الاستنشاق: تطهير الأنف بالماء وهو الاستنثار، والنَّثْرة: الفرجة بين الشاربين حِيال وَتَرَة الأنف وقيل: هي الخيشوم وما والاه.
الاستنشاق: تطهير الأنف بالماء وهو الاستنثار، والنَّثْرة: الفرجة بين الشاربين حِيال وَتَرَة الأنف وقيل: هي الخيشوم وما والاه.
نجا: النَّجاءُ: الخَلاص من الشيء، نَجا يَنْجُو نَجْواً ونَجاءً،
ممدود، ونَجاةً، مقصور، ونَجَّى واسْتنجى كنَجا؛ قال الراعي:
فإِلاَّ تَنَلْني منْ يَزيدَ كَرامةٌ،
أُنَجِّ وأُصْبحْ من قُرى الشام خالِيا
وقال أَبو زُبيد الطائي:
أَمِ اللَّيْثُ فاسْتَنْجُوا، وأَينَ نَجاؤُكُمْ؟فَهذا، ورَبِّ
الرَّاقِصاتِ، المُزَعْفَرُ
ونَجَوْت من كذا. والصِّدْقُ مَنْجاةٌ. وأَنْجَيْتُ غيري ونجَّيْته،
وقرئَ بهما قوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِكَ؛ المعنى نُنَجِّيك لا
بفِعْل بل نُهْلِكُكَ، فأَضْمَر قوله لا بفِعْل؛ قال ابن بري: قوله لا
بفعل يريد أَنه إِذا نجا الإِنسان ببدنه على الماء بلا فعل فإِنه هالك،
لأَنه لم يَفعل طَفْوَه على الماء، وإِنما يطفُو على الماءِ حيّاً بفعله
إِذا كان حاذقاً بالعَوْم، ونَجَّاهُ الله وأَنْجاه. وفي التنزيل العزيز:
وكذلك نُنْجِي المؤمنين، وأَما قراءَة من قرأَ: وكذلك نُجِّي المؤْمِنين،
فليس على إِقامة المصدر موضع الفاعل ونصب المفعول الصريح، لأَنه على حذف
أَحد نوني تُنْجِي، كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قول الله عز وجل:
تذَكَّرُون، أَي تَتَذَكَّرون، ويشهد بذلك أَيضاً سكون لام نُجِّي، ولو كان
ماضياً لانفتحت اللام إِلا في الضرورة؛ وعليه قول المُثَقَّب:
لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِن صُنَيْبٍ؟
فما خَرَجتْ مِن الوادي لِحِينِ
(* قوله«صنيب» هو هكذا في الأصل والمحكم مضبوطاً)
أَي تتَطالَع، فحذف الثانية على ما مضى، ونجَوْت به ونَجَوْتُه؛ وقول
الهذلي:
نَجا عامِرٌ والنَّفْسُ مِنه بشِدْقِه،
ولم يَنْجُ إِلاَّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا
أَراد: إِلاَّ بجَفْنِ سَيفٍ، فحذف وأَوْصل. أَبو العباس في قوله تعالى:
إِنّا مُنَجُّوكَ وأَهْلَك؛ أَي نُخَلِّصُك من العذاب وأَهْلَك.
واستَنْجى منه حاجته: تخَلَّصها؛ عن ابن الأَعرابي. وانتَجى مَتاعَه: تَخلَّصه
وسَلبَه؛ عن ثعلب. ومعنى نجَوْت الشيء في اللغة: خَلَّصته وأَلْقَيْته.
والنَّجْوةُ والنَّجاةُ: ما ارتفَع من الأَرض فلم يَعْلُه السَّيلُ
فظننته نَجاءَك، والجمع نِجاءٌ. وقوله تعالى: فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِك؛ أَي
نجعلك فوق نَجْوةٍ من الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عليها لتُعْرَفَ،
لأَنه قال ببدنك ولم يقل برُوحِك؛ قال الزجاج: معناه نُلْقِيكَ عُرياناً
لتكون لمن خَلْفَك عِبْرَةً. أَبو زيد: والنَّجْوةُ المَكان المُرْتَفِع
الذي تَظُنُّ أَنه نجاؤك. ابن شميل: يقال للوادِي نَجْوة وللجبل نَجْوةٌ،
فأَما نَجْوة الوادي فسَنداه جميعاً مُستَقِيماً ومُسْتَلْقِياً، كلُّ
سَنَدٍ نَجْوةٌ، وكذلك هو من الأَكَمةِ، وكلُّ سَنَدٍ مُشْرِفٍ لا يعلوه
السيل فهو نَجْوة لأَنه لا يكون فيه سَيْل أَبداً، ونَجْوةُ الجبَل
مَنْبِتُ البَقْل. والنَّجاةُ: هي النَّجْوة من الأَرض لا يَعلوها السيل؛ قال
الشاعر:
فأَصُونُ عِرْضِي أَنْ يُنالَ بنَجْوةٍ،
إِنَّ البَرِيَّ مِن الهَناةِ سَعِيدُ
وقال زُهَير بن أَبي سُلْمى:
أَلم تَرَيا النُّعمانَ كان بنَجْوةٍ،
مِنَ الشَّرِّ، لو أَنَّ امْرَأً كان ناجِيا؟
ويقال: نَجَّى فلان أَرضَه تَنْجِيةً إِذا كبَسها مخافة الغَرَقِ. ابن
الأَعرابي: أَنْجى عَرِقَ، وأَنْجى إِذا شَلَّح، يقال للِّصِّ مُشَلِّح
لأَنه يُعَرِّي الإِنسانَ من ثيابه. وأَنْجى: كشَفَ الجُلَّ عن ظهر فرسه.
أَبو حنيفة: المَنْجى المَوْضع الذي لا يَبْلُغه السيلُ. والنَّجاء:
السُّرْعةُ في السير، وقد نَجا نَجاء، ممدود، وهو يَنْجُو في السُّرْعة نَجاء،
وهو ناجٍ: سَريعٌ. ونَجَوْتُ نَجاء أَي أَسرَعْتُ وسَبَقْتُ. وقالوا:
النَّجاء النَّجاء والنَّجا النَّجا، فمدّوا وقَضَرُوا؛ قال الشاعر:
إِذا أَخَذْتَ النَّهْبَ فالنَّجا النَّجا
وقالوا: النَّجاكَ فأَدخلوا الكاف للتخصيص بالخطاب، ولا موضع لها من
الإِعراب لأَن الأَلف واللام مُعاقِبة للإِضافة، فثبت أَنها ككاف ذلك
وأَرَيْتُك زيداً أَبو من هو. وفي الحديث: وأَنا النَّذِيرُ العُرْيان
فالنَّجاء النَّجاء أَي انْجُوا بأَنفسكم، وهو مصدر منصوب بفعل مضمر أَي انْجُوا
النَّجاء. والنَّجاءُ: السُّرعة. وفي الحديث: إِنما يأْخذ الذِّئْبُ
القاصِيةَ والشاذَّة الناجِيةَ أَي السريعة؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي عن
الحربي بالجيم. وفي الحديث: أَتَوْكَ على قُلُصٍ نَواجٍ أَي مُسْرِعاتٍ.
وناقة ناجِيةٌ ونَجاة: سريعة، وقيل: تَقطع الأَرض بسيرها، ولا يُوصف بذلك
البعير. الجوهري: الناجِيةُ والنَّجاة الناقة السريعة تنجو بمن ركبها؛
قال: والبَعير ناجٍ؛ وقال:
أَيّ قَلُوصِ راكِبٍ تَراها
ناجِيةً وناجِياً أَباها
وقول الأَعشى:
تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوْكِبَ وخْداً
بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ
أَي بقوائمَ سِراعٍ. واسْتَنْجَى أَي أَسْرَعَ. وفي الحديث: إِذا
سافَرْتُمْ في الجَدْب فاسْتَنْجُوا؛ معناه أَسْرِعُوا السيرَ وانْجُوا. ويقال
للقوم إِذا انهزموا: قد اسْتَنْجَوْا؛ ومنه قول لقمان بن عاد: أَوَّلُنا
إِذا نَجَوْنا وآخِرُنا إِذا اسْتَنْجَيْنا أَي هو حامِيَتُنا إِذا
انْهَزَمْنا يَدفع عنَّا.
والنَّجْوُ: السَّحاب الذي قد هَراقَ ماءه ثم مَضَى، وقيل: هو السحاب
أَوَّل ما يَنشأُ، والجمع نِجاء ونُجُوٌّ؛ قال جميل:
أَليسَ مِنَ الشَّقاءِ وَجِيبُ قَلْبي،
وإِيضاعي الهُمُومَ مع النُّجُوِّ
فأَحْزَنُ أَنْ تَكُونَ على صَدِيقٍ،
وأَفْرَحُ أَن تكون على عَدُوِّ
يقول: نحن نَنْتَجِعُ الغَيْثَ، فإِذا كانت على صدِيقٍ حَزِنْت لأَني لا
أُصيب ثَمَّ بُثَيْنَة، دعا لها بالسُّقْيا. وأَنْجَتِ السحابةُ:
وَلَّتْ. وحكي عن أَبي عبيد: أَين أَنْجَتْكَ السماء أَي أَينَ أَمطَرَتْكَ.
وأُنْجِيناها بمكان كذا وكذا أَي أُمْطِرْناها. ونَجْوُ السبُع: جَعْره.
والنَّجُوُ: ما يخرج من البطن من ريح وغائط، وقد نَجا الإِنسانُ والكلبُ
نَجْواً. والــاسْتِنْجاء: الاغتسال بالماء من النَّجْوِ والتَّمَسُّحُ
بالحجارة منه؛ وقال كراع: هو قطع الأَذَى بأَيِّهما كان. واسْتَنْجَيْتُ
بالماءِ والحجارة أَي تَطَهَّرْت بها. الكسائي: جلَست على الغائط فما
أَنْجَيْتُ. الزجاج: يقال ما أَنْجَى فلان شيئاً، وما نَجا منذ أَيام أَي لم
يأْتِ الغائطَ. والــاسْتِنجاء: التَّنَظُّف بمدَر أَو ماء. واسْتَنجَى أَي مسح
موضع النَّجْو أَو غَسَله. ويقال: أَنْجَى أَي أَحدَث. وشرب دَواء فما
أَنْجاه أَي ما أَقامه. الأَصمعي: أَنْجَى فلان إِذا جلس على الغائط
يَتَغَوَّط. ويقال: أَنْجَى الغائطُ نَفْسُه يَنجُو، وفي الصحاح: نَجا الغائطُ
نَفْسُه. وقال بعض العرب: أَقلُّ الطعامِ نَجْواً اللَّحم. والنَّجْوُ:
العَذِرة نَفْسُه. واسْتَنْجَيتُ النخلةَ إِذا أَلقَطْتَها؛ وفي الصحاح:
إِذا لقطتَ رُطبَها. وفي حديث ابن سلام: وإِني لَفِي عَذْقٍ أُنْجِي منه
رُطَباً أَي أَلتَقِطُ، وفي رواية: أَسْتَنجِي منه بمعناه. وأَنْجَيْت
قَضِيباً من الشجرة فَقَطَعْتُه، واسْتَنْجَيْت الشجرةَ: قَطَعْتُها من
أَصلها. ونَجا غُصونَ الشجرة نَجْواً واسْتَنجاها: قَطَعها. قال شمر: وأُرى
الــاسْتِنْجاءَ في الوُضوء من هذا لِقَطْعِه العَذِرةَ بالماءِ؛ وأَنْجَيت
غيري. واسْتَنجَيت الشجر: قطعته من أُصوله. وأَنْجَيْتُ قضيباً من الشجر
أَي قطعت.
وشجرة جَيِّدة النَّجا أَي العود. والنَّجا: العصا، وكله من القطع. وقال
أَبو حنيفة: النَّجا الغُصونُ، واحدته نَجاةٌ. وفُلان في أَرضِ نَجاةٍ:
يَسْتَنجِي من شجرها العِصِيَّ والقِسِيَّ. وأَنْجِني غُصناً من هذه
الشجرة أَي اقْطَعْ لي منها غُصْناً. والنَّجا: عِيدانُ الهَوْدَج. ونَجَوْتُ
الوَتَر واسْتَنجَيتُه إِذا خَلَّصته. واسْتَنجَى الجازِرُ وتَرَ
المَتْنِ: قَطَعه؛ قال عبد الرحمن بن حسان:
فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لهَا،
جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ
ويروى: جِلْسةَ الأَعْسَرِ. الجوهري: اسْتَنجَى الوَتَر أَي مدّ القوس،
وأَنشد بيت عبد الرحمن بن حسان، قال: وأَصله الذي يَتَّخذ أَوْتارَ
القِسِيّ لأَنه يُخرج ما في المَصارِين من النَّجْو. وفي حديث بئر بُضاعةَ:
تُلقَى فيها المَحايِضُ وما يُنْجِي الناسُ أَي يُلقُونه من العذرة؛ قال
ابن الأَثير: يقال منه أَنْجَى يُنْجِي إِذا أَلقَى نَجْوه، ونَجا وأَنْجَى
إِذا قَضَى حاجته منه. والــاسْتِنجاءُ: اسْتِخْراج النَّجْو من البطن،
وقيل: هو إِزالته عن بدنه بالغَسْل والمَسْح، وقيل: هو من نَجَوْت الشجرة
وأَنْجَيتها إِذا قطعتها، كأَنه قَطَعَ الأَذَى عن نفسه، وقيل: هو من
النَّجوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض كأَنه يَطلُبها ليجلس تحتها. ومنه حديث
عمرو بن العاص: قيل له في مرضه كيفَ تجِدُك؟ قال: أَجِدُ نَجْوِي أَكثرَ
مِن رُزْئى أَي ما يخرج مني أَكثَرَ مما يدخل. والنَّجا، مقصور: من قولك
نَجَوْتُ جِلدَ البعير عنه وأَنْجَيتُه إِذا سَلَخْتَه. ونَجا جِلدَ
البعير والناقةِ نَجْواً ونَجاً وأَنْجاه: كشَطَه عنه. والنَّجْوُ والنَّجا:
اسم المَنْجُوّ؛ قال يخاطب ضَيْفَينِ طَرَقاه:
فقُلْتُ: انْجُوَا عنها نَجا الجِلدِ، إِنَّه
سَيُرْضِيكما مِنها سَنامٌ وغارِبُهْ
قال الفراء: أَضافَ النَّجا إِلى الجِلد لأَن العرب تُضيف الشيء إِلى
نفسه إِذا اختلف اللفظان، كقوله تعالى: حَقُّ اليَقِينِ ولدارُ الآخرةِ.
والجِلدُ نَجاً، مقصور أَيضاً؛ قال ابن بري: ومثله ليزيد بن الحكم:
تُفاوضُ مَنْ أَطْوِي طَوَى الكَشْحِ دُونه،
ومِنْ دُونِ مَنْ صافَيْتُه أَنتَ مُنْطَوِي
قال: ويُقَوِّي قول الفراء بعد البيت قولهم عِرْقُ النَّسا وحَبْل
الوَرِيد وثابت قُطْنةَ وسعِيد كُرْزٍ. وقال علي بن حمزة: يقال نَجَوْت جِلدَ
البعير، ولا يقال سَلَخته، وكذلك قال أَبو زيد؛ قال: ولا يقال سَلَخته
إِلا في عُنُقه خاصة دون سائر جسده، وقال ابن السكيت في آخر كتابه إِصلاح
المنطق: جَلَّدَ جَزُوره ولا يقال سَلَخه. الزجاجي: النَّجا ما سُلخ عن
الشاة أَو البعير، والنَّجا أَيضاً ما أُلقي عن الرَّجل من اللباس.
التهذيب: يقال نَجَوْت الجِلد إِذا أَلقَيْته عن البعير وغيره، وقيل: أَصل هذا
كله من النَّجْوة، وهو ما ارْتَفع من الأَرض، وقيل: إِن الــاستِنْجاء من
الحَدث مأْخوذ من هذا لأَنه إِذا أَراد قضاء الحاجة استتر بنَجْوةٍ من
الأَرض؛ قال عبيد:
فَمَنْ بِنَجْوَتِه كمَنْ بِعَقْوته،
والمُستَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرواحِ
ابن الأَعرابي: بَيْني وبين فلان نَجاوةٌ من الأَرض أَي سَعة. الفراء:
نَجَوْتُ الدَّواءَ شَربته، وقال: إِنما كنت أَسمع من الدواء ما
أَنْجَيْته، ونَجَوْتُ الجِلد وأَنْجَيْتُه. ابن الأَعرابي: أَنْجاني الدَّواءُ
أَقْعدَني.
