامِعَ الكلم؛ معناه كيف لا يَقْتَصِر على الإِيجاز ويَترك الفُضول من
الكلام، وهو من قول النبي، صلى الله عليه وسلم: أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِم يعني
القرآن وما جمع الله عز وجل بلطفه من المعاني الجَمَّة في الأَلفاظ
القليلة كقوله عز وجل: خُذِ العَفْو وأْمُر بالعُرْف وأَعْرِضْ عن الجاهلين.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يتكلم بجَوامِعِ الكَلِم أَي
أَنه كان كثير المعاني قليل الأَلفاظ. وفي الحديث: كان يَستحِبُّ الجَوامع
من الدعاء؛ هي التي تَجْمع الأَغْراض الصالحةَ والمَقاصِدَ الصحيحة أَو
تَجْمع الثناء على الله تعالى وآداب المسأَلة. وفي الحديث: قال له
أَقْرِئني سورة جامعة، فأَقرأَه: إَذا زلزلت، أَي أَنها تَجْمَعُ أَشياء من الخير
والشر لقوله تعالى فيها: فمن يَعمل مِثقالَ ذرَّة خيراً يره ومن يَعمل
مثقال ذرَّة شرّاً يره. وفي الحديث: حَدِّثْني بكلمة تكون جِماعاً، فقال:
اتَّقِ الله فيما تعلم؛ الجِماع ما جَمَع عَدداً أَي كلمةً تجمع كلمات.
وفي أَسماء الله الحسنى: الجامعُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي يَجْمع
الخلائق ليوم الحِساب، وقيل: هو المؤَلِّف بين المُتماثِلات والمُتضادّات في
الوجود؛ وقول امرئ القيس:
فلو أَنَّها نفْسٌ تموتُ جَميعةً،
ولكِنَّها نفْسٌ تُساقِطُ أَنْفُسا
إِنما أَراد جميعاً، فبالغ بإِلحاق الهاء وحذف الجواب للعلم به كأَنه
قال لفَنِيت واسْتراحت. وفي حديث أُحد: وإِنَّ رجلاً من المشركين جَمِيعَ
اللأْمةِ أَي مُجْتَمِعَ السِّلاحِ. والجَمِيعُ: ضد المتفرِّق؛ قال قيس بن
معاذ وهو مجنون بني عامر:
فقدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، فإِنَّني
نَهَيْتُكِ عن هذا، وأَنتِ جَمِيعُ
(* قوله «فقدتك إلخ» نسبه المؤلف في مادة شعع لقيس بن ذريح لا لابن
معاذ.)
وفي الحديث: له سَهم جَمع أَي له سهم من الخير جُمع فيه حَظَّانِ،
والجيم مفتوحة، وقيل: أَراد بالجمع الجيش أَي كسهمِ الجَيْشِ من الغنيمة.
والجميعُ: الجَيْشُ؛ قال لبيد:
في جَمِيعٍ حافِظِي عَوْراتِهم،
لا يَهُمُّونَ بإِدْعاقِ الشَّلَلْ
والجَمِيعُ: الحيُّ المجتمِع؛ قال لبيد:
عَرِيَتْ، وكان بها الجَمِيعُ فأَبْكَرُوا
منها، فغُودِرَ نُؤْيُها وثُمامُها
وإِبل جَمّاعةٌ: مُجْتَمِعة؛ قال:
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جَمّاعهْ،
مَشْرَبُها الجِيّةُ أَو نُقاعَهْ
والمَجْمَعةُ: مَجلِس الاجتماع؛ قال زهير:
وتُوقدْ نارُكُمْ شَرَراً ويُرْفَعْ،
لكم في كلِّ مَجْمَعَةٍ، لِواءُ
والمَجْمعة: الأَرض القَفْر. والمَجْمعة: ما اجتَمع من الرِّمال وهي
المَجامِعُ؛ وأَنشد:
باتَ إِلى نَيْسَبِ خَلٍّ خادِعِ،
وَعْثِ النِّهاضِ، قاطِعِ المَجامِعِ
بالأُمّ أَحْياناً وبالمُشايِعِ
المُشايِعُ: الدليل الذي ينادي إِلى الطريق يدعو إِليه. وفي الحديث:
فَجَمعْتُ على ثيابي أَي لبستُ الثيابَ التي يُبْرَزُ بها إِلى الناس من
الإِزار والرِّداء والعمامة والدِّرْعِ والخِمار. وجَمَعت المرأَةُ الثيابَ:
لبست الدِّرْع والمِلْحَفةَ والخِمار، يقال ذلك للجارية إِذا شَبَّتْ،
يُكْنى به عن سن الاسْتواء. والجماعةُ: عددُ كل شيءٍ وكثْرَتُه.
وفي حديث أَبي ذرّ: ولا جِماعَ لنا فيما بَعْدُ أَي لا اجتماع لنا.
