من (ج ل د) نسبة إلى جُلَيْد.
من (ج ل د) نسبة إلى جُلَيْد.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.
عصر: العَصْر والعِصْر والعُصْر والعُصُر؛ الأَخيرة عن اللحياني: الدهر.
قال الله تعالى: والعَصْرِ إِنّ الإِنسان لفي خُسْرٍ؛ قال الفراء:
العَصْر الدهرُ، أَقسم الله تعالى به؛ وقال ابن عباس: العَصْرُ ما يلي المغرب
من النهار، وقال قتادة: هي ساعة من ساعات النهار؛ وقال امرؤ القيس في
العُصُر:
وهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالي؟
والجمع أَعْصُرٌ وأَعْصار وعُصْرٌ وعُصورٌ؛ قال العجاج:
والعَصْر قَبْل هذه العُصورِ
مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ
والعَصْران: الليل والنهار. والعَصْر: الليلة.
والعَصْر: اليوم؛ قال حميد بن ثور:
ولن يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وليلة،
إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا ما تَيَمَّما
وقال ابن السكيت في باب ما جاء مُثْنى: الليل والنهار، يقال لهما
العَصْران، قال: ويقال العَصْران الغداة والعشيّ؛ وأَنشد:
وأَمْطُلُه العَصْرَينِ حتى يَمَلَّني،
ويَرضى بنِصْفِ الدَّيْنِ، والأَنْفُ راغمُ
يقول: إِذا جاء في أَول النهار وعَدْتُه آخره. وفي الحديث: حافظْ على
العَصْرَيْنِ؛ يريد صلاةَ الفجر وصلاة العصر، سمّاهما العَصْرَينِ لأَنهما
يقعان في طرفي العَصْرَين، وهما الليل والنهار، والأَشْبَهُ أَنه غلَّب
أَحد الاسمين على الآخر كالعُمَرَيْن لأَبي بكر وعمر، والقمرين للشمس
والقمر، وقد جاء تفسيرهما في الحديث، قيل: وما العَصْران؟ قال: صلاةٌ قبل
طلوع الشمس وصلاةٌ قبل غروبها؛ ومنه الحديث: من صلَّى العَصْرَيْنِ دخل
الجنة، ومنه حديث علي رضي الله عنه: ذَكَّرْهم بأَيَّام الله واجْلِسْ لهم
العَصْرَيْن أَي بكرة وعشيّاً. ويقال: لا أَفعل ذلك ما اختلف العَصْران.
والعَصْر: العشي إِلى احمرار الشمس، وصلاة العَصْر مضافة إِلى ذلك الوقت،
وبه سميت؛ قال:
تَرَوَّحْ بنا يا عَمْرو، قد قَصُرَ العَصْرُ،
وفي الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ والأَجْرُ
وقال أَبو العباس: الصلاة الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ، وذلك لأَنها بين
صلاتَي النهار وصلاتي الليل، قال: والعَصْرُ الحَبْسُ، وسميت عَصْراً لأَنها
تَعْصِر أَي تَحْبِس عن الأُولى، وقالوا: هذه العَصْر على سَعة الكلام،
يريدون صلاة العَصْر. وأَعْصَرْنا: دخلنا في العَصْر. وأَعْصَرْنا
أَيضاً: كأَقْصَرْنا، وجاء فلانٌ عَصْراً أَي بَطيئاً.
والعِصارُ: الحِينُ؛ يقال: جاء فلان على عِصارٍ من الدهر أَي حين. وقال
أَبو زيد: يقال نام فلانٌ وما نام العُصْرَ أَي وما نام عُصْراً، أَي لم
يكد ينام. وجاء ولم يجئ لِعُصْرٍ أَي لم يجئ حين المجيء؛ وقال ابن
أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ وذِمَّتَه
عَلَهاً، وما يَدْعُون من عُصْر
أَراد من عُصُر، فخفف، وهو الملجأ.
والمُعْصِر: التي بَلَغَتْ عَصْرَ شبابها وأَدركت، وقيل: أَول ما أَدركت
وحاضت، يقال: أَعْصَرَت، كأَنها دخلت عصر شبابها؛ قال منصور بن مرثد
الأَسدي:
جارية بسَفَوانَ دارُها
تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قد أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها
والجمع مَعاصِرُ ومَعاصِيرُ؛ ويقال: هي التي قاربت الحيض لأَنّ
الإِعصارَ في الجارية كالمُراهَقة في الغُلام، روي ذلك عن أَبي الغوت الأَعرابي؛
وقيل: المُعْصِرُ هي التي راهقت العِشْرِين، وقيل: المُعْصِر ساعة
تَطْمِث أَي تحيض لأَنها تحبس في البيت، يجعل لها عَصَراً، وقيل: هي التي قد
ولدت؛ الأَخيرة أَزْديّة، وقد عَصَّرَت وأَعْصَرَت، وقيل: سميت المُعْصِرَ
لانْعِصارِ دم حيضها ونزول ماء تَرِيبَتِها للجماع. ويقال: أَعْصَرَت
الجارية وأَشْهَدَت وتَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت. قال الليث: ويقال للجارية
إِذا حَرُمت عليها الصلاةُ ورأَت في نفسها زيادةَ الشباب قد أَعْصَرت، فهي
مُعْصِرٌ: بلغت عُصْرةَ شبابِها وإِدْراكِها؛ بلغت عَصْرَها وعُصورَها؛
وأَنشد:
وفَنَّقَها المَراضِعُ والعُصورُ
وفي حديث ابن عباس: كان إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لم يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا
خرجت تنظر إِليه من حُسْنِه؛ قال ابن الأَثير: المُعْصِرُ الجارية أَول ما
تحيض لانْعِصار رَحِمها، وإِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر للمبالغة في
خروج غيرها من النساء.
وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه مما له دُهْن أَو شراب أَو عسل يَعْصِرُه
عَصْراً، فهو مَعْصُور، وعَصِير، واعْتَصَرَه: استخرج ما فيه، وقيل: عَصَرَه
وَليَ عَصْرَ ذلك بنفسه، واعْتَصَره إِذا عُصِرَ له خاصة، واعْتَصَر
عَصِيراً اتخذه، وقد انْعَصَر وتَعَصَّر، وعُصارةُ الشيء وعُصارهُ وعَصِيرُه:
ما تحلَّب منه إِذا عَصَرْته؛ قال:
فإِن العَذَارى قد خَلَطْنَ لِلِمَّتي
عُصارةَ حِنَّاءٍ معاً وصَبِيب
وقال:
حتى إِذا ما أَنْضَجَتْه شَمْسُه،
وأَنى فليس عُصارهُ كعُصارِ
وقيل: العُصارُ جمع عُصارة، والعُصارةُ: ما سالَ عن العَصْر وما بقي من
الثُّفْل أَيضاً بعد العَصْر؛ وقال الراجز:
عُصارة الخُبْزِ الذي تَحَلَّبا
ويروى: تُحْلِّبا؛ يقال تَحَلَّبت الماشية بقيَّة العشب وتَلَزَّجَته
أَي أَكلته، يعني بقية الرَّطْب في أَجواف حمر الوحش. وكل شيء عُصِرَ ماؤه،
فهو عَصِير؛ وأَنشد قول الراجز:
وصار ما في الخُبْزِ من عَصِيرِه
إِلى سَرَار الأَرض، أَو قُعُورِه
يعني بالعصير الخبزَ وما بقي من الرَّطْب في بطون الأَرض ويَبِسَ ما
سواه.
والمَعْصَرة: التي يُعْصَر فيها العنب. والمَعْصَرة: موضع العَصْر.
والمِعْصارُ: الذي يجعل فيه الشيء ثم يُعْصَر حتى يتحلَّب ماؤه. والعَواصِرُ:
ثلاثة أَحجار يَعْصِرون العنب بها يجعلون بعضها فوق بعض. وقولهم: لا
أَفعله ما
دام للزيت عاصِرٌ، يذهب إِلى الأَبَدِ.
والمُعْصِرات: السحاب فيها المطر، وقيل: السحائب تُعْتَصَر بالمطر؛ وفي
التنزيل: وأَنزَلْنا من المُعْصِرات ماءً ثجّاجاً. وأُعْصِرَ الناسُ:
أُمْطِرُوا؛ وبذلك قرأَ بعضهم: فيه يغاث الناس وفيه يُعْصَرُون؛ أَي
يُمْطَرُون، ومن قرأَ: يَعْصِرُون، قال أَبو الغوث: يستغِلُّون، وهو مِن عَصر
العنب والزيت، وقرئ: وفيه تَعْصِرُون، من العَصْر أَيضاً، وقال أَبو
عبيدة: هو من العَصَر وهو المَنْجاة والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر؛ قال
لبيد:
وما كان وَقَّافاً بدار مُعَصَّرٍ
وقال أَبو زبيد:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غير مُغاثٍ،
ولقد كان عُصْرة المَنْجود
أَي كان ملجأَ المكروب. قال الأَزهري: ما علمت أَحداً من القُرَّاء
المشهورين قرأَ يُعْصَرون، ولا أَدري من أَين جاء به الليث، فإِنه حكاه؛
وقيل: المُعْصِر السحابة التي قد آن لها أَن تصُبّ؛ قال ثعلب: وجارية
مُعْصِرٌ منه، وليس بقويّ. وقال الفراء: السحابة المُعْصِر التي تتحلَّب بالمطر
ولمَّا تجتمع مثل الجارية المُعْصِر قد كادت تحيض ولمّا تَحِضْ، وقال
أَبو حنيفة: وقال قوم: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذوات الأَعاصِير، وهو
الرَّهَج والغُبار؛ واستشهدوا بقول الشاعر:
وكأَنَّ سُهْلءَ المُعْصِرات كَسَوْتَها
تُرْبَ الفَدافِدِ والبقاع بمُنْخُلِ
وروي عن ابن عباس أَن قال: المُعْصِراتُ الرِّياحُ وزعموا أَن معنى مِن،
من قوله: من المُعْصِرات، معنى الباء الزائدة
(* قوله: «الزائدة» كذا
بالأصل ولعل المراد بالزائدة التي ليست للتعدية وإن كان للسببية). كأَنه
قال: وأَنزلنا بالمُعْصِرات ماءً ثجّاجاً، وقيل: بل المُعْصِراتُ الغُيُومُ
أَنفُسُها؛ وفسر بيت ذي الرمة:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عن مُتَوَضِّحٍ،
كنَوْرِ الأَقاحي، شافَ أَلوانَها العَصْرُ
فقيل: العَصْر المطر من المُعْصِرات، والأَكثر والأَعرف: شافَ أَلوانها
القَطْرُ. قال الأَزهري: وقولُ من فَسَّر المُعْصِرات بالسَّحاب أَشْبَهُ
بما أَراد الله عز وجل لأَن الأَعاصِير من الرياح ليستْ مِن رِياح
المطر، وقد ذكر الله تعالى أَنه يُنْزِل منها ماءً ثجّاجاً. وقال أَبو إِسحق:
المُعْصِرات السحائب لأَنها تُعْصِرُ الماء، وقيل: مُعْصِرات كما يقال
أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ، وكذلك صارَ السحابُ إِلى اين
يُمْطِر فيُعْصِر؛ وقال البَعِيث في المُعْصِرات فجعلها سحائب ذوات
المطر:وذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه
ذِهابُ الصَّبا، والمعْصِراتُ الدَّوالِحُ
والدوالحُ: من نعت السحاب لا من نعت الرياح، وهي التي أَثقلها الماء،
فهي تَدْلَحُ أَي تَمِْشي مَشْيَ المُثْقَل. والذِّهابُ: الأَمْطار، ويقال:
إِن الخير بهذا البلد عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل ويُقطَّع.
