Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أح

أحمدنكر

الــأحــمد: قد ذكر فِي أول الْكتاب تيمنا وتبركا، قيل إِن عَلَاء الدّين سُلْطَان دلهي كتب إِلَى السُّلْطَان أَحْــمد سُلْطَان الكجرات يَقُول:
(أَنا الْعَلَاء وعَلى حرف جر ... فَهَل يُمكن أَن يجر عَليّ)
لما وصل الْمَكْتُوب إِلَى السُّلْطَان أَحْــمد كتب فِي الْجَواب:
(اسْم أَحْــمد مَمْنُوع من الصّرْف ... وَلَيْسَ مُمكنا أَن يجر عَليّ)
أَحْــمد نكر بَلْدَة طيبَة فِي (الدكن) من مضافات (اورنك) عامرة الْبُنيان حفظهما الله تَعَالَى عَن الْآفَات وَالشَّر وعمرهما مدى الْأَيَّام والشهور، وَبِمَا أَن الْبَلدة الْمَذْكُورَة هِيَ مَوضِع ولادَة العَبْد الْفَقِير، وَبِمَا أنني فِي قَضَائهَا وعشت فِيهَا مُدَّة الْعُمر فِي رخاء وَيسر ونشأة وترعرعت فِيهَا فَكَانَ من حَقّهَا عَليّ أَن أسرد بَعْضًا أَو نفحات من تاريخها الَّذِي استنبطه أَو وصل لي من خلال الرِّوَايَات المتواترة المحققة.
هَذِه الْبَلدة بناها أَحْــمد نظام شاه البحري عَلَيْهِ شآبيب سَحَاب الرَّحْمَة والغفران وَــأحــمد نظام شاه البحري هُوَ ابْن ملك نَائِب بحري، وَهُوَ من أَوْلَاد برهمنان بيجانكر واسْمه الْأَصْلِيّ تيمابهت وَاسم وَالِده بهريون، زمن سُلْطَان أَحْــمد شاه بهمني من أَوْلَاد بهمن بن اسفنديار الَّذِي كَانَ يحكم منْطقَة (مُحَمَّد آباد بيدر) وَقع أَسِيرًا أَيَّام ملك بيجانكر وَعرف بِملك حسن وَدخل فِي سلك غلْمَان المملكة، وعندما رأى السُّلْطَان أَحْــمد مَا لَدَى ملك حسن من علم وَمَعْرِفَة واطلاع وعقل ورأي أهداه إِلَى وَلَده الْأَكْبَر مُحَمَّد شاه بهمني وأرسله إِلَى الْكتاب لتعلم الْخط والعلوم الفارسية الَّتِي برع فِيهَا ملك حسن بِسُرْعَة وَفِي مُدَّة قَصِيرَة واشتهر بعْدهَا ب (ملك حسن بهريور) فأغدق عَلَيْهِ العطايا والمراكز الْعَالِيَة والممتازة وَتَوَلَّى قيادة الحرس الْخَاص للقصر واصطفاه وقربه مِنْهُ واستبدل كلمة (بهريور) بِكَلِمَة (بحري) وخلع عَلَيْهِ لقب (نظام أشرف هايون الْملك بحري) بِمُوجب فرمان همايوني شرِيف مِمَّا عَاد على أَوْلَاده بالشرف الرفيع وعلو الْقيمَة وَالْقدر، وَبعد وَفَاة أَحْــمد شاه بهمني، تحول الْملك إِلَى أكبر أَوْلَاده مُحَمَّد شاه بهمني، فَأصْبح (أشرف همايون نظام الْملك بحري) وَكيلا للسلطنة بِنَاء لوَصِيَّة أَحْــمد شاه بهمني، فعين وَلَده (ملك أَحْــمد) قائدا للجيش وأقطعه (ويركنات) مِمَّا يَلِي قلعة (دولت آباد) وفوضه أمرهَا.
ووصلت سلطة ملك أَحْــمد إِلَى حُدُود (جنير) واهتم بإدارتها وضبطها غير أَن قلعة (سنير) الْوَاقِعَة على بعد ميل من (جنير) لجِهَة الغرب وقلعة (جوند) و (هرسل) وَغَيرهَا من القلاع وَالَّتِي كَانَت أَيَّام سُلْطَان أَحْــمد شاه بهمني تَحت سيطرة (مرهته هاي) ، لم تدخل تَحت نُفُوذه على الرغم من الفرمانات والقرارات الَّتِي اصدرها وَكيل السلطنة وَالَّتِي تقضي بِوُجُوب تَسْلِيم القلاع إِلَى ملك أَحْــمد، لَكِن (مرهته هاي) اعتذر عَن ذَلِك مَا دَامَ مُحَمَّد شاه بهمني لم يبلغ سنّ الرشد والتمييز وَيُصْبِح صاحبا لملكه وقادرا على ادارته، عِنْد ذَلِك يُطِيع الْأَوَامِر وَيسلم القلاع. غير أَن ملك أَحْــمد كَانَ صَاحب قَرَار وعزم فقرر الِاسْتِيلَاء على قلعة (سنير) فَعمد إِلَى محاصرتها لمُدَّة سِتَّة أشهر بعْدهَا خرج آمُر القلعة وَسلم مَفَاتِيح القلعة إِلَى ملك أَحْــمد، فاستولى على جَمِيع الْأَمْوَال والأشياء الَّتِي كَانَت تحويها القلعة وَالَّتِي كَانَت كَثِيرَة وَلَا تحصى وافتخر بذلك أَيّمَا افتخار وطارت أخباره بذلك، مِمَّا دفع القلاع الْأُخْرَى (جوند) و (هرسل) و (جيودهن) وَغَيرهَا إِلَى التَّسْلِيم لَهُ قهرا فسيطر بذلك على ملك (كوكن) وَعَن قلعة (سنير) يَقُول مُحَمَّد قَاسم فرشته واصفا، أَنَّهَا تقع على رَأس قمة جبل شَاهِق تعانق السَّحَاب وَلَا يصلها النسْر فِي تحليقه.
وَقد زار الْكَاتِب قلعة ((سنير)) فِي الفترة الَّتِي كَانَ حَاكما عَلَيْهَا ابْن عبد الْعَزِيز الَّذِي كَانَ يتحلى بِصِفَات الشجَاعَة وَالْكَرم وَالْوَفَاء. وَالَّذِي أصبح قائدا لقلعة ((سنير)) بعد وَفَاة مَحْمُود عَالم خَان، وَفِي عهد مُحَمَّد فرخ سير قَائِد دلهي عقد اتِّفَاق بَينه وَبَين أَمِير الْأُمَرَاء سيد حُسَيْن عَليّ خَان المشرف على (دكن) بعد تدخل من سنكراجي ملها رزناردار 1129 وَكَانَ من شُرُوطه عدم الانقلاب والثورة على الْملك وَعدم التَّعَرُّض إِلَى سبل النَّقْل (الطّرق) والاحتفاظ بِخَمْسَة عشر ألف رَاكب تَحت إمرة المسؤول عَن (الدكن) وَأسْندَ إِلَيْهِ أَو جوتهه وسرد بسمكى النواحي السِّتَّة من (الدكن) وَتفرد غنيم بِملك (كوكن) وَمَا حولهَا من الْمَوَاشِي والأبقار وقصبات وأمصار وبلاد وبقاع. وَأصْبح كَذَلِك مسيطرا على ملك كجرات ومالوة وفنديس وَمَا وَرَاء الدكن وأغلب أَرَاضِي الْهِنْد والبنغال. وبسبب ضعف جيوش الْإِسْلَام بلغ الْأَمر إِزَالَة الشعارات والعلامات الإسلامية من الْقرى والامصار الَّتِي سيطر عَلَيْهَا وهدمت الْمَسَاجِد وَمنع ذبح الأبقار. وَبلغ الْأَمر أَنهم قطعُوا أَيدي القصابين فِي بَلْدَة برهَان بوركو وأخرجوهم مِنْهَا ... وَبعد انتصار غنيم حاصر قلعة ((سنير)) الَّتِي كَانَت لمحمود عَالم خَان الَّذِي رأى أَن الْأَصْحَاب والأتباع وَمن يُؤَيّد مُحَمَّد حُسَيْن نويته الَّذِي كَانَ صَاحب الرَّأْي لَدَى مَحْمُود عَالم خَان قد تفَرقُوا بعد أَن وصلوا إِلَى الْهَلَاك وَلم تصلهم امدادات جيوش الْإِسْلَام قرر وبشكل مزاجي أَن يفضل الْحَيَاة الدُّنْيَوِيَّة على الشَّهَادَة والحياة الأبدية فَاخْتَارَ مَا يلطخ الجبين إِلَى الْأَبَد فقرر فِي السَّادِس عشر من شهر جُمَادَى الأولى سنة 1170 تَسْلِيم القلعة إِلَى غنيم فَخرجت السيطرة عَن القلعة بذلك من يَد الْمُسلمين وَمَات بعْدهَا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون.
وصلنا إِلَى أصل الْمَوْضُوع ذَلِك أَن أشرف همايون نظام الْملك بحري قد توفّي فتسمى ابْنه الْملك أَحْــمد بِــأَحْــمَد نظام الْملك شاه بحري وَبسط لِوَاء سلطته، وعندما وصل هَذَا الْخَبَر إِلَى مسامع السُّلْطَان مُحَمَّد شاه بهمني وَجه إِلَيْهِ جَيْشًا جرارا بقيادة جهانكير خَان، الَّذِي وصل إِلَى قَصَبَة (بهنكار) عابرا من ((تلِي كانون)) فَتوجه أَحْــمد نظام الْملك شاه بحري من قَصَبَة (جيور) إِلَى ملاقاته، فَنزل الجيشان تفصل بَينهمَا مَسَافَة سِتَّة فراسخ لمُدَّة شهر تَقْرِيبًا، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء علم جهانكير خَان أَن جَيش أَحْــمد نظام شاه بحري لَا يملك التنظيم وَلَيْسَ لَهُ قدرَة على المواجهة، وَكَانَت الْأَيَّام تِلْكَ مُنَاسبَة لإِقَامَة الملذات ومجالس الطَّرب وَالشرَاب فَعمد إِلَى إِقَامَتهَا. وصلت أَخْبَار هَذِه الْمجَالِس الَّتِي يقيمها جهانكير خَان إِلَى مسامع أَحْــمد نظام شاه بحري الَّذِي اغتنم الفرصة وتحرك بجيشه الَّذِي يَقُودهُ أعظم خَان لَيْلَة الثَّالِث من رَجَب المرجب سنة 895 عبر جبال قَصَبَة (جيور) فوصل مَعَ الصُّبْح إِلَى قَصَبَة (بهنكار) وَنزل كالصواعق على جَيش جهانكير خَان فَقَتلهُمْ وَأسر من بَقِي مِنْهُم فأركبهم أَحْــمد نظام شاه بحري على ظُهُور الأبقار وأطلقهم وسط عسكره مشهرا بهم، وَأعْطى الْأمان لمن بَقِي بِالْقربِ من (مُحَمَّد آباد بيدر) ، وَأما الْمَكَان الَّذِي جرت فِيهِ المعركة وَفتح الله لَهُ فِيهَا فقد أَقَامَ حديقة وسماها حديقة نظام وَلذَلِك فَإِن هَذِه المعركة عرفت بمعركة (الحديقة) . وحول هَذِه الحديقة زرعت الغابات والأزهار وبنيت العمارات الشاهقة وَسميت ((نكينه مَحل)) و ((سون مَحل)) وجر إِلَيْهَا نَهرا من السوَاد فِي محلّة (كافور باري) تنبع من بِئْر مَشْهُور باسم (ناكابائين) وَمَعَ الْوَقْت أَصبَحت هَذِه الحديقة تعرف ((بروضة الرضْوَان)) .
بعد ذَلِك وَمن بَاب الشُّكْر لله على فتح قَصَبَة (جيور) وَمَعَهَا قَرْيَة (إِمَام بور) عمد أَحْــمد نظام الشاه بحري إِلَى جعل هَذِه النَّاحِيَة وَقفا على الْمَشَايِخ وَالْعُلَمَاء، وغادر بعْدهَا منصورا مظفرا إِلَى (بجنير) . ثمَّ أَزَال اسْم السُّلْطَان مَحْمُود شاه بهمن من الْخطْبَة بعد أَن أَشَارَ عَلَيْهِ بذلك يُوسُف عَادل خَان واستبدله باسمه وَركب جملا أَبيض وَهَذَا الرَّسْم كَانَ من خصوصيات سُلْطَان دلهي وكجرات، بعد ذَلِك راوده حلم السيطرة على قلعة (دولت آباد) ، وأرقه وجود أَفْوَاج السلاطين فِي (بيجابور) و (حيدر آباد) و (بيدر) فَخرج من (جنير) لمواجهتهم ولصعوبة هَذِه المهمة ومقتضيات الْأُمُور عمد إِلَى بِنَاء مَدِينَة فِي الْوسط مَا بَين (دولت آباد) و (جنير) وسماها (دَار السلطنة) والعاصمة وَذَلِكَ فِي شهور سنة (900) فِي الْمُقَابل من (حديقة نظام) إِلَى الْجَانِب الغربي على نهر (السِّين) . وَكَانَ يُرِيد أَن يُطلق عَلَيْهَا اسْم (أَحْــمد آباد) وَلكنه بعد أَن علم أَن عَاصِمَة ملك كجرات سُلْطَان أَحْــمد شاه كجرات كَائِن على هَذَا الِاسْم نَفسه، وَهِي مستمدة من اسْمه وَهُوَ اسْم يُوَافق اسْم وزيره الْقَدِير وقاضيه الْعَادِل، فَعدل عَن ذَلِك، إِلَى اسْم (أَحْــمد نكر) الَّذِي يتوافق مَعَ اسْمه وَالِاسْم الْأَصْلِيّ لنصير الْملك ووزير الممالك وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر، وأصدر أوامره إِلَى جَمِيع الْأُمَرَاء وَالْأَصْحَاب والقادة الْكِبَار وَأَصْحَاب الخدمات بِبِنَاء العمائر الْكَبِيرَة والضخمة، فبنوها على النمط الْمصْرِيّ والبغدادي وارفقوها بالعديد من الْمَسَاجِد والحمامات وجروا إِلَيْهَا عدَّة أنهر وزرعوا عدَّة حدائق جميلَة ورائعة تخلب الأنظار والقلوب مَعًا فَأَصْبَحت (أَحْــمد نكر) خضراء أَكثر وَأفضل من (كشمير) وهواها ألطف وأرق من سَائِر الْبِلَاد.
وَبعد وَفَاة ملك أشرف صَاحب قلعة (دولت آباد) ضم أَحْــمد نظام شاه بحري هَذِه القلعة إِلَى سلطته فَبنى مَا تهدم مِنْهَا وترفق بِالنَّاسِ ثمَّ قفل إِلَى مَدِينَة (أَحْــمد نكر) منصورا مظفرا. فِي هَذِه الفترة مَاتَ وزيره نصير الْملك كجراتي فعين مَكَانَهُ كَمَال خَان دكهني، بعْدهَا مرض أَحْــمد نظام شاه بحري وَاسْتمرّ مَرضه مُدَّة ثَلَاثَة أشهر، فَجمع أَرْكَان دولته إِلَيْهِ وأعلن ابْنه الْأَمِير وليا لعهده الْبَالِغ من الْعُمر سبع سنوات. حكم أَحْــمد نظام شاه مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة وَتُوفِّي سنة (904) . فارتعدت السَّمَاء وَالْأَرْض عِنْد مَوته وَحمل نعشه الطَّاهِر السَّادة والفضلاء والأمراء بِجلَال ووقار السلطنة إِلَى الْقرب من نهر (السِّين) حَيْثُ دفن هُنَاكَ:
(أَيهَا الْمَوْت لقد دمرت آلَاف الْبيُوت ... وخطفت الْأَرْوَاح من عَالم الْوُجُود)
(وكل درة نفيسة أَتَت إِلَى هَذِه الدُّنْيَا ... أَخَذتهَا ووضعتها تَحت التُّرَاب)
بني على قبر أَحْــمد نظام شاه بحري قبَّة عالية وأحــيط بسور كَبِير ووسيع أطلق عَلَيْهِ اسْم (حديقة الرَّوْضَة) وَفِي دَاخل هَذَا السُّور هُنَاكَ قُبُور عديدة وعدة قبب صَغِيرَة، أما الأَرْض خَارج السُّور فَهِيَ مليئة بالقبور لمساحة رمية سَهْمَيْنِ أَو أَكثر لجِهَة الْجنُوب حَتَّى يُمكن القَوْل أَن لَيْسَ فِيهَا وجبا وَاحِدًا خَالِيا من قبر.
لقد تحولت هَذِه الْمقْبرَة إِلَى مقصد للْعُلَمَاء لطلاب الْعلم الَّذين يَجْلِسُونَ تَحت قبَّة قبر أَحْــمد نظام شاه بحري إِلَى الْمِحْرَاب الْوَاقِع لجِهَة الشمَال حَيْثُ يعقدون الحلقات، وأبرز هَؤُلَاءِ الْعلمَاء المرحوم مير عنايت الله ولد مير طَاهِر جنيري الَّذِي قبل الانتساب إِلَى بيُوت الْفقر من أجل تَحْصِيل الْعلم فَقضى مُعظم أوقاته فِي تِلْكَ الْمقْبرَة.