وجِماع الشيء: جَمْعُه، تقول: جِماعُ الخِباء الأَخْبِيةُ لأَنَّ الجِماعَ ما
جَمَع عدَداً. يقال: الخَمر جِماعُ الإِثْم أَي مَجْمَعهُ ومِظنَّتُه.
وقال الحسين
(* قوله «الحسين» في النهاية الحسن. وقوله «التي جماعها» في
النهاية: فان جماعها.)، رضي الله عنه: اتَّقوا هذه الأَهواء التي جِماعُها
الضلالةُ ومِيعادُها النار؛ وكذلك الجميع، إِلا أَنه اسم لازم.
والرجل المُجتمِع: الذي بَلغ أَشُدَّه ولا يقال ذلك للنساء. واجْتَمَعَ
الرجلُ: اسْتَوت لحيته وبلغ غايةَ شَابِه، ولا يقال ذلك للجارية. ويقال
للرجل إِذا اتصلت لحيته: مُجْتَمِعٌ ثم كَهْلٌ بعد ذلك؛ وأَنشد أَبو
عبيد:قد سادَ وهو فَتًى، حتى إِذا بلَغَت
أَشُدُّه، وعلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا
ورجل جميعٌ: مُجْتَمِعُ الخَلْقِ. وفي حديث الحسن، رضي الله عنه: أَنه
سمع أَنس بن مالك، رضي الله عنه، وهو يومئذ جَمِيعٌ أَي مُجْتَمِعُ
الخَلْقِ قَوِيٌّ لم يَهْرَم ولم يَضْعُفْ، والضمير راجع إِلى أَنس. وفي صفته،
صلى الله عليه وسلم: كان إِذا مَشَى مشى مُجْتَمِعاً أَي شديد الحركة
قويَّ الأَعضاء غير مُسْتَرْخٍ في المَشْي. وفي الحديث: إِن خَلْقَ أَحدِكم
يُجْمَعُ في بطن أُمه أَربعين يوماً أَي أَن النُّطفة إِذا وقَعت في
الرحم فأَراد الله أَن يخلق منها بشراً طارتْ في جسم المرأَة تحت كل ظُفُر
وشعَر ثم تمكُث أَربعين ليلة ثم تنزل دَماً في الرحِم، فذلك جَمْعُها،
ويجوز أَن يريد بالجَمْع مُكْث النطفة بالرحم أَربعين يوماً تَتَخَمَّرُ فيها
حتى تتهيَّأَ للخلق والتصوير ثم تُخَلَّق بعد الأَربعين. ورجل جميعُ
الرأْي ومُجْتَمِعُهُ: شديدُه ليس بمنْتشِره.
والمسجدُ الجامعُ: الذي يَجمع أَهلَه، نعت له لأَنه علامة للاجتماع، وقد
يُضاف، وأَنكره بعضهم، وإِن شئت قلت: مسجدُ الجامعِ بالإِضافة كقولك
الحَقُّ اليقين وحقُّ اليقينِ، بمعنى مسجد اليومِ الجامعِ وحقِّ الشيء
اليقينِ لأَن إِضافة الشيء إِلى نفسه لا تجوز إِلا على هذا التقدير، وكان
الفراء يقول: العرب تُضيف الشيءَ إِلى نفسه لاختلاف اللفظين؛ كما قال
الشاعر:فقلت: انْجُوَا عنها نَجا الجِلْدِ، إِنه
سَيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغارِبُهْ
فأَضاف النَّجا وهو الجِلْد إِلى الجلد لمّا اختلف اللفظانِ، وروى
الأَزهري عن الليث قال: ولا يقال مسجدُ الجامعِ، ثم قال الأَزهري: النحويون
أَجازوا جميعاً ما أَنكره الليث، والعرب تُضِيفُ الشيءَ إِلى نفْسه وإِلى
نَعْتِه إِذا اختلف اللفظانِ كما قال تعالى: وذلك دِينُ القَيِّمةِ؛ ومعنى
الدِّين المِلَّةُ كأَنه قال وذلك دِين الملَّةِ القيِّمةِ، وكما قال
تعالى: وَعْدَ الصِّدْقِ ووعدَ الحقِّ، قال: وما علمت أَحداً من النحويين
أَبى إِجازته غيرَ الليث، قال: وإِنما هو الوعدُ الصِّدقُ والمسجِدُ
الجامعُ والصلاةُ الأُولى.
