بالضم والقاف: موضع، في قول ابن أحمر:
كأنّ على الجمال أوان حفّت ... هجائن من نعاج أراق، عينا
وقال زيد الخيل الطائيّ:
ولما أن بدت لصفا أراق، ... تجمّع، من طوائفهم، فلول
كأنهم، بجنب الحوض أصلا، ... نعام قالص عنه الظّلول
هرق: الأَزهري: هَراقتِ السماء ماءها وهي تُهَرِيقُ والماء مُهَراق،
الهاء في ذلك كله متحركة لأَنها ليست بأَصلية إنما هي بدل من همزة أَراق،
قال: وهَرَقْت مثل أَرَقْتُ، قال: ومن قال أَهْرَقْت فهو خطأٌ في القياس،
ومثل العرب يخاطب به الغضبان: هَرِّقْ على جمرك
(* قوله «هرق على جمرك» أي
أصبب ماء على نار غضبك) أَو تَبَيَّنْ أَي تَثَبت، ومثل هَرَقْتُ
والأَصل أَرَقْتُ قولُهم: هَرَحْت الدابة وأَرَحْتُها وهَنَرْتُ النار
وأَنَرْتُها، قال: وأما لغة من قال أَهْرَقْتُ الماء فهي بعيدة؛ قال أَبو زيد:
الهاء منها زائدة كما قالوا أَنهأْت اللحم، والأصل أَنأْته بوزن أَنَعْتهُ.
ويقال هَرِّقْ عنا من الظهيرة وأَهْرِئْ عنا بمعناه، من قال أَهْرِقْ
عنا من الظهيرة جعل القاف مبدلة من الهمزة في أَهْرِئْ، قال: وقال بعض
النحويين إنما هو هَراق يُهَرْيقُ لأن الأصل من أَراقَ يُرِيقُ يُأَرْيق،
لأن أَفْعَل يُفْعِلُ كان في الأَصل يُأَفْعِلُ فقلبوا الهمزة التي في
يُأَرْيِقُ هاء فقيل يُهَرْيِق، ولذلك تحركت الهاء. الجوهري: هَراق الماء
يُهَرِيقه، بفتح الهاء، هِراقة أَي صبَّه؛ وأَنشد ابن بري:
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَها، ابنَ لُؤَيّ،
حَذَرَ الموت، لم تكُنْ مُهْراقَهْ
وأَنشد لأَوس بن حجر:
نُبِّئْتُ أَنّ دَماً حراماً نِلْتَهُ،
فهُرِيق في ثوبٍ عليك مُحَبَّر
وأَنشد للنابغة:
وما هُرِيقَ على الأَنْصابِ من جَسَدِ
قال: وأَصل هَراق أَراقَ يُرِيقُ إراقَةً، وأصل أَراقَ أَرْيَقَ، وأَصل
يُرِيِقُ يُرْيِقُ، وأَصل يُرْيِق يُأَرْيِقُ، وإنما قالوا أَنا
أُهَرِيقُه وهم لا يقولون أُأَرِيقُهُ لاستثقالهم الهمزتين، وقد زال ذلك بعد
الإبدال، وفيه لغة أُخرى: أَهْرَقَ الماء يُهْرِقُه إهْراقاً على أَفْعَلَ
يُفْعِلُ؛ قال سيبويه: أَبدلوا من الهمزة الهاء ثم أُلزمت فصارت كأنها من
نفس الحرف، ثم أُدخلت الأَلف بعدُ على الهاء وتركت الهاء عوضاً من حذفهم
حركة العين، لأن أَصل أَهْرَق أَرْيقَ. قال ابن بري: هذه اللغة الثانية
التي حكاها عن سيبوبه هي الثالثة التي يحكيها فيما بعدُ إلاّ أَنه غلط في
التمثيل فقال أَهْرَق يُهْرِق، وهي لغة ثالثة شاذة نادرة ليست بواحدة من
اللغتين المشهورتين؛ يقولون: هَرَقْت الماءَ هَرْقاً وأَهْرَقْتُه
إهْراقاً، فيجعلون الهاء فاء والراء عيناً ولا يجعلونه معتلاً، وأما الثانية
التي حكاها سيبويه فهي أَهْرَاق يُهْرِيق إهْراقةً، فَيَّرها الجوهري وجعلها
ثالثة وجعل مصدرها إهْرِياقاً، أَلا ترى أَنه حكي عن سيبويه في اللغة
الثانية أَن الهاء عوض من حركة العين لأن الأَصل أَرْيَق؟ فهذا يدل أَنه من
أَهْرَاق إهْراقةً بالألف، وكذا حكاه سيبويه في اللغة الثانية الصحيحة،
قال الجوهري: وفيه لغة ثالثة أَهْرَاقُ يُهْرِيق إهْرِياقاً، فهو
مُهْريق، والشيء مُهْراق ومُهَراق أَيضاً، بالتحريك، وهذا شاذ، ونظيره أَسْطَاع
يُسْطيع اسْطِياعاً، بفتح الألف في الماضي وضم الياء في المستقبل، لغة في
أَطاع يُطِيع، فجعلوا السين عوضاً من ذهاب حركة عين الفعل على ما تقدم
ذكره عن الأَخفش في باب العين، قال: وكذلك حكم الهاء عندي. قال ابن بري:
قد ذكرنا أَن هذه اللغة هي الثانية فيما تقدم إلاّ أَنه غَيَّرَ مصدرها
فقال إهْرِياقاً، وصوابه إِهْراقةً، وتاءُ التأْنيث عوض من العين المحذوفة،
وكذلك قال ابن السراج أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْراقةً، وأسْطاع يُسْطيع
إسْطاعةً، قال: وأَما الذي ذكره الجوهري من أَن مصدر أَهْراقَ وأَسْطَاع
إهْرياقاً واسطِياعاً فغلط منه، لأنه غير معروف، والقياس إهْراقةً
وإسْطَاعةً على ما تقدم، وإنما غلَّطه في اسْطِيَاع أَنه أَتى به على وزن
الاسْتِطاعِ مصدر اسْتَطاع، قال: وهذا سهو منه لأن أَسْطاع همزته قطع،
والاسْتِطاع والاسْطِيَاع همزتهما وصل، وقوله: والشيءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضاً،
بالتحريك، غير صحيح لأن مفعول أَهْرَاق مُهْراق لا غير؛ قال: وأَما
مُهَراق، بالفتح، فمفعول هَرَاق وقد تقدم شاهده؛ وشاهد المُهْراق ما أُنشد في
باب الهجاء من الحماسة لعُمارة بن عقيل:
دعَتْهُ، وفي أَثوابِهِ من دِمَائِهَا
خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غير ذَاهِبِ
وقال جرير العِجْلي، ويروى للأخطل وهي في شعره:
إذا ما قُلْتُ: قد صالَحْتُ قَوْمِي،
أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ،
تَبِيدُ المُخْزِياتُ ولا تَبِيدُ
قال: والفاعل من أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وشاهده قول كثيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ
لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ
وقال العُدَيْلُ بن الفَرْخ:
فكنْت كمُهْرِيقِ الذي في سِقائِهِ
لِرَقْرَاقِ آلٍ، فوق رابيةٍ جَلْدِ
وقال آخر:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ
في جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ
وشاهد الإهْرَاقةِ في المصدر قول ذي الرمة:
فلما دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ
لأَعْزِلَةٍ عنها، وفي النفس أَن أُثْني
قال ابن بري عند قول الجوهري: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قال أَراق أَصله
أَرْوَقَ بالواو لأنه يقال رَاقَ الماءُ رَوَقاناً انصبَّ، وأَراقــهُ غيره
إذا صَبَّه، قال: وحكى الكسائي رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قال: فعلى
هذا يجوز أن يكون أَصل أَرَاقَ من الياء. وفي الحديث: أُهْرِيقَ دَمُهُ؛
وتقدير يُهَرِيقُ، بفتح الهاء، يُهَفْعِلُ، وتقدير مُهَرَاق، بالتحريك،
مُهَفْعَل؛ وأما تقدير يُهْرِيق، بالتسكين، فلا يمكن النطق به لأن الهاء
والفاء ساكنان، وكذلك تقدير مُهْرَاق، وحكى بعضهم مطر مُهْرَوْرِقٌ. وفي
حديث أُم سلمة: أَن امرأَة كانت تُهَراقُ الدمَ؛ هكذا جاءَ على ما لم
يسمَّ فاعله، والدم منصوب أي تُهَرَاقُ هي الدمَ، وهو منصوب على التمييز، وإن
كان معرفة، وله نظائر، أو يكون قد أُجري تُهَراقُ مجرى نُفِسَت المرأَةُ
غلاماً، ونُتِجَ الفرسُ مُهْراً، ويجوز رفع الدم على تقدير تُهَرَاقُ
دماؤها، وتكون الأَلف واللام بدلاً من الإضافة كقوله تعالى: أو يَعْفُوَ
الذي بيده عُقْدَةُ النكاح؛ أي عُقْدَةُ نكاحِهِ أو نكاحها، والهاء في
هَرَاقَ بدل من همزة أَرَاقَ الماء يُرِيقهُ وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بفتح
الهاء، هَراقةً. ويقال فيه: أَهْرَقْتُ الماءَ أُهْرِقُهُ إهْرَاقاً فيجمع بين
البدل والمبدل. ابن سيده: اهْرَوْرَقَ الدمعُ والمطر جَرَيا، قال: وليس
من لفظ هَرَاق لأن هاء هَرَاق مبدلة والكلمة معتلة، وأما اهْرَوْرَقَ
فإنه وإن لم يتكلم به إلاَّ مَزيداً متوهم من أصل ثلاثي صحيح لا زيادة فيه،
ولا يكون من لفظ أَهْرَاقَ لأن هاء أَهْرَاقَ زائدة عوض من حركة العين
على ما ذهب إليه سيبويه في أَسْطَاعَ.
ويوم التهَارُقِ: يوم المَهْرَجان، وقد تَهَارقُوا فيه أي أَهْرَقَ
الماء بعضُهم على بعضٍ، يعني بالمَهْرَجانِ الذي نسميه النَّوْرُوز.
