Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=77837#4da6e9
(تطهر) مُطَاوع طهره وطهر
طهر: الطُّهْرُ: نقيض الحَيْض. والطُّهْر: نقيض النجاسة، والجمع
أَطْهار. وقد طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عن سيبويه، وفي
الصحاح: طَهَر وطَهُر، بالضم، طَهارةً فيهما، وطَهَّرْته أَنا تطهيراً
وتطَهَّرْــت بالماء، ورجل طاهِر وطَهِرٌ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حتى
خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ
قال ابن جني: جاء طاهِرٌ على طَهُر كما جاء شاعرٌ على شَعُر، ثم
استغنَوْا بفاعل عن فَعِيل، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصورهم، يَدُلُّك على
ذلك تسكيرُهم شاعراً على شُعَراء، لَمّا كان فاعلٌ هنا واقعاً موقع فَعِيل
كُسِّر تكسِيرَه ليكون ذلك أَمارةً ودليلاً على إِرادته وأَنه مُغْنٍ عنه
وبَدَلٌ منه؛ قال ابن سيده: قال أَبو الحسن: ليس كما ذكر لأَن طَهِيراً
قد جاء في شعر أَبي ذؤيب؛ قال:
فإِن بني، لِحْيان إِمَّا ذكرتهم،
نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ
قال: كذا رواه الأَصمعي بالطاء ويروى ظهير بالظاء المعجمة، وسيُذكر في
موضعه، وجمع الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نادرة، وثيابٌ طَهارَى
على غير قياس، كأَنهم جمعوا طَهْرانَ؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ،
وأَوْجهُهم، عند المَشَاهِد، غُرّانُ
وجمع الطَّهِر طهِرُونَ ولا يُكسّر. والطُّهْر: نقيض الحيض، والمرأَة
طاهِرٌ من الحيض وطاهِرةٌ من النجاسة ومن العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ ورجال
طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابن سيده: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغتسلت
من الحيض وغيرِه، والفتح أَكثر عند ثعلب، واسمُ أَيام طُهْرها
(* هنا
بياض في الأصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار) . . . وطَهُرت المرأَة، وهي
طاهرٌ: انقطع عنها الدمُ ورأَت الطُّهْر، فإِذا اغتسلت قيل: تَطَهَّرَــت
واطَّهَّرت؛ قال الله عز وجل: وإِن كنتم جُنُباً فاطَّهَّروا. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قوله عز وجل: ولا تَقْرَبُوهنّ حتى
يَطْهُرن فإِذا تَطَهَّرْــن فأْتُوهنّ من حيث أَمَرَكم الله؛ وقرئ: حتى
يَطَّهَّرْن؛ قال أَبو العباس: والقراءة يطَّهَّرن لأَن من قرأَ يَطْهُرن أَراد
انقطاع الدم، فإِذا تَطَهَّرْــن اغتسلن، فصَيَّر معناهما مختلفاً، والوجه
أَن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يُريد بهما جميعاً الغسل ولا يَحِلُّ
المَسِيسُ إِلا بالاغتسال، ويُصَدِّق ذلك قراءةُ ابن مسعود: حتى يَــتَطَهَّرْــن؛
وقال ابن الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هو الكلام، قال: ويجوز طَهُرت،
فإِذا تَطَهَّرْــن اغتسلْنَ، وقد تَطَهَّرت المرأَةُ واطّهّرت، فإِذا انقطع
عنها الدم قيل: طَهُرت تَطْهُر، فهي طاهرٌ، بلا هاء، وذلك إِذا طَهُرَت
من المَحِيض. وأَما قوله تعالى: فيه رجال يُحِبُّون أَن يَــتَطَهَّرُــوا؛
فإِن معناه الاستنجاء بالماء، نزلت في الأَنصار وكانوا إِذا أَحْدَثوا
أَتْبَعُوا الحجارة بالماء فأَثْنَى الله تعالى عليهم بذلك، وقوله عز وجل:
هُنَّ أَطْهَرُ لكم؛ أَي أَحَلُّ لكم. وقوله تعالى: ولهم فيها أَزواجٌ
مُطَهَّرَة؛ يعني من الحيض والبول والغائط؛ قال أَبو إِسحق: معناه أَنهنّ لا
يَحْتَجْنَ إِلى ما يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدنيا بعد الأَكل
والشرب، ولا يَحِضْن ولا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُــتَطَهَّرُ به، وهُنَّ مع ذلك
طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كلها
لأَن مُطَهَّرة أَبلغ في الكلام من طاهرة. وقوله عز وجل: أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ للطَّائِفينَ والعاكِفِين؛ قال أَبو إِسحق: معناه طَهِّراهُ من
تعليق الأَصْنام عليه؛ الأَزهري في قوله تعالى: أَن طَهِّرَا بيتي، يعني من
المعاصي والأَفعال المُحَرَّمة. وقوله تعالى: يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرة؛
من الأَدْناس والباطل. واستعمل اللحياني الطُّهْرَ في الشاة فقال: إِن
الشاة تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر؛ قال ابن سيده: وهذا طَريفٌ جِدّاً، لا
أَدْرِي عن العرب حكاه أَمْ هو أَقْدَمَ عليه. وتَطَهَّرت المرأَة:
اغتسلت. وطَهَّره بالماء: غَسَلَه، واسمُ الماء الطَّهُور. وكلُّ ماء نظيف:
طَهُورٌ، وماء طَهُور أَي يُــتَطَهَّرُ به، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وليس كلُّ
طاهرٍ طَهوراً. قال الأَزهري: وكل ما قيل في قوله عز وجل: وأَنْزَلْنا من
السماء ماءً طهوراً؛ فإِن الطَّهُورَ في اللغة هو الطاهرُ المُطَهِّرُ،
لأَنه لا يكون طَهوراً إِلا وهو يُــتَطهّر به، كالوَضُوء هو الماء الذي
يُتَوضَّأُ به، والنَّشُوق ما يُسْتَنْشق به، والفَطُور ما يُفْطَر عليه منْ
شراب أَو طعام. وسُئِل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ماء البحر
فقال: هو الطَّهُور ماؤه الحِلُّ مَيْتَتُه؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه
طاهر يُطَهِّر. وقال الشافعي، رضي الله عنه: كلُّ ماء خَلَقَه الله نازلاً
من السماء أو نابعاً من عين في الأَرض أَو بحْرٍ لا صَنْعة فيه لآدَميٍّ
غير الاسْتِقاء، ولم يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه ولم يتغيّر طعمُه
منه، فهو طَهُور، كما قال الله عز وجل وما عدا ذلك من ماء وَرْدٍ أَو وَرَقٍ
شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل من كَرْم فإِنه، وإِن كان طاهراً، فليس بطَهُور.
وفي الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُورٍ، قال ابن الأَثير:
الطُّهور، بالضم، الــتطهُّرُ، وبالفتح: الماءُ الذي يُــتَطَهَّرُ به كالوَضُوء.
والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وقال سيبويه: الطَّهور، بالفتح، يقع على
الماء والمَصْدر معاً، قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون الحديث بفتح الطاء
وضمها، والمراد بهما الــتطهر. والماء الطَّهُور، بالفتح: هو الذي يَرْفَعُ
الحدَث ويُزِيل النَجَسَ لأَن فَعُولاً من أَبنية المُبالَغة فكأَنه
تَنَاهى في الطهارة. والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث
ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل في الوُضوء والغُسْل.
والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الذي يُتَوَضَّأُ به ويُــتَطَهَّر به.
والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، على التشبيه بذلك، والجمع المَطَاهِرُ؛ قال الكميت يصف
القطا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ
جِي في أَساقٍ كالمَطاهِرْ
وكلُّ إِناء يُــتَطَهَّر منه مثل سَطْل أَو رَكْوة، فهو مِطْهَرةٌ.
الجوهري: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، والفتح أَعلى. والمِطْهَرَةُ:
البيت الذي يُــتَطَهّر فيه.
والطَّهارةُ، اسمٌ يقوم مقام الــتطهّر بالماء: الاستنجاءُ والوُضوءُ.
والطُّهارةُ: فَضْلُ ما تَطَهَّرت به. والــتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عن
الإِثم وما لا يَجْمُل. ورجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه؛ ومنه قول الله
عز وجل في ذكر قوم لوط وقَوْلِهم في مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهم أُناسٌ
يَــتَطَهَّرُــون؛ أَي يتنزَّهُون عن إِتْيان الذكور، وقيل: يتنزّهون عن
أَدْبار الرجال والنساء؛ قالهُ قوم لوط تهكُّماً.
والــتطَهُّر: التنزُّه عما لا يَحِلُّ؛ وهم قوم يَــتَطَهَّرون أَي
يتنزَّهُون من الأَدناسِ. وفي الحديث: السِّواكُ مَطْهرةٌ للفم.
ورجل طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طاهرة، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ
أَي ليس بذي دَنَسٍ في الأَخْلاق. ويقال: فلان طاهر الثِّياب إِذا لم يكن
دَنِسَ الأَخْلاق؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
وقوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ؛ معناه وقَلْبَك فَطهِّر؛ وعليه قول
عنترة:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،
ليس الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ
أَي قَلْبَه، وقيل: معنى وثيابك فطهر، أَي نَفْسَك؛ وقيل: معناه لا
تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الغادر دَنِسُ الثِّياب. قال ابن
سيده: ويقال للغادر دَنِسُ الثياب، وقيل: معناه وثيابك فقَصِّر فإِن تقصير
الثياب طُهْرٌ لأَن الثوب إِذا انْجرَّ على الأَرض لم يُؤْمَنْ أَن تصيبَه
نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه من النجاسة؛ والتَّوْبةُ التي تكون بإِقامة
الحدّ كالرَّجْمِ وغيره: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وقيل معنى قوله: وثيابك
فطهِّرْ، يقول: عَملَك فأَصْلِح؛ وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله: وثيابك
فطهّر، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على معصية ولا على فجُورٍ وكُفْرٍ؛ وأَنشد
قول غيلان:
إِني بِحَمْد الله، لا ثوبَ غادِرٍ
لَبِستُ، ولا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع
الليث: والتوبةُ التي تكون بإِقامة الحُدُود نحو الرَّجْم وغيره طَهُورٌ
للمُذنب تُطَهِّرُــه تَطْهيراً، وقد طَهّرَه الحدُّ وقوله تعالى: لا
يَمسُّه إِلا المطَهَّرون؛ يعني به الكِتَابَ لا يمسّه إِلا المطهرون عنى به
الملائكة، وكلُّه على المَثَل، وقيل: لا يمسُّه في اللوح المحفوظ إِلا
الملائكة. وقوله عز وجل: أُولئك الذين لم يُرِد اللهُ أَن يُطَهِّرَ
قُلوبَهم؛ أَي أَن يَهدِيَهم. وأَما قوله: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فالهاء فيه
بدل من الحاء في طَحَره؛ كما قالوا مدَهَه في معنى مَدَحَه.
وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سمّاه المسلمون
تطهيراً لأَن النصارى لما تركوا سُنَّةَ الخِتانِ غَمَسُوا أَوْلادَهم في
ماء صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ المولود وقالوا: هذه طُهْرَةُ
أَوْلادِنا التي أُمِرْنا بها، فأَنْزل الله تعالى: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ مِن اللهِ صِبْغةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه
لا صِبْغَةَ النصارى، فالخِتانُ هو التطهِيرُ لا ما أَحْدَثَه النصارى من
صِبْغَةِ الأَوْلادِ. وفي حديث أُم سلمة: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي
في المكان القَذِر، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يُطَهِّرُه
ما بعده؛ قال ابن الأَثير: هو خاص فيما كان يابساً لا يَعْلَقُ بالثوب منه
شيء، فأَما إِذا كان رَطْباً فلا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وقال مالك: هو
أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثم يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ
فإِنَّ بعضها يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مثل البول ونحوه تُصِيب
الثوب أَو بعضَ الجسد، فإِن ذلك لا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قال
ابن الأَثير: وفي إِسناد هذا الحديث مَقالٌ.
هطر: هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُه هَطْراً: قتله بالخشب. قال الليث: هَطَرَه
يَهْطِرُه هَطْراً كما يُهَيِّجُ الكلبَ بالخشبة. ابن الأَعرابي:
الهَطْرَةُ تَذَلُّلُ الفقير للغنيّ إِذا سأَله.
برأ: البارئُ: مِن أَسماءِ اللّه عزَّ وجلَّ، واللّه البارئُ
الذَّارِئُ. وفي التنزيلِ العزِيزِ: البارِئُ المُصَوِّر. وقالَ تعَالى:
فتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ. قال: البارئُ: هو الذي خَلَقَ الخَلْقَ لا عن
مِثالٍ. قالَ ولهذِهِ اللفْظَةِ مِن الاخْتِصاصِ بخِلْقِ الحيَوانِ ما ليس لها بغَيرهِ مِن المخْلوقات، وقَلَّما تُسْتَعْمَلُ في غيرِ
الحيوانِ، فيُقال: برَأَ اللّهُ النَّسَمَة وخَلَقَ السَّموات والأَرضَ.
قال ابنُ سِيدَه: برَأَ اللّهُ الخَلْقَ يَبْرَؤُهم بَرءاً وبُرُوءاً:
خَلَقَهُم، يكونُ ذلكَ في الجَواهِرِ والأَعْراضِ. وفي التنزِيلِ: «مَا
أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ في الأَرْضِ ولا في أَنفُسِكُم إِلا في كِتابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها» وفي التَّهْذِيبِ: والبَرِيَّةُ أَيضاً:
الخَلْق، بلا هَمْزٍ. قالَ الفَرَّاءُ: هيَ مِنْ بَرَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي
خَلَقَهُم. والبَرِيَّةُ: الخَلْقُ، وأَصْلُها الهمْزُ، وقد ترَكَت
العَرَبُ هَمْزَها. ونظِيرهُ: النبيُّ والذُّرِّيَّةُ. وأَهلُ مَكَّةَ
يُخالِفُونَ غيرَهُم مِنَ العَرَب، يَهْمِزُونَ البَريئةَ والنَّبيءَ
والذّرِّيئةَ، مِنْ ذَرَأَ اللّهُ الخلْقَ، وذلِكَ قلِيلٌ. قالَ الفرَّاءُ: وإِذا
أُخِذَت البَرِيَّةُ مِن البرَى، وهو التُّراب، فأَصلها غير الهمْزِ.
