Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=125551#01930c
رُحَيِّل
من (ر ح ل) تصغير رَحِيل.
من (ر ح ل) تصغير رَحِيل.
نفر: النَّفْرُ: التَّفَرُّقُ. ويقال: لقيته قبل كل صَيْحٍ ونَفْرٍ أَي
أَولاً، والصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التفرق؛ نَفَرَتِ الدابةُ
تَنْفِرُ وتَنْفُر نِفاراً ونُفُوراً ودابة نافِرٌ، قال ابن الأَعرابي: ولا
يقال نافِرَةٌ، وكذلك دابة نَفُورٌ، وكلُّ جازِعٍ من شيء نَفُورٌ. ومن
كلامهم: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وقول أَبي ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغِلاءِ مُسْتَدِرٌّ صيابُها
قال ابن سيده: إِنما هو اسم لجمع نافر كصاحب وصَحْبٍ وزائر وزَوْرٍ
ونحوه. ونَفَرَ القومُ يَنْفِرُون نَفْراً ونَفِيراً. وفي حديث حمزة
الأَسلمي: نُفِّرَ بنا في سَفَرٍ مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يقال:
أَنْفَرْنا أَي تَفَرَّقَتْ إِبلنا، وأُنْفِرَ بنا أَي جُعِلنا مُنْفِرِين ذَوِي
إِبلٍ نافِرَةٍ. ومنه حديث زَيْنَبَ بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
فأَنْفَرَ بها المشركون بَعِيرَها حتى سَقَطَتْ. ونَفَرَ الظَّبْيُ وغيره
نَفْراً ونَفَراناً: شَرَدَ. وظَبْيٌ نَيْفُورٌ: شديد النِّفارِ.
واسْتَنْفَرَ الدابة: كَنَفَّرَ. والإِنْفارُ عن الشيء والتَّنْفِيرُ عنه
والاسْتِنْفارُ كلُّه بمعنًى. والاسْتِنْفارُ أَيضاً: النُّفُورُ؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
ارْبُطْ حِمارَكَ، إِنه مُسْتَنْفِرٌ
في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
أَي نافر: ويقال: في الدابة نِفارٌ، وهو اسمٌ مِثْلُ الحِرانِ؛ ونَفَّرَ
الدابة واسْتَنْفَرَها. ويقال: اسْتَنْفَرْتُ الوحشَ وأَنْفَرْتُها
ونَفَّرْتُها بمعنًى فَنَفَرَتْ تَنْفِرُ واسْتَنْفَرَتْ تَسْتَنْفِرُ بمعنى
واحد. وفي التنزيل العزيز: كأَنهم حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ من
قَسْوَرَةٍ؛ وقرئت: مستنفِرة، بكسر الفاء، بمعنى نافرة، ومن قرأَ مستنفَرة،
بفتح الفاء، فمعناها مُنَفَّرَةٌ أَي مَذْعُورَةٌ. وفي الحديث: بَشِّرُوا
ولا تُنَفِّرُوا أَي لا تَلْقَوْهُمْ بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال:
نَفَرَ يَنْفِر نُفُوراً ونِفاراً إِذا فَرَّ وذهب؛ ومنه الحديث: إِن منكم
مُنَفِّرِينَ أَي من يَلْقى الناسَ بالغِلْظَةِ والشِّدَّةِ
فَيَنْفِرُونَ من الإِسلام والدِّين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُنَفِّرِ
الناسَ. وفي الحديث: أَنه اشْتَرَطَ لمن أَقْطَعَهُ أَرضاً أَن لا يُنَفَّرَ
مالُه أَي لا يُزْجَرَ ما يرعى من ماله ولا يُدْفَعَ عن الرَّعْي.
واسْتَنْفَرَ القومَ فَنَفَرُوا معه وأَنْفَرُوه أَي نصروه ومَدُّوه. ونَفَرُوا
في الأَمر يَنْفِرُون نِفاراً ونُفُوراً ونَفِيراً؛ هذه عن الزَّجَّاج،
وتَنافَرُوا: ذهبوا، وكذلك في القتال. وفي الحديث: وإِذا اسْتُنْفِرْتُمْ
فانْفِرُوا. والاسْتِنْفارُ: الاسْتِنْجادُ والاسْتِنْصارُ، أَي إِذا طلب
منكم النُّصْرَةَ فأَجيبوا وانْفِرُوا خارجين إِلى الإِعانة. ونَفَرُ
القومِ جماعَتُهم الذين يَنْفِرُون في الأَمر، ومنه الحديث: أَنه بعث جماعة
إِلى أَهل مكة فَنَفَرَتْ لهم هُذَيْلٌ فلما أَحَسُّوا بهم لجَؤُوا إِلى
قَرْدَدٍ أَي خرجوا لقتالهم. والنَّفْرَةُ والنَّفْرُ والنَّفِيرُ:
القومُ يَنْفِرُونَ معك ويَتَنافَرُونَ في القتال، وكله اسم للجمع؛ قال:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطَا،
ونَفْرَةَ الحَيِّ ومَرْعًى وَسَطَا،
يَحْمُونَها من أَنْ تُسامَ الشَّطَطَا
وكل ذلك مذكور في موضعه. والنَّفِيرُ: القوم الذين يتَقَدَّمُونَ فيه.
والنَّفيرُ: الجماعةُ من الناس كالنَّفْرِ، والجمع من كل ذلك أَنْفارٌ.
ونَفِير قريش: الذين كانوا نَفَرُوا إِلى بَدْرٍ ليمنعوا عِيْرَ أَبي
سفيان.ويقال: جاءت نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهم أَي جماعتهم الذين يَنْفِرُون
في الأَمر. ويقال: فلان لا في العِيْرِ ولا في النَّفِير؛ قيل هذا المثل
لقريش من بين العرب، وذلك أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إِلى
المدينة ونهض منها لِتَلَقِّي عِير قريش سمع مشركو قريش بذلك، فنهضوا
ولَقُوه ببَدْرٍ ليَأْمَنَ عِيرُهم المُقْبِلُ من الشأْم مع أَبي سفيان،
فكان من أَمرهم ما كان، ولم يكن تَخَلَّفَ عن العِيْرِ والقتال إِلا زَمِنٌ
أَو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا يستصلحونه لِمُهِمٍّ: فلان لا
في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، فالعيرُ ما كان منهم مع أَبي سفيان،
والنفير ما كان منهم مع عُتْبَةَ بن ربيعة قائدهم يومَ بَدْرٍ. واسْتَنْفَرَ
الإِمامُ الناسَ لجهاد العدوّ فنفروا يَنْفِرُونَ إِذا حَثَّهُم على
النَّفِيرِ ودعاهم إِليه؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: وإِذا
اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا. ونَفَرَ الحاجُّ من مِنًى نَفْراً ونَفرَ الناسُ من
مِنًى يَنْفِرُونَ نَفْراً ونَفَراً، وهو يوم النَّفْرِ والنَّفَرِ
والنُّفُورِ والنَّفِيرِ، وليلةُ النَّفْر والنَّفَرِ، بالتحريك، ويومُ
النُّفُورِ ويومُ النَّفِير، وفي حديث الحج: يومُ النَّفْرِ الأَوّل؛ قال ابن
الأَثير: هو اليوم الثاني من أَيام التشريق، والنَّفْرُ الآخِرُ اليومُ
الثالث، ويقال: هو يوم النَّحْرِ ثم يوم القَرِّ ثم يوم النفر الأَول ثم
يوم النفر الثاني، ويقال يوم النفر وليلة النفر لليوم الذي يَنْفِرُ الناس
فيه من منى، وهو بعد يوم القرِّ؛ وأَنشد لِنُصَيْبٍ الأَسْوَدِ وليس هو
نُصَيْباً الأَسْوَدَ المَرْوانِيَّ:
أَمَا والذي حَجَّ المُلَبُّونَ بَيْتَهُ،
وعَلَّمَ أَيامَ الذبائحِ والنَّحْرِ
لقد زَادَني، لِلْغَمْرِ، حُبّاً، وأَهْلهِ،
لَيالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الغَمْرِ
وهل يَأْثَمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلةَ النَّفْرِ
وسَكَّنْتُ ما بي من كَلالٍ ومن كرً،
وما بالمَطايا من جُنُوحٍ ولا فَتْرِ
ويروى: وهل يأْثُمَنِّي، بضم الثاء. والنَّفَرُ، بالتحريك، والرَّهْطُ:
ما دون العشرة من الرجال، ومنهم من خصص فقال للرجال دون النساءِ، والجمع
أَنفار. قال أَبو العباس: النَّفَرُ والقومُ والرَّهْطُ هؤلاء معناهم
الجمع لا واحد لهم من لفظهم. قال سيبويه: والنسبُ إِليه نَفَرِيٌّ، وقيل:
النَّفَرُ الناسُ كلهم؛ عن كراع، والنَّفِيرُ مثلُه، وكذلك النَّفْرُ
والنَّفْرَةُ. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: لو كان ههنا أَحدٌ من أَنْفارِنا أَي من
قومنا، جمع نَفَرٍ وهم رَهْطُ الإِنسان وعشيرته، وهو اسم جمع يقع على
جماعة من الرجال خاصة ما بين الثلاثة إِلى العشرة. وفي الحديث: ونَفَرُنا
خُلُوفٌ أَي رجالنا. الليث: يقال هؤلاء عَشَرَةُ نَفَرٍ أَي عشرة رجال، ولا
يقال عشرون نَفَراً ولا ما فوق العشرة، وهم النَّفَرُ من القوم. وقال
الفراء: نَفْرَةُ الرجل ونَفَرُهُ رَهْطُه؛ قال امرؤ القيس يصف رجلاً
بِجَوْدَةِ الرَّمْي:
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ،
ما لَه؟ لا عُدَّ من نَفَرِه
فدعا عليه وهو يمدحه، وهذا كقولك لرجل يعجبك فعله: ما له قاتله اللهُ
أَخزاه اللهُ وأَنت تريد غير معنى الدعاء عليه. وقوله تعالى: وجعلناكم
أَكْثَرَ نَفِيراً؛ قال الزجاج: النَّفِيرُ جمع نَفْرٍ كالعَبِيدِ والكَلِيبِ،
وقيل: معناه وجعلناكم أَكثر منهم نُصَّاراً. وجاءنا في نُفْرَتِه
ونافِرَتِه أَي في فَصِيلَتِه ومن يغضب لغضبه. ويقال: نَفْرَةُ الرجل أُسْرَتُه.
يقال: جاءنا في نَفْرَتِه ونَفْرِه؛ وأَنشد:
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ: إِنَّ نَفْرَتَنا
أَلْيَوْمَ كلَّهُمُ، يا عُرْوَ، مُشْتَغِلُ
ويقال للأُسْرَةِ أَيضاً: النُّفُورَةُ. يقال: غابتْ نُفُورَتُنا
وغَلَبَتْ نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُمْ، وورد ذلك في الحديث: غَلَبَتْ
نُفُورَتُنا نُفُورَتَهُم؛ يقال للأَصحاب الرجل والذين يَنْفِرُونَ معه إِذا
حَزَبَه أَمر. نَفْرَتُه ونَفْرُهُ ونافِرَتُه ونُفُورَتُه.
ونافَرْتُ الرجلَ مُنافَرَةً إِذا قاضيتَه. والمُنافَرَةُ: المفاخرة
والمحاكمة. والمُنافَرَةُ: المحاكمة في الحَسَبِ. قال أَبو عبيد:
المُنافَرَةُ أَن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يُحَكِّما بينهما
رجلاً كَفِعْلِ عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ مع عامر بن طُفَيْلٍ حين تَنافرا إِلى
هَرِمِ بن قُطْبَةَ الفَزارِيِّ؛ وفيهما يقول الأَعشى يمدح عامر بن
الطفيل ويحمل على عَلْقَمَةَ بن عُلاثَةَ:
قد قلتُ شِعْري فمَضى فيكما،
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنَّافِرِ
والمَنْفُورُ: المغلوب. والنَّافِرُ: الغالب. وقد نافَرَهُ فَنَفَرَهُ
يَنْفُرُه، بالضم لا غير، أَي غلبه، وقيل: نَفَرَهُ يَنْفِرُه ويَنْفُرُهُ
نَفْراً إِذا غلبه. ونَفَّرَ الحاكمُ أَحدهما على صاحبه تَنْفِيراً أَي
قضى عليه بالغلبة، وكذلك أَنْفَرَه. وفي حديث أَبي ذَرٍّ: نافَرَ أَخي
أُنَيْسٌ فلاناً الشاعِرَ؛ أَراد أَنهما تَفاخَرا أَيُّهما أَجْوَدُ
شِعْراً. ونافَرَ الرجلَ مُنافَرَةً ونِفاراً: حاكَمَهُ، واسْتُعْمِلَ منه
النُّفُورَةُ كالحُكومَةِ؛ قال ابن هَرْمَةَ:
يَبْرُقْنَ فَوْقَ رِواقِ أَبيضَ ماجِدٍ،
يُرْعى ليومِ نُفُورَةٍ ومَعاقِلِ
قال ابن سيده: وكأَنما جاءت المُنافَرَةُ في أَوّل ما اسْتْعْمِلَتْ
أَنهم كانوا يسأَلون الحاكم: أَيُّنا أَعَزُّ نَفَراً؟ قال زهير:
فإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
وأَنْفَرَهُ عليه ونَفَّرَه ونَفَرَهُ يَنْفُرُه، بالضم، كل ذلك:
غَلَبَه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، ولم يَعْرِفْ أَنْفُرُ، بالضم، في
النِّفارِ الذي هو الهَرَبُ والمُجانَبَةُ. ونَفَّرَه الشيءَ وعلى الشيء وبالشيء
بحرف وغير حرف: غَلَبَهُ عليه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
نُفِرْتُمُ المَجْدَ فلا تَرْجُونَهْ،
وجَدْتُمُ القومَ ذَوِي زَبُّونَهْ
كذا أَنشده نُفِرْتُمْ، بالتخفيف.