والمُهْرُقَانُ: البحر لأنه يُهَرِيق ماءَه على الساحل إلاَّ أنه ليس من
ذلك اللفظ؛ أَبو عمرو: هو اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ
والمُهْرُقانُ البحر، بضم الميم والراء؛ قال ابن مقبل:
تَمَشَّى به نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها
جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بالليل سَاحِلهْ
ومُهْرُقان: معرب أَصله ما هي رُويانْ؛ وقال بعضهم: مُهْرُقان مُفْعُلان
من هَرَقْت لأن البحر ماؤُه يفيض على الساحل إذا مَدَّ، فإذا جزر بقي
الوَدَع. أَبو عمرو: يقال للبحر المُهْرَقان والدَّ أْماءُ، خفيف؛ وقيل
المُهْرُقان ساحل البحر حيث فاض فيه الماءُ ثم نَضَب
عنه فبقي الوَدَع، وأَورد بيت ابن مقبل وقال: وجَناهُ ما يبقى من
الوَدَعِ. والمُهْرَقُ: الصحيفة البيضاء يكتب فيها، فارسي معرب، والجمع
المَهارق؛ قال حسان:
كَمْ للمَنازل من شَهْرٍ وأَحوالِ،
لآل أَسْماءَ، مِثْل المُهْرَقِ البالِي
قال ابن بري: والذي في شعره:
كما تَقادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ البالي
قال: وقال الحرث بن حلِّزة:
آياتها كَمَهارِقِ الحَبَشِ
والمَهارق في قول ذي الرمة:
بيَعْمَلة بين الدُّجَى والمَهَارِق
الفَلَواتُ، وقيل الطرق، وقيل: المُهْرَق ثوب حرير أَبيض يُسْقَى الصمغَ
ويُصْقَلُ ثم يكتب فيه، وهو بالفارسية مُهر كَرْد، وقيل: مَهْره لأن
الخَرَزة التي يُصقل بها يقال لها بالفارسية كذلك.
والمُهْرَقُ: الصحراء الملساء. والمَهارق: الصَّحاري، واحدها مُهْرَق،
وهو معرب؛ قال الأزهري: وإنما قيل للصحراء مُهْرق تشبيها بالصحيفة؛ قال
الأعشى:
رَبّي كريم لا يكدِّرُ نِعْمَةً،
فإذا تُنُوشِد في المَهارِق أَنْشَدا
أراد بالمَهارق الصحائف. وقال اللحياني: بلد مَهَارِق وأَرضٌ مَهَارِق
كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه مُهْرَقاً؛ قال:
وخَرْق مَهَارِق ذي لُهْلُهٍ،
أجَدَّ الأُوَامَ به مَظْمَؤُه
قال ابن الأَعرابي: إنما أَراد مثل المَهارق، وأَجَدَّ: جَدَّد،
واللُّهْلُه: الاتساع. قال ابن سيده: وأما ما رواه اللحياني من قولهم هَرِقْتُ
حتى نصف الليل فإنما هو أَرِقْتُ، فأَبدل الهاء من الهمزة. وقال أَبو زيد:
يقال هَرِيقُوا عنكم أوَّل الليل وفَحْمَةَ الليل أي انزلوا، وهي ساعة
يَشُقُّ فيها السير على الدواب حتى يمضي ذلك الوقت، وهما بين العشاءَين.
ريق: راقَ الماءُ يَرِيقُ رَيْقاً: انْصَبَّ؛ حكاه الكسائي، وأَراقَــه هو
إِراقة وهَراقَه على البدل؛ عن اللحياني، وقال: هي لغة يمانية ثم فشَت
في مصر، والمستقبل أُهَرِيقُ، والمصدر الإِراقهُ والهِراقهُ. وقال مرة:
أُرِيقَتْ عينُه دَمْعاً وهُرِيقت. وفي الحديث: كأَنَّما تُهْرَاقُ
الدِّماء. وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً: جرى وتضَحْضَحَ فَوقَ الأَرض؛ قال
رؤبة:
إِذا جَرى، من آلها الرَّقْراقِ،
رَيْقٌ وضَحْضاحٌ على القَياقِي
والرَّيْقُ: تَردُّد الماء على وجه الأَرض من الضَّحْضاح ونحوه إِذا
انْصَبَّ الماء.
الليث: الرِّيقُ ماء الفَم غُدْوة قبل الأَكل ويؤَنث في الشعر فيقال
ريقَتُها؛ غيره: والرِّيق الرُّضابُ، والرِّيقة أَخصّ منه. ورِيقهُ الفم
ورِيقُه: لعابُه، وجمع الرِّيق أَرْياقٌ ورِياق؛ قال القطامي:
وكأَنَّ طَعْم مُدامةٍ عانِيّةٍ
شَمِلَ الرِّياقَ، وخالَطَ الأَسْنانا
ورجل رَيِّقٌ، على فَيْعِل، وعلى الرِّيق أَي لم يُفْطِر. وقولهم:
أَتيتُه على رِيقِ نفْسي أَي لم أَطْعَم شيئاً. ويقال: أَتيته رَيِّقاً
وأَتيته رائقاً أَي على رِيقٍ لم أَطعم شيئاً؛ حكاه يعقوب. والماء الرائقُ:
الذي يُشرب على الرِّيق غُدْوة، زاد الجوهري: ولا يقال إِلاَّ للماء؛ وأَكلت
خبزاً رَيْقاً أَي بغير إِدام؛ وجاءَ فلان رائقاً عَثَرِيّاً أَي
فارِغاً بلا شيء؛ حكاه سيبويه، وقال ابن الأَعرابي: معناه جاءَ غير محمود
المَجِيء، ويقال: شربت الماءَ رائقاً وهو أَن يشرَبه شارِبه غُدوة بلا ثُفْل،
ولا يقال إِلاَّ للماء. وراقَ الرَّجلُ يَرِيقُ إِذا جادَ بنفْسه عند
الموت، وقال الكسائي: هو يَرِيق بنفسه رُيُوقاً أَي يَجُود بها عند الموت.
ورَيِّقُ كل شيء أَفضلهُ وأَوَّله، تقول: رَيِّقُ الشَّباب ورَيِّقُ المطر
وقد يخفَّف فيقال رَيْقٌ؛ قال لبيد:
مَدَحْنا لها رَيْقَ الشَّبابِ، فعارَضَتْ
جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال ابن بري: رَيِّقُ الشباب فيْعِل من راقَني الشيءُ يَرُوقني أَي
أَعجبني، قال: فحقه أَن يذكر في ترجمة روق لا ريق، فأَما قولهم رجُل رَيِّق
إِذا كان على رِيقِه، فهو من الياء، قال: والرَّيْقُ تخفيف الرَّيِّق؛
وأَنشد المُفَضَّل:
على كُلِّ رَيْقٍ ترَى مُعْلَماً
يُهَدِّرُ، كالجمَلِ الأَجْرَب
أَي رَيْق مُعْجب يعني فرساً؛ وقيل: رَيِّقُ المطر ناحِيته وطرفهُ؛
يقال: كان رَيِّقُهُ علينا وحِمِرُّه على بني فلان؛ وحِمِرُّه: مُعظَمُه،
ويقال: رَيِّق المطر أَوَّل شُؤْبُوبه؛ ابن سيده: ورَيِّقُ الشباب أَوله،
وقيل: إنما أَصله الواو، ورَيِّقُ الليل أَوله؛ قال العجاج:
أَلجَأَه رَعْدٌ من الأَشْراطِ،
ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ
وقوله:
فأَدْنى حِمارَيْكِ ازْجُرِي، إِنْ أَرَدْتِنا،
ولا تَذْهَبي في رَيْقِ ليْلٍ مُضَلَّل
يجوز أَن يُعْنَى بالرِّيْقِ أَوَّل الشيء وأَن يعنى به السَّراب لأَنه
مما يَكْنُون به عن الباطل. وراقَ السَّرابُ يَرِيقُ رَيْقاً إِذا لمَعَ
فوق الأَرض، وتَرَيَّقَ مثله. ويقال: ذهب رَيْقاً أَي باطلاً؛ وأَنشد:
حِمارَيْكِ سُوقي وازْجُري، إِن أَطعْتِني،
ولا تَذْهَبي في رَيْق لُبٍّ مُضَلَّلِ
(* قوله «في ريق» تقدم في مادة حمر: في رنق بالنون والصواب ما هنا)
ويقال: أَقصِرْ عن رَيْقك أَي عن باطِلك. ابن بري: الرَّيْقُ الباطل؛
قال حَسَّان بنُ يَعْلى العَنْبري:
أَقُولُ لِمَنْ أَرْجُو نَصِيحةَ صَدْرِه:
لَعَنَّك مِن صَهْباءَ في رَيْقِ باطِلِ
التهذيب: التِّرْياقُ اسم تِفْعالٌ سمي بالرِّيق لما فيه من رِيق
الحيَّات، ولا يقال تَرْياقٌ، ويقال دِرْياقٌ. ويقال: كان هذا الأَمْر وبنا
رَيْقٌ أَي قُوَّة، وكذلك كان هذا الأَمر وبنا رَمَقٌ وبُلَّةٌ كله الرَّخاء
والرِّفْق؛ وقول ذي الرُّمَّة يصف ثوراً:
حتَّى إِذا شَمَّ الصَّبا وأَبْرَدا،
سَوْفَ العَذَارَى الرَّائقَ المُجَسَّدا
قيل: أَراد بالرائِق ثوباً قد عُجِن بالمِسْك، والمُجَسَّد المُشْبَع
صِبْغاً؛ وقيل: الرَّائقُ الشَّباب الذي يَرُوقُها حُسْنُه وشَبابه؛ وذكر
ابن الأَثير في هذه الترجمة قال: وفي حديث علي فإِذا بِرَيْقِ سيف، يروى
بفتح الراء وكسر الباء، من راقَ
السَّرابُ إِذا لمَعَ، ولو روي بفتحها على أَنها أَصلية من برَق السيفُ
لكان وجهاً بَيِّناً؛ قال الواقدي: لم أَسمع أَحداً إِلاَّ يقول:
بِرَيْقِ سيفٍ من ورَائي يعني بكسر الباء وفتح الراء.