وقالَ اللحياني: أَجمَعَتِ العَرَبُ على ترْكِ هَمْزِ هذه الثلاثةِ، ولم
يَستثنِ أَهلَ مكةَ.
وبَرِئْتُ مِن الـمَرَضِ، وبَرَأَ المرِيضُ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ بَرْءاً
وبُرُوءاً، وأَهلُ العَالِيَةِ يقولون: بَرَأْتُ أَبْرأُ بَرْءاً
وبُروءاً، وأَهلُ الحِجازِ يقولون: بَرَأْتُ مِنَ المرَضِ
بَرءاً، بالفتحِ، وسائرُ العَرَبِ يقولون: بَرِئتُ مِنَ المرَضِ.
وأَصْبَحَ بارِئاً مِنْ مَرَضِهِ وبَرِيئاً مِنْ قومٍ بِراءٍ، كقولكَ
صحِيحاً وصِحاحاً، فذلِكَ ذلك. غيرَ أَنه إِنما ذَهَبَ في بِراءٍ إِلى أَنه جَمْعُ بَرِيءٍ. قال وقدْ يجوزُ أَنْ يَكون بِرَاءٌ أَيضاً جمْع
بارِئٍ، كجائعٍ وجِياعٍ وصاحِبٍ وصِحابٍ.
وقدْ أَبرَأَهُ اللّهُ مِنْ مَرَضِهِ إِبراءً. قال ابنُ بَرِّيّ: لم
يَذكُر الجوهَري بَرَأْتُ أَبرُؤُ، بالضمِّ في المستقبل. قال: وقد ذكَرهُ
سِيبويهِ وأَبو عثمانَ المازِني وغيرُهُما مِنَ البصرِيين. قالَ وإِنما
ذكَرْتُ هذا لأَنَّ بعْضَهُم لَحَّنَ بَشار بنَ بُرْد في قولهِ:
نَفَرَ الحَيُّ مِنْ مَكاني، فقالوا: * فُزْ بصَبْرٍ، لعَلَّ عَيْنَكَ تبْرُو
مَسَّهُ، مِنْ صُدودِ عَبْدةَ، ضُرُّ، * فبَنَاتُ الفُؤَادِ ما تسْتَقِرُّ
وفي حدِيثِ مَرَضِ النبيِّ صلّى اللّه عَليْهِ وسَلَّم، قالَ العباسُ
لِعَلِيٍّ رضِيَ اللّهُ عنهُما: كيفَ أَصْبَحَ رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ
عليهِ وسلم؟ قالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللّهِ بارِئاً، أَي مُعافىً. يقالُ:
بَرَأْتُ مِنَ الـمَرَضِ أَبرَأُ بَرْءاً، بالفتح، فأَنا بارِئٌ؛ وأَبرَأَني اللّهُ مِنَ المرَض.
وغيرُ أَهلِ الحِجازِ يقولون: برِئت، بالكسرِ، بُرْءاً، بالضم. ومِنْهُ قولُ عبدالرحمن بنِ عَوْف لأَبي بكر رضيَ
اللّهُ عنهُما: أَراكَ بارئاً.
وفي حديثِ الشُّرْب: فإِنهُ أَرْوَى وأَبرَى، أَي يُبرِئهُ مِنْ أَلَمِ
العَطَشِ. أَو أَرادَ أَنهُ لا يكونُ مِنْهُ مَرَضٌ، لأَنهُ قدْ جاءَ في
حديثٍ آ خر: فإِنهُ يُورِثُ الكُبادَ. قالَ: وهكذا يروى في الحديثِ
أَبْرى، غيرَ مَهْمُوزةٍ، لأَجلِ أَرْوَى.
والبَرَاءُ في الـمَدِيدِ: الجُزْءُ السَّالِمُ مِنْ زِحَافِ المُعاقبَةِ.
وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالـمُعاقبَةِ، فيَسْلَمُ
منهُ، فهو بَرِيءٌ. الأَزهَرِي: وأَما قولهم بَرِئْتُ مِنَ الدَّينِ، والرَّجُلُ
أَبْرَأَ بَراءة، وبَرِئتُ اليْكَ مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَرَاءة، فليسَ فيها غير
هذه اللغَةِ. قال الأَزهَري: وقد رووا بَرَأَتُ مِنَ الـمَرَضِ أَبْرُؤُ
بُرْءًا. قال: ولم نجِدْ فيما لامه هَمْزةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ. قال: وقد
استقصى العلماءُ باللغَةِ هذا، فلم يجدُوهُ إِلا في هذا الحرْف، ثم ذكرَ قرَأْتُ أَقْرُؤُ وهَنَأْتُ البعِيرَ أَهْنُؤُه.
وقولهُ عزَّ وجلَّ: بَراءة مِن اللّهِ ورسولهِ، قال: في رَفعِ
بَرَاءة قولانِ: أَحدهُما على خَبرِ الابِتداءِ، المعنى: هذهِ الآياتُ بَرَاءة مِن اللّهِ ورسولهِ؛ والثاني بَرَاءة ابتداءٌ والخبرُ إِلى الذينَ
عاهَدْتُمْ. قال: وِكلا القَوْلَيَنِ حَسَنٌ.
وأَبْرأْتُه مِمَّا لي عليْهِ وبَرَّأْتُهُ تَبْرِئةً، وبَرِئَ مِنَ
الأَمْرِ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ، والأَخِير نادِرٌ، بَراءة وبَراءً، الأَخِيرة عن اللحياني؛ قالَ: وكذلِكَ في الدَّينِ والعُيوبِ بَرِئَ إِليكَ
مِنْ حَقِّكَ بَراءة وبَراءً وبُروءاً وتبرُّؤاً، وأَبرَأَكَ مِنهُ
وبَرَّأَكَ. وفي التنزيلِ العزيز: «فبرَّأَهُ اللّهُ مـمَّا قالوا».
وأَنا بَرِيءٌ مِنْ ذلِكَ وبَراءٌ، والجمْعُ بِراءٌ، مثل كَرِيمٍ
وكِرامٍ، وبُرَآءُ، مِثل فقِيه وفُقَهاء، وأَبراء، مثل شريفٍ
وأَشرافٍ، وأَبرِياءُ، مثل نَصِيبٍ وأَنْصِباء، وبَرِيئون وبَراء. وقال الفارسي: البُراءُ جمعُ بَريء، وهو مِنْ بابِ رَخْلٍ ورُخالٍ. وحكى الفرَّاءُ في جَمْعِهِ:
بُراء غير مصروفٍ على حذفِ إِحدى الهمزَتين. وقالَ اللحياني: أَهلُ الحجاز يقولون: أَنا مِنك بَراء. قال: وفي التنزيل العزيزِ: «إِنَّني بَراءٌ مـمّا تَعْبُدون».
وتَبَرَّأْتُ مِن كذا وأَنا بَراءٌ مِنهُ وخَلاءٌ، لا يُثَنَّى ولا
يجمَع، لأَنهُ مصدَرٌ في الأَصْل، مِثل سَمِعَ سَمَاعاً، فإِذا قلت: أَنا
بَرِيءٌ مِنهُ وخَلِيٌّ منهُ ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت. ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن العَرَب: أَنا بَرِيءٌ.
وفي غيرِ موضعٍ مِن القرآنِ: إِني بَرِيءٌ؛ والأُنثى بَريئَةٌ، ولا يُقال: بَرَاءة، وهُما بَريئتانِ، والجمعُ بَرِيئات، وحكى اللحياني: بَرِيَّاتٌ وبَرايا كخَطايا؛ وأَنا البرَاءُ مِنهُ، وكذلِكَ الاثنان والجمعُ والمؤَنث. وفي التنزيلِ العزيز: «إِنني بَراءٌ مما تعبُدون».
الأَزهري: والعَرَبُ تقول: نحنُ مِنكَ البَراءُ والخَلاءُ
والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال: بَراءٌ لأَنهُ
مصْدَر. ولو قال: بَرِيء، لقِيلَ في الاثنينِ: بَريئانِ، وفي الجمع: بَرِيئونَ وبَراءٌ.
وقال أَبو إِسحق: المعنى في البَراءِ أَي ذو البَراءِ منكم، ونحنُ ذَوُو البَراءِ منكم. وزادَ الأَصمَعِي: نحنُ بُرَآء على فُعَلاء، وبِراء على فِعالٍ، وأَبْرِياء؛ وفي المؤَنث: إِنني بَرِيئةٌ وبَرِيئتانِ، وفي الجمْعِ بَرِيئاتٌ وبَرايا. الجوهري: رجلٌ بَرِيءٌ وبُراءٌ مثلُ
عَجِيبٍ وعُجابٍ.
وقال ابن بَرِّيٍّ: المعروفُ في بُراءٍ أَنه جمعٌ لا واحِدٌ،
وعليهِ قولُ الشاعِر:
رأَيتُ الحَرْبَ يَجنُبُها رِجالٌ، * ويَصْلى، حَرَّها، قَوْمٌ بُراءٌ
قال ومثلهُ لزُهير:
اليْكُم إِنَّنا قَوْمٌ بُراءُ
ونصّ ابن جني على كونِهِ جَمْعاً، فقال: يجمَعُ بَرِيءٌ على أَربَعَةٍ
مِن الجُموع: بَرِيءٌ وبِراءٌ، مِثل ظَريفٍ وظِرافٍ، وبَرِيءٌ وبُرَآءُ، مثل شَرِيفٍ وشُرفاء، وبَرِيءٌ وأَبْرِياءُ، مِثل صَدِيقٍ وأَصدِقاء، وبَريءٌ وبُراءٌ، مثل ما جاءَ مِنَ الجُموعِ على فُعالٍ نحو تُؤَامٍ ورُباءٍ(1)
(1 الصواب أن يقال في جمعها: رُبَاب بالباء في آخره وهو الذي ذكره المصنّف وصاحب القاموس وغيرهما في مادة رب ب «أحمد تيمور») في جمعِ تَوْأَم ورُبَّى.
ابنُ الأَعرابي: بَرِئَ إِذا تخَلَّصَ، وبَرِئَ إِذا تَنَزَّهَ وتباعَدَ، وبَرِىءَ، إِذا أَعْذَرَ وأَنذَرَ؛ ومنه قولهُ تعالى: بَراءة مِن
اللّهِ ورسولِهِ، أَي إِعْذارٌ وإِنذارٌ. وفي حديث أَبي هُرَيرة رضيَ
اللّهُ عنه لما دعاهُ عُمَرُ إِلى العَملِ فأَبَى، فقال عُمر: إِنّ يُوسُفَ قد
سأَلَ العَمَلَ. فقالَ: إِنَّ يُوسُفَ منّي بَرِيءٌ وأَنا مِنْه بَرَاء اي بَرِيءٌ عن مُساواتِهِ في الحُكْمِ وأَنْ أُقاسَ بهِ؛ ولم يُرِدْ بَراءة الوِلايةِ والـمَحَبَّةِ لأَنهُ مأْمورٌ بالإِيمانِ به، والبَرَاءُ والبَرِيءُ سَواءٌ.
وليلةُ البَراءِ ليلةَ يَتَبَرَّأُ القمرُ منَ الشمسِ، وهي أَوَّلُ ليلة
من الشهرٍ. التهذيب: البرَاءُ أَوَّلُ يومٍ منَ الشهرِ، وقد أَبْرأَ:
اذا دخلَ في البَراءِ، وهو اوّلُ الشهرِ. وفي الصحاحِ البَراءُ، بالفتحِ:
أَوَّلُ ليلةٍ من الشهر، ولم يقل ليلةُ البَراءِ، قال:
يا عَيْنُ بَكِّي مالِكاً وعَبْسَا، * يَوْمَا، إِذا كانَ البَراءُ نَحْسا
أَي إِذا لم يكن فيهِ مَطَرٌ، وهم يَسْتَحِبُّونَ المطرَ في آخِرِ
الشهرِ؛ وجمعهُ أَبْرِئةٌ، حكي ذلك عن ثعلبٍ. قال القتيبي: آخِرُ ليلة من الشهر تسمى بَراء لتَبَرُّؤِ القمر فيه من الشمس. ابن الأَعرابي: يقال لآخر يوم من الشهر البَراء لأَنه قد بَرِئَ مِن هذا الشهر. وابنُ البَراء: أَوَّل يوم من الشهر. ابن الأَعرابي: البَراءُ من الأَيامِ يَوْمُ سَعْدٍ يُتَبرَّكُ بكل ما يَحدُث فيه، وأَنشد:
كــان البَراءُ لَهُمْ نَحْساً، فَغَرَّقَهُـم، * ولم يَكُنْ ذاكَ نحْساً مُذ سَرَى القَمَرُ
وقال آخر:
إِنَّ عبِيداً لا يَكُونُ غُسَّا، * كما البَراءُ لا يَكُونُ نحْسا(1)
وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالـمُعاقبَةِ، فيَسْلَمُ
(1 قوله «عبيداً» كذا في النسخ والذي في الأساس سعيداً.)
أَبو عمرو الشيباني: أَبْرَأَ الرَّجُل: إِذا صادَفَ بَرِيئاً، وهو
قَصَبُ السكر. قال أَبو منصور: أَحْسَبُ هذا غير صحيح؛ قال: والذي أَعرفه أَبَرْت: إِذا صادَفْتَ بَرِياًّ، وهو سُكَّر الطَّبَرْزَدِ.
