من (ح د د) مؤنث الــحَدِيدي نسبة إلى الحَدِيد بمعنى عنصر فلزي يجذبه المغناطيس.
من (ح د د) مؤنث الــحَدِيدي نسبة إلى الحَدِيد بمعنى عنصر فلزي يجذبه المغناطيس.
حدد: الحَدُّ: الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا
يتعدى أَحدهما على الآخر، وجمعه حُدود. وفصل ما بين كل شيئين: حَدٌّ
بينهما. ومنتهى كل شيء: حَدُّه؛ ومنه: أَحد حُدود الأَرضين وحُدود الحرم؛ وفي
الحديث في صفة القرآن: لكل حرف حَدّ ولكل حَدّ مطلع؛ قيل: أَراد لكل منتهى
نهاية. ومنتهى كل شيءٍ: حَدّه.
وفلان حديدُ فلان إِذا كان داره إِلى جانب داره أَو أَرضه إِلى جنب
أَرضه. وداري حَديدَةُ دارك ومُحادَّتُها إِذا كان حدُّها كحدها. وحَدَدْت
الدار أَحُدُّها حدّاً والتحديد مثله؛ وحدَّ الشيءَ من غيره يَحُدُّه حدّاً
وحدَّدَه: ميزه. وحَدُّ كل شيءٍ: منتهاه لأَنه يردّه ويمنعه عن التمادي،
والجمع كالجمع. وحَدُّ السارق وغيره: ما يمنعه عن المعاودة ويمنع أَيضاً
غيره عن إِتيان الجنايات، وجمعه حُدُود. وحَدَدْت الرجل: أَقمت عليه
الحدّ.
والمُحادَّة: المخالفة ومنعُ ما يجب عليك، وكذلك التَّحادُّ؛ وفي حديث
عبدالله بن سلام: إِن قوماً حادّونا لما صدقنا الله ورسوله؛ المُحادَّة:
المعاداة والمخالفة والمنازعة، وهو مُفاعلة من الحدّ كأَنّ كل واحد منهما
يجاوز حدّه إِلى الآخر.
وحُدُود الله تعالى: الأَشياء التي بيَّن تحريمها وتحليلها، وأَمر أَن
لا يُتعدى شيء منها فيتجاوز إِلى غير ما أَمر فيها أَو نهى عنه منها، ومنع
من مخالفتها، واحِدُها حَدّ؛ وحَدَّ القاذفَ ونحوَه يَحُدُّه حدّاً:
أَقام عليه ذلك. الأَزهري: والحدّ حدّ الزاني وحدّ القاذف ونحوه مما يقام
على من أَتى الزنا أَو القذف أَو تعاطى السرقة. قال الأَزهري: فَحُدود
الله، عز وجل، ضربان: ضرب منها حُدود حَدَّها للناس في مطاعمهم ومشاربهم
ومناكحهم وغيرها مما أَحل وحرم وأَمر بالانتهاء عما نهى عنه منها ونهى عن
تعدّيها، والضرب الثاني عقوبات جعلت لمن ركب ما نهى عنه كحد السارق وهو قطع
يمينه في ربع ديناءِ فصاعداً، وكحد الزاني البكر وهو جلد مائة وتغريب
عام، وكحدّ المحصن إِذا زنى وهو الرجم، وكحد القاذف وهو ثمانون جلدة، سميت
حدوداً لأَنها تَحُدّ أَي تمنع من إِتيان ما جعلت عقوبات فيها، وسميت
الأُولى حدوداً لأَنها نهايات نهى الله عن تعدّيها؛ قال ابن الأَثير: وفي
الحديث ذكر الحَدِّ والحدُود في غير موضع وهي محارم الله وعقوباته التي
قرنها بالذنوب، وأَصل الحَدِّ المنع والفصل بين الشيئين، فكأَنَّ حُدودَ
الشرع فَصَلَت بين الحلال والحرام فمنها ما لا يقرب كالفواحش المحرمة، ومنه
قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها؛ ومنه ما لا يتعدى كالمواريث
المعينة وتزويج الأَربع، ومنه قوله تعالى: تلك حدود الله فلا تعتدوها؛ ومنها
الحديث: إِني أَصبحت حدّاً فأَقمه عليّ أَي أَصبت ذنباً أَوجب عليّ حدّاً
أَي عقوبة. وفي حديث أَبي العالية: إِن اللَّمَمَ ما بين الحَدَّيْن
حَدِّ الدنيا وحَدِّ الآخرة؛ يريد بِحِدِّ الدنيا ما تجب فيه الحُدود
المكتوبة كالسرقة والزنا والقذف، ويريد بِحَدِّ الآخرة ما أَوعد الله تعالى عليه
العذاب كالقتل وعقوق الوالدين وأَكل الربا، فأَراد أَن اللمم من الذنوب
ما كان بين هذين مما لم يُوجِبْ عليه حدّاً في الدنيا ولا تعذيباً في
الآخرة.
وما لي عن هذا الأَمر حَدَدٌ أَي بُدٌّ.
والحديد: هذا الجوهر المعروف لأَنه منيع، القطعة منه حديدة، والجمع
حدائد، وحَدائدات جمع الجمع؛ قال الأَحمر في نعت الخيل:
وهن يَعْلُكْن حَدائِداتها
ويقال: ضربه بحديدة في يده.
والحدّاد: معالج الحديد؛ وقوله:
إِنِّي وإِيَّاكمُ، حتى نُبِيءَ بهِ
مِنْكُمُ ثمانَيةً، في ثَوْبِ حَدَّادِ
أَي نغزوكم في ثياب الحَديد أَي في الدروع؛ فإِما أَن يكون جعل الحدّاد
هنا صانع الحديد لأَن الزرّاد حَدّادٌ، وإِما أَن يكون كَنَى بالحَدَّادِ
عن الجوهر الذي هو الحديد من حيث كان صانعاً له.
والاسِتحْداد: الاحتلاق بالحديد.
وحَدُّ السكين وغيرها: معروف، وجمعه حُدودٌ. وحَدَّ السيفَ والسِّكِّينَ
وكلَّ كليلٍ يَحُدُّها حدّاً وأَحَدَّها إِحْداداً وحَدَّدها: شَحَذَها
ومَسَحها بحجر أَو مِبْرَدٍ، وحَدَّده فهو مُحدَّد، مثله؛ قال اللحياني:
الكلام أَحدَّها، بالأَلف، وقد حَدَّثْ تَحِدُّ حِدَّةً واحتَدَّتْ.
وسكين حديدة وحُدادٌ وحَديدٌ، بغير هاء، من سكاكين حَديداتٍ وحَدائدَ
وحِدادٍ؛ وقوله:
يا لَكَ من تَمْرٍ ومن شِيشاءِ،
يَنْشَبُ في المَسْعَلِ واللَّهاءِ،
أَنْشَبَ من مآشِرٍ حِداءِ
فإِنه أَراد حِداد فأَبدل الحرف الثاني وبينهما الأَلف حاجزة، ولم يكن
ذلك واجباً، وإِنما غير استحساناً فساغ ذلك فيه؛ وإِنها لَبَيِّنَةُ
الحَدِّ.
وحَدَّ نابُهُ يَحِدُّ حِدَّة ونابٌ حديدٌ وحديدةٌ كما تقدّم في السكين
ولم يسمع فيها حُدادٌ. وحَدّ السيفُ يَحِدُّ حِدَّة واحتدّ، فهو حادّ
حديدٌ، وأَحددته، وسيوفٌ حِدادٌ وأَلْسِنَةٌ حِدادٌ، وحكى أَبو عمرو: سيفٌ
حُدّادٌ، بالضم والتشديد، مثل أَمر كُبَّار.
وتحديدُ الشَّفْرة وإِحْدادُها واسِتحْدادُها بمعنى.
ورجل حَديدٌ وحُدادٌ من قوم أَحِدَّاءَ وَأَحِدَّةٍ وحِدادٍ: يكون في
اللَّسَنِ والفَهم والغضب، والفعل من ذلك كله حَدَّ يَحِدُّ حِدّةً، وإِنه
لَبَيِّنُ الحَدِّ أَيضاً كالسكين. وحَدَّ عليه يَحدُّ حَدَداً،
واحْتَدَّ فهو مُحْتَدٌّ واستَحَدَّ: غَضِبَ. وحاددته أَي عاصيته. وحادَّه: غاصبه
مثل شاقَّه، وكأَن اشتقاقه من الحدِّ الذي هو الحَيّزُ والناحية كأَنه
صار في الحدّ الذي فيه عدوّه، كما أَن قولهم شاقَّه صار في الشّق الذي فيه
عدوّه. وفي التهذيب: استحَدَّ الرجلُ واحْتَدَّ حِدَّةً، فهو حديد؛ قال
الأَزهري: والمسموع في حِدَّةِ الرَّجلِ وطَيْشِهِ احْتَدَّ؛ قال: ولم
أَسمع فيه استَحَدَّ إِنما يقال استحدّ واستعان إِذا حلق عانته. قال
الجوهري: والحِدَّةُ ما يعتري الإِنسان من النَّزقِ والغضب؛ تقول: حَدَدْتُ على
الرجل أَحِدُّ حِدَّةً وحَدّاً؛ عن الكسائي: يقال في فلان حِدَّةٌ؛ وفي
الحديث: الحِدَّةُ تعتري خيار أُمتي؛ الحِدَّةُ كالنشاط والسُّرعة في
الأُمور والمَضاءة فيها مأْخوذ من حَدِّ السيف، والمراد بالحِدَّةِ ههنا
المَضاءُ في الدين والصَّلابة والمَقْصِدُ إِلى الخير؛ ومنه حديث عمر: كنت
أُداري من أَبي بكر بعضَ الحَدِّ؛ الحَدُّ والحِدَّةُ سواء من الغضب ،
وبعضهم يرويه بالجيم، من الجِدِّ ضِدِّ الهزل، ويجوز أَن يكون بالفتح من
الحظ. والاستحدادُ: حلقُ شعر العانة. وفي حديث خُبيبٍ: أَنه استعار موسى
استحدّ بها لأَنه كان أَسيراً عندهم وأَرادوا قتله فاستَحَدَّ لئلا يظهر شعر
عانته عند قتله. وفي الحديث الذي جاء في عَشْرٍ من السُّنَّةِ:
الاستحدادُ من العشر، وهو حلق العانة بالحديد؛ ومنه الحديث حين قدم من سفر فأَراد
الناس أَن يطرقوا النساء ليلاً فقال: أَمْهِلوا كي تَمْتَشِذَ
الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ أَي تحلق عانتها؛ قال أَبو عبيد: وهو
استفعال من الحديدة يعني الاستحلاف بها، استعمله على طريق الكناية والتورية.
الأَصمعي: استحدَّ الرجلُ إِذا أَحَدَّ شَفْرته بحديدة وغيرها.
ورائحة حادَّةٌ: ذَكِيَّةً، على المثل. وناقة حديدةُ الجِرَّةِ: توجد
لِجِرَّتها ريح حادّة، وذلك مما يُحْمَدُ. وَحَدُّ كل شيء: طَرَفُ
شَبَاتِهِ كَحَدِّ السكين والسيف والسّنان والسهم؛ وقيل: الحَدُّ من كل ذلك ما رق
من شَفْرَتِهِ، والجمع حُدُودٌ. وحَدُّ الخمر والشراب: صَلابَتُها؛ قال
الأَعشى:
وكأْسٍ كعين الديك باكَرْت حَدَّها
بِفتْيانِ صِدْقٍ، والنواقيسُ تُضْرَبُ
وحَدُّ الرجُل: بأْسُه ونفاذُهُ في نَجْدَتِهِ؛ يقال: إِنه لذو حَدٍّ؛
وقال العجاج:
أَم كيف حدّ مطر الفطيم
وحَدَّ بَصَرَه إِليه يَحُدُّه وأَحَدَّه؛ الأُولى عن اللحياني: كلاهما
حَدَّقَهُ إِليه ورماه به.
ورجل حديد الناظر، على المثل: لا يهتم بريبة فيكون عليه غَضاضَةٌ فيها،
فيكون كما قال تعالى: ينظرون من طرف خفيّ؛ وكما قال جرير:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنك من نُمَيْرٍ
قال ابن سيده: هذا قول الفارسي.
وحَدَّدَ الزرعُ: تأَخر خروجه لتأَخر المطر ثم خرج ولم يَشْعَبْ.
والحَدُّ: المَنْعُ. وحدَّ الرجلَ عن الأَمر يَحُدُّه حَدّاً: منعه
وحبسه؛ تقول: حَدَدْتُ فلاناً عن الشر أَي منعته؛ ومنه قول النابغة:
إِلاَّ سُلَيْمانَ إِذْ قال الإِلهُ لَهُ:
قُمْ في البرية فاحْدُدْها عن الفَنَدِ
والْحَدَّادُ: البَوَّابُ والسَّجَّانُ لأَنهما يمنعان من فيه أَن يخرج؛
قال الشاعر:
يقول ليَ الحَدَّادُ، وهو يقودني
إِلى السجن: لا تَفْزَعْ، فما بك من باس
قال ابن سيده: كذا الرواية بغير همز باس على أَن بعده:
ويترك عُذْري وهو أَضحى من الشمس
وكان الحكم على هذا أَن يهمز بأْساً لكنه خفف تخفيفاً في قوّة فما بك من
بأْس، ولو قلبه قلباً حتى يكون كرجل ماش لم يجز مع قوله وهو أَضحى من
الشمس، لأَنه كان يكون أَحد البيتين بردف، وهو أَلف باس، والثاني بغير ردف،
وهذا غير معروف؛ ويقال للسجان: حَدَّادٌ لأَنه يمنع من الخروج أَو لأَنه
يعالج الحديد من القيود. وفي حديث أَبي جهل لما قال في خزَنة النار وهم
تسعة عشر ما قال، قال له الصحابة: تقيس الملايكة بالْحَدَّادين؛ يعني
السجانين لأَنهم يمنعون المُحْبَسينَ من الخروج، ويجوز أَن يكون أَراد به
صُنَّاع الحديد لأَنهم من أَوسخ الصُّنَّاع ثوباً وبدناً؛ وأَما قول
الأَعشى يصف الخمر والخَمَّار:
فَقُمْنَا، ولمَّا يَصِحْ ديكُنا،
إِلى جُونَةٍ عند حَدَّادِها
فإِنه سمى الخَمَّار حَدَّاداً، وذلك لمنعه إِياها وحفظه لها وإِمساكه
لها حتى يُبْدَلَ له ثمنها الذي يرضيه. والجونة: الخابية.
وهذا أَمر حَدَدٌ أَي منيع حرام لا يحل ارتكابه. وحُدَّ الإِنسانُ:
مُنِعَ من الظفَر. وكلُّ محروم. محدودٌ. ودون ما سأَلت عنه حَدَدٌ أَي
مَنْعٌ. ولا حَدَدَ عنه أَي لا مَنْعَ ولا دَفْعَ؛ قال زيد بن عمرو بن
نفيل:لا تَعْبُدُنّ إِلهاً غيرَ خالقكم،
وإِن دُعِيتُمْ فقولوا: دونَهُ حَدَدُ
أَي مَنْعٌ. وأَما قوله تعالى: فبصرك اليوم حديد؛ قال: أَي لسان
الميزان. ويقال: فبصرك اليوم حديد أَي فرأْيك اليوم نافذ. وقال شمر: يقال
للمرأَة الحَدَّادَةُ. وحَدَّ الله عنا شر فلان حَدّاً: كفه وصرفه؛ قال:
حِدَادِ دون شرها حِدادِ
حداد في معنى حَدَّه؛ وقول معقل
بن خويلد الهذلي:
عُصَيْمٌ وعبدُ الله والمرءُ جابرٌ،
وحُدِّي حَدادِ شَرَّ أَجنحةِ الرَّخَم
أَراد: اصرفي عنا شر أَجنحة الرخم، يصفه بالضعف، واستدفاع شر أَجنحة
الرخم على ما هي عليه من الضعف؛ وقيل: معناه أَبطئي شيئاً، يهزأُ منه وسماه
بالجملة. والحَدُّ: الصرف عن الشيء من الخير والشر. والمحدود: الممنوع من
الخير وغيره. وكل مصروف عن خير أَو شر: محدود. وما لك عن ذلك حَدَدٌ
ومَحْتَدٌ أَي مَصْرَفٌ ومَعْدَلٌ. أَبو زيد: يقال ما لي منه بُدُّ ولا محتد
ولا مُلْتَدٌّ أَي ما لي منه بُدٌّ. وما أَجد منه مَحتداً ولا
مُلْتَدّاً أَي بُدٌّاً.
الليث: والحُدُّ الرجلُ المحدودُ عن الخير. ورجل محدود عن الخير: مصروف؛
قال الأَزهري: المحدود المحروم؛ قال: لم أَسمع فيه رجل حُدٌّ لغير الليث
وهو مثل قولهم رجل جُدٌّ إِذا كان مجدوداً. ويدعى على الرجل فيقال:
اللهم احْدُدْهُ أَي لا توقفه لإِصابة. وفي الأَزهري: تقول للرامي اللهم
احْدُدْهُ أَي لا توقفه للإِصابة. وأَمر حَدَدٌ: ممتنع باطل، وكذلك دعوة
حَدَدٌ. وأَمر حَدَدٌ: لا يحل أَن يُرْتَكَبَ. أَبو عمرو: الحُدَّةُ
العُصبةُ.وقال أَبو زيد: تَحَدَّدَ بهم أَي تَحَرَّشَ ،. ودعوةٌ حَدَدٌ أَي
باطلة.والحِدادُ: ثياب المآتم السُّود. والحادُّ والمُحِدُّ من النساء: التي
تترك الزينة والطيب؛ وقال ابن دريد: هي المرأَة التي تترك الزينة والطيب
بعد زوجها للعدة. حَدَّتْ تَحِدُّ وتَحُدُّ حدّاً وحِداداً، وهو
تَسَلُّبُها على زوجها، وأَحَدَّتْ، وأَبى الأَصمعي إِلا أَحَدَّتْ تُحِدُّ، وهي
مُحِدٌّ، ولم يَعْرِفْ حَدَّتْ؛ والحِدادُ: تركُها ذلك. وفي الحديث: لا
تُحِدُّ المرأَةُ فوق ثلاث ولا تُحِدُّ إِلاَّ على زوج. وفي الحديث: لا يحل
لأَحد أَن يُحِدَّ على ميت أَكثر من ثلاثة أَيام إِلا المرأَة على زوجها
فإِنها تُحِدُّ أَربعة أَشهر وعشراً. قال أَبو عبيد: وإِحدادُ المرأَة
على زوجها ترك الزينة؛ وقيل: هو إِذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت
الزينة والخضاب؛ قال أَبو عبيد: ونرى أَنه مأْخوذ من المنع لأَنها قد منعت
من ذلك، ومنه قيل للبوّاب: حدّادٌ لأَنه يمنع الناس من الدخول. قال
الأَصمعي: حَدَّ الرجلُ يَحُدُّه إِذا صرفه عن أَمر أَراده. ومعنى حَدَّ
يَحدُّ: أَنه أَخذته عجلة وطَيْشٌ. وروي عنه، عليه السلام، أَنه قال: خيار
أُمتي أَحِدّاؤها؛ هو جمع حديد كشديد وأَشداء.
ويقال: حَدَّد فلان بلداً أَي قصد حُدودَه؛ قال القطامي:
مُحدِّدينَ لِبَرْقٍ صابَ مِن خَلَلٍ،
وبالقُرَيَّةِ رَادُوه بِرَدَّادِ
أَي قاصدين. ويقال: حدداً أَن يكون كذا كقوله معاذ الله؛ قال الكميت:
حَدَداً أَن يكون سَيْبُك فينا
وتَحاً، أَو مُجَبَّناً مَمْصُورَا
أَي حراماً كما تقول: معاذ اللهُ قد حَدَّدَ اللهَ ذلك عنا.
والحَدَّادُ: البحر، وقيل: نهر بعينه، قال إِياس بن الأَرَتِّ:
ولم يكونُ على الحَدَّادِ يملكه،
لو يَسْقِ ذا غُلَّةٍ من مائه الجاري
وأَبو الحَديدِ: رجل من الحرورية قتل امرأَة من الإِجْماعِيين كانت
الخوارج قد سبتها فغالوا بها لحسنها، فلما رأَى أَبو الحَديد مغالاتهم بها
خاف أَن يتفاقم الأَمر بينهم فوثب عليها فقتلها؛ ففي ذلك يقول بعض الحرورية
يذكرها:
أَهابَ المسلمون بها وقالوا،
على فَرْطِ الهوى: هل من مزيد؟
فزاد أَبو الحَدِيدِ بِنَصْل سيف
صقيل الحَدّ، فِعْلَ فَتىً رشيد
وأُم الحَديدِ: امرأَةُ كَهْدَلٍ الراجز؛ وإِياها عنى بقوله:
قد طَرَدَتْ أُمُّ الحَديدِ كَهْدَلا،
وابتدر البابَ فكان الأَوّلا،
شَلَّ السَّعالي الأَبلقَ المُحَجَّلا،
يا رب لا ترجع إِليها طِفْيَلا،
وابعث له يا رب عنا شُغَّلا،
وَسْوَاسَ جِنٍّ أَو سُلالاً مَدْخَلا،
وجَرَباً قشراً وجوعاً أَطْحَلا
طِفْيَلٌ: صغير، صغره وجعله كالطفل في صورته وضعفه، وأَراد طُفَيْلاً،
فلم يستقم له الشعر فعدل إِلى بناء حِثْيَلٍ، وهو يريد ما ذكرنا من
التصغير. والأَطْحَلُ: الذي يأْخذه منه الطحل، وهو وجع الطحال.
وحُدٌّ: موضع، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلو أَنها كانت لِقَاحِي كَثِيرةً،
لقد نَهِلَتْ من ماء حُدٍّ وَعَلَّت
وَحُدَّانُ: حَيٌّ من الأَزد؛ وقال ابن دريد: الحُدَّانُ حي من الأَزد
فَأُدْخِلَ عليه اللامُ؛ الأَزهري: حُدَّانُ قبيلة في اليمن.
وبنو حُدَّان، بالضم
(* قوله «وبنو حدان بالضم إلخ» كذا بالأصل والذي في
القاموس ككتان. وقوله وبنو حداد بطن إلخ كذا به أيضاً والذي في الصحاح
وبنو احداد بطن إلخ): من بني سعد. وينو حُدَّاد: بطن من طيّ. والحُدَّاء:
قبيلة؛ قال الحرث بن حِلِّزة:
ليس منا المُضَرّبُون، ولا قَيـ
ـس، ولا جَنْدَلٌ، ولا الحُدَّاءُ
وقيل: الحُدَّاء هنا اسم رجل، ويحتمل الحُدَّاء أَن يكون فُعَّالاً من
حَدَأَ، فإِذا كان ذلك فبابه غير هذا. ورجل حَدْحَدٌ: قصير غليظ.
خزن: خَزَنَ الشَّيءَ يَخْزُنه خَزْناً واخْتَزَنه: أَحْرَزه وجعله في
خِزانة واختزنه لنفسه. والخِزانةُ: اسم الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء.
وفي التنزيل العزيز: وإنْ من شيء إلا عندنا خَزائنُه. والخِزانةُ: عَملُ
الخازِن. والمَخْزَن، بفتح الزاي: ما يُخْزَن فيه الشيء. والخِزانةُ: واحدة
الخَزائن. وفي التنزيل العزيز: ولا أَقول لكم عندي خَزائن الله؛ قال ابن
الأَنباري: معناه غُيوب علم الله التي لا يعلمها إلا الله، وقيل للغُيوب
خَزائنُ لغموضها على الناس واستتارها عنهم. وخَزَن المالَ إذا غيَّبه.
وقال سفيان بن عيينة: إنما آياتُ القرآن خزائن، فإِذا دخلتَ خزانةً فاجتهد
أَن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها، قال: شبَّه الآية من القرآن بالوعاء
الذي يجمع فيه المال المخزون، وسمي الوعاء خزانة لأَنه من سبب المخزون
فيه. وخِزانة الإنسان: قلبه. وخازِنه وخَزّانه: لسانه، كلاهما على المثل.
وقال لقمان لابنه: إذا كان خازِنك حفيظاً وخِزانتك أَمينةً رَشدْتَ في
أَمرَيْكَ دنياك وآخرتك، يعني اللسان والقلب؛ وقال:
إذا المَرْءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانُه،
فليس على شيءٍ سِواه بخازِنِ.
وخَزَنتُ السِّرَّ واختزَنْتُه: كتَمْتُه. وخَزِنَ اللحمُ، بالكسر،
يَخْزَنُ وخَزَنَ يَخْزُن خَزْناً وخُزوناً وخَزُنَ، فهو خَزينٌ: تغير وأَنتن
مثل خَنِزَ مقلوب منه؛ قالَ طرفة:
ثُمَّ لا يَحْزَنُ فينا لَحْمُها،
إنما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِر.
وعمَّ بعضهم به تغير الطعام كله. وقال أَبو حنيفة: الخَزَّانُ الرُّطَب
تسْوَدُّ أَجوافه من آفة تصيبه، اسم كالجَبّان والقَذّاف، واحدته
خَزّانة. واختَزَنتُ الطريقَ واخْتَصرْتُه، وأَخذنا مخازِنَ الطريق ومَخاصِرَها
أَي أَخذنا أَقرَبها.
مخل: ابن الأَعرابي: الخافِلُ الهارِب، وكذلك الماخِل والمالِخُ.
ثقل: الثِّقَل: نقيض الخِفَّة. والثِّقَل: مصدر الثَّقِيل، تقول: ثَقُل
الشيءُ ثِقَلاً وثَقَالة، فهو ثَقِيل، والجمع ثِقالٌ. والثِّقَل: رجحان
الثَّقِيل. والثِّقْل: الحِمْل الثَّقِيل، والجمع أَثْقال مثل حِمْل
وأَحمال. وقوله تعالى: وأَخرجت الأَرض أَثقالها؛ أَثْقَالُها: كنوزُها
ومَوْتَاها؛ قال الفراء: لَفَظَتْ ما فيها من ذهب أَو فضة أَو ميت، وقيل:
معناه أَخرجت موتاها، قالوا: أَثقالُها أَجسادُ بني آدم، وقيل: معناه ما فيها
من كنوز الذهب والفضة، قال: وخروج الموتى بعد ذلك، ومن أَشراط الساعة
أَن تَقِيءَ الأَرض أَفْلاذَ كَبِدها وهي الكنوز؛ وقول الخَنْساء:
أَبْعَدَ ابنِ عَمْرو من آل الشّريـ
دِ حَلَّتْ به الأَرضُ أَثْقالَها؟
إِنما أَرادت حَلَّت به الأَرض موتاها أَي زَيَّنَتْهم بهذا الرجل
الشريف الذي لا مِثْل له من الحِلْية. وكانت العرب تقول: الفارس الجَواد ثِقْل
على الأَرض، فإِذا قتل أَو مات سقط به عنها ثِقْل، وأَنشد بيت الخنساء،
أَي لما كان شجاعاً سقط بموته عنها ثِقْل. والثِّقْل: الذَّنْب، والجمع
كالجمع. وفي التنزيل: وليَحْمِلُنَّ أَثقالهم وأَثقالاً مع أَثقالهم؛ وهو
مثل ذلك يعني أَوزارهم وأَوزار من أَضلوا وهي الآثام. وقوله تعالى: وإِن
تَدْعُ مُثْقَلة إِلى حِمْلها لا يُحْملْ منه شيء ولو كان ذا قربى؛ يقول:
إِن دَعَت نفس داعيةٌ أَثْقَلَتها ذُنُوبُها إِلى حِمْلها أَي إِلى
ذنوبها ليحمل عنها شيئاً من الذنوب لم تجد ذلك، وإِن كان المدعوُّ ذا قُرْبى
منها. وقوله عز وجل: ثَقُلت في السموات والأَرض؛ قيل: المعنى ثَقْل
عِلْمُها على أَهل السموات والأَرض؛ وقال أَبو علي: ثَقُلت في السموات والأَرض
خَفِيَتْ، والشيءُ إِذا خَفِي عليك ثَقُل. والتثقيل: ضد التخفيف، وقد
أَثقله الحِمْل. وثَقَّل الشيءَ: جعله ثقيلاً، وأَثقله: حمَّله ثَقِيلاً.
وفي التنزيل العزيز: فهم من مَغْرَم مُثْقَلون. واستثقله: رآه ثَقِيلاً.
وأَثْقَلَت المرأَةُ، فهي مُثْقِل: ثَقُل حَمْلها في بطنها، وفي المحكم:
ثَقُلَت واستبان حَمْلها. وفي التنزيل العزيز: فلما أَثْقَلَت دَعَوَا
اللهَ ربَّهُما؛ أَي صارت ذاتَ ثِقْل كما تقول أَتْمَرْنا أَي صرنا ذوي
تَمْر. وامرأَة مُثْقِل، بغير هاء: ثَقُلَت من حَمْلها. وقوله عز وجل: إِنا
سنلقي عليك قولاً ثَقِيلاً؛ يعني الوحي الذي أَنزله الله عليه، صلى الله
عليه وسلم، جَعَله ثَقِيلاً من جهة عِظَم قدره وجَلاله خَطَره، وأَنه ليس
بسَفْساف الكلام الذي يُسْتَخَفُّ به، فكل شيء نفيس وعِلْقٍ خَطيرٍ فهو
ثَقَل وثَقِيل وثاقل، وليس معنى قوله قولاً ثَقِيلاً بمعنى الثَّقيل
الذي يستثقله الناس فيتَبرَّمون به؛ وجاء في التفسير: أَنه ثِقَلُ العمل به
لأَن الحرام والحلال والصلاة والصيام وجميع ما أَمر الله به أَن يُعْمَل
لا يؤديه أَحد إِلا بتكلف يَثْقُل؛ ابن سيده: قيل معنى الثَّقيل ما يفترض
عليه فيه من العمل لأَنه ثَقِيل، وقيل: إِنما كنى به عن رَصانة القول
وجَوْدته؛ قال الزجاج: يجوز على مذهب أَهل اللغة أَن يكون معناه أَنه قول
له وزن في صحته وبيانه ونفعه، كما يقال: هذا الكلام رَصين، وهذا قول له
وزن إِذا كنت تستجيده وتعلم أَنه قد وقع موقع الحكمة والبيان؛ وقوله:
لا خَيْرَ فيه غير أَن لا يَهْتَدِي،
وأَنه ذو صَوْلةٍ في المِذْوَدِ،
وأَنه غَيْرُ ثَقيل في اليَدِ
إِنما يريد أَنك إِذا بَلِلْتَ به لم يَصِرْ في يَدِك منه خير فيَثْقُلَ
في يَدِك.
ومِثْقال الشيء: ما آذَنَ وزْنَه فثَقُل ثِقَلَه. وفي التنزيل العزيز:
يا بُني إِنها إِن تك مِثْقالُ حَبَّة من خَرْدل، برفع مِثْقال مع علامة
التأْنيث في تك، لأَن مِثْقال حبة راجع إِلى معنى الحبة فكأَنه قال إِن تك
حَبَّةٌ من خردل. التهذيب: المِثْقال وَزْن معلوم قَدْرُه،ويجوز نصبُ
المثقال ورفعُه، فمن رَفَعه رفعه بتَكُ ومن نصب جعل في تك اسماً مضمراً
مجهولاً مثل الهاء في قوله عز وجل: إِنها إِن تك، قال: وجاز تأْنيث تَكُ
والمِثْقال ذَكَرٌ لأَنه مضاف إِلى الحبة، والمعنى للحبة فذهب التأْنيث
إِليها كما قال الأَعشى:
كما شَرِقَتْ صَدْرُ القَناة من الدَّم
ويقال: أَعطه ثِقْله أَي وَزْنَه. ابن الأَثير: وفي الحديث لا يَدْخُل
النارَ مَنْ في قلبه مِثْقالُ ذَرَّة من إِيمان؛ المِثْقال في الأَصل:
مقدار من الوزن أَيَّ شيءٍ كان من قليل أَو كثير، فمعنى مِثْقال ذرَّة وزن
ذرّة، والناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة وليس كذلك؛ قال محمد بن
المكرم: قول ابن الأَثير الناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة قول فيه
تجوُّز، فإِنه إِن كان عَنَى شخص الدينار فالشخص منه قد يكون مِثْقالاً
وأَكثر وأَقل، وإِن كان عَنى المِثْقالَ الوَزْنَ المعلوم، فالناس يطلقون
ذلك على الذهب وعلى العنبر وعلى المسك وعلى الجوهر وعلى أَشياء كثيرة قد
صار وزنها بالمثاقيل معهوداً كالتِّرياق والرَّاوَنْد وغير ذلك. وزِنة
المِثْقالِ هذا المُتعامَلِ به الآن: دِرْهَمٌ واحد وثلاثة أَسباع درهم
على التحرير، يُوزَن به ما اختير وَزْنه به، وهو بالنسبة إِلى رِطْل مصر
الذي يوزن به عُشْرُ عُشْرِ رطل. وقال ابن سيده في معنى قوله إِنها إن تك
مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أَو في السموات أَو في الأَرض يأْت بها
الله، قال: المعنى أَن فَعْله الإِنسان، وإِن صَغُرت، فهي في علم الله
تعالى يأْتي بها. والمِثْقال: واحد مثاقيل الذهب. قال الأَصمعي: دينار ثاقل
إِذا كان لا ينقص، ودنانير ثَواقل؛ ومِثقال الشيء: مِيزانُه من مثله.
وقولهم: أَلْقى عليه مَثاقيله أَي مؤنته وثِقْله؛ حكاه أَبو نصر؛ قلت: وكذلك
قول أَبي نصر واحد مثاقيل الذهب كان الأَولى أَن يقول واحد مثاقيل الذهب
وغيره، وإِلا فلا وجه للتخصيص.