والإِعْصارُ: الريح تُثِير السحاب، وقيل: هي التي فيها نارٌ، مُذَكَّر.
وفي التنزيل: فأَصابها إِعْصارٌ فيه نارٌ فاحترقت، والإِعْصارُ: ريح
تُثِير سحاباً ذات رعد وبرق، وقيل: هي التي فيها غبار شديد. وقال الزجاج:
الإِعْصارُ الرياح التي تهب من الأَرض وتُثِير الغبار فترتفع كالعمود إِلى
نحو السماء، وهي التي تُسَمِّيها الناس الزَّوْبَعَة، وهي ريح شديدة لا
يقال لها إِعْصارٌ حتى تَهُبّ كذلك بشدة؛ ومنه قول العرب في أَمثالها: إِن
كنتَ رِيحاً فقد لاقيت إِعْصاراً؛ يضرب مثلاً للرجل يلقى قِرْنه في
النَّجْدة والبسالة. والإِعْصارُ والعِصارُ: أَن تُهَيِّج الريح التراب
فترفعه. والعِصَارُ: الغبار الشديد؛ قال الشماخ:
إِذا ما جَدَّ واسْتَذْكى عليها،
أَثَرْنَ عليه من رَهَجٍ عِصَارَا
وقال أَبو زيد: الإِعْصارُ الريح التي تَسْطَع في السماء؛ وجمع
الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
وبينما المرءُ في الأَحْياء مُغْتَبِطٌ،
إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ
والعَصَر والعَصَرةُ: الغُبار. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: أَنّ
امرأَة مرَّت به مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، وفي رواية: إِعْصار،
فقال: أَينَ تُرِيدين يا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فقالت: أُريدُ المَسْجِد؛
أَراد الغُبار أَنه ثارَ من سَحْبِها، وهو الإِعْصار، ويجوز أَن تكون
العَصَرة من فَوْحِ الطِّيب وهَيْجه، فشبّهه بما تُثِير الرياح، وبعض أَهل
الحديث يرويه عُصْرة والعَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قال
طرفة:
لو كان في أَمْلاكنا واحدٌ،
يَعْصِر فينا كالذي تَعْصِرُ
وقال أَبو عبيد: معناه أَي يتخذ فينا الأَيادِيَ، وقال غيره: أَي
يُعْطِينا كالذي تُعْطِينا، وكان أَبو سعيد يرويه: يُعْصَرُ فينا كالذي
يُعْصَرُ أَي يُصابُ منه، وأَنكر تَعْصِر. والاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ العطية.
واعْتَصَرَ من الشيء: أَخَذَ؛ قال ابن أَحمر:
وإِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ،
وأَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ
والمُعْتَصِر: الذي يصيب من الشيء ويأْخذ منه. ورجل كَريمُ المُعْتَصَرِ
والمَعْصَرِ والعُصارَةِ أَي جَوَاد عند المسأَلة كريم. والاعْتِصارُ:
أَن تُخْرِجَ من إِنسان مالاً بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قال:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ
وكل شيء منعتَه، فقد عَصَرْتَه. وفي حديث القاسم: أَنه سئل عن
العُصْرَةِ للمرأَة، فقال: لا أَعلم رُخِّصَ فيها إِلا للشيخ المَعْقُوفِ
المُنْحَنِي؛ العُصْرَةُ ههنا: منع النبت من التزويج، وهو من الاعْتِصارِ
المَنْع، أَراد ليس لأَحد منعُ امرأَة من التزويج إِلا شيخ كبير أَعْقَفُ له بنت
وهو مضطر إِلى استخدامها. واعْتَصَرَ عليه: بَخِلَ عليه بما عنده ومنعه.
واعْتَصَر مالَه: استخرجه من يده. وفي حديث عمر بن الخطاب، رضي الله
عنه: أَنه قضى أَن الوالد يَعْتَصِرُ ولَدَه فيما أَعطاه وليس للولَد أَن
يَعتَصِرَ من والده، لفضل الوالد على الولد؛ قوله يَعْتَصِرُ ولده أَي له
أَن يحبسه عن الإِعطاء ويمنعه إِياه. وكل شيء منعته وحبسته فقد
اعْتَصَرْتَه؛ وقيل: يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ. واعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها،
والمعنى أَن الوالد إِذا أَعطى ولده شيئاً فله أَن يأْخذه منه؛ ومنه حديث
الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الوالد على ولده في ماله؛ قال ابن الأَثير: وإِنما
عداه يعلى لأَنه في معنى يَرْجِعُ عليه ويعود عليه. وقال أَبو عبيد:
المُعْتَصِرُ الذي يصيب من الشيء يأْخذ منه ويحبسه؛ قال: ومنه قوله تعالى: فيه
يُغَاثُ الناسُ وفيه يَعْصِرُون. وحكى ابن الأَعرابي في كلام له: قومٌ
يَعْتَصِرُونَ العطاء ويَعِيرون النساء؛ قال: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه
بثوابه. تقول: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثوابه أَو الشيء نَفسَه. قال:
والعاصِرُ والعَصُورُ هو الذي يَعْتَصِرُ ويَعْصِرُ من مال ولده شيئاً بغير
إِذنه. قال العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرجال مال ولده لنفسه أَو
يبقيه على ولده؛ قال: ولا يقال اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فلان إِلا أَن يكون
قريباً له. قال: ويقال للغلام أَيْضاً اعْتَصَرَ مال أَبيه إِذا أَخذه.
قال: ويقال فلان عاصِرٌ إِذا كان ممسكاً، ويقال: هو عاصر قليل الخير، وقيل:
الاعْتِصَارُ على وجهين: يقال اعْتَصَرْتُ من فلان شيئاً إِذا أَصبتَه
منه، والآخر أَن تقول أَعطيت فلاناً عطية فاعْتَصَرْتُها أَي رجعت فيها؛
وأَنشد:
نَدِمْتُ على شيء مَضَى فَاعْتَصَرْتُه،
وللنَّحْلَةُ الأُولى أَعَفُّ وأَكْرَمُ
فهذا ارتجاع. قال: فأَما الذي يَمْنَعُ فإِنما يقال له تَعَصَّرَ أَي
تَعَسَّر، فجعل مكان السين صاداً. ويقال: ما عَصَرك وثَبَرَكَ وغَصَنَكَ
وشَجَرَكَ أَي ما مَنَعَك. وكتب عمر، رضي الله عنه، إِلى المُغِيرَةِ:
إِنَّ النساء يُعْطِينَ على الرَّغْبة والرَّهْبة، وأَيُّمَا امرأَةٍ
نَحَلَتْ زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لها أَي ترجع. ويقال: أَعطاهم
شيئاً ثم اعْتَصَره إِذا رجع فيه. والعَصَرُ، بالتحريك، والعُصْرُ
والعُصْرَةُ: المَلْجَأُ والمَنْجَاة. وعَصَرَ بالشيء واعْتَصَرَ به: لجأَ
إِليه. وأَما الذي ورد في الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَمر بلالاً أَن
يؤذن قبل الفجر لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ؛ فإِنه أَراد الذي يريد أَن
يضرب الغائط، وهو الذي يحتاج إِلى الغائط ليَتَأَهَّبَ للصلاة قبل دخول
وقتها، وهو من العَصْر أَو العَصَر، وهو المَلْجأُ أَو المُسْتَخْفَى، وقد
قيل في قوله تعالى: فيه يُغَاثُ الناس وفيه يَعْصِرُون: إِنه من هذا،
أَي يَنْجُون من البلاء ويَعْتَصِمون بالخِصْب، وهو من العُصْرَة، وهي
المَنْجاة. والاعْتِصَارُ: الالتجاء؛ وقال عَدِي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ،
كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
والاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بالطعام فَيَعْتَصِر بالماء، وهو أَن
يشربه قليلاً قليلاً، ويُسْتَشْهد عليه بهذا البيت، أَعني بيت عدي بن
زيد.
وعَصَّرَ الزرعُ: نبتت أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ من العَصَر
الذي هو الملجأُ والحِرْز؛ عن أَبي حنيفة، أَي تَحَرَّزَ في غُلُفِه،
وأَوْعِيَةُ السنبل أَخْبِيَتُه ولَفائِفُه وأَغْشِيَتُه وأَكِمَّتُه
وقبائِعُهُ، وقد قَنْبَعَت السُّنبلة وهي ما دامت كذلك صَمْعَاءُ، ثم تَنْفَقِئُ.
وكل حِصْن يُتحصن به، فهو عَصَرٌ. والعَصَّارُ: الملك الملجأُ.
والمُعْتَصَر: العُمْر والهَرَم؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَني
حِلْمِي، ويَسَّرَ قائِدِي نَعْلِي
مُعْتَصَري: عمري وهَرَمي، وقيل: معناه ما كان في الشباب من اللهو
أَدركته ولَهَوْت به، يذهب إِلى الاعْتِصَار الذي هو الإِصابة للشيء والأَخذ
منه، والأَول أَحسن. وعَصْرُ الرجلِ: عَصَبته ورَهْطه. والعُصْرَة:
الدِّنْية، وهم موالينا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دون من سواهم؛ قال الأَزهري:
ويقال قُصْرَة بهذا المعنى، ويقال: فلان كريم العَصِير أَي كريم النسب؛ وقال
الفرزدق:
تَجَرَّدَ منها كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ،
لِعَوْهَجٍ آوِ لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها
ويقال: ما بينهما عَصَرٌ ولا يَصَرٌ ولا أَعْصَرُ ولا أَيْصَرُ أَي ما
بينهما مودة ولا قرابة. ويقال: تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك وعَشِيرتك.
