للشيخ، بدر الدين: محمد بن عبد الله الزركشي، الشافعي.
المتوفى: سنة أربع وتسعين وسبعمائة.
جدد: الــجَدُّ، أَبو الأَب وأَبو الأُم معروف، والجمع أَــجدادٌ وجُدود.
والــجَدَّــة: أُم الأُم وأُم الأَب، وجمعها جَدّــات. والــجَدُّ: والبَخْتُ
والحَِظْوَةُ. والــجَدُّ: الحظ والرزق؛ يقال: فلان ذو جَدٍّ في كذا أَي ذو حظ؛
وفي حديث القيامة: قال، صلى الله عليه وسلم: قمت على باب الجنة فإِذا
عامّة من يدخلها الفقراء، وإِذا أَصحاب الــجدِّ محبوسون أَي ذوو الحظ والغنى
في الدنيا؛ وفي الدعاء: لا مانع لما أَعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع
ذا الــجدِّ منك الــجَدُّ أَي من كان له حظ في الدنيا لم ينفعه ذلك منه في
الآخرة، والجمع أَــجدادٌ وأَــجُدٌّ وجُدودٌ؛ عن سيبويه. وقال الجوهري: أَي
لا ينفع ذا الغنى عندك أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه
(* قوله «لا ينفع
ذا الغنى منك غناه» هذه العبارة ليست في الصحاح ولا حاجة لها هنا إلاّ
أنها في نسخة المؤلف) ؛ وقال أَبو عبيد: في هذا الدعاءُ الــجدّ، بفتح الجيم
لا غير، وهو الغنى والحظ؛ قال: ومنه قيل لفلان في هذا الأَمر جَدٌّ إِذا
كان مرزوقاً منه فتأَوَّل قوله: لا ينفع ذا الــجَدِّ منك الــجَدُّ أَي لا
ينفع ذا الغنى عنك غناه، إِنما ينفعه الإِيمان والعمل الصالح بطاعتك؛ قال:
وهكذا قوله: يوم لا ينفع مال ولا بنون إِلاَّ من أَتى الله بقلب سليم؛
وكقوله تعالى: وما أَموالكم ولا أَولادكم بالتي تقرِّبكم عندنا زلفى؛ قال
عبد الله محمد بن المكرم: تفسير أَبي عبيد هذا الدعاء بقوله أَي لا ينفع
ذا الغنى عنك غناه فيه جراءة في اللفظ وتسمح في العبارة، وكان في قوله أَي
لا ينفع ذا الغنى غناه كفاية في الشرح وغنية عن قوله عنك، أَو كان يقول
كما قال غيره أَي لا ينفع ذا الغنى منك غناه؛ وأَما قوله: ذا الغنى عنك
فإِن فيه تجاسراً في النطق وما أَظن أَن أَحداً في الوجود يتخيل أَن له
غنى عن الله تبارك وتعالى قط، بل أَعتقد أَن فرعون والنمروذ وغيرهما ممن
ادعى الإِلهية إِنما هو يتظاهر بذلك، وهو يتحقق في باطنه فقره واحتياجه
إِلى خالقه الذي خلقه ودبره في حال صغر سنه وطفوليته، وحمله في بطن أُمه قبل
أَن يدرك غناه أَو فقره، ولا سيما إِذا احتاج إِلى طعام أَو شراب أَو
اضطرّ إِلى اخراجهما، أَو تأَلم لأَيسر شيء يصيبه من موتِ محبوب له، بل من
موت عضو من أَعضائه، بل من عدم نوم أَو غلبة نعاس أَو غصة ريق أَو عضة
بق، مما يطرأُ أَضعاف ذلك على المخلوقين، فتبارك الله رب العالمين؛ قال
أَبو عبيد: وقد زعم بعض الناس أَنما هو ولا ينفع ذا الــجِدِّ منك الــجِدّ،
والــجدّ إِنما هو الاجتهاد في العمل؛ قال: وهذا التأْويل خلاف ما دعا إِليه
المؤمنين ووصفهم به لأَنه قال في كتابه العزيز: يا أَيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحاً؛ فقد أَمرهم بالــجدّ والعمل الصالح وحمدهم عليه،
فكيف يحمدهم عليه وهو لا ينفعهم؟ وفلان صاعدُ الــجَدِّ: معناه البخت والحظ في
الدنيا.
ورجل جُدّ، بضم الجيم، أَي مــجدود عظيم الــجَدّ؛ قال سيبويه: والجمع
جُدّــون ولا يُكَسَّرُ وكذلك جُدٌّ وجُدِّــيّ ومَــجْدُــودٌ وجَديدٌ. وقد جَدَّ وهو
أَــجَدُّ منك أَي أَحظ؛ قال ابن سيده: فإِن كان هذا من مــجدود فهو غريب
لأَن التعجب في معتاد الأَمر إِنما هو من الفاعل لا من المفعول، وإِن كان
من جديد وهو حينئذ في معنى مفعول فكذلك أَيضاً، وأَما إِن كان من جديد في
معنى فاعل فهذا هو الذي يليق بالتعجب، أَعني أَن التعجب إِنما هو من
الفاعل في الغالب كما قلنا. أَبو زيد: رجل جديد إِذا كان ذا حظ من الرزق،
ورجل مَــجدودٌ مثله.
ابن بُزُرْج: يقال هم يَــجِدُّــونَ بهم ويُحْظَوْن بهم أَي يصيرون ذا حظ
وغنى. وتقول: جَدِــدْتَ يا فلان أَي صرت ذا جدّ، فأَنت جَديد حظيظ ومــجدود
محظوظ.
وجَدَّ: حَظَّ. وجَدِّــي: حَظِّي؛ عن ابن السكيت. وجَدِــدْتُ بالأَمر
جَدًّــا: حظيتُ به، خيراً كان أَو شرّاً. والــجَدُّ: العَظَمَةُ. وفي التنزيل
العزيز: وإِنه تعالى جَدُّ ربنا؛ قيل: جَدُّــه عظمته، وقيل: غناه، وقال
مجاهد: جَدُّ ربنا جلالُ ربنا، وقال بعضهم: عظمة ربنا؛ وهما قريبان من
السواء. قال ابن عباس: لو علمت الجن أَن في الإِنس جَدًّــا ما قالت: تعالى
جَدُّ ربنا؛ معناه: أَن الجن لو علمت أَن أَبا الأَب في الإِنس يدعى جَدًّــا،
ما قالت الذي اخبر الله عنه في هذه السورة عنها؛ وفي حديث الدعاء: تبارك
اسمك وتعالى جَدُّــك أَي علا جلالك وعظمتك. والــجَدُّ: الحظ والسعادة
والغنى: وفي حديث أَنس: أَنه كان الرجل منا إِذا حفظ البقرة وآل عمران جَدَّ
فينا أَي عظم في أَعيننا وجلَّ قدره فينا وصار ذا جَدّ، وخص بعضهم بالــجَدّ
عظمة الله عزّ وجلّ، وقول أَنس هذا يردّ ذلك لأَنه قد أَوقعه على الرجل.
والعرب تقول: سُعِيَ بِــجَدِّ فلانٍ وعُدِيَ بــجدّــه وأُحْضِرَ بِــجدِّــه
وأُدْرِكَ بِــجَدِّــه إِذا كان جَدُّــه جَيِّداً. وجَدَّ فلان في عيني يَــجِدُّ
جَدًّــا، بالفتح: عظم.
وجِدَّــةُ النهر وجُدَّــتُه: ما قرب منه من الأَرض، وقيل: جِدَّــتُه
وجُدَّــتُه وجُدُّــه وجَدُّــه ضَفَّته وشاطئه؛ الأَخيرتان عن ابن الأَعرابي.
الأَصمعي: كنا عند جُدَّــةِ النهر، بالهاء، وأَصله نبطيٌّ أَعجمي كُدٌّ
فأُعربت؛ وقال أَبو عمرو: كنا عند أَمير فقال جَبَلَةُ بن مَخْرَمَةَ: كنا عند
جُدِّ النهر، فقلت: جُدَّــةُ النهر، فما زلت أَعرفهما فيه. والــجُدُّ
والــجُدَّــةُ: ساحل البحر بمكة.
وجُدَّــةُ: اسم موضع قريب من مكة مشتق منه.
وفي حديث ابن سيرين: كان يختار الصلاة على الــجُدَّ إِن قدر عليه؛
الــجُدُّ، بالضم: شاطئ النهر والــجُدَّــة أَيضاً وبه سمِّيت المدينة التي عند مكة
جُدَّــةَ. وجُدَّــةُ كل شيء: طريقته. وجُدَّــتُه: علامته؛ عن ثعلب.
والــجُدَّــةُ: الطريقة في السماء والجبل، وقيل: الــجُدَّــة الطريقة، والجمع جُدَــدٌ؛
وقوله عز وجل: جُدَــدٌ بيض وحمر؛ أَي طرائق تخالف لون الجبل؛ ومنه قولهم:
ركب فلان جُدَّــةً من الأَمر إِذا رأَى فيه رأْياً. قال الفراء: الــجُدَــدُ
الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ بيض وسود وحمر كالطُّرُق،
واحدها جُدَّــةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس:
كأَن سَراتَهُ وجُدَّــةَ مَتْنِه
كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ
قال: والــجُدَّــة الخُطَّةُ السوداء في متن الحمار. وفي الصحاح: الــجدة
الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. قال الزجاج: كل طريقة جُدَّــةٌ
وجادَّة. قال الأَزهري: وجادَّةُ الطريق سميت جادَّةً لأَنها خُطَّة مستقيمة
مَلْحُوبَة، وجمعها الجَوادُّ. الليث: الجادُّ يخفف ويثقل، أَمَّا التخفيف
فاشتقاقه من الجوادِ إِذا أَخرجه على فِعْلِه، والمشدَّد مخرجه من الطريق
الــجديد الواضح؛ قال أَبو منصور: قد غلط الليث في الوجهين معاً. أَما
التخفيف فما علمت أَحداً من أَئمة اللغة أَجازه ولا يجوز أَن يكون فعله من
الجواد بمعنى السخي، وأَما قوله إِذا شدِّد فهو من الأَرض الــجَدَــدِ، فهو
غير صحيح، إِنما سميت المَحَجَّة المسلوكة جادَّة لأَنها ذات جُدَّــةٍ
وجُدودٍ، وهي طُرُقاتُها وشُرُكُها المُخَطَّطَة في الأَرض، وكذلك قال
الأَصمعي؛ وقال في قول الراعي:
فأَصْبَحَتِ الصُّهْبُ العِتاقُ، وقد بَدا
لهنَّ المَنارُ، والجوادُ اللَّوائحُ
قال: أَخطأَ الراعي حين خفف الجوادَ، وهي جمع الجادَّةِ من الطرق التي
بها جُدَــدٌ. والــجُدَّــة أَيضاً: شاطئ النهر إِذا حذفوا الهاء كسروا الجيم
فقالوا جِدٌّ، ومنه الــجُدَّــةُ ساحل البحر بحذاء مكة.
وجُدُّ كل شيء: جانبه. والــجَدُّ والــجِدُّ والــجَديدُ والــجَدَــدُ: كله وجه
الأَرض؛ وفي الحديث: ما على جديد الأَرض أَي ما على وجهها؛ وقيل:
الــجَدَــدُ الأَرض الغليظة، وقيل: الأَرض الصُّلْبة، وقيل: المستوية. وفي المثل:
من سَلَكَ الــجَدَــدَ أَمِنَ العثارَ؛ يريد من سلك طريق الإِجماع فكنى عنه
بالــجَدَــدِ. وأَــجدَّ الطريقُ إِذا صار جَدَــداً. وجديدُ الأَرض: وجهها؛ قال
الشاعر:
حتى إِذا ما خَرَّ لم يُوَسَّدِ،
إِلاَّ جَديدَ الأَرضِ، أَو ظَهْرَ اليَدِ
الأَصمعي: الــجَدْجَدُ الأَرض الغليظة.
وقال ابن شميل: الــجَدَــدُ ما استوى من الأَرض وأَصْحَرَ؛ قال: والصحراء
جَدَــدٌ والفضاء جَدَــدٌ لا وعث فيه ولا جبل ولا أَكمة، ويكون واسعاً وقليل
السعة، وهي أَــجْدادُ الأَرض؛ وفي حديث ابن عمر: كان لا يبالي أَن يصلي في
المكان الــجَدَــدِ أَي المستوي من الأَرض؛ وفي حديث أَسْرِ عُقبة بن أَبي
معيط: فَوَحِلَ به فرسُه في جَدَــدٍ من الأَرض.
ويقال: ركب فلان جُدَّــةً من الأَمر أَي طريقة ورأْياً رآه.
والــجَدْجَدُ: الأرض الملساء. والــجدجد: الأَرض الغليظة. والــجَدْجَدُ:
الأَرض الصُّلبة، بالفتح، وفي الصحاح: الأَرض الصلبة المستوية؛ وأَنشد لابن
أَحمر الباهلي:
يَجْنِي بأَوْظِفَةٍ شِدادٍ أَسْرُها،
صُمِّ السَّنابك، لا تَقِي بالــجَدْجَدِ
وأَورد الجوهري عجزه صُمُّ السنابك، بالضم؛ قال ابن بري: وصواب إِنشاده
صمِّ، بالكسر. والوظائف: مستدق الذراع والساق. وأَسرها: شدة خلقها.
وقوله: لا تقي بالــجدجد أَي لا تتوقاه ولا تَهَيَّبُه. وقال أَبو عمرو:
الــجَدْجَدُ الفَيْفُ الأَملس؛ وأَنشد:
كَفَيْضِ الأَتِيِّ على الــجَدْجَدِ
والــجَدَــدُ من الرمل: ما استرق منه وانحدر. وأَــجَدَّ القومُ: علوا جَديدَ
الأَرض أَو ركبوا جَدَــدَ الرمل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
أَــجْدَــدْنَ واسْتَوَى بهن السَّهْبُ،
وعارَضَتْهُنَّ جَنُوبٌ نَعْبُ
النعب: السريعة المَرِّ؛ عن ابن الأَعرابي.
والجادَّة: معظم الطريق، والجمع جَوادُّ، وفي حديث عبدالله بن سلام:
وإِذا جَوادُّ منهج عن يميني، الجَوادُّ: الطُّرُقُ، واحدها جادَّة وهي سواء
الطريق، وقيل: معظمه، وقيل: وسطه، وقيل: هي الطريق الأَعظم الذي يجمع
الطُّرُقَ ولا بد من المرور عليه. ويقال للأَرض المستوية التي ليس فيها رمل
ولا اختلاف: جَدَــدٌ. قال الأَزهري: والعرب تقول هذا طريق جَدَــد إِذا كان
مستوياً لا حَدَب فيه ولا وُعُوثة.
وهذا الطريق أَــجَدّ الطريقين أَي أَوْطؤهما وأَشدهما استواء وأَقلهما
عُدَاوءَ.
وأَــجَدَّــتْ لك الأَرض إِذا انقطع عنك الخَبارُ ووضَحَتْ.
وجادَّة الطريق: مسلكه وما وضح منه؛ وقال أَبو حنيفة: الجادَّة الطريق
إِلى الماء، والــجَدُّ، بلا هاء: البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ،
مذكر؛ وقيل: هي البئر المغزرة؛ وقيل: الــجَدُّ القليلة الماء.
والــجُدُّ، بالضم: البئر التي تكون في موضع كثير الكلإِ؛ قال الأَعشى
يفضل عامراً على علقمة:
ما جُعِلَ الــجَدُّ الظَّنونُ، الذي
جُنِّبَ صَوْبَ اللَّجِبِ الماطِرِ
مِثْلَ الفُرَاتِيِّ إِذا ما طَمَى،
يَقْذِفُ بالبُوصِيِّ والماهِرِ
وجُدَّــةُ: بلد على الساحل. والــجُدُّ: الماء القليل؛ وقيل: هو الماء يكون
في طرف الفلاة؛ وقال ثعلب: هو الماء القديم؛ وبه فسر قول أَبي محمد
الحذلمي:
تَرْعَى إِلى جُدٍّ لها مَكِينِ
والجمع من ذلك كله أَــجْدادٌ.
قال أَبو عبيد: وجاء في الحديث فأَتَيْنا على جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ؛
قيل: الــجُدجُد، بالضم: البئر الكثيرة الماء. قال أَبو عبيد: الــجُدْجُد لا
يُعرف إِنما المعروف الــجُدُّ وهي البئر الجَيِّدَةُ الموضع من الكلإِ.
اليزيدي: الــجُدْجُدُ الكثيرة الماء؛ قال أَبو منصور: وهذا مثل الكُمْكُمَة
للكُمّ والرَّفْرَف للرَّف.
ومفازة جدّــاءُ: يابسة، قال:
وجَدَّــاءَ لا يُرْجى بها ذو قرابة
لِعَطْفٍ، ولا يَخْشَى السُّماةَ رَبيبُها
السُّماةُ: الصيادون. وربيبها: وحشها أَي أَنه لا وحش بها فيخشى القانص،
وقد يجوز أَن يكون بها وحش لا يخاف القانص لبعدها وإِخافتها، والتفسيران
للفارسي. وسَنَةٌ جَدَّــاءُ: مَحْلَةٌ، وعامٌ أَــجَدُّ. وشاةٌ جَدَّــاءُ:
قليلةُ اللبن يابسة الضَّرْعِ، وكذلك الناقة والأَتان؛ وقيل: الــجدَّــاءُ من
كل حَلوبةٍ الذاهبةُ اللبنِ عن عَيبٍ، والــجَدودَةُ: القليلةُ اللبنِ من
غير عيب، والجمع جَدائدُ وجِدادٌ. ابن السكيت: الــجَدودُ النعجة التي قلَّ
لبنُها من غير بأْس، ويقال للعنز مَصُورٌ ولا يقال جَدودٌ. أَبو زيد:
يُجْمَع الــجَدودُ من الأُتُنِ جِداداً؛ قال الشماخ:
من الحَقْبِ لاخَتْه الــجِدادُ الغَوارزُ
وفلاةٌ جَدَّــاءُ: لا ماءَ بها. الأَصمعي: جُدَّــتْ أَخلاف الناقة إِذا
أَصابها شيء يقطع أَخلافَها. وناقةٌ جَدودٌ، وهي التي انقطع لبنُها. قال:
والمــجَدَّــدة المصَرَّمة الأَطْباءِ، وأَصل الــجَدِّ القطعُ. شَمِر:
الــجدَّــاءُ الشاةُ التي انقطعت أَخلافها، وقال خالد: هي المقطوعة الضَّرْعِ،
وقيل: هي اليابسة الأَخلافِ إِذا كان الصِّرار قد أَضرَّ بها؛ وفي حديث
الأَضاحي: لا يضحى بِــجَدَّــاءَ؛ الــجَدَّــاءُ: لا لَبَن لها من كلِّ حَلوبةٍ
لآفةٍ أَيْبَسَتْ ضَرْعَها. وتَــجَدّــد الضَّرْع: ذهب لبنه. أَبو الهيثم:
ثَدْيٌ أَــجَدُّ إِذا يبس، وجدّ الثديُ والضرعُ وهو يَــجَدُّ جَدَــداً. وناقة
جَدَّــاءُ: يابسة الضَّرع ومن أَمثالهم:...