وبارَأْتُ الرَّجل: بَرِئْتُ اليه وبَرِئَ إِليَّ. وبارَأْتُ شَرِيكي:
إِذا فارَقْتَه. وبارأَ المرأَةَ والكَرِيَّ مُبارأَةً وبِراءً: صالَحَهما
على الفِراق.
والاستِبراءُ: أَن يَشْتَرِيَ الرَّجلُ جارِيةً، فلا يَطَؤُها حتى
تَحِيضَ عنده حَيْضةً ثم تَطْهُرَ؛ وكذلك إِذا سبَاها لم يَطَأْها حتى
يَسْتـَبْرِئَها بِحَيْضَةٍ، ومعناهُ: طَلَبُ بَراءَتها من الحَمْل.
واسْتَبْرأْتُ ما عندك: غيرُه.
اسْتَبْرَأَ المرأَةَ: إِذا لم يَطَأْها حتى تحِيضَ؛ وكذلك اسْتَبْرَأَ
الرّحِمَ. وفي الحديث في اسْتِبْراء الجارية: لا يَمَسُّها حتى تَبْرَأَ
رَحِمُها ويَتَبَيَّنَ حالها هل هي حامِلٌ أَم لا. وكذلك الاسْتِبْراءُ
الذي يُذْكَر مع الاسْتِنْجاء في الطَّهارة، وهو أَن يَسْتَفْرِغَ
بَقِيَّةَ البول، ويُنَقِّي مَوْضِعَه ومَجْراه، حتى يُبْرِئَهما منه أَي
يُبِينَه عنهما، كما يَبْرَأُ من الدَّين والـمَرَض. والاسْتِبْراءُ: اسْتِنقاء
الذَّكَر عن البول. واسْتَبْرأَ الذَّكَرَ: طَلَبَ بَراءَتَه مِن
بَقِيَّةِ بول فيه بتحريكه ونَتْرِه وما أَشبه ذلك، حتى يَعْلَم أَنه لم يَبْقَ
فيه شيء. ابن الأَعرابي: البَرِيءُ: الـمُتَفصِّي من القَبائح،
الـمُتنَجِّي عن الباطل والكَذِبِ، البعِيدُ مِن التُّهم، النَّقِيُّ القَلْبِ من
الشِّرك. والبَرِيءُ الصحِيحُ الجِسمِ والعقلِ. والبُرْأَةُ، بالضمِّ:
قُتْرةُ الصائد التي يَكْمُن فيها،
والجمع بُرَأ. قال الأَعشى يصف الحمير:
فأَوْرَدَها عَيْناً، مِنَ السِّيف، رَيَّةً، * بِها بُرَأ مِثْلُ الفَسِيلِ الـمُكَمَّمِ
شرع: شَرَعَ الوارِدُ يَشْرَعُ شَرْعاً وشُروعاً: تناول الماءَ بفِيه.
وشَرَعَتِ الدوابُّ في الماء تَشْرَعُ شَرْعاً وشُرُوعاً أَي دخلت.
ودوابُّ شُروعٌ وشُرَّعٌ: شَرَعَتْ نحو الماء. والشَّريعةُ والشِّراعُ
والمَشْرَعةُ: المواضعُ التي يُنْحَدر إِلى الماء منها، قال الليث: وبها سمي ما
شَرَعَ الله للعبادِ شَريعةً من الصوم والصلاةِ والحج والنكاح وغيره.
والشِّرْعةُ والشَّريعةُ في كلام العرب: مَشْرَعةُ الماء وهي مَوْرِدُ
الشاربةِ التي يَشْرَعُها الناس فيشربون منها ويَسْتَقُونَ، وربما شَرَّعوها
دوابَّهم حتى تَشْرَعها وتشرَب منها، والعرب لا تسميها شَريعةً حتى يكون
الماء عِدًّا لا انقطاع له، ويكون ظاهراً مَعِيناً لا يُسْقى بالرِّشاءِ،
وإِذا كان من السماء والأَمطار فهو الكَرَعُ، وقد أَكْرَعُوه إِبلهم
فكَرَعَتْ فيه وسقَوْها بالكَرْع وهو مذكور في موضعه. وشَرَعَ إِبله
وشَرَّعها: أَوْرَدَها شريعةَ الماء فشربت ولم يَسْتَقِ لها. وفي المثل: أَهْوَنُ
السَّقْيِ التَّشْريعُ، وذلك لأَن مُورِدَ الإِبل إِذا وَرَدَ بها
الشريعة لم يَتْعَبْ في إِسْقاءِ الماء لها كما يتعب إِذا كان الماء بعيداً؛
ورُفِعَ إِلى عليّ، رضي الله عنه، أَمْرُ رجل سافر مع أَصحاب له فلم
يَرْجِعْ حين قفَلوا إِلى أَهاليهم، فاتَّهَمَ أَهلُه أَصحابَه فرَفَعُوهم إِلى
شُرَيْح، فسأَلَ الأَولياءَ البينةَ فعَجَزُوا عن إِقامتها وأَخبروا
عليّاً بحكم شريح فتمثَّل بقوله:
أَوْرَدَها سَعْدٌ، وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ،
يا سَعْدُ لا تَرْوى بِهذاكَ الإِبِلْ
(* ويروى: ما هكذا توردُ، يا سعدُ، الإبل.)
ثم قال: إِن أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْريعُ، ثم فَرَّقَ بينهم وسأَلهم
واحداً واحداً، فاعترَفوا بقتله فقَتَلَهم به؛ أَراد علي: أَن هذا الذي
فعله كان يسِيراً هيِّناً وكان نَوْلُه أَن يَحْتاطَ ويَمْتَحِنَ بأَيْسَر
ما يُحْتاطُ في الدِّماءِ كما أَن أَهْوَنَ السَّقْيِ للإِبلِ تشرِيعُها
الماء، وهو أَن يُورِدَ رَبُّ الإِبلِ إِبله شريعةً لا تحتاج مع ظهور
مائها إِلى نَزْع بالعَلَق من البئر ولا حَثْيٍ في الحوض، أَراد أَن الذي
فعله شريح من طلب البينة كان هيِّناً فأَتَى الأَهْوَنَ وترك الأَحْوَطَ
كما أَن أَهون السَّقْيِ التشريعُ. وإِبلٌ شُرُوعٌ، وقد شَرَعَتِ الماءَ
فشَرِبت؛ قال الشماخ:
يَسُدُّ به نَوائِبَ تَعْتَرِيهِ
من الأَيامِ كالنَّهَلِ الشُّرُوعِ
وشَرَعْتُ في هذا الأَمر شُرُوعاً أَي خُضْتُ. وأَشْرَعَ يدَه في
المِطْهَرةِ إِذا أَدخَلَها فيها إِشْراعاً. قال: وشَرَعْتُ فيها وشَرَعَتِ
الإِبلُ الماءَ وأَشرعْناها. وفي الحديث: فأَشرَعَ ناقتَه أَي أَدخَلها في
شرِيعةِ الماء. وفي حديث الوضوء: حتى أَشرَعَ في العضُد أَي أَدخَل الماءَ
إِليه. وشَرَّعَتِ الدابةُ: صارت على شَرِيعةِ الماء؛ قال الشماخ:
فلمّا شَرَّعَتْ قَصَعَتْ غَليلاً
فأَعْجَلَها، وقد شَرِبَتْ غِمارا
والشريعةُ موضع على شاطئ البحر تَشْرَعُ فيه الدوابُّ. والشريعةُ
والشِّرْعةُ: ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة
وسائر أَعمال البرِّ مشتقٌّ من شاطئ البحر؛ عن كراع؛ ومنه قوله تعالى:
ثم جعلناك على شريعةٍ من الأَمْر، وقوله تعالى: لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً
ومِنهاجاً؛ قيل في تفسيره: الشِّرْعةُ الدِّين، والمِنهاجُ الطريقُ،
وقيل: الشرعة والمنهاج جميعاً الطريق، والطريقُ ههنا الدِّين، ولكن اللفظ
إِذا اختلف أَتى به بأَلفاظ يؤَكِّدُ بها القِصة والأَمر كما قال عنترة:
أَقوَى وأَقْفَرَ بعد أُمِّ الهَيْثَمِ
فمعنى أَقْوَى وأَقْفَرَ واحد على الخَلْوَة إِلا أَن اللفظين أَوْكَدُ
في الخلوة. وقال محمد بن يزيد: شِرْعةً معناها ابتِداءُ الطريق،
والمِنهاجُ الطريق المستقيم. وقال ابن عباس: شرعة ومنهاجاً سَبيلاً وسُنَّة، وقال
قتادة: شرعة ومنهاجاً، الدِّين واحد والشريعة مختلفة. وقال الفراء في
قوله تعالى ثم جعلناك على شريعة: على دين ومِلَّة ومنهاج، وكلُّ ذلك يقال.
وقال القتيبي: على شريعة، على مِثال ومَذْهبٍ. ومنه يقال: شَرَعَ فلان في
كذا وكذا إِذا أَخذ فيه؛ ومنه مَشارِعُ الماء وهي الفُرَضُ التي
تَشْرَعُ فيها الواردةُ. ويقال: فلان يَشْتَرعُ شِرْعَتَهُ ويَفْتَطِرُ
فِطْرَتَه ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كل ذلك من شِرْعةِ الدِّين وفِطْرتِه ومِلِّتِه.
وشَرَعَ الدِّينَ يَشْرَعُه شَرْعاً: سَنَّه. وفي التنزيل: شَرَعَ لكم من
الدِّين ما وصَّى به نوحاً؛ قال ابن الأَعرابي: شَرَعَ أَي أَظهر. وقال
في قوله: شَرَعوا لهم من الدِّين ما لم يأْذن به الله، قال: أَظهَرُوا
لهم. والشارعُ الرَّبّاني: وهو العالم العاملُ المعَلِّم. وشَرَعَ فلان
إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ وقمَعَ الباطِلَ. قال الأَزهري: معنى شَرَعَ بَيَّنَ
وأَوضَح مأْخوذ من شُرِعَ الإِهابُ إِذا شُقَّ ولم يُزَقَّقْ أَي يجعل
زِقًّا ولم يُرَجَّلْ، وهذه ضُرُوبٌ من السَّلْخِ مَعْرُوفة أَوسعها
وأَبينها الشَّرْعُ، قال: وإِذا أَرادوا أَن يجعلوها زِقًّا سلَخُوها من قِبَل
قَفاها ولا يَشُقُّوها شَقّاً، وقيل في قوله: شَرَع لكم من الدِّين ما
وصَّى به نوحاً: إِنَّ نوحاً أَول من أَتَى بتحريم البَناتِ والأَخَواتِ
والأُمَّهات. وقوله عز وجل: والذي أَوحينا إِليك وما وصَّينا به إِبراهيم
وموسى؛ أَي وشرع لكم ما أَوحينا إِليك وما وصَّيْنا به الأَنبياء قبْلك.
والشِّرْعةُ: العادةُ. وهذا شِرْعةُ ذلك أَي مِثاله؛ وأَنشد الخليل يذمُّ
رجلاً:
كَفّاكَ لم تُخْلَقا للنَّدَى،
ولم يَكُ لُؤْمُهما بِدْعَهْ
فَكَفٌّ عن الخَيرِ مَقْبُوضةٌ،
كما حُطَّ عن مائَةٍ سَبْعهْ
وأُخْرَى ثَلاثَةُ آلافِها،
وتِسْعُمِئيها لها شِرْعهْ
وهذا شِرْعُ هذا، وهما شِرْعانِ أَي مِثْلانِ.
والشارِعُ: الطريقُ الأَعظم الذي يَشْرَعُ فيه الناس عامّة وهو على هذا
المعنى ذُو شَرْعٍ من الخَلْق يَشْرَعُون فيه. ودُورٌ شارِعةٌ إِذا كانت
أَبوابها شارِعةً في الطريق. وقال ابن دريد: دُورٌ شَوارِعُ على نَهْجٍ
واحد. وشَرَعَ المَنْزِلُ إِذا كان على طريق نافذ. وفي الحديث: كانت
الأَبوابُ شارِعةً إِلى المَسْجِدِ أَي مَفْتُوحةً إِليه. يقال: شَرَعْتُ
البابَ إِلى الطريق أَي أَنْفَذْتُه إِليه. وشَرَعَ البابُ والدارُ شُرُوعاً
أَفْضَى إِلى الطريقِ، وأَشْرَعَه إِليه. والشَّوارِعُ من النجوم:
الدَّانِيةُ من المَغِيبِ. وكلُّ دانٍ من شيء، فهو شارِعٌ. وقد شَرَعَ له ذلك،
وكذلك الدارُ الشارِعةُ التي قد دنت من الطريق وقَرُبَتْ من الناسِ، وهذا
كله راجع إِلى شيء واحد، إِلى القُرْب من الشيء والإِشْرافِ عليه.
وأَشْرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسيْفَ وشَرَعَهُما: أَقْبَلَهُما إِياه
وسَدَّدَهُما له، فَشَرَعَتْ وهيَ شَوارِعُ؛ وأَنشد:
أَفاجُوا مِنْ رِماحِ الخَطِّ لَمّا
رَأَوْنا قَدْ شَرَعْناها نِهالا
وشَرَعَ الرُّمْحُ والسَّيْفُ أَنْفُسُهُما؛ قال:
غَداةَ تَعاوَرَتْه ثَمَّ بِيضٌ،
شَرَعْنَ إِليهِ في الرَّهْجِ المُكِنِّ
(* هذا البيت من قصيدة للنابغة. وفي ديوانه: دُفعن اليه مكان شرعن
اليه.)وقال عبد الله بن أَبي أَوْفَى يهجو امرأَة:
ولَيْسَتْ بِتارِكةٍ مُحْرَماً،
ولَوْ حُفَّ بالأَسَلِ الشُّرَّعِ
ورمح شُراعِيٌ أَي طويلٌ وهو مَنْسُوب. والشِّرْعةُ
(* قوله «والشرعة»
في القاموس: هو بالكسر ويفتح، الجمع شرع بالكسر ويفتح وشرع كعنب، وجمع
الجمع شراع.): الوَتَرُ الرقيقُ، وقيل: هو الوَتَرُ ما دام مَشْدوداً على
القَوْس، وقيل: هو الوتر، مَشْدوداً كان على القَوْس أَو غير مشدود، وقيل:
ما دامت مشدودة على قوس أَو عُود، وجمعه شِرَعٌ على التكسير، وشِرْعٌ على
الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاء، وشِراعٌ جمع الجمع؛ قال الشاعر:
كما أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع
لإِسْوارِها عَلَّ منه اصْطِباحَا
(* قوله «كما أزهرت إلخ» أنشده في مادة زهر: ازدهرت. وقوله «عل منه»
تقدم عل منها.)