وَلَقَد اسميت هَذَا الْمُحب السعيد بالشهيد لِأَنَّهُ فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك من هَذِه السّنة جَاءَ إِلَى منزلي وَقَالَ إِنَّه إِذا ربح بطيخة فَأولى لَهُ أَن يربح أَو يكْسب الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة فَقبلت مَعَه فَقضيت مَعَه شهر رَمَضَان فِي تكْرَار درس ((شرح الْوِقَايَة)) بحاشية ((الْجبلي)) فِي ذَلِك الْمِحْرَاب.
وَكنت فِي بعض الــأحــيان اذْهَبْ إِلَى ((حديقة الرَّوْضَة)) لزيارة الْقُبُور وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة على العظماء المدفونين فِيهَا وأجلس إِلَى قبر حَافظ مُحَمَّد عبد الله التلميذ النجيب لوالد المرحوم المدفونين دَاخل سور الحديقة. الَّذِي كَانَ لَهُ الِاطِّلَاع الْوَاسِع والمعرفة الْحجَّة والبصيرة الواسعة والفكر الصائب، وَقَالَ كلَاما مجيدا وَوَجهه إِلَى الْمُلُوك الْمُخْتَلِفين وَكَانَ لَهُ اطلَاع وَاسع على علم الْقِرَاءَة وصنف رِسَالَة فِي التجويد شعرًا ونثرا. وَقد اسْتَفَدْت مِنْهُ فِي دراسة ((شرح الملا)) وَبَعض أَبْوَاب ((كنز الْفَوَائِد)) اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وَأَنت الْغفار الرَّحِيم.
وَظهر يَوْم الْــأَحَــد من سنة 1164 اسْتشْهد محبي لله مير عنايت الله فِي المعركة الَّتِي نشبت بَين هدايت محيي الدّين خَان ((وفاغنة)) والقصة أَن مكمل خَان انفق جهدا كَبِيرا فِي تربية وَتَعْلِيم وتأديب برهَان نظام شاه ولمدة عشرَة سنوات الَّتِي كَانَت كَافِيَة وجيدة لاتقان الْقِرَاءَة وَالْكِتَابَة بِخَط جميل بشكل جيد.
وَكتب ((مُحَمَّد قَاسم)) يَقُول إِن برهَان نظام شاه كتب رِسَالَة فِي علم الْأَخْلَاق وسلوك الْمُلُوك ووصلت إِلَيْهِ وَقد كتب فِي آخرهَا هَذِه الْجُمْلَة ((كَاتبه الشَّيْخ برهَان بن أَحْــمد الملقب بنظام الْملك بحري)) . وَقد كَانَ برهَان نظام شاه مَعْرُوفا بالشجاعة وَالتَّقوى وَالصَّلَاح وَالْكَرم وفريدا فِي عصره. وَيُقَال إِنَّه كَانَ عِنْدَمَا يركب فرسه وَيخرج إِلَى السُّوق فِي مَدِينَة (أَحْــمد نكر) مَعَ أَصْحَابه، فَإِنَّهُ لَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا يسارا، وعندما سَأَلَهُ أحــد المقربين عَن عدم التفاتة إِلَى الْأَطْرَاف والجوانب قَالَ لَهُ: عِنْدَمَا أعبر فَإِن كثيرا من الرِّجَال وَالنِّسَاء يقفون لمشاهدة هَذَا الفاني، وَأَنا أَخَاف. أَن تلفت أَن تقع عَيْني على شَيْء حرَام فَينزل عَليّ وبال ذَلِك. وَلما كَانَ هَذَا الْملك الْعَظِيم شَابًّا ومغامرا فِي أَوَائِل سلطنته أَرَادَ أَن يسيطر على قلعة (كاويل) ، فَخرج من أجل ذَلِك من دَار السلطنة فِي (أَحْــمد نكر) باتجاه تِلْكَ القلعة وسيطر عَلَيْهَا، وَكَانَ من جملَة الأسرى الَّذين وَقَعُوا فِي يَد قَائِد جَيْشه جَارِيَة بَالِغَة الْحسن وَالْجمال تشابه الْقَمَر أَو المُشْتَرِي، فَلَمَّا وَقع نظره على وَجه الْملاك هَذَا فشاهد الْمُسْتَقْبل فِي مرْآة وَجههَا تملكه الوله والحيرة وَلم يملك سَبِيلا إِلَّا أَن يحملهَا إِلَى السُّلْطَان وَيرى أَثَرهَا عَلَيْهِ، وَفِي خلْوَة بَينهمَا قَالَ نصير الْملك للسُّلْطَان دَامَ ضله أَنه قد حجب عَن بَاقِي الْعَسْكَر وَالنَّاس فاتنه من بَين الأسرى لَا مثيل لَهَا وَلَا تلِيق إِلَّا بالسلطان فَإِذا أَمر السُّلْطَان فَإِنَّهُ يبْعَث بهَا إِلَى الْجنَاح الليلي، فتملك شهريار حَالَة من الانشراح والفرح فَاسْتحْسن نصير الْملك ذَلِك وَلما ذهبت هَذِه الْجَارِيَة إِلَى الْجنَاح الليلي كَانَت تضع على رَأسهَا شادورا كحليا مقصبا بِالذَّهَب وَكَأَنَّهَا ملاك يسير باتجاه برهَان نظام شاه، وَلما تمّ اللِّقَاء بَينهمَا، شرفها الشاه بِالْحَدِيثِ مَعهَا فَسَأَلَهَا من أَي قوم هِيَ وَإِلَى من تنْسب وَمن يتَّصل بهَا بِالْقَرَابَةِ أيتها الوردة الجميلة الخالية من الشوك. فأجابت، روحي فدَاء للعلي الْقَدِير أَنا من قَبيلَة (فلَان) وَأبي وَأمي وَزَوْجي هم فعلا فِي قَبْضَة السُّلْطَان. فَلَمَّا سمع الْملك اسْم زَوجهَا سيطرت عَلَيْهِ الحمية وَاجْتنَاب الْمعاصِي فذوت شَهْوَته وَقَالَ لَهَا مطيبا خاطرها سَوف أطلق سراح والدك ووالدتك وزوجك وأهبك إيَّاهُم. عِنْدهَا ركعت الْجَارِيَة وَقبلت الأَرْض بَين يَدَيْهِ وشرعت بِالدُّعَاءِ لَهُ وَالثنَاء عَلَيْهِ. وَفِي الصَّباح عِنْدَمَا دخل عَلَيْهِ نصير الْملك يُرِيد تهنئته بِهَذِهِ اللَّيْلَة الجميلة، فَضَحِك ((يُوسُف زَمَانه)) وَقَالَ: لقد سترنا عَورَة هَذَا الشّرف الْكَرِيم وأعطيتها وَعدا أَن أعيدها إِلَى زَوجهَا فَلذَلِك أحــضر لي والدها ووالدتها وَزوجهَا إِلَى هَذَا الْمجْلس فأنعم عَلَيْهِم وأغدق ووهبهم لَهَا.
وَفِي عهد برهَان نظام شاه ازدهرت مَدِينَة (أَحْــمد نكر) وَأخذت رونقا جَدِيدا فَاجْتمع فِيهَا الْعلمَاء والسادات والأكابر وَالشعرَاء أَصْحَاب الْفُنُون والحرف والفقراء.
التقى الملا بير مُحَمَّد الشيرواني من كبار عُلَمَاء الْمَذْهَب السّني وأستاذ الْملك الْمُعظم عَن طَرِيق الِاتِّفَاق بالشاه طَاهِر دكنهي عِنْد جهان كاوان الَّذِي كَانَ ركن السلطنة لَدَى مُحَمَّد شاه بهمني فِي قلعة (بريندا) ، ودرس عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) فِي علم الْهَيْئَة لمُدَّة سنة وعندما عَاد إِلَى (أَحْــمد نكر) سَأَلَهُ برهَان نظام شاه عَن سَبَب توقفه هُنَاكَ. فَقَالَ لَهُ الملا بير مُحَمَّد ظَاهر أَنه كَانَ طول هَذِه الْمدَّة برفقة عَالم محلق فِي الْفَهم الإنساني، وَلَيْسَ من طَرِيق إِلَى إِدْرَاك سر كَمَاله وعقله يزن عقول أهل زَمَانه وَلَا أحــد يبلغ شرف مرتبَة علمه، فاعتبرت ذَلِك فوزا عَظِيما أَن أَقرَأ عَلَيْهِ كتاب (المجسطي) الَّذِي يعْتَبر محك امتحان الْفُضَلَاء لَا بل ميزَان معركة حكماء اليونان وَالْعراق وَأنْشد فِي وصف شاه طَاهِر هذَيْن الْبَيْتَيْنِ: (لقد حَار الْعُقَلَاء فِي وصف كَمَاله ... فَلَا يُدْرِكهُ لَا بقراط الْحَكِيم وَلَا أَبُو عَليّ)
(مَعَ علمهمْ وحكمتهم وفضلهم وكمالهم ... فَإِنَّهُم جَمِيعًا يدرسون علم الْألف فِي صفه)
لقد رغب برهَان نظام شاه بمصاحبة الْعلمَاء والفضلاء، وخصوصا صُحْبَة شاه طَاهِر فَأرْسل لَهُ رِسَالَة حملهَا شوقه وحبه واحترام مَعَ الملا بير مُحَمَّد، وعندما وصلت الرسَالَة إِلَى شاه طَاهِر فِي (بريندا) فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن اطلع (خواجه جهان) على الرسَالَة الَّذِي لم ير بدا من مركب السّفر لشاه طَاهِر وَيبْعَث بِهِ إِلَى مَدِينَة (أَحْــمد نكر) ، فَخرج أَعْيَان وأمراء وأقرباء الْملك من الْمَدِينَة لمسافة أَرْبَعَة فراسخ لاستقباله بِكُل اعزاز وإكرام وأدخلوه الْمَدِينَة. وَبعد أَن التقاه برهَان نظام شاه وَكَرمه وعظمه اعترافا بِقَدرِهِ ومنزلته، الَّتِي ادركها شاه طَاهِر من بَين جَمِيع المقربين، وَبعد أَن فرغ من مراسم الِاسْتِقْبَال والمهمات مَعَ السُّلْطَان (بهادر الكجراتي) ، اتخذ لَهُ مَكَانا فِي أَسْفَل قلعة (أَحْــمد نكر) للدرس الَّذِي تحول فِيمَا بعد إِلَى مَسْجِد جَامع فَجَلَسَ للدرس يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوع يدرس الْعلمَاء الْكِبَار ويطلعهم على الْكتب الدراسية. وَقد حضر دروسه كل من السَّيِّد جَعْفَر أَخ الشاه طَاهِر، وشاه حسن الْجواد، والملا مُحَمَّد النيشابوري، والملا حيدر الاسترآبادي، وَالسَّيِّد حسن المشهدي، والملا عَليّ كلمش الاسترآبادي، والملا ولي مُحَمَّد، والملا رستم الْجِرْجَانِيّ، والملا عَليّ المازندراني، وَأَبُو الْبركَة والملا عَزِيز الله الكيلاني، والملا مُحَمَّد الأسترآبادي، وَالْقَاضِي زين العابدين وقاضي الْعَسْكَر ظفر بيكر وَالسَّيِّد عبد الْحق (كَاتب بركنه ((انبر)) ) وَالشَّيْخ جَعْفَر، ومولانا عبد الأول وَالْقَاضِي مُحَمَّد نور الْمُخَاطب بِأَفْضَل خَان وَالشَّيْخ عبد الله القَاضِي، وَآخَرين من الْفُضَلَاء وطلاب الْعلم وَقد جلس إِلَيْهِ فِي درسه كَذَلِك كل من برهَان نظام شاه واستاذه الملا بير مُحَمَّد الشرواني فَكَانَ يجلس من أول الدَّرْس إِلَى آخِره وَيسْأل ويجيب ويناقش ويعارض.
وَلما كَانَ شاه طَاهِر على مَذْهَب الإمامية، فَإِن برهَان نظام شاه قد اخْتَار مَذْهَب الإمامية هُوَ وَجَمِيع أَهله وَعِيَاله والمقربين لَهُ، وَبعد النقاش الَّذِي دَار بَين شاه طَاهِر وَجمع من الْفُضَلَاء حول هَذَا الْمَذْهَب عمد برهَان نظام شاه إِلَى قتل قَاضِي (انبر) ، وَلَيْسَ هُنَا مقَام الْكَلَام على هَذَا الْمَوْضُوع.
لقد توفّي الشاه طَاهِر فِي زمن سلطنة برهَان نظام شاه سنة 956 وَدفن دَاخل سور حديقة الرَّوْضَة خَارج قبَّة نظام شاه بحري إِلَى الْجَانِب الشمالي. وَقد عمد هاني نظام شاه بعد مُدَّة إِلَى نقل رفاة شاه طَاهِر إِلَى كربلاء المعظمة. وَخلف شاه طَاهِر وَرَاءه أَرْبَعَة أَبنَاء هم: شاه حيدر وشاه رفيع الدّين حُسَيْن وشاه أَبُو الْحسن وشاه أَبُو طَالب وَثَلَاثَة بَنَات بقيت اسماميهن مستورة كَمَا كن هن مستورات. وَبَقِي أَوْلَاد شاه طَاهِر حَتَّى زمن كِتَابَة هَذِه الْكَلِمَات يسكنون فِي عمارات عامرة فِي مَكَان اقامة شاه طَاهِر فِي مَدِينَة (أَحْــمد نكر) ويتولون تصريفها وادارتها، وَالْحَال أَن الْكَاتِب قد اشْترى منزلا من وَرَثَة شاه طَاهِر فِي منطقته، وَقد عمد برهَان نظام شاه بعد جُلُوسه على عرش السلطة سنة (908) إِلَى بِنَاء قلعة من الْحجر الْمَطْبُوخ فِي أَرَاضِي (حديقة نظام) وَبنى فِيهَا أَرْبَعَة أبراج وَأعْطى كل برج وتوابعه إِلَى أحــد الْأُمَرَاء المرموقين، وَمَعَ مُرُور وَقت قصير أَصبَحت قلعة (أَحْــمد نكر) من القلاع النادرة وَبلا نَظِير وشيرازة (نِسْبَة إِلَى شيراز) ملك الدكن، فَكَانَت فِي بنائها وصقل أحــجارها وتدويرها وأسلوب أَحْــكَامهَا فريدة بَين قلاع الأَرْض وأصبحت مَدِينَة (أَحْــمد نكر) مَدِينَة مَشْهُورَة بِطيب هوائها ومائها ومناخها بَين جَمِيع الْخلق من الْخَاصَّة والعامة فِي جَمِيع الْبِلَاد والأمصار.
وَقد بنى أَحْــمد نظام شاه بحري إِلَى جَانب الشمالي من مَدِينَة (أَحْــمد نكر) حديقة سميت بحديقة (فيض نجش) والمشهورة بحديقة (الْجنَّة) وَبنى دَاخل الحديقة حوضا ضخما مثمن الاضلاع، وَفِي دَاخل الْحَوْض بنى عمَارَة كمنزل لَهُ مثمن الاضلاع، وَإِلَى جَانب الْحَوْض بنى إيوانه وحماما جميلا ومترفا. وَفِي أَيَّام التعطيل نَذْهَب مَعَ الطّلبَة الرفقاء إِلَى تِلْكَ الحديقة لصيد السّمك والتفرج والنزهة، لَكِن النَّهر خرب هَذَا الْحَوْض وأصبحت الحديقة تعاني من قلَّة المَاء فآلت إِلَى الخراب، فأصبحنا عِنْدَمَا نعبر هَذِه الحديقة تتملكنا الْحَسْرَة والندم عَلَيْهَا.
أما برهَان نظام شاه فقد بنى حديقة إِلَى الْجَانِب الجنوبي من (أَحْــمد نكر) وأسماها حديقة (فَرح نجش) وَبنى دَاخل الحديقة (حوضا) مربع وَبنى وسط هَذَا الْحَوْض (جبوتره) مثمنة وواسعة، وَبنى فَوق (جبوتره) بِنَاء عَالِيا ومثمن من طبقتين بطراز غَرِيب وَعَجِيب يعجز الْقَلَم وَاللِّسَان عَن وَصفه ويحتار بِهِ، وَلَا يَسْتَطِيع عقل المهندسين ادراك عَظمَة تصميمه، وَكم حاول وسعى شاه طَاهِر لوصفه وتكلف الْمَشَقَّة غير أَنه لم يصل إِلَى إيفائه حَقه، وَمِمَّا قَالَه قصيدة طَوِيلَة فِي سِتَّة وَعشْرين بَيْتا يصف فِيهَا عَظمَة الْبناء وعظمة الْبَانِي وَالْقُدْرَة على تصميمه وَأَن لَا أحــد من الْمُلُوك العظماء من سبق يَسْتَطِيع انجاز مَا أنْجز فِي هَذَا الْبناء حَتَّى أَن ديوَان كسْرَى وكلستان خسرو لَا يُمكن لَهما أَن يصلا إِلَى مستوى هَذَا الْبناء.