(* هنا بياض في نسخة المؤلف ولعله لم يعثر على صحة المثل ولم نعثر عليه
فيما بأيدينا من النسخ) ولا تر... التي جُدَّ ثَدْياها أَي يبسا.
الجوهري: جُدَّــتْ أَخلاف الناقة إِذا أَضرَّ بها الصِّرار وقطعها فهي ناقة
مُــجَدَّــدَةُ الأَخلاف. وتَــجَدَّــدَ الضرع: ذهب لبنُه. وامرأَةٌ جَدَّــاءُ:
صغيرةُ الثدي. وفي حديث علي في صفة امرأَة قال: إِنها جَدَّــاءُ أَي قصيرة
الثديين. وجَدَّ الشيءَ يَــجُدُّــهُ جدّــاً: قطعه. والــجَدَّــاءُ من الغنم
والإِبل: المقطوعة الأُذُن. وفي التهذيب: والــجدَّــاء الشاةُ المقطوعة الأُذُن.
وجَدَــدْتُ الشيءَ أَــجُدُّــه، بالضم، جَدّــاً: قَطَعْتُه. وحبلٌ جديدٌ: مقطوع؛
قال:
أَبَى حُبِّي سُلَيْمَى أَن يَبيدا،
وأَمْسى حَبْلُها خَلَقاً جديدا
أَي مقطوعاً؛ ومنه: مِلْحَفَةٌ جديدٌ، بلا هاءٍ، لأَنها بمعنى مفعولة.
ابن سيده: يقال مِلحفة جديد وجديدة حين جَدَّــها الحائكُ أَي قطعها. وثوبٌ
جديد، وهو في معنى مــجدودٍ، يُرادُ به حين جَدَّــهُ الحائك أَي قطعه.
والــجِدَّــةُ: نَقِيض البِلى؛ يقال: شيءٌ جديد، والجمع أَــجِدَّــةٌ وجُدُــدٌ
وجُدَــدٌ؛ وحكى اللحياني: أَصبَحَت ثيابُهم خُلْقاناً وخَلَقُهم جُدُــداً؛
أَراد وخُلْقانُهم جُدُــداً فوضَع الواحدَ موضعَ الجمع، وقد يجوز أَراد:
وخَلَقُهم جديداً فوضَع الجمع موضع الواحدِ، وكذلك الأُنثى. وقد قالوا:
مِلْحفَةٌ جديدةٌ، قال سيبويه: وهي قليلة. وقال أَبو عليّ وغيرهُ: جَدَّ
الثوبُ والشيءُ يــجِدُّ، بالكسر، صار جديداً، وهو نقيض الخَلَقِ وعليه
وُجِّهَ قولُ سيبويه: مِلْحَفة جديدة، لا على ما ذكرنا من المفعول.
وأَــجَدَّ ثَوْباً واسْتَــجَدَّــه: لَبِسَه جديداً؛ قال:
وخَرْقِ مَهارِقَ ذي لُهْلُهٍ،
أَــجَدَّ الأُوامَ به مَظْؤُهُ
(* قوله «مظؤه» هكذا في نسخة الأصل ولم نــجد هذه المادة في كتب اللغة
التي بأيدينا ولعلها محرفة وأصلها مظه يعني أن من تعاطى عسل المظ الذي في
هذا الموضع اشتد به العطش).
هو من ذلك أَي جَدَّــد، وأَصل ذلك كله القطع؛ فأَما ما جاءَ منه في غير
ما يقبل القطع فعلى المثل بذلك كقولهم: جَدَّــد الوضوءَ والعهدَ. وكساءٌ
مُــجَدَّــدٌ: فيه خطوط مختلفة. ويقال: كَبِرَ فلانٌ ثم أَصاب فرْحَةً وسروراً
فــجدَّ جَدُّــه كأَنه صار جديداً.
قال: والعرب تقول مُلاَءةٌ جديدٌ، بغير هاءٍ، لأَنها بمعنى مــجدودةٍ أَي
مقطوعة. وثوب جديد: جُدَّ حديثاً أَي قطع. ويقال للرجل إِذا لبس ثوباً
جديداً: أَبْلِ وأَــجِدَّ واحْمَدِ الكاسِيَ. ويقال: بَلي بيتُ فلانٍ ثم
أَــجَدَّ بيتاً، زاد في الصحاح: من شعر؛ وقال لبيد:
تَحَمَّلَ أَهْلُها، وأَــجَدَّ فيها
نِعاجُ الصَّيْفِ أَخْبِيَةَ الظِّلالِ
والــجِدَّــةُ: مصدر الــجَدِــيدِ. وأَــجَدَّ ثوباً واسْتَــجَدَّــه. وثيابٌ
جُدُــدٌ: مثل سَريرٍ وسُرُرٍ. وتــجدَّــد الشيءُ: صار جديداً. وأَــجَدَّــه وجَدَّــده
واسْتَــجَدَّــه أَي صَيَّرَهُ جديداً. وفي حديث أَبي سفيان: جُدَّ ثَدْيا
أُمِّك أَي قطعا من الــجَدِّ القطعِ، وهو دُعاءٌ عليه. الأَصمعي: يقال
جُدَّ ثديُ أُمِّهِ، وذلك إِذا دُعِيَ عليه بالقطيعة؛ وقال الهذلي:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ ما ثَدْيُ أُمِّهِ
إِلينا، ولكن وُدُّهُمْ مُتنابِرُ
قال الأَزهري: وتفسير البيت أَن عليّاً قبيلة من كنانة، كأَنه قال
رُوَيْدَكَ عَلِيّاً أَي أَرْوِدْ بِهِمْ وارفق بهم، ثم قال جُدَّ ثديُ
أُمِّهِمْ إِلينا أَي بيننا وبينهم خُؤُولةُ رَحِمٍ وقرابةٌ من قِبَلِ
أُمِّهِم، وهم منقطعون إِلينا بها، وإِن كان في وِدِّهِمْ لنا مَيْنٌ أَي كَذِبٌ
ومَلَق. والأَصمعي: يقال للناقة إِنها لَمِــجَدَّــةٌ بالرَّحْلِ إِذا كانت
جادَّة في السير.
قال الأَزهري: لا أَدري أَقال مِــجَدَّــة أَو مُــجِدَّــة؛ فمن قال مِــجَدَّــة،
فهي من جَدَّ يَــجِدُّ، ومن قال مُــجِدَّــة، فهي من أَــجَدَّــت.
والأَــجَدَّــانِ والــجديدانِ: الليلُ والنهارُ، وذلك لأَنهما لا يَبْلَيانِ
أَبداً؛ ويقال: لا أَفْعَلُ ذلك ما اختلف الأَــجَدَّــانِ والــجديدانِ أَي
الليلُ والنهارُ؛ فأَما قول الهذلي:
وقالت: لن تَرى أَبداً تَلِيداً
بعينك، آخِرَ الدَّهْرِ الــجَديدِ
فإِن ابن جني قال: إِذا كان الدهر أَبداً جديداً فلا آخر له، ولكنه جاءَ
على أَنه لو كان له آخر لما رأَيته فيه.
والــجَديدُ: ما لا عهد لك به، ولذلك وُصِف الموت بالــجَديد، هُذَلِيَّةٌ؛
قال أَبو ذؤيب:
فقلتُ لِقَلْبي: يا لَكَ الخَيْرُ إِنما
يُدَلِّيكَ، للْمَوْتِ الــجَديدِ، حَبابُها
وقال الأَخفش والمغافص الباهلي: جديدُ الموت أَوَّلُه. وجَدَّ النخلَ
يَــجُدُّــه جَدّــاً وجِداداً وجَداداً؛ عن اللحياني: صَرَمَهُ. وأَــجَدَّ
النخلُ: حان له أَن يُــجَدَّ.
والــجَدادُ والــجِدادُ: أَوانُ الصِّرامِ. والــجَدُّ: مصدرُ جَدَّ التمرَ
يَــجُدُّــه؛ وفي الحديث: نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن جَدادِ الليلِ؛
الــجَدادُ: صِرامُ النخل، وهو قطع ثمرها؛ قال أَبو عبيد: نهى أَن تُــجَدَّ
النخلُ ليلاً ونَهْيُه عن ذلك لمكان المساكين لأَنهم يحضرونه في النهار
فيتصدق عليهم منه لقوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حصاده؛ وإِذا فعل ذلك ليلاً
فإِنما هو فارّ من الصدقة؛ وقال الكسائي: هو الــجَداد والــجِداد والحَصادُ
والحِصادُ والقَطافُ والقِطافُ والصَّرامُ والصِّرام، فكأَنَّ الفَعال
والفِعالَ مُطَّرِدانِ في كل ما كان فيه معنى وقت الفِعْلِ، مُشبَّهانِ في
معاقبتهما بالأَوانِ والإِوانِ، والمصدر من ذلك كله على الفعل، مثل
الــجَدِّ والصَّرْمِ والقَطْفِ.
وفي حديث أَبي بكر أَنه قال لابنته عائشة، رضي الله تعالى عنهما: إِني
كنت نَحَلْتُكَ جادَّ عشرين وَسْقاً من النخل وتَوَدِّين أَنكِ خَزَنْتِهِ
فأَما اليوم فهو مال الوارث؛ وتأْويله أَنه كان نَحَلَها في صحته نخلاً
كان يَــجُدُّ منها كلَّ سنة عشرين وَسْقاً، ولم يكن أَقْبَضها ما نَحَلَها
بلسانه، فلما مرض رأَى النحل وهو غيرُ مقبوض غيرَ جائز لها، فأَعْلَمَها
أَنه لم يصح لها وأَن سائر الورثة شركاؤها فيها. الأَصمعي: يقال لفلان
أَرض جادٌ مائة وَسْقٍ أَي تُخْرجُ مائةَ وَسْقٍ إِذا زرعت، وهو كلام
عربي. وفي الحديث: أَنه أَوصى بِجادٍّ مائة وَسْقٍ للأَشعريين وبِجادِّ مائةِ
وَسْقٍ للشَّيْبِيِّين؛ الجادُّ: بمعنى المــجدود أَي نخلاً يُــجَدُّ منه
ما يبلغ مائةَ وَسْقٍ. وفي الحديث: من ربط فرساً فله جادٌّ مائةٍ وخمسين
وسقاً؛ قال ابن الأَثير: كان هذا في أَوّل الإِسلام لعزة الخيل وقلتها
عندهم.
وقال اللحياني: جُدادَةُ النخل وغيره ما يُسْتأْصَل. وما عليه جِدَّــةٌ
أَي خِرْقَةٌ. والــجِدَّــةُ: قِلادةٌ في عنق الكلب، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
لو كنت كَلْبَ قَبِيصٍ كنتَ ذا جِدَــدٍ،
تكون أُرْبَتُهُ في آخر المَرَسِ
وجَديدَتا السرج والرَّحْلِ: اللِّبْدُ الذي يَلْزَقُ بهما من الباطن.
الجوهري: جَديدَةُ السَّرْج ما تحت الدَّفَّتين من الرِّفادة واللِّبْد
المُلْزَق، وهما جديدتان؛ قال: هذا مولَّد والعرب تقول جَدْــيَةُ
السَّرْجِ.وفي الحديث: لا يأْخذنَّ أَحدكم متاع أَخيه لاعباً جادّاً أَي لا
يأْخذْه على سبيل الهزل يريد لا يحبسه فيصير ذلك الهزلُ جِدّــاً. والــجِدُّ:
نقيضُ الهزلِ. جَدَّ في الأَمر يَــجِدُّ ويَــجُدُّ، بالكسر والضم، جِدّــاً
وأَــجَدَّ: حقق. وعذابٌ جِدٌّ: محقق مبالغ فيه. وفي القنوت: ونَخْشى عذابَكَ
الــجِدَّ. وجَدَّ في أَمره يَــجِدُّ ويَــجُدُّ جَدّــاً وأَــجَدَّ: حقق.
والمُجادَّة: المُحاقَّةُ. وجادَّهُ في الأَمر أَي حاقَّهُ. وفلانٌ محسِنٌ
جِدّــاً، وهو على جِدِّ أَمر أَي عَجَلَةِ أَمر. والــجِدُّ: الاجتهادُ في
الأُمور. وفي الحديث: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إِذا جَدَّ في السَّير
جَمع بين الصَّلاتينِ أَي اهتمّ به وأَسرع فيه. وجَدَّ به الأَمرُ
وأَــجَدَّ إِذا اجتهد. وفي حديث أُحُدٍ: لئن أَشهَدَني الله مع النبي، صلى الله
عليه وسلم، قتلَ المشركين ليَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَــجِدُّ أَي ما
أَجتهِدُ. الأَصمعي: يقال أَــجَدَّ الرجل في أَمره يُــجِدُّ إِذا بلغ فيه جِدَّــه،
وجَدَّ لغةٌ؛ ومنه يقال: فلان جادٌّ مُــجِدٌّ أَي مجتهد. وقال: أَــجَدَّ
بها أَمراً أَي أَــجَدَّ أَمرَه بها، نصبٌ على التمييز كقولك: قررْتُ به
عيناً أَي قرَّت عيني به؛ وقولهم: في هذا خطرٌ جِدُّ عظيمٍ أَي عظيمٌ
جِدّــاً. وجَدَّ به الأَمرُ: اشتد؛ قال أَبو سهم:
أَخالِدُ لا يَرضى عن العبدِ ربُّه،
إِذا جَدَّ بالشيخ العُقوقُ المُصَمِّمُ
الأَصمعي: أَــجَدَّ فلان أَمره بذلك أَي أَحكَمَه؛ وأَنشد:
أَــجَدَّ بها أَمراً، وأَيقَنَ أَنه،
لها أَو لأُخْرى، كالطَّحينِ تُرابُها
قال أَبو نصر: حكي لي عنه أَنه قال أَــجَدَّ بها أَمراً، معناه أَــجَدَّ
أَمرَه؛ قال: والأَوّل سماعي، منه. ويقال: جدَّ فلانٌ في أَمرِه إِذا كان
ذا حقيقةٍ ومَضاءٍ. وأَــجَدَّ فلانٌ السيرَ إِذا انكمش فيه. أَبو عمرو:
أَــجِدَّــكَ وأَــجَدَّــكَ معناهما ما لَكَ أَــجِدّــاً منك، ونصبهما على المصدر؛
قال الجوهري: معناهما واحد ولا يُتكلم به إِلا مضافاً. الأَصمعي:
أَــجِدَّــكَ معناه أَبِــجِدّ هذا منك، ونصبُهما بطرح الباءِ؛ الليث: من قال
أَــجِدَّــكَ، بكسر الجيم، فإِنه يستحلفه بِــجِدِّــه وحقيقته، وإِذا فتح الجيم،
استحلفه بــجَدِّــه وهو بخته. قال ثعلب: ما أَتاك في الشعر من قولك أَــجِدَّــك، فهو
بالكسر، فإِذا أَتاك بالواو وجَدِّــك، فهو مفتوح؛ وفي حديث قس:
أَــجِدَّــكُما لا تَقْضيانِ كَراكُما
أَي أَبِــجِدِّ منكما، وهو نصب على المصدر. وأَــجِدَّــك لا تفعل كذا،
وأَــجَدَّــك، إِذا كسر الجيم استحلفه بِــجِدِّــه وبحقيقته، وإِذا فتحها استحلفه
بِــجَدِّــه وببخته؛ قال سيبويه: أَــجِدَّــكَ مصدر كأَنه قال أَــجِدّــاً منك،
ولكنه لا يستعمل إِلا مضافاً؛ قال: وقالوا هذا عربيٌّ جدًّــا، نصبُه على
المصدر لأَنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو؛ قال: وقالوا هذا العالمُ جِدُّ
العالِمِ، وهذا عالِمٌ جِدُّ عالِمٍ، يريد بذلك التناهي وأَنه قد بلغ
الغاية فيما يصفه به من الخلال.
وصَرَّحْت بِــجِدٍّ وجِدَّــانَ وجِدَّــاءَ وبِجِلْدانَ وجِلْداءَ؛ يضرب هذا
مثلاً للأَمر إِذا بان وصَرُحَ؛ وقال اللحياني: صرّحت بِــجِدَّــانَ
وجِدَّــى أَي بِــجِدٍّ. الأَزهري: ويقال صرّحت بِــجِدَّــاءَ غيرَ منصرف وبِــجِدٍّ
منصرف وبِــجِدَّ غير مصروف، وبِــجِدَّــانَ وبِجَذَّان وبِقِدَّان وبِقَذَّانَ
وبقِرْدَحْمَة وبقِذَحْمَة، وأَخرج اللبن رغوته، كل هذا في الشيء إِذا
وضَح بعد التباسه. ويقال: جِدَّــانَ وجِلْدانَ صحراءَ، يعني برز الأَمر إِلى
الصحراء بعدما كان مكتوماً.
