Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=94887#00eadb
الــإدخال
انظر: الفصل.
انظر: الفصل.
دخل: الدُّخُول: نقيض الخروج، دَخَل يَدْخُل دُخُولاً وتَدَخَّل ودَخَل
به؛ وقوله:
تَرَى مَرَادَ نِسْعه المُدْخَلِّ،
بين رَحَى الحَيْزُوم والمَرْحَلِّ،
مثل الزَّحاليف بنَعْفِ التَّلِّ
إِنما أَراد المُدْخَلَ والمَرْحَل فشدَّد للوقف، ثم احتاج فأَجرى الوصل
مُجْرَى الوقف. وادَّخَل، على افْتَعَل: مثل دَخَل؛ وقد جاء في الشعر
انْدَخَل وليس بالفصيح؛ قال الكميت:
لا خَطْوتي تَتَعاطى غَيْرَ موضعها،
ولا يَدي في حَمِيت السَّكْن تَنْدَخِل
وتَدَخَّل الشيءُ أَي دَخَل قليلاً قليلاً، وقد تَدَاخَلَني منه شيء.
ويقال: دَخَلْتُ البيت، والصحيح فيه أَن تريد دَخَلْت إِلى البيت وحذفت حرف
الجر فانتصب انتصاب المفعول به، لأَن الأَمكنة على ضربين: مبهم ومحدود،
فالمبهم نحو جهات الجسم السِّتِّ خَلف وقُدَّام ويَمِين وشِمال وفوق
وتحت، وما جرى مجرى ذلك من أَسماء الجهات نحو أَمام ووراء وأَعلى وأَسفل وعند
ولَدُنْ ووَسَط بمعنى بين وقُبَالة، فهذا وما أَشبهه من الأَمكنة يكون
ظرفاً لأَنه غير محدود، أَلا ترى أَن خَلْفك قد يكون قُدَّاماً لغيرك؟
فأَما المحدود الذي له خِلْقة وشخص وأَقطار تَحُوزه نحو الجَبَل والوادي
والسوق والمسجد والدار فلا يكون ظرفاً لأَنك لا تقول قعدت الدار، ولا صليت
المسجد، ولا نِمْت الجبل، ولا قمت الوادي، وما جاء من ذلك فإِنما هو بحذف
حرف الجر نحو دخلت البيت وصَعَّدت الجَبَل ونزلت الوادي.
والمَدْخَل، بالفتح: الدُّخول وموضع الدُّخول أَيضاً، تقول دَخَلْتُ
مَدْخَلاً حسناً ودَخَلْتُ مَدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدْخَل، بضم الميم:
الــإِدْخال والمفعول من أَدْخَله، تقول أَدْخَلْته مُدْخَلَ صِدْقٍ. والمُدَّخَل:
شبه الغار يُدْخَل فيه، وهو مُفْتَعَل من الدُّخول. قال شمر: ويقال
فلانَ حسَن المَدْخَل والمَخْرَج أَي حَسَن الطريقة محمودُها، وكذلك هو حَسَن
المَذْهَب. وفي حديث الحسن قال: كان يقال إِن من النفاق اختلافَ
المَدْخَل والمَخْرَج واختلافَ السِّرِّ والعلانية؛ قال: أَراد باختلاف
المَدْخَل والمَخْرَج سُوءَ الطريقة وسُوءَ السِّيرة.
ودَاخِلَةُ الإِزار: طَرَفُه الداخل الذي يلي جسده ويلي الجانب الأَيمن
من الرَّجُل إِذا ائتزر، لأَن المُؤْتَزِر إِنما يبدأُ بجانبه الأَيمن
فذلك الطَّرَف يباشر جسده وهو الذي يُغْسَل. وفي حديث الزهري في العائن:
ويغسل دَاخِلَة إِزاره؛ قال ابن الأَثير: أَراد يغسل الإِزار، وقيل: أَراد
يَغْسِل العائنُ موضعَ داخِلة إِزاره من جَسَده لا إِزارَه، وقيل:
داخِلَةُ الإِزار الوَرِك، وقيل: أَراد به مذاكيره فكَنَى بالداخلة عنها كما
كُنِي عن الفَرْج بالسراويل. وفي الحديث: إِذا أَراد أَحدكم أَن يضطجع على
فراشه فليَنْزِع داخلة إِزاره وليَنْفُض بها فراشه فإِنه لا يدري ما
خَلَفه عليه؛ أَراد بها طَرَف إِزاره الذي يلي جَسدَه؛ قال ابن الأَثير:
داخِلَةُ الإِزار طَرَفُه وحاشيته من داخل، وإِنما أَمره بداخِلَتِه دون
خارِجَتِه، لأَن المُؤْتَزِر يأْخذ إِزارَه بيمينه وشِماله فيُلْزِق ما
بشِماله على جَسَده وهي داخِلة إِزاره، ثم يضع ما بيمينه فوق داخِلته، فمتى
عاجَلَه أَمرٌ وخَشِي سقوط إِزاره أَمسكه بشماله ودَفَع عن نفسه بيمينه،
فإِذا صار إِلى فراشه فحَلَّ إِزاره فإِنما يَحُلُّ بيمينه خارجة الإِزار،
وتبقى الداخلة مُعَلَّقة، وبها يقع النَّقْض لأَنها غير مشغولة باليد.
وداخِلُ كلِّ شيء: باطنُه الداخل؛ قال سيبويه: وهو من الظروف التي لا
تُسْتَعْمَل إِلاّ بالحرف يعني أَنه لا يكون إِلاّ اسماً لأَنه مختص كاليد
والرجل. وأَما دَاخِلة الأَرض فخَمَرُها وغامِضُها. يقال: ما في أَرضهم
داخلةٌ من خَمَرٍ، وجمعها الدَّواخِل؛ وقال ابن الرِّقَاع:
فرَمَى به أَدبارَهُنَّ غلامُنا،
لما اسْتَتَبَّ بها ولم يَتَدَخَّل
يقول: لم يَدْخُل الخَمَرَ فيَخْتِلَ الصيد ولكنه جاهرها كما قال:
مَتَى نَرَهُ فإِنَّنا لا نُخاتِلُه
وداخِلَةُ الرجلِ: باطِنُ أَمره، وكذلك الدُّخْلة، بالضم. ويقال: هو
عالم بدُخْلَته. ابن سيده: ودَخْلة الرجل ودِخْلته ودَخِيلته ودَخِيله
ودُخْلُله ودُخْلَلُه ودُخَيْلاؤه نيَّتُه ومَذْهَبُه وخَلَدُه وبِطانَتُه،
لأَن ذلك كلَّه يداخِله. وقال اللحياني: عرفت داخِلته ودَخْلته ودِخْلته
ودُخْلته ودَخيله ودَخِيلته أَي باطنته الدَّاخِلة، وقد يضاف كل ذلك إِلى
الأَمر كقولك دُخْلة أَمره ودِخْلة أَمره، ومعنى كل ذلك عَرَفْت جميع
أَمره. التهذيب: والدُّخْلة بطانة الأَمر، تقول: إِنه لعَفِيف الدُّخْلة
وإِنه لخَبيث الدُّخْلة أَي باطن أَمره.
ودَخيلُ الرجل: الذي يداخله في أُموره كلها، فهو له دَخِيل ودُخْلُل.
ابن السكيت: فلان دُخْلُل فلان ودُخْلَلُه إِذا كان بِطانتَه وصاحبَ
سِرِّه، وفي الصحاح: دَخِيلُ الرّجُل ودُخْلُلُه الذي يُدَاخِله في أُموره
ويختص به. والدوخلة: البطنة. والدخِيل والدُّخْلُل والدُّخْلَل، كله:
المُداخِل المباطن. وقال اللحياني: بينهما دُخْلُلٌ ودِخْلَلٌ أَي خاص
يُدَاخِلُهم؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف هذا. وداخِلُ الحُبِّ ودُخْلَلُه، بفتح
اللام: صفاء داخله. ودُخْلَة أَمره ودَخِيلته وداخِلَته: بِطانتُه الداخلة.
ويقال: إِنه عالم بدُخْلة أَمره وبدَخِيل أَمرهم. وقال أَبو عبيدة: بينهم
دُخْلُل ودُخْلَل أَي دَخَلٌ، وهو من الأَضداد؛ وقال امرؤ القيس:
ضَيَّعَه الدُّخْلُلون إِذ غَدَروا
قال: والدُّخْلُلون الخاصَّة ههنا. وإِذا ائْتُكِلَ الطعام سُمِّي
مدخولاً ومسروفاً.
والدَّخَل: ما داخَل الإِنسانَ من فساد في عقل أَو جسم، وقد دَخِلَ
دَخَلاً ودُخِلَ دَخْلاً، فهو مَدْخول أَي في عقله دَخَلٌ. وفي حديث قتادة بن
النعمان: وكنت أَرى إِسْلامه مَدْخولاً؛ الدَّخَل، بالتحريك: العيب
والغِشُّ والفَساد، يعني أَن إِيمانه كان فيه نِفَاق. وفي حديث أَبي هريرة:
إِذا بَلَغ بنو العاص ثلاثين كان دِينُ الله دَخَلاً؛ قال ابن الأَثير:
وحقيقته أَن يُدْخِلوا في دين الله أُموراً لم تَجْرِ بها السُّنَّة.