وجُمّاعُ كل شيء: مُجْتَمَعُ خَلْقِه. وجُمّاعُ جَسَدِ الإِنسانِ:
رأْسُه. وجُمّاعُ الثمَر: تَجَمُّعُ بَراعيمِه في موضع واحد على حمله؛ وقال ذو
الرمة:
ورأْسٍ كَجُمّاعِ الثُّرَيّا، ومِشْفَرٍ
كسِبْتِ اليمانيِّ، قِدُّهُ لم يُجَرَّدِ
وجُمّاعُ الثريَّا: مُجْتَمِعُها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ونَهْبٍ كجُمّاعِ الثُرَيّا، حَوَيْتُه
غِشاشاً بمُجْتابِ الصِّفاقَيْنِ خَيْفَقِ
فقد يكون مُجتمِعَ الثُّريا، وقد يكون جُمَّاع الثريا الذين يجتمعون على
مطر الثريا، وهو مطر الوَسْمِيّ،
ينتظرون خِصْبَه وكَلأَه، وبهذا القول الأَخير فسره ابن الأَعرابي.
والجُمّاعُ: أَخلاطٌ من الناس، وقيل: هم الضُّروب المتفرّقون من الناس؛ قال
قيس بن الأَسلت السُّلَمِيّ يصف الحرب:
حتى انْتَهَيْنا، ولَنا غايةٌ،
مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ غيرِ جُمّاعِ
وفي التنزيل: وجعلناكم شُعوباً وقَبائلَ؛ قال ابن عباس: الشُّعوبُ
الجُمّاعُ والقَبائلُ الأَفْخاذُ؛ الجُمَّاع، بالضم والتشديد: مُجْتَمَعُ
أَصلِ كلّ شيء، أَراد مَنْشأَ النَّسَبِ وأَصلَ المَوْلِدِ، وقيل: أَراد به
الفِرَقَ المختلفةَ من الناس كالأَوْزاعِ والأَوْشابِ؛ ومنه الحديث: كان
في جبل تِهامةَ جُمّاع غَصَبُوا المارّةَ أَي جَماعاتٌ من قَبائلَ شَتَّى
متفرّقة. وامرأَةُ جُمّاعٌ: قصيرة. وكلُّ ما تَجَمَّعَ وانضمّ بعضُه إِلى
بعض جُمّاعٌ.
ويقال: ذهب الشهر بجُمْعٍ وجِمْعٍ أَي أَجمع. وضربه بحجر جُمْعِ الكف
وجِمْعِها أَي مِلْئها. وجُمْعُ الكف، بالضم: وهو حين تَقْبِضُها. يقال:
ضربوه بأَجماعِهم إِذا ضربوا بأَيديهم. وضربته بجُمْع كفي، بضم الجيم،
وتقول: أَعطيته من الدّراهم جُمْع الكفّ كما تقول مِلْءَ الكفّ. وفي الحديث:
رأَيت خاتم النبوَّة كأَنه جُمْعٌ، يُريد مثل جُمْع الكف، وهو أَن تَجمع
الأَصابع وتَضُمَّها. وجاء فلان بقُبْضةٍ مِلْء جُمْعِه؛ وقال منظور بن
صُبْح الأَسديّ:
وما فعَلتْ بي ذاكَ حتى تَركْتُها،
تُقَلِّبُ رأْساً مِثْلَ جُمْعِيَ عَارِيا
وجُمْعةٌ من تمر أَي قُبْضة منه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: صلى
المغرب فلما انصرف دَرَأَ جُمْعةً من حَصى المسجد؛ الجُمْعةُ: المَجموعةُ.
يقال: أَعطِني جُمعة من تَمْر، وهو كالقُبْضة. وتقول: أَخذْت فلاناً بجُمْع
ثيابه. وأَمْرُ بني فلان بجُمْعٍ وجِمْعٍ، بالضم والكسر، فلا تُفْشُوه
أَي مُجتمِعٌ فلا تفرِّقوه بالإِظهار، يقال ذلك إِذا كان مكتوماً ولم يعلم
به أَحد، وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر الشهداء فقال:
ومنهم أَن تموت المرأَة بجُمْع؛ يعني أَن تموتَ وفي بطنها ولد، وكسر
الكسائي الجيم، والمعنى أَنها ماتت مع شيء مَجْموع فيها غير منفصل عنها من
حَمْل أَو بَكارة، وقد تكون المرأَة التي تموت بجُمع أَن تموتَ ولم يمسّها
رجل، وروي ذلك في الحديث: أَيُّما امرأَة ماتتْ بجُمع لم تُطْمَثْ دخلت
الجنة؛ وهذا يريد به البكْر. الكسائي: ما جَمَعْتُ بامرأَة قط؛ يريد ما
بَنَيْتُ. وباتتْ فلانةُ منه بجُمْع وجِمْع أَي بكراً لم يَقْتَضَّها. قالت
دَهْناء بنت مِسْحلٍ امرأَة العجاج للعامل: أَصلح الله الأَمير إِني منه
بجُمع وجِمْع أَي عَذْراء لم يَقْتَضَّني. وماتت المرأَة بجُمع وجِمع أَي
ماتت وولدها في بطنها، وهي بجُمع وجِمْع أَي مُثْقلة. أَبو زيد: ماتت
النساء بأَجْماع، والواحدة بجمع، وذلك إِذا ماتت وولدُها في بطنها، ماخِضاً
كانت أَو غير ماخَضٍ. وإِذا طلَّق الرجلُ امرأَته وهي عذراء لم يدخل بها
قيل: طلقت بجمع أَي طلقت وهي عذراء. وناقة جِمْعٌ: في بطنها ولد؛ قال:
ورَدْناه في مَجْرى سُهَيْلٍ يَمانِياً،
بِصُعْرِ البُرى، ما بين جُمْعٍ وخادجِ
والخادِجُ: التي أَلقت ولدها. وامرأَة جامِعٌ: في بطنها ولد، وكذلك
الأَتان أَوّل ما تحمل. ودابة جامِعٌ: تصلحُ للسرْج والإِكافِ.