والمَعْصُور: اللِّسان اليابس عطشما ً؛ قال الطرماح:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ
أَفَاوِيق، منها هَلَّةٌ ونُقُوعُ
وقوله أَنشده ثعلب:
أَيام أَعْرَقَ بي عَامُ المَعَاصِيرِ
فسره فقال: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، وهذا من الجَدْب؛ قال ابن
سيده: ولا أَدري ما هذا التفسير. والعِصَارُ: الفُسَاء؛ قال الفرزدق:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قام له
تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذو أَضَامِيمِ
وأَصل العِصَار: ما عَصَرَتْ به الريح من التراب في الهواء. وبنو عَصَر:
حَيّ من عبد القيس، منهم مَرْجُوم العَصَرَيّ. ويَعْصُرُ وأَعْصُرُ:
قبيلة، وقيل: هو اسم رجل لا ينصرف لأَنه مثل يَقْتُل وأَقتل، وهو أَبو قبيلة
منها باهِلَةُ. قال سيبويه: وقالوا باهِلَةُ بن أَعْصُر وإِنما سمي بجمع
عَصْرٍ، وأَما يَعْصُر فعلى بدل الياء من الهمزة، ويشهد بذلك ما ورد به
الخبر من أَنه إِنما سمي بذلك لقوله:
أَبُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه
كَرُّ الليالي، واخْتِلافُ الأَعْصُرِ
وعَوْصَرة: اسم. وعَصَوْصَرَ وعَصَيْصَر وعَصَنْصَر، كله: موضع؛ وقول
أَبي النجم:
لو عُصْرَ منه البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ
يريد عُصِرَ، فخفف. والعُنْصُرُ والعُنْصَرُ: الأَصل والحسب. وعَصَرٌ:
موضع. وفي حديث خيبر: سَلَكَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في مَسِيرِه
إِليها على عَصَرٍ؛ هو بفتحتين، جبل بين المدينة ووادي الفُرْع، وعنده
مسجد صلى فيه النبي، صلى الله عليه وسلم.
طوف: طافَ به الخَيالُ طَوْفاً: أَلَمَّ به في النوم، وسنذكره في طيف
أَيضاً لأَن الأَصمعي يقول طاف الخيال يَطيف طَيْفاً، وغيره يَطوف. وطاف
بالقوم وعليهم طَوْفاً وطَوَفاناً ومَطافاً وأَطافَ: اسْتدار وجاء من
نواحِيه. وأَطاف فلان بالأَمر إذا أَحاط به، وفي التنزيل العزيز يطاف عليهم
بآنية من فِضَّة. وقيل: طافَ به حامَ حَوْله. وأَطاف به وعليه: طَرَقَه
لَيْلاً. وفي التنزيل العزيز: فطافَ عليها طائفٌ من ربك وهم نائمون. ويقال
أَيضاً: طافَ، وقال الفرّاء في قوله فطاف عليها طائف قال: لا يكون الطائف
إلا ليلاً ولا يكون نهاراً، وقد تتكلم به العرب فيقولون أَطَفتُ به
نهاراً وليس موضعُه بالنهار، ولكنه بمنزلة قولك لو تُرِك القَطَا ليلاً لنام
لأَنَّ القَطا لا يَسْري ليلاً؛ وأَنشد أَبو الجَرّاح:
أَطَفْتُ بها نهاراً غَيْرَ لَيْلٍ،
وأَلْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ
وطافَ بالنساء لا غير. وطافَ حَوْلَ الشيء يَطوف طَوْفاً وطَوَفاناً
وتَطَوَّفَ واسْتطاف كلُّه بمعنى. ورجل طافٌ: كثير الطَّواف. وتَطَوَّفَ
الرجلُ أَي طافَ، وطوَّف أَي أَكثر الطَّوافَ، وطاف بالبيت وأَطافَ عليه:
دارَ حَوْله؛ قال أَبو خراش:
تُطِيفُ عليه الطَّيرُ، وهو مُلَحَّبٌ،
خِلافَ البُيوتِ عند مُحْتَملِ الصُّرْم
وقوله عز وجل: ولْيَطَّوَّفُوا بالبيت العتيق، هو دليل على أَن
الطَّوافَ بالبيت يوم النحْر فَرْض. واسْتَطافَه: طافَ به. ويقال: طافَ بالبيت
طَوافاً واطَّوَّفَ اطّوَّافاً، والأَصل تَطَوَّفَ تَطَوُّفاً وطافَ
طَوْفاً وطَوَفاناً. والمَطافُ: موضِعُ المَطافِ حول الكعبة. وفي الحديث ذكر
الطَّواف بالبيت، وهو الدَّوران حوله، تقول: طُفْتُ أَطوف طوْفاً وطَوافاً،
والجمع الأَطواف. وفي الحديث: كانت المرأَةُ تَطُوف بالبيت وهي
عُرْيانةٌ تقول: من يُعِيرُني تَطْوافاً؟ تجعله على فَرجها. قال: هذا على حذف
المضاف أَي ذا تَطْوافٍ، ورواه بعضهم بكسر التاء، قال: وهو الثوب الذي
يُطافُ به، قال: ويجوز أَن يكون مصدراً.
والطائفُ: مدينة بالغَوْرِ، يقال: إنما سميت طائفاً للحائط الذي كانوا
بنَوْا حَوْلها في الجاهلية المُحْدِق بها الذي حَصَّنُوها به. والطائفُ:
بلاد ثَقِيفَ. والطائِفيّ: زبيب عَناقِيدُه مُتراصِفةُ الحبّ كأَنه منسوب
إلى الطائف.
وأَصابه طَوْفٌ من الشيطان وطائفٌ وطَيِّف وطَيْفٌ، الأَخيرة على
التخفيف، أَي مَسٌّ. وفي التنزيل العزيز: إذا مسَّهم طائفٌ من الشيطان،
وطَيْفٌ؛ وقال الأَعشى:
وتُصْبِحُ عن غِبِّ السُّرى، وكأَنما
أَطافَ بها من طائِفِ الجِنّ أَوْلَقُ
قال الفراء: الطائفُ والطيْف سواء، وهو ما كان كالخَيال والشيء يُلِمّ
بك؛ قال أَبو العيال الهُذلي:
ومَنَحْتَني جَدَّاء، حينَ مَنَحْتَني،
فإذا بها، وأَبيكَ، طَيْفُ جُنُونِ
وأَطافَ به أَي أَلمّ به وقارَبه؛ قال بِشْر:
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ يُطِيفُ بشَخْصه
كَوالِحُ، أَمْثال اليعاسِيب، ضُمَّرُ
وروي عن مجاهد في قوله تعالى إذا مسهم طائفٌ قال: الغَضَبُ، وروي ذلك
أَيضاً عن ابن عباس. قال أَبو منصور: الطيْفُ في كلام العرب الجُنُون، رواه
أَبو عبيد عن الأحمر، قال: وقيل للغضب طيفٌ لأَن عقل من اسْتَفزَّه
الغضبُ يَعْزُب حتى يصير في صورة المَجْنون الذي زال عقله، قال: وينبغي
للعاقل إذا أَحسَّ من نفسه إفراطاً في الغضب أَن يذكر غضَب اللّه على
المُسْرِفين، فلا يَقْدَم على ما يُوبِقُه ويَسأَل اللّه تَوْفِيقَه للقصد في
جميع الأَحوال إنه المُوَفِّق له .وقال الليث شيء كل الشيء يَغْشَى البصر من
وَسْواس الشيطان، فهو طَيْفٌ، وسنذكر عامة ذلك في طيف لأَن الكلمة يائية
وواوية. وطاف في البلاد طوْفاً وتَطْوافاً وطَوَّف: سار فيها.
والطَّائفُ: العاسُّ بالليل. الطائفُ: العَسَسُ. والطَّوَّافون: الخَدَم
والمَمالِيك. وقال الفراء في قوله عز وجل: طَوَّافون عليكم بعضُكم على بعض، قال:
هذا كقولك في الكلام إنما هم خَدَمُكم وطَوَّافون عليكم، قال: فلو كان
نصباً كان صواباً مخْرَجُه من عليهم. وقال أَبو الهيثم: الطائفُ هو الخادمُ
الذي يخدُمك برفْق وعناية، وجمعه الطوّافون. وقال النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، في الهِرَّةِ: إنما هي من الطوّافاتِ في البيت أَي من خَدَمِ
البيت، وفي طريق آخر: إنما هي من الطَّوّافينَ عليكم والطوَّافاتِ، والطوَّاف
فَعَّال، شبهها بالخادم الذي يَطُوف على مَوْلاه ويدور حولَه أَخذاً من
قوله: ليس عليكم ولا عليهم جُناح بعدَهنَّ طوَّافون عليكم، ولما كان فيهم
ذكور وإناث قال: الطوَّافين والطوَّافاتِ، قال: ومنه الحديث لقد
طَوّفْتُما بي الليلة. يقال: طوَّفَ تَطْوِيفاً وتَطْوافاً. والطائفةُ من الشيء:
جزء منه. وفي التنزيل العزيز: وليَشْهَد عَذابَهما طائفةٌ من المؤمنين؛
قال مجاهد: الطائفةُ الرجل الواحد إلى الأَلف، وقيل: الرجل الواحد فما
فوقه، وروي عنه أَيضاً أَنه قال: أَقَلُّه رجل، وقال عطاء: أَقله رجلان.
يقال: طائفة من الناس وطائفة من الليل. وفي الحديث: لا تزالُ طائفةٌ من
أُمتي على الحقّ؛ الطائفةُ: الجماعة من الناس وتقع على الواحد كأَنه أَراد
نفساً طائفة؛ وسئل إسحق بن راهويه عنه فقال: الطائفةُ دون الأَلف وسَيبْلُغ
هذا الأَمرُ إلى أَن يكون عدد المتمسكين بما كان عليه رسول اللّه، صلى
اللّه عليه وسلم، وأَصحابه أَلفاً يُسَلِّي بذلك أَن لا يُعْجِبهم كثرةُ
أَهل الباطل. وفي حديث عمران بن حُصَيْن وغُلامه الآبِقِ: لأَقْطَعَنَّ
منه طائفاً؛ هكذا جاء في رواية، أَي بعض أَطرافه، ويروى بالباء والقاف.
والطائفةُ: القِطعةُ من الشيء؛ وقول أَبي كبير الهذلي:
تَقَعُ السُّيوفُ على طَوائفَ مِنهمُ،
فيُقامُ مِنهمْ مَيْلُ مَن لم يُعْدَلِ
قيل: عنى بالطوائف النواحِيَ، الأَيدِيَ والأَرجلَ. والطوائفُ من
القَوْسِ: ما دون السية، يعني بالسِّية ما اعْوَجَّ من رأْسها وفيها طائفان،
وقال أَبو حنيفة: طائفُ القوس ما جاوَزَ كُلْيَتَها من فوق وأَسفل إلى
مُنحنَى تَعْطيف القوسِ من طرَفها. قال ابن سيده: وقضَيْنا على هاتين
الكلمتين بالواو لكونها عيناً مع أَن ط و ف أَكثر من ط ي ف. وطائفُ القوس: ما
بين السِّيةِ والأَبْهر، وجمعه طَوائفُ؛ وأَنشد ابن بري:
ومَصُونَةٍ دُفِعَتْ، فلما أَدْبَرَتْ،
دَفَعَتْ طَوائِفُها على الأَقْيالِ
وطافَ يَطُوفُ طَوْفاً. واطّافَ اطِّيافاً: تَغَوَّط وذهب إلى البَراز.
والطَّوْفُ: النَّجْوُ. وفي الحديث: لا يَتناجى اثنان على طَوْفِهما.
ومنه: نُهِيَ عن مُتَحَدِّثَيْن على طَوْفِهما أَي عند الغائط. وفي حديث ابن
عباس، رضي اللّه عنهما: لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو يُدافع الطَّوْف ما
كان من ذلك بعد الرضاع الأَحمر. يقال لأَول ما يخرج من بطن الصَّبي:
عِقْيٌ فإذا رَضِع فما كان بعد ذلك قيل: طاف يَطُوف طَوْفاً، وزاد ابن
الأَعرابي فقال: اطّاف يَطَّافُ اطِّيافاً إذا أَلقى ما في جَوْفه؛
وأَنشد:عَشَّيْتُ جابان حتى اسْتَدّ مَغْرِضُه،
وكادَ يَنْقَدُّ إلا أَنه اطَّافا
(* استدّ أي انسد.)
جابان: اسم جمل
(* قوله «اسم جمل» عبارة القاموس اسم رجل.). وفي حديث
لقيط: ما يبسط أَحدُكم يدَه إلا وَقَع عليها قَدَحٌ مُطهِّرَةٌ من الطَّوف
والأَذى؛ الطَّوْفُ: الحدث من الطعام، المعنى من شرب تلك الشربة طهُر من
الحدث والأَذى، وأَنت القَدَح لأَنه ذهب بها إلى الشرْبة. والطَّوْفُ:
قِرَبٌ يُنْفَخُ فيها ويُشَدُّ بعضُها ببعْض فتُجْعل كهيئة سطح فوق الماء
يُحمل عليها المِيرةُ والناسُ، ويُعْبَر عليها ويُرْكَب عليها في الماء
ويحمل عليها، وهو الرَّمَث، قال: وربما كان من خَشب. والطوْفُ: خشب يشدُّ
ويركب عليه في البحر، والجمع أَطْواف، وصاحبه طَوَّافٌ. قال أَبو منصور:
الطَّوْفُ التي يُعْبَرُ عليها في الأَنهار الكبار تُسَوَّى من القَصَبِ
والعِيدانِ يُشدُّ بعضُها فوق بعض ثم تُقَمَّطُ بالقُمُط حتى يُؤْمنَ
انْحِلالُها، ثم تركب ويُعبر عليها وربما حُمل عليها الجَملُ على قدر قُوَّته
وثخانته، وتسمَّى العامَةَ، بتخفيف الميم. ويقال: أَخذه بِطُوفِ رقبته
وبطاف رقبته مثل صُوف رقبته. والطَّوْفُ: القِلْدُ. وطَوْفُ القصَب: قدرُ
ما يُسقاه. والطَّوف والطائفُ: الثَّوْرُ الذي يَدُور حَوْلَه البَقَرُ
في الدِّياسة.
والطُّوفانُ: الماء الذي يَغْشى كل مكان، وقيل: المطر الغالب الذي
يُغْرِقُ من كثرته، وقيل: الطوفان الموت العظيم. وفي الحديث عن عائشة، رضي
اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: الطوفان الموت،
وقيل الطوفان من كل شيء ما كان كثيراً مُحِيطاً مُطيفاً بالجماعة كلها
كالغَرَق الذي يشتمل على المدن الكثيرة. والقتلُ الذريع والموتُ الجارفُ يقال
له طُوفان، وبذلك كله فسر قوله تعالى: فأَخذهم الطُّوفان وهم ظالمون؛
وقال:
غَيَّر الجِدّةَ من آياتها
خُرُقُ الريح، وطوفانُ المَطر
وفي حديث عمرو بن العاص: وذُكر الطاعونُ فقال لا أَراه إلا رِجْزاً أَو
طوفاناً؛ أَراد بالطوفان البَلاء، وقيل الموت. قال ابن سيده: وقال
الأَخفش الطُّوفان جمع طُوفانةٍ، والأَخفش ثِقة؛ قال: وإذا حكى الثقة شيئاً لزم
قبوله، قال أَبو العباس: وهو من طاف يطوف، قال: والطُّوفان مصدر مثل
الرُّجْحان والنقْصان ولا حاجة به إلى أَن يطلب له واحداً. ويقال لشدَّة
سواد الليل: طُوفان. والطُّوفانُ: ظَلام الليل؛ قال العجاج:
حتى إذا ما يَوْمُها تَصَبْصَبا،
وعَمَّ طُوفانُ الظلام الأَثْأَبا
عم: أَلبس، والأَثأَب: شجر شبه الطرفاء إلا أَنه أَكبر منه. وطَوَّفَ
الناسُ والجرادُ إذا ملؤوا الأَرض كالطُّوفان؛ قال الفرزدق:
على مَن وَراء الرَّدْمِ لو دُكَّ عنهمُ،
لَماجُوا كما ماجَ الجرادُ وطَوَّفُوا
التهذيب في قوله تعالى: فأَرسلنا عليهم الطوفان والجراد، قال الفراء:
أَرسل اللّه عليهم السماءَ سَبْتاً فلم تُقْلِع ليلاً ولا نهاراً فضاقت بهم
الأَرض فسأَلوا موسى أَن يُرْفع عنهم فَرُفِع فلم يتوبوا.
جرف: الجَرْفُ: اجْتِرافُك الشيءَ عن وجهِ الأَرض حتى يقال: كانت
المرأَةُ ذات لثةٍ فاجْتَرَفَها الطبيبُ أَي اسْتَحاها عن الأَسنان قَطْعاً.
والجَرْفُ: الأَخْذُ الكثير. جَرَفَ الشيءَ يَجْرُفُه، بالضم، جَرْفاً
واجْتَرَفه: أَخذه أَخذاً كثيراً. والمِجْرَفُ والمِجْرَفةُ: ما جُرِفَ به.
وجَرَفْت الشيءَ أَجْرُفه، بالضم، جَرْفاً أَي ذَهَبْتُ به كلِّه أَو
جُلِّه. وجَرَفْتُ الطّين: كَسَحْتُه، ومنه سُمّي المِجْرَفةُ. وبَنانٌ
مِجْرَفٌ: كثير الأَخْذ من الطعام؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَعْدَدْت لِلَّقْمِ بَناناً مِجْرَفا،
ومِعْدةً تَغْلي، وبَطْناً أَجْوَفا
وجَرَفَ السيلُ الوادِيَ يَجْرُفه جرْفاً: جَوّخَه. الجوهري: والجُرْفُ
والجُرُفُ مثل عُسْرٍ وعُسُر ما تَجَرَّفَتْه السُّيول وأَكَلَتْه من
الأَرض، وقد جَرَّفَتْه السيول تَجْريفاً وتَجَرَّفَتْه؛ قال رجل من
طَيِّءٍ:فإنْ تَكُنِ الحَوادِثُ جَرَّفَتْني،
فلم أَرَ هالِكاً كابْنَيْ زِيادِ
ابن سيده: والجُرُفُ ما أَكلَ السيلُ من أَسْفَل شِقِّ الوادي والنَّهر،
والجمع أَجْرافٌ وجُرُوف وجِرَفةٌ، فإن لم يكن من شِقِّه فهو شَطٌّ
وشاطئٌ. وسيْلٌ جُرافٌ وجاروفٌ: يَجْرُفُ ما مَرَّ به من كثرته يذهَب بكل
شيء، وغَيْثٌ جارفٌ كذلك. وجُرْفُ الوادي ونحوِه من أَسنادِ المسايِل إذا
نَخَج الماءُ في أَصْلِه فاحتَفَره فصار كالدَّحْلِ وأَشْرَفَ أَعلاه،
فإذا انصدع أَعلاه فهو هارٍ، وقد جَرَف السيل أَسناده. وفي التنزيل العزيز:
أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَه على شَفا جُرُفٍ هارٍ. وقال أَبو خيرة:
الجُرْفُ عُرْضُ الجبل الأَمـْلَسِ. شمر: يقال جُرْفٌ وأَجْراف وجِرَفةٌ وهي
الـمَهْواة. ابن الأَعرابي: أَجْرَفَ الرجلُ إذا رَعَّى إبِلَه في
الجَرْف، وهو الخِصْبُ والكَلأُ الـمُلْتَفُّ؛ وأَنشد:
في حبَّةٍ جَرْف وحَمْض هَيْكل
والإبل تَسْمَنُ عليها سِمَناً مُكْتَنِزاً يعني على الحبّة، وهو ما
تَناثر من حُبوب البُقول واجتَمع معها ورَق يَبِيسِ البقل فتَسْمَنُ الإبل
عليها. وأَجْرَفت الأَرضُ: أَصابَها سيلٌ جُرافٌ. ابن الأَعرابي: الجَرْفُ
المالُ الكثير من الصّامِتِ والنّاطقِ. والطاعونُ الجارِفُ الذي نزل
بالبصرة كان ذَريعاً فسُمّي جارِفاً جَرَفَ الناسَ كجَرْفِ السيل. الجوهري:
الجارِفُ طاعُونٌ كان في زمن ابن الزُّبير وورد ذكره في الحديث طاعون
الجارِفِ، وموْتٌ جُرافٌ منه. والجارِفُ: شُؤْمٌ أَو بَلِيَّةٌ تَجْتَرِف
مالَ القَوْمِ. الصحاح: والجارِفُ الموتُ العامُّ يَجْرُفُ مالَ القومِ.
ورجل جُراف: شَديد النكاح؛ قال جرير:
يا شَبُّ ويْلَكَ ما لاقَتْ فَتاتُكُمُ،
والمِنْقَرِيُّ جُرافٌ غيرُ عِنِّينِ؟
ورجل جُرافٌ: يأْتي على الطعام كلِّه؛ قال جرير:
وُضِعَ الخَنزيرُ فقيل: أَيْنَ مُجاشِعٌ؟
فشَحا جَحافِلَه جُرافٌ هِبْلَعُ
ابن سيده: رجل جُرافٌ شَديدُ الأَكل لا يبقي شيئاً، ومُجَرِّفٌ
ومُتَجَرِّفٌ: مَهْزُول. وكَبْشٌ مُتَجرِّفٌ: ذهب عامّةُ سِمَنِه. وجُرِفَ
النّبات: أُكِلَ عن آخره. وجُرِفَ في مالِه جَرْفةً إذا ذهب منه شيء؛ عن
اللحياني، ولم يرد بالجَرْفة ههنا المرة الواحدة إنما عَنى بها ما عُنِيَ
بالجَرْفِ. والـمُجَرَّفُ والـمُجارَفُ: الفقير كالـمُحارَفِ؛ عن يعقوب، وعدّه
بدلاً وليس بشيء. ورجل مُجَرَّفٌ: قد جَرَّفَه الدهرُ أَي اجْتاح مالَه
وأَفْقَرَه. اللحياني: رجل مُجارَفٌ ومُحارفٌ، وهو الذي لا يَكْسِب
خيراً. ابن السكيت: الجُرافُ مِكْيالٌ ضَخْم؛ وقوله: بالجُرافِ الأَكْبر،
يقال: كان لهم من الهَواني
(* قوله والهواني هكذا في الأصل، ولم نجد هذه
اللفظة في المعاجم التي بين أيدينا ولعلها محرّفة عن خوابي.) مِكْيالاً
ضَخْماً وافياً. الجوهري: ويقال لضَرْب من الكيل جُراف وجِراف؛ قال
الراجز:كَيْلَ عِداءٍ بالجِرافِ القَنْقَلِ
من صُبْرةٍ، مِثْلِ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
قوله عِداء أَي مُوالاةٍ. وسَيْفٌ جُرافٌ: يَجْرُف كل شيء. والجَرْفةُ
من
(* قوله «والجرفة من إلخ» هي بالفتح وقد تضم كما في القاموس.) سِماتِ
الإبل: أَن تُقْطَعَ جلدة من جسد البعير دون أَنفه من غير أَن تبين.
وقيل: الجَرْفةُ في الفخذ خاصَّةً أَن تُقْطَعَ جِلدة من فخذه من غير
بَيْنونة ثم تُجْمع ومثلها في الأَنف واللِّهْزِمةِ، قال سيبويه: بَنَوْه
على فَعْلةٍ اسْتَغْنَوْا بالعمل عن الأَثر، يعني أَنهم لو أَرادوا لفظ
الأَثَرِ لقالوا الجُرْفَ أَو الجِراف كالـمُشْطِ والخِباطِ، فافهم. غيره:
الجَرْفَ، بالفتح، سِمةٌ من سِماتِ الإبل وهي في الفخذ بمنزلة القرْمة
(*
قوله «القرمة» بفتح القاف وضمها كما في القاموس.) في الأَنف تُقْطَعُ
جلْدةٌ وتجمع في الفخذ كما تجمع على الأنف. وقال أَبو علي في التذكرة:
الجُرْفةُ والجَرْفةُ أَن تُجْرَفَ لِهْزِمةُ البعير، وهو أَن يُقْشر جلدُه
فيُفْتَلَ ثم يُترك فيَجِفَّ فيكون جاسياً كأَنه بعرة. قال ابن بري:
الجُرْفةُ وسْم باللهزمة تحت الأُذن؛ قال مدرك:
يُعارِضُ مَجْرُوفاً ثَنَتْه خِزامةٌ،
كأَنَّ ابنَ حَشْرٍ تَحْتَ حالِبِه رَأْلُ
وطَعْنٌ جَرْفٌ: واسعٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فأُبْنا جَدالى لم يُفَرَّقْ عَديدُنا،
وآبُوا بِطَعْنِ في كَواهِلِهِم جَرْفِ
والجَرْفُ والجَريفُ: يَبِيسُ الحَماط. وقال أَبو حنيفة: قال أَبو زياد
الجَريف يَبيس الأَفاني خاصَّة.
والجُرَّافُ: اسم رجل؛ أَنشد سيبويه:
أَمِنَ عَملِ الجُرّافِ، أَمـْسِ، وظُلْمِه
وعُدْوانهِ أَعْتَبْتُمونا بِراسِمِ؟
أَمِيرَيْ عَداءٍ إنْ حَبَسْنا عليهِما
بَهائِمَ مالٍ، أوْدَيا بالبَهائِم
نصب أَميري عَداء على الذَّمِّ. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَنه
مَرَّ يَستَعْرِضُ الناسَ بالجُرْف؛ اسم موضع قريب من المدينة وأَصله ما
تَجْرُفه السُّيول من الأَوْدِيةِ. والجَرْفُ: أَخذُك الشيء عن وجه
الأَرض بالمِجْرفةِ. ابن الأَثير: وفي الحديث ليس لابن آدم إلا بَيْتٌ
يُكِنُّه وثوب يُوارِيه. وجِرَفُ الخُبز أَي كِسَرُه، الواحدة جِرْفةٌ، ويروى
باللام بدل الراء. ابن الأَعرابي: الجَوْرَقُ الظليم؛ قال أَبو العباس:
ومن قاله بالفاء جَوْرَفٌ فقد صحّف. التهذيب: قال بعضهم الجَوْرَفُ الظليم؛
وأَنشد لكعب بن زهير المزني:
كأَنَّ رَحْلي، وقد لانَتْ عَريكَتُها،
كَسَوْتُه جَوْرَفاً أَغصانه حصفا
(* قوله « أغصانه حصفا» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس هنا وفي حرف
القاف أيضاً: أقرابه خصفا.)
قال الأزهري: هذا تصحيف وصوابه الجَوْرَقُ، بالقاف، وسيأْتي ذكره.
التهذيب في ترجمة جرل: مكانٌ جَرِلٌ فيه تَعادٍ واختِلافٌ. وقال غيره من
أَعراب قيس: أَرضٌ جَرْفة مختلفة وقِدْحٌ جَرْفٌ، ورجل جَرْفٌ كذلك.
جبل: الجَبَل: اسم لكل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض إِذا عَظُم وطال من
الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب، وأَما ما صغُر وانفرد فهو من القِنان
والقُور والأَكَم، والجمع أَجْبُل وأَجْبال وجِبال.
وأَجْبَل القومُ: صاروا إِلى الجَبَل. وتَجَبَّلوا: دَخَلوا في الجَبَل؛
واستعاره أَبو النجم للمَجْد والشَّرَف فقال:
وجَبَلاً، طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَر،
أَشَمَّ لا يَسطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَر
وأَراد الدَّهْرَ وهو مذكور في موضعه. ابن الأَعرابي: أَجْبَل إِذا صادف
جَبَلاً من الرَّمْل، وهو العريض الطويل، وأَحْبَل إِذا صادف حَبْلاً من
الرَّمْل، وهو الدقيق الطويل. وجَبْلة الجَبَل وجَبَلته: تأْسيس خِلْقته
التي جُبِل وخُلِق عليها. وأَجْبَل الحافرُ: انتهى إِلى جَبَل. وأَجْبَل
القومُ إِذا حَفَروا فبَلَغوا المكان الصُّلْب؛ قال الأَعْشَى:
وطالَ السَّنامُ على جِبْلَةٍ،
كخَلْقَاءَ من هَضَباتِ الحَضَن
وفي حديث عكرمة: أَن خالداً الحَذَّاء كان يسأَله فسكت خالد فقال له
عكرمة: ما لك أَجْبَلْت أَي انقطعت، من قولهم أَجْبَل الحافرُ إِذا أَفْضى
إِلى الجَبَل أَو الصَّخْر الذي لا يَحِيك فيه المِعْوَل. وسأَلته
فَأَجْبَل أَي وجدته جَبَلاً؛ عن ابن الأَعرابي، قال ابن سيده: هكذا حكاه وإِنما
المعروف في هذا أَن يقال فيه فَأَجْبَلته.
الفراء: الجَبَل سيِّد القوم وعالِمُهم. وأَجْبَل الشاعرُ: صَعُب عليه
القولُ كأَنه انتهى إِلى جَبَل منه، وهو منه.
وابْنَة الجَبَل: الحَيَّة لأَن الجَبَل مأْواها؛ حكاه ابن الأَعرابي؛
وأَنشد لسَدُوس بن ضباب:
إِني إِلى كل أَيسار وبادية
أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعَى ابْنَةُ الجَبَل
أَي أُنَوِّه به كما يُنَوِّه بابنة الجَبَل؛ قال ابن بري: ابنة الجَبَل
تَنْطلق على عِدَّة معان: أَحدها أَن يراد بها الصَّدَى ويكون مَدْحاً
لسرعة إِجابته كما قال سدوس بن ضباب، وأَنشد البيت: كما تدعى ابنة
الجَبَل؛ وبعده:
إِن تَدْعُه مَوْهِناً يَعْجَلْ بِجابَتِه،
عارِي الأَشاجِعِ يَسْعَى غَيْرَ مُشْتَمِل
قال: ومثله قول الآخر:
كأَني، إِذ دَعَوْت بَني سُلَيْمٍ
دَعَوْتُ بِدَعْوَتي لَهُمُ الجِبالا
قال: وقد يضرب ابنة الجبَل الذي هو الصَّدَى مَثَلاً للرجل الإِمَّعَة
المتابع الذي لا رَأْيَ له. وفي بعض الأَمثال: كُنْتَ الجَبَل مَهْما
يُقَلْ تَقُلْ. وابنة الجَبَل: الداهية لأَنها تَثْقُل كأَنها جَبَل؛ وعليه
قول الكميت:
فإِيَّاكُمُ إِيَّاكُمُ وَمُلِمَّةً،
يقُول لها الكانُونُ صَمِّي ابْنةَ الجَبَل
قال: وقيل إِن الأَصل في ابنة الجَبَل هنا الحَيَّةُ التي لا تُجيب
الراقي. وابنة الجَبَل: القَوْس إِذا كانت من النَّبْع الذي يكون هناك لأَنها
من شجر الجبل؛ قال ابن بري: أَنشد أَبو العباس ثعلب وغيره:
لا مالَ إِلاَّ العِطافُ تُوزِرُه
أُمّ ثَلاثينَ، وابنة الجَبَل
ابنة الجَبَل: القَوْسُ، والعِطاف السيف، كما يقال له الرِّداء؛ قال:
وعليه قول الآخر:
ولا مالَ لي إِلاَّ عِطافٌ ومِدْرَعٌ،
لَكُمْ طَرَفٌ منه جَدِيدٌ ولي طَرَف
ورجل مَجْبُول: عظيم، على التشبيه بالجَبَل. وجَبْلة الأَرض: صَلابتها.
والجُبْلة، بالضم: السَّنام. والجَبْل: السَّاحَة؛ قال كثيِّر عزة:
وأَقْوَله للضَّيْفِ أَهْلاً ومَرْحَباً،
وآمَنه جاراً وأَوْسَعه جَبْلا
والجمع أُجْبُل وجُبُول.
وجَبَل اللهُ الخَلْقَ يَجْبِلُهم ويجْبُلهم: خَلَقَهم. وجَبَله على
الشيء: طَبَعه. وجُبِل الإِنسانُ على هذا الأَمر أَي طُبِع عليه.
وجِبْلة الشيء: طبيعتُه وأَصلُه وما بُنِيَ عليه. وجُبْلته وجَبْلته،
بالفتح؛ عن كراع: خَلْقُه. وقال ثعلب: الجَبْلة الخِلْقة، وجمعها جبال،
قال: والعرب تقول أَجَنَّ اللهُ جِباله أَي جعله كالمجنون، وهذا نص قوله.
التهذيب في قولهم: أَجَنَّ اللهِ جِباله، قال الأَصمعي: معناه أَجَنَّ الله
جِبْلَته أَي خِلْقته، وقال غيره: أَجَنَّ الله جِباله أَي الجِبال التي
يسكنها أَي أَكثر الله فيها الجِنَّ. وفي حديث الدعاء: أَسأَلك من خيرها
وخير ما جُبِلَت عليه أَي خُلِقَت عليه وطُبِعَت عليه. والجِبْلة،
بالكسر: الخِلْقة؛ قال قيس بن الخَطِيم:
بين شُكُول النِّساء خِلقَتُها
قَصْدٌ، فلا جبْلَةٌ ولا قَضَفُ
قال: الشُّكُول الضُّروب؛ قال ابن بري: الذي في شعر قيس بن الخَطِيبم
جَبْلة، بالفتح، قال: وهو الصحيح، قال: وهو اسم الفاعل من جَبِل يَجْبَل
فهو جَبِل وجَبْل إِذا غَلُظ، والقَضَف: الدِّقَّة وقلة اللحم، والجَبْلة:
الغليظة؛ يقال: جَبِلَتْ فهي جَبِلة وجَبْلة. وثوب جَيِّد الجِبْلة أَي
الغَزْل والنسج والفَتْل. ورجل مَجْبول: غليظ الجِبْلة. وفي حديث ابن
مسعود: كان رجلاً مَجْبولاً ضَخْماً؛ المجبول المجتمع الخَلْق، والجَبِل من
السِّهامِ: الجافي البَرْي؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد الكميت في ذكر صائد:
وأَهْدى إِليها من ذَواتِ حَفِيرَةٍ،
بلا حظْوةٍ منها، ولا مُصْفَحٍ جَبِل
والجَبْلُ: الضَّخْم؛ قال أَبو الأَسود العجلي:
عُلاكِمُهُ مثلُ الفَنِيقِ شِمِلَّةٌ،
وحافِرُه في ذلك المِحْلَب الجَبْل
والجِبْلة والجُبْلة والجِبِلُّ والجِبِلَّة والجَبِيل والجَبْل
والجُبْل والجُبُلُّ والجِبْلُ، كل ذلك: الأُمَّة من الخَلْق والجماعة من الناس.
وحَيٌّ جِبْلٌ: كثير؛ قال أَبو ذؤيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتوفَ لأَهْلِها
جِهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجِبْل
أَي الكثير. يقول: الناس كلهم مُتْعَة للموت يَسْتَمْتِع بهم؛ قال ابن
بري: ويروى الجُبْل، بضم الجيم، قال: وكذا رواه أَبو عبيدة. الأَصمعي:
الجُبْل والعُبْر الناس الكثير. وقول الله عز وجل: ولقد أَضل منكم جبلاً
كثيراً؛ يقرأُ جُبْلاً عن أَبي عمرو، وجُبُلاً عن الكسائي، وجِبْلاً عن
الأَعرج وعيسى بن عمر، وجِبِلاًّ، بالكسر والتشديد، عن الحسن وابن أَبي
إِسحق، قال: ويجوز أَيضاً جِبَل، بكسر الجيم وفتح الباء، جمع جِبْلة وجِبَل
وهو في جميع هذه الوجوه خَلْقاً كثيراً. قال أَبو الهيثم: جُبْل وجُبُلٌ
وجِبْل وجِبِلٌّ ولم يعرف جُبُلاًّ، قال: وجَبِيلٌ وجِبِلَّة لغات كلها.
والجِبِلَّة: الخِلْقة. وفي التنزيل العزيز: والجِبِلَّة الأَوَّلين؛
وقرأَها الحسن بالضم، والجمع الجِبِلاَّت. التهذيب: قال الكسائي الجِبِلَّة
والجُبُلَّة تكسر وترفع مشددة كسرت أَو رفعت، وقال في قوله: ولقد أَضل منكم
جبلاً كثيراً، قال: فإِذا أَردتَ جِماع الجَبِيل قُلْتَ جُبُلاً مثال
قَبيل وقُبُلاً، ولم يقرأْ أَحد جُبُلاًّ. الليث: الجَبْل الخَلْق، جَبَلهم
الله فهم مجبولون، وأَنشد:
بِحَيْثُ شَدَّ الجابِلُ المَجابِلا
أَي حيث شدّ أَسْر خَلْقِهم. وكل أُمَّة مضت على حِدَةٍ فهي جِبِلَّة.
والجُبْل: الشجر اليابس. ومالٌ جِبْلٌ: كثير؛ قال الشاعر:
وحاجبٍ كَرْدَسه في الحَبْل
منا غلام، كان غير وَغْل،
حتى افتدى منه بمال جِبْل
قال: وروي بيت أَبي ذؤيب:
ويستمتعن بالأَنَس الجِبْل
وقال: الأَنَسُ الإِنْس، والجِبْل الثير. وحَيٌّ جِبْل أَي كَثِير.
والجَبُولاء: العَصِيدة وهي التي تقول لها العامة الكَبُولاء. والجَبْلة
والجِبْلة: الوجه، وقيل ما استقبلك، وقيل جَبْلة الوجه بَشَرته. ورجل جَبْل
الوجه: غليظ بشرة الوجه. ورجل جَبْل الرأْس: غليظ جِلْدة الرأْس والعظام؛
قال الراجز:
إِذا رَمَيْنا جَبْلَة الأَشَدّ
بِمَقْذَف باقٍ على المردّ
ويقال: أَنت جَبِل وجَبْل أَي قبيح. والمُجْبِل في المنع .
(قوله «والمجبل في المنع» هكذا في الأصل، وعبارة شرح القاموس: ومن
المجاز الاجبال المنع، ويقال سألناهم حاجة فأجبلوا أي منعوا).
الجوهري: ويقال للرجل إِذا كان غليظاً إِنه لذو جِبْلة. وامرأَة مِجْبال
أَي غليظة الخَلْق. وشيء جَبِل، بكسر الباء، أَي غليظ جاف؛ وأَنشد ابن
بري لأَبي المثلم:
صافي الحَدِيدةِ لا نِكْسٌ ولا جَبِل
ورجُل جَبِيل الوجْه: قبيحه، وهو أَيضاً الغليظ جلدة الرأْس والعظام.
ويقال: فلان جَبَل من الجِبال إِذا كان عَزِيزاً، وعِزُّ فلان يَزْحَم
الجِبالَ؛ وأَنشد:
أَلِلبأْسِ أَم للجُودِ أَم لِمَقَاوِمٍ،
من العِزِّ، يَزْحَمْنَ الجِبالَ الرَّوَاسِيا؟
وفلان مَيْمونُ العَريكة والجَبِيلة والطَّبِيعة. والجَبْل: القَدَح
العظيم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وأَجْبَلْته وجَبَلْته أَي أَجْبَرْته.
والجَبَلان: جَبَلا طَيِّءٍ أَجَأٌ وسَلْمَى. وجبَلَة ابن الأَيْهَم:
آخر ملوك غَسان. وجَبَلٌ وجُبَيْلٌ وجَبَلة: أَسماء. ويوم جَبَلة: معروف.
وجَبَلة: موضع بنجد.
نهر: النَّهْرُ والنَّهَرُ: واحد الأَنْهارِ، وفي المحكم: النَّهْرُ
والنَّهَر من مجاري المياه، والجمع أَنْهارٌ ونُهُرٌ ونُهُورٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
سُقِيتُنَّ، ما زالَتْ بكِرْمانَ نَخْلَةٌ،
عَوامِرَ تَجْري بينَكُنَّ نُهُورُ
هكذا أَنشده ما زالت، قال: وأُراهُ ما دامت، وقد يتوجه ما زالت على معنى
ما ظهرت وارتفعت؛ قال النابغة:
كأَنَّ رَحْلي، وقد زالَ النَّهارُ بنا
يوم الجَلِيلِ، على مُسْتأْنِسٍ وَحِدِ
وفي لحديث: نَهْرانِ مؤمنان ونَهْرانِ كافران، فالمؤمنان النيل والفرات،
والكافران دجلة ونهر بَلْخٍ. ونَهَرَ الماءُ إِذا جرى في الأَرض وجعل
لنفسه نَهَراً. ونَهَرْتُ النَّهْرَ: حَفَرْتُه. ونَهَرَ النَّهْرَ
يَنْهَرُهُ نَهْراً: أَجراه. واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إِذا أَخذ لِمَجْراهُ
موضعاً مكيناً. والمَنْهَرُ: موضع في النَّهْزِ يَحْتَفِرُه الماءُ، وفي
التهذيب: موضع النَّهْرِ. والمَنْهَرُ: خَرْق في الحِصْنِ نافذٌ يجري منه
الماء، وهو في حديث عبد الله بن أَنس: فأَتَوْا مَنْهَراً فاختَبَؤوا. وحفر
البئر حتى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بلغ الماء، مشتق من النَّهْرِ. التهذيب:
حفرت البئر حتى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغتُ الماء. ونَهَر الماءُ
إِذا جَرى في الأَرض وجعل لنفسه نَهْراً. وكل كثير جرى، فقد نَهَرَ
واسْتَنْهَر. الأَزهري: والعرب تُسَمِّي العَوَّاءَ والسِّماكَ أَنْهَرَيْنِ
لكثرة مائهما. والنَّاهُور: السحاب؛ وأَنشد:
أَو شُقَّة خَرَجَتْ من جَوْفِ ناهُورِ
ونَهْرُ واسع: نَهِرٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامت به، فابْتَنَتْ خَيْمَةً
على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
والقصب: مجاري الماء من العيون، ورواه الأَصمعي: وفُراتٍ نَهَرْ، على
البدل، ومَثَّلَه لأَصحابه فقال: هو كقولك مررت بظَرِيفٍ رجلٍ، وكذلك ما
حكاه ابن الأَعرابي من أَن سايَةَ وادٍ عظِيمٌ فيه أَكثر من سبعين عيناً
نَهْراً تجري، إِنما النهر بدل من العين. وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وسَّعها؛
قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ من دونها ما وراءَها
ملكت أَي شددت وقوّيت. ويقال: طعنه طعنة أَنْهَرَ فَتْقَها أَي وسَّعه؛
وأَنشد أَبو عبيد قول أَبي ذؤيب. وأَنْهَرْتُ الدمَ أَي أَسلته. وفي
الحديث: أَنْهِرُوا الدمَ بما شئتم إِلا الظُّفُرَ والسِّنَّ. وفي حديث آخر:
ما أَنْهَرَ الدمَ فَكُلْ؛ الإِنهار الإِسالة والصب بكثرة، شبه خروج الدم
من موضع الذبح يجري الماء في النهر، وإِنما نهى عن السن والظفر لأَن من
تعرّض للذبح بهما خَنَقَ المذبوحَ ولم يَقْطَعْ حَلْقَه.
والمَنْهَرُ: خرق في الحِصْنِ نافذٌ يدخل فيه الماء، وهو مَفْعَلٌ من
النَّهر، والميم زائدة. وفي حديث عبد الله بن سهل: أَنه قتل وطرح في
مَنْهَرٍ من مناهير خيبر. وأَما قوله عز وجل: إِن المتقين في جنات ونَهَرٍ، فقد
يجوز أَن يعني به السَّعَةَ والضِّياءَ وأَن يعني به النهر الذي هو مجرى
الماء على وضع الواحد موضع الجميع؛ قال:
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وقد سُبِينا،
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شُجِينا
وقيل في قوله: جنات ونهر؛ أَي في ضياء وسعة لأَن الجنة ليس فيها ليل
إِنما هو نور يتلألأُ، وقيل: نهر أَي أَنهار. وقال أَحمد بن يحيى: نَهَرٌ
جمع نُهُرٍ، وهو جمع الجمع للنَّهار. ويقال: هو واحد نَهْرٍ كما يقال
شَعَرٌ وشَعْرٌ، ونصب الهاء أَفصح. وقال الفرّاء: في جنات ونَهَرٍ، معناه
أَنهار .
كقوله عز وجل: ويولُّون الدُّبُرَ، أَي الأَدْبارَ، وقال أَبو إِسحق
نحوه وقال: الاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأُ به عن الجميع ويعبر بالواحد
عن الجمع، كما قال تعالى: ويولُّون الدبر. وماء نَهِرٌ: كثير. وناقة
نَهِرَة: كثيرة النَّهر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكَرْ،
نَهِيرَةُ الأَخْلافِ في غيرِ فَخَرْ
حَنْدَلِسٌ: ضخمة عظيمة. والفخر: أَن يعظم الضرع فيقل اللبن. وأَنْهَرَ
العِرْقُ: لم يَرْقَأْ دَمُه. وأَنْهَرَ الدمَ: أَظهره وأَساله.
وأَنْهَرَ دَمَه أَي أَسال دمه. ويقال: أَنْهَرَ بطنُه إِذا جاء بطنُه مثلَ مجيء
النَّهَرِ. وقال أَبو الجَرَّاحِ: أَنْهَرَ بطنُه واسْتَطْلَقَتْ
عُقَدُه. ويقال: أَنْهَرْتُ دَمَه وأَمَرْتُ دَمَه وهَرَقْتُ دَمَه.
والمَنْهَرَةُ: فضاء يكون بين بيوت القوم وأَفْنيتهم يطرحون فيه كُناساتِهم.
وحَفَرُوا بئراً فأَنْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً؛ عن اللحياني.
والنَّهار: ضِياءُ ما بين طلوع الفجر إِلى غروب الشمس، وقيل: من طلوع
الشمس إِلى غروبها، وقال بعضهم: النهار انتشار ضوء البصر واجتماعه، والجمع
أَنْهُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، ونُهُرٌ عن غيره. الجوهري: النهار ضد الليل،
ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسَّرابُ، فإِن جمعت قلت في قليلة:
أَنْهُر، وفي الكثير: نُهُرٌ، مثل سحاب وسُحُب. وأَنْهَرْنا: من النهار؛
وأَنشد ابن سيده:
لولا الثَّرِيدَانِ لَمُتْنا بالضُّمُرْ:
ثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدُ بالنُّهُرْ
قال ابن بري: ولا يجمع، وقال في أَثناء الترجمة: النُّهُر جمع نَهار
ههنا. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: النهار اسم وهو ضد الليل، والنهار
اسم لكل يوم، والليل اسم لكل ليلة، لا يقال نهار ونهاران ولا ليل وليلان،
إِنما واحد النهار يوم، وتثنيته يومان، وضد اليوم ليلة، ثم جمعوه
نُهُراً؛ وأَنشد:
ثريد ليل وثريد بالنُّهُر
ورجل نَهِرٌ: صاحب نهار على النسب، كما قالوا عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ؛
قال:
لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ
قال سيبويه: قوله بليليٍّ يدل أَن نَهِراً على النسب حتى كأَنه قال
نَهاريٌّ. ورجل نَهِرٌ أَي صاحب نَهارٍ يُغِيرُ فيه؛ قال الأَزهري وسمعت
العرب تنشد:
إِن تَكُ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ،
متى أَتى الصُّبْحُ فلا أَنْتَظِرُ
(* قوله« متى أتى» في نسخ من الصحاح متى أرى.)
قال: ومعنى نَهِر أَي صاحب نهار لست بصاحب ليل؛ وهذا الرجز أَورده
الجوهري:
إِن كنتَ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ
قال ابن بري: البيت مغير، قال: وصوابه على ما أَنشده سيبويه:
لستُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ،
لا أُدْلِجُ الليلَ، ولكن أَبْتَكِرْ
وجعل نَهِر في نقابلة لَيْلِيٍّ كأَنه قال: لست بليليّ ولكني نهاريّ.
وقالوا: نهارٌ أَنْهَرُ كَلَيْلٍ أَلْيَل ونَهارٌ نَهِرٌ كذلك؛ كلاهما على
المبالغة. واسْتَنْهَرَ الشيءُ أَي اتسع. والنَّهار: فَرْخُ القَطا
والغَطاط، والجمع أَنْهِرَةٌ، وقيل: النَّهار ذكر البُوم، وقيل: هو ولد
الكَرَوانِ، وقيل: هو ذكر الحُبَارَى، والأُنثى لَيْلٌ. الجوهري: والنهار فرخ
الحبارى؛ ذكره الأَصمعي في كتاب الفرق. والليل: فرخ الكروان؛ حكاه ابن
بري عن يونس بن حبيب؛ قال: وحكى التَّوْزِيُّ عن أَبي عبيدة أَن جعفر بن
سليمان قدم من عند المهدي فبعث إِلى يونس بن حبيب فقال إِني وأَمير
المؤْمنين اختلفنا في بيت الفرزدق وهو:
والشَّيْبُ يَنْهَضُ في السَّوادِ كأَنه
ليلٌ، يَصِيح بجانِبيهِ نَهارُ
ما الليل والنهار؟ فقال له: الليل هو الليل المعروف، وكذلك النهار، فقال
جعفر: زعم المهدي أَنَّ الليل فرخ الكَرَوان والنهار فرخُ الحُبارَى،
قال أَبو عبيدة: القول عندي ما قال يونس، وأَما الذي ذكره المهدي فهو معروف
في الغريب ولكن ليس هذا موضعه. قال ابن بري: قد ذكر أَهل المعاني أَن
المعنى على ما قاله يونس، وإِن كان لم يفسره تفسيراً شافياً، وإِنه لما
قال: ليل يصيح بجانبيه نهار، فاستعار للنهار الصياح لأَن النهار لما كان
آخذاً في الإِقبال والإِقدام والليل آخذ في الإِدبار، صار النهار كأَنه
هازم، والليل مهزوم، ومن عادة الهازم أَنه يصيح على المهزوم؛ أَلا ترى إِلى
قول الشَّمَّاخ:
ولاقَتْ بأَرْجاءِ البَسِيطَةِ ساطعاً
من الصُّبح، لمَّا صاح بالليل نَفَّرَا
فقال: صاح بالليل حتى نَفَر وانهزم؛ قال: وقد استعمل هذا المعنى ابن
هانئ في قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا فانْصُراها على الدُّجَى
كتائبَ، حتى يَهْزِمَ الليلَ هازِمُ
وحتى تَرَى الجَوْزاءَ نَنثُر عِقْدَها،
وتَسْقُطَ من كَفِّ الثُّريَّا الخَواتمُ
والنَّهْر: من الانتهار. ونَهَرَ الرجلَ يَنْهَرُه نَهْراً وانْتَهَرَه:
زَجَرَه. وفي التهذيب: نَهَرْتَه وانْتَهرْتُه إِذا استقبلته بكلام
تزجره عن خبر. قال: والنَّهْرُ الدَّغْر وهي الخُلْسَةُ.
ونَهار: اسم رجل. ونهار بن تَوْسِعَةَ: اسم شاعر من تميم.
والنَّهْرَوانُ: موضع، وفي الصحاح: نَهْرَوانُ، بفتح النون والراء، بلدة، والله
أَعلم.
ثقب: الليث الثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً.
والثَّقْبُ: اسم لما نفَذ.الجوهري: الثَّقْبُ، بالفتح، واحد الثُّقُوبِ. غيره: الثَّقْبُ: الخَرْقُ النافِذُ، بالفتح، والجمع أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ.
والثُّقْبُ، بالضم: جمع ثُقْبةٍ. ويُجمع أَيضاً عَلى
ثُقَبٍ. وقد ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ، شُدّد للكثرة، وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه. قال العجاج:
بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ
ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ.
والمِثْقَبُ: الآلةُ التي يُثْقَبُ بها.
ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ، واحدها مَثْقُوبٌ والـمُثَقِّبُ، بكسر القاف: لقب شاعر من عبدالقَيْسِ معروف، سُمي به لقوله:
ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ، وسَدَلْنَ رَقْماً، * وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ
واسمه عائذ بن مِحْصَنٍ العَبْدي. والوصاوِصُ جمع وَصْوَصٍ، وهو ثَقْبٌ في السِّتْر وغيره على مِقْدار العَيْن، يُنْظَر منه.