أرق: الأَرَقُ: السَّهَرُ. وقد أَرِقْت، بالكسر، أَي سَهِرْت، وكذلك
ائتَرَقْت على افْتَعَلْت، فأَنا أَرِقٌ. التهذيب: الأَرَقُ ذهاب النوم
بالليل، وفي المحكم: ذهاب النوم لعلة. يقال: أَرِقْت آرَقُ. ويقال: أَرِقَ
أَرَقاً، فهو أَرِقٌ وآرِقٌ وأَرُقٌ وأُرُقٌ؛ قال ذو الرمة:
فبِتُّ بليلِ الآرِقِ المُتَمَلِّلِ
فإذا كان ذلك عادته فبضمّ الهمزة والراء لا غير. وقد أَرَّقه كذا وكذا
تأْريقاً، فهو مؤَرَّق، أَي أَسهَره؛ قال:
متى أَنامُ لا يُؤَرِّقْني الكَرى
قال سيبويه: جزمه لأَنه في معنى إن يكن لي نوم في غير هذه الحال لا
يؤَرقني الكرى؛ قال ابن جني: هذا يدلك من مذاهب العرب على أنَّ الإشمام يقرُب
من السكون وأَنه دون رَوْم الحركة، قال: وذلك لأَن الشعر من الرجز
ووزنه: متى أَنا: مفاعلن، م لا يؤر: مفاعلن، رقْني الكرى: مستفعلن؛ والقاف من
يؤَرقني بإزاء السين من مستفعلن، والسين كما ترى ساكنة؛ قال: ولو اعتددت
بما في القاف من الإشمام حركة لصار الجزء إلى متفاعلن، والرجز ليس فيه
متفاعلن إنما يأْتي في الكامل، قال: فهذه دلالة قاطعة على أَن حركة الإشمام
لضعفها غير معتدّ بها، والحرف الذي هي فيه ساكن أَو كالساكن، وأَنها
أَقل في النسبة والزنة من الحركة المُخفاة في همزة بين بين وغيرها. قال
سيبويه: وسمعت بعض العرب يُشمُّها الرفع كأَنه قال غير مؤَرَّق، وأَراد
الكَرِيّ فحذف إحدى الياءَين.
والأَرْقانُ والأَرَقانُ والإرْقانُ: داءٌ يُصيب الزرع والنخل؛ قال:
ويَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه،
كأَنَّ في رَيْطَتَيْه نَضْحَ إرْقانِ
وقد أَرقَ؛ ومن جعل همزته بدلاً فحكمه الياء، وزَرْع مأْرُوق ومَيْرُوق
ونخلة مأْرُوقة. واليرَقانُ والأَرَقان أَيضاً: آفة تُصيب الإنسان
يُصِيبه منها الصُّفار في جسده. الصحاح: الأَرَقانُ لغة في اليرَقان وهو آفة
تصيب الزرع وداءٌ يصيب الناس. والإرْقانُ: شجر بعينه وقد فُسِّر به
البيت.وقولهم: جاءَنا بأُمِّ الرُّبَيْق على أُرَيْقٍ تعني به الدَّاهيَة؛ قال
أَبو عبيد: وأَصله من الحيَّات؛ قال الأَصمعي: تزعم العرب أَنه من قول
رجل رأَى الغول على جمل أَوْرَق؛ قال ابن بري: حقُّ أُريق أَن يذكر في فصل
ورق لأَنه تصغير أَورق تصغير الترخيم كقولهم في أَسود سُويد، ومما يدل
على أَن أَصل الأُريق من الحيات، كما قال أَبو عبيد، قول العجاج:
وقد رَأَى دُونيَ من تَهَجُّمِي
أُمَّ الرُّبَيْقِ والأُرَيْقِ الأَزْنَمِ
(* قوله «تهجمي» كذا بالأصل وشرح القاموس، ولعله: تجهمي بتقديم الجيم).
بدلالة قوله الأَزنم وهو الذي له زَنَمة من الحيَّات. وأُراقُ، بالضم:
موضع؛ قال ابن أَحمر:
كأَنَّ على الجِمالِ، أَوانَ حُفَّتْ،
هَجائنَ من نعاجِ أُراقَ عِينا
روق: الرَّوْق: القَرْن من كلّ ذي قَرن، والجمع أَرْواق؛ ومنه شعر عامر
بن فُهيرة:
كالثَّور يَحْمِي أَنْفَه برَوْقِه
وفي حديث علي، عليه السلام، قال:
تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمنَّاني لتَقْتُلَنِي،
فلا وربِّك، ما بَرُّوا ولا ظَفِروا
فإِن هَلَكْتُ، فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لهمُ
بذات رَوْقَيْنِ، لا يَعْفُو لها أَثرُ
الرَّوْقانِ: تثنية الرَّوْقِ وهو القَرْنُ، وأَراد بها ههنا الحَربَ
الشديدةَ، وقيل الدّاهية، ويروى بذات وَدْقَينِ وهي الحرب الشديدة أَيضاً.
ورَوْقُ الإِنسان: هَمُّه ونَفْسه، إِذا أَلقاه على الشيء حِرْصاً قيل:
أَلقَى عليه أَرْواقَه؛ كقول رؤبة:
والأَرْكُبُ الرامُون بالأَرواقِ
ويقال: أَكل فلانٌ رَوْقَه وعلى روْقهِ إِذا طال عُمُره حتى تَتَحاتّ
أَسنانُه. وأَلقى عليه أَرواقَه وشَراشِره: وهو أَن يُحبه حُبّاً شديداً
حتى يَسْتَهْلِك في حُبه. وأَلقى أَرْواقَه إِذا عَدا واشتدَّ عَدْوُه؛ قال
تأَبط شرّاً:
نَجوتُ منها نجائي من بَجِيلةَ، إِذْ
أَلْقَيْتُ، لَيلةَ جَنْبِ الجَوِّ، أَرْواقي
أَي لم أَدَعْ شيئاً من العدْوِ إِلاّ عدَوْته، وربما قالوا: أَلقى
أَرْواقَه إِذا أَقام بالمكان واطمأَن به كما يقال أَلقى عَصاه. ورماه
بأَرْواقه إِذا رَماه بثِقْلِه. وأَلْقَت السحابةُ على الأَرض أَرواقها:
أَلَحَّتْ بالمطر والوَبْل، وإِذا أَلحت السحابة بالمطر وثبتت بأَرض قيل:
أَلْقت عليها أَرواقَها؛ وأَنشد:
وباتت بأَرواقٍ عَلَينا سَوارِيا
وأَلقت أَرواقها إِذا جدّت في المطر. ويقال: أَسْبَلَت أَرواقُ العَيْن
إِذا سالت دموعُها؛ قال الطرمّاح:
عَيْناك غَرْبا شَنَّةٍ أَسبَلَتْ
أَرواقُها من كَيْن أَخْصامِها
ويقال: أَرْخَت السماءُ أَرواقَها وعَزاليَها. ورَوْقُ السحابِ:
سَيْلُه؛ وأَنشد:
مِثْل السحابِ إِذا تَحدَّر رَوْقُه
ودَنا أُمِرَّ، وكان ممَّا يُمْنَع
أَي أُمِرَّ عليه فمرَّ ولم يُصبه منه شيء بعدما رجاه. وفي الحديث: إِذا
أَلْقَتِ السماء بأَرواقِها أَي بجميع ما فيها من الماء؛ والأَرْواقُ:
الأَثْقالُ؛ أَراد مِياهَها المُثْقِلة للسحاب. والأَرْواقُ: جماعة
الجِسم، وقيل: الرَّوْق الجسم نفسه. وإِنه ليركَبُ الناسَ بأَرواقه، وأَرواقُ
الرجل: أَطرافه وجسَدُه. وأَلقى علينا أَرواقَه أَي غَطّانا بنفسه.