والمُثَقَّلة: رُخامة يُثَقَّل بها البساط.
وامرأَة ثَقال: مِكْفال، وثَقَال: رَزان ذات مآكِمَ وكَفَلٍ على
التفرقة، فرقوا بين ما يُحْمل وبين ما ثَقُل في مجلسه فلم يَخِفَّ، وكذلك الرجل،
ويقال: فيه ثِقَل، وهو ثاقل؛ قال كثيِّر عزة:
وفيك، ابْنَ لَيْلى، عِزَّةٌ وبَسالة،
وغَرْبٌ ومَوْزونٌ من الحِلْمِ ثاقل
وقد يكون هذا على النسب أَي ذو ثِقَل. وبَعِيرٌ ثَقَالٌ؛ بَطِيءٌ؛ وبه
فسر أَبو حنيفة قول لبيد:
فبات السَّيْلُ يَحْفِرُ جانبيه،
من البَقَّار، كالعَمِد الثَّقَال
(* قوله «يحفر» الذي في الصحاح: يركب بدل يحفر)
وثَقَل الشيءَ يَثْقُله بيده ثَقْلاً: رَازَ ثِقَلَه. وثَقَلْت الشاةَ
أَيضاً أَثْقُلُها ثَقْلاً: رَزَنْتها، وذلك إذا رَفَعْتها لتنظر ما
ثِقَلُها من خفَّتها.
وتَثاقل عنه: ثَقُل. وفي التنزيل العزيز اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض؛
وعَدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى مِلْتُم. وحكى النضر بن شميل: ثَقَل إِلى الأَرض
أَخْلدَ إِليها واطْمَأَنَّ فيها، فإِذا صح ذلك تَعَدَّى اثَّاقَلْتم في
قوله عز وجل اثَّاقَلْتم إِلى الأَرض بإِلى، بغير تأْويل يخرجه عن بابه.
وتَثاقل القومُ: اسْتُنْهِضوا لنَجْدة فلم يَنْهَضوا إِليها.
والتَّثاقُل: التَّباطُؤُ من التَّحامُل في الوطء، يقال: لأَطَأَنَّه وَطْءَ
المُتَثاقل. والثَّقَل، بالتحريك: المَتاع والحَشَمُ، والجمع أَثقال؛ وفي
التهذيب: الثَّقَل متاعُ المسافر وحَشَمُه؛ وأَنشد ابن بري:
لا ضَفَفٌ يَشْغَلُه ولا ثَقَل
وفي حديث ابن عباس: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الثَّقَل
من جَمْعٍ بِلَيْل. وفي حديث السائب بن زيد: حُجَّ به في ثَقَل رسول الله،
صلى الله عليه وسلم.
وثَقِلة القوم، بكسر القاف: أَثقالُهم. وارتحل القوم بثَقَلَتهم
وثَقْلَتهم وثِقْلَتهم أَي بأَمتعتهم وبأَثقالهم كلها. الكسائي: الثَّقِلة
أَثقال القوم، بكسر القاف وفتح الثاء، وقد يخفف فيقال الثَّقْلة. والثَّقْلة
أَيضاً: ما وَجَد الرجلُ في جوفه من ثِقَل الطعام. ووَجَد في جسده ثَقَلة
أَي ثِقَلاً وفُتُوراً.
وثَقُل الرجلِ ثِقَلاً فهو ثَقِيل وثاقل: اشتدَّ مَرَضُه. يقال: أَصبح
فلان ثاقلاً أَي أَثقله المَرَض؛ قال لبيد:
رأَيت التُّقَى والحَمْدَ خَيْرَ تِجارةٍ
رَباحاً، إِذا ما المَرْءُ أَصْبَح ثاقلاً
أَي ثَقِيلاً من المَرَض قد أَدْنَفَه وأَشْرَف على الموت، ويروى ناقلاً
أَي منقولاً من الدنيا إِلى الأُخرى؛ وقد أَثقله المرض والنوم.
والثَّقْلة: نَعْسة غالبة. والمُثْقَل: الذي قد أَثقله المرضُ.
والمُستَثْقَل: الثَّقِيل من الناس. والمُسْتَثْقَل: الذي أَثقله النوم
وهي الثَّقْلة. وثَقُل العَرْفَج والثُّمام والضَّعَةُ: أَدْبى
وتَرَوَّتْ عِيدانُه. وثَقُلَ سَمْعُه: ذهب بعضُه، فإِن لم يبق منه شيءٌ قيل
وُقِر.والثَّقَلانِ: الجِنُّ والإِنْسُ. وفي التنزيل العزيز: سنَفْرُغ لكم
أَيها الثَّقَلان؛ وقال لكم لأَن الثَّقَلين وإِن كان بلفظ التثنية فمعناه
الجمع؛ وقول ذي الرمة:
ومَيَّةُ أَحسنُ الثَّقَلين وَجْهاً
وسالفةً، وأَحْسَنُه قَذَالا
فمن رواه أَحسنه بإِفراد الضمير فإِنه أَفرده مع قدرته على جمعه لأَن
هذا موضع يَكْثُر فيه الواحد، كقولك مَيَّة أَحسن إِنسان وجهاً وأَجمله،
ومثله قولهم: هو أَحسن الفِتْيان وأَجمله لأَن هذا موضع يكثر فيه الواحد
كما قلنا، فكأَنك قلت هو أَحسن فَتىً في الناس وأَجمله، ولولا ذلك لقلت
وأَجملهم حَمْلاً على الفِتْيان. التهذيب: وروي عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال في آخر عمره: إِني تارك فيكم الثَّقَلين: كتاب الله
وعتْرَتي، فجعلها كتاب الله عز وجل وعِتْرَته، وقد تقدم ذكر العِتْرة. وقال ثعلب:
سُمِّيا ثَقَلَين لأَن الأَخذ بهما ثَقِيل والعمل بهما ثَقِيل، قال:
وأَصل الثَّقَل أَن العرب تقول لكل شيءٍ نَفيس خَطِير مَصون ثَقَل،
فسمَّاهما ثَقَلين إِعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأْنهما، وأَصله في بَيْضِ
النَّعام المَصُون؛ وقال ثعلبة بن صُعَير المازِني يذكر الظَّليم
والنَّعانة:فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رَثِيداً، بَعْدَما
أَلْقَتْ ذُكاءٌ يَمينَها في كافِر
ويقال للسَّيِّد العَزيز ثَقَلٌ من هذا، وسَمَّى الله تعالى الجن
والإِنس الثَّقَلَين، سُمِّيا ثَقَلَين لتفضيل الله تعالى إِياهما على سائر
الحيوان المخلوق في الأَرض بالتمييز والعقل الذي خُصَّا به؛ قال ابن
الأَنباري: قيل للجن والإِنس الثَّقَلان لأَنهما كالثَّقَل للأَرض وعليها.
والثَّقَل بمعنى الثِّقْل، وجمعه اثقال، ومجراهما مجرى قول العرب مَثَل ومِثْل
وشَبَه وشِبْه ونَجَس ونِجْس. وفي حديث سؤال القبر: يسمعها مَنْ بَيْنَ
المشرق والمغرب إِلا الثَّقَلين؛ الثَّقَلانِ: الإِنسُ والجنُّ لأَنهما
قُطَّان الأَرض.
مكن: المَكْنُ والمَكِنُ: بيضُ الضَّبَّةِ والجَرَادة ونحوهما؛ قال أَبو
الهِنْديّ، واسمه عبد المؤمن بن عبد القُدُّوسِ:
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيب،
ولا تشْتَهِيه نفُوسُ العَجَمْ
واحدته مَكْنةٌ ومَكِنة، بكسر الكاف. وقد مَكِنَتِ الضَّبَّةُ وهي
مَكُونٌ وأَمْكَنتْ وهي مُمْكِنٌ إذا جمعت البيض في جوفها، والجَرادةُ مثلها.
الكسائي: أَمْكَنَتِ الضَّبَّةُ جمعت بيضها في بطنها، فهي مَكُونٌ؛
وأَنشد ابن بري لرجل من بني عُقيل:
أَراد رَفِيقي أَنْ أَصيدَهُ ضَبَّةً
مَكُوناً، ومن خير الضِّباب مَكُونُها
وفي حديث أَبي سعيد: لقد كنا على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
يُهْدَى لأَحدنا الضَّبَّةُ المَكُونُ أَحَبُّ إليه من أَن يُهْدَى إليه
دجاجةٌ سمينة؛ المَكُونُ: التي جمعت المَكْنَ، وهو بيضها. يقال: ضبة
مَكُونٌوضَبٌّ مَكُونٌ؛ ومنه حديث أَبي رجاءٍ: أَيُّما أَحبُّ إليك
ضَبٌّمَكُون أَو كذا وكذا؟ وقيل: الضبَّةُ المَكُونُ التي على بيضها. ويقال
ضِبابٌ مِكانٌ؛ قال الشاعر:
وقال: تعَلَّمْ أَنها صَفَريَّةٌ،
مِكانٌ بما فيها الدَّبَى وجَنادِبُهْ
الجوهري: المَكِنَةُ، بكسر الكاف، واحدة المَكِنِ والمَكِناتِ. وقوله،
صلى الله عليه وسلم: أَقِرُّوا الطير على مَكِناتها ومَكُناتها، بالضم،
قيل: يعني بيضها على أَنه مستعار لها من الضبة، لأَن المَكِنَ ليس للطير،
وقيل: عَنى مَوَاضع الطير. والمكنات في الأَصل: بيض الضِّباب. قال أَبو
عبيد: سأَلت عِدَّةً من الأَعراب عن مَكِناتِها فقالوا: لا نعرف للطير
مَكِناتٍ،وإِنما هي وُكُنات،،إنما المَكِناتُ بيض الضِّبابِ؛ قال أَبو عبيد:
وجائز في كلام العرب أَن يستعار مَكْنُ الضِّبابِ فيجعل للطير تشبيهاً
بذلك، كما قالوا مَشافر الحَبَشِ، وإنما المَشافر للإبل؛ وكقول زهير يصف
الأَسد:
لدَى أَسَدٍ شاكي السِّلاح مُقَذَّفٍ،
له لِبَدٌ أَظفارُه لم تُقَلَّمِ
وإنما له المَخالِبُ؛ قال: وقيل في تفسير قوله أَقِرُّوا الطير على
مَكِناتها، يريد على أَمْكِنتها، ومعناه الطير التي يزجر بها، يقول: لا
تَزْجُرُوا الطير ولا تلتفتوا إليها، أَقِرُّوها على مواضعها التي جعلها الله
لها أَي لا تضر ولا تنفع، ولا تَعْدُوا ذلك إلى غيره؛ وقال شمر: الصحيح
في قوله على مَكِناتِها أَنها جمع المَكِنَة، والمَكِنةُ التمكن. تقول
العرب: إن بني فلان لذوو مَكِنةٍ من السلطان أي تَمكُّنٍ، فيقول: أَقِرُّوا
الطير على كل مَكِنةٍ ترَوْنَها عليها ودَعُوا التطير منها، وهي مثل
التَّبِعةِ مِنَ التَّتبُّعِ، والطَّلِبةِ من التَّطلُّب. قال الجوهري: ويقال
الناس على مَكِناتِهم أَي على استقامتهم. قال ابن بري عند قول الجوهري
في شرح هذا الحديث: ويجوز أَن يراد به على أَمْكِنتها أَي على مواضعها
التي جعلها الله تعالى لها، قال: لا يصح أَن يقال في المَكِنة إنه المكان
إلا على التَّوَسُّعِ، لأَن المَكِنة إنما هي بمعنى التَّمكُّنِ مثل
الطَّلِبَة بمعنى التَّطَلُّبِ والتَّبِعَةِ بمعنى التَّتبُّع. يقال: إنَّ
فلاناً لذو مَكِنةٍ من السلطان، فسمي موضع الطير مَكِنةً لتمَكُّنه فيه؛
يقول: دَعُوا الطير على أَمْكِنتها ولا تَطَيَّرُوا بها؛ قال الزمخشري: ويروى
مُكُناتها جمع مُكُنٍ، ومُكُنٍ، ومُكُنٌ جمع مَكانٍ كصُعُداتٍ في صُعُدٍ
وحُمُراتٍ في حُمُرٍ. وروى الأَزهري عن يونس قال: قال لنا الشافعي في
تفسير هذا الحديث قال كان الرجل في الجاهلية إذا أَراد الحاجة أَتى الطير َ
ساقطاً أَو في وَكْرِه فنَفَّرَهُ، فإن أَخذ ذات اليمين مضى لحاجته، وإن
أَخذ ذات الشمال رجع، فنَهى رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛
قال الأَزهري: والقول في معنى الحديث ما قاله الشافعي، وهو الصحيح وإليه
كان يذهب ابن عُيَيْنةَ. قال ابن الأَعرابي: الناس على سَكِناتِهم
ونَزِلاتِهم ومَكِناتِهم، وكلُّ ذي ريشٍ وكلُّ أَجْرَدَ يبيض، وما سواهما يلد،
وذو الريش كل طائر، والأَجْرَدُ مثل الحيات والأَوْزاغ وغيرهما مما لا شعر
عليه من الحشرات.
والمَكانةُ: التُّؤدَةُ، وقد تَمَكَّنَ. ومَرَّ على مَكِينته أَي على
تُؤدَتِه. أَبو زيد: يقال امْشِ على مَكِينتِكَ ومَكانتك وهِينَتِكَ. قال
قطرب: يقال فلان يعمل على مَكِينتِه أَي على اتِّئاده. وفي التنزيل
العزيز: اعْمَلُوا على مَكانَتِكم؛ أَي على حيالِكم وناحيتكم؛ وقيل: معناه أَي
على ما أَنتم عليه مستمكنون. الفراء: لي في قلبه مَكانَةٌ ومَوْقِعة
ومَحِلَّةٌ. أَبو زيد: فلان مَكين عند فلان بَيِّنُ المَكانَةِ، يعني
المنزلة. قال الجوهري: وقولهم ما أَمكنه عند الأَمير شاذ. قال ابن بري: وقد جاء
مَكُنَ يَمْكُنُ؛ قال القُلاخُ:
حيث تَثَنَّى الماءُ فيه فمَكُنْ
قال: فعلى هذا يكون ما أَمْكَنَه على القياس. ابن سيده: والمَكانةُ
المَنْزلة عند الملك. والجمع مَكاناتٌ، ولا يجمع جمع التكسير، وقد مَكُنَ
مَكانَةً فهو مَكِينٌ، والجمع مُكَناء. وتَمَكَّنَ كَمَكُنَ. والمُتَمَكِّنُ
من الأَسماء: ما قَبِلَ الرفع والنصب والجر لفظاً، كقولك زيدٌ وزيداً
وزيدٍ، وكذلك غير المنصرف كأَحمدَ وأَسْلَمَ، قال الجوهري: ومعنى قول
النحويين في الاسم إنه متمكن أَي أَنه معرب كعمر وإبراهيم، فإذا انصرف مع ذلك
فهو المُتَمَكِّنُ الأَمْكَنُ كزيد وعمرو، وغير المتمكن هو المبني
ككَيْفَ وأَيْنَ، قال: ومعنى قولهم في الظرف إنه مُتَمَكِّنٌ
أَنه يستعمل مرة ظرفاً ومرة اسماً، كقولك: جلست خلْفَكَ، فتنصب، ومجلسي
خَلْفُكَ، فترفع في موضع يصلح أَن يكون ظَرْفاً، وغير المُتَمَكِّن هو
الذي لا يستعمل في موضع يصلح أَن يكون ظَرْفاً إلا ظـرفاً، كقولك: لقيته
صباحاً وموعدك صباحاً، فتنصب فيهما ولا يجوز الرفع إذا أَردت صباح يوم
بعينه، وليس ذلك لعلة توجب الفرق بينهما أَكثر من استعمال العرب لها كذلك،
وإنما يؤْخذ سماعاً عنهم، وهي صباحٌ وذو صباحٍ، ومَساء وذو مَساء، وعَشِيّة
وعِشاءٌ، وضُحىً وضَحْوَة، وسَحَرٌ وبُكَرٌ وبُكْرَةٌ
وعَتَمَةٌ، وذاتُ مَرَّةٍ، وذاتُ يَوْمٍ، وليلٌ ونهارٌ وبُعَيْداتُ
بَيْنٍ؛ هذا إذا عَنَيْتَ بهذه الأَوقات يوماً بعينه، فأَما إذا كانت نكرة
أَو أَدخلت عليها الأَلف واللام تكلمت بها رفعاً ونصباً وجرّاً؛ قال
سيبويه: أَخبرنا بذلك يونس. قال ابن بري: كل ما عُرِّفَ من الظروف من غير جهة
التعريف فإنه يلزم الظرفية لأَنه ضُمِّنَ ما ليس له في أَصل وضعه، فلهذا
لم يجز: سِيَرَ عليه سَحَرٌ، لأَنه معرفة من غير جهة التعريف، فإن نكرته
فقلت سير عليه سَحَرٌ، جاز، وكذلك إن عرَّفْتَه من غير جهة التعريف فقلت:
سِيَر عليه السَّحَرُ، جاز. وأَما غُدْوَةٌ وبُكْرَة فتعريفهما تعريف
العَلميَّة، فيجوز رفعهما كقولك: سيرَ عليه غُدْوَةٌ وبُكْرَةٌ، فأَما ذو
صَباحٍ وذاتُ مرَّةٍ وقبلُ وبعدُ فليست في الأَصل من أَسماء الزمان، وإنما
جعلت اسماً له على توسع وتقدير حذف.
أَبو منصور: المَكانُ والمَكانةُ واحد. التهذيب: الليث: مكانٌ في أَصل
تقدير الفعل مَفْعَلٌ، لأَنه موضع لكَيْنونةِ الشيء فيه، غير أَنه لما كثر
أَجْرَوْهُ في التصريف مُجْرَى فَعال، فقالوا: مَكْناً له وقد
تَمَكَّنَ، وليس هذا بأَعْجَب من تَمَسْكَن من المَسْكَن، قال: والدليل على أَن
المَكانَ مَفْعَل أَن العرب لا تقول في معنى هو منِّي مَكانَ كذا وكذا إلا
مَفْعَلَ كذا وكذا، بالنصب. ابن سيده: والمكانُ الموضع، والجمع أَمْكِنة
كقَذَال وأَقْذِلَةٍ، وأَماكِنُ جمع الجمع. قال ثعلب: يَبْطُل أَن يكون
مَكانٌ
فَعالاً لأَن العرب تقول: كُنْ مَكانَكَ، وقُم مكانَكَ، واقعد
مَقْعَدَك؛ فقد دل هذا على أَنه مصدر من كان أَو موضع منه؛ قال: وإنما جُمِعَ
أَمْكِنَةً فعاملوا الميم الزائدة معاملة الأَصلية لأَن العرب تشَبِّه الحرف
بالحرف، كما قالوا مَنارة ومنائِر فشبهوها بفَعالةٍ وهي مَفْعَلة من
النور، وكان حكمه مَنَاوِر، وكما قيل مَسِيل وأَمْسِلة ومُسُل ومُسْلان وإنما
مَسيلٌ مَفْعِلٌ من السَّيْلِ، فكان يَنبغي أَن لا يُتَجاوز فيه مسايل،
لكنهم جعلوا الميم الزائدة في حكم الأَصلية، فصار معفْعِل في حكم فَعِيل،
فكُسِّر تكسيرَه. وتَمَكَّنَ بالمكان وتَمَكَّنَه: على حذف الوَسِيط؛
وأَنشد سيبويه:
لما تَمَكَّنَ دُنْياهُمْ أَطاعَهُمُ،
في أَيّ نحْوٍ يُميلوا دِينَهُ يَمِلِ
قال: وقد يكون
(* قوله «قال وقد يكون إلخ» ضمير قال لابن سيده لأن هذه
عبارته في المحكم). تمكن دنياهم على أَن الفعل للدنيا، فحذف التاء لأَنه
تأْنيث غير حقيقي. وقالوا: مَكانَك تُحَذِّره شيئاً من خَلْفه. الجوهري:
مَكَّنَه اللهُ من الشيءِ وأَمْكَنَه منه بمعنى. وفلان لا يُمْكِنُه
النُّهُوضُ أَي لا يقدر عليه. ابن سيده: وتَمَكَّنَ من الشيءِ واسْتَمْكَنَ
ظَفِر، والاسم من كل ذلك المكانَةُ. قال أَبو منصور: ويقال أَمْكَنني
الأَمرُ، يمْكِنُني، فهو مُمْكِنٌ، ولا يقال أَنا أُمْكِنُه بمعنى أَستطيعه؛
ويقال: لا يُمْكِنُكَ الصعود إلى هذا الجبل، ولا يقال أَنت تُمْكِنُ
الصعود إليه.
وأَبو مَكِينٍ: رجلٌ.
والمَكْنانُ، بالفتح والتسكين: نبت ينبت على هيئة ورق الهِنْدِباء بعض
ورقه فوق بعض، وهو كثيف وزهرته صفراء ومَنْبتُه القِنانُ ولا صَيُّورَ له،
وهو أَبطأُ عُشْب الربيع، وذلك لمكان لينه، وهو عُشْبٌ
ليس من البقل؛ وقال أَبو حنيفة: المَكْنانُ من العشب ورقته صفراء وهو
لين كله، وهو من خير العُشْبِ إذا أَكلته الماشية غَزُرَتْ عليه فكثرت
أَلبانها وخَثُرتْ، واحدته مَكْنانةٌ. قال أَبو منصور: المَكْنان من بُقُول
الربيع؛ قال ذو الرمة:
وبالرَّوْضِ مَكْنانٌ كأَنَّ حَدِيقَهُ
زَرَابيُّ وَشَّتْها أَكُفُّ الصَّوانِعِ
وأَمْكَنَ المكانُ: أَنبت المَكْنانَ؛ وقال ابن الأَعرابي في قول الشاعر
رواه أَبو العباس عنه:
ومَجَرّ مُنْتَحَرِ الطَّليّ تَناوَحَتْ
فيه الظِّباء ببطن وادٍ مُْمْكِنِ
قال: مُمْكِن يُنْبِت المَكْنانَ، وهو نبت من أَحرار البقول؛ قال الشاعر
يصف ثوراً أَنشده ابن بري:
حتى غَدا خَرِماً طَأْى فَرائصَه،
يَرْعى شَقائقَ من مَرْعىً ومَكْنان
(*قوله «طأى فرائصه» هكذا في الأصل بهذا الضبط ولعله طيا فرائصه بمعنى
مطوية).
وأَنشد ابن بري لأَبي وجزة يصف حماراً:
تَحَسَّرَ الماءُ عنه واسْتَجَنَّ به
إلْفانِ جُنَّا من المَكْنانِ والقُطَبِ
جُمادَيَيْنِ حُسُوماً لا يُعايِنُه
رَعْيٌ من الناس في أَهْلٍ ولا غَرَبِ
وقال الراجز:
وأَنت إن سَرَّحْتَها في مَكْنانْ
وَجَدْتَها نِعْمَ غَبُوقُ الكَسْلانْ
رجل: الرَّجُل: معروف الذكرُ من نوع الإِنسان خلاف المرأَة، وقيل: إِنما
يكون رَجلاً فوق الغلام، وذلك إِذا احتلم وشَبَّ، وقيل: هو رَجُل ساعة
تَلِدُه أُمُّه إِلى ما بعد ذلك، وتصغيره رُجَيْل ورُوَيْجِل، على غير
قياس؛ حكاه سيبويه. التهذيب: تصغير الرجل رُجَيْل، وعامَّتهم يقولون
رُوَيْجِل صِدْق ورُوَيْجِل سُوء على غير قياس، يرجعون إِلى الراجل لأَن اشتقاقه
منه، كما أَن العَجِل من العاجل والحَذِر من الحاذِر، والجمع رِجال. وفي
التنزيل العزيز: واسْتَشْهِدوا شَهِيدَين من رِجالكم؛ أَراد من أَهل
مِلَّتكم، ورِجالاتٌ جمع الجمع؛ قال سيبويه: ولم يكسر على بناء من أَبنية
أَدْنى العدد يعني أَنهم لم يقولوا أَرْجال؛ قال سيبويه: وقالوا ثلاثةُ
رَجْلةٍ جعلوه بدلاً من أَرْجال، ونظيره ثلاثة أَشياء جعلوا لَفْعاء بدلاً
من أَفعال، قال: وحكى أَبو زيد في جمعه رَجِلة، وهو أَيضاً اسم الجمع لأَن
فَعِلة ليست من أَبنية الجموع، وذهب أَبو العباس إِلى أَن رَجْلة مخفف
عنه. ابن جني: ويقال لهم المَرْجَل والأُنثى رَجُلة؛ قال:
كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً،
غيرَ جيران بني جَبَله
خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم،
لم يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله
عَنى بجَيْبِها هَنَها وحكى ابن الأَعرابي: أَن أَبا زياد الكلابي قال
في حديث له مع امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يعني نفسه وامرأَته، كأَنه
أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة فغَلَّب المذكر.
وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صارت كالرَّجُل. وفي الحديث: كانت عائشة، رضي
الله عنها، رَجُلة الرأْي؛ قال الجوهري في جمع الرَّجُل أَراجل؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَهَمَّ بَنِيهِ صَيْفُهُم وشِتاؤهم،
وقالوا: تَعَدَّ واغْزُ وَسْطَ الأَراجِل
يقول: أَهَمَّهم نفقةُ صيفهم وشتائهم وقالوا لأَبيهم: تعدَّ أَي انصرف
عنا؛ قال ابن بري: الأَراجل هنا جمع أَرجال، وأَرجال جمع راجل، مثل صاحب
وأَصحاب وأَصاحيب إِلا أَنه حذف الياء من الأَراجيل لضرورة الشعر؛ قال
أَبو المُثَلَّم الهذلي:
يا صَخْرُ ورّاد ماء قد تتابَعَه
سَوْمُ الأَراجِيل، حَتَّى ماؤه طَحِل
وقال آخر:
كأَن رَحْلي على حَقْباء قارِبة
أَحْمى عليها أَبانَيْنِ الأَراجيل
أَبانانِ: جَبَلانِ؛ وقال أَبو الأَسود الدؤلي:
كأَنَّ مَصاماتِ الأُسود ببَطْنه
مَراغٌ، وآثارُ الأَراجِيلِ مَلْعَب
وفي قَصِيد كعب بن زهير:
تَظَلُّ منه سِباعُ الجَوِّ ضامزةً،
ولا تَمَشَّى بِواديه الأَراجِيلُ
وقال كثير في الأَراجل:
له، بجَبُوبِ القادِسِيَّة فالشَّبا،
مواطنُ، لا تَمْشي بهنَّ الأَراجلُ
قال: ويَدُلُّك على أَن الأَراجل في بيت أَبي ذؤيب جمع أَرجال أَن أَهل
اللغة قالوا في بيت أَبي المثلم الأَراجيل هم الرَّجَّالة وسَوْمُهم
مَرُّهُم، قال: وقد يجمع رَجُل أَيضاً على رَجْلة. ابن سيده: وقد يكون
الرَّجُل صفة يعني بذلك الشدّة والكمال؛ قال: وعلى ذلك أَجاز سيبويه الجر في
قولهم مررت برَجُلٍ رَجُلٍ أَبوه، والأَكثر الرفع؛ وقال في موضع آخر: إِذا
قلت هذا الرَّجُل فقد يجوز أَن تعْني كماله وأَن تريد كل رَجُل تكلَّم
ومشى على رِجْلَيْن، فهو رَجُل، لا تريد غير ذلك المعنى، وذهب سيبويه إِلى
أَن معنى قولك هذا زيد هذا الرَّجُل الذي من شأْنه كذا، ولذلك قال في
موضع آخر حين ذكر ابن الصَّعِق وابن كُرَاع: وليس هذا بمنزلة زيد وعمرو من
قِبَل أَن هذه أَعلام جَمَعَت ما ذكرنا من التطويل فحذفوا، ولذلك قال
الفارسي: إِن التسمية اختصار جُمْلة أَو جُمَل. غيره: وفي معنى تقول هذا رجل
كامل وهذا رجل أَي فوق الغلام، وتقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا
المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلة؛ وأَنشد:
فإِن يك قولُهمُ صادقاً،
فَسِيقَتْ نسائي إِليكم رِجَالا
أَي رواجلَ. والرُّجْلة، بالضم: مصدر الرَّجُل والرَّاجِل والأَرْجَل.
يقال: رَجُل جَيِّد الرُّجلة، ورَجُلٌ بيِّن الرُّجولة والرُّجْلة
والرُّجْليَّة والرُّجوليَّة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وهي من المصادر التي
لا أَفعال لها. وهذا أَرْجَل الرَّجُلين أَي أَشدُّهُما، أَو فيه
رُجْلِيَّة ليست في الآخر؛ قال ابن سيده: وأُراه من باب أَحْنَك الشاتين أَي أَنه
لا فعل له وإِنما جاء فعل التعجب من غير فعل. وحكى الفارسي: امرأَة
مُرْجِلٌ تلد الرِّجال، وإِنما المشهور مُذْكِر، وقالوا: ما أَدري أَيُّ ولد
الرجل هو، يعني آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وبُرْدٌ مُرَجَّلٌ:
فيه صُوَر كَصُوَر الرجال. وفي الحديث: أَنه لعن المُتَرَجِّلات من
النساء، يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في زِيِّهِم وهيآتهم، فأَما في العلم
والرأْي فمحمود، وفي رواية: لَعَنَ الله الرَّجُلة من النساء، بمعنى
المترجِّلة. ويقال: امرأَة رَجُلة إِذا تشبهت بالرجال في الرأْي
والمعرفة.والرِّجْل: قَدَم الإِنسان وغيره؛ قال أَبو إِسحق: والرَّجْل من أَصل
الفخذ إِلى القدم، أُنْثى. وقولهم في المثل: لا تَمْشِ برِجْلِ من أَبى،
كقولهم لا يُرَحِّل رَحْلَك من ليس معك؛ وقوله:
ولا يُدْرِك الحاجاتِ، من حيث تُبْتَغَى
من الناس، إِلا المُصْبِحون على رِجْل
يقول: إِنما يَقْضِيها المُشَمِّرون القِيام، لا المُتَزَمِّلون
النِّيام؛ فأَما قوله:
أَرَتْنيَ حِجْلاً على ساقها،
فَهَشَّ الفؤادُ لذاك الحِجِلْ
فقلت، ولم أُخْفِ عن صاحبي:
أَلابي أَنا أَصلُ تلك الرِّجِلْ
(* قوله «ألابي أنا» هكذا في الأصل، وفي المحكم: ألائي، وعلى الهمزة
فتحة).
فإِنه أَراد الرِّجْل والحِجْل، فأَلقى حركة اللام على الجيم؛ قال: وليس
هذا وضعاً لأَن فِعِلاً لم يأْت إِلا في قولهم إِبِل وإِطِل، وقد تقدم،
والجمع أَرْجُل، قال سيبويه: لا نعلمه كُسِّر على غير ذلك؛ قال ابن جني:
استغنوا فيه بجمع القلة عن جمع الكثرة. وقوله تعالى: ولا يَضْرِبْن
بأَرْجُلِهن ليُعْلَم ما يُخْفِين من زينتهن؛ قال الزجاج: كانت المرأَة ربما
اجتازت وفي رجلها الخَلْخال، وربما كان فيه الجَلاجِل، فإِذا ضَرَبت
برِجْلها عُلِم أَنها ذات خَلْخال وزينة، فنُهِي عنه لما فيه من تحريك الشهوة،
كما أُمِرْن أَن لا يُبْدِين ذلك لأَن إِسماع صوته بمنزلة إِبدائه. ورجل
أَرْجَل: عظيم الرِّجْل، وقد رَجِل، وأَرْكبُ عظيم الرُّكْبة، وأَرْأَس
عظيم الرأْس. ورَجَله يَرْجله رَجْلاً: أَصاب رِجْله، وحكى الفارسي رَجِل
في هذا المعنى. أَبو عمرو: ارْتَجَلْت الرَّجُلَ إِذا أَخذته برِجْله.
والرُّجْلة: أَن يشكو رِجْله. وفي حديث الجلوس في الصلاة: إِنه لجَفاء
بالرَّجُل أَي بالمصلي نفسه، ويروى بكسر الراء وسكون الجيم، يريد جلوسه على
رِجْله في الصلاة.
والرَّجَل، بالتحريك: مصدر قولك رَجِلَ، بالكسر، أَي بقي راجلاً؛
وأَرْجَله غيره وأَرْجَله أَيضاً: بمعنى أَمهله، وقد يأْتي رَجُلٌ بمعنى راجل؛
قال الزِّبْرِقان بن بدر:
آليت لله حَجًّا حافياً رَجُلاً،
إِن جاوز النَّخْل يمشي، وهو مندفع
ومثله ليحيى بن وائل وأَدرك قَطَريّ
بن الفُجاءة الخارجي أَحد بني مازن حارثي:
أَمَا أُقاتِل عن دِيني على فرس،
ولا كذا رَجُلاً إِلا بأَصحاب
لقد لَقِيت إِذاً شرّاً، وأَدركني
ما كنت أَرْغَم في جسمي من العاب
قال أَبو حاتم: أَما مخفف الميم مفتوح الأَلف، وقوله رجلاً أَي راجلاً
كما تقول العرب جاءنا فلان حافياً رَجُلاً أَي راجلاً، كأَنه قال أَما
أُقاتل فارساً ولا راجلاً إِلا ومعي أَصحابي، لقد لقيت إِذاً شَرًّا إِن لم
أُقاتل وحدي؛ وأَبو زيد مثله وزاد: ولا كذا أُقاتل راجلاً، فقال: إِنه
خرج يقاتل السلطان فقيل له أَتخرج راجلاً تقاتل؟ فقال البيت؛ وقال ابن
الأَعرابي: قوله ولا كذا أَي ما ترى رجلاً كذا؛ وقال المفضل: أَما خفيفة
بمنزلة أَلا، وأَلا تنبيه يكون بعدها أَمر أَو نهي أَو إِخبار، فالذي بعد
أَما هنا إِخبار كأَنه قال: أَما أُقاتل فارساً وراجلاً. وقال أَبو علي في
الحجة بعد أَن حكى عن أَبي زيد ما تقدم: فَرجُلٌ على ما حكاه أَبو زيد
صفة، ومثله نَدُسٌ وفَطُنٌ وحَذْرٌ وأَحرف نحوها، ومعنى البيت كأَنه يقول:
اعلموا أَني أُقاتل عن ديني وعن حَسَبي وليس تحتي فرس ولا معي أَصحاب.