وقال ساعدة بن جؤية:
وعاوَدَني دَيْني، فَبِتُّ كأَنما
خِلالَ ضُلوعِ الصَّدْرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ
ذكَّر لأَن الجمع الذي لا يُفارِقُ واحده إِلا بالهاء لك تذكيره
وتأْنيثه؛ يقول: بِتُّ كأَنّ في صَدْري عُوداً من الدَّوِيِّ الذي فيه من
الهُموم، وقيل: شِرْعةٌ وثلاثُ شِرَعٍ، والكثير شُرْعٌ؛ قال ابن سيده: ولا
يعجبني على أَن أَبا عبيد قد قاله. والشِّراعُ: كالشِّرْعة، وجمعه شُرُعٌ؛
قال كثير:
إِلا الظِّباءَ بها، كأَنَّ تَرِيبَها
ضَرْبُ الشِّراعِ نَواحيَ الشِّرْيانِ
يعني ضَرْب الوَتَرِ سِيَتَيِ القَوْسِ. وفي الحديث: قال رجل: إِني
أُحِبُّ الجَمالَ حتى في شِرْعِ نَعْلِي أَي شِراكِها تشبيه بالشِّرْعِ، وهو
وَترُ العُود لأَنه مُمْتَدٌّ على وجهِ النعل كامتِدادِ الوَترِ على
العُود، والشِّرْعةُ أَخَصّ منه، وجمعهما شِرْعٌ؛ وقول النابغة:
كَقَوْسِ الماسِخِيِّ يَرِنُّ فيها،
من الشِّرْعِيِّ، مَرْبُوعٌ مَتِينُ
أَراد الشِّرْعَ فأَضافه إَلى نفسه ومثله كثير؛ قال ابن سيده: هذا قول
أَهل اللغة وعندي أَنه أَراد الشِّرْعةَ لا الشِّرْعَ لأَنَّ العَرَبَ
إِذا أَرادت الإِضافة إِلى الجمع فإِنما تردُّ ذلك إِلى الواحد.
والشَّريعُ: الكَتَّانُ وهو الأَبَقُ والزِّيرُ والرازِقيُّ، ومُشاقَتُه
السَّبِيخةُ. وقال ابن الأَعرابي: الشَّرَّاعُ الذي يبيع الشَّريعَ، وهو
الكتَّانُ الجَيِّدُ.
وشَرَّعَ فلان الحَبْلَ أَي أَنْشَطه وأَدْخَلَ قُطْرَيْه في العُرْوة.
والأَشْرَعُ الأَنْفِ: الذي امْتَدَّت أَرْنَبَتُه. وفي حديث صُوَرِ
الأَنبياء، عليهم السلام: شِراعُ الأَنفِ أَي مُمْتَدُّ الأَنْفِ طويله.
والأَشْرعُ: السَّقائفُ، واحدتها شَرَعة؛ قال ابن خشرم:
كأَنَّ حَوْطاً جَزاه اللهُ مَغْفِرةً،
وجَنَّةً ذاتَ عِلِّيٍّ وأَشْراعِ
والشِّراعُ: شِراعُ السفينةِ وهي جُلُولُها وقِلاعُها، والجمع أَشْرِعةٌ
وشُرُعٌ؛ قال الطِّرِمّاح:
كأَشْرِعةِ السَّفِينِ
وفي حديث أَبي موسى: بينا نحن نَسِيرُ في البحر والريحُ طَيِّبةٌ
والشِّراعُ مرفوعٌ؛ شِراعُ السفينة: ما يرفع فوقها من ثوب لِتَدْخُلَ فيه الريح
فيُجْريها. وشَرّعَ السفينةَ: جعل لها شِراعاً. وأَشرَعَ الشيءَ:
رَفَعَه جدّاً. وحِيتانٌ شُرُوعٌ: رافعةٌ رُؤُوسَها. وقوله تعالى: إِذ تأْتِيهم
حِيتانُهم يوم سَبْتِهم شُرَّعاً ويوم لا يَسْبِتُون لا تأْتيهم؛ قيل:
معناه راعفةٌ رُؤُوسَها، وقيل: خافضة لها للشرب، وقيل: معناه أَن حِيتانَ
البحر كانت تَرِدُ يوم السبت عَنَقاً من البحر يُتاخِمُ أَيْلةَ
أَلهَمَها الله تعالى أَنها لا تصاد يوم السبت لنَهْيِه اليهودَ عن صَيْدِها،
فلما عَتَوْا وصادُوها بحيلة توَجَّهَتْ لهم مُسِخُوا قِرَدةً. وحِيتانٌ
شُرَّعٌ أَي شارِعاتٌ من غَمْرةِ الماءِ إِلى الجُدِّ. والشِّراعُ: العُنُق،
وربما قيل للبعير إِذا رَفَع عُنُقه: رَفَع شِراعَه. والشُّراعيّة
والشِّراعيّةُ: الناقةُ الطويلةُ العُنُقِ؛ وأَنشد:
شُِراعِيّة الأَعْناقِ تَلْقَى قَلُوصَها،
قد اسْتَلأَتْ في مَسْك كَوْماءَ بادِنِ
قال الأَزهري: لا أَدري شُراعِيّةٌ أَو شِراعِيّةٌ، والكَسْر عندي
أَقرب، شُبِّهت أَعناقُها بشِراع السفينة لطولها يعني الإِبل. ويقال للنبْتِ
إِذا اعْتَمَّ وشَبِعَتْ منه الإِبلُ: قد أَشرَعَتْ، وهذا نَبْتٌ شُراعٌ،
ونحن في هذا شَرَعٌ سواءٌ وشَرْعٌ واحدٌ أَي سواءٌ لا يفوقُ بعضُنا
بعضاً، يُحَرَّكُ ويُسَكَّنُ. والجمع والتثنية والمذكر والمؤنث فيه سواء. قال
الأَزهري: كأَنه جمع شارِعٍ أَي يَشْرَعُون فيه معاً. وفي الحديث: أَنتم
فيه شَرعٌ سواءٌ أَي متساوون لا فَضْل لأَحدِكم فيه على الآخر، وهو مصدر
بفتح الراء وسكونها. وشَرْعُك هذا أَي حَسْبُك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وكانَ ابنَ أَجمالٍ، إِذا ما تَقَطَّعَتْ
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوِّفُ
فسّره فقال: إِذا قطَّع الناسُ السِّياط على إِبلهم كفى هذه أَن
تُخَوَّفَ. ورجل شَرْعُك من رجل: كاف، يجري على النكرة وصفاً لأَنه في نية
الانفصال. قال سيبويه: مررت برجل شِرْعِكَ فهو نعت له بِكمالِه وبَذِّه، غيره:
ولا يثنَّى ولا يجمع ولا يؤنَّث، والمعنى أَنه من النحو الذي تَشْرَعُ
فيه وتَطْلُبُه. وأَشرَعَني الرجلُ: أَحْسَبَني. ويقال: شَرْعُكَ هذا أَي
حَسْبُك. وفي حديث ابن مغفل: سأَله غَزْوانُ عما حُرِّمَ من الشَّرابِ
فَعَرَّفَه، قال: فقلت شَرْعي أَي حَسْبي؛ وفي المثل:
شَرْعُكَ مل بَلَّغَكَ المَحَلاَّ
أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ، يُضْرَبُ في التبليغ باليسير. والشَّرْعُ: مصدر
شَرَعَ الإهابَ يَشْرَعُه شَرْعاً سَلَخَه، وقال يعقوب: إِذا شَقَّ ما
بين رِجْلَيْه وسَلَخَه؛ قال: وسمعته من أُمِّ الحُمارِسِ البَكْرِيّةِ.
والشِّرْعةُ: حِبالةٌ من العَقَبِ تُجْعَلُ شَرَكاً يصاد به القَطا ويجمع
شِرَعاً؛ وقال الراعي:
من آجِنِ الماءِ مَحْفُوفاً به الشِّرَعُ
وقال أَبو زبيد:
أَبَنَّ عِرِّيسةً عَنانُها أَشِبٌ،
وعِنْدَ غابَتِها مُسْتَوْرَدٌ شَرَعُ
الشِّرَعُ: ما يُشْرَعُ فيه، والشَّراعةُ: الجُرْأَةُ. والشَّرِيعُ:
الرجل الشُّجاعُ؛ وقال أَبو وجْزةَ:
وإِذا خَبَرْتَهُمُ خَبَرْتَ سَماحةً
وشَراعةً، تَحْتَ الوَشِيجِ المُورِدِ
والشِّرْعُ: موضع
(* قوله «والشرع موضع» في معجم ياقوت: شرع، بالفتح،
قرية على شرقي ذرة فيها مزارع ونخيل على عيون، ثم قال: شرع، بالكسر، موضع،
واستشهد على كليهما.)، وكذلك الشّوارِعُ. وشَرِيعةُ: ماءٌ بعينه قريب من
ضَرِيّةَ؛ قال الراعي:
غَدا قَلِقاً تَخَلَّى الجُزْءُ منه،
فَيَمَّمَها شَرِيعةَ أَو سَوارَا
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وأَسْمَر عاتِك فيه سِنانٌ
شُراعِيٌّ، كَساطِعةِ الشُّعاعِ
قال: شُراعِيٌّ نسبة إِلى رجل كان يعمل الأَسِنَّة كأَن اسمه كان
شُراعاً، فيكون هذا على قياس النسب، أَو كان اسمه غير ذلك من أَبْنِية شَرَعَ،
فهو إِذاً من نادِرِ مَعْدُول النسب. والأَسْمَرُ: الرُّمح. والعاتِكُ:
المُحْمَرُّ من قِدَمِه. والشَّرِيعُ من الليف: ما اشتَدَّ شَوْكُه وصلَحَ
لِغِلَظِه أَنْ يُخْرَزَ به؛ قال الأَزهري: سمعت ذلك من الهجريين
النَّخْلِيِّين. وفي جبال الدَّهْناءِ جبلٌ يقال له شارعٌ، ذكره ذو الرمّة في
شعره.
قدس: التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه
اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس
فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس،
بفتح أََوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم،
قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على
فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا
السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح،
بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير
القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من
أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس
ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل:
هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛
قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث
الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح
شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه
قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي
التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي
نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا
قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُــتَطَّهر. والقَدَس،
بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يــتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت
المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُــتطهَّر به من الذنوب. ابن
الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة
اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه
المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض
المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على
حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه
في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال
مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا،
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه
ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ
جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي
جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة:
تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ،
وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ
خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْر ُ؛ وحكى
ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس
المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض
المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة
أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ،
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.
ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس
نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال
اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه
بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول
الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ،
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ
لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في
الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي
حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر
الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر
يُنْصَب في وسَط الحوض إِذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو
عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَدَّاسُ،
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛
قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إِذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ:
الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب
معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ،
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وفي المحكم:
كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي
يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن
الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة:
من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من
أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:
القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في
نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد
مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
نزه: النُّزْهَةُ: معروفة. والتَّنَزُّهُ: التباعد، والإسم النُّزْهةُ.
ومكانٌ نَزِهٌ
ونَزِيهٌ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ
بعيدة عَذْبَةٌ نائية من الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ. الجوهري:
وخرجنا نتَنَزَّهُ في الرِّياضِ، وأَصله من البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ،
بالكسر. ويقال: ظِللْنا مُتَنَزِّهِينَ إذا تباعدوا عن المياه. وهو
يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: الجابِيَةُ
أَرضٌ
نَزِهَةٌ أَي بعيدة عن الوَباء. والجابِيَةُ: قرية بدمشْقَ. ابن سيده:
وتنزَّهَ الإنسانُ خرج إلى الأَرض النَّزِهَةِ، قال: والعامة يضعون الشيء
في غير موضعه ويَغْلَطُونَ فيقولون خرجنا نتَنزَّهُ إذا خرجوا إلى
البساتين فيجعلون التَّنزُّهَ الخروجَ إلى البساتين والخُضَر والرِّياض، وإنما
التَّنزُّهُ التباعدُ عن الأَرياف والمياه حيث لا يكون ماءٌ ولا نَدىً
ولا جَمْعُ ناسٍ، وذلك شِقُّ البادية، ومنه قيل: فلانٌ يتَنَزَّهُ عن
الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عنها أَي يُباعد نفسه عنها؛ ومنه قول أُسامة بن
حبيب الهذلي:
كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ،
يُشَرِّدُ عن كَتِفيْهِ الذُّبابا
أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلا
ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إلا ائتِيابا
ويروى: إلا انْتِيابا، يريد ما تباعد من الفلاة عن المياه والأَرياف.
وفي حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها: صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، شيئاً فرَخَّصَ فيه فتَنَزَّهَ عنه قومٌ
أَي تركوه وأَبعدوا عنه ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فيه. وقد نَزُهَ
نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إذا بَعُدَ.