والجَمْعُ: كل لون من التمْر لا يُعرف اسمه، وقيل: هو التمر الذي يخرج
من النوى.
وجامَعها مُجامَعةً وجَماعاً: نكحها. والمُجامعةُ والجِماع: كناية عن
النكاح. وجامَعه على الأَمر: مالأَه عليه واجْتمع معه، والمصدر كالمصدر.
وقِدْرٌ جِماعٌ وجامعةٌ: عظيمة، وقيل: هي التي تجمع الجَزُور؛ قال
الكسائي: أَكبر البِرام الجِماع ثم التي تليها المِئكلةُ.ويقال: فلان جماعٌ
لِبني فلان إِذا كانوا يأْوُون إِلى رأْيه وسودَدِه كما يقال مَرَبٌّ
لهم.واسَتَجمع البَقْلُ إِذا يَبِس كله. واستجمع الوادي إِذا لم يبق منه
موضع إِلا سال. واستجمع القوم إِذا ذهبوا كلهم لم يَبْق منهم أَحد كما
يَستجمِع الوادي بالسيل.
وجَمَعَ أَمْرَه وأَجمعه وأَجمع عليه: عزم عليه كأَنه جَمَع نفسه له،
والأَمر مُجْمَع. ويقال أَيضاً: أَجْمِعْ أَمرَك ولا تَدَعْه مُنْتشراً؛
قال أَبو الحَسْحاس:
تُهِلُّ وتَسْعَى بالمَصابِيح وسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفرَّق مُجْمَع
وقال آخر:
يا ليْتَ شِعْري، والمُنى لا تَنفعُ،
هل أَغْدُوَنْ يوماً، وأَمْري مُجْمَع؟
وقوله تعالى: فأَجمِعوا أَمركم وشُرَكاءكم؛ أَي وادْعوا شركاءكم، قال:
وكذلك هي في قراءة عبد الله لأَنه لا يقال أَجمعت شركائي إِنما يقال جمعت؛
قال الشاعر:
يا ليتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقلِّداً سيْفاً ورُمحا
أَراد وحاملاً رُمْحاً لأَن الرمح لا يُتقلَّد. قال الفرّاء: الإِجْماعُ
الإِعْداد والعزيمةُ على الأَمر، قال: ونصبُ شُركاءكم بفعل مُضْمر كأَنك
قلت: فأَجمِعوا أَمركم وادْعوا شركاءكم؛ قال أَبو إِسحق: الذي قاله
الفرّاء غَلَطٌ في إِضْماره وادْعوا شركاءكم لأَن الكلام لا فائدة له لأَنهم
كانوا يَدْعون شركاءهم لأَن يُجْمعوا أَمرهم، قال: والمعنى فأَجْمِعوا
أَمرَكم مع شركائكم، وإِذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه، قال: والواو
بمعنى مع كقولك لو تركت الناقة وفَصِيلَها لرضَعَها؛ المعنى: لو تركت
الناقة مع فصيلِها، قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا أَمركم وشركاءكم بأَلف موصولة
فإِنه يعطف شركاءكم على أَمركم، قال: ويجوز فاجْمَعوا أَمرَكم مع
شركائكم، قال الفراء: إَذا أَردت جمع المُتَفرّق قلت: جمعت القوم، فهم مجموعون،
قال الله تعالى: ذلك يوم مجموع له الناسُ، قال: وإِذا أَردت كَسْبَ
المالِ قلت: جَمَّعْتُ المالَ كقوله تعالى: الذي جَمَّع مالاً وعدَّده، وقد
يجوز: جمَع مالاً، بالتخفيف. وقال الفراء في قوله تعالى: فأَجْمِعوا
كيْدَكم ثم ائتُوا صفًّا، قال: الإِجماعُ الإِحْكام والعزيمة على الشيء، تقول:
أَجمعت الخروج وأَجمعت على الخروج؛ قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا كيدَكم،
فمعناه لا تدَعوا شيئاً من كيدكم إِلاّ جئتم به. وفي الحديث: من لم يُجْمِع
الصِّيامَ من الليل فلا صِيام له؛ الإِجْماعُ إِحكامُ النيةِ والعَزيمةِ،
أَجْمَعْت الرأْي وأَزْمَعْتُه وعزَمْت عليه بمعنى. ومنه حديث كعب بن
مالك: أَجْمَعْتُ صِدْقَه. وفي حديث صلاة المسافر: ما لم أُجْمِعْ مُكْثاً
أَي ما لم أَعْزِم على الإِقامة. وأَجْمَعَ أَمرَه أَي جعلَه جَميعاً
بعدَما كان متفرقاً، قال: وتفرّقُه أَنه جعل يديره فيقول مرة أَفعل كذا