ورمَوْنا بأَرْواقِهم أَي رمونا بأَنفسهم؛ قال شمر: ولا أَعرف قوله أَلقى
أَرواقَه إِذا اشتدّ عدْوُه، قال: ولكني أَعرفه بمعنى الجِدّ في الشيء؛ وأَنشد
بيت تأَبط شرّاً:
نجوت منها نجائي من بجيلةَ، إِذا
أَرْسَلْتُ، لَيْلةَ جَنْب الرَّعْنِ، أَرواقي
ويقال: أَرسل أَرواقَه إِذا عدا، ورمى أَرواقه إِذا أَقام وضرب بنفسه
الأَرضَ. ويقال: رمى فلان بأَرواقِه على الدابة إِذا ركبها، ورمى بأَرواقه
عن الدابة إِذا نزل عنها. وفي نوادر الأَعراب: رَوْقُ المطر وروْق
الجَيش وروْقُ البيتِ وروْقُ الخيل مُقدَّمُه، وروْق الرجل شبابه، وهو أَوّل
كل شيء مما ذكرته. ويقال: جاءنا رَوْقُ بني فلان أَي جماعة منهم، كما
يقال: جاءنا رأْسٌ لجماعة القوم. ابن سيده: رَوْقُ الشباب وغيره ورَيْقُه
ورَيِّقُه كل ذلك أَوله؛ قال البَعِيث:
مَدَحْنا لَها رَيْقَ الشَّباب، فعارَضتْ
جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرّ أَعْجَما
ويقال: فعَله في رَوْق شبابه وريِّق شبابه أَي في أَوّله. وريِّقُ كل
شيء: أَفضله، وهو فَيْعِل، فأُدغم. ورَوْقُ البيت: مقدِّمه، ورِواقه
ورُواقه: ما بين يديه، وقيل سَماوَتُه، وهي الشُّقّة التي دون العُلْيا، والجمع
أَرْوِقة، ورُوقٌ في الكثير؛ قال سيبويه: لم يجز ضمّ الواو كراهية
الضمّة قبلها والضمة فيها، وقد رَوَّقَه. الجوهري: الرَّوْقُ والرِّواقُ
سَقْفٌ في مقدَّم البيت، والرِّواق سِتْر يُمدّ دون السقف. يقال: بيت
مُرَوَّقٌ؛ ومنه قول الأَعشى:
فظَلَّتْ لَدَيْهِم في خِباءِ مُرَوَّقِ
قال ابن بري: بيت الأَعشى هو قوله:
وقد أَقْطَعُ الليلَ الطويلَ بفتْيةٍ
مَسامِيحَ تُسْقَى، والخِباءُ مُرَوَّقُ
وقال بعضهم: رِواق البيت مُقدَّمه. ابن سيده: رِواقا الليل مقدمه
وجَوانِبُه؛ قال:
يَرِدْنَ، والليلُ مُرِمٌّ طائرُهْ،
مُرْخىً رِواقاه، هُجودٌ سامِرُهْ
ويروى: مُلْقىً رِواقاه، ورواه ابن الأَعرابي: وليلُ مُرَوَّقٌ مُرْخَى
الرِّواق؛ قال ذو الرُّمّة يصف الليل، وقيل يصف الفجر:
وقد هَتَكَ الصُّبْحُ الجَلِيُّ كِفاءهُ،
ولكنه جَوْنُ السَّراةِ مُرَوَّقُ
ومضَى رَوْقٌ من الليل أَي طائفة. ابن بري: ويجمع رَوْق على أَرْوُق؛
قال:
خُوصاً إِذا ما الليلُ أَلْقى الأَرْوُقا،
خَرَجْنَ من تحتِ دُجاه مُرَّقا
قال: وقد يحتمل أَن يكون جمعَ رِواقٍ على حدّ قولهم مَكان وأَمْكُنٌ،
قال: وكذا فسره أَبو عمرو الشَّيباني فقال: هو جمع رِواق، وربما قالوا:
رَوَّقَ الليلُ إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته وأَلقى أَرْوِقَته. ابن
الأَعرابي: الرَّوْقُ السَّيِّد، والرَّوْقُ الصافي من الماء وغيره، والرَّوْقُ
العُمُر. يقال: أَكل رَوْقَه. والرَّوْقُ نفْس النَّزْع، والرَّوْق
المُعجِب. يقال: رَوْقٌ ورَيْقٌ؛ وأَنشد المفضل:
على كلّ رَيْقٍ تَرَى مُعْلَماً،
يُهَدِّرُ كالجَمَلِ الأَجْرَبِ
قال: الرَّيْقُ ههنا الفرَس الشريف. والرَّوْقُ: الحُبُّ الخالِص.
والأَرْواقُ: الفَساطِيطُ؛ الليث: بيت كالفُسطاط يُحمل على سِطاعٍ واحد في
وسَطه، والجمع أَرْوِقةٌ. ويقال: ضرب فلان رَوْقَه بموضع كذا إِذا نزل به
وضرب خيمته. وفي حديث الدَّجّال: فيضرب رواقَه فيخرج إِليه كل مُنافِق، أَي
يضرب فُسطاطه وقُبَّته وموضعَ جلوسه. وروي عن عائشة، رضي الله عنها، في
حديث لها: ضرَب الشيطانُ رَوْقَه ومَدّ أَطْنابَه؛ قيل: الرَّوْقُ
الرِّواق وهو ما بين يدي البيت. قال الأَزهري: رَوْقُ البيت ورواقُه واحد، وهي
الشُّقة التي دون الشقّة العُليا؛ ومنه قول ذي الرمة:
ومَيِّتة في الأَرضِ إِلاَّ حُشاشةً،
ثَنَيْتُ بها حَيّاً بمَيْسورِ أَرْبعِ
بثِنْتَيْنِ، إِن تَضرِبْ ذِهِي تَنْصَرِفْ ذِهِي،
لكِلَتَيْهِما رَوْق إِلى جَنْبِ مِخْدَعِ
قال الباهلي: أَراد بالمَيتة الأُثْرة، ثَنَيتُ بها حَيّاً أَي
بَعِيراً؛ يقول: اتَّبَعْت أَثَره حتى رَدَدْته. والأُثْرة: مِيسَم في خُفّ
البعير ميّتة خَفِيّة، وذلك أَنها تكون بيِّنة ثم تَثبُت مع الخف فتكاد تستوي
حتى تُعادَ، إِلاّ حُشاشة: إِلاَّ بَقِيّة منها، بمَيْسُور أَي بِشقٍّ
ميسور، يعني أَنه رأَى الناحية اليُسرى فعرفه بِثنتين يعني عَينين، رَوْق
يعني رِواقاً، وهو حجابها المشرف عليها، وأَراد بالمِخْدع داخل البعير.
ابن الأَعرابي: من الأَخْبِية ما يُرَوَّقُ، ومنها ما لا يروَّق؛ فإِذا كان
بيتاً ضَخْماً جعل له رِواق وكفاء، وقد يكون الرِّواقُ من شُقّة
وشُقَّتين وثلاث شُقق. الأَصمعي: رِواقُ البيت ورُواقه سَماوتُه وهي الشُّقَّ
التي دون العُليا. أَبو زيد: رِواق البيت سُتْرةُ مُقدَّمِه من أَعلاه إِلى
الأَرض، وكِفاؤه سُترة أَعلاه إِلى أَسفله من مؤخره، وسِتْر البيت أَصغر
من الرِّواق، وفي البيت في جَوفه سِتر آخَر يدعى الحَجَلةَ؛ وقال بعضهم:
رواق البيت مُقدَّمه، وكِفاؤه مؤخَّره، سمي كِفاء لأَنه يُكافئ
الرِّواق، وخالِفتاه جانباه؛ قال ذو الرمة:
ولكنه جون السَّراة مروّق
وقد تقدّم هذا البيت؛ شبّه ما بدا من الصبح ولمّا ينْسَفِر وهو يَسوق
نفسه.
والرّوْقُ: موضع الصائد مُشبّه بالرّواق. والرَّوْقُ: الإِعْجاب.
وراقَني الشيءُ يَرُوقُني رَوْقاً ورَوَقاناً: أَعجبني، فهو رائق وأَنا مَرُوق،
واشْتُقّت منه الرُّوقة وهو ما حَسُن من الوَصائفِ والوُصَفاء. يقال:
وَصِيفٌ رُوقةٌ وَوُصَفاء رُوقة. وقال بعضهم: وصفاء رُوق؛ وقول ابن مقبل في
راق:
راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُوذانِقٍ خَرِصٍ،
طاوٍ تَنَفَّضَ من طَلٍّ وأَمْطارٍ
وصف عين نفسه أَنها زادت علي عيني سُوذانِق. ويقال: راقَ فلان على فلان
إِذا زاد عليه فضلاً، يَرُوق عليه، فهو رائق عليه؛ وقال الشاعر يصف
جارية:راقَتْ على البِيضِ الحِسا
نِ بحُسْنِها وَبهائها
وقال غيره: أَرْواقُ الليلِ أَثناء ظُلَمه؛ وأَنشد:
ولَيْلةٍ ذاتِ قَتامٍ أَطْباقْ،
وذاتِ أَرْواقٍ كأَثْناء الطّاقْ
والرُّوقةُ: الجَميل جدّاً من الناس، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد
يجمع على رُوَقٍ، ورُبّما وُصفت به الخيل والإِبل في الشعر؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
تَرْمِيهِمُ بِبَكَراتٍ رُوقَه
إِلا أَنه قال رُوقة ههنا جمع رائق؛ قال ابن سيده: فأَمّا الهاء عندي
فلتأْنيث الجمع، ولم يقل ابن الأَعرابي إِن هذا إِنما يوصف به الخيل
والإِبل في الشعر بل أَطلقه فلم يخص شعراً من غيره. والرُّوق: الغِلمان الملاح،
الواحد رائق. ويقال: غِلمان رُوقة أَي حِسان، وهو جمع رائق مثل فارِه
وفُرْهة وصاحب وصُحْبة، ورُوقٌ أَيضاً مثل بازِل وبُزْلٍ؛ ومنه قول
الراجز:يا رُبَّ مُهْرٍ مَزْعوقْ،
مُقَيَّلٍ أَو مَغْبُوقْ
من لبَن الدُّهْم الرُّوقْ،
حتّى شَتا كالذُّعْلُوقْ،
أَسْرَع من طَرْف المُوقْ
وفي حديث ذكر الروم: فيَخرج إِليهم رُوقة المؤمنين أَي خِيارُهم
وسَراتُهم، وهي جمع رائق. راقَ الشيءُ إِذا صَفا، ويكون للواحد. يقال: غُلامٌ
رُوقةٌ وغِلمان رُوقة. والرُّوقة: الشيء اليسير، يَمانية.