ورجل نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس: عفيف مْتكَرِّمٌ
يَحُلُّ وحْدَهُ ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله، والجمع نُزَهاءُ
ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والإسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ. ونَزَّهَ نفْسَه عن القبيح:
نَحّاها. ونزَّهَ الرجلَ: باعده عن القبيح. والنَّزاهةُ: البعد عن السوء.
وإن فلاناً لنَزِيهٌ كريمٌ إذا كان بعيداً من اللُّؤْمِ، وهو نزِيهُ
الخُلُقِ. وفلان يتَنزَّهُ عن مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عما يُذَمُّ
منها. الأَزهري: التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عن الشيء تكَرُّماً ورغبة
عنه.
والتَّنزِيهُ: تسبيح الله عز وجل وإبعادُهُ عما يقول المشركون.
الأَزهري: تَنْزِيهُ الله تبعيدُه وتقديسُه عن الأَنداد والأَشباه، وإنما قيل
للفلاة التي نأَتْ عن الرِّيفِ والمياه نزِيهةٌ
لبعدها عن غَمَقِ المياه وذِبّانِ القُرى وومَدِ البحار وفساد الهواء.
وفي الحديث: كان يصلي من الليل فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَنْزِيهُ الله إلا
نزَّهَهُ؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ الله تبعيدُه عما لا يجوز
عليه من النقائض؛ ومنه الحديث في تفسير سبحان الله: هو تَنْزِيهُهُ أَي
إبعاده عن السوء وتقديسه؛ ومنه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: الإيمانُ
نَزِهٌ
أَي بعيد عن المعاصي. وفي حديث المُعَذَّبِ في قبره: كان لا يسْتَنْزِهُ
من البول أَي لا يَسْتبرئ ولا يــتطهر ولا يستبعد منه. قال شمر: ويقال هم
قومٌ أَنْزاهٌ أَي يتَنزَّهُونَ عن الحرام، الواحد نزِيهٌ
مثل مَلِيءٍ وأَملاءٍ. ورجل نزيهٌ ونَزِهٌ: وَرِعٌ. ابن سيده: سَقى
إبلَهُ ثم نَزَهَها نَزْهاً باعدها عن الماء. وهو بنُزْهةٍ عن الماء أَي
بُعْد. وفلان نزِيهٌ
أَي بعيد. وتنَزَّهُوا بحُرَمِكْم عن القوم: تباعدوا. وهذا مكان نزِيهٌ:
خَلاء بعيد من الناس ليس فيه أَحد فأَنزلوا فيه حُرَمَكُمْ. ونُزْهُ
الفَلا: ما تباعد منها عن المياه والأَرياف.
غسل: غَسَلَ الشيء يَغْسِلُه غَسْلاً وغُسْلاً، وقيل: الغَسْلُ المصدر
من غَسَلْت، والغُسْل، بالضم، الاسم من الاغتسال، يقال: غُسْل وغُسُل؛ قال
الكميت يصف حمار وحش:
تحت الأَلاءة في نوعين من غُسُلٍ،
باتا عليه بِتَسْحالٍ وتَقْطارِ
يقول: يسيل عليه ما على الشجرة من الماء ومرة من المطر. والغُسْل: تمام
غَسل الجسد كله، وشيء مَغْسول وغَسِيل، والجمع غَسْلى وغُسَلاء، كما
قالوا قَتْلى وقُتَلاء، والأُنثى بغير هاء، والجمع غَسالى. الجوهري: مِلْحَفة
غَسِيل، وربما قالوا غَسِيلة، يذهب بها إِلى مذهب النعوت نحو
النَّطِيحة؛ قال ابن بري: صوابه أَن يقول يذهب بها مذهب الأَسماء مثل النَّطِيحة
والذَّبِيحة والعَصِيدة. وقال اللحياني: ميت غَسِيل في أَموات غَسْلى
وغُسَلاء وميتة غَسيل وغَسِيلة.
الجوهري: والمَغْسِل والمَغْسَل، بكسر السين وفتحها، مغسِل الموتى.
المحكم: مَغْسِلُ الموتى ومَغْسَلُهم موضع غَسْلهم، والجمع المَغاسل، وقد
اغْتَسَلَ بالماء.
والغَسُول: الماء الذي يُغْتَسل به، وكذلك المُغتَسَل. وفي التنزيل
العزيز: هذا مُغْتَسَل باردٌ وشراب؛ والمُغْتَسل: الموضع الذي يُغْتَسل فيه،
وتصغيره مُغَيْسِل، والجمع المَغاسِلُ والمَغاسيل. وفي الحديث: وضعت له
غُسْلَه من الجنابة. قال ابن الأَثير: الغُسْلُ، بالضم، الماء القليل الذي
يُغْتَسل به كالأُكْل لما يؤكل، وهو الاسم أَيضاً من غَسَلْته.
والغَسْل، بالفتح: المصدر، وبالكسر: ما يُغْسل به من خِطْميّ وغيره. والغِسل
والغِسْلة: ما يُغْسَل به الرأْس من خطميّ وطين وأُشْنان ونحوه، ويقال
غَسُّول؛ وأَنشد شمر:
فالرَّحْبَتانِ، فأَكنافُ الجَنابِ إِلى
أَرضٍ يكون بها الغَسُّول والرَّتَمُ
وقال:
تَرْعى الرَّوائِمُ أَحْرارَ البقول، ولا
تَرْعى، كَرَعْيكمُ، طَلْحاً وغَسُّولا
أَراد بالغَسُّول الأُشنان وما أَشبهه من الحمض، ورواه غيره:
لا مثل رعيكمُ مِلْحاً وغَسُّولا
وأَنشد ابن الأَعرابي لعبد الرحمن
بن دارة في الغِسْل:
فيا لَيْلَ، إِن الغِسْلَ ما دُمْتِ أَيِّماً
عليّ حَرامٌ، لا يَمَسُّنيَ الغِسْلُ
أَي لا أُجامع غيرها فأَحتاج إِلى الغِسل طمعاً في تزوّجها. والغِسْلة
أَيضاً: ما تجعله المرأَة في شعرها عند الامتشاط.
والغِسْلة: الطيب؛ يقال: غِسْلةٌ مُطَرّاة، ولا تقل غَسْلة، وقيل: هو
آسٌ يُطَرَّى بأَفاوِيهَ من الطيب يُمْتَشط به. واغْتَسَل بالطِّيب: كقولك
تضَمَّخ؛ عن اللحياني.
والغَسُول: كل شيء غَسَلْت به رأْساً أَو ثوباً أَو نحوه. والمَغْسِل:
ما غُسِل فيه الشيء. وغُسالة الثوب: ما خرج منه بالغَسْل. وغُسالةُ كل
شيء: ماؤُه الذي يُغْسَل به. والغُسالة: ما غَسَلْت به الشيء. والغِسْلِينُ:
ما يُغْسَلُ من الثوب ونحوه كالغُسالة.
والغِسْلِينُ في القرآن العزيز: ما يَسِيل من جلود أَهل النار كالقيح
وغيره كأَنه يُغْسل عنهم؛ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي، وقيل:
الغِسْلِينُ ما انْغَسل من لحوم أَهل النار ودمائهم، زيد فيه الياء والنون كما
زيد في عِفِرِّين؛ قال ابن بري: عند ابن قتيبة أَن عِفِرِّين مثل
قِنَّسْرِين، والأَصمعي يرى أَن عِفِرِّين معرب بالحركات فيقول عفرينٌ بمنزلة
سِنينٍ. وفي التنزيل العزيز: إِلاَّ مِنْ غِسْلينٍ لا يأْكله إِلاَّ
الخاطئون؛ قال الليث: غِسْلِينٌ شديد الحر، قال مجاهد: طعام من طعام أَهل
النار، وقال الكلبي: هو ما أَنْضَجَت النار من لحومهم وسَقَط أَكَلوه، وقال
الضحاك: الغِسْلِينُ والضَّرِيعُ شجر في النار، وكل جُرْح غَسَلْتَه فخرج
منه شيء فهو غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ من الغَسْل من الجرح والدبَر؛ وقال
الفراء: إِنه ما يَسِيل من صديد أَهل النار؛ وقال الزجاج: اشتقاقه مما
يَنْغَسِل من أَبدانهم. وفي حديث علي وفاطمة، عليهما السلام: شَرابُه الحميمُ
والغِسْلِينُ، قال: هو ما يُغْسَل من لحوم أَهل النار وصَدِيدهم.
وغَسِيلُ الملائكة: حنظلة بن أَبي عامر الأَنصاري، ويقال له: حنظلة
بن الراهب، استشهد يوم أُحُد وغسَّلَتْه الملائكة؛ قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: رأَيت الملائكة يُغَسِّلونه وآخرين يَسْتُرونه،
فسُمِّي غَسِيل الملائكة، وأَولاده يُنْسَبون إِليه: الغَسيلِيِّين، وذلك
أَنه كان أَلمَّ بأَهله فأَعجلَه النَّدْبُ عن الاغتِسال، فلما استُشْهِد
رأَى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، الملائكةَ يُغَسِّلونه، فأَخبر به
أَهله فذَكَرَتْ أَنه كان أَلمَّ بها.
وغَسَلَ اللهُ حَوْبَتَك أَي إِثْمَك يعني طهَّرك منه، وهو على المثل.
وفي حديث الدعاء: واغْسِلْني بماء الثلج والبرد أَي طَهِّرْني من الذنوب،
وذِكْرُ هذه الأَشياء مبالغة في التطهير. وغَسَلَ الرجلُ المرأَة
يَغْسِلُها غَسْلاً: أَكثر نكاحها، وقيل: هو نكاحُه إِيّاها أَكْثَرَ أَو
أَقَلَّ، والعين المهملة فيه لغة. ورجل غُسَلٌ: كثير الضِّراب لامرأَته؛ قال
الهذلي:
وَقْع الوَبِيل نَحاه الأَهْوَجُ الغُسَلُ
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: من غَسَّلَ يوم الجمعة
واغْتَسَل وبَكَّرَ وابتكر فيها ونِعْمَت؛ قال القتيبي: أَكثر الناس يذهبون
إِلى أَن معنى غَسَّل أَي جامع أَهله قبل خروجه للصلاة لأَن ذلك يجمع
غضَّ الطَّرْف في الطريق، لأَنه لا يُؤْمَن عليه أَن يرى في طريقه ما
يَشْغل قلْبَه؛ قال: ويذهب آخرون إِلى أَن معنى قوله غَسَّلَ توضأَ للصلاة
فغَسَلَ جوارح الوضوء، وثُقِّل لأَنه أَراد غَسْلاً بعد غَسْل، لأَنه إِذا
أَسبغ الوضوء غسَلَ كل عضو ثلاث مرات، ثم اغتسل بعد ذلك غُسْلَ الجمعة؛
قال الأَزهري: ورواه بعضهم مخففاً مِنْ غَسَل، بالتخفيف، وكأَنه الصواب من
قولك غَسَلَ الرجلُ امرأَته وغَسَّلَها إِذا جامعها؛ ومثله: فحل غُسَلةٌ
إِذا أَكثر طَرْقَها وهي لا تَحْمِل؛ قال ابن الأَثير: يقال غَسل الرجلُ
امرأَته، بالتشديد والتخفيف، إِذا جامعها، وقيل: أَراد غَسَّل غيرَه
واغْتَسَل هو لأَنه إِذا جامع زوجته أَحْوَجَها إِلى الغُسْل. وفي الحديث:
مَنْ غَسل الميِّتَ فلْيَغْتَسِلْ؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي لا أَعلم
أَحداً من الفقهاء يوجب الاغتسال من غُسْل الميت ولا الوضوء من حَمْلِه،
ويشبه أَن يكون الأَمر فيه على الاستحباب. قال ابن الأَثير: الغُسْل من
غسْل الميت مسنون، وبه يقول الفقهاء؛ قال الشافعي، رضي الله عنه: وأُحِبُّ
الغُسْل من غسْلِ الميِّت، ولو صح الحديث قلت به. وفي الحديث أَنه قال
فيما يحكي عن ربه: وأُنْزِلُ عليك كتاباً لا يَغْسِلُه الماء تقرؤُه
نائماً ويَقْظانَ؛ أَراد أَنه لا يُمْحَى أَبداً بل هو محفوظ في صدور الذين
أُوتوا العلم، لا يأْتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكانت الكتب
المنزلة لا تُجْمَع حِفْظاً وإِنما يعتمد في حفظها على الصحف، بخلاف القرآن
العزيز فإِن حُفَّاظَه أَضعاف مضاعفة لصُحُفِه، وقوله تقرؤُه نائماً
ويقظان أَي تجمعه حفظاً في حالتي النوم واليقظة، وقيل: أَراد تقرؤُه في يسر
وسهولة. وغَسَل الفحلُ الناقةَ يَغْسِلُها غَسْلاً: أَكثر ضِرابها. وفحل
غِسْلٌ وغُسَلٌ وغَسِيل وغُسَلة، مثال هُمَزة، ومِغْسَلٌ: يكثر الضراب ولا
يلقح، وكذلك الرجل. ويقال للفرس إِذا عَرِق: قد غُسِلَ وقد اغْتَسَلَ؛
وأَنشد:
ولم يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَل
وقال آخر:
وكلُّ طَمُوحٍ في العِنانِ كأَنها،
إِذا اغْتَسَلَتْ بالماء، فَتْخاءُ كاسِرُ
وقال الفرزدق:
لا تَذْكُروا حُلَلَ المُلوك فإِنكم،
بَعْدَ الزُّبَيْر، كحائضٍ لم تُغْسَل
أَي تغتَسِل. وفي حديث العين: العَيْنُ حَقٌّ فإِذا اسْتُغْسِلْتُم
فاغْسِلوا أَي إِذا طلب مَن أَصابته
(* قوله «أي إذا طلب من أصابته» هكذا في
الأصل بدون ذكر جواب إذا. وعبارة النهاية: أي إذا طلب من أصابته العين أن
يغتسل من أصابه بعينه فليجبه. كان من عادتهم أن الانسان إذا أصابته عين
من أحد جاء إلى العائن بقدح إلى آخر ما هنا) العينُ من أَحد جاء إِلى
العائن بقدَح فيه ماء، فيُدْخل كفه فيه فيتمضمض، ثم يمجُّه في القدح ثم يغسل
وجهه فيه، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على يده اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى
فيصب على يده اليسرى، ثم يدخلْ يدَه اليسرى فيصبّ على مرفقه الأَيمن، ثم
يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأَيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على
قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على قدمه اليسرى، ثم يدخل يده اليسرى
فيصب على ركبته اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى، ثم
يغسل داخلة الإِزارِ، ولا يوضَع القدحُ على الأَرض، ثم يُصَبُّ ذلك الماء
المستعمَل على رأْس المصاب بالعين من خلفِه صبَّة واحدة فيبرأُ بإِذن
الله تعالى. وغسَلَه بالسَّوط غَسْلاً: ضرَبه فأَوجعه. والمَغاسلُ: مواضع
معروفة، وقيل: هي أَوْدِية قِبَل اليمامة؛ قال لبيد:
فقد نَرْتَعِي سَبْتاً وأَهلُك حِيرةً،
مَحَلَّ الملوكِ نُقْدة فالمَغاسِلا
وذاتُ غِسْل: موضع دون أَرض بني نُمَير؛ قال الراعي:
أَنَخْنَ جِمالَهنَّ بذات غِسْلٍ
سَراةُ اليوم يَمْهَدْن الكُدونا
ابن بري: والغاسول جبل بالشام؛ قال الفرزدق:
تَظَلُّ إِلى الغاسول تَرعى، حَزينَةً،
ثَنايا بِراقٍ ناقتِي بالحَمالِق
وغاسلٌ وغَسْوِيل: ضرب من الشجر؛ قال الربيع ابن زياد:
تَرْعَى الرَّوائمُ أَحْرارَ البُقول بها،
لا مِثْلَ رَعْيِكُمُ مِلْحاً وغَسْوِيلا
والغَسْوِيل وغَسْوِيل: نبت ينبت في السباخ، وعلى وزنه سَمْوِيل، وهو
طائر.