ومرَّة أَفْعل كذا، فلما عزم على أَمر محكم أَجمعه أَي جعله جَمْعاً؛ قال:
وكذلك يقال أَجْمَعتُ النَّهْبَ، والنَّهْبُ: إِبلُ القوم التي أَغار عليها
اللُّصُوص وكانت متفرقة في مراعيها فجَمَعوها من كل ناحية حتى اجتمعت
لهم، ثم طَرَدوها وساقُوها، فإِذا اجتمعت قيل: أَجْمعوها؛ وأُنشد لأَبي ذؤيب
يصف حُمُراً:
فكأَنها بالجِزْعِ، بين نُبايِعٍ
وأُولاتِ ذي العَرْجاء، نَهْبٌ مُجْمَعُ
قال: وبعضهم يقول جَمَعْت أَمرِي. والجَمْع: أَن تَجْمَع شيئاً إِلى
شيء. والإِجْماعُ: أَن تُجْمِع الشيء المتفرِّقَ جميعاً، فإِذا جعلته جميعاً
بَقِي جميعاً ولم يَكد يَتفرّق كالرأْي المَعْزوم عليه المُمْضَى؛ وقيل
في قول أَبي وجْزةَ السَّعْدي:
وأَجْمَعَتِ الهواجِرُ كُلَّ رَجْعٍ
منَ الأَجْمادِ والدَّمَثِ البَثاء
أَجْمعت أَي يَبَّسَتْ، والرجْعُ: الغديرُ. والبَثاءُ: السهْل.
وأَجْمَعْتُ الإِبل: سُقْتها جميعاً. وأَجْمَعَتِ الأَرضُ سائلةً وأَجمعَ المطرُ
الأَرضَ إِذا سالَ رَغابُها وجَهادُها كلُّها. وفَلاةٌ مُجْمِعةٌ
ومُجَمِّعةٌ: يَجتمع فيها القوم ولا يتفرّقون خوف الضلال ونحوه كأَنها هي التي
تَجْمَعُهم. وجُمْعةٌ من أَي قُبْضة منه.
وفي التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا إِذا نُودِي للصلاةِ من يوم الجمعة؛
خففها الأَعمش وثقلها عاصم وأَهل الحجاز، والأَصل فيها التخفيف جُمْعة،
فمن ثقل أَتبع الضمةَ الضمة، ومن خفف فعلى الأَصل، والقُرّاء قرؤوها
بالتثقيل، ويقال يوم الجُمْعة لغة بني عُقَيْلٍ ولو قُرِئ بها كان صواباً،
قال: والذين قالوا الجُمُعَة ذهبوا بها إِلى صِفة اليومِ أَنه يَجْمع
الناسَ كما يقال رجل هُمَزةٌ لُمَزَةٌ ضُحَكة، وهو الجُمْعة والجُمُعة
والجُمَعة، وهو يوم العَرُوبةِ، سمّي بذلك لاجتماع الناس فيه، ويُجْمع على
جُمُعات وجُمَعٍ، وقيل: الجُمْعة على تخفيف الجُمُعة والجُمَعة لأَنها تجمع
الناس كثيراً كما قالوا: رجل لُعَنة يُكْثِر لعْنَ الناس، ورجل ضُحَكة يكثر
الضَّحِك. وزعم ثعلب أَن أَوّل من سماه به كعبُ بن لؤيّ جدُّ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وكان يقال له العَرُوبةُ، وذكر السهيلي في
الرَّوْض الأُنُف أَنَّ كعب بن لؤيّ أَوّلُ من جَمَّع يوم العَرُوبةِ، ولم
تسمَّ العَروبةُ الجُمعة إِلا مُذ جاء الإِسلام، وهو أَوَّل من سماها
الجمعة فكانت قريش تجتمِعُ إِليه في هذا اليوم فيَخْطُبُهم ويُذَكِّرُهم
بمَبْعَث النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُعلمهم أَنه من ولده ويأْمرهم
باتِّبَاعِه، صلى الله عليه وسلم، والإِيمان به، ويُنْشِدُ في هذا أَبياتاً
منها:
يا ليتني شاهِدٌ فَحْواء دَعْوَتِه،
إِذا قُرَيْشٌ تُبَغِّي الحَقَّ خِذْلانا
وفي الحديث: أَوَّلُ جُمُعةٍ جُمِّعَت بالمدينة؛ جُمّعت بالتشديد أَي
صُلّيت. وفي حديث معاذ: أَنه وجد أَهل مكة يُجَمِّعُون في الحِجْر فنهاهم
عن ذلك؛ يُجمِّعون أَي يصلون صلاة الجمعة وإِنما نهاهم عنه لأَنهم كانوا
يَستظِلُّون بفَيْء الحِجْر قبل أَن تزول الشمس فنهاهم لتقديمهم في الوقت.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: إِنما سمي يوم الجمعة