وَفِي حديقة (فَرح نجش) نهر عَظِيم يصل إِلَيْهَا من السوَاد من مَوضِع يُقَال لَهُ (كافور باري) ويدخلها من تَحت السُّور ويصل إِلَى خزان للمياه عَظِيم، وَقد خطّ تأريخ لهَذِهِ الحديقة على لوح رُخَام قرب خزان المَاء كتب عَلَيْهِ مَا مَعْنَاهُ. اسْمهَا (فَرح نجش) اشتق من طيب هوائها ومائها فاشتهرت بذلك:
(لتكن النِّعْمَة مرافقة للساعي ببنائها ... فَجَمِيع سَعْيه مشكور)
(أردْت أَن أأرخ لهَذَا الْكَبِير والحكيم ... فَقلت يَا رب لتكن عامرة إِلَى الْأَبَد) وَبِمَا أَن شاه طَاهِر كَانَ مَعَ نعمت خَان كدورتي فقد أنْشد حول الحديقة بَيْتَيْنِ من الشّعْر قَالَ فِيمَا مَعْنَاهُ:
(مر على حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه ... وَانْظُر إِلَى أصل النشاط)
(فقد بنى نعمت خَان وَمن فضل التَّارِيخ ... فَخَرجُوا أقمارا من حديقة فَرح نجش أَيهَا الشاه)
وَبعدهَا أنْشد شاه نور المتخلص بنزهت من قَصَبَة (جمار كونده قلندرانه) شعرًا بِوَصْف هَذِه الحديقة، وشاه نور كَانَ على علاقَة بشاه مُسَافر النقشبندي وَصَاحب بَاعَ فِي الخطابة وخطب مرّة فِي حَضْرَة شاه مُسَافر خطْبَة تقَارب الاعجاز وشعره رفيع بمقام شعر ميرزا صائب رَحمَه الله صَاحب الدِّيوَان والقصائد الغراء. وَقد التقاه الْكَاتِب وتباحث مَعَه مطولا لمرتين، ولنزهت حَاجِب ديوَان للشعر يُقَلّد فِي كَثِيره نسق ميرزا صائب.
ونعمت خَان كَانَ فِي عهد برهَان نظام شاه ذَا سليقة شعرية وسلوك حسن ورفيع وَصَاحب حَسَنَات فريدة. ومكانة نعمت خَان فِي مَدِينَة (أَحْــمد نكر) أظهر من الشَّمْس فَكَانَ صَاحب عمارات وَمَسْجِد وبركة مَاء خلف الْمَسْجِد ودكاكين رفيعة الشَّأْن ووقف دكاكين السُّوق وخراجها وَبنى خلف الْمَسْجِد حَماما لَا مثيل لَهُ فِي سَائِر الْبِلَاد وَقد كتب شاه ظَاهر فِي تَارِيخ بِنَاء هَذَا الْحمام (وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا) (سنة 925) .
وَكَانَ ل (نعمت خَان) ولد وَاحِد كَانَ اسْمه (الملا نادري) توفّي فِي حَيَاة وَالِده فدفنه تَحت دكان فِي شمال السُّوق، أما قبر نعمت خَان وزوجه فقد دفنا فِي دَاخل سرداب إِلَى جَانب الْمَسْجِد فِي الْجِهَة الشمالية، وَلَا ولد لَهُ. وَتلك الدكاكين والعمارات الَّتِي كَانَ يملكهَا وصلت إِلَى الخراب وَقد بيع ترابها وحجارتها، فَإِذا كَانَ تعاقب الْأَيَّام على هَذَا المنوال فَلَنْ يبْقى لَهُ بعد أَيَّام أَي ذكر أَو أَكثر فسبحان الله. لقد كَانَ يعرف بحاتم زَمَانه.
الْقِصَّة من زمن برهَان نظام شاه راج مَذْهَب الإمامية وحينها أَصبَحت مَدِينَة (أَحْــمد نكر) ذَات رونق جَدِيد بِفضل العمارات والدكاكين والحدائق والحمامات المتعددة والأنهر الْكَثِيرَة ... وَلما شرع برهَان نظام شاه بترويج هَذَا الْمَذْهَب مُعْتَمدًا على شاه طَاهِر فقد اسند المناصب والوظائف الَّتِي قررها أَحْــمد نظام شاه بحري لأهل السّنة إِلَى أَتبَاع الْمَذْهَب الشيعي وَبنى لَهُم سورا ومسجدا عَظِيما وبركة وغرفا كَثِيرَة فِي الْجِهَة الْمُقَابلَة لقلعة (أَحْــمد نكر) وأصبحت مدرسة لَهُم.
وَسمي هَذَا الْمَكَان ب (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) ووقف لَهُم قصبات (جيور) و (سيور) و (راسيابور) وَبَعض الْقرى الْأُخْرَى لنفقات السَّادة والطلبة والفضلاء من الشِّيعَة، جعل لَهُم طَعَاما يوزع عَلَيْهِم يوميا لمرتين.
أما أَسمَاء الْأُمَرَاء المعروفين فِي ذَلِك الْعَهْد فهم: مير أَحْــمد الْمُخَاطب بمير مرتضى خَان تكتي، وجنكيز خَان، وشرزه خَان، واعتماد خَان، وفرهاد خَان يُوسُف، وزمرد فرهاد خَان، ونعمت خَان، ورومي خَان، وصلابت خَان كرجي، وَحَكِيم كاشي، وَصدر جهان، وَاخْتِيَار خَان، وابهنك خَان، وفولاد خَان حبشِي، وبساط خَان، وغالب خَان شَهِيد، وآتش خَان، وَسيد منتجب الدّين، وعالم خَان ميواتي، وشمشير خَان جبشي، وَسيد الهداد خَان، وَسُهيْل خَان، وَسيد جلال الدّين، وخواجه سُهَيْل، وقاسم خَان، وميرزا خَان سبزواري، وجمشيد خَان، وبهائي خَان، وجمال خَان، وبحري خَان، وَأسد خَان الرُّومِي، وبهادر خَان الكيلاني كور، وموثي خَان وَغَيرهم.
وَالِدَة برهَان نظام شاه ابْنة أحــد أكَابِر استرآباد توفيت فِي (جنير) ودفنت هُنَاكَ، أما قبَّة غَالب خَان الشَّهِيد تقع على مَسَافَة رميتي سهم من مَقْبرَة قدوة الواصلين وزبدة السالكين وجامع الكمالات الصورية والمعنوية حَضْرَة السَّيِّد عبد الرَّحْمَن الجشتي من أَتبَاع ومريدي حَضْرَة شاه نظام نارنولي، الَّتِي تتصل سلسلة بيعَته بالشيخ نصير الدّين مَحْمُود مَنَارَة دلهي قدس الله تَعَالَى أسرارهم.
وَقد توفّي برهَان نظام شاه سنة 961 وَدفن تَحت الْقبَّة فِي حديقة الرَّوْضَة إِلَى جَانب أَحْــمد نظام شاه بحري، وَبعد مُدَّة نقلت رفاتهما إِلَى كربلاء ودفنت على مَسَافَة درع وَاحِدَة من الْقبَّة الْخَاص بآل الْعَبَّاس. وَكَانَ عمر برهَان نظام شاه 54 سنة حكم مِنْهَا 47 سنة. خَلفه على سَرِير الْملك وَلَده حُسَيْن نظام الْملك وَكَانَ شجاعا وكريما وحاتميا وَقَامَ بأعمال جلة وفتوحات عديدة. وَكَانَ فِي زَمَانه (رامراج) وَكَانَ لَدَيْهِ فرقة من الفرسان وتسع فرق من المشاة ويسيطر على (بيجانكر) ويتسلط على من فِيهَا وتحالف مَعَ الْكَفَرَة السامريين فِي قَصَبَة (بهنكار) وَفِي أحــد الْأَيَّام فِي السُّوق وأثناء الازدحام أَخذ يتداخل بَين النَّاس ويستعطيهم، وَلما كَانَ (راجه ساهو) فِي يَد (عالمكير بادشاه) فقد نجاه من قَيده مُحَمَّد أعظم شاه ابْن عالمكير بادشاه بِالْقربِ من منْطقَة (فردابور) بِنَاء على توصية ذُو الفقار خَان ابْن وَزِير الممالك اسد خَان، وعندما رَجَعَ إِلَى الْقَوْم الْكَفَرَة اجْتَمعُوا حوله فوصل إِلَى (أَحْــمد نكر) وأغار على قَصَبَة (بهنكار) وأحــرق الْبيُوت، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء وَقعت على رَأسه صَاعِقَة حارقة فَاحْتَرَقَ.
أما حُسَيْن نظام الْملك فقد بنى مَسْجِدا عَظِيما سَمَّاهُ الْمَسْجِد الْجَامِع دَاخل قلعة (أَحْــمد نكر) فِي مَكَان مدرسة شاه طَاهِر الْمَوْقُوفَة لسَائِر الْعلمَاء وَقد حكم حُسَيْن نظام الْملك مُدَّة 13 سنة وَمَات، فخلفه وبحكم الْوَصِيَّة وَلَده مرتضى نظام الْملك بن حُسَيْن نظم الْملك وَبعد عدَّة أَيَّام أَصَابَهُ مس فِي دماغه فانزوى فِي (رَوْضَة الْجنَّة - بَاغ بهشت) فَعمد ميرزا خَان السبزواري إِلَى ربطه فِي حمام رَوْضَة الْجنَّة حَتَّى مَاتَ من حرارة الْحمام، استمرت حكومته مُدَّة سِتَّة سنوات وعدة أشهر، وَيُقَال إِن أفضل شَيْء فعله فِي حكمه هُوَ مَوته. وَفِي عَهده تولى الْخطْبَة الملا ملك القمي وَكَانَ إِلَى جَانب ذَلِك شَاعِرًا عالي الدرجَة، وَفِي عَهده كَذَلِك وصلت الخطابة إِلَى أقْصَى الدَّرَجَات فِي (أَحْــمد نكر) وَكَانَ لنسق الملا ظهوري فِي النّظم والنثر طرز خَاص وَألف (ساقي نامه) (رِسَالَة الساقي) على اسْم النامي برهَان نظام شاه وَكَانَ لَهَا صفاء وطلاوة وحلاوة خَاصَّة بهَا تنم عَن ذائقة رفيعة، وعندما رأى الملا ملك القمي هَذَا التمايز وَهَذِه القابلية والكمال من الملا ظهوري زوجه ابْنَته لِأَنَّهُ كَانَ فِي تَمام مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَبعد سنة من وَفَاة الملا ملك القمي، انْتقل الملا ظهوري إِلَى رَحْمَة الله وَالدَّار الْبَاقِيَة فَأشْعلَ نَار فِي قُلُوب الخطباء. وعندما مَاتَ أفلاطون قَالَ هَذِه الْكَلِمَات (من الحيف أَن يَمُوت الْعلمَاءأُصِيب فِيهَا بِسَهْم الْهَلَاك وَمَات، فَأَرَادَ بعض الْأُمَرَاء تنصيب (أَحْــمد) ابْن (خوابنده بكلاني) وَبَعْضهمْ أَرَادَ تنصيب (موتِي شاه) ابْن (قَاسم شاه بن برهَان نظام شاه) مِمَّا أصَاب مملكة (أَحْــمد نكر) بالفتور الْعَظِيم فتحول الْأَمر وعصمة المآب وعفت الإياب إِلَى (ملكة زماني جاند بِي بِي) ابْنة حُسَيْن نظام شاه بن برهَان نظام شاه بن أَحْــمد نظام شاه بن أشرف همايون نظام الْملك بحري الَّتِي فاقت أقرانها من الشجعان والمقدامين فِي قدرتها واستيعابها للمراحل الْمَاضِيَة من تواريخ السلاطين، وأصبحت سيدة على (أَحْــمد نكر) واستعملت الْأُمَرَاء الأجلاء مثل عنبر جنكيز خاني الْمَعْرُوف بعدله وأمانته وتدينه وَقدرته على تَدْبِير أُمُور المملكة فَكَانَ بِلَا نَظِير وشبيه وَكَذَلِكَ استعانت ب (اعْتِمَاد خَان الثَّانِي) وَغَيره من الْأُمَرَاء. وَمَعَ تحين أول فرْصَة أصبح عنبر غُلَام جنكيز خَان وَكيلا للسلطنة وَتسَمى بِالْملكِ عنبر وَبسط سلطته مُعْلنا بَدْء دولة الْملك عنبر وَجلسَ على كرْسِي الحكم وَقد قَالَ الشَّاعِر فِي ذَلِك:
(لم يكن للرسول غير بِلَال ذَاك ... )
(وَبعد ألف سنة جَاءَ ملك عنبر ... )
وَلما مَاتَ الْملك عنبر دفن فِي رَوْضَة (خلد آباد) بِالْقربِ من (دولت آباد) بِالْقربِ من قبَّة قدوة الواصلين وزبدة العارفين السَّيِّد يُوسُف بن السَّيِّد عَليّ بن السَّيِّد مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الدهلوي الدولت آبادي الْمَشْهُور ب (سدراجا) وَالْمَعْرُوف فِي هَذَا الْوَقْت ب (شاه راجو قتال) ، وَالِد الْمَاجِد حَضْرَة السَّيِّد مُحَمَّد كيسو دراز قدس الله تَعَالَى أسرارهم وَبني فَوق قَبره قبَّة عَظِيمَة الشَّأْن.
وعندما وصلت أَخْبَار الإفراط والتفريط بسلطنة (أَحْــمد نكر) إِلَى أكبر شاه، جرد الْأَمِير الشاه مُرَاد عسكرا جرارا يرافقه الْأُمَرَاء المعروفين قَاصِدا السيطرة على (أَحْــمد نكر) ، وعندما علمت (جاند بِي بِي) بِهَذَا الْخَبَر سارعت إِلَى تنصيب بهادر نظام شاه ابْن إِبْرَاهِيم نظام شاه بن برهَان نظام شاه على عرش (أَحْــمد نكر) وتفرغت للاستعداد إِلَى الْحَرْب والقتال وإدارة الدولة، وَبعد عدَّة أشهر حاصر شاه مُرَاد قلعة (أَحْــمد نكر) وَهزمَ فَعَاد إِلَى دلهي فَتوفي فِي أثْنَاء عودته، فَأَرَادَ الْأَمِير دانيال معاودة فتح (أَحْــمد نكر) والسيطرة على ملك (الدكن) فَاسْتَأْذن لذَلِك الْخَانَات وكل من ميرزا شاه رخ وميرزا يُوسُف خَان، فحاصر الشاه دانيال (أَحْــمد نكر) لمُدَّة أَرْبَعَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام، وَفتحهَا فِي النِّهَايَة بِوَاسِطَة حِيلَة مُحرمَة سنة (1008) وَقبض على بهادر نظام الْملك، أما (جاند بِي بِي) الَّتِي كَانَت رائعة الْجمال بحسنها وشديدة العفاف فخافت أَن تقع فِي يَد عَسَاكِر دلهي الَّتِي سَمِعت عَنْهُم أَنهم سَوف يهتكون سترهَا، فرمت بِنَفسِهَا فِي حَوْض من (مَاء النَّار) فتحولت فِي طرفَة عين إِلَى أثر بعد عين فَكَانَ مَوتهَا سترا لَهَا من يَد الْعَسْكَر والمحارم عَنْهَا. و (جاند بِي بِي) هَذِه كَانَت مخطوبة لــأحــد أَبنَاء سلاطين (بيجابور) وَكَانَ والدها قد أرسلها بوفير التَّجْهِيز وَركب عَظِيم إِلَى زَوجهَا فِي (بيجابور) فَكَانَ برفقة الْأُمَرَاء وَأَصْحَاب السلطة فِي استقبالها، وَلكنهَا وَفِي لَيْلَة الزفاف رَأَتْ من زَوجهَا مَا كدرها، وَأَنه لَا يَلِيق بهَا فاعتزلته، حَتَّى آخر اللَّيْل وَفِي الصَّباح خرجت من (بيجابور) راكبة حصانها عَائِدَة إِلَى (أَحْــمد نكر) . فلحقتها أَفْوَاج عديدة من (بيجابور) ولمسافة أَرْبَعِينَ فرسخا ساعين إِلَى اعادتها لكِنهمْ لم يوفقوا إِلَى ذَلِك فَعَادَت ظافرة غانمة إِلَى دَاخل قلعة (أَحْــمد نكر) أما اعْتِمَاد خَان الثَّانِي وبسبب من وسواس كَانَ فِي باله فَإِنَّهُ ذهب إِلَى (بجنير) وعندما حوصرت (جاند بِي بِي) من قبل الْأَمِير دانيال ارسلت لَهُ رِسَالَة تعهد مختومة بخاتمها الْخَاص ونقشت عَلَيْهَا كف يَدهَا المضمخة بالزعفران والصندل ورسالة التعهد هَذِه مَوْجُود لَدَى أَوْلَاد اعْتِمَاد خَان، وبرأي الْكَاتِب فَإِن أَصَابِع تِلْكَ الْيَد العفيفة طَوِيلَة وضعيفة وراحة يَدهَا صَغِيرَة وَكَانَت تلبس خَاتمًا فِي خنصرها، وَقد تملك كل من كَانَ حَاضرا ذَلِك الْمجْلس وَشَاهد هَذَا التعهد وَنقش الْيَد عَلَيْهِ وانتبه إِلَى البلاغة والفصاحة والعبارة الَّتِي يتحلى بهَا هَذَا التعهد ومعانيه المتنوعة والمتينة تغلب عَلَيْهِ الْحَسْرَة ويسيل الدمع أسفا عَلَيْهَا وَيضْرب أَخْمَاسًا بأسداس.