والنُّفارَةُ: ما أَخَذَ النَّافِرُ من المَنْفَورِ، وهو الغالبُ
(*
قوله« هو الغالب» عبارة القاموس أي الغالب من المغلوب) ، وقيل: بل هو ما
أَخذه الحاكم. ابن الأَعرابي: النَّافِرُ القَامِرُ. وشاة نافِرٌ: وهي التي
تُهْزَلُ فإِذا سعلت انتثر من أَنفها شيء، لغة في النَّاثِرِ. ونَفَرَ
الجُرْحُ نُفُوراً إِذا وَرِمَ. ونَفَرَتِ العينُ وغيرها من الأَعضاء
تَنْفِرُ نُفُوراً: هاجت ووَرِمَتْ. ونَفَرَ جِلْدُه أَي وَرِمَ. وفي حديث
عمر: أَن رجلاً في زمانه تَخَلَّلَ بالقَصَبِ فَنَفَرَ فُوهُ، فنهى عن
التخلل بالقصب؛ قال الأَصمعي: نَفَرَ فُوه أَي وَرِمَ. قال أَبو عبيد: وأُراهُ
مأْخوذاً من نِفارِ الشيء من الشيء إِنما هو تَجافِيهِ عنه وتَباعُدُه
منه فكأَن اللحْمَ لما أَنْكَرَ الداء الحادث بينهما نَفَرَ منه فظهر،
فذلك نِفارُه. وفي حديث غَزْوانَ: أَنه لَطَمَ عينه فَنَفَرَتْ أَي
وَرِمَتْ.ورجل عِفْرٌ نِفْرٌ وعِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ وعِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ
وعُفارِيَةٌ نُفارِيَةٌ إِذا كان خبيثاً مارِداً. قال ابن سيده: ورجل
عِفْرِيتَةٌ نِفْرِيتَةٌ فجاء بالهاء فيهما، والنِّفْرِيتُ إِتباعٌ للعِفْرِيت
وتوكيدٌ.
وبنو نَفْرٍ: بطنٌ. وذو نَفْرٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْيَرَ. وفي الحديث:
إِن الله يُبْغِضُ العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ أَي المُنْكَرَ الخَبيثَ،
وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ إِتباع للعِفْرِيَةِ والعِفْرِيتِ. ابن
الأَعرابي: النَّفائِرُ العصافير
(*قوله« النفائر العصافير» كذا بالأصل.
وفي القاموس: النفارير العصافير.) وقولهم: نَفِّرْ عنه أَي لَقِّبْهُ
لَقَباً كأَنه عندهم تَنْفِيرٌ للجن والعينِ عنه. وقال أَعرابي: لما وُلدتُ
قيل لأَبي: نَفِّرْ عنه، فسماني قُنْفُذاً وكنَّاني أَبا العَدَّاءِ.
شيع: الشَّيْعُ: مِقدارٌ من العَدَد كقولهم: أَقمت عنده شهراً أَو
شَيْعَ شَهْرٍ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: بَعْدَ بَدْرٍ بِشهر أَو
شَيْعِه أَي أَو نحو من شهرٍ. يقال: أَقمت به شهراً أَو شَيْعَ شهر أَي
مِقْدارَه أَو قريباً منه. ويقال: كان معه مائةُ رجل أَو شَيْعُ ذلك، كذلك.
وآتِيكَ غَداً أَو شَيْعَه أَي بعده، وقيل اليوم الذي يتبعه؛ قال عمر بن
أَبي ربيعة:
قال الخَلِيطُ: غَداً تَصَدُّعُنا
أَو شَيْعَه، أَفلا تُشَيِّعُنا؟
وتقول: لم أَره منذ شهر وشَيْعِه أَي ونحوه. والشَّيْعُ: ولد الأَسدِ
إِذا أَدْرَكَ أَنْ يَفْرِسَ.
والشِّيعةُ: القوم الذين يَجْتَمِعون على الأَمر. وكلُّ قوم اجتَمَعوا
على أَمْر، فهم شِيعةٌ. وكلُّ قوم أَمرُهم واحد يَتْبَعُ بعضُهم رأْي بعض،
فهم شِيَعٌ. قال الأَزهري: ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس
كلهم متفقين، قال الله عز وجل: الذين فرَّقوا دِينَهم وكانوا شِيَعاً؛ كلُّ
فِرْقةٍ تكفِّر الفرقة المخالفة لها، يعني به اليهود والنصارى لأَنّ
النصارى بعضُهُم بكفراً بعضاً، وكذلك اليهود، والنصارى تكفِّرُ اليهود
واليهودُ تكفرهم وكانوا أُمروا بشيء واحد. وفي حديث جابر لما نزلت: أَو
يُلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذيقَ بعضَكم بأْس بعض، قال رسول الله، صلى الله عليه
وسلم: هاتان أَهْوَنُ وأَيْسَرُ؛ الشِّيَعُ الفِرَقُ، أَي يَجْعَلَكُم
فرقاً مختلفين. وأَما قوله تعالى: وإِنَّ من شيعته لإِبراهيم، فإِن ابن
الأَعرابي قال: الهاءُ لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أَي إِبراهيم خَبَرَ
نَخْبَره، فاتَّبَعَه ودَعا له، وكذلك قال الفراء: يقول هو على مِناجه ودِينه
وإِن كَان ابراهيم سابقاً له، وقيل: معناه أَي من شِيعة نوح ومن أَهل
مِلَّتِه، قال الأَزهري: وهذا القول أَقرب لأَنه معطوف على قصة نوح، وهو قول
الزجاج. والشِّيعةُ: أَتباع الرجل وأَنْصارُه، وجمعها شِيَعٌ، وأَشْياعٌ
جمع الجمع. ويقال: شايَعَه كما يقال والاهُ من الوَلْيِ؛ وحكي في تفسير
قول الأَعشى:
يُشَوِّعُ عُوناً ويَجْتابُها
يُشَوِّعُ: يَجْمَعُ، ومنه شيعة الرجل، فإِن صح هذا التفسير فعين
الشِّيعة واو، وهو مذكور في بابه. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ شِيعةُ
الدَّجَّالِ أَي أَولِياؤُه وأَنْصارُه، وأَصلُ الشِّيعة الفِرقة من الناس، ويقع
على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد، وقد
غلَب هذا الاسم على من يَتَوالى عَلِيًّا وأَهلَ بيته، رضوان الله عليهم
أَجمعين، حتى صار لهم اسماً خاصّاً فإِذا قيل: فلان من الشِّيعة عُرِف أَنه
منهم. وفي مذهب الشيعة كذا أَي عندهم. وأَصل ذلك من المُشايَعةِ، وهي
المُتابَعة والمُطاوَعة؛ قال الأَزهري: والشِّيعةُ قوم يَهْوَوْنَ هَوى
عِتْرةِ النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُوالونهم. والأَشْياعُ أَيضاً:
الأَمثالُ. وفي التنزيل: كما فُعِلَ بأَشْياعِهم من قبل؛ أَي بأَمْثالهم من
الأُمم الماضية ومن كان مذهبُه مذهبهم؛ قال ذو الرمة:
أَسْتَحْدَثَ الرَّكْبُ عن أَشْياعِهِم خَبَراً،
أَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابِه طَرَبُ؟
يعني عن أَصحابهم. يقال: هذا شَيْعُ هذا أَي مِثْله. والشِّيعةُ:
الفِرْقةُ، وبه فسر الزجاج قوله تعالى: ولقد أَرسلنا من قبلك في شِيَعِ
الأَوّلينَ. والشِّيعةُ: قوم يَرَوْنَ رأْيَ غيرهم. وتَشايَعَ القومُ: صاروا
شِيَعاً. وشيَّعَ الرجلُ إِذا ادَّعى دَعْوى الشِّيعةِ. وشايَعَه شِياعاً
وشَيَّعَه: تابَعه. والمُشَيَّعُ: الشُّجاعُ؛ ومنهم من خَصَّ فقال: من
الرجال. وفي حديث خالد: أَنه كان رجُلاً مُشَيَّعاً؛ المُشَيَّع: الشُّجاع
لأَنَّ قَلْبَه لا يَخْذُلُه فكأَنَّه يُشَيِّعُه أَو كأَنَّه يُشَيَّعُ
بغيره. وشَيَّعَتْه نفْسُه على ذلك وشايَعَتْه، كلاهما: تَبِعَتْه
وشجَّعَتْه؛ قال عنترة:
ذُلُلٌ رِكابي حَيْثُ كُنْتُ مُشايِعي
لُبِّي، وأَحْفِزُهُ بِرأْيٍ مُبْرَمٍ
(* في معلقة عنترة :
ذلُلٌ جِمالي حيث شِئتُ مشايعي)
قال أَبو إِسحق: معنى شَيَّعْتُ فلاناً في اللغة اتَّبَعْتُ. وشَيَّعه
على رأْيه وشايَعه، كلاهما: تابَعَه وقَوَّاه؛ ومنه حديث صَفْوانَ: إِني
أَرى مَوضِعَ الشَّهادةِ لو تُشايِعُني نفْسي أَي تُتابِعُني.
ويقال: شاعَك الخَيرُ أَي لا فارقك؛ قال لبيد:
فَشاعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهُم
أَسِرَّةُ رَيْحانٍ بِقاعٍ مُنَوَّرِ
ويقال: فلان يُشَيِّعُه على ذلك أَي يُقَوِّيه؛ ومنه تَشْيِيعُ النار
بإِلقاء الحطب عليها يُقَوِّيها. وشَيَّعَه وشايَعَه، كلاهما: خرج معه عند
رحيلــه ليُوَدِّعَه ويُبَلِّغَه مَنْزِله، وقيل: هو أَن يخرج معه يريد
صُحْبته وإِيناسَه إِلى موضع مّا. وشَيَّعَ شَهْرَ رمضان بستة أَيّامٍ من
شَوَّال أَي أَتبَعَه بها، وقيل: حافظ على سِيرتِهِ فيها على المثل. وفلان
شِيعُ نِساء: يُشَيِّعُهُنَّ ويُخالِطُهُنَّ. وفي حديث الضَّحايا: لا
يُضَحَّى بالمُشَيِّعةِ من الغَنم؛ هي التي لا تزال تَتبَعُ الغنم عَجَفاً،
أَي لا تَلْحَقُها فهي أَبداً تُشَيِّعُها أَي تمشي وراءها، هذا إِن كسرت
الياء، وإِن فتحتها فهي التي تحتاج إِلى من يُشَيِّعُها أَي يَسُوقُها
لتأَخّرها عن الغنم حتى يُتْبِعَها لأَنها لا تَقْدِرُ على ذلك. ويقال: ما
تُشايِعُني رِجْلي ولا ساقي أَي لا تَتبَعُني ولا تُعِينُني على
المَشْيِ؛ وأَنشد شمر:
وأَدْماءَ تَحْبُو ما يُشايِعُ ساقُها،
لدى مِزْهَرٍ ضارٍ أَجَشَّ ومَأْتَمِ
الضارِي: الذي قد ضَرِيَ من الضَّرْب به؛ يقول: قد عُقِرَتْ فهي تحبو لا
تمشي؛ قال كثير:
وأَعْرَض مِنْ رَضْوى مَعَ الليْلِ، دونَهُم
هِضابٌ تَرُدُّ الطَّرْفَ مِمَّنْ يُشَيِّعُ
أَي ممن يُتبعُه طَرْفَه ناظراً.
ابن الأَعرابي: سَمِع أَبا المكارِمِ يَذُمُّ رجلاً فقال: هو ضَبٌّ
مَشِيعٌ؛ أَراد أَنه مثل الضَّبِّ الحقود لا ينتفع به. والمَشِيعُ: من قولك
شِعْتُه أَشِيعُه شَيْعاً إِذا مَلأتَه. وتَشَيَّعَ في الشيء: اسْتَهلك في
هَواه. وشَيَّعَ النارَ في الحطبِ: أَضْرَمَها؛ قال رؤبة:
شَداً كما يُشَيَّعُ التَّضْريمُ
(* قوله «شداً كذا بالأصل.)
والشَّيُوعُ والشِّياعُ: ما أُوقِدَتْ به النار، وقيل: هو دِقُّ الحطب
تُشَيَّعُ به النار كما يقال شِبابٌ للنار وجِلاءٌ للعين. وشَيَّعَ الرجلَ
بالنار: أَحْرَقَه، وقيل: كلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ. يقال:
شَيَّعْتُ النار إِذا أَلْقَيْتَ عليها حطباً تُذْكيها به، ومنه حديث الأَحنف:
وإِن حَسَكى
(* قوله «حسكى كذا بالأصل، وفي نسخة من النهاية مضبوطة بسكون
السين وبهاء تأْنيث ولعله سمي بواحدة الحسك محركة.) كان رجلاً
مُشَيَّعاً؛ قال ابن الأَثير: أَراد به ههنا العَجولَ من قولك شَيَّعْتُ النارَ
إِذا أَلقيت عليها حَطباً تُشْعِلُها به. والشِّياعُ: صوت قَصَبةٍ ينفخ فيها
الراعي؛ قال:
حَنِين النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ
وشَيَّعَ الراعي في الشِّياعِ: رَدَّدَ صَوْتَه فيها. والشاعةُ:
الإِهابةُ بالإِبل. وأَشاعَ بالإِبل وشايَع بها وشايَعَها مُشايَعةً وأَهابَ
بمعنى واحد: صاح بها ودَعاها إِذا استأْخَرَ بعضُها؛ قال لبيد:
تَبكِّي على إِثْرِ الشَّبابِ الذي مَضَى،
أَلا إِنَّ إِخإوانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ
(* في قصيدة لبيد: أخدان مكان إخوان.)
أَتَجْزَعُ مما أَحْدَثَ الدَّهْرُ بالفَتَى؟
وأَيُّ كرِيمٍ لم تُصِبْه القَوارِعُ؟
فَيَمْضُونَ أَرْسالاً ونَخْلُفُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالياتِ المُشايِعُ
(* قوله «فيمضون إلخ في شرح القاموس قبله:
وما المال والأَهلون إلا وديعة * ولا بد يوماً أن ترد
الودائع)
وقيل: شايَعْتُ بها إِذا دَعَوْتَ لها لتَجْتَمِعَ وتَنْساقَ؛ قال جرير
يخاطب الراعي:
فأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْباءَ فَوْقَ قَعودِها،
وشايِعْ بها، واضْمُمْ إِليك التَّوالِيا
يقول: صوّت بها ليلحَق أُخْراها أُولاها؛ قال الطرمّاح:
إِذا لم تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً، تَطَوَّقَتْ
شمارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشَيِّعُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَرْيم ابنة
عِمْرانَ سأَلت ربها أَنْ يُطْعِمَها لحماً لا دم فيه فأَطْعَمها الجراد،
فقالت: اللهم أَعِشْه بغير رَضاع وتابِعْ بينه بغير شِياعٍ؛ الشِّياعُ،
بالكسر: الدعاء بالإِبل لتَنْساق وتجتمع؛ المعنى يُتابِعُ بينه في الطيران
حتى يَتَتابع من غير أَنْ يُشايَع كما يُشايِعُ الراعي بإِبله لتجتمع ولا
تتفرق عليه؛ قال ابن بري: بغير شِياعٍ أَي بغير صوت، وقيل لصوت
الزَّمّارة شِياعٌ لأَن الراعي يجمع إِبله بها؛ ومنه حديث عليّ: أُمِرْنا بكسر
الكُوبةِ والكِنّارةِ والشِّياعِ؛ قال ابن الأَعرابي: الشِّياعُ زَمّارةُ
الراعي، ومنه قول مريم: اللهم سُقْه بلا شِياعٍ أَي بلا زَمّارة راع.