لأَنَّ الله تعالى جَمَع فيه خَلْق آدم، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. وقال
أَقوام: إِنما سميت الجمعة في الإِسلام وذلك لاجتماعهم في المسجد. وقال
ثعلب: إِنما سمي يوم الجمعة لأَن قريشاً كانت تجتمع إِلى قُصَيّ في دارِ
النَّدْوةِ. قال اللحياني: كان أَبو زياد
(* كذا بياض بالأصل.) ... وأَبو
الجَرّاح يقولان مضَت الجمعة بما فيها فيُوَحِّدان ويؤنّثان، وكانا
يقولان: مضى السبت بما فيه ومضى الأَحد بما فيه فيُوَحِّدان ويُذَكِّران،
واختلفا فيما بعد هذا، فكان أَبو زياد يقول: مضى الاثْنانِ بما فيه، ومضى
الثَّلاثاء بما فيه، وكذلك الأَربعاء والخميس، قال: وكان أَبو الجراح يقول:
مضى الاثنان بما فيهما، ومضى الثلاثاء بما فيهنّ، ومضى الأَرْبعاء بما
فيهن، ومضى الخميس بما فيهن، فيَجْمع ويُؤنث يُخْرج ذلك مُخْرج العدد.
وجَمَّع الناسُ تَجْمِيعاً: شَهِدوا الجمعة وقَضَوُا الصلاة فيها. وجَمَّع
فلان مالاً وعَدَّده. واستأْجرَ الأَجِيرَ مُجامعة وجِماعاً؛ عن اللحياني:
كل جمعة بِكراء. وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي: لانك جُمَعِيّاً، بفتح
الميم، أَي ممن يصوم الجمعة وحْده. ويومُ الجمعة: يومُ القيامة.
وجمْعٌ: المُزْدَلِفةُ مَعْرفة كعَرَفات؛ قال أَبو ذؤيب:
فباتَ بجَمْعٍ ثم آبَ إِلى مِنًى،
فأَصْبَحَ راداً يَبْتَغِي المَزْجَ بالسَّحْلِ
ويروى: ثم تَمّ إِلى منًى. وسميت المزدلفة بذلك لاجتماع الناس بها. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في
الثَّقَل من جَمْعٍ بليل؛ جَمْعٌ علم للمُزْدلفة، سميت بذلك لأَن آدمَ
وحوّاء لما هَبَطا اجْتَمَعا بها.
وتقول: اسْتَجْمَعَ السيْلُ واسْتَجْمَعَتْ للمرء أُموره. ويقال
للمَسْتَجِيش: اسْتَجْمَع كلَّ مَجْمَعٍ. واسْتَجْمَع الفَرَسُ جَرْياً: تكَمَّش
له؛ قال يصف سراباً:
ومُسْتَجْمِعٍ جَرْياً، وليس ببارِحٍ،
تُبارِيهِ في ضاحِي المِتانِ سَواعدُه
يعني السراب، وسَواعِدُه: مَجارِي الماء.
والجَمْعاء: الناقة الكافّة الهَرِمَةُ. ويقال: أَقمتُ عنده قَيْظةً
جَمْعاء وليلة جَمْعاء.
والجامِعةُ: الغُلُّ لأَنها تَجْمَعُ اليدين إِلى العنق؛ قال:
ولو كُبِّلَت في ساعِدَيَّ الجَوامِعُ
وأَجْمَع الناقةَ وبها: صَرَّ أَخلافَها جُمَعَ، وكذلك أَكْمَشَ بها.
وجَمَّعَت الدَّجاجةُ تَجْمِيعاً إِذا جَمَعَت بيضَها في بطنها. وأَرض
مُجْمِعةٌ: جَدْب لا تُفَرَّقُ فيها الرِّكاب لِرَعْي. والجامِعُ: البطن،
يَمانِيةٌ. والجَمْع: الدَّقَلُ. يقال: ما أَكثر الجَمْع في أَرض بني فلان
لنخل خرج من النوى لا يعرف اسمه. وفي الحديث أَنه أُتِيَ بتمر جَنِيب
فقال: من أَين لكم هذا؟ قالوا: إِنا لنأْخُذُ الصاعَ من هذا بالصاعَيْنِ،
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا، بِعِ الجَمْع بالدّراهم
وابتع بالدراهم جَنِيباً. قال الأَصمعي: كلّ لون من النخل لا يعرف اسمه فهو
جَمع. يقال: قد كثر الجمع في أَرض فلان لنخل يخرج من النوى، وقيل الجمع
تمر مختلط من أَنواع متفرقة وليس مرغوباً فيه وما يُخْلَطُ إِلا
لرداءته.والجَمْعاء من البهائم: التي لم يذهب من بَدَنِها شيء. وفي الحديث: كما
تُنتَجُ البَهِيمةُ بَهِيمةً جَمْعاء أَي سليمة من العيوب مُجتمِعة
الأَعضاء كاملتها فلا جَدْعَ بها ولا كيّ.