والــجُدَّــادُ: صغار الشجر، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد للطرِمَّاح:
تَجْتَني ثامِرَ جُدَّــادِه،
من فُرادَى بَرَمٍ أَو تُؤامْ
والــجُدَّــادُ: صِغارُ العضاهِ؛ وقال أَبو حنيفة: صغار الطلح، الواحدة من
كل ذلك جُدَّــادةٌ. وجُدَّــادُ الطلح: صغارُه. وكلُّ شيء تَعَقَّد بعضُه في
بعضٍ من الخيوط وأَغصانِ الشجر، فهو جُدَّــادٌ؛ وأَنشد بيت الطرماح.
والــجَدَّــادُ: صاحب الحانوت الذي يبيع الخمر ويعالجها، ذكره ابن سيده، وذكره
الأَزهري عن الليث؛ وقال الأَزهري: هذا حاقُّ التصحيف الذي يستحيي من مثله
من ضعفت معرفته، فكيف بمن يدعي المعرفة الثاقبة؟ وصوابه بالحاءِ.
والــجُدَّــادُ: الخُلقانُ من الثياب، وهو معرّب كُداد بالفارسية. والــجُدَّــادُ:
الخيوط المعقَّدة يقال لها كُدَّادٌ بالنبطية؛ قال الأَعشى يصف حماراً:
أَضاءَ مِظَلَّتَه بالسرا
جِ، والليلُ غامرُ جُدَّــادِها
الأَزهري: كانت في الخيوط أَلوان فغمرها الليل بسواده فصارت على لون
واحد. الأَصمعي: الــجُدَّــادُ في قول المسيَّب
(* قوله «الأصمعي الــجدَّــاد في
قول المسيَّب إلخ» كذا في نسخة الأصل وهو مبتدأ بغير خبر وان جعل الخبر
في قول المسيب كان سخيفاً) بن عَلس:
فِعْلَ السريعةِ بادَرتْ جُدَّــادَها،
قَبْلَ المَساءِ، يَهُمُّ بالإِسراعِ
السريعة: المرأَة التي تسرع. وجَدودٌ: موضع بعينه، وقيل: هو موضع فيه
ماء يسمى الكُلابَ، وكانت فيه وقعة مرتين، يقال للكُلابِ الأَوّلِ: يَوْمُ
جَدود وهو لِتغْلِب على بكرِ بن وائل؛ قال الشاعر:
أَرى إِبِلِي عافَتْ جَدودَ فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً، إِلاَّ تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وجُدٌّ: موضع، حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلو أَنها كانت لِقاحِي كثيرةً،
لقد نَهِلتْ من ماءِ جُدٍّ وَعلَّتِ
قال: ويروى من ماء حُدٍّ، هو مذكور في موضعه.
وجَدَّــاءُ: موضع؛ قال أَبو جندب الهذلي:
بَغَيْتُهُمُ ما بين جَدَّــاءَ والحَشَى،
وأَوْرَدْتُهُمْ ماءَ الأُثَيْلِ وعاصِمَا
والــجُدْجُدُ: الذي يَصِرُّ بالليل، وقال العَدَبَّس: هو الصَّدَى.
والجُنْدُبُ: الــجُدْجُدُ، والصَّرصَرُ: صَيَّاحُ الليل؛ قال ابن سيده:
والــجُدْجُدُ دُوَييَّةٌ على خِلقَةِ الجُنْدُبِ إِلا أَنها سُوَيْداءُ قصيرة،
ومنها ما يضرب إِلى البياض ويسمى صَرْصَراً، وقيل: هو صرَّارُ الليلِ وهو
قَفَّاز وفيه شَبه من الجراد، والجمع الــجَداجِدُ؛ وقال ابن الأَعرابي: هي
دُوَيبَّةٌ تعلَقُ الإِهابَ فتأْكلُه؛ وأَنشد:
تَصَيَّدُ شُبَّانَ الرجالِ بِفاحِمٍ
غُدافٍ، وتَصطادينَ عُشّاً وجُدْجُدا
وفي حديث عطاء في الــجُدْجُدِ يموت في الوَضوءِ قال: لا
بأْس به؛ قال: هو حيوان كالجراد يُصَوِّتُ بالليل، قيل هو الصَّرْصَرُ.
والــجُدجُدُ: بَثرَة تخرُج في أَصل الحَدَقَة. وكلُّ بَثْرَةٍ في جفنِ
العين تُدْعى: الظَّبْظاب. والــجُدْجُدُ: الحرُّ؛ قال الطرمَّاح:
حتى إِذا صُهْبُ الجَنادِبِ ودَّعَتْ
نَوْرَ الربيع، ولاحَهُنَّ الــجُدْجُدُ
والأَــجْدادُ: أَرض لبني مُرَّةَ وأَشجعَ وفزارة؛ قال عروة بن الورد:
فلا وَأَلَتْ تلك النفُوسُ، ولا أَتَتْ
على رَوْضَةِ الأَــجْدادِ، وَهْيَ جميعُ
وفي قصة حنين: كإِمرار الحديد على الطست
(* قوله «على الطست» وهي مؤنثة
إلخ كذا في النسخة المنسوبة إلى المؤلف وفيها سقط. قال في المواهب:
وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست الــجديد. قال في النهاية وصف
الطست وهي مؤنثة بالــجديد وهو مذكر اما لأن تأنيثها إلخ)، وهي مؤنثة
بالــجديد، وهو مذكر إِما لأَن تأْنيثها غير حقيقي فأَوله على الإِناء والظرف،
أَو لاءن فعيلاً يوصف به المؤنث بلا علامة تأْنيث كما يوصف المذكر، نحو
امرأَة قتيل وكفّ خَضيب، وكقوله عز وجل: إن رحمة الله قريب. وفي حديث
الزبير: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: احبس الماء حتى يبلغ الــجَدَّ،
قال: هي ههنا المُسَنَّاةُ وهو ما وقع حول المزرعة كالــجدار، وقيل: هو لغة
في الــجدار، ويروى الــجُدُــر، بالضم. جمع جدار، ويروى بالذال وسيأْتي ذكره.
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَــجِدُــه وُجُوداً ويَــجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَــجُدْــنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَــجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْــجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَــجْداً وجِدَــةً
ووُــجْداً ووجُوداً ووِــجْداناً وإِــجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِــجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَــجِدُــه؛ عن اللحياني؛ ووَــجَدْــتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَــجَدَ المالَ وغيرَه يَــجِدُــه وَــجْداً ووُــجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْــتُ في المالِ وُــجْداً ووَــجْداً ووِــجْداً ووِــجْداناً وجِدَــةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَــجَدْــت الضَّالَّة وِــجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِــجْدانُ في الوُــجْد؛ ومنه قول العرب: وِــجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَــجَدَ
الضَّالّة يَــجِدُــها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُــجْدُ والوَــجْدُ والوِــجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَــجْدِــكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَــجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْــجَدَــني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَــني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَــجْدِــي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْــت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِــجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَــجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُــجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَــه الله
ولا يقال وجَدَــه، كما لا يقال حَمّه.
ووَــجَد عليه في الغَضب يَــجُدُ ويَــجِدُ وَــجْداً وجِدَــةً وموجَدةً
ووِــجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَــجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَــجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِــجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَــجَدَ به
وَــجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَــجِدُ بفلانة وَــجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَــجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَــجَدْــتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَــجْداً، بالفتح، ووَــجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَــجَدْــتُ فلاناً
فأَنا أَــجِدُ وَــجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَــجَّدْــتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَــجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَــجَّدُــون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
جدع: الــجَدْــعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن
والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَــعَه يَــجْدَــعُه جَدْــعاً، فهو جادِعٌ. وحمار
مُــجَدَّــع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ،
ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ اليُــجَدَّــعُ
أَراد الذي يُــجدَّــع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي
كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج:
لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر،
وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع:
نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له
بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق
هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد
جَدِــعَ جَدَــعاً، وهو أَــجْدَــعُ بيِّن الــجَدَــعِ، والأُنثى جَدْــعاء؛ قال أَبو
ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه
غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَــجْدَــعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا
يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَــجْدُــوع.
والــجَدَــعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والــجَدَــعةُ: موضع الــجَدْــع، وكذلك
العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والــجَدْــعُ: ما انقطع من
مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
وناقة جَدْــعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى
النصف. والــجَدْــعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن
الأَنباري جميع الشاء المُــجَدَّــع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْــعاً
له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل
إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّــعْتُه تَــجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور
في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَراه كأَنَّ اللهَ يَــجْدَــعُ أَنْفَه
وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ
فعلى قوله:
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الــجَدْــعَ والعِرْنينَ
للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِــعا
والأَعرف:
وأَصبحَ الدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَــجْدَــعُه؛ قال أَبو
حَنْبل الطائي:
لقد آليْتُ أَغْدِر في جَداعِ،
وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
وهي الــجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والــجَداعُ: الموت
لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً:
شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَــع أَنف صاحبه؛ قال النابغة
الذُّبْياني:
أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها،
وجُوهُ قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَــعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن
الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
وحكي عن ثعلب: عام تَــجَدَّــعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً
لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَــجَدَّــعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها
بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة:
المُــجَدَّــعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّــع
النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن
مقبل:وغَيْث مَريع لم يُــجَدَّــعْ نَباتُه
وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني،
وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَــجْدَــعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ
عَداوتي كَلأٌ فيه الــجَدْــع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِــعَ الغلامُ يَــجْدَــعُ
جَدَــعاً، فهو جَدِــعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِــعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه:
جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي
فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه،
وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره
على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له
الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِــعا، فقال له المفضل: جذعا
جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما
نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِــعا، فقال سليمان بن علي: من
تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر
فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له
المفضل: وما الــجَدِــعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَــجدَــعَه وجَدَّــعَه: أَساء غذاءه.
قال ابن بري: قال الوزير: جَدِــعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف
مثله. وجَدِــعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِــعَ الفَصِيلُ أَيضاً:
رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَــعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مــجُدوع؛
وأَنشد:
كأَنه من طول جَدْــعِ العَفْسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَــعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حَبس
عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الــجَدْــعَ
والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛
قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصْمِت بالماء تَوْلباً جَدِــعا
قال: وهو من قولك جَدَــعْتُه فــجَدِــع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ
فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:حَبَلَّق جَدَّــعه الرِّعاء
ويروى: أَــجْدَــعَه، وهو إِذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول
أَبي الهيثم.
والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ
اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إِذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري:
قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه
قول الراعي:
بحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
بِجَمْع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو
ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِن بَلَغَتْني مِنْ أَذاه الجَنادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ
والمارِجُ والأَــجْدَــعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما
اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَــجْدَــع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَــجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان
مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْــعانَ
(* كذا بالأصل، وفي القاموس: وعبد الله بن جدعان جواد معروف.)
وأَــجْدَــعُ وجُدَــيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْــعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو
جُداع وبنو جُداعةَ.
نــجد: النَّــجْدُ من الأَرض: قِفافُها وصَلاَبَتُها
(* قوله «قفافها
وصلابتها» كذا في الأصل ومعجم ياقوت أَيضاً والذي لأبي الفداء في تقويم
البلدان قفافها وصلابها.) وما غَلُظَ منها وأَشرَفَ وارتَفَعَ واستَوى، والجمع
أَنْــجُدٌ وأَنجادٌ ونِجاد ونُجُودٌ ونُــجُدٌ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:
لَمَّا رَأَيْتُ فِجاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ،
ولاحَ مِنْ نُــجُدٍ عادِيةً حُصُرُ
ولا يكون النِّجادُ إِلا قُفّاً أَو صَلابة من الأَرض في ارْتِفاعٍ مثل
الجبل معترضاً بين يديك يردُّ طرفك عما وراءه، ويقال: اعْملُ هاتيك
النِّجاد وهذاك النِّجاد، يوحد؛ وأَنشد:
رَمَيْنَ بالطَّرْفِ النِّجادَ الأَبْعَدا
قال: وليس بالشديد الارتفاع. وفي حديث أَبي هريرة في زكاةِ الإِبل: وعلى
أَكتافها أَمْثالُ النّواجِدِ شَحْماً؛ هي طرائقُ الشحْمِ، واحِدتُها
ناجِدةٌ، سميت بذلك لارتفاعها؛ وقول أَبي ذؤَيب:
في عانةٍ بِجَنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُها
غَوْرٌ، ومَصْدَرُها عن مائِها نُــجُد
قال الأَخفش: نُــجُدٌ لغة هذيل خاصّة يريدون نَــجْداً. ويروى النُّــجُدُ،
جَمَع نَــجْداً على نُــجُدٍ، جعل كل جزء منه نَــجْداً، قال: هذا إِذا عنى
نَــجْداً العَلَمي، وإن عنى نَــجْداً من الأَنجاد فغَوْرُ نَــجْد أَيضاً،
والغور هو تِهامة، وما ارتفع عن تِهامة إِلى أَرض العراق، فهو نــجد، فهي تَرْعى
بنــجد وتشرب بِتِهامة، وهو مذكر؛ وأَنشد ثعلب:
ذَرانيَ مِنْ نَــجْدٍ، فإنَّ سِنِينَه
لَعِبْنَ بِنا شِيباً، وشَيَّبْنَنا مُرْدا
ومنه قولهم: طَلاَّع أَنْــجُد أَي ضابطٌ للأُمور غالب لها؛ قال حميد بن
أَبي شِحاذٍ الضَّبِّي وقيل هو لخالدِ بن عَلْقَمةَ الدَّارمي:
فقد يَقْصُرُ القُلُّ الفَتى دونَ هَمِّه،
وقد كانَ، لَوْلا القُلُّ، طَلاَّعَ أَنــجُدِ
يقول: قد يَقْصُرُ الفَقْرُ عن سَجِيَّتِه من السخاء فلا يَــجِدُ ما
يَسْخُو به، ولولا فقره لسَما وارتفع؛ وكذلك طَلاَّعُ نجاد وطَلاَّع النَّجاد
وطلاَّع أَنــجِدةٍ، جمع نِجاد الذي هو جمعُ نَــجْد؛ قال زياد بن مُنْقِذ
في معنى أَنْــجِدةٍ بمعنى أَنْــجُدٍ يصف أَصحاباً له كان يصحبهم مسروراً:
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمائِلُه،
جَمِّ الرَّمادِ إِذا ما أَخْمَدَ البَرِمُ
غَمْرِ النَّدى، لا يَبِيتُ الحَقُّ يَثْمُدُه
إِلاّ غَدا، وهو سامي الطّرْفِ مُبْتَسِمُ
يَغْدُو أَمامَهُمُ في كُلِّ مَرْبأَةٍ،
طَلاْعِ أَنْــجِدةٍ، في كَشْحِه هَضَمُ
ومعنى يَثْمُدُه: يُلِحُّ عليه فَيُبْرِزُه. قال ابن بري: وأَنــجِدةٌ من
الجموع الشاذة، ومثله نَدًى وأَنْدِيةٌ ورَحًى وأَرْحِيةٌ، وقياسها نِداء
ورِحاء، وكذلك أَنــجِدةٌ قياسها نِجادٌ. والمَرْبَأَةُ: المكان المرتفع
يكون فيه الرَّبِيئة؛ قال الجوهري: وهو جمعُ نُجُود جَمْعَ الجمْعِ؛ قال
ابن بري: وهذا وهم من الجوهري وصوابه أَن يقول جمع نِجادٍ لأَن فِعالاً
يُجْمَعُ أَفْعِلة. قال الجوهري: يقال فلان طَلاَّعُ أَنْــجُد وطلاَّع
الثَّنايا إِذا كان سامِياً لِمَعالي الأُمور؛ وأَنشد بيت حميد بن أَبي شِحاذٍ
الضَّبِّيّ:
وقد كان لَوْلا القُلُّ طَلاَّعَ أَنْــجُد
والأَنْــجُدُ: جمعُ النَّــجْد، وهو الطريق في الجبل. والنَّــجْدُ: ما خالف
الغَوْر، والجمع نجود. ونــجدٌ: من بلاد العرب ما كان فوق العاليةِ
والعاليةُ ما كان فوق نَــجْدٍ إِلى أَرض تِهامةَ إِلى ما وراء مكة، فما كان دون
ذلك إِلى أَرض العراق، فهو نــجد. وقال له أَيضاً النَّــجْدُ والنُّــجُدُ
لأَنه في الأَصل صفة؛ قال المَرّارُ الفَقْعَسِيُّ:
إِذا تُرِكَتْ وَحْشِيّةُ النَّــجْدِ، لم يَكُنْ،
لِعَيْنَيْكَ مِمَّا تَشْكُوانِ، طَبيبُ
وروي بيت أَبي ذؤَيب:
في عانة بَجَنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُها
غَوْرٌ، ومَصْدَرُها عن مائِها النُّــجُد
وقد تقدم أَن الرواية ومصدرُها عن مائِها نُــجُدُ وأَنها هذلية.
وأَنْــجَدَ فلان الدَّعْوة، وروى الأَزهري بسنده عن الأَصمعي قال: سمعت
الأَعراب يقولون: إِذا خَلَّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً، وعَجْلَزٌ فوق
القَرْيَتَيْنِ، فَقَدْ أَنْــجَدْــتَ، فإِذا أَنــجدْــتَ عن ثَنايا ذاتِ عِرْق،
فقد أَتْهَمْتَ، فإِذا عَرَضَتْ لك الحِرارُ بنَــجْد، قيل: ذلك الحجاز. وروى
عن ابن السكيت قال: ما ارتفع من بطن الرُّمّةِ، والرُّمّةُ واد معلوم،
فهو نــجد إِلى ثنايا ذات عِرْق. قال: وسمعت الباهلي يقول: كلُّ ما وراء
الخنْدق الذي خَنْدَقَه كسرى على سواد العراق، فهو نــجد إِلى أَن تميل إِلى
الحَرّةِ فإِذا مِلْت إِليها، فأَنت في الحِجاز؛ شمر: إِذا جاوزت
عُذَيْباً إِلى أَن تجاوز فَيْدَ وما يليها. ابن الأَعرابي: نــجد ما بين العُذَيْب
إِلى ذات عِرق وإِلى اليمامة وإِلى اليمن وإِلى جبل طَيّء، ومن
المِرْبَدِ إِلى وجْرَة، وذات عِرْق أَوّلُ تِهامةَ إِلى البحرِ وجُدَّــةَ.
والمدينةُ: لا تهاميةٌ ولا نــجديةٌ، وإِنها حجازٌ فوق الغَوْر ودون نــجد، وإِنها
جَلْسٌ لارتفاعها عن الغَوْر. الباهلي: كلُّ ما وراءَ الخندقِ على سواد
العراق، فهو نــجد، والغَوْرُ كلُّ ما انحدر سيله مغرِبيّاً، وما أَسفل منها
مشرقيّاً فهو نَــجْدٌ، وتِهامةُ ما بين ذات عِرْق إِلى مرحلتين من وراء
مكة، وما وراء ذلك من المغرب، فهو غور، وما وراء ذلك من مَهَبّ الجَنُوب،
فهو السَّراةُ إِلى تُخُوم اليمن. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَنه جاءه رجل وبِكَفِّه وضَحٌ، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: انظُرْ
بطن واد لا مُنْــجِد ولا مُتْهِم، فَتَمعَّكْ فيه، ففعل فلم يزد شيئاً
حتى مات؛ قوله لا مُنْــجِد ولا مُتْهِم لم يرد أَنه ليس من نــجد ولا من
تِهامةَ ولكنه أَراد حدّاً بينهما، فليس ذلك الموضعُ من نــجد كلُّه ولا من
تِهامة كلُّه، ولكنه تَهامٍ مُنْــجِدٌ؛ قال ابن الأَثير: أَراد موضعاً ذا
حَدٍّ من نــجد وحدّ من تهامة فليس كله من هذه ولا من هذه. ونــجدٌ: اسم خاصٌّ
لما دون الحجاز مما يَلي العِراق؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا استَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفى، بَرَّحَتْ به
عِراقِيّةُ الأَقْياظِ، نَــجْدُ المَراتِعِ
قال ابن سيده: إِنما أَراد جمع نَــجْدِــيٍّ فحذف ياء النسَب في الجمع كما
قالوا زِنْجِيٌّ ثم قالوا في جمعه زِنْج، وكذلك رُومِيٌّ ورُومٌ؛ حكاها
الفارسي. وقال اللحياني: فلان من أَهل نــجد فإِذا أَدخلوا الأَلف واللام
قالوا النُّــجُد، قال: ونرى أَنه جمع نَــجْدٍ؛ والإِنجادُ: الأَخْذُ في بلاد
نــجد. وأَنــجدَ القومُ: أَتوا نــجداً؛ وأنــجدوا من تهامة إِلى نــجد: ذهبوا؛
قال جرير:
يا أُمَّ حَزْرةَ، ما رأَيْنا مِثْلَكُم
في المُنْــجِدينَ، ولا بِغَوْرِ الغائِر
وأنْــجَدَ: خرج إِلى بلاد نــجد؛ رواها ابن سيده عن اللحياني. الصحاح:
وتقول أَنْــجَدْــنا أَي أَخذنا في بلاد نــجد. وفي المثل: أَنْــجَدَ من رأَى
حَضَناً وذلك إِذا علا من الغَوْر، وحَضَنٌ اسم جبل. وأَنْــجَد الشيءُ: ارتفع؛
قال ابن سيده: وعليه وجه الفارسي رواية من روى قول الأَعشى:
نَبيٌّ يَرى ما لا تَروْنَ، وذِكْرُه
أَغارَ لَعَمْري في البِلادِ، وأَنْــجَدا
فقال: أَغار ذهب في الأَرض. وأَنــجد: ارتفع؛ قال: ولا يكون أَنــجد إِنما
يُعادَلُ بالأَخذ في الغور، وذلك لتقابلهما، وليست أَغارَ من الغور لأَن
ذلك إِنما يقال فيه غارَ أَي أَتى الغَوْر؛ قال وإِنما يكون التقابل في
قول جرير:
في المُنْــجدينَ ولا بغَوْر الغائر
والنَّجُودُ من الإِبل: التي لا تَبْرُك إِلا على مرتفع من الأَرض.
والنَّــجْدُ: الطريق المرتفع البَيّنُ الواضح؛ قال امرؤ القيس:
غَداةَ غَدَوْا فَسالِكٌ بَطْنَ نَخْلةٍ،
وآخَرُ منهم قاطِعٌ نَــجْدَ كَبْكَبِ
قال الأَصمعي: هي نُجُود عدّة: فمنها نَــجْد كبكب، ونَــجْد مَريع، ونَــجْدُ
خال؛ قال: ونــجد كبكب طريقٌ بِكَبْكَبٍ، وهو الجبل الأَحمر الذي تجعله في
ظهرك إِذا وقفت بعرفة؛ قال وقول الشماخ:
أَقُولُ، وأَهْلي بالجَنابِ وأَهْلُها
بِنَــجْدَــيْنِ: لا تَبْعَدْ نوىً أُمّ حَشْرَجِ
قال بنَــجْدَــيْنِ موضع يقال له نَــجْدا مَرِيع، وقال: فلان من أَهل نــجد.
قال: وفي لغة هذيل والحجاز من أَهل النُّــجُد. وفي التنزيل العزيز: وهديناه
النَّــجْدين؛ أَي طَرِيقَ الخير وطريقَ الشرّ، وقيل: النــجدين الطريقين
الواضحين. والنَّــجد: المرتفع من الأَرض، فالمعنى أَلم نعرّفه طريق الخير
والشر بيِّنَين كبيان الطريقين العاليين؟ وقيل: النــجدين الثَّدْيَيْنِ.
ونَــجُدَ الأَمْرُ ينْــجُد نُجُوداً، وهو نَــجْدٌ وناجِدٌ: وضَحَ واستبان؛ وقال
أُمية:
تَرَى فيه أَنْباءَ القُرونِ التي مَضَتْ،
وأَخْبارَ غَيْبٍ في القيامةِ تَنْــجُد
ونــجَدَ الطرِيق ينْــجُد نُجُوداً: كذلك. ودليلٌ نَــجْدٌ: هادٍ ماهِرٌ.
وأَعطاه الأَرض بما نَــجَدَ منها أَي بما خرج. والنَّــجْدُ: ما يُنَضَّدُ به
البيت من البُسُط والوسائِد والفُرُشِ، والجمع نُجُود ونِجادٌ؛ وقيل: ما
يُنَــجَّدُ به البيت من المتاع أَي يُزَيَّن؛ وقد نَــجَّدَ البيت؛ قال ذو
الرمة:
حتى كأَنَّ رِياضَ القُفِّ أَلبَسَها،
مِن وَشْيِ عَبْقر، تَجْلِيلٌ وتَنْجِيدُ
أَبو الهيثم: النَّجَّاد الذي يُنَــجِّدُ البيوتَ والفُرُشَ والبُسُط.
وفي الصحاح: النجَّاد الذي يعالج الفرش والوِسادَ ويَخِيطُها. والنُّجُود:
هي الثياب التي تُنَــجَّدُ بها البيوت فتلبس حيطانها وتُبْسَطُ. قال:
ونَــجَّدْــتُ البيتَ بسطته بثياب مَوْشِيَّة. والتَّنْجِيد: التَّزْيِينُ. وفي
حديث عبد الملك: أَنه بعث إِلى أُمّ الدرداء بأَنْجادٍ من عنده؛
الأَنْجادُجمع نَــجَدٍ، بالتحريك، وهو متاع البيت من فُرُش ونَمارِقَ وستُور؛ ابن
سيده: والنَّجُود الذي يعالج النُّجُود بالنَّفْضِ والبَسْط والحشْوِ
والتَّنْضِيدِ. وبيت مُنَــجَّد إِذا كان مزيناً بالثياب والفُرش، ونُجُوده
ستوره التي تعلق على حِيطانِه يُزَين بها. وفي حديث قُسّ: زُخْرِف ونُــجِّدَ
أَي زُيِّنَ.
وقال شمر: أَغرب ما جاء في النَّجُود ما جاء في حديث الشُّورَى: وكانت
امرأَةً نَجُوداً، يريد ذاتَ رَأْي كأَنها التي تَجْهَدُ رأْيها في
الأُمور. يقال: نــجد نــجداً أَي جَهَدَ جَهْداً.
والمَنَاجِدُ: حَلْيٌ مُكَلَّلٌ بجواهِرَ بعضه على بعض مُزَيَّن. وفي
الحديث: أَنه رأَى امرأَة تَطُوفُ بالبيت عليها
(* قوله «امرأة تطوف بالبيت
عليها» في النهاية امرأة شيرة عليها، وشيرة، بشد الياء مكسورة، أي حسنة
الشارة والهيئة.) مَناجِدُ من ذهب فنهاها عن ذلك؛ قال أَبو عبيدة: أَراد
بالمناجد الحَلْيَ المُكَلَّلَ بالفصوص وأَصله من تنجيد البيت، واحدها
مِنْــجَد وهي قَلائِدُ من لُؤْلُؤ وذهَب أَو قَرَنْفُلٍ، ويكون عرضها شبراً
تأْخذ ما بين العنق إِلى أَسفل الثديين، سميت مَناجِدَ لأَنها تقع على
موضع نِجاد السيف من الرجل وهي حَمائِلُه.
والنَّجُود من الأُتُن والإِبِل: الطويلةُ العُنُقِ، وقيل: هي من الأُتن
خاصة التي لا تَحْمِل. قال شمر: هذا منكر والصواب ما روي في الأَجناس
عنه: النَّجُودُ الطويلة من الحُمُر. وروي عن الأَصمعي: أُخِذَتِ النَّجود
من النَّــجْد أَي هي مرتفعة عظيمة، وقيل: النجود المتقدمة، ويقال للناقة
إِذا كانت ماضية: نَجُود؛ قال أَبو ذؤيب:
فَرَمَى فأَنْفَذَ من نَجُودٍ عائِطِ
قال شمر: وهذا التفسير في النَّجُود صحيح والذي رُوي في باب حمر الوحْشِ
وهَم. والنَّجُود من الإِبل: المِغْزارُ، وقيل: هي الشديدة النَّفْس.
وناقة نَجُود، وهي تُناجِدُ الإِبلَ فَتَغْزُرُهُنَّ. الصحاح: والنَّجُود
من حُمُر الوحش التي لا تحمل، ويقال: هي الطويلة المشرفة، والجمع نُــجُد.
وناجَدَــتِ الإِبِلُ: غَزُرَتْ وكَثُر لبنها، والإِبلُ حينئذ بِكاءٌ
غَوازِرُ، وعبر الفارسي عنها فقال: هي نحو المُمانِحِ. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم، في حديث الزكاة حين ذَكَرَ الإِبل وَوَطْأَها يومَ
القيامة صاحِبَها الذي لم يُؤَدِّ زكاتها فقال: إِلاَّ مَنْ أَعْطَى في
نَــجْدَــتِها ورِسْلِها؛ قال: النَّــجْدَــةُ الشِّدَّةُ، وقيل: السِّمَنُ؛ قال أَبو
عبيدة: نــجدتها أَن تكثر شحومها حتى يمنعَ ذلك صاحِبَها أَن ينحرها نفاسة
بها، فذلك بمنزلة السلاح لها من ربها تمتنع به، قال: ورِسْلُها أَن لا
يكون لها سِمَن فيَهُونَ عليه إِعطاو ها فهو يعطيها على رِسْلِه أَي
مُسْتَهيناً بها، وكأَنَّ معناه أَن يعطيها على مشقة من النفس وعلى طيب منها؛
ابن الأَعرابي: في رِسْلِها أَي بطيب نفس منه؛ ابن الأَعرابي: في رِسْلِها
أَي بطيب نفس منه؛ قال الأَزهري: فكأَنّ قوله في نَــجْدتِها معناه أَن لا
تطِيبَ نفسُه بإِعطائها ويشتد عليه ذلك؛ وقال المرّار يصف الإِبل وفسره
أَبو عمرو:
لهمْ إِبِلٌ لا مِنْ دياتٍ، ولم تَكُنْ
مُهُوراً، ولا مِن مَكْسَبٍ غيرِ طائِلِ
مُخَيَّسَةٌ في كلِّ رِسْلٍ ونَــجْدةٍ،
وقد عُرِفَتْ أَلوانُها في المَعاقِلِ
الرِّسْل: الخِصْب. والنــجدة: الشدة. وقال أَبو سعيد في قوله: في
نَــجْدتها ما ينوب أَهلها مما يشق عليه من المغارم والديات فهذه نــجدة على صاحبها.
والرسل: ما دون ذلك من النــجدة وهو أَن يعقر هذا ويمنح هذا وما أَشبهه
دون النــجدة؛ وأَنشد لطرفة يصف جارية:
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عليها نَــجْدَــةً،
يا لَقَوْمي للشَّبابِ المُسْبَكِرْ
يقول: شق عليها النظرُ لنَعْمتها فهي ساجيةُ الطرْف. وفي الحديث عن أَبي
هريرة: أَنه سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: ما من صاحب إِبِل
لا يؤَدِّي حقَّها في نَــجْدتها ورِسْلِها ـ وقد قال رسول الله، صلى الله
عليه وسلم: نَــجْدتُها ورِسْلُها عُسْرُها ويُسْرُها ـ إِلا بَرَزَ لها
بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخْفافِها، كلما جازت عليه أُخْراها أُعِيدَتْ
عليه أُولاها في يوم كان مقدارُه خمسين أَلف سنة حتى يُقْضَى بين الناس،
فقيل لأَبي هريرة: فما حق الإِبِل؟ فقال: تُعْطِي الكرِيمةَ وتَمْنَعُ
الغَزيرةَ
(* قوله «وتمنع الغزيرة» كذا بالأصل تمنع بالعين المهملة ولعله
تمنح بالحاء المهملة) وتُفْقِرُ الظهر وتُطْرِقُ الفَحْل. قال أَبو منصور
هنا: وقد رويت هذا الحديث بسنده لتفسير النبي، صلى الله عليه وسلم،
نَــجْدَــتَها ورِسْلَها، قال: وهو قريب مما فسره أَبو سعيد؛ قال محمد بن المكرم:
انظر إِلى ما في هذا الكلام من عدم الاحتفال بالنطق وقلة المبالاة
بإِطلاق اللفظ، وهو لو قال إِن تفسير أَبي سعيد قريب مما فسره النبي، صلى الله
عليه وسلم، كان فيه ما فيه فلا سيما والقول بالعكس؛ وقول صخر الغيّ:
لوْ أَنَّ قَوْمي مِن قُرَيْمٍ رَجْلا،
لَمَنَعُوني نَــجْدَــةً أَو رِسْلا
أَي لمنعوني بأَمر شديد أَو بأَمر هَيِّنٍ.
ورجلٌ نَــجْد في الحاجة إِذا كان ناجياً فيها سريعاً.
والنَّــجْدة: الشجاعة، تقول منه: نَــجُد الرجلُ، بالضم، فهو نَــجِدٌ
ونَــجُدٌ ونَجِيدٌ، وجمع نَــجَِد أَنجاد مثل يَقَِظٍ وأَيْقاظٍ وجمع نَجِيد نُــجُد
ونُــجَداء. ابن سيده: ورجُل نَــجْدٌ ونَــجِدٌ ونَــجُد ونَجِيدٌ شجاع ماض
فيما يَعْجِزُ عنه غيره، وقيل: هو الشديد البأْس، وقيل: هو السريع الإِجابة
إِلى ما دُعِيَ إِليه خيراً كان أَو شرًّا، والجمع أَنْجاد. قال: ولا
يُتَوَهَّمَنَّ أَنْجاد جمع نجيد كَنَصيرٍ وأَنْصار قياساً على أَن فعْلاً
وفِعَالاً
(* قوله «على ان فعلاً وفعالاً» كذا بالأصل بهذا الضبط ولعل
المناسب على أن فعلاً وفعلاً كرجل وكتف لا يكسران أَي على أفعال، وقوله
لقلتهما في الصفة لعل المناسب لقلته أي أَفعال في الصفة لأنه إنما ينقاس في
الاسم) لا يُكَسَّران لقلتهما في الصفة، وإِنما قياسهما الواو والنون فلا
تحسَبَنّ ذلك لأَن سيبويه قد نص على أَن أَنْجاداً جمع نَــجُد ونَــجِد؛ وقد
نَــجُدَ نَجَادة، والاسم النَّــجْدَــة. واسْتَنْــجَد الرجلُ إِذا قوي بعد
ضعف أَو مَرَض. ويقال للرجل إِذا ضَرِيَ بالرجل واجترأَ عليه بعد
هَيْبَتِه: قد اسْتَنْــجَدَ عليه. والنَّــجْدَــةُ أَيضاً: القِتال والشِّدَّة.
والمُناجِدُ: المقاتل. ويقال: ناجَدْــت فلاناً إِذا بارزتَه لقِتال.
والمُنَــجَّدُ: الذي قد جرّب الأُمور وقاسَها فَعَقَلَها، لغة في المُنَجَّذِ.
ونَــجَّده الدهر: عجَمَه وعَلَّمَه، قال: والذال المعجمة أَعلى. ورجل مُنَــجَّد،
بالدال والذال جميعاً، أَي مُجَرَّب قد نَــجَّده الدهر إِذا جرّب وعَرَفَ.
وقد نَــجَّدتْه بعدي أُمور. ورجل نَــجِدٌ: بَيِّنُ النَّــجَد، وهو البأْس
والنُّصْرة وكذلك النَّــجْدة. ورجل نَــجْد في الحاجة إِذا كان ناجحاً فيها
ناجِياً. ورجل ذو نَــجْدة أَي ذو بأْس. ولاقَى فلان نَــجْدة أَي شِدَّة. وفي
الحديث: أَنه ذَكَر قارئَ القرآن وصاحِبَ الصَّدَقة، فقال رجل: يا رسول
الله أَرأَيتَكَ النَّــجْدة: الشجاعة. ورجل نَــجُدٌ ونَــجِد أَي شديد
البأْس. وفي حديث عليّ، رضوان الله عليه: أَما بنو هاشم فأَنْجادٌ أَمْجَاد
أَي أَشِداء شُجْعان؛ وقيل: أَنْجاد جمع الجمع كأَنه جمع نَــجُداً
(* قوله
«كأنه جمع نــجداً» إِلى قوله قال ابن الأثير كذا في النهاية) على نِجاد أَو
نُجُود ثم نُــجُدٍ ثم أَنجادٍ؛ قاله أَبو موسى؛ قال ابن الأَثير: ولا
حاجة إِلى ذلك لأَن أَفعالاً في فَعُل وفَعِل مُطَّرِد
(* قوله «لأن
أَفعالاً في فعل وفعل مطرد» فيه أن اطراده في خصوص الاسم وما هنا من الصفة) نحو
عَضُد وأَعْضاد وكَتِف وأَكْتاف؛ ومنه حديث خَيْفان: وأَما هذا الحي من
هَمْدان فأَنْجَاد بُسْل. وفي حديث عليّ: مَحاسِنُ الأُمور التي
تَفَاضلَتْ فيها المُــجَداء والنُّــجَداء، جمع مجيد ونجِيد، فالمجيد الشريف،
والنَّجِيد الشجاع، فعيل بمعنى فاعل. واسَتَنْــجَده فأَنْــجَدَــهُ: استغاثه
فأَغاثه. ورجل مِنْجادٌ: نَصُور؛ هذه عن اللحياني. والإِنجاد: الإِعانة.
واسْتَنْــجَده: استعانه. وأَنْــجَدَــه: أَعانه؛ وأَنْــجَده عليه: كذلك أَيضاً؛
وناجَدْــتُه مُناجَدةً: مثله. ورجل مُناجِد أَي مقاتل. ورجل مِنْجادٌ:
مِعْوانٌ. وأَنْــجَدَ فلان الدَّعْوةَ: أَجابها. المحكم: وأَنْــجَدَــه الدَّعْوَةَ
أَجابها
(* قوله «وأنــجده الدعوة أجابها» كذا في الأصل).
واسْتَنْــجَد فلان بفلان: ضَرِيَ به واجترأَ عليه بعد هَيْبَتِه إِياه.
والنَّــجَدُ: العَرَق من عَمَل أَو كَرْب أَو غيره؛ قال النابغة:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِه المَلاَّحُ مُعْتَصِماً
بالخَيْزُرانةِ، بَعْدَ الأَيْن والنَّــجَد
وقد نَــجِدَ يَنْــجَدُ ويَنْــجُدُ نَــجْداً، الأَخيرة نادرة، إِذا عَرِقَ من
عَمَل أَو كَرْب. وقد نُــجِدَ عَرَقاً، فهو منْجُود إِذا سال.
والمنْجُود: المكروب. وقد نُــجِد نَــجْداً، فهو منْجُودٌ ونَجِيدٌ، ورجل نَــجِدٌ:
عَرِقٌ؛ فأَما قوله:
إِذا نَضَخَتْ بالماءِ وازْدادَ فَوْرُها
نَجا، وهو مَكْرُوبٌ منَ الغَمِّ ناجِدُ
فإِنه أَشبع الفتحة اضطراراً كقوله:
فأَنتَ منَ الغَوائِلِ حينَ تُرْمَى،
ومِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتزاحِ
وقيل: هو على فَعِلَ كَعَمِلَ، فهو عامِلٌ؛ وفي شعر حميد بن ثور:
ونَــجِدَ الماءُ الذي تَوَرَّدا
أَي سالَ العَرَقُ. وتَوَرُّدُه: تَلَوُّنه. ويقال: نَــجِدَ يَنْــجَدُ
إِذا بَلُدَ وأَعْيَا، فهو ناجد ومنْجُود. والنَّــجْدة: الفَزَعُ والهَوْلُ؛
وقد نَــجُد. والمنْجُود: المَكْرُوبُ؛ قال أَبو زبيد يرثي ابن أُخته وكان
مات عطشاً في طريق مكة:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غَيرَ مُغاثٍ،
ولَقَدْ كانَ عُصْرَةَ المنْجُودِ
يريد المَغْلُوب المُعْيا والمَنْجُود الهالك. والنَّــجْدةُ: الثِّقَلُ
والشِّدَّةُ لا يُعْنَى به شدةُ النَّفْس إِنما يُعْنى به شدة الأَمر
عليه؛ وأَنشد بيت طرفة:
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْها نَــجْدَــةً
ونَــجَدَ الرجُلَ يَنْــجُدُــه نَــجْداً: غَلَبَه.
والنِّجادُ: ما وقع على العاتق من حَمائِلِ السيْفِ، وفي الصحاح: حمائل
السيف، ولم يخصص. وفي حديث أُمّ زرع: زَوْجِي طَوِيلُ النِّجاد؛
النِّجاد: حمائِلُ السيف، تريد طول قامته فإِنها إِذا طالتْ طالَ نِجادُه، وهو من
أَحسن الكنايات؛ وقول مهلهل:
تَنَــجَّدَ حِلْفاً آمِناً فأُمِنْتُه،
وإِنَّ جَدِــيراً أَن يَكُونَ ويكذبا
تَنَــجَّدَ أَي حَلَفَ يَمِيناً غَلِيظَةً. وأَنْــجَدَ الرجلُ: قَرُبَ من
أَهله؛ حكاها ابن سيده عن اللحياني.
والنَّاجُودُ: الباطية، وقيل: هي كل إِناءٍ يجعل فيه الخمر من باطية أَو
جَفْنةٍ أَو غيرها، وقيل: هي الكَأْسُ بعينها. أَبو عبيد: الناجود كل
إِناءٍ يجعل فيه الشراب من جَفْنة أَو غيرها. الليث: الناجُودُ هو
الرّاوُوقُ نَفْسُه. وفي حديث الشعبي: اجتمع شَرْبٌ من أَهل الأَنبار وبين
أَيديهم ناجُودُ خَمْرٍ أَي راوُوقٌ، ويقال للخمر: ناجود. وقال الأَصمعي:
النَّاجُودُ أَول ما يخرج من الخمر إِذا بُزِلَ عنها الدنُّ، واحتج بقول
الأَخطل:
كأَنَّما المِسْكُ نُهْبَى بَيْنَ أَرْحُلِنا،
مِمَّا تَضَوَّعَ مِنْ ناجُودِها الجاري
فاحتج عليه بقول علقمة:
ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ في الناجُودِ، يُصْفِقُها
وَلِيدُ أَعْجَمَ بالكَتَّانِ مَلْثُومُ
يُصْفِقُها: يُحَوِّلُها من إِناءٍ إِلى إِناء لِتَصْفُوَ. الأَصمعي:
الناجُودُ الدَّمُ. والناجودُ: الزعفران. والناجودُ: الخَمْرُ، وقيل: الخمر
الجَيِّدُ، وهو مذكر؛ وأَنشد:
تَمَشَّى بَيْننا ناجُودُ خَمْر
اللحياني: لاقَى فُلانٌ نَــجْدَــةً أَي شِدّة، قال: وليس من شدة النفس
ولكنه من الأَمر الشديد.
والنَّــجْد: شجر يشبه الشُّبْرُمَ في لَوْنِه ونَبْتِه وشوكه.
والنَّــجْدُ: مكان لا شجر فيه.
والمِنــجَدَــةُ: عَصاً تُساقُ بها الدواب وتُحَثُّ على السير ويُنْفَشُ
بها الصّوفُ. وفي الحديث: أَنه أَذن في قَطْعِ المِنْــجَدةِ، يعني من شجر
الحَرَمِ، هو من ذلك.
وناجِدٌ ونَــجْدٌ ونُجَيْدٌ ومِناجِدٌ ونَــجْدَــةُ: أَسماء. والنَّــجَداتُ:
قوم من الخوارج من الحَرُورِيَّة ينسبون إِلى نَــجْدة بنِ عامِرٍ
الحَرُوريّ الحَنَفِيّ، رجل منهم، يقال: هؤلاء النــجَداتُ. والنَّــجَدِــيَّة: قوم من
الحرورية. وعاصِمُ بن أَبي النَّجُودِ: من القُرّاء.
جدب: الــجَدْــبُ: الـمَحْل نَقِيضُ الخِصْبِ. وفي حديث الاسْتِسْقاءِ: هَلَكَتِ الـمَواشِي وأَــجْدَــبَتِ البِلادُ، أَي قَحِطَتْ وغَلَتِ
الأَسْعارُ. فأَما قول الراجز، أَنشده سيبويه:
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَــبَّا * في عامِنا ذا، بَعدَما أَخْصَبَّا
فإنه أَراد جَدْــباً، فحرَّكَ الدالَ بحركة الباءِ، وحذَف الأَلف على حدِّ قولك: رأَيت زَيْدْ، في الوقف. قال ابن جني: القول فيه أَنه ثَقَّلَ الباءَ، كما ثَقَّل اللام في عَيْهَلِّ في قوله:
بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِّ
فلم يمكنه ذلك حتى حَرَّك الدال لَـمّا كانت ساكنة لا يَقعُ بعدها
الـمُشدَّد ثم أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ ونحوها. ويروى أَيضاً جَدْــبَبَّا،
وذلك أَنه أَراد تثقيل الباء، والدالُ قبلها ساكنة، فلم يمكنه ذلك، وكره أَيضاً تحريك الدال لأَنّ في ذلك انْتِقاضَ الصِّيغة، فأَقَرَّها على سكونها، وزاد بعد الباءِ باءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الوزن. فإِن قلت: فهل تــجد في قوله جَدْــبَبَّا حُجَّةً للنحويين على أَبي عثمان في امْتناعه مـما أَجازوه بينهم من بنائهم مثل فَرَزْدَق من ضَرَبَ، ونحوه ضَرَبَّبٌ، واحْتِجاجِه في ذلك لأَنه لم يَــجِدْ في الكلام ثلاث لامات مُتَرادفةٍ على الاتِّفاق، وقد قالوا جَدْــبَبَّا كما ترى، فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة؛ فالجواب أَنه لا حجة على أَبي عثمان للنحويين في هذا مِن قِبَل أَن هذا شيءٌ عرَضَ في الوَقْف، والوَصْلُ مُزِيلهُ. وما كانت هذه حالَه لم
يُحْفَلْ به، ولم يُتَّخذْ أَصلاً يُقاسُ عليه غيره. أَلا ترى إِلى
إِجماعهم على أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يَفْسُد ذلك بقول بعضهم في الوقف: هذه أَفْعَوْ، وهو الكَلَوْ، من حيث كان هذا بدلاً جاءَ به الوَقْفُ، وليس ثابتاً في الوصل الذي عليه الـمُعْتَمَد والعَملُ، وإِنما هذه الباءُ المشدّدة في جَدْــبَبَّا زائدة للوقف، وغيرِ ضَرورة الشعر، ومثلها قول جندل:
جارِيةٌ ليست من الوَخْشَنِّ،
لا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ،
إِلا ببَتٍّ واحـــــدٍ بَتَّـــــنِّ،
كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها الـمُسْتَنِّ
قُطْنُنَّةٌ من أَجْــــودِ القُطْنُنِّ
فكما زاد هذه النوناتِ ضرورة كذلك زاد الباءَ في جَدبَبَّا ضرورة، ولا اعتِداد في الموضعين جميعاً بهذا الحَرْف الـمُضاعَف. قال: وعلى هذا أَيضاً عندي ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الراجز:
لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حيث ادْهَمَّما
أَراد: ادْهَمَّ، فزاد ميماً أُخرى. قال وقال لي أَبو علي في جَدْــبَبَّا: إِنه بنى منه فَعْلَلَ مثل قَرْدَدَ، ثم زاد الباءَ الأَخيرة كزيادة الميم في الأَضْخَمَّا. قال: وكما لا حجة على أَبي عثمان في قول الراجز جَدْــبَبَّا كذلك لا حجة للنحويين على الأَخفش في قوله: إِنه يُبْنَى من ضرب مثل اطْمأَنَّ، فتقول: اضْرَبَبَّ. وقولهم هم اضْرَبَّبَ، بسكون اللام الأُولى بقول الراجز، حيث ادْهَمَّما ، بسكون الميم الأُولى، لأَنّ له أَن يقول إِن هذا إِنما جاءَ لضرورة القافية، فزاد على ادْهَمَّ، وقد تراه ساكن الميم الأُولى، ميماً ثالثة لإِقامة الوزن، وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أَيضاً في قول الآخر:
إِنَّ شَكْلي، وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى، * فالْزَمي الخُصَّ، واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بتسكين اللام الوسطى، لأَن هذا أَيضاً إِنما زاد
ضاداً، وبنى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ. على أَن قوله تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ من قوله ادْهَمَّمَا. لأَن مع الفعل في تَبْيَضِضِّي الياء التي هي ضمير الفاعل، والضمير الموجود في اللفظ، لا يُبنى مع الفعل إِلا والفعل على أَصل بِنائه الذي أُريد به، والزيادةُ لا تكاد تَعْتَرِضُ بينهما نحو ضرَبْتُ وقتلْتُ، إِلا أَن تكون الزيادة مَصُوغة في نفس المثال غير مُنْفَكَّةٍ في التقدير منه، نحو سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ. ومن الزيادة للضرورة قول الآخر:
باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام،
والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ،
مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ يريد لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ. قال: وأَمـّا من رواه جِدَــبَّا، فلا نظر في روايته لأَنه الآن فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ.
قال: وجَدُــبَ المكان جُدُــوبةً، وجَدَــبَ، وأَــجْدَــبَ، ومكانٌ جَدْــبٌ
وجَدِــيبٌ: بَيِّن الــجُدوبةِ ومَــجْدوبٌ، كَأَنه على جُدِــبَ وإِن لم يُستعمل. قال سَلامةُ بن جَنْدل:
كُنَّا نَحُلُّ، إِذا هَبَّتْ شآمِيةً، * بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ، مَــجْدُــوبِ
والأَــجْدَــبُ: اسم للـمُــجْدِــب. وفي الحديث: كانت فيها أَجادِبُ
أَمْسَكَتِ الماءَ؛ على أَن أَجادِبَ قد يكون جمعَ أَــجْدُــب الذي هو جمع جَدْــبٍ.
قال ابن الأَثير في تفسير الحديث: الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ التي تُمْسِك الماءَ، فلا تَشْرَبه سريعاً. وقيل: هي الأَراضي التي لا نَباتَ بها مأْخُوذ من الــجَدْــبِ، وهو القَحْطُ، كأَنه جمعُ أَــجْدُــبٍ، وأَــجْدُــبٌ جمع جَدْــبٍ، مثل كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ. قال الخطابي: أَما أَجادِبُ فهو غلط وتصحيف، وكأَنه يريد أَنّ اللفظة أَجارِدُ، بالراءِ والدال. قال: وكذلك ذكره أَهل اللغة والغريب. قال: وقد روي أَحادِبُ، بالحاء المهملة. قال ابن الأَثير: والذي جاءَ في الرواية أَجادِبُ، بالجيم. قال: وكذلك جاءَ في صحيحَي البخاري ومسلم.
وأَرض جَدْــبٌ وجَدْــبةٌ: مُــجْدِــبةٌ، والجمع جُدُــوبٌ، وقد قالوا:
أَرَضُونَ جَدْــبٌ، كالواحد، فهو على هذا وَصْفٌ بالمصدر. وحكى اللحياني: أَرضٌ جُدُــوب، كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منها جَدْــباً ثم جمعوه على هذا.
وفَلاةٌ جَدْــباءُ: مُــجْدِــبةٌ. قال:
أَوْ في فَلاَ قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ، * مُــجْدِــبةٍ، جَدْــباءَ، عَرْبَسِيسِ
والــجَدْــبةُ: الأَرض التي ليس بها قَلِيلٌ ولا كثير ولا مَرْتَعٌ ولا
كَلأٌ.
وعامٌ جُدُــوبٌ، وأَرضٌ جُدُــوبٌ، وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب، وهو ما
حَوْلَه.وأَــجْدَــبَ القَوْمُ: أَصابَهُمُ الــجَدْــبُ. وأَــجْدَــبَتِ السَّنةُ: صار
فيها جَدْــبٌ.
وأَــجْدَــبَ أَرْضَ كَذا: وجَدَــها جَدْــبةً، وكذلك الرَّجُلُ. وأَــجْدَــبَتِ
الأَرضُ، فهي مُــجْدِــبةٌ، وجَدُــبَتْ.
وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذا كان العامُ مَحْلاً، فصارَتْ لا
تأْكُل إِلا الدَّرينَ الأَسْوَدَ، دَرِينَ الثُّمامِ، فيقال لها حينئذ: جادَبَتْ.
ونزلنا بفلان فأَــجْدَــبْناه إِذا لم يَقْرِهمْ.
والمِــجْدابُ: الأَرضُ التي لا تَكادُ تُخْصِب، كالمِخْصاب، وهي التي لا تكاد تُــجْدِــبُ.
والــجَدْــبُ: العَيْبُ.
وجَدَــبَ الشَّيءَ يَــجْدِــبهُ جَدْــباً: عابَه وذَمَّه.
وفي الحديث: جَدَــب لنا عُمَرُ السَّمَر بعد عَتَمةٍ، أَي عابَه وذَمَّه.
وكلُّ عائِبٍ، فهو جادِبٌ. قال ذو الرمة:
فَيا لَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ، ومَنْطِقٍ * رَخِيمٍ، ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُه
يقول: لا يَــجِدُ فيه مَقالاً، ولا يَــجِدُ فيه عَيْباً يَعِيبه به، فيَتَعَلَّلُ بالباطلِ وبالشيءِ يقولُه، وليس بِعَيْبٍ.
والجادِبُ: الكاذِبُ. قال صاحب العين: وليس له فِعْلٌ، وهو تصحيف.
والكاذبُ يقال له الخادب، بالخاءِ. أَبو زيد: شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ. وأَما الجادب، بالجيم، فالعائب.
والجُنْدَبُ: الذَّكر من الجَراد. قال: والجُنْدُبُ والجُنْدَبُ أَصْغَرُ من الصَّدى، يكون في البَرارِي. وإِيَّاه عَنى ذو الرمة بقوله:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ، * إِذا تَجَاوبَ، من بُرْدَيْهِ، تَرْنِيمُ
وحكى سيبويه في الثلاثي: جِنْدَب(1)
(1 قوله «في الثلاثي جندب» هو بهذا الضبط في نسخة عتيقة من المحكم.) ، وفسره السيرافي بأَنه الجُنْدب.
وقال العَدَبَّسُ: الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِزُ
ويَطِيرُ، والناس يرونه الجُنْدَبَ وإِنما هو الصَّدى، فأَمـَّا الجُنْدب
فهو أَصغر من الصدى. قال الأَزهري: والعرب تقول صَرَّ الجُنْدَبُ، يُضرب مثلاً للأَمر يشتدّ حتى يُقْلِقَ صاحِبَه. والأَصل فيه: أَن الجُنْدبَ إِذا رَمِضَ في شدّة الحر لم يَقِرَّ على الأرض وطار، فَتَسْمَع لرجليه صَرِيراً، ومنه قول الشاعر:
قَطَعْتُ، إِذا سَمِعَ السَّامِعُون، * مِن الجُنْدبِ الجَوْنِ فيها، صَريرا
وقيل الجُندب: الصغير من الجَراد. قال الشاعر:
يُغالِينَ فيه الجَزْءَ لَولا هَواجِرٌ، * جَنادِبُها صَرْعَى، لَهُنّ فَصِيصُ(2)
(2 قوله «يغالين» في التكملة يعني الحمير. يقول ان هذه الحمير تبلغ الغاية في هذا الرطب أي بالضم والسكون فتستقصيه كما يبلغ الرامي غايته. والجزء الرطب. ويروى كصيص.)
أَي صَوتٌ. اللحياني: الجُنْدَبُ دابَّة، ولم يُحَلِّها(3)
(3 أراد أنه لم يُعطها حليةً تميّزها، والحلية هي ما يرى من لون الشخص وظاهرهِ وهيئتهِ.). والجُنْدَبُ والجُنْدُبُ، بفتح الدال وضمها: ضَرْبٌ من الجَراد واسم رجل. قال سيبويه: نونها زائدة. وقال عكرمة في قوله تعالى: فأَرْسَلْنا عليهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ.
القُمَّلُ: الجَنادِبُ، وهي الصِّغار من الجَراد، واحِدتُها قُمَّلةٌ.
وقال: يجوز أَن يكون واحد القُمَّلِ قامِلاً مثل راجِعٍ ورُجَّعٍ. وفي
الحديث: فَجَعَلَ الجَنادِبُ يَقَعْنَ فيه؛ هو جَمعُ جُنْدَب، وهو ضَرْبٌ
مِن الجَراد. وقيل: هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: كان يُصَلي الظُّهرَ، والجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاءِ أَي تَثِبُ.
وأُمُّ جُنْدَبٍ: الداهِيةُ، وقيل الغَدْرُ، وقيل
الظُّلم. وركِبَ فُلان أُمَّ جُنْدَبٍ إِذا رَكِبَ الظُّلْمَ. يقال: وقع القوم في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا ظُلِموا كأَنها اسمٌ من أَسماءِ الإِساءة والظُّلْمِ والداهِيةِ.
غيره: يقال وقع فلان في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا وقَع في داهيةٍ؛ ويقال: وَقَع القوم بأُم جندب إِذا ظَلَموا وقَتَلُوا غيرَ قاتِلٍ. وقال الشاعر:
قَتَلْنا به القَوْمَ، الذين اصْطَلَوْا به * جِهاراً، ولم نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
أَي لم نَقْتُلْ غير القاتِلِ.
جدل: الــجَدْــل: شِدَّة الفَتْل. وجَدَــلْتُ الحَبْلَ أَــجْدِــلُه جَدْــلاً
إِذا شددت فَتْله وفَتَلْتَه فَتْلاً مُحْكَماً؛ ومنه قيل لزمام الناقة
الــجَدِــيل. ابن سيده: جدل الشيءَ يَــجْدُــله ويَــجْدِــله جَدْــلاً أَحكم فَتْله؛
ومنه جارية مَــجْدُــولة الخَلْق حَسَنة الــجَدْــل. والــجَدِــيل: الزمام المــجدول
من أَدم؛ ومنه قول امرئ القيس:
وكَشْحٍ لطيفٍ كالــجَدِــيل مُخَصَّرٍ،
وسَاقٍ كأُنْبُوب السَّقِيِّ المُذلَّل
قال: وربما سُمِّي الوِشاح جَدِــيلاً؛ قال عبد افيفي بن
عجلان النهدي:
جَديدة سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنَّها
سَقِيّة بَرْدَيٍّ نَمَتْها غُيُولها
كأَنَّ دِمَقْساً أَو فُروعَ غَمامةٍ،
على مَتْنِها، حيث اسْتَقَرَّ جَديلُها
وأَنشد ابن بري لآخر:
أَذكَرْت مَيَّةَ إِذ لها إِتْبُ،
وجَدَــائلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
والــجَدِــيل: حَبْل مفتول من أَدم أَو شعر يكون في عُنق البعير أَو
الناقة، والجمع جُدُــلٌ، وهو من ذلك. التهذيب: وإِنه لَحَسن الأَدَم وحَسَن
الــجَدْــل إِذا كان حسن أَسْرِ الخَلْق. وجُدُــول الإِنسان: قَصَبُ اليدين
والرجلين.
والــجَدْــل والــجِدْــل: كل عَظْم مُوَفَّر كما هو لا يكسَر ولا يُخْلَط به
غيرُه. والــجِدْــل: العضو، وكل عضو جِدْــل، والجمع أَــجْدال وجُدُــول، وقيل: كل
عظم لم يكسر جَدْــل وجِدْــل. وفي حديث عائشة، رضي افيفي عنها: العَقِيقة
تُقْطَع جُدُــولاً لا يُكْسَر لها عَظْم؛ الــجدُــول: جمع جَدْــل وجِدْــل، بالفتح
والكسر، وهو العضو.
ورجل مَــجْدول، وفي التهذيب: مَــجْدول الخَلْق لَطيف القَصَب مُحْكَم
الفَتْل. والمــجدول: القَضِيف لا من هُزَال. وغلام جادل: مُشْتَدّ. وساقٌ
مَــجْدولة وجدْــلاء: حَسنَة الطَّيِّ، وساعد أَــجْدَــل كذلك؛ قال الجعدي:
فأَخْرَجَهم أَــجْدَــلُ السَّاعِدَيْـ
نِ، أَصْهَبُ كالأَسَدِ الأَغْلَب
وجَدَــل وَلَدُ الناقة والظبية يَــجْدُــل جُدُــولاً: قَوِي وتَبِع أُمه.
والجَادِل من الإِبل: فَوْقَ الرَّاشِح، وكذلك من أَولاد الشَّاءٍ، وهو الذي
قد قَوِي ومَشى مع أُمه، وجَدَــل الغلام يَــجْدُــل جُدُــولاً واجْتَدل كذلك.
والأَــجدَــل: الصَّقْر، صفة غالبة، وأَصله من الــجَدْــل الذي هو الشِّدَّة،
وهي الأَجادِل، كَسَّروه تكسير الأَسماءِ لغلبة الصفة، ولذلك جعله سيبوبه
مما يكون صفة في بعض الكلام واسماً في بعض اللغات، وقد يقال للأَــجدل
أَــجْدَــليٌّ، ونظيره عَجَمِيٌّ وأَعْجَمِيٌّ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
كأَنَّ بَني الدعماءِ، إِذ لَحِقُوا بِنا،
فِراخُ القَطَا لاقَيْنَ أَــجْدَــلَ بازِيَا
الليث: إِذا جَعَلْت الأَــجْدل نعتاً قلت صَقْر أَــجْدَــل وصُقُور جُدْــل،
وإِذا تركته اسماً للصَّقْر قلت هذا الأَــجْدَــل وهي الأَجادل، لأَن
الأَسماء التي على أَفْعَل تجمع على فُعْل إِذا نُعِت بها، فإِذا جعلتها أَسماء
مَحْضة جمعت على أَفَاعل؛ وأَنشد أَبو عبيد:
يَخُوتُونَ أُخْرى القَوْم خَوْتَ الأَجَادل
أَبو عبيد: الأَجادل الصُّقُور، فإِذا ارتفع عنه فهو جادل. وفي حديث
مطرف: يَهْوِي هُوِيَّ الأَجادل؛ هي الصقور، واحدها أَــجدل والهمزة فيه
زائدة. والأَــجدل: اسم فرس أَبي ذَرٍّ الغِفاري، رحمه افيفي ، على التشبيه بما
تقدم.
وجَدَــالة الخَلْق: عَصْبُه وطَيُّه؛ ورَجل مَــجْدول وامرأَة مــجدولة.
والــجَدَــالة: الأَرض لشِدَّتها، وقيل: هي أَرض ذات رمل دقيق؛ قال الراجز:
قد أَرْكَب الآلَةَ بعد الآله،
وأَتْرُك العَاجِزَ بالــجَدَــاله
والــجَدْــل: الصَّرْع. وجَدَــله جَدْــلاً وجَدَّــله فانْــجدل وتَــجَدَّــل:
صَرَعه على الــجَدَــالة وهو مــجدول، وقد جَدَــلْتُه جَدْــلاً، وأَكثر ما يقال
جَدَّــلْته تَــجْديلاً، وقيل للصَّرِيع مُــجَدَّــل لأَنه يُضْرَع على الــجَدَــالة.
الأَزهري: الكلام المعتمد: طَعَنَه فَــجَدَّــله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: أَنا خاتم النبيين في أُم الكتاب وإِن آدم
لَمُنْــجَدِــل في طينته؛ شمر: المنــجدل الساقط، والمُــجَدَّــل المُلْقى بالــجَدَــالة،
وهي الأَرض؛ ومنه حديث ابن صياد: وهو مُنْــجَدِــل في الشمس، وحديث علي حين
وقف على طلحة وهو قتيل فقال: أَعْزِزْ عَلَيَّ أَبا محمد أَن أَراك
مُــجَدَّــلاً تحت نُجوم السماء أَي مُلْقىً على الأَرض قَتيلاً. وفي حديث معاوية
أَنه قال لصعصعة: ما مرَّ عليك جَدَّــلتْه أَي رميته وصرعته؛ وقال
الهذلي:مُــجَدَّــل يَتَكَسَّى جِلْدُه دَمَه،
كما تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمة القُطُلُ
يقال: طعنه فــجدَــله أَي رماه بالأَرض فانــجدل سَقَط. يقال: جَدَــلتْه،
بالتخفيف، وجَدَّــلته، بالتشديد، وهو أَعم. وعَنَاق جَدْــلاء: في أُذُنها
قِصَر. والــجَدَــالة: البَلْحة إِذا اخْضَرَّت واستدارت، والجمع جَدَــالٌ؛ قال
بعض أَهل البادية ونسبه ابن بري للمخبل السعدي:
وسارت إِلى يَبْرِينَ خَمْساً، فأَصْبَحَتْ
يَخِرُّ على أَيدي السُّقَاة جَدَــالُها
قال أَبو الحسن: قال لي أَبو الوفاء الأَعرابي جَدَــالها ههنا أَولادُها،
وإِنما هو للبلح فاستعاره. قال ابن الأَعرابي: الــجَدَــالة فوق البَلَحة،
وذلك إِذا جَدَــلَتْ نَوَاتُها أَي اشتدَّت، واشتُقَّ جُدول، ولد الظبية،
من ذلك؛ قال: ولا أَدري كيف قال إِذا جَدَــلَت نواتها لأَن الــجَدَــالة لا
نواة لها، وقال مرَّة: سمِّيت البُسْرَة جَدَــالة لأَنها تشتد نواتها
وتستتم قبل أَن تُزْهِي، شبهت بالــجَدَــالة وهي الأَرض. الأَصمعي: إِذا اخضرَّ
حَبُّ طَلْع النخيل واستدار قبل أَن يشتد فإِن أَهل نــجد يسمونه الــجَدَــال.
وجَدَــل الحَبُّ في السنبل يَــجْدُــل: وقع فيه؛ عن أَبي حنيفة، وقيل قَوِي.
والمِــجْدَــل: القَصْر المُشْرِف لوَثَاقَة بنائه، وجمعه مَجَادل؛ ومنه قول
الكميت:
كَسَوْتُ العِلافِيَّاتِ هُوجاً كأَنَّها
مَجَادِلُ، شدَّ الراصفون اجْتِدَالَها
والاجتدال: البنيان، وأَصل الــجَدْــل الفَتْل؛ وقال ابن بري: ومثله لأَبي
كبير:
في رأُس مُشْرِفة القَذال، كأَنما
أَطْرُ السحابِ بها بَياضُ المِــجْدَــل
وقال الأَعشى:
في مِــجْدَــلٍ شُدِّدَ بنيانُه،
يَزِلُّ عنه ظُفُرُ الطائر
(* في الصحاح: شيّد)
ودِرْع جَدْــلاءُ ومَــجْدولة: مُحْكَمة النسج. قال أَبو عبيد: الــجَدْــلاء
والمــجدولة من الدروع نحوُ المَوْضونة وهي المنسوجة، وفي الصحاح: وهي
المحكمة؛ وقال الحطيئة:
فيه الجِيَادُ، وفيه كل سابغة
جَدْــلاءُ مُحْكمة من نَسْج سَلاَّم
الليث: جمع الــجَدْــلاء جُدْــل. وقد جُدِــلَت الدروعُ جُدْــلاً إِذا أُحكمت.
شمر: سمِّيت الدُّروع جَدْــلاً ومــجدولة لإِحكام حَلَقِها كما يقال حَبْل
مــجدول مفتول؛ وقول أَبي ذؤَيب:
فهن كعِقْبان الشَّرِيج جَوَانِحٌ،
وهم فوقها مُسْتَلْئِمو حَلَق الــجَدْــل
أَراد حَلَق الدرع المــجدولة فوضع المصدر موضع الصفة الموضوعة موضع
المَوصوف. والــجَدْــل: أَن يُضْرب عُرْضُ الحَديد حتى يُدَمْلَج، وهو أَن تضرب
حروفه حتى تستدير. وأُذُن جَدْــلاء: طويلة ليست بمنكسرة، وقيل: هي
كالصَّمْعاءِ إِلاَّ أَنها أَطول، وقيل: هي الوَسَط من الآذان.
والــجِدْــل والــجَدْــل: ذَكَر الرجل، وقد جَدَــل جُدولاً فهو جَدِــل وجَدْــل
عَرْدٌ؛ قال ابن سيده: وأُرى جَدِــلاً على النسب. ورأَيت جَدِــيلَةَ رَأْيه
أَي عزيمتَه. والــجَدَــل: اللَّدَدُ في الخُصومة والقدرةُ عليها، وقد جادله
مجادلة وجِدالاً. ورجل جَدِــل ومِــجْدَــل ومِــجْدال: شديد الــجَدَــل. ويقال:
جادَلْت الرجل فــجَدَــلته جَدْــلاً أَي غلبته. ورجل جَدِــل إِذا كان أَقوى في
الخِصام. وجادَله أَي خاصمه مُجادلة وجِدالاً، والاسم الــجَدَــل، وهو شدَّة
الخصومة. وفي الحديث: ما أُوتَي الــجَدَــل قومٌ إِلاَّ ضَلُّوا؛ الــجَدَــل:
مقابلة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والمراد به في
الحديث الــجَدَــلُ على الباطل وطَلَبُ المغالبة به لا إَظهار الحق فإِن ذلك
محمود لقوله عز وجل: وجادلهم بالتي هي أَحسن. ويقال: إِنه لَــجَدِــل إِذا كان
شديد الخِصام، وإِنه لمــجدول وقد جادل. وسورة المُجادَلة: سورة قد سمع الله
لقوله: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إِلى الله؛ وهما
يَتَجادلان في ذلك الأَمر. وقوله تعالى: ولا جِدال في الحج؛ قال أَبو
إِسحق: قالوا معناه لا ينبغي للرجل أَن يجادل أَخاه فيخرجه إِلى ما لا ينبغي.
والمَــجْدَــل: الجماعة من الناس؛ قال ابن سيده: أُراه، لأَن الغالب عليهم
إِذا اجتمعوا أَن يتجادلوا؛ قال العجاج:
فانْقَضَّ بالسَّيْر ولا تَعَلَّلِ
بِمَــجْدَــل، ونِعْم رأْسُ المَــجْدَــلِ
والــجَدِــيلة: شَرِيجة الحمام ونحوها، ويقال لصاحب الــجَدِــيلة: جَدَّــال،
ويقال: رجل جَدَّــال بَدَّال منسوب إِلى الــجَدِــيلة التي فيها الحَمام.
والــجَدَّــال: الذي يَحْصُر الحَمام في الــجَدِــيلة. وحَمام جَدَــليٌّ: صغير ثقيل
الطيران لصغره. ويقال للرجل الذي يأْتي بالرأْي السَّخِيف: هذا رأْي
الــجَدّــالين والبَدّالين، والبَدَّال الذي ليس له مال إِلاَّ بقدر ما يشتري به
شيئاً، فإِذا باعه اشترى به بَدَلاً منه فمسي بَدَّالاً. والــجَدِــيلة:
القَبِيلة والناحية. وجَدِــيلة الرجل وجَدْــلاؤُه: ناحيته. والقوم على جَدِــيلة
أَمرهم أَي على حالهم الأَول. وما زال على جَدِــيلة واحدة أَي على حال
واحدة وطريقة واحدة. وفي التنزيل العزيز: قل كُلٌّ يعمَلُ على شاكِلَتِه؛
قال الفراء: الشاكلة الناحية والطريقة والــجَدِــيلة، معناه على جَدِــيلته أَي
طريقته وناحيته؛ قال: وسمعت بعض العرب يقول: وعَبْدُ الملك إِذ ذاك على
جَدِــيلته وابن الزبير على جَدِــيلته، يريد ناحيته. ويقال: فلان على
جَدِــيلته وجَدْــلائه كقولك على ناحيته. قال شمر: ما رأَيت تصحيفاً أَشبه بالصواب
مما قرأَ مالك بن سليمان عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: قل كلٌّ يعمل
على شاكِلَته، فصحَّف فقال على حَدٍّ يَلِيه، وإِنما هو على جَدِــيلته أَي
ناحيته وهو قريب بعضه من بعض. والــجَدِــيلة: الشاكلة. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: كَتَب في العبد إِذا غزا على جَدِــيلته لا ينتفع مولاه بشيء من
خدمته فأَسْهِم له؛ الــجَدِــيلة: الحالة الأُولى. وركب جَدِــيلة رأْيه أَي
عَزيمَته، أَراد أَنه إِذا غَزا منفرداً عن مولاه غير مشغول بخدمته عن الغزو.
والــجَدِــيلة: الرَّهْط وهي من أَدَم كانت تُصنع في الجاهلية يأْتَزِر بها
الصبيان والنساء الحُيَّض.
ورجل أَــجْدَــل المَنْكِب: فيه تَطَأْطؤ وهو خلاف الأَشْرَف من المناكب؛
قال الأَزهري: هذا خطأْ والصواب بالحاء، وهو مذكور في موضعه، قال: وكذلك
الطائر، قال بعضهم: به سُمِّي الأَــجْدَــل والصحيح ما تقدم من كلام
سيبويه.ابن سيده: الــجَدِــيلة الناحية والقبيلة. وجَدِــيلة: بطن من قيس منهم فَهْم
وعَدْوان، وقيل: جَدِــيلة حيٌّ من طيِّء وهو اسم أُمهم وهي جَدِــيلة بنت
سُبَيْع ابن عمرو بن حِمَيْر، إِليها ينسبون، والنسبة إِليهم جَدَــليٌّ مثل
ثَقَفيٍّ.
وجَدِــيل: فَحْل لمَهْرة بن حَيْدان، فأَما قولهم في الإِبل جَدَــلية
فقيل: هي منسوبة إِلى هذا الفحل، وقيل: إِلى جَديلة طيِّء، وهو القياس، وينسب
إِليهم فيقال: جَدَــلِيٌّ. الليث: وجَدِــيلة أَسَدٍ قبيلة أُخرى. وجَدِــيل
وشَدْقَم: فَحْلان من الإِبل كانا للنعمان ابن المنذر.
والــجَدْــوَل: النهر الصغير، وحكى ابن جني جِدْــوَل، بكسر الجيم، على مثال
خِرْوَع. الليث: الــجَدْــوَل نهر الحوض ونحو ذلك من الأَنهار الصغار يقال
لها الــجَداوِل. وفي حديث البراء في قوله عز وجل: قد جعل ربك تحتك
سَرِيًّا، قال: جَدْــوَلاً وهو النهر الصغير. والــجَدْــوَل أَيضاً: نهر
معروف.
جدف: جَدَــفَ الطائِرُ يَــجْدِــفُ جُدُــوفاً إذا كان مَقْصُوصَ الجناحين
فرأَيته إذا طار كأَنه يَرُدُّهما إلى خَلْفه؛ وأَنشد ابن بري للفرزدق:
ولو كنتُ أَخْشى خالداً أَنْ يَرُوعَني،
لَطِرْتُ بوافٍ ريشُه غيرِ جادِفِ
وقيل: هو أَن يَكْسِرَ من جناحه شيئاً ثم يَميلَ عند الفَرَقِ من
الصَّقْر؛ قال:
تُناقِضُ بالأَشْعارِ صَقْراً مُدَرَّباً،
وأَنتَ حُبارَى خِيفَةَ الصَّقْرِ تَــجْدِــفُ
الكسائي: والمصدرُ من جَدَــفَ الطائرُ الــجَدْــفُ، وجناحا الطائر
مِــجْدافاه، ومنه سمي مِــجْداف السَّفينة. ومــجداف السفينة، بالدال والذال جميعاً،
لغتان فصيحتان. ابن سيده: مِــجْداف السفينة خشبة في رأْسها لَوْحٌ عَرِيضٌ
تُدْفَعُ بها، مُشتَقٌ من جَدَــفَ الطائرُ، وقد جَدَــفَ الـمَلاَّحُ السفينة
يَــجْدِــفُ جَدْــفاً. أَبو عمرو: جَدَــف الطائرُ وجَدَــفَ الملاَّحُ
بالمِــجْدافِ، وهو الـمُرْدِيُّ والمِقْذَفُ والمِقْذافُ. أَبو المِقْدامِ
السُّلَمِيُّ: جَدَــفَتِ السماءُ بالثلج وجَذَفَتْ تَجْذِفُ إذا رَمَتْ
به.والأَــجْدَــفُ: القَصِيرُ؛ وأَنشد:
مُحِبٌّ لِصُغْراها، بَصِيرٌ بنَسْلِها،
حَفِيظٌ لأُخْراها، حُنَيِّفُ أَــجْدَــفُ
والمِــجْدافُ: العُنُق، على التشبيه؛ قال:
بأَتْلَعِ المِــجْدافِ ذَيّالِ الذَّنَبْ
والمِــجْدافُ: السوطُ، لغة نَجْرانِيَّة؛ عن الأَصمعي؛ قال الـمُثَقِّبُ
العَبْدِيّ:
تَكادُ إن حُرِّكَ مِــجْدافُها،
تَنْسَلُّ من مَثْناتِها واليد
(* قوله «واليد» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في عدة نسخ من الصحاح:
باليد.)
ورجل مَــجْدُــوفُ اليدِ والقميصِ والإزارِ: قصيرُها؛ قال ساعدةُ بن
جُؤيّةَ:
كحاشِيةِ الـمَــجْدُــوفِ زَيَّنَ لِيطَها،
من النَّبْعِ، أَزْرٌ حاشِكٌ وكَتُومُ
وجَدَــفَتِ المرأَة تَــجْدِــفُ: مَشَتْ مَشْيَ القِصارِ. وجَدَــفَ الرجل في
مَشْيَتِه: أَسْرَعَ، بالدال؛ عن الفارسيّ، فأَما أَبو عبيد فذكرها مع
جَدَــفَ الطائرُ وجَدَــفَ الإنسانُ فقال في الإنسان: هذه بالذال، وصرح
الفارسي بخلافه كما أَرَيْتك فقال بالدال غير المعجمة. والــجَدْــفُ: القَطْعُ.
وجدَــفَ الشيءَ جَدْــفاً: قَطَعَه؛ قال الأَعشى:
قاعداً عندَه النَّدامى، فما يَنْـ
ـفَكُّ يُؤْتى بمُوكَرٍ مَــجْدُــوفِ
وإنه لَمَــجْدُــوفٌ
(* قوله «وانه لمــجدوف إلخ» كذا بالأصل، وعبارة
القاموس: وانه لمــجدّــف عليه العيش كمعظم مضيق.) عليه العَيْشُ أَي مُضَيَّقٌ
عليه. الأَزهري في ترجمة جذف قال: والمجذوف الزِّقُّ، وأَنشد بيت الأَعشى
هذا، وقال: ومــجدوف، بالجيم وبالدال وبالذال، قال: ومعناهما الـمَقْطُوعُ،
قال: ورواه أَبو عبيد مَنْدُوف، قال: وأَما محذوف فما رواه غير الليث.
والتَّــجديفُ: هو الكُفْرُ بالنِّعم. يقال منه: جَدَّــفَ يُــجَدِّــفُ
تَــجْدِــيفاً. وجَدَّــفَ الرجلُ بنعمة اللّه: كفَرها ولم يَقْنَعْ بها. وفي
الحديث: شَرُّ الحديثِ التَّــجْديفُ، قال أَبو عبيد: يعني كفر النِّعْمة
واسْتِقلال ما أَنعم اللّه عليك؛ وأَنشد:
ولكِنِّي صَبَرْتُ، ولم أُــجَدِّــفْ،
وكان الصَّبْرُ غاية أَوَّلينا
وفي الحديث: لا تُــجَدِّــفوا بنِعْمة اللّه أَي لا تَكْفُروها
وتَسْتَقِلُّوها.
والــجَدَــفُ: القَبْرُ، والجمع أَــجْدافٌ، وكرهها بعضهم وقال: لا جمع
للــجَدَــفِ لأَنه قد ضَعُفَ بالإبْدال فلم يتصرّف. الجوهري: الــجَدَــفُ القبر وهو
إبدال الــجَدَــثِ والعرب تُعَقِّبُ بين الفاء والثاء في اللغة فيقولون
جَدَــثٌ وجَدَــفٌ، وهي الأَــجداثُ والأَــجْدافُ. والــجَدَــفُ من الشَّراب: ما لم
يُغَطَّ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، حين سأَل الرجل الذي كان الجنُّ
اسْتَهْوَتْه: ما كان طَعامُهم؟ قال: الفُولُ، وما لم يُذْكَر اسْمُ اللّه
عليه، قال: فما كان شَرابُهم؟ قال: الــجَدَــفُ، وتفسيره في الحديث أَنه ما
لا يُغَطَّى من الشراب؛ قال أَبو عمرو: الــجدَــف لم أَسمعه إلا في هذا
الحديث وما جاء إلا وله أَصل، ولكن ذهب من كان يعرفه ويتكلم به كما قد ذهب من
كلامهم شيء كثير. وقال بعضهم: الــجَدَــفُ من الــجَدْــف وهو القَطْع كأَنه
أَراد ما يُرْمى به من الشراب من زَبَد أَو رَغْوة أَو قَذًى كأَنه قُطِعَ
من الشراب فَرُمِيَ به؛ قال ابن الأَثير: كذا حكاه الهرويّ عن القتيبي
والذي جاء في صحاح الجوهري أَن القَطْع هو الجَذْفُ، بالذال المعجمة، ولم
يذكره في المهملة، وأَثبته الأَزهري فيهما وقد فُسِّرَ أَيضاً بالنبات الذي
يكون باليمن لا يحتاج آكله إلى شُرْب ماء. ابن سيده: الــجدَــفُ نبات يكون
باليمن تأْكله الإبل فتَجْزَأُ به عن الماء، وقال كراع: لا يُحْتاج مع
أَكله إلى شرب ماء؛ قال ابن بري: وعليه قول جرير:
كانُوا إذا جعَلوا في صِيرِهِم بَصَلاً،
ثم اشْتَوَوْا كَنْعَداً من مالِحٍ، جَدَــفُوا
والــجُدافى، مقصور: الغنيمة. أَبو عمرو: الــجَدافاةُ الغنيمة؛ وأَنشد:
قَدْ أَتانا رامِعاً قِبِّراهْ،
لا يَعْرِفُ الحَقَّ وليْس يَهْواهْ،
كان لَنا، لَـمَّا أَتَى، جَدافاهْ
(* قوله «قد أتانا» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون حرف قبل قد، وقوله
كان لنا إلخ بهامش الأصل صوابه: فكان لما جاءنا جدافاه.)
ابن الأَعرابي: الــجَدافاءُ والغُنامى والغُنْمى والهُبالةُ والابالة
والحُواسةُ والحُباسةُ.
جدر: هو جَدِــيرٌ بكذا ولكذا أَي خَلِيقٌ له، والجمع جَدِــيرُونَ
وجُدَــراءُ، والأُنثى جَدِــيرَةٌ. وقد جَدُــرَ جَدارَة، وإِنه لمَــجْدَــرَةٌ أَن يفعل،
وكذلك الاثنان والجمع، وانها لمَــجْدَــرَةٌ بذلك وبأَن تفعل ذلك، وكذلك
الاثنتان والجمع؛ كله عن اللحياني. وعنه أَيضاً: لَــجدِــير أَن يفعل ذلك
وإِنهما لــجَدِــيرانِ؛ وقال زهير:
جَدِــيرُونَ يوماً أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا
ويقال للمرأَة: إِنها لــجَدِــيرَةٌ أَن تفعل ذلك وخليقة، وأَنهن جَدِــيراتٌ
وجَدائِرُ؛ وهذا الأَمر مَــجْدَــرَةٌ لذلك ومَــجْدَــرَةٌ منه أَي
مَخْلَقَةٌ. ومَــجْدَــرَةٌ منه أَن يَفْعَل كذا أَي هو جَدِــيرٌ بفعله؛ وأَــجْدِــرْ بِهِ
أَن يفعل ذلك. وحكى اللحياني عن أَبي جعفر الرَّوَاسي: إِنه لمَــجْدُــورٌ
أَن يفعل ذلك، جاء به على لفظ المفعول ولا فعل له. وحكى: ما رأَيت من
جَدَــارتِهِ، لم يزد على ذلك.
والــجُدَــرِيُّ
(* قوله: «والــجدري» هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر
غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، وقال عكرمة: أوّل
جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس). والــجَدَــرِيُّ، بضم
الجيم وفتح الدال وبفتحهما لغتان: قُروحٌ في البدن تَنَفَّطُ عن الجلد
مُمْتَلِئَة ماءً، وتَقَيَّحُ، وقد جُدِــرَ جَدْــراً وجُدِّــرَ وصاحبها جَدِــيرٌ
مُــجَدَّــرٌ، وحكى اللحياني: جَدِــرَ يَــجْدَــرُ جَدَــراً. وأَرضٌ مَــجْدَــرَة: ذات
جُدَــرِيّ.
والــجَدَــرُ والــجُدَــرُ: سِلَعٌ تكون في البدن خلقة وقد تكون من الضرب
والجراحات، واحدتها جَدَــرَة وجُدَــرَةٌ، وهي الأَــجْدارُ. وقيل: الــجُدَــرُ إِذا
ارتفعت عن الجلد وإِذا لم ترتفع فهي نَدَبٌ، وقد يدعى النَّدَبُ جُدَــراً
ولا يدعى الــجُدَــرُ نَدَباً. وقال اللحياني: الــجُدَــرُ السِّلَع تكون
بالإِنسان أَو البُثُورُ الناتئة، واحدتها جُدَــرَةٌ. الجوهري: الــجَدَــرَةُ
خُرَاجٌ، وهي السِّلْعَةُ، والجمع جَدَــرٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
يا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلاً ذا الــجَدَــرْ
والــجُدَــرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ على جلد الإِنسان، الواحدة جُدَــرَةٌ، فمن
قال الــجُدَــرِيُّ نَسَبَه إِلى الــجُدَــرِ، ومن قال الــجَدَــريُّ نسبه إِلى
الــجَدَــر؛ قال ابن سيده: هذا قول اللحياني، قال: وليس بالحسن.
وجَدِــرَ ظهرهُ جَدَــراً: ظهرت فيه جُدَــرٌ. والــجُدَــرَةُ في عنق البعير:
السِّلْعَةُ، وقيل: هي من البعير جُدَــرَةٌ ومن الإِنسان سِلْعَةٌ وضَواةٌ.
ابن الأَعرابي: الــجَدَــرَةُ الوَرْمَةُ في أَصل لَحْيِ البعير النضر.
الــجَدَــرَةُ: غُدَدٌ تكون في عنق البعير يسقيها عِرْقٌ في أَصلها نحو السلعة
برأْس الإِنسان. وجَمَلٌ أَــجْدَــرُ وناقة جَدْــراء. والــجَدَــرُ: وَرَمٌ يأْخذ
في الحلق. وشاة جَدْــراء: تَقَوَّب جلدها عن داء يصيبها وليسَ من
جُدَــرِيّ. والــجُدَــرُ: انْتِبارٌ في عنق الحمار وربما كان من آثار الكَدْمِ، وقد
جَدَــرَتْ عنقه جُدُــوراً. وفي التهذيب: جَدِــرَتْ عنقه جَدَــراً إِذا
انْتَبَرَتْ؛ وأَنشد لرؤبة:
أَو جادِرْ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
ابن بُزُرج: جَدِــرَتْ يدَهُ تَــجْدَــرُ ونَفِطَتْ ومَجِلَتْ، كل ذلك
مفتوح، وهي تَمْجَلُ وهو المَجْلُ؛ وأَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا،
وابن وجَدْــتُ في يَدَيَّ مَجْلا
وفي الحديث: الكَمْأَةُ جُدَــرِيُّ الأَرض، شبهها بالــجُدَــرِيِّ، وهو الحب
الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأَرض، كما يظهر الــجُدَــرِيُّ من
باطن الجلد، وأَراد به ذمّها. ومنه حديث مَسْرُوق: أَتينا عبدالله في
مُــجَدَّــرِينَ ومُحَصَّبِينَ أَي جماعة أَصابهم الــجُدَــرِيُّ والحَصْبَةُ.
والحَصْبَةُ: شِبْه الــجُدَــرِيّ يظهر في جلد الصغير.
وعامِرُ الأَــجْدَــارِ: أَبو قبيلة من كَلْبٍ، سمي بذلك لِسِلَعٍ كانت في
بدنه.
وجَدَــرَ النَّبْتُ والشجر وجَدَّــرَ جَدارَةً وجَدْــرَ وأَــجْدَــرَ: طلعت
رؤوسه في أَوّل الربيع وذلك يكون عَشْراً أَو نصف شهر، وأَــجْدَــرَتِ الأَرض
كذلك. وقال ابن الأَعرابي: أَــجْدَــرَ الشجرُ وجَدَّــرَ إِذا أَخرج ثمره
كالحِمَّصِ؛ وقال الطرماح:
وأَــجْدَــرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ
وشجر جَدَــرٌ. وجَدَــرَ العَرْفَجُ والثُّمامُ يَــجْدُــر إِذا خرج في
كُعُوبه ومُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطير. وأَــجْدَــرَ الوَلِيعُ وجادَرَ:
اسْمَرَّ وتغير؛ عن أَبي حنيفة، يعني بالوليع طَلْعَ النخل والــجَدَــرَةُ:
الحَبَّةُ من الطلع. وجَدَّــرَ العنَبُ: صار حبه فُوَيْقَ النَّفَض.
ويقال: جَدِــرَ الكَرْمُ يَــجْدَــرُ جَدَــراً إِذا حَبَّبَ وهَمَّ بالإِيراق.
والــجِدْــرَ: نَبْتٌ؛ وقد أَــجْدَــرَ المكانُ.
والــجَدَــرَةُ، بفتح الدال: حَظِيرة تصنع للغنم من حجارة، والجمع جَدَــرٌ.
والــجَدِــيرَة: زَرْبُ الغَنم. والــجَدِــيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون
لِلْبَهْم وغيرها. أَبو زيد: كنيف البيت مثل الجُحْرَة يجمع من الشجر، وهي
الحظيرة أَيضاً. والحِظَارُ: ما حُظِرَ على نبات شجر، فإِن كانت الحظيرة
من حجارة فهي جَدِــيرَة، وإِن كان من طين فهو جِدارٌ.