ورَجِلَ الرَّجُلُ رَجَلاً، فهو راجل ورَجُل ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ
ورَجْلان؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ إِذا لم يكن له ظهر في سفر يركبه؛
وأَنشد ابن الأَعرابي:
عَلَيّ، إِذا لاقيت لَيْلى بخلوة،
أَنَ آزدار بَيْتَ الله رَجْلانَ حافيا
والجمع رِجَالٌ ورَجَّالة ورُجَّال ورُجَالى ورُجَّالى ورَجَالى
ورُجْلان ورَجْلة ورِجْلة ورِجَلة وأَرْجِلة وأَراجل وأَراجيل؛ وأَنشد لأَبي
ذؤيب:
واغُزُ وَسْط الأَراجل
قال ابن جني: فيجوز أَن يكون أَراجل جمع أَرْجِلة، وأَرْجِلة جمع رِجال،
ورجال جمع راجل كما تقدم؛ وقد أَجاز أَبو إِسحق في قوله:
في ليلة من جُمادى ذات أَنديةٍ
أَن يكون كَسَّر نَدًى على نِداء كجَمَل وجِمال، ثم كَسَّر نِداء على
أَندِية كرِداء وأَرْدِية، قال: فكذلك يكون هذا؛ والرَّجْل اسم للجمع عند
سيبويه وجمع عند أَبي الحسن، ورجح الفارسي قول سيبويه وقال: لو كان جمعاً
ثم صُغِّر لرُدَّ إِلى واحده ثم جُمِع ونحن نجده مصغراً على لفظه؛
وأَنشد:بَنَيْتُه بعُصْبةٍ من ماليا،
أَخشى رُكَيْباً ورُجَيْلاً عاديا
وأَنشد:
وأَيْنَ رُكَيْبٌ واضعون رِحالهم
إِلى أَهل بيتٍ من مقامة أَهْوَدا؟
ويروى: من بُيُوت بأَسودا؛ وأَنشد الأَزهري:
وظَهْر تَنُوفةٍ حَدْباء تمشي،
بها، الرُّجَّالُ خائفةً سِراعا
قال: وقد جاء في الشعر الرَّجْلة، وقال تميم بن أَبي
(* قوله «تميم بن
أبي» هكذا في الأصل وفي شرح القاموس. واأنشده الأزهري لأبي مقبل، وفي
التكملة: قال ابن مقبل) :
ورَجْلة يضربون البَيْضَ عن عُرُض
قال أَبو عمرو: الرَّجْلة الرَّجَّالة في هذا البيت، وليس في الكلام
فَعْلة جاء جمعاً غير رَجْلة جمع راجل وكَمْأَة جمع كَمْءٍ؛ وفي التهذيب:
ويجمع رَجاجِيلَ.
والرَّجْلان أَيْضاً: الراجل، والجمع رَجْلى ورِجال مثل عَجْلان وعَجْلى
وعِجال، قال: ويقال رَجِلٌ ورَجالى مثل عَجِل وعَجالى. وامرأَة رَجْلى:
مثل عَجْلى، ونسوة رِجالٌ: مثل عِجال، ورَجالى مثل عجالى. قال ابن بري:
قال ابن جني راجل ورُجْلان، بضم الراء؛ قال الراجز:
ومَرْكَبٍ يَخْلِطني بالرُّكْبان،
يَقي به اللهُ أَذاةَ الرُّجْلان
ورُجَّال أَيضاً، وقد حكي أَنها قراءة عبد الله في سورة الحج وبالتخفيف
أَيضاً، وقوله تعالى: فإِن خِفْتم فرِجالاً أَو رُكْباناً، أَي فَصَلُّوا
رُكْباناً ورِجالاً، جمع راجل مثل صاحب وصِحاب، أَي إِن لم يمكنكم أَن
تقوموا قانتين أَي عابدين مُوَفِّين الصَّلاةَ حَقَّها لخوف ينالكم
فَصَلُّوا رُكْباناً؛ التهذيب: رِجالٌ أَي رَجَّالة. وقوم رَجْلة أَي رَجَّالة.
وفي حديث صلاة الخوف: فإِن كان خوف هو أَشدّ من ذلك صَلوا رِجالاً
ورُكْباناً؛ الرِّجال: جمع راجل أَي ماش، والراجل خلاف الفارس. أَبو زيد: يقال
رَجِلْت، بالكسر، رَجَلاً أَي بقيت راجِلاً، والكسائي مثله، والعرب تقول
في الدعاء على الإِنسان: ما له رَجِلَ أَي عَدِمَ المركوبَ فبقي راجلاً.
قال ابن سيده: وحكى اللحياني لا تفعل كذا وكذا أُمُّك راجل، ولم يفسره،
إِلا أَنه قال قبل هذا: أُمُّك هابل وثاكل، وقال بعد هذا: أُمُّك عَقْري
وخَمْشى وحَيْرى، فَدَلَّنا ذلك بمجموعة أَنه يريد الحزن والثُّكْل.
والرُّجْلة: المشي راجلاً. والرَّجْلة والرِّجْلة: شِدَّة المشي؛ خكاهما أَبو
زيد.
وفي الحديث: العَجْماء جَرْحها جُبَار، ويَرْوي بعضم: الرِّجْلُ جُبارٌ؛
فسَّره من ذهب إِليه أَن راكب الدابة إِذا أَصابت وهو راكبها إِنساناً
أَو وطئت شيئاً بيدها فضمانه على راكبها، وإِن أَصابته برِجْلها فهو جُبار
وهذا إِذا أَصابته وهي تسير، فأَمَّا أَن تصيبه وهي واقفة في الطريق
فالراكب ضامن، أَصابت ما أَصابت بيد أَو رجل. وكان الشافعي، رضي الله عنه،
يرى الضمان واجباً على راكبها على كل حال، نَفَحَتْ برِجلها أَو خبطت
بيدها، سائرة كانت أَو واقفة. قال الأَزهري: الحدث الذي رواه الكوفيون أَن
الرِّجل جُبار غير صحيح عند الحفاظ؛ قال ابن الأَثير في قوله في الحديث:
الرِّجل جُبار أَي ما أَصابت الدابة برِجْلها فلا قَوَد على صاحبها، قال:
والفقهاء فيه مختلفون في حالة الركوب عليها وقَوْدها وسَوْقها وما أَصابت
برِجْلها أَو يدها، قال: وهذا الحديث ذكره الطبراني مرفوعاً وجعله
الخطابي من كلام الشعبي.
وحَرَّةٌ رَجْلاءُ: وهي المستوية بالأَرض الكثيرة الحجارة يَصْعُب المشي
فيها، وقال أَبو الهيثم: حَرَّة رَجْلاء، الحَرَّة أَرض حجارتها سُودٌ،
والرَّجْلاء الصُّلْبة الخَشِنة لا تعمل فيها خيل ولا إِبل ولا يسلكها
إِلا راجل. ابن سيده: وحَرَّة رَجْلاء لا يستطاع المشي فيها لخشونتها
وصعوبتها حتى يُتَرَجَّل فيها. وفي حديث رِفاعة الجُذامي ذِكْر رِجْلى، هي
بوزن دِفْلى، حَرَّةُ رِجْلى: في ديار جُذام. وتَرَجَّل الرجلُ: ركب
رِجْليه.والرَّجِيل من الخيل: الذي لا يَحْفى. ورَجُلٌ رَجِيل أي قَوِيٌّ على
المشي؛ قال ابن بري: كذلك امرأَة رَجِيلة للقوية على المشي؛ قال الحرب بن
حِلِّزة:
أَنَّى اهتديتِ، وكُنْتِ غير رَجِيلةٍ،
والقومُ قد قَطَعوا مِتان السِّجْسَج
التهذيب: ارْتَجَل الرجلُ ارتجالاً إِذا ركب رجليه في حاجته ومَضى.
ويقال: ارْتَجِلْ ما ارْتَجَلْتَ أَي اركب ما ركبت من الأُمور. وتَرَجَّل
الزَّنْدَ وارتجله: وضعه تحت رجليه. وتَرَجَّل القومُ إِذا نزلوا عن دوابهم
في الحرب للقتال. ويقال: حَمَلك الله على الرُّجْلة، والرُّجْلة ههنا:
فعل الرَّجُل الذي لا دابة له.
ورَجَلَ الشاةَ وارتجلها: عَقَلها برجليها. ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً
وارتجلها: علَّقها برجلها.
والمُرَجَّل من الزِّقاق: الذي يُسْلَخ من رِجْل واحدة، وقيل: الذي
يُسْلَخ من قِبَل رِجْله. الفراء: الجِلْد المُرَجَّل الذي يسلخ من رِجْل
واحدة، والمَنْجُول الذي يُشَقُّ عُرْقوباه جميعاً كما يسلخ الناسُ اليومَ،
والمُزَقَّق الذي يسلخ من قِبَل رأْسه؛ الأَصمعي وقوله:
أَيام أَلْحَفُ مِئْزَري عَفَرَ الثَّرى،
وأَغُضُّ كُلَّ مُرَجَّلٍ رَيَّان
(* قوله «أَيام ألحف إلخ» تقدم في ترجمة غضض:
أيام أسحب لمتي عفر الملا
ولعلهما روايتان).
أَراد بالمُرَجَّل الزِّقَّ الملآن من الخَمْر، وغَضُّه شُرْبُه. ابن
الأَعرابي: قال المفضل يَصِف شَعْره وحُسْنه، وقوله أَغُضّ أَي أَنْقُص منه
بالمِقْراض ليستوي شَعَثُه. والمُرَجَّل: الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط
مِرْجَل ومِسْرَح. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
الترَجُّل إِلا غِبًّا؛ الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه،
ومعناه أَنه كره كثرة الادِّهان ومَشْطَ الشعر وتسويته كل يوم كأَنه كره
كثرة التَّرفُّه والتنعم.
والرُّجْلة والترجيل: بياض في إِحدى رجلي الدابة لا بياضَ به في موضع
غير ذلك. أَبو زيد: نَعْجة رَجْلاء وهي البيضاء إِحدى الرجلين إِلى الخاصرة
وسائرها أَسود، وقد رَجِلَ رَجَلاً، وهو أَرْجَل. ونعجة رَجْلاء:
ابْيَضَّتْ رَِجْلاها مع الخاصرتين وسائرها أَسود. الجوهري: الأَرجل من الخيل
الذي في إِحدى رجليه بياض، ويُكْرَه إِلا أَن يكون به وَضَحٌ؛ غيره: قال
المُرَقِّش الأَصغر:
أَسِيلٌ نَبِيلٌ ليس فيه مَعابةٌ،
كُمَيْتٌ كَلَوْن الصِّرف أَرْجَل أَقرَح
فمُدِح بالرَّجَل لَمَّا كان أَقرح. قال: وشاة رَجْلاء كذلك. وفرس
أَرْجَل: بَيِّن الرَّجَل والرُّجْلة. ورَجَّلَت المرأَةُ ولدَها
(* قوله
«ورجلت المرأة ولدها» ضبط في القاموس مخففاً، وضبط في نسخ المحكم بالتشديد) :
وضَعَتْه بحيث خَرَجَتْ رِجْلاه قبْل رأْسه عند الولادة، وهذا يقال له
اليَتْن. الأُموي: إِذا وَلَدت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل وَلَّدتُها
الرُّجَيْلاء مثال الغُمَيْصاء، ووَلَّدتها طَبَقة بعد طَبَقة.
ورِجْلُ الغُراب: ضَرْب من صَرِّ الإِبل لا يقدر الفصيل على أَن يَرْضَع
معه ولا يَنْحَلُّ؛ قال الكميت:
صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ في النا
س، على من أَراد فيه الفجورا
رِجْلَ الغراب مصدر لأَنه ضرب من الصَّرِّ فهو من باب رَجَع القَهْقَرى
واشتمل الصَّمَّاء، وتقديره صَرًّا مثل صَرِّ رِجْل الغُراب، ومعناه
اسْتَحْكَم مُلكُك فلا يمكن حَلُّه كما لا يمكن الفَصِيلَ حَلُّ رِجْل
الغراب. وقوله في الحديث: الرُّؤيا لأَوَّلِ عابر وهي على رِجْل طائر أَي أَنها
على رِجْلِ قَدَرٍ جارٍ وقضاء ماضٍ من خير أَو شَرٍّ، وأَن ذلك هو الذي
قَسَمه الله لصاحبها، من قولهم اقتسموا داراً فطار سهمُ فلان في ناحيتها
أَي وَقَعَ سهمُه وخَرج، وكلُّ حَركة من كلمة أَو شيء يَجْري لك فهو
طائر، والمراد أَن الرؤيا هي التي يُعَبِّرها المُعَبِّر الأَول، فكأَنها
كانت على رِجْل طائر فسقطت فوقعتْ حيث عُبِّرت، كما يسقط الذي يكون على
رِجْل الطائر بأَدنى حركة. ورِجْل الطائر: مِيسَمٌ. والرُّجْلة: القُوَّةُ
على المشي. رَجِلَ الرَّجُلُ يَرْجَل رَجَلاً ورُجْلة إِذا كان يمشي في
السفر وحده ولا دابة له يركبها. ورَجُلٌ رُجْليٌّ: للذي يغزو على رِجليه،
منسوب إِلى الرُّجْلة. والرَّجيل: القَوِيُّ على المشي الصبور عله؛
وأَنشد:حَتى أُشِبَّ لها، وطال إِيابُها،
ذو رُجْلة، شَثْنُ البَراثِن جَحْنَبُ
وامرأَة رَجِيلة: صَبُورٌ على المشي، وناقة رَجِيلة. ورَجُل راجل
ورَجِيل: قويٌّ على المشي، وكذلك البعير والحمار، والجمع رَجْلى ورَجالى.
والرَّجِيل أَيضاً من الرجال: الصُّلْبُ. الليث: الرُّجْلة نجابة الرَّجِيل من
الدواب والإِبل وهو الصبور على طول السير، قال: ولم أَسمع منه فِعْلاً
إِلا في النعوت ناقة رَجِيلة وحمار رَجِيل. ورَجُل رَجِيل: مَشَّاء.
التهذيب: رَجُل بَيِّن الرُّجولِيَّة والرُّجولة؛ وأَنشد أَبو بكر:
وإِذا خَلِيلُك لم يَدُمْ لك وَصْلُه،
فاقطع لُبانَته بحَرْفٍ ضامِر،
وَجْناءَ مُجْفَرةِ الضُّلوع رَجِيلةٍ،
وَلْقى الهواجر ذاتِ خَلْقٍ حادر
أَي سريعة الهواجر؛ الرَّجِيلة: القَوية على المشي، وحَرْفٌ: شبهها
بحَرْف السيف في مَضائها. الكسائي: رَجُلٌ بَيِّن الرُّجولة وراجل بيِّن
الرُّجْلة؛ والرَّجِيلُ من الناس: المَشّاء الجيِّد المشي. والرَّجِيل من
الخيل: الذي لا يَعْرَق. وفلان قائم على رِجْلٍ إِذا حَزْبَه أَمْرٌ فقام
له. والرِّجْل: خلاف اليد. ورِجل القوس: سِيَتُها السفْلى، ويدها: سِيَتُها
العليا؛ وقيل: رِجْل القوس ما سَفَل عن كبدها؛ قال أَبو حنيفة: رِجْل
القوس أَتمُّ من يدها. قال: وقال أَبو زياد الكلابي القوّاسون يُسَخِّفون
الشِّقَّ الأَسفل من القوس، وهو الذي تُسميه يَداً، لتَعْنَت القِياسُ
فَيَنْفُق ما عندهم. ابن الأَعرابي: أَرْجُلُ القِسِيِّ إِذا أُوتِرَت
أَعاليها، وأَيديها أَسافلها، قال: وأَرجلها أَشد من أَيديها؛ وأَنشد:
لَيْتَ القِسِيَّ كلَّها من أَرْجُل
قال: وطَرفا القوس ظُفْراها، وحَزَّاها فُرْضتاها، وعِطْفاها سِيَتاها،
وبَعْدَ السِّيَتين الطائفان، وبعد الطائفين الأَبهران، وما بين
الأَبهَرَين كبدُها، وهو ما بين عَقْدَي الحِمالة، وعَقْداها يسميان الكُليتين،
وأَوتارُها التي تُشَدُّ في يدها ورجلها تُسَمَّى الوُقوف وهو المضائغ.
ورِجْلا السَّهم: حَرْفاه. ورِجْلُ البحر: خليجه، عن كراع. وارْتَجل الفرسُ
ارتجالاً: راوح بين العَنَق والهَمْلَجة، وفي التهذيب: إِذا خَلَط
العَنق بالهَمْلجة. وتَرَجَّل أَي مشى راجلاً. وتَرَجَّل البئرَ تَرَجُّلاً
وتَرَجَّل فيها، كلاهما: نزلها من غير أَن يُدَلَّى.
وارتجالُ الخُطْبة والشِّعْر: ابتداؤه من غير تهيئة. وارْتَجَل الكلامَ
ارْتجالاً إِذا اقتضبه اقتضاباً وتكلم به من غير أَن يهيئه قبل ذلك.
وارْتَجَل برأْيه: انفرد به ولم يشاور أَحداً فيه، والعرب تقول: أَمْرُك ما
ارْتَجَلْتَ، معناه ما استبددت برأْيك فيه؛ قال الجعدي:
وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم
عندي، ولكنَّ أَمْرَ المرء ما ارْتَجلا
وتَرَجَّل النهارُ، وارتجل أَي ارتفع؛ قال الشاعر:
وهاج به، لما تَرَجَّلَتِ الضُّحَى،
عصائبُ شَتى من كلابٍ ونابِل
وفي حديث العُرَنِيّين: فما تَرَجَّل النهارُ حتى أُتيَ بهم أَي ما
ارتفع النهار تشبيهاً بارتفاع الرَّجُل عن الصِّبا.
وشعرٌ رَجَلٌ ورَجِل ورَجْلٌ: بَيْنَ السُّبوطة والجعودة. وفي صفته، صلى
الله عليه وسلم: كان شعره رَجِلاً أَي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد
السبوطة بل بينهما؛ وقد رَجِل رَجَلاً ورَجَّله هو ترجيلاً، ورَجُلٌ رَجِلُ
الشَّعر ورَجَلُه، وجَمْعهما أَرجال ورَجالى. ابن سيده: قال سيبويه: أَما
رَجْلٌ، بالفتح، فلا يُكَسَّرُ استغنوا عنه بالواو والنون وذلك في
الصفة، وأَما رَجِل، وبالكسر، فإِنه لم ينص عليه وقياسه قياس فَعُل في الصفة،
ولا يحمل على باب أَنجاد وأَنكاد جمع نَجِد ونَكِد لقلة تكسير هذه الصفة
من أَجل قلة بنائها، إِنما الأَعرف في جميع ذلك الجمع بالواو والنون،
لكنه ربما جاء منه الشيء مُكَسَّراً لمطابقة الاسم في البناء، فيكون ما حكاه
اللغويون من رَجالى وأَرجال جمع رَجَل ورَجِل على هذا.
ومكان رَجِيلٌ: صُلْبٌ. ومكان رَجِيل: بعيد الطَّرفين موطوء رَكوب؛ قال
الراعي:
قَعَدوا على أَكوارها فَتَردَّفَتْ
صَخِبَ الصَّدَى، جَذَع الرِّعان رَجِيلاً
وطريق رَجِيلٌ إِذا كان غليظاً وَعْراً في الجَبَل. والرَّجَل: أَن
يُترك الفصيلُ والمُهْرُ والبَهْمة مع أُمِّه يَرْضَعها متى شاء؛ قال
القطاميّ:
فصاف غلامُنا رَجَلاً عليها،
إِرادَة أَن يُفَوِّقها رَضاعا
ورَجَلها يَرْجُلها رَجْلاً وأَرجلها: أَرسله معها، وأَرجلها الراعي مع
أُمِّها؛ وأَنشد:
مُسَرْهَدٌ أُرْجِل حتى فُطِما
ورَجَلَ البَهْمُ أُمَّه يَرْجُلها رَجْلاً: رَضَعها. وبَهْمة رَجَلٌ
ورَجِلٌ وبَهِمٌ أَرجال ورَجَل. وارْتَجِلْ رَجَلك أَي عليك شأْنَك
فالْزَمْه؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال: لي في مالك رِجْل أَي سَهْم. والرِّجْل:
القَدَم. والرِّجْل: الطائفة من الشيء، أُنثى، وخص بعضهم به القطعة العظيمة
من الجراد، والجمع أَرجال، وهو جمع على غير لفظ الواحد، ومثله كثير في
كلامهم كقولهم لجماعة البقر صِوَار، ولجماعة النعام خِيط، ولجماعة
الحَمِير عانة؛ قال أَبو النجم يصف الحُمُر في عَدْوها وتَطايُر الحصى عن
حوافرها:
كأَنما المَعْزاء من نِضالها
رِجْلُ جَرادٍ، طار عن خُذَّالها
وجمع الرِّجْل أَرجال. وفي حديث أَيوب، عليه السلام: أَنه كان يغتسل
عُرياناً فَخَرَّ عليه رِجْلٌ من جَراد ذَهَب؛ الرِّجل، بالكسر: الجراد
الكثير؛ ومنه الحديث: كأَنَّ نَبْلهم رِجْلُ جَراد؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه
دَخَل مكَّة رِجْلٌ من جَراد فَجَعل غِلْمانُ مكة يأْخذون منه، فقال:
أَمَا إِنَّهم لو علموا لم يأْخذوه؛ كَرِه ذلك في الحرم لأَنه صيد.
والمُرْتَجِل: الذي يقع بِرِجْلٍ من جَرَاد فيَشْتَوي منها أَو يطبخُ؛ قال
الراعي:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ، بأَعلى تَلْعة،
غَرْثانَ ضَرَّم عَرْفَجاً مبْلُولا
وقيل: المُرْتَجِل الذي اقتدح النار بزَنْدة جعلها بين رِجْليه وفَتل
الزَّنْدَ في فَرْضِها بيده حتى يُورِي، وقيل: المُرْتَجِل الذي نَصَب
مِرْجَلاً يطبخ فيه طعاماً. وارْتَجَل فلان أَي جَمَع قِطْعَة من الجَرَاد
ليَشْوِيها؛ قال لبيد:
فتنازعا سَبَطاً يطير ظِلالُه،
كدخان مُرتَجِلٍ يُشَبُّ ضِرَامُها
قال ابن بري: يقال للقِطْعة من الجراد رِجْل ورِجْلة. والرِّجْلة
أَيضاً: القطعة من الوحش؛ قال الشاعر:
والعَيْن عَيْن لِياحٍ لَجَلْجَلَتْ وَسَناً،
لرِجْلة من بَنات الوحش أَطفال
وارْتَجَل الرجلُ: جاء من أَرض بعيدة فاقتدح ناراً وأَمسك الزَّنْد
بيديه ورجليه لأَنه وحده؛ وبه فَسَّر بعضهم:
كدُخَان مُرْتَجِلٍ بأَعلى تَلْعةٍ
والمُرَجَّل من الجَراد: الذي ترى آثار أَجنحته في الأَرض. وجاءت رِجْلُ
دِفاعٍ أَي جيشٌ كثير، شُبّه برِجْل الجَراد. وفي النوادر: الرَّجْل
النَّزْوُ؛ يقال: بات الحِصَان يَرْجُل الخيلَ. وأَرْجَلْت الحِصانَ في
الخيل إِذا أَرسلت فيها فحلاً. والرِّجْل: السراويلُ الطاقُ؛ ومنه الخبر عن
النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه اشترى رِجْلَ سَراوِيل ثم قال للوَزَّان
زِنْ وأَرْجِحْ؛ قال ابن الأَثير: هذا كما يقال اشترى زَوْجَ خُفٍّ
وزوْجَ نَعْل، وإِنما هما زَوْجان يريد رِجْلَيْ سراويل لأَن السراويل من لباس
الرِّجْلين، وبعضهم يُسَمِّي السراويل رِجْلاً. والرِّجْل: الخوف والفزع
من فوت الشيء، يقال: أَنا من أَمري على رِجْلٍ أَي على خوف من فوته.
والرِّجْل، قال أَبو المكارم: تجتمع القُطُر فيقول الجَمَّال: لي الرِّجْل
أَي أَنا أَتقدم. والرِّجْل: الزمان؛ يقال: كان ذلك على رِجْل فلان أَي في
حياته وزمانه وعلى عهده. وفي حديث ابن المسيب: لا أَعلم نَبِيًّا هَلَكَ
على رِجْله من الجبابرة ما هَلَك على رِجْل موسى، عليه الصلاة والسلام،
أَي في زمانه. والرِّجْل: القِرْطاس الخالي. والرِّجْل: البُؤْس والفقر.
والرِّجْل: القاذورة من الرجال. والرِّجْل: الرَّجُل النَّؤوم.
والرِّجْلة: المرأَة النؤوم؛ كل هذا بكسر الراء. والرَّجُل في كلام أَهل اليمن:
الكثيرُ المجامعة، كان الفرزدق يقول ذلك ويزعم أَن من العرب من يسميه
العُصْفُورِيَّ؛ وأَنشد:
رَجُلاً كنتُ في زمان غُروري،
وأَنا اليومَ جافرٌ مَلْهودُ
والرِّجْلة: مَنْبِت العَرْفج الكثير في روضة واحدة. والرِّجْلة: مَسِيل
الماء من الحَرَّة إِلى السَّهلة. شمر: الرِّجَل مَسايِلُ الماء،
واحدتها رِجْلة؛ قال لبيد:
يَلْمُج البارضَ لَمْجاً في النَّدَى،
من مَرابيع رِياضٍ ورِجَل
اللَّمْج: الأَكل بأَطراف الفم؛ قال أَبو حنيفة: الرِّجَل تكون في
الغِلَظ واللِّين وهي أَماكن سهلة تَنْصَبُّ إِليها المياه فتُمْسكها. وقال
مرة: الرِّجْلة كالقَرِيِّ وهي واسعة تُحَلُّ، قال: وهي مَسِيل سَهْلة
مِنْبات.
أَبو عمرو: الراجلة كَبْش الراعي الذي يَحْمِل عليه متاعَه؛ وأَنشد:
فظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجِلةٍ،
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِد
أَي يَطْبُخ. والرِّجْلة: ضرب من الحَمْض، وقوم يسمون البَقْلة
الحَمْقاء الرِّجْلة، وإِنما هي الفَرْفَخُ. وقال أَبو حنيفة: ومن كلامهم هو
أَحمق من رِجْلة، يَعْنون هذه البَقْلة، وذلك لأَنها تنبت على طُرُق الناس
فتُدَاس، وفي المَسايل فيَقْلَعها ماء السيل، والجمع رِجَل.
والرِّجْل: نصف الراوية من الخَمْر والزيت؛ عن أَبي حنيفة. وفي حديث
عائشة: أُهدي لنا رِجْل شاة فقسمتها إِلاّ كَتِفَها؛ تريد نصف شاة طُولاً
فسَمَّتْها باسم بعضها. وفي حديث الصعب بن جَثَّامة: أَنه أَهدى إِلى
النبي، صلى الله عليه وسلم، رِجْل حمار وهو مُحْرِمٌ أَي أَحد شقيه، وقيل:
أَراد فَخِذه. والتَّراجِيل: الكَرَفْس، سواديّة، وفي التهذيب بِلُغَة
العجم، وهو اسم سَواديٌّ من بُقول البساتين. والمِرْجَل: القِدْر من الحجارة
والنحاسِ، مُذَكَّر؛ قال:
حتى إِذا ما مِرْجَلُ القومِ أَفَر
وقيل: هو قِدْر النحاس خاصة، وقيل: هي كل ما طبخ فيها من قِدْر وغيرها.
وارْتَجَل الرجلُ: طبخ في المِرْجَل. والمَراجِل: ضرب من برود اليمن.
المحكم: والمُمَرْجَل ضرب من ثياب الوشي فيه صور المَراجل، فمُمَرْجَل على
هذا مُمَفْعَل، وأَما سيبويه فجعله رباعيّاً لقوله:
بشِيَةٍ كشِيَةِ المُمَرْجَل
وجعل دليله على ذلك ثبات الميم في المُمَرْجَل، قال: وقد يجوز أَن يكون
من باب تَمَدْرَع وتَمَسْكَن فلا يكون له في ذلك دليل. وثوب مِرْجَلِيٌّ:
من المُمَرْجَل؛ وفي المثل:
حَدِيثاً كان بُرْدُك مِرْجَلِيّا
أَي إِنما كُسيت المَراجِلَ حديثاً وكنت تلبس العَبَاء؛ كل ذلك عن ابن
الأَعرابي. الأَزهري في ترجمة رحل: وفي الحديث حتى يَبْنَي الناسُ بيوتاً
يُوَشُّونها وَشْيَ المراحِل، ويعني تلك الثياب، قال: ويقال لها المراجل
بالجيم أَيضاً، ويقال لها الراحُولات، والله أعلم.
نقش: النَّقْشُ النَّقّاشُ
(* قوله «النقش النقاش» كذا ضبط في الأصل.)،
نَقَشَه يَنْقُشُه نَقْشاً وانْتَقَشَه: نَمْنَمَه، فهو مَنْقُوشٌ،
ونَقَّشَه تَنْقِيشاً، والنَقّاشُ صانِعُه، وحِرْفتُه النِّقَاشةُ، والمِنقاشُ
الآلةُ التي يُنْقَش بها؛ اَنشد ثعلب:
فواجَزَنَا إِنّ الفِراقَ يَرُوعُني
بمثل مَناقِيشِ الحُلِيّ قِصَارِ
قال: يعني الغِرْبان. والنَّقْشُ: النتْفُ بالمِنْقاشِ، وهو كالنَتْشِ
سواء. والمَنْقُوشةُ: الشجّةُ التي تُنْقَشُ منها العظامُ أَي تُستخرج؛
قال أَبو تراب: سمعت الغَنوِيّ يقول: المُنَقِّشةُ المُنَقِّلةُ من
الشِّجَاج التي تَنَقَّل منها العظامُ.
ونَقَشَ الشوكةَ يَنْقُشُها نَقْشاً وانْتَقَشها: أَخرجها من رِجْله.
وفي حديث أَبي هريرة: عَثَرَ فلا انْتَعَش، وشِيكَ فلا انْتَقَش أَي إِذا
دَخَلت فيه شوكةٌ لا أَخْرَجها من موضعها، وبه سمي المِنْقاشُ الذي
يُنْقَشُ به وقالوا: كأَن وجهَه نُقِشَ بقَتادةٍ أَي خُدِشَ بها، وذلك في
الكراهة والعُبُوس والغضَب.
وناقَشَه الحسابَ مُناقشةً ونِقاشاً: استقصاه. وفي الحديث: من نُوقِشَ
الحسابَ عُذّبَ أَي من استُقْصِي في مُحاسبته وحُوقِق؛ ومنه حديث عائشة،
رضي اللَّه عنها: من نُوقِشَ الحسابَ فقد هَلَك. وفي حديث عليّ، عليه
السلام: يَجْمَع اللَّهُ الأَوّلين والآخرين لنِقاشِ الحساب؛ وهو مصدر منه.
وأَصل المُناقَشة من نقَش الشركة إِذا استخرجها من جسمه، وقد نَقَشَها
وانْتَقَشها. أَبو عبيد: المُناقَشةُ الاستقصاء في الحساب حتى لا يُتْرَك
منه شيء. وانْتَقَش منه جميعَ حقِّه وتَنَقَّشه: أَخذه فلم يدَع منه شيئاً؛
قال الحرث بن حِلِّزة اليَشْكُرِيّ:
أَو نَقَشْتم، فالنَقْشُ يَجْشَمُه النا
سُ، وفيه الصِّحاحُ والإِبْراءُ
(* في معلقة الحرث بن حلِّزة: الأسقام بدل الصحاح.)
يقول: لو كان بيننا وبينكم محاسبةٌ عرفتم الصحة والبَراءَة؛ قال: ولا
أَحسَب نَقْش الشوكةِ من الرِّجْل إِلا من هذا، وهو استخراجُها حتى لا
يُترك منها شيء في الجسد؛ وقال الشاعر:
لا تَنْقُشَنّ برِجْل غيرك شَوكةً،
فتَقي بِرجْلِك رِجْلَ من قد شاكَها
والباء أُقيمت مُقام عن؛ يقول: لا تَنْقُشَنّ عن رِجْل غيرك شوكاً
فتجعله في رجلك؛ قال: وإِنما سمِّي المِنْقاشُ مِنْقاشاً لأَنه يُنْقَشُ به
أَي يِسْتخرج به الشوكُ.
والانْتِقاشُ: أَن تَنْتَقِشَ على فَصِّك أَي تسأَل النقّاشَ أَن
يَنْقُش على فَصِّك؛ وأَنشد لرجل نُدِب لعمَلٍ وكان له فرس يقال له
صِدامٌ:وما اتَّخذْتُ صِداماً للمُكوثِ بها،
وما انْتَقَشْتُك إِلا للوَصَرَّاتِ
قال: الوَصَرّةُ القَبالةُ بالدُّرْبةِ. وقوله: ما انْتَقَشْتك أَي ما
اخْتَرْتك.