وأَجْمَعْت الشيء: جعلته جميعاً؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف حُمراً:
وأُولاتِ ذِي العَرْجاء نَهْبٌ مُجْمَع
وقد تقدم. وأُولاتُ ذي العرجاء: مواضعُ نسبها إِلى مكان فيه أَكمةٌ
عَرْجاء، فشبه الحُمر بإِبل انْتُهِبتْ وخُرِقتْ من طَوائِفها.
وجَمِيعٌ: يؤكّد به، يقال: جاؤوا جميعاً كلهم. وأَجْمعُ: من الأَلفاظ
الدالة على الإِحاطة وليست بصفة ولكنه يُلَمّ به ما قبله من الأَسماء
ويُجْرَى على إِعرابه، فلذلك قال النحويون صفة، والدليل على أَنه ليس بصفة
قولهم أَجمعون، فلو كان صفة لم يَسْلَم جَمْعُه ولكان مُكسّراً، والأُنثى
جَمْعاء، وكلاهما معرفة لا ينكَّر عند سيبويه، وأَما ثعلب فحكى فيهما
التنكير والتعريف جميعاً، تقول: أَعجبني القصرُ أَجمعُ وأَجمعَ، الرفعُ على
التوكيد والنصب على الحال، والجَمْعُ جُمَعُ، معدول عن جَمعاوات أَو
جَماعَى، ولا يكون معدولاً عن جُمْع لأَن أَجمع ليس بوصف فيكون كأَحْمر وحُمْر،
قال أَبو علي: بابُ أَجمعَ وجَمْعاء وأَكتعَ وكتْعاء وما يَتْبَع ذلك من
بقيته إِنما هو اتّفاق وتَوارُدٌ وقع في اللغة على غير ما كان في وزنه
منها، لأَن باب أَفعلَ وفَعلاء إِنما هو للصفات وجميعُها يجيء على هذا
الوضع نَكراتٍ نحو أَحمر وحمراء وأَصفر وصفراء، وهذا ونحوه صفاتٌ نكرات،
فأَمَّا أَجْمع وجمعاء فاسمانِ مَعْرفَتان ليسا بصفتين فإِنما ذلك اتفاق وقع
بين هذه الكلمة المؤكَّد بها. ويقال: لك هذا المال أَجْمعُ ولك هذه
الحِنْطة جمعاء. وفي الصحاح: وجُمَعٌ جَمْعُ جَمْعةٍ وجَمْعُ جَمْعاء في
تأْكيد المؤنث، تقول: رأَيت النسوة جُمَعَ، غير منون ولا مصروف، وهو معرفة
بغير الأَلف واللام، وكذلك ما يَجري مَجراه منه التوكيد لأَنه للتوكيد
للمعرفة، وأَخذت حقّي أَجْمَعَ في توكيد المذكر، وهو توكيد مَحْض، وكذلك
أَجمعون وجَمْعاء وجُمَع وأَكْتعون وأَبْصَعُون وأَبْتَعُون لا تكون إِلا
تأْكيداً تابعاً لما قبله لا يُبْتَدأُ ولا يُخْبر به ولا عنه، ولا يكون
فاعلاً ولا مفعولاً كما يكون غيره من التواكيد اسماً مرةً وتوكيداً أُخرى
مثل نفْسه وعيْنه وكلّه وأَجمعون: جَمْعُ أَجْمَعَ، وأَجْمَعُ واحد في معنى
جَمْعٍ، وليس له مفرد من لفظه، والمؤنث جَمعاء وكان ينبغي أَن يجمعوا
جَمْعاء بالأَلف والتاء كما جمعوا أَجمع بالواو والنون، ولكنهم قالوا في
جَمْعها جُمَع، ويقال: جاء القوم بأَجمعهم، وأَجْمُعهم أَيضاً، بضم الميم،
كما تقول: جاؤوا بأَكلُبهم جمع كلب؛ قال ابن بري: شاهد قوله جاء القوم
بأَجْمُعهم قول أَبي دَهْبل:
فليتَ كوانِيناً مِنَ اهْلِي وأَهلِها،
بأَجمُعِهم في لُجّةِ البحر، لَجَّجُوا
ومُجَمِّع: لقب قُصيِّ بن كلاب، سمي بذلك لأَنه كان جَمَّع قَبائل قريش
وأَنزلها مكةَ وبنى دار النَّدْوةِ؛ قال الشاعر:
أَبُوكم: قُصَيٌّ كان يُدْعَى مُجَمِّعاً،
به جَمَّع الله القَبائلَ من فِهْرِ
وجامِعٌ وجَمّاعٌ: اسمان. والجُمَيْعَى: موضع.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.