إِن بَلْدَة (أَحْــمد نكر) وَحَتَّى كِتَابَة هَذِه السطور قد تعرضت ثَلَاثَة مَرَّات للغارات:
الْمرة الأولى: عِنْدَمَا هاجمها الْكَافِر الشقي (رامراج) حَاكم (بيجانكرد) فِي عهد حُسَيْن نظام شاه بأفواجه الجرارة من الفرسان والمشاة الكثر واحتل (أَحْــمد نكر) وذبحوا الْخَنَازِير فِي مَسْجِد (لنكرد) الْأَئِمَّة الاثنا عشر عَلَيْهِم وعَلى جدهم الأمجد الصَّلَاة وَالسَّلَام وَبَقِي فِي الْمَدِينَة مُدَّة تِسْعَة أشهر محاصرا قلعتها غير أَنه انهزم فِي النِّهَايَة وهرب مهزوما خائبا وخاسرا.
الْمرة الثَّانِيَة: حِين استغل (بابونا) ابْن الْملك عنبر جنكيز خَان اضْطِرَاب العلاقة بَين السلطة النظامية والأمراء فَأَغَارَ على (أَحْــمد نكر) واحرق عمارات الْأُمَرَاء المبنية من الْخشب، وَكَذَلِكَ الْبيُوت الْوَاقِعَة فِي أَعلَى بوابة (كلان) فِي محلّة شاه طَاهِر وَأبقى على أبنية أهل الْحَرْف والغرباء وَالَّذين عاونوه.
الْمرة الثَّالِثَة: كَانَت فِي السّنة السَّادِسَة فِي عهد مُحَمَّد فرخ سير حَاكم (دلهي) فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّانِي وَالْعِشْرين من شهر جُمَادَى الأول سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة وَألف فِي زمن أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان الْمُتَوَلِي على (الدكن) وَكَانَ يتَوَلَّى امرة القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان (كهندو دبهارية) من طرف عَسَاكِر (غنيم) الْبَالِغَة أَرْبَعِينَ ألف خيال وراجل الَّذين انحدروا إِلَيْهَا من نَاحيَة (كنجاله) و (نيبه دهيره) وحاصروها (أَي أَحْــمد نَكِير) ، وَلم يسْتَطع مُحَمَّد إِبْرَاهِيم مُتَوَلِّي القلعة من قبل آمرها الصمود بِوَجْهِهِ هَؤُلَاءِ لقلَّة الْعدَد الَّذِي كَانَ مَعَه فَخرج من القلعة فَارًّا مِنْهَا قبل سُقُوطهَا بساعات فَدَخلَهَا المغيرون وَعمِلُوا بالنهب وَالسَّلب طوال اللَّيْل وَبَعض النَّهَار التَّالِي واحرقوا كثيرا من الْأَبْنِيَة والدكاكين، وَلما سمع المغيرون أَن سيف الدّين عَليّ خَان شَقِيق أَمِير الْأُمَرَاء حُسَيْن عَليّ خَان قد وصل إِلَى مشارف (كنجاله) وَمَعَهُ خَمْسُونَ ألف فَارس قَاصِدا النّيل من (غنيم) عَمدُوا إِلَى الْفِرَار. حينها لم يسْتَطع أَكثر السَّادة والفقراء الْوُصُول إِلَى القلعة فلجأوا بأهلهم وعيالهم إِلَى (تاراجى) وَالْكَاتِب حينها لم يكن قد بلغ سنّ الْبلُوغ بعد فَذهب مَعَ وَالِده الْمَاجِد المرحوم بعد صَلَاة الظّهْر إِلَى القلعة وَقَالَ للشَّيْخ فتح مُحَمَّد الملا من قَصَبَة (جيور) وَكَانَ من الْفُقَهَاء القدماء لَدَى وَالِده طَالبا مِنْهُ أَن يُوصل الْأَشْيَاء المهمة والمستورات إِلَى القلعة وَكَذَلِكَ إِيصَال مَا تحويه المكتبات من كتب الَّتِي كَانَ يعدها هَذَا الشَّيْخ أهم من الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْجَامِع. فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن أَمر بتحميل جَمِيع الْكتب الَّتِي كَانَت فِي (بالكي وبهل) وأرسلها إِلَى القلعة أما مَا بَقِي من أثاث الْبَيْت والماشية فقد نهب وسرق، وَيَقُول الشَّيْخ عصمت الله ابْن الشَّيْخ تَاج مُحَمَّد أَنه قضى اللَّيْل كُله على سطح منزله الْوَاقِع فِي محلّة شاه طَاهِر دكهني خوفًا من أَن يَنَالهُ أَذَى جمَاعَة غنيم، وَأَنه شَاهد هَؤُلَاءِ المغيرين يخرجُون من منزل (شعريعت بناه) اثْنَا عشر جملا محملًا بالفرش والأواني وَغَيرهَا من الْمَتَاع وَأَن كثيرا من أرزاق وَأَسْبَاب معاش الْفُقَرَاء وَأهل الْحَرْف والشرف والغرباء ذهب نهبا وأحــرقت مَنَازِلهمْ وَتَفَرَّقُوا فِي جَمِيع الأنحاء. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَت (أَحْــمد نكر) تحترق فِيهَا، كَانَت النَّار ترى على مَسَافَة سِتَّة فراسخ من جَمِيع الْجِهَات، ويحضر فِي بالي أنني فِي حينها شَكَوْت إِلَى والدتي الماجدة المرحومة الْجُوع فَلم يكن لَدَيْهَا شَيْء، وَفِي منتصف الْيَوْم الثَّانِي أرسل صَاحب القلعة أَسد الدّين خَان بن تهور خَان طَعَاما، فَمَا كَانَ من وَالِدي إِلَّا أَن قسمه على التَّابِعين والأقرباء. وَفِي تِلْكَ الْأَثْنَاء جَاءَ الشَّيْخ عبد الْملك قريب وَالِدي بِخَبَر مفاده أَن جَمِيع دكاكين السُّوق ومنازل النَّاس، وَمَا أخرجناه من غلَّة قد احْتَرَقَ، كَمَا احْتَرَقَ منزلنا ومحلنا وديوانيتنا، وَمَا بَقِي لنا هُوَ السَّلامَة، فَشكر وَالِدي الله على هَذِه النِّعْمَة.
وَقَالَ راجي مُحَمَّد وَهُوَ شخص ورع وشريف وكهاران بالكي أَنه يجب إرْسَال بعض الْغلَّة إِلَى القلعة وتوزيعها على أَتبَاع شاه أَبُو تُرَاب وشاه قَاسم وَغَيرهم من أَبنَاء شاه طَاهِر دكهني وَكَذَلِكَ الأتباع من السَّادة الْأَشْرَاف وَأهل الْمعرفَة والحقيقة فالسيد بخش الْكرْمَانِي الخيرآبادي قدس سره الَّذِي حزت شرف خدمته وقرأت عَلَيْهِ بعض
رسائل الْمنطق وكل من يسْتَحق من الْجِيرَان فَمَا كَانَ مِنْهُم إِلَّا أَن أوصلوا ذَلِك إِلَى القلعة ووزعوه من سَاعَته على الْجَمِيع وَهَذَا مَا يشْهد لوالدي بِتِلْكَ الهمة الْعَالِيَة فِي فعل الْخَيْر وخدمة الْفُقَرَاء والسادة وَهِي صِحَة أظهر من الشَّمْس وَأبين من الأمس. فقد كَانَ يوزع الطَّعَام على الْفُقَرَاء مطبوخا ونيئا، وَقد وضع عدَّة قطع من الأَرْض فِي تصرف الْقَضَاء من جُمْلَتهَا (يكجاور وبنجاه بيكه) من الأَرْض من أجل سد حاجات الْكِبَار وَهِي بَاقِيَة حَتَّى الْآن وَقد أضفت عَلَيْهَا بعض الْأَرَاضِي وفقا على حاجات السَّادة. وَقد تلقى وَالِدي المرحوم هَذِه الْخِصَال الحميدة والعقيدة والتربية من الْعَارِف بِاللَّه الغواص فِي بحار معرفَة الله حَضْرَة الشاه عبد الْمَاجِد نبيره قدوة الواصلين وزبدة السالكين حَضْرَة الشاه وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين الْعلوِي الْحُسَيْنِي الــأحــمد آبادي قدس الله تَعَالَى أسرارهما، وَكَذَلِكَ من حَضْرَة الشاه نصير الدّين خلف الصدْق شاه عبد الْمَاجِد وَكَذَلِكَ الملا أَحْــمد بن سُلَيْمَان بن مشاهير عُلَمَاء (أَحْــمد آباد) صَاحب التصانيف أنار الله برهانهم ودرس عَلَيْهِ الْعُلُوم الظَّاهِرِيَّة المطولة ودرس التجويد على فريد الْعَصْر الشَّيْخ فريد رَحْمَة الله عَلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحَوَاشِي والمعروفة عَليّ الْمولى زَاده وَكتب دراسية أُخْرَى مَشْهُورَة ومعروفة، واتصل فِي (بيران بتن) بِخِدْمَة الفاضلي العارفي الَّذِي كَانَ يجلس مُنْفَردا فِي مَسْجِد (آدينه) ونال مَعَه الْبركَة والسعادة والتوفيق، وبأمر مِنْهُ ذهب إِلَى (شاه جهان آياد) وَتَوَلَّى قَضَاء (دهولقه) من تَوَابِع (أَحْــمد آباد) فَقضى فِيهَا خمس سِنِين ثمَّ استعفى من ذَلِك وَعَاد إِلَى (أَحْــمد آباد) واتصل بِخِدْمَة المرشد لعدة سنوات حظي فِيهَا بالتوفيق وَلما كَانَ المرشد يُرِيد الالتحاق بِجَيْش مُحَمَّد اورنك زيب عالمكير المعسكر فِي قَرْيَة (كلكله) ، فقد عزم الْأَمر على الرحيل، وَلما صَادف مُرُور الْعَسْكَر بِجَانِب (أَحْــمد نكر) وَكَانَ فِيهَا آنذاك شاه عَسْكَر قدس سره الَّذِي وصلت إِلَيْهِ شهرة الْوَاحِد فَأَرَادَ الِاتِّصَال بِهِ وَكَانَ حينها يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشرَة) ، وَبِمَا أَن المرحوم وَالِدي كَانَ قد سمع عَن كمالاته فَــأحــب أَن يلازمه، وَلكنه وَهُوَ فِي الطَّرِيق أَخذ يفكر فِي مَاهِيَّة مَذْهَب شاه عَسْكَر فِي حِين أَنه يُقيم فِي مَسْجِد (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) وَهُوَ مَعْرُوف أَنه لأتباع الْمَذْهَب الإمامية، ولكنهما عِنْدَمَا التقيا وتباحثا فِي الْمسَائِل والقضايا، وَبَان الِاتِّفَاق بَينهمَا، فَقَامَ وَالِدي بتقبيل الأَرْض بَين يَدَيْهِ، فَأَجَازَهُ، فالتحق وَالِدي بالعسكر وَأمره بِقَضَاء (أَحْــمد نكر) ، وَفِي هَذِه الْأَثْنَاء زَارَهُ طَائِر الْمَوْت فَتوفي وَجعل قَبره مَا بَين (أَحْــمد نكر) و (خَان الْأَئِمَّة الاثنا عشر) خَارج بوابة (شاه كنج) ، بعد ذَلِك وبسبب من ظلم مُتَوَلِّي (أَحْــمد نكر) الَّذِي كَانَ يحمي الْكفَّار وَيظْلم النَّاس قرر المرحوم وَالِدي السكن فِي قلعة (أَحْــمد نكر) ، فَلم يبْق أحــد من أكَابِر والسادات وَجَمَاعَة الْمُسلمين إِلَّا وأتى إِلَى قلعة (أَحْــمد نكر) طَالبا مِنْهُ أَن يعود للسكن فِي مَدِينَة (أَحْــمد نكر) وَلكنه لم يقبل. وَفِي سنة (1130) وَفِي لَيْلَة الْخَمِيس التَّاسِع عشر من شهر شَوَّال فِي الهزيع الْأَخير من اللَّيْل فَارق الدُّنْيَا إِلَى الدَّار الْآخِرَة، وَدفن فِي مَقْبرَة حَضْرَة شاه
بنكالي قدس سره الْوَاقِعَة فِي مُقَابل القلعة وَقد كَانَ عثماني النّسَب يَعْنِي أَنه من أَوْلَاد جَامع الْقُرْآن كَامِل الْحَيَاة وَالْإِيمَان حَضْرَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وجده الْأَعْلَى صَاحب الْفَضَائِل والكمالات الْوَاصِل إِلَى منزلَة الْحَقَائِق والمعارف قدوة العارفين حَضْرَة مَوْلَانَا حسام الدّين قدس سره وَنور مرقده. وينتسب إِلَيْهِ عَن طَرِيق الشَّيْخ عبد الرَّسُول ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْوَارِث ابْن الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عبد الْملك ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد إِسْمَاعِيل ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن مَوْلَانَا الشَّيْخ حسام الدّين العثماني قدس الله تَعَالَى أسرارهم ومرقده الشريف يَقع فِي (كلكشت) من نَاحيَة (كبيرنبج) الْوَاقِع على بعد سِتَّة فراسخ من (أَحْــمد آباد) إِلَى الْجِهَة الغربية وَهُوَ مقصد للزائرين. والناحية الْمَذْكُورَة تعْتَبر موطن وَمَكَان ولادَة المرحوم وَالِدي وأجداده. وَقد توَلّوا فِيهَا الْقَضَاء والخطابة مُنْذُ الْقَدِيم، أما جده لأمه فَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الْمُسْتَغْرق فِي بحار معرفَة الله (مخدوم شيخو) قدس الله سره الْعَزِيز وَهُوَ فيض من جناب قدوة الواصلين وزبدة العارفين أستاذ الْجَمِيع حَضْرَة شاه (وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين) الْعلوِي الْحُسَيْنِي الــأحــمد آبادي قدس الله سرهما وَنور مرقدهما. وَقد أنْشد الشَّاعِر (بزركي) قصيدة فِي شمائل هَذَا الشَّيْخ تقع فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بَيْتا تحدث فِيهَا عَن فَضَائِل وأخلاق وَعلم ودرجة هَذَا الْعَالم الْجَلِيل ومكانته العلمية والأدبية والاجتماعية وموقعه الديني فِي زَمَانه.