وداءٌ دَخِيل: داخل، وكذلك حُبٌّ دَخِيل؛ أَنشد ثعلب:
فتُشْفَى حزازاتٌ وتَقْنَع أَنْفُسٌ،
ويُشْفَى هَوًى، بين الضلوعِ، دَخِيلُ
ودَخِلَ أَمرُه دَخَلاً: فسَدَ داخلُه؛ وقوله:
غَيْبِي له وشهادتي أَبداً
كالشمس، لا دَخِنٌ ولا دَخْل
يجوز أَن يريد ولا دَخِل أَي ولا فاسد فخفف لأَن الضرب من هذه القصيدة
فَعْلن بسكون العين، ويجوز أَن يريد ولا ذُو دَخْل، فأَقام المضاف إِليه
مُقام المضاف. ونَخْلة مَدْخُولة أَي عَفِنة الجَوْف. والدَّخْل: العيب
والرِّيبة؛ ومن كلامهم:
تَرَى الفِتْيانَ كالنَّخْل،
وما يُدْريك بالدَّخْل
وكذلك الدَّخَل، بالتحريك؛ قال ابن بري: أَي ترى أَجساماً تامة حَسَنة
ولا تدري ما باطنُهم. ويقال: هذا الأَمر فيه دَخَل ودَغَلٌ بمعنًى. وقوله
تعالى: ولا تتخذوا أَيمانكم دَخَلاً بينكم أَن تكون أُمَّة هي أَرْبَى من
أُمَّة؛ قال الفراء: يعني دَغَلاً وخَدِيعةً ومَكْراً، قال: ومعناه لا
تَغْدِروا بقوم لقِلَّتهم وكثرتكم أَو كثرتهم وقِلَّتِكم وقد غَرَرْتُموهم
بالأَيْمان فسَكَنوا إِليها؛ وقال الزجاج: تَتَّخِذون أَيمانكم دَخَلاً
بينكم أَي غِشّاً بينكم وغِلاًّ، قال: ودَخَلاً منصوب لأَنه مفعول له؛
وكل ما دَخَله عيب، فهو مدخول وفيه دَخَلٌ؛ وقال القتيبي: أَن تكون أُمَّة
هي أَرْبى من أُمَّة أَي لأَن تكون أُمَّة هي أَغْنى من قوم وأَشرف من
قوم تَقْتَطعون بأَيمانكم حقوقاً لهؤلاء فتجعلونها لهؤلاء. والدَّخَل
والدَّخْل: العيب الداخل في الحَسَب. والمَدْخول: المهزول والداخل في جوفه
الهُزال، بعير مدخول وفيه دَخَلٌ بَيِّن من الهُزال، ورجل مدخول إِذا كان في
عقله دَخَلٌ أَو في حَسَبه، ورجل مدخول الحَسَب، وفلان دَخِيل في بني
فلان إِذا كان من غيرهم فتَدخَّل فيهم، والأُنثى دَخِيل. وكلمة دَخِيل:
أُدْخِلت في كلام العرب وليست منه، استعملها ابن دريد كثيراً في الجمهرة؛
والدَّخِيل: الحرف الذي بين حرف الرَّوِيّ وأَلف التأْسيس كالصاد من
قوله:كِلِيني لِهَمٍّ، يا أُمَيْمة، ناصب
سُمِّي بذلك لأَنه كأَنه دَخِيل في القافية، أَلا تراه يجيء مختلفاً بعد
الحرف الذي لا يجوز اختلافه أَعني أَلف التأْسيس؟
والمُدْخَل: الدَّعِيُّ لأَنه أُدْخِل في القوم؛ قال:
فلئِن كَفرْتَ بلاءهم وجَحَدْتَهم،
وجَهِلْتَ منهم نِعْمةً لم تُجْهَل
لَكذاك يَلْقى مَنْ تكَثَّر، ظالماً،
بالمُدْخَلين من اللئيم المُدْخَل
والدَّخْل: خلاف الخَرْج. وهم في بني فلان دَخَلٌ إِذا انتسبوا معهم في
نسبهم وليس أَصله منهم؛ قال ابن سيده: وأُرى الدَّخَل ههنا اسماً للجمع
كالرَّوَح والخَوَل. والدَّخِيل: الضيف لدخوله على المَضيف. وفي حديث معاذ
وذكرِ الحُور العِين: لا تُؤذِيه فإِنما هو دَخِيلٌ عندكِ؛ الدَّخِيل:
الضيف والنَّزيل؛ ومنه حديث عديٍّ: وكان لنا جاراً أَو دَخِيلاً.
والدَّخْل: ما دَخَل على الإِنسان من ضَيْعته خلاف الخَرْج. ورجل مُتَداخل
ودُخَّل، كلاهما: غليظ، دَخَل بعضُه في بعض. وناقة متداخلة الخلق إِذا تَلاحكت
واكْتَنَزَت واشتدَّ أَسْرُها.
ودُخَّلُ اللحم: ما عاذ بالعظم وهو أَطيب اللحم. والدُّخَّل من اللحم:
ما دَخَل العَصَب من الخصائل. والدُّخَّل: ما دخل من الكَلإِ في أُصول
أَغصان الشجر ومَنَعه التفافُه عن أَن يُرْعى وهو العُوَّذ؛ قال الشاعر:
تَباشير أَحوى دُخَّل وجَمِيم
والدُّخَّل من الريش. ما دخل بين الظُّهْران والبُطْنان؛ حكاه أَبو
حنيفة قال: وهو أَجوده لأَنه لا تصيبه الشمس ولا الأَرض؛ قال الشاعر:
رُكِّب حَوْلَ فُوقِه المُؤَلَّل
جوانحٌ سُوِّين غير مُيَّل،
من مستطيلات الجناح الدُّخَّل
والدُّخَّل: طائر صغير أَغبر يسقط على رؤوس الشجر والنخل فيدخل بينها،
واحدتها دُخَّلة، والجمع الدَّخاخِيل، ثبتت فيه الياء على غير القياس.
والدُّخَّل والدُّخلُل والدُّخلَل: طائر مُتدخِّل أَصغر من العصفور يكون
بالحجاز؛ الأَخيرة عن كراع. وفي التهذيب: الدُّخَّل صغار الطير أَمثال
العصافير يأْوِي الغِيرانَ والشجَر الملتفَّ، وقيل للعصفور الصغير دُخَّل
لأَنه يعوذ بكل ثَقْب ضَيِّق من الجوارح، والجمع الدَّخاخيل.
وقوله في الحديث: دَخَلَت العُمْرةُ في الحج؛ قال ابن الأَثير: معناه
سقط فرضها بوجوب الحج ودخلت فيه، قال: هذا تأْويل من لم يرها واجبة، فأَما
من أَوجبها فقال: إِن معناه أَن عمل العمرة قد دَخَل في عمل الحج، فلا
يرى على القارن أَكثر من إِحرام واحد وطواف وسعي، وقيل: معناه أَنها
دَخَلَت في وقت الحج وشهوره لأَنهم كانوا لا يعتمرون في أَشهر الحج فأَبطل
الإِسلام ذلك وأَجازه.
وقول عمر في حديثه: من دُخْلة الرَّحِم؛ يريد الخاصة والقرابة، وتضم
الدال وتكسر.
ابن الأَعرابي: الداخل والدَّخَّال والدُّخْلُل كله دَخَّال الأُذن، وهو
الهِرْنِصان.
والدِّخال في الوِرْد: أَن يشرب البعير ثم يردّ من العطن إِلى الحوض
ويُدْخَل بين بعيرين عطشانين ليشرب منه ما عساه لم يكن شرب؛ ومنه قول أُمية
بن أَبي عائذ:
وتلقى البَلاعِيم في برده،
وتوفي الدفوف بشرب دِخال
قال الأَصمعي. إِذا ورَدَت الإِبل أَرسالاً فشرب منها رَسَل ثم ورَدَ
رَسَل آخرُ الحوضَ فأُدْخِل بعيرٌ قد شرب بين بعيرين لم يشربا فذلك
الدِّخال، وإِنما يُفْعَل ذلك في قلة الماء؛ وأَنشد غيره بيت لبيد:
فأَوردها العِراك ولم يَذُدْها،
ولم يُشْفِق على نَغَص الدِّخال
وقال الليث: الدِّخال في وِرْد الإِبل إِذا سُقِيت قَطِيعاً قَطِيعاً
حتى إِذا ما شربت جميعاً حُمِلت على الحوض ثانية لتستوفي شربها، فذلك
الدِّخال. قال أَبو منصور: والدِّخال ما وصفه الأَصمعي لا ما قاله الليث. ابن
سيده: الدِّخال أَن تدخل بعيراً قد شرب بين بعيرين لم يشربا؛ قال كعب بن
زهير:
ويَشْرَبْن من بارد قد عَلِمْن
بأَن لا دِخال، وأَن لا عُطُونا
وقيل: هو أَن تحملها على الحوض بمَرَّة عِراكاً. وتَداخُلُ المفاصل
ودِخالُها: دخولُ بعضها في بعض. الليث: الدِّخال مُداخَلة المَفاصل بعضها في
بعض؛ وأَنشد:
وطِرْفة شُدَّت دِخالاً مُدْمَجا
وتَداخُلُ الأُمور: تَشابُهها والتباسُها ودخولُ بعضها في بعض.
والدِّخْلة في اللون: تخليط أَلوان في لون؛ وقول الراعي:
كأَنَّ مَناط العِقْد، حيث عَقَدْنه،
لَبانُ دَخِيلِيٍّ أَسِيل المُقَلَّد
قال: الدَّخِيليُّ الظبْي الرَّبيب يُعَلَّق في عنقه الوَدَع فشَبَّه
الوَدَع في الرَّحْل بالودع في عُنُق الظَّبْي، يقول: جعلن الوَدَع في مقدم
الرحل، قال: والظبي الدَّخِيليُّ والأَهِيليُّ والرَّبيب واحد؛ ذكر ذلك
كله عن ابن الأَعرابي. وقال أَبو نصر: الدَّخِيلِيُّ في بيت الراعي
الفَرَسُ يُخَصُّ بالعَلَف؛ قال: وأَما قوله:
هَمَّانِ باتا جَنْبَةً ودَخِيلا
فإِن ابن الأَعرابي قال: أَراد هَمّاً داخل القلب وآخر قريباً من ذلك
كالضيف إِذا حَلَّ بالقوم فأَدخلوه فهو دَخِيل، وإِن حَلَّ بِفِنائهم فهو
جَنْبة؛ وأَنشد:
وَلَّوْا ظُهورهم الأَسِنَّة، بعدما
كان الزبير مُجاوِراً ودَخِيلا
والدِّخال والدُّخال: ذوائب الفرس لتداخلها.
والدَّوْخَلَّة، مشدّدة اللام: سَفِيفة من خوص يوضع فيها التمر
والرُّطَب وهي الدَّوْخَلَة، بالتخفيف؛ عن كراع. وفي حديث صِلَة بن أَشْيَم:
فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّة رُطَب فأَكلت منها؛ هي سَفِيفة من خُوص
كالزِّنْبِيل والقَوْصَرَّة يترك فيها الرُّطَب، والواو زائدة. والدَّخُول:
موضع.
لقح: اللِّقاحُ: اسم ماء الفحل
(* قوله «اللقاح اسم ماء الفحل» صنيع
القاموس، يفيد أَن اللقاح بهذا المعنى، بوزن كتاب، ويؤيده قول عاصم: اللقاح
كسحاب مصدر، وككتاب اسم، ونسخة اللسان على هذه التفرقة. لكن في النهاية
اللقاح، بالفتح: اسم ماء الفحل اهـ. وفي المصباح: والاسم اللقاح، بالفتح
والكسر.) من الإِبل والخيل؛ وروي عن ابن عباس أَنه سئل عن رجل كانت له
امرأَتان أَرضعت إِحداهما غلاماً وأَرضعت الأُخرى جارية: هل يتزوَّج الغلامُ
الجارية؟ قال: لا، اللِّقاح واحد؛ قال الأَزهري: قال الليث: اللِّقاح
اسم لماء الفحل فكأَنَّ ابن عباس أَراد أَن ماء الفحل الذي حملتا منه واحد،
فاللبن الذي أَرضعت كل واحدة منهما مُرْضَعَها كان أَصله ماء الفحل،
فصار المُرْضَعان ولدين لزوجهما لأَنه كان أَلْقَحهما. قال الأزهري: ويحتمل
أَن يكون اللِّقاحُ في حديث ابن عباس معناه الإِلْقاحُ؛ يقال: أَلْقَح
الفحل الناقة إِلقاحاً ولَقاحاً، فالإِلقاح مصدر حقيقي، واللِّقَاحُ: اسم
لما يقوم مقام المصدر، كقولك أَعْطَى عَطاء وإِعطاء وأَصلح صَلاحاً
وإِصلاحاً وأَنْبَت نَباتاً وإِنباتاً. قال: وأَصل اللِّقاح للإِبل ثم استعير
في النساء، فيقال: لَقِحَتِ إِذا حَمَلَتْ، وقال: قال ذلك شمر وغيره من
أَهل العربية. واللِّقاحُ: مصدر قولك لَقِحَتْ الناقة تَلْقَحُ إِذا
حَمَلَتْ، فإِذا استبان حملها قيل: استبان لَقاحُها.