وشاعَ الشيْبُ شَيْعاً وشِياعاً وشَيَعاناً وشُيُوعاً وشَيْعُوعةً
ومَشِيعاً: ظهَرَ وتفرَّقَ، وشاعَ فيه الشيبُ، والمصدر ما تقدّم، وتَشَيَّعه،
كلاهما: استطار. وشاعَ الخبَرُ في الناس يَشِيعُ شَيْعاً وشيَعاناً
ومَشاعاً وشَيْعُوعةً، فهو شائِعٌ: انتشر وافترَقَ وذاعَ وظهَر. وأََشاعَه هو
وأَشاعَ ذِكرَ الشيءِ: أَطارَه وأَظهره. وقولهم: هذا خبَر شائع وقد شاعَ
في الناس، معناه قد اتَّصَلَ بكل أَحد فاستوى علم الناس به ولم يكن علمه
عند بعضهم دون بعض. والشاعةُ: الأَخْبار المُنتشرةُ. وفي الحديث: أَيُّما
رجلٍ أَشاع على رجل عَوْرة ليَشِينَه بها أَي أَظهر عليه ما يُعِيبُه.
وأَشَعْتُ المال بين القوم والقِدْرَ في الحَيّ إِذا فرقته فيهم؛ وأَنشد
أَبو عبيد:
فقُلْتُ: أَشِيعَا مَشِّرا القِدْرَ حَوْلَنا،
وأَيُّ زمانٍ قِدْرُنا لم تُمَشَّرِ؟
وأَشَعْتُ السِّرّ وشِعْتُ به إِذا أَذعْتَ به. ويقال: نَصِيبُ فلان
شائِعٌ في جميع هذه الدار ومُشاعٌ فيها أَي ليس بمَقْسُوم ولا مَعْزول؛ قال
الأَزهري: إِذا كان في جميع الدار فاتصل كل جزء منه بكل جزء منها، قال:
وأَصل هذا من الناقة إِذا قَطَّعت بولها، قيل: أَوزَغَتْ به إِيزاغاً،
وإِذا أَرسلته إِرسالاً متصلاً قيل: أَشاعت. وسهم شائِعٌ أَي غير مقسوم،
وشاعٌ أَيضاً كما يقال سائِرُ اليوم وسارُه؛ قال ابن بري: شاهده قول ربيعة
بن مَقْروم:
له وهَجٌ من التَّقْرِيبِ شاعُ
أَي شائعٌ؛ ومثله:
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ فكلٌّ ناعُ
أَي نائِعٌ. وما في هذه الدار سهم شائِعٌ وشاعٍ مقلوب عنه أَي
مُشْتَهِرٌ مُنْتَشِرٌ.
ورجل مِشْياعٌ أَي مِذْياعٌ لا يكتم سِرّاً. وفي الدعاء: حَيّاكم اللهُ
وشاعَكم السلامُ وأَشاعَكم السلامَ أَي عَمَّكم وجعله صاحِباً لكم
وتابِعاً، وقال ثعلب: شاعَكم السلامُ صَحِبَكُم وشَيَّعَكم؛ وأَنشد:
أَلا يا نَخْلةً مِن ذاتِ عِرْقٍ
بَرُودِ الظِّلِّ، شاعَكُمُ السلامُ
أَي تَبِعكم السلامُ وشَيَّعَكم. قال: ومعنى أَشاعكم السلامَ أَصحبكم
إِيَّاه، وليس ذلك بقويّ. وشاعَكم السلامُ كما تقول عليكم السلامُ، وهذا
إِنما بقوله الرجل لأَصحابه إِذا أَراد أَن يفارقهم كما قال قيس بن زهير
لما اصطلح القوم: يا بني عبس شاعكم السلامُ فلا نظرْتُ في وجهِ ذُبْيانية
قَتَلْتُ أَباها وأَخاها، وسار إِلى ناحية عُمان وهناك اليوم عقِبُه
وولده؛ قال يونس: شاعَكم السلامُ يَشاعُكم شَيْعاً أَي مَلأَكم. وقد أَشاعكم
اللهُ بالسلام يُشِيعُكم إِشاعةً. ونصِيبُه في الشيء شائِعٌ وشاعٍ على
القلب والحذف ومُشاعٌ، كل ذلك: غير معزول. أَبو سعيد: هما مُتشايِعانِ
ومُشتاعانِ في دار أَو أَرض إِذا كانا شريكين فيها، وهم شُيَعاءُ فيها، وكل
واحد منهم شَيِّعٌ لصاحبه. وهذه الدار شَيِّعةٌ بينهم أَي مُشاعةٌ. وكلُّ
شيء يكون به تَمامُ الشيء أَو زيادتُه، فهو شِياعٌ له. وشاعَ الصَّدْعُ في
الزُّجاجة: استطارَ وافترق؛ عن ثعلب.
وجاءت الخيلُ شَوائِعَ وشَواعِيَ على القلب أَي مُتَفَرِّقة. قال
الأَجْدَعُ بن مالك بن مسروق بن الأَجدع:
وكأَنَّ صَرْعاها قِداحُ مُقامِرٍ
ضُرِبَتْ على شَرَنٍ، فَهُنّ شَواعِي
ويروى: كِعابُ مُقامِرٍ. وشاعتِ القطرةُ من اللبن في الماء
وتَشَيَّعَتْ: تَفَرَّقَت. تقول: تقطر قطرة من لبن في الماء
(* قوله «تقول تقطر قطرة
من لبن في الماء كذا بالأصل ولعله سقط بعده من قلم الناسخ من مسودة
المؤلف فتشيع أو تتشيع فيه أي تتفرق.). وشَيّع فيه أَي تفرَّق فيه. وأَشاعَ
ببوله إِشاعةً: حذف به وفَرَّقه. وأَشاعت الناقة ببولها واشتاعَتْ
وأَوْزَغَتْ وأَزْغَلَتْ، كل هذا: أَرْسَلَتْه متفَرِّقاً ورَمَتْه رَمْياً
وقَطَّعَتْه ولا يكون ذلك إِلا إِذا ضَرَبَها الفحل. قال الأَصمعي: يقال لما
انتشر من أَبوال الإِبل إِذا ضرَبَها الفحل فأَشاعَتْ ببولها: شاعٌ؛
وأَنشد:
يُقَطِّعْنَ لإِبْساسِ شاعاً كأَنّه
جَدايا، على الأَنْساءِ منها بَصائِر
قال: والجمل أَيضاً يُقَطِّعُ ببوله إِذا هاج، وبوله شاعٌ؛ وأَنشد:
ولقد رَمَى بالشّاعِ عِنْدَ مُناخِه،
ورَغا وهَدَّرَ أَيَّما تَهْدِيرِ
وأَشاعَتْ أَيضاً: خَدَجَتْ، ولا تكون الإِشاعةُ إِلا في الإِبل. وفي
التهذيب في ترجمة شعع: شاعَ الشيءُ يَشِيعُ وشَعَّ يَشِعُّ شَعّاً وشَعاعاً
كلاهما إِذا تفرَّقَ.
وشاعةُ الرجلِ: امرأَتُه؛ ومنه حديث سيف بن ذي يَزَن قال لعبد المطلب:
هل لك من شاعةٍ؟ أَي زوجة لأَنها تُشايِعُه أَي تُتابِعُه. والمُشايِعُ:
اللاحِقُ؛ وينشد بيت لبيد أَيضاً:
فيَمْضُون أَرْسالاً ونَلْحَقُ بَعْدَهُم،
كما ضَمَّ أُخْرَى التالِياتِ المُشايِعُ
(* روي هذا البيت في سابقاً في هذه المادة وفيه: نخلف بعدهم؛ وهو هكذا
في قصيدة لبيد.)
هذا قول أَبي عبيد، وعندي أَنه من قولك شايَعَ بالإِبل دعاها.
والمِشْيَعة: قُفَةٌ تضَعُ فيها المرأة قطنها.
والمِشْيَعةُ: شجرة لها نَوْر أَصغرُ من الياسمين أَحمر طيب تُعْبَقُ به
الثياب؛ عن أَبي حنيفة كذلك وجدناه تُعْبَق، بضم التاء وتخفيف الباء، في
نسخة موثوق بها، وفي بعض النسخ تُعَبَّقُ، بتشديد الباء. وشَيْعُ اللهِ:
اسم كتَيْمِ الله.
وفي الحديث: الشِّياعُ حرامٌ؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه بعضهم وفسره
بالمُفاخَرةِ بكثرة الجماع، وقال أَبو عمرو: إِنه تصحيف، وهو بالسين
المهملة والباء الموحدة، وقد تقدم، قال: وإِن كان محفوظاً فلعله من تسمية
الزوجة شاعةً.
وبَناتُ مُشيّع: قُرًى معروفة؛ قال الأَعشى:
من خَمْرِ بابِلَ أُعْرِقَتْ بمِزاجِها،
أَو خَمْرِ عانةَ أَو بنات مُشَيّعا
طول: الطُّولُ: نقيض القِصَر في الناس وغيرهِم من الحيوان والمَوات.
ويقال للشيء الطَّويلِ: طالَ يَطُولُ طُولاً، فهو طَويلٌ وطُوالٌ. قال
النحويون: أَصْلُ طالَ فَعُلَ استدلالاً بالاسم منه إِذا جاء على فَعِيل نحو
طَويل، حَمْلاً على شَرُفَ فهو شَرِيف وكَرُمَ فهو كَريم، وجَمْعُهُما
طِوال؛ قال سيبويه: صَحَّت الواو في طِوال لصِحَّتها في طَويل، فصار طِوال
من طَويل كجِوار من جاوَرْت، قال: ووافَقَ الذين قالوا فَعِيل الذين قالوا
فُعال لأَنهما أُخْتان فجَمَعوه جَمْعه، وحكى اللُّغويون طِيال، ولا
يوجبه القياس لأَن الواو قد صَحَّت في الواحد فحكمها أَن تصح في الجمع؛ قال
ابن جني لم تقلب إِلا في بيت شاذ وهو قوله:
تَبَيَّنَ لي أَنَّ القَماءةَ ذِلَّةٌ،
وأَنَّ أَعِزَّاء الرجالِ طِيالُها
والأُنثى طَويلةٌ وطُوالةٌ، والجمع كالجمع، ولا يمتنع شيء من ذلك من
التسليم. ويقال للرجل إِذا كان أَهْوَج الطُّول طُوَال وطُوَّال، وامرأَة
طُوالة وطُوَّالة. الكسائي في باب المُغالَبة: طاوَلَني فَطُلْتُه من
الطُّول والطَّوْل جميعاً. وقال سيبويه: يقال طُلْتُ على فَعُلْتُ لأَنك تقول
طَويل وطُوال كما قُلْتَ قَبُحَ وقَبيح، قال: ولا يكون طُلْته كما لا
يكون فَعُلْتُه في شيء؛ قال المازني: طُلْتُ فعُلْتُ أَصْلٌ واعْتَلَّت من
فعُلْت غيرَ مُحَوَّلة، الدليلُ على ذلك طَوِيلٌ وطُوال؛ قال: وأَما
طاوَلْته فطُلْتُه فهي مُحَوَّلة كما حُوِّلَت قُلْتُ، وفاعلها طائلٌ، لا يقال
فيه طَويلٌ كما لا يقال في قائل قَويل، قال: ولم يؤْخذ هذا إِلا عن
الثِّقات؛ قال: وقُلْتُ مُحَوَّلةٌ من فَعَلْت إِلى فَعُلْت كما أَن بِعْتُ
مُحَوَّلة من فَعَلْت إِلى فَعِلْت وكانت فعِلْتُ أَولى بها لأَن الكسرة
من الياء، كما كان فَعُلْت أَولى بقُلْت لأَن الضمة من الواو؛ وطالَ
الشيءُ طُولاً وأَطَلْته إِطالةً. والسَّبْع الطُّوَلُ من سُور القرآن: سَبْعُ
سُوَر وهي سورة البقرة وسورة آل عمران والنساء والمائدة والأَنعام
والأَعراف، فهذه ست سور متوالياتٌ واختلفوا في السابعة، فمنهم من قال السابعة
الأَنفال وبراءَة وعدّهما سورة واحدة، ومنهم من جعل السابعة سورة يونس؛
والطُّوَل: جمع طُولى، يقال هي السّورة الطُّولى وهُنَّ الطُّوَل؛ قال ابن
بري: ومنه قرأْت السَّبْع الطُّوَل؛ وقال الشاعر:
سَكَّنْته، بعدَما طارَتْ نَعامتُه،
بسورة الطُّورِ، لمَّا فاتَني الطُّوَلُ
وفي الحديث: أُوتِيتُ السَّبْعَ الطُّوَل؛ هي بالضم جمع الطُّولى، وهذا
البناء يلزمه الأَلف واللام أَو الإِضافة. وفي حديث أُمِّ سَلَمَة: أَنه
كان يقرأَ في المغرب بطُولى الطُّولَيَيْن، هي تثنية الطُّولى
ومُذَكَّرُها الأَطْوَل، أَي أَنه كان يقرأُ فيها بأَطْول السورتين الطويلتين،
تَعْني الأَنعام والأَعراف. والطويل من الشِّعْر: جنس من العَرُوض، وهي كلمة
مُوَلَّدة، سمي بذلك لأَنه أَطْوَلُ الشِّعْر كُلِّه، وذلك أَن أَصله
ثمانية وأَربعون حرفاً، وأَكثر حروف الشعر من غير دائرته اثنان وأَربعون
حرفاً، ولأَن أَوتاده مبتدأ بها، فالطُّول لمتقدم أَجزائه لازم أَبداً، لأَن
أَول أَجزائه أَوتاد والزوائد أَبداً يتقدم أَسبابَها ما أَوَّلُه
وَتِدٌ. والطُّوال، بالضم: المُفْرِط الطُّول؛ وأَنشد ابن بري قول
طُفَيل:طُوال السَّاعِدَيْن يَهُزُّ لَدْناً،
يَلُوحُ سِنانُه مِثْلَ الشِّهاب
قال: ولا يُكَسَّر
(* قوله «قال ولا يكسر إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة
القاموس وشرحه: والطوال، كرمان، المفرط الطول، ولا يكسر، انما يجمع جمع
السلامة اهـ. وبهذا يعلم ما لعله سقط هنا، فقد تقدم في صدر المادة أَن
طوالاً كغراب يجمع على طوال بالكسر).