أحد

(أ ح د) : (أُحُــدٌ) جَبَلٌ وَيَجُوزُ تَرْكُ صَرْفِهِ.
(أحــد)
الشَّيْء وَحده وَالْعشرَة جعلهَا أحــد عشر
أحــد: هو اسم الذات مع اعتبار تعدد الصفات، والأسماء والغيب، والتعينات الــأحــدية اعتبارها من حيث هي بلا إسقاطها ولا إثباتها، بحيث يندرج فيها السبب الخطرة الواحدة.
أحــد: {أحــد}: في مثل {قل هو الله أحــد} بمعنى واحد، وهمزته بدل من واو، أصله (وَحَدٌ) بخلاف (أحــد) المختص بالنفي، فإن همزته أصل وليست بدلا من واو، فهو مؤلف من همزة وحاء ودال، ويختص بالعقلاء.
(أحــد) بالتنكير اسْم لكل من يصلح أَن يُخَاطب يُقَال لَيْسَ فِي الدَّار أحــد (يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرد والمفردة وفروعهما) وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لستن كَــأحــد من النِّسَاء} و {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحــد من رجالكم}
(أحــد) - في الحَدِيث: "أَنَّه قال لِسَعْد: أَحِّــد".
أراد وَحِّد، فقلبَ الواوَ هَمزةً، كما قَلَب في أحــد وإحدى وآحاد، قلب في الحركات الثلاث، ومعناه: أَشِر بإصْبَع واحِدَة - يَعنِى في الدُّعاء - وكان يُشِير بإصْبَعَين.
أحــد
اللِّحْيَانيُّ والكِسائيُّ: ما أنْتَ من الــأحَــدِ: أي من النّاسِ. ونَزَلَ به إحْدى الإحَدِ: أي إحْدى الدَّواهي. ويقولون: أحَــدٌ وأحَــادٌ: كسَدَدٍ وسَدَادٍ. وَيَوْمُ الــأحَــدِ يُجْمَعُ: إحَاداً وآحاداً. ومَعي عَشَرَةٌ فَــأَحِّــدْهُنَّ: أي صَيِّرْهُنَّ أحَــدَ عَشَرَ. وأحِّــدْ رَبَّكَ: بمعنى وَحِّدْهُ. وما في الدّارِ من الرِّجالِ والنِّساءِ أحَــدٌ.
أحــد: إحدى: يليها عادة مضاف إليه ومعناها الوحيدة التي لا مثيل لها مما تضاف إليه. (الأغاني 38) - وفي المقري (2: 486): هذا من إحدى المصيبات أي من المصيبات الكبرى. (راجع في المقري تعليق فليشرب 71، 72).
آحاد: يقال خبر آحاد وهو الحديث الذي يرويه واحد من الصحابة فقط أو واحد من تابعيهم، ولا يأخذ به الفقهاء إذا لم تثبت لهم صحته من طريق آخر. (فان دنبرج).
ويقال: كأنه من أحــد الناس (بيان 2: 68) أي كأنه واحد من عامة الناس.
[أحــد] أَحَــدٌ بمعنى الواحد، وهو أول العدد. تقول: أحــد واثنان، وأحــد عشر وإحدى عشرة. وأما قوله تعالى:

(قل هوَ اللهُ أحَــدٌ) *، فهو بدلٌ من الله، لأنَّ النكرة قد تبدل من المعرفة، كما يقال:

(لنسفعا بالناصية. ناصية) *. قال الكسائي: إذا أدخلت في العدد الالف واللام فأدخلهما في العدد كله. فتقول: ما فعلت الاحد العشر الالف الدرهم. والبصريون يدخلونها في أوله فيقولون: ما فعلت الاحد عشر الالف درهم. وتقول: لا أحــد في الدار، ولا تقل فيها أحــد. ويوم الاحد يجمع على آحاد. وأما قولهم: ما في الدار أحــدٌ، فهو اسمٌ لمن يصلح أن يخاطب، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث. وقال تعالى:

(لَسْتُنَّ كَــأَحَــدٍ من النِساء) * وقال:

(فما مِنكم من أحــدٍ عنه حاجِزينَ) *. واسْتَــأْحَــدَ الرجل: انفرد. وجاءوا آحاد أحــادَ غير مصروفَين، لأنهما معدولان في اللفظ والمعنى جميعا. وأحــد: جبل بالمدينة. وحكى الفراء عن بعض الاعراب: معى عشرة فــأحــدهن، أي صيرهن أحــد عشر. وفى الحديث أنه قال لرجل أشار بسبابتيه في التشهد: أحــد أحــد. 
أحــد
أَحَــدٌ يستعمل على ضربين:
أحــدهما: في النفي فقط .
والثاني: في الإثبات.
فأمّا المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحــد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصحّ استعماله في الإثبات، لأنّ نفي المتضادين يصح، ولا يصحّ إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحدٍ منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحــدٍ فاضلين ، كقوله تعالى: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَــدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ [الحاقة/ 47] .
وأمّا المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه:
الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحــد عشر وأحــد وعشرين.
والثاني: أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: أَمَّا أَحَــدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً [يوسف/ 41] ، وقولهم:
يوم الــأحــد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.
والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَــدٌ [الإخلاص/ 1] ، وأصله: وحد ، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة:
كأنّ رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد
[أحــد] الــأحــد تعالى الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه أخر. وح: "أحــد أحــد" أي أشر بإصبع واحدة لأن المشار إليه واحد تعالى، قاله لسعد وكان يشير في دعائه بإصبعين. و"أحــد" بمفتوحة وسكون حاء وإهمال دال بئر بمكة. وح: سئل ابن عباس عمن تتابع عليه رمضانان فقال: "إحدى" من سبع يعني اشتد الأمر فيه، يريد إحدى سنى يوسف المجدبة شبه حاله بها في الشدة، أو من الليالي السبع التي أرسل فيها العذاب على عاد. ن: "أحــد الثلاثة" أي مطلوبكم الذي أرسلتم لطلبه واحد من هؤلاء الثلاثة الذي بينهما. ك: أثبت "أحــد" فإنما عليك نبي وصديق أو شهيد، خطاب الجبل يحتمل المجاز لكن الحقيقة هو الظاهر، وهو على كل شيء قدير، ظاهره أن يقال شهيدان لكن فعيل يستوي فيه الكل، وقال صديق بالواو، وشهيد بأو، لأن النبوة والصداقة حاصلتان حينئذ بخلاف الشهادة، وروى بالواو فيهما، وقيل أو بمعنى الواو. وفيه: فوافقت "إحداهما" الأخرى أي إحدى كلمتي آمين. وفيه: "فــأحــدهما" بالآخر يجيء في "الأمير". وفيه: ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ "بإحداهما" وثنى بالأخرى، أي بدأ بالبر، وثنى بالزهرة أي بدأ بالكلمة الأولى وهو إنما يخشى الله ثم ذكر زهرة الدنيا. ش: اسمه في التوراة "أحــيد" بضم همزة وفتح مهملة وسكون تحتية فدال مهملة وقيل بفتح همزة وسكون مهملة وفتح تحتية قال سميت "أحــيد" لأني أحــيد أمتي عن نار جهنم.
أ ح د: (الْــأَحَــدُ) بِمَعْنَى الْوَاحِدِ وَهُوَ أَوَّلُ الْعَدَدِ تَقُولُ أَحَــدٌ وَاثْنَانِ وَــأَحَــدَ عَشَرَ وَإِحْدَى عَشْرَةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَــدٌ} [الإخلاص: 1] فَهُوَ بَدَلٌ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّ النَّكِرَةَ قَدْ تُبْدَلُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ} [العلق: 15] وَتَقُولُ: لَا (أَحَــدَ) فِي الدَّارِ، وَلَا تَقُلْ: فِيهَا أَحَــدٌ. وَيَوْمُ الْــأَحَــدِ يُجْمَعُ عَلَى (آحَادٍ) بِوَزْنِ آمَالٍ. وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي الدَّارِ أَحَــدٌ، هُوَ اسْمٌ لِمَنْ يَعْقِلُ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَسْتُنَّ كَــأَحَــدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الــأحــزاب: 32] وَقَالَ {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَــدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47] وَجَاءُوا (أُحَــادَ أُحَــادَ) غَيْرَ مَصْرُوفَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَعْدُولَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَ (أُحُــدٌ) بِضَمَّتَيْنِ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ. وَمَعِي عَشَرَةٌ (فَــأَحِّــدْهُنَّ) بِتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ صَيِّرْهُنَّ أَحَــدَ عَشَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لِرَجُلٍ أَشَارَ بِسَبَّابَتَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ: " أَحِّــدْ أَحِّــدْ» . 

أحــد: في أَسماءِ الله تعالى: الــأَحــد وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن

معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءَني أَحــد،

والهمزة بدل من الواو وأَصله وَحَدٌ لأَنه من الوَحْدة. والــأَحَــد: بمعنى

الواحد وهو أَوَّل العدد، تقول أَحــد واثنان وأَحــد عشر وإِحدى عشرة.

وأَما قوله تعالى: قل هو الله أَحــد؛ فهو بدل من الله لأَن النكرة قد تبدل من

المعرفة كما قال الله تعالى: لنسفعنْ بالناصية ناصية؛ قال الكسائي: إِذا

أَدخلت في العدد الأَلف واللام فادخلهما في العدد كله، فتقول: ما فعلت

الــأَحَــدَ عَشَرَ الأَلف الدرهم. والبصريون يدخلونهما في أَوّله فيقولون: ما

فعلت الــأَحــد عشر أَلف درهم. لا أَحــد في الدار ولا تقول فيها أَحــد.

وقولهم ما في الدار أَحــد فهو اسم لمن يصلح أَن يخاطب يستوي فيه الواحد والجمع

والمؤَنث والمذكر. وقال الله تعالى: لستن كــأَحــد من النساءِ؛ وقال: فما

منكم من أَحــد عنه حاجزين. وجاؤُوا أُحــادَ أُحــادَ غير مصروفين لأَنهما

معدولان في اللفظ والمعنى جميعاً. وحكي عن بعض الأَعراب: معي عشرة فــأَحِّــدْهن

أَي صيرهن أَحــد عشر. وفي الحديث: أَنه قال لرجل أَشار بسبابتيه في

التشهد: أَحِّــدْ أَحِّــدْ. وفي حديث سعد في الدعاء: أَنه قال لسعد وهو يشير في

دعائه باصبعين: أَحِّــدْ أَحِّــدْ أَي أَشر بإِصبع واحدة لأَن الذي تدعو

إِليه واحد وهو الله تعالى. والــأَحَــدُ من الأَيام، معروف، تقول مضى الــأَحــد

بما فيه؛ فيفرد ويذكر؛ عن اللحياني، والجمع آحاد وأُحْــدانٌ.

واستــأْحــد الرجل: انفرد. وما استاحد بهذا الأَمر: لم يشعر به، يمانية.

وأُحُــد: جبل بالمدينة.

وإِحْدى الإِحَدِ: الأَمر المنكر الكبير؛ قال:

بعكاظٍ فعلوا إِحدى الإِحَدْ

وفي حديث ابن عباس: وسئل عن رجل تتابع عليه رمضانان فقال: إِحدى من سبع؛

يعني اشْتدّ الأَمر فيه ويريد به إِحدى سني يوسف النبي، على نبينا محمد

وعليه الصلاة والسلام، المجدبة فشبه حاله بها في الشدة أَو من الليالي

السبع التي أَرسل الله تعالى العذاب فيها على عاد.

أحــد
آحاد [جمع]: مف أحــد
• الآحاد: (جب) المرتبة التي إذا وُضع فيها العدد المفرد كان مساويًا قيمته المطلقة ويقابل العشرات والمئات (انظر: و ح د - آحاد) ° جاءوا آحاد: واحدًا واحدًا.
• حديث الآحاد/ خبر الآحاد: (حد) ما رواه واحد من الصحابة أو واحد من تابعيهم، ولا يأخذ به الفقهاء إذا لم تثبت لهم صحّتُه من طريق آخر. 

أُحــاد [مفرد]: واحدًا واحدًا أو فردًا فردًا معدول عن القول: "واحدًا واحدًا" بالتكرار، يستوي فيها المذكّر والمؤنّث، وهي ممنوعة من الصرف (انظر: و ح د - أُحــادُ) "جاءوا أُحــادَ- جاءوا أُحَــادَ أحُــادَ". 

أُحــاديّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى أُحــاد: (انظر: و ح د - أُحــاديّ) "صراع أُحــاديّ".
2 - ما يدلُّ على المفرد الواحد ° أُحــاديّ الذَّرَّة: ذو ذرَّة واحدة- أُحــاديّ اللُّغَة: معبَّر عنه بلغة واحدة فقط، أو مَنْ يعرف أو يستخدم لغة واحدة فقط- إعلام أحــاديّ: يخدم وجهة نظر واحدة- الخطّ الــأُحــاديّ: الخطّ الحديديّ المفرد- زواج أُحــادِيّ: حالة يكون فيها الشَّخص متزوِّجًا من امرأة واحدة فقط- عالم أحــاديّ القطب: يخضع لسيطرة قوة واحدة. 

أُحــاديَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى أُحــاد: (انظر: و ح د - أحــاديَّة) "كلمة أحــادية المقْطَع: ذات مقطع واحد" ° صورة أحــاديَّة اللّون: لوحة مرسومة بظلال مختلفة من نفس اللّون.
2 - مصدر صناعيّ من أُحــاد: تفرّد وزعامة وسيطرة "هيمنت الــأحــاديّة الأمريكية على العالم".
أُحــاديّة الزواج: زواج الرجل بامرأة واحدة فقط "ينادي دُعاة الحريَّة بــأحــاديّة الزواج في المجتمعات النامية". 

أَحَــد1 [مفرد]: ج آحاد، مؤ إحدى:
1 - اسم عدد بمعنى واحد للغلبة وكثرة الاستعمال، يوافق المعدود في التذكير والتأنيث تركيبًا وعطفًا، ولا يحتاج إلى تمييز في حالة الإفراد (انظر: و ح د - أَحَــد1) " {يَوَدُّ أَحَــدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ
 سَنَةٍ} - {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} ".
2 - اسم لكلِّ من يصلح أن يُخاطب (في سياق النفي أو الاستفهام) يقع على الذكر والأنثى "ما أتى أحــد الثلاثة- هل في الدَّار أحــدٌ؟ - {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَــأَحَــدٍ مِنَ النِّسَاءِ} ".
3 - واحد لا نظير له " {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَــدٌ} ".
• الــأحَــد: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الفرد الذي لا شبيه له ولا نظير، المُنفرِد بوحدانيَّته في ذاته وصفاته "الله الواحد الــأحــد- {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَــدٌ} ".
أَحَــد عَشَر: عدد مركّب من أحــد وعشر يلي عشرة ويسبق اثني عشر، مبنيّ على فتح الجزأين " {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَــدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ". 

أَحَــد2 [مفرد]: ج آحاد وأُحْــدان وأَحَــدون
• الــأحــد: ثاني أيّام الأسبوع، يأتي بعد السبت ويليه الاثنين (انظر: و ح د - أَحَــد2) "لا يعمل الأوربيّون أيّام الآحاد". 
(أح د)

الــأحَــدُ من الْأَيَّام مَعْرُوف، تَقول: مضى الــأحَــدُ بِمَا فِيهِ، فتفرد وتذكر، عَن الَّلحيانيّ. وَالْجمع آحادٌ وأُحْــدانٌ.

واستــأحَــدَ الرجل: انْفَرد.

وَمَا استــأحَــدَ بِهَذَا الْأَمر: لم يشْعر بِهِ، يَمَانِية.

وأُحُــدٌ: جبل.