ابن الأَعرابي: ناقة لاقِحٌ وقارِحٌ يوم تَحْمِلُ فإِذا استبان حملها،
فهي خَلِفَةٌ. قال: وقَرَحتْ تَقرَحُ قُرُوحاً ولَقِحَتْ تَلْقَح لَقاحاً
ولَقْحاً وهي أَيام نَتاجِها عائذ.
وقد أَلقَح الفحلُ الناقةَ، ولَقِحَتْ هي لَقاحاً ولَقْحاً ولَقَحاً:
قبلته. وهي لاقِحٌ من إِبل لوَاقِح ولُقَّحٍ، ولَقُوحٌ من إِبل لُقُحٍ.
وفي المثل: اللَّقُوحُ الرِّبْعِيَّةُ مالٌ وطعامٌ. الأَزهري:
واللَّقُوحُ اللَّبُونُ وإِنما تكون لَقُوحاً أَوّلَ نَتاجِها شهرين ثم ثلاثة
أَشهر، ثم يقع عنها اسم اللَّقوحِ فيقال لَبُونٌ، وقال الجوهري: ثم هي لبون
بعد ذلك، قال: ويقال ناقة لَقُوحٌ ولِقْحَةٌ، وجمع لَقُوحٍ: لُقُحٌ
ولِقاحٌ ولَقائِحُ، ومن قال لِقْحةٌ، جَمَعها لِقَحاً. وقيل: اللَّقُوحُ
الحَلُوبة. والمَلْقوح والملقوحة: ما لَقِحَتْه هي من الفحلِ؛ قال أَبو الهيثم:
تُنْتَجُ في أَوَّل الربيع فتكون لِقاحاً واحدتُها لِقْحة ولَقْحةٌ
ولَقُوحٌ، فلا تزال لِقاحاً حتى يُدْبِرَ الصيفُ عنها. الجوهري: اللِّقاحُ،
بكسر اللام. الإِبلُ بأَعيانها، الواحدة لَقُوح، وهي الحَلُوبُ مثل
قَلُوصٍ وقِلاصٍ. الأَزهري: المَلْقَحُ يكون مصدراً كاللَّقاحِ؛ وأَنشد:
يَشْهَدُ منها مَلْقَحاً ومَنْتَحا
وقال في قول أَبي النجم:
وقد أَجَنَّتْ عَلَقاً ملقوحا
يعني لَقِحَتْه من الفَحل أَي أَخذته.
وقد يقال للأُمَّهات: المَلاقِيحُ؛ ونهى عن أَولادِ المَلاقِيح وأَولاد
المَضامِين في المبايعة لأَنهم كانوا يتبايعون أَولاد الشاء في بطون
الأُمهات وأَصلاب الآباء. والمَلاقِيحُ في بطون الأُمهات، والمَضامِينُ في
أَصلاب الآباء. قال أَبو عبيد: الملاقيح ما في البطون، وهي الأَجِنَّة،
الواحدة منها مَلْقُوحة من قولهم لُقِحَتْ كالمحموم من حُمَّ والمجنونِ من
جُنَّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوامِلِ
خيراً من التَّأْنانِ والمَسائِلِ
وعِدَةِ العامِ، وعامٍ قابلِ،
مَلْقوحةً في بطنِ نابٍ حائِلِ
يقول: هي مَلْقوحةٌ فيما يُظْهِرُ لي صاحبُها وإِنما أُمُّها حائل؛ قال:
فالمَلْقُوح هي الأَجِنَّة التي في بطونها، وأَما المضامين فما في
أَصلاب الفُحُول، وكانوا يبيعون الجَنينَ في بطن الناقة ويبيعون ما يَضْرِبُ
الفحلُ في عامه أَو في أَعوام. وروي عن سعيد بن المسيب أَنه قال: لا رِبا
في الحيوان، وإِنما نهى عن الحيوان عن ثلاث: عن المَضامِين والمَلاقِيح
وحَبَلِ الحَبَلَةِ؛ قال سعيد: فالملاقِيحُ ما في ظهور الجمال، والمضامين
ما في بطون الإِناث، قال المُزَنِيُّ: وأَنا أَحفظ أَن الشافعي يقول
المضامين ما في ظهور الجمال، والملاقيح ما في بطون الإِناث؛ قال المزني:
وأَعلمت بقوله عبد الملك بن هشام فأَنشدني شاهداً له من شعر العرب:
إِنَّ المَضامِينَ، التي في الصُّلْبِ،
ماءَ الفُحُولِ في الظُّهُورِ الحُدْبِ،
ليس بمُغْنٍ عنك جُهْدَ اللَّزْبِ
وأَنشد في الملاقيح:
منيَّتي مَلاقِحاً في الأَبْطُنِ،
تُنْتَجُ ما تَلْقَحُ بعد أَزْمُنِ
(* قوله «منيتي ملاقحاً إلخ» كذا بالأصل.)
قال الأَزهري: وهذا هو الصواب. ابن الأَعرابي: إِذا كان في بطن الناقة
حَمْلٌ، فهي مِضْمانٌ وضامِنٌ وهي مَضامِينُ وضَوامِنُ، والذي في بطنها
مَلْقوح ومَلْقُوحة، ومعنى الملقوح المحمول ومعنى اللاقح الحامل. الجوهري:
المَلاقِحُ الفُحولُ، الواحد مُلقِحٌ، والمَلاقِحُ أَيضاً الإِناث التي
في بطونها أَولادها، الواحدة مُلْقَحة، بفتح القاف. وفي الحديث: أَنه نهى
عن بيع الملاقيح والمضامين؛ قال ابن الأَثير: الملاقيح جمع مَلْقوح، وهو
جنين الناقة؛ يقال: لَقِحَت الناقةُ وولدها مَلْقُوحٌ به إِلاَّ أَنهم
استعملوه بحذف الجار والناقة ملقوحة، وإِنما نهى عنه لأَنه من بيع الغَرَر،
وسيأْتي ذكره في المضامين مستوفى. واللِّقْحَةُ: الناقة من حين يَسْمَنُ
سَنامُ ولدها، لا يزال ذلك اسمها حتى يمضي لها سبعة أَشهر ويُفْصَلَ
ولدها، وذلك عند طلوع سُهَيْل، والجمع لِقَحٌ ولِقاحٌ، فأَما لِقَحٌ فهو
القياس، وأَما لِقاحٌ فقال سيبويه كَسَّروا فِعْلَة على فِعالٍ كما كسَّروا
فَعْلَة عليه، حتى قالوا: جَفْرَةٌ وجِفارٌ، قال: وقالوا لِقاحانِ
أَسْودانِ جعلوها بمنزلة قولهم إِبلانِ، أَلا تَرَى أَنهم يقولون لِقاحة واحدة
كما يقولون قِطعة واحدة؟ قال: وهو في الإِبل أَقوى لأَنه لا يُكَسَّر
عليه شيء. وقيل: اللِّقْحة واللَّقحة الناقة الحلوب الغزيرة اللبن ولا يوصف
به، ولكن يقال لَقْحة فلان وجمعه كجمع ما قبله؛ قال الأَزهري: فإِذا
جعلته نعتاً قلت: ناقة لَقُوحٌ. قال: ولا يقال ناقة لَِقْحة إِلا أَنك تقول
هذه لَِقْحة فلان؛ ابن شميل: يقال لِقْحةٌ ولِقَحٌ ولَقُوحٌ ولَقائح.
واللِّقاحُ: ذوات الأَلبان من النوق، واحدها لَقُوح ولِقْحة؛ قال
عَدِيُّ بن زيد:
من يكنْ ذا لِقَحٍ راخِياتٍ،
فَلِقاحِي ما تَذُوقُ الشَّعِيرا
بل حَوابٍ في ظِلالٍ فَسِيلٍ،
مُلِئَتْ أَجوافُهُنّ عَصِيرا
فَتَهادَرْنَ لِذاك زماناً،
ثم مُوِّتْنَ فكنَّ قُبُورا
وفي الحديث: نِعْمَ المِنْحة اللِّقْحة اللقحة، بالفتح والكسر: الناقة
القريبة العهد بالنَّتاج. وناقة لاقِحٌ إِذا كانت حاملاً؛ وقوله:
ولقد تَقَيَّلَ صاحبي من لَِقْحةٍ
لَبناً يَحِلُّ، ولَحْمُها لا يُطْعَمُ
عنى باللِّقْحة فيه المرأَة المُرْضِعَة وجعل المرأَة لَِقْحة لتصح له
الأُحْجِيَّة. وتَقَيَّلَ: شَرِبَ القَيْل، وهو شُربُ نصف النهار؛ واستعار
بعض الشعراء اللَّقَحَ لإِنْباتِ الأَرضين المُجْدِبة؛ فقال يصف سحاباً:
لَقِحَ العِجافُ له لسابع سبعةٍ،
فَشَرِبْنَ بعدَ تَحَلُّؤٍ فَرَوِينا
يقول: قَبِلَتِ الأَرَضون ماءَ السحاب كما تَقْبَلُ الناقةُ ماءَ الفحل.
وقد أَسَرَّت الناقة لَقَحاً ولَقاحاً وأَخْفَتْ لَقَحاً ولَقاحاً؛ بقال
غَيْلان:
أَسَرَّتْ لَقَاحاً، بعدَما كانَ راضَها
فِراسٌ، وفيها عِزَّةٌ ومَياسِرُ
أَسَرَّتْ: كَتَمَتْ ولم تُبَشِّر به، وذلك أَن الناقة إِذا لَقِحَتْ
شالت بذنبها وزَمَّت بأَنفها واستكبرت فبان لَقَحُها وهذه لم تفعل من هذا
شيئاً. ومَياسِرُ: لِينٌ؛ والمعنى أَنها تضعف مرة وتَدِلُّ أُخرى؛ وقال:
طَوَتْ لَقَحاً مثلَ السِّرارِ، فَبَشَّرتْ
بأَسْحَمَ رَيَّان العَشِيَّة، مُسْبَلِ
قوله: مثل السِّرار أَي مثل الهلال في ليلة السِّرار. وقيل: إِذا
نُتِجَتْ بعضُ الإِبل ولم يُنْتَجْ بعضٌ فوضع بعضُها ولم يضع بعضها، فهي
عِشارٌ، فإِذا نُتِجَت كلُّها ووضَعَت، فهي لِقاحٌ.
ويقال للرجل إِذا تكلم فأَشار بيديه: تَلَقَّحتْ يداه؛ يُشَبَّه بالناقة
إِذا شالت بذنبها تُرِي أَنها لاقِحٌ لئلا يَدْنُوَ منها الفحلُ فيقال
تَلَقَّحتْ؛ وأَنشد:
تَلَقَّحُ أَيْدِيهم، كأَن زَبِيبَهُمْ
زَبِيبُ الفُحولِ الصِّيدِ، وهي تَلَمَّحُ
أَي أَنهم يُشيرون بأَيديهم إِذا خَطَبُوا. والزبيبُ: شِبْهُ الزَّبَدِ
يظهر في صامِغَي الخَطِيب إِذا زَبَّبَ شِدْقاه. وتَلَقَّحَت الناقة:
شالت بذنبها تُرِي أَنها لاقِحٌ وليست كذلك.