منع: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، وهو خلافُ
الإِعْطاءِ، ويقال: هو تحجيرُ الشيء، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً
ومَنَّعَه فامْتَنَع منه وتمنَّع.
ورجل مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وفي التنزيل:
مَنَّاعٍ للخير، وفيه: وإِذا مسَّه الخيْرُ مَنُوعاً. ومَنِيعٌ: لا يُخْلَصُ
إِليه في قوم مُنَعاءَ، والاسم المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابن
الأَعرابي: رجل مَنُوعٌ يَمْنَع غيره، ورجل مَنِعٌ يمنع نفسه، قال:
والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الذي منع غيره؛ قال عمرو بن
معديكرب:بَراني حُبُّ مَنْ لا أَسْتَطِيعُ،
ومَنْ هو للذي أَهْوَى مَنُوعُ
والمانِعُ: من صفات الله تعالى له معنيان: أَحدهما ما روي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: اللهم لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ ولا مُعْطِيَ
لِما مَنَعْتَ، فكان عز وجل يُعْطِي من استحقَّ العطاءَ ويمنع من لم
يستحق إِلاَّ المنع، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء وهو العادل في جميع ذلك،
والمعنى الثاني من تفسير المانع أَنه تبارك وتعالى يمنع أَهل دينه أَي
يَحُوطُهم وينصرهم،وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد، ومن
هذا يقال فلان في مَنَعةٍ أَي في قوم يحمونه ويمنعونه، وهذا المعنى في
صفة الله جل جلاله بالغ، إِذ لا منعة لمن لم يمنعه الله ولا يمتنع من لم
يكن الله له مانعاً. وفي الحديث: اللهم مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ أَي من
حََرَمْتَه فهو مَحْرُومٌ لا يعطيه أَحد غيرك. وفي الحديث: أَنه كان ينهي عن
عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وهات أَي عن مَنْعِ ما عليه إِعطاؤُه وطَلبِ
ما ليس له. وحكى ابن بري عن النَّجِيرَمِيّ
(* قوله« النجيرمي» حكى ياقوت
في مجمعه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء): مَنَعةٌ جمع مانِعٍ. وفي
الحديث: سيَعُوذُ بهذا البيتِ قومٌ ليست لهم مَنْعةٌ أَي قوَّة تمنع من
يريدهم بسوء، وقد تفتح النون،وقيل: هي بالفتح جمعُ مانِعٍ مثل كافِرٍ
وكُفَرةٍ.
ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فهو مَنِيعٌ:
اعتَزَّ وتعسَّر. وفلان في عِزٍّ ومَنَعةٍ، بالتحريك وقد يُسكن، يقال:
المَنعةُ جمعٌ كما قدَّمنا أَي هو في عِزٍّ ومن يَمْنعه من عشيرتِه، وقد
تمنَّع وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لا تؤاآتى على فاحِشةٍ، والفعلُ كالفعل،
وقد مَنُعَتْ مَناعةً، وكذلك حصِنٌ مَنِيعٌ، وقد مَنُعَ، بالضم، مَناعةً
إِذا لم يُرَمُ. وناقة مانِعٌ: مَنَعَتْ لبنها، على النسب؛ قال أُسامةُ
الهُذَلي:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلِّصةٍ، قد أَهْجَرَتها فُحُولُها
ومَناعِ: بمعنى امْنَعْ. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن بني أَسد
يفتحون مَناعَها ودَراكَها وما كان من هذا الجنس، والكسر أَعرف. وقوسٌ
مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قال عمرو بن براء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ،
وعاصماً عن مَنْعَةٍ قَذَّافِ
والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ على السَّنةِ
لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وهما المُقاتِلتانِ
الزمانَ على أَنفُسِهما. ورجل مَنِيعٌ: قويُّ البدن شديدُه. وحكى اللحياني: لا
مَنْعَ عن ذاك، قال: والتأْويل حقّاً أَنك إِن فعلت ذلك.
ابن الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وهي السَّرطاناتُ،
واحدها مَنْعٌ.
ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في
جبل طيِّءٍ. والمَناعةُ: اسم بلد؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
أَرَى الدَّهْر لا يَبْقَى على حَدَثانِه،
أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ
(* قوله« بأطراف المناعة» تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.)
قال ابن جني: المَناعةُ تحتمل أَمرين: أَحدهما أَن تكون فَعالةً من مَنَعَ،
والآخر أَن تكون مَفْعَلَةً من قولهم جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ
فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَةٌ.