[في الانكليزية] Violation ،perfidy
[ في الفرنسية] Violation ،infamie ،perfidie
هي عند أهل الشرع ما يظهر على يد الكفرة أو الفجرة من خرق العادة مخالفا لدعواه كذا في مجمع البحرين وغيره.
عون: العَوْنُ: الظَّهير على الأَمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنث
فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أَعْوان، والعرب تقول إذا جاءَتْ السَّنة: جاء
معها أَعْوانها؛ يَعْنون بالسنة الجَدْبَ، وبالأَعوان الجراد والذِّئاب
والأَمراض، والعَوِينُ اسم للجمع. أَبو عمرو: العَوينُ الأَعْوانُ. قال
الفراء: ومثله طَسيسٌ جمع طَسٍّ. وتقول: أَعَنْتُه إعانة واسْتَعَنْتُه
واستَعَنْتُ به فأَعانَني، وإنِما أُعِلَّ اسْتَعانَ وإِن لم يكن تحته
ثلاثي معتل، أَعني أَنه لا يقال عانَ يَعُونُ كَقام يقوم لأَنه، وإن لم
يُنْطَق بثُلاثِيَّة، فإِنه في حكم المنطوق به، وعليه جاءَ أَعانَ يُعِين، وقد
شاع الإِعلال في هذا الأَصل، فلما اطرد الإِعلال في جميع ذلك دَلَّ أَن
ثلاثية وإن لم يكن مستعملاً فإِنه في حكم ذلك، والإسم العَوْن والمَعانة
والمَعُونة والمَعْوُنة والمَعُون؛ قال الأَزهري: والمَعُونة مَفْعُلة في
قياس من جعله من العَوْن؛ وقال ناسٌ: هي فَعُولة من الماعُون، والماعون
فاعول، وقال غيره من النحويين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن مثل
المَغُوثة من الغَوْث، والمضوفة من أَضافَ إذا أَشفق، والمَشُورة من أَشارَ
يُشير، ومن العرب من يحذف الهاء فيقول مَعُونٌ، وهو شاذ لأَنه ليس في كلام
العرب مَفْعُل بغير هاء. قال الكسائي: لا يأْتي في المذكر مَفْعُلٌ، بضم
العين، إلاَّ حرفان جاءَا نادرين لا يقاس عليهما: المَعُون، والمَكْرُم؛
قال جميلٌ:
بُثَيْنَ الْزَمي لا، إنَّ لا إنْ لزِمْتِه،
على كَثْرة الواشِينَ، أَيُّ مَعُونِ
يقول: نِعْمَ العَوْنُ قولك لا في رَدِّ الوُشاة، وإن كثروا؛ وقال آخر:
ليَوْم مَجْدٍ أَو فِعالِ مَكْرُمِ
(* قوله «ليوم مجد إلخ» كذا بالأصل والمحكم، والذي في التهذيب: ليوم
هيجا). وقيل: مَعُونٌ جمع مَعونة، ومَكْرُم جمع مَكْرُمة؛ قاله الفراء.
وتعاوَنوا عليَّ واعْتَوَنوا: أَعان بعضهم بعضاً. سيبويه: صحَّت واوُ
اعْتَوَنوا لأَنها في معنى تعاوَنوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً
على أَنه في معنى ما لا بد من صحته، وهو تعاونوا؛ وقالوا: عاوَنْتُه
مُعاوَنة وعِواناً، صحت الواو في المصدر لصحتها في الفعل لوقوع الأَلف
قبلها. قال ابن بري: يقال اعْتَوَنوا واعْتانوا إذا عاوَنَ بعضهم بعضاً؛ قال
ذو الرمة:
فكيفَ لنا بالشُّرْبِ، إنْ لم يكنْ لنا
دَوانِيقُ عندَ الحانَوِيِّ، ولا نَقْدُ؟
أَنَعْتانُ أَمْ نَدَّانُ، أَم يَنْبَري لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيفِ، شِيمَتُه الحَمْدُ؟
وتَعاوَنَّا: أَعان بعضنا بعضاً. والمَعُونة: الإِعانَة. ورجل مِعْوانٌ:
حسن المَعُونة. وتقول: ما أَخلاني فلان من مَعاوِنه، وهو وجمع مَعُونة.
ورجل مِعْوان: كثير المَعُونة للناس. واسْتَعَنْتُ بفلان فأَعانَني
وعاونَني. وفي الدعاء: رَبِّ أَعنِّي ولا تُعِنْ عَليَّ. والمُتَعاوِنة من
النساء: التي طَعَنت في السِّنِّ ولا تكون إلا مع كثرة اللحم؛ قال الأَزهري:
امرأَة مُتَعاوِنة إذا اعتدل خَلْقُها فلم يَبْدُ حَجْمُها. والنحويون
يسمون الباء حرف الاستعانة، وذلك أَنك إذا قلت ضربت بالسيف وكتبت بالقلم
وبَرَيْتُ بالمُدْيَة، فكأَنك قلت استعنت بهذه الأَدوات على هذه الأَفعال.
قال الليث: كل شيء أَعانك فهو عَوْنٌ لك، كالصوم عَوْنٌ على العبادة،
والجمع الأَعْوانُ. والعَوانُ من البقر وغيرها: النَّصَفُ في سنِّها. وفي
التنزيل العزيز: لا فارضٌ ولا بِكْرٌ عَوانٌ بين ذلك؛ قال الفراء: انقطع
الكلام عند قوله ولا بكر، ثم استأْنف فقال عَوان بين ذلك، وقيل: العوان من
البقر والخيل التي نُتِجَتْ بعد بطنها البِكْرِ. أَبو زيد: عانَتِ
البقرة تَعُون عُؤُوناً إذا صارت عَواناً؛ والعَوان: النَّصَفُ التي بين
الفارِضِ، وهي المُسِنَّة، وبين البكر، وهي الصغيرة. ويقال: فرس عَوانٌ وخيل
عُونٌ، على فُعْلٍ، والأَصل عُوُن فكرهوا إلقاء ضمة على الواو فسكنوها،
وكذلك يقال رجل جَوادٌ وقوم جُود؛ وقال زهير:
تَحُلُّ سُهُولَها، فإِذا فَزَعْنا،
جَرَى منهنَّ بالآصال عُونُ.
فَزَعْنا: أَغَثْنا مُسْتَغيثاً؛ يقول: إذا أَغَثْنا ركبنا خيلاً، قال:
ومن زعم أَن العُونَ ههنا جمع العانَةِ بفقد أَبطل، وأَراد أَنهم
شُجْعان، فإِذا اسْتُغيث بهم ركبوا الخيل وأَغاثُوا. أَبو زيد: بَقَرة عَوانٌ
بين المُسِنَّةِ والشابة. ابن الأَعرابي: العَوَانُ من الحيوان السِّنُّ
بين السِّنَّيْنِ لا صغير ولا كبير. قال الجوهري: العَوَان النَّصَفُ في
سِنِّها من كل شيء. وفي المثل: لا تُعَلَّمُ العَوانُ الخِمْرَةَ؛ قال ابن
بري: أَي المُجَرِّبُ عارف بأَمره كما أَن المرأَة التي تزوجت تُحْسِنُ
القِناعَ بالخِمار. قال ابن سيده: العَوانُ من النساء التي قد كان لها
زوج، وقيل: هي الثيِّب، والجمع عُونٌ؛ قال:
نَواعِم بين أَبْكارٍ وعُونٍ،
طِوال مَشَكِّ أَعْقادِ الهَوادِي.
تقول منه: عَوَّنَتِ المِرأَةُ تَعْوِيناً إذا صارت عَواناً، وعانت
تَعُونُ عَوْناً. وحربٌ عَوان: قُوتِل فيها مرة
(* قوله: مرة، أي مرّةً بعد
الأخرى). كأَنهم جعلوا الأُولى بكراً، قال: وهو على المَثَل؛ قال:
حَرْباً عواناً لَقِحَتْ عن حُولَلٍ،
خَطَرتْ وكانت قبلها لم تَخْطُرِ
وحَرْبٌ عَوَان: كان قبلها حرب؛ وأَنشد ابن بري لأَبي جهل:
ما تَنْقِمُ الحربُ العَوانُ مِنِّي؟
بازِلُ عامين حَدِيثٌ سِنِّي،
لمِثْل هذا وَلَدَتْني أُمّي.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: كانت ضَرَباتُه مُبْتَكَراتٍ لا عُوناً؛
العُونُ: جمع العَوان، وهي التي وقعت مُخْتَلَسَةً فأَحْوَجَتْ إلى
المُراجَعة؛ ومنه الحرب العَوانُ أَي المُتَردّدة، والمرأَة العَوان وهي
الثيب، يعني أَن ضرباته كانت قاطعة ماضية لا تحتاج إلى المعاودة والتثنية.
ونخلة عَوانٌ: طويلة، أَزْدِيَّة. وقال أَبو حنيفة: العَوَانَةُ النخلة، في
لغة أَهل عُمانَ. قال ابن الأََعرابي: العَوانَة النخلة الطويلة، وبها
سمي الرجل، وهي المنفردة، ويقال لها القِرْواحُ والعُلْبَة. قال ابن بري:
والعَوَانة الباسِقَة من النخل، قال: والعَوَانة أَيضاً دودة تخرج من
الرمل فتدور أَشواطاً كثيرة. قال الأَصمعي: العَوانة دابة دون القُنْفُذ تكون
في وسط الرَّمْلة اليتيمة، وهي المنفردة من الرملات، فتظهر أَحياناً
وتدور كأَنها تَطْحَنُ ثم تغوص، قال: ويقال لهذه الدابة الطُّحَنُ، قال:
والعَوانة الدابة، سمي الرجل بها. وبِرْذَوْنٌ مُتَعاوِنٌ
ومُتَدارِك ومُتَلاحِك إذا لَحِقَتْ قُوَّتُه وسِنُّه. والعَانة: القطيع
من حُمُر الوحش. والعانة: الأَتان، والجمع منهما عُون، وقيل: وعانات.
ابن الأَعرابي: التَّعْوِينُ كثرةُ بَوْكِ الحمار لعانته. والتَّوْعِينُ:
السِّمَن. وعانة الإِنسان: إِسْبُه، الشعرُ النابتُ على فرجه، وقيل: هي
مَنْبِتُ الشعر هنالك. واسْتَعان الرجلُ: حَلَقَ عانَتَه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
مِثْل البُرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ،
لم يَسْتَعِنْ، وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ.
البُرام: القُرادُ، لم يَسْتَعِنْ أَي لم يَحْلِقْ عانته، وحَوامي
الموتِ: حوائِمُه فقلبه، وهي أَسباب الموت. وقال بعض العرب وقد عرَضَه رجل على
القَتْل: أَجِرْ لي سَراويلي فإِني لم أَسْتَعِنْ. وتَعَيَّنَ:
كاسْتَعان؛ قال ابن سيده: وأَصله الواو، فإِما أَن يكون تَعَيَّنَ تَفَيْعَلَ،
وإِما أَن يكون على المعاقبة كالصَّيَّاغ في الصَّوَّاغ، وهو أَضعف القولين
إذ لو كان ذلك لوجدنا تَعَوَّنَ، فعَدَمُنا إِياه يدل على أَن تَعَيَّنَ
تَفَيْعَل. الجوهري: العانَة شعرُ الركَبِ. قال أَبو الهيثم: العانة
مَنْبِت الشعر فوق القُبُل من المرأَة، وفوق الذكر من الرجل، والشَّعَر
النابتُ عليهما يقال له الشِّعْرَةُ والإِسْبُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو
الصواب. وفلان على عانَة بَكْرِ بن وائل أَي جماعتهم وحُرْمَتِهم؛ هذه عن
اللحياني، وقيل: هو قائم بأَمرهم. والعانَةُ: الحَظُّ من الماء للأَرض، بلغة
عبد القيس. وعانَةُ: قرية من قُرى الجزيرة، وفي الصحاح: قرية على الفُرات،
وتصغير كل ذلك عُوَيْنة. وأَما قولهم فيها عاناتٌ فعلى قولهم رامَتانِ،
جَمَعُوا كما ثَنَّوْا. والعانِيَّة: الخَمْر، منسوبة إليها. الليث:
عاناتُ موضع بالجزيرة تنسب إليها الخمر العانِيَّة؛ قال زهير:
كأَنَّ رِيقَتَها بعد الكَرى اغْتَبَقَتْ
من خَمْرِ عانَةَ، لَمَّا يَعْدُ أَن عَتَقا.
وربما قالوا عاناتٌ
كما قالوا عرفة وعَرَفات، والقول في صرف عانات كالقول في عَرَفات
وأَذْرِعات؛ قال ابن بري: شاهد عانات قول الأَعشى:
تَخَيَّرَها أَخُو عاناتِ شَهْراً،
ورَجَّى خَيرَها عاماً فعاما.
قال: وذكر الهرويُّ أَنه يروى بيت امرئ القيس على ثلاثة أَوجه:
تَنَوَّرتُها من أَذرِعاتٍ بالتنوين، وأَذرعاتِ بغير تنوين، وأَذرعاتَ بفتح
التاء؛ قال: وذكر أَبو علي الفارسي أَنه لا يجوز فتح التاء عند سيبويه.
وعَوْنٌ وعُوَيْنٌ
وعَوانةُ: أَسماء. وعَوانة وعوائنُ: موضعان؛ قال تأبَّط شرّاً:
ولما سمعتُ العُوصَ تَدْعو، تنَفَّرَتْ
عصافيرُ رأْسي من برًى فعَوائنا.
ومَعانُ: موضع بالشام على قُرب مُوتة؛ قال عبد الله ابن رَواحة:
أَقامتْ ليلَتين على مَعانٍ،
وأَعْقَبَ بعد فَتَرتها جُمومُ.
شتم: الشَّتْمُ: قبيح الكلام وليس فيه قَذْفٌ. والشَّتْمُ: السَّبُّ،
شَتَمَه يَشْتُمُه ويَشْتِمُه شَتْماً، فهو مَشْتُوم، والأُنثى مَشْتُومة
وشَتِيمٌ، بغير هاء؛ عن اللحياني: سَبَّهُ، وهي المَشْتَمَةُ والشَّتِيمة؛
وأَنشد أَبو عبيد:
لَيْسَتْ بمَشْتَمةٍ تُعَدُّ، وعَفْوُها
عَرَقُ السِّقاءِ على القَعُودِ اللاَّغِبِ
يقول: هذه الكلمة وإِن لم تُعَدَّ شَتْماً فإِن العَفْو عنها شديد.
والتَّشاتُمُ: التَّسابُّ. والمُشاتَمةُ: المُسابَّةُ؛ وقال سيبويه في باب ما
جَرى مَجْرى المَثَل:
كلُّ شَيءٍ ولا شَتِيمةُ حُرٍّ
وشاتَمه فَشَتَمه يَشْتُمه: غَلَبَه بالشَّتْمِ. ورجل شَتَّامةٌ: كثير
الشَّتْمِ. الجوهري: والشَّتِيمُ الكَريهُ الوجه، وكذلك الأَسَدُ. يقال:
فلان شَتِيمُ المُحَيّا، وقد شَتُمَ الرجلُ، بالضم، شَتامَةً؛ وأَنشد ابن
بري للمَرَّار الأَسَدِيّ:
يُعْطِي الجَزيلَ ولا يُرى، في وَجْهِهِ
لخَلِيلِه، مَنٌّ ولا شَتْمُ
قال: وشاهد شَتامَةً قول الآخر:
وهَزِئْن مِنِّي أَن رَأَيْنَ مُوَيْهِناً
تَبْدُو عليه شَتامَةُ المَمْلُوكِ
والاشْتِيامُ: رَئيسُ الرُّكّابِ. والشَّتِيمُ والشُّتامُ والشُّتامةُ:
القبيح الوجه. والشُّتامَةُ أَيضاً: السَّيِّءُ الخُلُقِ. والشَّتامة:
شِدَّةُ الخَلْقِ مع قُبْح وَجْهٍ. وأَسدٌ شَتِيمٌ: عابسٌ. وحمار شَتِيمٌ:
وهو الكريه الوجه القبيح. وشُتَيْم ومِشْتَمٌ: اسمان.
نقص: النَّقْصُ: الخُسْران في الحظِّ، والنقصانُ يكون مصدراً ويكون قدر
الشيء الذاهب من المنقوص. نَقَصَ الشيءُ يَنْقُصُ نَقْصاً ونُقْصاناً
ونَقِيصةً ونَقَصَه هو، يتعدى ولا يتعدى؛ وأَنْقَصَه لغة؛ وانْتَقَصَه
وتَنَقَّصَه: أَخذ منه قليلاً قليلاً على حد ما يجيءُ عليه هذا الضرب من
الأَبنية بالأَغلب. وانْتَقَصَ الشيءُ: نَقَصَ، وانْتَقَصْتُه أَنا، لازمٌ
وواقعٌ، وقد انْتَقَصَه حقَّه. أَبو عبيد في باب فَعَلَ الشيءُ وفَعَلْتُ
أَنا: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه أَنا، قال: وهكذا قال الليث، وقال: استوى
فيه فَعَلَ اللازمُ والمُجاوز. واسْتَنْقَصَ المُشتري الثمنَ أَي
اسْتَحَطَّ، وتقول: نُقْصانُه كذا وكذا هذا قدْرُ الذاهب؛ قال ابن دريد: سمعت
خزاعيّاً يقول للطيِّب إِذا كانت له رائحة طيِّبة: إِنه لَنَقِيصٌ؛ وروى قول
امرئ القيس:
كلَوْن السَّيالِ وهو عذب نَقِيص
أَي طيِّب الريح. اللحياني في باب الإِتباع: طَيِّبٌ نَقِيص. وفي
الحديث: شَهْرا عِيدٍ لا يَنْقُصان، يعني في الحكم، وإِن نَقَصا في العدد أَي
أَنه لا يَعْرِِضُ في قلوبكم شكٌّ إِذا صُمتم تسعة وعشرين، أَو إِن وقَعَ
في يوم الحجّ خطأٌ لم يكن في نُسُكِكم نَقْصٌ. وفي الحديث: عشر من
الفِطْرة وانْتقاص الماء، قال أَبو عبيد: معناه انْتِقاصُ البول بالماء إِذا
غُسِل به يعني المذاكير، وقيل: هو الانتضاح بالماء، ويروى انْتِفاص،
بالفاء، وقد تقدم. وفي الحديث: انْتِفاص الماء الاستنجاء، قيل: هو الانتضاح
بالماء. قال أَُّبو عبيد: انْتقاصُ الماء غَسْلُ الذكَر بالماء، وذلك أَنه
إِذا غسل الذكر ارتد البول ولم ينزل، وإِن لم يغسل نزل منه الشيء حتى
يُسْتَبْرأَ.
والنَّقْصُ في الوافر من العَروض: حذْفُ سابعِه بعد إِسكان خامسه،
نَقَصَه يَنْقُصُه نَقْصاً وانْتَقَصَه. وتَنَقَّصَ الرجلَ وانْتَقَصَه
واسْتَنْقَصَه: نسب إِليه النُّقْصَانَ، والاسم النَّقِيصةُ؛ قال:
فلو غَيرُ أَخوالي أَرادوا نَقِيصَتي،
جَعَلْتُ لهم فَوْقَ العَرانِينِ مِيسَما
وفلان يَنْتَقِصُ فلاناً أَي يقع فيه ويَثْلِبُه. والنَّقْصُ: ضعْفُ
العقل. ونَقُصَ الشيءُ نَقاصَةً، فهو نَقِيصٌ: عَذُبَ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:حَصَانٌ رِيقُها عَذْبٌ نَقِيص
والمَنْقَصَةُ: النَّقْصُ. والنَّقِيصةُ: العيب. والنقيصةُ: الوَقِيعةُ
في الناس، والفِعْل الانْتِقاصُ، وكذلك انْتِقاصُ الحقّ؛ وأَنشد:
وذا الرِّحْمِ لا تَنْتَقِصْ حقَّه،
فإِنَّ القَطِيعَة في نَقْصِ
وفي حديث بيع الرُّطَب بالتمر قال: أَيَنْقُص الرُّطَب إِذا يَبِس؟
قالوا: نعم، لفظُه استفهام ومعناه تنبيهٌ وتقرير لِكُنْهِ الحُكْم وعلَّته
ليكون معتبراً في نظائره، وإِلا فلا يجوز أَن يخفى مثل هذا على النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم، كقوله تعالى: أَلَيْسَ اللّهُ بكافٍ عَبْدَه؛ وقول
جرير:
أَلَسْتُم خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
عرض: العَرْضُ: خلافُ الطُّول، والجمع أَعراضٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاجِ الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ
وفي الكثير عُرُوضٌ وعِراضٌ؛ قال أََبو ذؤيب يصف برذوناً:
أَمِنْكَ بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه،
كأَنَّه في عِراضِ الشامِ مِصباحُ؟
وقال الجوهري: أَي في شِقِّه وناحِيتِه. وقد عَرُضَ يَعْرُضُ عِرَضاً
مثل صَغُرَ صِغَراً، وعَراضةً، بالفتح؛ قال جرير:
إِذا ابْتَدَرَ الناسُ المَكارِمَ، بَذَّهُم
عَراضةُ أَخْلاقِ ابن لَيْلَى وطُولُها
فهو عَرِيضٌ وعُراضٌ، بالضم، والجمع عِرْضانٌ، والأُنثى عَرِيضةٌ
وعُراضةٌ.
وعَرَّضْتُ الشيء: جعلته عَرِيضاً، وقال الليث: أَعْرَضْتُه جعلته
عَرِيضاً. وتَعْرِيضُ الشيء: جَعْلُه عَرِيضاً. والعُراضُ أَيضاً: العَرِيضُ
كالكُبارِ والكَبِيرِ. وفي حديث أُحُد: قال للمنهزمين لقد ذَهَبْتُمْ فيها
عَرِيضةً أَي واسعةً. وفي الحديث: لئن أَقْصَرْتَ الخُطْبةَ لقد
أَعْرَضْتَ المسأَلة أَي جِئْتَ بالخطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة واسعة كبيرة.
والعُراضاتُ: الإِبل العَرِيضاتُ الآثار. ويقال للإِبل: إِنها العُراضاتُ
أَثَراً؛ قال الساجع: إِذا طَلَعت الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ مَطَرا، فلا
تَغْذُوَنَّ إِمَّرةً ولا إِمَّرا، وأَرْسِلِ العُراضاتِ أَثَرَا،
يَبْغِيْنَكَ في الأَرضِ مَعْمَرا؛ السفَر: بياضُ النهار، والإِمَّرُ الذكر من ولد
الضأْن، والإِمَّرةُ الأُنثى، وإِنما خص المذكور من الضأْن وإِنما أَراد
جميع الغنم لأَنها أَعْجَزُ عن الطَّلَب من المَعَزِ، والمَعَزُ
تُدْرِكُ ما لا تُدْرِكُ الضأْنُ. والعُراضاتُ: الإِبل. والمَعْمَرُ: المنزل
بدارِ مَعاشٍ؛ أَي أَرسِلِ الإِبل العَرِيضةَ الآثار عليها رُكْبانُها
لِيَرْتادُوا لك منزلاً تَنْتَجِعُه، ونَصَبَ أَثراً على التمييز. وقوله
تعالى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ؛ أَي واسع وإِن كان العَرْضُ إِنما يقع في
الأَجسام والدعاءُ ليس بجسم. وأَعْرَضَتْ بأَولادها: ولدتهم عِراضاً.
وأَعْرَضَ: صار ذا عَرْض. وأَعْرَض في الشيء: تَمَكَّن من عَرْضِه؛ قال ذو
الرمة:فَعال فَتىً بَنَى وبَنَى أَبُوه،
فأَعْرَضَ في المكارِمِ واسْتَطالا
جاءَ به على المثَل لأَن المَكارمَ ليس لها طُولٌ ولا عَرْضٌ في
الحقيقة. وقَوْسٌ عُراضةٌ: عَرِيضةٌ؛ وقول أَسماء بن خارجة أَنشده ثعلب:
فَعَرَضْتُهُ في ساقٍ أَسْمَنِها،
فاجْتازَ بَيْنَ الحاذِ والكَعْبِ
لم يفسره ثعلب وأُراه أَراد: غَيَّبْتُ فيها عَرْضَ السيف. ورجل عَرِيضُ
البِطانِ: مُثْرٍ كثير المال. وقيل في قوله تعالى: فذو دُعاءٍ عَرِيضٍ،
أَراد كثير فوضع العريض موضع الكثير لأَن كل واحد منهما مقدار، وكذلك لو
قال طَوِيل لَوُجِّهَ على هذا، فافهم، والذي تقدَّم أَعْرفُ.
وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُود كاملة. وهو يمشي بالعَرْضِيَّةِ
والعُرْضِيَّةِ؛ عن اللحياني، أَي بالعَرْض.
والعِراضُ: من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ، قيل: هو خطٌّ في الفَخِذِ عَرْضاً؛
عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي، تقول منه: عَرَضَ بعيره عَرْضاً.
والمُعَرَّضُ: نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ؛ قال الراجز:
سَقْياً بحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ
تقول منه: عَرَّضْتُ الإِبل. وإِبل مُعَرَّضةٌ: سِمَتُها العِراضُ في
عَرْضِ الفخذ لا في طوله، يقال منه: عَرَضْتُ البعير وعَرَّضْتُه
تَعْرِيضاً.
وعَرَضَ الشيءَ عليه يَعْرِضُه عَرْضاً: أَراهُ إِيّاه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
وقدْ كانَ يوم الليِّثِ لو قُلْتَ أُسْوةٌ
ومَعْرَضَةٌ، لو كنْتَ قُلْتَ لَقابِلُ،
عَلَيَّ، وكانوا أَهْلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ
ومَجْدٍ، إِذا ما حوَّضَ المَجْد نائِلُ
أَراد: لقد كان لي في هؤلاء القوم الذين هلكوا ما آتَسِي به، ولو
عَرَضْتَهُم عليَّ مكان مُصِيبتي بابني لقبِلْتُ، وأَراد: وَمَعْرضةٌ عليَّ
ففصل. وعَرَضْتُ البعيرَ على الحَوْضِ، وهذا من المقلوب، ومعناه عَرَضْتُ
الحَوْضَ على البعير. وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ على البَيْعِ عَرْضاً،
وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم
عليك ونَظَرْتَ ما حالُهم، وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا
هم. ويقال: اعْتَرَضْتُ على الدابةِ إِذا كنتَ وقْتَ العَرْض راكباً، قال
ابن بري: قال الجوهري وعَرَضْتُ بالبعير على الحوض، وصوابه عَرَضْتُ
البعير، ورأَيت عِدّة نسخ من الصحاح فلم أَجد فيها إِلا وعَرَضْتُ البعير،
ويحتمل أَن يكون الجوهري قال ذلك وأَصلح لفظه فيما بعد.
وقد فاته العَرْضُ والعَرَضُ، الأَخيرة أَعلى، قال يونس: فاته العَرَضُ،
بفتح الراء، كما يقول قَبَضَ الشيءَ قَبْضاً، وقد أَلقاه في القَبَض أَي
فيما قَبَضه، وقد فاته العَرَضُ وهو العَطاءُ والطَّمَعُ؛ قال عدي ابن
زيد:
وما هذا بأَوَّلِ ما أُلاقِي
مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ الفَرِيبِ
أَي الطَّمَع القريب. واعْتَرَضَ الجُنْدَ على قائِدِهم، واعْتَرَضَ
الناسَ: عَرَضَهم واحداً واحداً. واعْتَرَضَ المتاعَ ونحوه واعْتَرَضَه على
عينه؛ عن ثعلب، ونظر إِليه عُرْضَ عيْنٍ؛ عنه أَيضاً، أَي اعْتَرَضَه على
عينه. ورأَيته عُرْضَ عَيْنٍ أَي ظاهراً عن قريب. وفي حديث حذيفة:
تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحَصِير؛ قال ابن الأَثير: أَي توضَع
عليها وتُبْسَطُ كما تُبْسَطُ الحَصِيرُ، وقيل: هو من عَرْض الجُنْدِ بين
يدي السلطان لإِظهارهم واختبار أَحوالهم. ويقال: انطلق فلان يَتَعَرَّضُ
بجَمله السُّوق إِذا عَرَضَه على البيع. ويقال: تَعَرَّضْ أَي أَقِمْهُ في
السوق.
وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً: قابَلَه، وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي
قابلته. وفلان يُعارِضُني أَي يُبارِيني. وفي الحديث: إِن جبريل، عليه
السلام، كان يُعارِضُه القُرآنَ في كل سنة مرة وإِنه عارضَه العامَ مرتين،
قال ابن الأَثير: أَي كان يُدارِسُه جمِيعَ ما نزل من القرآن من
المُعارَضةِ المُقابلةِ.
وأَما الذي في الحديث: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا اعتراضَ فهو أَن
يَعْتَرِضَ رجل بفَرسِه في السِّباق فَيَدْخُلَ مع الخيل؛ ومنه حديث سُراقة:
أَنه عَرَضَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَبي بكر الفَرسَ أَي
اعْتَرَضَ به الطريقَ يَمْنَعُهما من المَسِير. وأَما حديث أَبي سعيد: كنت
مع خليلي، صلّى اللّه عليه وسلّم، في غزوة إِذا رجل يُقَرِّبُ فرساً في
عِراضِ القوم، فمعناه أَي يَسِيرُ حِذاءَهم مُعارِضاً لهم. وأَما حديث
الحسن بن عليّ: أَنه ذَكَرَ عُمر فأَخذ الحسينُ في عِراضِ كلامه أَي في مثل
قوله ومُقابِله. وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عارَضَ جَنازَة أَبي طالب أَي أَتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق ولم يتبعْها
من منزله. وعَرَضَ من سلعته: عارَضَ بها فأَعْطَى سِلْعةً وأَخذ أُخرى.
وفي الحديث: ثلاثٌ فيهن البركة منهن البَيْعُ إِلى أَجل والمُعارَضةُ أَي
بيع العَرْض بالعَرْض، وهو بالسكون المَتاعُ بالمتاع لا نَقْدَ فيه.
يقال: أَخذت هذه السلعة عرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ في مقابلتها سلعة أُخرى.
وعارضَه في البيع فَعَرَضَه يَعْرُضُه عَرْضاً: غَبَنَه. وعَرَضَ له مِن
حقِّه ثوباً أَو مَتاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَضَ به: أَعْطاهُ إِيّاهُ
مكانَ حقِّه، ومن في قولك عَرَضْتُ له من حَقِّه بمعنى البدل كقول اللّه
عزّ وجلّ: ولو نشاءُ لجعلنا منكم ملائكة في الأَرض يَخْلُفُون؛ يقول: لو
نشاءُ لجعلنا بدلكم في الأَرض ملائكة. ويقال: عَرَّضْتُك أَي عَوَّضْتُك.
والعارِضُ: ما عَرَضَ من الأَعْطِيَة؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسيّ:
يا لَيْلُ، أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ
هلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟
قاله يخاطب امرأَة خطبها إِلى نفسها ورَغَّبها في أَنْ تَنْكِحه فقال:
هل لك رَغْبةٌ في مائة من الإِبل أَو أَكثر من ذلك؟ لأَن الهجمة أَوَّلُها
الأَربعون إِلى ما زادت يجعلها لها مَهْراً، وفيه تقديم وتأْخير،
والمعنى هل لك في مائة من الإِبل أَو أَكثر يُسْئِرُ منها قابِضُها الذي يسوقها
أَي يُبْقِي لأَنه لا يَقْدِر على سَوْقِها لكثرتها وقوتها لأَنها
تَفَرَّقُ عليه، ثم قال: والعارِضُ منكِ عائِضٌ أَي المُعْطِي بدلَ بُضْعِكِ
عَرْضاً عائِضٌ أَي آخِذٌ عِوَضاً مِنْكِ بالتزويج يكون كِفاءً لما عَرَضَ
منك. ويقال: عِضْتُ أَعاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً، وعُضْتُ أَعُوضُ
إِذا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ، فقوله عائِضٌ من عِضْتُ لا من عُضْتُ،
ومن رَوَى يَغْدِرُ، أَراد يَتْرُكُ من قولهم غادَرْتُ الشيء. قال ابن
بري: والذي في شعره والعائِضُ منكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ منك عِوَضٌ كما
تقول الهِبَةُ مِنكَ هِبَةٌ أَي لها مَوْقِعٌ. ويقال: كان لي على فلان
نَقْدٌ فأَعْسَرْتُه فاعْتَرَضْتُ منه. وإِذا طلب قوم عند قوم دَماً فلم
يُقِيدُوهم قالوا: نحن نَعْرِضُ منه فاعْتَرِضُوا منه أَي اقْبَلُوا الدية.
وعَرَضَ الفَرَسُ في عَدْوِه: مَرَّ مُعْتَرِضاً. وعَرَضَ العُودَ على
الإِناءِ والسَّيْفَ على فَخِذِه يَعْرِضُه عَرْضاً ويَعْرُضُه، قال
الجوهري: هذه وحدها بالضم. وفي الحديث: خَمِّرُوا آنِيَتَكم ولو بِعُود
تَعْرُضُونَه عليه أَي تَضَعُونَه مَعْرُوضاً عليه أَي بالعَرْض؛ وعَرَضَ
الرُّمْحَ يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَّضَه؛ قال النابغة:
لَهُنَّ عَلَيْهم عادَةٌ قدْ عَرَفْنَها،
إِذا عَرَّضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكَواثِبِ
وعَرَضَ الرامي القَوْسَ عَرْضاً إِذا أَضجَعها ثم رَمى عنها. وعَرَضَ
له عارِضٌ من الحُمَّى وغَيرها. وعَرَضْتُهم على السيف قَتْلاً. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ واعترَضَ: انتَصَبَ ومَنَعَ وصار عارِضاً كالخشَبةِ
المنتصبةِ في النهر والطريق ونحوها تَمْنَعُ السالكين سُلوكَها. ويقال:
اعتَرَضَ الشيءُ دون الشيءِ أَي حال دونه. واعتَرَضَ الشيءَ: تَكَلَّفَه.
وأَعرَضَ لك الشيءُ من بَعِيدٍ: بدَا وظَهَر؛ وأَنشد:
إِذا أَعْرَضَتْ داويَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقا
(* قوله «فلقا» بالكسر هو الامر العجب، وأَنشد الصحاح: إِذا اعرضت البيت
شاهداً عليه وتقدم في غرد ضبطه بفتح الفاء.)
أَي بَدَتْ. وعَرَضَ له أَمْرُ كذا أَي ظهر. وعَرَضْتُ عليه أَمر كذا
وعَرَضْتُ له الشيء أَي أَظهرته له وأَبْرَزْتُه إِليه. وعَرَضْتُ الشيءَ
فأَعْرَضَ أَي أَظْهَرْتُه فظهر، وهذا كقولهم كَبَبْتُه فأَكَبَّ، وهو من
النوادر. وفي حديث عمر: تَدَعُون أَميرَ المؤمنين وهو مُعْرَضٌ لكم؛ هكذا
روي بالفتح، قال الحَرْبيّ: والصواب بالكسر. يقال: أَعْرَضَ الشيءُ
يُعْرِضُ من بعيد إِذا ظهَر، أَي تَدَعُونه وهو ظاهر لكم. وفي حديث عثمان بن
العاص: أَنه رأَى رجلاً فيه اعتِراضٌ، هو الظهور والدخول في الباطل
والامتناع من الحق. قال ابن الأَثير: واعتَرَضَ فلان الشيءَ تَكَلَّفَه.
والشيءُ مُعْرِضٌ لك: موجود ظاهر لا يمتنع. وكلُّ مُبْدٍ عُرْضَه مُعْرِضٌ؛
قال عمرو ابن كلثوم:
وأَعْرَضَتِ اليَمامةُ، واشمَخَرَّتْ
كأَسْيافٍ بأَيْدي مُصْلِتِينا
وقال أَبو ذؤيب:
بأَحْسَن منها حِينَ قامَتْ فأَعْرَضَتْ
تُوارِي الدُّمُوعَ، حِينَ جَدَّ انحِدارُها
واعتَرَضَ له بسهم: أَقْبَلَ قِبَلَه فرماه فقتلَه. واعتَرَضَ عَرْضه:
نَحا نَحْوَه. واعتَرَضَ الفرَسُ في رَسَنِه وتَعَرَّضَ: لم يَسْتَقِمْ
لقائدِه؛ قال الطرماح:
وأَراني المَلِيكُ رُشْدي، وقد كنْـ
ـتُ أَخا عُنجُهِيَّةٍ واعتِراضِ
وقال:
تَعَرَّضَتْ، لم تَأْلُ عن قَتْلٍ لي،
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ
والعَرَضُ: من أَحْداثِ الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك؛ قال الأَصمعي:
العَرَضُ الأَمر يَعْرِضُ للرجل يُبْتَلَى به؛ قال اللحياني: والعَرَضُ
ما عَرَضَ للإِنسان من أَمر يَحْبِسهُ من مَرَضٍ أَو لُصُوصٍ. والعَرَضُ:
ما يَعْرِضُ للإِنسان من الهموم والأَشغال. يقال: عَرَضَ لي يَعْرِضُ
وعَرِضَ يَعْرَضُ لغتان. والعارِضةُ: واحدة العَوارِضِ، وهي الحاجاتُ.
والعَرَضُ والعارِضُ: الآفةُ تَعْرِضُ في الشيء، وجَمْعُ العَرَضِ أَعْراضٌ،
وعَرَضَ له الشكُّ ونحوُه من ذلك.
وشُبْهةٌ عارِضةٌ: معترضةٌ في الفؤاد. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضَةٍ من شُبْهَةٍ؛ وقد تكونُ
العارِضَةُ هنا مصدراً كالعاقبة والعافية.
وأَصَابَه سَهْمُ عَرَضٍ وحَجَرُ عَرَضٍ مُضاف، وذلك أَن يُرْمى به
غيْرُه عمداً فيصاب هو بتلك الرَّمْيةِ ولم يُرَدْ بها، وإِن سقَط عليه حجر
من غير أَن يَرْمِيَ به أَحد فليس بعرَض. والعَرَضُ في الفلسفة: ما يوجد
في حامله ويزول عنه من غير فساد حامله، ومنه ما لا يَزُولُ عنه، فالزّائِل
منه كأُدْمةِ الشُّحُوبِ وصفرة اللون وحركة المتحرّك، وغيرُ الزائل
كسَواد القارِ والسَّبَجِ والغُرابِ.
وتَعَرَّضَ الشيءُ: دخَلَه فَسادٌ، وتَعَرَّضَ الحُبّ كذلك؛ قال لبيد:
فاقْطَعْ لُبانةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه،
ولَشَرُّ واصِلِ خُلّةٍ صَرّامُها
وقيل: من تعرّض وصله أَي تعوّج وزاغَ ولم يَسْتَقِم كما يَتَعَرَّضُ
الرجل في عُرُوض الجَبل يميناً وشمالاً؛ قال امرؤ القيس يذكر الثريَّا:
إِذا ما الثُّرَيّا في السماءِ تَعَرَّضَتْ،
تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
أَي لم تَسْتَقِمْ في سيرها ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ أَثناؤه على
جارية تَوَشَّحَتْ به. وعَرَضُ الدنيا: ما كان من مال، قلّ أَو كَثُر.
والعَرَضُ: ما نِيلَ من الدنيا. يقال: الدّنيا عَرَضٌ حاضر يأْكل منها البَرّ
والفاجر، وهو حديث مَرْوِيّ. وفي التنزيل: يأْخذون عرَض هذا الأَدنى
ويقولون سيغفر لنا؛ قال أَبو عبيدة: جميع مَتاعِ الدنيا عرَض، بفتح الراء.
وفي الحديث: ليْسَ الغِنى عن كَثْرة العَرَضِ إِنما الغِنى غِنى النفس؛
العَرَضُ، بالتحريك: متاع الدّنيا وحُطامُها، وأَما العَرْض بسكون الراء
فما خالف الثَّمَنَينِ الدّراهِمَ والدّنانيرَ من مَتاعِ الدنيا وأَثاثِها،
وجمعه عُروضٌ، فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض وليس كل عَرَضٍ عَرْضاً.
والعَرْضُ: خِلافُ النقْد من المال؛ قال الجوهري: العَرْضُ المتاعُ، وكلُّ
شيء فهو عَرْضٌ سوى الدّراهِمِ والدّنانير فإِنهما عين. قال أَبو عبيد:
العُرُوضُ الأَمْتِعةُ التي لا يدخلها كيل ولا وَزْنٌ ولا يكون حَيواناً
ولا عَقاراً، تقول: اشتريت المَتاعَ بِعَرْضٍ أَي بمتاع مِثْلِه،
وعارَضْتُه بمتاع أَو دابّة أَو شيء مُعارَضةً إِذا بادَلْتَه به.
ورجلٌ عِرِّيضٌ مثل فِسِّيقٍ: يَتَعَرَّضُ الناسَ بالشّرِّ؛ قال:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ،
تَمَرَّسَ بي مِن حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
واسْتَعْرَضَه: سأَله أَنْ يَعْرِضَ عليه ما عنده. واسْتَعْرَض: يُعْطِي
(* قوله «واستعرض يعطي» كذا بالأصل.) مَنْ أَقْبَلَ ومَنْ أَدْبَرَ.
يقال: اسْتَعْرِضِ العَرَبَ أَي سَلْ مَنْ شئت منهم عن كذا وكذا.
واسْتَعْرَضْتُه أَي قلت له: اعْرِضْ عليّ ما عندك.
وعِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَته المحمودة، وقيل ما
يُمْدح به ويُذَمُّ. وفي الحديث: إِن أَغْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ
يومكم هذا؛ قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول
فيه؛ قال حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس. يقال: أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي
صُنْتُ عنه نَفْسي، وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو
يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع
فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو ساواه في الحسَب؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لي،
ولا أَجْني من الناسِ اعتِراضا
أَي لا أَجْتَني شَتْماً منهم. ويقال: لا تُعْرِضْ عِرْضَ فلان أَي لا
تَذْكُرْه بسوء، وقيل في قوله شتم فلان عِرْضَ فلان: معناه ذكر أَسلافَه
وآباءَه بالقبيح؛ ذكر ذلك أَبو عبيد فأَنكر ابن قتيبة أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباء، وقال: العِرْض نَفْسُ الرجل، وقال في قوله يَجْرِي
(*
قوله «يجري» نص النهاية: ومنه حديث صفة أهل الجنة إِنما هو عرق يجري،
وساق ما هنا.) من أَعْراضِهم مِثلُ ريحِ المسكِ أَي من أَنفسهم وأَبدانِهم؛
قال أَبو بكر: وليس احتجاجه بهذا الحديث حجة لأَن الأَعراضَ عند العرب
المَواضِعُ التي تَعْرَقُ من الجسد؛ ودل على غَلَطِه قول مِسْكِين
الدارِميّ:
رُبَّ مَهْزولٍ سَمِينٌ عِرْضُه،
وسمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ
معناه: رُبَّ مَهْزُولِ البدَن والجسم كريمُ الآباءِ. وقال اللحياني:
العِرْضُ عِرْضُ الإِنسان، ذُمَّ أَو مُدِحَ، وهو الجسَد. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، للحطيئة: كأَنِّي بك عند بعض الملوك تُغَنِّيه بأَعراضِ
الناس أَي تُغَني بذَمِّهم وذَمِّ أَسلافِهم في شعرك وثَلْبِهم؛ قال
الشاعر:ولكنَّ أَعْراضَ الكِرام مَصُونةٌ،
إِذا كان أَعْراضُ اللِّئامِ تُفَرْفَرُ
وقال آخر:
قاتَلَكَ اللّهُ ما أَشَدَّ عَلَيْـ
ـك البَدْلَ في صَوْنِ عِرْضِكَ الجَرِب
يُرِيدُ في صَوْنِ أَسلافِك اللِّئامِ؛ وقال في قول حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
أَراد فإِنّ أَبي ووالده وآبائي وأَسلافي فأَتى بالعُموم بعد الخُصوص
كقوله عزّ وجلّ: ولقد آتيناك سَبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم، أَتى
بالعموم بعد الخصوص. وفي حديث أَبي ضَمْضَم: اللهم إِنِّي تَصَدَّقْتُ
بِعِرْضِي على عبادك أَي تصدّقت على من ذكرني بما يَرْجِعُ إِليَّ عَيْبُه،
وقيل: أَي بما يلحقني من الأَذى في أَسلافي، ولم يرد إِذاً أَنه تصدَّق
بأَسلافه وأَحلّهم له، لكنه إِذا ذكَرَ آباءه لحقته النقيصة فأَحلّه مما
أَوصله إِليه من الأَذى. وعِرْضُ الرجل: حَسَبُه. ويقال: فلان كريم العِرْضِ
أِي كريم الحسَب. وأَعْراضُ الناس: أَعراقُهم وأَحسابُهم وأَنْفُسهم.
وفلان ذو عِرْضٍ إِذا كانَ حَسِيباً. وفي الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ
عُقُوبَتَه وعِرْضَهُ أَي لصاحب الدَّيْنِ أَن يَذُمَّ عِرْضَه ويَصِفَه
بسوء القضاء، لأَنه ظالم له بعدما كان محرماً منه لا يَحِلُّ له اقْتِراضُه
والطَّعْنُ عليه، وقيل: عِرْضَه أَن يُغْلِظَ له وعُقُوبته الحَبْس،
وقيل: معناه أَنه يُحِلّ له شِكايَتَه منه، وقيل: معناه أَن يقول يا ظالم
أَنْصِفْني، لأَنه إِذا مَطَلَه وهو غنيّ فقد ظَلَمه. وقال ابن قتيبة:
عِرْضُ الرجل نَفْسُه وبَدَنُه لا غير. وفي حديث النعمان بن بَشِير عن النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم: فمن اتقى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لِدِينِه
وعِرْضِه أَي احْتاطَ لنفسه، لا يجوز فيه معنى الآباءِ والأَسْلافِ. وفي
الحديث: كلُّ المُسْلِم على المسلِم حَرام دَمُه ومالُه وعِرْضُه؛ قال ابن
الأَثير: العِرْضُ موضع المَدْحِ والذَّمِّ من الإِنسان سواء كان في نَفْسِه
أَو سَلَفِه أَو من يلزمه أَمره، وقيل: هو جانبه الذي يَصُونُه من نفْسه
وحَسَبِه ويُحامي عنه أَن يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ، وقال أَبو العباس: إِذا
ذكر عِرْضُ فلان فمعناه أُمُورُه التي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذكرها
من جهتها بِحَمْدٍ أَو بِذَمّ، فيجوز أَن تكون أُموراً يوصف هو بها دون
أَسْلافه، ويجوز أَن تذكر أَسلافُه لِتَلحَقه النّقِيصة بعيبهم، لا خلاف
بين أَهل اللغة فيه إِلا ما ذكره ابن قتيبة من إِنكاره أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباءَ؛ واحتج أَيضاً بقول أَبي الدرداء: أَقْرِضْ من
عِرْضِك ليوم فَقْرِك، قال: معناه أَقْرِضْ مِنْ نَفْسِك أَي مَنْ عابك وذمّك
فلا تُجازه واجعله قَرْضاً في ذمته لِتَسْتَوفِيَه منه يومَ حاجتِكَ في
القِيامةِ؛ وقول الشاعر:
وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنى ومَعِي عِرْضِي
أَي أَفعالي الجميلة؛ وقال النابغة:
يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضهِمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،
ولَيْسَ جاهِلُ أَمْرٍ مثْلَ مَنْ عَلِما
ذو عِرْضِهم: أَشْرافُهُم، وقيل: ذو عِرْضِهم حَسَبهم، والدليل على أَن
العرض ليس بالنفْسِ ولا البدن قوله، صلّى اللّه عليه وسلّم: دمُه
وعِرْضُه، فلو كان العرض هو النفس لكان دمه كافياً عن قوله عِرْضُه لأَن الدم
يراد به ذَهابُ النفس، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة: فانْدَفَعْتَ
تُغَنِّي بأَعْراضِ المسلمين، معناه بأَفعالهم وأَفعال أَسلافهم. والعِرْضُ:
بَدَنُ كل الحيوان. والعِرْضُ: ما عَرِقَ من الجسد. والعِرْضُ: الرائِحة ما
كانت، وجمعها أَعْراضٌ. وروي عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه ذكر
أَهل الجنة فقال: لا يَتَغَوّطُون ولا يَبُولونَ إِنما هو عَرَقٌ يجري من
أَعْراضِهم مثل ريح المِسْك أَي من مَعاطفِ أَبْدانهم، وهي المَواضِعُ
التي تَعْرَقُ من الجسد. قال ابن الأَثير: ومنه حديث أُم سلمة لعائشة:
غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي إِنهن للخَفَر والصّوْن
يَتَسَتَّرْن؛ قال: وقد روي بكسر الهمزة، أَي يُعْرِضْنَ كما كُرِهَ لهن أَن
يَنْظُرْنَ إِليه ولا يَلْتَفِتْنَ نحوه. والعِرْضُ، بالكسر: رائحة الجسد
وغيره، طيبة كانت أَو خبيثة. والعِرْضُ والأَعْراضُ: كلّ مَوْضِع يَعْرَقُ من
الجسد؛ يقال منه: فلان طيب العِرْضِ أَي طيّب الريح، ومُنْتنُ العِرْضِ،
وسِقاءٌ خبيثُ العِرْضِ إِذا كان مُنْتناً. قال أَبو عبيد: والمعنى في
العِرْضِ في الحديث أَنه كلُّ شيء من الجسد من المغابِنِ وهي الأَعْراضُ،
قال: وليس العِرْضُ في النسب من هذا في شيء. ابن الأَعرابي: العِرْضُ
الجسد والأَعْراضُ الأَجْسادُ، قال الأَزهري: وقوله عَرَقٌ يجري من أَعراضهم
معناه من أَبْدانِهم على قول ابن الأَعرابي، وهو أَحسن من أَن يُذْهَبَ
به إِلى أَعراضِ المَغابِنِ. وقال اللحياني: لبَن طيّب العِرْضِ وامرأَة
طيّبة العِرْضِ أَي الريح. وعَرَّضْتُ فلاناً لكذا فَتَعَرَّضَ هو له،
والعِرْضُ: الجماعةُ من الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ ولا يكون في
غيرهن، وقيل: الأَعْراضُ الأَثْلُ والأَراكُ والحَمْضُ، واحدها عَرْضٌ؛
وقال:والمانِع الأَرْضَ ذاتَِ العَرْضِ خَشْيَتُه،
حتى تَمنَّعَ مِنْ مَرْعىً مَجانِيها
والعَرُوضاواتُ
(* قوله «العروضاوات؛ هكذا بالأصل، ولم نجدها فيما عندنا
من المعاجم.): أَماكِنُ تُنْبِتُ الأَعْراضَ هذه التي ذكرناها.
وعارَضْتُ أَي أَخَذْتُ في عَروضٍ وناحيةٍ. والعِرْضُ: جَوُّ البَلَد وناحِيتُه
من الأَرض. والعِرْضُ: الوادِي، وقيل جانِبُه، وقيل عِرْضُ كل شيء
ناحيته. والعِرْضُ: وادٍ باليَمامةِ؛ قال الأَعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه
نَخِيلاً، وزَرْعاً نابِتاً وفَصافِصا؟
وقال الملتمس:
فَهَذا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُه:
زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
الأَزْرَقُ: الذُّبابُ. وقيل: كلُّ وادٍ عِرضٌ، وجَمْعُ كلِّ ذلك
أَعراضٌ لا يُجاوَزُ. وفي الحديث: أَنه رُفِعَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، عارِضُ اليمامةِ؛ قال: هو موضعٌ معروف. ويقال للجبل: عارِضٌ؛ قال
أَبو عبيدة: وبه سمّي عارِضُ اليمامةِ، قال: وكلُّ وادٍ فيه شجر فهو
عِرْضٌ؛ قال الشاعر شاهداً على النكرة:
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ يُمسِي حَمامُه،
ويُضْحِي على أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ،
(* قوله «الغين» جمع الغيناء، وهي الشجرة الخضراء كما في الصحاح.)
أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رَنّةً
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
ويقال: أَخصَبَ ذلك العِرْضُ، وأَخصَبَتْ أَعراضُ المدينة وهي قُراها
التي في أَوْدِيتها، وقيل: هي بُطونُ سَوادِها حيث الزرعُ والنخيل.
والأَعْراضُ: قُرىً بين الحجاز واليمن.
وقولهم: استُعْمِلَ فلان على العَرُوض، وهي مكة والمدينة واليمن وما
حولها؛ قال لبيد:
نُقاتِلُ ما بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما
أَي ما بين مكة واليمن. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يقال: أَخذ فلان في
عَروضٍ ما تُعْجِبُني أَي في طريق وناحية؛ قال التَّغْلَبيّ:
لكلِّ أُناسٍ، مِنْ مَعَدٍّ، عَمارةٍ،
عَرُوضٌ، إِليها يَلْجَؤُونَ، وجانِبُ
يقول: لكل حَيّ حِرْز إِلا بني تَغْلِبَ فإِن حِرْزَهم السُّيوفُ،
وعَمارةٍ خفض لأَنه بدل من أُناس، ومن رواه عُروضٌ، بضم العين، جعله جمع عَرْض
وهو الجبل، وهذا البيت للأَخنس بن شهاب.
والعَرُوضُ: المكانُ الذي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وقولهم: فلان رَكُوضٌ
بلا عَرُوضٍ أَي بلا حاجة عَرَضت له.
وعُرْضُ الشيء، بالضم: ناحِيتُه من أَي وجه جِئْتَه. يقال: نظر إِليه
بعُرْضِ وجهه. وقولهم: رأَيتُه في عرض الناس أَي هو من العامة
(* قوله «في
عرض الناس أَي هو من العامة» كذا بالأصل، والذي في الصحاح: في عرض الناس
أَي فيما بينهم، وفلان من عرض الناس أَي هو من العامة.). قال ابن سيده:
والعَرُوضُ مكة والمدينة، مؤنث. وفي حديث عاشوراء: فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا
أَهلَ العَرُوضِ؛ قيل: أَراد مَنْ بأَ كنافِ مكة والمدينة. ويقال
للرَّساتِيقِ بأَرض الحجاز الأَعْراضُ، واحدها عِرْضٌ؛ بالكسر، وعَرَضَ الرجلُ
إِذا أَتَى العَرُوضَ وهي مكة والمدينة وما حولهما؛ قال عبد يغوث بن
وقّاص الحارثي:
فَيا راكِبَا إِمّا عَرَضْتَ، فَبَلِّغا
نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لا تَلاقِيا
قال أَبو عبيد: أَراد فيا راكباه للنُّدْبة فحذف الهاء كقوله تعالى: يا
أَسَفَا على يوسف، ولا يجوز يا راكباً بالتنوين لأَنه قصد بالنداء راكباً
بعينه، وإِنما جاز أَن تقول يا رجلاً إِذا لم تَقْصِدْ رجلاً بعينه
وأَردت يا واحداً ممن له هذا الاسم، فإِن ناديت رجلاً بعينه قلت يا رجل كما
تقول يا زيد لأَنه يَتَعَرَّفُ بحرف النداء والقصد؛ وقول الكميت:
فأَبْلِغْ يزيدَ، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذِراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا
يعني إِن مَرَرْتَ به. ويقال: أَخَذْنا في عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يعني
طريقاً في هبوط. ويقال: سِرْنا في عِراضِ القوم إِذا لم تستقبلهم ولكن جئتهم
من عُرْضِهم؛ وقال ابن السكيت في قول البَعِيثِ:
مَدَحْنا لها رَوْقَ الشَّبابِ فَعارَضَتْ
جَنابَ الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال: عارَضَتْ أَخَذَتْ في عُرْضٍ أَي ناحيةٍ منه.
جَنابُ الصِّبا أَي جَنْبُهُ. وقال غيره: عارضت جناب الصِّبا أَي دخلت
معنا فيه دخولاً ليست بمُباحِتةٍ، ولكنها تُرينا أَنها داخلة معنا وليست
بداخلة. في كاتم السرّ أَعْجما أَي في فعل لا يَتَبَيَّنُه مَن يَراه، فهو
مُسْتَعْجِمٌ عليه وهو واضح عندنا.
وبَلَدٌ ذو مَعْرَضٍ أَي مَرْعىً يُغْني الماشية عن أَن تُعْلَف.
وعَرَّضَ الماشيةَ: أَغناها به عن العَلَف. والعَرْضُ والعارِضُ: السَّحابُ
الذي يَعْتَرِضُ في أُفُقِ السماء، وقيل: العَرْضُ ما سدَّ الأُفُق، والجمع
عُروضٌ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَرِقْتُ له حتى إِذا ما عُروضُه
تَحادَتْ، وهاجَتْها بُروقٌ تُطِيرُها
والعارِضُ: السَّحابُ المُطِلُّ يَعْتَرِض في الأُفُقِ. وفي التنزيل في
قضية قوم عادٍ: فلما رأَوْه عارِضاً مستقبل أَوديتهم قالوا هذا عارض
مُمْطِرنا؛ أَي قالوا هذا الذي وُعِدْنا به سحاب فيه الغيث، فقال اللّه
تعالى: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أَليم، وقيل: أَي ممطر لنا لأَنه
معرفة لا يجوز أَن يكون صفة لعارض وهو نكرة، والعرب إِنما تفعل مثل هذا في
الأَسماء المشتقة من الأَفعال دون غيرها؛ قال جرير:
يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَعْرِفُكم،
لاقَى مُباعَدَةً مِنْكم وحِرْمانَا
ولا يجوز أَن تقول هذا رجل غلامنا. وقال أَعرابي بعد عيد الفطر: رُبَّ
صائِمِه لن يصومه وقائمه لن يقومه فجعله نعتاً للنكرة وأَضافه إِلى
المعرفة. ويقال للرِّجْلِ العظيم من الجراد: عارِضٌ. والعارِضُ: ما سَدَّ
الأُفُق من الجراد والنحل؛ قال ساعدة:
رأَى عارِضاً يَعْوي إِلى مُشْمَخِرَّةٍ،
قَدَ احْجَمَ عَنْها كلُّ شيءٍ يَرُومُها
ويقال: مَرَّ بنا عارِضٌ قد مَلأَ الأُفق. وأَتانا جَرادٌ عَرْضٌ أَي
كثير. وقال أَبو زيد: العارِضُ السَّحابةُ تراها في ناحية من السماء، وهو
مثل الجُلْبِ إِلا أَن العارِضَ يكون أَبيض والجُلْب إِلى السواد.
والجُلْبُ يكون أَضْيَقَ من العارِضِ وأَبعد.
ويقال: عَرُوضٌ عَتُودٌ وهو الذي يأْكل الشجر بِعُرْضِ شِدْقِه.
والعَرِيضُ من المِعْزَى: ما فوق الفَطِيمِ ودون الجَذَع. والعَرِيضُ:
الجَدْي إِذا نزا، وقيل: هو إِذا أَتَى عليه نحو سنة وتناول الشجر والنبت،
وقيل: هو الذي رَعَى وقَوِيَ، وقيل: الذي أَجْذَعَ. وفي كتابه لأَقْوالِ
شَبْوَةَ: ما كان لهم من مِلْكٍ وعُرْمانٍ ومَزاهِرَ وعِرْضانٍ؛
العِرْضانُ: جمع العَرِيضِ وهو الذي أَتَى عليه من المعَز سنة وتناولَ الشجر
والنبت بِعُرْضِ شِدْقِه، ويجوز أَن يكون جمعَ العِرْضِ وهو الوادي الكثير
الشجر والنخيل. ومنه حديث سليمان، عليه السلام: أَنه حَكَمَ في صاحب الغنم
أَن يأْكل من رِسْلِها وعِرْضانِها. وفي الحديث: فَتَلَقَّتْه امرأَة
معها عَرِيضانِ أَهْدَتهما له، ويقال لواحدها عَروضٌ أَيضاً، ويقال
للعَتُودِ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ: عَرِيضٌ، والجمع عِرْضانٌ وعُرْضانٌ؛
قال الشاعر:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ ييْعَرُ حَوْلَه،
وباتَ يُسَقِّينا بُطُونَ الثَّعالِبِ
قال ابن بري: أَي يَسْقِينا لبناً مَذِيقاً كأَنه بطون الثعالب. وعنده
عَرِيضٌ أَي جَدْي؛ ومثله قول الآخر:
ما بالُ زَيْدٍ لِحْية العَرِيضِ
ابن الأَعرابي: إِذا أَجْذَعَ العَنَاقُ والجَدْيُ سمي عَرِيضاً
وعَتُوداً، وعَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فاته النبتُ اعْتَرَضَ الشوْكَ بِعُرْضِ
فيه.والعَنَمُ تَعْرُضُ الشوك: تَناوَلُ منه وتأْكُلُه، تقول منه: عَرَضَتِ
الشاةُ الشوكَ تَعْرُضُه والإِبلُ تَعْرُضُ عَرْضاً. وتَعْتَرِضُ:
تَعَلَّقُ من الشجر لتأْكله. واعْتَرَضَ البعيرُ الشوك: أَكله، وبَعِيرٌ
عَرُوضٌ: يأْخذه كذلك، وقيل: العَرُوضُ الذي إِن فاتَه الكَلأُ أَكل الشوك.
وعَرَضَ البعِيرُ يَعْرُضُ عَرْضاً: أَكلَ الشجر من أَعراضِه. قال ثعلب: قال
النضر بن شميل: سمعت أَعرابيّاً حجازيّاً وباع بعيراً له فقال: يأْكل
عَرْضاً وشَعْباً؛ الشعْبُ: أَن يَهْتَضِمَ الشجر من أَعْلاه، وقد تقدّم.
والعريضُ من الظِّباء: الذي قد قارَبَ الإِثْناءَ. والعرِيضُ، عند أَهل
الحجاز خاصة: الخَصِيُّ، وجمعه عِرْضانٌ وعُرْضانٌ. ويقال: أَعْرَضْتُ
العرضان إِذا خصيتها، وأَعرضتُ العرضان إِذا جعلتها للبيع، ولا يكون العرِيضُ
إِلا ذكراً.
ولَقِحَتِ الإِبلُ عِراضاً إِذا عارَضَها فَحْلٌ من إِبل أُخرى. وجاءت
المرأَة بابن عن مُعارَضةٍ وعِراضٍ إِذا لم يُعْرَفْ أَبوه. ويقال
للسَّفِيحِ: هو ابن المُعارَضةِ. والمُعارَضةُ: أَن يُعارِضَ الرجلُ المرأَةَ
فيأْتِيَها بلا نِكاح ولا مِلْك. والعَوارِضُ من الإِبل: اللَّواتي يأْكلن
العِضاه عُرْضاً أَي تأْكله حيث وجدته؛ وقول ابن مقبل:
مَهارِيقُ فَلُّوجٍ تَعَرَّضْنَ تالِيا
معناه يُعَرِّضُهُنَّ تالٍ يَقْرَؤُهُنَّ فَقَلَبَ. ابن السكيت: يقال ما
يَعْرُضُكَ لفلان، بفتح الياء وضم الراء، ولا تقل مل يُعَرِّضك،
بالتشديد.
قال الفراء: يقال مَرَّ بي فلان فما عَرَضْنا له، ولا تَعْرِضُ له ولا
تَعْرَضُ له لغتان جيّدتان، ويقال: هذه أَرضُ مُعْرَضةٌ يَسْتَعْرِضُها
المالُ ويَعْتَرِضُها أَي هي أَرض فيها نبت يرعاه المال إِذا مرَّ فيها.
والعَرْضُ: الجبَل، والجمع كالجمع، وقيل: العَرْضُ سَفْحُ الجبل
وناحيته، وقيل: هو الموضع الذي يُعْلى منه الجبل؛ قال الشاعر:
كما تَدَهْدَى مِن العَرْضِ الجَلامِيدُ
ويُشَبَّه الجيش الكثيف به فيقال: ما هو إِلاَّ عَرْضٌ أَي جبل؛ وأَنشد
لرؤبة:
إِنَّا، إِذا قُدْنا لِقَوْمٍ عَرْضا،
لم نُبْقِ مِن بَغْي الأَعادي عِضّا
والعَرْضُ: الجيْشُ الضَّخْمُ مُشَبَّهٌ بناحية الجبل، وجمعه أَعراضٌ.
يقال: ما هو إِلا عَرْضٌ من الأَعْراضِ، ويقال: شُبِّه بالعَرْضِ من
السَّحاب وهو ما سَدَّ الأُفُق. وفي الحديث: أَن الحجاج كان على العُرْضِ
وعنده ابن عمر؛ كذا روي بالضم؛ قال الحربي: أَظنه أَراد العُروضَ جَمْعَ
العَرْضِ وهو الجَيْش.
والعَرُوضُ: الطريقُ في عُرْض الجبل، وقيل: هو ما اعتَرَضَ في مَضِيقٍ
منه، والجمع عُرُضٌ. وفي حديث أَبي هريرة: فأَخذ في عَرُوضٍ آخر أَي في
طريق آخر من الكلام. والعَرُوضُ من الإِبل: التي لم تُرَضْ؛ أَنشد ثعلب
لحميد:
فما زالَ سَوْطِي في قِرابي ومِحْجَني،
وما زِلْتُ منه في عَرُوضٍ أَذُودُها
وقال شمر في هذا البيت أَي في ناحية أُدارِيه وفي اعْتِراضٍ.
واعْتَرَضَها: رَكِبَها أَو أَخَذَها رَيِّضاً. وقال الجوهري: اعتَرَضْتُ البعير
رَكِبْتُه وهو صَعْبٌ.
وعَرُوضُ الكلام: فَحْواهُ ومعناه. وهذه المسأَلة عَرُوضُ هذه أَي
نظيرُها. ويقال: عرفت ذلك في عَرُوضِ كلامِه ومَعارِضِ كلامِه أَي في فَحْوَى
كلامه ومعنى كلامه.
والمُعْرِضُ: الذي يَسْتَدِينُ ممَّن أَمْكَنَه من الناس. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، أَنه خَطَبَ فقال: إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ
جُهَيْنَةَ رَضِيَ من دِينِه وأَمانَتِه بأَن يقال سابِقُ الحاجِّ فادّان
مُعْرِضاً فأَصْبَحَ قَدْ رِينَ به، قال أَبو زيد: فادّانَ مُعْرِضاً يعني
اسْتَدانَ معرضاً وهو الذي يَعْرِضُ للناسِ فَيَسْتَدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه.
وقال الأَصمعي في قوله فادّانَ مُعْرِضاً أَي أَخذَ الدين ولم يُبالِ
أَن لا يُؤَدِّيه ولا ما يكون من التَّبِعة. وقال شمر: المُعْرِضُ ههنا
بمعنى المُعْتَرِض الذي يَعْتَرِضُ لكل من يُقْرِضُه، والعرب تقول: عَرَضَ
لي الشيء وأَعْرَضَ وتَعَرَّضَ واعْتَرَضَ بمعنى واحد. قال ابن الأَثير:
وقيل إِنه أَراد يُعْرِضُ إِذا قيل له لا تسْتَدِنْ فلا يَقْبَلُ، مِن
أَعْرَضَ عن الشيء إِذا ولاَّه ظهره، وقيل: أَراد مُعْرِضاً عن الأَداءِ
مُوَليِّاً عنه. قال ابن قتيبة: ولم نجد أَعْرَضَ بمعنى اعتَرَضَ في كلام
العرب، قال شمر: ومن جعل مُعْرِضاً ههنا بمعنى الممكن فهو وجه بعيد لأَن
مُعْرِضاً منصوب على الحال من قولك فادّان، فإِذا فسرته أَنه يأْخذه ممن
يمكنه فالمُعْرِضُ هو الذي يُقْرِضُه لأَنه هو المُمْكِنُ، قال: ويكون
مُعْرِضاً من قولك أَعْرَضَ ثوبُ المَلْبَس أَي اتَّسَعَ وعَرُضَ؛ وأَنشد
لطائِيٍّ في أَعْرَضَ بمعنى اعْتَرَضَ:
إِذا أَعْرَضَتْ للناظِرينَ، بَدا لهمْ
غِفارٌ بأَعْلى خَدِّها وغُفارُ
قال: وغِفارٌ مِيسَمٌ يكون على الخد. وعُرْضُ الشيء: وسَطُه وناحِيتُه.
وقيل: نفْسه. وعُرْضُ النهر والبحر وعُرْضُ الحديث وعُراضُه: مُعْظَمُه،
وعُرْضُ الناسِ وعَرْضُهم كذلك، قال يونس: ويقول ناس من العرب: رأَيته في
عَرْضِ الناس يَعْنُونَ في عُرْضٍ. ويقال: جرى في عُرْض الحديث، ويقال:
في عُرْضِ الناس، كل ذلك يوصف به الوسط؛ قال لبيد:
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّعا
مَسْجُورَةً مُتَجاوِراً قُلاَّمُها
وقول الشاعر:
تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِه طامِياً،
كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصالٍ نِصالا
يصِفُ ماءً صار رِيشُ الطيرِ فوقه بعْضُه فوق بعض كما تَعْرِضُ نصْلاً
فوق نَصْلٍ.
ويقال: اضْرِبْ بهذا عُرْضَ الحائِط أَي ناحيته. ويقال: أَلْقِه في
أَيِّ أَعْراضِ الدار شئت، ويقال: خذه من عُرْضِ الناس وعَرْضِهم أَي من أَي
شِقٍّ شِئتَ. وعُرْضُ السَّيْفِ: صَفْحُه، والجمع أَعْراضٌ. وعُرْضا
العُنُق: جانباه، وقيل: كلُّ جانبٍ عُرْضٌ. والعُرْضُ: الجانب من كل شيء.
وأَعْرَضَ لك الظَّبْي وغيره: أَمْكَنَكَ مِن عُرْضِه، ونظر إِليه مُعارَضةً
وعن عُرْضٍ وعن عُرُضٍ أَي جانب مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. وكل شيءٍ أَمكنك من
عُرْضه، فهو مُعْرِضٌ لك. يقال: أَعْرَضَ لك الظبي فارْمِه أَي وَلاَّك
عُرْضه أَي ناحيته. وخرجوا يضربون الناس عن عُرْضٍ أَي عن شقّ وناحية لا
يبالون مَن ضرَبوا؛ ومنه قولهم: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط أَي اعتَرِضْه
حيث وجدت منه أَيَّ ناحية من نواحيه. وفي الحديث: فإِذا عُرْضُ وجهِه
مُنْسَحٍ أَي جانبه. وفي الحديث: فَقَدَّمْتُ إِليه الشَّرابَ فإِذا هو
يَنِشُّ، فقال: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط. وفي الحديث: عُرِضَتْ عليّ الجنةُ
والنار آنِفاً في عُرْضِ هذا الحائط؛ العُرض، بالضم: الجانب والناحية من
كل شيء. وفي الحديث، حديث الحَجّ: فأَتَى جَمْرةَ الوادي فاستَعْرَضَها
أَي أَتاها من جانبها عَرْضاً
(* قوله: عَرضاً بفتح العين؛ هكذا في الأصل
وفي النهاية، والكلام هنا عن عُرض بضم العين.). وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: سأَل عَمْرَو بن مَعْدِ يكَرِبَ عن علة بن حالد
(* قوله «علة بن
حالد» كذا بالأصل، والذي في النهاية: علة بن جلد.) فقال: أُولئِكَ فَوارِسُ
أَعراضِنا وشِفاءُ أَمراضِنا؛ الأَعْراضُ جَمْعُ عُرْضٍ وهو الناحية أَي
يَحْمونَ نَواحِينَا وجِهاتِنا عن تَخَطُّفِ العدوّ، أَو جمع عَرْضٍ وهو
الجيش، أَو جمع عِرْضٍ أَي يَصونون ببلائِهم أَعراضَنا أَن تُذَمّ
وتُعابَ.
وفي حديث الحسن: أَنه كان لا يَتَأَثَّم من قتل الحَرُورِيِّ
المُسْتَعْرِضِ؛ هو الذي يَعْتَرِضُ الناسَ يَقْتُلُهُم. واسْتَعْرَضَ الخَوارِجُ
الناسَ: لم يُبالوا مَن قَتَلُوه، مُسْلِماً أَو كافِراً، من أَيّ وجهٍ
أَمكَنَهم، وقيل: استَعْرَضوهم أَي قَتَلوا من قَدَرُوا عليه وظَفِرُوا
به.وأَكَلَ الشيءَ عُرْضاً أَي مُعْتَرِضاً. ومنه الحديث، حديث ابن
الحنفية: كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً أَي اعتَرِضْه يعني كله واشتره ممن وجَدْتَه
كيفما اتَّفق ولا تسأَل عنه أَمِنْ عَمَلِ أَهلِ الكتابِ هو أَمْ مِنْ
عَمَلِ المَجُوس أَمْ مَنْ عَمَلِ غيرهم؛ مأْخوذ من عُرْضِ الشيء وهو ناحيته.
والعَرَضُ: كثرة المال.
والعُراضةُ: الهَدِيّةُ يُهْدِيها الرجل إِذا قَدِمَ من سفَر.
وعَرَّضَهم عُراضةً وعَرَّضَها لهم: أَهْداها أَو أَطعَمَهم إِيّاها. والعُراضةُ،
بالضم: ما يعَرِّضُه المائرُ أَي يُطْعِمُه من الميرة. يقال: عَرِّضونا
أَي أَطعِمونا من عُراضَتِكم؛ قال الأَجلح بن قاسط:
يَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ
حَمْراءَ مِنْ مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ
قال ابن بري: وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ، يقول: إِن هذه الناقة
تتقدّم الحادي والإِبل فلا يلحقها الحادي فتسير وحدها، فيسقُط الغراب على
حملها إِن كان تمراً أَو غيره فيأْكله، فكأَنها أَهدته له وعَرَّضَتْه.
وفي الحديث: أَن ركباً من تجّار المسلمين عَرَّضوا رسولَ اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه عنه، ثياباً بيضاً أَي أَهْدَوْا
لهما؛ ومنه حديث معاذ: وقالت له امرأَته وقد رجع من عمله أَين ما جئت به
مما يأْتي به العُمّال من عُراضةِ أَهْلِهم؟ تريد الهَدِيّة. يقال:
عَرَّضْتُ الرجل إِذا أَهديت له. وقال اللحياني: عُراضةُ القافل من سفره
هَدِيَّتُه التي يُهْدِيها لصبيانه إِذا قَفَلَ من سفره. ويقال: اشتر عُراضة
لأَهلك أَي هدية وشيئاً تحمله إِليهم، وهو بالفارسية راهْ آورَدْ؛ وقال أَبو
زيد في العُراضةِ الهَدِيّةِ: التعرِيضُ ما كان من مِيرةٍ أَو زادٍ بعد
أَن يكون على ظهر بعير. يقال: عَرِّضونا أَي أَطْعِمونا من ميرتكم. وقال
الأَصمعي: العُراضة ما أَطْعَمَه الرّاكِبُ من استطعمه من أَهل المياه؛
وقال هِمْيانُ:
وعَرَّضُوا المَجْلِسَ مَحْضاً ماهِجَا
أَي سَقَوْهُم لبناً رَقِيقاً. وفي حديث أَبي بكر وأَضْيافِه: وقد
عُرِضُوا فأَبَوْا؛ هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه أُطْعِمُوا
وقُدِّمَ لَهم الطّعامُ، وعَرَّضَ فلان إِذا دام على أَكل العَرِيضِ، وهو
الإِمَّرُ. وتَعَرَّضَ الرّفاقَ: سأَلَهم العُراضاتِ. وتَعَرَّضْتُ
الرّفاقَ أَسْأَلُهُم أَي تَصَدَّيْتُ لهم أَسأَلهم. وقال اللحياني:
تَعَرَّضْتُ مَعْروفَهم ولِمَعْرُوفِهم أَي تَصَدَّيْتُ.
وجعلت فلاناً عُرْضةً لكذا أَي نَصَبْتُه له.
والعارِضةُ: الشاةُ أَو البعير يُصِيبه الداء أَو السبع أَو الكسر
فَيُنْحَرُ. ويقال: بنو فلان لا يأْكلون إِلا العَوارِض أَي لا ينحرون الإِبل
إِلا من داء يُصِيبها، يَعِيبُهم بذلك، ويقال: بنو فلان أَكَّالُونَ
لِلْعَوارِضِ إِذا لم يَنْحَرُوا إِلا ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كسْرٌ خوفاً
أَن يموت فلا يَنْتَفِعُوا به، والعرب تُغَيِّرُ بأَكله. ومنه الحديث:
أَنه بعث بُدْنَه مع رجل فقال: إِنْ عُرِضَ لها فانْحَرْها أَي إِن أَصابَها
مرض أَو كسر. قال شمر: ويقال عَرَضَتْ من إِبل فلان عارِضةٌ أَي
مَرِضَتْ وقال بعضهم: عَرِضَتْ، قال: وأَجوده عَرَضَتْ؛ وأَنشد:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ،
فَلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وعَرَضَتِ الناقةُ أَي أَصابها كسر أَو آفة. وفي الحديث: لكم في الوظيفة
الفَرِيضةُ ولكم العارِضُ؛ العارض المريضة، وقيل: هي التي أَصابها كسر.
يقال: عرضت الناقة إِذا أَصابها آفةٌ أَو كسر؛ أَي إِنا لا نأْخُذُ ذاتَ
العَيْب فَنَضُرَّ بالصدَقةِ. وعَرَضَت العارِضةُ تَعْرُضُ عَرْضاً:
ماتتْ من مَرَض. وتقول العرب إِذا قُرِّبَ إِليهم لحم: أَعَبيطٌ أَم عارضة؟
فالعَبيط الذي يُنحر من غير علة، والعارضة ما ذكرناه.
وفلانة عُرْضةٌ للأَزواج أَي قويّة على الزوج. وفلان عُرْضةٌ للشرّ أَي
قوي عليه؛ قال كعب بن زهير:
مِنْ كلِّ نَضَّاخةِ الذفْرَى، إِذا عَرِقَتْ،
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
وكذلك الاثنان والجَمع؛ قال جرير:
وتلْقَى حبالى عُرْضةً لِلْمراجِمِ
(* قوله «وتلقى إلخ» كذا بالأصل.)
ويروى: جبالى. وفُلانٌ عُرْضةٌ لكذا أَي مَعْرُوضٌ له؛ أَنشد ثعلب:
طَلَّقْتهنّ، وما الطلاق بِسُنّة،
إِنّ النِّساءَ لَعُرْضةُ التَّطْلِيقِ
وفي التنزيل: ولا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضةً لأَيْمانِكم أَنْ تَبَرُّوا
وتتقوا وتُصْلِحُوا؛ أَي نَصْباً لأَيْمانِكُم. الفراء: لا تجعلوا الحلف
باللّه مُعْتَرِضاً مانِعاً لكم أَن تَبَرُّوا فجعل العُرْضةَ بمعنى
المُعْتَرِض ونحو ذلك، قال الزجاج: معنى لا تجعلوا اللّه عرضة لأَيمانكم
أَنّ موضع أَن نَصْبٌ بمعنى عُرْضةً، المعنى لا تَعْتَرِضُوا باليمين باللّه
في أَن تَبَرُّوا، فلما سقطت في أَفْضَى معنى الاعْتِراضِ فَنَصَبَ أَن،
وقال غيره: يقال هم ضُعَفاءُ عُرْضةٌ لكل مَتَناوِلٍ إِذا كانوا نُهْزةً
لكل من أَرادهم. ويقال: جَعَلْتُ فلاناً عُرْضةً لكذا وكذا أَي نَصَبْته
له؛ قال الأَزهري: وهذا قريب مما قاله النحويون لأَنه إِذا نُصِبَ فقد
صار معترضاً مانعاً، وقيل: معناه أَي نَصْباً معترضاً لأَيمانكم كالغَرَض
الذي هو عُرضةٌ للرُّماة، وقيل: معناه قوّةٌ لأَيمانكم أَي تُشَدِّدُونها
بذكر اللّه. قال: وقوله عُرْضةً فُعْلة من عَرَضَ يَعْرِضُ. وكل مانِعٍ
مَنَعَك من شغل وغيره من الأَمراضِ، فهو عارِضٌ. وقد عَرَضَ عارِضٌ أَي
حال حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ ومنه يقال: لا تَعْرِضْ ولا تَعْرَض لفلان أَي
لا تَعْرِض له بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه ويذهب مذهبه.
ويقال: سلكت طَريق كذا فَعَرَضَ لي في الطريق عارض أَي جبل شامخ قَطَعَ
عَليَّ مَذْهَبي على صَوْبي. قال الأَزهري: وللعُرْضةِ معنى آخر وهو الذي
يَعْرِضُ له الناس بالمكروه ويَقَعُونَ فيه؛ ومنه قول الشاعر:
وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً
يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ
أَي نَصْباً للقبائل يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وقال الليث:
فلان عُرْضةٌ للناس لا يَزالون يَقَعُونَ فيه.
وعَرَضَ له أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بنفسه. وعَرِضَتْ له
الغولُ وعَرَضَت، بالكسر والفتح، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ.
والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وقيل: هو أَن يَرْكَبَ رأْسه من
النَّخْوة. ورجل عُرْضِيٌّ: فيه عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ
وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ في الفرس: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. ويقال: عَرَضَ
الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً في عَدْوِه؛ قال رؤبة:
يَعْرِضُ حتى يَنْصِبَ الخَيْشُوما
وذلك إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مائلاً. والعُرُضُ، مُثَقَّل:
السيرُ في جانب، وهو محمود في الخيل مذموم في الإِبل؛ ومنه قول حميد:
مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ،
يُصْبِحْنَ في القَفْرِ أتاوِيّاتِ
(* قوله «معترضات إلخ» كذا بالأصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما
هنا.)
أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وقيل في قوله في هذا الرجز: إِن اعتراضهن
ليس خلقة وإِنما هو للنشاط والبغي. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ في سيره لأَنه لم
تتم رياضته بعد. وناقة عُرْضِيَّةٌ: فيها صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ:
الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وناقة عُرْضِيَّة: لم تَذِلّ كل
الذُّلِّ، وجمل عُرْضِيٌّ: كذلك؛ وقال الشاعر:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ
وفي حديث عمر وصف فيه نفسه وسِياسَته وحُسْنَ النظر لرعيته فقال، رضي
اللّه عنه: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ؛
قال شمر: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ من الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ
وسَطُها التي يُحْمَلُ عليها ثم تُساقُ وسط الإِبل المحمَّلة، وإِن ركبها
رجل مضت به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لراكبها، قال: إِنما أَزجر العَرُوضَ
لأَنها تكون آخر الإِبل؛ قال ابن الأَثير: العَرُوض، بالفتح، التي تأْخذ
يميناً وشمالاً ولا تلزم المحجة، يقول: أَضربه حتى يعود إِلى الطريق،
جعله مثلاً لحسن سياسته للأُمة. وتقول: ناقة عَرَوضٌ وفيها عَرُوضٌ وناقة
عُرْضِيَّةٌ وفيها عُرْضِيَّةٌ إِذا كانت رَيِّضاً لم تذلل. وقال ابن
السكيت: ناقة عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بعض الرياضة ولم تَسْتَحْكِم؛ وقال شمر في
قول ابن أَحمر يصف جارية:
ومَنَحْتُها قَوْلي على عُرْضِيَّةٍ
عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ
قال ابن الأَعرابي: شبهها بناقة صعبة في كلامه إِياها ورفقه بها. وقال
غيره: مَنَحْتُها أَعَرْتُها وأَعطيتها. وعُرْضِيَّةٍ: صُعوبة فكأَن كلامه
ناقة صعبة. ويقال: كلمتها وأَنا على ناقة صعبة فيها اعتراض.
والعُرْضِيُّ: الذي فيه جَفاءٌ واعْتِراضٌ؛ قال العجاج:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُّ
والمِعْراضُ، بالكسر: سهم يُرْمَى به بلا ريش ولا نَصْل يَمْضِي عَرْضاً
فيصيب بعَرْضِ العود لا بحده. وفي حديث عَدِيّ قال: قلت للنبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَرْمي بالمِعْراضِ فَيَخْزِقُ، قال: إِنْ خَزَقَ فَكُلْ
وإِن أَصابَ بعَرضِه فلا تَأْكُلْ، أَراد بالمِعْراضِ سهماً يُرْمَى به
بلا رِيش، وأَكثر ما يصيب بعَرْض عُوده دون حَدِّه.
والمَعْرِضُ: المَكانُ الذي يُعْرَضُ فيه الشيءُ. والمِعْرَضُ: الثوب
تُعْرَضُ فيه الجارية وتُجَلَّى فيه، والأَلفاظ مَعارِيضُ المَعاني، من
ذلك، لأَنها تُجَمِّلُها.
والعارِضُ: الخَدُّ، يقال: أَخذ الشعر من عارِضَيْهِ؛ قال اللحياني:
عارِضا الوجه وعَرُوضَاه جانباه. والعارِضانِ: شِعاً الفَم، وقيل: جانبا
اللِّحية؛ قال عدي بن زيد:
لا تُؤاتِيكَ، إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجْـ
ـهَدَ في العارِضَيْنِ مِنْك القَتِير
والعَوارِضُ: الثَّنايا سُميت عَوارِضَ لأَنها في عُرْضِ الفَم.
والعَوارِضُ: ما وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ من الأَسنان، وقيل: هي أَرْبع أَسْنان
تَلي الأَنيابَ ثم الأَضْراسُ تَلي العَوارِضَ؛ قال الأَعشى:
غَرَّاء فَرْعاء مَصْقُول عَوارِضُها،
تَمْشِي الهُوَيْنا كما يَمْشي الوجِي الوَحِلُ
وقال اللحياني: العَوارِضُ من الأَضْراسِ، وقيل: عارِضُ الفَمِ ما يبدو
منه عند الضحك؛ قال كعب:
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ، إِذا ابْتَسَمَتْ،
كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
يَصِفُ الثَّنايا وما بعدها أَي تَكْشِفُ عن أَسْنانها. وفي الحديث: أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لتنظر إِلى امرأَة
فقال: شَمِّي عَوارِضَها، قال شمر: هي الأَسنان التي في عُرْضِ الفم وهي
ما بين الثنايا والأَضراس، واحدها عارضٌ، أَمَرَها بذلك لتَبُورَ به
نَكْهَتَها وريح فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خبيث. وامرأَة نقِيَّةُ العَوارِض أَي
نقِيَّةُ عُرْضِ الفم؛ قال جرير:
أَتَذْكرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيْها،
بِفَرْعِ بَشامةِ، سُقيَ البَشامُ
قال أَبو نصر: يعني به الأَسنان ما بعد الثنايا، والثنايا ليست من
العَوارِضِ. وقال ابن السكيت: العارِضُ النابُ والضِّرْسُ الذي يليه؛ وقال
بعضهم: العارِضُ ما بين الثنية إِلى الضِّرْس واحتج بقول ابن مقبل:
هَزِئَتْ مَيّةُ أَنْ ضاحَكْتُها،
فَرَأَتْ عارِضَ عَوْدٍ قد ثَرِمْ
قال: والثَّرَمُ لا يكون في الثنايا
(* قوله «لا يكون في الثنايا» كذا
بالأصل، وبهامشه صوابه: لا يكون إِلا في الثنايا اهـ. وهو كذلك في الصحاح
وشرح ابن هشام لقصيد كعب بن زهير، رضي اللّه عنه.)، وقيل: العَوارِضُ ما
بين الثنايا والأَضراس، وقيل: العوارض ثمانية، في كل شِقٍّ أَربعةٌ فوق
وأَربعة أَسفل، وأَنشد ابن الأَعرابي في العارضِ بمعنى الأَسنان:
وعارِضٍ كجانبِ العِراقِ،
أَبَنْت بَرّاقاً مِنَ البَرّاقِ
العارِضُ: الأَسنان، شبه استِواءَها باستواء اسفل القرْبة، وهو العِراقُ
للسيْرِ الذي في أَسفل القِرْبة؛ وأَنشد أَيضاً:
لَمَّا رأَيْنَ دَرَدِي وسِنِّي،
وجَبْهةً مِثْلَ عِراقِ الشَّنِّ،
مِتُّ عليهن، ومِتْنَ مِنِّي
قوله: مُتّ عليهن أَسِفَ على شبابه، ومتن هُنّ من بغضي؛ وقال يصف
عجوزاً:تَضْحَكُ عن مِثْلِ عِراقِ الشَّنِّ
أَراد بِعِراقِ الشَّنِّ أَنه أَجْلَحُ أَي عن دَرادِرَ اسْتَوَتْ
كأَنها عِراقُ الشَّنِّ، وهي القِرْبةُ. وعارِضةُ الإِنسان: صَفْحتا خدّيه؛
وقولهم فلان خفيف العارِضَيْنِ يراد به خفة شعر عارضيه. وفي الحديث: من
سَعادةِ المرءِ خِفّة عارِضَيْه؛ قال ابن الأَثير: العارِضُ من اللحية ما
يَنْبُتُ على عُرْضِ اللَّحْيِ فوق الذقَن. وعارِضا الإِنسان: صفحتا خدّيه،
وخِفَّتُهما كناية عن كثرة الذكرِ للّه تعالى وحركتِهما به؛ كذا قال
الخطابي. وقال: قال ابن السكيت فلان خفيف الشفَةِ إِذا كان قليل السؤال
للناس، وقيل: أَراد بخفة العارضين خفة اللحية، قال: وما أَراه مناسباً.
وعارضةُ الوجه: ما يبدو منه. وعُرْضا الأَنف، وفي التهذيب: وعُرْضا أَنْفِ
الفرس مُبْتَدَأُ مُنْحَدَرِ قصَبته في حافتيه جميعاً. وعارِضةُ الباب:
مِساكُ العِضادَتَيْنِ من فوق مُحاذِيةً للأُسْكُفّةِ. وفي حديث عمرو بن
الأَهتم قال للزبْرِقانِ: إِنه لشديد العارضةِ أَي شدِيد الناحيةِ ذو جَلَدٍ
وصَرامةٍ، ورجل شديدُ العارضةِ منه على المثل. وإِنه لذُو عارضةٍ وعارضٍ
أَي ذُو جلَدٍ وصَرامةٍ وقُدْرةٍ على الكلام مُفَوّهٌ، على المثل أَيضاً.
وعَرَضَ الرجلُ: صار ذا عارضة. والعارضةُ: قوّةُ الكلامِ وتنقيحه
والرأْيُ الجَيِّدُ. والعارِضُ: سَقائِفُ المَحْمِل. وعوارِضُ البيتِ: خشَبُ
سَقْفِه المُعَرَّضةُ، الواحدة عارِضةٌ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها:
نَصَبْتُ على باب حُجْرتي عَباءةً مَقْدَمَه من غَزاة خَيْبَرَ أَو
تَبُوكَ فهَتَكَ العَرْضَ حتى وقَع بالأَرض؛ حكى ابن الأَثير عن الهرويّ قال:
المحدثون يروونه بالضاد، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت
عَرْضاً إِذا أَرادوا تسقيفه ثم تُلْقى عليه أَطرافُ الخشَب القِصار، والحديث
جاء في سنن أَبي داود بالضاد المعجمة، وشرحه الخطابي في المَعالِم، وفي
غريب الحديث بالصاد المهملة، قال: وقال الراوي العَرْص وهو غلط، وقال
الزمخشري: هو العَرْصُ، بالصاد المهملة، قال: وقد روي بالضاد المعجمة لأَنه
يوضع على البيت عَرْضاً.
والعِرَضُّ: النَّشاطُ أَو النَّشِيطُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي
محمد الفقعسي:
إِنّ لَها لَسانِياً مِهَضّا،
على ثَنايا القَصْدِ، أَوْ عِرَضّا
الساني: الذي يَسْنُو على البعير بالدلو؛ يقول: يَمُرُّ على مَنْحاتِه
بالغَرْبِ على طريق مستقيمة وعِرِضَّى من النَّشاطِ، قال: أَو يَمُرُّ على
اعْتراضٍ من نَشاطِه. وعِرِضّى، فِعِلَّى، من الاعْتراضِ مثل الجِيَضِّ
والجِيِضَّى: مَشْيٌ في مَيَلٍ. والعِرَضَّةُ والعِرَضْنةُ: الاعْتِراضُ
في السير من النَّشاطِ. والفرس تَعْدُو العِرَضْنى والعِرَضْنةَ
والعِرَضْناةَ أَي مُعْتَرِضةً مَرَّةً من وجه ومرّة من آخر. وناقة عِرَضْنةٌ،
بكسر العين وفتح الراء: مُعْتَرِضةٌ في السير للنشاط؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
تَرِدْ بِنا، في سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ،
مِنْها عِرَضْناتٌ عِراضُ الأَرْنُبِ
العِرْضْناتُ ههنا: جمع عِرَضْنةٍ، وقال أَبو عبيد: لا يقال عِرَضْنةٌ
إِنما العِرَضْنةُ الاعْتراضُ. ويقال: فلان يَعْدو العِرَضْنةَ، وهو الذي
يَسْبِقُ في عَدْوه، وهو يمشي العِرَضْنى إِذا مَشَى مِشْيةً في شقّ فيها
بَغْيٌ من نَشاطه؛ وقول الشاعر:
عِرَضْنةُ لَيْلٍ ففي العِرَضْناتِ جُنَّحا
أَي من العِرَضْناتِ كما يقال رجل من الرجال. وامرأَة عِرَضْنةٌ: ذهبت
عَرْضاً من سِمَنِها. ورجل عِرْضٌ وامرأَة عِرْضةٌ وعِرْضَنٌ وعِرْضَنةٌ
إِذا كان يَعْتَرِضُ الناس بالباطل. ونظرت إِلى فلان عِرَضْنةً أَي
بِمُؤَخَّر عَيْني. ويقال في تصغير العِرَضْنى عُرَيْضِنٌ تَثْبُتُ النونُ
لأَنها ملحقة وتحذف الياء لأَنها غير ملحقة.
وقال أَبو عمرو: المُعارِضُ من الإِبلِ العَلُوقُ وهي التي ترأَم
بأَنْفِها وتَمْنَعُ دَرَّها. وبعير مُعارِضٌ إِذا لم يَسْتَقم في
القِطار.والإِعْراضُ عن الشيء: الصدُّ عنه. وأَعْرَضَ عنه: صَدّ. وعَرَضَ لك
الخيرُ يَعْرِضُ عُروضاً وأَعْرَضَ: أَشْرَفَ. وتَعَرَّضَ مَعْرُوفَه وله:
طَلَبَه؛ واستعمل ابن جني التَّعْرِيضَ في قوله: كان حَذْفُه أَو
التَّعْرِيضُ لحَذْفِه فساداً في الصنْعة.
وعارَضَه في السير: سار حِياله وحاذاه. وعارَضَه بما صَنَعَه: كافأَه.
وعارض البعيرُ الريحَ إِذا لم يستقبلها ولم يستدبرها.
وأَعْرَض الناقةَ على الحوض وعَرَضَها عَرْضاً: سامَها أَن تشرب،
وعَرَضَ عَلَيّ سَوْمَ عالّةٍ: بمعنى قول العامة عَرْضَ سابِرِيّ. وفي المثل:
عَرْضَ سابِرِيّ، لأَنه يُشترى بأَوّل عَرْض ولا يُبالَغُ فيه. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ: بدا. وعُرَضَّى: فُعَلَّى من الإِعْراضِ، حكاه سيبويه.
ولقِيه عارِضاً أَي باكِراً، وقيل: هو بالغين معجمة. وعارضاتُ الوِرْد
أَوّله؛ قال:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ قَبْلَ شفاهِهِمْ،
لَهُمْ عارِضات الوِرْدِ شُمُّ المَناخِرِ
لهم منهم؛ يقول: تقَع أُنوفُهم في الماء قبل شِفاههم في أَوّل وُرُودِ
الوِرْدِ لأَن أَوّله لهم دون الناس.
وعَرَّضَ لي بالشيء: لم يُبَيِّنْه.
وتَعَرُضَ: تعَوَّجَ. يقال: تعرَّض الجملُ في الجبَل أَخَذ منه في
عَرُوضٍ فاحتاج أَن يأْخذ يميناً وشمالاً لصعوبة الطريق؛ قال عبد اللّه ذو
البِجادين المزنيُّ وكان دليلَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، يخاطب ناقته
وهو يقودُها به، صلّى اللّه عليه وسلّم، على ثَنِيّةِ رَكوبةَ، وسمي ذا
البِجادَيْنِ لأَنه حين أَراد المسير إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
قطعت له أُمّه بِجاداً باثنين فَأْتَزَرَ بواحد وارْتَدى بآخَر:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرَّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هو أَبُو القاسِمِ فاسْتَقِيمي
ويروى: هذا أَبو القاسم. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي
الثنايا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الجوزاء تمر على جنب
مُعارضةً ليست بمستقيمة في السماء؛ قال لبيد:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قال ابن الأَثير: شبهها بالجوزاء لأَنها تمرّ معترضة في السماء لأَنها
غير مستقيمة الكواكب في الصورة؛ ومنه قصيد كعب:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ في مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ.
وعَرَّضَ لفلان وبه إِذا قال فيه قولاً وهو يَعِيبُه. الأَصمعي: يقال
عَرَّضَ لي فلان تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بالشيء ولم يبيِّن. والمَعارِيضُ من
الكلام: ما عُرِّضَ به ولم يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه
ومَعارِيضُه: كلام يُشْبِهُ بعضهُ بعضاً في المعاني كالرجل تَسْأَله: هل
رأَيت فلاناً؟ فيكره أَن يكذب وقد رآه فيقول: إِنَّ فلاناً لَيُرَى؛ ولهذا
المعنى قال عبد اللّه بن العباس: ما أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ
النَّعَم؛ ولهذا قال عبد اللّه بن رواحة حين اتهمته امرأَته في جارية له،
وقد كان حلف أَن لا يقرأَ القرآن وهو جُنب، فأَلَحَّتْ عليه بأَن يقرأَ
سورة فأَنشأَ يقول:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ،
وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ،
وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ،
ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قال: فرضيت امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هذا قرآناً فجعل ابن رواحة، رضي
اللّه عنه، هذا عَرَضاً ومِعْرَضاً فراراً من القراءة.
والتعْرِيضُ: خلاف التصريح. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بالشيء عن
الشيء. وفي المثل، وهو حديث مخرّج عن عمران بن حصين، مرفوع: إِنَّ في
المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عن الكذب أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جمع مِعْراضٍ من
التعريضِ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَمَا في المَعارِيض ما يُغْني المسلم
عن الكذب؟ وفي حديث ابن عباس: ما أُحب بمَعارِيضِ الكلام حُمْر النعَم.
ويقال: عَرّض الكاتبُ إِذا كتب مُثَبِّجاً ولم يبين الحروف ولم يُقَوِّمِ
الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي للشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه،
بتَيماءَ، حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ في خِطْبةِ المرأَة في عدّتها: أَن يتكلم بكلام يشبه
خِطْبتها ولا يصرّح به، وهو أَن يقول لها: إِنك لجميلة أَو إِن فيك لبقِيّة
أَو إِن النساء لمن حاجتي. والتعريض قد يكون بضرب الأَمثال وذكر الأَلغاز
في جملة المقال. وفي الحديث: أَنه قال لعَديّ ابن حاتم إِن وِسادَكَ
لعَرِيضٌ، وفي رواية: إِنك لعَريضُ القَفا، كَنى بالوِساد عن النوم لأَن
النائم يتَوَسَّدُ أَي إِن نومك لطويل كثير، وقيل: كنى بالوساد عن موضع
الوساد من رأْسه وعنقه، وتشهد له الرواية الثانية فإِنّ عِرَضَ القفا كناية عن
السِّمَن، وقيل: أَراد من أَكل مع الصبح في صومه أَصبح عَريضَ القفا
لأَن الصوم لا يؤثِّر فيه.
والمُعَرَّضةُ من النساء: البكر قبل أَن تُحْجَبَ وذلك أَنها تُعْرَضُ
على أَهل الحيّ عَرْضةً لِيُرَغِّبُوا فيها مَنْ رَغِبَ ثم يَحْجبونها؛
قال الكميت:
لَيالِيَنا إِذْ لا تزالُ تَرُوعُنا،
مُعَرَّضةٌ مِنْهُنَّ بِكْرٌ وثَيِّبُ
وفي الحديث: من عَرَّضَ عَرَّضْنا له، ومن مَشى على الكَلاّءِ
أَلْقَيْناه في النهر؛ تفسيرُه: من عَرَّضَ بالقَذْف عَرَّضْنا له بتأْديب لا
يَبْلُغُ الحَدّ، ومن صرح بالقذف برُكُوبه نهر الحَدّ أَلقيناه في نهر الحدّ
فحَدَدْناه؛ والكلاَّء مَرْفأُ السفُن في الماء، وضرب المشي على الكلاَّء
مثلاً للتعريض للحدّ بصريح القذف.
والعَرُوضُ: عَرُوضُ الشعر وهي فَواصِلُ أَنصاف الشعْر وهو آخر النصف
الأَول من البيت، أُنْثَى، وكذلك عَرُوض الجبل، وربما ذُكِّرتْ، والجمع
أَعارِيضُ على غير قياس، حكاه سيبويه، وسمي عَرُوضاً لأَن الشعر يُعْرَضُ
عليه، فالنصف الأَول عَروضٌ لأَن الثاني يُبْنى على الأَول والنصف الأَخير
الشطر، قال: ومنهم من يجعل العَروضَ طَرائق الشعْر وعَمُودَه مثل الطويل
يقول هو عَرُوضٌ واحد، واخْتِلافُ قَوافِيه يسمى ضُرُوباً، قال: ولكُلٍّ
مقَالٌ؛ قال أَبو إِسحق: وإِنما سمي وسط البيت عَرُوضاً لأَن العروض وسط
البيت من البِناء، والبيتُ من الشعْر مَبنيّ في اللفظ على بناء البيت
المسكون للعرب، فَقِوامُ البيت من الكلام عَرُوضُه كما أَنّ قِوامَ البيت من
الخِرَقِ العارضةُ التي في وسطه، فهي أَقْوَى ما في بيت الخرق، فلذلك
يجب أَن تكون العروض أَقوى من الضرْب، أَلا ترى أَن الضُّروبَ النقصُ فيها
أَكثر منه في الأَعارِيض؟ والعَرُوضُ: مِيزانُ الشعْر لأَنه يُعارَضُ
بها، وهي مؤنثة ولا تجمع لأَنها اسم جنس.
وفي حديث خديجة، رضي اللّه عنها: أَخاف أَن يكون عُرِضَ له أَي عَرَضَ
له الجنّ وأَصابَه منهم مَسٌّ. وفي حديث عبد الرحمن بن الزَّبِيرِ
وزَوجتِه: فاعتُرِضَ عنها أَي أَصابَه عارض من مرَضٍ أَو غيره منَعَه عن
إِتيانها. ومضى عَرْضٌ من الليل أَي ساعةٌ.
وعارِضٌ وعرِيضٌ ومُعْتَرِضٌ ومُعَرِّضٌ ومُعْرِضٌ: أَسماء؛ قال:
لَوْلا ابْن حارِثةَ الأَميرُ لَقَدْ
أَغْضَيْتُ مِنْ شَتْمي على رَغْمي
(* قوله «لولا ابن حارثة الأمير لقد» كذا بالأصل.)
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّر بَكْرَه
عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
الكاف فيه زائدة وتقديره إِلا مُعْرِضاً. وعُوارضٌ، بضم العين: جبَل أَو
موضع؛ قال عامرُ بن الطُّفَيْل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارضاً،
ولأُقْبِلَنَّ الخيْلَ لابةَ ضَرْغَدِ
أَي بِقَناً وبعُوارِضٍ، وهما جبلان؛ قال الجوهري: هو ببلاد طيّء وعليه
قبر حاتم؛ وقال فيه الشماخ:
كأَنَّها، وقد بَدا عُوارِضُ،
وفاضَ من أَيْدِيهِنّ فائضُ
وأَدَبِيٌّ في القَتامِ غامِضُ،
وقِطْقِطٌ حيثُ يَحُوضُ الحائضُ
والليلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،
بجَلْهةِ الوادِي، قَطاً نَواهِضُ
والعَرُوضُ: جبل؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيّة:
أَلمْ نَشْرِهمْ شَفْعاً، وتُتْرَكَ منْهُمُ بجَنْبِ العَرُوضِ رِمّةٌ
ومَزاحِفُ؟
والعُرَيْضُ، بضم العين، مصغر: وادٍ بالمدينة به أَموالٌ لأَهلها؛ ومنه
حديث أَبي سفيان: أَنه خرَج من مكة حتى بلغ العُرَيْضَ، ومنه الحديث
الآخر: ساقَ خَلِيجاً من العُرَيْضِ. والعَرْضِيُّ: جنس من الثياب.
قال النضر: ويقال ما جاءكَ من الرأْي عَرَضاً خير مما جاءك
مُسْتَكْرَهاً أَي ما جاءك من غير رَوِيَّةٍ ولا فِكْر. وقولهم: عُلِّقْتُها عَرَضاً
إِذا هَوِيَ امرأَةً أَي اعْتَرَضَتْ فرآها بَغْتة من غير أَن قَصَد
لرؤيتها فَعَلِقَها من غير قصدٍ؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلاً
غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرى غيْرَها الرجُلُ
وقال ابن السكيت في قوله عُلِّقْتُها عرَضاً أَي كانت عرَضاً من
الأَعْراضِ اعْتَرَضَني من غير أَن أَطْلُبَه؛ وأَنشد:
وإِمّا حُبُّها عَرَضٌ، وإِمّا
بشاشةُ كلِّ عِلْقٍ مُسْتَفاد
يقول: إِما أَن يكون الذي من حبها عرَضاً لم أَطلبه أَو يكون عِلْقاً.
ويقال: أَعرَض فلان أَي ذهَب عرْضاً وطولاً. وفي المثلِ: أَعْرَضْتَ
القِرْفةَ، وذلك إِذا قيل للرجل: من تَتَّهِمُ؟ فيقول: بني فلانة للقبيلة
بأَسْرِها. وقوله تعالى: وعَرَضْنا جهنم يومئذ للكافرين عَرْضاً؛ قال
الفراء: أَبرزناها حتى نظر إِليها الكفار، ولو جَعَلْتَ الفِعْلَ لها زدْتَ
أَلفاً فقلت: أَعْرَضَتْ هي أَي ظَهَرَتْ واستبانت؛ قال عمرو بن كلثوم:
فأَعْرَضَتِ اليمامةُ، واشْمَخَرَّتْ
كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا
أَي أَبْدَتْ عُرْضَها ولاحَتْ جِبالُها للناظر إِليها عارِضةً.
وأَعْرَضَ لك الخير إِذا أَمْكَنكَ. يقال: أَعْرَضَ لك الظبْيُ أَي أَمْكَنكَ من
عُرْضِه إِذا وَلاَّك عُرْضَه أَي فارْمه؛ قال الشاعر:
أَفاطِمَ، أَعْرِضِي قَبْلَ المنايا،
كَفى بالموْتِ هَجْراً واجْتِنابا
أَي أَمكِني. ويقال: طَأْ مُعْرِضاً حيث شئت أَي ضَعْ رجليك حيث شئت أَي
ولا تَتَّق شيئاً قد أَمكن ذلك. واعْتَرَضْتُ البعير: رَكِبْتُه وهو
صَعْبٌ. واعْتَرضْتُ الشهر إِذا ابتدأْته من غير أَوله. ويقال: تَعَرَّضَ لي
فلان وعرَض لي يَعْرِضُ يَشْتِمُني ويُؤْذِيني. وقال الليث: يقال تعرَّض
لي فلان بما أَكره واعتَرَضَ فلان فلاناً أَي وقع فيه. وعارَضَه أَي
جانَبَه وعَدَلَ عنه؛ قال ذو الرمة:
وقد عارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كأَنَّه
قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافِرُ
ويقال: ضرَب الفحلُ الناقةَ عِراضاً، وهو أَن يقاد إِليها ويُعْرَضَ
عليها إِن اشْتَهَتْ ضرَبَها وإِلا فلا وذلك لكَرَمها؛ قال الراعي:
قلائِصُ لا يُلْقَحْنَ إِلاَّ يَعارةً
عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلاَّ غَوالِيا
ومثله للطرماح:
.......... ونِيلَتْ
حِينَ نِيلتْ يَعارةً في عِراضِ
أَبو عبيد: يقال لَقِحَتْ ناقةُ فلان عِراضاً، وذلك أَن يُعارِضَها
الفحلُ معارضةً فيَضْرِبَها من غير أَن تكون في الإِبل التي كان الفحلُ
رَسِيلاً فيها. وبعير ذو عِراضٍ: يُعارِضُ الشجر ذا الشوْكِ بفِيه. والعارِضُ:
جانِبُ العِراق؛ والعريضُ الذي في شعر امرئ القيس اسم جبل ويقال اسم
واد:
قَعَدْتُ له، وصُحْبتي بَيْنَ ضارِجٍ
وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ، فالعَرِيضِ
أَصابَ قُطَيَّاتٍ فَسالَ اللَّوى له،
فَوادي البَدِيّ فانْتَحى لليَرِيضِ
(* قوله «أصاب إلخ» كذا بالأصل، والذي في معجم ياقوت في عدة مواضع: أصاب قطاتين فسال لواهما)
وعارَضْتُه في المَسِير أَي سِرْتُ حياله وحاذَيْتُه. ويقال: عارض فلان
فلاناً إِذا أَخذ في طريق وأخذ في طريق آخر فالتقيا. وعارَضْتُه بمثل ما
صنع أَي أَتيت إِليه بمثل ما أَتى وفعلت مثل ما فعل.
ويقال: لحم مُعَرَّضُ للذي لم يُبالَغْ في إِنْضاجِه؛ قال السُّلَيْك بن
السُّلَكةِ السعدي:
سَيَكْفِيكَ ضَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّضٌ،
وماءُ قُدُورٍ في الجِفانِ مَشِيبُ
ويروى بالضاد والصاد. وسأَلته عُراضةَ مالٍ وعَرْضَ مال وعَرَضَ مالٍ
فلم يعطنيه. وقَوْسٌ عُراضةٌ أَي عَرِيضةٌ؛ قال أَبو كبير:
لَمّا رأى أَنْ لَيْسَ عنهمْ مَقْصَرٌ،
قَصَرَ اليَمِينَ بكلِّ أَبْيَضَ مِطْحَرِ
وعُراضةِ السِّيَتَينِ تُوبِعَ بَرْيُها،
تأْوي طَوائِفُها بعَجْسٍ عَبْهَرِ
تُوبِعَ بَرْيُها: جُعِلَ بعضه يشبه بعضاً. قال ابن بري: أَورده الجوهري
مفرداً. وعُراضةُ وصوابه وعُراضةِ، بالخفض وعلله بالبيت الذي قبله؛
وأَما قول ابن أَحمر:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هل أَبِيتَنَّ ليلةً
صَحيحَ السُّرى، والعِيسُ تَجْري عَرُوضُها
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها
قَطا الحَزْنِ، قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
ورَوْحةُ دُنْيا بَينَ حَيَّينِ رُحْتُها،
أُسِيرُ عَسِيراً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
أُسِيرُ أَي أُسَيِّرُ. ويقال: معناه أَنه ينشد قصيدتين: إِحداهما قد
ذَلَّلها، والأُخرى فيها اعتراضٌ؛ قال ابن بري: والذي فسّره هذا التفسير
روى الشعر:
أُخِبُّ ذَلُولاً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
قال: وهكذا روايته في شعره. ويقال: اسْتُعْرِضَتِ الناقةُ باللحمِ فهي
مُسْتَعْرَضَةٌ. ويقال: قُذِفَتْ باللحم ولُدِسَت إِذا سَمِنَتْ؛ قال ابن
مقبل:
قَبّاء قد لَحِقَتْ خَسِيسةُ سِنِّها،
واسْتُعْرِضَتْ ببَضِيعِها المُتَبَتِّرِ
قال: خسيسةُ سِنِّها حين بَزَلَتْ وهي أَقْصَى أَسنانها. وفلان
مُعْتَرِضٌ في خُلُقِه إِذا ساءَكَ كلُّ شيءٍ من أَمره. وناقة عُرْضةٌ للحِجارةِ
أَي قويّةٌ عليها. وناقة عُرْضُ أَسفارٍ أَي قويّة على السفَر، وعُرْضُ
هذا البعيرِ السفَرُ والحجارةُ؛ وقال المُثَقِّبُ العَبْديُّ:
أَو مائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلادُها
لَغْواً، وعُرْضُ المائةِ الجَلْمَدُ
(* قوله «أو مائة إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلمد بغير هذا الضبط
والصواب ما هنا.)
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَو مائةٍ، بالكسر، لأَن قبله:
إِلا بِبَدْرَى ذَهَبٍ خالِصٍ،
كلَّ صَباحٍ آخِرَ المُسْنَدِ
قال: وعُرْضُ مبتدأ والجلمد خبره أَي هي قوية على قطعه، وفي البيت
إِقْواء.
ويقال: فلان عُرْضةُ ذاك أَو عُرْضةٌ لذلك أَي مُقْرِنٌ له قويّ عليه.
والعُرْضةُ: الهِمَّةُ؛ قال حسان:
وقال اللّهُ: قد أَعْدَدْتُ جُنْداً،
هُمُ الأَنْصارُ عُرْضَتُها اللِّقاءُ
وقول كعب بن زهير:
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مجهول
قال ابن الأَثير: هو من قولهم بَعِيرٌ عُرْضةٌ للسفر أَي قويٌّ عليه،
وقيل: الأَصل في العُرْضةِ أَنه اسم للمفعول المُعْتَرَضِ مثل الضُّحْكة
والهُزْأَةِ الذي يُضْحَكُ منه كثيراً ويُهْزَأُ به، فتقول: هذا الغَرضُ
عُرْضَةٌ للسِّهام أَي كثيراً ما تَعْتَرِضُه، وفلانٌ عُرْضةٌ للكلام أَي
كثيراً ما يَعْتَرِضُه كلامُ الناس، فتصير العُرْضةُ بمعنى النَّصْب كقولك
هذا الرجل نَصْبٌ لكلام الناس، وهذا الغَرضُ نَصْبٌ للرُّماة كثيراً ما
تَعْتَرِضُه، وكذلك فلان عُرْضةٌ للشرِّ أَي نصب للشرّ قويٌّ عليه يعترضه
كثيراً. وقولهم: هو له دونه عُرْضةٌ إِذا كان يَتَعَرَّضُ له، ولفلان
عرضة يَصْرَعُ بها الناس، وهو ضرب من الحِيلةِ في المُصارَعَة.
مهن: المَهْنَة والمِهْنَة والمَهَنَة والمَهِنَةُ كله: الحِذْق بالخدمة
والعمل ونحوه، وأَنكر الأَصمعي الكسر. وقد مَهَنَ يَمْهُنُ مَهْناً إِذا
عمل في صنعته. مَهَنَهُم يَمْهَنُهم ويَمْهُنُهم مَهْناً ومَهْنَةً
ومِهْنَةً أَي خدمهم. والماهِنُ: العبد، وفي الصحاح: الخادم، والأُنثى
ماهِنَة. وفي الحديث: ما على أَحدِكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبَيْ
مَهْنَته؛ قال ابن الأَثير: أَي بِذْلَته وخِدْمته، والرواية بفتح الميم،
وقد تكسر. قال الزمخشري: وهو عند الأَثبات خطأ. قال الأَصمعي: المَهْنة،
بفتح الميم، هي الخِدْمة، قال: ولا يقال مِهْنة بالكسر، قال: وكان القياسُ
لو قيل مثل جِلْسة وخِدْمة، إِلا جاء على فَعْلةٍ واحدةٍ.
وأَمْهَنْتُه: أَضعفته. ومَهَنَ الإِبلَ يَمْهَنُها مَهْناً ومَهْنةً:
حلبها عند الصَّدَر؛ وأَنشد شمر:
فقُلْتُ لماهِنَيَّ: أَلا احْلُباها،
فقاما يَحلُبانِ ويَمْرِيانِ
وأَمة حسنة المِهْنةِ والمَهْنَةِ أَي الحلب. ويقال: خَرْقاءُ لا
تُحْسِنُ المِهْنَةَ أَي لا تحسن الخدمة. قال الكسائي: المَهْنَةُ الخدمة.
ومَهَنَهُم أَي خدمهم، وأَنكر أَبو زيد المِهْنةَ، بالكسر، وفتَح الميم.
وامْتَهَنْتُ الشيء: ابتذلته. ويقال: هو في مِهْنةِ أَهله، وهي الخدمة
والابتذال. قال أَبو عدنان: سمعت أَبا زيد يقول: هو في مَهِنَةِ أَهله، فتح
الميم وكسَرَ
الهاء، وبعض العرب يقول: المَهْنة بتسكين الهاء؛ وقال الأَعشى يصف
فرساً:فَلأْياً بلأْي حَمَلْنَا الغُلا
مَ كَرْهاً، فأَرْسَلَه فامْتَهَنْ
أَي أَخرج ما عنده من العَدْوِ وابتذله. وفي حديث سلمان: أَكره أَن
أَجْمعَ على ماهِنِي مَهْنَتَينِ؛ الماهِنُ: الخادم أَي أَجْمَعَ على خادِمِي
عملين في وقت واحد كالخَبْزِ والطَّحْن مثلاً. ويقال: امْتَهَنُوني أَي
ابتذلوني في الخدمة. وفي حديث عائشة: كان الناسُ مُهّانَ أَنفُسِهم، وفي
حديث آخر: كان الناس مَهَنَّةَ أَنفسهم؛ هما جمع ماهِنٍ ككاتِبٍ
وكُتَّابٍ وكَتَبةٍ. وقال أَبو موسى في حديث عائشة: هو مِهَانٌ، بكسر الميم
والتخفيف، كصائم وصِيامٍ، ثم قال: ويجوز مُهَّانَ أَنفسهم قياساً. ومَهَنَ
الرجلُ مِهْنَتَه ومَهْنَتَه: فرغ من ضَيْعَتِه. وكل عمل في الضَّيْعَةِ
مِهْنةٌ: وامتَهَنه: استعمله للمِهْنَةِ. وامْتَهَنَ هو: قَبِلَ ذلك.
وامْتهَنَ نفسَه: ابتذلها؛ وأَنشد:
وصاحِبُ الدُّنْيا عُبَيْدٌ مُمْتَهَنْ
أَي مستخدَمٌ. وفي حديث ابن المُسَيَّبِ: السَّهْلُ يُوطَأُ ويُمْتَهَنُ
أَي يداس ويبتذل، من المِهْنةِ الخِدْمة. قال أَبو زيد العِتْريفيُّ:
إِذا عجز الرجل قلنا هو يَطْلَغُ المِهْنةَ، قال: والطَّلَغانُ أَن يعيا
الرجل ثم يعملَ على الإِعياء، قال: وهو التَّلَغُّبُ. وقامت المرأَة
بِمَهْنةِ بيتها أَي بإِصلاحه، وكذلك الرجل. وما مَهْنَتُك ههنا ومِهْنَتُكَ
ومَهَنَتُكَ ومَهِنَتُكَ أَي عَمَلُكَ.
والمهين من الرجال: وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: ليس بالجافي ولا
المَهينِ؛ يروى بفتح الميم وضمها، فالضم من الــإِهانة أَي لا يُهينُ أَحداً
من الناس فتكون الميم زائدة، والفتح من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر
فتكون الميم أَصلية. وفي التنزيل العزيز: ولا تُطِعْ كلَّ
حَلاَّفٍ مَهِينٍ؛ قال الفراء: المَهِينُ ههنا الفاجر؛ وقال أَبو إِسحق:
هو فَعيل من المَهانةِ وهي القِلَّة، قال: ومعناه ههنا القلة في الرأْي
والتمييز. ورجل مَهِينٌ من قوم مُهَناء أَي ضعيف. وقوله عز وجل: خُلِقَ
من ماءٍ مَهينٍ؛ أَي من ماء قليل ضعيف. وفي التنزيل العزيز: أَم أَنا
خَيْرٌ من هذا الذي هو مَهِينٌ؛ والجمع مُهَناء، وقد مَهُنَ مَهانةً. قال ابن
بري: المَهِينُ فِعْلُِه مَهُنَ بضم الهاء، والمصدر المَهانةٌ. وفحل
مَهِينٌ: لا يُلْقَحُ من مائه، يكون في الإِبل والغنم، والفعل كالفعل.
هون: الهُونُ: الخِزْيُ. وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَتْهُمْ صاعقةُ
العذاب الهُونِ؛ أَي ذي الخزي. والهُونُ، بالضم: الهَوَانُ. والهُونُ
والهَوانُ: نقيض العِزِّ، هانَ يَهُونُ هَواناً، وهو هَيْنٌ وأَهْوَنُ. وفي
التنزيل العزيز: وهو أَهْوَنُ عليه؛ أَي كل ذلك هَيِّنٌ
على الله، وليست للمفاضلة لأَنه ليس شيءٌ أَيْسَرَ عليه من غيره، وقيل:
الهاء هنا راجعة إلى الإنسان، ومعناه أَن البعث أَهونُ على الإنسان من
إنشائه، لأَنه يقاسي في النَّشْءِ ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث؛ ومثل
ذلك قول الشاعر:
لَعَمْرُك ما أَدْري، وإني لأَوْجَلُ،
على أَيِّنا تَعْدُو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
وأَهانه وهَوَّنه واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ بهِ: استخفَّ به، والاسم
الهَوَانُ والمَهانة. ورجل فيه مَهانة أَي ذُلٍّ وضعف. قال ابن بري:
المَهانةُ من الهَوانِ، مَفْعَلة منه وميمها زائدة. والمَهانة من الحَقارة:
فَعالة مصدر مَهُنَ مَهانة إذا كان حقيراً. وفي الحديث: ليس بالجافي ولا
المَهين؛ يروى بفتح الميم وضمها، فالفتح من المَهانة، وقد تقدَّم في مَهَنَ،
والضم من الــإِهانة الاستخفافِ بالشيء والاستحقار، والاسم الهَوانُ، وهذا
موضعه. واسْتَهانَ به وتَهاوَنَ به: استحقره؛ وقوله:
ولا تُهِينَ الفقيرَ، عَلَّكَ أَن
تَرْكَعَ يوماً، والدَّهْرُ قد رَفَعَهْ
أَراد: لا تُهِينَنْ، فحذف النونَ الخفيفة لما استقبلها ساكنٌ.
والهَوْنُ: مصدر هانَ عليه الشيءُ أَي خَفَّ. وهَوَّنه الله عليه أَي
سهَّله وخففه. وشيءٌ هَيِّنٌ، على فَيْعِلٍ أَي سهل، وهَيْنٌ، مخفف، والجمع
أَهْوِناءُ كما قالوا شيءٌ وأَشيئاءُ على أَفْعِلاءَ؛ قال ابن بري:
أَشيئاء لم تنطق بها العرب وإنما نطقت بأَشياء فقال بعضهم: أَصله أَشيئاء،
فحذفت الهمزة تخفيفاً، وقال الخليل: أَصله شَيْئاء في فَعْلاء ثم قدِّمت
الهمزة التي هي لام فصارت أَشياء، ووزنها الآن لَفْعاء؛ وقال بعضهم:
الهَوْنُ والهُونُ واحد، وقيل: الهُونُ الهَوانُ والهَوْنُ الرِّفق؛
وأَنشد:مررتُ على الوَدِيعةِ، ذاتَ يومٍ،
تَهادَى في رِداء المِرْطِ هَوْنا
وقال امرؤ القيس:
تَمِيلُ عليه هُونَةٌ غيرُ مِعْطالِ
قال: هُونة ضعيفة من خِلْقتها لا تكون غليظة كأَنها رجل، وروى غيره:
هَوْنة أَي مُطاوعة؛ وقال جَنْدَلٌ الطُّهَويّ:
داوَيْتُهم من زَمَنٍ إلى زَمَنْ،
دَواءَ بُقْيا بالرُّقَى وبالهُوَنْ،
وبالهُوَيْنا دائباً فلم أُوَنْ
بالهْوَن، يريد: بالتسكين والصلح ابن الأَعرابي: هَيِّنٌ
بَيِّنُ الهُونِ. ابن شميل: إنه ليَهُونُ عليَّ هَوْناً وهَواناً.
الفراء في قوله تعالى: أَيُمْسِكُه على هُون؛ قال: الهُونُ في لغة قريش
الهَوان، قال: وبعض بني تميم يجعل الهُونَ مصدراً للشيء الهَيِّنِ، قال: وقال
الكسائي سمعت العرب تقول إن كُنْت لقليل هَوْنِ المؤُونة مُذ اليوم، قال:
وقد سمعت الهَوانَ في مثل هذا المعنى؛ قال رجل من العرب لبعير له: ما به
بأْسٌ غيرُ هَوانِه، يقول: إنه خفيف الثمن. وإذا قالت العرب: أَقْبَلَ
يَمْشي على هَوْنِه، لم يقولوه إلا بالفتح؛ قال الله عز وجل: الذين
يَمْشُون على الأَرض هَوْناً؛ قال عكرمة ومجاهد: بالسكينة والوقار؛ وقال
الكميت:شُمٌّ مَهاوِينُ أَبْدانِ الجَزُورِ، مَخا
مِيصُ العَشيّات، لا خُورٌ ولا قُزُمُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مهاوين جمع مهْوَنٍ، ومذهب سيبويه أَنه جمع
مِهْوانٍ. ورجل هَيِّنٌ وهَيْنٌ، والجمع أَهْوِناءٌ، وشيءٌ
هَوْنٌ: حقير. قال ابن بري: الهَوْن هَوانُ الشيءِ الحقير الهَيِّنِ
الذي لا كرامة له. وتقول: أَهَنْتُ فلاناً وتَهاوَنْتُ به واستَهْنتُ به.
والهُونُ: الهَوانُ والشِّدَّة. أَصابه هُونٌ
شديد أَي شدة ومضَرَّة وعَوَزٌ؛ قالت الخنساء:
تُهِينُ النفوسَ وهُون النُّفوسْ
تريد: إهانة النفوس: ابن بري: الهُون، بالضم، الهَوان؛ قال ذو الإصبع:
اذهَبْ إليك، فما أُمِّي براعِيةٍ
ترْعَى المَخاضَ، ولا أُغضِي على الهُونِ
ويقال: إنه لَهَوْنٌ من الخيل، والأُنثى هَوْنة، إذا كان مِطْواعاً
سَلِساً. والهَوْنُ والهُوَيْنا: التُّؤَدة والرِّفْق والسكينة والوقار. رجل
هَيِّن وهَيْن، والجمع هَيْنونَ؛ ومنه: قوم هَيْنُونَ لَيْنُونَ؛ قال ابن
سيده: وتسليمه يشهد أَنه فَيْعِلٌ. وفلان يمشي على الأَرض هََوْناً؛
الهَوْن: مصدر الهَيِّن في معنى السكينة والوقار. قال ابن بري: الهَوْنُ
الرِّفق؛ قال الشاعر:
هَوْنَكُما لايَرُدُّ الدَّهْرُ ما فاتا،
لا تَهْلِكا أَسَفاً في إثْرِ من ماتا
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: يَمْشي هَوْناً؛ الهَوْن: الرِّفْق
واللِّين والتثبت، وفي رواية: كان يمشي الهُوَيْنا، تصغير الهُونَى تأنيث
الأَهْوَن، وهو من الأَّوَّل، وفرَق بعضُهم بين الهَيِّن والهَيْن فقال:
الهَيِّن من الهِوان، والهَيْنُ من اللِّين. وامرأَة هَوْنة وهُونة؛ الأَخيرة
عن أَبي عبيدة: مُتَّئِدَة؛ أَنشد ثعلب:
تَنُوءُ بمَتْنَيها الرَّوابي وهَوْنَةٌ،
على الأَرضِ، جَمَّاءُ العظامِ لَعُوبُ
وتَكَلَّم علي هِينَتِه أَي رِسْله. وفي الحديث: أَنه سار على هِينَتِه
أَي على عادته في السُّكون والرِّفق. يقال: امش على هينتك أَي على
رِسْلك. وجاء عن على، عليه السلام: أَحْبِبْ حَبيبك هَوْناً مّا أَي حبّاً
مُقْتَصِداً لا إفراط فيه، وإضافة ما إليه تُفيدُ التقليل، يعني لا تُسْرِف
في الحُبّ والبُغْض، فعسى أَن يصيرَ الحبيب بَغيضاً والبَغِيض حبيباً،
فلا تكون قد أَسرفت في الحُب فتندمَ، ولا في البُغْض فتستَحْيي. وتقول:
تكَلَّمْ على هِينَتك. ورجل هَيِّن لَيِّن وهَيْن لَيْن. شمر: الهَوْن
الرِّفْق والدَّعَة. وقال في تفسير حديث علي، عليه السلام: يقول لا تُفْرِطْ
في حُبّه ولا في بغضه. ويقال: أَخذ أَمرَه بالهُونى، تأنيث الأَهْون،
وأَخذ فيه بالهُوَيْنا، وإنك لَتَعْمِد للهُوَيْنا من أَمرك لأَهْونه، وإنه
ليَأْخذ في أَمره بالهَوْن أَي بالأَهْوَن. ابن الأَعرابي: العرب تمدح
بالهَيْن اللَّيْن، مخفف، وتذم بالهَيّن اللَّيّن، مثقل. وقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: المُسلِمُون هَيْنُونَ لَيْنُونَ، جعله مدحاً لهم. وقال
غير ابن الأَعرابي: هَيِّن وهَيْن ولَيِّن ولَيْن بمعنى واحد، والأَصل
هَيِّن، فخفف فقيل هَيْن، وهَيّن، فَيْعِل من الهَوْن، وهو السكينة والوقار
والسهولة، وعينه واو. وشيءٌ هَيِّن وهَيْن أَي سهل. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: النساء ثلاث فهَيْنة لَيْنة عفِيفة.
وفي النوادر: هُنْ عندي اليومَ، واخْفِض عندي اليومَ، وأَرِحْ عندي،
وارْفَهْ عندي، واستَرْفِهْ عندي، ورَفِّهْ عندي، وأَنْفِهْ عندي،
واسْتَنفِهْ عندي؛ وتفسيره أَقم عندي واسترح واسْتَجِمَّ؛ هُنْ
من الهَوْن وهو الرفق والدَّعة والسكون.
وأَهُوَنُ: اسمُ يومِ الاثنين في الجاهلية؛ قال بعض شعراء الجاهلية:
أُؤَمِّلُ أَن أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بأَوَّلَ أَو بأَهْونَ أَو جُبارِ
أَو التالي دُبارٍ أَم فيوْمي
بمُؤنِسٍ أَو عَروُبة أَو شِيارِ
قال ابن بري: ويقال ليوم الاثنين أَيضاً أَوْهَدُ من الوَهْدة، وهي
الانحطاط لانخفاض العدد من الأَول إلى الثاني.
والأَهْوَنُ: اسم رجل. وما أَدري أَيُّ الهُون هو أَي أَيُّ الخلق. قال
ابن سيده: والزاي أأَوالهُونُ: أَبو قبيلة، وهو الهُونُ بن خزيمة بن
مُدْرِكة ابن إلْياس بن مُضَرَ أَخو القارة. وقال أَبو طالب: الهَوْنُ
والهُونُ جميعاً ابن خُزيمة بن مدركة بن ذات القارة أَتْيَغَ بنِ الهُون بن
خزيمة
(* قوله «مدركة بن ذات القارة أتيغ بن الهون إلخ» هكذا في الأصل).
سموا قارَة لأَن هَرير بن الحرث قال لغوثِ بن كعب حين أَراد أَن يُفَرِّقَ
بين أَتْيغ: دَعْنا قارةً واحدةً، فمن يومئذ سُمُّوا قارة؛ ابن الكلبي:
أَراد يَعْمَرُ الشَّدَّاخُ أَن يُفَرِّقَ بُطونَ الهُون في بُطون كنانة،
فقال رجل من الهُون:
دَعُونا قارةً لا تُنْفِرُونا
فنَجْفُلَ، مثلَما جفَلَ الظَّليمُ
(* قوله «فنجفل مثل ما جفل الظليم» هكذا في الأصل، والذي أورده المصنف
وصاحب الصحاح في مادة قول وكذا الميداني في مجمع الأمثال:
فنجفل مثل إجفال الظليم)
المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ: القارة بنو الهُون. والهاوَن
(* قوله «والهاون
إلخ» عبارة التكملة ابن دريد: الهاوون أي بواوين الأولى مضمومة الذي يدق
به عربي صحيح. ولا يقال هاون أي بفتح الواو لأنه ليس في كلام العرب إسم
على فاعل بعد الألف واو. قال ابو زيد في الهاوون إنه سمعه من أناس ولم
يجئ به غيره. وقال الفراء في كتابه البهي: وتقول لهذا الهاون الذي يدق به
الهاوون بواوين). والهاوُنُ والهاوُون، فارسي معرب: هذا الذي يُدَقُّ
فيه؛ قيل: كان أَصله هاوُون لأَن جمعه هَوَاوينُ مثل قانون وقَوَانين،
فحذفوا منه الواو الثانية استثقالاً وفتحوا الأُولى، لأَنه ليس في كلامهم
فاعُلٌ بضم العين.
والمُهْوَئِنُّ: الوَطِيءُ من الأَرض نحو الهَجْلِ والغائط والوادي،
وجمعه مُهْوَئِنَّاتٌ.
بلص: البِلِّصُ والبَلَصُوصُ: طائر، وقيل: طائر صغير، وجمعه البَلَنْصى،
على غير قياس، والصحيح أَنه اسم للجمع وربما سُمِّي به النحيفُ الجسم؛
قال الجوهري: قال سيبويه: النون زائدة لأَنك تقول الواحد البَلَصُوصُ. قال
الخليل بن أَحمد: قلت لأَعرابي: ما اسمُ هذا الطائر؟ قال: البَلَصُوصُ،
قال: قلت: ما جمعُه؟ قال: البَلَنْصى، قال: فقال الخليل أَو قال قائل:
كالبَلَصُوصِ يَتْبَعُ البَلَنْصَى
التهذيب في الرباعي: البِلَنْصاةُ بقْلةٌ ويقال طائر، والجمع
البَلَنْصَى.
طلف: ذَهَب مالُه ودمُه طَلْفاً وطَلَفاً وطَلِيفاً أَي هَدَراً باطلاً؛
قال الأَفْوَهُ الأَوْدِيُّ:
حَكمَ الدَّهْرُ علينا أَنه
طَلَفٌ ما نال منّا وجُبار
قال الأَزهري: سمعته بالطاء والظاء، وقد أُطْلِفَ. وذهَبت سِلْعتي
طلَفاً أَي بغير ثمن.
والطَّليفُ والطَّلَفُ: المَجَّان. الأَصمعي: لا تَذْهَب بما صَنَعْت
طَلَفاً ولا ظَلَفاً أي باطلاً. والطَّلِيفُ: الهَيِّنُ، وقيل: هو ضِدّ
الثمين. وطَلَّف على الخمسين: زاد، والظاء في كل ذلك لغة. والطَّلَنْفى
والمُطْلَنْفي: اللازق بالأَرض، وقد يهمزان؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعي:
مُطْلَنْفِئينَ عندها كالأَطْلا
وفي نوادر الأَعراب: أَسْلَفْتُه كذا أَي أَقْرَضْته، وأَطْلَفْتُه كذا
أَي وهبته.
والطَّلَفُ: العطاء والهبة يقال: أَطْلَفَني وأَسْلفني، والسلَفُ ما
يُقْتَضى. وأَطْلَفه أَي أَهْدَرَه.
حمل: حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل،
واحْتَمَله؛ وقول النابغة:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل
البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول
الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول
أَبي ذؤيب:
ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره،
عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا
تراه قال بعد هذا:
بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا
وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح
على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم
مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس
مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن
من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها
إِنما تُصْبح فيرزقها الله. والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله
على الدابة يَحْمِله حَمْلاً. والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في
الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل. وحَمَلْت
الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم
القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على
الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال
سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا
أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً
مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل. وفي حديث عبد الملك في هَدْم
الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما
تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا
الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن
منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها،
والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في
التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن
حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه
عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً
أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات
والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد
حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى:
ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى
حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ
المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا
الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن
أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً
جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين
والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه
الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه
خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر:
إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة،
وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك
قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا
تُؤَدِّيها. وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره
ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن
يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع. وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم
بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل
فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل
الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه
شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا
قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها
شيئاً. وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث
أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه
(*
قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب
لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى
أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم
يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا
كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم
يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول
قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ
القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع
النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو
القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل. وحَمَلَ
فلاناً وتَحَمَّل به وعليه
(* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت
بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل
مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به
إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ. وتَحامل عليه:
كَلَّفَه ما لا يُطِيق. واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال
زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه،
ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم
وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق
فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به. وتَحامَلْت
الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة. وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت
الشيءَ على مشقة. وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل
لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل. وفي حديث
الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على
الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور
الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وشهر مُسْتَحْمِل:
يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال:
والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً
(* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة
الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً. وما عليه مَحْمِل أَي
موضع لتحميل الحوائج. وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بالفتح: ما
يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال. وفي
التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن. وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ
تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت. وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال
ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ
المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي:
حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً
كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل
وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز
حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة
الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل
وحامِلة إِذا كانت حُبْلى. وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو
بن حسان ويروى لخالد بن حقّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم
أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام
فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال
حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها
أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما
لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما
هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم
يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل
عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة
مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض
وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف
مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة
أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في
أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده. والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه
لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما
بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل
الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس
شجرة، وجمعه أَحمال. والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال:
وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو
حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن
سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال. وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال
لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال،
بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في
الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن
يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة
الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان. وشجرة حامِلَة:
ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله. وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر
فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه
أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً
بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل
حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله،
فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً
كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع
أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته
الحِمالة. وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل،
يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن. وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من
الغُثاء والطين. وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار:
فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل
السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا
اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم
وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار
لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة،
كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل
الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل
مَحْمول فهو حَمِيل. والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم
يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح:
الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً
من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه
محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي
ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده:
والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا
يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين
بنسبهم:
عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر،
ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل
المِرْجَل، قال:
على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه
(* قوله: سمَّاه؛
هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر
فقال:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما
يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل
والجمع الحَمائِل. وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها
وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل
مَحامل؛ قال الشاعر:
دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل
وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب
في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج
(* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج»
ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه
علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان
مقود. وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها،
وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلاً وآجلا).
قال الراجز:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا
والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل
شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحاملة:
الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. والحَمُولة، بالفتح:
الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من
بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول
تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به. وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية،
قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من
الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة. وفي حديث
قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة. وفي
التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما
فوقه. والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال
(* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه
الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح)
بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال. والحَمُولة: ما أَطاق العَمل
والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي
تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء:
الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما
الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث
أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها
حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة
والحُمُول واحد؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي
تُحْمَل عليها الأَثقال. والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ،
حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وقال أَيضاً:
تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا
قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن:
الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها
الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب:
يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً،
كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة
في الأَحمال وجعلها كالحُمُول:
ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وقال المتنخل:
ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ
أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ،
جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر:
أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ،
مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وقال آخر:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم،
ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء
وقول أَوس:
وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة
فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك. وأَحْمَله
الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به. ويجيء الرجلُ إِلى الرجل
إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني
ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي
على حَمْل ما أَحْمِله. وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد
تطرح منها الهاء. وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي:
الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛
قال الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال
ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس.
الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل
أَي الكَفِيل ضامن. وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم
بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث:
لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛
هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن
تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها
عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك
لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها
حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر
الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر،
ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن
يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره. وحَمَل به حمالة:
كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه
واضْطَغَنَه. ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال
الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل. ويقال للذي يَحْلُم عمن
يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مسه،
وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل
(* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط).
أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون
بمعنى حَلُم. وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله
واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر:
أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ،
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك،
والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد
أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع
حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم. والحَمَل:
السحاب الكثير الماء. والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج
أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم
الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى
حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا
أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه.
المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً،
تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك
جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت
تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه. والحَمَل:
النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء
الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء:
السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر
الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه،
واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها
سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي
به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه
بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء
إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر
لأَن الحَشَف نوع منه. وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة
مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ
بينهم. وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه. وحَمَّلْته
الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وفي حديث
تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه
يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم:
ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ
عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو
الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر
لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم
الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في
المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي
تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير:
أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا،
أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن
الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق
(* قوله «وقفيرة جدّة
الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن
عِقَال. وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول
الراجز:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان،
ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان
قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن
أَبي عائذ الهذلي:
من الطَّاويات، خِلال الغَضَا،
بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وقول امريء القيس:
بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضرورة. وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل،
يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة
أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا
تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وقد سَمَّتْ حَمَلاً
وحُمَيلاً. وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم:
ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن
خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها:
عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها
مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً،
ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال
قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي
لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن
مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد
أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
حثا: ابن سيده: حَثَا عليه الترابَ حَثْواً هاله، والياء أَعلى.
الأَزهري: حَثَوْتُ الترابَ وحثَيْتُ حَثْواً وحَثْياً، وحَثا الترابُ نفسُه
وغيره يَحْثُو ويَحْثَى؛ الأَخيرة نادرة، ونظيره جَبا يَجْبَى وقَلا
يَقْلَى. وقد حَثَى عليه الترابَ حَثْياً واحْتَثاه وحَثَى عليه الترابُ نفسُه
وحَثى الترابَ في وجهه حَثْياً: رماه. الجوهري: حَثا في وجهه التراب
يَحْثُو ويَحْثِي حَثْواً وحَثْياً وتَحْثاءً. والحَثَى: التراب المَحْثُوُّ
أَو الحاثي، وتثنيته حَثَوان وحَثَيان. وقال ابن سيده في موضع آخر:
الحَثَى الترابُ المَحْثِيُّ. وفي حديث العباس وموت النبي، صلى الله عليه وسلم،
ودفنِه: وإِنْ يكنْ ما تقول يا ابنَ الخطاب حَقّاً فإِنه لنْ يَعْجِزَ
أَن يَحْثُوَ عنه أَي يرميَ عن نفسه الترابَ ترابَ القبرِ ويقُومَ. وفي
الحديث: احْثُوا في وجوه المَدَّاحِين الترابَ أَي ارْمُوا؛ قال ابن
الأَثير: يريد به الخَيْبة وأَن لا يُعْطَوْا عليه شيئاً، قال: ومنهم من يجريه
على ظاهره فيرمي فيها التراب. الأَزهري: حَثَوْت عليه الترابَ وحَثَيتُ
حَثْواً وحَثْياً؛ وأَنشد:
الحُصْنُ أَدْنَى، لَوْ تَآيَيْتِه،
من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ
الحُصْن: حَصانة المرأَة وعِفَّتها. لو تآييتِه أَي قصدْتِه. ويقال
للتراب: الحَثَى. ومن أَمثال العرب: يا ليتني المَحْثِيُّ عليه؛ قال: هو رجل
كان قاعداً إِلى امرأَة فأَقبل وَصِيلٌ لها، فلما رأَته حَثَتْ في وجهه
التراب تَرْئِيَةً لجَلِيسِها بأَن لا يدنُوَ منها فَيطَّلِعَ على
أَمرهما؛ يقال ذلك عند تمني منزلةِ من تُخْفَى له الكرامةُ وتُظْهَر له
الــإِهانة. والحَثْيُ: ما رفعت به يديك. وفي حديث الغسل: كان يَحْثي على رأْسه
ثَلاثَ حَثَياتٍ أَي ثلاث غُرَفٍ بيديه، واحدتها حَثْيَة. وفي حديث عائشة
وزينب، رضي الله عنهما: فَتقاوَلَتا حتى اسْتَحْثَتَا؛ هو اسْتَفْعَل من
الحَثْيِ، والمراد أَن كل واحدة منهما رمت في وجه صاحبتها التراب. وفي
الحديث: ثلاث حَثَياتٍ من حَثَيات ربي تبارك وتعالى؛ قال ابن الأَثير: هو
مبالغة في الكثرة وإِلا فلا كَفَّ ثَمَّ ولا حَثْيَ، جل الله تبارك وتعالى
عن ذلك وعز. وأَرض حَثْواء: كثيرة التراب. وحَثَوْت له إِذا أَعطيته شيئاً
يسيراً. والحَثَى، مقصور: حُطام التِّبْن؛ عن اللحياني. والحَثَى
أَيضاً: دُقاق التِّبْن، وقيل: هو التِّبْن المُعْتَزَل عن الحبّ، وقيل أَيضاً:
التبن خاصة؛ قال:
تسأَلُني عن زَوْجِها أَيُّ فَتَى
خَبٌّ جَرُوزٌ، وإِذا جاعَ بَكى
ويأْكُلُ التمرَ ولا يُلقِي النَّوَى،
كأَنه غِرارةٌ ملأَى حَثَا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فإِذا حَصير بين يديه عليه الذهب مَنْثوراً
نَثْرَ الحَثَى؛ هو، بالفتح والقصر: دُقاق التبن، والواحدة من كل ذلك
حَثَاة. والحَثَى: قشور التمر، يكتب بالياء والأَلف، وهو جمع حَثَاة، وكذلك
الثَّتَا، وهو جمع ثَتَاة: قشورُ التمرِ ورديئُه.
والحاثِياءُ: تراب جُحْر اليَرْبوع الذي يَحْثُوه برجله، وقيل:
الحَاثِياءُ جحر من جِحَرة اليربوع؛ قال ابن بري: والجمع حَوَاثٍ. قال ابن
الأَعرابي: الحاثِياءُ تراب يخرجه اليربوع من نافِقائِهِ، بُني على فاعِلاءَ.
والحَثَاة: أَن يؤكل الخبز بلا أُدْمٍ؛ عن كراع بالواو والياء لأَن لامها
تحتملهما معاً؛ كذلك قال ابن سيده:
غضب: الغَضَبُ: نَقِـيضُ الرِّضَا. وقد غَضِبَ عليه غَضَباً ومَغْضَبَةً، وأَغْضَبْتُه أَنا فَتَغَضَّبَ. وغَضِبَ له: غَضِبَ على غيره من أَجله، وذلك إِذا كان حَيّاً، فإِن كان ميتاً قلت: غَضِبَ به؛ قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة يَرْثِـي أَخاه عَبْدَاللّه:
فإِن تُعْقِب الأَيامُ والدَّهْرُ، فاعْلَمُوا، * بني قَارِبٍ، أَنـَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ(2)
(2 قوله «فاعلموا» كذا أنشده في المحكم وأنشده في الصحاح والتهذيب تعلموا.)
وإِنْ كانَ عبدُاللّه خَلَّى مَكانَه، * فما كانَ طَيَّاشاً ولا رَعِشَ اليَدِ
قوله مَعْبد يعني عبدَاللّه، فاضْطُرَّ. ومَعْبَدٌ: مشتق من العَبْدِ،
فقال: بمَعْبَدٍ، وإِنما هو عَبْدُاللّه ابن الصِّمَّة أَخوه. وقوله تعالى: غير الـمَغْضوبِ عليهم يعني اليهود.
قال ابن عرفة: الغَضَبُ، من المخلوقين، شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم؛ ومنه محمود ومذموم، فالمذموم ما كان في غير الحق،
والمحمود ما كان في جانب الدين والحق؛ وأَما غَضَبُ اللّه فهو إِنكاره على من عصاه، فيعاقبه. وقال غيره: المفاعيل، إِذا
وَلِـيَتْها الصفاتُ، فإِنك تُذَكِّر الصفات وتجمعها وتؤنثها، وتترك المفاعيل على أَحوالها؛ يقال: هو مَغْضُوبٌ عليه، وهي مَغْضُوبٌ عليها. وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللّه ومِن الناس، وهو مِن اللّه سُخْطُه على مَن عَصاه، وإِعْراضُه عنه، ومعاقبته له. ورجلٌ غَضِبٌ، وغَضُوبٌ، وغُضُبٌّ، بغير هاء، وغُضُبَّة وغَضُبَّة؛ بفتح الغين وضمها وتشديد الباء، وغَضْبانُ: يَغْضَبُ سريعاً، وقيل: شديد الغَضَب. والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ؛ قال الشاعر:
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ(1)
(1 قوله «وحب من إلخ» ضبط في التكملة حب بفتح الحاء ووضع عليها صح.)
والجمع: غِضَابٌ وغَضَابَـى، عن ثعلب؛ وغُضابَـى مثل سَكْرَى وسُكارى؛ قال:
فإِنْ كُنْتُ لم أَذكُرْكِ، والقومُ بَعْضُهُمْ * غُضَابَـى على بَعْضٍ، فَما لي وذَائِمُ
وقال اللحياني: فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ، وما هو بغَاضِبٍ
عليك أَن تَشْتِمَهُ. قال: وكذلك يقال في هذه الحروف، وما أَشبهها، إِذا أَردتَ افْعَلُ ذاك، إِن كنتَ تُرِيدُ أَن تفعل. ولغة بني أَسد: امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة، وأَشباهُها.
وقد أَغْضَبَه، وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه، وأَغْضَبَنِـي، وغَاضَبه:
راغَمه. وفي التنزيل العزيز: وذا النُّون إِذ ذَهَبَ مُغَاضِـباً؛ قيل:
مُغاضِـباً لربه، وقيل: مُغاضِـباً لقومه. قال ابن سيده: والأَوَّل
أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لم تَحِلَّ به إِلاَّ لـمُغاضَبَتِه رَبَّه؛ وقيل: ذَهَبَ مُراغِماً لقومه. وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس.
وقولهم: غَضَبَ الخَيْلِ على اللُّجُم؛ كَنَوْا بغَضَبِها، عن عَضِّها
على اللُّجُم، كأَنها إِنما تَعَضُّها لذلك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
تَغْضَبُ أَحْياناً على اللِّجامِ، * كغَضَبِ النارِ على الضِّرَامِ
فسره فقال: تَعَضُّ على اللِّجامِ من مَرَحِها، فكأَنها تَغْضَبُ،
وجَعَلَ للنار غَضَباً، على الاستعارة، أَيضاً، وإِنما عَنى شِدَّةَ التهابها، كقوله تعالى: سَمِعُوا لها تَغَيُّظاً وزَفيراً؛ أَي صَوْتاً كصَوْتِ الـمُتَغَيِّظ، واستعاره الراعي للقِدْرِ، فقال:
إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ * على اللَّحْمِ، حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا
وإِنما يريد: أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها، وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ ما فيها حتى يَنْفَصِلَ اللحمُ من العظم. وناقة غَضُوبٌ: عَبُوسٌ، وكذلك غَضْبى؛ قال عنترة:
يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ، * زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِـيقِ الـمُقْرَمِ
وقال أَيضاً:
هِرٌّ جَنِـيبٌ، كـلَّما عَطَفَتْ له * غَضْبـى، اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ
والغَضُوبُ: الـحَيَّة الخبيثة.
والغُضابُ: الجُدَرِيُّ، وقيل: هو داء آخر يَخرُجُ وليس بالجُدَرِيِّ.
وقد غَضِبَ جِلدُه غَضَباً، وغُضِبَ؛ كلاهما عن اللحياني، قال: وغُضِبَ، بصيغة فعل المفعول، أَكثر. وانه لَـمَغْضُوبُ البَصَر أَي الجِلدِ، عنه. وأَصْبَح جِلدُه غَضَبةً واحدةً، وحكى اللحياني: غَضَبةً واحدةً وغَضْبةً واحدةً أَي أَلبَسَه الجُدَرِيُّ. الكسائي: إِذا أَلبَسَ الجُدَرِيُّ جِلدَ الـمَجدُورِ، قيل: أَصبحَ جِلدُه غَضْبةً واحدةً؛ قال شمر: روى أَبو عبيد هذا الحرف، غَضْنةً، بالنون، والصحيح غَضْبةً بالباء، وجَزْم الضاد؛ وقال ابن الأَعرابي: الـمَغْضُوبُ الذي قَد رَكِـبَه الجُدَرِيُّ.وغُضِبَ بَصَرُ فلان إِذا انْتَفَخَ من داءٍ يُصيبه، يقال له: الغُضابُ والغِضابُ.
والغَضْبةُ بَخْصةٌ تكون في الجَفْنِ الأَعْلى خِلْقةً. وغَضِبَتْ عينُه
وغُضِـبَتْ (1)
(1 قوله وغضبت عينه وغضبت» أي كسمع وعني كما في القاموس وغيره.): وَرِمَ ما حَوْلها.
الفراء: الغُضابيُّ الكَدِرُ في مُعاشَرته ومُخالَقته، مأْخوذ من
الغُضاب، وهو القَذَى في العينين.
والغَضْبةُ: الصَّخْرةُ الصُّلْبةُ الـمُرَكَّبةُ في الجَبلِ، الـمُخالِفَةُ له؛ قال:
أَو غَضْبة في هَضْبةٍ ما أَرْفَعا
وقيل: الغَضْبُ والغَضْبةُ صَخْرة رقيقة؛ والغَضْبةُ: الأَكَمة؛
والغَضْبة: قِطْعةٌ من جِلْدِ البعير، يُطْوَى بعضُها إِلى بعض، وتُجْعَلُ شبيهاً بالدَّرَقة. التهذيب: الغَضْبةُ جُنَّة تُتَّخذ من جُلود الإِبل، تُلْبَسُ للقتال. والغَضْبةُ: جِلْدُ الـمُسِنِّ من الوُعُول، حين يُسْلَخ؛ وقال البُرَيْقُ الـهُذَليُّ:
فَلَعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ، كما * غَضِبَ الشِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
ورجل غُضَابٌ: غَلِـيظُ الجِلْدِ.
والغَضْبُ: الثَّوْرُ. والغَضْبُ: الأَحمر الشديد الـحُمْرة. وأَحمرُ
غَضْبٌ: شديدُ الـحُمْرة؛ وقيل هو الأَحْمر في غِلَظٍ؛ ويُقَوِّيه ما
أَنشده ثعلب:
أَحْمَرُ غَضْبٌ لا يُبالي ما اسْتَقَى، * لا يُسْمِـعُ الدَّلْوَ، إِذا الوِرْدُ التَقَى
قال: لا يُسْمِـعُ الدَّلْوَ: لا يُضَيِّقُ فيها حتى تَخفَّ، لأَنه قَوِيٌّ على حَمْلها. وقيل: الغَضْبُ الأَحْمَرُ من كل شيء. وغَضُوبُ والغَضُوبُ: اسم امرأَة؛ وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ من يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِـكَ تَشْعَبُ
وقال:
شابَ الغُرابُ، ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ * ذِكْرَ الغَضُوبِ، ولا عِتابك يُعْتِبُ
فمَن قال غَضُوب، فعلى قولِ مَنْ قال حارث وعَبَّاس، ومَن قال الغَضُوب، فعلى من قال الحارث والعباس. ابن سيده: وغَضْبَـى اسم للمائة من الإِبل، حكاه الزجاجي في نوادره، وهي معرفة لا تُنوَّن، ولا يَدخلُها الأَلف واللام؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ومُسْتَخْلِفٍ، من بَعْدِ غَضْبَـى، صَريمةً، * فأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا
وقال: أَراد النون الخفيفة فوقف. ووجدت في بعض النسخ حاشية: هذه الكلمة تصحيف مِن الجوهري ومِن جماعة، وأَنها غَضْيا، بالياءِ المثناة من تحتها مقصورة، كأَنها شبهت في كثرتها بمنبت، ونسب هذا التشبيه ليعقوب. وعن أَبي عمرو: الغَضْيا،
واستشهد بالبيت أَيضاً. والغِضَابُ: مكان بمكة؛ قال ربيعة بنُ الـحَجْدَر الهذلي:
أَلا عادَ هذا القلبَ ما هو عائدُه، * وراثَ، بأَطْرافِ الغِضابِ، عَوائدُه
بلع: بَلِع الشيءَ بَلْعاً وابْتَلَعَه وتَبَلَّعه وسرَطَه سَرْطاً:
جَرَعَه، عن ابن الأَعرابي. وفي المثل: لا يَصْلُح رفِيقاً مَن لم
يَبْتَلِعْ رِيقاً. والبُلْعةُ من الشراب: كالجُرْعةِ. والبَلُوع: الشَّراب.
وبَلِعَ الطعامَ وابْتَلَعَه: لم يَمْضَغْه، وأَبْلَعَه غيره.
والمَبْلَعُ والبُلْعُم والبُلْعُومُ، كلُّه: مَجْرى الطعامِ وموضع
الابْتِلاعِ من الحَلْق، وإِن شئت قلت: ان البُلْعُم والبُلْعُومَ
رباعي.ورجل بُلَعٌ ومِبْلَعٌ وبُلَعةٌ إِذا كان كثير الأَكل. وقال ابن
الأَعرابي: البَوْلَعُ الكثير الأَكل.
والبالُوعة والبَلُّوعةُ، لغتان: بئر تحفر في وسط الدار ويُضَيَّقُ
رأْسها يجري فيها المطر، وفي الصحاح:ثقب في وسط الدار، والجمع البَلالِيعُ،
وبالُوعة لغة أَهل البصرة.
ورجل بَلْعٌ: كأَنه يَبْتَلِعُ الكلام.
والبُلَعةُ: سَمُّ البكرة وثَقْبها الذي في قامتها، وجمعها بُلَعٌ.
وبَلَّع فيه الشيبُ تَبلِيعاً: بدا وظهر، وقيل كثُر، ويقال ذلك للإِنسان
أَوّل ما يظهر فيه الشيْب؛ فأَما قول حسان:
لَمَّا رأَتْني أُمُّ عَمْروٍ صَدَفَت،
قد بَلَّعَت بي ذُرْأَةٌ فأَلْحَفَتْ
فإِنما عدّاه بقوله بي لأَنه في معنى قد أَلمَّتْ، أَو أَراد فيَّ فوضع
بي مكانها للوزن حين لم يستقم له أَن يقول فيّ. وتَبَلَّع فيه الشيْبُ:
كبَلَّع، فهما لغتان؛ عن ابن الأَعرابي.
وسَعْدُ بُلَعَ: من منازل القمر وهما كوكبان مُتقارِبان مُعْترضان
خفيّان، زعموا أَنه طلع لما قال الله تعالى للأَرض: يا أَرضُ ابْلَعِي ماءك.
ويقال: إنه سمي بُلَغ لأَنه كأَنه لقرب صاحبه منه يكادُ يبْلَعُه يعني
الكوكب الذي معه.
وبنو بُلَعَ: بُطَيْنٌ من قُضاعة. وبُلَع: اسم موضع؛ قال الراعي:
بل ما تذكّر من هِنْدٍ، إِذا احْتَجَبَت
بابْنَيْ عُوارٍ، وأَمْسَى دُونَها بُلَعُ
(* قوله «بل ما تذكر» في معجم ياقوت في غبر موضع: ماذا تذكر.)
والمُتَبَلِّع: فرس مَزْيدةَ المُحاربي. وبَلْعاء بن قيس: رجل من كُبراء
العرب. وبَلْعاء: فرس لبني سَدُوس. وبَلْعاء أَيضاً: فرس لأَبي
ثَعْلبةَ، قال ابن بري: وبَلْعاء اسم فرس، وكذلك المُتَبَلِّعُ.
بلل: البَلَل: النَّدَى. ابن سيده. البَلَل والبِلَّة النُّدُوَّةُ؛ قال
بعض الأَغْفال:
وقِطْقِطُ البِلَّة في شُعَيْرِي
أَراد: وبِلَّة القِطْقِط فقلب. والبِلال: كالبِلَّة؛ وبَلَّه بالماء
وغيره يَبُلُّه بَلاًّ وبِلَّة وبَلَّلهُ فَابْتَلَّ وتَبَلَّلَ؛ قال ذو
الرمة:
وما شَنَّتَا خَرْقاءَ واهِيَة الكُلَى،
سَقَى بهما سَاقٍ، ولَمَّا تَبَلَّلا
والبَلُّ: مصدر بَلَلْت الشيءَ أَبُلُّه بَلاًّ. الجوهري: بَلَّه
يَبُلُّه أَي نَدَّاه وبَلَّلَه، شدّد للمبالغة، فابْتَلَّ. والبِلال: الماء.
والبُلالة: البَلَل. والبِلال: جمع بِلَّة نادر. واسْقِه على بُلَّتِه أَي
ابتلاله. وبَلَّة الشَّباب وبُلَّتُه: طَرَاؤه، والفتح أَعلى. والبَلِيل
والبَلِيلَة: ريح باردة مع نَدًى، ولا تُجْمَع. قال أَبو حنيفة: إِذا
جاءت الريح مع بَرْد ويُبْس ونَدًى فهي بَلِيل، وقد بَلَّتْ تَبِلُّ
بُلولاً؛ فأَما قول زياد الأَعجم:
إِنِّي رأَيتُ عِدَاتِكم
كالغَيْث، ليس له بَلِيل
فمعناه أَنه ليس لها مَطْل فَيُكَدِّرَها، كما أَن الغَيْث إِذا كانت
معه ريح بَلِيل كدَّرَتْه. أَبو عمرو: البَلِيلة الريح المُمْغِرة، وهي
التي تَمْزُجها المَغْرة، والمَغْرة المَطَرة الضعيفة، والجَنُوب أَبَلُّ
الرِّياح. وريح بَلَّة أَي فيها بَلَل. وفي حديث المُغيرة: بَلِيلة
الإِرْعاد أَي لا تزال تُرْعِد وتُهَدِّد؛ والبَليلة: الريح فيها نَدى، جعل
الإِرعاد مثلاً للوعيد والتهديد من قولهم أَرْعَد الرجلُ وأَبْرَق إِذا
تَهَدَّد وأَوعد، والله أَعلم. ويقال: ما سِقَائك بِلال أَي ماء. وكُلُّ ما
يُبَلُّ به الحَلْق من الماء واللَّبن بِلال؛ ومنه قولهم: انْضَحُوا
الرَّحِمَ بِبلالها أَي صِلُوها بصِلَتِها ونَدُّوها؛ قال أَوس يهجو الحكم بن
مروان بن زِنْبَاع:
كأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ، حين مَدَحْتُه،
صَفَا صَخْرَةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها
وبَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلاًّ وبِلالاً: وصلها. وفي حديث النبي،صلى
الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرحامَكم ولو بالسَّلام أَي نَدُّوها بالصِّلة.
قال ابن الأَثير: وهم يُطْلِقون النَّداوَة على الصِّلة كما يُطْلِقون
اليُبْس على القَطِيعة، لأَنهم لما رأَوا بعض الأَشياء يتصل ويختلط
بالنَّداوَة، ويحصل بينهما التجافي والتفرّق باليُبْس، استعاروا البَلَّ لمعنى
الوصْل واليُبْسَ لمعنى القَطِيعة؛ ومنه الحديث: فإِن لكم رَحِماً
سأَبُلُّها بِبلالِها أَي أَصِلُكم في الدنيا ولا أُغْنِي عنكم من الله شيئاً.
والبِلال: جمع بَلَل، وقيل: هو كل ما بَلَّ الحَلْق من ماء أَو لبن أَو
غيره؛ ومنه حديث طَهْفَة: ما تَبِضُّ بِبِلال، أَراد به اللبن، وقيل
المَطَر؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: إِنْ رأَيت بَلَلاً من عَيْش أَي
خِصْباً لأَنه يكون مِنَ الماء. أَبو عمرو وغيره: بَلَلْت رَحِمي أَبُلُّها
بَلاًّ وبِلالاً وَصَلْتها ونَدَّيْتُها؛ قال الأَعْشَى:
إِما لِطَالِب نِعْمَةٍ تَمَّمتها،
ووِصَالِ رَحْم قد بَرَدْت بِلالَها
وقول الشاعر:
والرَّحْمَ فابْلُلْها بِخيْرِ البُلاَّن،
فإِنها اشْتُقَّتْ من اسم الرَّحْمن
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون البُلاَّن اسماً واحداً كالغُفْران
والرُّجْحان، وأَن يكون جمع بَلَل الذي هو المصدر، وإِن شئت جعلته المصدر لأَن
بعض المصادر قد يجمع كالشَّغْل والعَقْل والمَرَض. ويقال: ما في سِقَائك
بِلال أَي ماء، وما في الرَّكِيَّة بِلال.
ابن الأَعرابي: البُلْبُلة الهَوْدَج للحرائر وهي المَشْجَرة. ابن
الأَعرابي: التَّبَلُّل
(* قوله «التبلل» كذا في الأصل، ولعله محرف عن التبلال
كما يشهد به الشاهد وكذا أورده شارح القاموس).
الدوام وطول المكث في كل شيء؛ قال الربيع بن ضَبُع الفزاري:
أَلا أَيُّها الباغي الذي طالَ طِيلُه،
وتَبْلالُهُ في الأَرض، حتى تَعَوَّدا
وبَلَّك اللهُ ابْناً وبَلَّك بابْنٍ بَلاًّ أَي رَزَقَك ابناً، يدعو
له. والبِلَّة: الخَيْر والرزق. والبِلُّ: الشِّفَاء. ويقال: ما قَدِمَ
بِهِلَّة ولا بِلَّة، وجاءنا فلان فلم يأْتنا بِهَلَّة ولا بَلَّة؛ قال ابن
السكيت: فالهَلَّة من الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلل والخير.
وقولهم: ما أَصاب هَلَّة ولا بَلَّة أَي شيئاً. وفي الحديث: من قَدَّر في
مَعِيشته بَلَّه الله أَي أَغناه. وبِلَّة اللسان: وقوعُه على مواضع الحروف
واستمرارُه على المنطق، تقول: ما أَحسن بِلَّة لسانه وما يقع لسانه إِلا
على بِلَّتِه؛ وأَنشد أَبو العباس عن ابن الأَعرابي:
يُنَفِّرْنَ بالحيجاء شاءَ صُعَائد،
ومن جانب الوادي الحَمام المُبَلِّلا
وقال: المبَلِّل الدائم الهَدِير، وقال ابن سيده: ما أَحسن بِلَّة لسانه
أَي طَوْعَه بالعبارة وإِسْماحَه وسَلاسَته ووقوعَه على موضع الحروف.
وبَلَّ يَبُلُّ بُلولاً وأَبَلَّ: نجا؛ حكاه ثعلب وأَنشد:
من صَقْع بازٍ لا تُبِلُّ لُحَمُه
لُحْمَة البَازِي: الطائرُ يُطْرَح له أَو يَصِيده. وبَلَّ من مرضه
يَبِلُّ بَلاًّ وبَلَلاً وبُلولاً واسْتَبَلَّ وأَبَلَّ: برَأَ وصَحَّ؛ قال
الشاعر:
إِذا بَلَّ من دَاءٍ به، خَالَ أَنه
نَجا، وبه الداء الذي هو قاتِله
يعني الهَرَم؛ وقال الشاعر يصف عجوزاً:
صَمَحْمَحة لا تشْتكي الدَّهرَ رأْسَها،
ولو نَكَزَتْها حَيَّةٌ لأَبَلَّتِ
الكسائي والأَصمعي: بَلَلْت وأَبْلَلْت من المرض، بفتح اللام، من
بَلَلْت. والبِلَّة: العافية. وابْتَلَّ وتَبَلَّل: حَسُنت حاله بعد الهُزال.
والبِلُّ: المُباحُ، وقالوا: هو لك حِلٌّ وبِلٌّ، فَبِلٌّ شفاء من قولهم
بَلَّ فلان من مَرَضه وأَبَلَّ إِذا بَرَأَ؛ ويقال: بِلٌّ مُبَاح مُطْلَق،
يمانِيَة حِمْيَريَّة؛ ويقال: بِلٌّ إِتباع لحِلّ، وكذلك يقال للمؤنث:
هي لك حِلٌّ، على لفظ المذكر؛ ومنه قول عبد المطلب في زمزم: لا أُحِلُّها
لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ، وهذا القول نسبه الجوهري للعباس بن عبد
المطلب، والصحيح أَن قائله عبد المطلب كما ذكره ابن سيده وغيره، وحكاه ابن
بري عن علي بن حمزة؛ وحكي أَيضاً عن الزبير بن بَكَّار: أَن زمزم لما
حُفِرَتْ وأَدرك منها عبد المطلب ما أَدرك، بنى عليها حوضاً وملأَه من ماء
زمزم وشرب منه الحاجُّ فحسده قوم من قريش فهدموه، فأَصلحه فهدموه بالليل،
فلما أَصبح أَصلحه فلما طال عليه ذلك دعا ربه فأُرِيَ في المنام أَن
يقول: اللهم إِني لا أُحِلُّها لمغتسل وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ فإِنك تكفي
أَمْرَهم، فلما أَصبح عبد المطلب نادى بالذي رأَى، فلم يكن أَحد من قريش
يقرب حوضه إِلا رُميَ في بَدَنه فتركوا حوضه؛ قال الأَصمعي: كنت أَرى أَن
بِلاًّ إِتباع لحِلّ حتى زعم المعتمر بن سليمان أَن بِلاًّ مباح في لغة
حِمْيَر؛ وقال أَبو عبيد وابن السكيت: لا يكون بِلٌّ إِتباعاً لحِلّ لمكان
الواو. والبُلَّة، بالضم: ابتلال الرُّطْب. وبُلَّة الأَوابل: بُلَّة
الرُّطْب. وذهبت بُلَّة الأَوابل أَي ذهب ابتلال الرُّطْب عنها؛ وأَنشد
لإِهاب ابن عُمَيْر:
حتى إِذا أَهْرَأْنَ بالأَصائل،
وفارَقَتْها بُلَّة الأَوابل
يقول: سِرْنَ في بَرْدِ الروائح إِلى الماء بعدما يَبِسَ الكَلأ،
والأَوابل: الوحوش التي اجتزأَت بالرُّطْب عن الماء. الفراء: البُلَّة بقية
الكَلإِ.
وطويت الثوب على بُلُلَته وبُلَّته وبُلالته أَي على رطوبته. ويقال:
اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته أَي اطوه وهو نديّ قبل أَن يتكسر. ويقال: أَلم
أَطْوك على بُلُلَتِك وبَلَّتِك أَي على ما كان فيك؛ وأَنشد لحَضْرَميّ
بن عامر الأَسدي:
ولقد طَوَيْتُكُمُ على بُلُلاتِكم،
وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذْرَاب
أَي طويتكم على ما فيكم من أَذى وعداوة. وبُلُلات، بضم اللام: جمع
بُلُلة، بضم اللام أَيضاً، وقد روي على بُلَلاتكم، بفتح اللام، الواحدة
بُلَلة، بفتح اللام أَيضاً، وقيل في قوله على بُلُلاتكم: يضرب مثلاً لإِبقاء
المودة وإِخفاء ما أَظهروه من جَفَائهم، فيكون مثل قولهم اطْوِ الثوبَ على
غَرِّه ليضم بعضه إِلى بعض ولا يتباين؛ ومنه قولهم: اطوِ السِّقاء على
بُلُلِته لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جَافٌّ تكسر، وإِذا طُوِيَ على بَلَله لم
يَتَكسَّر ولم يَتَباين. وانصرف القوم ببَلَلتهم وبُلُلتهم وبُلولتهم أَي
وفيهم بَقِيّة، وقيل: انصرفوا ببَلَلتِهم أَي بحال صالحة وخير، ومنه
بِلال الرَّحِم. وبَلَلْته: أَعطيته. ابن سيده: طواه على بُلُلته وبُلولته
وبَلَّته أَي على ما فيه من العيب، وقيل: على بقية وُدِّه، قال: وهو
الصحيح، وقيل: تغافلت عما فيه من عيب كما يُطْوَى السِّقاء على عَيْبه؛
وأَنشد:وأَلبَسُ المَرْءَ أَسْتَبْقِي بُلولتَه،
طَيَّ الرِّدَاء على أَثْنائه الخَرِق
قال: وتميم تقول البُلولة من بِلَّة الثرى، وأَسد تقول: البَلَلة. وقال
الليث: البَلَل والبِلَّة الدُّون. الجوهري: طَوَيْت فلاناً على بُلَّته
وبُلالته وبُلُوله وبُلُولته وبُلُلته وبُلَلته إِذا احتملته على ما فيه
من الإِساءة والعيب ودَارَيْته وفيه بَقِيّة من الوُدِّ؛ قال الشاعر:
طَوَيْنا بني بِشْرٍ على بُلُلاتهم،
وذلك خَيْرٌ من لِقَاء بني بِشْر
يعني باللِّقاء الحَرْبَ، وجمع البُلَّة بِلال مثل بُرْمَة وبِرَام؛ قال
الراجز:
وصاحِبٍ مُرَامِقٍ دَاجَيْتُه،
على بِلال نَفْسه طَوَيْتُه
وكتب عمر يَسْتحضر المُغيرة من البصرة: يُمْهَلُ ثلاثاً ثم يُحْضَر على
بُلَّته أَي على ما فيه من الإِساءة والعيب، وهي بضم الباء.
وبَلِلْتُ به بَلَلاَ: ظَفِرْتُ به. وقيل: بَلِلْتُ أَبَلُّ ظَفِرت به؛
حكاها الأَزهري عن الأَصمعي وحده. قال شمر: ومن أَمثالهم: ما بَلِلْت من
فلان بأَفْوَقَ ناصِلٍ أَي ما ظَفِرْتُ، والأَفْوَق: السهم الذي انكسر
فُوقُه، والناصِل: الذي سقط نَصْلُه، يضرب مثلاً للرجل المُجْزِئ الكافي
أَي ظَفِرْت برجل كامل غير مضيع ولا ناقص. وبَلِلْت به بَلَلاً: صَلِيت
وشَقِيت. وبَلِلْت به بَلَلاَ وبَلالة وبُلولاً وبَلَلْت: مُنِيت به
وعُلِّقْته. وبَلِلْته: لَزِمْته؛ قال:
دَلْو تَمَأْى دُبِغَتْ بالحُلَّب،
بُلَّتْ بكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّب،
فلا تُقَعْسِرْها ولكن صَوِّب
تقعسرها أَي تعازّها. أَبو عمرو: بَلَّ يَبِلُّ إِذا لزم إِنساناً ودام
على صحبته، وبَلَّ يَبَلُّ مثلها؛ ومنه قول ابن أَحمر:
فبَلِّي إِنْ بَلِلْتِ بأَرْيَحِيٍّ
من الفِتْيان، لا يَمْشي بَطِينا
ويروى فبَلِّي يا غنيّ. الجوهري: بَلِلْت به، بالكسر، إِذا ظَفِرت به
وصار في يدك؛ وأَنشد ابن بري:
بيضاء تمشي مِشْيَةَ الرَّهِيص،
بَلَّ بها أَحمر ذو دريص
يقال: لئن بَلَّتْ بك يَدي لا تفارقني أَو تُؤَدِّيَ حقي. النضر:
البَذْرُ والبُلَل واحد، يقال: بَلُّوا الأَرض إِذا بَذَروها بالبُلَل. ورجل
بَلٌّ بالشيء: لَهِجٌ ؛ قال:
وإِني لبَلٌّ بالقَرِينةِ ما ارْعَوَتْ،
وإِني إِذا صَرَمْتُها لصَرُوم
ولا تَبُلُّك عندي بالَّة وبَلالِ مِثل قَطامِ أَي لا يُصيبك مني خير
ولا نَدًى ولا أَنفعك ولا أَصدُقك. ويقال: لا تُبَلُّ لفلان عندي بالَّة
وبَلالِ مصروف عن بالَّة أَي ندًى وخير. وفي كلام عليّ، كرم الله وجهه:
فإِن شكوا انقطاع شِرْب أَو بالَّة، هو من ذلك؛ قالت ليلى الأَخْيَلية:
نَسيتَ وصالَه وصَدَرْتَ عنه،
كما صَدَر الأَزَبُّ عن الظِّلالِ
فلا وأَبيك، يا ابن أَبي عَقِيل،
تَبُلُّك بعدها فينا بَلالِ
فلو آسَيْتَه لَخَلاك ذَمٌّ،
وفارَقَكَ ابنُ عَمَّك غَيْر قالي ابن أَبي عَقِيل كان مع تَوْبَة حين
قُتِل ففر عنه وهو ابن عمه. والبَلَّة: الغنى بعد الفقر. وبَلَّت
مَطِيَّتُه على وجهها إِذا هَمَتْ ضالَّة؛ وقال كثيِّر:
فليت قَلُوصي، عند عَزَّةَ، قُيِّدَتْ
بحَبْل ضَعِيفٍ غُرَّ منها فَضَلَّتِ
فأَصْبَح في القوم المقيمين رَحْلُها،
وكان لها باغٍ سِوَاي فبَلَّتِ
وأَبَلَّ الرجلُ: ذهب في الأَرض. وأَبَلَّ: أَعيا فَساداً وخُبْثاً.
والأَبَلُّ: الشديد الخصومة الجَدِلُ، وقيل: هو الذي لا يستحي، وقيل: هو
الشديد اللُّؤْمِ الذي لا يُدْرَك ما عنده، وقيل: هو المَطول الذي يَمْنَع
بالحَلِف من حقوق الناس ما عنده؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للمرَّار بن سعيد
الأَسدي:
ذكرنا الديون، فجادَلْتَنا
جدالَك في الدَّيْن بَلاًّ حَلوفا
(* قوله «جدالك في الدين» هكذا في الأصل وسيأتي ايراده بلفظ: «جدالك
مالاً وبلا حلوفا» وكذا أورده شارح القاموس ثم قال: والمال الرجل
الغني).وقال الأَصمعي: أَبَلَّ الرجلُ يُبِلُّ إِبْلالاً إِذا امتنع
وغلب.قال: وإِذا كان الرجل حَلاَّفاً قيل رجل أَبَلُّ؛ وقال الشاعر:
أَلا تَتَّقون الله، يا آل عامر؟
وهل يَتَّقِي اللهَ الأَبَلُّ المُصَمِّمُ؟
وقيل: الأَبَلُّ الفاجر، والأُنثى بَلاَّء وقد بَلَّ بَلَلاً في كل ذلك؛
عن ثعلب. الكسائي: رجل أَبَلُّ وامرأَة بَلاَّء وهو الذي لا يُدْرَك ما
عنده من اللؤم، ورجل أَبَلُّ بَيِّن البَلَل إِذا كان حَلاَّفاً ظَلوماً.
وأَما قول خالد بن الوليد: أَمَّا وابنُ الخطاب حَيٌّ فَلا ولكن إِذا
كان الناس بذي بِلِّيٍّ وذي بِلَّى؛ قال أَبو عبيد: يريد تَفَرُّقَ الناس
وأَن يكونوا طوائف وفِرَقاً من غير إِمام يجمعهم وبُعْدَ بعضهم من بعض؛
وكلُّ من بَعُد عنك حتى لا تَعْرِف موضعَه، فهو بذي بِلِّيٍّ، وهو مِنْ
بَلَّ في الأَرض أَي ذهب؛ أَراد ضياعَ أُمور الناس بعده، قال: وفيه لغة
أُخرى بذي بِلِّيَان، وهو فِعْلِيَان مثل صِلِّيان؛ وأَنشد الكسائي:
يَنام ويذهب الأَقوام حتى
يُقالَ: أَتَوْا على ذي بِلِّيان
يقول: إِنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إِلى موضع لا
يَعْرِف مكانَهم من طول نومه. وأَبَلَّ عليه: غَلَبه؛ قال ساعدة:
أَلا يا فَتى، ما عبدُ شَمْسٍ بمثله
يُبَلُّ على العادي وتُؤْبَى المَخاسِفُ
الباء في بمثله متعلقة بقوله يُبَل، وقوله ما عبدُ شمس تعظيم، كقولك
سبحان الله ما هو ومن هو، لا تريد الاستفهام عن ذاته تعالى إِنما هو تعظيم
وتفخيم.
وخَصمٌ مِبَلٌّ: ثَبْت. أَبو عبيد: المبلُّ الذي يعينك أَي يتابعك
(*
قوله «يعينك اي يتابعك» هكذا في الأصل، وفي القاموس: يعييك ان يتابعك) على
ما تريد؛ وأَنشد:
أَبَلَّ فما يَزْداد إِلاَّ حَماقَةً
ونَوْكاً، وإِن كانت كثيراً مخارجُه
وصَفاة بَلاَّء أَي مَلْساء. ورجل بَلٌّ وأَبَلُّ: مَطول؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
جِدَالَكَ مالاً وبَلاًّ حَلُوفا
والبَلَّة: نَوْرُ السَّمُر والعُرْفُط. وفي حديث عثمان: أَلَسْتَ
تَرْعى بَلَّتَها؟ البَلَّة: نَوْرُ العِضاهِ قبل أَن ينعقد. التهذيب:
البَلَّة والفَتْلة نَوْرُ بَرَمة السَّمُر، قال: وأَول ما يَخْرُج البرَمة ثم
أَول ما يخرج من بَدْو الحُبْلَة كُعْبورةٌ نحو بَدْو البُسْرة فَتِيك
البَرَمة، ثم ينبت فيها زَغَبٌ بِيضٌ هو نورتها، فإِذا أَخرجت تيك سُمِّيت
البَلَّة والفَتْلة، فإِذا سقطن عنن طَرَف العُود الذي يَنْبُتْنَ فيه
نبتت فيه الخُلْبة في طرف عودهن وسقطن، والخُلْبة وعاء الحَب كأَنها وعاء
الباقِلاء، ولا تكون الخُلْبة إِلاَّ للسَّمُر والسَّلَم، وفيها الحب وهن
عِراض كأَنهم نِصال، ثم الطَّلْح فإِن وعاء ثمرته للغُلُف وهي سِنَفة
عِراض.
وبِلال: اسم رجل. وبِلال بن حمامة: مؤذن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، من الحبشة.
وبِلال آباد: موضع.
التهذيب: والبُلْبُل العَنْدَليب. ابن سيده: البُلْبُل طائر حَسَن الصوت
يأْلف الحَرَم ويدعوه أَهل الحجاز النُّغَر. والبُلْبُل: قَناةُ الكوز
الذي فيه بُلْبُل إِلى جنب رأْسه. التهذيب: البُلْبلة ضرب من الكيزان في
جنبه بُلْبُل يَنْصَبُّ منه الماء. وبَلْبَل متاعَه: إِذا فرَّقه
وبدَّده.والمُبَلِّل: الطاووس الصَّرَّاخ، والبُلْبُل الكُعَيْت.
والبَلْبلة: تفريق الآراء. وتَبَلْبَلت الأَلسن: اختلطت. والبَلْبَلة:
اختلاط الأَلسنة. التهذيب: البَلْبلة بَلْبلة الأَلسن، وقيل: سميت أَرض
بابِل لأَن الله تعالى حين أَراد أَن يخالف بين أَلسنة بني آدم بَعَث ريحاً
فحشرهم من كل أُفق إِلى بابل فبَلْبَل الله بها أَلسنتهم، ثم فَرَّقتهم
تلك الريح في البلاد. والبَلْبلة والبَلابل والبَلْبال: شدَّة الهم
والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر. وفي حديث
سعيد
بن أَبي بردة عن أَبيه عن جده قال: قال رسول الله،
صلى الله عليه وسلم: إِن أُمتي أُمة مرحومة لا عذابٍ عليها في الآخرة،
إِنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن؛ قال ابن الأَنباري:
البلابل وسواس الصدر؛ وأَنشد ابن بري لباعث
بن صُرَيم ويقال أَبو الأَسود الأَسدي:
سائلُ بيَشْكُرَ هل ثَأَرْتَ بمالك،
أَم هل شَفَيْت النفسَ من بَلْبالها؟
ويروى:
سائِلْ أُسَيِّدَ هل ثَأَرْتَ بِوائلٍ؟
ووائل: أَخو باعث بن
صُرَيم. وبَلْبَل القومَ بَلْبلة وبِلْبالاً: حَرَّكهم وهَيَّجهم،
والاسم البَلْبال، وجمعه البَلابِل. والبَلْبال: البُرَحاء في الصَّدر، وكذلك
البَلْبالة؛ عن ابن جني؛ وأَنشد:
فبات منه القَلْبُ في بَلْبالَه،
يَنْزُو كَنَزْوِ الظَّبْيِ في الحِباله
ورجل بُلْبُلٌ وبُلابِل: خَفِيف في السَّفَر معْوان. قال أَبو الهيثم:
قال لي أَبو ليلى الأَعرابي أَنت قُلْقُل بُلْبُل أَي ظَريف خَفيف. ورجل
بُلابِل: خفيف اليدين وهو لا يَخْفى عليه شيء. والبُلْبُل من الرجال:
الخَفِيفُ؛ قال كثير بن
مُزَرِّد:
سَتُدْرِك ما تَحْمي الحِمارة وابْنُها
قَلائِصُ رَسْلاتٌ، وشُعْثٌ بَلابِل
والحِمارة: اسم حَرَّة وابنُها الجَبَل الذي يجاورها، أَي ستدرك هذه
القلائص ما منعته هذه الحَرَّة وابنُها.
والبُلْبول: الغلام الذَّكِيُّ الكَيِّس. وقال ثعلب: غلام بُلْبُل خفيف
في السَّفَر، وقَصَره على الغلام. ابن السكيت: له أَلِيلٌ وبَلِيلٌ، وهما
الأَنين مع الصوت؛ وقال المَرَّار بن سعيد:
إِذا مِلْنا على الأَكْوار أَلْقَتْ
بأَلْحِيها لأجْرُنِها بَليل
أَراد إِذا مِلْنا عليها نازلين إِلى الأَرض مَدَّت جُرُنَها على الأَرض
من التعب. أَبو تراب عن زائدة: ما فيه بُلالة ولا عُلالة أَي ما فيه
بَقِيَّة. وبُلْبُول: اسم بلد. والبُلْبُول: اسم جَبَل؛ قال الراجز:
قد طال ما عارَضَها بُلْبُول،
وهْيَ تَزُول وَهْوَ لا يَزول
وقوله في حديث لقمان: ما شَيْءٌ أَبَلَّ للجسم من اللَّهْو؛ قال ابن
الأَثير: هو شيء كلحم العصفور أَي أَشد تصحيحاً وموافقة له.
ومن خفيف هذا الباب بَلْ، كلمة استدراك وإِعلام بالإِضْراب عن الأَول،
وقولهم قام زيد بَلْ عَمْرٌو وبَنْ زيد، فإِن النون بدل من اللام، أَلا
ترى إِلى كثرة استعمال بَلْ وقلة استعمال بَنْ، والحُكْمُ على الأَكثر لا
الأَقل؟ قال ابن سيده: هذا هو الظاهر من أَمره، قال: وقال ابن جني لست
أَدفع مع هذا أَن تكون بَنْ لُغَةً قائمة بنفسها. التهذيب في ترجمة بَلى:
بَلى تكون جواباً للكلام الذي فيه الجَحْد. قال الله تعالى: أَلَسْتُ
بربكم قالوا بَلى؛ قال: وإِنما صارت بَلى تتصل بالجَحْد لأَنها رجوع عن
الجَحْد إِلى التحقيق، فهو بمنزلة بَلْ، وبَلْ سَبِيلها أَن تأَتي بعد الجَحْد
كقولك ما قام أَخوك بَلْ أَبوك، وما أَكرمت أَخاك بَلْ أَباك، وإِذا قال
الرجل للرجل: أَلا تقوم؟ فقال له: بَلى، أَراد بَلْ أَقوم، فزادوا
الأَلف على بَلْ ليحسن السكوت عليها، لأَنه لو قال بَلْ كان يتوقع
(* قوله
«كان يتوقع» اي المخاطب كما هو ظاهر مما بعد) كلاماً بعد بلْ فزادوا الأَلف
ليزول عن المخاطب هذا التوهم؛ قال الله تعالى: وقالوا لن تمسنا النار
إِلا أَياماً معدودة، ثم قال بَعْدُ: بَلى من كسب سيئة، والمعنى بَلْ من كسب
سيئة، وقال المبرد: بل حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جَحْد أَو
إِيجاب، قال: وبَلى تكون إِيجاباً للمَنْفِيِّ لا غيرُ. قال الفراء: بَلْ تأْتي
بمعنيين: تكون إِضراباً عن الأَول وإِيجاباً للثاني كقولك عندي له دينار
لا بَلْ ديناران، والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها،
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه. قال الفراء: والعرب
تقول بَلْ والله لا آتيك وبَنْ والله، يجعلون اللام فيها نوناً، وهي لغة
بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ.
الجوهري: بَلْ مُخَفَّفٌ حرفٌ، يعطف بها الحرف الثاني على الأَول فيلزمه
مثْلُ إعرابه، فهو للإضراب عن الأَول للثاني، كقولك: ما جاءَني زيد بَلْ
عمرو، وما رأَيت زيداً بَلْ عمراً، وجاءني أَخوك بَلْ أَبوك تعطف بها بعد
النفي والإِثبات جميعاً؛ وربما وضعوه موضع رُبَّ كقول الراجز:
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رُبَّ مَهْمَهٍ كما يوضع غيره اتساعاً؛ وقال آخر:
بَلْ جَوْزِ تَيْهاء كظَهْرِ الحَجَفَتْ
وقوله عز وجل: ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عِزَّةٍ وشقاق؛ قال
الأَخفش عن بعضهم: إِن بَلْ ههنا بمعنى إِن فلذلك صار القَسَم عليها؛
قال: وربما استعملت العرب في قَطْع كلام واستئناف آخر فيُنْشد الرجل منهم
الشعر فيقول:
. . . . . . بل
ما هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
ويقول:
. . . . . . بل
وبَلْدَةٍ ما الإِنْسُ من آهالِها،
تَرى بها العَوْهَقَ من وِئالِها،
كالنار جَرَّتْ طَرَفي حِبالِها
قوله بَلْ ليست من البيت ولا تعدّ في وزنه ولكن جعلت علامة لانقطاع ما
قبله؛ والرجز الأَول لرؤبة وهو:
أَعْمَى الهُدَى بالجاهِلِينَ العُمَّهِ،
بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
والثاني لسُؤْرِ الذِّئْبِ وهو:
بَلْ جَوْزِتَيْهاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ،
يُمْسي بها وُحُوشُها قد جُئِفَتْ
قال: وبَلْ نُقْصانها مجهول، وكذلك هَلْ وَقَدْ، إِن شئت جعلت نقصانها
واواً قلت بَلْوٌ هَلْوٌ قَدْوٌ، وإِن شئت جعلته ياء. ومنهم من يجعل
نقصانها مثل آخر حروفها فيُدْغم ويقول هَلٌّ وبَلٌّ وقَدٌّ، بالتشديد. قال ابن
بري: الحروف التي هي على حرفين مثل قَدْ وبَلْ وهَلْ لا يقدّر فيها حذف
حرف ثالث كما يكون ذلك في الأَسماء نحو يَدٍ ودَمٍ، فإِن سميت بها شيئاً
لزمك أَن تقدر لها ثالثاً، قال: ولهذا لو صَغَّرْتَ إِن التي للجزاء لقلت
أُنَيٌّ، ولو سَمَّيت بإِن المخففة من الثقيلة لقلت أُنَيْنٌ، فرددت ما
كان محذوفاً، قال: وكذلك رُبَ المخففة تقول في تصغيرها اسمَ رجل
رُبَيْبٌ، والله أَعلم.
رحب: الرُّحْبُ، بالضم: السَّعةُ.
رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً، فهو رَحْبٌ ورَحِـيبٌ ورُحابٌ،
وأَرْحَبَ: اتَّسَعَ. وأَرْحَبْتُ الشيءَ: وسَّعْتُه. قال الـحَجَّاجُ، حِـينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة: أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه! وقيل للخيل: أَرْحِبْ، وأَرْحِـبي أَي تَوَسَّعِـي وتَباعَدي
وتَنَحِّي؛ زجر لها؛ قال الكميت بن معروف:
نُعَلِّمُها: هَبِي، وهَلاَ، وأَرْحِبْ، * وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِـينا
وقالوا: رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِـلادُ عليك وطُلَّتْ.
وقال أَبو إِسحق: رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها
الطَّلُّ.
وفي حديث ابن زِمْلٍ: على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ. ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ، ورُحْبُ الصدر، ورحِـيبُ الجَوْفِ: واسِعُهما. وفلان رحِـيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر؛ وفي حديث ابن عوف، رضي اللّه عنه: قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد. ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ. وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ.
والرَّحْبُ، بالفتح، والرَّحِـيبُ: الشيء الواسِعُ، تقول منه: بلد
رَحْبٌ، وأَرضٌ رَحْبةٌ؛ الأَزهري: ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ، وبِلادٌ رَحْبةٌ، كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ، وبِلادٌ سَهْلة، وقد رَحُبَت
تَرْحُبُ، ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً، ورَحِـبَتْ رَحَباً؛ قال
الأَزهري: وأَرْحَبَتْ، لغة بذلك المعنى.
وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ.
وقول اللّه، عز وجل: وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ؛ أَي على رُحْبِها وسَعَتها. وفي حديث كَعْب بن مالك: فنحنُ، كما قال اللّه تعالى: وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ.
وأَرضٌ رَحِـيبةٌ: واسِعةٌ.
ابن الأَعرابي: والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض، وجمعُها رُحَبٌ، مثل قَرْيةٍ وقُرًى؛ قال الأَزهري: وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص، فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ؛ قال: وابن الأَعرابي ثقة، لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه.
وقولهم في تحية الوارد: أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً. وقالوا: مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ. وقولهم: مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً، وأَتَيْتَ أَهْلاً، فاسْتَـأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ. وقال الليث: معنى قول العرب مَرْحَباً: انزل في الرَّحْب والسَّعةِ، وأَقِمْ، فلَكَ عِندنا ذلك. وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً، فقال: فيه كَمِـينُ الفِعْل؛ أَراد: به انْزِلْ أَو أَقِمْ، فنُصِب بفعل مضمر، فلما عُرِف معناه المراد به، أُمِـيتَ الفِعلُ. قال الأَزهري، وقال غيره، في قولهم
مَرْحَباً: أَتَيْتَ أَو لَقِـيتَ رُحْباً وسَعةً، لا ضِـيقاً؛ وكذلك إِذا
قال: سَهْلاً، أَراد: نَزَلْت بلَداً سَهْلاً، لا حَزْناً غَلِـيظاً.
شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ! ومَرْحَباً بك اللّهُ؛ ومَسْهَلاً بك اللّهُ ! وتقول العرب: لا مَرْحَباً
بك ! أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك! قال: وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه، نحو سَقْياً ورَعْياً، وجَدْعاً وعَقْراً؛ يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ؛ وقال الفراءُ: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِـيبِ. ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِـيباً: قال له مَرْحَباً؛ ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ. وفي الحديث: قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ: مَرْحَباً، أَي لَقِـيتَ رَحْباً وسَعةً؛ وقيل: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ فجعلَ الـمَرْحَبَ موضع التَّرْحِـيب.ورَحَبةُ المسجِد والدارِ، بالتحريك: ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما. قال سيبويه: رَحَبةٌ ورِحابٌ،
كرَقَبةٍ ورِقابٍ، ورَحَبٌ ورَحَباتٌ. الأَزهري، قال الفراءُ: يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِـيَةِ القوم والـمَسْجِد: رَحْبةٌ ورَحَبةٌ؛ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً، لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ. يقال: منزل رَحِـيبٌ ورَحْبٌ. ورِحابُ الوادِي: مَسايِلُ الماءِ من جانِـبَيْه فيه، واحدتها رَحَبةٌ. ورَحَبةُ الثُّمام: مُجْـتَمَعُه ومَنْبِتُه.
ورَحائبُ التُّخوم: سَعةُ أَقْطارِ الأَرض.
والرَّحَبةُ: مَوضِعُ العِنَبِ، بمنزلة الجَرينِ للتَّمر، وكلُّه من
الاتساع. وقال أَبو حنيفة: الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ، والتثقيل أَكثر: أَرض
واسِعةٌ، مِنْباتٌ، مِحْلالٌ.
وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ: أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِـي أَي أَوَسِعَكم، فعَدَّى فَعُلَ، وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين، إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها؛ كقوله:
ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا
قال في الصحاح:لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ، بضم العين، متعدياً غير هذا.
وأَمـَّا المعتل فقد اختلفوا فيه، قال الكسائي: أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه،
وقال سيبويه: لا يجوز ذلك، لأَنه لا يتعدّى، وليس كذلك طُلْته، أَلا ترى أَنك تقول طويل؟ الأَزهري، قال الليث: هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ، وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً. قال الأَزهري: لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين، ونصر ليس بحجة.
والرُّحْبَـى، على بناءِ فُعْلَى: أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ، وإِنما
يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ، وهما مَرْجِعا الـمِرْفقين.
والرُّحْبَيانِ:الضِّلَعانِ اللتان تَلِـيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى
الأَضْلاع؛ وقيل: هما مَرْجِعا الـمِرْفقين، واحدهما رُحْبَـى.
وقيل: الرُّحْبـى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِـيف؛
وقيل: هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف. والرُّحْبـى: سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِـير.
والرُّحَيْباءُ من الفرس: أَعْلَى الكَشْحَيْنِ، وهما رُحَيْباوانِ.
الأَزهري: الرُّحْبَـى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي
مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه. ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ: مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِـئِ الفُراتِ.
ورُحابةُ: موضعٌ معروفٌ.
ابن شميل: الرِّحابُ في الأَودية، الواحدة رحْبةٌ، وهي مواضع
مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِـعُ فيها الماءُ، وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً، تكون عند مُنْتَهَى الوادِي، وفي وَسَطِه، وقد تكون في المكانِ الـمُشْرِف، يَسْتَنْقِـعُ فيها الماءُ، وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها، وإِذا كانت في الأَرضِ الـمُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ، وإِذا كانت في بطن الـمَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ؛ فإِذا كانت في بطن الوادي، فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ، ليست بالقَعِـيرة جِدّاً، وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ، والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها، ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل، وتكون في بطون الأَرضِ، وفي ظَواهِرِها.
وبنُو رَحْبةَ: بَطْنٌ مِن حِمْيَر. وبنُو رَحَبٍ: بَطْن من هَمْدانَ.
وأَرْحَبُ: قَبِـيلَةٌ من هَمْدانَ.
وبنُو أَرْحَبَ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ
الأَرْحَبِـيَّةُ. قال الكميت، شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ.
يَقُولونَ: لَمْ يُورَثْ، ولَوْلا تُراثُه، * لقد شَرِكَتْ فيه بَكِـيلٌ وأَرْحَبُ
الليث: أَرْحَبُ حَيٌّ، أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِـيَّةُ؛ قال الأَزهري: ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه
النجائب، لأَنها من نَسْلِه.
والرَّحِـيبُ: الأَكُولُ. ومَرْحَبٌ: اسم.
ومَرْحَبٌ: فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ.
والرُّحابةُ: أُطُمٌ بالمدينة؛ وقول النابغة الجعدي:
وبعضُ الأَخِلاَّءِ، عِنْدَ البَلا * ءِ والرُّزْءِ، أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه كأَبِـي مَرْحَبِ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ، يَعْنِـي به الظِّلَّ.