واللَّقَحُ أَيضاً: الحَبَلُ. يقال: امرأَة سَريعة اللَّقَحِ وقد
يُستعمل ذلك في كل أُنثى، فإِما أَن يكون أَصلاً وإِما أَن يكون
مستعاراً.وقولهم: لِقاحانِ أَسودان كما قالوا: قطيعان، لأَنهم يقولون لِقاحٌ
واحدة كما يقولون قطيع واحد، وإِبل واحد.
قال الجوهري: واللِّقْحَةُ اللَّقُوحُ، والجمع لِقَحٌ مثل قِرْبَة
وقِرَبٍ. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه أَوصى عُمَّاله إِذ بعثهم فقال:
وأَدِرُّوا لِقْحَةَ المسلمين؛ قال شمر: قال بعضهم أَراد بِلِقْحة المسلمين
عطاءهم؛ قال الأَزهري: أَراد بِلِقْحةِ المسلِمين دِرَّةَ الفَيْءِ
والخَراج الذي منه عطاؤهم وما فُرض لهم، وإِدْرارُه: جِبايَتُه وتَحَلُّبه،
وجمعُه مع العَدْلِ في أَهل الفيء حتى يَحْسُنَ حالُهُم ولا تنقطع مادّة
جبايتهم.
وتلقيح النخل: معروف؛ يقال: لَقِّحُوا نخلَهم وأَلقحوها. واللَّقاحُ: ما
تُلْقَحُ به النخلة من الفُحَّال؛ يقال: أَلْقَح القومُ النخْلَ
إِلقاحاً ولَقَّحوها تلقيحاً، وأَلْقَحَ النخل بالفُحَّالةِ ولَقَحه، وذلك أَن
يَدَعَ الكافورَ، وهو وِعاءُ طَلْع النخل، ليلتين أَو ثلاثاً بعد انفلاقه،
ثم يأْخذ شِمْراخاً من الفُحَّال؛ قال: وأَجودُه ما عَتُقَ وكان من عام
أَوَّلَ، فيَدُسُّون ذلك الشِّمْراخَ في جَوْفِ الطَّلْعة وذلك بقَدَرٍ،
قال: ولا يفعل ذلك إِلا رجل عالم بما يفعل، لأَنه إِن كان جاهلاً فأَكثر
منه أَحْرَقَ الكافورَ فأَفسده، وإِن أَقلَّ منه صار الكافورُ كثيرَ
الصِّيصاء، يعني بالصيصاء ما لا نَوَى له، وإِن لم يُفعل ذلك بالنخلة لم
ينتفع بطلعها ذلك العام؛ واللَّقَحُ: اسم ما أُخذَ من الفُحَّال ليُدَسَّ في
الآخر؛ وجاءنا زَمَنُ اللَّقَاح أَي التلْقيحِ. وقد لُقِّحَتِ النخيلُ،
ويقال للنخلة الواحدة: لُقِحتْ، بالتخفيف، واسْتَلْقَحَتِ النخلةُ أَي آن
لها أَن تُلْقَح. وأَلْقَحَتِ الريحُ السحابةَ والشجرة ونحو ذلك في كل
شيء يحمل.
واللَّواقِحُ من الرياح: التي تَحْمِلُ النَّدَى ثم تَمُجُّه في السحاب،
فإِذا اجتمع في السحاب صار مطراً؛ وقيل: إِنما هي مَلاقِحُ، فأَما قولهم
لواقِحُ فعلى حذف الزائد؛ قال الله سبحانه: وأَرسلنا الرياح لوَاقِحَ؛
قال ابن جني: قياسه مَلاقِح لأَن الريح تُلْقِحُ السحابَ، وقد يجوز أَن
يكون على لَقِحَت، فهي لاقِح، فإِذا لَقِحَت فَزَكَتْ أَلْقَحت السحابَ
فيكون هذا مما اكتفي فيه بالسبب من المسبب، وضِدُّه قول الله تعالى؛ فإِذا
قرأْتَ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم؛ أَي فإِذا أَردت قراءة
القرآن، فاكتفِ بالمُسَبَّب الذي هو القراءة من السبب الذي هو الإِرادة؛
ونظيره قول الله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا إِذا قمتم إِلى الصلاة؛ أَي
إِذا أَردتم القيام إِلى الصلاة، هذا كله كلام ابن سيده؛ وقال الأَزهري:
قرأَها حمزة: وأرسلنا الرياحَ لَواقِحَ، فهو بَيِّنٌ ولكن يقال: إِنما
الريح مُلْقِحَة تُلْقِحُ الشجر، فقيل: كيف لواقح؟ ففي ذلك معنيان: أَحدهما
أَن تجعل الريح هي التي تَلْقَحُ بمرورها على التراب والماء فيكون فيها
اللِّقاحُ فيقال: ريح لاقِح كما يقال ناقة لاقح ويشهد على ذلك أَنه وصف ريح
العذاب بالعقيم فجعلها عقيماً إِذ لم تُلْقِحْ، والوجه الآخر وصفها
باللَّقْح وإِن كانت تُلْقِح كما قيل ليلٌ نائمٌ والنوم فيه وسِرٌّ كاتم،
وكما قيل المَبْرُوز والمحتوم فجعله مبروزاً ولم يقل مُبْرِزاً، فجاز مفعول
لمُفْعِل كما جاز فاعل لمُفْعَل، إِذا لم يَزِدِ البناءُ على الفعل كما
قال: ماء دافق؛ وقال ابن السكيت: لواقح حوامل، واحدتها لاقح؛ وقال أَبو
الهيثم: ريح لاقح أَي ذات لقاح كما يقال درهم وازن أَي ذو وَزْن، ورجل رامح
وسائف ونابل، ولا يقال رَمَحَ ولا سافَ ولا نَبَلَ، يُرادُ ذو سيف وذو
رُمْح وذو نَبْلٍ؛ قال الأَزهري: ومعنى قوله: أَرسلنا الرياح لواقح أَي
حوامل، جعل الريح لاقحاً لأَنها تحمل الماء والسحاب وتقلِّبه وتصرِّفه، ثم
تَسْتَدِرُّه فالرياح لواقح أَي حوامل على هذا المعنى؛ ومنه قول أَبي
وَجْزَةَ:
حتى سَلَكْنَ الشَّوَى منهنّ في مَسَكٍ،
من نَسْلِ جَوَّابةِ الآفاقِ، مِهْداجِ
سَلَكْنَ يعني الأُتُنَ أَدخلن شَوَاهُنَّ أَي قوائمهن في مَسَكٍ أَي
فيما صار كالمَسَكِ لأَيديهما، ثم جعل ذلك الماء من نسل ريح تجوب البلاد،
فجعل الماء للريح كالولد لأَنها حملته، ومما يحقق ذلك قوله تعالى: هو الذي
يُرْسِلُ الرياحَ نُشْراً بين يَدَيْ رَحْمَتِه حتى إِذا أَقَلّتْ
سَحاباً ثِقالاً أَي حَمَلَتْ، فعلى هذا المعنى لا يحتاج إِلى أَن يكون لاقِحٌ
بمعنى ذي لَقْحٍ، ولكنها تَحْمِلُ السحاب في الماء؛ قال الجوهري: رياحٌ
لَواقِحُ ولا يقال ملاقِحُ، وهو من النوادر، وقد قيل: الأَصل فيه
مُلْقِحَة، ولكنها لا تُلْقِحُ إِلا وهي في نفسها لاقِحٌ، كأَن الرياحَ لَقِحَت
بخَيْرٍ، فإِذا أَنشأَتِ السحابَ وفيها خيرٌ وصل ذلك إِليه. قال ابن
سيده: وريح لاقحٌ على النسب تَلْقَحُ الشجرُ عنها، كما قالوا في ضِدِّهِ
عَقِيم. وحَرْب لاقحٌ: مثل بالأُنثى الحامل؛ وقال الأَعشى:
إِذا شَمَّرَتْ بالناسِ شَهْبَاءُ لاقحٌ،
عَوانٌ شديدٌ هَمْزُها، وأَظَلَّتِ
يقال: هَمَزَتْه بناب أَي عضَّتْه؛ وقوله:
وَيْحَكَ يا عَلْقَمةُ بنَ ماعِزِ
هل لك في اللَّواقِحِ الجَوائِزِ؟
قال: عنى باللَّواقح السِّياط لأَنه لصٌّ خاطب لِصَّاً. وشَقِيحٌ
لَقِيحٌ: إِتباع. واللِّقْحةُ واللَّقْحةُ: الغُراب. وقوم لَقَاحٌ وحَيٌّ
لَقاحٌ لم يدِينُوا للملوك ولم يُمْلَكُوا ولم يُصِبهم في الجاهلية سِباءٌ؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
لَعَمْرُ أَبيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمِي،
لَنِعْمَ الحَيُّ في الجُلَّى رِياحُ
أَبَوْا دِينَ المُلُوكِ، فهم لَقاحٌ،
إِذا هِيجُوا إِلى حَرْبٍ، أَشاحوا
وقال ثعلب: الحيُّ اللَّقاحُ مشتق من لَقاحِ الناقةِ لأَن الناقة إِذا
لَقِحتْ لم تُطاوِع الفَحْلَ، وليس بقويّ.
وفي حديث أَبي موسى ومُعاذٍ: أَما أَنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ
اللَّقُوحِ أَي أَقرؤه مُتَمَهِّلاً شيئاً بعد شيء بتدبر وتفكر، كاللَّقُوحِ
تُحْلَبُ فُواقاً بعد فُواقٍ لكثرة لَبَنها، فإِذا أَتى عليها ثلاثة أَشهر
حُلِبتْ غُدْوَةً وعشيًّا.
الأَزهري: قال شمر وتقول العرب: إِن لي لَِقْحَةً تُخْبرني عن لِقاحِ
الناس؛ يقول: نفسي تخبرني فَتَصدُقني عن نفوسِ الناس، إِن أَحببت لهم خيراً
أَحَبُّوا لي خيراً وإِن أَحببت لهم شرًّا أَحبوا لي شرًّا؛ وقال يزيد
بن كَثْوَة: المعنى أَني أَعرف ما يصير إِليه لِقاح الناس بما أَرى من
لَِقْحَتي، يقال عند التأْكيد للبصير بخاصِّ أُمور الناس وعوامِّها.
وفي حديث رُقْية العين: أَعوذ بك من شر كل مُلْقِحٍ ومُخْبل تفسيره في
الحديث: أَن المُلْقِح الذي يولَد له، والمُخْبِل الذي لا يولَدُ له، مِن
أَلْقَح الفحلُ الناقةَ إِذا أَولدها. وقال الأَزهري في ترجمة صَمْعَر،
قال الشاعر:
أَحَيَّةُ وادٍ نَغْرَةٌ صَمْعَرِيَّةٌ
أَحَبُّ إِليكم، أَم ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟
قال: أَراد باللَّواقِح العقارب.
ضفر: الضَّفْرُ: نَسْجُ الشعر وغيرِه عَرِيضاً، والتضْفِيرُ مثلُه.