إِنما يُجْمع جمع السلامة. وطاوَلَني فَطُلْتُه أَي كنت أَشَدَّ طُولاً
منه؛ قال:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ
طالَتْ، فَلَيْسَ تَنالُها الأَوْعال
وطالَ فلان فلاناً أَي فاقه في الطُّول؛ وأَنشد:
تَخُطُّ بِقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ،
وتَعْطُو بِظِلْفَيْها، إِذا الغُصْنُ طالها
أَي طاوَلَها فلم تَنَلْه. والأَطْوَل: نقيضُ الأَقْصر، وتأْنيث
الأَطْوَل الطُّولى، وجمعها الطُّوَل.
الجوهري: الطُّوَال، بالضم، الطَّوِيلُ. يقال طَوِيلٌ وطُوَالٌ، فإِذا
أَفرَط في الطُّول قيل طُوّال، بالتشديد. والطِّوال، بالكسر: جمع طَويل،
والطَّوَالُ، بالفتح: من قولك لا أُكَلِّمه طَوَالَ الدَّهْر وطُولَ
الدَّهْر بمعنى. ويقال: قَلانِسُ طِيَالٌ وطِوَالٌ بمعنى. والرِّجال
الأَطاوِل: جمع الأَطْوَل، والطُّولىَ تأْنيث الأَطْوَل، والجمع الطُّوَل مثل
الكُبْرَى والكُبَر.
وأَطَالَتِ المرأَةُ إِذا وَلَدَتْ طِوَالاً. وفي الحديث: إِن القَصِيرة
قد تُطِيل. الجوهري: والطُّولُ خِلاف العَرْض. وطالَ الشيءُ أَي امتدَّ،
قال: وطُلْتُ أَصله طَوُلْتُ بضم الواو لأَنك تقول طَويل، فنقلت الضمة
إِلى الطاء وسقطت الواو لاجتماع الساكنين، قال: ولا يجوز أَن تقول منه
طُلْتُه، وأَما قولك طَاولَني فطُلْتُه فإِنما تَعْني بذلك كنت أَطْولَ منه
من الطُّول والطَّوْل جميعاً. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، ما مَشَى مع طِوَالٍ إِلا طالَهُم، فهذ من الطُّول؛ قال ابن بري: وعلى
ذلك قول سُبَيح بن رِياح الزِّنْجي، ويقال رياح بن سبيح، حين غَضِبَ لما
قال جَرِيرٌ في الفَرَزْدَق:
لا تَطْلُبَنَّ خُؤُولةً في تَغْلِبٍ،
فالزِّنْجُ أَكْرَمُ منهمُ أَخْوَالا
فقال سبيح أَو رياح لما سَمِع هذا البيت:
الزِّنْجُ لو لاقَيْتَهم في صَفِّهِمْ،
لاقَيْتَ، ثمَّ، جَحَاجِحاً أَبْطَالاً
ما بالُ كَلْبِ بَني كُلَيْبٍ سَبَّنا،
أَنْ لم يُوازِنْ حاجِباً وعِقَالا؟
إِنَّ الفَرَزْدَق صَخْرَةٌ عادِيَّةٌ
طالَتْ، فليس تَنالُها الأَوْعالا
(* قوله «الاوعالا» تقدم إيراده قريباً الأوعال بالرفع).
وقالت الخنساء:
وما بَلَغَتْ كَفُّ امرئٍ مُتَناوِلٍ،
من المَجْدِ، إِلاَّ والذي نِلْتَ أَطْوَلُ
وفي حديث استسقاء عمر، رضي الله عنه: فطالَ العَباسُ عمرَ أَي غَلَبَه
في طُولِ القامة، وكان عمر طَويلاً من الرجال، وكان العباس أَشدَّ طُولاً
منه. وروي أَن امرأَة قالت: رأَيت عَبّاساً يطوف بالبيت كأَنه فُسْطاطٌ
أَبيض، وكانت رأَت عَلِيَّ بن عبد الله بن العباس وقد فَرَعَ الناسَ كأَنه
راكب مع مُشَاةٍ فقالت: مَنْ هذا؟ فأُعْلِمَتْ فقالت: إِنّ الناسَ
ليَرْذُلون، وكان رأْس علي بن عبد الله إِلى مَنْكِب أَبيه عبد الله، ورأْسُ
عبد الله إِلى مَنْكِب العباس، ورأْسُ العباس إِلى مَنْكِب عبد
المُطَّلِب. وأَطَلْتُ الشيءَ وأَطْوَلْت على النقصان والتمام بمعنى. المحكم:
وأَطال الشيءَ وطَوَّلَه وأَطْوَلَه جعله طَويلاً، وكأَن الذين قالوا ذلك
إِنما أَرادوا أَن ينبهوا على أَصل الباب، قال فلا يقاس هذا إِنما يأْتي
للتنبيه على الأَصل؛ وأَنشد سيبويه:
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدودَ، وقَلَّما
وِصالٌ، على طُولِ الصُّدود، يَدُومُ
وكلُّ ما امتدَّ من زَمَن أَو لَزِمَ من هِمٍّ ونحوِه فقد طالَ، كقولك
طالَ الهَمُّ وطال الليلُ. وقالوا: إِنَّ الليل طَويلٌ فلا يَطُلْ إِلاَّ
بخير؛ عن اللحياني. قال: ومعناه الدُّعاء. وأَطال الله طِيلَتَه أَي
عُمْرَه. وطالَ طِوَلُك وطِيَلُك أَي عُمْرك، ويقال غَيْبتك؛ قال
القطامي:إِنّا مُحَيُّوكَ فاسْلَمْ أَيُّها الطَّلَلُ،
وإِن بَلِيتَ، وإِن طالَتْ بك الطِّوَلُ
يروى الطِّيَل جمع طِيلة، والطِّوَل جمع طِوَلة، فاعْتَلَّ الطِّيَل
وانقلبت ياؤه واواً لاعتلالها في الواحد، فأَما طِوَلة وطِوَل فمن باب
عِنَبة وعِنَب.
وطالَ طُوَلُك، بضم الطاء وفتح الواو، وطالَ طَوَالُك، بالفتح،
وطِيَالُك، بالكسر؛ كل ذلك حكاه الجوهري عن ابن السكيت. وجملٌ أَطْوَلُ إِذا
طالتْ شَفَتُه العُليا. قال ابن سيده: والطَّوَل طُولٌ في مِشْفَر البعير
الأَعلى على الأَسفل، بعير أَطْوَل وبه طَوَلٌ. والمُطاوَلة في الأَمر: هو
التطويل والتَّطاوُلُ في مَعْنًى هو الاسْتِطالة على الناس إِذا هو رَفَع
رأْسَه ورأَى أَنّ له عليهم فَضْلاً في القَدْر؛ قال: وهو في معنى آخر
أَن يقوم قائماً ثم يَتَطاوَل في قيامه ثم يَرْفَع رأْسَه ويَمُدّ قوامَه
للنظر إِلى الشيء. وطاوَلْته في الأَمر أَي ماطَلْته. وطَوَّل له
تَطْويلاً أَي أَمْهَله. واسْتَطالَ عليه أَي تَطَاوَلَ، يقال: اسْتَطالوا عليهم
أَي قَتَلوا منهم أَكثرَ مما كانوا قَتَلوا، قال: وقد يكون اسْتَطالَ
بمعنى طالَ، وتَطاوَلْت بمعنى تَطالَلْت. وفي الحديث: إِن هذين الحَيَّين من
الأَوس والخَزْرَج كانا يتَطاوَلانِ على رسول الله،صلى الله عليه وسلم،
تَطاوُلَ الفَحْلَين أَي يَسْتَطِيلانِ على عَدُوِّه ويتباريانِ في ذلك
ليكون كل واحد منهما أَبلغ في نصرته من صاحبه، فشُبِّه ذلك التَّباري
والتغالُب بتَطاوُلِ الفحلين على الإِبل، يَذُبُّ كلُّ واحد منهما الفُحولَ
عن إِبله ليظهر أَيُّهما أَكثرُ ذَبًّا. وفي حديث عثمان: فتَفَرَّق الناسُ
فِرَقاً ثلاثاً، فصامِتٌ صَمْتُه أَنْفَذُ من طَوْلِ غيره، ويروى من
صَوْل غيره، أَي إِمْساكُه أَشدُّ من تَطاوُل غيره. ويقال: طالَ عليه
واستطالَ وتَطاوَلَ إِذا علاه وتَرَفَّع عليه. وفي الحديث: أَرْبى الرِّبا
الاستطالةُ في عِرْضِ الناس أَي اسْتِحْقارُهم والتَّرَفُّعُ عليهم
والوَقِيعةُ فيهم.
وتَطاوَلَ: تمدَّدَ إِلى الشيء ينظر نحوه؛ قال:
تَطاوَلْتُ كي يَبدو الحَصِيرُ فما بَدَا
لِعَيْني، ويا لَيْتَ الحَصِيرَ بَدا لِيا
واسْتَطالَ الشَّقُّ في الحائط: امتدَّ وارتفع؛ حكاه ثعلب، وهو
كاسْتَطار.
والطِّوَلُ: الحَبْلُ الطويلُ جدًّا؛ قال طرفة:
لَعَمْرُكَ إِنَّ الموتَ، ما أَخْطَأَ الفَتَى،
لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى، وثِنْياهُ باليَدِ
والطِّوَلُ والطِّيَلُ والطَّويلة والتِّطْوَلُ، كُلُّه: حَبْلٌ طويل
تُشَدُّ به قائمةُ الدابة، وقيل: هو الحبل تُشَدُّ به ويُمْسِك صاحبُه
بطَرَفه ويُرْسِلها تَرْعى؛ قال مُزاحِم:
وسَلْهَبةٍ قَوْداءَ قُلِّصَ لَحْمُها،
كسِعْلاةِ بِيدٍ في خِلالٍ وتِطْوَل
وقد طَوَّلَ لها. والطِّوَل: الحبل الذي يُطَوَّل للدابة فترعى فيه،
وكانت العرب تتكلم به
(* قوله «وكانت العرب تتكلم به» كذا في الأصل، وعبارة
التهذيب: وقال الليث الطويلة اسم حبل يشد به قائمة الدابة ثم ترسل في
المرعى، وكانت العرب تتكلم به اهـ) ؛ يقال: طَوِّل لفرسك يا فلان أَي أَرْخِ
له حَبْلَه في مَرْعاه. الجوهري: طَوِّلْ فرَسك أَي أَرْخِ طَويلتَه في
المَرْعى؛ قال أَبو منصور: لم أَسمع الطَّويلةَ بهذا المعنى من العرب
ورأيتهم يُسَمُّونه الطِّوَل فلم نسمعه إِلاَّ بكسر الأَول وفتح الثاني.
غيره: يقال أَرْخ للفَرَس من طِوَلِه، وهو الحَبْل الذي يُطَوَّل للدابة
فترعى فيه، وأَنشد بيت طرفة: لَكَالطِّوَل المُرْخَى؛ قال: وهي الطَّويلة
أَيضاً، وقوله: ما أَخْطَأَ الفَتَى أَي في إِخطائه الفَتى؛ وقد شَدَّد
الراجزُ الطِّوَلَّ للضرورة فقال مَنْظور بن مَرْثَد الأَسَدي:
تَعَرَّضَتْ لي بمَكَانٍ حِلِّ،
تَعَرُّضاً لم تَأْلُ عن قَتْلِلِّي،
تَعَرُّضَ المُهْرَة في الطِّوَلِّ
ويروى: عن قَتْلاً لي، على الحكاية، أَي عن قَوْلِها قَتْلاً له؛ قال
الجوهري: وقد يفعلون مثل ذلك في الشِّعر كثيراً ويزيدون في الحرف من بعض
حروفه؛ قال ذُهْل بن قريع، ويقال قارب بن سالم المُرِّي:
كأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ
قُطْنُنَّةً من أَجْوَدِ القُطْنُنِّ
وأَنشده غيره:
قُطُنَّةٌ من أَجْوَدِ القُطُنِّ
قال ابن بري: وهذا هو صواب إِنشاده. وفي الحديث: ورجُلٌ طَوَّل لها في
مَرْجٍ فقَطَعَتْ طِوَلها، وفي آخر: فأَطالَ لها فقَطَعَتْ طِيَلَها؛
الطِّوَلُ والطِّيَلُ، بالكسر: هو الحبل الطويل يُشَدُّ أَحد طَرَفيه في
وَتِدٍ أَو غيره والآخر في يد الفرس ليَدُور فيه ويرعى ولا يذهب لوجهه.
وطَوَّلَ وأَطالَ بمعنىً أَي شَدَّها في الحبل؛ ومنه الحديث: لِطِوَل الفَرَس
حمًى أَي لصاحب الفرس أَن يَحْمِي الموضع الذي يَدُور فيه فرسُه المشدودُ
في الطِّوَل إِذا كان مُباحاً لا مالك له. وفي الحديث: لا حِمى إِلاَّ
في ثلاث: طِوَلِ الفرس، وثَلَّةِ البئرِ، وحَلْقةِ القوم؛ قوله لا حِمى
يعني إِذا نزل رجل في عسكر على موضع له أَن يمنع غيرَه طَوِلَ فرسه، وكذلك
إِذا حَفَر بئراً له أَن يمنع غيرَه مقدارَ ما يكون حَرِيماً له.