أَحد

أَحــد
: ( {الــأَحَــدُ بِمَعْنى الواحِدِ) ، وَهُوَ أَوّل العَدد، تَقول} أَحــدٌ واثنانِ، {وأَحــدَ عَشَرَ وإِحدَى عَشْرة. (و) } الــأَحَــد: اسمُ علَمٍ على (يَوْم من الأَيّام) الْمَعْرُوفَة، فَقيل هُوَ أَوّل الأَسبوع، كَمَا مَال إِليه كَثِيرُونَ، وَقيل هُوَ ثَانِي الأُسبوع، تَقول: مضَى الــأَحــدُ بِمَا فِيهِ، فيفرَد ويذكَّر، عَن اللِّحيانيّ. (ج {آحَادٌ} وأُحْــدَانٌ) بالضَّمّ أَي سَواءٌ يكون الــأَحــدُ بمعنَى الْوَاحِد أَو بِمَعْنى الْيَوْم، (أَو ليسَ لَهُ جَمْعٌ) مُطلقًا، سواءٌ كَانَ بمعنَى الواحدِ أَو بِالْمَعْنَى الأَعمّ الّذِي لَا يعرّف، ويخاطب بِهِ كلُّ من أُريد خِطابُه. وَفِي الْعباب: سُئل أَبو العبّاس: هَل {الآحادُ جمْع أَحَــدٍ؟ فَقَال: مَعَاذَ الله، لَيْسَ} للــأَحَــد جمْعٌ. وَلَكِن إِن جعلْته جمْع الْوَاحِد فَهُوَ مُحْتَمل كشاهِد وأَشْهادٍ. (أَو الــأَحَــدُ) ، أَي المعرّف بِاللَّامِ الَّذِي لم يُقْصَد بِهِ العَدد المركّب كالــأَحــدَ عشرَ ونحوِه (لَا يُوصَفُ بِهِ إِلاَّ) حَضرةُ جنابِ (الله سُبحانه وَتَعَالَى، لخُلوص هاذا الاسمِ الشَّرِيفِ لَهُ تعالَى) . وَهُوَ الفَرْد الّذِي لم يَزَلْ وَحْدَه وَلم يكن مَعَه آخَرُ. وَقيل {أَحَــدِيَّته مَعْنَاهَا أَنّه لَا يَقبَل التَّجزِّي، لنَزاهَته عَن ذالك. وَقيل: الــأَحَــدُ الّذي لَا ثانىَ لَهُ فِي رُبُوبيّته وَلَا فِي ذاتِه وَلَا فِي صِفاته، جلَّ شأْنُه. وَفِي (اللِّسَان) : هُوَ اسمٌ بُنِيَ لنفْيِ مَا يُذكَر مَعَه من العَدد، تَقول: مَا جاءَني أَحــدٌ، والهمزة بدلٌ من الْوَاو، وأَصلُه وَحَدٌ، لأَنُّه من الوحْدة.
(ويُقَال للأَمْرِ المُتَفَاقِم) العَظيم المشتَدّ الصَّعْبِ الهَائل: (إِحْدَى) مأَنّث، وأَلِفُه للتأْنيث، كَمَا هُوَ رأْيُ الأَكثرِ، وَقيل للإِلحاق (} الإِحَدِ) ، بكسْر الْهمزَة وفتْح الحاءِ كعِبَرٍ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. وضَبطَه بعضُ شرّاح التسهيل بضَمَ ففتْح، كغُرَفٍ. قَالَ شَيخنَا: وَالْمَعْرُوف الأَوّل، لأَنّه جمعٌ! لإِحدَى، وَهُوَ مَكْسُورَة، وفِعْلَى مكسوراً لَا يُجمَع على فُعَل، بالضّمّ. وقصْدُهم بهاذا إِضافة الْمُفْرد إِلى جَمْعه مُبَالغَة، على مَا صَرّحُوا. قَالَ الشِّهاب: وهاذا الجمْع وإِنْ عُرِفَ فِي المؤنّث بالتاءِ لاكنّه جُمِعَ بِهِ المؤنَّث بالأَلف حَمْلاً لَهَا على أُختها، أَو يُقدَّر لَهُ مُفرَد مُؤنّث بهاءٍ، كَمَا حَقّقَه السُّهَيليّ فِي ذِكرَى وذِكَرٍ.
(وفُلانٌ أَحَــدُ {الــأَحَــدِينَ) ، محرّكةً فيهمَا، (} وواحدُ الــأَحَــدِينَ) ، هاكذا فِي النُّسخ، والّذِي فِي نُسخةِ شيخِنا: واحَدُ ا {لواحِدينَ. وَفِي التكملة: واحدُ} الإِحَدِين بكسْرٍ ففتْح. وهما جمْع أَحَــدٍ وواحدٍ وأَنشد قَول الكُميت:
وقدْ رَجَعُوا كحَيَ {واحِدِينا
وسُئلَ سُفيانُ الثَّوْرِيُّ عَن سفيانَ بنِ عُيينةَ قَالَ: ذَاك أَحَــدُ الــأَحَــدِينَ. قَالَ أَبو الهَيثم: هاذا أَبلغُ المَدْح. قَالَ ثمّ الظّاهر أَنَّ هاذا الْجمع مستعملٌ للعُقَلاءِ فَقَط، وَفِي شُرُوح التّسهيل خِلافه، فإِنّهم قَالُوا فِي هاذا التَّرْكِيب: المرادُ بِهِ إِحدَى الدواهِي، لاكنّهم يَجمعُونَ مَا يَستعظمونه جمْع العقلاءِ، ووَجْهُه عِنْد الكوفيّين: حتّى لَا يُفرَّقَ بينَ القِلَّة والكثْرة. وَفِي (اللُّباب) : مَا لَا يَعقِل يُجمَع جمْعَ المذكَّرِ فِي أَسماءِ الدَّواهِي، تَنْزِيلا لَهُ مَنزِلة العُقَلاءِ فِي شِدَّة النِّكاية، (} وواحِدُ {الآحادِ،} وإِحْدَى! الإِحَدِ) ، هُوَ كالسابِق إِلاّ أَن ذَاك فِي الدّواهِي وَهَذَا فِي العاقِل الّذي لَا نَظير لَهُ. وضبطوه بِالْوَجْهَيْنِ كَمَا مَرّ. قَالَ رجلٌ من غَطفَان.
إِنّكُمُ لنْ تَنْتَهوا عَن الحَسَدْ
حتَّى يُدِلِّيكُم إِلى إِحْدَى الإِحَدْ
وتَحْلُبُوا صَرْماءَ لم تَرْ أَمْ وَلَدْ
قَالَ شَيخنَا: وَلم يُفرِّقوا فِي الإِطلاق وَلَا فِي الضَّبط، بل هُوَ بالوجهَين فِي الدَّواهِي ومَنْ لَا نَظير لَهُ من العقَلاءِ، والفرْق بَينهمَا من الْكَلَام كَمَا سيأْتي بيانُه. (أَيْ لَا مِثْلَ لَهُ، وَهُوَ أَبْلَغُ المدْحِ) ، لأَنّه جَعلَه داهِيَةً فِي الدَّواهِي ومُنفرِداً فِي المنفرِدين، ففضَّله على ذوِي الْفَضَائِل لَا على المطلَق مَعَ إِبهامِ إِحدَى وأَحَــد الدّال على أَنّه لَا يَدرِي كُنْهَه. قَالَ الدّمامينيّ فِي (شرح التسهيل) : الّذي ثبتَ استعمالُه فِي المدْح أَحَــد وإِحدى مضافَين إِلى جمْعٍ من لَفظهما كــأَحــد وأَحــدِين، أَو إِلى وَصْف، كــأَحــد العلماءِ، وَلم يُسمع فِي أَسماءِ الايجناس، انْتهى. قَالَ ابْن الإِعرابيّ: قَوْلهم ذَاك أَحَــدُ الــأَحــدِين أَبلغُ المدْح. وَيُقَال: فلانٌ وَاحدُ الــأَحــدِين، وواحدُ الآحادِ. وَقَوْلهمْ هَذَا إِحدَى الآحادِ، قَالُوا: التأْنيث للمبالَغة بمعنَى الدّاهيةِ، كَذَا فِي (مجمع الأَمثال) . وَفِي (الْمُحكم) : وَقَوله:
حتَّى استثارُوا بيَ إِحدى الإِحَدِ
لَيثاً هِزَبراً ذَا سِلاحِ مُعتدِى
فسَّره ابْن الأَعرابيّ بأَنه واحدٌ لَا مِثْلَ لَهُ.
(و) الفرْق بَين إِحدَى الإِحَد هاذا وإِحدَى الإِحدِ السابقِ بالْكلَام، تَقول: (أَتَى! بإِحْدَى الإِحَدِ، أَي بالأَمْرِ المُنْكَرِ العظيمِ) ، يُقَال ذالك عِنْد تَعظيم الأَمرِ وتهويلِه، وَيُقَال فلَان إِحْدَى الإِحَد، أَي واحدٌ لَا نَظيرَ لَهُ، قَالَه ابْن الإِعرابيّ، فَلَا فَرْقَ فِي اللّفظ وَلَا فِي الضّبط، وَبِه تَعلم أَنّه لَا تَكرارَ، لأَنّ الإِطلاقَ مختلِفٌ، فَهُوَ كالمشترَك، لأَنّه هُنَا أُريدَ بِهِ العُقَلاءُ، وَهُوَ غير مَا أَريدَ بِهِ فِي الأَمْرِ المتفاقِم، وأَنْثوه حَمْلاً على الدّاهِية، فكأَنّه قيل: هُوَ داهِيَةُ الدَّوَاهِي. والدَّاهِيَة من الدّهَاءِ وَهُوَ العَقْل، أَو ممزوجاً بمكْر وتَدبيرٍ، أَو من الدّاهيَة المعروفَة، لأَنّه يُدْهشُ مَن يُنازِلُه، كَذَا فِي (شُرُوح الفصيح) . قَالَ الشِّهَاب: وظَنّ أَبو حَيَّانَ أَنَّ أَحــدَ الــأَحَــدِينَ وَصْفُ المذكَّرِ وإِحدَى الإِحَدِ وَصْفُ المؤنَّثِ، ورَدَّه الدّمامينيّ فِي (شرْح التَّسهيل) . قَالَ فِي (التسهيل) : وَلَا يُستعمل إِحدَى من غير تَنْيُيف دون إِضافَةٍ، وَقد يُقَال لما يُستعطَم ممَّا لَا نَطيرَ لَهُ: هُوَ إِحدَى الــأَحَــدِين وإِحْدَى الإِحَدِ. قَالَ شَيخنَا: وهاذا لعلّه أَكثرِيٌّ وإِلاّ فقد وَرَدَ فِي الحَدِيث: (إِحدى مِن سَبْعٍ) ، وفسّروه بلَيالِي عادٍ، أَو سنى يُوسفَ عَلَيْهِ السّلامُ، كَمَا فِي الْفَائِق وَغَيره. قلت: وَهُوَ فِي حَدِيث ابْن عبّاس رَضِيَ اللَّهُ عنهُما، وبُسطَ فِي النِّهَايَة.
أَحــدَ، كسَمعَ: عَهدَ) ، يُقَال: أَحِــدْتُ إِليه، أَي عَهِدْت. وأَنشد الفرَّاءُ:
سارَ الــأَحِــبَّةُ بالــأَحْــد الّذي أَحِــدُوا
يُرِيد بالعَهْد الَّذِي عَهِدوا، كَمَا فِي (اللّسان) فِي وحد. قَالَ الصّاغانيّ: قَلَبُوا العَين هَمزةً والهاءَ حاءً، وحُرُوف الْحلق قد يُقَام بعْضُها مُقامَ بعضٍ.
أُحُــدٌ، بضمَّتين) ، وَقَالَ الزُمحشريّ: رأَيْت بخطّ المبرّد: أُحْــدٌ، بِسُكُون الحاءِ منوّن (جَبَلٌ بالمَدِينة) ، على ساكِنهَا أَفضلُ الصّلاة والسّلام، وَفِيه وَرَدَ (أُحُــدٌ جَبَلٌ يُحبُّنَا ونُحِبُّه) قَالَ شَيخنَا: وأَنكرَه جَماعَةٌ وَقَالُوا إِنّه لَا يُسكَّن إِلاَّ فِي الضّرورة، ولعلّ الَّذِي رَآهُ كذالك.
(و) أَحَــد، (محرَّكَةً: ع) نَجْديٌّ، أَو هُوَ كزُفَر، كَمَا ضبطَه البَكريّ.
وسُوقُ الــأَحَــد: موضعٌ، مِنْهُ أَبو الحُسَيْن أَحــمَدُ بن الحُسين الطَّرسُوسيّ، روَى عَنْه ابنِ الأَكفانيّ، توفّي سنة 46 (أَو هُوَ مُشدَّد الدّالِ) جَبَلٌ، (فيذكر فِي حدد) إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
( {واسْتَــأْحَــدَ) الرَّجلُ (واتَّحَدَ: انفَرَدَ) .
(و) قَول النّحويّين (جاءُوا أُحَــادَ} أُحَــادَ، ممنوعَين للعَدْل) فِي اللّفظ والمعنَى جَمِيعًا، (أَي واحِداً واحِداً) .
(و) يُقَال: (مَا {اسْتَــأْحَــدَ بِه) أَي بهاذا الأَمرِ: (لم يَشْعُرْ) بِهِ، يَمانيَة.
أَحَّــدَ العَشَرَةَ تــأْحــيداً، أَي صَيَّرَهَا أَحَــدَ عَشَرَ) ، حكَى الفرّاءُ عَن بعض الْعَرَب: معي عَشَرَةٌ فــأَحِّــدْهُنَّ، أَي صيِّرهنَّ أَحَــدَ عَشَرَ (و) أَحَّــدَ (الاثنينِ، أَي) صيَّرَهما (وَاحِدَة) ، وَفِي الحَدِيث: (أَنّه قَالَ لرَجل أَشارَ بسَبَّابتَيه فِي التَّشهُّد:} أَحِّــدْ أَحِّــد) ، أَي أَشِرْ بإِصْبع وَاحِدَة.
(وَيُقَال: لَيْسَ للواح تَثنيةٌ وَلَا للاثنين واحدٌ من) لفْظه و (جِنسِه) ، كَمَا أَنَّه لَيْسَ للــأَحــد جمْعٌ. هُوَ من بقيّة قَول أَبي العبّاس أَحــمد بن يَحيى ثَعْلَب، وَقد نقلَه الشِّهاب فِي (شرْح الشِّفَاءِ) . قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ قد يَخالِف قَولَ المصنّف فِيمَا يأْتي، أَو الْوَاحِد قد يُثنّى، كَمَا سيأْتس.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
أَحَــدٌ النَّكرة، فإِنّه لم يَتعرّض لَهَا، قَالَ الجوهريّ: وأَمّا قَولهم: مَا بالدّار أَحــدٌ، فَهُوَ اسمٌ لمَن يصلح أَن يُخَاطَب، يَستوي فِيهِ الواحدُ والجمْع والمؤنَّث. وَقَالَ تَعَالَى: {7. 021 لستن {كــأَحَــدٍ من النِّسَاء} (الــأَحــزاب: 33) . وَقَالَ: {فَمَا مِنكُم مّنْ} أَحَــدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقة: 47) . وَفِي حواشِي السَّعْدِ علَى الكشّاف أَنّه لَا يَقع فِي الإِثبات إِلاّ بِلَفْظ كلّ. وَقَالَ أَبو زيد: يُقَال: لَا يَقوم لهاذا الأَمرِ إِلاّ ابنُ إِحداهَا. أَي الكريمُ من الرّجال.

أُحُدٌ

أُحُــدٌ:
بضم أوله وثانيه معا: اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أحــد، وهو مرتجل لهذا الجبل، وهو جبل أحــمر، ليس بذي شناخيب، وبينه وبين المدينة قرابة ميل في شماليّها، وعنده كانت الوقعة الفظيعة التي قتل فيها حمزة عمّ النبي، صلى الله عليه وسلم، وسبعون من المسلمين، وكسرت رباعية النبي، صلى الله عليه وسلم، وشجّ وجهه الشريف، وكلمت شفته، وكان يوم بلاء وتمحيص، وذلك لسنتين وتسعة أشهر وسبعة أيام من مهاجرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو في سنة ثلاث، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
يا سيّد الظاعنين من أحــد! ... حيّيت من منزل، ومن سند
ما إن بمثواك غير راكدة ... سفع، وهاب، كالفرخ ملتبد
وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: أحــد جبل يحبّنا ونحبّه، وهو على باب من أبواب الجنة. وعير جبل يبغضنا ونبغضه، وهو على باب من أبواب النار. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال: خير الجبال أحــد والأشعر وورقان. وورد محمد بن عبد الملك الفقعسي إلى بغداد، فحنّ إلى وطنه وذكر أحــدا وغيره من نواحي المدينة، فقال:
نفى النوم عنّي، فالفؤاد كئيب، ... نوائب همّ، ما تزال تنوب
وأحــراض أمراض ببغداد جمّعت ... عليّ، وأنهار لهنّ قسيب
وظلّت دموع العين تمرى غروبها، ... من الماء، دارأت لهنّ شعوب
وما جزع من خشية الموت أخضلت ... دموعي، ولكنّ الغريب غريب
ألا ليت شعري، هل أبيتنّ ليلة ... بسلع، ولم تغلق عليّ دروب؟
وهل أحــد باد لنا وكأنّه ... حصان، أمام المقربات، جنيب!
يخبّ السّراب الضّحل بيني وبينه، ... فيبدو لعيني تارة، ويغيب
فإن شفائي نظرة، إن نظرتها ... إلى أحــد، والحرّتان قريب
وإني لأرعى النّجم، حتى كأنني، ... على كل نجم في السماء، رقيب
وأشتاق للبرق اليمانيّ، إن بدا، ... وأزداد شوقا أن تهبّ جنوب
وقال ابن أبي عاصية السّلمي، وهو عند معن بن زائدة باليمن، يتشوّق المدينة:
أهل ناظر من خلف غمدان مبصر ... ذرى أحــد، رمت المدى المتراخيا
فلو أنّ داء اليأس بي، وأعانني ... طبيب بأرواح العقيق شفانيا
وكان الياس بن مضر قد أصابه السّلّ، وكانت العرب تسمّي السّل داء اليأس.

أَحْسَن بـ

أَحْــسَن بـ
الجذر: ح س ن

مثال: أَحْــسَن الأب بابنه إذ ربّاه تربية حسنة
الرأي: مرفوضة
السبب: لتعدِّي الفعل بالباء، وهو غير وارد في المعاجم.

الصواب والرتبة: -أحــسن الأب إلى ابنه إذ ربّاه تربية حسنة [فصيحة]-أحــسن الأب بابنه إذ ربّاه تربية حسنة [فصيحة]
التعليق: الفعل «أَحْــسَنَ» يتعدى بـ «إلى» كما في قوله تعالى: {وَــأَحْــسِنْ كَمَا أَحْــسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} القصص/77، وبـ «الباء» كما في قوله تعالى: {وَقَدْ أَحْــسَنَ بِي} يوسف/100.

أَحَال إلى

أَحَــال إلى
الجذر: ح و ل

مثال: أَحَــالَ الأمرَ إلى فلانٍ
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنّ الفعل «أحــالَ» لا يتعدّى بـ «إلى».