والضَّفيرةُ: العَقِيصَة؛ وقد ضَفَر الشعر ونحوَه ويَضْفِرُه ضَفْراً: نسجَ
بعضَه على بعض. والضَّفْرُ: الفَتْل. وانْضَفَرَ الحَبْلانِ إِذا الْتَويا
معاً. وفي الحديث: إِذا زَنَتِ الأَمةُ فبِعْها ولو بضفَيرٍ؛ أَي بحَبْل
مفتول من شعر، فَعِيل بمعنى مفعول. والضَّفْر: ما شَدَدْت به البعيرَ من
الشعر المضْفُور، والجمعُ ضُفُورٌ. والضَّفَارُ: كالضَّفْرِ والجمع
ضُفُر؛ قال ذو الرمة:
أَوْرَدْته قَلِقاتِ الضُّفْر قد جَعَلت
تَشْكو الأَخِشَّةَ في أَعناقها صَعَرا
ويقال للذُّؤابة: ضَفِيرةٌ. وكلُّ خُصْلة من خُصَل شعر المرأَة تُضْفَر
على حِدَة: ضَفِيرةٌ، وجمعُها ضِفائِرُ؛ قال ابن سيده: والضَّفر كل
خُصْلة من الشعر على حِدَتِها؛ قال بعض الأَغْفال:
ودَهَنَتْ وَسَرَّحَتْ ضُفَيْرى
والضَّفِيرةُ: كالضَّفْر. وضَفَرَت المرأَة شعرها تَضْفِره ضَفْراً:
جَمعته. وفي حديث عليٍّ: أَنَّ طَلْحة بن عُبَيدالله نازَعَه في ضَفِيرةٍ
كان عليٌّ ضَفَرَها في وادٍ كانت إِحدى عُِدْوَتَى الوادي له، والأُخرى
لِطَلْحةَ، فقال طلحةُ: حَمَل عليّ السُّيولَ وأَضَرّ بي؛ قال ابن
الأَعرابي: الضَّفِيرةُ مثل المُسَنَّاة المستطيلة في الأَرض فيها خشبٌ وحجارة،
وضَفْرها عَملُها من الضَّفْر، وهو النَّسْج، ومنه ضَفْرُ الشَّعَر
وإِدْخالُ بعضِه في بعض؛ ومنه الحديث الآخر: فقام على ضَفِيرة السُّدَّة،
والحديث الآخر: وأَشارَ بيده وراءَ الضَّفِيرة؛ قال منصور: أُخذَت الضَّفِيرةُ
من الضَّفْر وإِدْخالِ بعضِه في بعض مُعْترِضاً؛ ومنه قيل للبِطَانِ
المُعَرَّض: ضَفْرٌ وضَفِيرة. وكِنانةٌ ضفِيرةٌ أَي ممتلئة. وفي حديث أُم
سلمة أَنها قالت للنبي، صلى الله عليه وسلم: إِني امرأَةٌ أَشُدّ ضَفْرَ
رَأْسِي أَفأَنْقُضُه للغُسْل؟ أَي تَعْمل شعرها ضَفائرَ، وهي الذَّوائِب
المَضْفُورة، فقال: إِنما يَكفيك ثَلاثُ حَثَياتٍ من الماء. وقال الأَصمعي:
هي الضفائرُ والجَمائرُ، وهي غدائِرُ المرأَة، واحدتها ضَفِيرة
وجَمِيرةٌ، ولها ضَفِيرتان وضَفْرانِ أَيضاً أَي عَقِيصتَان؛ عن يعقوب. أَبو زيد:
الضَّفِيرتان للرجال دون النساء، والغدائرُ للنساء، وهي المَضْفُورة وفي
حديث عمر: مَنْ عَقَصَ أَو ضَفَرَ فعليه الحَلْقُ، يعني في الحجّ. وفي
حديث النخعي: الضافِر والمُلَبِّدُ والمُجَمِّرُ عليهم الحَلْقُ. وفي حديث
الحسن بن علي: أَنه غَرَز ضَفْرَه في قفاه أَي طرَفَ ضفيرته في أَصلها.
ابن بُزُرج: يقال تَضَافَرَ القومُ على فلان وتَظافَرُوا عليه وتظاهَروا
بمعنى واحد كلُّه إِذا تعَاونوا وتَجَمَّعُوا عليه، وتأَلّبُوا
وتصابَرُوا مثلُه. ابن سيده: تَضَافَرَ القومُ على الأَمر تَظاهَرُوا وتَعاوَنوا
عليه.
الليث: الضَّفْرُ حِقْفٌ من الرَّمْل عَريض طويل، ومنهم من يُثَقِّل؛
وأَنشد:
عَوانِكٌ مِنْ ضَفَرٍ مَأْطُورِ
الجوهري: يقال للحِقْف من الرمل ضَفِيرةٌ، وكذلك المُسَنّاة، والضَّفْر
من الرمل: ما عظُم وتجمّع، وقيل: هو ما تَعَقّد بعضُه على بعض، والجمع
ضُفُورٌ. والضَّفِرةُ، بكسر الفاء: كالضَّفْرِ، والجمع ضَفِرٌ.
والضَّفِرةُ: أَرضٌ سَهلة مستطيلة مُنْبِتة تقُودُ يوماً أَو يومين. وضَفِيرُ البحر:
شَطُّه. وفي حديث جابر: ما جَزَرَ عنه الماءُ في ضَفِيرِ البحْر
فَكُلْهُ، أَي شَطِّه وجانبه، وهو الضَّفِيرةُ أَيضاً. والضَّفْرُ: البِناءُ
بحجارة بغير كِلْسٍ ولا طِينٍ؛ وضَفَرَ الحجارةَ حولَ بيِته ضَفْراً.
والضَّفْرُ: السَّعْيُ. وضَفَرَ في عَدْوهِ يَضْفِر ضَفْراً أَي عدَا، وقيل:
أَسرع. الأَصمعي: أَفَرَ وضَفَر، بالراء جميعاً، إِذا وَثَبَ في عَدْوهِ.
وفي الحديث: ما على الأَرض من نَفْسٍ تَموت له عند الله خيرٌ تُحِبّ أَن
تَرْجِعَ إِليكم ولا تُضافِرَ الدُّنيا إِلاَّ القَتِيل في سبيل الله،
فإِنه يُحِبُّ أَن يرجعَ فيُقْتَلَ مرَّة أُخْرَى؛ المُضافَرَةُ: المُماوَدة
والمُلابسةُ، أَي لا يُحبُّ مُعاوََدةَ الدنيا وملاَبستها إِلاَّ
الشَّهِيدُ؛ قال الزمخشري: هو عندي مُفاعلة من الضَّفْر وهو الطَّفْر والوُثوب
في العَدْوِ، أَي لا يَطْمَحُ إِلى الدنيا ولا يَنْزُو إِلى العَوْد
إِليها إِلاَّ هو، وذكره الهروي بالراء وقال: المُضافرة، بالضاد والراء،
التأَلُّبُ؛ وذكره الزمخشري ولم يقيده لكنه جعَل اشتقاقَه من الضَّفْز وهو
الظَّفْرُ والقَفْزُ، وذلك بالزاي؛ قال ابن الأَثير: ولعله يقال بالراء
والزاي، فإِنَّ الجوهري قال: الضَّفْرُ السَّعْيُ، وقد ضَفَر يضِفْر
ضَفْراً، والأَشْبَهُ بما ذهب إِليه الزمخشري أَنه بالزاي. وفي حديث عليٍّ:
مُضافَرة القومِ أَي مُعاونَتهم، وهذا بالراء لا شك فيه. والضَّفْرُ: حزامُ
الرَّحْل، وضَفَرَ الدابَّةَ يَضْفِرُها ضَفْراً: أَلْقَى اللجامَ في
فيها.
دسر: الدَّسْرُ: الطعن والدَّفْعُ الشديد، يقال: دَسَرَه بالرمح؛ قال
الشاعر:
عن ذي قَدَامِيسَ كَهامٍ قد دَسَرْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: إِن أَخوف ما أَخاف عليكم أَن يؤخذ الرجل
المسلم البريء عند الله فَيُدْسَرَ كما يُدْسَرُ الجَزُورُ؛ الدَّسْرُ:
الدفع، أَي يُدْفَعَ ويُكَبَّ للقتل ما يفعل بالجزور عند النحر، وفي حديث
الحجاج أَنه قال لسِنان بن يزيد النخعي: كيف قتلت الحسين؟ قال: دَسَرْتُه
بالرمح دَسْراً وهَبَرْتُه بالسيف هَبْراً أَي دَفَعْتُهُ دَفْعاً
عنيفاً، فقال له الحجاج: أَما والله لا تجتمعان في الجنة أَبداً. ابن سيده:
دَسَرَه يَدْسُرُه دَسْراً طعنه ودفعه. والدَّسْرُ أَيضاً في البُضْعِ،
يقال: دَسَرَها بأَيرِه. ودَسَرَت السفينةُ الماءَ بصدرها: عاندته،
والدِّسارُ: خيط من ليف يشدّ به أَلواحها، وقيل: هو مسمارها، والجمع دُسُرٌ. وفي
التنزيل العزيز: وحملناه على ذات أَلواح ودُسُرٍ، ودُسْرٍ أَيضاً عُسُرٍ
وعُسْرٍ؛ وقال بشر:
مُعَبَّدَة السَّقَائفِ ذات دُسْرٍ،
مُضَبَّرَة، جَوانِبُها رَدَاحُ
وفي حديث ابن عباس وسئل عن زكاة العنبر فقال: إِنما هو شيء دَسَرَهُ
البحر أَي دفعه موج البحر وأَلقاه إِلى الشَّطِّ فلا زكاة فيه. وفي حديث
علي، كرم الله وجهه: رَفَعَها بغير عَمَدٍ يَدْعَمُها ولا دِسارٍ
يَنْتَظِمُها؛ الدِّسارُ: المِسْمارُ، وجمعه دُسُرٌ، وقد دَسَرَ به دَسْراً، وكل ما
سُمِّرَ، فقد دُسِرَ؛ قال الفراء: الدُّسُرُ مسامير السفينة وشُرُطُها
التي تُشَدُّ بها. وقال الزجاج: كل شيء يكون نحو السَّمْرِ وإِدخال شيء في
شيء بقوَّة، فهو الدَّسْرُ. يقال: دَسَرْتُ المسمار أَدْسُرُه
وأَدْسِرُهُ دَسْراً. وقال مجاهد: الدَّسْرُ إِصلاح السفينة؛ وقيل: الدَّسْرُ
خَرْزُ السفينة، وقيل: هي السفينة نفسها تَدْسُرُ الماء بصدرها أَي تدفعه؛
قال ابن أَحمر:
ضَرباً هذاذَيْكَ وطَعْناً مِدسَرَا
ويقال: الدِّسارُ الشَّريط من الليف الذي يشد بعضه ببعض.
ورجل مِدْسَرٌ. والدَّوْسَرُ: الذكر الضخم الشديد.