ومَطَاوِلُ الخيل: أَرسانُها، واحدها مِطْوَلٌ. والطِّوَلُ: التمادي في الأَمر
والتراخي. يقال: طالَ طِوَلُك وطِيَلُك وطِيلُك وطُولُك، ساكنة الياء
والواو؛ عن كراع، إِذا طال مُكْثُه وتمادِيه في أَمر أَو تَرَاخِيه عنه؛ قال
طفيل:
أَتانا فلم نَدْفَعْه، إِذ جاء طارِقاً،
وقلنا له: قد طالَ طُولُك فانْزِلِ
أَي أَمرُك الذي أَنت فيه من طُول السفر ومُكابدة السير، ويروى: قد طال
طِيلُك؛ وأَنشد ابن بري:
أَما تَعْرِف الأَطلالَ قد طالَ طِيلُها
والطَّوَالُ: مَدَى الدهرِ؛ يقال: لا آتِيك طَوَال الدَّهْر.
والطَّوْل والطائل والطائلة: الفَضْل والقُدْرة والغى والسَّعَة
والعُلُوُّ؛ قال أَبو ذؤَيب:
ويَأْشِبُني فيها الذينَ يَلُونَها،
ولو عَلِموا لم يَأْشِبُوني بطائل
وأَنشد ثعلب في صفة ذئب:
وإِن أَغارَ فلم يَحْلُلْ بطائلةٍ،
في لَيْلةٍ من جُمَيْر ساوَرَ الفُطُما
(* قوله «وإن أغار إلخ» سبق إنشاده في ترجمة جمر:
وإن أطاف ولم يظفر بطائلة * في ظلمة ابن جمير ساوَر
الفطما)
كذا أَنشده جُمَيْر على لفظ التصغير، وقد تَطَوَّل عليهم. وفي التنزيل
العزيز: ومَنْ لم يَسْتَطِعْ منكم طَوْلاً (الآية)؛ قال الزجاج: معناه من
لم يقدر منكم على مَهْرِ الحُرَّة، قال: والطَّوْلُ القدرة على المَهْر.
وقوله عز وجل: ذي الطَّوْل لا إِله إِلا هو؛ أَي ذي القُدْرة، وقيل:
الطَّوْل الغِنى، والطَّوْلُ الفَضْل، يقال: لفلان على فلان طَوْلٌ أَي
فَضْلٌ. ويقال: إِنه لَيَتَطَوَّل على الناس بفضله وخيره. والطَّوْل، بالفتح:
المَنُّ، يقال منه: طالَ عليه وتَطوَّلَ عليه إِذا امْتَنَّ عليه. وفي
الحديث: اللهمَّ بك أُحاوِل وبك أُطاوِل، مُفاعَلة من الطَّوْل، بالفتح،
وهو الفَضْلُ والعُلُوُّ على الأَعداء؛ ومنه الحديث: تَطَاوَلَ عليهم
الرَّبُّ بفضله أَي تَطَوَّل، وهو من باب طارَقْتَ النَّعْلَ في إِطلاقها على
الواحد؛ ومنه الحديث: قال لأَزواجه أَوَّلُكُنَّ لحُوقاً بي
أَطْوَلُكُنَّ يداً، فاجْتَمَعْن يتَطاوَلْنَ فطالَتْهُنَّ سَوْدةُ فماتت زينبُ
أَوَّلَهنَّ؛ أَراد أَمَدُّكُنَّ يداً بالعطاء من الطَّوْل فظَنَنَّه من
الطُّول، وكانت زينب تَعْمَل بيدها وتتصدق؛ قال أَبو منصور: والتَّطَوُّل عند
العرب محمود يوضع موضع المَحاسِن، والتطاوُلُ مذموم، وكذلك الاستطالة
يوضَعانِ موضع التكبر. ابن سيده: التَّطاوُلُ والاسْتِطالة التَّفَضُّل
ورَفْعُ النفس، واشتقاق الطائل من الطُّول. ويقال للشيء الخَسِيس الدُّون: هو
بطائل الذَّكَرُ والأُنثى في ذلك سواءٌ؛ وأَنشد:
لقد كَلَّفوني خُطَّة غيرَ طائل
الجوهري: هذا أَمر لا طائلَ فيه إِذا لم يكن فيه غَنَاءٌ ومَزِيّة، يقال
ذلك في التذكير والتأْنيث. ولم يَحْلَ منه بِطائلٍ: لا يُتَكَلَّم به
إِلاَّ في الجَحْد. وفي الحديث: أَنه ذكر رجلاً من أَصحابه قُبِضَ فكُفِّن
في كَفَنٍ غير طائلٍ أَي غير رَفيعٍ ولا نفيس، وأَصل الطائل النفع
والفائدة. وفي حديث ابن مسعود في قتل أَبي جهل: ضَرَبْته بسيف غير طائل أَي غير
ماضٍ ولا قاطع كأَنه كان سيفاً دُوناً بين السيوف. والطَّوائل: الأَوتار
والذُّحُول، واحدتها طائلة؛ يقال: فلان يَطْلُب بني فلان بطائلةٍ أَي
بوَتْرٍ كأَن له فيهم ثأْراً فهو يطلبه بِدَمِ قتيله. وبيْنَهم طائلةٌ أَي
عداوة وتِرَةٌ؛ وقول ذي الرمة يصف ناقته:
مَوَّارة الضَّبعِ مِثلُ الحَيْدِ حارِكُها،
كأَنَّها طالةٌ في دَفِّها بَلَق
قال: الطَّالة الأَتان؛ قال أَبو منصور: ولا أَعرفه فلينظر في شعر ذي
الرمة.
والطُّوَّل، بالتشديد: طائر. وطَيِّلَةُ الرِّيح: نَيِّحتُها.
وطُوالة: موضع، وقيل بئر؛ قال الشَّمَّاخ:
كِلا يَوْمَيْ طُوالةَ وَصْلُ أَرْوى
ظَنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظَّنُون
قال أَبو منصور: ورأَيت بالصَّمَّان روضة واسعة يقال لها الطَّوِيلة،
وكان عَرْضُها قدرَ مِيلٍ في طُول ثلاثة أَميال، وفيها مَساكٌ لماء السماء
إِذا امتلأَ شَرِبوا منه الشهرَ والشهرين؛ وقال في موضع آخر: تكون ثلاثة
أَميال في مثلها؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي من الطَّوِيلة عِيدُ
وبَنُو الأَطْوَل: بطن.
أزف: أَزِفَ يأْزَفُ أَزَفاً وأُزُوفاً: اقْتَرَبَ. وكلُّ شيء
اقْتَرَبَ، فقد أَزِفَ أَزَفاً أَي دَنا وأَفِدَ. والآزِفةُ القيامة لقُرْبِها وإن
اسْتَبْعَدَ الناسُ مَداها، قال اللّه تعالى: أَزِفَتِ الآزِفةُ؛ يعني
القيامة، أَي دَنَتِ القيامةُ. وأَزِفَ الرجل أَي عَجِلَ، فهو آزِفٌ على
فاعِل. وفي الحديث: قد أَزِفَ الوقتُ وحانَ الأَجَلُ أَي دنا وقَرُبَ.
والآزِفُ: الـمُسْتَعْجِلُ. والـمُتَآزِفُ من الرجال: القَصِير، وهو
الـمُتَداني، وقيل: هو الضَّعيفُ الجَبان؛ قال العُجَيْرُ:
فَتىً قُدَّ قَدَّ السيفِ لا مُتَآزِفٌ،
ولا رَهِلٌ لَبّاتُه وبَآدِلُهْ
قال ابن بري: قلت لأَعْرابي ما الـمُحْبَنْطِئُ؟ قال:
الـمُتَكَأْكِئُ، قلت: ما الـمُتَكَأْكِئُ؟ قال: الـمُتآزِفُ، قلت: ما الـمُتَآزِفُ؟
قال: أَنت أَحمقُ وتَرَكَني ومرَّ. والـمُتآزِفُ: الخَطوُ الـمُتقارِبُ.
ومَكانٌ مُتَآزِفٌ: ضَيِّقٌ. ابن بري
(* قوله «ابن بري» كذا بالأصل
وبهامشه صوابه: أَبو زيد.): المأْزَفةُ العَذِرةُ، وجمعها مآزِفُ؛ أَنشد أَبو
عمرو للهَيْثَمِ ابن حَسَّانَ التَّغْلبيّ:
كأَنَّ رِداءَيْه، إذا ما ارْتَداهما،
على جُعَلٍ يَغْشى المآزِفَ بالنُّخَرْ
النُّخَرُ: جمع نُخْرة الأَنْفِ.
قطع: القَطْعُ: إِبانةُ بعض أَجزاء الجِرْمِ من بعضٍ فَضْلاً. قَطَعَه
يَقْطَعُه قَطْعاً وقَطِيعةً وقُطوعاً؛ قال:
فما بَرِحَتْ، حتى اسْتبانَ سقابها
قُطُوعاً لِمَحْبُوكٍ من اللِّيفِ حادِرِ
والقَطْعُ: مصدر قَطَعْتُ الحبْلَ قَطْعاً فانْقَطَع. والمِقْطَعُ،
بالكسر: ما يُقْطَعُ به الشيء. وقطَعه واقتطَعه فانقطَع وتقطَّع، شدد للكثرة.
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبُراً أَي تقَسَّمُوه. قال الأَزهري: وأَما
قوله: وتقطَّعوا أَمرهم بينهم زُبراً فإِنه واقع كقولك قَطَّعُوا أَمرهم؛
قال لبيد في الوجه اللازم:
وتَقَطَّعَتْ أَسْبابُها ورِمامُها
أَي انْقَطَعَتْ حِبالُ مَوَدَّتِها، ويجوز أَن يكون معنى قوله:
وتقطَّعوا أَمرهم بينهم؛ أَي تفرقوا في أَمرهم، نصب أَمرهم بنزع في منه؛ قال
الأَزهري: وهذا القول عندي أَصوب. وقوله تعالى: وقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنّ؛ أَي
قَطَعْنَها قَطْعاً بعد قَطْعٍ وخَدَشْنَها خدشاً كثيراً ولذلك شدد،
وقوله تعالى: وقطَّعْناهم في الأَرض أُمَماً؛ أَي فرّقْناهم فِرَقاً، وقال:
وتَقَطَّعَتْ بهم الأَسبابُ؛ أَي انْقَطَعَتْ أَسْبابُهم ووُصَلُهُم؛ قول
أَبي ذؤَيب:
كأَنّ ابْنةَ السَّهْمِيّ دُرَّةُ قامِسٍ
لها، بعدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح، وَهِيجُ
أَراد بعد انْقِطاعِ النُّبُوحِ، والنُّبُوحُ: الجماعات، أَراد بعد
الهُدُوِّ والسكون بالليل، قال: وأَحْسَبُ الأَصل فيه القِطْع وهو طائفة من
الليل. وشيءٌ قَطِيعٌ: مقطوعٌ.
والعرب تقول: اتَّقُوا القُطَيْعاءَ أَي اتقوا أَن يَتَقَطَّعَ بعضُكم
من بعض في الحرب.
والقُطْعةُ والقُطاعةُ: ما قُطِعَ من الحُوّارَى من النُّخالةِ.
والقُطاعةُ، بالضم: ما سقَط عن القَطْعِ. وقَطَعَ النخالةَ من
الحُوّارَى: فَصَلَها منه؛ عن اللحياني.
وتَقاطَعَ الشيءُ: بانَ بعضُه من بعض، وأَقْطَعَه إِياه: أَذن له في
قطعه. وقَطَعاتُ الشجرِ: أُبَنُها التي تَخْرُجُ منها إِذا قُطِعَت، الواحدة
قَطَعَةٌ. وأَقْطَعْتُه قُضْباناً من الكَرْمِ أَي أَذِنْتُ له في
قَطْعِها. والقَطِيع: الغُصْنُ تَقْطَعُه من الشجرة، والجمع أَقْطِعةٌ وقُطُعٌ
وقُطُعاتٌ وأَقاطِيعُ كحديثٍ وأَحاديثَ. والقِطْعُ من الشجر: كالقَطِيعِ،
والجمع أَقطاعٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
عَفا غيرُ نُؤْيِ الدارِ ما إِنْ تُبِينُه،
وأَقْطاعُ طُفْيٍ قد عَفَتْ في المَعاقِلِ
والقِطْعُ أَيضاً: السهم يعمل من القَطِيعِ والقِطْعِ اللذين هما
المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو السهم العَرِيضُ، وقيل: القِطْعُ نصل قَصِيرٌ
عَرِيضُ السهم، وقيل: القِطْعُ النصل القصير، والجمع أَقْطُعٌ وأَقْطاعٌ
وقُطُوعٌ وقِطاعٌ ومَقاطِيعُ، جاء على غير واحده نادراً كأَنه إِنما جمع
مِقْطاعاً، ولم يسمع، كما قالوا مَلامِحَ ومَشابِهَ ولم يقولوا مَلْمَحَةً
ولا مَشْبَهةً؛ قال بعض الأَغفالِ يصف دِرْعاً:
لها عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً،
وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
وقال ساعدة بن جُؤَيَّةَ:
وشَقَّتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَه،
إِذا يَسْمَعُ الصوتَ المُغَرِّدَ يَصْلِدُ
والمِقْطَعُ والمِقْطاعُ: ما قَطَعْتَه به.
قال الليث: القِطْعُ القضيبُ الذي يُقْطَعُ لبَرْيِ السِّهامِ، وجمعه
قُطْعانٌ وأَقْطُعٌ؛ وأَنشد لأَبي ذؤَيب:
ونَمِيمَةً من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ،
في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
قال: أَراد السِّهامَ، قال الأَزهري: وهذا غلط، قال الأَصمعي: القِطْعُ
من النِّصالِ القصير العريضُ، وكذلك قال غيره، سواء كان النصل مركباً في
السهم أَو لم يكن مركباً، سُمِّيَ قِطْعاً لأَنه مقطوعٌ من الحديث، وربما
سَمَّوْه مقطوعاً، والمَقاطِيعُ جمعه؛ وسيف قاطِعٌ وقَطَّاعٌ ومِقْطَعٌ.