الصواب والرتبة: -أَحــالَ الأمرَ على فلانٍ [فصيحة]-أَحــالَ الأمرَ إلى فلانٍ [صحيحة]
التعليق: ذكرت المعاجم تعدية الفعل «أحــال» بـ «على» في عبارات مثل: أحــالَ عليه بالكلام: أقبل، وأحــالَ بعضهم على بعض: أقبل عليه ومال إليه، وأحــالَ عليه الماء: أفرغه، ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، وعلى أي التوجهين يصح المثال المرفوض، وقد عدَّى الوسيط وغيره الفعل «أحــال» بـ «إلى»، فقد جاء في الوسيط: «أحــالَ العمل إلى فلانٍ: ناطه به»، و «أحــالَ القاضي القضية إلى محكمة الجنايات: نقلها إليها».

أَحَبُّ عليّ

أَحَــبُّ عليّ
الجذر: ح ب ب

مثال: هَذِه الصورة أحــبُّ عليّ من تلك
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لتعدية أفعل التفضيل «أحــب» بـ «على»، وهو غير مسموع عن العرب.

الصواب والرتبة: -هذه الصورة أحــبُّ إليَّ من تلك [فصيحة]
التعليق: الوارد تعدية أفعل التفضيل «أحــبّ» بحرف الجر «إلى» كما في قوله تعالى {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَــبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} يوسف/33، (وانظر: أحــبُّ إلى الله).

أَحَال

أَحَــال
الجذر: ح و ل

مثال: أَحَــالَ شقاءهم نعيمًا
الرأي: مرفوضة
السبب: لمجيء «أَفْعَلَ» بمعنى «فَعَّلَ».
المعنى: بدَّلها كذلك

الصواب والرتبة: -حَوَّلَ شقاءهم نعيمًا [فصيحة]-أحــالَ شقاءهم نعيمًا [صحيحة]
التعليق: من الثابت أن مجيء «أَفْعَلَ» بمعنى «فَعَّلَ» كثير في لغة العرب، كقول اللسان: أفرغتُ الإناءَ وفرَّغته: إذا قلبتُ ما فيه، وكقول التاج: سيَّله: أساله «، كما أنَّ مجمع اللغة المصري أجاز مجيء» فَعَّل «بمعنى» أَفْعَل «- استنادًا إلى رأي سيبويه- نحو: خبَّر وأخبر، وسمَّى وأسمى، وفرَّح وأفرح، وإذا كان ذلك جائزًا، فإن العكس جائز أيضًا، ويمكن تصحيح المثال المرفوض استنادًا إلى ما جاء في الأساسي: » أحــالَ الشيءَ: حَوَّله «، وفي الوسيط: » حَوَّل الشيءَ: غيَّره، وحَوَّل فلانٌ الشيء إلى غيره: أحــاله «، و» أحــالَ الشيءَ: نقله".

أَحْوَجَنا لـ

أَحْــوَجَنا لـ
الجذر: ح و ج

مثال: ما أَحْــوَجَنا للتضامن!
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنّ الفعل «أحــوج» لا يتعدّى باللام.

الصواب والرتبة: -ما أَحْــوَجَنا إلى التضامن! [فصيحة]-ما أَحْــوَجَنا للتضامن! [صحيحة]
التعليق: الوارد في المعاجم: أحــوج فلانًا إلى كذا: جعله محتاجًا إليه، ولكن أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، وحلول «اللام» محلّ «إلى» كثير شائع في العديد من الاستعمالات الفصيحة، فهما يتعاقبان كثيرًا، وليس استعمال أحــدهما بمانع من استعمال الآخر، وشاهد حلول «اللام» محلّ «إلى» قوله تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} الزلزلة/5، وقوله تعالى: {كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى} الرعد/2، وقوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} الأنعام/28؛ وبذا يصح الاستعمال المرفوض.

مَا يحْتَمل طرفِي الزَّمَان أَو أَحدهمَا

مَا يحْتَمل طرفِي الزَّمَان أَو أَحــدهمَا: أَي عَلامَة الْفِعْل مَا يحْتَمل إِلَى آخِره هَذِه الْعبارَة وَقعت فِي الرسَالَة الْمَشْهُورَة بالضريري فِي علم النَّحْو. وتحقيقها أَن عَلامَة الشَّيْء هِيَ الْأَمر الْخَارِج عَنهُ الَّذِي يعرف بِهِ ذَلِك الشَّيْء بِحَيْثُ يمتاز عَن غَيره فَلَا بُد أَن تكون خَاصَّة لذَلِك الشَّيْء فبيان عَلامَة الْفِعْل تَعْرِيفه بالخاصة.
وَأَنت تعلم أَن تَعْرِيف الشَّيْء بالخاصة تَعْرِيفه بالرسم فَهَذَا تَعْرِيف رسمي للْفِعْل وَالزَّمَان قد مر تَحْقِيقه.
وَفِي نقد المحصل أَن الزَّمَان إِمَّا الْمَاضِي وَإِمَّا الْمُسْتَقْبل وَلَيْسَ قسم آخر هُوَ الْآن وَإِنَّمَا الْآن فصل مُشْتَرك بَين الْمَاضِي والمستقبل كالنقطة فِي الْخط - وَالْمَشْهُور أَن الزَّمَان إِمَّا الْمَاضِي وَإِمَّا الْمُسْتَقْبل وَإِمَّا الْحَال - فَاعْلَم أَن كلمة مَا فِي قَوْله مَا يحْتَمل يحْتَمل أَن تكون مَوْصُولَة وَيحْتَمل أَن تكون مَصْدَرِيَّة - إِمَّا على الأول فَالْمُرَاد بهَا الْحَرْف وَالْمعْنَى أَن خَاصَّة الْفِعْل حرف يحْتَمل طرفِي الزَّمَان كقد أَو أَحــدهمَا كالسين وسوف - فَإِن كلمة قد - قد تدخل على الْفِعْل الْمَاضِي - وَقد تدخل على الْفِعْل الْمُسْتَقْبل والأخير أَن على الْفِعْل الْمُسْتَقْبل فَقَط - وَالْمرَاد بِالِاحْتِمَالِ صِحَة الدُّخُول على مَا يدل على الزَّمَان الْمَاضِي وعَلى مَا يدل على الزَّمَان الْمُسْتَقْبل. وعَلى الِاحْتِمَال الأول قَوْله مَا يحْتَمل إِلَى آخِره بَيَان لخواصه اللفظية - وَإِنَّمَا اخْتَار التَّعْرِيف بهَا لظهورها - وَأما على الثَّانِي فَالْمَعْنى أَن خَاصَّة الْفِعْل احْتِمَاله وضعا طرفِي الزَّمَان أَو أَحــدهمَا فَإِن فِي صِيغَة الْمُضَارع صَلَاحِية الِاسْتِقْبَال مثل ينصر وصلاحية الزَّمَان الْمَاضِي مثل لم ينصر. وَفِي صِيغَة الْمَاضِي صَلَاحِية الزَّمَان الْمَاضِي فَقَط وَفِي الْأَمر الْحَاضِر صَلَاحِية الزَّمَان الْمُسْتَقْبل فَقَط. هَذَا على مَا هُوَ فِي نقد المحصل.
وَأما على الْمَشْهُور فَإِن فِي صِيغَة الْمُضَارع صَلَاحِية زمَان الْحَال والاستقبال أَيْضا وَفِي صِيغَة الْمَاضِي صَلَاحِية الزَّمَان لَا غير - وعَلى الِاحْتِمَال الثَّانِي قَوْله مَا يحْتَمل إِلَى آخر بَيَان خواصه المعنوية فَإِن الِاحْتِمَال معنى من الْمعَانِي كالإسناد وَالْإِضَافَة اللَّتَيْنِ من الْخَواص المعنوية للاسم. وَفِي بعض النّسخ وعلامة الْفِعْل قد وَالسِّين وسوف وَمَا يحْتَمل طرفِي الزَّمَان أَو أَحــدهمَا فعلى هَذَا قَوْله مَا يحْتَمل لَا يحْتَمل إِلَّا الِاحْتِمَال الثَّانِي وَيكون بَيَانا لخواصه اللفظية والمعنوية فَافْهَم واحفظ. وَلَعَلَّ عِنْد غَيْرِي أحــسن من هَذَا كَيفَ لَا وَقد حقق السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره هَذَا الْمقَام وَشرح مَا هُوَ المرام وَإِن لم يطلع عَلَيْهِ هَذَا الْغَرِيب المستهام. مَا قبل الطبيعة وَمَا بعد الطبيعة: فِي الإلهي.

أَحَدٌ

أَحَــدٌ: يقع على الذكر والأنثى، تقول: ما في الدار أحــد، أي ليس فيها ذكر ولا أنثى.
أَحَــدٌ:
بالتحريك، يجوز أن يكون بمعنى أحــد الذي هو أوّل العدد، وأن يكون بمعنى أحــد الذي هو بمعنى كتيع وأرم وعريب، فتقول: ما بالدار أحــد، كما تقول: ما بالدار كتيع، ولا بالدار عريب. قيل: هو موضع بنجد، وقيل الــأحــدّ، بتشديد الدال: جبل له ذكر في شعرهم.

أُحِيلَ إلى

أُحِــيلَ إلى
الجذر: ح و ل

مثال: أُحِــيلَ إلى التقاعد
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنّ الفعل «أحــالَ» لا يتعدّى بـ «إلى».
المعنى: أُنهيت خدماته لبلوغه سن التقاعد أو لأسباب أخرى

الصواب والرتبة: -أُحِــيلَ على التقاعد [فصيحة]-أُحِــيلَ إلى التقاعد [صحيحة]
التعليق: أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، وعلى أي التوجهين يصح المثال المرفوض، وقد أجاز الأساسي والمنجد تعدية الفعل «أحــالَ» بـ «على»، و «إلى».

أَحَسَّ بـ

أَحَــسَّ بـ
الجذر: ح س س

مثال: أَحَــسَّ بالخطر
الرأي: مرفوضة
السبب: لتعدِّي الفعل «أَحَــسَّ» بحرف الجرّ «الباء»، وهو متعدٍّ بنفسه.
المعنى: أدركه

الصواب والرتبة: -أَحَــسَّ الخَطَرَ [فصيحة]-أَحَــسَّ بالخَطَر [فصيحة]
التعليق: أوردت المعاجم الفعل «أَحَــسَّ» -ومثله «حَسَّ» - متعديًا بنفسه وبحرف الجرَّ «الباء»؛ ففي التاج: «حَسَسْتُ الشيءَ أَحُــسُّه بمعنى أَحْــسَسْتُه»، وفي الوسيط: «أحَــسّ الشيءَ وبه: أدركه بإحدى حواسه».

أَحَاط .. من كل جانب

أَحَــاط .. من كل جانب
الجذر: ح و ط

مثال: أَحَــاطَ بهم العدو من كل جانب
الرأي: مرفوضة
السبب: لأن ذكر «من كل جانب» حشو لا لزوم له؛ إذ الإحاطة لا تكون إلا من كل جانب.

الصواب والرتبة: -أحــاط بهم العدو [فصيحة]-أحــاط بهم العدو من كل جانب [فصيحة]
التعليق: هذا التعبير فصيح على أساس أن الزيادة قد تأتي لتوكيد المعنى.

أَحْرَاضُ

أَحْــرَاضُ:
هذا بالضاد المعجمة، كذا وجدته بخط أبي عبد الله محمد بن المعلّى الأزدي البصري في شرحه لقول تميم بن أبي بن مقبل:
عفا، من سليمى، ذو كلاف فمنكف ... مبادي الجميع، القيظ والمتصيف
وأقفر منها، بعد ما قد تحلّه، ... مدافع أحــراض، وما كان يخلف
قال صاحب العين: يقال رجل حرض لا خير فيه، وجمعه أحــراض، وقال الزّجّاج: يقال رجل حرض أي ذو حرض، ولذلك لا يثنى ولا يجمع، كقولهم رجل دنف أي ذو دنف، ويجوز أن يكون أحــراض جمع حرض وهو الأشنان.

أَحْجَارُ الثُّمَام

أَحْــجَارُ الثُّمَام:
أحــجار، جمع حجر، والثّمام نبت بالثاء المثلثة: وهي صخيرات الثمام، نزل بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في طريقه الى بدر قرب الفرش وملل، قال محمد بن بشير يرثي سليمان بن الحصين:
ألا أيّها الباكي أخاه، وإنما ... تفرّق يوم الفدفد الأخوان
أخي، يوم أحــجار الثمام بكيته، ... ولو حمّ يومي قبله لبكاني
تداعت به أيّامه فاختر منه، ... وأبقين لي شجوا بكلّ مكان
فليت الذي ينعى سليمان غدوة ... دعا، عند قبري مثلها، فنعاني

أَحْمَق من

أَحْــمَق من
الجذر: ح م ق

مثال: فلان أحــمق من أخيه
الرأي: مرفوضة
السبب: لمجيء أفعل التفضيل من الفعل الذي يأتي الوصف منه على أفعل فَعْلاء.

الصواب والرتبة: -فلانٌ أحــمق من أخيه [فصيحة]-فلانٌ أشدّ حمقًا من أخيه [فصيحة]
التعليق: اشترط جمهور النحويين عند صياغة أفعل التفضيل ألا تكون الصفة المشبهة منه على وزن «أَفْعَل» الذي مؤنثه «فَعْلاء» كالألوان والعيوب، حتى لا يلتبس أفعل التفضيل بالصفة المشبهة، وأجاز الكوفيون ذلك لوروده في السماع، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} الإسراء/72، ومنه أيضًا قول النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صفة الحوض: «ماؤه أبيض من اللبن»، وقول المتنبي:
لأنت أسود في عيني من الظُّلَم
ولذا فقد أجازه مجمع اللغة المصري.

أَحَاط .. بالكتمان

أَحَــاط .. بالكتمان
الجذر: ح و ط

مثال: أَحَــاطُوا المحادثات بالكتمان
الرأي: مرفوضة
السبب: لأن هذا التعبير خطأ؛ لأنه عكس المعنى المراد، فمعناه: أن المحادثات صارت كالحائط للكتمان ويقال: أحــاط الشيء بغيره: جعله له كالحائط.

الصواب والرتبة: -أحــاطوا المحادثات بالكتمان [فصيحة]
التعليق: أحــاط هنا بمعنى حوّط، والعبارة فصيحة من جانب المعنى، فكأن الكتمان صار كالسور حول المحادثات يمنع تسربها. وقد ورد التعبير في بعض المعاجم الحديثة كالأساسي، حيث قال: «أحــاط الأمر بالكتمان: أخفاه عن الناس»، وقد ورد التعبير المرفوض في استعمالات كبار الأدباء كالعقاد والمنفلوطي.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.