وثَقَّبَ عُودُ العَرْفَجِ: مُطِرَ فَلانَ عُودُه، فإِذا اسْوَدَّ شيئاً قيل: قد قَمِلَ؛ فإِذا زاد قليلاً قيل: قد أَدْبى، وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤكل؛ فإِذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل: قد أَخْوَصَ.
وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إِذا ثَقَّبَه الحَلَمُ.
والثُّقُوب: مصدر النارِ الثاقبةِ. والكَوْكَبُ الثاقِبُ: الـمُضِيءُ.
وتَثْقِيبُ النار: تَذْكِيَتُها.
وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً: اتَّقَدَتْ. وثَقَّبَها هو وأَثْقَبها وتَثَقَّبها.
أَبو زيد: تَثَقَّبْتُ النارَ، فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً، وأُثْقِبُها إِثْقاباً، وثَقَّبْتُ بها تَثْقِيباً، ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً، وذلك إِذا فَحَصْت لها في الأَرض ثم جَعَلْت عليها بَعَراً وضِراماً، ثم دَفَنْتَها في التراب. ويقال: تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حين تَقْدَحُها.
والثِّقابُ والثَّقُوب: ما أَثْقَبَها به وأَشْعَلَها به من دِقاقِ العِيدان. ويقال: هَبْ لي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً، وهو ما أَثْقَبْتَ به النارَ أَي أَوقَدْتَها به. ويقال: ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إِذا سَقَطَتِ الشَّرارةُ. وأَثْقَبْتُها أَنا إِثقاباً.
وزَنْدٌ ثاقِبٌ: وهو الذي إِذا قُدِحَ ظَهَرت نارُه. وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي
مُضِيءٌ.
وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً: أَضاء. وفي التنزيل العزيز: وما أَدراكَ
ما الطَّارِقُ النجمُ الثاقِبُ. قال الفرَّاء: الثاقِبُ الـمُضِيءُ؛ وقيل:
النجم الثاقِبُ زُحَلُ. والثاقِبُ أَيضاً: الذي ارتفع على النجوم،
والعرب تقول للطائر إِذا لَحِقَ بِبَطْن السماء: فقد ثَقَبَ، وكلُّ ذلك قد جاءَ في التفسير. والعرب تقول: أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد. وفي حديث الصّدّيق، رضي اللّه عنه: نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً؛ أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم. والثَّاقِبُ: الـمُضِيءُ، ومنه قَولُ الحجاج لابن عباس، رضي اللّه عنهما: إِنْ كان لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه.
والمِثْقَبُ. بكسر الميم: العالِمُ الفَطِنُ.
وثَقَبتِ الرائحةُ: سَطَعَتْ وهاجَتْ. وأَنشد أَبو حنيفة:
بِريحِ خُزامَى طَلَّةِ مِنِ ثِيابِها، * ومِنْ أَرَجٍ من جَيِّد المِسْكِ، ثاقِب
الليث: حَسَبٌ ثاقِبٌ إِذا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه. الأَصمعي:
حَسَبٌ ثاقِبٌ: نَيِّر
مُتَوَقِّدٌ، وعِلمٌ ثاقِبٌ، منه. أَبو زيد: الثَّقِيبُ من الإِبل الغَزِيرةُ اللَّبنِ. وثَقَبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً، وهي ثاقِبٌ: غَزُرَ لَبنُها، على فاعل. ويقال: إِنها لثَقِيبٌ مِن الإِبلِ، وهي التي تُحالِبُ غِزارَ الإِبلِ، فَتَغْزُرُهنَّ. وثَقَبَ رَأْيُه ثُقُوباً: نَفَذَ. وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري:
ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ، ولَمْ أَقُلْ * مِنَ العِلْمِ، إِلاّ بالّذِي أَنا ثاقِبُه
أراد ثاقِبٌ فيه فحَذَف، أَو جاءَ به على: يا سارِقَ الليلةِ.
ورجل مِثْقَبٌ: نافِذُ الرَّأْي، وأُثْقُوبٌ: دَخَّالٌ في الأُمُور.
وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فيه، الأَخيرة عن ابن الأَعْرابي: ظَهَرَ
عليه، وقيل: هو أَوَّلُ ما يَظْهَرُ.
والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ: الشَّدِيدُ الحُمْرة من الرِّجال والنساءِ، والمصدر الثَّقابةُ. وقد ثَقَبَ يَثْقُبُ. والمِثْقَبُ: طريق في حَرّةٍ وغَلْظٍ، وكان فيما مَضى طَريقٌ بين اليَمامةِ والكُوفة يُسمَّى مِثْقَباً:وثُقَيْبٌ: طَرِيقٌ بِعَيْنِه، وقيل هو ماء، قال الراعي:
أَجَدَّتْ مَراغاً كالمُلاءِ، وأَرْزَمَتْ * بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ، حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ
التهذيب: وطَريقُ العِراق من الكوفة إِلى مكة يقال له مِثْقَبٌ.
ويَثْقُبُ: موضع بالبادِية.
ثلج: الثَّلْجُ: الذي يسقط من السماء، معروف. وفي حديث الدعاء: واغْسِلْ
خَطايَ بماء الثَّلْجِ والبَرَدِ، إِنما خصهما بالذكر تأْكيداً للطهارة
ومبالغةً فيها لأَنهما ماءَان مفطوران على خلقتهما، لم يُستعملا ولم
تنلهما الأَيدي ولم تخضهما الأَرجل، كسائر المياه التي خالطت التراب وجرت في
الأَنهار وجمعت في الحياض، فكانا أَحق بكمال الطهارة.
وقد أَثْلَجَ يَومُنا. وأَثْلَجُوا: دخلوا في الثَّلْجِ. وثُلِجُوا:
أَصابهم الثَّلْجُ. وأَرضٌ مَثْلُوجَةٌ: أَصابها ثَلْجٌ. وماءٌ مَثْلُوجٌ:
مُبَرَّدٌ بالثَّلج؛ قال:
لو ذُقْتَ فاها، بَعْدَ نَوْمِ المُدْلِجِ،
والصُّبْحِ لمَّا هَمَّ بالتَّبَلُّجِ،
قُلْتَ: جَنى النَّحْلِ بماء الحَشْرَجِ،
يُخالُ مَثْلُوجاً، وإِنْ لمْ يُثْلَجِ
وثُلِجَتِ الأَرضُ وأُثْلِجَتْ
(* قوله «وثلجت الأَرض وأَثلجت» كذا
بالأصل بهذا الضبط على البناء للمفعول. وعبارة المصباح: وثلجتنا السماء من
باب قتل: أَلقت علينا الثلج، ومنه يقال: ثلجت الأَرض، بالبناء للمفعول، فهي
مثلوجة.): أَصابها الثَّلْجُ. وثَلَجَتْنا السماءُ تَثْلُجُ، بالضم: كما
يقال مَطَرَتْنا. وأَثْلَجَ الحافرُ: بَلَغَ الطينَ.
وثَلِجَتْ نفسي بالشيء ثَلَجاً، وثَلَجَتْ تَثْلُجُ وتَثْلَجُ ثُلُوجاً:
اشتفت به واطمأَنت إِليه؛ وقيل: عرفَته وسُرَّت به. الأَصمعي: ثَلِجَتْ
نفسي، بكسر اللام، لغة فيه. ابن السكيت: ثَلِجْتُ بما خبرتني أَي اشتفيت
به وسكن قلبي إِليه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: حتى أَتاه الثَّلَجُ
واليقينُ. يقال: ثَلَجَتْ نفسي بالأَمر إِذا اطمأَنت إِليه وسكنت وثبت فيها
ووَثِقَتْ به؛ ومنه حديث ابن ذي يَزَن: وثَلَجَ صدْرُك؛ ومنه حديث
الأَحوض: أُعطيك ما تَثْلُجُ إِليه. وثَلَجَ قَلْبُه وثَلِجَ: تيَقَّن.
وثُلِجَ قَلْبُه: بَلُدَ وذَهَبَ. ورجل مَثْلُوجُ الفؤاد: بليد؛ قال أَبو خراش
الهذلي:
ولَمْ يَكُ مَثْلوجَ الفؤادِ مُهَيَّجاً،
أَضاعَ الشَّبابَ في الرَّبِيلَةِ والخَفْضِ
وقال كعب بن لؤَي لأَخيه عامر بن لؤي:
لَئِنْ كُنْتَ مَثْلُوجَ الفُؤادِ، لَقَدْ بَدا،
لِجَمْعِ لُؤَيٍّ مِنْكَ، ذِلَّةُ ذي غَمْضِ
ابن الأَعرابي: ثُلِجَ قَلْبُه إِذا بَلُدَ. وثَلِجَ به إِذا سُرَّ به
وسَكَنَ إِليه؛ وأَنشد:
فلو كنتُ مَثْلُوجَ الفؤادِ، إِذا بَدَتْ
بلادُ الأَعادي، لا أُمِرُّ ولا أُحْلِي
أَي لو كنت بليد الفؤاد، كنت لا آتي بحلو ولا مرٍّ من الفعل. شمر:
ثَلِجَ صدري لذلك الأَمر أَي انشرح ونَقَعَ به، يَثْلَجُ ثَلَجاً. وقد
ثَلَجْتهُ إِذا نَقَعْتَه وبللته؛ وقال عبيد:
في رَوْضَةٍ ثَلَجَ الرَّبيعُ قَرارَها،
مَوْلِيَّةٍ، لم يَسْتَطِعْها الرُّوَّدُ
وماءٌ ثَلْجٌ: باردٌ. قال الفارسي: وهو كما قالوا بارد القلْب؛ وأَنشد:
ولكنَّ قَلْباً، بين جَنْبَيْكَ، باردُ
والثُّلْجُ: البُلَداءُ من الرجال.
والثُّلَجُ: فَرْخُ العُقابِ.
ابن الأَعرابي: الثُّلْجُ الفرِحون بالأَخبار.
وثُلِجَ الرجل إِذا برد قلبه عن شيء، وإِذا فرح أَيضاً: فقد ثُلِجَ.
وحَفَرَ حتى أَثْلَجَ أَي بلَغَ الطين. وحَفَرَ فَأَثْلَجَ إِذا بلغ الثرى
والنَّبَطَ. ويقال: قد أَثْلَجَ صدري خَبَرٌ واردٌ أَي شفاني وسكنني
فَثَلَجْتُ إِليه.
ونَصْلٌ ثُلاجِيٌّ إِذا اشتدَّ بياضه. أَبو عمرو: إِذا انتهى الحافر
إِلى الطين في النهر قال: أَثْلَجْتُ.