والرَّاوُوقُ: المِصْفاةُ، وربما سموا الباطِيةَ راوُوقاً. الليث:
الراووق ناجُود الشَّراب الذي يُرَوَّق به فيُصَفَّى، والشراب يَتروَّقُ منه
من غير عصر. وراقَ الشرابُ والماءُ يَرُوقان رَوْقاً وتَروُّقاً: صَفَوَا؛
ورَوَّقه هو تَرْوِيقاً، واستعار دُكَينٌ الراوُوقَ للشَّباب فقال:
أُسْقَى بِراووق الشَّباب الخاضِلِ
وإِراقةُ الماء ونحوه: صَبُّه. وأَراقَ الماء يُرِيقه وهَراقَه
يُهَرِيقُه بدَل، وأَهْراقَه يُهْرِيقُه عِوَضٌ: صبَّه. قال ابن سيده: وإِنما
قُضِيَ على أَن أَصل أَراق أَرْوَقَ لأَمرين: أَحدهما أَنّ كون عين الفعل
واواً أكثر من كونها ياء فيما اعْتلَّت عينه، والآخر أَنّ الماء إِذا
هُرِيقَ ظهر جَوْهرُه وصَفا فَراقَ رائيَه يَرُوقُه، فهذا يقوِّي كون العين
منه واواً، على أَنّ الكسائي قد حكى راقَ الماءُ يَرِيقُ إِذا انْصبّ،
وهذا قاطع بكون العين ياء. قال ابن بري: أَرَقْت الماء منقول من راقَ الماء
يَرِيقُ رَيْقاً إِذا تردد على وجه الأَرض، فعلى هذا كان حقه أَن يذكر في
فصل ريق لا في فصل روق. وأَراقَ الرجل ماء ظَهرِه وهَراقه، على البدل،
وأَهْراقه على العوض كما ذهب إِليه سيبويه في قولهم أَسْطاعَ، وقالوا في
مصدره إِهراقة كما قالوا إِسْطاعة؛ قال ذو الرُّمّة:
فلَمّا دَنَتْ إِهْراقةُ الماء أَنْصَبَتْ
لأَعْزِلَه عنها، وفي النَّفْس أَن أَثْني
ورجل مُرِيقٌ وماء مُراقٌ على أَرَقْت، ورجل مُهَرِيقٌ وماء مُهَراقٌ
على هَرَقْت، ورجل مُهْريقٌ وماء مُهْراقٌ على أَهْرَقْت؛ والإِراقةُ: ماء
الرجل وهي الهِراقة، على البدل، والإهْراقة، على العِوَض. وهما
يتَراوقانِ الماء: يتَداوَلانِ إِراقَته. ورَوَّق السَّكْران: بالَ في ثيابه؛ هذه
وحدها عن أَبي حنيفة، وذلك جميعه مذكور في الياء لأَن الكلمة واوية
ويائية.
والرَّوَقُ، بالتحريك: طول وانْثِناء في الأَسنان، وقيل: الرَّوَقُ طول
الأَسنان وإِشْرافُ العُلْيا على السُّفْلى، رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فهو
أَرْوَقُ إِذا طالت أَسنانه؛ قال لبيد يصف أَسْهُماً:
فرَمَيْت القوْمَ رِشْقاً صائباً،
ليْسَ بالعُصْلِ ولا بالمُقْتَعِلْ
رَقَمِيَّاتٌ عليها ناهِضٌ،
تُكْلِحُ الأَرْوَقَ منهم والأَيَلْ
والرُّوق: الطِّوالُ الأَسنان، وهو جمع الأَرْوَق، والنعت أَرْوَقُ
ورَوْقاء، والجمع رُوقٌ؛ وأَنشد:
إِذا ما حالَ كُسُّ القَومِ رُوقا
والتَّرْويقُ: أَن تَبيع شيئاً لك لتشتري أَطْول منه وأَفضل، وقيل:
الترويق أَن تبيع بالياً وتشتري جديداً؛ عن ثعلب، وقيل: الترويق أَن يبيع
الرجل سِلْعته ويَشتري أَجْودَ منها. وقال ابن الأَعرابي: باعَ سلعته فروَّق
أَي اشترى أَحسن منها.
هيا: هَيُّ بن بَيّ، وهَيَّانُ بن بَيّانَ: لا يُعرف هو ولا يُعرف
أَبوه. يقال: ما أَدري أَيُّ هَيِّ بن بَيٍّ هو، معناه أَي أَيُّ الخَلْقِ هو.
قال ابن بري: ويقال في النسب عَمرو بن الحرثِ بن مُضاض بن هَيِّ بن
بَيِّ ابن جُرْهُم، وقيل: هَيَّانُ بن بَيَّانَ، كما تقول طامِرُ ابن طامِر
لمن لا يُعْرَف ولا يُعرف أَبوه، وقيل: هيّ بن بيٍّ كان من ولد آدم فانقرض
نسله، وكذلك هَيَّانُ بن بَيَّانَ. قال ابن الأَعرابي: هو هَيُّ بن
بَيٍّ، وهَيَّانُ بن بَيَّانَ، وبَيُّ بن بَيٍّ، يقال ذلك للرجل إِذا كان
خَسِيساً؛ وأَنشد ابن بري:
فأَقْعَصَتْهُمْ وحَطَّتْ بَرْكَها بِهِمُ،
وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ
وقال ابن أَبي عيينة:
بعِرْضٍ من بَني هَيِّ بن بَيٍّ؛
وأَنْذالِ المَوالي والعَبيدِ
الكسائي: يقال يا هَيَّ ما لي؛ معناه التَّلَهُّف والأَسى؛ ومعناه: يا
عَجَبا ما لي،وهي كلمة معناها التعجب، وقيل: معناها التأَسف على الشيء
يفوت، وقد ذكر في الهمز؛ وأَنشد ثعلب:
يا هَيَّ ما لي: قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصار أَشْباهُ الفَغا ضَرائرِي
قال اللحياني: قال الكسائي يا هَيَّ ما لي ويا هَيَّ ما أَصحابك، لا
يهمزان، قال: وما في موضع رفع كأَنه قال يا عَجَبي؛ قال ابن بري: ومنه قول
حميد الأَرقط:
أَلا هَيَّما. مِمَّا لَقِيتُ وهَيَّما،
ووَيْحاً لمَنْ لم يَدْرِ ما هُنَّ وَيْحَما
الكسائي: ومن العرب مَن يتعجب بهَيَّ وفَيَّ وشَيَّ، ومنهم من يزيد ما
فيقول يا هَيَّما ويا شَيَّما ويا فَيَّما أَي ما أَحسن هذا، وقيل: هو
تَلَهُّفٌ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
يا هَيَّ ما لي، مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِه
مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
الفراء: يقال ما هَيَّانُ هذا أَي ما أَمْرُه؟ ابن دريد: العرب تقول
هَيِّكَ أَي أَسْرِعْ فيما أَنت فيه. وهَيا هَيا: كلمة زَجْر للإِبل؛ قال
الشاعر:
وجُلُّ عِتابِهِنَّ هَيا وهَيْدُ
قال: وهِي وها من زجر الإِبل، هَيْهَيْت بها هَيْهاة وهَيْهاء؛ وأَنشد:
مِنْ وَجْسِ هَيْهاءٍ ومِنْ يَهْيائِه
وقال العجاج:
هَيْهاتَ مِنْ مُنْخَرِقٍ هَيْهاؤه
قال: وهَيْهاؤه معناه البُعْدُ والشيء الذي لا يُرْجَى. أَبو الهيثم:
ويقولون عند الإِغراء بالشيء هِي هِي، بكسر الهاء، فإِذا بَنوا منه فعلاً
قالوا هَيْهَيْتُ به أَي أَغْرَيْتُه. ويقولون: هَيَّا هَيَّا أَي
أَسْرِعْ إِذا حدوا بالمَطِيّ؛ وأَنشد سيبويه:
لَتَقْرُبِنَّ قَرَباً جُلْذِيّا
ما دامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّا،
وقد دَجا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا
وحكى اللحياني: هاه هاه. ويحكى صوت الهادِي: هَيْ هَيْ ويَهْ يَهْ؛
وأَنشد الفراء:
يَدْعُو بِهَيْها مِن مُواصلةِ الكَرَى
ولو قال: بِهَيْ هَيْ، لجاز.
وهَيا: من حروف النداء، وأَصلها أَيا مثل هَراق وأَراق؛ قال الشاعر:
فأَصاخَ يَرْجُو أَنْ يكُونَ حَيّاً،
ويقُولُ مِنْ طَرَبٍ: هَيا رَبَّا
(* قوله « فأصاخ يرجو إلخ» قبله كما في حاشية الامير على المغني:
وحديثها كالقطر يسمعه * راعي سنين تتابعت جدبا)
الفراء: العرب لا تقول هِيَّاكَ ضَرَبْت ويقولون هِيَّاك وزَيْداً؛
وأَنشد:
يا خالِ هَلاَّ قُلْتَ، إِذْ أَعْطَيْتها:
هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ
أَعْطَيْتَنِيها فانِياً أَضْراسُها،
لو تُعْلَفُ البَيْضَ به لم يَنْفَلِقْ
وإِنما يقولون هِيَّاك وزَيْداً إِذا نَهَوْكَ، والأَخفش يجيز هِيَّاكَ
ضَرَبْت؛ وأَنشد:
فَهِيَّاكَ والأَمْرَ الذي إِن تَوَسَّعَتْ
مَوارِدُه، ضاقَتْ عَلَيْكَ المَصادِرُ
وقال بعضهم: أَيَّاك، بفتح الهمزة ثم تبدل الهاء منها مفتوحة أَيضاً
فتقول هَيَّاكَ. الأَزهري: ومعى هِيَّاك إِياك، قلبت الهمزة هاء. ابن سيده:
ومن خفيف هذا الباب هِي، كناية عن الواحد المؤنث. وقال الكسائي: هي
أَصلها أَن تكون على ثلاثة أَحرف مثل أَنت، فيقال: هِيَّ فَعَلَت ذلك، وقال:
هِيَّ لغة هَمْدانَ ومَن في تلك الناحية، قال: وغيرهم من العرب يخففها،
وهو المجتمع عليه، فيقول: هِيَ فَعَلت ذلك. قال اللحياني: وحكى عن بعض بني
أَسد وقيس هِيْ فعلت ذلك، بإسكان الياء. وقال الكسائي: بعضهم يلقي الياء
من هي إِذا كان قبلها أَلف ساكنة فيقول حَتَّاه فَعَلَتْ ذلك، وإنَّماهِ
فعلت ذلك؛ وقال اللحياني: قال الكسائي لم أَسمعهم يلقون الياءَ عند غير
الأَلف، إِلا أَنه أَنشدني هو ونُعيم:
دِيارُ سُعْدَى إِذْهِ مِنْ هَواكا
بحذف الياء عند غير الأَلف، وسنذكر من ذلك فصلاً مستوفى في ترجمة ها من
الأَلف اللينة، قال: وأَما سيبويه فجعل حذف الياء الذي هنا ضرورة؛ وقوله:
فقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتاعاً وأَرْقَني
فقُلْتُ: أَهْيَ سَرَتْ أَمْ عادَني حُلُمُ؟
إِنما أَراد هِي سَرَتْ، فلما كانت أَهِيَ كقولك بَهِيَ خفف، على قولهم
في بَهِيَ بَهْيَ، وفي عَلِمَ عَلْمَ، وتثنية هي هُما، وجمعها هُنَّ،
قال: وقد يكون جمع هَا من قولك رأَيتها، وجمع ها من قولك مررت بها.