والــجِدارُ: الحائط، والجمع جُدُــرٌ، وجُدْــرانٌ جمع الجمع مثل بَطْنٍ
وبُطْنانٍ
(* قوله: «مثل بطن وبطنان» كذا في الصحاح. ولعل التمثيل: إِنما هو
بين جدران وبطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. وفي المصباح: والــجدار
الحائط والجمع جدر مثل كتاب وكتب والــجدر لغة في الــجدار وجمعه جدران)؛ قال
سيبويه: وهو مما استغنوا فيه ببناء أَكثر العدد عن بناء أَقله، فقالوا
ثلاثة جُدُــرٍ؛ وقول عبدالله بن عمر أَو غيره: إِذا اشتريت اللحم يضحك
جَدْــرُ البيت؛ يجوز أَن يكون جَدْــرٌ لغةً في جِدارٍ؛ قال ابن سيده: والصواب
عندي تضحك جُدُــرُ البيت، وهو جمع جِدارٍ، وهذا مَثَلٌ وإِنما يريد أَن
أَهل الدار يفرحون. الجوهري: الــجَدْــرُ والــجِدَــارُ الحائط. وجَدَــرَه
يَــجْدُــرُه جَدْــراً: حَوَّطه. واجْتَدَرَهُ: بناه؛ قال رؤبة:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ
وجَدَّــرَهُ: شَيَّدَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وآخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ،
كأَنَّهُمْ في السَّطْحِ ذِي المُــجَدَّــرِ
إِنما أَراد ذي الحائط المــجدّــر، وقد يجوز أَن يكون أَراد ذي التــجدير أَي
الذي جُدّــر وشُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جميعاً
مصدران لفَعَّلَ؛ أَنشد سيبويه:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ ما لَقِيتُ
أَي إِن التوقية.
وجَدَــرَ الرجلُ: توارى بالــجِدارِ؛ حكاه ثعلب، وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بن الزُّبَيْرِ فأَرَا
في الرَّضْمِ، لا يَتْرُك منه حَجَرا
إِلاَّ مَلاه حِنْطَةً وجَدَــرا
قال: ويروى حشاه. وفأَر: حفر. قال: هذا سرق حنطة وخبأَها.
والــجَدَــرَةُ: حَيٌّ من الأَزد بَنَوْا جِدارَ الكعبة فسُمُّوا الــجَدَــرَة
لذلك. والــجَدْــرُ: أَصلُ الــجِدارِ. وفي الحديث: حتى يبلغ الماء جَدْــرَهُ
أَي أَصله، والجمع جِدُــورٌ، وقال اللحياني: هي الجوانب؛ وأَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قد طالَتْ عَصِيفتُها،
جُدُــورُها من أَتِيِّ الماء مَطْمُومُ
قال: أَفرد مطموماً لأَنه أَراد ما حول الــجُدُــورِ، ولولا ذلك لقال
مطمومة. وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأَنصاري إِلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، في سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حتى يَبْلُغَ الماءُ
الــجَدْــرَ؛ أَراد ما رفع من أَعضاد المزرعة لتُمْسكَ الماء كالــجدار، وفي
رواية: قال له احبس الماء حتى يبلغَ الــجُدَّ؛ هي المُسنَّاةُ وهو ما رفع حول
المزرعة كالــجِدارِ، وقيل: هو لغة في الــجدار، وروي الــجُدُــر، بالضم، جمع
جدار، ويروى بالذال؛ ومنه قوله لعائشة، رضي الله عنها: أَخاف أَن يَدْخُلَ
قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ في البيت؛ يريد الحِجْرَ لما فيه من
أُصول حائط البيت. والــجُدُــرُ: الحواجز التي بين الدِّبارِ الممسكة الماء.
والــجَدِــيرُ: المكان يبنى حوله جِدارٌ. الليث: الــجَدِــيرُ مكان قد بني
حواليه مَــجْدورٌ؛ قال الأَعشى:
ويَبْنُونَ في كُلِّ وادٍ جَدِــيرا
ويقال للحظيرة من صخر: جَدِــيرَةٌ. وجُدُــورُ العنب: حوائطه، واحدها
جَدْــرٌ. وجَدْــراءُ الكَظَامَة: حافاتها، وقيل: طين حافتيها.
والــجِدْــرُ: نبات
(* قوله: «والــجدر نبات إلخ» هو بكسر الجيم وأما الذي من
نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس). واحدته جِدْــرَةٌ. وقال أَبو حنيفة:
الــجَدْــرُ كالحلمة غير أَنه صغير يَتَرَبَّلُ وهو من نبات الرمل ينبت مع
المَكْرِ، وجمعه جُدُــورٌ؛ قال العجاج ووصف ثوراً:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ والــجُدُــورِ
التهذيب: الليث: الــجَدْــرُ ضرب من النبات، الواحدة جَدْــرَةٌ؛ قال العجاج:
مَكْراً وجَدْــراً واكْتَسَى النَّصِيُّ
قال: ومن شجر الدِّقِّ ضروب تنبت في القِفاف والصِّلابِ، فإِذا أَطلعت
رؤوسها في أَول الربيع قيل: أَــجْدَــرَتِ الأَرْضُ. وأَــجْدَــرَ الشجر، فهو
جَدْــرٌ، حتى يطول، فإِذا طال تفرقت أَسماؤه.
وجَدَــرٌ: موضع بالشام، وفي الصحاح: قرية بالشام تنسب إِليها الخمر؛ قال
أَبو ذؤيب:
فما إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَا
رُ مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَــرْ
وخمر جَيْدَرِيَّةٌ: منسوب إِليها، على غير قياس؛ قال معبد بن سعنة:
أَلا يا آصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ،
وقَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ
أَلا يا آصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً،
بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي
وهذا البيت أَورده الجوهري أَلا يا آصْبَحِينا، والصواب ما أَوردناه
لأَنه يخاطب صاحبيه. قال ابن بري: والفيهج هنا الخمر وأَصله ما يكال به
الخمر، ويعني بالحق الموت والقيامة، وقد قيل: إِن جَيْدَراً موضع هنالك
أَيضاً فإِن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إِليه فهو نسب قياسي.
وفي الحديث ذكر ذي الــجَدْــرِ، بفتح الجيم وسكون الدال، مَسْرَحٌ على ستة
أَميال من المدينة كانت فيه لِقاحُ النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أُغير
عليها. والجَيْدَرُ والجَيْدَرِيُّ والجَيْدَرانُ: القصِير، وقد يقال له
جَيْدَرَةٌ على المبالغة، وقال الفارسي: وهذا كما قالوا له دَحْداحة
ودِنَّبَةٌ وحِنْزَقْرَة. وامرأَة جَيْدَرَةٌ وجَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد
يعقوب:ثَنَتْ عُنُقاً لم تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ
عَضَادٌ، ولا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ
والتَّــجْدِــيرُ: القِصَرُ، ولا فعل له؛ قال:
إِني لأَعْظُمُ في صَدْرِ الكَمِيِّ، على
ما كانَ فيَّ مِنَ التَّــجْدِــيرِ والقِصَرِ
أَعاد المعنيين لاختلاف اللفظين، كما قال:
وهِنْدٌ أَتَى من دونِها النَّأَْيُ والبُعْدُ
الجوهري: وجَنْدَرْتُ الكتاب إِذا أَمررت القَلَم على ما دَرَسَ منه
ليتبين؛ وكذلك الثوب إِذا أَعدت وَشْيَه بعدما كان ذهب، قال: وأَظنه
معرّباً.
مــجد: المَــجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ. والمَــجْدُ: الكرمُ والشرفُ. ابن
سيده: المــجد نَيْل الشرف، وقيل: لا يكون إِلا بالآباءِ، وقيل: المَــجْدُ
كَرَمُ الآباء خاصة، وقيل: المَــجْدُ الأَخذ من الشرف والسُّؤدَد ما يكفي؛
وقد مَــجَدَ يَمْــجُدُ مَــجْداً، فهو ماجد. ومَــجُد، بالضم، مَجادةً، فهو مجيد،
وتَمَــجَّد. والمــجدُ: كَرَمُ فِعاله.
وأَمــجَدَــه ومَــجَّده كلاهما: عظَّمَه وأَثنى عليه.
وتماجَدَ القومُ فيما بينهم: ذكَروا مَــجْدَــهم.
وماجَدَــه مِجاداً: عارَضه بالمــجد. وماجَدْــتُه فمَــجَدتُه أَمْــجُدُــه أَي
غَلَبْتُه بالمــجد. قال ابن السكيت: الشرفُ والمــجدُ يكونان بالآباء. يقال:
رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدّمون في الشرف؛ قال: والحسب والكرم يكونان
في الرجل وإِن لم يكن له آباء لهم شرف.
والتمجيدُ: أَن يُنْسب الرجل إِلى المــجد.
ورجل ماجد: مِفضالٌ كثير الخير شريف، والمجيدُ، فعيل، منه للمبالغة؛
وقيل: هو الكريم المفضال، وقيل: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال
سمي مَــجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ
والكريم. والمجيدُ: من صفاتِ الله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ذو العرش
المجيدُ. وفي اسماء الله تعالى: الماجدُ. والمَــجْد في كلام العرب: الشرف
الواسع. التهذيب: الله تعالى هو المجِيدُ تَمَــجَّد بِفعاله ومَــجَّده
خلقه لعظمته. وقوله تعالى: ذو العرش المجيدِ؛ قال الفراء: خفضه يَحيى
وأَصحابه كما قال: بل هو قرآنٌ مجيدٌ، فوصف القرآن بالمَجادة. وقيل يقرأُ: بل
هو قرآنُ مجيدٍ، والقراءة قرآنٌ مجيدٌ. ومن قرأَ: قرآنُ مجيدٍ، فالمعنى بل
هو قرآنُ ربٍّ مجيدٍ. ابن الأَعرابي: قرآنٌ مجيدٌ، المجيدُ الرفيع. قال
أَبو اسحق: معنى المجيد الكريم، فمن خفض المجيد فمن صفة العرش، ومن رفع
فمن صفة ذو. وقوله تعالى: ق والقرآن المجيد؛ يريد بالمجيد الرفيعَ العالي.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ناوِلِيني المجيدَ أَي المُصْحَف؛ هو من
قوله تعالى: بل هو قرآنٌ مجيدٌ.
وفي حديث قراءة الفاتحة: مَــجَّدَــني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني.
وكان سعد بن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَــجْداً، لا مَــجْد
إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال؛ اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا
عليه
(* قوله «اللهم لا يصلحني ولا أصلح إلخ» كذا بالأصل).
ابن شميل: الماجدُ الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. ورجل ماجد ومجيد إِذا كان
كريماً مِعْطاءً. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أَمَّا نحن بنو هاشم
فأَنجادٌ أَمْجادٌ أَي شِراف كِرام، جمع مجِيد أَو ماجد كأَشهاد في شَهيد
أَو شاهد.
ومَــجَدَــتِ الإِبل تَمْــجُدُ مُجُوداً، وهي مواجِدُ ومُــجَّد ومُــجُدٌ،
وأَمْــجَدَــتْ: نالت من الكلإِ قريباً من الشبع وعرف ذلك في أَجسامها،
ومَــجَّدْــتُها أَنا تمجيداً وأَمــجَدَــها راعيها وقد أَمــجَدَ القومُ إِبلهم، وذلك في
أَول الربيع. وأَما أَبو زيد فقال: أَمــجَدَ الإِبلَ مَلأَ بطونها علفاً
وأَشبعها، ولا فعل لها هي في ذلك، فإِن أَرعاها في أَرض مُكْلِئَةٍ فرعت
وشبِعت. قال: مَــجَدَــتْ تَمْــجُدُ مَــجْداً ومُجوداً ولا فعل لك في هذا،
وأَما أَبو عبيد فروى عن أَبي عبيدة أَن أَهل العالية يقولون مَــجَد الناقةَ
مخففاً إِذا علفها مِلءَ بطونها، وأَهل نــجد يقولون مَــجَّدها تمجيداً،
مشدَّداً، إِذا علفها نصف بطونها. ابن الأَعرابي: مَــجَدَــتِ الإِبل إِذا وقعت
في مَرْعًى كثير واسع؛ وأَمــجَدَــها الراعي وأَمــجَدْــتُها أَنا. وقال ابن
شميل: إِذا شبعت الغنم مَــجُدَــت الإِبل تَمــجُد، والمــجد نَحْوٌ من نصف
الشبع؛ وقال أَبو حية يصف امرأَة:
ولَيْسَت بماجِدةٍ للطعامِ ولا الشراب
أَي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب. الأَصمعي: أَمــجَدْــتُ الدابةَ علَفاً
أَكثرت لها ذلك. ويقال: أَمــجَدَ فلان عطاءَه ومَــجَّده إِذا كثَّره؛ وقال
عديّ:
فاشتراني واصطفاني نعْمةً،
مَــجَّدَ الهِنْءَ وأَعطاني الثَّمَنْ
وفي المثل: في كل شَجَر نار، واسْتَمْــجَدَ المَرْخُ والعَفار؛
اسْتَمْــجَدَ استفضل أَي اسْتَكْثَرا من النار كأَنهما أَخذا من النار ما هو حسبهما
فصلحا للاقتداح بهما، ويقال: لأَنهما يُسْرعانِ الوَرْيَ فشبها بمن
يُكْثِر من العطاء طلباً للمــجد. ويقال: أَمــجَدَــنا فلان قِرًى إِذا آتَى ما
كَفَى وفضل.
ومَــجْدٌ ومُجَيْدٌ وماجِدٌ: أَسماء. ومَــجْد بنت تميم بن عامرِ بنِ
لُؤَيٍّ: هي أُم كلاب وكعب وعامر وكُلَيْب بني ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ وذكرها
لبيد فقال يفتخر بها:
سَقَى قَوْمي بَني مَــجْدٍ، وأَسْقى
نُمَيْراً، والقبائلَ من هِلالِ
وبَنو مَــجْد: بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومــجد: اسم أُمهم هذه التي فخر
بها لبيد في شعره.
هــجد: هَــجَدَ يَهْــجُدُ هُجوداً وأَهْــجَدَ: نام. وهَــجَد القوم هُجُوداً:
نامُوا. والهاجِدِ: النائِمُ. والهاجِد والهَجُود: المُصَلي بالليل،
والجمع هُجودٌ وهُــجّد؛ قال مرة بن شيبان:
أَلا هَلَكَ امْرُؤٌ قامَتْ عليه،
بِجَنْبِ عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجُودُ
وقال الحطيئة:
فَحَيَّاكِ وُدٌّ ما هداكِ لِفِتْيَةٍ
وخُوصٍ، بأَعلى ذِي طُوالة، هُــجَّدِ
وكذلك المُتَهَــجِّدِ يكون مُصَلِّباً. وتَهَــجَّدَ القوم: استيقظوا
للصلاة أَو غيرها؛ وفي التنزيل العزيز: ومن الليل فَتَهَــجَّدْ به نافلةً لك؛
الجوهري: هَــجَدَ وتهَــجَّدَ أَي نام ليلاً. وهَــجَدَ وتَهَــجَّدَ أَي سَهِرَ،
وهو من الأَضدادِ، ومنه قيل لصلاة الليل: التَّهَــجُّدُّ. والتهْجِيدُ:
التَّنْويمُ؛ قال لبيد يصف رفيقاً له في السفر غلبه النعاس:
ومَجُودٍ من صبُاباتِ الكَرَى،
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
قلتُ: هَــجِّدْــنا فقد طالَ السُّرَى،
وقَدَرْنا إِن خَنا الدَّهْر غَفَلْ
كأَنه قال نَوِّمْنا فإِنَّ السُّرَى طالَ حتى غَلَبنا النومُ.
والمَجُودُ: الذي أَصابه الجَوْدُ من النعاس مِثْلُ المَجُودِ الذي أَصابَه
الجَوْدُ من المَطر؛ يقول: هو مُنَعَّمٌ مُتْرَفٌ فإِذا صار في السفر
تَبَذَّلَ وتَبَذُّلُه صَبْرُهُ على غير فراش ولا وِطاء. ابن بُزرُج: أَهْــجَدْــتُ
الرجل أَنَمْتُه وهَــجَّدْــتُه أَيْقَطْتُه. وقال غيره: هَــجَّدْــتُ الرجل
أَنمتُه، وأَهْــجَدْــتُه: وجدته نائماً. ابن الأَعرابي: هَــجَّدَ الرجل إِذا
صلَّى بالليل، وهَــجَدَ إِذا نام بالليل. وقال غيره: وهَــجَدَ إِذا نام وذلك
كله في آخر الليل؛ قال الأَزهري: والمعروف في كلام العرب أَن الهاجد هو
النائم. وهَــجَدَ هُجوداً إِذا نام. وأَما المُتَهَــجِّدُ، فهو القائم إِلى
الصلاة من النوم، وكأَنه قيل له مُتَهَــجِّد لإِلقائه الهُجُود عن نفسه،
كما يقال للعابد مُتَحَنِّثٌ لإِلقائه الحِنْثَ عن نفسه. وفي حديث يحيى
بن زكريا، عليهما السلام: فنظر إِلى مُتَهَــجِّدي بيت المقدس أَي المصلِّين
بالليل. يقال: تهــجَّدت إِذا سَهِرْت وإِذا نِمْت، وهو من الأَضداد.
وأَهْــجَدَ البعيرُ: وضع جرانَه على الأَرض.
جدن: جَدَــنٌ: موضع. وذو جَدَــنٍ: قَيْلٌ من أَقيال حِمْير، وقيل: من
مَقاوِلة اليَمَن، وفي التهذيب: اسم ملك من ملوك حِمْيَر؛ قال الأَصمعي:
وأَنشد أَبو عمرو بن العلاء الكلابي:
لو أَنَّني كنتُ من عادٍ ومن إِرَمٍ
غَذِيَّ بَهْم ولُقْماناً وذا جَدَــنِ.
ابن الأَعرابي: أَــجْدَــنَ الرجلُ إذا استغنى بعد فقر.