وكَتِيبَةٌ دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ: مجتمعة. ودَوْسَرٌ: كتيبة للنعمان
اشْتُقَّتْ من ذلك. وجَمَلٌ دَوْسَرٌ ودَوْسريٌّ ودَوْسَرَانِيٌّ
ودُوَاسِرِيٌّ: ضخم شديد مجتمع ذو هامة ومناكب، والأُنثى دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ؛ قال
عدي:
ولقد عَدَّيْتُ دَوْسَرَةً،
كَعَلاَةِ القَيْنِ، مِذْكارا
وقيل: الدَّوْسَرُ النوق العظيمة، وقال الفراء: الدَّوْسَرِيُّ القويُّ
من الإِبل. ودَوْسَرٌ: اسم فرس؛ قال:
لَيْسَتْ من الفِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ،
قد سَبَقَتْ قَيْساً، وأَنتَ تَنْظُرُ
أَراد: قد سبقت خيل قيس؛ قال ابن سيده: هكذا أَنشده يعقوب الفِرْقِ
البِطاءِ والمعروف من الفُرْقِ. والدُّوَاسِرُ: الماضي الشديد. والدَّوْسَرُ:
القديم. والدَّوْسَرُ الزُّوَانُ في الحنطة، واحدته دَوْسَرَةٌ. وقال
أَبو حنيفة: الدَّوْسَرُ نبات كنبات الزرع غير أَنه يجاوز الزرع في الطول
وله سنبل وحب دقيق أَسمر. ودَوْسَرٌ: اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر؛
وأَنشد للمثقب العبدي يمدح عمرو بن هند وكان نصرهم على كتيبة النعمان:
كُلُّ يَوْمٍ كانَ عَنَّا جَلَلاً،
غَيرَ يَومِ الحِنْوِ من جَنَبيْ قَطَرْ
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيه ضَرْبَةً،
أَثْبَتَتْ أَوْتادَ مُلْكٍ فاسْتَقَرْ
فَجَزَاهُ اللهُ من ذِي نِعْمَةٍ،
وجَزاهُ اللهُ، إِنْ عَبْدٌ كَفَرْ
وهذا الشعر أَورده الجوهري:
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فيهم ضَرْبَةً
وصوابه: دوسر فيه لأَنه عائد على يوم الحِنْوِ.
والجَلَلُ: من الأَضداد يكون الحقير والعظيم، وهو في هذا البيت الحقير.
وقَطَرُ: قَصَبَةُ عُمَانَ. وبنو سعد بن زيد مناة كانت تلقب في الجاهلية
دَوْسَر.
لعب: اللَّعِبُ واللَّعْبُ: ضدُّ الجِدِّ، لَعِبَ يَلْعَبُ لَعِـباً ولَعْباً، ولَعَّبَ، وتَلاعَبَ، وتَلَعَّبَ مَرَّة بعد أُخرى؛ قال امرؤُ القيس:
تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ، * وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل
وفي حديث تَميم والجَسَّاسَة: صادَفْنا البحر حين اغْتَلَم، فلَعِبَ بنا
الـمَوْجُ شهراً؛ سَمَّى اضطراب الـمَوْج لَعِـباً، لما لم يَسِرْ بهم
إِلى الوجْه الذي أَرادوه. ويقال لكل من عَمِلَ عملاً لا يُجْدي عليه
نَفْعاً: إِنما أَنتَ لاعِبٌ. وفي حديث الاستنجاءِ: إِن الشيطانَ يَلْعَبُ
بمقاعِدِ بني آدم أَي انه يحضُر أَمكنة الاستنجاءِ ويَرْصُدُها بالأَذَى والفساد، لأَنها مواضع يُهْجَرُ فيها ذكر اللّه، وتُكْشَف فيها العوراتُ، فأُمرَ بسَتْرها والامتناع من التَّعَرُّض لبَصَر الناظرين ومَهابِّ الرياح ورَشاش البول، وكلُّ ذلك من لَعِبِ الشيطان.
والتَّلْعابُ: اللَّعِبُ، صيغةٌ تدلُّ على تكثير
المصدر، كفَعَّل في الفِعْل على غالب الأَمر. قال سيبويه: هذا باب ما تُكَثِّر فيه المصدرَ من فَعَلْتُ، فتُلْحِقُ الزوائد، وتَبْنيه بناءً آخَر، كما أَنك قلتَ في فَعَلْتُ: فَعَّلْتُ، حين كَثَّرْتَ الفعلَ، ثم ذكر المصادر التي جاءَت على التَّفْعال كالتَّلْعاب وغيره؛ قال: وليس شيءٌ من ذلك مصدر فَعَلْتُ، ولكن لما أَردت التكثير، بنيت المصدر على هذا، كما بنيت فَعَلْتُ على فَعَّلْتُ.
ورجل لاعِبٌ ولَعِبٌ ولِعِبٌ، على ما يَطَّرِد في هذا النحو، وتِلْعابٌ وتِلْعابة، وتِلِعَّابٌ وتِلِعَّابة، وهو من الـمُثُل التي لم يذكرها سيبويه.
قال ابن جني: أَما تِلِعَّابة، فإِن سيبويه، وإِن لم يذكره في الصفاتِ، فقد ذكره في المصادر، نحو تَحَمَّلَ تِحِمَّالاً، ولو أَرَدْتَ المرَّةَ الواحدةَ من هذا لوَجَبَ أَن تكون تِحِمَّالةً، فإِذا ذَكَر تِفِعَّالاً
فكأَنه قد ذكره بالهاءِ، وذلك لأَن الهاءَ في تقدير الانفصال على غالب الأَمر، وكذلك القول في تِلِقَّامةٍ، وسيأْتي ذكره. وليس لقائل أَن يَدَّعيَ أَن تِلِعَّابة وتِلِقَّامةً في الأَصل المرَّة الواحدة، ثم وُصِفَ به كما قد يقال ذلك في المصدر، نحو قوله تعالى: إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكم غَوْراً؛ أَي غائِراً، ونحو قوله: فإِنما هي إِقْبالٌ وإِدْبارُ؛ من قِبَلِ أَنَّ مَنْ وَصَفَ بالمصدر، فقال: هذا رجل زَوْرٌ وصَوْمٌ، ونحو ذلك، فإِنما صار ذلك له، لأَنه أَراد المبالغة، ويجعله هو نفس الحدَث، لكثرة ذلك منه، والمرَّة الواحدة هي أَقل القليل من ذلك الفعل، فلا يجوز أَن يريد معنى غايةِ الكَثْرة، فيأْتي لذلك بلفظِ غايةِ القِلَّةِ، ولذلك لم يُجِـيزوا: زيد إِقْبالةٌ وإِدبارة، على زيدٌ إِقْبالٌ وإِدْبارٌ، فعلى هذا لا يجوز أَن يكون قولهم: رجل تِلِعَّابة وتِلِقَّامة، على حَدِّ قولك: هذا رجلٌ صَومٌ، لكن الهاءَ فيه كالهاءِ في عَلاَّمة ونَسَّابة للمبالغة؛ وقولُ
النابغة الجَعْدِيّ:
تَجَنَّبْتُها، إِني امْرُؤٌ في شَبِـيبَتي * وتِلْعابَتي، عن رِيبةِ الجارِ، أَجْنَبُ
فإِنه وَضَعَ الاسمَ الذي جَرى صفة موضع المصدر، وكذلك أُلْعُبانٌ، مَثَّل به سيبويه، وفسره السيرافي. وقال الأَزهري: رجل تِلْعابة إِذا كان يَتَلَعَّبُ، وكان كثيرَ اللَّعِبِ. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: زعم ابنُ النابغة أَني تِلْعابةٌ؛ وفي حديث آخر: أَنَّ عَليّاً كان تِلْعابةً أَي كثيرَ الـمَزْحِ والـمُداعَبة، والتاءُ زائدة. ورجل لُعَبةٌ: كثير اللَّعِب.
ولاعَبه مُلاعبةً ولِعاباً: لَعِبَ معه؛ ومنه حديث جابر: ما لكَ
وللعَذارى ولِعابَها؟ اللِّعابُ، بالكسر: مثلُ اللَّعِبِ. وفي الحديث: لا يَـأْخُذَنَّ أَحدُكم مَتاعَ أَخيه لاعِـباً جادّاً؛ أَي يأْخذه ولا يريد سرقته ولكن يريد إِدخال الهمّ والغيظ عليه، فهو لاعبٌ في السرقة، جادٌّ في الأَذِيَّة.
وأَلْعَبَ المرأَةَ: جَعَلَها تَلْعَبُ. وأَلْعَبها: جاءَها بما تَلْعَبُ به؛ وقولُ عَبِـيد بن الأَبْرَص:
قد بِتُّ أُلْعِـبُها وَهْناً وتُلْعِـبُني، * ثم انْصَرَفْتُ وهي منِّي على بالِ
يحتمل أَن يكون على الوجهين جميعاً.
وجاريةٌ لَعُوبٌ: حَسَنةُ الدَّلِّ، والجمعُ لَعائبُ. قال الأَزهري:
ولَعُوبُ اسمُ امرأَة، سميت لَعُوبَ لكثرة لَعِـبها، ويجوز أَن تُسَمَّى لَعُوبَ، لأَنه يُلْعَبُ بها.
والـمِلْعَبَة: ثوبٌ لا كُمَّ له (1)
(1 قوله «والملعبة ثوب إلخ» كذا ضبط بالأصل والمحكم، بكسر الميم، وضبطها المجد كمحسنة، وقال شارحه وفي نسخة
بالكسر.) ، يَلْعَبُ فيه الصبـيُّ.
واللَّعَّابُ: الذي حِرْفَتُه اللَّعِبُ.والأُلْعوبةُ: اللَّعِبُ. وبينهم أُلْعُوبة، مِن اللَّعِبِ. واللُّعْبةُ: الأَحْمَق الذي يُسْخَرُ به، ويُلْعَبُ، ويَطَّرِدُ عليه بابٌ. واللُّعْبةُ: نَوْبةُ اللَّعِبِ. وقال الفراء: لَعِـبْتُ لَعْبةً واحدةً؛
واللِّعْبةُ، بالكسر: نوع من اللَّعِبِ. تقول: رجل حَسَنُ اللِّعْبة، بالكسر، كما تقول: حسَنُ الجِلْسة. واللُّعْبةُ: جِرْم ما يُلْعَبُ به
كالشِّطْرَنْج ونحوه. واللُّعْبةُ: التِّمْثالُ. وحكى اللحياني: ما رأَيت لكَ لُعْبةً أَحْسَنَ من هذه، ولم يَزِدْ على ذلك. ابن السكيت يقول: لِـمن اللُّعْبةُ؟ فتضم أَوَّلَها، لأَنها اسمٌ. والشِّطْرَنْجُ لُعْبةٌ، والنَّرْدُ
لُعْبة، وكلُّ مَلْعوب به، فهو لُعْبة، لأَنه اسم. وتقول: اقْعُدْ حتى
أَفْرُغَ من هذه اللُّعْبةِ. وقال ثعلب: من هذه اللَّعْبةِ، بالفتح، أَجودُ
لأَنه أَراد المرّة الواحدةَ من اللَّعِب.
ولَعِـبَت الريحُ بالمنزل: دَرَسَتْه.
ومَلاعِبُ الريح: مَدارِجُها. وتركتُه في مَلاعِب الجنّ أَي حيث لا
يُدْرَى أَيْنَ هو.
ومُلاعِبُ ظِلِّه: طائرٌ بالبادية، وربما قيل خاطِفُ ظِلِّه؛ يُثَنَّى
فيه المضافُ والمضافُ إِليه، ويُجْمَعانِ؛ يقال للاثنين: ملاعِـبا
ظِلِّهِما، وللثلاثة: مُلاعِـباتُ أَظْلالِهِنّ، وتقول: رأَيتُ مُلاعِـباتِ
أَظْلالٍ لـهُنَّ، ولا تقل أَظْلالِهنّ، لأَنه يصير معرفة. وأَبو بَرَاء: هو مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عامِرُ بن مالك بن جعفرِ بن كِلابٍ، سُمي بذلك يوم السُّوبان، وجعله لبيدٌ مُلاعِبَ الرِّماحِ لحاجته إِلى القافية؛ فقال:
لو أَنَّ حَيّاً مُدْرِكَ الفَلاحِ، * أَدْرَكَه مُلاعِبُ الرِّماحِ
واللَّعَّابُ: فرسٌ من خيل العرب، معروف؛ قال الهذلي:
وطابَ عن اللَّعَّابِ نَفْساً ورَبَّةً، * وغادَرَ قَيْساً في الـمَكَرِّ وعَفْزَرا
ومَلاعِبُ الصبيانِ والجواري في الدار من دِياراتِ العرب: حيث يَلْعَبُونَ، الواحدُ مَلْعَبٌ.