حسن: الحُسْنُ: ضدُّ القُبْح ونقيضه. الأَزهري: الحُسْن نَعْت لما
حَسُن؛ حَسُنَ وحَسَن يَحْسُن حُسْناً فيهما، فهو حاسِنٌ
وحَسَن؛ قال الجوهري: والجمع مَحاسِن، على غير قياس، كأَنه جمع مَحْسَن.
وحكى اللحياني: احْسُنْ إن كنتَ حاسِناً، فهذا في المستقبل، وإنه
لَحَسَن، يريد فِعْل الحال، وجمع الحَسَن حِسان. الجوهري: تقول قد حَسُن
الشيءُ، وإن شئت خَفَّفْت الضمة فقلت: حَسْنَ الشيءُ، ولا يجوز أَن تنقُل الضمة
إلى الحاء لأَنه خبَرٌ، وإنما يجوز النقْل إذا كان بمعنى المدح أَو
الذَّم لأَنه يُشَّبه في جواز النَّقْل بنِعْم وبِئْس، وذلك أَن الأَصل فيهما
نَعِم وبَئِس، فسُكِّن ثانيهما ونقِلتْ حركته إلى ما قبله، فكذلك كلُّ
ما كان في معناهما؛ قال سهم بن حنظلة الغَنَوي:
لم يَمْنَعِ الناسُ مِنِّي ما أَردتُ، وما
أُعْطِيهمُ ما أَرادوا، حُسْنَ ذا أَدَبا.
أَراد: حَسُن هذا أَدَباً، فخفَّف ونقَل. ورجل حَسَنٌ بَسَن: إتباع له،
وامرأَة حَسَنة، وقالوا: امرأَة حَسْناء ولم يقولوا رجل أَحْسَن، قال
ثعلب: وكان ينبغي أَن يقال لأَنَّ القياس يوجب ذلك، وهو اسم أُنِّث من غير
تَذْكير، كما قالوا غلام أَمرَد ولم يقولوا جارية مَرْداء، فهو تذكير من
غير تأْنيث. والحُسّان، بالضم: أَحسَن من الحَسَن. قال ابن سيده: ورجل
حُسَان، مخفَّف، كحَسَن، وحُسّان، والجمع حُسّانونَ؛ قال سيبويه: ولا
يُكَسَّر، استغْنَوْا عنه بالواو والنون، والأُنثى حَسَنة، والجمع حِسان
كالمذكر وحُسّانة؛ قال الشماخ:
دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقول لها:
يا ظَبْيةً عُطُلاً حُسّانةَ الجِيدِ.
والجمع حُسّانات، قال سيبويه: إنما نصب دارَ بإضمار أَعني، ويروى
بالرفع. قال ابن بري: حَسِين وحُسَان وحُسّان مثل كَبير وكُبَار وكُبَّار
وعَجيب وعُجاب وعُجَّاب وظريف وظُراف وظُرَّاف؛ وقال ذو الإصبع:
كأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إِنْــ
ـنَما نَقْتُل إيّانا
قِياماً بينهم كلُّ
فَتًى أَبْيَضَ حُسّانا.
وأَصل قولهم شيء حَسَن حَسِين لأَنه من حَسُن يَحْسُن كما قالوا عَظُم
فهو عَظِيم، وكَرُم فهو كريم، كذلك حَسُن فهو حَسِين، إلا أَنه جاء
نادراً، ثم قلب الفَعِيل فُعالاً ثم فُعّالاً إذا بُولِغَ في نَعْته فقالوا
حَسَنٌ وحُسَان وحُسّان، وكذلك كريم وكُرام وكُرّام، وجمع الحَسْناء من
النساء حِسانٌ ولا نظير لها إلا عَجْفاء وعِجاف، ولا يقال للذكر أَحْسَن،
إنما تقول هو الأَحْسن على إرادة التفضيل، والجمع الأَحاسِن. وأَحاسِنُ
القوم: حِسانهم. وفي الحديث: أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُون أَكنافاً،
وهي الحُسْنَى. والحاسِنُ: القَمَر. وحسَّنْتُ الشيءَ تحْسيناً:
زَيَّنتُه، وأَحسَنْتُ إليه وبه، وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال في قوله
تعالى في قصة يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وقد أَحسَنَ بي إذ
أَخرَجَني من السِّجن؛ أَي قد أَحسن إلي. والعرب تقول: أَحسَنْتُ بفلانٍ
وأَسأْتُ بفلانٍ أَي أَحسنت إليه وأَسأْت إليه. وتقول: أَحْسِنْ بنا أَي
أَحسِنْ إلينا ولا تُسِئْ بنا؛ قال كُثيِّر:
أَسِيئي بنا أَو أَحْسِنِي، لا مَلومةٌ
لَدَيْنا، ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ.
وقوله تعالى: وصَدَّقَ بالحُسْنى؛ قيل أَراد الجنّة، وكذلك قوله تعالى:
للذين أَحْسَنوا الحُسْنى وزيادة؛ فالحُسْنى هي الجنّة، والزِّيادة النظر
إلى وجه الله تعالى. ابن سيده: والحُسْنى هنا الجنّة، وعندي أَنها
المُجازاة الحُسْنى. والحُسْنى: ضدُّ السُّوأَى. وقوله تعالى: وقولوا للناس
حُسْناً. قال أَبو حاتم: قرأَ الأَخفش وقولوا للناس حُسْنى، فقلت: هذا لا
يجوز، لأَن حُسْنى مثل فُعْلى، وهذا لا يجوز إلا بالأَلف واللام؛ قال ابن
سيده: هذا نصُّ لفظه، وقال قال ابن جني: هذا عندي غيرُ لازم لأَبي الحسن،
لأَن حُسْنى هنا غير صفة، وإنما هو مصدرٌ بمنزلة الحُسْن كقراءة غيره:
وقولوا للناس حُسْناً، ومثله في الفِعْل والفِعْلى: الذِّكْرُ والذِّكْرى،
وكلاهما مصدر، ومن الأَول البُؤسُ والبُؤسى والنُّعْم والنُّعْمى، ولا
يُسْتَوْحَش مِنْ تشبيه حُسْنى بذِكرى لاختلاف الحركات، فسيبويه قد عَمل
مثلَ هذا فقال: ومثلُ النَّضْرِ الحَسَن إلاَّ أَن هذا مُسَكَّن
الأَوْسَط، يعني النَّضْرَ، والجمع الحُسْنَيات
(* قوله «والجمع الحسنيات» عبارة
ابن سيده بعد أن ساق جميع ما تقدم: وقيل الحسنى العاقبة والجمع إلخ فهو
راجع لقوله وصدق بالحسنى). والحُسَنُ، لا يسقط منهما الأَلف واللام لأَنها
مُعاقبة، فأَما قراءة من قرأَ: وقولوا للناس حُسْنى، فزعم الفارسي أَنه
اسم المصدر، ومعنى قوله: وقولوا للناس حُسْناً، أَي قولاً ذا حُسْنٍ
والخِطاب لليهود أَي اصْدُقوا في صفة محمد، صلى الله عليه وسلم. وروى الأَزهري
عن أَحمد بن يحيى أَنه قال: قال بعض أَصحابنا اخْترْنا حَسَناً لأَنه
يريد قولاً حَسَناً، قال: والأُخرى مصدر حَسُنَ يَحسُن حُسْناً، قال: ونحن
نذهب إلى أَن الحَسَن شيءٌ من الحُسْن، والحُسْن شيءٌ من الكل، ويجوز هذا
وهذا، قال: واخْتار أَبو حاتم حُسْناً، وقال الزجاج: من قرأَ حُسْناً
بالتنوين ففيه قولان أَحدهما وقولوا للناس قولاً ذا حُسْنٍ، قال: وزعم
الأَخفش أَنه يجوز أَن يكون حُسْناً في معنى حَسَناً، قال: ومن قرأَ حُسْنى
فهو خطأ لا يجوز أَن يقرأَ به، وقوله تعالى: قل هل ترَبَّصون بنا إلا إحدى
الحُسْنَيَيْن؛ فسره ثعلب فقال: الحُسْنَيان الموتُ أَو الغَلَبة، يعني
الظفَر أَو الشهادة، وأَنَّثَهُما لأَنه أَراد الخَصْلتَين، وقوله تعالى:
والذين اتَّبَعوهم بإحسان؛ أَي باستقامة وسُلوك الطريق الذي درَج
السابقون عليه، وقوله تعالى: وآتَيْناه في الدنيا حَسَنةً؛ يعني إبراهيم، صلوات
الله على نبينا وعليه، آتَيناه لِسانَ صِدْقٍ، وقوله تعالى: إنَّ
الحَسَنات يُذْهِبْنَ السيِّئاتِ؛ الصلواتُ الخمس تكفِّر ما بينها. والحَسَنةُ:
ضدُّ السيِّئة. وفي التنزيل العزيز: مَنْ جاء بالحَسَنة فله عَشْرُ
أَمثالها؛ والجمع حَسَنات ولا يُكسَّر. والمَحاسنُ في الأَعمال: ضدُّ
المَساوي. وقوله تعالى: إنا نراكَ من المُحسِنين؛ الذين يُحْسِنون التأْويلَ.