وانْتَقَشَ الشيءَ: اختاره. ويقال للرجُل إِذا تخيّر لنفسه شيئاً: جادَ
ما انْتَقَشَه لنفسه. ويقال للرجل إِذا اتخذ لنفسه خادماً أَو غيره:
انْتَقَشَ لنفسه.
وفي الحديث: اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى خيراً فإِنه مالٌ رَقِيقٌ
وانْقُشُوا له عَطنَهُ؛ ومعنى النَّقْشِ تَنْقِيةُ مَرابِضِها مما يُؤذيها من
حجارة أَو شوك أَو غيره. والنَّقْشُ: الأَثَرُ في الأَرض؛ قال أَبو الهيثم:
كتبت عن أَعرابي يَذْهبُ الرَّمادُ حتى ما نَرَى له نَقْشاً أَي أَثراً في
الأَرض. والمَنْقُوشُ من البُسْرِ: الذي يُطْعَن فيه بالشوك ليَنْضَج
ويُرْطِبَ. أَبو عمرو: إِذا ضُرِب العِذْقُ بشوكة فأَرْطَبَ فذلك
المَنْقُوشُ،. والفِعْل منه النَّقْشُ. ويقال: نُقِشَ العذق، على ما لم يسمّ
فاعلُه، إِذا ظهر منه نُكَتٌ من الإِرْطابِ. وما نَقَشَ منه شيئاً أَي ما
أَصابَ، والمعروف ما نَتَشََ. ابن الأَعرابي: أَنقش إِذا أَدام نَقْشَ
جاريتِه، وأَنْقَشَ إِذا اسْتَقْصى على غَرِيمه. وانْتَقَشَ البعيرُ إِذا ضرَب
بيده الأَرضَ لشيء يَدخل في رجله؛ ومنه قيل: لَطَمَه لَطْمَ المُنْتَقِش؛
وقول الراجز:
نَقْشاً ورَبّ البيت أَيّ نَقْشِ
قال أَبو عمرو: يعني الجِماعَ.
بندق: البُنْدُق: الجِلَّوْزُ، واحدته بُنْدُقةٌ، وقيل: البُندق حمل شجر
كالجلَّوْز.
وبُنْدُقةُ: بَطن، قيل أَبو قبيلة من اليمن، وهو بُنْدُقةُ بن مَظَّةَ
بن سَعد العَشيرة، ومنه قولهم: حِدَأ حِدَأ وراءكِ بُنْدقةُ، وقد مضى
ذكره.والبُنْدُقُ: الذي يرمى به، والواحدة بُنْدُقة والجمع البنَادِقُ.
عرش: العَرْش: سرير الملِك، يدلُّك على ذلك سرير ملِكة سَبَإِ، سمَّاه
اللَّه عز وجل عَرْشاً فقال عز من قائل: إِني وجدتُ امرأَة تملكهم
وأُوتيتْ من كل شيءٍ، ولها عرش عظيمٌ؛ وقد يُستعار لغيره، وعرض الباري سبحانه
ولا يُحدُّ، والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ وعِرَشَةٌ. وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ:
فرفعتُ رأْسي فإِذا هو قاعدٌ على عَرْش في الهواء، وفي رواية: بين السماء
والأَرض، يعني جبريلَ على سرير. والعَرْش: البيتُ، وجمعه عُروشٌ. وعَرْش
البيت: سقفُه، والجمع كالجمع. وفي الحديث: كنت أَسمع قراءة رسول اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، وأَنا على عَرْشِي، وقيل: على عَرِيشٍ لي؛
العَرِيشُ والعَرْشُ: السقفُ، وفي الحديث: أَو كالقِنْديلِ المعلَّق بالعَْرش،
يعني بالسقف. وفي التنزيل: الرحمن على العَرْش استوى، وفيه؛ ويحمل عَرْشَ
ربِّك فوقهم يومئذ ثمانيةٌ؛ روي عن ابن عباس أَنه قال: الكرسيّ موضع
القدَمين والعَرْش لا يُقدَر قدرُه، وروي عنه أَنه قال: العَرْش مجلِس
الرحمن، وأَما ما ورد في الحديث: اهتزَّ العرشُ لموت سعد، فإِن العَرْش ههنا
الجِنَازة، وهو سرير الميت، واهتزازُه فَرَحُه بحمْل سعد عليه إِلى
مَدْفنِه، وقيل: هو عَرْش اللَّه تعالى لأَنه قد جاء في رواية أُخرى: اهتزَّ
عرشُ الرحمن لموْت سعد، وهو كِنايةٌ عن ارتياحِه بروحه حين صُعِد به
لكرامته على ربه، وقيل: هو على حذف مضافٍ تقديره: اهتزَّ أَهل العرش لقدومه على
اللَّه لما رأَوْا من منزلته وكرامته عند. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من
قرية أَهلكناها وهي ظالمة فهي خاويةٌ على عُروشِها؛ قال الزجاج: المعنى
أَنها خَلَتْ وخرّت على أَركانها، وقيل: صارت على سقُوفها، كما قال عز من
قائل: فجعلنا عالِيَها سافِلَها، أَراد أَن حيطانها قائمة وقد تهدَمت
سُقوفُها فصارت في قَرارِها وانقَعَرَت الحيطانُ من قواعدِها فتساقطت على
السُّقوف المتهدّمة قَبْلها، ومعنى الخاوِية والمنقعِرة واحد يدلُّك على ذلك
قول اللَّه عز وجل في قصَّة قوم معاد: كأَنهم أَعجازٌ نَخلٍ خاوِيةٍ؛
وقال في موضع آخر يذكر هلاكَهم أَيضاً: كأَنهم أَعجازُ نخلٍ مُنْقَعرٍ،
فمعنى الخاوية والمنقعر في الآيتين واحد، وهي المُنقلِعة من أُصولها حتى
خَوى مَنْبتُها. ويقال: انقَعَرَتِ الشجرة إِذا انقلَعتْ، وانقَعَر النبتُ
إِذا انقلَعَ من أَصله فانهدم، وهذه الصفة في خراب المنازل من أَبلغ ما
يوصف. وقد ذكر اللَّه تعالى في موضع آخر من كتابه ما دل على ما ذكرناه وهو
قوله: فأَتى اللَّه بُنيانَهم من القواعد فخرَّ عليهم السقفُ من فوقهم؛
أَي قلع أَبنيتَهم من أِساسها وهي القواعِدُ فتساقطت سُقوفُها، وعليها
القواعد، وحيطانُها وهم فيها، وإِنما قيل للمُنقَعِرِ خاوٍ أَي خالٍ، وقال
بعضهم في قوله تعالى: وهي خاوِية على عروشها؛ أَي خاوية عن عروشها
لتهدُّمِها، جعل على بمعنى عن كما قال اللَّه عز وجل: الذين إِذا اكتالُوا على
الناس يَسْتَوْفُون؛ أَي اكتالوا عنهم لأَنفسهم، وعُروشُها: سُقوفها، يعني
قد سقَط بعضُه على بعض، وأَصل ذلك أَن تسقُط السقوفُ ثم تسقُط الحيِطان
عليها. خَوَتْ: صارت خاوِيةً من الأَساس. والعَرْش أَيضاً: الخشَبة،
والجمع أَعراشٌ وعُروشٌ. وعرَش العَرْشَ يعرِشه ويعرُشه عَرْشاً: عَمِلَه.
وعَرْشُ الرجل: قِوام أَمره، منه. والعَرْش: المُلْك. وثُلَّ عَرْشُه:
هُدِم ما هو عليه من قِوام أَمره، وقيل: وَهَى أَمريه وذهَب عِزُّه؛ قال
زهير:تَداركْتُما الأَحْلافَ، قد ثُلَّ عَرْشُها،
وذُبيانَ إِذ زَلَّتْ بأَحلامِها النَّعْلُ
(* في الديوان: بأَقدامها بدلاً من بأَحلامها.)
والعَرْش: البيت والمنزل، والجمع عُرُش؛ عن كراع. والعَرْش كواكِبُ
قُدَّام السَّماك الأَعْزَلِ. قال الجوهري: والعَرْشُ أَربعةُ كَواكِبَ صغار
أَسفل من العَوَّاء، يقال إِنها عَجُزُ الأَسَدِ؛ قال ابن أَحمر:
باتت عليه ليلةٌ عَرْشيَّةٌ
شَرِبَتْ، وبات على نَقاً مُتهدِّمِ
وفي التهذيب: وعَرْشُ الثُّريَّا كواكِبُ قريبة منها. والعَرْشُ
والعَرِيش: ما يُستَظلُّ به. وقيل لرسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، يوم بدر:
أَلا نَبْني لك عَرِيشاً تتظلَّل به؟ وقالت الخنساء:
كان أَبو حسّان عَرْشاً خَوَى،
ممَّا بَناه الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ
أَي كان يظلُّنا، وجمعه عُروش وعُرُش. قال ابن سيده: وعندي أَن عُروشاً
جمع عَرْش، وعُرُشاً جمعُ عَرِيش وليس جمعَ عَرْشٍ، لأَن باب فَعْل
وفُعُل كرَهْن ورُهُن وسَحْل وسُحُل لا يتَّسع.
وفي الحديث: فجاءت حُمَّرةٌ جعلت تُعَرِّشُ؛ التَّعْرِيش: أَن ترتفع
وتظلَّل بجناحيها على من تحتها. والعَرْش: الأَصل يكون فيه أَربعُ نَخْلات
أَو خمسٌ؛ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو، وإِذا نبتتْ رواكِيبُ أَربعٌ أَو
خمسٌ على جِذْع النَّخْلَة فهو العَرِيشُ. وعَرْشُ البئر: طَيُّها
بالخشب. وعرشْت الرَّكِيَّة أَعرُشها وأَعرِشُها عَرْشاً: طَويْتُها من
أَسفلها قدرَ قامةٍ بالحجارة ثم طَوَيْتُ سائرَها بالخشب، فهي مَعْرُوشةٌ، وذلك
الخشب هو العَرْش، فأَما الطيُّ فبالحجارة خاصَّة، وإِذا كانت كلها
بالحجارة، فهي مطويَّة وليست بمعروشة، والعَرْشُ: ما عَرَشْتها به من الخشب،
والجمع عُروشٌ. والعَرْشُ: البناء الذي يكون على فَمِ البئر يقوم عليه
الساقي، والجمع كالجمع؛ قال الشاعر:
أَكُلَّ يومٍ عَرْشُها مَقِيلي
وقال القَطامي عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ:
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ،
إِذا استُلَّ من تحت العُرُوشِ الدَّعائمُ
فلم أَرَ ذا شَرٍّ تَماثَلَ شَرُّهُ،
على قومِه، إِلا انتهى وهو نادمُ
أَلم تَرَ لِلبنْيانِ تَبْلى بُيوتُهُ،
وتَبْقَى من الشِّعْرِ البُيوتُ الصوارِمُ؟
يريد أَبياتَ الهِجاء. والصوارِمُ: القواطِع. والمثابةُ: أَعلى البئر
حيث يقوم المستقي. قال ابن بري: والعَرْش على ما قاله الجوهري بناءٌ يُبنى
من خشب على رأْس البئْر يكون ظِلالاً، فإذا نُزِعت القوائمُ سقطتِ
العُروشُ، ضَرَبَهُ مثلاً.
وعَرْشُ الكَرْمِ: ما يُدْعَمُ به من الخشب، والجمع كالجمع. وعَرَشَ
الكَرْمَ يَعْرِشُه ويعرُشه عَرْشاً وعُرُوشاً وعَرَّشَه: عَمِل له عَرْشاً،
وعَرَّشَه إِذا عَطَف العِيدان التي تُرْسَل عليها قُضْبان الكَرْم،
والواحد عَرْش والجمع عُروش، ويقال: عَرِيش وجمعه عُرُشٌ. ويقال: اعْتَرَشَ
العِنَبُ العَريشَ اعْتِراشاً إِذا عَلاه على العِراش. وقوله تعالى:
جَنَّاتٍ مَعْرُوشات؛ المعروشاتُ: الكُرُوم. والعَرِيشُ ما عَرَّشْتَه به،
والجمع عُرُشٌ. والعَرِيشُ: شِبْهُ الهَوْدَج تقْعُد فيه المرأَةُ على
بَعِيرٍ وليس به؛ قال رؤبة:
إِمَّا تَرَيْ دَهْراً حَناني خَفْضا
أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
وبئرٌ مَعْروشةُ وكُرُومٌ مَعْروشاتٌ. وعرَشَ يعْرِشُ ويعرُش عَرْشاً
أَي بَنى بِناءً من خشبٍ. والعَرِيشُ: خَيْمةٌ من خشب وثُمام. والعُروش
والعُرُش: بيوت مكة، واحدها عَرْشٌ وعَرِيشٌ، وهو منه لأَنها كانت تكون
عِيداناً تُنْصَبُ ويُظَلَّلُ عليها؛ عن أَبي عبيد: وفي حديث ابن عمر: أَنه
كان يَقْطع التَلْبِيةَ إِذا نَظَر إِلى عُروش مكة؛ يعني بيوتَ أَهل
الحاجة منهم، وقال ابن الأَثير: بيوت مكة لأَنها كانت عيداناً تنصب ويُظَلَّل
عليها. وفي حديث سعد قيل له: إِن معاوية يَنْهانا عن مُتْعة الحج، فقال:
تَمَتَّعْنا مع رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ومعاويةُ كافر
بالعُرُشِ؛ أَراد بيوت مكة، يعني وهو مقيم بعُرُش مكة أَي بيوتها في حال
كُفْرِه قبل إِسلامِه، وقيل أَراد بقوله كافر الاخْتِفاء والتغطّي؛ يعني أَنه
كان مُخْتفياً في بيوت مكة، فمن قال عُرُش فواحدها عريشٌ مثل قَليبٍ
وقُلُبٍ، ومن قال عُروش فواحدها عريشٌ مثل قَليبِ وقُلُبٍ، ومن قال عُروش
فواحدها عَرش مثل فَلْس وفُلوس. والعَريش والعَرْشُ: مكةُ نفسُها كذلك؛ قال
الأَزهري: وقد رأَيتُ العربَ تسمي المَظالَّ التي تُسَوَّى من جريد النخل
ويُطْرح فوقها التُّمام عُرُشاً، والواحد منها عَريش: ثم يُجْمع عُرْشاً،
ثم عُروشاً جمعَ الجمعِ. وفي حديث سهل بن أَبي خَيْثَمة: إِني وجدت ستين
عَرِيشاً فأَلقيت لهم من خَرْصِها كذا وكذا؛ أَراد بالعَرِيش أَهل البيت
لأَنهم كانوا يأْتون النَّخيل فيَبْتَنُون فيه من سَعَفِه مثل الكُوخ
فيُقِيمون فيه يأْكلون مدّة حَمْله الرُّطَبَ إِلى أَن يُصْرَمَ. ويقال
للحَظِيرة التي تُسَوَّى للماشية تكُنّها من البَرد: عَريشٌ.
والإِعْراشُ: أَن تمْنَع الغنمَ أَن تَرْتَع، وقد أَعْرَشْتها إِذا
مَنعْتها أَن ترتع؛ وأَنشد:
يُمْحى به المَحْلُ وإِعْراشُ الرُّمُم
ويقال: اعْرَوَّشْتُ الدابةَ واعنَوَّشْته
(* قوله «واعنوشته» هو في
الأصل بهذا الضبط .) وتَعَرْوَشْته إِذا ركبته. وناقة عُرْشٌ: ضخْمة كأَنها
مَعْروشة الزَّوْر؛ قال عبدةُ بن الطبيب:
عُرْشٌ تُشِيرُ بقِنْوانٍ إِذا زُجِرَتْ،
من خَصْبة، بقِيَتْ منها شَمالِيلُ
وبعيرٌ مَعْروشُ الجَنْبين: عظيمُهما كما تُعْرَشُ البئر إِذا طُوِيتْ.
وعَرْشُ القَدَمِ وعُرْشُها: ما بين عَيرِها وأَصابعها من ظاهرٍ، وقيل:
هو ما نَتأَ في ظهرها وفيه الأَصابعُ، والجمع أَعْراشٌ وعِرَشة. وقال ابن
الأَعرابي: ظهرُ القدم العَرْش وباطنُه الأَخْمَص. والعُرْشانِ من
الفرس: آخرُ شَعرِ العُرْف. وعُرْشا العُنُق: لَحْمتان مسْتَطِيلتان بينهما
الفَقارُ، وقيل: هما موضعا المِحْجَمَتين؛ قال العجاج:
يَمْتَدّ عُرْشا عُنْقِه للُقْمَتِهْ
ويروى: وامتدَّ عُرْشا. وللعنُقِ عُرْشان بينهما القفا، وفيهما
الأَخْدَعانِ، وهما لحمتان مُسْتطيلتانِ عِدا العُنُق؛ قال ذو الرمة:
وعبدُ يَغُوث يَحْجُلُ الطَّيْرُ حوله،
قد احْتَزّ عُرْشَيهِ الحُسامُ المُذَكَّرُ
لنا الهامةُ الأُولى التي كلُّ هامةٍ،
وإِن عظُمَتْ، منها أَذَلُّ وأَصْغَرُ
وواحدهما عُرْش، يعني عبد يغوث بن وقّاص المُحاربي، وكان رئيسَ مَذْحِج
يومَ الكُلاب ولم يُقْتل ذلك اليومَ، وإِنما أُسِرَ وقُتِل بعد ذلك؛
وروي: قد اهْتَذّ عُرْشَيه أَي قَطَع، قال ابن بري: في هذا البيت شاهِدانِ:
أَحدُهما تقديمُ مِنْ على أَفْعَل، والثاني جواز قولهم زيد أَذلُّ من
عُمرٍو، وليس في عَمْرٍو ذُلٌّ؛ على حد قول حسان:
فَشَرُّكُما لِخيرِكُما الفِداءُ
وفي حديث مَقْتَل أَبي جهل قال لابن مسعود: سَيْفُك كَهامٌ فخُذْ سَيفي
فاحْتَزَّ به رأْسي من عُرْشِي؛ قال: العُرْشُ عِرْقٌ في أَصل العُنُق.
وعُرْشا الفرسِ: مَنْبِت العُرْفِ فوق العِلْباوَيْنِ.
وعَرْشَ الحِمارُ بعانَتهِ تَعْريشاً: حَمَلَ عليها فاتحاً فمَه رافعاً
صوتَه، وقيل إِذا شَحَا بعد الكَرْفِ؛ قال رؤبة:
كأَنّ حيث عَرَّشَ القَبائلا
من الصَّبِيّيْنِ وحِنُوًا ناصِلا
والأُذُنان تُسَمَّيان: عُرْشَينِ لِمُجاوَرَتِهما العُرْشَين. أَراد
فلان أَن يُقِرّ لي بحقّي فَنَفَث فلانٌ في عُرْشَيهِ، وإِذا سارَّه في
أُذُنيه فقد دَنا من عُرْشَيْهِ. وعَرَشَ بالمكان يَعْرِش عُرُوشاً
وتَعرَّش: ثبَتَ. وعَرِشَ بغَرِيمه عرَشاً: لزِمَه. والمُتَعَرْوِشُ:
المُسْتَظِلّ بالشجرة. وعَرَّشَ عني الأَمرُ أَي أَبْطأَ: قال الشماخ.
ولما رأَيتُ الأَمرَ عَرْشَ هَوِيّةٍ،
تسَلّيْتُ حاجاتِ الفؤاد بشَمَّرا
الهَوِيّةُ: موضعٌ يَهْوِي مَنْ عليه أَي يَسْقُط؛ يصِفُ فوتَ الأَمرِ
وصعوبتَه بقوله عَرْشَ هَوِيّة. ويقال الكلب إِذا خَرِقَ فلم يَدْنُ
للصيد: عَرِشَ وعَرِسَ.
وعُرْشانٌ: اسمٌ. والعُرَيْشانُ: اسم؛ قال القتَّال الكِلابي:
عفا النَّجْبُ بعدي فالعُرَيْشانُ فالبُتْرُ
عرض: العَرْضُ: خلافُ الطُّول، والجمع أَعراضٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاجِ الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ
وفي الكثير عُرُوضٌ وعِراضٌ؛ قال أََبو ذؤيب يصف برذوناً:
أَمِنْكَ بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه،
كأَنَّه في عِراضِ الشامِ مِصباحُ؟
وقال الجوهري: أَي في شِقِّه وناحِيتِه. وقد عَرُضَ يَعْرُضُ عِرَضاً
مثل صَغُرَ صِغَراً، وعَراضةً، بالفتح؛ قال جرير:
إِذا ابْتَدَرَ الناسُ المَكارِمَ، بَذَّهُم
عَراضةُ أَخْلاقِ ابن لَيْلَى وطُولُها
فهو عَرِيضٌ وعُراضٌ، بالضم، والجمع عِرْضانٌ، والأُنثى عَرِيضةٌ
وعُراضةٌ.
وعَرَّضْتُ الشيء: جعلته عَرِيضاً، وقال الليث: أَعْرَضْتُه جعلته
عَرِيضاً. وتَعْرِيضُ الشيء: جَعْلُه عَرِيضاً. والعُراضُ أَيضاً: العَرِيضُ
كالكُبارِ والكَبِيرِ. وفي حديث أُحُد: قال للمنهزمين لقد ذَهَبْتُمْ فيها
عَرِيضةً أَي واسعةً. وفي الحديث: لئن أَقْصَرْتَ الخُطْبةَ لقد
أَعْرَضْتَ المسأَلة أَي جِئْتَ بالخطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة واسعة كبيرة.
والعُراضاتُ: الإِبل العَرِيضاتُ الآثار. ويقال للإِبل: إِنها العُراضاتُ
أَثَراً؛ قال الساجع: إِذا طَلَعت الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ مَطَرا، فلا
تَغْذُوَنَّ إِمَّرةً ولا إِمَّرا، وأَرْسِلِ العُراضاتِ أَثَرَا،
يَبْغِيْنَكَ في الأَرضِ مَعْمَرا؛ السفَر: بياضُ النهار، والإِمَّرُ الذكر من ولد
الضأْن، والإِمَّرةُ الأُنثى، وإِنما خص المذكور من الضأْن وإِنما أَراد
جميع الغنم لأَنها أَعْجَزُ عن الطَّلَب من المَعَزِ، والمَعَزُ
تُدْرِكُ ما لا تُدْرِكُ الضأْنُ. والعُراضاتُ: الإِبل. والمَعْمَرُ: المنزل
بدارِ مَعاشٍ؛ أَي أَرسِلِ الإِبل العَرِيضةَ الآثار عليها رُكْبانُها
لِيَرْتادُوا لك منزلاً تَنْتَجِعُه، ونَصَبَ أَثراً على التمييز. وقوله
تعالى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ؛ أَي واسع وإِن كان العَرْضُ إِنما يقع في
الأَجسام والدعاءُ ليس بجسم. وأَعْرَضَتْ بأَولادها: ولدتهم عِراضاً.
وأَعْرَضَ: صار ذا عَرْض. وأَعْرَض في الشيء: تَمَكَّن من عَرْضِه؛ قال ذو
الرمة:فَعال فَتىً بَنَى وبَنَى أَبُوه،
فأَعْرَضَ في المكارِمِ واسْتَطالا
جاءَ به على المثَل لأَن المَكارمَ ليس لها طُولٌ ولا عَرْضٌ في
الحقيقة. وقَوْسٌ عُراضةٌ: عَرِيضةٌ؛ وقول أَسماء بن خارجة أَنشده ثعلب:
فَعَرَضْتُهُ في ساقٍ أَسْمَنِها،
فاجْتازَ بَيْنَ الحاذِ والكَعْبِ
لم يفسره ثعلب وأُراه أَراد: غَيَّبْتُ فيها عَرْضَ السيف. ورجل عَرِيضُ
البِطانِ: مُثْرٍ كثير المال. وقيل في قوله تعالى: فذو دُعاءٍ عَرِيضٍ،
أَراد كثير فوضع العريض موضع الكثير لأَن كل واحد منهما مقدار، وكذلك لو
قال طَوِيل لَوُجِّهَ على هذا، فافهم، والذي تقدَّم أَعْرفُ.
وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُود كاملة. وهو يمشي بالعَرْضِيَّةِ
والعُرْضِيَّةِ؛ عن اللحياني، أَي بالعَرْض.
والعِراضُ: من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ، قيل: هو خطٌّ في الفَخِذِ عَرْضاً؛
عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي، تقول منه: عَرَضَ بعيره عَرْضاً.
والمُعَرَّضُ: نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ؛ قال الراجز:
سَقْياً بحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ
تقول منه: عَرَّضْتُ الإِبل. وإِبل مُعَرَّضةٌ: سِمَتُها العِراضُ في
عَرْضِ الفخذ لا في طوله، يقال منه: عَرَضْتُ البعير وعَرَّضْتُه
تَعْرِيضاً.
وعَرَضَ الشيءَ عليه يَعْرِضُه عَرْضاً: أَراهُ إِيّاه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
وقدْ كانَ يوم الليِّثِ لو قُلْتَ أُسْوةٌ
ومَعْرَضَةٌ، لو كنْتَ قُلْتَ لَقابِلُ،
عَلَيَّ، وكانوا أَهْلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ
ومَجْدٍ، إِذا ما حوَّضَ المَجْد نائِلُ
أَراد: لقد كان لي في هؤلاء القوم الذين هلكوا ما آتَسِي به، ولو
عَرَضْتَهُم عليَّ مكان مُصِيبتي بابني لقبِلْتُ، وأَراد: وَمَعْرضةٌ عليَّ
ففصل. وعَرَضْتُ البعيرَ على الحَوْضِ، وهذا من المقلوب، ومعناه عَرَضْتُ
الحَوْضَ على البعير. وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ على البَيْعِ عَرْضاً،
وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم
عليك ونَظَرْتَ ما حالُهم، وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا
هم. ويقال: اعْتَرَضْتُ على الدابةِ إِذا كنتَ وقْتَ العَرْض راكباً، قال
ابن بري: قال الجوهري وعَرَضْتُ بالبعير على الحوض، وصوابه عَرَضْتُ
البعير، ورأَيت عِدّة نسخ من الصحاح فلم أَجد فيها إِلا وعَرَضْتُ البعير،
ويحتمل أَن يكون الجوهري قال ذلك وأَصلح لفظه فيما بعد.
وقد فاته العَرْضُ والعَرَضُ، الأَخيرة أَعلى، قال يونس: فاته العَرَضُ،
بفتح الراء، كما يقول قَبَضَ الشيءَ قَبْضاً، وقد أَلقاه في القَبَض أَي
فيما قَبَضه، وقد فاته العَرَضُ وهو العَطاءُ والطَّمَعُ؛ قال عدي ابن
زيد:
وما هذا بأَوَّلِ ما أُلاقِي
مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ الفَرِيبِ
أَي الطَّمَع القريب. واعْتَرَضَ الجُنْدَ على قائِدِهم، واعْتَرَضَ
الناسَ: عَرَضَهم واحداً واحداً. واعْتَرَضَ المتاعَ ونحوه واعْتَرَضَه على
عينه؛ عن ثعلب، ونظر إِليه عُرْضَ عيْنٍ؛ عنه أَيضاً، أَي اعْتَرَضَه على
عينه. ورأَيته عُرْضَ عَيْنٍ أَي ظاهراً عن قريب. وفي حديث حذيفة:
تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحَصِير؛ قال ابن الأَثير: أَي توضَع
عليها وتُبْسَطُ كما تُبْسَطُ الحَصِيرُ، وقيل: هو من عَرْض الجُنْدِ بين
يدي السلطان لإِظهارهم واختبار أَحوالهم. ويقال: انطلق فلان يَتَعَرَّضُ
بجَمله السُّوق إِذا عَرَضَه على البيع. ويقال: تَعَرَّضْ أَي أَقِمْهُ في
السوق.
وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً: قابَلَه، وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي
قابلته. وفلان يُعارِضُني أَي يُبارِيني. وفي الحديث: إِن جبريل، عليه
السلام، كان يُعارِضُه القُرآنَ في كل سنة مرة وإِنه عارضَه العامَ مرتين،
قال ابن الأَثير: أَي كان يُدارِسُه جمِيعَ ما نزل من القرآن من
المُعارَضةِ المُقابلةِ.
وأَما الذي في الحديث: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا اعتراضَ فهو أَن
يَعْتَرِضَ رجل بفَرسِه في السِّباق فَيَدْخُلَ مع الخيل؛ ومنه حديث سُراقة:
أَنه عَرَضَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَبي بكر الفَرسَ أَي
اعْتَرَضَ به الطريقَ يَمْنَعُهما من المَسِير. وأَما حديث أَبي سعيد: كنت
مع خليلي، صلّى اللّه عليه وسلّم، في غزوة إِذا رجل يُقَرِّبُ فرساً في
عِراضِ القوم، فمعناه أَي يَسِيرُ حِذاءَهم مُعارِضاً لهم. وأَما حديث
الحسن بن عليّ: أَنه ذَكَرَ عُمر فأَخذ الحسينُ في عِراضِ كلامه أَي في مثل
قوله ومُقابِله. وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عارَضَ جَنازَة أَبي طالب أَي أَتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق ولم يتبعْها
من منزله. وعَرَضَ من سلعته: عارَضَ بها فأَعْطَى سِلْعةً وأَخذ أُخرى.
وفي الحديث: ثلاثٌ فيهن البركة منهن البَيْعُ إِلى أَجل والمُعارَضةُ أَي
بيع العَرْض بالعَرْض، وهو بالسكون المَتاعُ بالمتاع لا نَقْدَ فيه.
يقال: أَخذت هذه السلعة عرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ في مقابلتها سلعة أُخرى.
وعارضَه في البيع فَعَرَضَه يَعْرُضُه عَرْضاً: غَبَنَه. وعَرَضَ له مِن
حقِّه ثوباً أَو مَتاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَضَ به: أَعْطاهُ إِيّاهُ
مكانَ حقِّه، ومن في قولك عَرَضْتُ له من حَقِّه بمعنى البدل كقول اللّه
عزّ وجلّ: ولو نشاءُ لجعلنا منكم ملائكة في الأَرض يَخْلُفُون؛ يقول: لو
نشاءُ لجعلنا بدلكم في الأَرض ملائكة. ويقال: عَرَّضْتُك أَي عَوَّضْتُك.
والعارِضُ: ما عَرَضَ من الأَعْطِيَة؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسيّ:
يا لَيْلُ، أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ
هلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟
قاله يخاطب امرأَة خطبها إِلى نفسها ورَغَّبها في أَنْ تَنْكِحه فقال:
هل لك رَغْبةٌ في مائة من الإِبل أَو أَكثر من ذلك؟ لأَن الهجمة أَوَّلُها
الأَربعون إِلى ما زادت يجعلها لها مَهْراً، وفيه تقديم وتأْخير،
والمعنى هل لك في مائة من الإِبل أَو أَكثر يُسْئِرُ منها قابِضُها الذي يسوقها
أَي يُبْقِي لأَنه لا يَقْدِر على سَوْقِها لكثرتها وقوتها لأَنها
تَفَرَّقُ عليه، ثم قال: والعارِضُ منكِ عائِضٌ أَي المُعْطِي بدلَ بُضْعِكِ
عَرْضاً عائِضٌ أَي آخِذٌ عِوَضاً مِنْكِ بالتزويج يكون كِفاءً لما عَرَضَ
منك. ويقال: عِضْتُ أَعاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً، وعُضْتُ أَعُوضُ
إِذا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ، فقوله عائِضٌ من عِضْتُ لا من عُضْتُ،
ومن رَوَى يَغْدِرُ، أَراد يَتْرُكُ من قولهم غادَرْتُ الشيء. قال ابن
بري: والذي في شعره والعائِضُ منكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ منك عِوَضٌ كما
تقول الهِبَةُ مِنكَ هِبَةٌ أَي لها مَوْقِعٌ. ويقال: كان لي على فلان
نَقْدٌ فأَعْسَرْتُه فاعْتَرَضْتُ منه. وإِذا طلب قوم عند قوم دَماً فلم
يُقِيدُوهم قالوا: نحن نَعْرِضُ منه فاعْتَرِضُوا منه أَي اقْبَلُوا الدية.
وعَرَضَ الفَرَسُ في عَدْوِه: مَرَّ مُعْتَرِضاً. وعَرَضَ العُودَ على
الإِناءِ والسَّيْفَ على فَخِذِه يَعْرِضُه عَرْضاً ويَعْرُضُه، قال
الجوهري: هذه وحدها بالضم. وفي الحديث: خَمِّرُوا آنِيَتَكم ولو بِعُود
تَعْرُضُونَه عليه أَي تَضَعُونَه مَعْرُوضاً عليه أَي بالعَرْض؛ وعَرَضَ
الرُّمْحَ يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَّضَه؛ قال النابغة:
لَهُنَّ عَلَيْهم عادَةٌ قدْ عَرَفْنَها،
إِذا عَرَّضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكَواثِبِ
وعَرَضَ الرامي القَوْسَ عَرْضاً إِذا أَضجَعها ثم رَمى عنها. وعَرَضَ
له عارِضٌ من الحُمَّى وغَيرها. وعَرَضْتُهم على السيف قَتْلاً. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ واعترَضَ: انتَصَبَ ومَنَعَ وصار عارِضاً كالخشَبةِ
المنتصبةِ في النهر والطريق ونحوها تَمْنَعُ السالكين سُلوكَها. ويقال:
اعتَرَضَ الشيءُ دون الشيءِ أَي حال دونه. واعتَرَضَ الشيءَ: تَكَلَّفَه.