ونَجا فلان يَنْجُو إِذا أَحْدَث ذَنْباً أَو غير ذلك. ونَجاهُ نَجْواً
ونَجْوى: سارَّه. والنَّجْوى والنَّجِيُّ: السِّرُّ. والنَّجْوُ:
السِّرُّ بين اثنين، يقال: نَجَوْتُه نَجْواً أَي سارَرْته، وكذلك ناجَيْتُه،
والاسم النَّجْوى؛ وقال:
فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تُكَلِّفُني
ما لا يَهُمُّ به الجَثَّامةُ الوَرَعُ
وفي التنزيل العزيز: وإِذ هُم نَجْوَى؛ فجعلهم هم النَّجْوى، وإِنما
النَّجْوى فِعلهم، كما تقول قوم رِضاً، وإِنما رِضاً فِعْلهم. والنَّجِيُّ،
على فَعِيل: الذي تُسارُّه، والجمع الأَنْجِيَة. قال الأَخفش: وقد يكون
النَّجِيُّ جَماعة مثل الصدِيق، قال الله تعالى: خَلَصُوا نَجِيّاً. قال
الفراء: وقد يكون النَّجِيُّ والنَّجْوى اسماً ومصدراً. وفي حديث
الدُّعاء: اللهم بمُحمد نبيِّك وبمُوسى نَجِيَّك؛ هو المُناجِي المُخاطِب
للإِنسان والمحدِّث له، وقد تنَاجَيا مُناجاة وانْتِجاء. وفي الحديث: لا يَتناجى
اثنان دون الثالث، وفي رواية: لا يَنْتَجِي اثنان دون صاحبهما أَي لا
يَتَسارَران مُنْفَردَيْن عنه لأَن ذلك يَسوءُه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: دعاهُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يومَ الطائف فانْتَجاه فقال
الناسُ: لقد طالَ نَجْواهُ فقال: ما انْتَجَيْتُه ولكنَّ اللهَ انْتَجاه
أَي أَمَرَني أَن أُناجِيه. وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: قيل له
ما سمعت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النَّجْوى؟ يُريد مناجاةَ
الله تعالى للعبد يوم القيامة. وفي حديث الشعبي: إِذا عَظُمت الحَلْقة فهي
بِذاء ونِجاء أَي مُناجاة، يعني يكثر فيها ذلك. والنَّجْوى والنَّجِيُّ:
المُتسارُّون. وفي التنزيل العزيز: وإِذ هم نَجْوى؛ قال: هذا في معنى
المصدر، وإِذْ هم ذوو نَجْوى، والنَّجْوى اسم للمصدر. وقوله تعالى: ما
يكون من نَجْوى ثلاثة؛ يكون على الصفة والإِضافة. وناجى الرجلَ مُناجاةً
ونِجاءً: سارَّه. وانْتَجى القومُ وتَناجَوْا: تَسارُّوا؛ وأَنشد ابن
بري:قالت جَواري الحَيِّ لَمَّا جِينا،
وهنَّ يَلْعَبْنَ ويَنْتَجِينا:
ما لِمَطايا القَوْمِ قد وَجِينا؟والنَّجِيُّ: المُتناجون. وفلان نجِيُّ
فلان أَي يناجيه دون من سواه. وفي التزيل العزيز: فلما استَيْأَسُوا منه
خَلَصُوا نَجِيّاً؛ أَي اعتزلوا مُتَناجين، والجمع أَنْجِيةٌ؛ قال:
وما نَطَقُوا بأَنْجِيةِ الخُصومِ
وقال سُحَيْم بن وَثِيل اليَرْبُوعِي:
إِني إِذا ما القَوْمُ كانوا أَنْجِيَهْ،
واضْطرب القَوْمُ اضْطرابَ الأَرْشِيَهْ،
هُناكِ أَوْصِيني ولا تُوصي بِيَهْ
قال ابن بري: حكى القاضي الجرجاني عن الأَصمعي وغيره أَنه يصف قوماً
أَتعبهم السير والسفر، فرقدوا على رِكابهم واضطربوا عليها وشُدَّ بعضهم على
ناقته حِذارَ سقوطه من عليها، وقيل: إِنما ضربه مثلاً لنزول الأَمر
المهمّ، وبخط علي بن حمزة: هُناكِ، بكسر الكاف، وبخطه أَيضاً: أَوْصِيني ولا
تُوصِي، بإِثبات الياء، لأَنه يخاطب مؤنثاً؛ وروي عن أَبي العباس أَنه
يرويه:
واخْتَلَفَ القومُ اخْتلافَ الأَرْشِيَهْ
قال: وهو الأَشهر في الرواية؛ وروي أَيضاً:
والتَبَسَ القومُ التِباسَ الأرشيه
ورواه الزجاج: واختلف القول؛ وأَنشد ابن بري لسحيم أَيضاً:
قالتْ نِساؤُهم، والقومُ أَنْجيةٌ
يُعْدَى عليها، كما يُعْدى على النّعَمِ
قال أَبو إِسحق: نجِيُّ لفظ واحد في معنى جميع، وكذلك قوله تعالى: وإِذ
هم نَجْوَى؛ ويجوز: قومٌ نَجِيٌّ وقومٌ أَنْجِيةٌ وقومٌ نَجْوى.
وانْتَجاه إِذا اختصَّه بمُناجاته. ونَجَوْتُ الرجل أَنْجُوه إِذا ناجَيْتَه. وفي
التنزيل العزيز: لا خَيْرَ في كثير من نَجْواهم؛ قال أَبو إِسحق: معنى
النَّجْوى في الكلام ما يَنْفَرِد به الجماعة والاثنان، سِرّاً كان أَو
ظاهراً؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يَخْرُجْنَ منْ نَجِيِّه للشاطي
فسره فقال: نجِيُّه هنا صوته، وإِنما يصف حادياً سَوَّاقاً مُصَوِّتاً.
ونَجاه: نكَهه. ونجوْت فلاناً إِذا استَنْكَهْته؛ قال:
نَجَوْتُ مُجالِداً، فوَجَدْتُ منه
كريح الكلب ماتَ حَديثَ عَهْدِ
فقُلْتُ له: مَتى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابَني في جَوْفِ مَهْدي
وروى الفراء أَن الكسائي أَنشده:
أَقولُ لِصاحِبَيَّ وقد بَدا لي
مَعالمُ مِنْهُما، وهُما نَجِيَّا
أَراد نَجِيَّانِ فحذف النون؛ قال الفراء: أَي هما بموضع نَجْوَى، فنصب
نَجِيّاً على مذهب الصفة. وأَنْجَت النخلة فأَجْنَتْ؛ حكاه أَبو حنيفة.
واستَنْجى الناسُ في كل وجه: أَصابُوا الرُّطب، وقيل: أَكلوا الرطب. قال:
وقال غير الأَصمعي كل اجْتِناءٍ استِنْجاءٌ، يقال: نَجوْتُك إِياه؛
وأَنشد:
ولقَدْ نَجَوْتُك أَكْمُؤاً وعَساقِلاً،
ولقد نَهَيْتُك عن بَناتِ الأَوْبَرِ
والرواية المعروفة جَنيْتُك، وهو مذكور في موضعه. والنُّجَواءُ:
التَّمَطِّي مثل المُطَواء؛ وقال شبيب بن البرْصاء:
وهَمٌّ تأْخُذُ النجَواء مِنه،
يُعَلُّ بصالِبٍ أَو بالمُلالِ
قال ابن بري: صوابه النُّحَواء، بحاء غير معجمة، وهي الرِّعْدة، قال:
وكذلك ذكره ابن السكيت عن أَبي عمرو بن العلاء وابن ولاَّد وأَبو عمرو
الشيباني وغيره، والمُلالُ: حرارة الحمَّى التي ليست بصالبٍ، وقال
المُهَلَّبي: يروى يُعَكُّ بصالِبٍ.
وناجِيةُ: اسم. وبنو ناجيةَ: قبيلة؛ حكاها سيبويه. الجوهري: بنو ناجيةَ
قوم من العرب، والنسبة إِليهم ناجِيٌّ، حذف منه الهاء والياء، والله
أَعلم.
طهر: الطُّهْرُ: نقيض الحَيْض. والطُّهْر: نقيض النجاسة، والجمع
أَطْهار. وقد طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عن سيبويه، وفي
الصحاح: طَهَر وطَهُر، بالضم، طَهارةً فيهما، وطَهَّرْته أَنا تطهيراً
وتطَهَّرْت بالماء، ورجل طاهِر وطَهِرٌ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حتى
خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ
قال ابن جني: جاء طاهِرٌ على طَهُر كما جاء شاعرٌ على شَعُر، ثم
استغنَوْا بفاعل عن فَعِيل، وهو في أَنفسهم وعلى بال من تصورهم، يَدُلُّك على
ذلك تسكيرُهم شاعراً على شُعَراء، لَمّا كان فاعلٌ هنا واقعاً موقع فَعِيل
كُسِّر تكسِيرَه ليكون ذلك أَمارةً ودليلاً على إِرادته وأَنه مُغْنٍ عنه
وبَدَلٌ منه؛ قال ابن سيده: قال أَبو الحسن: ليس كما ذكر لأَن طَهِيراً
قد جاء في شعر أَبي ذؤيب؛ قال:
فإِن بني، لِحْيان إِمَّا ذكرتهم،
نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ
قال: كذا رواه الأَصمعي بالطاء ويروى ظهير بالظاء المعجمة، وسيُذكر في
موضعه، وجمع الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نادرة، وثيابٌ طَهارَى
على غير قياس، كأَنهم جمعوا طَهْرانَ؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ،
وأَوْجهُهم، عند المَشَاهِد، غُرّانُ
وجمع الطَّهِر طهِرُونَ ولا يُكسّر. والطُّهْر: نقيض الحيض، والمرأَة
طاهِرٌ من الحيض وطاهِرةٌ من النجاسة ومن العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ ورجال
طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابن سيده: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغتسلت
من الحيض وغيرِه، والفتح أَكثر عند ثعلب، واسمُ أَيام طُهْرها
(* هنا
بياض في الأصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار) . . . وطَهُرت المرأَة، وهي
طاهرٌ: انقطع عنها الدمُ ورأَت الطُّهْر، فإِذا اغتسلت قيل: تَطَهَّرَت
واطَّهَّرت؛ قال الله عز وجل: وإِن كنتم جُنُباً فاطَّهَّروا. وروى
الأَزهري عن أَبي العباس أَنه قال في قوله عز وجل: ولا تَقْرَبُوهنّ حتى
يَطْهُرن فإِذا تَطَهَّرْن فأْتُوهنّ من حيث أَمَرَكم الله؛ وقرئ: حتى
يَطَّهَّرْن؛ قال أَبو العباس: والقراءة يطَّهَّرن لأَن من قرأَ يَطْهُرن أَراد
انقطاع الدم، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلن، فصَيَّر معناهما مختلفاً، والوجه
أَن تكون الكلمتان بمعنى واحد، يُريد بهما جميعاً الغسل ولا يَحِلُّ
المَسِيسُ إِلا بالاغتسال، ويُصَدِّق ذلك قراءةُ ابن مسعود: حتى يَتَطَهَّرْن؛
وقال ابن الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هو الكلام، قال: ويجوز طَهُرت،
فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، وقد تَطَهَّرت المرأَةُ واطّهّرت، فإِذا انقطع
عنها الدم قيل: طَهُرت تَطْهُر، فهي طاهرٌ، بلا هاء، وذلك إِذا طَهُرَت
من المَحِيض. وأَما قوله تعالى: فيه رجال يُحِبُّون أَن يَتَطَهَّرُوا؛
فإِن معناه الــاستنجاء بالماء، نزلت في الأَنصار وكانوا إِذا أَحْدَثوا
أَتْبَعُوا الحجارة بالماء فأَثْنَى الله تعالى عليهم بذلك، وقوله عز وجل:
هُنَّ أَطْهَرُ لكم؛ أَي أَحَلُّ لكم. وقوله تعالى: ولهم فيها أَزواجٌ
مُطَهَّرَة؛ يعني من الحيض والبول والغائط؛ قال أَبو إِسحق: معناه أَنهنّ لا
يَحْتَجْنَ إِلى ما يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدنيا بعد الأَكل
والشرب، ولا يَحِضْن ولا يَحْتَجْنَ إِلى ما يُتَطَهَّرُ به، وهُنَّ مع ذلك
طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كلها
لأَن مُطَهَّرة أَبلغ في الكلام من طاهرة. وقوله عز وجل: أَنْ طَهِّرَا
بَيْتِيَ للطَّائِفينَ والعاكِفِين؛ قال أَبو إِسحق: معناه طَهِّراهُ من
تعليق الأَصْنام عليه؛ الأَزهري في قوله تعالى: أَن طَهِّرَا بيتي، يعني من
المعاصي والأَفعال المُحَرَّمة. وقوله تعالى: يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرة؛
من الأَدْناس والباطل. واستعمل اللحياني الطُّهْرَ في الشاة فقال: إِن
الشاة تَقْذَى عَشْراً ثم تَطْهُر؛ قال ابن سيده: وهذا طَريفٌ جِدّاً، لا
أَدْرِي عن العرب حكاه أَمْ هو أَقْدَمَ عليه. وتَطَهَّرت المرأَة:
اغتسلت. وطَهَّره بالماء: غَسَلَه، واسمُ الماء الطَّهُور. وكلُّ ماء نظيف:
طَهُورٌ، وماء طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ به، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وليس كلُّ
طاهرٍ طَهوراً. قال الأَزهري: وكل ما قيل في قوله عز وجل: وأَنْزَلْنا من
السماء ماءً طهوراً؛ فإِن الطَّهُورَ في اللغة هو الطاهرُ المُطَهِّرُ،
لأَنه لا يكون طَهوراً إِلا وهو يُتَطهّر به، كالوَضُوء هو الماء الذي
يُتَوضَّأُ به، والنَّشُوق ما يُسْتَنْشق به، والفَطُور ما يُفْطَر عليه منْ
شراب أَو طعام. وسُئِل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ماء البحر
فقال: هو الطَّهُور ماؤه الحِلُّ مَيْتَتُه؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه
طاهر يُطَهِّر. وقال الشافعي، رضي الله عنه: كلُّ ماء خَلَقَه الله نازلاً
من السماء أو نابعاً من عين في الأَرض أَو بحْرٍ لا صَنْعة فيه لآدَميٍّ
غير الاسْتِقاء، ولم يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه ولم يتغيّر طعمُه
منه، فهو طَهُور، كما قال الله عز وجل وما عدا ذلك من ماء وَرْدٍ أَو وَرَقٍ
شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل من كَرْم فإِنه، وإِن كان طاهراً، فليس بطَهُور.
وفي الحديث: لا يَقْبَلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُورٍ، قال ابن الأَثير:
الطُّهور، بالضم، التطهُّرُ، وبالفتح: الماءُ الذي يُتَطَهَّرُ به كالوَضُوء.
والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وقال سيبويه: الطَّهور، بالفتح، يقع على
الماء والمَصْدر معاً، قال: فعلى هذا يجوز أَن يكون الحديث بفتح الطاء
وضمها، والمراد بهما التطهر. والماء الطَّهُور، بالفتح: هو الذي يَرْفَعُ
الحدَث ويُزِيل النَجَسَ لأَن فَعُولاً من أَبنية المُبالَغة فكأَنه
تَنَاهى في الطهارة. والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث
ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل في الوُضوء والغُسْل.
والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الذي يُتَوَضَّأُ به ويُتَطَهَّر به.
والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، على التشبيه بذلك، والجمع المَطَاهِرُ؛ قال الكميت يصف
القطا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ
جِي في أَساقٍ كالمَطاهِرْ
وكلُّ إِناء يُتَطَهَّر منه مثل سَطْل أَو رَكْوة، فهو مِطْهَرةٌ.
الجوهري: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، والفتح أَعلى. والمِطْهَرَةُ:
البيت الذي يُتَطَهّر فيه.
والطَّهارةُ، اسمٌ يقوم مقام التطهّر بالماء: الــاستنجاءُ والوُضوءُ.
والطُّهارةُ: فَضْلُ ما تَطَهَّرت به. والتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عن
الإِثم وما لا يَجْمُل. ورجل طاهرُ الثياب أَي مُنَزَّه؛ ومنه قول الله
عز وجل في ذكر قوم لوط وقَوْلِهم في مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهم أُناسٌ
يَتَطَهَّرُون؛ أَي يتنزَّهُون عن إِتْيان الذكور، وقيل: يتنزّهون عن
أَدْبار الرجال والنساء؛ قالهُ قوم لوط تهكُّماً.
والتطَهُّر: التنزُّه عما لا يَحِلُّ؛ وهم قوم يَتَطَهَّرون أَي
يتنزَّهُون من الأَدناسِ. وفي الحديث: السِّواكُ مَطْهرةٌ للفم.
ورجل طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طاهرة، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ
أَي ليس بذي دَنَسٍ في الأَخْلاق. ويقال: فلان طاهر الثِّياب إِذا لم يكن
دَنِسَ الأَخْلاق؛ قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بني عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
وقوله تعالى: وثِيابَكَ فَطَهِّرْ؛ معناه وقَلْبَك فَطهِّر؛ وعليه قول
عنترة:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه،
ليس الكَريمُ على القَنا بِمُحَرَّمِ
أَي قَلْبَه، وقيل: معنى وثيابك فطهر، أَي نَفْسَك؛ وقيل: معناه لا
تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الغادر دَنِسُ الثِّياب. قال ابن
سيده: ويقال للغادر دَنِسُ الثياب، وقيل: معناه وثيابك فقَصِّر فإِن تقصير
الثياب طُهْرٌ لأَن الثوب إِذا انْجرَّ على الأَرض لم يُؤْمَنْ أَن تصيبَه
نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه من النجاسة؛ والتَّوْبةُ التي تكون بإِقامة
الحدّ كالرَّجْمِ وغيره: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وقيل معنى قوله: وثيابك
فطهِّرْ، يقول: عَملَك فأَصْلِح؛ وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله: وثيابك
فطهّر، يقول: لا تَلْبَسْ ثِيابَك على معصية ولا على فجُورٍ وكُفْرٍ؛ وأَنشد
قول غيلان:
إِني بِحَمْد الله، لا ثوبَ غادِرٍ
لَبِستُ، ولا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع
الليث: والتوبةُ التي تكون بإِقامة الحُدُود نحو الرَّجْم وغيره طَهُورٌ
للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، وقد طَهّرَه الحدُّ وقوله تعالى: لا
يَمسُّه إِلا المطَهَّرون؛ يعني به الكِتَابَ لا يمسّه إِلا المطهرون عنى به
الملائكة، وكلُّه على المَثَل، وقيل: لا يمسُّه في اللوح المحفوظ إِلا
الملائكة. وقوله عز وجل: أُولئك الذين لم يُرِد اللهُ أَن يُطَهِّرَ
قُلوبَهم؛ أَي أَن يَهدِيَهم. وأَما قوله: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فالهاء فيه
بدل من الحاء في طَحَره؛ كما قالوا مدَهَه في معنى مَدَحَه.
وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سمّاه المسلمون
تطهيراً لأَن النصارى لما تركوا سُنَّةَ الخِتانِ غَمَسُوا أَوْلادَهم في
ماء صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ المولود وقالوا: هذه طُهْرَةُ
أَوْلادِنا التي أُمِرْنا بها، فأَنْزل الله تعالى: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ مِن اللهِ صِبْغةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه
لا صِبْغَةَ النصارى، فالخِتانُ هو التطهِيرُ لا ما أَحْدَثَه النصارى من
صِبْغَةِ الأَوْلادِ. وفي حديث أُم سلمة: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي
في المكان القَذِر، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: يُطَهِّرُه
ما بعده؛ قال ابن الأَثير: هو خاص فيما كان يابساً لا يَعْلَقُ بالثوب منه
شيء، فأَما إِذا كان رَطْباً فلا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وقال مالك: هو
أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثم يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ
فإِنَّ بعضها يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مثل البول ونحوه تُصِيب
الثوب أَو بعضَ الجسد، فإِن ذلك لا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قال
ابن الأَثير: وفي إِسناد هذا الحديث مَقالٌ.
جنأ: جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه: أَكَبَّ. وفي التهذيب: جَنَأَ في عَدْوِه: إِذا أَلَحَّ وأَكَبَّ، وأَنشد: وكأَنَّه فوت الحَوالِبِ، جانِئاً، * رِيمٌ، تُضايِقُه كِلابٌ، أَخْضَعُ
تُضايِقُه: تلجئه، ريمٌ أَخْضَعُ.
وأَجْنَأَ الرَّجُلُ على الشيء: أَكَبَّ؛ قال: وإِذا أَكَبَّ الرَّجل
على الرجل يَقِيه شيئاً قيل: أَجْنأَ. وفي الحديث: فَعَلِقَ يُجانِئُ عليها يَقِيها الحجارة، أَي يُكِبُّ عليها.
وفي الحديث أَنَّ يَهُوديّاً زَنَى بامرأَة، فَأَمَرَ برَجْمِهما فَجَعَلَ الرَّجلُ يُجْنِئُ عليها أَي يُكِبُّ ويَمِيل عليها ليقيها الحجارة.
وفي رواية أُخرى: فَلَقَد رأَيْتُه يُجانِئُ عليها، مُفاعَلة من جانَأَ
يُجانِئُ؛ ويروى بالحاء المهملة، وسيجيء ان شاء اللّه تعالى.
وفي حديث هِرَقْلَ في صِفة إِسْحقَ عليه السلام: أَبْيَضُ أَجْنَأُ
خَفِيفُ العارِضَيْن.
الجَنَأُ: مَيَلٌ في الظَّهْر، وقيل: في العُنُق.
وجَنَأَتِ المرأَةُ على الولد: أَكَبَّتْ عليه. قال:
بَيْضاء صَفْراء لَمْ تَجْنَأْ على ولَدٍ، * إلاّ لأُخْرَى، ولم تَقْعُدْ على نارِ
وقال كثير عزة:
أَغاضِرَ، لوْ شَهِدْتِ، غَداةَ بِنْتُمْ، * جُنُوءَ العائداتِ على وِسادي
وقال ثعلب: جَنِئَ عليه: أَكَبَّ عليه يُكلِّمُه. وجَنِئَ الرجل
جَنَأً، وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإِ: أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره؛ وفي الصحاح: رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإِ، أَي أَحْدَبُ الظهر. وقال ثعلب: جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك، <ص:51> والانثى جَنْواء.
وجَنِئَ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً: إِذا كانت فيه خِلْقةً. الأَصمعي:
جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوءاً: إِذا انْكَبَّ على فرسه يَتَّقِي الطعْنَ؛ وقال
مالك بن نويرة:
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَما مِلتَ جانِئاً، * ورُمْتَ حِياضَ الـمَوْتِ كلَّ مَرامِ
قال: فإِذا كان مُستقيم الظهرِ ثم أَصابه جَنَأ قيل جَنِئَ يَجْنَأُ
جَنَأً، فهو أَجْنَأُ.
الليث: الأَجْنَأُ: الذي في كاهله انْحِناء على صدره، وليس بالأَحْدب.
أَبو عمرو: رجلٌ أَجْنَأُ وأَدنَأُ مهموزان، بمعنى الأَقْعَسِ، وهو الذي في صدره انكِباب إِلى ظهره. وظَلِيمٌ أَجْنَأُ ونَعامة جَنْآءُ، ومن حذف الهمزة قال: جَنْواء، والمصدر الجَنَأُ، وأَنشد:
أَصَكُّ، مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ، أَجْنَا والـمُجْنَأُ، بالضم: التُّرْس لا حْديدا بهِ. قال أَبو قَيْس ابن الأَسلت السُّلَمِي:
أَحْفِزُها عنِّي بذِي رَوْنَقٍ، * مُهَنَّدٍ، كالمِلْحِ قَطَّاعِ
صَدْقٍ، حُسامٍ، وادِقٍ حَدُّهُ، * ومُجْنَإٍ، أَسْمَرَ، قَرّاعِ
والوادِقُ: الماضي في الضَّريبةِ؛ وقولُ ساعِدَةَ بن جُؤَيّةَ:
إِذا ما زارَ مُجْنَأَةً، عَليْها * ثِقالُ الصَّخْرِ والخَشَبُ القَطِيلُ
انما عنى قَبراً.
والـمُجْنأَةُ: حُفْرَةُ القبر. قال الهذلي وأَنشد البيت:
إِذا ما زار مجنأَة عليها
مشع: المَشْعُ: ضرْبٌ من الأَكل كأَكلِكَ القِثّاء، وقد مَشَعَ
القِثّاءَ مَشْعاً أَي مَضَغَه، وقيل: المَشْعُ أَكلُ القِثّاء وغيره مما له
جَرْسٌ عند الأَكل. ويقال: مَشَعْنا القَصْعةَ أَي أَكلنا كلّ ما فيها.
والمَشْعُ: السير السهل.
والتمشُّعُ: الــاستنجاءُ. والتمْشِيعُ: التمْسِيح. وفي الحديث: أَنه نهى
أَن يُتَمَشَّعَ برَوْثٍ أَو عَظْمٍ؛ التمشُّعُ: التمسُّحُ في الــاستنجاء؛
قال الأَزهري: وهو حرف صحيح. وتَمَشَّعَ وامْتَشَعَ إِذا أَزال عنه
الأَذى. ومَشَعَ القُطْنَ يَمْشَعُه مَشْعاً: نَفَشَه بيده، والمِشْعةُ
والمَشِيعةُ: القِطْعةُ منه. والمَشْعُ: الكَسَبُ. ومَشَعَ يَمْشَعُ مَشْعاً
ومُشُوعاً: كَسَبَ وجَمَع. ورجل مَشُوعٌ: كَسُوبٌ؛ قال:
وليس بخَيْرٍ من أَبٍ غيرَ أَنه،
إِذا اغْبَرّ آفاقُ البلادِ، مَشُوعُ
ومَشَعْتُ الغنَمَ: حَلَبْتُها. وامْتَشَعْتُ ما في الضّرْعِ
وامْتَشَقْتُه إِذا لم تدَع فيه شيئاً، وكذلك امْتَشَعْتُ ما في يَدَيْ فلان
وامْتَشَقْته إِذا أَخذت ما في يده كله. وامتشع السفَ من غِمْدِه وامْتَلَخه إِذا
امْتَعَدَه وسلَّه مُسْرِعاً. ويقال: امْتَشِعْ من فلان ما مَشَعَ لك أَي
خُذْ منه ما وجدْت. قال ابن الأَعرابي: امْتَشَعَ الرجل ثوب صاحبه أَي
اخْتَلَسَه. وذنبٌ مَشُوعٌ.
نقص: النَّقْصُ: الخُسْران في الحظِّ، والنقصانُ يكون مصدراً ويكون قدر
الشيء الذاهب من المنقوص. نَقَصَ الشيءُ يَنْقُصُ نَقْصاً ونُقْصاناً
ونَقِيصةً ونَقَصَه هو، يتعدى ولا يتعدى؛ وأَنْقَصَه لغة؛ وانْتَقَصَه
وتَنَقَّصَه: أَخذ منه قليلاً قليلاً على حد ما يجيءُ عليه هذا الضرب من
الأَبنية بالأَغلب. وانْتَقَصَ الشيءُ: نَقَصَ، وانْتَقَصْتُه أَنا، لازمٌ
وواقعٌ، وقد انْتَقَصَه حقَّه. أَبو عبيد في باب فَعَلَ الشيءُ وفَعَلْتُ
أَنا: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه أَنا، قال: وهكذا قال الليث، وقال: استوى
فيه فَعَلَ اللازمُ والمُجاوز. واسْتَنْقَصَ المُشتري الثمنَ أَي
اسْتَحَطَّ، وتقول: نُقْصانُه كذا وكذا هذا قدْرُ الذاهب؛ قال ابن دريد: سمعت
خزاعيّاً يقول للطيِّب إِذا كانت له رائحة طيِّبة: إِنه لَنَقِيصٌ؛ وروى قول
امرئ القيس:
كلَوْن السَّيالِ وهو عذب نَقِيص
أَي طيِّب الريح. اللحياني في باب الإِتباع: طَيِّبٌ نَقِيص. وفي
الحديث: شَهْرا عِيدٍ لا يَنْقُصان، يعني في الحكم، وإِن نَقَصا في العدد أَي
أَنه لا يَعْرِِضُ في قلوبكم شكٌّ إِذا صُمتم تسعة وعشرين، أَو إِن وقَعَ
في يوم الحجّ خطأٌ لم يكن في نُسُكِكم نَقْصٌ. وفي الحديث: عشر من
الفِطْرة وانْتقاص الماء، قال أَبو عبيد: معناه انْتِقاصُ البول بالماء إِذا
غُسِل به يعني المذاكير، وقيل: هو الانتضاح بالماء، ويروى انْتِفاص،
بالفاء، وقد تقدم. وفي الحديث: انْتِفاص الماء الــاستنجاء، قيل: هو الانتضاح
بالماء. قال أَُّبو عبيد: انْتقاصُ الماء غَسْلُ الذكَر بالماء، وذلك أَنه
إِذا غسل الذكر ارتد البول ولم ينزل، وإِن لم يغسل نزل منه الشيء حتى
يُسْتَبْرأَ.
والنَّقْصُ في الوافر من العَروض: حذْفُ سابعِه بعد إِسكان خامسه،
نَقَصَه يَنْقُصُه نَقْصاً وانْتَقَصَه. وتَنَقَّصَ الرجلَ وانْتَقَصَه
واسْتَنْقَصَه: نسب إِليه النُّقْصَانَ، والاسم النَّقِيصةُ؛ قال:
فلو غَيرُ أَخوالي أَرادوا نَقِيصَتي،
جَعَلْتُ لهم فَوْقَ العَرانِينِ مِيسَما
وفلان يَنْتَقِصُ فلاناً أَي يقع فيه ويَثْلِبُه. والنَّقْصُ: ضعْفُ
العقل. ونَقُصَ الشيءُ نَقاصَةً، فهو نَقِيصٌ: عَذُبَ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:حَصَانٌ رِيقُها عَذْبٌ نَقِيص
والمَنْقَصَةُ: النَّقْصُ. والنَّقِيصةُ: العيب. والنقيصةُ: الوَقِيعةُ
في الناس، والفِعْل الانْتِقاصُ، وكذلك انْتِقاصُ الحقّ؛ وأَنشد:
وذا الرِّحْمِ لا تَنْتَقِصْ حقَّه،
فإِنَّ القَطِيعَة في نَقْصِ
وفي حديث بيع الرُّطَب بالتمر قال: أَيَنْقُص الرُّطَب إِذا يَبِس؟
قالوا: نعم، لفظُه استفهام ومعناه تنبيهٌ وتقرير لِكُنْهِ الحُكْم وعلَّته
ليكون معتبراً في نظائره، وإِلا فلا يجوز أَن يخفى مثل هذا على النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم، كقوله تعالى: أَلَيْسَ اللّهُ بكافٍ عَبْدَه؛ وقول
جرير:
أَلَسْتُم خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
نثر: الليث: النَّثْرُ نَثْرُكَ الشيءَ بيدك تَرْمي به متفرقاً مثلَ
نَثْرِ الجَوْزِ واللَّوْزِ والسُّكَّرِ، وكذلك نَثْرُ الحَبِّ إِذا بُذرَ،
وهو النِّثَارُ؛ وقد نَثَرَهُ يَنْثُرُهُ ويَنْثِرُهُ نَثراً ونِثاراً
ونَثَّرَه فانْتَثَرَ وتناثَرَ؛ والنُّثارةُ: ما تناثَرَ منه، وخص اللحياني
به ما يَنْتَثِرُ من المائدة فَيُؤكل فيرجى فيه الثوابُ. التهذيب:
والنُّثارُ فُتاتُ ما يَتَناثَرُ حَوالي الخِوانِ من الخبز ونحو ذلك من كل
شيء. الجوهري: النُّثارُ، بالضم، ما تناثر من الشيء. ودُرٌّ مُنَثَّرٌ:
شُدِّدَ للكثرة، وقيل: نُثارةُ الحِنْطة والشعيرِ ونحوهما ما انْتَثَرَ منه.
وشيءٌ نَثَرٌ: مُنْتَثِرٌ، وكذلك الجمع؛ قال:
حَدَّ النهارِ تُراعِي ثِيرَةً نَثَرا
ويقال: شَهِدتُ نِثارَ فلان؛ وقوله أَنشده ثعلب:
هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ،
مُوشِكُ السَّقْطةِ، ذُو لُبٍّ نَثِر
قال ابن سيده: لم يفسر نَثِراً، قال: وعندي أَنه مُتَناثِرٌ مُتساقطٌ لا
يَثْبُتْ. وفي حديث ابن مسعود وحذيفةَ في القراءة: هَذًّا كهَذِّ
الشِّعْرِ ونَثْراً كَنَثْرِ الدَّقَلِ أَي كما يَتساقَطُ الرُّطَبُ اليابِسُ
من العِذْقِ إِذا هُزَّ. وفي حديث أَبي ذر: يُوافِقُكُمُ العَدُوُّ حَلْبَ
شاةٍ نَثورٍ؛ هي الواسعة الإِحليلِ كأَنها تَنْثُرُ اللَّبنَ نَثْراً
وتَفْتَحُ سَبِيلَه، ووجأَه فَنَثَر أَمْعاءَهُ. وتَناثَرَ القوم: مَرِضُوا
فماتوا. والنَّثورُ: الكثِيرُ الولد، وكذلك المرأَة، وقد نَثَرَ ولداً
ونثر كلاماً: أَكثره، وقد نَثَرَتْ ذا بَطْنِها ونَثَرَتْ بَطْنَها. وفي
الحديث: فلما خلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني؛ أَرادت أَنها كانت
شابَّةً تَلِدُ الأَولادَ عنده. وقيل لامرأَةٍ: أَيُّ البُغاةِ أَبغضُ إِليكِف
فقالت: التي إِنْ غَدَتْ بَكَرَتْ، وإِن حَدَّثَتْ نَثَرَتْ.
ورجلٌ نَثِرٌ بَيِّنُ النَّثَرِ ومِنْثَرٌ، كِلاهُما: كثيرُ الكلام،
والأُنثى نَثِرَةٌ فقط.
والنَّثْرةُ: الخَيْشومُ وما والاه. وشاةٌ ناثِرٌ ونَثُورٌ: تَطْرَحُ من
أَنفها كالدُّود. والنَّثِيرُ للدّواب والإِبلِ: كالعُطاسِ للناس؛ زاد
الأَزهري: إِلا أَنه ليس بغالب له ولكنه شيءٌ يفعله هو بأَنفه؛ يقال:
نَثَرَ الحِمارُ وهو يَنْثِرُ نَثِيراً. الجوهري: والنَّثْرةُ للدواب شِبْهُ
العَطْسةِ، يقال: نَثَرَتِ الشاةُ إِذا طرحَتْ من أَنفها الأَذى. قال
الأَصمعي: النافر والناثِرُ لشاةُ تَسْعُلُ فَيَنْتَثرُ من أَنفها شيءٌ. وفي
حديث ابن عباس: الجرادُ نَثْرةُ الحوتِ أَي عَطْسَتُهُ؛ وحدثِ كعبٍ:
إِنما هو نَثْرَةُ حوتٍ، وقد نَثَرَ يَنْثِرُ نَثِيراً؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:فما أَنْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بِسُدْفَةٍ
علاجِيمَ، عيرُ ابني صُباحٍ نَثِيرُها
واستَنْثَر الإِنسانُ: استَنْشَقَ الماء ثم استخرج ذلك بِنَفَسِ
الأَنفِ. والانْتِثارُ والاستِنْثارُ بمعنى: وهو نَثْرُ ما في الأَنف
بالنَّفَسِ. وفي الحديث: إِذا استَنْشَقْتَ فانْثُر، وفي التهذيب: فانْثِر، وقد
روي: فأَنْثِرْ، بقطع الأَلف، قال: ولا يعرفه أَهل اللغة، وقد وُجِدَ بخطه
في حاشية كتابه في الحديث: من توضأَ فَلْيَنْثِرْ، بكسر الثاء، يقال:
نَثَرَ الجوزَ والدُّرَّ يَنْثُرُ، بضم الثاء، ونَثَرَ من أَنفه يَنْثِرُ،
بكسر الثاء لا غير؛ قال: وهذا صحيح كذا حفظه علماء اللغة. ابن الأَعرابي:
النَّثْرَةُ طَرَفُ الأَنفِ، ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في
الطهارة: اسْتَنْثِرْ؛ قال: ومعناه اسْتَنْشِقْ وحَرِّكِ النَّثْرةَ. الفراء:
نَثَرَ الرجلُ وانْتَثَرَ واسْتَنْثَرَ إِذا حَرَّكَ النَّثْرَةَ في
الطهارة؛ قال أَبو منصور: وقد روي هذا الحرف عن أَبي عبيد أَنه قال في حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم: إِذا توضأْت فأَنْثِرْ، من الإِنْثار، إِنما
يقال: نَثَرَ يَنْثِرُ وانْتَثَرَ يَنْتَثِرُ واسْتَنْثَرَ يَسْتَنْثِرُ.
وروى أَبو الزناد عن الأَعرج عن أَبي هريرة، رضي الله عنه، أَنه قال:
إِذا توضأَ أَحدُكم فليجعلِ الماءَ في أَنْفِه ثم لِيَنْثِرْ؛ قال
الأَزهري: هكذا رواه أَهل الضبط لأَلفاظ الحديث، قال: وهو الصحيح عندي، وقد فسر
قوله لِيَنْثِرْ واسْتَنْثِرْ على غير ما فسره الفراء وابن الأَعرابي، قال
بعض أَهل العلم: معنى الاستنثارِ والنَّثْر أَن يستنشق الماء ثم يستخرج
ما فيه من أَذى أَو مُخاط، قال: ومما يدل على هذا الحديث الآخر: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَستنشِق ثلاثاً في كل مرة يَسْتَنْثِرُ؛فجعل
الاستنثار غير الاستنشاق، يقال منه: نَثَر يَنْثِر، بكسر الثاء. وفي
الحديث: من توضأَ فَلْيَنْثِر، بكسر الثاء، لا غير. والإِنسان يستنثر إِذا
استنشق الماء ثم استخرج نَثِيرَه بنَفَس الأَنفِ. ابن الأَثير: نَثَرَ
يَنثِرُ، بالكسر، إِذا امتخط، واستَنْثَر استفعل منه: استنشق الماء ثم
استخرج ما في الأَنف، وقيل: هو من تحريك النَّثْرةِ، وهي طرَف الأَنف؛ قال:
ويروى فأَنْثِر بأَلف مقطوعة، قال: وأَهل اللغة لا يجيزونه والصواب بأَلف
الوصل. ونَثَر السُّكَّر يَنْثُره، بالضم، قال: وأَما قول ابن الأَعرابي
النَّثْرةُ طرف الأَنف فهو صحيح، وبه سمي النجْم الذي يقال له نَثْرةُ
الأَسد كأَنها جعلت طرَف أَنفه. والنثرة: فُرْجة ما بين الشاربين حِيالَ
وتَرةِ الأَنف، وكذلك هي من الأَسَدِ، وقيل: هي أَنف الأَسد. والنَّثْرةُ:
نَجْم من نُجوم الأَسَد ينزلها القمر؛ قال:
كادَ السِّماكُ بها أَو نَثْرةُ الأَسَدِ
التهذيب: النثْرة كوكب في السماء كأَنه لَطْخُ سَحابٍ حِيالَ كَوكبين،
تسميه العرب نثرة الأَسد وهي من منازل القمر، قال: وهي في علم النجوم من
بُرْجِ السرَطانِ. قال أَبو الهيثم: النثرة أَنف الأَسد ومنْخراه، وهي
ثلاثة كواكبَ خَفِيَّة متقاربة، والطرْفُ عينا الأَسَد كوكبان، الجبهة
أَمامَها* قوله« كوكبان، الجبهة امامها» كذا بالأصل. وعبارة القاموس: الطرف
كوكبان يقدمان الجبهة. وهي أَربعةُ كواكِبَ. الجوهري: النثرة كوكبان بينهما
مقدار شبر، وفيهما لَطْخ بياض كأَنه قِطْعة سحاب وهي أَنف الأَسد ينزلها
القمر. والعرب تقول: إِذا طَلَعَتِ النثْرةُ قَنأَتِ البُسْرةُ أَي
داخَلَ حُمْرَتها سَوادٌ، وطلوع النثرة على إِثْر طُلُوع الشِّعْرَى. وطعَنه
فأَنْثَره عن فرسه أَي أَلقاه على نَثْرَتِه؛ قال:
إِنّ عليها فارِساً كَعَشَرَهْ؛
إِذا رَأَى فارِسَ قَوْمٍ أَنْثَرَهْ
قال ثعلب: معناه طَعَنَه فأَخرج نَفَسَه من أَنفه، ويروى رئِيسَ.
الجوهري: ويقال طعنه فأَنْثَره أًي أَرعفه؛ وأَنشد الراجز:
إِذا رأَى فارس قوم أَنثره
والنثْرةُ: الدِّرْعُ السَّلِسةُ المَلْبَس، وقيل: هي الدرْعُ
الواسِعةُ. ونَثَر دِرْعَه عليه: صَبَّها، ويقال للدِّرعِ: نثْرةٌ
ونَثْلَةٌ.قال ابن جني: ينبغي أَن تكون الراء في النثرة بدلاً من اللام لقولهم
نَثَلَ عليه دِرْعَه ولم يقولوا نثرها، واللام أَعمّ تصرفاً، وهي الأَصل،
يعني أَن باب نَثَلَ أَكثر من باب نثر. وقال شمر في كتابه في السلاح:
النثرة والنثْلةُ اسم من أَسماء الدرْعِ، قال: وهي المَنْثُولةُ؛
وأَنشد:وضاعَفَ مِنْ فَوْقِها نَثْرَةً،
تَرُدُّ القَواضِبَ عنها فُلُولا
وقال ابن شميل: النَّثْلُ الأَدْراعُ، يقال نَثَلَها عليه ونَثَلَها عنه
أَي خَلَعها. ونَثَلَها عليه إِذا لَبِسَها. قال الجوهري: يقال نَثَر
دِرْعه عنه إِذا أَلقاها عنه، قال: ولا يقال نَثَلَها. وفي حديث أُم زرع:
ويَمِيسُ في حَِلَقِ النثْرةِ، قال: هي ما لَطُفَ من الدُّرُوع، أَي
يَتَبَخْتَرُ في حَِلَقِ الدِّرْعِ، وهو ما لطُف منها.
ثلط: الثَّلْطُ: هو سلْح الفِيلِ ونحوه من كل شيء إِذا كان رقيقاً.
وثلَط الثَّوْرُ والبعيرُ والصبيُّ يَثْلِطُ ثَلْطاً: سَلَح سَلْحاً رقيقاً،
وقيل إِذا أَلقاه سهْلاً رقيقاً، وفي الصحاح: إِذا أَلقى بَعره رقيقاً.
قال أَبو منصور: يقال للإِنسان إِذا رقَّ نَجْوُه هو يَثْلِطُ ثَلْطاً.
وفي الحديث: فبالَتْ وثَلَطَتْ؛ الثَّلْطُ: الرقيق من الرجيع. قال ابن
الأَثير: وأَكثر ما يقال للإِبل والبقر والفِيَلةِ. وفي حديث علي، كرم اللّه
وجهه: كانوا يَبْعَرُون بَعَراً وأَنتم تَثْلِطُون ثَلْطاً أَي كانوا
يتغوَّطون يابساً كالبعر لأَنهم كانوا قليلي الأَكل والمآكل وأَنتم تثلِطون
رقيقاً وهو إِشارة إِلى كثرة المآكل وتَنَوُّعِها. ويقال: ثَلَطْتُه
ثَلْطاً إِذا رميتَه بالثَّلْطِ ولطَخْتَه به؛ قال جرير:
يا ثَلْطَ حامِضةٍ تَرَبَّعَ ماسِطاً،
مِنْ واسِطٍ، وتَرَبَّعَ القُلاَّما
مسس: مَسِسْتُه، بالكسر، أَمَسُّه مَسّاً ومَسيساً: لَمَسْتُه، هذه
اللغة الفصيحة، ومَسَسْتُه، بالفتح، أَمُسُّه، بالضم، لغة، وقال سيبويه:
وقالوا مِسْتُ، حذفوا فأَلقَوا الحركة على الفاء كما قالوا خِفْتُ، وهذا
النحو شاذ، قال: والأَصل في هذا عربي كثير، قال: وأَمَّا الذين قالوا مَسْتُ
فشبهوها بلست، الجوهري: وربما قالوا مِسْتُ الشيء، يحذفون منه السين
الأُولى ويحولون كسرتها إِلى الميم. وفي حديث أَبي هريرة: لو رأَيْتُ
الوُعُولَ تَجْرُشُ ما بين لابَتَيْها ما مِسْتُها؛ هكذا روي، وهي لغة في
مَسْتُها؛ ومنهم من لا يحوّل كسرة السين إِلى الميم بل يترك الميم على حالها
مفتوحة، وهو مثل قوله تعالى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون، يكسر ويفتح، وأَصله
ظَلِلْتُم وهو من شواذ التخفيف؛ وأَنشد الأَخفش لابن مَغْرَاءَ:
مِسْنا السَّماء فَنِلْناها وَطَاءَلَهُمْ،
حتى رَأَوْا أُحُداً يَهْوِي وثَهْلانَا
وأَمْسَسْتُه الشيء فَمَسَّه. والمَسِيسُ: المَسُّ، وكذلك المِسِّيسَى
مثل الخِصِّيصَى. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم نجد
مَسّاً من النَّصَب؛ هو أَول ما يُحَسُّ به من التَّعب. والمَسُّ؛
مَسُّك الشيءَ بيدك. قال اللَّه تعالى: وإِن طلَّقْتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أَن
تُمَاسُّوهُنَّ، وقرئ: من قبل أَن تَمَسُّوهُنّ، قال أَحمد بن يحيى:
اختار بعضهم ما لم تَمَسُّوهُنّ، وقال: لأَنَّا وجَدنا هذا الحرف في غير موضع
من الكتاب بغير أَلف: يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، فكل شيء من هذا الكتاب، فهو
فعل الرجل في باب الغشيان. وفي حديث فتح خيبر: فَمَسَّهُ بعذاب أَي
عاقَبَه. وفي حديث أَبي قتادة والمِيضَأَة: فأَتيته بها فقال: مَسُّوا منها أَي
خذوا منها الماء وتوضَّؤُوا. ويقال: مَسِسْتُ الشيءَ أَمَسُّه مَسّاً
لَمَسْتَه بيدك، ثم استعير للأَخذ والضرب لأَنهما باليد، واستعير للجماع
لأَنه لَمْسٌ، وللجُنون كأَن الجن مَسَّتْه؛ يقال: به مَسٌّ من جنون. وقوله
تعالى: ولم يَمْسَسْني بَشَرٌ أَي لم يَمْسَسْني على جهة تزوُّجٍ، ولم
أَكُ بغيّاً أَي ولا قُرِبْتُ على غير حد التزوُّج.
وماسَّ الشيءُ مُمَاسَّةً ومِساساً: لَقِيَه بذاته. وتَمَاسَّ
الجِرْمانِ: مَسَّ أَحدُهما الآخر. وحكى ابن جني: أَمَسَّهُ إِياه فعدَّاه إِلى
مفعولين كما ترى، وخص بعض أَهل اللغة: فرس مُمَسٌّ بِتَحْجيل؛ أَراد
مُمَسٌّ تَحْجيلاً واعتقد زيادة الباء كزيادتها في قراءة من قرأَ: يُذْهِبُ
بالأَبصار ويُنبِت بالدُّهن، من تذكرة أَبي عليّ.
ورَحِمٌ ماسَّةٌ ومَسَّاسَةٌ أَي قَرَابَة قَرِيبة. وحاجةٌ ماسَّة أَي
مُهِمَّة، وقد مَسَّتْ إِليه الحاجة. ووجَدَ مَسَّ الحُمَّى أَي رَسَّها
وبَدْأَها قبل أَن تأْخذه وتظهر، وقد مَسَّتْه مَوَاسُّ الخَبَلِ.
والمَسُّ: الجُنون. ورجل مَمْسُوسٌ: به مَسٌّ من الجُنون. ومُسْمِسَ الرجلُ إِذا
تُخُبِّطَ. وفي التنزيل العزيز: كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطان من المَسِّ؛
المَسُّ: الجنون، قال أَبو عمرو: الماسُوسُ
(* قوله «الماسوس» هكذا في
الأصل، وفي شرح القاموس بالهمز. وقوله المدلس هكذا بالأصل، وفي شرح القاموس
والمالوس.) والمَمْسُوس والمُدَلَّسُ كله المجنون.
وماءٌ مَسُوسٌ: تََناولته الأَيدي، فهو على هذا في معنى مفعول كأَنه
مُسَّ حين تُنُووِل باليد، وقيل: هو الذي إِذا مَسَّ الغُلَّة ذَهَبَ بها؛
قال ذو الإِصْبَع العَدْواني:
لوْ كُنْتَ ماءً، كُنْتَ لا
عَذْبَ المَذاقِ ولا مَسُوسا،
مِلْحاً بعِيدَ القَعْرِ قَدْ
فَلَّتْ حِجارَتُهُ الفُؤُوسا
فهو على هذا فعول في معنى فاعل. قال شمر: سئل أَعرابي عن رَكِيَّةٍ
فقال: ماؤها الشِّفاء المَسُوسُ الذي يَمسُّ الغُلَّة فيَشْفِيها. والمَسُوس:
الماء العذب الصافي. ابن الأَعرابي: كل ما شفى الغَلِيلَ، فهو مَسُوسٌ،
لأَنه يَمُسُّ الغُلَّةَ. الجوهري: المَسُوس من الماء الذي بين العذْبِ
والمِلح. وريقة مَسُوسٌ؛ عن ابن الأَعرابي: تذهب بالعطش؛ وأَنشد:
يا حَبَّذا رِيقَتُكِ المَسُوسُ،
إِذْ أَنْتِ خَوْدٌ بادِنٌ شَمُوسُ
وقال أَبو حنيفة: كَلأ مسوسٌ نامٍ في الراعية ناجعٌ فيها. والمَسُوسُ:
التِّرْياقُ؛ قال كثيِّر:
فقَدْ أَصْبَحَ الرَّاضُونَ، إِذ أَنْتُمُ بها
مَسُوسُ البِلادِ، يَشْتَكُونَ وبالَها
وماء مَسُوسٌ: زُعاقٌ يُحْرِق كل شيء بمُلوحته، وكذلك الجمع.
ومَسَّ المرأَة وماسَّها: أَتاها. ولا مَساسَ أَي لا تَمَسَّني. ولا
مِساس أَي لا مُماسَّة، وقد قرئ بهما. وروي عن الفراء: إِنه لَحَسَنُ
المَسّ. والمَسِيس: جماع الرجلِ المرأَةَ. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ لَك في
الحَياةِ أَن تَقُولَ لا مِساس؛ قرئ لا مَساسَ، بفتح السين، منصوباً على
التَّبْرِئَة، قال: ويجوز لا مَساسِ، مبني على الكسر، وهي نفي قولك
مَساسِ فهو نفي ذلك، وبنيت مَساسِ
(* قوله «وبنيت مساس إلخ» كذا بالأصل.) على
الكسر وأَصلها الفتح، لمكان الأَلف فاختير الكسر لالتقاء الساكنين.
الجوهري: أَما قول العرب لا مَساسِ مثل قَطامِ فإِنما بني على الكسر لأَنه
معدول عن المصدر وهو المَسُّ، وقوله لا مَساس لا تخالط أَحداً، حرم مخالطة
السامريّ عقوبة له، ومعناه أَي لا أَمَسّ ولا أُمَس، ويكنى بالمساس عن
الجماع. والمُماسَّةُ: كناية عن المباضَعَة، وكذلك التَّمَاس؛ قال تعالى: من
قبل أَن يَتَماسَّا. وفي الحديث: فأَصَبْت منها ما دون أَن أَمَسَّها؛
يريد أَنه لم يجامعها. وفي حديث أُم زرع: زوجي المَسُّ مَسُّ أَرْنَب؛
وصفَتْه بلين الجانب وحسن الخَلْقِ. قال الليث: لا مِساس لا مُماسَّة أَي لا
يَمَسُّ بعضُنا بعضاً. وأَمَسَّه شَكْوى أَي شكا إِليه.
أَبو عمرو: الأَسْنُ لُعْبة لهم يسمونها المَسَّة والضَّبَطَة. غيره:
والطَّريدةُ لعبة تسميها العامة المَسَّة والضَّبَطَة، فإِذا وقعت يد
اللاعب من الرَّجُلِ على بدنه رأْسه أَو كَتِفه فهي المَسَّة، فإِذا وقعت على
رجله فهي الأَسْنُ.
والمِسُّ: النُّحاس؛ قال ابن دريد: لا أَدري أَعربي هو أم لا.
والمَسْمَسَة والمَسْماسُ: اختلاط الأَمر واشتباهه؛ قال رؤبة:
إِن كُنْتَ من أَمْرِكَ في مَسْماس،
فاسْطُ على أُمِّكَ سَطْوَ الماس
خفف سين الماس كما يخففونها في قولهم مَسْتُ الشيءَ أَي مَسَسْتُه قال
الأَزهري: هذا غلط، الماسِي هو الذي يُدْخل يده في حَياء الأُنثى لاستخراج
الجنين إِذا نَشِب؛ يقال: مَسَيْتُها أَمْسِيها مَسْياً؛ روى ذلك أَبو
عبيد عن الأَصمعي، وليس المَسْيُ من المَسِّ في شيء؛ وأَما قول الشاعر:
أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْه شُوسُ
أَراد أَحْسَسْنَ، فحذف إِحدى السينين، فافهم.
نبل: النُّبْل، بالضم: الذَّكاءُ والنَّجابة، وقد نَبُلَ نُبْلاً
ونَبالة وتَنَبَّل، وهو نَبِيلٌ ونَبْلٌ، والأُنثى نَبْلة، والجمع نِبالٌ،
بالكسر، ونَبَلٌ، بالتحريك، ونَبَلة. والنَّبِيلة: الفَضِيلة
(* قوله «ونبل
بالتحريك ونبلة والنبيلة الفضيلة» هكذا في الأصل المعول عليه مصلحاً بخط
السيد مرتضى لتقطيع في الورق، وفي بعض النسخ: ونبل بالتحريك مثل كريم
وكرم، الليث: النبل في الفضل والفضيلة إلى آخر ما هنا) ، وأَما النَّبالة فهي
أَعمّ تجري مَجْرَى النُّبْل، وتكون مصدراً للشيء النَّبيل الجسيم؛
وأَنشد:
كَعْثَبُها نَبِيلُ
قال: وهو يَعيبها بهذا، قال: والنَّبَلُ في معنى جماعة النَّبيل، كما
أَن الأَدَم جماعة الأَدِيم، والكَرَم قد يجيء جماعة الكريم. وفي بعض
القول: رجل نَبْل وامرأَة نَبْلة وقوم نِبالٌ، وفي المعنى الأَول قوم نُبَلاء.
الجوهري: النُّبْل والنَّبالة الفَضْل، وامرأَة نَبِيلة في الحسن
بَيِّنة النَّبالة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة امرأَة:
ولم تَنَطَّقْها على غِلالَهْ،
إِلاَّ لِحُسنِ الخَلْق والنَّبالَهْ
وكذلك الناقة في حسن الخَلْق. وفرسٌ نَبِيل المَحْزِم: حَسَنه مع غلظ؛
قال عنترة:
وَحَشيّتي سَرْجٌ على عَبْل الشَّوَى،
مهدٍ مراكِلُهُ، نَبِيلِ المَحْزِمِ
وكذلك الرجل؛ أَنشد ثعلب في صفة رجل:
فقامَ وَثَّابٌ نَبيلٌ مَحْزِمُهْ،
لم يَلْقَ بُؤْساً لحمه ولا دَمُهْ
ويقال: ما انتَبَلَ نَبْلَهُ إِلاَّ بأَخَرةٍ، ونُبْلَه ونَبَالَه كذلك
أَي لم يَنْتَبِه له وما بالي به؛ قال يعقوب: وفيها أَربع لغات: نُبْلَه
ونَبالَهُ ونَبالتَه ونُبالَتَه؛ قال ابن بري: اللغات الأَربع التي ذكرها
يعقوب إِنما هي نُبْلَه ونَبْلَه ونَبالَه ونَبالَتَه لا غير. وأَتاني
فلانٌ وأَتاني هذا الأَمر وما نَبَلْت نَبْلَه أَنْبُل أَي ما شعَرْت به
ولا أَردته؛ وقال اللحياني: أَتاني ذلك الأَمر وما انتَبَلْت نُبْلَه
ونُبْلَتَه؛ قال: وهي لغة القَناني، ونَبالَه ونَبالَته أَي ما علمت به، قال:
وقال بعضهم معناه ما شَعرْت به ولا تهيَّأْت له ولا أَخذت أُهْبَتَه،
يقال ذلك للرجل يغْفُل عن الأَمر في وقته ثم ينتبه له بعد إِدْباره. وفي
حديث النضر بن كَلْدة: والله يا معْشَر قريش لقد نزل بكم أَمر ما ابْتَلْتم
بَتْلَه؛ قال الخطابي: هذا خطأ والصواب ما انتَبَلْتم نُبْله أَي ما
انتبهتم له ولم تعلموا علمه، تقول العرب: أَنذرتك الأَمر فلم تَنْتَبِل
نَبْله أَي ما انتبهت له، والله أَعلم.
ابن الأَعرابي: النُّبْلة اللُّقْمة الصغيرة وهي المَدَرَة الصغيرة.
الجوهري: والنُّبْلة العطيَّة. والنَّبَل: الكِبارُ؛ قال بشر:
نَبِيلة موضع الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ،
وفي الكَشْحَيْن والبطْن اضْطِمار
والنَّبَلُ أَيضاً: الصِّغار، وهو من الأَضداد. والنَّبَل: عِظام
الحجارة والمَدَر ونحوهما وصغارها ضدّ، واحدتها نَبَلة، وقيل: النَّبَل العِظام
والصِّغار من الحجارة والإِبل والناس وغيرهم. والنَّبَلُ: الحجارة التي
يُسْتنجى بها؛ ومنه الحديث: اتَّقُوا المَلاعِنَ وأَعِدُّوا النَّبَل؛
قال أَبو عبيد: وبعضهم يقول النُّبَل؛ قال ابن الأَثير: واحدتها نُبْلة
كغُرْفة وغُرَف، والمحدثون يفتحون النون والباء كأَنه جمع نبيل في التقدير؛
والنَّبَل، بالفتح، في غير هذا الكِبار من الإِبل والصغار، وهو من
الأَضداد. ونبَّلَه نُبَلاً: أَعطاه إِياها يستنجي بها، وتَنَبَّلَ بها:
اسْتَنْجى؛ قال الأَصمعي: أَراها هكذا بضم النون وفتح الباء. يقال: نَبِّلْني
أَحجاراً للــاستنجاء أَي أَعطنيها، ونَبِّلني عَرْقاً أَي أَعطنيه. قال
أَبو عبيد: المحدثون يقولون النَّبَل، بفتح النون، قال: ونراها سميت نَبَلاً
لصغرها، وهذا من الأَضداد في كلام العرب أَن يقال للعِظام نَبَل وللصغار
نَبَل. وحكى ابن بري عن ابن خالويه: النَّبَل جمع نابِل وهي الحذَّاق
بعمَل السلاح. والنَّبَل: حجارة الــاستنجاء، قال: ويقال النُّبَل، بضم
النون؛ قال محمد بن إِسحق بن عيسى: سمعت القاسم بن معن يقول: إِن رجلاً من
العرب توُفِّيَ فوَرِثه أَخوه فعيَّره رجل بأَنه فرِح بموت أَخيه لمَّا ورثه
فقال الرجل:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ
أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا؟
إِن كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً،
جَزْءُ، فَلاقَيْتَ مِثْلَها عَجِلا
يقول: أَأَفْرَح بصِغار الإِبل وقد رُزِئْت بكِبار الكِرام؟ قال: وبعضهم
يَرْويه نُبَلا، يريد جمع نُبْلة، وهي العظيمة؛ قال ابن بري: الشعر
لحضْرَميِّ بني عامر، والنَّبَل في الشِّعْر الصِّغارُ الأَجسام، قال: فنَرى
أَن حجارة الــاستنجاء سُمِّيت نَبَلاً لصَغارتها. وقال أَبو سعيد: كلما
ناولْت شيئاً ورَميته فهو نَبَل، قال: وفي هذا طريق آخر: يقال ما كانت
نُبْلَتك من فلان فيما صنعْت أَي ما كان جَزاؤُك وثوابُك منه، قال: وأَما ما
روي شَصائصاً نَبَلا، بفتح النون، فهو خطأ والصحيح نُبَلا، بضم النون.
والنُّبَلُ ههنا: عِوَضٌ مما أُصِبْت به، وهو مردود إِلى قولنا ما كانت
نُبْلَتُك من فلان أَي ما كان ثوابُك. وقال أَبو حاتم فيما أَلَّفه من
الأَضداد: يقال ضَبٌّ نَبَلٌ وهو الضخم، وقالوا: النَّبَل الخسيسُ؛ قاله أَبو
عبيد وأَنشد:
أُورَثَ ذوْداً شَصائصاً نَبَلا
بفتح النون؛ قال أَبو منصور: أَما الذي في الحديث وأَعِدُّوا النُّبَل،
فهو بضم النون، جمع النُّبْلة وهو ما تَناولْته من مَدَرٍ أَو حجَر،
وأَما النَّبَل فقد جاء بمعنى النَّبيل الجسيم وجاء بمعنى الخسيس، ومن هذا
قيل للرجل القصير تِنْبَل وتِنْبال؛ وأَنشد أَبو الهيثم بيت طرفة:
وهو بِسَمْلِ المُعْضَلات نَبِيلُ
(* قوله «وهو بسمل المعضلات نبيل» هكذا في الأصل بالنون والباء والياء
التحتية في الشطر وتفسيره، والذي في شرح القاموس فيهما تنبل كدرهم
بالمثناة الفوقية والنون والباء ويشهد له ما يأْتي).
فقال: قال بعضهم نَبيل أَي عاقل، وقيل: حاذِق، وهو نبيلُ الرأْي أَي
جيِّده، وقيل: نبيل أَي رفيق بإِصلاح عِظام الأُمور. واسْتَنْبَل المالَ:
أَخذ خِيارَه. ونُبْلة كل شيء: خِيارُه، والجمع نُبُلات مثل حُجْرة
وحُجُرات؛ وقال الكميت:
لآلئ، من نُبُلاتِ الصِّوا
رِ، كحْلَ المَدامِع لا تَكْتَحِل
أَي خِيار الصِّوار، شبَّه البقر الوَحْشِيَّ باللآلئ؛ وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي:
مُقَدِّماً سَطِيحةً أَو أَنْبَلا
قال ابن سيده: لم يفسره إِلا أَني أَظنه أَصْغَرَ من ذلك لما قدَّمته من
أَن النَّبَل الصغارُ، أَو أَكبرَ لما قدَّمت من أَن النَّبَل الكِبارُ،
وإِن كان ذلك ليس له فعل.
والتِّنْبالُ والتِّنْبالةُ؛ القصير بَيِّن التِّنْبالة، ذهب ثعلب إِلى
أَنه من النَّبَل، وجعله سيبويه رباعيّاً.
والنَّبْلُ: السهام، وقيل: السِّهامُ العربية، وهي مؤنثة لا واحد له من
لفظه، فلا يقال نَبْلة وإِنما يقال سهم ونشَّابة؛ قال أَبو حنيفة: وقال
بعضهم واحدتها نَبْلة، والصحيح أَنه لا واحد له إِلا السَّهْم؛ التهذيب:
إِذا رجعوا إِلى واحدة قيل سهم؛ وأَنشد:
لا تَجْفوَانِي وانْبُلاني بكسره
(* قوله «لا تجفواني» هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه).
وحكي نَبْل ونُبْلان وأَنْبال ونِبال؛ قال الشاعر:
وكنتُ إِذا رَمَيْتُ ذَوِي سَوادٍ
بأَنْبالٍ، مَرَقْنَ من السَّوادِ
وأَنشد ابن بري على نِبال قولَ أَبي النجم:
واحْبِسْنَ في الجَعْبةِ من نِبالها
وقول اللَّعِين:
ولكنْ حَقّها هُرْدَ النِّبال
(* قوله ولكن حقها هرد النبال» هكذا في الأصل مضبوطاً).
وقال الفراء: النَّبْل بمنزلة الذَّوْد. يقال: هذه النَّبْلُ، وتصغَّر
بطرح الهاء، وصاحبها نابلٌ. ورجل نابِلٌ:
ذو نَبْلٍ. والنابِلُ: الذي يعمَل النَّبْلَ، وكان حقه أَن يكون
بالتشديد، والفعل النِّبالةُ. ابن السكيت: رجل نابلٌ ونَبَّال إِذا كان معه
نَبْل، فإِذا كان يعملها قلت نابِلٌ. ونابَلْتُه فَنَبَلْته إِذا كنت أَجودَ
نَبْلاً منه، قال: وقد يكون ذلك في النُّبْل أَيضاً، وتقول: هذا رجل
مُتَنَبِّل نَبْله إِذا كان معه نَبْل. وتَنَبَّل أَيضاً أَي تكلَّف
النُّبْل. وتَنَبَّل أَي أَخذ الأَنْبَل فالأَنْبَل؛ وأَنشد ابن بري
لأَوس:وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وفي المثل: ثارَ حابِلُهم على نابِلِهم أَي أَوْقَدوا بينهم الشرَّ.
ونَبَّال، بالتشديد: صانعٌ للنَّبْل، ويقال أَيضاً: صاحب النَّبْل؛ قال امرؤ
القيس:
وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعُنني به،
وليس بذي سَيْف، وليس بنَبَّال
يعني ليس بذي نَبْل. وكان أَبو حَرَّار يقول: ليس بِنابِلٍ مثل لابِنٍ
وتامِر. قال ابن بري: النَّبَّال، بالتشديد، الذي يعمل النَّبْل،
والنابِلُ صاحب النَّبْل، هذا هو المستعمل؛ قال الراجز:
ما عِلَّتي وأَنا جَلْدٌ نابِلُ،
والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنابِلُ
ونسب ابن الأَثير هذا القول لعاصم وقال: نابِل أَي ذو نَبْل، قال: وربما
جاء نَبَّال في موضع نابِل، ونابِلٌ في موضع نَبَّال. وليس القياس؛ قال
سيبويه: يقولون لِذِي التَّمْر واللَّبن والنَّبْل تامِر ولابِن ونابِل،
وإِن كان شيء من هذا صَنْعَتَه تَمَّار ولَبَّان ونَبَّال، ثم قال: وقد
تقول لِذِي السَّيْف سَيَّاف ولِذِي النَّبْل نَبَّال، على التشبيه
بالآخر، وحِرْفَته النِّبالة. ومُتَنَبِّل: حامل نَبْل.
وَنَبَله بالنَّبْل يَنْبُله نَبْلاً: رماه بالنَّبْل. وقوم نُبَّل:
رُماةٌ؛ عن أَبي حنيفة. ونَبَلَه يَنْبُله نَبْلاً وأَنْبَله، كلاهما:
أَعطاه النَّبْل. وأَنْبَلْته سهماً. أَعطيته. واسْتنْبَله: سأَله النَّبْل.
ونَبِّلْني أَي هَبْ لي نِبالاً. واسْتَنْبَلني فلان فأَنْبَلْتُه أَي
أَعطيته نَبْلاً، وفي الصحاح: اسْتَنْبَلَي فَنَبَلْته أَي ناولته نَبْلاً.
ونَبَل على القوم يَنْبُل: لقط لهم النَّبْل ثم دفعها إِليهم ليرموا بها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: كنت أَيامَ الفِجار أَنْبُل على
عُمُومَتي، وروي: كنت أُنَبِّل على عُمومتي يومَ الفِجَار؛ نَبَّلْت الرجل،
بالتشديد، إِذا ناوَلْته النَّبْل ليرمي، وكذلك أَنْبَلْته. وفي الحديث:
إِنّ سعداً كان يرمي بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم أُحُد
والنبيُّ يُنَبِّلُه، وفي رواية: وفتىً يُنَبِّلُه كلما نَفِدتْ نَبْلُه، وفي
رواية: يَنْبُلُه، بفتح الياء وتسكين النون وضم الباء؛ قال ابن الأَثير:
قال ابن قتيبة وهو غلط من نَقَلة الحديث لأَن معنى نَبَلْته أَنْبُلُه
إِذا رميته بالنَّبْل، وقال أَبو عمر الزاهد: بل هو صحيح، يعني يقال
نَبَلْته وأَنْبَلْته ونَبَّلْته؛ ومنه الحديث: الرامِي ومُنْبِله، ويجوز أَن
يريد بالمُنْبِل الذي يردُّ النَّبْل على الرامي من الهَدَف. ونَبَلَ
بِسَهْم واحد: رَمَى به، ورجل نابِلٌ: حاذِق بالنَّبْل. وقال أَبو زيد:
تَنابل فلان وفلان فَنَبَله فلان إِذا تَنافَرا أَيهما أَنْبَل، من النُّبْل،
وأَيهما أَحذق عملاً.
ونابَلَني فلان فنَبَلْته أَي كنت أَجود نَبْلاً منه؛ قال ابن سيده: روى
بعض أَهل العلم عن رؤبة قال سأَلناه عن قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهم سُلْكَى ومَخْلوجةً،
لَفْتَكَ لأْمين على نابِلِ
(* قوله «لفتك إلخ» مع بعد كرك لأمين إلخ هكذا في الأصل).
فقال: حدّثني أَبي عن أَبيه قال: حدثتني عمتي وكانت في بني دارِمٍ
فقالت: سأَلت امرأَ القيس وهو يشرب طِلاءً مع علقمة بن عَبَدة ما معنى:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
فقال: مررت بنابِلٍ وصاحبُه يناوِلُه الريش لُؤاماً وظُهاراً فما رأَيت
أَسرع منه ولا أَحسن فشبَّهت به. التهذيب: النابِل الذي يرمي بالنَّبْل
في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِلِ
وقيل: هو الذي يُسَوِّي النِّبال. وهو من أَنْبَلِ الناس أَي أَعلمهم
بالنَّبْل؛ قال:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعَا
وفلان نابِل أَي حاذِق بما يُمارِسُه من عمل؛ ومنه قول أَبي ذؤيب يصف
عسلاً أَو نبعة:
تَدَلَّى عليها، بالحِبال مُوَثَّقاً
شديدَ الوَصاةِ، نابِلٌ وابنُ نابِلِ
(* سيرد هذا البيت في الصفحة التالية وروايته مختلفة عما هو عليه هنا).
الجوهري: والنابِلُ الحاذِق بالأَمر. يقال: فلان نابِل وابنُ نابِل أَي
حاذِق وابن حاذِق؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الإِصْبع:
قَوَّمَ أَفْواقَها وتَرَّصَها
أَنْبَلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعا
أَي أَعلَمُهم بالنَّبْل. قال ابن سيده: وكل حاذِق نابِلِ؛ قال أَبو
ذؤيب يصف عاسِلاً:
تَدَلَّى عليها، بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ،
شديدُ الوَصاة نابِلٌ وابنُ نابِل
جعله ابنَ نابِل لأَنه أَحْذَق له.
وأَنْبَلَ قداحه: جاء بها غِلاظاً جافِية؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَصابتني خُطوب تَنَبَّلَت ما عندي أَي أَخذت؛ قال اوس بن حجر:
لمَّا رأَيتُ العُدْمَ قَيَّد نائِلي،
وأَمْلَقَ ما عندي خُطوبٌ تَنَبَّل
تَنَبَّلتْ ما عندي: ذهبت بما عندي. ونَبَلَتْ: حَمَلتْ. ونَبَلَ الرجلَ
بالطعام ينْبُله: علَّله به وناوله الشيء بعد الشيء. ونَبَل به يَنْبُل:
رَفَقَ. ولأَنْبُلَنَّك بنبالتك أَي لأَجزينك جزاءك. والنَّبْل: السير
الشديد السريع، وقيل: حسْن السوق للإِبل، نَبَلَها يَنْبُلها نَبْلاً
فيهما. ابن السكيت: نَبَلْت الإِبل أَنْبُلها نَبْلاً إِذا سقتها سوقاً
شديداً. ونَبَلْت الإِبل أَي قمت بمصلحتها؛ قال زفر بن الخِيار
المحاربي:لا تَأْوِيا للعِيسِ وانْبُلاها،
فإِنها ما سَلِمَتْ قُواها،
بَعِيدة المُصْبَحِ من مُمْساها،
إِذا الإِكامُ لَمَعَتْ صُواها،
لَبِئْسَما بُطْءٌ ولا تَرْعاها
(* قوله «لا تأويا إلخ» المشاطير الثلاث الاول اوردها الجوهري، وفي
الصاغاني وصواب انشاده:
لا تأويا للعيس وانبلاها * لبئسما بطء ولا نرعاها
فانها ان سلمت قواها * نائية المرفق عن رحاها
بعيدة المصبح من ممساها * إذا الاكام لمعت صواها)
أَبو زيد
(* قوله «ابو زيد إلخ» عبارة الصاغاني: أبو زيد يقال انبل
بقومك اي ارفق بهم، قال صخر الغيّ:
فانبل بقومك اما كنت حاشرهم * وكل جامع محشور له نبل
اي كل سيد جماعة يحشرهم اي يجمعهم اهـ. وضبط لفظ نبل بفتحتين وضمتين
وكتب عليه لفظ معاً، وبهذه العبارة يعلم ما في الأصل).
انبُل بقومك أَي ارْفُقْ بقومك، وكل جامِعِ مَحْشورٍ أَي سيدِ جماعةٍ
يحشُرهم أَي يجمَعُهم له نُبُلٌ أَي رِفْق. قال: والنَّبْلُ في الحِذْق،
والنَّبالةُ والنَّبْلُ في الرجال. ويقال: ثَمَرة نَبِيلة وقَدِح نَبِيل.
وتَنَبَّل الرجلُ والبعيرُ: مات؛ وأَنشد ابن بري قول الشاعر:
فقلت له: يَا با جُعادةَ إِنْ تَمُتْ،
أَدَعْك ولا أَدْفِنْك حتى تَنَبَّل
والنَّبِيلة: الجِيفةُ. والنَّبِيلةُ: المَيْتةُ. ابن الأَعرابي:
انْتَبَل إِذا مات أَو قَتَل ونحو ذلك. وأَنْبَله عُرْفاً: أَعطاه إِيَّاه.
والتِّنْبال: القصير.
سطح: سَطَحَ الرجلَ وغيره يَسطَحه، فهو مسْطوحٌ وسَطِيح: أَضْجَعَه
وصرعه فبسطه على الأَرض. ورجل مَسْطُوحٌ وسَطِيحٌ: قَتيلٌ منبَسِطٌ؛ قال
الليث: السَّطِيحُ المَسْطُوحُ هو القتيل: وأَنشد:
حتى يَراه وَجْهها سَطِيحا
والسَّطِيح: المنبسط، وقيل: المنبسط البطيء القيام من الضعف.
والسَّطِيح: الذي يولد ضعيفاً لا يقدر على القيام والقعود، فهو أَبداً منبسط.
والسَّطِيح: المستلقي على قفاه من الزمانة.
وسَطِيحٌ: هذا الكاهن الذِّئْبيُّ، من بني ذِئْب، كان يتكهن في
الجاهلية، سمي بذلك لأَنه كان إِذا غضب قعد منبسطاً فيما زعموا؛ وقيل: سمي بذلك
لأَنه لم يكن له بين مفاصله قَضِبٌ تَعْمِدُه، فكان أَبداً منبسطاً
مُنْسَطِحاً على الأَرض لا يقدر على قيام ولا قعود، ويقال: كان لا عظم فيه سوى
رأْسه. روى الأَزهري بإِسناده عن مَخْزُوم بن هانئٍ المخزومي عن أَبيه:
وأَتت له خمسون ومائة سنة؛ قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها سيدنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارْتَجَسَ إِيوانُ كِسْرى وسقطت منه أَربع
عشرة شُرْفةً، وخَمِدَتْ نار فارِسَ ولم تَخْمَدْ قبل ذلك مائة عام، وغاضت
بُحَيْرَة ساوَةَ؛ ورأَى المُوبِذانُ إِبلاً صِعاباً تقود خيلاً عِراباً
قد قطعت دِجْلَة وانتشرت في بلادها، فلما أَصبح كسرى أَفزعه ما رأَى
فلبس تاجه وأَخبر مرازِبَتَه بما رأَى، فورد عليه كتاب بخمود النار؛ فقال
المُوبِذانُ: وأَنا رأَيت في هذه الليلة، وقَصَّ عليه رؤياه في الإِبل،
فقال له: وأَيُّ شيء يكون هذا؟ قال: حادث من ناحية العرب. فبعث كسرى إِلى
النعمان بن المنذر: أَنِ ابْعَثْ إِليَّ برجل عالم ليخبرني عما أَسأَله؛
فَوَجَّه إِليه بعبد المَسيح بن عمرو بن نُفَيلَة الغسَّانيّ، فأَخبره بما
رأَى؛ فقال: علم هذا عند خالي سَطِيح، قال: فأْتِه وسَلْه وأْتنِي
بجوابه؛ فَقَدِمَ على سَطِيح وقد أَشْفى على الموت، فأَنشأَ يقول:
أَصَمّ أَم يَسْمَعُ غِطرِيفُ اليَمنْ؟
أَم فادَ فازْلَمَّ به شَأْوُ العَنَنْ؟
يا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ
(* قوله «يا فاصل إلخ» في بعض الكتب، بين هذين الشطرين، شطر، وهو:
«وكاشف الكربة في الوجه الغضن».)،
أَتاكَ شَيْخُ الحَيِّ من آلِ سَنَنْ
رسولُ قَيْلِ العُجْمِ يَسْري للوَسَنْ،
وأُمُّه من آلِ ذِئْبِ بنِ حَجَنْ
أَبْيضُ فَضْفاضُ الرِّداءِ والبَدَنْ،
تَجُوبُ بي الأَرْضَ عَلَنْداةٌ شَزَنْ،
تَرْفَعُنِي وَجْناً وتَهْوِي بي وَجَنْ
(* قوله «ترفعني وجناً إلخ» الوجه، بفتح فسكون، وبفتحتين: الأرض الغليظة
الصلبة كالوجين، كأمير. ويروى وجناً، بضم الواو وسكون الجيم، جمع وجين
اهـ. نهاية.)،
حتى أَتى عارِي الجآجي والقَطَنْ،
لا يَرْهَبُ الرَّعْدَ ولا رَيْبَ الزَّمَنْ،
تَلُفُّهُ في الرِّيحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ
(* قوله «بوغاء الدمن» البوغاء: التراب الناعم. والدمن، جمع دمنة، بكسر
الدال: ما تدمّن أي تجمع وتلبد، وهذا اللفظ كأنه من المقلوب تقديره تلفه
الريح في بوغاء الدمن، وتشهد له الرواية الأخرى: «تلفه الريح ببوغاء
الدمن» اهـ. من نهاية ابن الأثير.)،
كأَنما حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ
(* قوله «كأَنما حثحث» أي حثّ وأسرع من حضني، تثنية حضن، بكسر الحاء:
الجانب. وثكن، بمثلثة محركاً: جبل اهـ.)
قال: فلما سمع سطيح شعره رفع رأْسه، فقال: عبدُ المسيح، على جَمَل
مُسيح، إِلى سَطيح، وقد أَوْفى على الضَّريح، بعثك مَلِكُ بني ساسان، لارتجاس
الإِيوان، وخُمُود النيران، ورُؤيا المُوبِذان، رَأَى إِبلاً صِعاباً،
تَقُود خَيْلاً عِراباً، يا عَبْدَ المسيح إِذا كثرت التِّلاوَة، وبُعِثَ
صاحب الهِراوة، وغاضَتْ بُحَيْرَة ساوة، فليس الشام لسطيح شاماً
(* قوله
«فليس الشام لسطيح شاما» هكذا في الأصل وفي عبارة غيره فليست بابل للفرس
مقاماً ولا الشام إلخ اهـ.)، يملك منهم مُلوكٌ ومَلِكات، على عددِ
الشُّرُفاتِ، وكل ما هو آتٍ آت، ثم قُبِضَ سطيحٌ مكانه، ونهض عبد المسيح إِلى
راحلته وهو يقول:
شَمَّرْ فإِنك، ما عُمِّرْتَ، شِمِّيرُ
لا يُفْزِعَنَّك تَفْريقٌ وتَغْييرُ
إِن يُمْسِ مُلْكُ بني ساسانَ أَفْرَطَهُمْ،
فإِنَّ ذا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهارِيرُ
فَرُبَّما رُبَّما أَضْحَوا بمنزلةٍ،
تَخافُ صَولَهُمُ أُسْدٌ مَهَاصِيرُ
منهم أَخُو الصَّرْحِ بَهْرام، وإِخْوَتُهُمْ،
وهُرْمُزانٌ، وسابورٌ، وسَابُورُ
والناسُ أَوْلادُ عَلاَّتٍ، فمن عَلِمُوا
أَن قد أَقَلَّ، فمَهْجُورٌ ومَحْقُورُ
وهم بنو الأُمِّ لمَّا أَنْ رَأَوْا نَشَباً،
فذاكَ بالغَيْبِ محفوظٌ ومنصورُ
والخيرُ والشَّرُّ مَقْرُونانِ في قَرَنٍ،
فالخَيرُ مُتَّبَعٌ والشَّرُّ مَحْذورُ
فلما قدم على كسرى أَخبره بقول سطيح؛ فقال كسرى: إِلى أَن يملك منا
أَربعة عشر ملكاً تكون أُمور، فملك منهم عشرة في أَربع سنين، وملك الباقون
إِلى زمن عثمان، رضي ا؟لله عنه؛ قال الأَزهري: وهذا الحديث فيه ذكر آية من
آيات نبوّة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، قبل مبعثه، قال: وهو حديث
حسن غريب.
وانْسَطَحَ الرجلُ: امتدَّ على قفاه ولم يتحرك.
والسَّطْحُ: سَطْحُك الشيءَ على وجه الأَرض كما تقول في الحرب:
سَطَحُوهم أَي أَضْجَعُوهم على الأَرض. وتَسَطَّحَ الشيءُ وانْسَطَحَ:
انبسط.وفي حديث عمر، رضي الله تعالى عنه، قال للمرأَة التي معها الصبيان:
أَطْعِمِيهم وأَنا أَسْطَحُ لك أَي أَبْسُطه حتى يَبْرُدَ.
والسَّطْحُ: ظهر البيت إِذا كان مستوياً لانبساطه؛ معروف، وهو من كل شيء
أَعلاه، والجمع سُطوح، وفعلُك التَّسطيحُ. وسَطَحَ البيتَ يَسْطَحُه
سَطْحاً وسَطَّحه سوَّى سَطْحه. ورأَيت الأَرضَ مَساطِحَ لا مَرْعَى بها:
شبهت بالبيوت المسطوحة.
والسُّطَّاحُ من النبت: ما افْتَرَشَ فانبسط ولم يَسْمُ؛ عن أَبي حنيفة.
وسَطَحَ اللهُ الأَرضَ سَطْحاً: بسطها. وتَسطِيحُ القبر: خلاف
تَسْنِيمِه. وأَنفٌ مُسَطَّحٌ: منبسِط جدًّا. والسُّطَّاحُ، بالضم والتشديد:
نَبتَةٌ سُهْلِيَّة تَنسَطِح على الأَرض، واحدته سُطَّاحة.
وقيل: السُّطَّاحة شجرة تنبت في الديار في أَعطان المياه مُتَسَطِّحَة،
وهي قليلة، وليست فيها منفعة؛ قال الأَزهري: والسُّطَّاحة بقلة ترعاها
الماشية ويُغْسَلُ بوَرَقِها الرؤوس.
وسَطَحَ الناقة: أَناخها.
والسَّطيحة: المَزادة التي من أَدِيمَيْن قُوبل أَحدُهما بالآخر، وتكون
صغيرة وتكون كبيرة، وهي من أَواني المياه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، كان في بعض أَسفاره فَفَقَدوا الماءَ، فأَرْسَل عليّاً
وفلاناً يَبْغِيان الماء فإِذا هما بامرأَة بين سَطِيحَتَيْن؛ قال:
السَّطِيحة المَزادة تكون من جلدين أَو المَزادة أَكبر منها.
والمِسْطَحُ: الصَّفاة يحاط عليها بالحجارة فيجتمع فيها الماء؛ قال
الأَزهري: والمِسْطَحُ أَيضاً صَفِيحة عريضة من الصَّخْر يُحَوَّط عليها لماء
السماء؛ قال: وربما خلق الله عند فَمِ الرَّكِيَّة صَفاةً مَلْساء
مستوية فَيُحَوَّطُ عليها بالحجارة وتُسْقَى فيها الإِبلُ شِبْهَ الحَوْض؛
ومنه قول الطِّرِمَّاح:
في جنبي مريٍّ ومِسْطَحِ
(* قوله «في جنبي مري ومسطح» كذا بالأصل.)
والمِسْطَحُ: كُوز ذو جَنْبٍ واحد، يتخذ للسفر. والمِسْطَحُ
والمِسْطَحَةُ: شبه مِطْهَرة ليست بمربعة، والمَِسْطَحُ، تفتح ميمه وتكسر: مكان
مستوٍ يبسط عليه التمر ويجفف ويُسَمَّى الجَرِينَ، يمانية. والمِسْطَحُ: حصير
يُسَفُّ من خوص الدَّوْم؛ ومنه قول تميم بن مقبل:
إِذا الأَمْعَزُ المَحْزُوُّ آضَ كأَنه،
من الحَرِّ في حَدِّ الظهيرة، مِسْطَحُ
الأَزهري: قال الفراء هو المِسْطَحُ
(* قوله «هو المسطح إلخ» كذا
بالأصل، وفي القاموس: المسطح المحور، يبسط به الخبز. وقال في مادة شبق: الشوبق،
بالضم، خشبة الخباز، معرب.) والمِحْوَرُ والشُّوبَقُ. والمِسْطَحُ:
عمودٌ من أَعمِدَة الخِباءِ والفُسْطاط؛ وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم:
أَنَّ حَمَلَ بن مالك قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: كنت بين جارتين لي
فضربتْ إِحداهما الأُخرى بمسْطَح، فأَلقت جنيناً ميتاً وماتت، فقضى رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، بدية المقتولة على عاقلة القاتلة؛ وجعل في
الجنين غُرَّة؛ وقال عوف بن مالك النَّضْرِيُّ، وفي حواشي ابن بري مالك بن
عوف النضري:
تَعرَّضَ ضَيطارُو خُزاعَةَ دونَنا،
وما خَيرُ ضَيطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا
يقول: ليس له سلاح يقاتل به غير مِسْطَح. والضَّيْطارُ: الضخم الذي لا
غَناءَ عنده. والمِسْطَحُ: الخشبة المُعَرَّضة على دِعامَتَيِ الكَرْم
بالأُطُرِ؛ قال ابن شُمَيْل: إِذا عُرِّشَ الكَرْمُ، عُمِدَ إِلى دعائم يحفر
لها في الأَرض، لكل دِعامةً شُْعْبَتان، ثم تؤْخذ شعبة فتُعَرَّضُ على
الدِّعامَتين، وتسمَّى هذه الخشبة المعرّضة المِسْطَح، ويجعل على
المَساطِح أُطُرٌ من أَدناها إِلى أَقصاها؛ تسمى المَساطِحُ بالأُطُر مَساطِحَ.
طيب: الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت. وفي الصحاح:
الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث؛ قال ابن بري: الأَمر كما ذكر، إِلا أَنه قد تتسع معانيه، فيقال: أَرضٌ طَيِّـبة للتي تَصْلُح للنبات؛ ورِيحٌ طَيِّـبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة؛ وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً؛ وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً، ومنه قوله تعالى: الطيباتُ للطَّيِّـبين؛ وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لم يكن فيها مكروه؛ وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الخير، ومنه قوله تعالى: بَلْدَة طَيِّبة
ورَبٌّ غَفُور؛ ونَكْهة طَيِّبة إِذا لم يكن فيها نَتْنٌ، وإِن لم يكن فيها ريح طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وغيرهما؛ ونَفْسٌ طَيِّبة بما قُدِّرَ لها أَي راضية؛ وحِنْطة طَيِّبة أَي مُتَوَسِّطَة في الجَوْدَةِ؛ وتُرْبة طَيِّبة أَي طاهرة، ومنه قوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً؛ وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل في مُبايعَته؛ وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْدٍ؛ وطعامٌ طَيِّب للذي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه. ابن سيده: طَابَ الشيءُ طِـيباً وطَاباً: لذَّ وزكَا. وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِـيبُ طِـيباً وطِـيَبَةً وتَطْياباً؛ قال عَلْقَمة:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً، نَضْخُ العَبيرِ بها، * كَـأَنَّ تَطْيابَها، في الأَنْفِ، مَشْمومُ
وقوله عز وجل: طِبْتم فادخُلوها خالِدين؛ معناه كنتم طَيِّبين في الدنيا فادخُلوها.
والطَّابُ: الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً، يُقالان جميعاً. وشيءٌ طابٌ
أَي طَيِّبٌ، إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه، وإِما أَن يكون فِعْلاً؛
وقوله:
يا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ، * مُقابِلَ الأَعْراقِ في الطَّابِ الطَّابْ
بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ، * إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ،
يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ، * يَعْدِلُ عندَ الـحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ
قال ابن سيده: إِنما ذهب به إِلى التأْكيد والمبالغة. ويروى: في الطيِّب الطَّاب. وهو طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَـةٌ. وهذا الشعر يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ به عمر بن عبدالعزيز. ومعنى قوله مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هو شريفٌ من قِبَل أَبيه وأُمه، فقد تَقَابلا في الشَّرَفِ والجلالة، لأَنَّ عمر هو ابن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أَبي العاص، وأُمه أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فَجَدُّه من قِـبل أَبيه أَبو العاص جَدُّ جَدِّه، وجَدُّه من قِـبل أُمه عُمَرُ بن الخطاب؛ وقولُ جَنْدَلِ بن المثنى:
هَزَّتْ بَراعيمَ طِـيابِ البُسْرِ
إِنما جمع طِـيباً أَو طَيِّباً. والكلمةُ الطَّيِّبةُ: شهادةُ أَنْ لا إِله إِلاّ اللّهُ، وأَنَّ محمداً رسول اللّه. قال ابن الأَثير: وقد تكرر في الحديث ذكر الطَّيِّبِ والطَّيِّبات، وأَكثر ما يرد بمعنى الحلال،
كما أَن الخبيث كناية عن الحرام. وقد يَرِدُ الطَّيِّبُ بمعنى الطاهر، ومنه الحديث: انه قال لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ الـمُطَيَّبِ أَي الطاهر الـمُطَهَّرِ؛ ومنه حديث عليّ(1)
(1 قوله «ومنه حديث علي الخ» المشهور حديث أبي بكر
كذا هو في الصحيح آه. من هامش النهاية.) ، كرم اللّه وجهه،
لما مات رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، قال: بأَبي أَنتَ وأُمي، طِبْتَ حَيّاً، وطِبْتَ مَيِّتاً أَي طَهُرتَ.
والطَّيِّباتُ في التحيات أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة
والدعاءِ والكلام مصروفاتٌ إِلى اللّه تعالى. وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كان عفيفاً؛ قال النابغة:
رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهم
أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عن المحارم. وقوله تعالى: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القول؛ قال ثعلب: هو الحسن. وكذلك قولُه تعالى: إِليه يَصْعَدُ
الكَلِم الطَّيِّب، والعملُ الصالِـحُ يَرْفَعُه؛ إِنما هو الكَلِمُ الـحَسَنُ
أَيضاً كالدعاء ونحوه، ولم يفسر ثعلب هذه الأَخيرة. وقال الزجاج: الكَلِمُ الطَّيِّبُ توحيدُ اللّه، وقول لا إِله إِلاَّ اللّه، والعملُ الصالح يَرْفَعُه أَي يرفع الكَلِمَ الطَّيِّبَ الذي هو التوحيدُ، حتى يكون مُثبِتاً للموحد حقيقةَ التوحيد. والضمير في يرفعه على هذا راجع إِلى التوحيد. ويجوز أَن يكون ضمير العملِ الصالِح أَي العملُ الصالحُ يرفعه الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلاَّ من موحد. ويجوز أَن يكون اللّهُ تعالى يرفعه. وقوله تعالى: الطَّيِّباتُ للطَّيِّبين، والطيِّبون للطيِّبات؛ قال الفراء: الطَّيِّبات من الكلام، للطيبين من الرجال؛ وقال غيره: الطيِّبات من النساءِ، للطيِّبين من الرجال. وأَما قوله تعالى: يسأَلونك ماذا أُحِلَّ لهم؟ قل: أُحِلَّ لكم الطَّيِّباتُ؛ الخطاب للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، والمراد به العرب. وكانت العرب تستقذر أَشياء كثيرة فلا تأْكلها،وتستطيب أَشياءَ فتأْكلها، فأَحلَّ اللّه لهم ما استطابوه، مما لم ينزل بتحريمه تِلاوةٌ مِثْل لحوم الأَنعام كلها وأَلبانها، ومثل الدواب التي كانوا يأْكلونها، من الضِّباب والأَرانب واليرابيع وغيرها.
وفلانٌ في بيتٍ طَيِّبٍ: يكنى به عن شرفه وصلاحه وطِـيبِ أَعْراقِه. وفي حديث طاووس: أَنه أَشْرَفَ على عليِّ بن الـحُسَين ساجداً في الـحِجْر، فقلتُ: رجلٌ صالح من بَيْتٍ طَيِّبٍ.
والطُّوبى: جماعة الطَّيِّبة، عن كراع؛ قال: ولا نظير له إِلاَّ الكُوسى في جمع كَيِّسَة، والضُّوقى في جمع ضَيِّقة. قال ابن سيده: وعندي في كل ذلك أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ، لأَنَّ عْلى ليسَت من أَبنية الجموع. وقال كراع: ولم يقولوا الطِّيبى، كما قالوا الكِـيسَى في الكوسى، والضِّيقَى في الضُّوقى.
والطُّوبى: الطيِّبُ، عن السيرافي.
وطُوبى: فُعْلى من الطِّيبِ؛ كأَن أَصله طُيْبَـى، فقلبوا الياء واواً للضمة قبلها؛ ويقال: طُوبى لَك وطُوبَاك، بالإِضافة.
قال يعقوب: ولا تَقُل طُوبِـيكَ، بالياءِ. التهذيب: والعرب تقول طُوبى لك، ولا تقل طُوبَاك. وهذا قول أَكثر النحويين إِلا الأَخفش فإِنه قال: من العرب من يُضيفها فيقول: طُوباك. وقال أَبو بكر: طُوباكَ إِن فعلت كذا، قال: هذا مما يلحن فيه العوام، والصواب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا. وطُوبى: شجرة في الجنة، وفي التنزيل العزيز: طُوبى لهم وحُسْن مآبٍ. وذهب سيبويه بالآية مَذْهبَ الدُّعاء، قال: هو في موضع رفع يدلّك على رفعه رفعُ: وحُسْنُ مآبٍ. قال ثعلب: وقرئَ طُوبى لهم وحُسْنَ مآبٍ، فجعل طُوبى مصدراً كقولك: سَقْياً له. ونظيره من المصادر الرُّجْعَى، واستدل على أَن موضعه نصب بقوله وحُسْنَ مآبٍ. قال ابن جني: وحكى أَبو حاتم سهلُ بن محمد السِّجِسْتاني، في كتابه الكبير في القراءَات، قال: قرأَ عليَّ أَعرابي بالحرم: طِـيبَى لهم، فأَعَدْتُ فقلتُ: طُوبى، فقال:
طِـيبى، فأَعَدْتُ فقلت: طُوبى، فقال: طِـيبَـى. فلما طال عليَّ قلت: طُوطُو، فقال: طِـي طِـي. قال الزجاج:
جاءَ في التفسير عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَن طُوبى شجرة في الجنة. وقيل: طُوبى لهم حُسْنَى لهم، وقيل: خَيْر لهم، وقيل: خِـيرَةٌ لهم. وقيل: طُوبى اسم الجنة بالـهِنْدية(1)
(1 قوله «بالهندية» قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء.) . وفي الصحاح: طُوبى اسم شجرة في الجنة.
قال أَبو إِسحق: طُوبى فُعْلى من الطِّيبِ، والمعنى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لهم، وكلُّ ما قيل من التفسير يُسَدِّد قولَ النحويين إِنها فُعْلى من الطِّيبِ. وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال: طُوبى اسم الجنة بالحبشية. وقال عكرمة: طُوبى لهم معناه الـحُسْنَى لهم. وقال قتادة: طُوبى كلمة عربية، تقول العرب: طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا؛ وأَنشد:
طُوبى لمن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى، * ورِسْلاً بيَقْطِـينِ العِراقِ وفُومها
الرِّسْلُ: اللبن. والطَّوْدُ الجَبلُ. واليَقْطِـينُ: القَرْعُ؛ أَبو عبيدة: كل ورقة اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فهي يَقطِـينٌ. والفُوم: الخُبْزُ والـحِنْطَةُ؛ ويقال: هو الثُّومُ. وفي الحديث: إِن الإِسلام بَدأَ غريباً، وسَيَعُود غريباً كما بدأَ، فطُوبى للغُرباءِ؛ طُوبى: اسم الجنة، وقيل:
شجرة فيها، وأَصلها فُعْلى من الطيب، فلما ضمت الطاء، انقلبت الياء واواً. وفي الحديث: طُوبى للشَّـأْمِ لأَن الملائكة باسطةٌ أَجنحتَها عليها؛ المراد بها ههنا: فُعْلى من الطيب، لا الجنة ولا الشجرة.
واسْتَطَابَ الشيءَ: وجَدَه طَيِّباً. وقولهم: ما أَطْيَبَه، وما أَيْطَبه، مقلوبٌ منه. وأَطْيِـبْ به وأَيْطِبْ به، كله جائز. وحكى سيبويه:
اسْتَطْيَبَه، قال: جاءَ على الأَصل، كما جاءَ اسْتَحْوَذَ؛ وكان فعلهما قبل الزيادة صحيحاً، وإِن لم يُلفظ به قبلها إِلا معتلاً. وأَطَابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه: وجَدَه طَيِّباً. والطِّيبُ: ما يُتَطَيَّبُ به،
وقد تَطَيَّبَ بالشيءِ، وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ، عن ابن الأَعرابي؛
قال:
فكأَنـَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة
جاءَت على الأَصل كـمَخْيُوطٍ، وهذا مُطَّرِدٌ. وفي الحديث: شَهِدْتُ، غلاماً، مع عُمومتي، حِلْفَ الـمُطَيَّبِـين. اجتمَع بنو هاشم، وبنو زُهْرَة، وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعانَ في الجاهلية، وجعلوا طِـيباً في جَفْنةٍ، وغَمَسُوا أَيديَهم فيه، وتَحالَفُوا على التناصر والأَخذ للمظلوم من الظالم، فسُمُّوا الـمُطَيَّبين؛ وسنذكره مُسْتَوْفىً في حلف. ويقال: طَيَّبَ فلانٌ فلاناً بالطِّيب، وطَيَّبَ صَبِـيَّه إِذا قارَبه وناغاه بكلام يوافقه.
والطِّيبُ والطِّيبَةُ: الحِلُّ. وقول أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، حين دخل على عثمان، وهو محصور: الآن طَابَ القِتالُ أَي حَلَّ؛ وفي رواية أُخرى، فقال: الآن طابَ امْضَرْبُ؛ يريد طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ، فأَبدل لام التعريف ميماً، وهي لغة معروفة. وفي التنزيل العزيز: يا أَيها الرُّسُل كُـلُوا من الطَّيِّباتِ أَي كلوا من الحلال، وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ؛ فهو داخل في هذا. وإِنما خُوطب بهذا سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وقال: يا أَيها الرُّسُلُ؛ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرسل جميعاً كذا أُمِرُوا. قال الزجاج: ورُوي أَن عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كان يأْكل من غَزْلِ أُمـِّه. وأَطْيَبُ الطَّيِّبات: الغَنائمُ. وفي حديث هَوازِنَ: من أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذلك منكم أَي يُحَلِّله ويُبِـيحَه.
وسَبْيٌ طِـيَبةٌ، بكسر الطاءِ وفتح الياءِ: طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ، وهو سَبْيُ مَنْ يجوز حَرْبُه من الكفّار، لم يكن عن غَدْرٍ ولا نَقْضِ عَهْدٍ. الأَصمعي: سَبْـيٌ طِـيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ، يَحِلُّ
سَبْيُه، لم يُسْبَوْا ولهم عَهْدٌ أَو ذمة؛ وهو فِعَلَة من الطِّيبِ، بوزن خِـيَرةٍ وتِوَلةٍ؛ وقد ورد في الحديث كذلك. والطيِّبُ من كل شيءٍ: أَفضَلُه.
والطَّيِّباتُ من الكلام: أَفضَلُه وأَحسنُه.
وطِـيَبَةُ الكَلإِ: أَخْصَبُه. وطِـيَبَةُ الشَّرابِ: أَجمُّه وأَصْفاه.وطابَت الأَرضُ طِـيباً: أَخْصَبَتْ وأَكْـلأَتْ.
والأَطْيَبانِ: الطعامُ والنكاحُ، وقيل: الفَمُ والفَرْجُ؛ وقيل: هما
الشَّحْمُ والشَّبابُ، عن ابن الأَعرابي. وذهَبَ أَطْيَباه: أَكْلُه
ونِكاحُه؛ وقيل: هما النَّوم والنكاحُ.
وطايَبه: مازَحَه.
وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِـيبُ النفسُ إِذا شربته. وطعام
مَطْيَبةٌ للنفس أَي تَطِـيبُ عليه وبه. وقولهم: طِبْتُ به نفساً أَي طابَتْ نفسي به. وطابت نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب. وقد طابَتْ نفسي عن ذلك تَرْكاً، وطابَتْ عليه إِذا وافقَها؛ وطِـبْتُ نَفْساً عنه وعليه وبه. وفي التنزيل العزيز: فإِنْ طِـبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً. وفَعَلْتُ ذلك بِطِـيبةِ نفسي إِذا لم يُكْرِهْك أَحدٌ عليه.
وتقول: ما به من الطِّيبِ، ولا تقل: من الطِّيبَةِ.
وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ، وشيءٌ طُيَّابٌ، بالضم، أَي طَيِّبٌ جِدًّا؛ قال الشاعر:
نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا، * إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا
واسْتَطَبْناهم: سأَلْناهُم ماءً عذباً؛ وقوله:
فلما اسْتَطابُوا، صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَهُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون معناه ذاقُوا الخمر فاسْتَطابوها، ويجوز أَن يكون من قولهم: اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم ماء عذباً؛ قال: وبذلك فسره ابن الأَعرابي. وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كان عذباً، وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كان سائغاً في الـحَلْق، وفلانٌ طَيِّبُ الأَخْلاق إِذا كان سَهْلَ الـمُعاشرة، وبلدٌ طَيِّبٌ لا سِـباخَ فيه، وماءٌ طَيِّبٌ أَي طاهر.
ومَطايِـبُ اللحْم وغيره: خِـيارُه وأَطْيَبُه؛ لا يفرد، ولا واحد له من لفظه، وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِـحَ؛ وقيل: واحدها مَطابٌ ومَطابةٌ؛ وقال ابن الأَعرابي:
هي من مَطايِـبِ الرُّطَبِ، وأَطَايِـبِ الجَزُور.
وقال يعقوب: أَطْعِمنا من مَطايِـبِ الجَزُور، ولا يقال من أَطايِـبِ.
وحكى السيرافي: أَنه سأَل بعض العرب عن مَطَايِـبِ الجَزُور، ما واحدها؟ فقال: مَطْيَبٌ، وضَحِكَ الأَعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه. وفي الصحاح: أَطْعَمَنا فلانٌ من أَطايِـبِ الجَزُور، جمع أَطْيَبَ، ولا تَقُلْ: من مَطايِـبِ الجَزُور؛ وهذا عكس ما في المحكم. قال الشيخ ابن بري: قد ذكر الجَرْمِـيُّ في كتابه المعروف بالفَرْق، في بابِ ما جاءَ جَمْعُه على غير واحده المستعمل، أَنه يقال: مَطايِـبُ وأَطايِـبُ، فمن
(يتبع...)
(تابع... 1): طيب: الطِّيبُ، على بناء فِعْل، والطَّيِّب، نعت. وفي الصحاح:... ...
قال: مَطايِـبُ فهو على غير واحده المستعمل، ومن قال: أَطايب، أَجراه على واحده المستعمل. الأَصمعي: يُقال أَطْعِمْنا من مطايبها وأَطَايِـبها، واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها، وامرأَة حَسَنَة الـمَعاري، والخيلُ تجْري على مَساويها؛ الواحدةُ مَسْواة، أَي على ما فيها من السُّوءِ، كيفما
تكون عليه من هُزالٍ أَو سُقوطٍ منه. والمحاسِنُ والـمَقالِـيدُ: لا يُعرف لهذه واحدة. وقال الكسائي: واحد الـمَطايِـب مَطْيَبٌ، وواحد الـمَعاري مَعْرًى، وواحد الـمَسَاوي مَسْوًى. واستعار أَبو حنيفة الأَطايِـبَ للكَلإِ فقال: وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خفيفاً.
والطَّابة: الخَمْر ؛ قال أَبو منصور: كأَنها بمعنى طَيِّبة، والأَصل
طَيِّبةٌ. وفي حديث طاووس: سُئِلَ عن الطابة تُطْبَخُ على النِّصْفِ؛ الطَّابةُ: العَصِـيرُ؛ سمي به لطِـيبِه؛ وإِصلاحه على النصف: هو أَن يُغْلى حتى يَذْهَب نِصْفه.
والـمُطِـيبُ، والـمُسْتَطِـيبُ: المستنجي، مُشتق من الطِّيبِ؛ سمي اسْتِطَابة، لأَنه يَطِـيبُ جَسَدُه بذلك مما عليه من الخبث.
والاسْتِطَابة: الــاسْتِنْجاء. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِـيبَ الرجل بيمينه؛ الاستطابةُ والإِطَابةُ: كناية عن الــاستنجاء؛ وسمي بهما من الطِّيبِ، لأَنه يُطِـيبُ جَسَدَه بإِزالة ما عليه من الخَبَث بالــاستنجاءِ أَي يُطَهِّره. ويقال منه: استطابَ الرجل فهو مُسْتَطِـيب، وأَطابَ نَفْسَه فهو مُطِـيب؛ قال الأَعشى:
يا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ، * يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ الـمُطِـيبِ(1)
(1 قوله «على مطلوب» كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب.)
وفي الحديث: ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِـيبُ بها؛ يريد حَلْقَ العانة،
لأَنه تنظيف وإِزالة أَذىً.
ابن الأَعرابي: أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا استنجى، وأَزالَ الأَذى.
وأَطابَ إِذا تكلم بكلام طَيِّب. وأَطابَ: قَدَّمَ طعاماً طَيِّباً.
وأَطابَ: ولَدَ بنين طَيِّبِـين. وأَطابَ: تزَوَّجَ حَلالاً؛ وأَنشدت
امرأَة:
لـمَا ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً، * ولا زُرْتَنا، إِلا وأَنتَ مُطِـيبُ
أَي متزوّج؛ هذا قالته امرأَة لخِدْنِها. قال: والحرام عند العُشَّاق
أَطْيَب؛ ولذلك قالت:
ولا زرتنا، إِلا وأَنت مُطِـيب
وطِـيبٌ وطَيْبةٌ: موضعان. وقيل: طَيْبةُ وطَابةُ المدينة، سماها به
النبي، صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن بري: قال ابن خالويه: سماها النبي، صلى اللّه عليه وسلم، بعدّةِ أَسماء وهي: طَيْبة، وطَيِّبَّةُ، وطابَةُ، والـمُطَيَّبة، والجابِرةُ، والـمَجْبورة، والـحَبِـيبة، والـمُحَبَّبة؛ قال الشاعر:
فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِـيا
ولم يذكر الجوهري من أَسمائها سوى طَيْبة، بوزن شَيْبة. قال ابن الأَثير في الحديث: أَنه أَمر أن تُسَمّى المدينة طَيْبةَ وطابَة، هما من الطِّيبِ لأَن المدينة كان اسمها يَثْرِبَ، والثَّرْبُ الفساد، فنَهى أَن تسمى به، وسماها طابةَ وطَيْبةَ، وهما تأْنيثُ طَيْبٍ وطاب، بمعنى الطِّيبِ؛ قال: وقيل هو من الطَّيِّبِ الطاهر، لخلوصها من الشرك، وتطهيرها منه.
ومنه: جُعِلَتْ لي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نظيفة غير خبيثة.
وعِذْقُ ابن طابٍ: نخلةٌ بالمدينة؛ وقيل: ابنُ طابٍ: ضَرْبٌ من
الرُّطَبِ هنالك. وفي الصحاح: وتمر بالمدينة يقال له عِذْقُ ابن طابٍ، ورُطَبُ ابن طابٍ. قال: وعِذْقُ ابن طابٍ، وعِذْقُ ابن زَيْدٍ ضَرْبانِ من التمر.
وفي حديث الرُّؤْيا: رأَيتُ كأَننا في دارِ ابنِ زَيْدٍ، وأُتِـينَا بِرُطَبِ ابنِ طاب؛ قال ابن
الأَثير: هو نوعٌ من تمر المدينة، منسوبٌ إِلى ابن طابٍ، رجلٍ من أَهلها. وفي حديث جابر: وفي يده عُرْجُونُ ابنِ طابٍ.
والطِّيَابُ: نخلة بالبصرة إِذا أَرْطَبَتْ، فَتُؤخّر عن اخْتِرافِها،
تَساقَطَ عن نَواه فبَقِـيتِ الكِـباسَةُ ليس فيها إِلا نَـوًى مُعَلَّقٌ
بالتَّفاريق، وهو مع ذلك كِـبارٌ. قال: وكذلك إِذا اخْتُرِفَتْ وهي
مُنْسَبتَة لم تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ، واللّه أَعلم.
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ.
نَضَح عليه الماءَ يَنْضَحُه
(* قوله «نضح عليه الماء ينضحه إلخ» بابه
ضرب ومنع وكذلك نضخ بالخاء المعجمة كما في المصباح.) نَضْحاً إِذا ضربه
بشيء فأَصابه منه رَشاشٌ. ونَضَح عليه الماءُ: ارْتَشَّ. وفي حديث قتادة:
النَّضْحُ من النَّضْحِ؛ يريد من أَصابه نَضْحٌ من البول وهو الشيء اليسير
منه فعليه أَن يَنْضَحَه بالماء وليس عليه غسله؛ قال الزمخشري: هو أَن
يصيبه من البول رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وقال الأَصمعي: نَضَحْتُ عليه
الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابي: النَّضْح ما كان
على اعتماد وهو ما نَضَحْته بيدك معتمداً، والناقة تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْحُ: ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وكله رش.
والقربةُ تَنْضَحُ من غير اعتماد . . . فَوطِئَ
(* قوله «اعتماد . . .
فوطئ» هو هكذا مع البياض في الأصل.) على ماء فنَضَح عليه وهو لا يريد ذلك؛
ومنه نَضْحُ البول في حديث إِبراهيم: أَنه لم يكن يرى بنَضْح البول
بأْساً. وحكى الأَزهري عن الليث: النَّضْح كالنَّضْخ ربما اتفقا وربما
اختلفا. ويقولون: النَّضْح ما بقي له أَثر كقولك على ثوبه نَضْحُ دَمٍ، والعين
تَنْضَحُ بالماء نَضْحاً إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ العين؛ وقال
أَبو زيد: يقال نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ، فهو ناضخٌ؛ وفي الحديث:
يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه. وقال الأَصمعي: لا يقال من الخاء فَعَلْتُ، إِنما
يقال أَصابه نَضْخ من كذا؛ وقال أَبو الهيثم: قول أَبي زيد أَصح، والقرآن
يدل عليه، قال الله تعالى: فيهما عينان نَضَّاختان؛ فهذا يشهد به. يقال:
نَضَخَ عليه الماء لأَن العين النَّضَّاخة هي الفَعَّالة، ولا يقال لها:
نَضَّاخة حتى تكون ناضحة؛ قال ابن الفرج: سمعت جماعة من قيس يقولون:
النَّضح والنَّضْخُ واحد؛ وقال أَبو زيد: نَضَحْتُه ونَضَخْته بمعنى واحد؛
قال: وسمعت الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخُ وهو فيما بان أَثره وما
رق بمعنى واحد. قال: وقال الأَصمعي: النَّضْح الذي ليس بينه فُرَجٌ،
والنَّضْخُ أَرَقّ منه؛ وقال أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ ما رَقَّ
وثَخُن بمعنى واحد.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بالكسر، نَضْحاً: رَشَّه؛ وقيل: رشه رشّاً
خفيفاً. وانْتَضَح عليهم الماء أَي تَرَشَّش. وفي الحديث: المدينة كالكِير
تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها، روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء
المهملة، من النَّضْح وهو رش الماء، وهو مذكور في بضع. ونَضَح الماءُ
العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فذهب به أَو كاد يذهب به. ونَضَح الماءُ المالَ
يَنْضِحُه: ذهب بعطشه أَو قارب ذلك.
والنَّضَحُ، بفتح الضاد، والنضيح: الحوض لأَنه يَنْضَح العطش أَي
يَبُلُّه؛ وقيل: هما الحوض الصغير، والجمع أَنضاح ونُضُحٌ. وقال الليث: النضيح
من الحياض ما قَرُب من البئر حتى يكون الإِفراغ فيه من الدلو ويكون
عظيماً؛ وقال الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْ
دِ، كما تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قال ابن الأَعرابي: سمي بذلك لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه.
قال أَبو عبيد وقال أَبو عمرو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بالضاد؛ وقال
الأَصمعي: فإِن شرب حتى يَرْوَى قال نَصَحْتُ، بالصاد، نَصْحاً ونَصَعْتُ به
ونَقَعْتُ.
قال: والنَّضْحُ والنَّشْحُ واحد، وهو أَن يشرب دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سقي الزرع وغيره بالسانية. ونَضَحَ زرعَه: سقاه بالدَّلْو.
والناضحُ: البعير أَو الثور أَو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأُنثى
بالهاء، ناضحة وسانية. وفي الحديث: ما سُقِيَ من الزرع نَضْحاً ففيه نصف
العشر؛ يريد ما سقي بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتْحاً.
والنواضح من الإِبل: التي يستقى عليها، واحدها ناضح؛ ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِن ناضح بني فلان قد أَبَدَ عليهم. وفي حديث معاوية قال
للأَنصار وقد قعدوا عن تلقيه لما حج: ما فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟ كأَنه
يُقَرِّعُهم بذلك لأَنهم كانوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وقد تكرر ذكره في
الحديث مفرداً ومجموعاً. والنَّضَّاح: الذي يَنْضَحُ على البعير أَي يسوق
السانية ويسقي نخلاً؛ قال أَبو ذؤيب:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كما
يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وهذه نخل تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. ويقال: فلان يَسْقي بالنَّضْحِ، وهو
مصدر.
والنَّضْحاتُ: الشيء اليسير المتفرق من المطر. قال شمر: وقد قالوا في
نَضَحَ المطرُ، بالحاء والخاء. والناضحُ: المطر؛ وقد نَضَحَتْنا السماء.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ: وهو قَطْرٌ بين قَطْرَيْن. قال: ويقال لكل
شيء يَتَحَلَّب من ماء أَو عَرَقٍ أَو بول: يَنْضَحُ: وأَنشد:
يَنْضَحْنَ في حافاته بالأَبْوال
ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ به، وكذلك الفرس. والنَّضِيحُ
والتَّنْضاحُ: العرق؛ قال الراجز:
تَنْضَحُ ذِفْراه بماء صَبِّ
والنَّضُوحُ: الوَجُور في أَيّ الفم كان. ونَضَحَتِ العين تَنْضَحُ
نَضْحاً وانْتَضَحَت: فارت بالدمع؛ وعيناه تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يدعوه
الهَمَلانُ: وهو أَن تمتلئ العين دمعاً ثم تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لا ينقطع.
ونَضَحَتِ الخابية والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كانت رقيقة فخرج الماء من
الخَزَف ورشَحَتْ؛ وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومَزادةٌ نَضُوح:
تَنْضَِح الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى البعير بالعَرَق نَضْحاً؛ وقال
القَطامِيّ:
حَرَجاً كأَنَّ، من الكُحَيْلِ، صُبابةً،
نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَانا
قال: ورواه المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء؛
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ من
السنَّة وذكر فيها الانتضاحَ بالماءِ، وهو أَن يأْخذ ماء قليلاً فيَنْضَحَ به
مذاكيره ومُؤْتَزَرَه بعد فراغه من الوضوء، لينفي بذلك عنه الوَسْواس: وفي
خبر آخر: انْتِفاض الماء، ومعناهما واحد. وفي حديث عطاء: وسئل عن نَضَحِ
الوضوء؛ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بالبول على فخذيه: أَصابهما به؛ وكذلك نَضَحَ بالغبار.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماء ليَتَلازَب
قَمْرُها ويلزم بعضُه بعضاً. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نثر ما فيها؛ وقول
الشاعر:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ على
فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا
يفسر بكل واحد من هاتين. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً: شَرِبَ دونه؛ وقيل:
هو أَن يشرب حتى يَرْوَى، فهو من الأَضداد؛ وقال شمر: يقال نَضَحْتُ
الأَدِيمَ بللته أَن لا ينكسر؛ قال الكميت:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم
بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لو تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بالفتح: ضرب من الطيب؛ وقد
انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: منه ما كان رقيقاً كالماء، والجمع نُضُوح وأَنْضِحَة،
والنَّضْخُ ما كان منه غليظاً كالخَلُوق والغالية. وفي حديث الإِحرام:
ثم أَصبح محرماً يَنْضَحُ طِيباً أَي يفوح. النَّضُوح: ضرب من الطيب تفوح
رائحته، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح؛ ومنه
حديث عليّ: وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وهي في
الحج. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الغنم: شَبِعَت. ونَضَحْناهم
بالنَّبْل نَضْحاً: رميناهم ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وذلك إِذا
فرَّقوها فيهم. وفي حديث هجاء المشركين: كما تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
ويقال: انِْضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وفي الحديث أَنه قال للرُّماة
يوم أُحُد: انْضَِحوا عنا الخيل لا نُؤْتَى من خَلْفِنا أَي ارموهم
بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عنه: ذَبَّ ودفع. ونَضَح الرجل: ردَّ عنه؛ عن كراع.
ونَضَحَ الرجلُ عن نفسه إِذا دفع عنها بحُجَّة. وهو يَنْضَح عن فلان أَي
يَذُبُّ عنه ويدفع. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مما قُرِف به أَي ينتفي ويَتَنَصَّل
منه. وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عن الرجل ونَضَح عنه وذَبَّ بمعنى واحد.
ويقال: هو يناضِحُ عن قومه ويُنافِحُ عنهم أَي يذب عنهم؛ وأَنشد:
ولو بَلا، في مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه. وقَوْس نَضُوح: شديدة الدفع والحَفْز للسهم،
حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لأَبي النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شماله في القوس. هَمَزَى يعني القوسَ أَنها شديدة.
والنَّضُوحُ: من أَسماء القوس كما تَنْضَحُ بالنبل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النحاس أَو الصُّفْر للنَّفْطِ
وزَرْقِه؛ ابن الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قال
الأَزهري: وهي عند عوامِّ الناس النَّضَّاحة ومعناهما واحد.
وقال ابن الفرج: سمعت شُجاعاً السُّلَمِيّ يقول: أَمْضَحْتَ عِرْضِي
وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وقال خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه
الناس.وانْتَضَحَ من الأَمر: أَظهر البراءة منه. والرجل يُرْمَى أَو يُقْرَف
بتُهَمَة فيَنْتَضِح منه أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي منه. وإِذا ابتدأَ
الدقيق في حب السُّنْبُل وهو رطب فقد نَضَحَ وأَنْضَح، لغتان؛ قال ابن سيده:
وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ في حَبِّ السنبل وهو رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا
نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ والنبات وعَمَّ بعضُهم به الشجر؛ قال أَبو طالب
بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كما بُو
رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو
أَقْدَمَ فجمع نَضْحَ الشجر على نُضُوح، لأَن بعض المصادر قد يجمع كالمرض
والشُّغْل والعقل، قالوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت
جثته.
لعب: اللَّعِبُ واللَّعْبُ: ضدُّ الجِدِّ، لَعِبَ يَلْعَبُ لَعِـباً ولَعْباً، ولَعَّبَ، وتَلاعَبَ، وتَلَعَّبَ مَرَّة بعد أُخرى؛ قال امرؤُ القيس:
تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ، * وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل
وفي حديث تَميم والجَسَّاسَة: صادَفْنا البحر حين اغْتَلَم، فلَعِبَ بنا
الـمَوْجُ شهراً؛ سَمَّى اضطراب الـمَوْج لَعِـباً، لما لم يَسِرْ بهم
إِلى الوجْه الذي أَرادوه. ويقال لكل من عَمِلَ عملاً لا يُجْدي عليه
نَفْعاً: إِنما أَنتَ لاعِبٌ. وفي حديث الــاستنجاءِ: إِن الشيطانَ يَلْعَبُ
بمقاعِدِ بني آدم أَي انه يحضُر أَمكنة الــاستنجاءِ ويَرْصُدُها بالأَذَى والفساد، لأَنها مواضع يُهْجَرُ فيها ذكر اللّه، وتُكْشَف فيها العوراتُ، فأُمرَ بسَتْرها والامتناع من التَّعَرُّض لبَصَر الناظرين ومَهابِّ الرياح ورَشاش البول، وكلُّ ذلك من لَعِبِ الشيطان.
والتَّلْعابُ: اللَّعِبُ، صيغةٌ تدلُّ على تكثير
المصدر، كفَعَّل في الفِعْل على غالب الأَمر. قال سيبويه: هذا باب ما تُكَثِّر فيه المصدرَ من فَعَلْتُ، فتُلْحِقُ الزوائد، وتَبْنيه بناءً آخَر، كما أَنك قلتَ في فَعَلْتُ: فَعَّلْتُ، حين كَثَّرْتَ الفعلَ، ثم ذكر المصادر التي جاءَت على التَّفْعال كالتَّلْعاب وغيره؛ قال: وليس شيءٌ من ذلك مصدر فَعَلْتُ، ولكن لما أَردت التكثير، بنيت المصدر على هذا، كما بنيت فَعَلْتُ على فَعَّلْتُ.
ورجل لاعِبٌ ولَعِبٌ ولِعِبٌ، على ما يَطَّرِد في هذا النحو، وتِلْعابٌ وتِلْعابة، وتِلِعَّابٌ وتِلِعَّابة، وهو من الـمُثُل التي لم يذكرها سيبويه.
قال ابن جني: أَما تِلِعَّابة، فإِن سيبويه، وإِن لم يذكره في الصفاتِ، فقد ذكره في المصادر، نحو تَحَمَّلَ تِحِمَّالاً، ولو أَرَدْتَ المرَّةَ الواحدةَ من هذا لوَجَبَ أَن تكون تِحِمَّالةً، فإِذا ذَكَر تِفِعَّالاً
فكأَنه قد ذكره بالهاءِ، وذلك لأَن الهاءَ في تقدير الانفصال على غالب الأَمر، وكذلك القول في تِلِقَّامةٍ، وسيأْتي ذكره. وليس لقائل أَن يَدَّعيَ أَن تِلِعَّابة وتِلِقَّامةً في الأَصل المرَّة الواحدة، ثم وُصِفَ به كما قد يقال ذلك في المصدر، نحو قوله تعالى: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكم غَوْراً؛ أَي غائِراً، ونحو قوله: فإِنما هي إِقْبالٌ وإِدْبارُ؛ من قِبَلِ أَنَّ مَنْ وَصَفَ بالمصدر، فقال: هذا رجل زَوْرٌ وصَوْمٌ، ونحو ذلك، فإِنما صار ذلك له، لأَنه أَراد المبالغة، ويجعله هو نفس الحدَث، لكثرة ذلك منه، والمرَّة الواحدة هي أَقل القليل من ذلك الفعل، فلا يجوز أَن يريد معنى غايةِ الكَثْرة، فيأْتي لذلك بلفظِ غايةِ القِلَّةِ، ولذلك لم يُجِـيزوا: زيد إِقْبالةٌ وإِدبارة، على زيدٌ إِقْبالٌ وإِدْبارٌ، فعلى هذا لا يجوز أَن يكون قولهم: رجل تِلِعَّابة وتِلِقَّامة، على حَدِّ قولك: هذا رجلٌ صَومٌ، لكن الهاءَ فيه كالهاءِ في عَلاَّمة ونَسَّابة للمبالغة؛ وقولُ
النابغة الجَعْدِيّ:
تَجَنَّبْتُها، إِني امْرُؤٌ في شَبِـيبَتي * وتِلْعابَتي، عن رِيبةِ الجارِ، أَجْنَبُ
فإِنه وَضَعَ الاسمَ الذي جَرى صفة موضع المصدر، وكذلك أُلْعُبانٌ، مَثَّل به سيبويه، وفسره السيرافي. وقال الأَزهري: رجل تِلْعابة إِذا كان يَتَلَعَّبُ، وكان كثيرَ اللَّعِبِ. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: زعم ابنُ النابغة أَني تِلْعابةٌ؛ وفي حديث آخر: أَنَّ عَليّاً كان تِلْعابةً أَي كثيرَ الـمَزْحِ والـمُداعَبة، والتاءُ زائدة. ورجل لُعَبةٌ: كثير اللَّعِب.
ولاعَبه مُلاعبةً ولِعاباً: لَعِبَ معه؛ ومنه حديث جابر: ما لكَ
وللعَذارى ولِعابَها؟ اللِّعابُ، بالكسر: مثلُ اللَّعِبِ. وفي الحديث: لا يَـأْخُذَنَّ أَحدُكم مَتاعَ أَخيه لاعِـباً جادّاً؛ أَي يأْخذه ولا يريد سرقته ولكن يريد إِدخال الهمّ والغيظ عليه، فهو لاعبٌ في السرقة، جادٌّ في الأَذِيَّة.
وأَلْعَبَ المرأَةَ: جَعَلَها تَلْعَبُ. وأَلْعَبها: جاءَها بما تَلْعَبُ به؛ وقولُ عَبِـيد بن الأَبْرَص:
قد بِتُّ أُلْعِـبُها وَهْناً وتُلْعِـبُني، * ثم انْصَرَفْتُ وهي منِّي على بالِ
يحتمل أَن يكون على الوجهين جميعاً.
وجاريةٌ لَعُوبٌ: حَسَنةُ الدَّلِّ، والجمعُ لَعائبُ. قال الأَزهري:
ولَعُوبُ اسمُ امرأَة، سميت لَعُوبَ لكثرة لَعِـبها، ويجوز أَن تُسَمَّى لَعُوبَ، لأَنه يُلْعَبُ بها.
والـمِلْعَبَة: ثوبٌ لا كُمَّ له (1)
(1 قوله «والملعبة ثوب إلخ» كذا ضبط بالأصل والمحكم، بكسر الميم، وضبطها المجد كمحسنة، وقال شارحه وفي نسخة
بالكسر.) ، يَلْعَبُ فيه الصبـيُّ.
واللَّعَّابُ: الذي حِرْفَتُه اللَّعِبُ.والأُلْعوبةُ: اللَّعِبُ. وبينهم أُلْعُوبة، مِن اللَّعِبِ. واللُّعْبةُ: الأَحْمَق الذي يُسْخَرُ به، ويُلْعَبُ، ويَطَّرِدُ عليه بابٌ. واللُّعْبةُ: نَوْبةُ اللَّعِبِ. وقال الفراء: لَعِـبْتُ لَعْبةً واحدةً؛
واللِّعْبةُ، بالكسر: نوع من اللَّعِبِ. تقول: رجل حَسَنُ اللِّعْبة، بالكسر، كما تقول: حسَنُ الجِلْسة. واللُّعْبةُ: جِرْم ما يُلْعَبُ به
كالشِّطْرَنْج ونحوه. واللُّعْبةُ: التِّمْثالُ. وحكى اللحياني: ما رأَيت لكَ لُعْبةً أَحْسَنَ من هذه، ولم يَزِدْ على ذلك. ابن السكيت يقول: لِـمن اللُّعْبةُ؟ فتضم أَوَّلَها، لأَنها اسمٌ. والشِّطْرَنْجُ لُعْبةٌ، والنَّرْدُ
لُعْبة، وكلُّ مَلْعوب به، فهو لُعْبة، لأَنه اسم. وتقول: اقْعُدْ حتى
أَفْرُغَ من هذه اللُّعْبةِ. وقال ثعلب: من هذه اللَّعْبةِ، بالفتح، أَجودُ
لأَنه أَراد المرّة الواحدةَ من اللَّعِب.
ولَعِـبَت الريحُ بالمنزل: دَرَسَتْه.
ومَلاعِبُ الريح: مَدارِجُها. وتركتُه في مَلاعِب الجنّ أَي حيث لا
يُدْرَى أَيْنَ هو.
ومُلاعِبُ ظِلِّه: طائرٌ بالبادية، وربما قيل خاطِفُ ظِلِّه؛ يُثَنَّى
فيه المضافُ والمضافُ إِليه، ويُجْمَعانِ؛ يقال للاثنين: ملاعِـبا
ظِلِّهِما، وللثلاثة: مُلاعِـباتُ أَظْلالِهِنّ، وتقول: رأَيتُ مُلاعِـباتِ
أَظْلالٍ لـهُنَّ، ولا تقل أَظْلالِهنّ، لأَنه يصير معرفة. وأَبو بَرَاء: هو مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عامِرُ بن مالك بن جعفرِ بن كِلابٍ، سُمي بذلك يوم السُّوبان، وجعله لبيدٌ مُلاعِبَ الرِّماحِ لحاجته إِلى القافية؛ فقال:
لو أَنَّ حَيّاً مُدْرِكَ الفَلاحِ، * أَدْرَكَه مُلاعِبُ الرِّماحِ
واللَّعَّابُ: فرسٌ من خيل العرب، معروف؛ قال الهذلي:
وطابَ عن اللَّعَّابِ نَفْساً ورَبَّةً، * وغادَرَ قَيْساً في الـمَكَرِّ وعَفْزَرا
ومَلاعِبُ الصبيانِ والجواري في الدار من دِياراتِ العرب: حيث يَلْعَبُونَ، الواحدُ مَلْعَبٌ.
واللُّعَابُ: ما سال من الفم. لَعَبَ يَلْعَبُ، ولَعِبَ، وأَلْعَبَ:
سالَ لُعابُه، والأُولى أَعلى. وخَصَّ الجوهريُّ به الصبـيَّ، فقال: لَعَبَ الصبـيُّ؛ قال لبيد:
لَعَبْتُ على أَكْتافِهِمْ وحُجورِهِمْ * وَلِـيداً، وسَمَّوْني لَبِـيداً وعاصِمَا
ورواه ثعلب: لَعِـبْتُ على أَكتافهم وصدورهم، وهو أَحسنُ.
وثَغْرٌ مَلْعُوبٌ أَي ذو لُعَاب. وقيل لَعَبَ الرجلُ: سالَ لُعابُه،
وأَلْعَبَ: صارَ له لُعابٌ يَسِـيلُ من فمه. ولُعَابُ الحية والجَرادِ:
سَمُّهما. ولُعاب النَّحْلِ: ما يُعَسِّلُه، وهو العَسَلُ. ولُعَابُ الشَّمْس: شيء تَراه كأَنه يَنْحَدِر من السماءِ إِذا حَمِـيَتْ وقامَ قائمُ الظَّهِـيرة؛ قال جرير:
أُنِخْنَ لتَهْجِـيرٍ، وقَدْ وَقَدَ الـحَصَى، * وذابَ لُعَابُ الشَّمْسِ فَوْقَ الجماجم
قال الأَزهري: لُعَابُ الشَّمْسِ هو الذي يقال له مُخَاطُ الشَّيْطانِ،
وهو السَّهَام، بفتح السين، ويقال له: ريق الشمس، وهو شِـبْهُ الخَيْطِ، تَراه في الـهَواءِ إِذا اشْتَدَّ الـحَرُّ ورَكَدَ الـهَواءُ؛ ومَن قال:
إِن لُعَابَ الشَّمْسِ السَّرَابُ، فقد أَبطلَ؛ إِنما السَّرَابُ الذي
يُرَى كأَنه ماءٌ جارٍ نِصْفَ النهار، وإِنما يَعْرِفُ هذه الأَشْياءَ مَن
لَزِمَ الصَّحارِي
والفَلَوات، وسار في الـهَواجر فيها. وقِـيل: لُعابُ الشمس ما تراه في شِدَّة الحرّ مِثْلَ نَسْجِ العنكبوت؛ ويقال: هو السَّرابُ.
والاسْتِلْعابُ في النخل: أَن يَنْبُتَ فيه شيء من البُسْر، بعد
الصِّرام. قال أَبو سعيد: اسْتَلْعَبَتِ النخلةُ إِذا أَطْلَعَتْ طَلْعاً، وفيها
بقيةٌ من حَمْلها الأَوَّل؛ قال الطرماح يصف نخلة:
أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَتْ بالذي * قد أَنى، إِذْ حانَ وقتُ الصِّرام
واللَّعْباءُ: سَبِخةٌ معروفة بناحية البحرين، بحِذاءِ القَطِـيفِ،
وسِـيفِ البحرِ. وقال ابن سيده: اللَّعْباءُ موضع؛ وأَنشد الفارسي:
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ قَصْراً، * وأَعْجَلْنا إِلاهةَ أَنْ تَـؤُوبا
ويروى: الإِلهةَ، إِلاهةُ اسم للشمس.