ويقال: إنه كان يَنْصر الضعيف ويُعين المظلوم ويَعُود المريض، فذلك
إحْسانه. وقوله تعالى: ويَدْرَؤُون بالحَسَنة السيِّئةَ؛ أَي يدفعون بالكلام
الحَسَن ما وردَ عليهم من سَيِّءِ غيرهم. وقال أَبو إسحق في قوله عز وجل: ثم
آتينا موسى الكتابَ تماماً على الذي أَحْسَنَ؛ قال: يكون تماماً على
المُحْسِن، المعنى تماماً من الله على المُحْسِنين، ويكون تماماً على الذي
أَحْسَن على الذي أَحْسَنه موسى من طاعة الله واتِّباع أَمره، وقال:
يُجْعل الذي في معنى ما يريد تماماً
على ما أَحْسَنَ موسى. وقوله تعالى: ولا تَقْرَبوا مالَ اليتيم إلا
بالتي هي أَحْسَن؛ قيل: هو أَن يأْخذَ من ماله ما سَتَرَ عَوْرَتَه وسَدَّ
جَوعَتَه. وقوله عز وجل: ومن يُسْلِمْ وجهَه إلى الله وَهْو مُحْسِن؛ فسره
ثعلب فقال: هو الذي يَتَّبع الرسول. وقوله عز وجل: أَحْسَنَ كُلَّ شيءٍ
خَلْقَه؛ أَحْسَنَ يعني حَسَّنَ، يقول حَسَّنَ خَلْقَ كلِّ شيءٍ، نصب
خلقََه على البدل، ومن قرأَ خَلَقه فهو فِعْلٌ. وقوله تعالى: ولله الأَسماء
الحُسنى، تأْنيث الأَحسن. يقال: الاسم الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى؛ ولو
قيل في غير القرآن الحُسْن لَجاز؛ ومثله قوله تعالى: لِنُريك من آياتنا
الكبرى؛ لأَن الجماعة مؤَنثة. وقوله تعالى: ووَصَّيْنا الإنسانَ بوالِدَيه
حُسْناً؛ أَي يفعل بهما ما يَحْسُنُ حُسْناً. وقوله تعالى: اتَّبِعُوا
أَحسَنَ ما أُنزِلَ إليكم؛ أَي اتَّبعوا القرآن، ودليله قوله: نزَّل
أَحسنَ الحديث، وقوله تعالى: رَبَّنا آتنا في الدنيا حسَنةً؛ أَي نِعْمةً،
ويقال حُظوظاً
حسَنة. وقوله تعالى: وإن تُصِبْهم حسنةٌ، أَي نِعْمة، وقوله: إن
تَمْسَسْكم حسَنةٌ تَسُؤْهمْ، أَي غَنيمة وخِصب، وإن تُصِبْكم سيِّئة، أَي
مَحْلٌ. وقوله تعالى: وأْمُرْ قوْمَك يأْخُذوا بأَحسَنِها؛ أَي يعملوا
بحَسَنِها، ويجوز أَن يكون نحو ما أَمَرنا به من الانتصار بعد الظلم، والصبرُ
أَحسَنُ من القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ. والمَحاسِنُ: المواضع الحسَنة من
البَدن. يقال: فلانة كثيرة المَحاسِن؛ قال الأَزهري: لا تكاد العرب توحِّد
المَحاسِن، وقال بعضهم: واحدها مَحْسَن؛ قال ابن سيده: وليس هذا بالقويِّ
ولا بذلك المعروف، إنما المَحاسِنُ عند النحويين وجمهور اللغويين جمعٌ
لا واحد له، ولذلك قال سيبويه: إذا نسبْتَ إلى محاسن قلت مَحاسِنيّ، فلو
كان له واحد لرَدَّه إليه في النسب، وإنما يقال إن واحدَه حَسَن على
المسامحة، ومثله المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح والليالي. ووجه مُحَسَّن:
حَسَنٌ، وحسَّنه الله، ليس من باب مُدَرْهَم ومفؤود كما ذهب إليه بعضهم
فيما ذُكِر. وطَعامٌ مَحْسَنةٌ للجسم، بالفتح: يَحْسُن به. والإحْسانُ: ضدُّ
الإساءة. ورجل مُحْسِن ومِحسان؛ الأَخيرة عن سيبويه، قال: ولا يقال ما
أَحسَنَه؛ أَبو الحسن: يعني منْ هذه، لأَن هذه الصيغة قد اقتضت عنده
التكثير فأَغْنَتْ عن صيغة التعجب. ويقال: أَحْسِنْ يا هذا فإِنك مِحْسانٌ أَي
لا تزال مُحْسِناً. وفسر النبي، صلى الله عليه وسلم، الإحسانَ حين سأَله
جبريلٍ، صلوات الله عليهما وسلامه، فقال: هو أَن تَعْبُدَ الله كأَنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإِنه يَراك، وهو تأْويلُ قوله تعالى: إن الله
يأُْمُر بالعدل والإحسان؛ وأَراد بالإحسان الإخْلاص، وهو شرطٌ في صحة الإيمان
والإسلام معاً، وذلك أَن من تلفَّظ بالكلمة وجاء بالعمل من غير إخْلاص لم
يكن مُحْسِناً، وإن كان إيمانُه صحيحاً، وقيل: أَراد بالإحسان الإشارةَ
إلى المُراقبة وحُسْن الطاعة، فإن مَنْ راقَبَ اللهَ أَحسَن عمَله، وقد
أَشار إليه في الحديث بقوله: فإن لم تكن تراه فإِنه يراك، وقوله عز وجل:
هل جزاءُ الإحسان إلا الإحسان؛ أَي ما جزاءُ مَنْ أَحْسَن في الدُّنيا إلا
أَن يُحْسَنَ إليه في الآخرة. وأَحسَنَ به الظنَّ: نقيضُ أَساءَه،
والفرق بين الإحسان والإنعام أَن الإحسانَ يكون لنفسِ الإنسان ولغيره، تقول:
أَحْسَنْتُ إلى نفسي، والإنعامُ لا يكون إلا لغيره. وكتابُ التَّحاسين:
خلاف المَشْق، ونحوُ هذا يُجْعَل مصدراً في المصدر كالتَّكاذِيب
والتَّكاليف، وليس الجمعُ في المصدر بفاشٍ، ولكنهم يُجْرُون بعضه مُجْرى الأَسماء
ثم يجمعونه. والتَّحاسينُ: جمعُ التَّحْسِين، اسم بُنِيَ على تَفْعيل،
ومثلُه تَكاليفُ الأُمور، وتَقاصيبُ الشَّعَرِ ما جَعُدَ مِنْ ذَوائِبه. وهو
يُحْسِنُ الشيءَ أَي يَعْمَلَه، ويَسْتَحْسِنُ الشيءَ أَي يَعُدُّه
حَسَناً. ويقال: إني أُحاسِنُ بك الناسَ. وفي النوادر: حُسَيْناؤُه أن يفعل
كذا، وحُسَيْناه مِثْلُه، وكذلك غُنَيْماؤه وحُمَيْداؤه أَي جُهْدُه
وغايتُه. وحَسَّان: اسم رجل، إن جعلته فعَّالاً من الحُسْنِ أَجْرَيْتَه، وإن
جَعَلْتَه فَعْلاَنَ من الحَسِّ وهو القَتْل أَو الحِسِّ بالشيء لم
تُجْرِه؛ قال ابن سيده: وقد ذكرنا أَنه من الحِسِّ أَو من الحَسِّ، وقال: ذكر
بعض النحويين أَنه فَعَّالٌ من الحُسْنِ، قال: وليس بشيء. قال الجوهري:
وتصغيرُ فعَّالٍ حُسَيْسِين، وتصغيرُ فَعْلانَ حُسَيْسان. قال ابن سيده:
وحَسَنٌ وحُسَيْن يقالانِ باللام في التسمية على إرادة الصفة، وقال قال
سيبويه: أَما الذين قالوا الحَسَن، في اسم الرجل، فإنما أَرادوا أَن يجعلوا
الرجلَ هو الشيءَ بعينه ولم يَجْعلوه سُمِّيَ بذلك، ولكنهم جعلوه كأَنه
وصفٌ
له غَلَب عليه، ومن قال حَسَن فلم يُدْخِل فيه الأَلفَ واللامَ فهو
يُجْريه مُجْرَى زيدٍ. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: كنا عند النبي،
صلى الله عليه وسلم، في ليلةٍ ظَلْماءَ حِنْدِسٍ وعندَه الحَسَنُ
والحُسَيْنُ، رضي الله عنهما، فسَمِعَ تَوَلْوُلَ فاطمةَ، رضوانُ الله عليها، وهي
تُنادِيهما: يا حَسَنانِ يا حُسَيْنانِ فقال: الْحَقا بأُمّكما؛
غَلَّبَت أَحدَ الإسمين على الآخر كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، رضي الله
عنهما، والقَمَران للشمس والقمر؛ قال أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون
كقولهم الجَلَمانُ للجَلَم، والقَلَمانُ للمِقْلامِ، وهو المِقْراضُ، وقال:
هكذا روى سلمة عن الفراء، بضم النون فيهما جميعاً، كأَنه جعل الاسمين اسماً
واحداً فأَعطاهما حظ الاسم الواحد من الإعراب. وذكر الكلبي أَن في طيِّء
بَطْنَيْن يقال لهما الحسَن والحُسَيْن. والحَسَنُ: اسمُ رملة لبني
سَعْد؛ وقال الأَزهري: الحَسَنُ نَقاً في ديار بني تميم معروف، وجاء في الشعر
الحَسَنانُ، يريد الحَسَنَ وهو هذا الرملُ بعينه؛ قال الجوهري: قُتِل
بهذه الرملة أَبو الصَّهْباء بِسْطامُ بنُ قيْس بنِ خالدٍ الشَّيْبانيِّ،
يَوْمَ النَّقَا، قتَله عاصِمُ بن خَلِيفةَ الضَّبِّي، قال: وهما جَبَلانِ
أَو نَقَوانِ، يقال لأَحد هذين الجَبَلَيْن الحَسَن؛ قال عبد الله بن
عَنَمة الضَّبّيّ في الحَسَن يَرْثِي بِسْطَامَ بنَ قَيْس:
لأُمِّ الأَرضِ وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ،
بحيثُ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ.
وفي حديث أَبي رَجاء العُطارِدِيِّ: وقيل له ما تَذْكُر؟ فقال: أَذْكُرُ
مَقْتَلَ بِسْطام بنِ قَيْسٍ على الحَسَنِ؛ هو بفتحتين: جَبَل معروف من
رمل، وكان أَبو رجاء قد عُمِّر مائةً وثمانِياً وعشرين سَنَةً، وإذا
ثنّيت قلت الحَسَنانِ؛ وأَنشد ابن سيده في الحَسَنين لشَمْعَلة بن الأَخْضَر
الضَّبِّيّ:
ويوْمَ شَقيقةِ الحَسَنَيْنِ لاقَتْ
بَنُو شَيْبان آجالاً قِصارا
شَكَكْنا بالأَسِنَّة، وهْيَ زُورٌ،
صِماخَيْ كَبْشِهم حتى اسْتَدارا
فَخَرَّ على الأَلاءةِ لم يُوَسَّدْ،
وقد كان الدِّماءُ له خِمارا
قوله: وهي زُورٌ يعني الخيلَ، وأَنشد فيه ابنُ بري لجرير:
أَبَتْ عيْناكِ بالحَسَنِ الرُّقادا،
وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ والبِلادا
وأَنشد الجوهري في حُسَيْن جبل:
تَركْنَا، بالنَّواصِف من حُسَيْنٍ،
نساءَ الحيِّ يَلْقُطْنَ الجُمانا.
فحُسَيْنٌ ههنا: جبلٌ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْسَنَ الرجلُ إذا جلس على
الحَسَنِ، وهو الكثيبُ النَّقِيّ العالي، قال: وبه سمي الغلام حَسَناً.
والحُسَيْنُ: الجبَلُ العالي، وبه سمي الغلام حُسَيْناً. والحَسَنانِ:
جبلانِ، أَحدُهما بإِزاء الآخر. وحَسْنَى: موضع. قال ابن الأَعرابي: إذا
ذكَر كُثيِّر غَيْقةَ فمعها حَسْنَى، وقال ثعلب: إنما هو حِسْيٌ، وإذا لم
يذكر غيْقةَ فحِسْمَى. وحكى الأَزهري عن علي ابن حمزة: الحَسَنُ شجر
الآَلاءُ مُصْطفّاً بكَثيب رمْلٍ، فالحسَنُ هو الشجرُ، سمي بذلك لِحُسْنِه
ونُسِبَ الكثيبُ إليه فقيل نَقا الحَسَنِ، وقيل: الحَسَنةُ جبلٌ أَمْلَسُ
شاهقٌ ليس به صَدْعٌ، والحَسَنُ جمعُه؛ قال أَبو صعْتَرة البَوْلانِيُّ:
فما نُطْفةٌ من حَبِّ مُزْنٍ تَقاذَفَتْ
به حَسَنُ الجُودِيّ، والليلُ دامِسُ.
ويروى: به جَنْبَتا الجُودِيِّ، والجودِيُّ وادٍ، وأَعلاه بأَجَأَ في
شواهِقها، وأَسفلُه أَباطحُ سهلةٌ، ويُسَمِّي الحَسَنةَ أَهلُ الحجاز
المَلقَة.
كرع: كَرِعَت المرأَةُ كَرَعاً، فهي كَرِعةٌ: اغْتَلَمَتْ وأَحَبَّتِ
الجِماعَ. وجارية كرِعةٌ: مِغْلِيمٌ، ورجل كَرِعٌ، وقد كَرِعَتْ إِلى
الفحْلِ كَرَعاً.
والكُراعُ من الإِنسان: ما دون الركبة إِلى الكعب، ومن الدوابِّ: ما دون
الكَعْبِ، أُنْثَى. يقال: هذه كُراعٌ وهو الوظيف؛ قال ابن بري: وهو من
ذواتِ الحافِرِ ما دُونَ الرُّسْغِ، قال: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُراعُ أَيضاً
للإِبل كما استعمل في ذوات الحافر؛ قالت الخنساءُ
(* قوله« قالت
الخنساء» كذا بالأصل هنا، ومر في مادة كوس: قالت عمرة أُخت العباس بن مرداس
وأمها الخنساء ترثي أخاها وتذكر أنه كان يعرقب الابل: فظلت تكوس على إلخ): فقامَتْ تَكُوسُ على أَكْرُعٍ
ثلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبا
فجعلت لها أَكارِعَ أَربعاً، وهو الصحيح عند أَهل اللغة في ذوات
الأَربع، قال: ولا يكون الكراع في الرِّجل دون اليد إِلا في الإِنسان خاصّة،
وأَما ما سواه فيكون في اليدين والرجلين، وقال اللحياني: هما مما يؤنث
ويذكر، قال: ولم يعرف الأَصمعي التذكير، وقال مرة أُخرى: هو مذكر لا غير، وقال
سيبويه: أَما كُراعٌ فإِن الوجه فيه ترك الصرْف، ومن العرب من يصرفه
يشبهه بذراع، وهو أَخبث الوجهين، يعني أَن الوجه إِذا سمي به أَن لا يصرف
لأَنه مؤنث سمي به مذكر، والجمع أَكْرُعٌ، وأَكارِعُ جمع الجمع، وأَما
سيبويه فإِنه جعله مما كسر على ما لا يكسّر عليه مثلُه فِراراً من جمع الجمع،
وقد يكسر على كِرْعانٍ. والكُراعُ من البقر والغنم: بمنزلة الوَظِيفِ من
الخيل والإِبل والحُمُرِ وهو مُسْتدَقُّ الساقِ العاري من اللحم، يذكر
ويؤنث، والجمع أَكْرُعٌ ثم أَكارِعُ. وفي المثل: أُعْطِيَ العبدُ كُراعاً
فطلَب ذِرعاً، لأَن الذراع في اليد وهو أَفضل من الكُراع في الرجْلِ.