وأَعرَضَ لك الشيءُ من بَعِيدٍ: بدَا وظَهَر؛ وأَنشد:
إِذا أَعْرَضَتْ داويَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقا
(* قوله «فلقا» بالكسر هو الامر العجب، وأَنشد الصحاح: إِذا اعرضت البيت
شاهداً عليه وتقدم في غرد ضبطه بفتح الفاء.)
أَي بَدَتْ. وعَرَضَ له أَمْرُ كذا أَي ظهر. وعَرَضْتُ عليه أَمر كذا
وعَرَضْتُ له الشيء أَي أَظهرته له وأَبْرَزْتُه إِليه. وعَرَضْتُ الشيءَ
فأَعْرَضَ أَي أَظْهَرْتُه فظهر، وهذا كقولهم كَبَبْتُه فأَكَبَّ، وهو من
النوادر. وفي حديث عمر: تَدَعُون أَميرَ المؤمنين وهو مُعْرَضٌ لكم؛ هكذا
روي بالفتح، قال الحَرْبيّ: والصواب بالكسر. يقال: أَعْرَضَ الشيءُ
يُعْرِضُ من بعيد إِذا ظهَر، أَي تَدَعُونه وهو ظاهر لكم. وفي حديث عثمان بن
العاص: أَنه رأَى رجلاً فيه اعتِراضٌ، هو الظهور والدخول في الباطل
والامتناع من الحق. قال ابن الأَثير: واعتَرَضَ فلان الشيءَ تَكَلَّفَه.
والشيءُ مُعْرِضٌ لك: موجود ظاهر لا يمتنع. وكلُّ مُبْدٍ عُرْضَه مُعْرِضٌ؛
قال عمرو ابن كلثوم:
وأَعْرَضَتِ اليَمامةُ، واشمَخَرَّتْ
كأَسْيافٍ بأَيْدي مُصْلِتِينا
وقال أَبو ذؤيب:
بأَحْسَن منها حِينَ قامَتْ فأَعْرَضَتْ
تُوارِي الدُّمُوعَ، حِينَ جَدَّ انحِدارُها
واعتَرَضَ له بسهم: أَقْبَلَ قِبَلَه فرماه فقتلَه. واعتَرَضَ عَرْضه:
نَحا نَحْوَه. واعتَرَضَ الفرَسُ في رَسَنِه وتَعَرَّضَ: لم يَسْتَقِمْ
لقائدِه؛ قال الطرماح:
وأَراني المَلِيكُ رُشْدي، وقد كنْـ
ـتُ أَخا عُنجُهِيَّةٍ واعتِراضِ
وقال:
تَعَرَّضَتْ، لم تَأْلُ عن قَتْلٍ لي،
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ
والعَرَضُ: من أَحْداثِ الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك؛ قال الأَصمعي:
العَرَضُ الأَمر يَعْرِضُ للرجل يُبْتَلَى به؛ قال اللحياني: والعَرَضُ
ما عَرَضَ للإِنسان من أَمر يَحْبِسهُ من مَرَضٍ أَو لُصُوصٍ. والعَرَضُ:
ما يَعْرِضُ للإِنسان من الهموم والأَشغال. يقال: عَرَضَ لي يَعْرِضُ
وعَرِضَ يَعْرَضُ لغتان. والعارِضةُ: واحدة العَوارِضِ، وهي الحاجاتُ.
والعَرَضُ والعارِضُ: الآفةُ تَعْرِضُ في الشيء، وجَمْعُ العَرَضِ أَعْراضٌ،
وعَرَضَ له الشكُّ ونحوُه من ذلك.
وشُبْهةٌ عارِضةٌ: معترضةٌ في الفؤاد. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضَةٍ من شُبْهَةٍ؛ وقد تكونُ
العارِضَةُ هنا مصدراً كالعاقبة والعافية.
وأَصَابَه سَهْمُ عَرَضٍ وحَجَرُ عَرَضٍ مُضاف، وذلك أَن يُرْمى به
غيْرُه عمداً فيصاب هو بتلك الرَّمْيةِ ولم يُرَدْ بها، وإِن سقَط عليه حجر
من غير أَن يَرْمِيَ به أَحد فليس بعرَض. والعَرَضُ في الفلسفة: ما يوجد
في حامله ويزول عنه من غير فساد حامله، ومنه ما لا يَزُولُ عنه، فالزّائِل
منه كأُدْمةِ الشُّحُوبِ وصفرة اللون وحركة المتحرّك، وغيرُ الزائل
كسَواد القارِ والسَّبَجِ والغُرابِ.
وتَعَرَّضَ الشيءُ: دخَلَه فَسادٌ، وتَعَرَّضَ الحُبّ كذلك؛ قال لبيد:
فاقْطَعْ لُبانةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه،
ولَشَرُّ واصِلِ خُلّةٍ صَرّامُها
وقيل: من تعرّض وصله أَي تعوّج وزاغَ ولم يَسْتَقِم كما يَتَعَرَّضُ
الرجل في عُرُوض الجَبل يميناً وشمالاً؛ قال امرؤ القيس يذكر الثريَّا:
إِذا ما الثُّرَيّا في السماءِ تَعَرَّضَتْ،
تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
أَي لم تَسْتَقِمْ في سيرها ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ أَثناؤه على
جارية تَوَشَّحَتْ به. وعَرَضُ الدنيا: ما كان من مال، قلّ أَو كَثُر.
والعَرَضُ: ما نِيلَ من الدنيا. يقال: الدّنيا عَرَضٌ حاضر يأْكل منها البَرّ
والفاجر، وهو حديث مَرْوِيّ. وفي التنزيل: يأْخذون عرَض هذا الأَدنى
ويقولون سيغفر لنا؛ قال أَبو عبيدة: جميع مَتاعِ الدنيا عرَض، بفتح الراء.
وفي الحديث: ليْسَ الغِنى عن كَثْرة العَرَضِ إِنما الغِنى غِنى النفس؛
العَرَضُ، بالتحريك: متاع الدّنيا وحُطامُها، وأَما العَرْض بسكون الراء
فما خالف الثَّمَنَينِ الدّراهِمَ والدّنانيرَ من مَتاعِ الدنيا وأَثاثِها،
وجمعه عُروضٌ، فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض وليس كل عَرَضٍ عَرْضاً.
والعَرْضُ: خِلافُ النقْد من المال؛ قال الجوهري: العَرْضُ المتاعُ، وكلُّ
شيء فهو عَرْضٌ سوى الدّراهِمِ والدّنانير فإِنهما عين. قال أَبو عبيد:
العُرُوضُ الأَمْتِعةُ التي لا يدخلها كيل ولا وَزْنٌ ولا يكون حَيواناً
ولا عَقاراً، تقول: اشتريت المَتاعَ بِعَرْضٍ أَي بمتاع مِثْلِه،
وعارَضْتُه بمتاع أَو دابّة أَو شيء مُعارَضةً إِذا بادَلْتَه به.
ورجلٌ عِرِّيضٌ مثل فِسِّيقٍ: يَتَعَرَّضُ الناسَ بالشّرِّ؛ قال:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ،
تَمَرَّسَ بي مِن حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
واسْتَعْرَضَه: سأَله أَنْ يَعْرِضَ عليه ما عنده. واسْتَعْرَض: يُعْطِي
(* قوله «واستعرض يعطي» كذا بالأصل.) مَنْ أَقْبَلَ ومَنْ أَدْبَرَ.
يقال: اسْتَعْرِضِ العَرَبَ أَي سَلْ مَنْ شئت منهم عن كذا وكذا.
واسْتَعْرَضْتُه أَي قلت له: اعْرِضْ عليّ ما عندك.
وعِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَته المحمودة، وقيل ما
يُمْدح به ويُذَمُّ. وفي الحديث: إِن أَغْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ
يومكم هذا؛ قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول
فيه؛ قال حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس. يقال: أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي
صُنْتُ عنه نَفْسي، وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو
يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع
فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو ساواه في الحسَب؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لي،
ولا أَجْني من الناسِ اعتِراضا
أَي لا أَجْتَني شَتْماً منهم. ويقال: لا تُعْرِضْ عِرْضَ فلان أَي لا
تَذْكُرْه بسوء، وقيل في قوله شتم فلان عِرْضَ فلان: معناه ذكر أَسلافَه
وآباءَه بالقبيح؛ ذكر ذلك أَبو عبيد فأَنكر ابن قتيبة أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباء، وقال: العِرْض نَفْسُ الرجل، وقال في قوله يَجْرِي
(*
قوله «يجري» نص النهاية: ومنه حديث صفة أهل الجنة إِنما هو عرق يجري،
وساق ما هنا.) من أَعْراضِهم مِثلُ ريحِ المسكِ أَي من أَنفسهم وأَبدانِهم؛
قال أَبو بكر: وليس احتجاجه بهذا الحديث حجة لأَن الأَعراضَ عند العرب
المَواضِعُ التي تَعْرَقُ من الجسد؛ ودل على غَلَطِه قول مِسْكِين
الدارِميّ:
رُبَّ مَهْزولٍ سَمِينٌ عِرْضُه،
وسمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ
معناه: رُبَّ مَهْزُولِ البدَن والجسم كريمُ الآباءِ. وقال اللحياني:
العِرْضُ عِرْضُ الإِنسان، ذُمَّ أَو مُدِحَ، وهو الجسَد. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، للحطيئة: كأَنِّي بك عند بعض الملوك تُغَنِّيه بأَعراضِ
الناس أَي تُغَني بذَمِّهم وذَمِّ أَسلافِهم في شعرك وثَلْبِهم؛ قال
الشاعر:ولكنَّ أَعْراضَ الكِرام مَصُونةٌ،
إِذا كان أَعْراضُ اللِّئامِ تُفَرْفَرُ
وقال آخر:
قاتَلَكَ اللّهُ ما أَشَدَّ عَلَيْـ
ـك البَدْلَ في صَوْنِ عِرْضِكَ الجَرِب
يُرِيدُ في صَوْنِ أَسلافِك اللِّئامِ؛ وقال في قول حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
أَراد فإِنّ أَبي ووالده وآبائي وأَسلافي فأَتى بالعُموم بعد الخُصوص
كقوله عزّ وجلّ: ولقد آتيناك سَبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم، أَتى
بالعموم بعد الخصوص. وفي حديث أَبي ضَمْضَم: اللهم إِنِّي تَصَدَّقْتُ
بِعِرْضِي على عبادك أَي تصدّقت على من ذكرني بما يَرْجِعُ إِليَّ عَيْبُه،
وقيل: أَي بما يلحقني من الأَذى في أَسلافي، ولم يرد إِذاً أَنه تصدَّق
بأَسلافه وأَحلّهم له، لكنه إِذا ذكَرَ آباءه لحقته النقيصة فأَحلّه مما
أَوصله إِليه من الأَذى. وعِرْضُ الرجل: حَسَبُه. ويقال: فلان كريم العِرْضِ
أِي كريم الحسَب. وأَعْراضُ الناس: أَعراقُهم وأَحسابُهم وأَنْفُسهم.
وفلان ذو عِرْضٍ إِذا كانَ حَسِيباً. وفي الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ
عُقُوبَتَه وعِرْضَهُ أَي لصاحب الدَّيْنِ أَن يَذُمَّ عِرْضَه ويَصِفَه
بسوء القضاء، لأَنه ظالم له بعدما كان محرماً منه لا يَحِلُّ له اقْتِراضُه
والطَّعْنُ عليه، وقيل: عِرْضَه أَن يُغْلِظَ له وعُقُوبته الحَبْس،
وقيل: معناه أَنه يُحِلّ له شِكايَتَه منه، وقيل: معناه أَن يقول يا ظالم
أَنْصِفْني، لأَنه إِذا مَطَلَه وهو غنيّ فقد ظَلَمه. وقال ابن قتيبة:
عِرْضُ الرجل نَفْسُه وبَدَنُه لا غير. وفي حديث النعمان بن بَشِير عن النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم: فمن اتقى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لِدِينِه
وعِرْضِه أَي احْتاطَ لنفسه، لا يجوز فيه معنى الآباءِ والأَسْلافِ. وفي
الحديث: كلُّ المُسْلِم على المسلِم حَرام دَمُه ومالُه وعِرْضُه؛ قال ابن
الأَثير: العِرْضُ موضع المَدْحِ والذَّمِّ من الإِنسان سواء كان في نَفْسِه
أَو سَلَفِه أَو من يلزمه أَمره، وقيل: هو جانبه الذي يَصُونُه من نفْسه
وحَسَبِه ويُحامي عنه أَن يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ، وقال أَبو العباس: إِذا
ذكر عِرْضُ فلان فمعناه أُمُورُه التي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذكرها
من جهتها بِحَمْدٍ أَو بِذَمّ، فيجوز أَن تكون أُموراً يوصف هو بها دون
أَسْلافه، ويجوز أَن تذكر أَسلافُه لِتَلحَقه النّقِيصة بعيبهم، لا خلاف
بين أَهل اللغة فيه إِلا ما ذكره ابن قتيبة من إِنكاره أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباءَ؛ واحتج أَيضاً بقول أَبي الدرداء: أَقْرِضْ من
عِرْضِك ليوم فَقْرِك، قال: معناه أَقْرِضْ مِنْ نَفْسِك أَي مَنْ عابك وذمّك
فلا تُجازه واجعله قَرْضاً في ذمته لِتَسْتَوفِيَه منه يومَ حاجتِكَ في
القِيامةِ؛ وقول الشاعر:
وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنى ومَعِي عِرْضِي
أَي أَفعالي الجميلة؛ وقال النابغة:
يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضهِمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،
ولَيْسَ جاهِلُ أَمْرٍ مثْلَ مَنْ عَلِما
ذو عِرْضِهم: أَشْرافُهُم، وقيل: ذو عِرْضِهم حَسَبهم، والدليل على أَن
العرض ليس بالنفْسِ ولا البدن قوله، صلّى اللّه عليه وسلّم: دمُه
وعِرْضُه، فلو كان العرض هو النفس لكان دمه كافياً عن قوله عِرْضُه لأَن الدم
يراد به ذَهابُ النفس، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة: فانْدَفَعْتَ
تُغَنِّي بأَعْراضِ المسلمين، معناه بأَفعالهم وأَفعال أَسلافهم. والعِرْضُ:
بَدَنُ كل الحيوان. والعِرْضُ: ما عَرِقَ من الجسد. والعِرْضُ: الرائِحة ما
كانت، وجمعها أَعْراضٌ. وروي عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه ذكر
أَهل الجنة فقال: لا يَتَغَوّطُون ولا يَبُولونَ إِنما هو عَرَقٌ يجري من
أَعْراضِهم مثل ريح المِسْك أَي من مَعاطفِ أَبْدانهم، وهي المَواضِعُ
التي تَعْرَقُ من الجسد. قال ابن الأَثير: ومنه حديث أُم سلمة لعائشة:
غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي إِنهن للخَفَر والصّوْن
يَتَسَتَّرْن؛ قال: وقد روي بكسر الهمزة، أَي يُعْرِضْنَ كما كُرِهَ لهن أَن
يَنْظُرْنَ إِليه ولا يَلْتَفِتْنَ نحوه. والعِرْضُ، بالكسر: رائحة الجسد
وغيره، طيبة كانت أَو خبيثة. والعِرْضُ والأَعْراضُ: كلّ مَوْضِع يَعْرَقُ من
الجسد؛ يقال منه: فلان طيب العِرْضِ أَي طيّب الريح، ومُنْتنُ العِرْضِ،
وسِقاءٌ خبيثُ العِرْضِ إِذا كان مُنْتناً. قال أَبو عبيد: والمعنى في
العِرْضِ في الحديث أَنه كلُّ شيء من الجسد من المغابِنِ وهي الأَعْراضُ،
قال: وليس العِرْضُ في النسب من هذا في شيء. ابن الأَعرابي: العِرْضُ
الجسد والأَعْراضُ الأَجْسادُ، قال الأَزهري: وقوله عَرَقٌ يجري من أَعراضهم
معناه من أَبْدانِهم على قول ابن الأَعرابي، وهو أَحسن من أَن يُذْهَبَ
به إِلى أَعراضِ المَغابِنِ. وقال اللحياني: لبَن طيّب العِرْضِ وامرأَة
طيّبة العِرْضِ أَي الريح. وعَرَّضْتُ فلاناً لكذا فَتَعَرَّضَ هو له،
والعِرْضُ: الجماعةُ من الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ ولا يكون في
غيرهن، وقيل: الأَعْراضُ الأَثْلُ والأَراكُ والحَمْضُ، واحدها عَرْضٌ؛
وقال:والمانِع الأَرْضَ ذاتَِ العَرْضِ خَشْيَتُه،
حتى تَمنَّعَ مِنْ مَرْعىً مَجانِيها
والعَرُوضاواتُ
(* قوله «العروضاوات؛ هكذا بالأصل، ولم نجدها فيما عندنا
من المعاجم.): أَماكِنُ تُنْبِتُ الأَعْراضَ هذه التي ذكرناها.
وعارَضْتُ أَي أَخَذْتُ في عَروضٍ وناحيةٍ. والعِرْضُ: جَوُّ البَلَد وناحِيتُه
من الأَرض. والعِرْضُ: الوادِي، وقيل جانِبُه، وقيل عِرْضُ كل شيء
ناحيته. والعِرْضُ: وادٍ باليَمامةِ؛ قال الأَعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه
نَخِيلاً، وزَرْعاً نابِتاً وفَصافِصا؟
وقال الملتمس:
فَهَذا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُه:
زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
الأَزْرَقُ: الذُّبابُ. وقيل: كلُّ وادٍ عِرضٌ، وجَمْعُ كلِّ ذلك
أَعراضٌ لا يُجاوَزُ. وفي الحديث: أَنه رُفِعَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، عارِضُ اليمامةِ؛ قال: هو موضعٌ معروف. ويقال للجبل: عارِضٌ؛ قال
أَبو عبيدة: وبه سمّي عارِضُ اليمامةِ، قال: وكلُّ وادٍ فيه شجر فهو
عِرْضٌ؛ قال الشاعر شاهداً على النكرة:
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ يُمسِي حَمامُه،
ويُضْحِي على أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ،
(* قوله «الغين» جمع الغيناء، وهي الشجرة الخضراء كما في الصحاح.)
أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رَنّةً
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
ويقال: أَخصَبَ ذلك العِرْضُ، وأَخصَبَتْ أَعراضُ المدينة وهي قُراها
التي في أَوْدِيتها، وقيل: هي بُطونُ سَوادِها حيث الزرعُ والنخيل.
والأَعْراضُ: قُرىً بين الحجاز واليمن.
وقولهم: استُعْمِلَ فلان على العَرُوض، وهي مكة والمدينة واليمن وما
حولها؛ قال لبيد:
نُقاتِلُ ما بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما
أَي ما بين مكة واليمن. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يقال: أَخذ فلان في
عَروضٍ ما تُعْجِبُني أَي في طريق وناحية؛ قال التَّغْلَبيّ:
لكلِّ أُناسٍ، مِنْ مَعَدٍّ، عَمارةٍ،
عَرُوضٌ، إِليها يَلْجَؤُونَ، وجانِبُ
يقول: لكل حَيّ حِرْز إِلا بني تَغْلِبَ فإِن حِرْزَهم السُّيوفُ،
وعَمارةٍ خفض لأَنه بدل من أُناس، ومن رواه عُروضٌ، بضم العين، جعله جمع عَرْض
وهو الجبل، وهذا البيت للأَخنس بن شهاب.
والعَرُوضُ: المكانُ الذي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وقولهم: فلان رَكُوضٌ
بلا عَرُوضٍ أَي بلا حاجة عَرَضت له.
وعُرْضُ الشيء، بالضم: ناحِيتُه من أَي وجه جِئْتَه. يقال: نظر إِليه
بعُرْضِ وجهه. وقولهم: رأَيتُه في عرض الناس أَي هو من العامة
(* قوله «في
عرض الناس أَي هو من العامة» كذا بالأصل، والذي في الصحاح: في عرض الناس
أَي فيما بينهم، وفلان من عرض الناس أَي هو من العامة.). قال ابن سيده:
والعَرُوضُ مكة والمدينة، مؤنث. وفي حديث عاشوراء: فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا
أَهلَ العَرُوضِ؛ قيل: أَراد مَنْ بأَ كنافِ مكة والمدينة. ويقال
للرَّساتِيقِ بأَرض الحجاز الأَعْراضُ، واحدها عِرْضٌ؛ بالكسر، وعَرَضَ الرجلُ
إِذا أَتَى العَرُوضَ وهي مكة والمدينة وما حولهما؛ قال عبد يغوث بن
وقّاص الحارثي:
فَيا راكِبَا إِمّا عَرَضْتَ، فَبَلِّغا
نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لا تَلاقِيا
قال أَبو عبيد: أَراد فيا راكباه للنُّدْبة فحذف الهاء كقوله تعالى: يا
أَسَفَا على يوسف، ولا يجوز يا راكباً بالتنوين لأَنه قصد بالنداء راكباً
بعينه، وإِنما جاز أَن تقول يا رجلاً إِذا لم تَقْصِدْ رجلاً بعينه
وأَردت يا واحداً ممن له هذا الاسم، فإِن ناديت رجلاً بعينه قلت يا رجل كما
تقول يا زيد لأَنه يَتَعَرَّفُ بحرف النداء والقصد؛ وقول الكميت:
فأَبْلِغْ يزيدَ، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذِراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا
يعني إِن مَرَرْتَ به. ويقال: أَخَذْنا في عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يعني
طريقاً في هبوط. ويقال: سِرْنا في عِراضِ القوم إِذا لم تستقبلهم ولكن جئتهم
من عُرْضِهم؛ وقال ابن السكيت في قول البَعِيثِ:
مَدَحْنا لها رَوْقَ الشَّبابِ فَعارَضَتْ
جَنابَ الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال: عارَضَتْ أَخَذَتْ في عُرْضٍ أَي ناحيةٍ منه.
جَنابُ الصِّبا أَي جَنْبُهُ. وقال غيره: عارضت جناب الصِّبا أَي دخلت
معنا فيه دخولاً ليست بمُباحِتةٍ، ولكنها تُرينا أَنها داخلة معنا وليست
بداخلة. في كاتم السرّ أَعْجما أَي في فعل لا يَتَبَيَّنُه مَن يَراه، فهو
مُسْتَعْجِمٌ عليه وهو واضح عندنا.
وبَلَدٌ ذو مَعْرَضٍ أَي مَرْعىً يُغْني الماشية عن أَن تُعْلَف.
وعَرَّضَ الماشيةَ: أَغناها به عن العَلَف. والعَرْضُ والعارِضُ: السَّحابُ
الذي يَعْتَرِضُ في أُفُقِ السماء، وقيل: العَرْضُ ما سدَّ الأُفُق، والجمع
عُروضٌ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَرِقْتُ له حتى إِذا ما عُروضُه
تَحادَتْ، وهاجَتْها بُروقٌ تُطِيرُها
والعارِضُ: السَّحابُ المُطِلُّ يَعْتَرِض في الأُفُقِ. وفي التنزيل في
قضية قوم عادٍ: فلما رأَوْه عارِضاً مستقبل أَوديتهم قالوا هذا عارض
مُمْطِرنا؛ أَي قالوا هذا الذي وُعِدْنا به سحاب فيه الغيث، فقال اللّه
تعالى: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أَليم، وقيل: أَي ممطر لنا لأَنه
معرفة لا يجوز أَن يكون صفة لعارض وهو نكرة، والعرب إِنما تفعل مثل هذا في
الأَسماء المشتقة من الأَفعال دون غيرها؛ قال جرير:
يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَعْرِفُكم،
لاقَى مُباعَدَةً مِنْكم وحِرْمانَا
ولا يجوز أَن تقول هذا رجل غلامنا. وقال أَعرابي بعد عيد الفطر: رُبَّ
صائِمِه لن يصومه وقائمه لن يقومه فجعله نعتاً للنكرة وأَضافه إِلى
المعرفة. ويقال للرِّجْلِ العظيم من الجراد: عارِضٌ. والعارِضُ: ما سَدَّ
الأُفُق من الجراد والنحل؛ قال ساعدة:
رأَى عارِضاً يَعْوي إِلى مُشْمَخِرَّةٍ،
قَدَ احْجَمَ عَنْها كلُّ شيءٍ يَرُومُها
ويقال: مَرَّ بنا عارِضٌ قد مَلأَ الأُفق. وأَتانا جَرادٌ عَرْضٌ أَي
كثير. وقال أَبو زيد: العارِضُ السَّحابةُ تراها في ناحية من السماء، وهو
مثل الجُلْبِ إِلا أَن العارِضَ يكون أَبيض والجُلْب إِلى السواد.
والجُلْبُ يكون أَضْيَقَ من العارِضِ وأَبعد.
ويقال: عَرُوضٌ عَتُودٌ وهو الذي يأْكل الشجر بِعُرْضِ شِدْقِه.
والعَرِيضُ من المِعْزَى: ما فوق الفَطِيمِ ودون الجَذَع. والعَرِيضُ:
الجَدْي إِذا نزا، وقيل: هو إِذا أَتَى عليه نحو سنة وتناول الشجر والنبت،
وقيل: هو الذي رَعَى وقَوِيَ، وقيل: الذي أَجْذَعَ. وفي كتابه لأَقْوالِ
شَبْوَةَ: ما كان لهم من مِلْكٍ وعُرْمانٍ ومَزاهِرَ وعِرْضانٍ؛
العِرْضانُ: جمع العَرِيضِ وهو الذي أَتَى عليه من المعَز سنة وتناولَ الشجر
والنبت بِعُرْضِ شِدْقِه، ويجوز أَن يكون جمعَ العِرْضِ وهو الوادي الكثير
الشجر والنخيل. ومنه حديث سليمان، عليه السلام: أَنه حَكَمَ في صاحب الغنم
أَن يأْكل من رِسْلِها وعِرْضانِها. وفي الحديث: فَتَلَقَّتْه امرأَة
معها عَرِيضانِ أَهْدَتهما له، ويقال لواحدها عَروضٌ أَيضاً، ويقال
للعَتُودِ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ: عَرِيضٌ، والجمع عِرْضانٌ وعُرْضانٌ؛
قال الشاعر:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ ييْعَرُ حَوْلَه،
وباتَ يُسَقِّينا بُطُونَ الثَّعالِبِ
قال ابن بري: أَي يَسْقِينا لبناً مَذِيقاً كأَنه بطون الثعالب. وعنده
عَرِيضٌ أَي جَدْي؛ ومثله قول الآخر:
ما بالُ زَيْدٍ لِحْية العَرِيضِ
ابن الأَعرابي: إِذا أَجْذَعَ العَنَاقُ والجَدْيُ سمي عَرِيضاً
وعَتُوداً، وعَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فاته النبتُ اعْتَرَضَ الشوْكَ بِعُرْضِ
فيه.والعَنَمُ تَعْرُضُ الشوك: تَناوَلُ منه وتأْكُلُه، تقول منه: عَرَضَتِ
الشاةُ الشوكَ تَعْرُضُه والإِبلُ تَعْرُضُ عَرْضاً. وتَعْتَرِضُ:
تَعَلَّقُ من الشجر لتأْكله. واعْتَرَضَ البعيرُ الشوك: أَكله، وبَعِيرٌ
عَرُوضٌ: يأْخذه كذلك، وقيل: العَرُوضُ الذي إِن فاتَه الكَلأُ أَكل الشوك.
وعَرَضَ البعِيرُ يَعْرُضُ عَرْضاً: أَكلَ الشجر من أَعراضِه. قال ثعلب: قال
النضر بن شميل: سمعت أَعرابيّاً حجازيّاً وباع بعيراً له فقال: يأْكل
عَرْضاً وشَعْباً؛ الشعْبُ: أَن يَهْتَضِمَ الشجر من أَعْلاه، وقد تقدّم.
والعريضُ من الظِّباء: الذي قد قارَبَ الإِثْناءَ. والعرِيضُ، عند أَهل
الحجاز خاصة: الخَصِيُّ، وجمعه عِرْضانٌ وعُرْضانٌ. ويقال: أَعْرَضْتُ
العرضان إِذا خصيتها، وأَعرضتُ العرضان إِذا جعلتها للبيع، ولا يكون العرِيضُ
إِلا ذكراً.
ولَقِحَتِ الإِبلُ عِراضاً إِذا عارَضَها فَحْلٌ من إِبل أُخرى. وجاءت
المرأَة بابن عن مُعارَضةٍ وعِراضٍ إِذا لم يُعْرَفْ أَبوه. ويقال
للسَّفِيحِ: هو ابن المُعارَضةِ. والمُعارَضةُ: أَن يُعارِضَ الرجلُ المرأَةَ
فيأْتِيَها بلا نِكاح ولا مِلْك. والعَوارِضُ من الإِبل: اللَّواتي يأْكلن
العِضاه عُرْضاً أَي تأْكله حيث وجدته؛ وقول ابن مقبل:
مَهارِيقُ فَلُّوجٍ تَعَرَّضْنَ تالِيا
معناه يُعَرِّضُهُنَّ تالٍ يَقْرَؤُهُنَّ فَقَلَبَ. ابن السكيت: يقال ما
يَعْرُضُكَ لفلان، بفتح الياء وضم الراء، ولا تقل مل يُعَرِّضك،
بالتشديد.
قال الفراء: يقال مَرَّ بي فلان فما عَرَضْنا له، ولا تَعْرِضُ له ولا
تَعْرَضُ له لغتان جيّدتان، ويقال: هذه أَرضُ مُعْرَضةٌ يَسْتَعْرِضُها
المالُ ويَعْتَرِضُها أَي هي أَرض فيها نبت يرعاه المال إِذا مرَّ فيها.
والعَرْضُ: الجبَل، والجمع كالجمع، وقيل: العَرْضُ سَفْحُ الجبل
وناحيته، وقيل: هو الموضع الذي يُعْلى منه الجبل؛ قال الشاعر:
كما تَدَهْدَى مِن العَرْضِ الجَلامِيدُ
ويُشَبَّه الجيش الكثيف به فيقال: ما هو إِلاَّ عَرْضٌ أَي جبل؛ وأَنشد
لرؤبة:
إِنَّا، إِذا قُدْنا لِقَوْمٍ عَرْضا،
لم نُبْقِ مِن بَغْي الأَعادي عِضّا
والعَرْضُ: الجيْشُ الضَّخْمُ مُشَبَّهٌ بناحية الجبل، وجمعه أَعراضٌ.
يقال: ما هو إِلا عَرْضٌ من الأَعْراضِ، ويقال: شُبِّه بالعَرْضِ من
السَّحاب وهو ما سَدَّ الأُفُق. وفي الحديث: أَن الحجاج كان على العُرْضِ
وعنده ابن عمر؛ كذا روي بالضم؛ قال الحربي: أَظنه أَراد العُروضَ جَمْعَ
العَرْضِ وهو الجَيْش.
والعَرُوضُ: الطريقُ في عُرْض الجبل، وقيل: هو ما اعتَرَضَ في مَضِيقٍ
منه، والجمع عُرُضٌ. وفي حديث أَبي هريرة: فأَخذ في عَرُوضٍ آخر أَي في
طريق آخر من الكلام. والعَرُوضُ من الإِبل: التي لم تُرَضْ؛ أَنشد ثعلب
لحميد:
فما زالَ سَوْطِي في قِرابي ومِحْجَني،
وما زِلْتُ منه في عَرُوضٍ أَذُودُها
وقال شمر في هذا البيت أَي في ناحية أُدارِيه وفي اعْتِراضٍ.
واعْتَرَضَها: رَكِبَها أَو أَخَذَها رَيِّضاً. وقال الجوهري: اعتَرَضْتُ البعير
رَكِبْتُه وهو صَعْبٌ.
وعَرُوضُ الكلام: فَحْواهُ ومعناه. وهذه المسأَلة عَرُوضُ هذه أَي
نظيرُها. ويقال: عرفت ذلك في عَرُوضِ كلامِه ومَعارِضِ كلامِه أَي في فَحْوَى
كلامه ومعنى كلامه.
والمُعْرِضُ: الذي يَسْتَدِينُ ممَّن أَمْكَنَه من الناس. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، أَنه خَطَبَ فقال: إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ
جُهَيْنَةَ رَضِيَ من دِينِه وأَمانَتِه بأَن يقال سابِقُ الحاجِّ فادّان
مُعْرِضاً فأَصْبَحَ قَدْ رِينَ به، قال أَبو زيد: فادّانَ مُعْرِضاً يعني
اسْتَدانَ معرضاً وهو الذي يَعْرِضُ للناسِ فَيَسْتَدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه.
وقال الأَصمعي في قوله فادّانَ مُعْرِضاً أَي أَخذَ الدين ولم يُبالِ
أَن لا يُؤَدِّيه ولا ما يكون من التَّبِعة. وقال شمر: المُعْرِضُ ههنا
بمعنى المُعْتَرِض الذي يَعْتَرِضُ لكل من يُقْرِضُه، والعرب تقول: عَرَضَ
لي الشيء وأَعْرَضَ وتَعَرَّضَ واعْتَرَضَ بمعنى واحد. قال ابن الأَثير:
وقيل إِنه أَراد يُعْرِضُ إِذا قيل له لا تسْتَدِنْ فلا يَقْبَلُ، مِن
أَعْرَضَ عن الشيء إِذا ولاَّه ظهره، وقيل: أَراد مُعْرِضاً عن الأَداءِ
مُوَليِّاً عنه. قال ابن قتيبة: ولم نجد أَعْرَضَ بمعنى اعتَرَضَ في كلام
العرب، قال شمر: ومن جعل مُعْرِضاً ههنا بمعنى الممكن فهو وجه بعيد لأَن
مُعْرِضاً منصوب على الحال من قولك فادّان، فإِذا فسرته أَنه يأْخذه ممن
يمكنه فالمُعْرِضُ هو الذي يُقْرِضُه لأَنه هو المُمْكِنُ، قال: ويكون
مُعْرِضاً من قولك أَعْرَضَ ثوبُ المَلْبَس أَي اتَّسَعَ وعَرُضَ؛ وأَنشد
لطائِيٍّ في أَعْرَضَ بمعنى اعْتَرَضَ:
إِذا أَعْرَضَتْ للناظِرينَ، بَدا لهمْ
غِفارٌ بأَعْلى خَدِّها وغُفارُ
قال: وغِفارٌ مِيسَمٌ يكون على الخد. وعُرْضُ الشيء: وسَطُه وناحِيتُه.
وقيل: نفْسه. وعُرْضُ النهر والبحر وعُرْضُ الحديث وعُراضُه: مُعْظَمُه،
وعُرْضُ الناسِ وعَرْضُهم كذلك، قال يونس: ويقول ناس من العرب: رأَيته في
عَرْضِ الناس يَعْنُونَ في عُرْضٍ. ويقال: جرى في عُرْض الحديث، ويقال:
في عُرْضِ الناس، كل ذلك يوصف به الوسط؛ قال لبيد:
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّعا
مَسْجُورَةً مُتَجاوِراً قُلاَّمُها
وقول الشاعر:
تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِه طامِياً،
كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصالٍ نِصالا
يصِفُ ماءً صار رِيشُ الطيرِ فوقه بعْضُه فوق بعض كما تَعْرِضُ نصْلاً
فوق نَصْلٍ.
ويقال: اضْرِبْ بهذا عُرْضَ الحائِط أَي ناحيته. ويقال: أَلْقِه في
أَيِّ أَعْراضِ الدار شئت، ويقال: خذه من عُرْضِ الناس وعَرْضِهم أَي من أَي
شِقٍّ شِئتَ. وعُرْضُ السَّيْفِ: صَفْحُه، والجمع أَعْراضٌ. وعُرْضا
العُنُق: جانباه، وقيل: كلُّ جانبٍ عُرْضٌ. والعُرْضُ: الجانب من كل شيء.
وأَعْرَضَ لك الظَّبْي وغيره: أَمْكَنَكَ مِن عُرْضِه، ونظر إِليه مُعارَضةً
وعن عُرْضٍ وعن عُرُضٍ أَي جانب مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. وكل شيءٍ أَمكنك من
عُرْضه، فهو مُعْرِضٌ لك. يقال: أَعْرَضَ لك الظبي فارْمِه أَي وَلاَّك
عُرْضه أَي ناحيته. وخرجوا يضربون الناس عن عُرْضٍ أَي عن شقّ وناحية لا
يبالون مَن ضرَبوا؛ ومنه قولهم: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط أَي اعتَرِضْه
حيث وجدت منه أَيَّ ناحية من نواحيه. وفي الحديث: فإِذا عُرْضُ وجهِه
مُنْسَحٍ أَي جانبه. وفي الحديث: فَقَدَّمْتُ إِليه الشَّرابَ فإِذا هو
يَنِشُّ، فقال: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط. وفي الحديث: عُرِضَتْ عليّ الجنةُ
والنار آنِفاً في عُرْضِ هذا الحائط؛ العُرض، بالضم: الجانب والناحية من
كل شيء. وفي الحديث، حديث الحَجّ: فأَتَى جَمْرةَ الوادي فاستَعْرَضَها
أَي أَتاها من جانبها عَرْضاً
(* قوله: عَرضاً بفتح العين؛ هكذا في الأصل
وفي النهاية، والكلام هنا عن عُرض بضم العين.). وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: سأَل عَمْرَو بن مَعْدِ يكَرِبَ عن علة بن حالد
(* قوله «علة بن
حالد» كذا بالأصل، والذي في النهاية: علة بن جلد.) فقال: أُولئِكَ فَوارِسُ
أَعراضِنا وشِفاءُ أَمراضِنا؛ الأَعْراضُ جَمْعُ عُرْضٍ وهو الناحية أَي
يَحْمونَ نَواحِينَا وجِهاتِنا عن تَخَطُّفِ العدوّ، أَو جمع عَرْضٍ وهو
الجيش، أَو جمع عِرْضٍ أَي يَصونون ببلائِهم أَعراضَنا أَن تُذَمّ
وتُعابَ.
وفي حديث الحسن: أَنه كان لا يَتَأَثَّم من قتل الحَرُورِيِّ
المُسْتَعْرِضِ؛ هو الذي يَعْتَرِضُ الناسَ يَقْتُلُهُم. واسْتَعْرَضَ الخَوارِجُ
الناسَ: لم يُبالوا مَن قَتَلُوه، مُسْلِماً أَو كافِراً، من أَيّ وجهٍ
أَمكَنَهم، وقيل: استَعْرَضوهم أَي قَتَلوا من قَدَرُوا عليه وظَفِرُوا
به.وأَكَلَ الشيءَ عُرْضاً أَي مُعْتَرِضاً. ومنه الحديث، حديث ابن
الحنفية: كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً أَي اعتَرِضْه يعني كله واشتره ممن وجَدْتَه
كيفما اتَّفق ولا تسأَل عنه أَمِنْ عَمَلِ أَهلِ الكتابِ هو أَمْ مِنْ
عَمَلِ المَجُوس أَمْ مَنْ عَمَلِ غيرهم؛ مأْخوذ من عُرْضِ الشيء وهو ناحيته.
والعَرَضُ: كثرة المال.
والعُراضةُ: الهَدِيّةُ يُهْدِيها الرجل إِذا قَدِمَ من سفَر.
وعَرَّضَهم عُراضةً وعَرَّضَها لهم: أَهْداها أَو أَطعَمَهم إِيّاها. والعُراضةُ،
بالضم: ما يعَرِّضُه المائرُ أَي يُطْعِمُه من الميرة. يقال: عَرِّضونا
أَي أَطعِمونا من عُراضَتِكم؛ قال الأَجلح بن قاسط:
يَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ
حَمْراءَ مِنْ مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ
قال ابن بري: وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ، يقول: إِن هذه الناقة
تتقدّم الحادي والإِبل فلا يلحقها الحادي فتسير وحدها، فيسقُط الغراب على
حملها إِن كان تمراً أَو غيره فيأْكله، فكأَنها أَهدته له وعَرَّضَتْه.
وفي الحديث: أَن ركباً من تجّار المسلمين عَرَّضوا رسولَ اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه عنه، ثياباً بيضاً أَي أَهْدَوْا
لهما؛ ومنه حديث معاذ: وقالت له امرأَته وقد رجع من عمله أَين ما جئت به
مما يأْتي به العُمّال من عُراضةِ أَهْلِهم؟ تريد الهَدِيّة. يقال:
عَرَّضْتُ الرجل إِذا أَهديت له. وقال اللحياني: عُراضةُ القافل من سفره
هَدِيَّتُه التي يُهْدِيها لصبيانه إِذا قَفَلَ من سفره. ويقال: اشتر عُراضة
لأَهلك أَي هدية وشيئاً تحمله إِليهم، وهو بالفارسية راهْ آورَدْ؛ وقال أَبو
زيد في العُراضةِ الهَدِيّةِ: التعرِيضُ ما كان من مِيرةٍ أَو زادٍ بعد
أَن يكون على ظهر بعير. يقال: عَرِّضونا أَي أَطْعِمونا من ميرتكم. وقال
الأَصمعي: العُراضة ما أَطْعَمَه الرّاكِبُ من استطعمه من أَهل المياه؛
وقال هِمْيانُ:
وعَرَّضُوا المَجْلِسَ مَحْضاً ماهِجَا
أَي سَقَوْهُم لبناً رَقِيقاً. وفي حديث أَبي بكر وأَضْيافِه: وقد
عُرِضُوا فأَبَوْا؛ هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه أُطْعِمُوا
وقُدِّمَ لَهم الطّعامُ، وعَرَّضَ فلان إِذا دام على أَكل العَرِيضِ، وهو
الإِمَّرُ. وتَعَرَّضَ الرّفاقَ: سأَلَهم العُراضاتِ. وتَعَرَّضْتُ
الرّفاقَ أَسْأَلُهُم أَي تَصَدَّيْتُ لهم أَسأَلهم. وقال اللحياني:
تَعَرَّضْتُ مَعْروفَهم ولِمَعْرُوفِهم أَي تَصَدَّيْتُ.
وجعلت فلاناً عُرْضةً لكذا أَي نَصَبْتُه له.
والعارِضةُ: الشاةُ أَو البعير يُصِيبه الداء أَو السبع أَو الكسر
فَيُنْحَرُ. ويقال: بنو فلان لا يأْكلون إِلا العَوارِض أَي لا ينحرون الإِبل
إِلا من داء يُصِيبها، يَعِيبُهم بذلك، ويقال: بنو فلان أَكَّالُونَ
لِلْعَوارِضِ إِذا لم يَنْحَرُوا إِلا ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كسْرٌ خوفاً
أَن يموت فلا يَنْتَفِعُوا به، والعرب تُغَيِّرُ بأَكله. ومنه الحديث:
أَنه بعث بُدْنَه مع رجل فقال: إِنْ عُرِضَ لها فانْحَرْها أَي إِن أَصابَها
مرض أَو كسر. قال شمر: ويقال عَرَضَتْ من إِبل فلان عارِضةٌ أَي
مَرِضَتْ وقال بعضهم: عَرِضَتْ، قال: وأَجوده عَرَضَتْ؛ وأَنشد:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ،
فَلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وعَرَضَتِ الناقةُ أَي أَصابها كسر أَو آفة. وفي الحديث: لكم في الوظيفة
الفَرِيضةُ ولكم العارِضُ؛ العارض المريضة، وقيل: هي التي أَصابها كسر.
يقال: عرضت الناقة إِذا أَصابها آفةٌ أَو كسر؛ أَي إِنا لا نأْخُذُ ذاتَ
العَيْب فَنَضُرَّ بالصدَقةِ. وعَرَضَت العارِضةُ تَعْرُضُ عَرْضاً:
ماتتْ من مَرَض. وتقول العرب إِذا قُرِّبَ إِليهم لحم: أَعَبيطٌ أَم عارضة؟
فالعَبيط الذي يُنحر من غير علة، والعارضة ما ذكرناه.
وفلانة عُرْضةٌ للأَزواج أَي قويّة على الزوج. وفلان عُرْضةٌ للشرّ أَي
قوي عليه؛ قال كعب بن زهير:
مِنْ كلِّ نَضَّاخةِ الذفْرَى، إِذا عَرِقَتْ،
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
وكذلك الاثنان والجَمع؛ قال جرير:
وتلْقَى حبالى عُرْضةً لِلْمراجِمِ
(* قوله «وتلقى إلخ» كذا بالأصل.)
ويروى: جبالى. وفُلانٌ عُرْضةٌ لكذا أَي مَعْرُوضٌ له؛ أَنشد ثعلب:
طَلَّقْتهنّ، وما الطلاق بِسُنّة،
إِنّ النِّساءَ لَعُرْضةُ التَّطْلِيقِ
وفي التنزيل: ولا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضةً لأَيْمانِكم أَنْ تَبَرُّوا
وتتقوا وتُصْلِحُوا؛ أَي نَصْباً لأَيْمانِكُم. الفراء: لا تجعلوا الحلف
باللّه مُعْتَرِضاً مانِعاً لكم أَن تَبَرُّوا فجعل العُرْضةَ بمعنى
المُعْتَرِض ونحو ذلك، قال الزجاج: معنى لا تجعلوا اللّه عرضة لأَيمانكم
أَنّ موضع أَن نَصْبٌ بمعنى عُرْضةً، المعنى لا تَعْتَرِضُوا باليمين باللّه
في أَن تَبَرُّوا، فلما سقطت في أَفْضَى معنى الاعْتِراضِ فَنَصَبَ أَن،
وقال غيره: يقال هم ضُعَفاءُ عُرْضةٌ لكل مَتَناوِلٍ إِذا كانوا نُهْزةً
لكل من أَرادهم. ويقال: جَعَلْتُ فلاناً عُرْضةً لكذا وكذا أَي نَصَبْته
له؛ قال الأَزهري: وهذا قريب مما قاله النحويون لأَنه إِذا نُصِبَ فقد
صار معترضاً مانعاً، وقيل: معناه أَي نَصْباً معترضاً لأَيمانكم كالغَرَض
الذي هو عُرضةٌ للرُّماة، وقيل: معناه قوّةٌ لأَيمانكم أَي تُشَدِّدُونها
بذكر اللّه. قال: وقوله عُرْضةً فُعْلة من عَرَضَ يَعْرِضُ. وكل مانِعٍ
مَنَعَك من شغل وغيره من الأَمراضِ، فهو عارِضٌ. وقد عَرَضَ عارِضٌ أَي
حال حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ ومنه يقال: لا تَعْرِضْ ولا تَعْرَض لفلان أَي
لا تَعْرِض له بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه ويذهب مذهبه.
ويقال: سلكت طَريق كذا فَعَرَضَ لي في الطريق عارض أَي جبل شامخ قَطَعَ
عَليَّ مَذْهَبي على صَوْبي. قال الأَزهري: وللعُرْضةِ معنى آخر وهو الذي
يَعْرِضُ له الناس بالمكروه ويَقَعُونَ فيه؛ ومنه قول الشاعر:
وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً
يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ
أَي نَصْباً للقبائل يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وقال الليث:
فلان عُرْضةٌ للناس لا يَزالون يَقَعُونَ فيه.
وعَرَضَ له أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بنفسه. وعَرِضَتْ له
الغولُ وعَرَضَت، بالكسر والفتح، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ.
والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وقيل: هو أَن يَرْكَبَ رأْسه من
النَّخْوة. ورجل عُرْضِيٌّ: فيه عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ
وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ في الفرس: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. ويقال: عَرَضَ
الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً في عَدْوِه؛ قال رؤبة:
يَعْرِضُ حتى يَنْصِبَ الخَيْشُوما
وذلك إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مائلاً. والعُرُضُ، مُثَقَّل:
السيرُ في جانب، وهو محمود في الخيل مذموم في الإِبل؛ ومنه قول حميد:
مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ،
يُصْبِحْنَ في القَفْرِ أتاوِيّاتِ
(* قوله «معترضات إلخ» كذا بالأصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما
هنا.)
أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وقيل في قوله في هذا الرجز: إِن اعتراضهن
ليس خلقة وإِنما هو للنشاط والبغي. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ في سيره لأَنه لم
تتم رياضته بعد. وناقة عُرْضِيَّةٌ: فيها صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ:
الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وناقة عُرْضِيَّة: لم تَذِلّ كل
الذُّلِّ، وجمل عُرْضِيٌّ: كذلك؛ وقال الشاعر:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ
وفي حديث عمر وصف فيه نفسه وسِياسَته وحُسْنَ النظر لرعيته فقال، رضي
اللّه عنه: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ؛
قال شمر: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ من الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ
وسَطُها التي يُحْمَلُ عليها ثم تُساقُ وسط الإِبل المحمَّلة، وإِن ركبها
رجل مضت به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لراكبها، قال: إِنما أَزجر العَرُوضَ
لأَنها تكون آخر الإِبل؛ قال ابن الأَثير: العَرُوض، بالفتح، التي تأْخذ
يميناً وشمالاً ولا تلزم المحجة، يقول: أَضربه حتى يعود إِلى الطريق،
جعله مثلاً لحسن سياسته للأُمة. وتقول: ناقة عَرَوضٌ وفيها عَرُوضٌ وناقة
عُرْضِيَّةٌ وفيها عُرْضِيَّةٌ إِذا كانت رَيِّضاً لم تذلل. وقال ابن
السكيت: ناقة عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بعض الرياضة ولم تَسْتَحْكِم؛ وقال شمر في
قول ابن أَحمر يصف جارية:
ومَنَحْتُها قَوْلي على عُرْضِيَّةٍ
عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ
قال ابن الأَعرابي: شبهها بناقة صعبة في كلامه إِياها ورفقه بها. وقال
غيره: مَنَحْتُها أَعَرْتُها وأَعطيتها. وعُرْضِيَّةٍ: صُعوبة فكأَن كلامه
ناقة صعبة. ويقال: كلمتها وأَنا على ناقة صعبة فيها اعتراض.
والعُرْضِيُّ: الذي فيه جَفاءٌ واعْتِراضٌ؛ قال العجاج:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُّ
والمِعْراضُ، بالكسر: سهم يُرْمَى به بلا ريش ولا نَصْل يَمْضِي عَرْضاً
فيصيب بعَرْضِ العود لا بحده. وفي حديث عَدِيّ قال: قلت للنبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَرْمي بالمِعْراضِ فَيَخْزِقُ، قال: إِنْ خَزَقَ فَكُلْ
وإِن أَصابَ بعَرضِه فلا تَأْكُلْ، أَراد بالمِعْراضِ سهماً يُرْمَى به
بلا رِيش، وأَكثر ما يصيب بعَرْض عُوده دون حَدِّه.
والمَعْرِضُ: المَكانُ الذي يُعْرَضُ فيه الشيءُ. والمِعْرَضُ: الثوب
تُعْرَضُ فيه الجارية وتُجَلَّى فيه، والأَلفاظ مَعارِيضُ المَعاني، من
ذلك، لأَنها تُجَمِّلُها.
والعارِضُ: الخَدُّ، يقال: أَخذ الشعر من عارِضَيْهِ؛ قال اللحياني:
عارِضا الوجه وعَرُوضَاه جانباه. والعارِضانِ: شِعاً الفَم، وقيل: جانبا
اللِّحية؛ قال عدي بن زيد:
لا تُؤاتِيكَ، إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجْـ
ـهَدَ في العارِضَيْنِ مِنْك القَتِير
والعَوارِضُ: الثَّنايا سُميت عَوارِضَ لأَنها في عُرْضِ الفَم.
والعَوارِضُ: ما وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ من الأَسنان، وقيل: هي أَرْبع أَسْنان
تَلي الأَنيابَ ثم الأَضْراسُ تَلي العَوارِضَ؛ قال الأَعشى:
غَرَّاء فَرْعاء مَصْقُول عَوارِضُها،
تَمْشِي الهُوَيْنا كما يَمْشي الوجِي الوَحِلُ
وقال اللحياني: العَوارِضُ من الأَضْراسِ، وقيل: عارِضُ الفَمِ ما يبدو
منه عند الضحك؛ قال كعب:
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ، إِذا ابْتَسَمَتْ،
كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
يَصِفُ الثَّنايا وما بعدها أَي تَكْشِفُ عن أَسْنانها. وفي الحديث: أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لتنظر إِلى امرأَة
فقال: شَمِّي عَوارِضَها، قال شمر: هي الأَسنان التي في عُرْضِ الفم وهي
ما بين الثنايا والأَضراس، واحدها عارضٌ، أَمَرَها بذلك لتَبُورَ به
نَكْهَتَها وريح فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خبيث. وامرأَة نقِيَّةُ العَوارِض أَي
نقِيَّةُ عُرْضِ الفم؛ قال جرير:
أَتَذْكرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيْها،
بِفَرْعِ بَشامةِ، سُقيَ البَشامُ
قال أَبو نصر: يعني به الأَسنان ما بعد الثنايا، والثنايا ليست من
العَوارِضِ. وقال ابن السكيت: العارِضُ النابُ والضِّرْسُ الذي يليه؛ وقال
بعضهم: العارِضُ ما بين الثنية إِلى الضِّرْس واحتج بقول ابن مقبل:
هَزِئَتْ مَيّةُ أَنْ ضاحَكْتُها،
فَرَأَتْ عارِضَ عَوْدٍ قد ثَرِمْ
قال: والثَّرَمُ لا يكون في الثنايا
(* قوله «لا يكون في الثنايا» كذا
بالأصل، وبهامشه صوابه: لا يكون إِلا في الثنايا اهـ. وهو كذلك في الصحاح
وشرح ابن هشام لقصيد كعب بن زهير، رضي اللّه عنه.)، وقيل: العَوارِضُ ما
بين الثنايا والأَضراس، وقيل: العوارض ثمانية، في كل شِقٍّ أَربعةٌ فوق
وأَربعة أَسفل، وأَنشد ابن الأَعرابي في العارضِ بمعنى الأَسنان:
وعارِضٍ كجانبِ العِراقِ،
أَبَنْت بَرّاقاً مِنَ البَرّاقِ
العارِضُ: الأَسنان، شبه استِواءَها باستواء اسفل القرْبة، وهو العِراقُ
للسيْرِ الذي في أَسفل القِرْبة؛ وأَنشد أَيضاً:
لَمَّا رأَيْنَ دَرَدِي وسِنِّي،
وجَبْهةً مِثْلَ عِراقِ الشَّنِّ،
مِتُّ عليهن، ومِتْنَ مِنِّي
قوله: مُتّ عليهن أَسِفَ على شبابه، ومتن هُنّ من بغضي؛ وقال يصف
عجوزاً:تَضْحَكُ عن مِثْلِ عِراقِ الشَّنِّ
أَراد بِعِراقِ الشَّنِّ أَنه أَجْلَحُ أَي عن دَرادِرَ اسْتَوَتْ
كأَنها عِراقُ الشَّنِّ، وهي القِرْبةُ. وعارِضةُ الإِنسان: صَفْحتا خدّيه؛
وقولهم فلان خفيف العارِضَيْنِ يراد به خفة شعر عارضيه. وفي الحديث: من
سَعادةِ المرءِ خِفّة عارِضَيْه؛ قال ابن الأَثير: العارِضُ من اللحية ما
يَنْبُتُ على عُرْضِ اللَّحْيِ فوق الذقَن. وعارِضا الإِنسان: صفحتا خدّيه،
وخِفَّتُهما كناية عن كثرة الذكرِ للّه تعالى وحركتِهما به؛ كذا قال
الخطابي. وقال: قال ابن السكيت فلان خفيف الشفَةِ إِذا كان قليل السؤال
للناس، وقيل: أَراد بخفة العارضين خفة اللحية، قال: وما أَراه مناسباً.
وعارضةُ الوجه: ما يبدو منه. وعُرْضا الأَنف، وفي التهذيب: وعُرْضا أَنْفِ
الفرس مُبْتَدَأُ مُنْحَدَرِ قصَبته في حافتيه جميعاً. وعارِضةُ الباب:
مِساكُ العِضادَتَيْنِ من فوق مُحاذِيةً للأُسْكُفّةِ. وفي حديث عمرو بن
الأَهتم قال للزبْرِقانِ: إِنه لشديد العارضةِ أَي شدِيد الناحيةِ ذو جَلَدٍ
وصَرامةٍ، ورجل شديدُ العارضةِ منه على المثل. وإِنه لذُو عارضةٍ وعارضٍ
أَي ذُو جلَدٍ وصَرامةٍ وقُدْرةٍ على الكلام مُفَوّهٌ، على المثل أَيضاً.
وعَرَضَ الرجلُ: صار ذا عارضة. والعارضةُ: قوّةُ الكلامِ وتنقيحه
والرأْيُ الجَيِّدُ. والعارِضُ: سَقائِفُ المَحْمِل. وعوارِضُ البيتِ: خشَبُ
سَقْفِه المُعَرَّضةُ، الواحدة عارِضةٌ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها:
نَصَبْتُ على باب حُجْرتي عَباءةً مَقْدَمَه من غَزاة خَيْبَرَ أَو
تَبُوكَ فهَتَكَ العَرْضَ حتى وقَع بالأَرض؛ حكى ابن الأَثير عن الهرويّ قال:
المحدثون يروونه بالضاد، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت
عَرْضاً إِذا أَرادوا تسقيفه ثم تُلْقى عليه أَطرافُ الخشَب القِصار، والحديث
جاء في سنن أَبي داود بالضاد المعجمة، وشرحه الخطابي في المَعالِم، وفي
غريب الحديث بالصاد المهملة، قال: وقال الراوي العَرْص وهو غلط، وقال
الزمخشري: هو العَرْصُ، بالصاد المهملة، قال: وقد روي بالضاد المعجمة لأَنه
يوضع على البيت عَرْضاً.
والعِرَضُّ: النَّشاطُ أَو النَّشِيطُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي
محمد الفقعسي:
إِنّ لَها لَسانِياً مِهَضّا،
على ثَنايا القَصْدِ، أَوْ عِرَضّا
الساني: الذي يَسْنُو على البعير بالدلو؛ يقول: يَمُرُّ على مَنْحاتِه
بالغَرْبِ على طريق مستقيمة وعِرِضَّى من النَّشاطِ، قال: أَو يَمُرُّ على
اعْتراضٍ من نَشاطِه. وعِرِضّى، فِعِلَّى، من الاعْتراضِ مثل الجِيَضِّ
والجِيِضَّى: مَشْيٌ في مَيَلٍ. والعِرَضَّةُ والعِرَضْنةُ: الاعْتِراضُ
في السير من النَّشاطِ. والفرس تَعْدُو العِرَضْنى والعِرَضْنةَ
والعِرَضْناةَ أَي مُعْتَرِضةً مَرَّةً من وجه ومرّة من آخر. وناقة عِرَضْنةٌ،
بكسر العين وفتح الراء: مُعْتَرِضةٌ في السير للنشاط؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
تَرِدْ بِنا، في سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ،
مِنْها عِرَضْناتٌ عِراضُ الأَرْنُبِ
العِرْضْناتُ ههنا: جمع عِرَضْنةٍ، وقال أَبو عبيد: لا يقال عِرَضْنةٌ
إِنما العِرَضْنةُ الاعْتراضُ. ويقال: فلان يَعْدو العِرَضْنةَ، وهو الذي
يَسْبِقُ في عَدْوه، وهو يمشي العِرَضْنى إِذا مَشَى مِشْيةً في شقّ فيها
بَغْيٌ من نَشاطه؛ وقول الشاعر:
عِرَضْنةُ لَيْلٍ ففي العِرَضْناتِ جُنَّحا
أَي من العِرَضْناتِ كما يقال رجل من الرجال. وامرأَة عِرَضْنةٌ: ذهبت
عَرْضاً من سِمَنِها. ورجل عِرْضٌ وامرأَة عِرْضةٌ وعِرْضَنٌ وعِرْضَنةٌ
إِذا كان يَعْتَرِضُ الناس بالباطل. ونظرت إِلى فلان عِرَضْنةً أَي
بِمُؤَخَّر عَيْني. ويقال في تصغير العِرَضْنى عُرَيْضِنٌ تَثْبُتُ النونُ
لأَنها ملحقة وتحذف الياء لأَنها غير ملحقة.
وقال أَبو عمرو: المُعارِضُ من الإِبلِ العَلُوقُ وهي التي ترأَم
بأَنْفِها وتَمْنَعُ دَرَّها. وبعير مُعارِضٌ إِذا لم يَسْتَقم في
القِطار.والإِعْراضُ عن الشيء: الصدُّ عنه. وأَعْرَضَ عنه: صَدّ. وعَرَضَ لك
الخيرُ يَعْرِضُ عُروضاً وأَعْرَضَ: أَشْرَفَ. وتَعَرَّضَ مَعْرُوفَه وله:
طَلَبَه؛ واستعمل ابن جني التَّعْرِيضَ في قوله: كان حَذْفُه أَو
التَّعْرِيضُ لحَذْفِه فساداً في الصنْعة.
وعارَضَه في السير: سار حِياله وحاذاه. وعارَضَه بما صَنَعَه: كافأَه.
وعارض البعيرُ الريحَ إِذا لم يستقبلها ولم يستدبرها.
وأَعْرَض الناقةَ على الحوض وعَرَضَها عَرْضاً: سامَها أَن تشرب،
وعَرَضَ عَلَيّ سَوْمَ عالّةٍ: بمعنى قول العامة عَرْضَ سابِرِيّ. وفي المثل:
عَرْضَ سابِرِيّ، لأَنه يُشترى بأَوّل عَرْض ولا يُبالَغُ فيه. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ: بدا. وعُرَضَّى: فُعَلَّى من الإِعْراضِ، حكاه سيبويه.
ولقِيه عارِضاً أَي باكِراً، وقيل: هو بالغين معجمة. وعارضاتُ الوِرْد
أَوّله؛ قال:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ قَبْلَ شفاهِهِمْ،
لَهُمْ عارِضات الوِرْدِ شُمُّ المَناخِرِ
لهم منهم؛ يقول: تقَع أُنوفُهم في الماء قبل شِفاههم في أَوّل وُرُودِ
الوِرْدِ لأَن أَوّله لهم دون الناس.
وعَرَّضَ لي بالشيء: لم يُبَيِّنْه.
وتَعَرُضَ: تعَوَّجَ. يقال: تعرَّض الجملُ في الجبَل أَخَذ منه في
عَرُوضٍ فاحتاج أَن يأْخذ يميناً وشمالاً لصعوبة الطريق؛ قال عبد اللّه ذو
البِجادين المزنيُّ وكان دليلَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، يخاطب ناقته
وهو يقودُها به، صلّى اللّه عليه وسلّم، على ثَنِيّةِ رَكوبةَ، وسمي ذا
البِجادَيْنِ لأَنه حين أَراد المسير إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
قطعت له أُمّه بِجاداً باثنين فَأْتَزَرَ بواحد وارْتَدى بآخَر:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرَّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هو أَبُو القاسِمِ فاسْتَقِيمي
ويروى: هذا أَبو القاسم. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي
الثنايا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الجوزاء تمر على جنب
مُعارضةً ليست بمستقيمة في السماء؛ قال لبيد:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قال ابن الأَثير: شبهها بالجوزاء لأَنها تمرّ معترضة في السماء لأَنها
غير مستقيمة الكواكب في الصورة؛ ومنه قصيد كعب:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ في مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ.
وعَرَّضَ لفلان وبه إِذا قال فيه قولاً وهو يَعِيبُه. الأَصمعي: يقال
عَرَّضَ لي فلان تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بالشيء ولم يبيِّن. والمَعارِيضُ من
الكلام: ما عُرِّضَ به ولم يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه
ومَعارِيضُه: كلام يُشْبِهُ بعضهُ بعضاً في المعاني كالرجل تَسْأَله: هل
رأَيت فلاناً؟ فيكره أَن يكذب وقد رآه فيقول: إِنَّ فلاناً لَيُرَى؛ ولهذا
المعنى قال عبد اللّه بن العباس: ما أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ
النَّعَم؛ ولهذا قال عبد اللّه بن رواحة حين اتهمته امرأَته في جارية له،
وقد كان حلف أَن لا يقرأَ القرآن وهو جُنب، فأَلَحَّتْ عليه بأَن يقرأَ
سورة فأَنشأَ يقول:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ،
وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ،
وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ،
ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قال: فرضيت امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هذا قرآناً فجعل ابن رواحة، رضي
اللّه عنه، هذا عَرَضاً ومِعْرَضاً فراراً من القراءة.
والتعْرِيضُ: خلاف التصريح. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بالشيء عن
الشيء. وفي المثل، وهو حديث مخرّج عن عمران بن حصين، مرفوع: إِنَّ في
المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عن الكذب أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جمع مِعْراضٍ من
التعريضِ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَمَا في المَعارِيض ما يُغْني المسلم
عن الكذب؟ وفي حديث ابن عباس: ما أُحب بمَعارِيضِ الكلام حُمْر النعَم.
ويقال: عَرّض الكاتبُ إِذا كتب مُثَبِّجاً ولم يبين الحروف ولم يُقَوِّمِ
الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي للشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه،
بتَيماءَ، حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ في خِطْبةِ المرأَة في عدّتها: أَن يتكلم بكلام يشبه
خِطْبتها ولا يصرّح به، وهو أَن يقول لها: إِنك لجميلة أَو إِن فيك لبقِيّة
أَو إِن النساء لمن حاجتي. والتعريض قد يكون بضرب الأَمثال وذكر الأَلغاز
في جملة المقال. وفي الحديث: أَنه قال لعَديّ ابن حاتم إِن وِسادَكَ
لعَرِيضٌ، وفي رواية: إِنك لعَريضُ القَفا، كَنى بالوِساد عن النوم لأَن
النائم يتَوَسَّدُ أَي إِن نومك لطويل كثير، وقيل: كنى بالوساد عن موضع
الوساد من رأْسه وعنقه، وتشهد له الرواية الثانية فإِنّ عِرَضَ القفا كناية عن
السِّمَن، وقيل: أَراد من أَكل مع الصبح في صومه أَصبح عَريضَ القفا
لأَن الصوم لا يؤثِّر فيه.
والمُعَرَّضةُ من النساء: البكر قبل أَن تُحْجَبَ وذلك أَنها تُعْرَضُ
على أَهل الحيّ عَرْضةً لِيُرَغِّبُوا فيها مَنْ رَغِبَ ثم يَحْجبونها؛
قال الكميت:
لَيالِيَنا إِذْ لا تزالُ تَرُوعُنا،
مُعَرَّضةٌ مِنْهُنَّ بِكْرٌ وثَيِّبُ
وفي الحديث: من عَرَّضَ عَرَّضْنا له، ومن مَشى على الكَلاّءِ
أَلْقَيْناه في النهر؛ تفسيرُه: من عَرَّضَ بالقَذْف عَرَّضْنا له بتأْديب لا
يَبْلُغُ الحَدّ، ومن صرح بالقذف برُكُوبه نهر الحَدّ أَلقيناه في نهر الحدّ
فحَدَدْناه؛ والكلاَّء مَرْفأُ السفُن في الماء، وضرب المشي على الكلاَّء
مثلاً للتعريض للحدّ بصريح القذف.
والعَرُوضُ: عَرُوضُ الشعر وهي فَواصِلُ أَنصاف الشعْر وهو آخر النصف
الأَول من البيت، أُنْثَى، وكذلك عَرُوض الجبل، وربما ذُكِّرتْ، والجمع
أَعارِيضُ على غير قياس، حكاه سيبويه، وسمي عَرُوضاً لأَن الشعر يُعْرَضُ
عليه، فالنصف الأَول عَروضٌ لأَن الثاني يُبْنى على الأَول والنصف الأَخير
الشطر، قال: ومنهم من يجعل العَروضَ طَرائق الشعْر وعَمُودَه مثل الطويل
يقول هو عَرُوضٌ واحد، واخْتِلافُ قَوافِيه يسمى ضُرُوباً، قال: ولكُلٍّ
مقَالٌ؛ قال أَبو إِسحق: وإِنما سمي وسط البيت عَرُوضاً لأَن العروض وسط
البيت من البِناء، والبيتُ من الشعْر مَبنيّ في اللفظ على بناء البيت
المسكون للعرب، فَقِوامُ البيت من الكلام عَرُوضُه كما أَنّ قِوامَ البيت من
الخِرَقِ العارضةُ التي في وسطه، فهي أَقْوَى ما في بيت الخرق، فلذلك
يجب أَن تكون العروض أَقوى من الضرْب، أَلا ترى أَن الضُّروبَ النقصُ فيها
أَكثر منه في الأَعارِيض؟ والعَرُوضُ: مِيزانُ الشعْر لأَنه يُعارَضُ
بها، وهي مؤنثة ولا تجمع لأَنها اسم جنس.
وفي حديث خديجة، رضي اللّه عنها: أَخاف أَن يكون عُرِضَ له أَي عَرَضَ
له الجنّ وأَصابَه منهم مَسٌّ. وفي حديث عبد الرحمن بن الزَّبِيرِ
وزَوجتِه: فاعتُرِضَ عنها أَي أَصابَه عارض من مرَضٍ أَو غيره منَعَه عن
إِتيانها. ومضى عَرْضٌ من الليل أَي ساعةٌ.
وعارِضٌ وعرِيضٌ ومُعْتَرِضٌ ومُعَرِّضٌ ومُعْرِضٌ: أَسماء؛ قال:
لَوْلا ابْن حارِثةَ الأَميرُ لَقَدْ
أَغْضَيْتُ مِنْ شَتْمي على رَغْمي
(* قوله «لولا ابن حارثة الأمير لقد» كذا بالأصل.)
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّر بَكْرَه
عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
الكاف فيه زائدة وتقديره إِلا مُعْرِضاً. وعُوارضٌ، بضم العين: جبَل أَو
موضع؛ قال عامرُ بن الطُّفَيْل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارضاً،
ولأُقْبِلَنَّ الخيْلَ لابةَ ضَرْغَدِ
أَي بِقَناً وبعُوارِضٍ، وهما جبلان؛ قال الجوهري: هو ببلاد طيّء وعليه
قبر حاتم؛ وقال فيه الشماخ:
كأَنَّها، وقد بَدا عُوارِضُ،
وفاضَ من أَيْدِيهِنّ فائضُ
وأَدَبِيٌّ في القَتامِ غامِضُ،
وقِطْقِطٌ حيثُ يَحُوضُ الحائضُ
والليلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،
بجَلْهةِ الوادِي، قَطاً نَواهِضُ
والعَرُوضُ: جبل؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيّة:
أَلمْ نَشْرِهمْ شَفْعاً، وتُتْرَكَ منْهُمُ بجَنْبِ العَرُوضِ رِمّةٌ
ومَزاحِفُ؟
والعُرَيْضُ، بضم العين، مصغر: وادٍ بالمدينة به أَموالٌ لأَهلها؛ ومنه
حديث أَبي سفيان: أَنه خرَج من مكة حتى بلغ العُرَيْضَ، ومنه الحديث
الآخر: ساقَ خَلِيجاً من العُرَيْضِ. والعَرْضِيُّ: جنس من الثياب.
قال النضر: ويقال ما جاءكَ من الرأْي عَرَضاً خير مما جاءك
مُسْتَكْرَهاً أَي ما جاءك من غير رَوِيَّةٍ ولا فِكْر. وقولهم: عُلِّقْتُها عَرَضاً
إِذا هَوِيَ امرأَةً أَي اعْتَرَضَتْ فرآها بَغْتة من غير أَن قَصَد
لرؤيتها فَعَلِقَها من غير قصدٍ؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلاً
غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرى غيْرَها الرجُلُ
وقال ابن السكيت في قوله عُلِّقْتُها عرَضاً أَي كانت عرَضاً من
الأَعْراضِ اعْتَرَضَني من غير أَن أَطْلُبَه؛ وأَنشد:
وإِمّا حُبُّها عَرَضٌ، وإِمّا
بشاشةُ كلِّ عِلْقٍ مُسْتَفاد
يقول: إِما أَن يكون الذي من حبها عرَضاً لم أَطلبه أَو يكون عِلْقاً.
ويقال: أَعرَض فلان أَي ذهَب عرْضاً وطولاً. وفي المثلِ: أَعْرَضْتَ
القِرْفةَ، وذلك إِذا قيل للرجل: من تَتَّهِمُ؟ فيقول: بني فلانة للقبيلة
بأَسْرِها. وقوله تعالى: وعَرَضْنا جهنم يومئذ للكافرين عَرْضاً؛ قال
الفراء: أَبرزناها حتى نظر إِليها الكفار، ولو جَعَلْتَ الفِعْلَ لها زدْتَ
أَلفاً فقلت: أَعْرَضَتْ هي أَي ظَهَرَتْ واستبانت؛ قال عمرو بن كلثوم:
فأَعْرَضَتِ اليمامةُ، واشْمَخَرَّتْ
كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا
أَي أَبْدَتْ عُرْضَها ولاحَتْ جِبالُها للناظر إِليها عارِضةً.
وأَعْرَضَ لك الخير إِذا أَمْكَنكَ. يقال: أَعْرَضَ لك الظبْيُ أَي أَمْكَنكَ من
عُرْضِه إِذا وَلاَّك عُرْضَه أَي فارْمه؛ قال الشاعر:
أَفاطِمَ، أَعْرِضِي قَبْلَ المنايا،
كَفى بالموْتِ هَجْراً واجْتِنابا
أَي أَمكِني. ويقال: طَأْ مُعْرِضاً حيث شئت أَي ضَعْ رجليك حيث شئت أَي
ولا تَتَّق شيئاً قد أَمكن ذلك. واعْتَرَضْتُ البعير: رَكِبْتُه وهو
صَعْبٌ. واعْتَرضْتُ الشهر إِذا ابتدأْته من غير أَوله. ويقال: تَعَرَّضَ لي
فلان وعرَض لي يَعْرِضُ يَشْتِمُني ويُؤْذِيني. وقال الليث: يقال تعرَّض
لي فلان بما أَكره واعتَرَضَ فلان فلاناً أَي وقع فيه. وعارَضَه أَي
جانَبَه وعَدَلَ عنه؛ قال ذو الرمة:
وقد عارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كأَنَّه
قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافِرُ
ويقال: ضرَب الفحلُ الناقةَ عِراضاً، وهو أَن يقاد إِليها ويُعْرَضَ
عليها إِن اشْتَهَتْ ضرَبَها وإِلا فلا وذلك لكَرَمها؛ قال الراعي:
قلائِصُ لا يُلْقَحْنَ إِلاَّ يَعارةً
عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلاَّ غَوالِيا
ومثله للطرماح:
.......... ونِيلَتْ
حِينَ نِيلتْ يَعارةً في عِراضِ
أَبو عبيد: يقال لَقِحَتْ ناقةُ فلان عِراضاً، وذلك أَن يُعارِضَها
الفحلُ معارضةً فيَضْرِبَها من غير أَن تكون في الإِبل التي كان الفحلُ
رَسِيلاً فيها. وبعير ذو عِراضٍ: يُعارِضُ الشجر ذا الشوْكِ بفِيه. والعارِضُ:
جانِبُ العِراق؛ والعريضُ الذي في شعر امرئ القيس اسم جبل ويقال اسم
واد:
قَعَدْتُ له، وصُحْبتي بَيْنَ ضارِجٍ
وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ، فالعَرِيضِ
أَصابَ قُطَيَّاتٍ فَسالَ اللَّوى له،
فَوادي البَدِيّ فانْتَحى لليَرِيضِ
(* قوله «أصاب إلخ» كذا بالأصل، والذي في معجم ياقوت في عدة مواضع: أصاب قطاتين فسال لواهما)
وعارَضْتُه في المَسِير أَي سِرْتُ حياله وحاذَيْتُه. ويقال: عارض فلان
فلاناً إِذا أَخذ في طريق وأخذ في طريق آخر فالتقيا. وعارَضْتُه بمثل ما
صنع أَي أَتيت إِليه بمثل ما أَتى وفعلت مثل ما فعل.
ويقال: لحم مُعَرَّضُ للذي لم يُبالَغْ في إِنْضاجِه؛ قال السُّلَيْك بن
السُّلَكةِ السعدي:
سَيَكْفِيكَ ضَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّضٌ،
وماءُ قُدُورٍ في الجِفانِ مَشِيبُ
ويروى بالضاد والصاد. وسأَلته عُراضةَ مالٍ وعَرْضَ مال وعَرَضَ مالٍ
فلم يعطنيه. وقَوْسٌ عُراضةٌ أَي عَرِيضةٌ؛ قال أَبو كبير:
لَمّا رأى أَنْ لَيْسَ عنهمْ مَقْصَرٌ،
قَصَرَ اليَمِينَ بكلِّ أَبْيَضَ مِطْحَرِ
وعُراضةِ السِّيَتَينِ تُوبِعَ بَرْيُها،
تأْوي طَوائِفُها بعَجْسٍ عَبْهَرِ
تُوبِعَ بَرْيُها: جُعِلَ بعضه يشبه بعضاً. قال ابن بري: أَورده الجوهري
مفرداً. وعُراضةُ وصوابه وعُراضةِ، بالخفض وعلله بالبيت الذي قبله؛
وأَما قول ابن أَحمر:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هل أَبِيتَنَّ ليلةً
صَحيحَ السُّرى، والعِيسُ تَجْري عَرُوضُها
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها
قَطا الحَزْنِ، قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
ورَوْحةُ دُنْيا بَينَ حَيَّينِ رُحْتُها،
أُسِيرُ عَسِيراً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
أُسِيرُ أَي أُسَيِّرُ. ويقال: معناه أَنه ينشد قصيدتين: إِحداهما قد
ذَلَّلها، والأُخرى فيها اعتراضٌ؛ قال ابن بري: والذي فسّره هذا التفسير
روى الشعر:
أُخِبُّ ذَلُولاً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
قال: وهكذا روايته في شعره. ويقال: اسْتُعْرِضَتِ الناقةُ باللحمِ فهي
مُسْتَعْرَضَةٌ. ويقال: قُذِفَتْ باللحم ولُدِسَت إِذا سَمِنَتْ؛ قال ابن
مقبل:
قَبّاء قد لَحِقَتْ خَسِيسةُ سِنِّها،
واسْتُعْرِضَتْ ببَضِيعِها المُتَبَتِّرِ
قال: خسيسةُ سِنِّها حين بَزَلَتْ وهي أَقْصَى أَسنانها. وفلان
مُعْتَرِضٌ في خُلُقِه إِذا ساءَكَ كلُّ شيءٍ من أَمره. وناقة عُرْضةٌ للحِجارةِ
أَي قويّةٌ عليها. وناقة عُرْضُ أَسفارٍ أَي قويّة على السفَر، وعُرْضُ
هذا البعيرِ السفَرُ والحجارةُ؛ وقال المُثَقِّبُ العَبْديُّ:
أَو مائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلادُها
لَغْواً، وعُرْضُ المائةِ الجَلْمَدُ
(* قوله «أو مائة إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلمد بغير هذا الضبط
والصواب ما هنا.)
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَو مائةٍ، بالكسر، لأَن قبله:
إِلا بِبَدْرَى ذَهَبٍ خالِصٍ،
كلَّ صَباحٍ آخِرَ المُسْنَدِ
قال: وعُرْضُ مبتدأ والجلمد خبره أَي هي قوية على قطعه، وفي البيت
إِقْواء.
ويقال: فلان عُرْضةُ ذاك أَو عُرْضةٌ لذلك أَي مُقْرِنٌ له قويّ عليه.
والعُرْضةُ: الهِمَّةُ؛ قال حسان:
وقال اللّهُ: قد أَعْدَدْتُ جُنْداً،
هُمُ الأَنْصارُ عُرْضَتُها اللِّقاءُ
وقول كعب بن زهير:
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مجهول
قال ابن الأَثير: هو من قولهم بَعِيرٌ عُرْضةٌ للسفر أَي قويٌّ عليه،
وقيل: الأَصل في العُرْضةِ أَنه اسم للمفعول المُعْتَرَضِ مثل الضُّحْكة
والهُزْأَةِ الذي يُضْحَكُ منه كثيراً ويُهْزَأُ به، فتقول: هذا الغَرضُ
عُرْضَةٌ للسِّهام أَي كثيراً ما تَعْتَرِضُه، وفلانٌ عُرْضةٌ للكلام أَي
كثيراً ما يَعْتَرِضُه كلامُ الناس، فتصير العُرْضةُ بمعنى النَّصْب كقولك
هذا الرجل نَصْبٌ لكلام الناس، وهذا الغَرضُ نَصْبٌ للرُّماة كثيراً ما
تَعْتَرِضُه، وكذلك فلان عُرْضةٌ للشرِّ أَي نصب للشرّ قويٌّ عليه يعترضه
كثيراً. وقولهم: هو له دونه عُرْضةٌ إِذا كان يَتَعَرَّضُ له، ولفلان
عرضة يَصْرَعُ بها الناس، وهو ضرب من الحِيلةِ في المُصارَعَة.
عرف: العِرفانُ: العلم؛ قال ابن سيده: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لا يَليق
بهذا المكان، عَرَفه يَعْرِفُه عِرْفة وعِرْفاناً وعِرِفَّاناً
ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قال أَبو ذؤيب يصف سَحاباً:
مَرَتْه النُّعامَى، فلم يَعْتَرِفْ
خِلافَ النُّعامَى من الشامِ رِيحا
ورجل عَرُوفٌ وعَرُوفة: عارِفٌ يَعْرِفُ الأَُمور ولا يُنكِر أَحداً رآه
مرة، والهاء في عَرُوفة للمبالغة. والعَريف والعارِفُ بمعنًى مثل عَلِيم
وعالم؛ قال طَرِيف بن مالك العَنْبري، وقيل طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ،
بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عارِفَهم؛ قال سيبويه: هو فَعِيل بمعنى فاعل كقولهم ضَرِيبُ قِداح،
والجمع عُرَفاء. وأَمر عَرِيفٌ وعارِف: مَعروف، فاعل بمعنى مفعول؛ قال
الأَزهري: لم أَسمع أَمْرٌ عارف أَي معروف لغير الليث، والذي حصَّلناه
للأَئمة رجل عارِف أَي صَبور؛ قاله أَبو عبيدة وغيره.
والعِرْف، بالكسر: من قولهم ما عَرَفَ عِرْفي إلا بأَخَرةٍ أَي ما
عَرَفَني إلا أَخيراً.
ويقال: أَعْرَفَ فلان فلاناً وعرَّفه إذا وقَّفَه على ذنبه ثم عفا عنه.
وعرَّفه الأَمرَ: أَعلمه إياه. وعرَّفه بيتَه: أَعلمه بمكانه. وعرَّفه
به: وسَمه؛ قال سيبويه: عَرَّفْتُه زيداً، فذهَب إلى تعدية عرّفت بالتثقيل
إلى مفعولين، يعني أَنك تقول عرَفت زيداً فيتعدَّى إلى واحد ثم تثقل
العين فيتعدَّى إلى مفعولين، قال: وأَما عرَّفته بزيد فإنما تريد عرَّفته
بهذه العلامة وأَوضَحته بها فهو سِوى المعنى الأَوَّل، وإنما عرَّفته بزيد
كقولك سمَّيته بزيد، وقوله أَيضاً إذا أَراد أَن يُفضِّل شيئاً من النحْو
أَو اللغة على شيء: والأَول أَعْرَف؛ قال ابن سيده: عندي أَنه على توهم
عَرُفَ لأَن الشيء إنما هو مَعْروف لا عارف، وصيغة التعجب إنما هي من
الفاعل دون المفعول، وقد حكى سيبويه: ما أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض،
فتعَجَّب من المفعول كما يُتعجّب من الفاعل حتى قال: ما أَبْغضَني له، فعلى
هذا يصْلُح أَن يكون أَعرف هنا مُفاضلة وتعَجُّباً من المفعول الذي هو
المعروف. والتعريفُ: الإعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إنشاد الضالة. وعرَّفَ
الضالَّة: نَشَدها.
واعترَفَ القومَ: سأَلهم، وقيل: سأَلهم عن خَبر ليعرفه؛ قال بشر بن أَبي
خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عن أَبيها،
خِلالَ الجَيْش، تَعْترِفُ الرِّكابا؟
قال ابن بري: ويأْتي تَعرَّف بمعنى اعْترَف؛ قال طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفوني أَنَّني أَنا ذاكُمُ،
شاكٍ سِلاحي، في الفوارِس، مُعْلَمُ
وربما وضعوا اعتَرَفَ موضع عرَف كما وضعوا عرَف موضع اعترف، وأَنشد بيت
أَبي ذؤيب يصف السحاب وقد تقدَّم في أَوَّل الترجمة أَي لم يعرف غير
الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتعرَّفت ما عند فلان أَي
تَطلَّبْت حتى عرَفت. وتقول: ائْتِ فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى
يَعْرِفَكَ. وقد تَعارَفَ القومُ أَي عرف بعضهُم بعضاً. وأَما الذي جاء في حديث
اللُّقَطةِ: فإن جاء من يَعْتَرِفُها فمعناه معرفتُه إياها بصفتها وإن لم
يرَها في يدك. يقال: عرَّف فلان الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ من يَعْرِفها
فجاء رجل يعترفها أَي يصفها بصفة يُعْلِم أَنه صاحبها. وفي حديث ابن مسعود:
فيقال لهم هل تَعْرِفون ربَّكم؟ فيقولون: إذا اعْترَف لنا عرَفناه أَي
إذا وصَف نفسه بصفة نُحَقِّقُه بها عرفناه. واستَعرَف إليه: انتسب له
ليَعْرِفَه. وتَعرَّفه المكانَ وفيه: تأَمَّله به؛ أَنشد سيبويه:
وقالوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى،
وما كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عارِفُ
وقوله عز وجل: وإذ أَسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجه حديثاً فلما
نبَّأَتْ به وأَظهره اللّه عليه عرَّف بعضَه وأَعرض عن بعض، وقرئ: عرَفَ بعضه،
بالتخفيف، قال الفراء: من قرأَ عرَّف بالتشديد فمعناه أَنه عرّف حَفْصةَ
بعْضَ الحديث وترَك بعضاً، قال: وكأَنَّ من قرأَ بالتخفيف أَراد غَضِبَ
من ذلك وجازى عليه كما تقول للرجل يُسيء إليك: واللّه لأَعْرِفنَّ لك ذلك،
قال: وقد لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وقال الفرَّاء: وهو وجه حسن،
قرأَ بذلك أَبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ، قال الأَزهري: وقرأَ الكسائي
والأَعمش عن أَبي بكر عن عاصم عرَف بعضَه، خفيفة، وقرأَ حمزة ونافع وابن كثير
وأَبو عمرو وابن عامر اليَحْصُبي عرَّف بعضه، بالتشديد؛ وفي حديث عَوْف
بن مالك: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول اللّه، صلى اللّه
عليه وسلم، أَي لأُجازِينَّك بها حتى تَعرِف سوء صنيعك، وهي كلمة تقال عند
التهديد والوعيد.
ويقال للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لمعرفة كل
منهم بعلْمِه. والعرّافُ: الكاهن؛ قال عُرْوة بن حِزام:
فقلت لعَرّافِ اليَمامة: داوِني،
فإنَّكَ، إن أَبرأْتَني، لَطبِيبُ
وفي الحديث: من أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فقد كفَر بما أُنزل على
محمد، صلى اللّه عليه وسلم؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الذي
يدَّعي علم الغيب الذي استأْثر اللّه بعلمه.
والمَعارِفُ: الوجُوه. والمَعْروف: الوجه لأَن الإنسان يُعرف به؛ قال
أَبو كبير الهذلي:
مُتَكَوِّرِين على المَعارِفِ، بَيْنَهم
ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْراف واحد. والمَعارِف: محاسن الوجه، وهو من ذلك. وامرأَة حَسَنةُ
المعارِف أَي الوجه وما يظهر منها، واحدها مَعْرَف؛ قال الراعي:
مُتَلفِّمِين على مَعارِفِنا،
نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومعارفُ الأَرض: أَوجُهها وما عُرِفَ منها.
وعَرِيفُ القوم: سيّدهم. والعَريفُ: القيّم والسيد لمعرفته بسياسة
القوم، وبه فسر بعضهم بيت طَرِيف العَنْبري، وقد تقدَّم، وقد عَرَفَ عليهم
يَعْرُف عِرافة. والعَريفُ: النَّقِيب وهو دون الرئيس، والجمع عُرَفاء، تقول
منه: عَرُف فلان، بالضم، عَرافة مثل خَطُب خَطابة أَي صار عريفاً، وإذا
أَردت أَنه عَمِلَ ذلك قلت: عَرف فلان علينا سِنين يعرُف عِرافة مثال
كتَب يكتُب كِتابة.
وفي الحديث: العِرافةُ حَقٌّ والعُرفاء في النار؛ قال ابن الأَثير:
العُرفاء جمع عريف وهو القَيِّم بأُمور القبيلة أَو الجماعة من الناس يَلي
أُمورهم ويتعرَّف الأَميرُ منه أَحوالَهُم، فَعِيل بمعنى فاعل، والعِرافةُ
عَملُه، وقوله العِرافة حقّ أَي فيها مَصلحة للناس ورِفْق في أُمورهم
وأَحوالهم، وقوله العرفاء في النار تحذير من التعرُّض للرِّياسة لما ذلك من
الفتنة، فإنه إذا لم يقم بحقه أَثمَ واستحق العقوبة، ومنه حديث طاووس:
أنه سأَل ابن عباس، رضي اللّه عنهما: ما معنى قول الناس: أَهْلُ القرآن
عُرفاء أَهل الجنة؟ فقال: رُؤساء أَهل الجنة؛ وقال علقمة بن عَبْدَة:
بل كلُّ حيّ، وإن عَزُّوا وإن كَرُموا،
عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بالضم، والعِرْف، بالكسر: الصبْرُ؛ قال أَبو دَهْبَل
الجُمَحِيُّ:
قل لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ:
ما أَحْسَنَ العُِرْفَ في المُصِيباتِ
وعرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قال قيس بن ذَرِيح:
فيا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرافاً لِما تَرى،
ويا حُبَّها قَعْ بالذي أَنْتَ واقِعُ
والعارِفُ والعَرُوف والعَرُوفةُ: الصابر. ونَفْس عَروف: حامِلة صَبُور
إِذا حُمِلَتْ على أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ،
عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بالذلّ بعد النعْمةِ، ويروى وابْتِحاح من
البُحبُوحةِ، وهذا رواه ابن الأَعرابي. ويقال: نزلت به مُصِيبة فوُجِد صَبوراً
عَروفاً؛ قال الأَزهري: ونفسه عارِفة بالهاء مثله؛ قال عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني،
لا يُنْجِني منها الفِرارُ الأَسْرَعُ
فصَبَرْتُ عارِفةً لذلك حُرَّةً،
تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ ولا تَطلَّع إلى الخَلْق كنفْس الجبان؛ يقول: حَبَسْتُ
نَفْساً عارِفةً أَي صابرة؛ ومنه قوله تعالى: وبَلَغَتِ القُلوبُ
الحَناجِر؛ وأَنشد ابن بري لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بها حتى تَعالَتْ بيَ الضُّحى،
ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوارِفُ
المُّبرياتُ: التي في أُنوفِها البُرة، والعَوارِفُ: الصُّبُر. ويقال:
اعْترف فلان إذا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الفراء:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر معترف لأَن لفظ المطيّ مذكر.
وعرَف بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَف: أَقَرَّ. وعرَف له: أَقر؛ أَنشد ثعلب:
عَرَفَ الحِسانُ لها غُلَيِّمةً،
تَسْعى مع الأَتْرابِ في إتْبِ
وقال أعرابي: ما أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لا أُقِرُّ به. وفي حديث
عمر: أَطْرَدْنا المعترِفين؛ هم الذين يُقِرُّون على أَنفسهم بما يجب
عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يقال: أَطْرَدَه السلطان وطَرَّده إذا أَخرجه
عن بلده، وطرَدَه إذا أَبْعَده؛ ويروى: اطْرُدُوا المعترفين كأَنه كره لهم
ذلك وأَحبّ أَن يستروه على أَنفسهم. والعُرْفُ: الاسم من الاعْتِرافِ؛
ومنه قولهم: له عليّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وهو توكيد.
ويقال: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثم اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته من أَنا؛ قال
مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفا ثم قُولا: إنَّ ذا رَحِمٍ
هَيْمان كَلَّفَنا من شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيةً تَسْتَعْرِفانِ بها،
يوماً، فقُولا لها العُودُ الذي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضدّ النُّكْر. يقال: أَوْلاه
عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْروف والعارفةُ: خلاف النُّكر. والعُرْفُ
والمعروف: الجُود، وقيل: هو اسم ما تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشاعر ثانيه
فقال:
إنّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْمِلاً
للخَيْرِ، يُفْشِي في مِصْرِه العُرُفا
والمَعْروف: كالعُرْف. وقوله تعالى: وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً، أَي
مصاحباً معروفاً؛ قال الزجاج: المعروف هنا ما يُستحسن من الأَفعال. وقوله
تعالى: وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف، قيل في التفسير: المعروف الكسْوة
والدِّثار، وأَن لا يقصّر الرجل في نفقة المرأَة التي تُرْضع ولده إذا كانت
والدته، لأَن الوالدة أَرْأَفُ بولدها من غيرها، وحقُّ كل واحد منهما أَن
يأْتمر في الولد بمعروف. وقوله عز وجل: والمُرْسَلات عُرْفاً؛ قال بعض
المفسرين فيها: إنها أُرْسِلَت بالعُرف والإحسان، وقيل: يعني الملائكة
أُرسلوا للمعروف والإحسان. والعُرْفُ والعارِفة والمَعروفُ واحد: ضد النكر،
وهو كلُّ ما تَعْرِفه النفس من الخيْر وتَبْسَأُ به وتَطمئنّ إليه، وقيل:
هي الملائكة أُرسلت مُتتابعة. يقال: هو مُستعار من عُرْف الفرس أَي
يتتابَعون كعُرْف الفرس. وفي حديث كعْب بن عُجْرةَ: جاؤوا كأَنَّهم عُرْف أَي
يتْبَع بعضهم بعضاً، وقرئت عُرْفاً وعُرُفاً والمعنى واحد، وقيل:
المرسلات هي الرسل. وقد تكرَّر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عُرف
ما طاعة اللّه والتقرّب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندَب إليه
الشرعُ ونهى عنه من المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وهو من الصفات الغالبة أَي
أَمْر مَعْروف بين الناس إذا رأَوْه لا يُنكرونه. والمعروف: النَّصَفةُ
وحُسْن الصُّحْبةِ مع الأَهل وغيرهم من الناس، والمُنكَر: ضدّ ذلك جميعه.
وفي الحديث: أَهل المعروف في الدنيا هم أَهل المعروف في الآخرة أَي مَن بذل
معروفه للناس في الدنيا آتاه اللّه جزاء مَعروفه في الآخرة، وقيل: أَراد
مَن بذل جاهَه لأَصحاب الجَرائم التي لا تبلُغ الحُدود فيَشفع فيهم
شفَّعه اللّه في أَهل التوحيد في الآخرة. وروي عن ابن عباس، رضي اللّه عنهما،
في معناه قال: يأْتي أَصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيُغْفر لهم
بمعروفهم وتَبْقى حسناتُهم جامّة، فيُعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته
فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة؛
وقوله أَنشده ثعلب:
وما خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى في شَبابِه،
إذا لم يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قال ابن سيده: قد يكون من المعروف الذي هو ضِد المنكر ومن المعروف الذي
هو الجود. ويقال للرجل إذا ولَّى عنك بِوده: قد هاجت مَعارِفُ فلان؛
ومَعارِفُه: ما كنت تَعْرِفُه من ضَنِّه بك، ومعنى هاجت أَي يبِست كما يَهيج
النبات إذا يبس. والعَرْفُ: الرّيح، طيّبة كانت أَو خبيثة. يقال: ما
أَطْيَبَ عَرْفَه وفي المثل: لا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عن عَرْفِ السَّوْء؛
قال ابن سيده: العَرف الرائحة الطيبة والمُنْتِنة؛ قال:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه،
وليس له إلا بني خالِدٍ أَهْلُ
وقال البُرَيق الهُذلي في النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذي الصُّماحِ، كما
عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه. والتعْرِيفُ: التطْييبُ من العَرْف.
وقوله تعالى: ويُدخِلهم الجنة عرَّفها لهم، أَي طَيَّبها؛ قال الشاعر يمدح
رجلاً:
عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ
يقول: كما عَرُفَ الإتْبُ وهو البقِيرُ. قال الفراء: يعرفون مَنازِلهم
إذا دخلوها حتى يكون أَحدهم أَعْرَف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أَهله؛
قال الأَزهري: هذا قول جماعة من المفسرين، وقد قال بعض اللغويين عرَّفها
لهم أَي طيَّبها. يقال: طعام معرَّف أَي مُطيَّب؛ قال الأَصمعي في قول
الأَسود ابن يَعْفُرَ يَهْجُوَ عقال بن محمد بن سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ في حَناجِرَ أُقْنِعَتْ
لِعادَتِها من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قال: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت للفم، قال وقال بعضهم في قوله:
عَرَّفها لهم؛ قال: هو وضعك الطعام بعضَه على بعض. ابن الأَعرابي: عَرُف
الرجلُ إذا أَكثر من الطِّيب، وعَرِفَ إذا ترَكَ الطِّيب. وفي الحديث: من
فعل كذا وكذا لم يجد عَرْف الجنة أَي ريحَها الطيِّبة. وفي حديث عليّ، رضي
اللّه عنه: حبَّذا أَرض الكوفة أَرضٌ سَواء سَهلة معروفة أَي طيّبة
العَرْفِ، فأَما الذي ورد في الحديث: تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاء
يَعْرِفْك في الشدَّة، فإنَّ معناه أَي اجعله يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فيما
أَوْلاك من نِعمته، فإنه يُجازِيك عند الشدَّة والحاجة إليه في الدنيا
والآخرة.
وعرَّف طَعامه: أَكثر أُدْمَه. وعرَّف رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه.
وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً: بعضُها خلْف بعض. وعُرْف الدِّيك
والفَرَس والدابة وغيرها: مَنْبِتُ الشعر والرِّيش من العُنق، واستعمله الأَصمعي
في الإنسان فقال: جاء فلان مُبْرَئلاً للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه،
والجمع أَعْراف وعُروف. والمَعْرَفة، بالفتح: مَنْبِت عُرْف الفرس من الناصية
إلى المِنْسَج، وقيل: هو اللحم الذي ينبت عليه العُرْف. وأَعْرَفَ
الفَرسُ: طال عُرفه، واعْرَورَفَ: صار ذا عُرف. وعَرَفْتُ الفرس: جزَزْتُ
عُرْفَه. وفي حديث ابن جُبَير: ما أَكلت لحماً أَطيَبَ من مَعْرَفة
البِرْذَوْن أَي مَنْبت عُرْفه من رَقَبته. وسَنام أَعْرَفُ: طويل ذو عُرْف؛ قال
يزيد بن الأَعور الشني:
مُسْتَحْملاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
وناقة عَرْفاء: مُشْرِفةُ السَّنام. وناقة عرفاء إذا كانت مذكَّرة تُشبه
الجمال، وقيل لها عَرْفاء لطُول عُرْفها. والضَّبُع يقال لها عَرْفاء
لطول عُرفها وكثرة شعرها؛ وأَنشد ابن بري للشنْفَرَى:
ولي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ،
وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاء جَيأَلُ
وقال الكميت:
لها راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ منهما:
أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرفاء: ذات عُرْف، وقيل: كثيرة شعر العرف. وشيء أَعْرَفُ: له
عُرْف. واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فصار له
كالعُرف. واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إذا صار له من الزبَد شبه العرف؛ قال الهذلي
يصف طَعْنَة فارتْ بدم غالب:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة،
تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
(* قوله «الفلوّ» بالفاء المهر، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين.)
واعْرَوْرَفَ فلان للشرّ كقولك اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّاَ.
وعُرْف الرمْل والجبَل وكلّ عالٍ ظهره وأَعاليه، والجمع أَعْراف وعِرَفَة
(*
قوله «وعرفة» كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح.) وقوله تعالى: وعلى الأَعْراف
رِجال؛ الأَعراف في اللغة: جمع عُرْف وهو كل عال مرتفع؛ قال الزجاج:
الأَعْرافُ أَعالي السُّور؛ قال بعض المفسرين: الأعراف أَعالي سُور بين أَهل
الجنة وأَهل النار، واختلف في أَصحاب الأَعراف فقيل: هم قوم استوت
حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات، فكانوا على
الحِجاب الذي بين الجنة والنار، قال: ويجوز أَن يكون معناه، واللّه أَعلم،
على الأَعراف على معرفة أَهل الجنة وأَهل النار هؤلاء الرجال، فقال قوم:
ما ذكرنا أَن اللّه تعالى يدخلهم الجنة، وقيل: أَصحاب الأعراف أَنبياء،
وقيل: ملائكة ومعرفتهم كلاً بسيماهم أَنهم يعرفون أَصحاب الجنة بأَن
سيماهم إسفار الوجُوه والضحك والاستبشار كما قال تعالى: وجوه يومئذ مُسْفرة
ضاحكة مُستبشرة؛ ويعرِفون أَصحاب النار بسيماهم، وسيماهم سواد الوجوه
وغُبرتها كما قال تعالى: يوم تبيضُّ وجوه وتسودّ وجوه ووجوه يومئذ عليها
غَبَرة ترهَقها قترة؛ قال أَبو إسحق: ويجوز أَن يكون جمعه على الأَعراف على
أَهل الجنة وأَهل النار. وجبَل أَعْرَفُ: له كالعُرْف. وعُرْفُ الأَرض: ما
ارتفع منها، والجمع أَعراف. وأَعراف الرِّياح والسحاب: أَوائلها
وأَعاليها، واحدها عُرْفٌ. وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مرتفع. والأَعرافُ: الحَرْث الذي
يكون على الفُلْجانِ والقَوائدِ.