وحبل أَقْطاعٌ: مقطوعٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه قِطْعاً، وإِن لم يتكلم
به، وكذلك ثوب أَقْطاعٌ وقِطْعٌ؛ عن اللحياني. والمَقْطُوعُ من المديد
والكامل والرَّجَزِ: الذي حذف منه حرفان نحو فاعلاتن ذهب منه تن فصار
محذوفاً فبقي فاعلن ثم ذهب من فاعِلن النون ثم أُسكنت اللام فنقل في التقطيع إِلى
فعْلن، كقوله في المديد:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتةٌ،
أُخْرِجَتْ من كِيسِ دِهْقانِ
فقوله قاني فعْلن، وكقوله في الكامل:
وإِذا دَعَوْنَكَ عَمَّهُنَّ، فإِنَّه
نَسَبٌ يَزِيدُكَ عِنْدَهُنَّ خَبالا
فقوله نَخَبالا فعلاتن وهو مقطوع؛ وكقوله في الرجز:
دار لِسَلْمَى، إِذ سُلَيْمَى جارةٌ،
قَفْرٌ تُرى آياتها مِثْلَ الزُّبُرْ
(* قوله« دار لسلمى إلخ» هو موفور لا مقطوع فلا شاهد فيه كما لا يخفى.)
وكقوله في الرجز:
القَلْبُ منها مُسْتَرِيحٌ سالِمٌ،
والقلبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ
فقوله مَجْهُود مَفْعُولُنْ.
وتَقْطِيعُ الشعر: وَزْنه بأَجزاء العَرُوضِ وتَجْزئته بالأَفعالِ.
وقاطَعَ الرجُلانِ بسيفيهما إِذا نظرا أَيُّهما أَقْطَعُ؛ وقاطَعَ فلان
فلاناً بسيفيهما كذلك. ورجل لَطّاع قَطّاعٌ: يَقْطَعُ نصف اللُّقْمةِ
ويردّ الثاني، واللَّطّاعُ مذكور في موضعه. وكلامٌ قاطِعٌ على المَثَلِ:
كقولهم نافِذٌ.
والأَقْطَعُ: المقطوعُ اليَدِ، والجمع قُطْعٌ وقُطْعانٌ مثل أَسْوَدَ
وسُودانٍ. ويَدٌ قَطعاءُ: مقطوعةٌ، وقد قَطَعَ وقطِعَ قَطعاً. والقَطَعَةُ
والقُطْعةُ، بالضم، مثل الصَّلَعةِ والصُّلْعةِ: موضع القَطْعِ من اليد،
وقيل: بقيّةُ اليدِ المقطوعةِ، وضربَه بقَطَعَتِه. وفي الحديث: أَنَّ
سارِقاً سَرَقَ فَقُطِعَ فكان يَسْرِقُ بقَطَعَتِه، بفتحتين؛ هي الموضعُ
المقطوعُ من اليد، قال: وقد تضم القاف وتسكن الطاء فيقال: بقُطْعَتِه، قال
الليث: يقولون قُطِعَ الرجلُ ولا يقولون قُطِعَ الأَقْطَعُ لأَنَّ
الأَقْطَعَ لا يكون أَقْطَعَ حتى يَقْطَعَه غيره، ولو لزمه ذلك من قبل نفسه لقيل
قَطِعَ أَو قَطُعَ، وقَطَعَ الله عُمُرَه على المَثَلِ. وفي التنزيل:
فَقُطِعَ دابِرُ القوم الذين ظَلَموا؛ قال ثعلب: معناه استُؤْصِلُوا من
آخرهم.ومَقْطَعُ كل شيءٍ ومُنْقَطَعُه: آخره حيث يَنْقَطِعُ كمَقاطِعِ
الرِّمالِ والأَوْدِيةِ والحَرَّةِ وما أَشبهها. ومَقاطِيعُ الأَوديةِ:
مآخيرُها. ومُنْقَطَعُ كلِّ شيءٍ: حيث يَنْتَهي إِليه طَرَفُه. والمُنْقَطِعُ:
الشيءُ نفسُه. وشرابٌ لذيذُ المَقْطَعِ أَي الآخِر والخاتِمَةِ. وقَطَعَ
الماءَ قَطْعاً: شَقَّه وجازَه. وقطَعَ به النهرَ وأَقْطَعَه إِياه
وأَقطَعَه به: جاوَزَه، وهو من الفصل بين الأَجزاء. وقَطَعْتُ النهر قَطْعاً
وقُطُوعاً: عَبَرْتُ. ومَقاطِعُ الأَنهار: حيث يُعْبَرُ فيه. والمَقْطَعُ:
غايةُ ما قُطِعَ. يقال: مَقْطَعُ الثوبِ ومَقْطَعُ الرمْلِ للذي لا رَمْلَ
وراءه. والمَقْطَعُ: الموضع الذي يُقْطَعُ فيه النهر من المَعابرِ.
ومَقاطِعُ القرآنِ: مواضعُ الوقوفِ، ومَبادِئُه: مواضعُ الابتداءِ. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه، حين ذَكَر أَبا بكر، رضي الله عنه: ليس فيكم مَنْ
تَقَطَّعُ عليه
(* قوله« تقطع عليه» كذا بالأصل، والذي في النهاية: دونه)
الأَعْناقُ مثلَ أَبي بكر؛ أَراد أَن السابِقَ منكم الذي لا يَلْحَقُ شَأْوَه
في الفضل أَحدٌ لا يكون مِثْلاً لأَبي بكر لأَنه أَسْبَقُ السابقين؛ وفي
النهاية: أَي ليس فيكم أَحدٌ سابقٌ إِلى الخيراتِ تَقَطَّعُ أَعْناقُ
مُسابقِيه حتى لا يَلْحَقَه أَحدٌ مِثْلَ أَبي بكر، رضي الله عنه. يقال للفرَس
الجَوادِ: تَقَطَّعَت أَعناقُ الخيْلِ عليه فلم تَلْحَقْه؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي للبَعِيثِ:
طَمِعْتُ بِلَيْلى أَن تَرِيعَ، وإِنَّما
تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِّجالِ المَطامِعُ
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاءِ، ولم يَكُنْ
شُهُودي على لَيْلى عُدُولٌ مَقانِعُ
ومنه حديث أَبي ذر: فإِذا هي يُقَطَّعُ دونَها السَّرابُ أَي تُسْرِعُ
إِسْراعاً كثيراً تقدمت به وفاتت حتى إن السراب يظهر دونها أَي من ورائها
لبعدها في البر.
ومُقَطَّعاتُ الشيء: طرائقُه التي يتحلَّلُ إِليها ويَتَرَكَّبُ عنها
كَمُقَطَّعاتِ الكلامِ، ومُقَطَّعاتُ الشعْرِ ومَقاطِيعُه: ما تَحَلَّل
إِليه وترَكَّبَ عنه من أَجْزائِه التي يسميها عَرُوضِيُّو العرب الأَسْبابَ
والأَوْتادَ.
والقِطاعُ والقَطاعُ: صِرامُ النخْلِ مِثْلُ الصِّرامِ والصَّرامِ.
وقَطَعَ النخلَ يَقْطَعُه قَطْعاً وقِطاعاً وقَطاعاً؛ عن اللحياني: صرَمه.
قال سيبويه: قَطَعْتُه أَوْصَلْتُ إِليه القَطْعَ واستعملته فيه. وأَقْطَعَ
النخلُ إِقْطاعاً إِذا أَصرَمَ وحانَ قِطاعُه. وأَقْطَعْتُه: أَذِنْتُ
له في قِطاعه.
وانْقَطَعَ الشيءُ: ذهَب وقْتُه؛ ومنه قولهم: انْقَطَعَ البَرْدُ
والحرُّ. وانْقَطَع الكلامُ: وَقَفَ فلم يَمْضِ.
وقَطَعَ لسانه: أَسْكَتَه بإِحسانِه إِليه. وانْقَطَعَ لسانه: ذهبت
سَلاطَتُه. وامرأَة قَطِيعُ الكلامِ إِذا لم تكن سَلِيطةً. وفي الحديث لما
أَنشده العباس ابن مِرْداسٍ أَبياته العينية: اقْطَعُوا عني لِسانه أَي
أَعْطُوه وأَرْضُوه حتى يسكت، فكنى باللسانِ عن الكلامِ. ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِني شاعر، فقال: يا بلال، اقْطَعْ لسانه فأَعطاه أَربعين
درهماً. قال الخطابي: يشبه أَن يكون هذا ممن له حق في بيت المال كابن السبيل
وغيره فتعرّض له بالشعر فأَعطاه لحقه أَو لحاجته لا لشعره.
وأَقْطَعَ الرجلُ إِذا انْقَطَعَت حُجَّتُه وبَكَّتُوه بالحق فلم
يُجِبْ، فهو مُقْطِعٌ. وقَطَعَه قَطْعاً أَيضاً: بَكَّتَه، وهو قَطِيعُ القولِ
وأَقْطَعُه، وقد قَطَعَ وقَطِعَ قَطاعةً. واقْطَعَ الشاعِرُ: انْقَطَعَ
شِعْرُه. وأَقْطََعَت الدجاجةُ مثل أَقَفَّت: انْقَطَعَ بيضُها، قال
الفارسيّ: وهذا كما عادلوا بينهما بأَصْفَى. وقُطِعَ به وانْقُطِعَ وأُقْطِعَ
وأَقْطَعَ: ضَعُفَ عن النكاح. وأُقْطِعَ به إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ إِذا
لم يُرِدِ النساءَ ولم يَنْهَض عُجارِمُه. وانْقُطِعَ بالرجل والبعيرِ:
كَلاَّ. وقفطِعَ بفلان، فهو مَقْطُوعٌ به، وانْقُطِعَ به، فهو مُنْقَطَعٌ
به إِذا عجز عن سفره من نَفَقَةٍ ذهبت، أَو قامَت عليه راحِلَتُه، أَو
أَتاه أَمر لا يقدر على أَن يتحرك معه، وقيل: هو إِذا كان مسافراً
فأُبْدِعَ به وعَطِبَت راحلته وذَهَبَ زادُه وماله. وقُطِعَ به إِذا انْقَطَعَ
رَجاؤُهُ. وقُطِعَ به قَطْعاً إِذا قُطِعَ به الطريقُ. وفي الحديث:
فَخَشِينا أَن يُقْتَطَعَ دُونَنا أَي يُؤْخَذَ ويُنْفَرَدَ به. وفي الحديث: ولو
شئنا لاقْتَطَعْناهم. وفي الحديث: كان إِذا أَراد أَن يَقْطَعَ بَعْثاً
أَي يُفْرِدَ قوماً يبعثُهم في الغَزْوِ ويُعَيِّنَهُم من غيرهم. ويقال
للغريب بالبلد: أُقْطِعَ عن أَهله إِقْطاعاً، فهو مُقْطَعٌ عنهم ومُنْقَطِعٌ،
وكذلك الذي يُفْرَضُ لنظرائه ويترك هو. وأَقْطَعْتُ الشيء إِذا
انْقَطَعَ عنك يقال: قد أَقْطَعْتُ الغَيْثَ. وعَوْدٌ مُقْطَعٌ إِذا انْقَطَعَ عن
الضِّراب. والمُقْطَعُ، بفتح الطاءِ: البعير إِذا جَفَرَ عن الصواب؛ قال
النمر بن تَوْلَبٍ يصف امرأَته:
قامَت تَباكَى أَن سَبَأْتُ لِفِتْيةٍ
زِقًّا وخابِيَةً بِعَوْدٍ مُقْطَعِ
وقد أُقْطِعَ إِذا جَفَرَ. وناقةٌ قَطُوعٌ: يَنْقَطِعُ لبنها سريعاً.
والقَطْعُ والقَطِيعةُ: الهِجْرانُ ضِدُّ الوصل، والفعل كالفعل والمصدر
كالمصدر، وهو على المثل. ورجل قَطُوعٌ لإِخْوانه ومِقْطاعٌ: لا يثبت على
مُؤاخاةٍ. وتَقَاطَعَ القومُ: تَصارَمُوا. وتَقَاطَعَتْ أَرْحامُهُمْ:
تَحاصَّتْ. وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعاً وقَطِيعةً وقَطَّعَها: عَقَّها ولم
يَصِلْها، والاسم القَطِيعةُ. ورجل قُطَعَةٌ وقُطَعٌ ومِقْطَعٌ وقَطَّاعٌ:
يَقْطَعُ رَحِمَه. وفي الحديث: من زَوَّجَ كَرِيمَةً من فاسِقٍ فقد قَطَعَ
رَحمها، وذلك أَن الفاسِقَ يطلقها ثم لا يبالي أَن يضاجعها. وفي حديث
صِلَةِ الرَّحِمِ: هذا مقام العائذ بك من القَطِيعَةِ؛ القَطِيعَةُ:
الهِجْرانُ والصَّدُّ، وهيَ فَعِيلَةٌ من القَطْعِ، ويريد به ترك البر والإِحسان
إِلى الأَهل والأَقارب، وهي ضِدّ صِلَة الرَّحمِ. وقوله تعالى: أَن تفسدوا
في الأَرض وتُقَطِّعُوا أَرحامَكم؛ أَي تعُودوا إِلى أَمر الجاهلية
فتفسدوا في الأَرض وتَئِدُوا البناتِ، وقيل: تقطعوا أَرحامكم تقتل قريش بني هاشم
وبنو هاشم قريشاً. ورَحِمٌ قَطعاءُ بيني وبينك إِذا لم توصل. ويقال:
مَدّ فلان إِلى فلان بِثَدْيٍ غير أَقْطَعَ ومَتَّ، بالتاء، أَي تَوَسَّلَ
إِليه بقرابة قريبة؛ وقال:
دَعاني فلم أُورَأْ بِه، فأَجَبْتُه،
فَمَدّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
والأُقْطوعةُ: ما تبعثه المرأَة إِلى صاحبتها علامة للمُصارَمةِ
والهِجْرانِ، وفي التهذيب: تبعث به الجارية إِلى صاحبها؛ وأَنشد:
وقالَتْ لِجارِيَتَيْها: اذْهَبا
إِليه بأُقْطُوعةٍ إِذْ هَجَرْ
والقُطْعُ: البُهْرُ لقَطْعِه الأَنفاسَ. ورجل قَطِيعٌ: مَبْهُورٌ
بَيّنُ القَطاعةِ، وكذلك الأُنثى بغير هاء. ورجل قَطِيعُ القيام إِذا وصف
بالضعف أَو السِّمَنِ. وامرأَة قَطُوعٌ وقَطِيعٌ: فاتِرةُ القِيامِ. وقد
قَطُعَتِ المرأَةُ إِذا صارت قَطِيعاً. والقُطْعُ والقُطُعُ في الفرس وغيره:
البُهْرُ وانْقِطاعُ بعض عُرُوقِه. وأَصابه قُطْعٌ أَو بُهْر: وهو النفَس
العالي من السمن وغيره. وفي حديث ابن عمر: أَنه أَصابه قُطْعٌ أَو بهر
فكان يُطْبَخُ له الثُّومُ في الحَسا فيأْكله؛ قال الكسائي: القُطْعُ
الدَّبَرُ
(* قوله «القطع الدبر» كذا بالأصل. وقوله «لأبي جندب» بهامش الأصل بخط
السيد مرتضى صوابه:
وإني إذا ما الصبح آنست ضوءه * يعاودني قطع علي ثقيل
والبيت لأبي خراش الهذلي). وأَنشد أَبو عبيد لأَبي جندب الهذلي:
وإِنِّي إِذا ما آنسٌ . . .* مُقْبَلاً،
(* كذا بياض بالأصل ولعله:
وإني إذا ما آنس شمت مقبلاً،)
يُعاوِدُني قُطْعٌ جَواه طَوِيلُ
يقول: إِذا رأَيت إِنساناً ذكرته. وقال ابن الأَثير: القُطْعُ انْقِطاعُ
النَّفَسِ وضيقُه. والقُطْعُ: البُهْرُ يأْخذ الفرس وغيره. يقال: قُطِعَ
الرجلُ، فهو مقطوعٌ، ويقال للفرس إِذا انْقَطَعَ عِرْقٌ في بطنه أَو
شَحْمٌ: مقطوعٌ، وقد قُطِعَ.
واقْتَطَعْتُ من الشيء قِطْعةً، يقال: اقتَطَعْتُ قَطِيعاً من غنم فلان.
والقِطْعةُ من الشيء: الطائفةُ منه. واقْتَطَعَ طائفة من الشيء: أَخذها.
والقَطِيعةُ: ما اقْتَطَعْتَه منه. وأَقْطَعَني إِياها: أَذِنَ لي في
اقْتِطاعِها. واسْتَقْطَعَه إِياها: سأَلَه أَن يُقْطِعَه إِياها.
وأَقْطَعْتُه قَطِيعةً أَي طائفة من أَرض الخراج. وأَقْطَعَه نهراً: أَباحَه له.
وفي حديث أَبْيَضَ بن حَمّالٍ: أَنه اسْتَقْطَعَه المِلْحَ الذي بِمَأْرِبَ
فأَقْطَعَه إِياه؛ قال ابن الأَثير: سأَله أَن يجعله له إِقطاعاً
يتملَّكُه ويسْتَبِدُّ به وينفرد، والإِقطاعُ يكون تمليكاً وغير تمليك. يقال:
اسْتَقْطَعَ فلان الإِمامَ قَطيعةً فأَقْطَعَه إِيّاها إِذا سأَلَه أَن
يُقْطِعَها له ويبنيها مِلْكاً له فأَعطاه إِياها، والقَطائِعُ إِنما تجوز
في عَفْوِ البلاد التي لا ملك لأَحد عليها ولا عِمارةَ فيها لأَحد
فيُقْطِعُ الإِمامُ المُسْتَقْطِعَ منها قَدْرَ ما يتهيَّأْ له عِمارَتُه
بإِجراء الماء إِليه، أَو باستخراج عين منه، أَو بتحجر عليه للبناء فيه. قال
الشافعي: ومن الإِقْطاعِ إِقْطاعُ إِرْفاقِ لا تمليكٍ، كالمُقاعَدةِ
بالأسواق التي هي طُرُقُ المسلمين، فمن قعد في موضع منها كان له بقدر ما
يَصْلُحُ له ما كان مقيماً فيه، فإِذا فارقه لم يكن له منع غيره منه كأَبنية
العرب وفساطِيطِهمْ، فإِذا انْتَجَعُوا لم يَمْلِكُوا بها حيث نزلوا، ومنها
إِقْطاعُ السكنى. وفي الحديث عن أُمّ العلاءِ الأَنصارية قالت: لما قَدِمَ
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، المدينةَ أَقْطَع الناسَ الدُّورَ فطار
سَهْمُ عثمانَ ابن مَظْعُونٍ علَيّ؛ ومعناه أَنزلهم في دُورِ الأَنصارِ
يسكنونها معهم ثم يتحوّلون عنها؛ ومنه الحديث: أَنه أَقْطَعَ الزبير نخلاً،
يشبه أَنه إِنما أَعطاه ذلك من الخُمُسِ الذي هو سَهْمُه لأَنَّ النخل
مالٌ ظاهِرُ العين حاضِرُ النفْعِ فلا يجوز إِقْطاعُه، وكان بعضهم يتأَوّل
إِقْطاعَ النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، المهاجرين الدُّورَ على معنى
العارِيّةِ، وأَما إِقْطاعُ المَواتِ فهو تمليك. وفي الحديث في اليمين: أَو
يَقْتَطِعَ بها مالَ امرئٍ مُسْلِمٍ أَي يأْخذه لنفسه متملكاً، وهو
يَفْتَعِلُ من القَطْعِ. ورجل مُقْطَعٌ: لا دِيوانَ له. وفي الحديث: كانوا أَهلَ
دِيوانٍ أَو مُقْطَعِينَ، بفتح الطاء، ويروى مُقْتَطِعينَ لأَن الجند لا
يَخْلُونَ من هذين الوجهين.
وقَطَعَ الرجلُ بحبل يَقْطَعُ قَطْعاً: اخْتَنَقَ به. وفي التنزيل:
فَلْيَمْدُدْ بسبب إِلى السماء ثم ليَقْطَعْ فلينظر؛ قالوا: لِيَقْطَعْ أَي
لِيَخْتَنِقْ لأَن المُخْتَنِقَ يَمُدّ السبب إِلى السقف ثم يَقْطَعُ نفسَه
من الأَرض حتى يختنق، قال الأَزهري: وهذا يحتاج إِلى شرح يزيد في إِيضاحه،
والمعنى، والله أَعلم، من كان يظن أَن لن ينصر الله محمداً حتى يظهره على
الدين كله فليمت غيظاً، وهو تفسير قوله فليمدد بسَبَبٍ إِلى السماء،
والسببُ الحبل يشدّه المختنق إِلى سَقْفِ بيته، وسماءُ كل شيء سقفه، ثم ليقطع
أَي ليمد الحبل مشدُوداً في عنقه مدّاً شديداً يُوَتِّرُه حتى ينقطع فيموت
مختنقاً؛ وقال الفراء: أَراد ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنق به، فذلك
قوله ثم ليقطع اختناقاً. وفي قراءة عبد الله: ثم ليقطعه، يعني السبب وهو
الحبل، وقيل: معناه ليمد الحبل المشدود في عنقه حتى ينقطعَ نفَسُه
فيموتَ.وثوبٌ يَقْطَعُكَ ويُقْطِعُكَ ويُقَطِّعُ لك تَقْطِيعاً: يَصْلُح عليك
قميصاً ونحوَه. وقال الأَزهري: إِذا صلح أَن يُقْطَعَ قميصاً، قال
الأَصمعي: لا أَعرف هذا ثوب يَقْطَعُ ولا يُقَطِّعُ ولا يُقَطِّعُني ولا
يَقْطَعُني، هذا كله من كلام المولّدين؛ قال أَبو حاتم: وقد حكاه أَبو عبيدة عن
العرب.
والقُطْعُ: وجَعٌ في البطن ومَغَسٌ. والتقطِيعُ مَغَسٌ يجده الإِنسان في
بطنه وأَمْعائِه. يقال: قُطِّعَ فلان في بطنه تَقْطِيعاً.
والقَطِيعُ: الطائفة من الغنم والنعم ونحوه، والغالب عليه أَنه من عشر
إِلى أَربعين، وقيل: ما بين خمس عشرة إِلى خمس وعشرين، والجمع أَقْطاعٌ
وأَقْطِعةٌ وقُطْعانٌ وقِطاعٌ وأَقاطِيعُ؛قال سيبويه: وهو مما جمع على غير
بناء واحده، ونظيره عندهم حديثٌ وأَحاديثُ. والقِطْعةُ: كالقَطِيع.
والقَطِيعُ: السوط يُقْطَعُ من جلد سير ويعمل منه، وقيل: هو مشتق من القَطِيعِ
الذي هو المَقْطُوعُ من الشجر، وقيل: هو المُنْقَطِعُ الطرَف، وعَمَّ أَبو
عبيد بالقَطِيعِ، وحكى الفارسي: قَطَعْتُه بالقَطِيع أَي ضربته به كما
قالوا سُطْتُه بالسوط؛ قال الأَعشى:
تَرى عَينَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُوقِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المُحَرَّما
قال ابن بري: السوط المُحَرَّمُ الذي لم يُليَّن بَعْد. الليث:
القَطِيعُ السوط المُنْقَطِعُ. قال الأَزهري: سمي السوط قَطِيعاً لأَنهم يأْخذون
القِدّ المُحَرَّمَ فيَقْطَعونه أَربعة سُيُور، ثم يَفْتِلونه ويَلْوُونه
ويتركونه حتى يَيْبَسَ فيقومَ قِياماً كأَنه عَصاً، سمي قَطِيعاً لأَنه
يُقْطَعُ أَربع طاقات ثم يُلْوى.
والقُطَّعُ والقُطَّاعُ: اللُّصوص يَقْطَعون الأَرض. وقُطَّاعُ الطريق:
الذين يُعارِضون أَبناءَ السبيل فيَقْطَعون بهم السبيلَ.
ورجل مُقَطَّعٌ: مُجَرَّبٌ. وإِنه لحسَنُ التقْطِيع أَي القَدِّ. وشيء
حسن التقْطِيعِ إِذا كان حسن القَدِّ. ويقال: فلان قَطِيعُ فلان أَي
شَبيهُه في قَدِّه وخَلْقِه، وجمعه أَقْطِعاءُ.
ومَقْطَعُ الحقِّ: ما يُقْطَعُ به الباطل، وهو أَيضاً موضع التِقاءِ
الحُكْمِ، وقيل: هو حيث يُفْصَلُ بين الخُصومِ بنص الحكم؛ قال زهير:
وإِنَّ الحَقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ:
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
ويقال: الصوْمُ مَقْطَعةٌ للنكاح.
والقِطْعُ والقِطْعةُ والقَطِيعُ والقِطَعُ والقِطاعُ: طائفة من الليل
تكون من أَوّله إِلى ثلثه، وقيل للفزاريِّ: ما القِطْعُ من الليل؟ فقال:
حُزْمةٌ تَهُورُها أَي قِطْعةٌ تَحْزُرُها ولا تَدْرِي كمْ هِيَ.
والقِطْعُ: ظلمة آخر الليل؛ ومنه قوله تعالى: فأَسْرِ بأَهلك بقِطْعٍ من الليل؛
قال الأَخفش: بسواد من الليل؛ قال الشاعر:
افْتَحي الباب، فانْظُري في النُّجومِ،
كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
وفي التنزيل: قِطَعاً من الليل مظلماً، وقرئ: قِطْعاً، والقِطْعُ: اسم
ما قُطِعَ. يقال: قَطَعْتُ الشيءَ قَطْعاً، واسم ما قُطِعَ فسقط قِطْعٌ.
قال ثعلب: من قرأَ قِطْعاً، جعل المظلم من نعته، ومن قرأَ قِطَعاً جعل
المظلم قِطَعاً من الليل، وهو الذي يقول له البصريون الحال. وفي الحديث:
إِنَّ بين يَدَيِ الساعة فِتَناً كقِطْعِ الليل المُظْلِمِ؛ قِطْعُ الليلِ
طلئفةٌ منه وقِطْعةٌ، وجمع القِطْعةِ قِطَعٌ، أَراد فتنة مظلمة سوْداءَ
تعظيماً لشأْنها.
والمُقَطَّعاتُ من الثيابِ: شِبْه الجِبابِ ونحوها من الخَزِّ وغيره. وفي
التنزيل: قُطِّعَتْ لهم ثيابٌ من نار؛ أَي خِيطَتْ وسُوِّيَتْ وجُعِلَتْ
لبَوساً لهم. وفي حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة قال: نخل الجنة سَعَفُها
كِسْوةٌ لأَهل الجنة منها مُقَطَّعاتُهم وحُلَلُهم؛ قال ابن الأَثير: لم
يكن يَصِفُها بالقِصَر لأَنه عيب. وقال ابن الأَعرابي: لا يقال للثياب
القِصار مُقَطَّعاتٌ، قال شمر: ومما يقوِّي قوله حديث ابن عباس في وصف
سَعَفِ الجنة لأَنه لا يصف ثياب أَهل الجنة بالقَصَرِ لأَنه عيب، وقيل:
المقطَّعات لا واحد لها فلا يقال لجملة للجُبّةِ القصيرة مُقَطَّعةٌ، ولا
للقَمِيصِ مُقَطَّعٌ، وإِنما يقال الثياب القصار مُقَطَّعات، وللواحد ثوب. وفي
الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه مُقَطَّعاتٌ
له؛ قال ابن الأَثير: أَي ثياب قصار لأَنها قُطِعَتْ عن بلوغ التمام،
وقيل: المُقَطَّع من الثياب كلُّ ما يُفَصَّلُ ويُخاطُ من قميصٍ وجِبابٍ
وسَراوِيلاتٍ وغيرها، وما لا يقطع منها كالأَردية والأُزُر والمَطارِفِ
والرِّياطِ التي لم تقطع، وإِنما يُتَعَطَّفُ بها مرَّة ويُتَلَفَّعُ بها
أُخرى؛ وأَنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشيّاً:
كأَنَّ نِصْعاً فَوْقَه مُقَطَّعا،
مُخالِطَ التَّقْلِيصِ، إِذْ تَدَرَّعا
(* وقوله« كأن إلخ» سيأتي في نصع: تخال بدل كأن.)
قال ابن الأَعرابي: يقول كأَنَّ عليه نِصْعاً مُقَلَّصاً عنه، يقول:
تخال أَنه أُلْبِسَ ثوباً أَبيض مقلصاً عنه لم يبلغ كُراعَه لأَنها سُود لست
على لونه؛ وقول الراعي:
فَقُودُوا الجِيادَ المُسْنِفاتِ، وأَحْقِبوا
على الأَرْحَبِيّاتِ الحَديدَ المُقَطَّعا
يعني الدروع. والحديدُ المُقَطَّعُ: هو المتخذ سلاحاً. يقال: قطعنا
الحديد أَي صنعناه دُروعاً وغيره من السِّلاح. وقال أَبو عمرو: مُقَطَّعاتُ
الثياب والشِّعرْ قِصارُها. والمقطَّعات: الثياب القصار، والأَبياتُ
القِصارُ، وكل قصيرٍ مُقَطَّعٌ ومُتَقَطِّعٌ؛ ومنه حديث ابن عباس:وقتُ صلاةِ
الضُّحى إِذا تقَطَّعتِ الظِّلالُ، يعين قَصُرَتْ لأَنها تكون ممتدة في
أَول النهار، فكلما ارتفعت الشمسُ تَقَطَّعَتِ الظِّلالُ وقصرت، وسميت
الأَراجيز مُقَطِّعاتِ لقصرها، ويروى أَن جرير بن الخَطَفى كان بينه وبين رؤبة
اختلاف في شيء فقال: أَما والله لئن سَهِرْتُ له ليلة لأَدَعَنَّه
وقلَّما تغني عنه مقطَّعاته، يعني أَبيات الرجز. ويقال للرجُل القصير: إِنه
لَمُقَطَّعٌ مُجَذَّرٌ.
والمِقْطَعُ: مثالٌ يُقْطَعُ عليه الأَديم والثوب وغيره. والقاطِعُ:
كالمِقْطَعِ اسم كالكاهل والغارِبِ. وقال أَبو الهيثم: إِنما هو القِطاعُ لا
القاطِعُ، قال: وهو مثل لِحافٍ ومِلْحَفٍ وقِرامٍ ومِقْرَمٍ وسِرادٍ
ومِسْرَدٍ.
والقِطْعُ: ضرب من الثياب المُوَشَّاةِ، والجمع قُطوعٌ. والمُقَطَّعاتُ:
بُرود عليها وشْيٌ مُقَطَّعٌ. والقِطْعُ: النُّمْرُقةُ أَيضاً.
والقِطْعُ: الطِّنْفِسةُ تكون تحت الرَّحْلِ على كَتِفَيِ البعير، والجمع كالجمع؛
قال الأَعشى:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفَحُ في بُراها،
تَكَشَّفُ عن مَناكِبها القُطوعُ
قال ابن بري: الشعر لعبد الرحمن بن الحكم بن أَبي العاص يمدح معاوية
ويقال لِزيادٍ الأَعْجَمِ؛ وبعده:
بأَبيَضَ مِنْ أُمَيَّةَ مَضْرَحِيٍّ،
كأَنَّ جَبِينَه سَيْفٌ صَنِيعُ
وفي حديث ابن الزبير والجِنِّيِّ: فجاء وهو على القِطع فنَفَضَه،
وفُسِّرَ القِطْعُ بالطِّنْفِسةِ تحت الرَّحْلِ على كتفي البعير.
وقاطَعَه على كذا وكذا من الأَجْرِ والعَمَلِ ونحوه مُقاطعةً.
قال الليث: ومُقَطَّعةُ الشعَر هناتٌ صِغار مثل شعَرِ الأَرانِبِ؛ قال
الأَزهري: هذا ليس بشيء وأُراه إِنما أَراد ما يقال للأَرْنَبِ السريعة؛
ويقال للأَرنب السريعة: مُقَطِّعةُ الأَسْحارِ ومقطِّعةُ النِّياطِ
ومقطِّعةُ السحورِ كأَنها تَقْطَعُ عِرْقاً في بطن طالبها من شدّةِ العَدْوِ،
أَو رِئاتِ من يَعْدُو على أَثرها ليصيدها، وهذا كقولهم فيها مُحَشِّئةُ
الكِلاب، ومن قال النِّياطُ بُعْدُ المَفازةِ فهي تَقْطَعُه أَيضاً أَي
تُجاوِزُه؛ قال يصف الأَرنب:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ خَيْري،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ النِّياطِ
وقال الشاعر:
مَرَطى مُقَطِّمةٍ سُحُورَ بُغاتِها
مِنْ سُوسِها التَّوْتِيرُ، مهما تُطْلَبِ
ويقال لها أَيضاً: مُقَطِّعةُ القلوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كأَنِّي، إِذْ مَنَنْتُ عليكَ فَضْلي،
مَنَنْتُ على مُقَطِّعةِ القُلُوبِ
أُرَيْنِبِ خُلّةٍ، باتَتْ تَغَشَّى
أَبارِقَ، كلُّها وَخِمٌ جَدِيب
ويقال: هذا فرس يُقَطِّعُ الجَرْيَ أَي يجري ضُرُوباً من الجَرْيِ
لِمَرحِه ونشاطِه. وقَطَّعَ الجَوادُ الخيلَ تَقْطِيعاً: خَلَّفَها ومضى؛ قال
أَبو الخَشْناءِ، ونسبه الأَزهري إِلى الجعدي:
يُقَطِّعُهُنَّ بِتَقْرِيبه،
ويَأْوي إِلى حُضُرٍ مُلْهِبِ
ويقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ أَي سِراعاً بعضها في إِثر بعض. وفلان
مُنْقَطِعُ القَرِينِ في الكرم والسّخاء إِذا لم يكن له مِثْلٌ، وكذلك
مُنْقَطِعُ العِقالِ في الشرّ والخُبْثِ؛ قال الشماخ:
رأَيْتُ عَرابَةَ الأَوْسِيَّ يَسْمُو
إِلى الخَيْراتِ، مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أَبو عبيدة في الشِّياتِ: ومن الغُرَرِ المُتَقَطِّعةُ وهي التي
ارْتَفَعَ بياضُها من المَنْخَرَيْنِ حتى تبلغ الغُرَّةُ عينيه دون جَبْهته. وقال
غيره: المُقَطَّعُ من الحَلْي هو الشيء اليسيرُ منه القليلُ،
والمُقَطَّعُ من الذَّهَبِ اليسِيرِ كالحَلْقةِ والقُرْطِ والشَّنْفِ والشَّذْرةِ
وما أَشبهها؛ ومنه الحديث: أَنه نَهى عن لُبْسِ الذهب إِلا مُقَطَّعاً؛
أَراد الشيء اليسير وكره الكثير الذي هو عادة أَهل السَّرَفِ والخُيَلاء
والكِبْر، واليسيرُ هو ما لا تجب فيه الزكاة؛ قال ابن الأَثير: ويشبه أَن
يكون إِنما كره استعمال الكثير منه لأَن صاحبه ربما بَخِلَ بإِخراج زكاته
فيأْثم بذلك عند منْ أَوْجَب فيه الزكاةَ. وقَطَّعَ عليه العذابَ:
لوَّنَه وجَزَّأَه ولَوَّنَ عليه ضُرُوباً من العذاب. والمُقَطَّعاتُ:
الدِّيارُ. والقَطِيعُ: شبيه بالنظير. وأَرض قَطِيعةٌ: لا يُدْرى أَخُضْرَتُها
أَكثر أَم بياضُها الذي لا نبات به، وقيل: التي بها نِقاطٌ من الكَلإِ.
والقُطْعةُ: قِطْعةٌ من الأَرض إِذا كانت مَفْروزةً، وحكي عن أَعرابي
أَنه قال: ورثت من أَبي قُطْعةً. قال ابن السكيت: ما كان من شيء قُطِعَ من
شيء، فإِن كان المقطوعُ قد يَبْقى منه الشيء ويُقْطَعُ قلت: أَعطِني
قِطْعةً، ومثله الخِرْقةُ، وإِذا أَردت أَن تجمع الشيء بأَسره حتى تسمي به
قلت: أَعْطِني قُطْعةً، وأَما المرة من الفِعْل فبالفتح قَطَعْتُ قَطْعةً،
وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول غَلَبَني فلان على قُطْعةٍ من الأَرض،
يريد أَرضاً مَفْروزةً مثل القِطْعةِ، فإِن أَردت بها قِطْعةً من شيء
قُطِعَ منه قلت قِطْعةٍ. وكل شيء يُقْطَعُ منه، فهو مَقْطَع. والمَقْطَعُ:
موضع القَطْعِ. والمَقْطعُ: مصدر كالقَطْعِ. وقَطَّعْتُ الخمر بالماء إِذا
مَزَجْتَه، وقد تَقَطَّعَ فيه الماءُ؛ وقال ذو الرمة:
يُقَطِّعُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ ابْتِسامُها،
تَقَطُّعَ ماءِ المُزْنِ في نُزَفِ الخَمْر
موضوعُ الحديثِ: مَحْفُوظُه وهو أَن تخْلِطَه بالابْتِسام كما يُخْلَطُ
الماءُ بالخَمْرِ إِذا مُزِجَ. وأَقْقَعَ القومُ
(* قوله« القوم» بهامش
الأصل صوابه: القرم.) إِذا انْقَطَعَتْ مِياهُ السماء فرجَعوا إِلى أَعدادِ
المياهِ؛ قال أَبو وَجْزةَ:
تَزُورُ بيَ القومَ الحَوارِيّ، إِنهم
مَناهلُ أَعدادٌ، إِذا الناسُ أَقْطَعوا
وفي الحديث: كانت يهودُ قوماً لهم ثِمارٌ لا تُصِيبها قُطْعةٌ أَي عَطَشٌ
بانْقِطاعِ الماءِ عنها. ويقال: أَصابت الناسَ قُطْعةٌ أَي ذَهَبَتْ
مِياهُ رَكاياهُم. ويقال للقوم إِذا جَفَّتْ مِياهُهم قُطْعةٌ مُنْكَرةٌ.
وقد قَطَعَ ماءُ قَلِيبِكُم إِذا ذهَب أَو قلّ ماؤه. وقَطَعَ الماءُ
قُطُوعاً وأَقْطَعَ؛ عن ابن الأَعرابي: قلَّ وذهب فانْقَطَعَ، والاسم
القُطْعةُ. يقال: أَصابَ الناسَ قُطْعٌ وقُطْعةٌ إِذا انْقَطَعَ ماءُ بئرهم في
القيظ. وبئر مِقْطاعٌ: يَنْقَطِعُ ماؤها سريعاً. ويقال: قَطَعْتُ الحوْضَ
قَطْعاً إِذا مَلأْتَه إِلى نصْفِه أَو ثُلثه ثم قَطَعْتُ الماء؛ ومنه قول
ابن مقبل يذكر الإِبل:
قَطَعْنا لَهُنَّ الحوْضَ فابْتَلَّ شَطْرُه
بِشِرْبٍ غشاشٍ، وهْوَ ظَمْآنُ سائِرُهْ
أَي باقِيه. وأَقْطَعَت السماء بموضع كذا إِذا انْقَطعَ المطر هناك
وأَقْلَعَتْ. يقال: مَطَرَتِ السماءُ ببلد كذا وأَقْطَعَتْ ببلد كذا.
وقَطَعَتِ الطَّيْرُ قَطاعاً وقِطاعاً وقُطوعاً واقْطوطعَت: انْحَدَرَت من بلاد
البرد إِلى بلاد الحر. والطير تَقْطَعُ قُطُوعاً إِذا جاءت من بلد إِلى بلد
في وقت حر أَو برد،وهي قَواطِعُ. ابن السكيت: كان ذلك عند قَطاعِ الطير
وقَطاعِ الماءِ، وبعضهم يقول قُطُوعِ الطير وقُطوعِ الماء، وقَطاعُ الطير:
أَن يجيء من بلد إِلى بلد، وقَطاعُ الماء: أَن َينْقَطِعَ. أَبو زيد:
قطَعَتِ الغِرْبانُ إِلينا في الشتاء قُطُوعاً ورجعت في الصيف رُجُوعاً،
والطير التي تقيم ببلد شِتاءَها وصَيْفها هي الأَوابدُ، ويقال: جاءَت الطير
مُقْطَوْطِعاتٍ وقَواطِعَ بمعنى واحد. والقُطَيْعاءُ، ممدود مثال
الغُبَيْراءِ: التمر الشِّهْرِيزُ، وقال كراع: هو صِنْفٌ من التمر فلم يُحَلِّه؛
قال:
باتُوا يُعَشُّونَ القُطَيْعاءَ جارَهُمْ،
وعِنْدَهُمُ البَرْنيُّ في جُلَلٍ دُسْمِ
وفي حديث وفد عبد القيس: تَقْذِفُونَ فيه من القُطَيْعاءِ، قال: هو نوع
من التمر، وقيل: هو البُسْرُ قبل أَن يُدْرِكَ. ويقال: لأَقْطَعَنَّ
عُنُقَ دابتي أَي لأَبيعنها؛ وأَنشد لأَعرابي تزوج امرأَة وساق إِليها
مَهْرَها إِبلاً:
أَقُولُ، والعَيْساءُ تَمْشي والفُصُلْ
في جِلّةٍ منها عَرامِيسٌ عُطُلْ:
قَطَّعَتِ الأَحْراجُ أَعناقَ الإِبلْ
ابن الأَعرابي: الأَقْطَعُ الأَصم؛ قال وأَنشدني أَبو المكارم:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حين أَرْجُو رِفْدَه
عُمُراً، لأَقْطَعُ سَيِّءُ الإِصْرانِ
قال: الإِصْرانُ جمع إِصْرٍ وهو الخِنَّابةُ، وهو شَمُّ الأَنْفِ.
والخِنَّابَتانِ: مَجْرَيا النفَسِ من المَنْخَرَيْنِ. والقُطْعَةُ في طَيِّءٍ
كالعَنْعَنة في تَميمٍ، وهو أَن يقول: يا أَبا الحَكا، يريد يا أَبا
الحَكَمِ، فيَقْطَعُ كلامه. ولبن قاطِعٌ أَي حامِضٌ.
وبنو قُطَيْعةَ: قبيلة حيٌّ من العرب، والنسبة إِليهم قُطَعِيٌّ. وبنو
قُطْعةَ: بطن أَيضاً. قال الأَزهري: في آخر هذه الترجمة: كلّ ما مر في هذا
الباب من هذه الأَلفاظ فالأَصل واحد والمعاني مُتَقارِبةٌ وإِن اختلفت
الأَلفاظ، وكلام العرب يأْخذ بعضه برقاب بعض، وهذا دليل على أَنه أَوسع
الأَلسنة.