هيا: هَيا: من حروفِ النَّداء، وأَصلها أَيا مثل هَراقَ وأَراقَ؛ قال
الشاعر:
فأَصاخَ يَرْجُو أَن يكون حَيّاً،
ويقولُ من طَرَبٍ: هَيا رَبَّا
همن: المُهَيْمِنُ والمُهَيْمَنُ: اسم من أَسماء الله تعالى في الكتب
القديمة. وفي التنزيل: ومُهَيْمِناً عليه؛ قال بعضهم: معناه الشاهد يعني
وشاهِداً عليه. والمُهَيْمِنُ: الشاهد، وهو من آمن غيرَه من الخوف، وأَصله
أَأْمَنَ فهو مُؤَأْمِنٌ، بهمزتين، قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة
اجتماعهما فصار مُؤَيْمِنٌ، ثم صُيِّرت الأُولى هاء كما قالوا هَراق وأَراق.
وقال بعضهم: مُهَيْمِنٌ معنى مُؤَيْمِن، والهاء بدل من الهمزة، كما قالوا
هَرَقْتُ وأَرَقْتُ، وكما قالوا إيَّاك وهِيَّاكَ؛ قال الأَزهري: وهذا على
قياس العربية صحيح مع ما جاء في التفسير أَنه بمعنى الأَمين، وقيل:
بمعنى مُؤتَمَن؛ وأَما قول عباس بن عبد المطلب في شعره يمدح النبي، صلى الله
عليه وسلم.
حتى احْتَوَى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ، من
خِنْدِفَ، عَلْياءَ تحتَها النُّطُقُ
فإِن القتيبي قال: معناه حتى احتويتَ يا مُهَيْمِنُ من خِنْدِفَ علياء؛
يريد به النبي، صلى الله عليه وسلم، فأَقام البيت مقامه لأَن البيت إذا
حَلَّ بهذا المكان فقد حَلَّ به صاحبُه؛ قال الأَزهري: وأَراد ببيته
شَرَفَه، والمهيمن من نعته كأَنه قال: حتى احْتَوى شَرَفُك الشاهدُ على فضلك
علياءَ الشَّرَفِ من نسب ذوي خِنْدِف أَي ذِرْوَةَ الشَّرَف من نسبهم التي
تحتها النُّطُقُ، وهي أَوساطُ الجبال العالية، جعل خِنْدِفَ نُطُقاً له؛
قال ابن بري في تفسير قوله بيتُك المهيمنُ قال: أَي بيتُك الشاهدُ
بشرفك، وقيل: أَراد بالبيت نفسه لأَن البيت إذا حَلَّ فقد حلَّ به صاحبه. وفي
حديث عكرمة: كان عليّ، عليه السلام، أَعْلَم بالمُهَيْمِناتِ أَي
القَضايا، من الهَيْمنَة وهي القيام على الشيء، جعل الفعل لها وهو لأَربابها
القوّامين بالأُمور. وروي عن عمر أَنه قال يوماً: إنِّي داعٍ فَهَيْمِنُوا
أَي إني أَدْعُو الله فأَمِّنُوا، قلب أَحد حرفي التشديد في أَمِّنُوا ياء
فصار أَيْمِنُوا، ثم قلب الهمزة هاء وإحدى الميمين ياء فقال هَيْمِنُوا؛
قال ابن الأَثير: أَي اشْهَدُوا. والعرب تقول: أَمَّا زيد فحسن، ويقولون
أَيْما بمعنى أَمَّا؛ وأَنشد المبرد في قول جَمِيل:
على نَبْعةٍ زَوْراءَ أَيْما خِطامُها
فَمَتْنٌ، وأَيْما عُودُها فعَتِيقُ
قال: إنما يريد أَمَّا، فاستثقل التضعيف فأَبدل من إحدى الميمين ياء،
كما فعلوا بقِيراطٍ ودِينارٍ ودِيوانٍ. وقال ابن الأَنباري في قوله:
ومُهَيْمِناً عليه، قال: المُهَيْمِنُ القائم على خلقه؛ وأَنشد:
أَلا إنَّ خير الناسِ، بعد نَبِيِّهِ،
مُهَيْمِنُه التالِيه في العُرْفِ والنُّكْرِ
قال: معناه القائم على الناس بعده، وقيل: القائم بأُمور الخلق، قال: وفي
المُهَيْمِن خمسة أَقوال: قال ابن عباس المُهَيْمِن المُؤْتَمَنُ، وقال
الكسائي المُهَيْمِنُ الشهيد، وقال غيره هو الرقيب، يقال هَيْمَن
يُهَيْمِنُ هَيْمنَة إذا كان رقيباً على الشيء، وقال أَبو مَعْشَرٍ ومُهَيْمِناً
عليه معناه وقَبَّاناً عليه، وقيل: وقائماً على الكُتُب، وقيل:
مُهَيْمِنٌ في الأَصل مُؤيْمِنٌ، وهو مُفَيْعِلٌ
من الأَمانة. وفي حديث وُهَيْبٍ: إذا وقع العَبْدُ في أُلْهانِيَّةِ
الرَّبِّ ومُهَيْمِنِيَّةِ الصِّدِّيقين لم يَجِدْ أَحَداً يأْخذُ بقَلْبه؛
المُهَيْمِنِيَّة: منسوب إلى المُهَيْمِن، يريد أَمانة الصدِّيقين، يعني
إدا حَصَلَ العبدُ في هذه الدرجة لم يعجبه أَحد، ولم يُحِبَّ إلا الله عز
وجل.
والهِمْيانُ: التِّكَّة، وقيل للمِنْطَقَةِ هِمْيانٌ، ويقال للذي يجعل
فيه النفقة ويشدّ
على الوسط: هِمْيان؛ قال: والهِمْيان دخيل معرّب، والعرب قد تكلموا به
قديماً فأَعربوه. وفي حديث النعمان بن مُقَرّنٍ يَومَ نهاوَنْدَ: أَلا
إنِّي هازٌّ
لكم الرايةَ الثانية فَلْيَثِب الرجالُ وليَشُدُّوا هَمَايِنَهم على
أَحْقائهم، يعني مَناطِقَهم ليَسْتَعِدُّوا على الحملة، وفي النهاية في حديث
النُّعمان يوم نَهَاوَنْدَ. تَعاهدُوا هَمايِنكم في أَحْقِيكُم
وأَشْساعَكم في نعالكم؛ قال: الهَماينُ جمع هِمْيانٍ، وهي المِنْطَقة والتِّكَّة،
والأَحْقِي جمع حِقْوٍ، وهي موضع شَدِّ الإزار؛ وأَورد ابن الأَثير
حديثاً آخر عن يوسف الصديق، عليه السلام، مستشهداً به على أَن الهِمْيَان
تِكَّةُ السراويل لم أَستحسن إيرادَه، غفر الله لنا وله بكرمه.
دره: دَرَه على القَوم: هَجَم ابن الأَعرابي: دَرَهَ فلانٌ علينا
ودَرَأَ إِذا هَجَمَ من حيث لم نَحْتَسِبْه. ودارِهاتُ الدَّهْرِ: هَواجِمُه؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَزِيرٌ عَليَّ فَقْدُه فَفَقَدْتُه،
فبانَ وخَلَّى دارِهاتِ النوائبِ
دارِاهاتُها: هاجماتُها. ويقال: إِنه لَذُو تُدْرَإِ وذو تُدْرَهٍ إِذا
كان هَجَّاماً على أَعدائه من حيث لايحتسبون؛ وقول أَبي النجم:
سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عليها
إِنما معناه: اهْجُمِي عليها وأَقْدِمِي. ودَرَهْتُ عن القوم: دفعت عنهم
مثل دَرَأْتُ، وهو مبدل منه نحو هَراقَ الماءَ
وأَراقَــهُ.الأَزهري: قال الليث أُمِيتَ فِعْلُه إِلا قولهم رجل مِدْرَهُ
حَرْبٍ، ومِدْرَهُ القوم هو الدافعُ عنهم. ابن سيده: المِدْرَه السيد
الشريف، سمي بذلك لأَنه يقوى على الأُمور ويَهْجُم عليها، مشتق من ذلك.
والمِدْرَهُ: المُقَدَّم في اللسان واليد عند الخصومة والقتال، وقيل: هو
رأْس القوم والدافع عنهم. وفي حديث شَدَّاد بن أَوْسٍ: إِذْ أَقْبَلَ شيخ
من بني عامر هو مِدْرَهُ قومِه؛ المِدْرَهُ: زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم
عنهم والذي يرجعون إِلى رأْيه، والميم زائدة، والجمع المَدارِهُ؛ ومنه
قول الأَصبغ:
يا ابنَ الجَحاجحةِ المَدارِهْ،
والصابرينَ على ا لمَكارِهْ
وقال أَبو زيد: المِدْرَهُ لسان القوم والمتكلم عنهم؛ وأَنشد غيره:
وأَنتَ في القوم أَخُو عِفَّةٍ،
ومِدْرَهُ القومِ غَداةَ الخِطاب
وقال لبيد:
ومِدْرَه الكتيبةِ الرَّدَاحِ
ودَرَه لقومه يَدْرَه دَرْهاً: دَفَع. وهو ذو تُدْرَهِهم أَي الدافعُ
عنهم؛ قال:
أَعْطَى، وأَطرافُ العَوالي تَنُوشُه
من القومِ، ما ذو تُدْرَهِ القومِ مانِعُهْ
ولا يقال: هو تُدْرَهُهُم حتى يضاف إِليه ذو، وقيل: الهاء في كل ذلك
مبدلة من الهمزة لأَن الدَّرْءَ الدفعُ، وهذا ليس بقوي بل هما أَصلان؛
قالوا: دَرَأَ وَدَرَه؛ قال ابن سيده: فلما وجدنا الهاء في كل ذلك مساوية
للهمزة علمنا أَن إِحداهما ليست بدلاً من الأُخرى، وأَنهما لغتان. ودَرَهَ
القومَ: جاءهم من غير أَن يَشْعُروا به.
وسِكِّينٌ دَرَهْرَهَةٌ: مُعْوَجَّةُ الرأْس. وفي الحديث في المبعث:
فأَخْرَجَ عَلَقَةً سوداء ثم أَدخل فيه الدَّرَهْرَهَة، وفي طريق: فجاءه
الملك بسكين دَرَهْرَهة؛ قال ابن الأَعرابي: هي المعوجة الرأْس التي تسميها
العامة المِنْجَلَ، قال: وأَصلها من كلام الفرس دَرَهْ، فعرَّبتها العرب
بالزيادة فيه؛ وفي رواية: البَرَهْرَهَة، بالباء. الأَزهري: أَبو عمرو
الدَّرَهْرَهةُ المرأَة القاهرةُ لبعلها. قال: والسَّمَرْمَرَة الغُول،
قال: ويقال للكَوْكَبة الوَقَّادة بِنُورها تَطْلُع من الأُفُق دارئةً
دَرَهْْرَهةٌ.
زعع: الزَّعْزَعة: تحريك الشيء. زَعْزَعَه زَعْزْةً فَتَزَعْزَعَ:
حرَّكَه لِيَقْلَعَه؛ قال:
تَطاوَلَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ،
وأَرَّقَني أَن لا خَلِيلَ أُداعِبُهْ
فَواللهِ لولا اللهُ، لا رَبَّ غيرُه،
لَزُعْزِعَ مِن هذا السَّرير جَوانِبُهْ
ويروى: لولا اللهُ أَني أُراقِــبُهْ؛ وزَعْزَعَتِ الريحُ الشجرةَ
وزَعْزَعَتْ بها كذلك؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَلا حَبَّذا رِيحُ الصَّباحِينَ زَعْزَعَتْ
بِقُضْبانِه، بعدَ الظِّلالِ، جَنُوبُ
يجوز أَن يكون زَعْزَعَتْ به لغة في زَعْزَعَتْه، ويجوز أَن يكون عدّاها
بالباء حيث كانت في معنى دَفَعَتْ بها، والاسم من ذلك الزَّعْزاعُ؛ قالت
الدَّهْناءُ بنت مِسْحَلٍ:
إِلاَّ بِزَعْزاعٍ يُسَلِّي هَمِّي،
يَسْقُطُ منه فَتَخِي في كُمِّي
والزَّعْزاعةُ: الكَتِيبةُ الكثيرة الخيل؛ ومنه قول زهير يمدح رجلاً:
يُعْطِي جَزِيلاً ويَسْمُو غيرَ مُتَّئِدٍ
بالخَيْلِ للقَوْمِ في الزَّعْزاعةِ الجُولِ
أَراد في الكتيبة التي يتحرك جُولُها أَي ناحيتها وتَتَرَمَّزُ فأَضاف
الزعزاعة إِلى الجول. وقال ابن بري: الزَّعْزاعةُ الشدّة واستشهد بهذا
البيت، بيت زهير، وأَورده في زعزاعة الجول، وقال أَي في شدة الجُول.
وريحٌ زَعْزَعُ وزَعْزاعٌ وزُعْزُوعٌ: شديدة؛ الأَخيرة عن ابن جني؛ قال
أَبو ذؤيب:
وراحَتْه بَلِيلٌ زَعْزَعُ
(* قوله «وراحته» إلخ وتمامه:
ويعود بالارطى إذا ما شفه * قطر وراحته بليل زعزع
قاله أَبو ذؤيب يصف ثوراً.
وريح زَعْزَعانُ وزُعازِعٌ أَي تُزَعْزِعُ الأَشياء، وقيل:
الزَّعْزَعانُ جمع. والزَّعازعُ والزَّلازِلُ: الشدائد. يقال: كيف أَنت في هذه
الزعازع إِذا أَصابته شدائد الدهر. وسير زَعْزَعٌ: شديد؛ قال ابن أَبي
عائذ:وتَرْمَدُّ هَمْلَجَةً زَعْزَعاً،
كما انْخرَطَ الحبْلُ فوْقَ المَحال
وزَعْزَعْتُ الإِبلَ إِذا سقتها سَوْقاً عَنِيفاً.
ابن الأَعرابي: يقال للفالُوذِ: المُلَوَّصُ والمُزَعْزَعُ
والمُزَعْفَرُ واللَّمْصُ واللَّواصُ والمِرِطْراطُ والسِّرِطْراط.
موه: الماءُ والماهُ والماءةُ: معروف. ابن سيده: وحكى بعضهم اسْقِني
ماً، مقصور، على أَن سيبويه قد نفى أَن يكون اسمٌ على حرفين أَحدهما
التنوين، وهمزةُ ماءٍ منقلبة عن هاء بدلالة ضُروبِ تصاريفه، على ما أَذكره الآن
من جَمْعِه وتصغيره، فإن تصغيره مَوَيْه، وجمعُ الماءِ أَمواهٌ ومِياهٌ،
وحكى ابن جني في جمعه أَمْواء؛ قال أَنشدني أَبو علي:
وبَلْدة قالِصة أَمْواؤُها،
تَسْتَنُّ في رَأْدِ الضُّحَى أَفْياؤُها،
كأَنَّما قد رُفِعَتْ سَماؤُها
أَي مطرُها. وأَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ وماءةٌ. قال الجوهري:
الماءُ الذي يُشْرَب والهمزة فيه مبدلة من الهاء، وفي موضع اللام، وأَصلُه
مَوَهٌ، بالتحريك، لأَنه يجمع على أَمْواه في القِلَّة ومِياهٍ في الكثرة
مثل جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ، والذاهبُ منه الهاءُ، لأَن تصغيره
مُوَيْه، وإذا أَنَّثْتَه قلتَ ماءَة مثل ماعةٍ. وفي الحديث: كان موسى، عليه
السلام، يغْتَسِلُ عند مُوَيْهٍ؛ هو تصغير ماء. قال ابن الأَثير: أَصل الماء
مَوَهٌ. وقال الليث: الماءُ مدَّتُه في الأَصل زيادة، وإنما هي خلف من
هاءٍ محذوفة، وبيان ذلك أَن تصغيرَه مُوَيْهٌ، ومن العرب من يقول ماءة
كبني تميم يعْنُون الرَّكِيَّةَ بمائها، فمنهم مَنْ يَرْوِيها ممدوةً ماءة،
ومنهم من يقول هذه ماةٌ مقصورة، وماءٌ
كثير على قياسِ شاة وشاء. وقال أَبو منصور: أَصلُ الماء ماهٌ بوزن قاهٍ،
فثَقُلَت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدَّةً، فقالوا ماء كما
ترى: قال: والدليل على أَن الأَصل فيه الهاء قولهم أَماهَ فلانٌ
رَكِيَّتَه، وقد ماهَتِ الرَّكِيَّةُ، وهذه مُوَيْهةٌ
عَذْبةٌ، ويجمع مِياهاً. وقال الفراء: يُوقَفُ على الممدود بالقصر
والمدَّ شَرِبْت ماء، قال: وكان يجب أَن يكون فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ، قال: وسمعت
هؤلاء يقولون شربت مَيْ يا هذا، وهذه بَيْ يا هذا، وهذه بَ حَسَنة،
فشبَّهوا الممدودَ بالمقصور والمقصورَ بالممدود؛ وأَنشد:
يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ
فقَصَر، وهو ممدود، وشبهه بالمقصور؛ وسَمَّى ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الدمَ
ماءَ اللحمِ فقال يهجو امرأَة:
شَرُوبٌ لماءِ اللحمِ في كلِّ شَتْوةٍ،
وإِن لم تَجِدْ مَنْ يُنْزِل الدَّرَّ تَحْلُبِ
وقيل: عَنَى به المَرَق تَحْسُوه دون عِيالِها، وأَراد: وإن لم تجد مَن
يَحلُب لها حَلَبتْ هي، وحَلْبُ النساء عارٌ
عند العرب، والنسبُ إلى الماء مائِيٌّ، وماوِيٌّ
في قول من يقول عَطاوِيّ. وفي التهذيب: والنسبة إلى الماء ما هِيٌّ.
الكسائي: وبئرٌ ماهَةٌ ومَيِّهةٌ
أَي كثيرةُ الماء. والماوِيَّةُ: المِرْآةُ صفة غالبة. كأَنها منسوبة
إلى الماء لصفائها حتى كأَنَّ الماءَ يجري فيها، منسوبة إلى ذلك، والجمع
ماوِيٌّ؛ قال:
ترَى في سَنا الْمَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى
على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل
والماوِيَّةُ: البقرةُ لبياضِها.
وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَموهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً
ومُؤُوهاً وماهَةً ومَيْهةً، فهي مَيِّهةٌ وماهةٌ: ظهر ماؤها وكثر،
ولفظةُتَمِيه تأْتي بعدَ هذا في الياء هناك من باب باع يبيع، وهو هنا من باب
حَسِبَ يَحْسِبُ كطاحَ يَطِيحُ
وتاهَ يَتِيهُ، في قول الخليل، وقد أَماهَتْها مادَّتُها وماهَتْها.
وحَفَر البئرَ حتى أَماهَ وأَمْوَه أَي بلغ الماءَ. وأَماهَ أَي أَنْبَط
الماءَ. ومَوَّهَ الموضعُ: صارَ فيه الماءُ؛ قال ذو الرمّة:
تَمِيميّة نَجْدِيّة دارُ أَهْلِها
إذا مَوَّهَ الصَّمَّانُ مِن سَبَلِ القَطْرِ
وقيل: مَوَّهَ الصَّمَّانُ صار مُمَوَّهاً بالبَقْل. ويقال: تَمَوَّهَ
ثمرُ النخل والعنبِ إذا امْتلأ ماءً وتَهَيّأَ للنُّضْجِ. أَبو سعيد: شجرٌ
مَوَهِيٌّ
إذا كانَ مَسْقَوِيَّاً، وشجر جَزَوِيٌّ يشرب بعروقه ولا يُسْقَى.
ومَوَّهَ فلانٌ حَوْضَه تَمْوِيهاً إذا جعل فيه الماءَ. ومَوَّهَ السحابُ
الوَقائعَ. ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ وماهي الفُؤادِ: جبان كأَن قَلبه في ماء؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
إنَّكَ يا جَهْضَمُ ما هي القلبِ
قال: كذا يُنْشِده، والأَصلُ مائِهُ القلبِ لأَنه مِن مُهْتُ. ورجل ماهٌ
أَي كثيرُ ماءِ القلب كقولك رجل مالٌ؛ وقال:
إنَّك يا جَهْضَمُ ماهُ القلبِ،
ضَخْمٌ عريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْبِ
ماهُ
القلبِ: بلِيدٌ، والمُجْرئشُّ: المنتفخُ الجَنْبَين. وأَماهَتِ الأَرضُ:
كثُر ماؤها وظهر فيها النَّزُّ. وماهَتِ السفينةُ تَماهُ وتَموه
وأَماهَتْ: دخل فيها الماءُ. ويقال: أَماهَتِ السفينةُ بمعنى ماهَتْ. اللحياني:
ويقال امْهِنِي اسْقِِني. ومُهْتُ الرجلَ ومِهْتُه، بضم الميم وكسرها:
سقَيْتُه الماءَ. ومَوَّه القِدْرَ: أَكثر ماءَها. وأَماهَ الرجلَ
والسِّكِّينَ وغيرٍَهما: سَقاهُ الماءَ، وذلك حينَ تَسُنُّه به. وأَمَهْتُ
الدواةَ: صَبَبْتُ فيها الماء. ابن بُزُرْج: مَوَّهَت السماءُ أَسالَتْ ماءً
كثيراً. وماهَت البئرُ وأَماهت في كثرة مائها، وهي تَماهُ وتَموه إذا كثُر
ماؤها. ويقولون في حفْر البئر: أَمْهَى وأَماهَ؛ قال ابن بري: وقول امرئ
القيس:
ثم أَمْهاهُ على حَجَره
هو مقلوبٌ من أَماهَه، ووزنه أَفعله. والمَها: الحجر، مقلوب أَيضاً،
وكذلكَ المها ماءُ الفحل في رحم الناقة. وأَماهَ الفحلُ إذا أَلْقى ماءَه في
رَحِم الأُنثى.
ومَوَّهَ الشيءَ: طَلاهُ بذهبٍ أَو بفضةٍ وما تحت ذلك شََبَهٌ أَو
نُحاسٌأَو حديدٌ، ومنه التَّمْوِيهُ وهو التلبيسُ، ومنه قيل للمُخادِع:
مُمَوِّه. وقد مَوَّهَ فلانٌ
باطِلَه إذا زَيَّنه وأَراه في صورةِ الحقّ. ابن الأَعرابي: المَيْهُ
طِلاءُ السيفِ وغيرِه بماء الذهب؛ وأَنشد في نعت فرس:
كأَنَّه مِيهَ به ماءُ الذَّهَبْ
الليث: المُوهةُ لونُ الماء. يقال: ما أَحسن مُوهَةَ وجْهِهِ. قال ابن
بري: يقال وَجْهٌ مُمَوَّهٌ أَي مُزَيَّنٌ بماء الشَّباب؛ قال رؤبة:
لَمَّا رَأْْتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ
والمُوهةُ: تَرَقْرُقُ الماء في وجه المرأَة الشابة. ومُوهةُ الشبابِ:
حُسْنُه وصَفاؤه. ويقال: عليه مُوهةٌ من حُسْنٍ ومُواهةٌ ومُوَّهةٌ
إذا مُنِحَه. وتَمَوَّهَ المالُ للسِّمَنِ إذا جرى في لحُومِه الربيعُ.
وتَمَوَّه العنَبُ إذا جرى فيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لَوْنُه. وكلامٌ عليه
مُوهةٌ أَي حُسْنٌ وحلاوةٌ، وفلانٌ مُوهةُ أَهلِ بيتِه. ابن سيده: وثَوْبُ
الماء الغِرْسُ الذي يكون على المولود؛ قال الراعي:
تَشُقُّ الطَّيْرُ ثَوْبَ الماء عنه،
بُعَيْدَ حياتِه، إلا الْوَتِينا
وماهَ الشيءَ بالشيء مَوْهاً: خَلَطَه؛ عن كراع. ومَوَّه عليه الخبرَ
إذا أَخْبَره بخلاف ما سَأَلَه عنه. وحكى اللحياني عن الأَسَدِيَّ: آهَة
وماهَة، قال: الآهَةُ الحَصْبةُ، والمَاهَةُ الجُدَرِيُّ.
وماهٌ: موضع، يُذَكَّرُ ويؤنث. ابن سيده: وماهُ مدينةٌ لا تَنْصرف لمكان
العُجْمة. وماهُ دينار: مدينة أَيضاً، وهي من الأَسماء المركبة. ابن
الأَعرابي: الْمَاهُ قصَبُ البلدِ، قال: ومنه ضُربَ هذا الدينارُ بماهِ
البَصْرة وماهِ فارسَ؛ الأَزهري: كأَنه معرّب. والْمَاهانِ: الدِّينَوَرُ
ونَهاوَنْدُ، أَحدُهما ماهُ الكوفةِ، والآخرُ ماهُ البصرةِ. وفي حديث الحسن:
كانَ أَصحابُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَشْتَرُون السَّمْنَ
المائيَّ؛ قال ابن الأَثير: هو منسوب إلى مواضعَ تُسَمَّى ماه يُعْملُ
بها، قال: ومنه قولهم ماهُ البصرةِ وماهُ الكوفةِ، وهو اسمٌ
للأَماكِن المضافة إلى كل واحدة منهما، فقَلَب الهاءَ في النَّسَب همزةً
أَو ياءً، قال: وليست اللفظةُ عربية. وماوَيْهِ: ماءٌ لبني العَنْبرِ
ببطن فَلْج؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وَرَدْنَ على ماوَيْه بالأَمْسِ نِسْوةٌ،
وهُنَّ على أَزْواجِهنَّ رُبوضُ
وماوِيَّةُ: اسمُ امرأَة؛ قال طرفة:
لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً،
ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرْ
قال: وتصغيرُها مُوَيّة؛ قال حاتم طيء يخاطب ماوِيَّةَ وهي امرأَته:
فضارَتْه مُوَيُّ ولم تَضِرْني،
ولم يَعْرَقْ مُوَيّ لها جَبينِي
يعني الكَلِمةَ العَوْراء. وماهانُ: اسمٌ. قال ابن سيده: قال ابن جني لو
كان ماهانُ عربيّاً فكان من لفظ هَوَّمَ أَو هَيَّمَ لكان لَعْفانَ، ولو
كان من لفظ الوَهْم لكان لَفْعانَ، ولو كان من لفظ هَمَا لكان عَلْفانَ،
ولو وجد في الكلام تركيب وم هـ فكان ماهَانُ من لفظه لكان مثاله
عَفْلانَ، ولو كان من لفظ النَّهْم لكان لاعافاً، ولو كان من لفظ المُهَيْمِنِ
لكان عافالاً، ولو كان في الكلام تركيب م ن هـ فكان ماهانُ منه لكان
فاعالاً، ولو كان ن م هـ لكان عالافاً.
وماءُ السماءِ: لقب عامر بن حارثة الأَزْدِيّ، وهو أَبو عمرو
مُزَيْقِيَا الذي خرج من اليمن لما أَحَسَّ بسيل العَرِم، فسمي بذلك لأَنه كان إذا
أَجْدَبَ قومُه مانَهُمْ حتى يأْتيهم الخِصْبُ، فقالوا: هو ماءُ السماءِ
لأَنه خَلَفٌ
منه، وقيل لولده: بنو ماء السماء، وهم ملوك الشأْم؛ قال بعض الأَنصار:
أَنا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرو، وجَدِّي
أَبوه عامرٌ ماءُ السماء
وماءُ السماء أَيضاً: لقَبُ أُمّ المُنْذِر بن امْرِئِ القَيْس
بن عَمْرو بن عَدِيّ بن ربيعة بن نَصْرٍ اللَّخْمِيّ، وهي ابنة عَوْفِ
بن جُشَمَ من النَّمِر بن قاسِطٍ، وسميت بذلك لجمالها، وقيل لولدها بنُو
ماءِ السماءِ، وهم ملوك العراق؛ قال زهير:
ولازَمْتُ المُلوكَ مِنَ آلِ نَصْرٍ،
وبعدَهُمُ بني ماءِ السماءِ
وفي حديث أَبي هريرة: أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ
لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ
منقَلبةٌ عن واو. وحكى الكسائي: باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه،
وهو حكاية صوتها.
سفك: السَّفْكُ: صَبُّ الدم ونَثْرُ الكلام. وسَفَك الدمَ والدمعَ
يَسْفِكُه سَفْكاً، فهو مَسْفوك وسَفِيك: صبه وهَراقَه، وكأَنه بالدم أَخص.
وفي الحديث: أَن يَسْفكُوا دماءَهم؛ السَّفْك: الإراقة والإجراء لكل مائع،
وقد انْسَفَك؛ ورجل سَفَّاك للدماء سَفَّاك للكلام. والسَّفَّاك:
السَّفَّاح وهو القادر على الكلام. وسَفَكَ الكلام يَسْفِكه سَفْكاً:نَثَره.
ورجل مِسْفَكَ: كثير الكلام. وخطيب سَفَّاك: سَفَّاك: بليغ كَسهَّاك؛ كلاهما
عن كراع. ورجل سَفَّاك بالكلام وسَفْوك: كذَّاب.
والسُّفْكَة: ما يُقَدَّم إلى الضيف مثل اللُّمْجة، يقال: سَفِّكُوه
ولَمَّجُوه.
ومن أسماء النفس: السَّفُوك والجائشة والطَّموح.