وكَرَعَه: أَصابَ كُراعَه. وكَرِعَ كَرَعاً: شَكا كُراعَه. ويقال للضعيف
الدِّفاعِ: فلان ما يُنْضجُ الكُراعَ. والكَرَعُ: دِقَّةُ الأَكارِعِ،
طويلةً كانت أَو قصيرةً، كَرِعَ كَرَعاً، وهو أَكْرَعُ، وفيه كَرَعٌ أَي
دِقَّةٌ. والكَرَعُ أَيضاً: دِقَّةُ الساقِ، وقيل: دقة مُقَدَّمِها وهو
أَكْرعُ، والفِعْلُ كالفِعْلِ والصِّفةُ كالصِّفةِ. وفي حديث الحوض:
فَبَدَأَ الله بكُراعٍ أي طرَفٍ من ماءِ الجنةِ مُشَبَّهٍ بالكراع لقلته، وإِنه
كالكُراعِ من الدابة.
وتَكَرَّعَ للصلاة: غَسَل أَكارِعَه، وعمّ بعضهم به الوضوء. قال
الأَزهري: تَطَهَّرَ الغلام وتَكَرَّعَ وتَمكَّنَ إِذا تطهر للصلاة.
وكُراعاً الجُنْدَبِ: رجلاه؛ ومنه قول أَبي زبيد:
ونَفَى الجُنْدَبُ الحَصى بِكُراعَيْـ
ـه، وأوْفَى في عُودِه الحِرْباءُ
وكُراعُ الأَرض: ناحِيَتُها. وأَكارِعُ الأَرض: أَطْرافُها القاصِيةُ،
شبهت بأَكارِعِ الشاء وهي قوائمُها. وفي حديث النخعي: لا بأْس بالطَّلَبِ
في أَكارِعِ الأَرض أَي نواحيها وأَطْرافِها. والكُراعُ: كلُّ أَنف سالَ
فتقدم من جبل أَو حَرّةٍ. وكُراع كلِّ شيء: طَرَفُه، والجمع في هذا كله
كِرْعانٌ وأَكارِعُ. وقال الأَصمعي: العُنُقُ من الحَرّة يمتدّ؛ قال عوف بن
الأَحوص:
أَلم أَظْلِفْ عن الشُّعَراءِ عِرْضِي،
كما ظُلِفَ الوَسِيقةُ بالكُراعِ؟
وقيل: الكُراعُ ركن من الجبل يَعْرِضُ في الطريق. ويقال: أَكْرَعَكَ
الصيْدُ وأَخْطَبَكَ وأَصْقَبَك وأَقْنى لكَ بمعنى أَمْكَنَكَ. وكَرِعَ
الرجلُ بِطِيبٍ فَصاكَ به أَي لَصِقَ به. والكُراعُ: اسم يجمع الخيل.
والكُراعُ: السلاحُ، وقيل: هو اسم يجمع الخيل والسلاح.
وأَكْرَعَ القومُ إِذا صَبَّتْ عليهم السماءُ فاسْتَنْقَعَ الماءُ حتى
يَسْقُوا إِبلهم من ماء السماء، والعرب تقول لماء السماء إِذا اجتمع في
غَدِيرٍ أَو مَساكٍ: كَرَعٌ. وقد شَرِبْنا الكَرَعَ وأَرْوَيْنا نَعَمَنا
بالكَرَعِ. والكَرَعُ. والكُراعُ: ماء السماء يُكْرَعُ فيه. ومنه حديث
معاوية: شربت عُنْفُوانَ المكْرَعِ أَي في أَوّلِ الماءِ، وهو مَفْعَلٌ من
الكَرَعِ، أَراد به عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الماء وشرب غيره الكَدِرَ؛ قال
الراعي يصف إِبلاً وراعِيَها بالرِّفْقِ في رِعايةِ الإِبلِ، ونسبه
الجوهري لابن الرّقاع:
يَسُنُّها آبِلٌ، ما إِنْ يُجَزِّئُها
جَزْأً شَديداً، وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا
وقيل: هو الذي تَخُوضُه الماشِيةُ بأَكارِعِها. وكل خائِضِ ماءٍ كارِعٌ،
شرِبَ أَو لم يشرب. والكَرّاعُ: الذي يسقي ماله بالكَرَعِ وهو ماء
السماء. وفي الحديث: أَنّ رجلاً سمع قائلاً يقول في سَحابة: اسق كَرَعَ فلان،
قال: أَراد موضعاً يجتمع فيه ماءُ السماء فيسقي به صاحبه زرعه. ويقال:
شربت الإِبل بالكَرَعِ إِذا شربت من ماءِ الغَدِيرِ.
وكَرَعَ في الماء يَكْرَعُ كُرُوعاً وكَرْعاً: تناوله بِفِيه من موضعه
من غير أَن يشرب بِكَفَّيْه ولا بإِناء، وقيل: هو أَن يدخل النهر ثم يشرب،
وقيل: هو أَن يُصَوِّبَ رأْسَه في الماء وإِن لم يشرب. وفي الحديث: أَنه
دخل على رجل من الأَنصار في حائِطه فقال: إِن كان عندك ماءٌ بات في
شَنِّه وإِلا كَرَعْنا؛ كَرَعَ إِذا تناوَلَ الماءَ بِفِيه من موضعه كما تفعل
البهائم لأَنها تدخل أَكارِعَها، وهو الكَرْعُ؛ ومنه حديث عكرمة: كَرِهَ
الكَرْعَ في النهر. وكل شيء شربت منه بنيك من إِناءٍ أَو غيره، فقد
كَرَعْتَ فيه؛ وقال الأَخطل:
يُرْوِي العِطاشَ لَها عَذْبٌ مُقَبَّلُه،
إِذا العِطاشُ على أَمثالِه كَرَعُوا
والكارِعُ: الذي رمى بفمه في الماء. والكَرِيعُ: الذي يشرب بيديه من
النهر إِذا فَقَدَ الإِناء. وكَرَعَ في الإِناء إِذا أَمال نحوه عنقه فشرب
منه؛ وأَنشد للنابغة:
بِصَهْباءَ في أَكْنافِها المِسْك كارِعُ
قال: والكارِعُ الإِنسانُ أَي أَنت المِسْكُ لأَنك أَنت الكارِعُ فيها
المسْكَ. ويقال: اكْرَعْ في هذا الإِناءِ نَفَساً أَو نفسين، وفيه لغة
أُخرى: كَرِع يَكْرَعُ كَرَعاً، وأَكْرَعُوا: أَصابوا الكَرَعَ، وهو ماء
السماء، وأَوْرَدُوا.
والكارِعاتُ والمُكْرِعاتُ: النخل
(* قوله«والمكرعات النخل» هو بكسر
الراء كما في سائر نسخ الصحاح افاده شارح القاموس وعليه يتمشى ما بعده، واما
المكرعات في البيت فضبط بفتح الراء في الأصل ومعجم ياقوت وصرح به في
القاموس حيث قال: وبفتح الراء ما غرس في الماء إلخ.) التي على الماء، وقد
أَكْرَعَتْ وكَرَعَتْ، وهي كارِعةٌ ومُكْرعةٌ؛ قال أَبو حنيفة: هي التي لا
يفارق الماءُ أُصولَها؛ وأَنشد:
أَو المُكْرَعات من نَخِيلِ ابن يامِنٍ،
دُوَيْنَ الصَّفا، اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً النخل القَرِيبةُ من المَحَلِّ، قال:
والمُكْرَعاتُ أَيضاً من النخل التي أُكْرِعَتْ في الماء؛ قال لبيد يصف نخلاً
نابتاً على الماء:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غير صادِرةٍ،
فكلُّها كارِعٌ في الماءِ مُغْتَمِرُ
قال: والمُكْرَعاتُ أَيضاً الإِبل تُدْنى من البيوت لتَدْفَأَ
بالدُّخانِ، وقيل: هي اللَّواتي تُدْخِلُ رؤوسَها إِلى الصِّلاءِ فَتَسْوَدُّ
أَعْناقُها، وفي المصنف المُكْرَباتُ؛ وأَنشد أَبو حنيفة للأَخطل:
فلا تَنْزلْ بِجَعْدِيٍّ إِذا ما
تَرَدَّى المُكْرعاتُ من الدُّخانِ
وقد جعلت المُكْرِعاتُ هنا النخيل النابتة على الماء.
وكَرَعُ الناس: سَفِلَتُهم. وأَكارِعُ الناسِ: السَّفِلَةُ شُبِّهُوا
بأَكارِعِ الدوابِّ، وهي قوائِمُها. والكَرَّاعُ: الذي يُخادِنُ الكَرَعَ
وهم السَّفِلُ من الناس، يقال للواحد: كَرَعٌ ثم هلم جرّاً. وفي حديث
النجاشي: فهل يَنْطِقُ فيكم الكَرَعُ؟ قال ابن الأَثير: تفسيره في الحديث
الدَّنيءُ النفْسِ. وفي حديث علي: لو أَطاعَنا أَبو بكر فيما أَشَرْنا به
عليه من ترْكِ قِتالِ أَهلِ الرِّدّةِ لَغَلَبَ على هذا الأَمْرِ الكَرَعُ
والأَعْرابُ؛ قال: هم السَّفِلَةُ والطَّعامُ من الناسِ.
وكُراعُ الغَمِيم: موضع معروف بناحية الحجاز. وفي الحديث: خرَج عامَ
الحُدَيْبِيةِ حتى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيم، هو اسم موضع بين مكة والمدينة.
وأَبو رِياشٍ سُوَيْدُ بن كُراعَ: من فٌرْسانِ العرب وشعرائهم، وكُراعُ
اسم أُمه لا ينصرف، قال سيبويه: هو من القسم الذي يقع فيه النسب إِلى الثاني
لأَن تَعَرُّفَه إِنما هو به كابن الزُّبَيْرِ وأَبي دَعْلَجٍ، وأَما
الكَرّاعةُ التي تَلْفِظُ بها العامّةُ فكلمة مُوَلَّدة.
مكا: المُكاء، مُخفف: الصَّفِير. مَكا الإِنسان يَمْكُو مَكْواً ومُكاء:
صَفَرَ بفِيه. قال بعضهم: هو أَن يَجمع بين أَصابع يديه ثم يُدخِلها في
فيه ثم يَصْفِر فيها. وفي التنزيل العزيز: وما كان صلاتُهم عند البيت
إِلا مُكاءً وتَصْدِيَةً. ابن السكيت: المُكاءُ الصَّفير، قال: والأَصوات
مضمومة إِلا النِّداء والغِناء؛ وأَنشد أَبو الهيثم لحسان:
صَلاتُهُمُ التَّصَدِّي والمُكاء
الليث: كانوا يطُوفون بالبيت عُراة يَصْفِرُون بأَفواههم ويُصفِّقُون
بأَيديهم.
ومكَتِ اسْتُه تَمْكُو مُكاء: نَفَخَتْ، ولا يكون ذلك إِلا وهي
مَكْشُوفة مفتوحة، وخص بعضهم به اسْتَ الدّابَّة. والمَكْوةُ: الاست، سميت بذلك
لصَفِيرها؛ وقول عنترة يصف رجلاً طَعَنَه:
تَمْكُو فَريصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَمِ
يعني طَعْنةً تَنْفَحُ بالدم. ويقال للطعنة إِذا فَهَقَتْ فاها
(* قوله«
فهقت فاها» كذا ضبط في التهذيب.): مَكَتْ تَمْكُو.
والمُكَّاء، بالضم والتشديد: طائر في ضرب القُنْبُرةِ إِلا أَن في
جناحيه بَلَقاً، سمي بذلك لأَنه يجمع يديه ثم يَصْفِرُ فيهما صَفِيراً حسناً؛
قال:
إِذا غَرَّدَ المُكَّاءُ في غَيْرِ رَوْضةٍ،
فَوَيْلٌ لأَهْلِ الشاء والحُمُراتِ
التهذيب: والمُكَّاء طائر يأْلَف الرِّيف، وجمعه المَكاكِيُّ، وهو
فُعّالٌ من مَكا إِذا صَفَرَ.
والمَكْوُ والمَكا، بالفتح مقصور: جُحْر الثعلب والأَرنب ونحوهما، وقيل:
مَجْثِمُهُما؛ وقال الطرمّاح:
كَمْ بهِ من مَكْوِ وَحْشِيَّة
وأَنشد ابن بري:
وكَمْ دُونَ بَيتِكَ مِنْ مَهْمَةٍ،
ومِنْ حَنَشٍ جاحِرٍ في مَكا
قال ابن سيده: وقد يهمز، والجمع أَمْكاء، ويثنى مَكاً مَكَوانِ؛ قال
الشاعر:
بُنى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بَعْدَ صَيْدَنِ
وقد يكون المَكْوُ للطائر والحَيَّة.
أَبو عمرو: تَمَكَّى الغلامُ إِذا تَطهَّر للصلاة، وكذلك تطهر
وتَكَرَّعَ؛ وأَنشد لعنترة الطائي:
إِنَّكَ، والجَوْرَ على سَبِيلِ،
كالمُتَمَكِّي بدَمِ القَتِيلِ
يريد كالمُتَوَضِّئِ والمُتَمَسِّح. أَبو عبيدة: تَمَكَّى الفرس
تَمَكِّياً إِذا ابْتَلَّ بالعرق؛ وأَنشد:
والقُودُ بعْدَ القُودِ قد تَمَكَّيْن
أَي ضَمَرْنَ لما سالَ من عَرَقِهنَّ. وتَمَكَّى الفرسُ إِذا حَكَّ عينه
برُكبته. ويقال: مَكِيَتْ يده تَمْكى مَكاً شديداً إِذا غَلُظت، وفي
الصحاح: أَي مَجِلَتْ من العمل؛ قال يعقوب: سمعتها من الكلابي.
الجوهري في هذه الترجمة: مِيكائيلُ اسم، يقال هو ميكا أُضيف إِلى إِيل،
وقال ابن السكيت مِيكائين، بالنون لغة، قال الأَخفش: يهمز ولا يهمز، قال:
ويقال مِيكالُ، وهو لغة؛ وقال حسان بن ثابت:
ويَوْمَ بَدْرٍ لَقِيناكُمْ لنا مَدَدٌ،
فَيَرْفَعُ النَّصرَ مِيكالٌ وجِبْريلُ