واللُّعَابُ: ما سال من الفم. لَعَبَ يَلْعَبُ، ولَعِبَ، وأَلْعَبَ:
سالَ لُعابُه، والأُولى أَعلى. وخَصَّ الجوهريُّ به الصبـيَّ، فقال: لَعَبَ الصبـيُّ؛ قال لبيد:
لَعَبْتُ على أَكْتافِهِمْ وحُجورِهِمْ * وَلِـيداً، وسَمَّوْني لَبِـيداً وعاصِمَا
ورواه ثعلب: لَعِـبْتُ على أَكتافهم وصدورهم، وهو أَحسنُ.
وثَغْرٌ مَلْعُوبٌ أَي ذو لُعَاب. وقيل لَعَبَ الرجلُ: سالَ لُعابُه،
وأَلْعَبَ: صارَ له لُعابٌ يَسِـيلُ من فمه. ولُعَابُ الحية والجَرادِ:
سَمُّهما. ولُعاب النَّحْلِ: ما يُعَسِّلُه، وهو العَسَلُ. ولُعَابُ الشَّمْس: شيء تَراه كأَنه يَنْحَدِر من السماءِ إِذا حَمِـيَتْ وقامَ قائمُ الظَّهِـيرة؛ قال جرير:
أُنِخْنَ لتَهْجِـيرٍ، وقَدْ وَقَدَ الـحَصَى، * وذابَ لُعَابُ الشَّمْسِ فَوْقَ الجماجم
قال الأَزهري: لُعَابُ الشَّمْسِ هو الذي يقال له مُخَاطُ الشَّيْطانِ،
وهو السَّهَام، بفتح السين، ويقال له: ريق الشمس، وهو شِـبْهُ الخَيْطِ، تَراه في الـهَواءِ إِذا اشْتَدَّ الـحَرُّ ورَكَدَ الـهَواءُ؛ ومَن قال:
إِن لُعَابَ الشَّمْسِ السَّرَابُ، فقد أَبطلَ؛ إِنما السَّرَابُ الذي
يُرَى كأَنه ماءٌ جارٍ نِصْفَ النهار، وإِنما يَعْرِفُ هذه الأَشْياءَ مَن
لَزِمَ الصَّحارِي
والفَلَوات، وسار في الـهَواجر فيها. وقِـيل: لُعابُ الشمس ما تراه في شِدَّة الحرّ مِثْلَ نَسْجِ العنكبوت؛ ويقال: هو السَّرابُ.
والاسْتِلْعابُ في النخل: أَن يَنْبُتَ فيه شيء من البُسْر، بعد
الصِّرام. قال أَبو سعيد: اسْتَلْعَبَتِ النخلةُ إِذا أَطْلَعَتْ طَلْعاً، وفيها
بقيةٌ من حَمْلها الأَوَّل؛ قال الطرماح يصف نخلة:
أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَتْ بالذي * قد أَنى، إِذْ حانَ وقتُ الصِّرام
واللَّعْباءُ: سَبِخةٌ معروفة بناحية البحرين، بحِذاءِ القَطِـيفِ،
وسِـيفِ البحرِ. وقال ابن سيده: اللَّعْباءُ موضع؛ وأَنشد الفارسي:
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ قَصْراً، * وأَعْجَلْنا إِلاهةَ أَنْ تَـؤُوبا
ويروى: الإِلهةَ، إِلاهةُ اسم للشمس.
دغم: دَغَمَ الغيثُ الأَرض يَدْغَمُها وأَدْغَمَها إذا غشيها وقهرها.
والدَّغْمُ: كَسْرُ الأَنف إلى باطنه هَشْماً. دَغَمَ أَنفه دَغْماً: كسره
إلى باطنه هشماً. والدُّغْمَةُ والدَّغَمُ من أَلوان الخيل: أن يضرب
وجْهُه وجَحافِلُهُ إلى السواد مخالفاً للون سائر جسده، ويكون وجهه مما يلي
جَحافله أشدّ سواداً من سائر جسده، وقد ادْغَامَّ، وفرس أَدْغَمُ،
والأُنثى دَغْماءُ بَيِّنة الدَّغَمِ، وهو الذي يسميه الأَعاجم دِيزَجْ.
والدَّغْماءُ من النِّعاج: التي اسودت نُخْرتُها، وهي الأَرْنَبَةُ، وحَكَمَتُها
وهي الذَّقَنُ. وفي الحديث: أنه ضَحَّى بكبش أَدْغَمَ؛ هو الذي يكون فيه
أدنى سواد وخصوصاً في أَرْنَبَته وتحت حَنَكِه؛ وقالوا في المَثَل:
الذِّئْبُ أَدْغَمُ، لأن الذئب وَلَغَ أو لم يَلَغْ فالدُّغْمَةُ لازمة له،
لأَن الذِّئاب دُغْمٌ، فربما اتُّهِمَ بالوُلوغِ وهو جائع، يضرب هذا مثلاً
لمن يُغْبَطُ بما لم يَنَلْه. والأَدْغَمُ: الأَسود الأنف، وجمعه
الدُّغْمانُ؛ قال أعرابي:
وضَبَّة الدُّغْمانِ، في رُوسِ الأَكَمْ،
مُخْضَرَّةٌ أَعْيُنُها مثلُ الرَّخَمْ
والدُّغْمانُ، بالضم: الأسود، وقيل: الأسود مع عِظَمٍ. ورجل راغِمٌ
داغِمٌ: إتباع، وقد أَرْغَمَهُ الله وأَدْغَمَهُ؛ وقيل: أَرْغَمَهُ الله
أسخطه، وأَدْغَمَه سَوَّدَ وجهَه. وفي الدعاء: رَغْماً دَغْماً شِنَّغْماً،
كلُّ ذلك إتباع. يقال: فعلت ذلك على رَغْمِه ودَغْمِه وشَغْمِه، ويقال:
شِنَّغْمِه. قال أَبو منصور: ويقال وسِنَّغْمه، بالسين المهملة.
وفي النوادر: الدُّغامُ والشُّوالُ
(* قوله «والشوال» كذا هو بالأصل
وشرح القاموس، وفي نسخة من التهذيب: الشواك) وجع يأْخذ في الحلَق.
ودَغِمَهُم الحَرُّ والبَرْدُ يَدْغَمُهُمْ دَغْماً ودَغَمَهُمْ دَغَماناً:
غَشِيَهُمْ، زاد الجوهري: وأَدْغَمَهُمْ أي غشيهم. وأَدْغَمَهُ الشيءُ: ساءه
وأَرْغَمَهُ.
والإدْغامُ: إدخال حرف في حرف. يقال: أَدْغَمْت الحرف وادَّغَمْته، على
افْتَعَلْتُه. والإدْغامُ: إدخال اللجام في أَفواه الدَّوابِّ. وأَدْغَمَ
الفرسَ اللجامَ: أَدخله في فيه، وأَدْغَمَ اللِّجامَ في فمه كذلك؛ قال
ساعِدَةُ بن جُؤَيْةَ:
بمُقْرَباتٍ بأَيْدِيهِمْ أَعِنَّتُها
خُوصٍ، إذا فَزِعُوا أُدْغِمْنَ باللُّجُمِ
قال الأزهري: وإدغامُ الحرف في الحرف مأْخوذ من هذا؛ قال بعضهم: ومنه
اشتقاق الإدْغامِ في الحروف، وقيل: بل اشتقاقُ هذا من إدْغامِ الحُروفِ،
وكلاهما ليس بعَتيق، إِنما هو كلام نَحْوِيّ. نَخْويّ. وأَدْغَمَ الرجلُ:
بادر القومَ مَخافَة أَن يسبقوه فأَكل الطعامَ بغير مَضْغٍ. ودَغَمَ
الإناء دَغْماً: غطاه.
ودُغْمان ودُغَيْمٌ: اسمان.
غرز: غَرَزَ الإِبْرَةَ في الشيء غَرْزاً وغَرَّزَها: أَدخلها. وكلُّ ما
سُمِّرَ في شيء فقد غُرِزَ وغُرِّزَ، وغَرَزْتُ الشيءَ بالإبرة
أَغْرِزُه غَرْزاً. وفي حديث أَبي رافع: مَرَّ بالحسن بن عليّ، عليهما السلام،
وقد غَرَزَ ضَفْرَ رأْسه أَي لَوَى شعره وأَدخل أَطرافه في أُصوله. وفي
حديث الشَّعْبيِّ: ما طَلَع السِّماكُ قَطُّ إِلا غارِزاً ذَنَبَه في
بَرْدٍ؛ أَراد السِّماكَ الأَعْزَلَ، وهو الكوكب المعروف في برج الميزان وطلوعه
يكون مع الصبح لخمس تخلو من تَشْرِينَ الأوّل، وحينئذ يبتدئ، وهو من
غَرَزَ الجرادُ ذَنَبه في الأَرض إِذا أَراد أَن يَبِيضَ. وغَرَزت
الجَرادَةُ وهي غارِزٌ وغرَّزَتْ: أَثبتت ذَنَبها في الأَرض لتبيض، مثل رَزَّتْ؛
وجَرادةٌ غارِزٌ، ويقال: غارِزَةٌ إِذا رَزَّتْ ذَنَبها في الأَرض
لِتَسْرَأَ؛ والمَغْرَزُ بفتح الراء: موضع بيضها. ويقال: غَرَزْتُ عُوداً في
الأَرض ورَكَزْتُه بمعنى واحد.
ومَغْرِزُ الضِّلَع والضِّرْس والريشة ونحوها: أَصْلُها، وهي المغارِزُ.
ومَنْكِب مُغَرَّزٌ: مُلْزَقٌ بالكاهل.
والغَرْزُ: رِكابُ الرحْل، وقيل: ركاب الرحْل من جُلود مخروزة، فإِذا
كان من حديد أَو خشب فهو رِكابٌ، وكل ما كان مِساكاً للرِّجْلَين في
المَرْكَب غَرْزٌ. وغَرَزَ رِجْلَه في الغَرْزِ يَغْرِزُها غَرْزاً: وضعها فيه
ليركب وأَثبتها. واغْتَرَزَ: رَكِبَ. ابن الأَعرابي: والغَرْزُ للناقة
مثل الحزام للفرس. غيره: الغَرْزُ للجَمَلِ مثل الركاب للبغل؛ وقال لبيد في
غَرْز الناقة:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَرَتْ،
أَو قِرابي، عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ
وفي الحديث: كان، صلى الله عليه وسلم، إِذا وَضَع رِجْلَه في الغَرْزِ،
يريد السفرَ، يقول: بسم لله؛ الغَرْزُ: رِكابُ كُورِ الجَمَلِ. وفي
الحديث: أَن رجلاً سأَله عن أَفضل الجهاد فسكت عنه حتى اغْتَرَزَ في
الجَمْرَةِ الثالثة أَي دخَل فيها كما يَدْخُلُ قَدَمُ الراكب في الغَرْزِ. ومنه
حديث أَبي بكر أَنه قال لعمر، رضي الله عنهما: اسْتَمْسِكْ بغَرْزِه أَي
اعتلق به وأَمسِكْه واتَّبِعْ قولَهُ وفعلَهُ ولا تُخالِفْه؛ فاستعار له
الغَرْزَ كالذي يُمسِكُ بركاب الراكب ويسير بسيره. واغْتَرَزَ السَّيْرَ
اغْتِرازاً إِذا دنا مَسِيرُه، وأَصله من الغَرْزِ. والغارِزُ من النوق:
القليلةُ اللبن.