والعَرْفةُ: قُرحة تخرج في بياض الكف. وقد عُرِف، وهو مَعْروف: أَصابته
العَرْفةُ.
والعُرْفُ: شجر الأُتْرُجّ. والعُرف: النخل إذا بلغ الإطْعام، وقيل:
النخلة أَوَّل ما تطعم. والعُرْفُ والعُرَفُ: ضرب من النخل بالبحرَيْن.
والأعراف: ضرب من النخل أَيضاً، وهو البُرْشُوم؛ وأَنشد بعضهم:
نَغْرِسُ فيها الزَّادَ والأَعْرافا،
والنائحي مسْدفاً اسُدافا
(* قوله «والنائحي إلخ» كذا بالأصل.)
وقال أَبو عمرو: إذا كانت النخلة باكوراً فهي عُرْف. والعَرْفُ: نَبْت
ليس بحمض ولا عِضاه، وهو الثُّمام.
والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صغيرة تكون في الرَّمْل، رمْلِ
عالِج أَو رمال الدَّهْناء. وقال أَبو حنيفة: العُرُفَّان جُنْدَب ضخم
مثل الجَرادة له عُرف، ولا يكون إلا في رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ.
وعُرُفَّانُ: جبل. وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ: اسم. وعَرَفةُ وعَرَفاتٌ: موضع
بمكة، معرفة كأَنهم جعلوا كل موضع منها عرفةَ، ويومُ عرفةَ غير منوّن ولا
يقال العَرفةُ، ولا تدخله الأَلف واللام. قال سيبويه: عَرفاتٌ مصروفة في
كتاب اللّه تعالى وهي معرفة، والدليل على ذلك قول العرب: هذه عَرفاتٌ
مُبارَكاً فيها، وهذه عرفات حسَنةً، قال: ويدلك على معرفتها أَنك لا تُدخل فيها
أَلفاً ولاماً وإنما عرفات بمنزلة أَبانَيْنِ وبمنزلة جمع، ولو كانت
عرفاتٌ نكرة لكانت إذاً عرفاتٌ في غير موضع، قيل: سمي عَرفةَ لأَن الناس
يتعارفون به، وقيل: سمي عَرفةَ لأَن جبريل، عليه السلام، طاف بإبراهيم، عليه
السلام، فكان يريه المَشاهِد فيقول له: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فيقول إبراهيم:
عرفت عرفت، وقيل: لأَنّ آدم، صلى اللّه على نبينا وعليه السلام، لما هبط
من الجنة وكان من فراقه حوَّاء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عَرَفها
وعرَفَتْه. والتعْريفُ: الوقوف بعرفات؛ ومنه قول ابن دُرَيْد:
ثم أَتى التعْريفَ يَقْرُو مُخْبِتاً
تقديره ثم أَتى موضع التعريف فحذف المضاف وأَقام المضاف إليه مقامه.
وعَرَّف القومُ: وقفوا بعرفة؛ قال أَوْسُ بن مَغْراء:
ولا يَريمون للتعْرِيفِ مَوْقِفَهم
حتى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا
(* قوله «صفوانا» هو هكذا في الأصل، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً
على الجوهري.)
وهو المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه
عنهما: ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق وذلك بعد المُعَرَّفِ، يريد بعد
الوُقوف بعرفةَ. والمُعَرَّفُ في الأَصل: موضع التعْريف ويكون بمعنى المفعول.
قال الجوهري: وعَرَفات موضع بِمنًى وهو اسم في لفظ الجمع فلا يُجْمع، قال
الفراء: ولا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا بعَرفة شَبيه بمولَّد، وليس
بعربي مَحْض، وهي مَعْرِفة وإن كان جمعاً لأَن الأَماكن لا تزول فصار
كالشيء الواحد، وخالف الزيدِين، تقول: هؤلاء عرفاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ
لأَنه نكِرة وهي مصروفة، قال اللّه تعالى: فإذا أَفَضْتُم من عَرفاتٍ؛
قال الأَخفش: إنما صرفت لأَن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مُسلِمين
ومسلمون لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمي به تُرِك على
حاله كما تُرِك مسلمون إذا سمي به على حاله، وكذلك القول في أَذْرِعاتٍ
وعاناتٍ وعُرَيْتِنات
والعُرَفُ: مَواضِع منها عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ
صارةَ. والعُرُفُ: موضع، وقيل جبل؛ قال الكميت:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ،
وما أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
(* قوله «أهاجك» في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك.)
واستشهد الجوهري بهذا البيت على قوله العُرْف. والعُرُفُ: الرمل
المرتفع؛ قال: وهو مثل عُسْر وعُسُر، وكذلك العُرفةُ، والجمع عُرَف وأَعْراف.
والعُرْفَتانِ: ببلاد بني أَسد؛ وأَما قوله أَنشده يعقوب في البدل:
وما كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بينهم،
ولا حين جَدّ الجِدُّ ممّن تَغَيَّبا
فليس عرَّف فيه من هذا الباب إنما أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لمكان
الهمزة عيْناً وأَبدل الثاء فاء. ومَعْروف: اسم فرس الزُّبَيْر بن العوّام
شهد عليه حُنَيْناً. ومعروف أَيضاً: اسم فرس سلمةَ بن هِند الغاضِريّ من
بني أَسد؛ وفيه يقول:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عليهم كأَنه،
إذا ازْوَرَّ من وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لهم؛ أَنشد أَبو حنيفة:
وحتى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى في لَوِيِّهِ
أَساريعُ مَعْروفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وذكر في ترجمة عزف: أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تَعازَفَت
الأَنصار يوم بُعاث، قال: وتروى بالراء المهملة أَي تَفاخَرَتْ.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حسف: الحُسافُ: بَقِيّةُ كلِّ شيء أُكل فلم يبق منه إلا قليل. وحُسافةُ
التمرِ: بقية قُشُوره وأَقْماعُه وكِسَرُه؛ هذه عن اللحياني. قال الليث:
الحُسافة حُسافة التمر، وهي قُشوره ورَدِيئه. وحُسافُ المائدةِ: ما
يَنْتَثِرُ فيؤكل فيُرْجى فيه الثوابُ. وحُسافُ الصِّلِّيانِ ونحوه: يَبِيسُه،
والجمع أَحْسافٌ. والحُسافةُ: ما سَقَطَ من التمر، وقيل: الحسافة في
التمر خاصّة ما سقط من أَقماعه وقشوره وكِسَره. الجوهري: الحسافة ما تناثر
من التمر الفاسد.
وحَسَفَ التمرَ يَحْسِفُه حَسْفاً وحَسَّفَه: نَقَّاه من الحُسافةِ. ابن
الأَعرابي: الحُسوفُ اسْتِقْصاء الشيء وتَنْقِيَتُه. وفي الحديث: أَنَّ
أَسْلَم كان يأَْتي عمر بالصاعِ من التمر فيقول: يا أَسْلَمُ حُتَّ عنه
قِشْره، قال: فأَحْسِفُه ثم يأْكله؛ الحَسْفُ كالحتّ وهو إزالة القِشْر.
ومنه حديث سعد بن أَبي وقاص قال عن مصعب بن عمير: لقد رأَيت جِلْدَه
يَتَحَسَّفُ تَحَسُّفَ جِلدِ الحَيّةِ أَي يَتَقَشر. وهو من حُسافتهم أَي من
خُشارَتِهمْ. وحُسافةُ الناسِ: رُذالُهم. وانْحَسَفَ الشيءُ في يَدِي:
انفَتَّ. وحَسَفَ القَرْحة: قَشَرَها. وتَحَسَّفَ الجِلْدُ: تقشّر؛ عن ابن
الأَعرابي. وتَحَسَّفَتْ أَوْبارُ الإبلِ وتوَسَّفَتْ إذا تَمَعَّطَتْ
وتَطايَرَتْ.
والحَسِيفةُ: الضَّغِينةُ؛ قال الأَعشى:
فَماتَ ولم تَذْهَبْ حَسِيفةُ صَدْرِه،
يُخَبِّرُ عنه ذاك أَهْلُ الـمَقابِرِ
وفي صدره عليَّ حَسِيفةٌ وحُسافةٌ أَي غَيْظٌ وعداوةٌ. أَبو عبيد: في
قلبه عليه كَتِيفةٌ وحَسِيفةٌ وحَسيكةٌ وسخِيمةٌ بمعنًى واحد. ورجع فلان
بحَسيفة نَفْسِه إذا رجَعَ ولم يَقْضِ حاجةُ نفسِه؛ وأَنشد:
إذا سُئِلُوا الـمَعْرُوفَ لم يَبْخَلُوا به،
ولم يَرْجِعُوا طُلاَّبَه بالحَسائِفِ
قال الفراء: حُسِفَ فلان أَي رُذلَ وأُسْقِطَ. وحكى الأَزهري عن بعض
الأَعراب قال: يقال لجَرْسِ الحَيّاتِ حَسْفٌ وحَسِيفٌ وحفيفٌ؛ وأَنشد:
أَباتوني بِشَرِّ مَبيتِ ضَيْفٍ،
به حَسْفُ الأَفاعي والبُرُوصِ
شمر: الحُسافةُ الماء القليل؛ قال: وأَنشدني ابن الأَعرابي لكثيِّر:
إذا النَّبْلُ في نَحْرِ الكُمَيْتِ، كأَنها
شَوارِعُ دَبْرٍ في حُسافةِ مُدْهُنِ
شمر: وهو الحُشافةُ، بالشين أَيضاً، الـمُدْهُن: صخْرة يَسْتَنْقِعُ
فيها الماءُ.
درج: دَرَجُ البناءِ ودُرَّجُه، بالتثقيل: مَراتِبُ بعضها فوق بعض،
واحدتُه دَرَجَة ودُرَجَةٌ مثال همزة، الأَخيرة عن ثعلب.
والدَّرَجَةُ: الرفعة في المنزلة. والدَّرَجَةُ: المِرْقاةُ
(* قوله
«والدرجة المرقاة» في القاموس: والدرجة، بالضم وبالتحريك، كهمزة، وتشدد جيم
هذه، والأَدرجة كأَسكفة أَي بضم الهمزة فسكون الدال فضم الراء فجيم مشددة
مفتوحة: المرقاة.). والدَّرَجَةُ واحدةُ الدَّرَجات، وهي الطبقات من
المراتب. والدَّرَجَةُ: المنزلة، والجمع دَرَجٌ. ودَرَجاتُ الجنة: منازلُ
أَرفعُ من مَنازِلَ.
والدَّرَجانُ: مِشْيَةُ الشيخ والصبي.
ويقال للصبي إِذا دَبَّ وأَخذ في الحركة: دَرَجَ. ودَرَج الشيخ والصبي
يَدْرُجُ دَرْجاً ودَرَجاناً ودَرِيجاً، فهو دارج: مَشَيا مَشْياً ضعيفاً
ودَبَّا؛ وقوله:
يا ليتني قد زُرْتُ غَيْرَ خارِجِ،
أُمَّ صَبِيٍّ، قد حَبَا، ودارِجِ
إِنما أَراد أُمَّ صَبِيٍّ حابٍ ودارِج، وجاز له ذلك لأَن قد تُقرِّبُ
الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه أَو تكاد، أَلا تراهم يقولون: قد قامت
الصلاة، قبل حال قيامها؟ وجعَلَ مُلَيْحٌ الدَّريجَ للقطا فقال:
يَطُفْنَ بِأَحْمالِ الجِمالِ عُذَيَّةً،
دَريجَ القَطا، في القَزِّ غَيْرِ المُشَقَّقِ
قوله: في القَزِّ، من صلة يَطُفْنَ؛ وقال:
تَحْسَبُ بالدَّوِّ الغَزالَ الدَّارِجا،
حمارَ وحشٍ يَنْعَبُ المَناعِبا،
والثَّعْلَبَ المَطْرودَ قَرْماً هابِجَا
فأَكفأَ بالباء والجيم على تباعد ما بينهما في المخرج. قال ابن سيده:
وهذا من الإِكفاء الشاذ النادر، وإِنما يَمْثُلُ الإِكفاءُ قليلاً إِذا كان
بالحروف المتقاربة كالنون والميم، والنون واللام، ونحو ذلك من الحروف
المتدانية المخارج.
والدَّرَّاجةُ: العَجَلَةُ التي يَدِبُّ الشيخ والصبي عليها، وهي أَيضاً
الدَّبَّابة التي تُتَّخذ في الحرب يدخل فيها الرجال. الجوهري:
الدَّرَّاجَةُ، بالفتح، الحالُ وهي التي يَدْرُجُ عليها الصبي إِذا مشى. التهذيب:
ويقال للدَّبَّابات التي تُسَوَّى لحرب الحِصارِ يدخل تحتها الرجال:
الدَّبَّابات والدَّرَّاجات. والدَّرَّاجَةُ: التي يُدَرَّجُ عليها الصبي
أَوَّلَ ما يمشي.
وفي الصحاح: دَرَجَ الرجلُ والضب يَدْرُجُ دُرُوجاً أَي مشى. ودَرَجَ
ودَرِجَ أَي مضى لسبيله.
ودَرَِجَ القومُ إِذا انقرضوا؛ والانْدِراجُ مثله. وكلُّ بُرْج من
بُرُوج السماء ثلاثون دَرَجةً.
والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ بين الجبال، واحدته مدْرَجةٌ، وهي
المواضع التي يدرج فيها أَي يمشى؛ ومنه قول المزني، وهو عبد الله ذو
البِجادَينِ:
تَعَرَّضي مَدارِجاً وسُومِي،
تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هذا أَبو القاسمِ فاسْتَقِيمي
ويقال: دَرَّجْتُ العليل تَدْريجاً إِذا أَطعمته شيئاً قليلاً، وذلك
إِذا نَقِهَ، حتى يَتَدَرَّجَ إِلى غاية أَكله، كما كان قبل العلة، دَرَجَةً
درجةً.
والدَّرَاجُ: القُنْفُذُ لأَنه يَدْرُج ليلته جمعاء، صفة غالبة.
والدَّوارِجُ: الأَرجُلُ؛ قال الفرزدق:
بَكَى المِنْبَرُ الشَّرْقِيُّ، أَنْ قام فَوْقَهُ
خَطِيبٌ فُقَيْمِيٌّ، قصيرُ الدَّوارِجِ
قال ابن سيده: ولا أَعرف له واحداً. التهذيب: ودَوارِجُ الدابة قوائمه،
الواحدة دارجةٌ.
وروى الأَزهري بسنده عن الثوري، قال: كنت عند أَبي عبيدة فجاءه رجل من
أَصحاب الأَخفش فقال لنا: أَليس هذا فلاناً؟ قلنا: بلى، فلما انتهى إِليه
الرجل قال: ليس هذا بِعُشِّكِ فادْرُجِي، قلنا: يا أَبا عبيدة لمن يُضرب
هذا المثل؛ فقال: لمن يرفع له بحبال. قال المبرد: أَي يطرد. وفي خطبة
الحجاج: ليس هذا بِعُشِّكِ فادرُجي أَي اذهبي؛ وهو مثل يضرب لمن يتعرّض
إِلى شيء ليس منه، وللمطمئن في غير وقته فيؤْمر بالجِدِّ والحركة.
ويقال: خلّي دَرَجَ الضَّبِّ؛ ودَرَجُه طريقه، أَي لا تَعَرَّضي له أَي
تَحَوَّلي وامضي واذهبي. ورجع فلان دَرَجَه أَي رجع في طريقه الذي جاء
فيه؛ وقال سلامة بن جندل:
وكَرِّنا خَيْلَنا أَدْراجَنا رَجَعاً،
كُسَّ السَّنابِكِ مِنْ بَدْءٍ وتَعْقِيبِ
ورجع فلانٌ دَرَجَه إِذا رجع في الأَمر الذي كان تَرَكَ. وفي حديث أَبي
أَيوب: قال لبعض المنافقين، وقد دخل المسجد: أَدْراجَكَ يا منافق
الأَدْراجُ: جمع دَرَجٍ وهو الطريق، أَي اخْرُجْ من المسجد وخُذْ طريقَك الذي
جئت منه. ورَجَعَ أَدْراجَه: عاد من حيث جاء. ويقال: استمرَّ فلان دَرَجَه
وأَدْراجَه. والدَّرَجُ: المَحاجُّ. والدَّرَجُ: الطريق. والأَدْراجُ:
الطُّرُقُ: أَنشد ابن الأَعرابي:
يَلُفُّ غُفْلَ البِيدِ بالأَدْراجِ
غُفْل البِيد: ما لا عَلَم فيه. معناه أَنه جيش عظيم يَخْلِطُ هذا بهذا
ويعفي الطريقَ. قال ابن سيده: قال سيبويه وقالوا: رجعَ أَدْراجَه أَي رجع
في طريقه الذي جاء فيه. وقال ابن الأَعرابي: رجع على أَدْراجه كذلك،
الواحد دَرَجٌ. ابن الأَعرابي: يقال للرجل إِذا طلب شيئاً فلم يقدر عليه:
رجع على غُبَيْراءِ الظَّهْرِ، ورجع على إِدراجِه، ورجع دَرْجَه الأَول؛
ومثله عَوْدَهُ على بَدْئِهِ، ونَكَصَ على عَقِبَيْهِ، وذلك إِذا رجع ولم
يصب شيئاً. ويقال: رجع فلان على حافِرَتِه وإِدْراجه، بكسر الأَلف، إِذا
رجع في طريقه الأَول. وفلان على دَرَجِ كذا أَي على سبيله. ودَرَجُ
السَّيْلِ ومَدْرَجُه: مُنْحَدَرُه وطريقُه في مَعاطف الأَوْدِيةِ. وقالوا: هو
دَرَجَ السَّيْلِ، وإِن شئت رفعت؛ وأَنشد سيبويه:
أَنُصْبٌ، للمَنِيَّةِ تَعْتَريهِمْ،
رِجالي، أَمْ هُمُوا دَرَجُ السُّيولِ؟
ومَدارِجُ الأَكَمَةِ: طُرُقٌ مُعْتَرِضَة فيها.
والمَدْرَجةُ: مَمَرُّ الأَشياء على الطريق وغيره. ومَدْرَجَةُ الطريق:
مُعْظَمُه وسَنَنُه. وهذا الأَمر مَدْرَجةٌ لهذا أَي مُتَوَصَّلٌ به
إِليه. ويقال للطريق الذي يَدْرُجُ فيه الغلام والريح وغيرهما: مَدْرَجٌ
ومَدْرَجَةٌ ودَرَجٌ، وجمعه أَدْراجٌ أَي مَمَرٌّ ومَذْهَبٌ. والمَدْرَجةُ:
المَذْهَب والمسلَكُ؛ وقال ساعدة بن جؤَية:
تَرَى أَثْرَهُ في صَفْحَتَيْهِ، كأَنَّهُ
مَدارِجُ شِبْثانٍ، لَهُنَّ هَمِيمُ
يريد بأَثْرِهِ فِرِنْدَهُ الذي تراه العين، كأَنه أَرجل النمل.
وشِبْثانٌ: جمع شَبَثٍ لدابة كثيرة الأَرجل من أَحناش الأَرض. وأَما هذا الذي
يسمى الشِّبِثَّ، وهو ما تُطيَّب به القدور من النبات المعروف، فقال الشيخ
أَبو منصور موهوب بن أَحمد بن محمد بن الخضر المعروف بابن الجُواليقي:
والشِّبِثُّ على مثال الطِّمِرِّ، وهو بالتاء المثناة لا غير. والهَمِيم:
الدَّبِيبُ.
وقولهم: خَلِّ دَرَجَ الضَّبِّ أَي طريقه لئلا يَسْلُك بين قدميك
فتنتفخ.ودَرَّجَه إِلى كذا واسْتَدْرَجه، بمعنًى، أَي أَدناه منه على التدريج،
فتَدَرَّجَ هو. وفي التنزيل العزيز: سنستَدْرِجُهُم من حيثُ لا يعلمون؛
قال بعضهم: معناه سنأْخُذُهم قليلاً قليلاً ولا نُباغِتُهم؛ وقيل: معناه
سنأْخذهم من حيث لا يحتسبون؛ وذلك أَن الله تعالى يفتح عليهم من النعيم ما
يغتبطون به فيركنون إِليه ويأْنسون به فلا يذكرون الموت، فيأْخذهم على
غِرَّتِهم أَغْفَلَ ما كانوا. ولهذا قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لما
حُمِلَ إِليه كُنُوزُ كِسْرَى: اللهم إِني أَعوذ بك أَن أَكونَ
مُسْتَدْرَجاً، فإِني أَسمعك تقول: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وروي عن أَبي
الهيثم: امتنع فلان من كذا وكذا حتى أَتاه فلان فاسْتَدْرجه أَي خدعه حتى
حمله على أَن دَرَجَ في ذلك. أَبو سعيد: اسْتَدْرجَه كلامي أَي أَقلقه حتى
تركه يَدْرُجُ على الأَرض؛ قال الأَعشى:
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القَوْلُ حتى تَهُزَّه،
وتَعْلَمَ أَني مِنكُمُ غَيرُ مُلْجَمِ
والدَّرُوجُ من الرياح: السريعة المَرِّ، وقيل: هي التي تَدْرُجُ أَي
تَمُرُّ مَرّاً ليس بالقَويّ ولا الشديد. يقال: ريح دَروجٌ، وقِدْحٌ
دَرُوجٌ. والريح إِذا عصفت اسْتَدْرَجَتِ الحَصى أَي صَيَّرَتْهُ إِلى أَن
يَدْرُجَ على وجه الأَرض مِن غير أَن ترفعه إِلى الهواء، فيقال: دَرَجَتْ
بالحصى واسْتَدْرَجَتِ الحَصى. أَمَّا دَرَجَتْ به فجرت عليه جرياً شديداً
دَرَجَتْ في سيرها، وأَمَّا اسْتَدْرَجَتْهُ فصيرته بجريه عليها
(* قوله
«بجريه عليها» كذا بالأصل ولعل الأولى بجريها عليه.) إِلى أَنْ دَرَجَ
الحَصى هو بنفسه.
ويقال: ذهب دمه أَدْراجَ الرِّياحِ أَي هَدَراً.
ودَرَجَتِ الريح: تركت نَمانِمَ في الرَّمْلِ. وريح دَرُوجٌ: يَدْرُجُ
مؤَخرها حتى يُرى لها مثل ذَيْلِ الرَّسَنِ في الرَّمْلِ، واسم ذلك الموضع
الدَّرَجُ.
ويقال: اسْتَدْرَجَتِ المحاوِرُ المَحالَ؛ كما قال ذو الرمة:
صَرِيفُ المَحالِ اسْتَدْرَجَتْها المَحاوِرُ
أَي صيرتها إِلى أَن تَدْرُجَ. ويقال: اسْتَدْرَجَتِ الناقةُ ولدها إِذا
استتبعته بعدما تلقيه من بطنها. ويقال: دَرِجَ إِذا صَعِدَ في المراتب،
ودَرِجَ إِذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدين والكلام، كله بكسر العين من
فَعِلَ. ودَرَجَ ودَرِج الرجل: مات. ويقال للقوم إِذا ماتوا ولم يُخَلِّفوا
عَقِباً: قد دَرِجوا ودَرَجُوا. وقبيلة دارِجَةٌ إِذا انقرضت ولم يبق
لها عقب؛ وأَنشد ابن السكيت للأَخطل:
قَبِيلَةٌ بِشِراكِ النَّعْلِ دارِجَةٌ،
إِنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهُم أَثَرُ
وكأَن أَصل هذا من دَرَجْتُ الثوب إِذا طويته، كأَنَّ هؤلاء لما ماتوا
ولم يخلفوا عَقِباً طَوَوْا طريق النسل والبقاء. ويقال للقوم إِذا
انقرضوا: دَرِجُوا. وفي المثل: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحياء
والأَموات. وقيل: دَرَِجَ مات ولم يخلف نسلاً، وليس كل من مات دَرَِجَ؛
وقيل: دَرَجَ مثل دَبَّ. أَبو طالب في قولهم: أَحسَنُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ؛
فَدَبَّ مشى ودَرَجَ مات. وفي حديث كعب قال له عمر: لأَيّ ابني آدم كان
النسل؟ فقال: ليس لواحد منهما نسل، أَما المقتول فدَرَجَ، وأَما القاتل
فَهَلَكَ نَسْلُه في الطوفان. دَرَجَ أَي مات، وأَدْرَجَهُم الله أَفناهم.
ويقال: دَرَجَ قَرْنٌ بعد قرن أَي فَنَوْا.
والإِدْراجُ: لف الشيء في الشيء؛ وأَدْرَجَتِ المرأَة صبيها في
مَعاوزها.والدَّرْجُ: لَفُّ الشيء. يقال: دَرَجْتُه وأَدْرَجْتُه ودَرَّجْتُه،
والرباعي أَفصحها. ودَرَجَ الشيءَ في الشيء يَدْرُجُه دَرْجاً، وأَدْرَجَه:
طواه وأَدخله. ويقال لما طويته: أَدْرَجْتُه لأَنه يطوى على وجهه.
وأَدْرَجْتُ الكتابَ: طويته.
ورجل مِدْراجٌ: كثير الإِدْراجِ للثياب.
والدَّرْجُ: الذي يُكتب فيه، وكذلك الدَّرَجُ، بالتحريك. يقال: أَنقذته
في دَرْجِ الكتاب أَي في طَيِّه. وأَدْرَجَ الكتابَ في الكتاب: أَدخله
وجعله في دَرْجِه أَي في طيِّه. ودَرْجُ الكتابِ: طَيُّه وداخِلُه؛ وفي
دَرْجِ الكتاب كذا وكذا. وأَدْرَجَ الميتَ في الكفن والقبر: أَدخله.
التهذيب: ويقال للخِرَقِ التي تُدْرَجُ إِدراجاً، وتلف وتجمع ثم تدسُّ
في حياء الناقة التي يريدون ظَأْرَها على ولد ناقة أُخرى، فإِذا نزعت من
حيائها حسبت أَنها ولدت ولداً، فيدنى منها ولد الناقة الأُخرى
فَتَرْأَمُه، ويقال لتلك اللفيفة: الدُّرْجَةُ والجَزْمُ والوثيقة. ابن سيده:
والدُّرْجَةُ مُشاقَةٌ وخِرَقٌ وغير ذلك، تدرج وتدخل في رحم الناقة ودبرها،
وتشدّ وتترك أَياماً مشدودة العينين والأَنف، فيأْخذها لذلك غَمٌّ مِثْلُ
غَمِّ المخاض، ثم يحلُّون الرباط عنها فيخرج ذلك عنها، وهي ترى أَنه ولدها؛
وذلك إِذا أَرادوا أَنْ يَرْأَمُوها على ولد غيرها؛ زاد الجوهري: فإِذا
أَلقته حَلُّوا عينيها وقد هَيَّأُوا لها حُواراً فيُدْنونَه إِليها
فتحسبه ولدها فتَرْأَمُه. قال: ويقال لذلك الشيء الذي يشدّ به عيناها:
الغِمامَةُ، والذي يشدَّ به أَنفها: الصِّقاعُ، والذي يحشى به: الدُّرْجَةُ،
والجمع الدُّرَجُ؛ قال عمران بن حطان:
جَمادٌ لا يُرادُ الرِّسْلُ مِنْها،
ولم يُجْعَلْ لهَا دُرَجُ الظِّئارِ
والجَماد: الناقة التي لا لبن فيها، وهو أَصلب لجسمها. والظِّئار: أَن
تعالج الناقة بالغِمامَةِ في أَنفها لكي تَظْأَرَ؛ وقيل: الظِّئار خرقة
تدخل في حياء الناقة ثم يعصب أَنفها حتى يمسكوا نفَسها، ثم يحل من أَنفها
ويخرجون الدرجة فيلطخون الولد بما يخرج على الخرقة، ثم يدنونه منها فتظنه
ولدها فترأَمه. وفي الصحاح: فتشمه فتظنه ولدها فترأَمه. والدُّرْجَةُ
أَيضاً: خرقة يوضع فيها دواء ثم يدخل في حياء الناقة، وذلك إِذا اشتكت
منه.والدُّرْجُ، بالضم: سُفَيْطٌ صغير تَدَّخِرُ فيه المرأَةُ طيبها
وأَداتَها، وهو الحِفْشُ أَيضاً، والجمع أَدْراجٌ ودِرَجَةٌ. وفي حديث عائشة:
كُنَّ يَبْعَثْن بالدِّرَجَةِ فيها الكُرْسُفُ. قال ابن الأَثير: هكذا يروى
بكسر الدال وفتح الراء، جمع دُرْجٍ، وهو كالسَّقَطِ الصغير تضع فيه
المرأَةُ خِفَّ متاعها وطيبها، وقال: إِنما هو الدُّرْجَةُ تأْنيث دُرْجٍ؛
وقيل: إِنما هي الدُّرجة، بالضم، وجمعها الدُّرَجُ، وأَصله ما يُلف ويدخل
في حياء الناقة وقد ذكرناه آنفاً.
التهذيب: المِدْراجُ الناقة التي تَجُرُّ الحَمْلَ إِذا أَتت على
مَضْرَبِها.
ودَرَجَتِ الناقةُ وأَدْرَجَتْ إِذا جازت السنة ولم تُنْتَجْ.
وأَدْرَجَتِ الناقة، وهي مُدْرِجٌ: جاوزت الوقت الذي ضربت فيه، فإِن كان ذلك لها
عادة، فهي مِدْراجٌ؛ وقيل: المِدْراجُ التي تزيد على السنة أَياماً ثلاثة
أَو أَربعة أَو عشرة ليس غير. والمُدْرِجُ والمِدْراجُ: التي تؤخر جهازها
وتُدْرِجُ عَرَضَها وتُلْحِقُه بِحَقَبِها، وهي ضِدُّ المِسْنافِ؛ قال
ذو الرمة:
إِذا مَطَوْنا حِبال المَيْسِ مُصْعِدَةً،
يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَدارِيج
عنى بالمَداريج هنا اللواتي يُدْرِجْنَ عروضهن ويلحقنها بأَحقابهن؛ قال
ابن سيده: ولم يعن المداريج اللواتي تجاوز الحَوْلَ بأَيام.
أَبو طالب: الإِدْرَاجُ أَنْ يَضْمُرَ البعيرُ فَيَضْطَرِبَ بطانُه حتى
يستأْخر إِلى الحَقَب فَيَسْتَأْخِرَ الحِملُ، وإِنما يُسَنَّفُ
بالسِّنَافِ مخافةَ الإِدْراجِ. أَبو عمرو: أَدْرَجْتُ الدَّلْوَ إِذا مَتَحْتَ
به في رفق؛ وأَنشد:
يا صاحِبَيَّ أَدْرِجا إِدْراجَا،
بالدَّلْوِ لا تَنْضَرِجُ انْضِراجَا
ولا أُحِبُّ السَّاقِيَ المِدْراجَا،
كأَنَّهُ مُحْتَضِنٌ أَوْلادا
قال: وتسمى الدال والجيم الإِجازة. قال الرياشي: الإِدْرَاجُ النَّزْعُ
قليلاً قليلاً.
ويقال: هم دَرْجُ يدك أَي طَوْعُ يدك. التهذيب: يقال فلانٌ دَرْجُ يديك،
وبنو فلان لا يعصونك، لا يثنى ولا يجمع.
والدَّرَّاجُ: النَّمَّامُ؛ عن اللحياني. وأَبو دَرَّاجٍ: طائر صغير.
والدُّرَّاجُ: طائر شبه الحَيْقُطانِ، وهو من طير العراق، أَرقط، وفي
التهذيب: أَنقط، قال ابن دريد: أَحسبه مولَّداً.
وهي الدُّرَجَةُ مثال رُطَبَةٍ، والدُّرَّجَةُ، الأَخيرة عن سيبويه؛
التهذيب: وأَما الدُّرَجَةُ فإِن ابن السكيت قال: هو طائر أَسود باطنِ
الجناحين، وظاهرهما أَغبر، وهو على خلقة القطا إِلاَّ أَنها أَلطف.
الجوهري: والدُّرَّاجُ والدُّرَّاجَةُ ضرب من الطير للذكر والأُنثى حتى
تقول الحَيْقُطانُ فيختص بالذكر. وأَرض مَدْرَجَةٌ أَي ذاتُ دُرَّاجٍ.
والدِّرِّيجُ: شيءٌ يضرب به، ذو أَوتار كالطُّنْبُورِ. ابن سيده:
الدِّرِّيجُ طنبور ذو أَوتار تضرب.
والدَّرَّاج: موضع؛ قال زهير:
بِحَوْمانَةِ الدَّرَّاجِ فالمُتَثَلَّمِ
ورواه أَهل المدينة: بالدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم. ودُرَّاجٌ: اسم.
ومَدْرَجُ الريح: من شعرائهم، سمي به لبيت ذكر فيه مَدْرَج الريح.