وغَرَزَتِ الناقَةُ تَغْرُزُ
(* قوله« وغرزت الناقة تغرز» من باب كتب
كما هو صنيع القاموس ووجد كذلك مضبوطاً بنسخة صحيحة من النهاية، والحاصل أن
غرز بمعنى نخس وطعن وأثبت من باب ضرب وبمعنى أطاع بعد عصيان من باب سمع،
وغرزت الناقة قلّ لبنها من باب كتب كما في القاموس وغيره)
غِرازاً وهي غارِزٌ من إِبل غُرَّزٍ: قَلَّ لبنها؛ قال القُطامي:
كأَنَّ نُسُوعَ رَحْلي، حينَ ضَمَّتْ
حَوالِبَ غُرَّزاً ومِعًى جِياعا
نسب ذلك إِلى الحوالب لأَن اللبن إِنما يكون في العروق.
وغَرَّزَها صاحِبُها: ترك حلبها أَو كَسَع ضَرْعَها
بماء بارد ليذهب لبنها وينقطع، وقيل: التَّغْرِيزُ أَن تَدَعَ حَلْبَةً
بين حلبتين وذلك إِذا أَدبر لبن الناقة. الأَصمعي: الغارِزُ الناقةُ التي
قد جَذَبَتْ لبنها فرفعته؛ قال أَبو حنيفة: التَّغْرِيزُ أَن يَنْضَح
ضَرْعَ الناقة بالماء ثم يُلَوِّثَ الرجلُ يَدَه في التراب، ثم يَكْسَعَ
الضَّرْعَ كَسْعاً حتى يدفع اللبن إِلى فوق، ثم يأْخذ بذنبها فيجتذبها به
اجتذاباً شديداً، ثم يكسعها به كسعاً شديداً وتُخَلَّى، فإِنها تذهب حينئذ
على وجهها ساعة. وفي حديث عطاء: وسئل عن تَغْرِيزِ الإِبل فقال: إِن كان
مُباهاةً فلا، وإِن كان يريد أَن تَصْلُحَ للبيع فَنَعَمْ. قال ابن
الأَثير: ويجوز أَن يكون تَغْرِيزُها نِتاجَها وسِمَنَها من غَرْزِ الشجر،
قال: والأَول الوجه. وغَرَزَتِ الأَتانُ: قَلَّ لبنها أَيضاً.
أَبو زيد: غَنَمٌ غَوارِزُ وعُيونٌ غَوارِزُ ما تجري لهن دُموع. وفي
الحديث قالوا: يا رسول الله، إِن غنمنا قد غَرَزَتْ أَي قلّ لبنها. يقال:
غَرَزَت الغنم غِرازاً وغَرَّزَها صاحبُها إِذا قطع حلبها وأَراد أَن
تَسْمَنَ؛ ومنه قصيد كعب:
تمرُّ، مِثلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ،
بغارِزٍ لم تُخَوِّنْهُ الأَحالِيلُ
الغارِزُ: الضَّرْعُ قد غَرَزَ وقَلَّ لبنه، ويروى بغارب. والغارِزُ من
الرجال: القليل النكاح، والجمع غُرَّزٌ.
والغَرِيزَةُ: الطبيعةُ والقريحةُ والسَّجِيَّة من خير أَو شر؛ وقال
اللحياني: هي الأَصل والطبيعة؛ قال الشاعر:
إِنّ الشَّجاعَةَ، في الفَتى،
والجُودَ من كَرَمِ الغَرائزْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: الجُبْنُ والجُرْأةُ غَرائزُ أَي أَخلاق
وطبائع صالحة أَو رديئة، واحدتها غَرِيزَة.
ويقال: الْزَمْ غَرْزَ فلان أَي أَمره ونهيه.
الأَصمعي: والغَرَزُ، محرّك، نبت رأَيته في البادية ينبت في سُهولة
الأَرض. غيره: الغَرَزُ ضَرْبٌ من الثُّمامِ صغير ينبت على شُطُوط الأَنهار
لا ورق لها، إِنما هي أَنابيب مركب بعضها في بعض، فإِذا اجتذبتها خرجت من
جوف أُخرى كأَنها عِفاصٌ أُخرج من مُكْحُلَة وهو من الحَمْضِ؛ وقيل: هو
الأَسَلُ، وبه سميت الرماح على التشبيه، وقال أَبو حنيفة: هو من وَخِيمِ
المَرْعى، وذلك أَن الناقة التي ترعاه تنحر فيوجد الغَرَزُ في كوشها
متميزاً عن الماء لا يَتَفَشَّى ولا يورث المال قوّة، واحدتها غَرَزَةٌ، وهو
غير العَرَز الذي تقدم في العين المهملة. وروي عن عمر، رضي الله عنه، أَنه
رأَى في رَوْث فرس شعِيراً في عام مَجاعةٍ فقال: لئن عِشْتُ لأَجعلنّ له
من غَرَزِ النَّقِيعِ ما يُغْنيه عن قوت المسلمين أَي يَكُفُّه عن أَكل
الشعير، وكان يومئذ قوتاً غالباً للناس يعني الخيل والإِبل؛ عَنى
بالغَرَزِ هذا النَّبْتَ؛ والنقيع: موضع حماه عمر، رضي الله عنه، لِنَعَم
الفَيْءِ والخيل المُعَدَّةِ للسبيل. وروي عن نافع عن ابن عمر، رضي الله عنهما،
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حَمَى غَرَزَ النَّقِيع لخيل المسلمين؛
النقيع، بالنون: موضع قريب من المدينة كان حِمًى لنعم الفيء والصدقة. وفي
الحديث أَيضاً: والذي نفسي بيده لَتُعالِجُنَّ غَرَزَ النَّقِيع.
والتَّغارِيزُ: ما حُوِّلَ من فَسِيل النخل وغيره. وفي الحديث: إِن أَهل
التوحيد إِذا أُخرجوا من النار وقد امْتُحِشُوا يَنْبُتون كما تَنْبُتُ
التَّغارِيزُ؛ قال القُتَيْبيُّ: هو ما حُوِّلَ من فَسِيل النخل وغيره،
سمي بذلك لأَنه يحوَّل من موضع إِلى موضع فيُغْرَزُ، وهو التَّغْريزُ
والتَّنْبِيتُ، ومثله في التقدير التَّناوِيرُ لنَوْرِ الشجر، ورواه بعضهم
بالثاء المثلثة والعين المهملة والراءين.
مرث: مَرَثَ به الأَرضَ ومَرَّثها: ضربها به؛ هذه رواية أَبي عبيد،
ورواية الفراء: مَرَنَ،بالنون. ومَرَثَ بالشيءَ في الماء يَمْرُثُهُ
وَيَمْرِثُهُ مَرْثاً: أَنْقَعَه فيه. ومَرثَ الشيءَ يَمْرُثُهُ مَرْثاً، حتى صار
مثل الحَسَاء، ثم تَحَسَّاه. وكلُّ شَيءٍ مُرِذَ، فَقَدْ مُرِثَ.
الأَصمعي في باب المبدل: مَرَثَ فلان الخُبْزَ في الماء ومَرَذه، قال: هكذا
رواه أَبو بكر عن شمر، بالثاء والذال. الجوهري: مَرَثَ التمرَ بيده
يَمْرُثُه مَرْثاً: لغة في مرسه، إِذا ماثه ودافه، وربما قيل: مَرَذَه.
والمَرْثُ: المَرْسُ. ومَرَثَ الشيءَ: ناله بغَمْزٍ ونحوه.والمَرْثُ: مَرْسُك
الشيءَ تَمْرُثُهُ في ماء وغيره حتى يفترق. ومَرَّثَه تمريثاً إِذا فَتَّتَه؛
وأَنشد:
قَراطِفُ اليُمْنَةِ لم تُمَرَّثِ
ومَرَثَ السَّخْلَةَ ومَرَّثَها: الها بسَهَكٍ فلم تَرْأَمها أُمّها
لذلك. ابن الأَعرابي: المَرْثُ المَصُّ، قال والمَرْثَةُ مَصَّةُ الصَّبيِّ
ثَدْيَ أُمِّه مَصَّةً واحدةً، وقد مَرَثَ يَمْرُثُ مَرْثاً إِذا مَصَّ.
ومَرَثَ الصبيُّ اصْبعَه إِذا لاكها؛ قال عبدة بن الطبيب:
فرجَعْتُهم شَتَّى، كأَنّ عمِيدَهم
في المَهْد يَمْرُثُ وَدْعَتَيْهِ مُرْضَِعُ
ومرثَ الصبيُّ يَمْرُثُ إِذا عَضَّ بِدُرْدُرِه. وفي حديث الزبير قال
لابنه: لا تخاصم الخوارج بالقرآن، خاصمهم بالسُّنَّة؛ قال ابن الزبير:
فخاصمتهم بها فكأَنهم صِبْيانٌ يَمْرُثون سُخُبَهم أَي يَعَضُّونها
ويَمَصُّونها. والسُّخُبُ: فلائِدُ الخَرَز؛ يعني أَنهم بُهِتوا وعجزوا عن الجواب.
ومَرَثَ الوَدَعَ يَمْرُثه ويمرِثه مَرْثاً: مَصَّه. وفي المثل: أَلا
تُمَرِّثُني الوَدْع والوَدَع؟ إِذا عاملك فطمِع فيك؛ يُضْرَبُ مثلاً
للأَحمق.
ورجل مِمْرَثٌ: صبور على الخصام، والجمع مَمارِثُ. ابن الأَعرابي:
المَرْثُ الحِلْمُ. ورجل مِمْرَثٌ: حليم وَقُورٌ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَتى السِّقاية وقال: اسْقوني، فقال العباس: إِنهم قد
مَرَّثوه وأَفسدوه. قال شمر: مَرَّثوه أَي وَضَّروه ووسخوه فــإِدخال أَيديهم
الوَضِرَةِ؛ قال: ومَرَّثه ووَضَّرَه واحد. قال وقال ابن جعيل الكلبي:
يقال للصبي إِذا أَخذ ولد الشاة لا تَمْرُثْه بيدك فلا تُرْضِعَه أُمّة،
أُلا تُوَضِّرْهُ بلَطْخ يَدك؛ وذلك أَن أُمه إِذا شَمَّتْ رائحة الوَضَرِ
نفرت منه. وقال المفضل الضبي: يقال أَدْرِك عَناقَك لا يُمَرِّثوها؛
قال: والتَّمْريثُ أَنْ يَمْسَحَها القوم بأَيديهم وفيها غَمَر، فلا
تَرْأَمَها أُمُّها من ريح الغَمَر.